فرائد السمطين الجزء ١

فرائد السمطين0%

فرائد السمطين مؤلف:
الناشر: مؤسّسة المحمودي للطباعة والنشر
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 454

فرائد السمطين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: إبراهيم بن محمد بن المؤيد الجويني الخراساني
الناشر: مؤسّسة المحمودي للطباعة والنشر
تصنيف: الصفحات: 454
المشاهدات: 97127
تحميل: 15759


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 454 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 97127 / تحميل: 15759
الحجم الحجم الحجم
فرائد السمطين

فرائد السمطين الجزء 1

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة المحمودي للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فرائد السمطين

في فضائل المرتضى والبتول والسبطين والأئمّة

من ذرّيّتهم (عليهم السلام)

الجزء الأول

١

٢

فرائد السمطين

في فضائل المرتضى والبتول والسبطين والأئمّة

من ذرّيّتهم (عليهم السلام)

الجزء الأول

تأليف شيخ الإسلام المحدّث الكبير إبراهيم بن محمّد

ابن المؤيد بن عبد الله بن علي بن محمّد الجويني الخراساني

من أعلام القرن السابع والثامن.

المولود عام (644) والمتوفّى سنة (730) الهجريّة

حقّقه وعلّق عليه وتصدّى لنشره الشيخ محمّد باقر المحمودي

٣

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة المحقّق

أبى الله أن ينسى مَن شكره وتمسّك بأوليائه؟!

كل مثقّف خبير يراجع صفحات من هذا الكتاب، أو يستمع إلى أحاديث من محتوياته يتجلّى له سموّ الكتاب، وعلوّ منزلة مؤلّفه من حيث بذل الجهود، وإخراج الكتاب على منهج فنّي من جهة بيان أوصاف الرواة، وذكر أمكنة أخذ الحديث وأزمنة تحمّله من الشيوخ والأساتذة والعلماء والجهابذة من رواة الآثار ونقلة الأخبار، ولكن المثقّف المتضلّع بالتفاته إلى محتويات الكتاب وتضمّنه إثبات جمّ غفير من معالي أهل البيت؛ يبقى مبهوتاً من أجل عدم نشر الكتاب بين الناس مع شدّة الحاجة إلى نشره ونشر أمثاله، ويزيده بهتاً وتحيّراً شهوده الاختلاف الكثير بين نسخ الكتاب في كلمات وجملات عديدة، ثم تحقّق التصحيف الفاحش، والغلط الواضح في ألفاظ وكلمات كثيرة في مواضع غير محصورة منه، ولسان حال القارئ البصير قائل: هل العلماء غافلون عن عظمة هذا التراث القيّم؟ فإن كانوا عنه غافلين فبماذا يستندون في إرشاد الناس وزرع الحقائق في نفوسهم؟ وإن كانوا مستيقظين وعارفين بأهميّة الكتاب وأمثاله فما هذه الأغلاط والتصحيفات الموجودة في النسخ الكاشفة عن كون كتّابها من سواد الناس المجرّدين عن العلم والمعرفة، أو تاركين لمناهج العلوم والمعارف؟!

وأيضاً لسان حال المثقّف الملتفّت إلى أهمّيّة الكتاب ناطق: هل أحبّاء أهل البيت اجتُثّوا واستُؤصلوا عن وجه الأرض؟ أو أنّهم باقون؟ فإن كانوا باقين وهم أحياء مرزوقون فلماذا بقي أمثال هذا الكتاب غير منشور بين الناس؟ هل من أجل قلّة عددهم؟ أو قصور ذات يدهم؟ فإن كانوا ذا عِدّة وعُدّة فماذا صدّهم عن طبع

٥

الكتاب ونشره بين البريّة؟ كي يهتدي به مَن يحب الهداية والرشاد، ويتمسّك بحقائقه مَن يطلب الحق والصواب أينما وجد وحصل، هل نشر معالي أهل البيت الذين مودّتهم أجر الرسالة أمر مزهود فيه لا يبذل في سبيله مال؟ ولا يسعى الموالون في ترويجه بصرف الإمكانيات ونفائس الذخائر؟ أو أنّ هداية الناس وإرشادهم إلى أئمّتهم الذين نجاتهم يتوقّف على معرفتهم وتمسّكهم بهم أمر غير خطير؟! ومن أجل عدم خطورته زهد المؤمنون عن بذل جهودهم وصرف أموالهم في تحصيله وتحصيل المقدّمات الموصلة إليه؟! فإن كان هذا غير خطير فما هو الخطير في الدين وعند المؤمنين؟ وإن كان المال لا يُبذل في سبيل دعوة الناس إلى معالي أهل بيت النبوّة وفي هداية إرشاد التائهين والمنحرفين عنهم وإرشادهم إلى الحق ففيما يُبذل المال؟ وما قدر مال واقتدار لا يبذل في سبيل أهل البيت وهداية الخلق إلى الحق والصواب؟

هذه أسئلة الجواب عنها غير هيّن، والجوّ غير خال عن المعاندين الذين يتشبّثون بالكلمات الحقّة، ويريدون بها الباطل، ويسعون وراءه كل السعي، والأيام أيامهم وسيطرة الدنيا بيدهم وبيد مَن هو على شاكلتهم، فلنضرب عن جواب هذه الأسئلة صفحاً ونحيله إلى آونة أُخرى خالية عن المعاندين لأهدافنا، أو إلى وقت يكونون عاجزين غير قادرين على معارضتنا والتحرّف إلى باطلهم، ولنتعرّض لمهمّة أُخرى فنقول:

الظروف - مهما كانت - غير خالية عن عباد صالحين، والخليقة حيثما وُجدوا غير منفكّين عن أبرار وأخيار، والدنيا غير عادمة عن حجج الله تعالى على العباد، فمَن أراد الخير والصلاح فليبدأ بنفسه ويبذل في سبيل الخير والرشاد ما عنده من الإمكانيات التي وهبها الله تعالى له، ثم بعد بذل إمكانيّاته يستعين بمَن هو على نيّته وعقيدته ممّن أمره الله بالتعاضد والتعاون بهم في قوله تعالى: ( وتعاونوا على البرّ والتقوى ) ، وممّن أراد الله منهم السباق في ميدان المعالي والخيرات، وحثّهم عليه بقوله الكريم: ( فاستبقوا الخيرات ) فلو كان أمر أهل الخير والذين يريدون إحقاق الحق وإخماد الباطل على هذا المنوال والمنهاج - أي بالبداءة بأنفسهم في طريق الحق، وبعد العجز أو الكلالة عن التقدّم يستعينون بمَن ينبغي ويحق أن يُستعان به - لكان لهم النجاح والظفر أينما كانوا وعلى أيّ عدّة كانوا، وأمّا إذا أوكل وأحال كلّ واحد الأمر إلى الآخرين فإنّهم فاشلون في أهدافهم متأخّرون عن الوصول إلى منوياتهم الصالحة حيثما كانوا وعلى أيّ كثرة تجمّعوا، وهذا هو الحجر الأساسي والمنهج الأصيل للوصول إلى الأهداف في جميع الأمور؛ فإنّ الله تعالى عند حسن ظنّ عبده المطيع الباذل طاقته في مرضاته، وحاشا من مجد الله وكرمه أن يخيّب أمل آمل الخير الساعي في سبيل تحقيقه وإشاعته بالعزيمة والصريمة، ويستحيل عن ساحة لطف الله وعطوفته أن يضيع

٦

عمل عامل من المؤمنين المخلصين من ذكر أو أُنثى.

وحالنا وحال هذا الكتاب من الشواهد البارزة لما أشرنا إليه، أمّا الكتاب فيما وقع فيه من جهلة الكتّاب من الحذف والتصحيف والاختلال الكثير، صار بحيث يكون تأليف كتاب يفيد مرماه - بل يزيد عليه فيما مؤلّفه ابتغاه - أسهل من إصلاحه وإعادته إلى صورته التي سبكه مؤلّفه عليها وكساه بها، فليس السعي وراء تحقيق أمثال هذا الكتاب ونشره إلاّ ببعث الله عليه، وعنايته تعالى بعدم ضياع سعي العاملين المخلصين لديه، وبإثابتهم على أعمالهم أحسن جزاء العاملين، وإلاّ لإبائه تعالى عن نسيان مَن ذكره وشكره.

وأمّا حالنا فغير خفيّة على مَن كان له صلة معنا، أو مع المختلطين بنا من أحبّتنا وأصدقائنا؛ فإنّهم يعرفوني أنّي أقلّ الخليقة مكنة، وأعدمهم أعواناً وأنصاراً، ولكن لمّا تركت الخليقة، وأقبلت على شأني وأداء واجبي من حيث أنّه واجب عليّ ومن وظائفي؛ أبى الله أن ينساني ويحرمني من عواطفه وسوابغ جوده وإحسانه، فشملني لطفه وساعدني عطفه بأن وفّقني للتأليف والتحقيق في مواضيع أساسية عظيمة من تحرّج أيامنا، واضطهاد المتشرّعين، واستيلاء الكفّار المستعمرين وعمّالهم على الأجواء والآفاق. وفوق ذلك شمول لطفه ومننه عليّ بطبع كثير ممّا ألّفته وحقّقته مع غفلة الأكابر - أو تسامحهم - عن مساهمتنا، فإن غفلوا عنّا أو تسامحوا عن معاونتنا فإنّ ذلك من سوء حظّهم ونصيبهم وليس الله بغافل عمّا يعمل المخلصون، فإن صرفوا وسعهم عن إعانتنا وبخسوا مروءتهم عن نصرتنا، فقد نصرنا الله وأعاننا في مشروعنا ببعض عباده المؤمنين ممّن سمي عليّاً، وجعله الله في سجاياه مخلصاً وسرياً، وأعاننا أيضاً ببعض آخر من المؤمنين ممّن ألقى الله في روعه السعي في مرضاته وبذل النفائس لتأمين مقاصد أوليائه ممّن سمي حبيباً، ولُقّب ونسب إلى أفخر لباس أهل الجنّة أعني حريراً.

اللّهمّ فكما ساهمونا في نشر معالي أوليائك، وشاركونا في ترويج مزايا أُمنائك فاحفظهم ومَن يلوذ بهم من الفتن، وقهم السيّآت واجعلهم منها في جنن، واجعل لهم من الجنّة مكاناً عليّاً، وألبسهم من كسوتها سندساً وحريراً.

هذه لمحة خاطفة من الإشارة إلى ما مُني به الكتاب ومؤلّفه.

وأمّا منهجنا في تحقيق هذا الكتاب فالذي اهتممنا به غاية الاهتمام هو جهة اعتبار ما يرويه المصنّف فيه، وصحّة ما يتضمّنه الكتاب ويشتمل عليه، لا جهات الصناعية والصورية، مثل توثيق مشايخ المصنّف إلى أصحاب الكتب والمصادر، وترجمتهم وبيان حالهم، فإنّ ذلك أغلبياً غير منتج لنتيجة عملية أو اعتقادية، مع غلاء الوقت وكثرة المهمّات وقلّة الوسائل حول تراجم أمثال مشايخ المصنّف إلى أرباب المصادر،

٧

مع عدم الفائدة في ذلك بعدما ظفرنا بالحديث من نفس المصدر الذي يرويه عنه مشايخ المصنّف، فالعمدة في جهة الحجيّة والاعتبار أو عدمهما هو وثاقة الوسائط الموجودة في مصادر المصنّف أو مشايخه، وكون ما يروونه مؤيداً بشواهد داخلية أو خارجية، أو مردوداً بهما أو بأحدهما، وهذا ممّا بذلنا وسعنا فيه، ففي أكثر محتويات الكتاب ذكرنا في الهامش المصدر الذي أخذ عنه المصنّف أو مشايخه، وذكرنا أيضاً عين ما رواه عن مصدر آخر بسنده أو بسند مغاير لسنده شاهداً لما رواه، أو معارضاً لما رواه، وأشرنا أيضاً إلى موارد شواهده أو معارضاته من المصادر الأُخر.

فالذي يرويه المصنّف مع الواسطة أو بلا واسطة عن الحاكم والخطيب البغدادي والخوارزمي وابن عساكر وأبي الخير الحاكمي وأمثالهم، فنحن أخرجناه في جلّ الموارد عن نفس كتب هؤلاء الجماعة، أو عن كتب مَن نقل عنهم بلا واسطة، فهذا ما يغنينا عن تجشّم الكلفة حول مشايخ المصنّف وتراجمهم وإثبات توثيقهم.

نعم في الموارد التي لم نظفر بالمصدر الذي أخذ عنه المصنّف أو مشايخه - وهو قليل في الغاية - ولم نظفر أيضاً بشاهد لما يرويه عنه، إذا كانت مستتبعة لأمر اعتقادي أو عملي لابدّ من إثبات وثاقة جميع السلسلة من المصنّف إلى آخر مراتب السند، ولعلّنا أو غيرنا يتصدّى بعد ذلك لإصلاح هذه الجهة؛ إذ الظروف والإمكانيات غير مساعدة لنا الآن. هذا موجز الكلام حول منهجنا في تحقيق هذا الكتاب.

وأمّا أصلي الذي استنسخته بيدي أوّلاً ثمّ حقّقته، فهو نسخة استنسخها أبي الشيخ محمد كاظم المحمودي في أوائل سنة (1393) الهجرية عندما انتقلنا من كربلاء المقدّسة إلى النجف الأشرف، وفرغ من كتابتها ليلة الاثنين السابع والعشرين من شهر ربيع الأوّل من السنة المذكورة.

وكان الأصل الذي أخذ أبي نسخته عنه، واستنسخها منه، ثم قابلها معي عليه، هو نسخة جامعة طهران، ثم قابل معي نسخته التي كتبها بيمينه عن نسخة طهران مع نسخة السيد علي نقي الحيدري.

أمّا نسخة جامعة طهران فلا تحضرني الآن خصوصيّاته ولا مميّزاته - إذ حينما كان أبي يستنسخها وكانت بمتناولي لم أضبط مشخصاتها، والآن لا يتيسّر لي وصول إليها - ولكن الذي أتذكّر منها وتبيّن لي من قرائن شتّى أنّها لخّصت كلام المصنّف وحذف من السند تاريخ تحمل الحديث وزمان أخذ الرواية، وأبدل لفظة (رسول الله) بقولة (النبي) وتلخيصها لا يتجاوز عمّا ذكرناه.

٨

وأمّا نسخة السيد علي نقي فهي نسخة جيّدة كُتبت بخط نسخ جميل والعناوين فيها مكتوبة بالشنجرف، إلاّ أنّها ناقصة من أوّلها وآخرها وموارد من وسطها.

أمّا أوّلها فناقص إلى قوله: (النسائي) الواقع في سند الحديث الأوّل من الفاتحة ص 16، ولا يوجد ما قبله فيها.

وأمّا وسطها فينقص من قوله: (شاذان بن جبرئيل) في الباب: (7) في الحديث: (253) إلى قوله: (هذا حديث عال) تحت الرقم: (256) من الباب ص 492.

وفي نسخة السيد علي نقي نقيصة أُخرى في ذيل الحديث: (192) في الباب (56) من السمط الثاني من قوله: (وروى هذا الحديث - إلى قوله -: (نسبي وصهري) في الحديث: (196) من الباب المذكور.

وأمّا آخرها فينتهي إلى شيخ الثعلبي في الحديث: (207) في الباب: (60) من السمط الثاني.

هذا موجز الكلام حول الأصل المأخوذ منه، وطريقة تحقيقه.

وأمّا ترجمة المؤلّف فقد ذكرها عبد الرحيم بن الحسن الأسنوي في كتاب الطبقات الشافعية، وذكرها أيضاً الذهبي في المعجم المختص، وفي خاتمة تذكرة الحفّاظ: ج 4 ص 1505، عند تعداد شيوخه الذين سمع منهم، ورواها عن الكتب المذكورة في كتاب حديث الطير من عبقات الأنوار، ص 404 ط 1.

ونحن نذكرها هنا ما ذكره ابن حجر في ترجمة المؤلّف، فإنّه عقد له ترجمة في حرف الألف تحت الرقم: (181) من كتاب الدرر الكامنة: ج 1، ص 69 قال: إبراهيم بن محمد بن المؤيد بن حمّويه الجويني صدر الدين أبو المجامع ابن سعد الدين الصوفي وُلد سنة أربع وأربعين (وستمئة) وسمع من عثمان بن الموفق صاحب المؤيد الطوسي، وسمع على علي بن أنجب وعبد الصمد بن أبي الجيش وابن أبي الدنية (كذا).

وأكثر عن جماعة بالعراق والشام والحجاز، وخرج لنفسه تساعيات.

وسمع بالحلّة وتبريز وبآمل طبرستان، والشوبك والقدس وكربلا، وقزوين ومشهد علي (1) وبغداد.

____________________

(1) الظاهر أنّ مراده من (مشهد علي) هو النجف الأشرف مشهد الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، ويحتمل بعيداً أنّه أراد مشهد الإمام علي بن موسى الرضى عليهما السلام.

٩

وله رحلة واسعة، وعني بهذا الشأن، وكتب وحصل.

وكان ديّناً وقوراً مليح الشكل جيّد القراءة، وعلى يده أسلم غازان [الملك].

وكان قدم دمشق وأسمع الحديث بها في سنة خمس وتسعين [وستمئة] ثمّ حجّ سنة أحدى وعشرين [وسبعمئة] واجتمع به العلائي.

قال الظهير الكازروني في تاريخه: تزوّج صدر الدين أبو المجامع بنت علاء الدين صاحب الديوان في سنة إحدى وعشرين، وكان الصداق خمسة آلاف دينار ذهباً.

وكان يذكر أنّ له إجازة من صاحب الحاوي الصغير والعزّ الحراني وابن أبي عمر، وعبد الله بن داود بن الفاخر، وبدر الدين محمد بن عبد الرزاق بن أبي بكر ابن حيدر، وإمام الدين يحيى بن حسين بن عبد الكريم، وبدر الدين إسكندر بن سعد الطاووسي. أجازوا له من قزوين. ولهما إجازة من عفيفة الفارقانية.

قال: وشافهني يحيى الكرخي بهمذان، عن القاضي نجم الدين أحمد بن أبي سالم أحمد بن يزيد بن نبهان الأسدي، عن أبي علي الحداد، قال الذهبي كان حاطب ليل جمع أحاديث ثنائيات وثلاثيات ورباعيات من الأباطيل المكذوبة.

وقال في المعجم المختص: (كان) شيخ خراسان، وكان ذا اعتناء بهذا الشأن، وعلى يده أسلم غازان (الملك).

ومات سنة (722) بخراسان، قاله الذهبي في المعجم الصغير.

قلت: أجاز لبعض شيوخنا منهم أبو هريرة ابن الذهبي.

١٠

مقدّمة المؤلّف

بسم الله الرحمن الرحيم

تبارك الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، وبعثه مستقلاً (1) بأعباء الرسالة داعياً إليه بإذنه وسراجاً منيراً، وجعله مبشّراً للمؤمنين، بأنّ لهم من الله فضلاً كبيراً، ونذيراً للكافرين، بأنّ لهم جهنّم جزاءً ومصيراً، وأعزّ به الحنيفيّة (2) السهلة السمحة، وأظهره على الدين كلّه، وجعل له من لدنه سلطاناً نصيراً، وأمرنا بالصلاة عليه قربة إليه وزلفى لديه، وجلعها للذنوب ممحّصة، وللخطيئات (3) ممحقة، وللآثام ممحاة، وللسيئات تكفيراً.

وانتجب له أمير المؤمنين عليّاً أخاً وعوناً وردءاً وخليلاً ورفيقاً ووزيراً، وصيّره على أمر الدين والدنيا له مؤازراً ومساعداً ومنجداً وظهيراً.

وجعله أبا بنيه، وجمع كلّ الفضائل فيه، وأنزل في شأنه: ( إِنّمَا وَلِيّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالّذِينَ آمَنُوا الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) . [5 - المائدة: 55] تعظيماً لشأنه وتكريماً وتوقيراً لمحلّه، وتوقية لحق ولايته الواجبة وتوقيراً، نصر به الشريعة والإسلام، وأذلّ ببأسه الكفر وكسّر الأصنام والأوثان، وشكر إطعامه على حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً.

وصلّى الله على محمّدٍ عبده ونبيّه المنعوت بالخلق العظيم، والمبعوث إلى الثقلين بالكتاب الكريم، وعلى إمام الأولياء، وأولاده الأئمّة الأصفياء، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، صلاة دائمة تنوه بذكرهم (4) وتضاعف لهم

____________________

(1) وفي نسخة: وبعث إليهم بأعباء الرسالة....

(2) وفي نسخة الحنيفة....

(3) وفي نسخة طهران: وللمطمرات.

(4) أي ترتفع بذكرهم.

١١

الدرجات العلى إنعاماً وترحيباً وتعزيزاً وتزيدهم رفعةً وتمكيناً وسعادةً وتنصيراً، وعلى نيل الأماني ودرك المطالب تظفيراً، وسلّم عليه وعليهم - كلّما ذكره الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون - تسليماً سامياً نامياً، وزاكياً مباركاً فيه، طيباً كثيراً (1) .

والحمد لله الذي ختم النبوّة والرسالة بمحمّد المصطفى الأميّ الأمين المأمون، وبدأ الولاية من أخيه، وفرع صنو أبيه، المنزل من موسى فضيلته النبويّة (2) منزلة هارون، وصيّه الرضي المرتضى، علي - عليه السلام - باب مدينة العلم المخزون، منار الجود والإحسان، ومثار الحكمة والعرفان، الواقف على دقائق أسرار القرآن، والمطلع على لطائف معاني الفرقان، وغوامض الحكم والعلوم، وما هو منها كهيئة المكنون.

ثمّ ختم الولاية بنجله الصالح (3) المهتدي الحجّة القائم بالحق، العارف بحقائق ما صدر من الكاف والنون، المحيط علماً بدقائق ما جرى به القلم ونفث به النون (4) سبحانه من لطيف خبير، زرع في أراضي الإيجاد والتكوين، حبّة الولاية فأخرج شطأها بعليّ المرتضى سيف الله المنتضى (5) وآزره بالأئمة المعصومين من ذرّيّته أهل الهداية والتقوى، فاستغلظ بميامين اجتهاد أولياء الله الصالحين، ذوي المجاهدات والمكاشفات، المجدّين في قمع الهوى، فاستوى (6) على سوقه بالمهدي الهادي المكين الأمين يسعى.

والصلاة والسلام والتحنّن والتحيّة والإكرام على محمد نبيّه، خلاصة البريات باليقين، ونقاوة ما خطّ على لوح الوجود وقلم التكوين، ووصيّه أسد الله الغالب علي بن أبي طالب، وآله وعترته الطاهرة المباركة، وذراريه الطاهرين نجوم فلك العصمة، وذراريه الطاهرات الزاهرات، و[على] مَن سعد بالنظر إلى جماله وطلعته، وتشرّف بصحبته وملازمة عتبته، واقتفى أثره وانتهج لسنّته (7) واقتدى بهداه،

____________________

(1) هكذا في الأصل.

(2) وفي نسخة طهران: (فصله النبوّة؟).

(3) وفي نسخة: بنجله الهادي...

وفي نسخة طهران: بنجلهما الصالح...

(4) وفي نسخة: ما جرى من القلم...

(5) وفي نسخة طهران: السيف المنتضى..

(6) وفي نسخة طهران: واستوى.

(7) وفي غير واحد من النسخ: سننه...

١٢

واتّبع سننه، و[على] أزواجه أُمّهات المؤمنين، وجميع أصحابه وإخوانه، وكافّة خلصائه وخلاّنه، وسائر أنصاره وأعوانه (وأصهاره) (1) وأختانه وزمر أحبّائه، وخلفائه، (وخلصائه) ووزرائه، وأوليائه، صلاة دائمة (أبداً) سرمداً دوام السماوات والأرضين، وسلاماً أساسه غير منقض سجيس الليالي (2) ، وأبد الآبدين، وتحنّناً باقياً راقياً في معارج التأبيد غير منقض (3) ولا منتقض، ولا غوص الغائصين (ولا عرض العارضين) ودهر الداهرين.

وبعد - فالحمد لله كما أن هدت إلى محبّة السادة الغرّ الميامين -

حبّ النبي وأهل البيت معتمدي

إذا الخطوب أساءت رأيها فينا

يقول أفقر خلق الله إلى رحمته وجميل صفحه عن جرائمه الفادحة، وعظيم ذنبه، المؤمّل شفاعة نبيّه محمّد وأهل بيته كرام الأنام المرتجين وصحبه (4) .

عليهم صلاة الله ما حنّ والهٌ

وحيّا الحيا وادي العقيق يسكنه

إبراهيم بن محمد بن المؤيد الحموئي (5) عفى الله تعالى عنه لمحبّته للأئمّة الأطهار، وأحياه على متابعتهم وولائهم، وأماته عليها، وحشره معهم، وجعله تحت لوائهم (فهم) سادة الأوّلين والآخرين.

____________________

(1) ما بين الأقواس فيه وما بعده من زيادات بعض النسخ.

(2) وفي بعض النسخ: غير منتقض بحسب الليالي...

(3) وفي بعض النسخ: غير منقص ولا منتقص...

(4) وفي بعض النسخ: ونخبه...

(5) قال السمعاني في عنوان: (الحموئي) تحت الرقم: (225) من الأنساب: ج 4 ص 259 ط 2: هذه النسبة إلى الجد، والمشهور بهذه النسبة أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي الحموئي.

وقال ابن الأثير في العنوان المذكور من كتاب اللباب: الحموئي بفتح الحاء وتشديد الميم وضمّها وسكون الواو، وفي آخرها ياء هذه النسبة إلى الجد...

وقال صاحب العبقات في هامش كتاب حديث الطير من عبقات الأنوار، ص 406: قال رضي الدين الحسيني في كتاب الإتحاف: الحموئي - بضم الميم المشدّدة - نسبة إلى حمويه جدّي؟ وبفتحها نسبة إلى مدينة حماة بالشام.

قال صاحب العبقات رفع الله مقامه: وقد ظهر بتصريح الذهبي في التذكرة والمعجم المختص أنّ أحد أجداد صاحب الترجمة حمويه فالغالب (على الظن) أنّه منسوب إلى جدّه المذكور، وهذه النسبة بتشديد الميم المضمومة.

أقول: عبارة الذهبي من كتاب المعجم المختص قد ذكرها في ترجمة المؤلّف في كتاب حديث الطير من عبقات الأنوار ص 406. وأمّا عبارة التذكرة فهي موجودة في خاتمة تذكرة الحفّاظ: ج 4 ص 1505، فراجعها.

وللمؤلّف أيضاً ترجمة مختصرة في كتاب الطبقات الشافعية لعبد الرحيم ابن الحسن الأسنوي فراجعها في كتاب حديث الطير من عبقات الأنوار، ص 406.

١٣

قوم لهم سنيّ ولاء خالص

في حالة الإعلان والإسرارِ

أنا عبدهم ووليّهم وولاهم

سوري وموئل عصمتي وسواري

فعليهم منّي السلام فإنّهم

أقصى مناي ومنتهى إيثاري

مستوزعاً من كرمه وتوقيفه سبحانه شكر هذه النعمة، التي هي أجلّ ما خصّه به، وساقه إليه من ألطافه وأياديه، وامتنّ ما امتنّ به عليه من منائحه العظيمة وإحسانه المتلاحقة تواليه بهواديه، وهي موالاة الأئمة الأطهار، السادة الأبرار القادة الأخيار.

مطهّرون نقيّات ثيابهم

تجري الصلاة عليهم أينما ذُكروا

ومنهم الملأ الأعلى وعندهم

علم الكتاب وما جاءت به السور

هذه فرائد أحاديث من بحر الفضائل مستخرجة، وفي سلك الإخلاص منظومة (1) ، وأزهار أخبار تزهي بها رياض المزايا والمفاخر التي هي بسحب الولاية مرهومة.

دراري صدق ضمنها درر العلى

وليس بمولى مثلها يد مسند

بصائر أنسٍ في حظائر قدّست

بذكر ولاة الأمر من بعد أحمد

فصوص نصوص في ذوي الفضل والتقى

شموس علىً ذرّت لأشرف محتد

لهم في سماء المجد أشرف مصعد

وهم في عراص الدين أكرم مرصد

ينبئ بعضها عن نبذ ممّا خصّ الله تعالى به - من الفضائل المتلألئة الأنوار، والمناقب العليّة المنار، والمآثر الكريمة الآثار، والمكارم الغائضة التيّار، والمنائح الفاتحة الأزهار، والمقامات الطاهرة الأقدار، والكرامات الوسيعة الأقطار، والمراتب الرفيعة الأخطار - جناب ولاية المولى أمير المؤمنين وسيّد الوصيين، ورأس الأولياء والصدّيقين، وإمام البررة المتّقين، يعسوب الدين، ومبيّن مناهج الصدق واليقين، وأخي رسول ربّ العالمين.

محمّد العالي سرادق مجده

على قمّة المجد الرفيع (2) تعاليا

عليّ علا فوق السماوات قدره

ومن فضله نال المعالي الأمانيا

فأسّس بنيان الولاية متقناً

وحاز ذوو التحقيق منه المعانيا

الليث الهصور (3) ، والسيد الوقور، والبطل المنصور، والبحر المسجور، والعلم

____________________

(1) وفي المحكي عن نسخة السماوي: وفي سمطي الإخلاص والمودّة منظومة...

(2) وفي بعض النسخ: العرش المجيد...

(3) وفي نسخة: المقصور...

١٤

المنشور، والسيف البتور (1) ، والعباب الزاخر الخضم، والطود الشاهق الأشمّ، وساقي المؤمنين من الأكواب بالأوفى والأتمّ، الهصير (2) الهصار أسد الله الكرّار أبي الأئمة الأطهار، معدن السكينة والوقار، وقائد الغرّ المحجلّين الأبرار، المشرّف بمزيّة (مَن كنت مولاه فعلي مولاه) والمؤيّد بدعوة (اللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه) كاسر الأصنام وهازم الأحزاب، المتصدّق بخاتمه في المحراب، صمد مفاحم الجدال (3) والمبير إذا دعت [الدعاة إلى] نزال (4) ، فارس ميدان الطعان والضراب، هزبر كلّ عرين وضرغام كل غاب، الذي كلّ لسان كل مغتاب ومعتاب، وبيان كل ذامّ ومرتاب عن قدح في قدح معاليه، لنقاب حبابه (5) عن كلّ ذامّ وعاب، المخصوص من حضرة النبوّة بكرامة الأُخوّة والانتخاب، المنصوص عليه بأنّه لدار الحكمة ومدينة العلم باب، المكنّى بأبي الريحانتين (6) وأبي الحسن وأبي تراب.

هو النبأ العظيم وفلك نوحٍ

وباب الله وانقطع الخطابُ

ذي البراهين القاطعة، والآيات الدامغة، وصاحب الكرامات الظاهرة، والحجج البالغة، ينبوع الخير ومعدن البركات، ومنجي غرقى بحار المعاصي من المخازي والمهاوي والدركات، مبدع جسيمات المكارم ومفيض عميمات المنن، الإمام الذي حبّه وحبّ أولاده في المواطن السبعة، الشديدة المكاره، العظيمة الأهوال، من أوفى العدّة وأوقى الجنن (7) .

أخو أحمد المختار صفوة هاشم

أبو سادة الغرّ الميامين مؤتمن

وصيّ إمام المرسلين محمّد

عليّ أمير المؤمنين أبو الحسن

هما ظهرا شخصين والروح واحد

بنصّ حديث النفس والنور فاعلمن (8)

____________________

(1) البتور: القاطع.

(2) الهيصر الهصار: الأسد. وفي بعض النسخ: (الهيضم). وفي نسختين: (الهيصم) ومعناه: الأسد والرجل القوي.

(3) وفي بعض النسخ: صمة مفاخم.

(4) ما بين المعقوفين زيادة منّا، وفي بعض النسخ: إذا دعيت.

(5) وفي نسخة طهران: (لنقاء جنابه...).

(6) وفي نسخة السماوي: (المكنّى بأبي الريحانتين والسبطين...).

(7) وفي نسخة: (من أو في العدد).

(8) وفي نسخة: في العلن.

١٥

هو الوزر (1) المأمول في كلّ خطّةٍ

وان تنجي الهلكى ولايته قمن (2)

عليهم صلاة الله ما لاح كوكبٌ

وما هبّ ممراض النسيم على فنن

وهي قطرة من بحار فضائلة الزاخرة العباب، وندى رشحة من سحائب مناقبه الدائمة التسكاب، ولمحة من زواخر (3) مفاخره التي فاتت حدّ العدّ والحصر والحساب، ولمعة من شهب مآثره التي عجزت عن عدّ جزء من آلافها المؤلّفة وإحصائها وتحريرها أنامل الحسّاب والكتّاب؟!

ومَن ذا الذي يحصي الكواكب والقطرا؟ (4) .

وقد أخبرني الشيخان مجد الدين عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر البغدادي، وعماد الدين عبد الحافظ بن بدران بن شبل المقدسي إجازة قالا: أخبرنا الشيخ (5) جمال الدين أبو عبد الله محمد بن يحيى بن سعيد الزينبيّ الواسطي إجازة، قال: أنبانا الإمام العلاّمة برهان الدين أبو الفتح بن أبي المكارم المطرزي إجازة، قال: أنبانا الإمام أخطب خوارزم الموفق بن أحمد أبو المؤيد المكي إجازة، إن لم يكن سماعاً (6) قال: أنبأنا صدر الحفّاظ أبو العلا الحسن بن أحمد العطّار الهمداني، وقاضي القضاة نجم الدين أبو منصور محمد بن الحسين بن محمد البغدادي، قالا: أنبأنا الشريف الإمام الأجلّ نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمد ابن علي الزينبيّ، عن الإمام محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، قال: أنبانا المعافى بن زكريا بن الفرج، عن محمد بن أحمد بن أبي الثلج القطّان، عن جرير عن ليث: عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وآله -: لو أنّ الغياض أقلام، والبحر مداد، والجنّ حسّاب، والإنس كتّاب، ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب !!

____________________

(1) الوزر: الملجأ والمعتصم.

(2) وفي نسخة: فمن.

(3) وفي نسخة طهران: (من زواهر).

(4) وبعده في نسخة طهران هكذا: وجاوزت المقام الذي ليس وراءه وراء يظن ويرى؟

(5) هذا هو الظاهر، وفي الأصل الموجود عندي: (قال: أخبرني الشيخ...).

(6) رواه الخوارزمي بسندين في الحديث الأول من مقدمة مناقبه ص 2 ط الغري وفي الحديث: (64) من الفصل: (19) منه ص 235.

١٦

ويشتمل البعض الآخر على زواخر (1) أخبار صدرت عن حضرة النبوّة والرسالة - وجناب العزّة والطهارة والجلالة، صلوات الله وسلامه على قائلها، وتحياته الطاهرات الزاكيات، التي تندرج المحامد كلّها تحت غلائلها (2) ورأفته وبركاته التي تتأرج رياض الرضوان من مدارج نسائمها، ومهابّ شمائلها - منبئة عن بعض مناقب أهل العباء المشرّفين بالتطهير والاصطفاء والاجتباء: ابن عمّه المرتضى أمين الإمامة، وأبي الأولياء، حامل لواء الحمد في دار البقاء، وقرّة عينه سيّدة نساء العالمين، البتول الزهراء، وولديه سيّدي شباب أهل الجنّة، السبطين المخصوصين بكرامة الاختصاص والارتضاء، ومبيّنة شطراً من مآثر آله الكرام الأُمناء، وعترته النقباء النجباء، وأولادهم الهداة المعصومين الأتقياء الأنقياء، وطرفاً من طرف خصائص أتباعهم وأشياعهم البهاليل الكرماء، الصعداء بالانتساب إلى الحضرة النبوية وشرف الانتماء.

فسلام الله - تعالى - وصلواته الزاكيات، ونوامي تحيّاته ورأفته الساميات، على المصطفى المقصود من خلق الأكوان كلّها، المرفوع راية مجده يوم العرض الأكبر، وآدم (عليه السلام) ومن دونه تحت ظلّها (محمد) الممدود سرادق جلاله على قمّة الأفلاك، المحمود طرائقه في هداية الخلق إلى سواء الصراط، وإنقاذهم من ورطات الهلاك، ماحي ظلم الظلم، وكاسر أشراك الإشراك، المنيع جناب عزّته من أن يحوم حول حمى وصفه رائد الإدراك.

وعلى وزيره وأخيه وقرّة عين صنو أبيه المرتضى المجبتبى، الذي هو في الدنيا والآخرة إمام وسيّد، وفي ذات الله سبحانه أخيشن ممسوس، وفي إقامة دينه الواجب الحقّ قويّ أيّد (3) ذو القلب العقول والأذن الواعية، والهمّة التي هي بالعهود وافية ولها راعية.

و [على] آله وأهل بيته الأقمار الزاهرة، والشموس البازغة، سادة الخلق وساسة

____________________

(1) وفي بعض النسخ: (على زواهر...).

ثمّ إنّ قوله: (ويشتمل البعض الآخر...) عطف على قوله - في ص - 14 -: (هذه فرائد أحاديث... ينبئ بعضها عن نبذ ممّا خصّ الله تعالى به... جناب ولاية المولى أمير المؤمنين...).

(2) هي جمع غلالة - بكسر أوّلها -: شعار يلبس تحت الثوب أو تحت الدرع.

(3) وفي نسخة طهران: (وفي إقامة دينه الواصب...).

١٧

النفوس البازغة، ما طلعت ذكاء، وتعاقب الصباح والمساء، وعلت على الأرض السماء، واستجيب (1) من المتوسّل بذكرهم والمقسم بحرمتهم [وهم] سادة الدنيا والآخرة الدعاء.

ورضوان الله تعالى وسلامه على المنتهين (2) إليهم، والمرفرفين بأجنحة الإخلاص حواليهم، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، والطائفين إلى كعبة موالاتهم بأقدام اليقين، ما سحّ سحاب (3) وارتكم ضباب وعلا على غدر الماء (4) حباب.

وتحيّاته على أرواحهم الزاكية، الطاهرة الطياب، ما نفح أناب، ونفع كتاب، وما لاح في أفق السماء شهاب.

ولا تخطّت سوار المزن ساحتهم

ولا عدتها غوادي العارض الهطلِ

  [وهذه الفرائد] خرّجتها من مرويّاتي وجمعتها، ومن مقام الضراعة إلى ذروة الإخلاص دفعتها

متوسّلاً بهم وسائل فضلهم

أن يسألوا في العفو عن أوزاري

متوقّعاً لمواهب ورغائب

ومطالب مثل السحاب غزارِ

مبتهلاً إلى الله - سبحانه وتعالى - راجياً من كرمه الذي يتواتر إمداده (في الجود) ويتوالى، أن لا يحرمني من الثواب الموعود، لذاكري فضيلته وكاتبيها، والناظرين إليها ومستمعيها (5) على ما: أخبرني الصدر الإمام العلاّمة نصير الدين أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن بن أبي بكر المشهدي الطوسي - عليه الرحمة والرضوان - إجازة، قال: أنبأنا خالي الإمام السعيد نور الدين علي بن محمد بن علي بن أبي منصور السعدي (6) - رحمه الله إجازة.

وأنبأني الإمام الشيخ العدل تاج الدين أبو طالب علي بن أنجب بن عبيد الله الخازن البغدادي قالا: أنبأنا الإمام برهان الدين أبو المظفّر ناصر ابن أبي المكارم

____________________

(1) وفي بعض النسخ: (ويستجاب...).

(2) وفي بعض النسخ: (على المنتمين إليهم...).

(3) وفي نسخة: (ما سجم سحاب وارتكم ضباب...).

(4) وفي نسخة (المياه حباب...).

(5) وفي بعض النسخ: (لذاكري فضائله وكاتبيها، والناظرين إليها ومستجمعيها).

(6) وفي بعض النسخ: (الشعبي؟).

١٨

المطرزي الخوارزمي إجازة بروايته عن الإمام ضياء الدين أخطب الخطباء أبي المؤيد موفق بن أحمد المكي (1) ، إجازة إن لم يكن سماعاً، قال: أنبأنا الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمداني وقاضي القضاة نجم الدين أبو منصور محمد بن الحسين بن محمد البغدادي قالا: أنبأنا الشريف الإمام الأجل نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمد بن علي الزينبي رحمه الله، عن الإمام محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، قال: حدثني أبو محمد أحمد بن الحسن بن أحمد (2) المخلدى من كتابه عن الحسين بن إسحاق، عن محمد بن زكريا، عن جعفر بن محمد بن عمار، عن أبيه: عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه عن أمير المؤمنين عليه السلام وعليهم، قال: قال: رسول الله صلّى الله عليه وآله: إنّ الله تعالى جعل لأخي عليّ فضائل لا تُحصى كثرةً، فمَن ذكر فضيلة من فضائله مقرّاً بها غفر الله له ما تقدّم من ذنبه، ومَن كتب فضيلة من فضائله (مقرّاً بها غفر الله له ما تقدّم من ذنبه) (3) ولم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لذلك المكتوب رسم، ومَن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله له ذنوبه التي اكتسبها بالاستماع، ومَن نظر إلى كتاب من فضائله غفر الله ذنوبه التي اكتسبها بالنظر .

ثم قال: صلّى الله عليه وآله: النظر إلى علي عبادة، وذكره عبادة، ولا يقبل الله إيمان عبد إلاّ بولايته والبراءة من أعدائه .

و[فرائدي هذه] قد جعلتها تحفة لخلّص إخواني، وتذكرة صيانة لعهود صيانة أنصاري في دين الله وأعواني الذين أرجو ببركة دعائهم أن يمنّ الله تعالى (عليّ) بإصلاح لحالي ورفق لشأني، ويثبت على تحرّي مرضاته قلبي، وعلى صراطه المستقيم قدمي، ويجري بالصدق والصواب لساني، ويزدني كل يوم بل كل ساعة، بل كل طرفة عين في موالاة الأئمّة الطاهرين - الذين هم على حلية الدنيا وجمال الآخرة، والعلية لمخلوق في حلية الفضائل العلية الفاخرة - سبباً متيناً، وبرهاناً مبيناً واعتقاداً صافياً ويقيناً، ويجعلها ديدناً ودأباً وديناً.

أرجو النجاة بهم يوم المعاد وإن

جنت يداي من الذنب الأفانينا

فصلوات الله تعالى على محمد نبيّه وآله ما نظر عين ومطر عين، ونبع عين وتبع عين عيناً ويرحم الله عبداً قال آميناً.

____________________

(1) رواه الخوارزمي في الحديث الثاني من مقدّمة مناقبه س 2 ط الغري.

(2) وفي بعض النسخ: (الحسن بن مخلد...).

(3) ما بين القوسين غير موجود في نسخة طهران.

١٩

ولقد سلكت فرائد درر هذه الأحاديث في سمطين، ونظمت جواهرها في سلكين، وأسمدتهما (1) لأحمال الأوزار وأعياء الآثام وأثقال الجرائم العظام في لجج رجاء الغفران فلكين: سمط يحتوي من أخبار وردت في فضائل أمير المؤمنين إمام الأئمّة وهادي الأُمّة، عصرة المنجود، وكاشف الكربة والغمّة، والمكرم يوم (غدير خم) بتعميم الولاية وتغميم باحن الغمّة، الذي يتزيّن باسمه الفضائل والمآثر، ويتحلّى بوصفه المحافل والمنابر (2) وتباهى ملائكة السماء بخشوعه وسجوده، وتفتخر الكائنات كلّها بوجوده، وتمتدح الألقاب والأوصاف عند ذكره، وتعجز الأوهام والأفهام لدى كشف سرّه عن تصوّر علو شأنه ورفعة (3) قدره.

سقته سحائب الرضوان سحّاً

كجود يديه ينسجم انسجاما

ولا زالت رواء المزن تهدي

إلى النجف التحيّة والسلاما

على النجب الروافع والفقر البدايع والغرر اللوامع والزهر الجوامع، ممّا تتعطّر الآفاق من فوائح نشرها وتبتهج الأرواح والقلوب بمشاهدة لوائح بشرها، ويرتوي الظمآن عند سماع ذكرها ووصفها، ويتوشّح عرايس المفاخر بمفائد (4) وردها وحسن وصفها، ويبهر أبصار الحاسدين شعاعها ويا حبّذا عند المحبّ سماعها.

والسمط الآخر يشتمل على أخبار وردت عن الجناب المقدس عن كل عيب، المؤيد من الغيب، حضرة النبي المختار الممجد - رسول إله (5) العالمين محمد عليه صلوات الله سبحانه وسلامه ما لمع البرق وسجع الورق - في فضائل آله وعترته الذين خصّهم الله سبحانه بالاصطفاء والكرامة والزلفى وأوردهم من مناهل لطفه ومشارع فضله وعطفه المشرب الأعذب والمورد الأصفى، وجعل محبّتهم مثمرة للسعادات الظليلة الظلال في الأولى والعقبى، وأنزل في شأنهم ( قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدّةَ فِي الْقُرْبَى‏ ) [42 - الشورى 23]:

هم القوم مَن أصفاهم الودّ مخلصاً

تمسّك في أُخراه بالسبب الأقوى

هم القوم فاقوا العالمين مآثراً

محاسنها تجلى وآياتها تروى

موالاتهم فرض وحبّهم هدى

وطاعتهم قربي وودّهم تقوى

____________________

(1) كذا في الأصل.

(2) كذا في نسخة طهران.

(3) وفي نسخة طهران: (ووقعه وقدره).

(4) وفي نسخة طهران: (بفرائد دررها...).

(5) وفي نسخة: (رسول الله إلى العالمين...).

٢٠