الحسين (عليه السلام) في الفكر المسيحي

الحسين (عليه السلام) في الفكر المسيحي23%

الحسين (عليه السلام) في الفكر المسيحي مؤلف:
الناشر: انتشارات الهاشمي
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 258

الحسين (عليه السلام) في الفكر المسيحي
  • البداية
  • السابق
  • 258 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 55519 / تحميل: 10179
الحجم الحجم الحجم
الحسين (عليه السلام) في الفكر المسيحي

الحسين (عليه السلام) في الفكر المسيحي

مؤلف:
الناشر: انتشارات الهاشمي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

أتيت سيّدي سنة تسع(1) ومائتين فقلت له : جعلت فداك إنّي رويت عن آبائك أنّ كلّ فتح فتح بضلال فهو للإمام ، فقال : نعم ،قلت : جعلت فداك فإنّه أتوا بي في بعض الفتوح الّتي فتحت على الضلال وقد تخلّصت من الذين ملكوني بسبب من الأسباب وقد أتيتك مسترقا مستعبدا ، فقال : قد قبلت.

قال : فلمّا حضر خروجي إلى مكّة قلت له : جعلت فداك إنّي قد حججت وتزوّجت ومكسبي ممّا يعطف عليّ إخواني لا شي‌ء لي غيره فمرني بأمرك ، فقال لي : انصرف إلى بلادك وأنت من حجّك وتزويجك وكسبك في حلّ.

فلمّا كان سنة ثلاث عشرة ومائتين أتيته فذكرت له العبودية الّتي ألزمنيها ، فقال : أنت حرّ لوجه الله ، فقلت له : جعلت فداك أكتب لي به عهدا ، فقال : يخرج إليك غدا ، فخرج إليّ مع كتبي كتاب فيه :

بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب من محمّد بن علي الهاشمي العلوي لعبد الله بن المبارك فتاة ، إنّي أعتقتك(2) لوجه الله والدار الآخرة ، لا ربّ لك إلاّ الله وليس عليك سبيل ، وأنت مولاي ومولى عقبي من بعدي ، وكتب في المحرّم سنة ثلاث عشرة ومائتين ، ووقّع فيه محمّد بن علي بخطّ يده وختمه بخاتمه(3) .

وفيضا : عبد الجبّار بن المبارك النهاوندي(4) . وكذا ج إلاّ أنّ فيه : نهاوندي(5) .

__________________

(1) في المصدر : سبع ، تسع ( خ ل ).

(2) في نسخة « ش » والمصدر : أعتقك.

(3) رجال الكشّي : 568 / 1076.

(4) رجال الشيخ : 380 / 11.

(5) رجال الشيخ : 404 / 18.

٨١

وفيست : عبد الجبّار من أهل نهاوند له كتاب ، رويناه بالإسناد الأوّل ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عبد الجبّار(1) .

والإسناد : جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة(2) . إلى آخره(3) .

وفي لم : عبد الجبّار من أهل نهاوند ، روى عنه البرقي(4) .

ولا يبعد أن يكون هذا غير الأوّل ، والله العالم ، انتهى.

أقول : لا شكّ في اتّحاد ما فيست ولموضا وج ، ومثله فيجخ أكثر كثير. واستظهر الاتّحاد أيضا في النقد(5) ، فتدبّر.

وفي التحرير الطاووسي : عبد الجبّار بن المبارك النهاوندي ، كتب له محمّد بن عليعليه‌السلام كتابا يعتقه وقد كان سباه أهل الضلال.

وفي الحاشية : بخطّ الشهيد على هذا الموضع حاشية صورتها : الطريق إلى هذا الكتاب فيه سهل بن زياد وبكر بن صالح وهما ضعيفان(6) ، انتهى.

ومرّ الجواب عنه في الفوائد وكثير من التراجم ، فراجع.

وفيمشكا : ابن المبارك ، عنه أحمد بن أبي عبد الله(7) .

__________________

(1) الفهرست : 122 / 549 ، وفيه : عبد الجبار بن علي من أهل.

(2) الفهرست : 121 / 548.

(3) إلى آخره ، لم ترد في نسخة « م ».

(4) رجال الشيخ : 488 / 69.

(5) نقد الرجال : 181 / 3.

(6) التحرير الطاووسي : 447 / 326.

(7) هداية المحدّثين : 91.

٨٢

1562 ـ عبد الحميد بن أبي الديلم :

ق (1) ،قر (2) .

وزادصه : وهو ابن عمّ معلّى بن خنيس. قال ابن الغضائري : إنّه ضعيف(3) .

وفيتعق : مرّ في سليمان بن خالد عنه رواية تدلّ على تشيّعه(4) ، وفي رواية ابن أبي عمير بواسطة حمّاد(5) إشعار بوثاقته ، وسيجي‌ء في المعلّى أنّه ابن أخيه(6) ، وتضعيف غض ليس بشي‌ء ، ولعلّه ضعّفه بما ضعّف به المعلّى ، وسيجي‌ء ما فيه(7) .

1563 ـ عبد الحميد بن أبي العلاء الأزدي :

الخفّاف الكوفي ،ق (8) .

وفيتعق : مرّ في الحسين بن أبي العلاء وجاهته(9) ، وعن المصنّف وغيره اتّحاده مع السمين الثقة(10) ، وظاهره هنا التعدّد ، ومرّ فيه وفي خالد بن‌

__________________

(1) رجال الشيخ : 235 / 203 ، وفيه زيادة : النبالي الكوفي. وذكره ثانيا : 267 / 715 قائلا : عبد الحميد بن أبي الديلم روى عنهماعليهما‌السلام .

(2) لم يرد في نسختنا المطبوعة من رجال الشيخ وورد في مجمع الرجال : 4 / 67 نقلا عنه.

(3) الخلاصة : 245 / 19.

(4) رجال الكشّي : 353 / 662.

(5) رجال الكشّي : 353 / 662.

(6) عن النجاشي : 417 / 1114.

(7) تعليقة الوحيد البهبهاني : 189.

(8) رجال الشيخ : 236 / 211.

(9) رجال النجاشي : 52 / 117 ، وفيه بعد أن ذكر أخويه علي وعبد الحميد قال : وكان الحسين أوجههم.

(10) منهج المقال : 110.

٨٣

طهمان ما ينبغي أن يلاحظ(1) ، فلاحظ. وسيجي‌ء في الكنى وعند ذكر طرق الصدوقرحمه‌الله (2) .

أقول : في النقد : الظاهر أنّهما واحد(3) . وصرّح به في المجمع(4) .

1564 ـ عبد الحميد بن أبي العلاء بن عبد الملك :

الأزدي ، ثقة ، يقال له : السمين ، روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ،صه (5) .

وزاد جش : ابن أبي عمير عنه بكتابه(6) .

وفيق : عبد الحميد بن أبي العلاء الأزدي السمين الكوفي(7) .

أقول : فيمشكا : ابن أبي العلاء بن عبد الملك الثقة ، عنه ابن أبي عمير.

وفي التهذيب في باب الأحداث : يعقوب بن يزيد عن عبد الحميد بن أبي العلاء(8) . وهو يروي عن عبد الحميد بواسطة ابن أبي عمير(9) .

__________________

(1) وهو كون أبي العلاء الخفّاف هو خالد بن طهمان العامّي.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 189 ، وفيها بدل وسيجي‌ء في الكنى. إلى آخره : وحسنه خالي لأنّ للصدوق طريقا إليه. انظر الوجيزة : 388 / 196 الطريق إلى عبد الحميد الأزدي. كما وذكرقدس‌سره في أوّل الوجيزة : 234 / 984 عبد الحميد بن أبي العلاء الأزدي ووثّقه ، فلاحظ.

(3) نقد الرجال : 181 / 3.

(4) مجمع الرجال : 4 / 67.

(5) الخلاصة : 116 / 2.

(6) رجال النجاشي : 246 / 647.

(7) رجال الشيخ : 235 / 204.

(8) التهذيب 1 : 33 / 88.

(9) هداية المحدّثين : 91.

٨٤

1565 ـ عبد الحميد بن خالد بن طهمان :

هو ابن أبي العلاء ،تعق (1) .

1566 ـ عبد الحميد بن زياد الكوفي :

أسند عنه ،ق (2) .

1567 ـ عبد الحميد بن سالم العطّار :

روى عن موسىعليه‌السلام وكان ثقة ،صه (3) .

وفيق : عبد الحميد العطّار الكوفي ، أسند عنه(4) .

وأمّا في ظم فلم أجده.

وفيتعق : ظاهرصه إنّ الوثاقة مأخوذة من جش في محمّد ابنه بناء على رجوع التوثيق إلى الأب ، وهو الظاهر من سوق العبارة(5) . واستبعادشه ذلك(6) ليس بشي‌ء بعد الظهور من العبارة ، وأنّه ربما يوثّق في ترجمة الغير.

وقوله : أمّا في ظم فلم أجده ، لا يخفى ما فيه ، وكأنّه غفل عن ترجمة محمّد ابنه(7) .

وقال جدّي : قد ذكرنا في أبواب التجارات ما يدلّ على توثيقه(8) .

وأشار بذلك إلى ما في التهذيب : أحمد بن محمّد عن محمّد بن‌

__________________

(1) تعليقة الوحيد البهبهاني : 190 ترجمة عبد الحميد بن أبي العلاء.

(2) رجال الشيخ : 236 / 212.

(3) الخلاصة : 116 / 3.

(4) رجال الشيخ : 236 / 216.

(5) انظر رجال النجاشي : 339 / 906.

(6) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : 73 في ترجمة ابنه محمّد ، وورد فيها : هذه عبارة النجاشي وظاهرها أنّ الموثّق الأب لا الابن.

(7) حيث ذكر النجاشي فيها رواية عبد الحميد عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام .

(8) روضة المتّقين : 14 / 377.

٨٥

إسماعيل قال : مات رجل من أصحابنا ولم يوص ، فرفع أمره إلى القاضي فصيّر عبد الحميد(1) القيّم بماله. إلى أن قال : فذكرت ذلك لأبي جعفرعليه‌السلام . إلى أن قال : إن كان القيّم مثلك ومثل عبد الحميد فلا بأس(2) .

وذكر في النقد الرواية في عبد الحميد وذكر في متنها : فصيّر عبد الحميد بن سالم(3) . وكذا المقدّس الأردبيلي(4) .

وليس لفظ ابن سالم موجودا في نسختي ، مع أنّ ابن سالم من أصحاب الصادق والكاظمعليهما‌السلام وأبو جعفر في الرواية هو الجوادعليه‌السلام ، وهذا يشير إلى كونه ابن سعيد الآتي.

ولعلّ الكلّ متّحد ـ لأنّ الظاهر اتّحاد ابن سعيد وابن سعد وفاقا لجدّي والنقد أيضا(5) ، وهو الحقّ ، وسيجي‌ء في محمّد بن عبد الحميد أنّ عبد الحميد العطّار مولى بجيلة(6) ـ ويكون أحدهما نسبة إلى الجدّ. ويؤيّد الاتّحاد أيضا وجود لفظ ابن سالم كما ذكرت عن المحقّقين.

والمحقّق الأردبيلي أتى بلفظ ابن بزيع بعد محمّد بن إسماعيل لتدلّ على عدالته أيضا ، انتهى(7) .

أقول : الرواية مذكورة في أواخر زيادات الوصايا من التهذيب ، وكلمة‌

__________________

(1) في التهذيب زيادة : ابن سالم.

(2) روضة المتّقين : 11 / 107 نقلا عن التهذيب 9 : 240 / 932 ، وسنده : أحمد بن محمّد ابن عيسى ، عن العبّاس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع.

(3) نقد الرجال : 182 / 7 ، ترجمة عبد الحميد بن سالم العطّار.

(4) مجمع الفائدة والبرهان.

(5) روضة المتّقين : 14 / 378 ، نقد الرجال : 182 / 8.

(6) رجال الشيخ : 387 / 10.

(7) تعليقة الوحيد البهبهاني : 190.

٨٦

ابن سالم موجودة فيما وقفنا عليه من النسخ ونقله أيضا جماعة ، والظاهر سقوطها من نسخته دام ظلّه.

وقوله سلّمه الله : مع أنّ ابن سالم. إلى آخره ، يمكن أن يقال : سؤال الراوي ذلك عن الجوادعليه‌السلام لا يلزم أن يكون عبد الحميد حيّا يومئذ ، فلعلّ مراده أنّه اتّفق ذلك ولو قبل وقت السؤال بمدّة ، مع أنّ ابن سعيد أيضا لم يظهر بعد دركه الجوادعليه‌السلام . مع أنّه(1) بعد استبعاد كون الرواية من ابن سالم لأنّها عن الجوادعليه‌السلام وهوق ظم واستظهار كونها في ابن سعيد(2) لأنّه متأخّر عنه كيف يمكن القول باتّحادهما؟! فتأمّل جدّا(3) .

ورأيت بخطّ بعض المحشّين للرجال هذه الرواية وفيها بدل أبي جعفرعليه‌السلام : الرضاعليه‌السلام ، وعليه فالأمر سهل ، فتدبر.

وقوله سلّمه الله : والمحقّق الأردبيليرحمه‌الله أتى. إلى آخره ، لا يخفى أنّ لفظتي ابن بزيع موجودتان في متن الحديث وليستا من ملحقات المحقّق المذكوررحمه‌الله .

هذا ، وقوله سلّمه الله : كأنّه ـ أي الميرزا ـ غفل عن ترجمة محمّد ابنه ، فلعلّ مراد الميرزا أنّه لم يقف عليه في ظم منجخ وإن ذكره جش أو غيره في أصحابهعليه‌السلام ، بل هذا هو الظاهر ، فتفطّن.

1568 ـ عبد الحميد بن سعد :

روى عنه صفوان بن يحيى ،ظم (4) .

__________________

(1) في نسخة « ش » : على أنّ.

(2) في نسخة « م » : ابن سعد.

(3) جدا ، لم ترد في نسخة « ش ».

(4) رجال الشيخ : 356 / 37.

٨٧

وفيق : عبد الحميد بن سعد الكوفي مولى(1) .

وفيجش : عبد الحميد بن سعد بجلي كوفي ، صفوان عنه بكتابه(2) .

وفيتعق : مرّ ما فيه في الذي قبيله(3) .

أقول : فيمشكا : ابن سعد ، عنه صفوان بن يحيى(4) .

1569 ـ عبد الحميد بن سعيد :

ضا في موضعين(5) . وزاد ظم : روى عنه صفوان بن يحيى(6) .

وفيتعق : مرّ الكلام في ابن سالم(7) .

1570 ـ عبد الحميد العطّار :

الكوفي ، أسند عنه ،ق (8) .

وتقدّم في ابن سالم لاحتمال الاتّحاد.

وفيتعق : لا تأمّل في الاتّحاد لما أشرنا وسيجي‌ء في محمّد بن عبد الحميد(9) (10) .

1571 ـ عبد الحميد بن عواض :

بالضاد المعجمة ، الطائي ، من أصحاب أبي الحسن موسى عليه‌

__________________

(1) رجال الشيخ : 236 / 208.

(2) رجال النجاشي : 246 / 648.

(3) لم يرد له ذكر في التعليقة.

(4) هداية المحدّثين : 91.

(5) رجال الشيخ : 379 / 5 ، 383 / 41.

(6) رجال الشيخ : 355 / 26.

(7) تعليقة الوحيد البهبهاني : 190.

(8) رجال الشيخ : 236 / 216.

(9) عن رجال الشيخ : 387 / 10 ، حيث ذكر كما تقدّم آنفا أنّ عبد الحميد العطّار مولى بجيلة.

(10) تعليقة الوحيد البهبهاني : 190.

٨٨

السلام ، ثقة ،صه (1) .

وفي ظم : عبد الحميد بن عواض ثقة من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام (2) .

وفيد : ابن غواض بالمعجمتين ، قر ،ق ؛جخ ، ثقة(3) ، انتهى فتأمّل.

وفيتعق : فيه ثلاث لغات : ما فيصه ، ود ، وعند بعض بإعجام الأوّل وإهمال الثاني. وسيجي‌ء في مرازم ذكره(4) (5) .

أقول : اقتصار العلاّمةقدس‌سره على كونه ظم بعد دركه ثلاثة منهمعليهم‌السلام كما صرّح به الشيخ لعلّه ليس بمكانه.

وفيمشكا : ابن عواض الثقة ، عنه محمّد بن خالد ، وأبو أيّوب الخزّاز ، والحسين بن سعيد ، وعلي بن النعمان ، ومحمّد بن سماعة.

وفي بعض الطرق رواية الحسين بن سعيد عنه بواسطتين ، وهو يساعد احتمال عدم اللقاء.

هذا(6) ، وهو عن محمّد بن مسلم ، وعن الباقر والصادقعليهما‌السلام (7) .

__________________

(1) الخلاصة : 116 / 1.

(2) رجال الشيخ : 353 / 6 ، وفيه بعد عواض زيادة : الطائي. وعدّه من أصحاب الباقرعليه‌السلام : 128 / 18 قائلا : عبد الحميد بن عواض الطائي كوفي. كما وذكره في أصحاب الصادقعليه‌السلام أيضا : 235 / 202 مضيفا بعد الطائي : الكسائي.

(3) رجال ابن داود : 127 / 940.

(4) نقلا عن النجاشي : 424 / 1138 ، وفيه أنّ الرشيد استدعى مرازم وأخوه مع عبد الحميد ابن عواض فقتله وسلما.

(5) تعليقة الوحيد البهبهاني : 190.

(6) هذا ، لم ترد في نسخة « ش ».

(7) هداية المحدّثين : 91 ، وفيها : وهو عن محمّد بن مسلم عن الباقر والصادقعليهما‌السلام .

٨٩

1572 ـ عبد الحميد بن النضر :

يروي عنه أحمد بن محمّد بن عيسى وفضالة(1) ، وهو إمامي ،تعق (2) .

1573 ـ عبد الحميد الواسطي :

قر(3) ،ق (4) .

وفيتعق : في كتاب الإيمان من الكافي حديث يدلّ على حسن حاله(5) (6) .

أقول : إن كان هو الذي وقفت عليه في باب فضل الإيمان على الإسلام فلا دلالة فيه على ذلك أصلا ، ولا مدخل لعبد الحميد فيه مطلقا ، فلاحظ(7) .

__________________

(1) أنظر في رواية فضالة بصائر الدرجات : 443 / 1.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 190.

(3) رجال الشيخ : 128 / 17.

(4) رجال الشيخ : 236 / 214.

(5) الكافي 2 : 43 / 4.

الحديث هذا : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن هارون ابن الجهم أو غيره ، عن عمر بن أبان الكلبي ، عن عبد الحميد الواسطي ، عن أبي بصير قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : يا أبا محمّد الإسلام درجة؟ قلت : نعم ، قال : والإيمان على الإسلام درجة؟ قلت : نعم ، قال : والتقوى على الإيمان درجة؟ قلت : نعم ، قال : واليقين على التقوى درجة؟ قلت : نعم ، قال : فما أوتي الناس أقلّ من اليقين وإنّما تمسّكتم بأدنى الإسلام ، فإياكم أن ينفلت من أيديكم ، انتهى ( منه. قدّس سره ).

(6) تعليقة الوحيد البهبهاني : 190.

(7) أقول : ذكر السيّد الخويي في معجم رجاله : 9 / 284 أنّه كان من الأولى للوحيد التمسّك بما رواه الكليني في الروضة 8 : 80 / 37 عن عبد الحميد الواسطي عن أبي جعفرعليه‌السلام ، فإنّ فيها دلالة على أنّه كان من الشيعة وكان ينتظر ظهور القائمعليه‌السلام .

٩٠

1574 ـ عبد الخالق بن عبد ربّه :

من موالي بني أسد من صلحاء الموالي ؛ روىكش عن محمّد بن مسعود ، عن عبد الله بن محمّد ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال : ذكر أبو عبد اللهعليه‌السلام أبي فقال : صلّى الله على أبيك ، ثلاثا. والظاهر أنّ أبا عبد الله هو الصادقعليه‌السلام ،صه (1) .

وفيكش ما ذكره إلاّ قوله : والظاهر. إلى آخره(2) .

وفيتعق : مرّ توثيقه في إسماعيل ابنه(3) (4) .

أقول : فيمشكا : ابن عبد ربّه فيه خلاف ، عنه عبد الحميد بن عواض على الظاهر(5) .

1575 ـ عبد الخالق بن محمّد البناني :

الكوفي ، أسند عنه ،ق (6) .

1576 ـ عبد خير الخيراني :

بالخاء المعجمة والياء المنقّطة تحتها نقطتين والراء والنون بعد الألف ،صه في أصحاب عليعليه‌السلام من اليمن(7) . وكذا قي(8) .

__________________

(1) الخلاصة : 129 / 7.

(2) رجال الكشّي : 413 / 779.

(3) رجال النجاشي : 27 / 50 ، حيث قال : عمومته شهاب وعبد الرحيم ووهب وأبوه عبد الخالق كلّهم ثقات.

(4) تعليقة الوحيد البهبهاني : 190.

(5) هداية المحدّثين : 201. كما وذكره قبل ذلك : 92 قائلا : يستفاد من عبارة الكشّي في ترجمة إسماعيل بن عبد الخالق توثيق عبد الخالق وأنّه روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

والظاهر إرادة النجاشي بدل الكشّي حيث إنّه ورد فيه التوثيق وروايته عن أبي عبد الله عليه‌السلام ولم يرد في الكشّي ذلك.

(6) رجال الشيخ : 236 / 221.

(7) الخلاصة : 195.

(8) رجال البرقي : 6.

٩١

وفيي : عبد خير الخيراني ، خيران من همدان(1) .

وفيد : عبد خير الخيواني بالخاء المعجمة والياء المثنّاة تحت الساكنة والواو والنون ، منسوب إلى خيوان من همدان بالدال المهملة ؛ وقال الدار قطني : الخيراني بالراء المهملة(2) . والأظهر الأشهر بالواو ، ي ،جخ ، من خواصّهعليه‌السلام (3) .

وفيتعق : في نسختي من النقد : عبد خير الخيراني خيران من همدان(4) (5) .

قلت : كذا في النسخة الّتي عندي منه.

1577 ـ عبد ربّه بن أعين :

هو زرارةرضي‌الله‌عنه وأرضاه ،تعق (6) .

1578 ـ عبد الرحمن بن أبي حمّاد :

أبو القاسم ، كوفي ، صيرفي ، انتقل إلى قم وسكنها ، وهو صاحب دار أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، رمي بالضعف والغلو ، جش(7) .

وزادصه : وقالغض : إنّه يكنّى أبا محمّد ، وهو ضعيف جدّا لا يلتفت إليه ، في مذهبه غلو(8) .

__________________

(1) رجال الشيخ : 53 / 118.

(2) ذكر الدار قطني في كتابه المؤتلف والمختلف : 2 / 754 عبد خير بن يزيد الخيواني وقال : روى عن علي بن أبي طالب [عليه‌السلام ] وذكر آخرين. ولم يذكره في باب خيران وإنّما ذكره في خيوان ، فلاحظ.

(3) رجال ابن داود : 127 / 943.

(4) نقد الرجال : 183 / 1.

(5) لم يرد له ذكر في نسخنا من التعليقة.

(6) تعليقة الوحيد البهبهاني : 190 ، وفيها بدلرضي‌الله‌عنه وأرضاه : المشهور الجليل.

(7) رجال النجاشي : 238 / 633.

(8) الخلاصة : 239 / 6.

٩٢

ثمّ زادجش على ما مرّ : محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب الزيّات عنه بكتابه.

أقول : فيمشكا : ابن أبي حمّاد ، عنه محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، وموسى بن الحسن بن عامر الأشعري(1) .

1579 ـ عبد الرحمن بن أبي عبد الله :

واسم أبي عبد الله ميمون البصري ، وعبد الرحمن ثقة ، وهو ختن فضيل ابن يسار. قال علي بن أحمد العقيقي : إنّه روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام سبعمائة مسألة ، وهو بصري وأصله من الكوفة ،صه (2) .

وفيكش : قال أبو عمرو : سألت محمّد بن مسعود عن عبد الرحمن ابن أبي عبد الله ، فذكر عن(3) علي بن الحسن بن فضّال أنّه عبد الرحمن بن ميمون الذي في الحديث ، وأبو عبد الله رجل من أهل البصرة واسمه ميمون ، وعبد الرحمن هو ختن الفضيل بن يسار(4) .

ومرّ في ابن ابنه إسماعيل بن همّام توثيقه(5) .

وفيق : ابن أبي عبد الله البصري مولى بني شيبان وأصله كوفي ، واسم أبي عبد الله ميمون ، حدّث عنه سلمة بن كهيل فيقول : عن أبي عبد الله الشيباني ، وكثير النواء(6) عن أبي عبد الله ، وحدّث عنه أيضا خالد الحذّاء وشعبة وعوف بن أبي جميلة فسمّوه كلّهم ميمون ؛ روى عن عبد الله بن عبّاس‌

__________________

(1) هداية المحدّثين : 92.

(2) الخلاصة : 113 / 3.

(3) عن ، لم ترد في نسخة « ش ».

(4) رجال الكشّي : 311 / 562.

(5) رجال النجاشي : 30 / 62 ، قوله : ثقة هو وأبوه وجدّه.

(6) في المصدر زيادة : أيضا.

٩٣

وعبد الله بن عمر والبراء بن عازب وعبد الله بن؟؟ بريدة(1) .

أقول : فيمشكا : ابن أبي عبد الله البصري الثقة ، عنه أبان بن عثمان ، وحمّاد بن عثمان ، والحسن بن محبوب ، وحريز ، وحمّاد بن عيسى ، وعبد الله بن المغيرة الثقة ، والعرزمي ، وعبد الله بن سنان ، وفضالة بن أيّوب ، وابن أبي عمير.

وقد يقع في إسناد(2) الشيخ رواية فضالة بن أيّوب عن عبد الرحمن(3) ، وهو سهو ، لأنّ المعهود توسّط أبان بينهما.

وروى أبوه عن عبد الله بن عبّاس ، وعبد الله بن عمر ، والبراء بن عازب ، وعبد الله بن بريدة.

وقد وقع لشيخنا سلّمه الله خبط كثير أصلحته(4) .

1580 ـ عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري :

من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، شهد مع أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عربي ، كوفي ، ضربه الحجّاج حتّى اسودّ كتفاه على سبّ عليعليه‌السلام ،صه (5) . ي إلى قوله : كوفي(6) .

ثمّ فيصه في أصحابهعليه‌السلام من اليمن : عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري شهد معه(7) . وكذا في قي(8) .

__________________

(1) رجال الشيخ : 230 / 127 ، وفيه زيادة : وكان عبد الرحمن هذا ختن الفضيل بن يسار.

(2) في المصدر : أسانيد.

(3) التهذيب 2 : 47 / 151 ، الإستبصار 1 : 296 / 1090.

(4) هداية المحدّثين : 92.

(5) الخلاصة : 113 / 2.

(6) رجال الشيخ : 48 / 28.

(7) الخلاصة : 194.

(8) رجال البرقي : 6.

٩٤

وفيكش : روى يعقوب بن شيبة قال : حدّثنا خالد بن أبي يزيد العربي(1) قال : حدّثنا ابن شهاب عن الأعمش قال : رأيت عبد الرحمن بن أبي ليلى وقد ضربه الحجّاج حتّى اسودّ كتفاه ثمّ أقامه للناس على سبّ عليعليه‌السلام والجلاوزة معه يقولون : سبّ الكذّابين ، فجعل يقول : ألعن الكذّابين عليّ وابن الزبير والمختار.

قال ابن شهاب : يقول أصحاب العربيّة : سمعك تعلم(2) ما يقول ، لقوله : عليّ ، أي : ابتداء الكلام(3) .

1581 ـ عبد الرحمن بن أبي نجران :

ضا (4) ،ج (5) .

وزادصه : بالنون والجيم والراء والنون أخيرا ، واسمه عمرو بن مسلم ، التميمي ، مولى ، كوفي ، أبو الفضل ، روى عن الرضاعليه‌السلام ؛ وروى أبوه أبو نجران عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وكان عبد الرحمن ثقة ثقة معتمدا على ما يرويه(6) .

وكذا جش إلاّ الترجمة ؛ وزاد قبل وكان : وروى(7) عن أبي نجران : حنّان(8) .

وفيست : له كتب ، أخبرنا بها جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن ابن‌

__________________

(1) في المصدر : العرني.

(2) في نسخة « م » : يعلم.

(3) رجال الكشّي : 101 / 160 ، وفيه : أي هو ابتداء الكلام.

(4) رجال الشيخ : 380 / 9 ، وفيه زيادة : التميمي مولى كوفي.

(5) رجال الشيخ : 403 / 7 ، وفيه زيادة : كوفي.

(6) الخلاصة : 114 / 7.

(7) في نسخة « م » : روى.

(8) رجال النجاشي : 235 / 622.

٩٥

بطّة ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عنه(1) .

أقول : فيمشكا : ابن أبي نجران الثقة ، عنه عبد الله بن محمّد بن خالد ، وأحمد بن المعافى ، وجعفر بن محمّد بن عبد الله ، وأحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عنه ، وبغير واسطة أبيه ، وإبراهيم بن هاشم ، ومحمّد بن أبي الصهبان ، وعبد الله بن عامر ، وأحمد بن محمّد بن عيسى ، وعلي بن الحسن ابن فضّال ، وموسى بن القاسم ، وسهل بن زياد(2) .

وفي التهذيب : سعد بن عبد الله عن أبي جعفر عن العبّاس عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن صفوان(3) . ففي المنتقى : المعهود من رواية أبي جعفر ـ وهو أحمد بن محمّد بن عيسى ـ عن ابن أبي نجران أن يكون بغير واسطة ، وكذا رواية العبّاس عن صفوان ، فالظاهر عطف عبد الرحمن على العبّاس(4) ، انتهى.

وفي التهذيب : ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن أبي نجران(5) . وهو غريب ، فإنّ ابن أبي نجرانضا (6) ؛ بل في أوائل كتاب الأيمان والنذور من التهذيب : ابن أبي نجران عن ابن أبي عمير(7) .

وفي التهذيب والاستبصار في كتاب الحجّ : سعد بن عبد الله عن‌

__________________

(1) الفهرست : 109 / 474.

(2) في المصدر زيادة : والحسين بن سعد ، وبروايته هو عن العلاء بن رزين وعن داود بن سرحان.

(3) التهذيب 5 : 267 / 911.

(4) منتقى الجمان : 3 / 420.

(5) التهذيب 5 : 124 / 404 ، وفيه : عن عبد الرحمن بن الحجّاج.

(6) في المصدر : فإنّ ابن أبي عمير ضا.

(7) التهذيب 8 : 289 / 1066.

٩٦

محمّد بن الحسن عن محمّد بن الحسين عن ابن أبي نجران(1) . وفيه نوع اضطراب وغرابة ، فإنّ المعهود رواية سعد عن محمّد بن الحسين بلا واسطة ، ورواية محمّد بن الحسين عن ابن أبي نجران غير معروفة.

وفي بعض نسخ التهذيب : سعد بن عبد الله عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن الحسن. وأورده العلاّمةرحمه‌الله بهذه الصورة ، والغرابة منتفية معه.

ووقع فيهما أيضا : سعد بن عبد الله عن ابن أبي نجران عن الحسين ابن سعيد عن حمّاد(2) . وفيه غلطان(3) ، فإنّ سعدا إنّما يروي عن ابن أبي نجران بواسطة أحمد بن محمّد بن عيسى ، وابن أبي نجران عن حمّاد بغير واسطة كالحسين بن سعيد ، وصوابه : والحسين ، بالواو.

هذا ، وهو عن صفوان بن يحيى ، وعن حمّاد بن عيسى(4) ، وعن مسمع أبي سيّار ، وعن عبد الله بن سنان ، والعلاء بن رزين.

ووقع في أسانيد الشيخ : ابن أبي نجران عن حريز(5) . وهو سهو ، لأنّه إنّما يروي عن حريز بواسطة حمّاد بن عيسى(6) .

1582 ـ عبد الرحمن بن أبي هاشم :

له كتاب رواه القاسم بن محمّد الجعفي عنه ، ورواه ابن أبي حمزة عنه ،ست (7) .

__________________

(1) التهذيب 5 : 383 / 1335 ، الاستبصار 2 : 216 / 742.

(2) التهذيب 2 : 347 / 1440 ، الإستبصار 1 : 368 / 1403.

(3) في نسخة « ش » : غلطتان.

(4) حمّاد بن عيسى ، لم يرد في المصدر.

(5) التهذيب 3 : 331 / 1038.

(6) هداية المحدّثين : 93.

(7) الفهرست : 109 / 476.

٩٧

ويأتي ابن محمّد بن أبي هاشم.

وفيتعق : في الوجيزة والبلغة : ابن محمّد بن أبي هاشم كثيرا ما ينسب إلى جدّه(1) (2) .

أقول : فيمشكا : ابن أبي هاشم ، عنه محمّد بن علي الكوفي الضعيف ، والقاسم بن محمّد ، وابن أبي حمزة ، ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، وعلي بن الحسن بن فضّال.

وهو ابن محمّد بن أبي هاشم ، لكن في بعض الأخبار ابن أبي هاشم بالنسبة إلى جدّه(3) .

1583 ـ عبد الرحمن بن أحمد بن جبرويه :

بالجيم قبل الباء تحتها نقطة ثمّ الراء ، أبو محمّد العسكري ، متكلّم ، من أصحابنا ، حسن التصنيف ، جيّد الكلام ، وعلى يده رجع محمّد بن عبد الله بن مملك الأصفهاني عن مذهب المعتزلة إلى القول بالإمامة ،صه (4) .

جش إلاّ الترجمة ، وفيه : الأصبهاني ؛ وزاد : وقد كلّم عبّاد بن سليمان ومن كان في طبقته ، وقع إلينا من كتبه كتاب الكامل في الإمامة كتاب حسن(5) .

وبخطّشه علىصه : في ضح جعله بالياء المنقّطة تحتها نقطتين(6) ،

__________________

(1) الوجيزة : 236 / 1005 والبلغة : 373 / 8 ، وفيهما زيادة : ثقة.

(2) لم يرد له ذكر في نسخنا من التعليقة.

(3) هداية المحدّثين : 95 ، وفيها : لكن في بعض الأخبار عبد الرحمن بن أبي هاشم البجلي كما في الفقيه ، بإضافته إلى جدّه. راجع الفقيه 4 : 31 / 88.

(4) الخلاصة : 114 / 9.

(5) رجال النجاشي : 236 / 625.

(6) إيضاح الاشتباه : 239 / 475.

٩٨

ودوافق ما هنا وجعله بالباء الموحّدة(1) (2) .

1584 ـ عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين :

مرّ في أبيه ما يظهر منه جلالته ،تعق (3) .

أقول : وذلك ما مرّ عن عه من قوله : والد الشيخ الحافظ عبد الرحمن(4) . وله ترجمة على حدة في عه حيث قال فيه : الشيخ المفيد أبو محمّد عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين النيسابوري الخزاعي شيخ الأصحاب بالري ، حافظ واعظ ثقة ، سافر في البلاد شرقا وغربا وسمع الأحاديث عن المؤالف والمخالف ؛ وله تصانيف ، منها سفينة النجاة في مناقب أهل البيت ، العلويات الرضويات ، الأمالي ، عيون الأخبار ، مختصرات في المواعظ والزواجر ، أخبرنا بها جماعة ، منهم السيّدان المرتضى والمجتبى ابنا الداعي الحسيني وابن أخيه الشيخ جمال الدين أبو الفتوح الخزاعي عنهرحمهم‌الله ، وقد قرأ على السيّدين علم الهدى المرتضى وأخيه الرضي والشيخ أبو جعفر الطوسي والمشايخ : سالار وابن البراج والكراجكيرحمهم‌الله جميعا(5) ، انتهى.

ولعدم وجود عه عنده دام مجده اكتفى بما نقله الميرزا عنه في أبيه.

1585 ـ عبد الرحمن بن أحمد بن نهيك :

بالنون والياء(6) المنقّطة تحتها نقطتين قبل الكاف ، السمري ، الملقّب‌

__________________

(1) رجال ابن داود : 128 / 947.

(2) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : 55.

(3) تعليقة الوحيد البهبهاني : 191 ، وتقدّم في ترجمة أبيه أحمد بن الحسين بن أحمد النيشابوري.

(4) فهرست منتجب الدين : 7 / 1.

(5) فهرست منتجب الدين : 108 / 219 ، وفيه : السيّدان المرتضى والمجتبى ابنا الداعي الحسني.

(6) في نسخة « ش » : بالنون والهاء والياء.

٩٩

دحان ـ بالدال المهملة المضمومة والحاء المهملة والنون بعد الألف ـ ضعيف ، مرتفع القول ، كان كوفي الأصل ، لم يكن في الحديث بذلك ، يعرف منه ذلك وينكر ،صه (1) .

جش إلاّ الترجمة وقوله : ضعيف مرتفع القول ؛ وزاد : ذكر ذلك أحمد ابن علي السيرافي(2) .

وفيد : السمرقندي الملقّب دحمان ، أثبته(3) بعض أصحابنا : السمري الملقّب بدحان ، بغير ميم(4) .

وكأنّه يريد العلاّمة ، ولعلّ كلامه متوجّه في الثاني دون الأوّل.

وفيتعق : يأتي في أخيه الجليل عبد الله ما يشعر بحسن وجلالة فيه(5) .

أقوله : فيضح أيضا أثبته دحمان بالميم(6) . وفي نسختي منصه بدل السمري : السمرقندي كما فيد ، لكن في النقد : لم أجد السمرقندي في غيرد (7) .

وما وعد دام ظلّه بإتيانه في أخيه هو أنّ عبد الرحمن من أصحابنا ، لأنّ فيه أنّ آل نهيك بيت من أصحابنا بالكوفة ؛ وهذا لا ينافي الضعف ، فتأمّل.

وفيمشكا : ابن أحمد بن نهيك ، عنه حميد(8) .

__________________

(1) الخلاصة : 239 / 4 ، وفيها : العمري ، وفي النسخة الخطيّة منها : السمري.

(2) رجال النجاشي : 236 / 624 ، وفيه بدل دحان : دحمان.

(3) في المصدر : وأثبته.

(4) رجال ابن داود : 256 / 298.

(5) تعليقة الوحيد البهبهاني : 191.

(6) إيضاح الاشتباه : 239 / 474.

(7) نقد الرجال : 184 / 14.

(8) هداية المحدّثين : 95.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

ثورةُ المختار الثقفي

ولعلّها أقوى الثورات وأعنفها وأمضاها نتائج، إذ استطاعت أن تطيح بمعظم الرؤوس التي شاركت فعليّاً في قتل الحسين، ولقد جعل لها شعاراً بهذا المعنى (يا لثارات الحسين) وربطها بمحمّد بن الحنفية ابن علي بن أبي طالب، وهذا ما جعل الثائرين يلتفّون حوله، وقد اطمأنّوا إلى عدل ثورته وتمامها.

ولقد وقع عبد الله بن مطيع عامل ابن الزبير بالكوفة في خطأ قاتل حينما أقدم على محاربة الثائرين مع المختار بنفس الرجال الذين تولّوا قتل الحسين، بعمر بن الحَجّاج، وشمر بن ذي الجوشن، وشبث بن ربعي وغيرهم، ممّا أثار في نفوس الثائرين كوامن الانتقام، وذكّرهم بالجريمة النكراء التي اقترفها هؤلاء في كربلاء، فكان هذا كافياً لإثارة عنفهم الذي تبدّى فيما بعد.

وكما وقع ابن مطيع بمقتل، أنصف المختار بتوليه الحكم في طبقة (الموالي) وهم المسلمون غير العرب الذين كان عليهم واجبات المسلمين ولم تكن لهم حقوقهم، وكان الاُمويّون يضطهدونهم. وقد أثار إنصاف المختار لهم حفيظة الأشراف وسادة القبائل فتكتّلوا ضدّه وأجمعوا على حربه(١) .

وكان تكتّلهم سبباً حفّز المختار للتعجيل في تتبّع قتلة الحسين وآله في كربلاء، فتعقّبهم وأعمل فيهم القتل، ولم يترك منهم مَن أحصى عليه ضربة أو كلمة في كربلاء وما قبلها وما بعدها(٢) .

وكان عنيفاً مع اُولئك الذين شاركوا في مجزرة كربلاء، فلم يترك ضارباً أو متكلّماً أو

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤ / ٥١٧.

(٢) ذكرت عدّة مصادر ومنها الطبري: أنّ المختار قتل في يوم واحد مئتين وثمانين رجلاً.

١٨١

ناهباً إلاّ وأوقع عليه عنفه، فقتل عبيد الله وأحرقه، وقتل شمر بن ذي الجوشن وألقى أشلاءه للكلاب، وطارد المئات والاُلوف من جندهم وأتباعهم، فأغرقهم بالنهر، ولم ينجَ من غضبه عمرو بن الحجّاج وشبث بن ربعي وغيرهم.

وكانت هذه القسوة التي تبدّت في ثأر المختار إحدى حكم معجزات الشهادة التي أدّاها سيّد الشهداء، فكانت العدل الكامل في ثوب الإبادة، وكانت قصاصاً بآثمي العاشر من محرّم استحقّت الثناء والمباركة.

وكان قصاصاً اتّخذ له من اُولئك الآثمين في محرّم وقوداً، وجعل من جوف الكلاب قبراً للكلب الأبقع شمر الذي رآه الحسين في منامه يشدّ عليه أكثر من غيره. فسبحان القادر مسيّر الأحوال، وموحي القصاص، ومدبّر العدل.

ثورةُ مطرف بن المغيرة

ولم تنقضِ سنوات معدودة على ثورة المختار حتّى كان مطرف بن المغيرة بن شعبة يثور على الحَجّاج بن يوسف ويخلع عبد الملك بن مروان والي الحَجّاج على المدائن.

وقد كتب إلى أنصاره يدعوهم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه وإلى جهاد مَن عَنَدَ عن الحقّ، واستأثر بالفيء، وترك حُكم الكتاب؛ وذلك ليظهر الحقّ ويمنع الباطل. ولا بدّ للمتبصّر في دعوة مطرف من ملاحظة استمدادها روح كربلاء.

ثورةُ ابن الأشعث

وتستمرّ روح كربلاء في التفاعل بين المجتمعات، وتمتدّ نارها إلى تحت

١٨٢

العروش، فلا تستكين الجماعات حيث تصلها هذه الروح، ولا تبقى عروش حيث تصلها النار.

فبعد أن قمعت المدينة وانتفاضة الكوفة، تأجّجت في سنة ٨١ للهجرة ثورة بقيادة ابن الأشعث هزّت الحكم الاُموي الذي كان على رأسه الحَجّاج، ودامت حتّى عام ٨٣ بعد أن أحرزت انتصارات ضخمة قبل أن يقضي عليها الحَجّاج بجيوش سوريّة(١) .

ثورةُ زيد بن علي بن الحسين

وقد بدأها في سنة ١٢٢ هـ على هَدي ثورة جدّه، مقتبساً روحها في كربلاء، وقد رفع لها شعاراً(يا أهل الكوفة، اخرجوا من الذلّ إلى العزّ، ومن الدنيا إلى الدِّين) (٢) .

وقد استجابت لدعوة حفيد الشهيد الحسين جماهير عريضة في طول البلاد الإسلاميّة وعرضها، فبويع على الثورة في الكوفة والبصرة وواسط والموصل وخراسان والرَي وجرجان، وكان مقدّراً لهذه الثورة أن تكون أكبر الثورات المتفجّرة من شرارات كربلاء لولا أن تمّ إعلانها قبل موعد استكمال تجهيزها، وفي توقيت مختلف عن التوقيت المتّفق عليه بين زيد وبين أهل الأمصار التي لبّت دعوته.

وقد تعرّضت هذه الثورة لأخطار عدّة؛ بسبب الجيش الاُموي السوريّ الذي كانت قواعده في العراق، إذ ما لبث هذا الجيش أن قضى عليها قبل أن تبدأ فاعليتها.

____________________

(١) حلّل هذه الثورة المؤرّخ ولها وزن في كتابه (الدولة العربيّة) / ١٨٩ - ٢٠٣ وذكرها الطبري في (ثورة ابن الأشعث).

(٢) مقاتل الطالبيّين / ١٣٩ والدولة العربيّة / ٢٧١.

١٨٣

وكان من نتيجة هذه الحركة أن تولّدت منها طائفة تُدعى (الزيديّة) برهنت على استعدادها للاشتراك في كلّ ثورة ضدّ السلطة الغاشمة.

واستمرّت الثورات هنا وهناك آخذة شرارات اشتعالها من شرارات كربلاء المتّقدة أبداً، ولم يعد للحكم الاُموي من شاغل إلا ّالتصدّي لها واستنباط الوسائل للقضاء عليها.

وجاءت ثورة العبّاسيين لتضع الخاتمة النهائيّة لتفجّر الثورات التي استهدفت الحكم الاُموي الذي كان مثالاً لفساد الحكم والعروش. واستطاعت بما رفعته من شعارات وتزوّدت به من مبادئ الكفاح الحسيني أن تنتصر في النهاية وتطيح بحكم بني اُميّة، فإذا بالدولة الاُمويّة العريضة ذات العدد والعدّة تذهب بلا وناء في وقت أقلّ من عمر رجل مثل معاوية.

ورغم أنّ ثورة العبّاسيين لم يكن لها ذلك الدَور الجذري في تبديل واقع الشعب المسلم، فيما عدا تبديلها للحاكمين فوق العروش، فإنّ بنجاحها هذا لم تتوقّف الثورات بعدها، بل استمرّت مشتعلة أبداً، إذ قد توفّر للعروش دوماً أشباه ليزيد، بينما ثمّة حسين واحد كان لعِظَم وخلود مبادئه أن كانت تلد في كلّ يوم ولكلّ جيل ثائرين جدداً يتصدّون للعمل بنورها العلوي، ورفع راية الجهاد الحسيني الذي أضحى سِمة لكلّ جهاد في كلّ زمان ومكان نبت فيهما يزيد جديد.

وهكذا تمّت معجزات الشهادة التي أقدم عليها الحسين (عليه السّلام) وآله وصحبه الأطهار، وبلغت مداها - وإن لم تتوقّف عنده - بالثورات الزمنيّة التي هدّت عروش الظلم وأطاحت بحكم كان من المستحيل الإطاحة به لولا ما قدّمته شهادة الطفّ من معجزات كان لها فعل السحر في النفوس والضمائر والمجتمعات.

١٨٤

وإذا كانت معجزات استشهاد عيسى (عليه السّلام) قد تشابهت مع معجزات شهادة الحسين (عليه السّلام) في فعلها داخل الضمائر والأخلاق والمجتمع، فإنّها لم تتشابه معها في المعجزة الزمنيّة التي تمثّلت في سقوط الحاكمين، إذ انتهت شهادة المسيح عند حدود الضمائر والأخلاق ومناطق العقيدة، بينما تجاوزتها شهادة الحسين إلى إتمامها بمعجزات زمنيّة؛ وذلك لحكمة إلهيّة تدبّر وتسيّر.

فمن عجائب هذه الحكمة أن تجري هذه الحوادث والثورات التي تلت الشهادة كَلِماً على لسان مَن وقعت بجريرة قتله، وذلك قبل وقوعها بعشرات السنين بنفس الشكل الذي صوّره الشهيد وكأنّه يقرؤها في لوح مكشوف أمام عينيه.

فبعد أن أنزل الله تعالى المذلّة على مَن أهانوا وقتلوا شهيده الحسين (عليه السّلام)، فغدوا أذلّ من قوم سبأ، تذكّر المسلمون نبوءة شهيدهم التي قالها ببني اُميّة في الرهيمة: «إنّ بني اُميّة شتموا عرضي فصبرت، وأخذوا مالي فصبرت، وطلبوا دمي فهربت. وايم الله لَيقتلوني فيلبسهم الله ذلاً شاملاً، وسيفاً قاطعاً، ويسلّط عليهم مَن يذلّهم(١) حتّى يكونوا أذلّ من قوم سبأ؛ إذ ملكتهم امرأة فحكمت في أموالهم ودمائهم»(٢) .

تذكّر المسلمون هذه النبوءة واسترجعوا صور الذلّ التي ألبسها الله لبني اُميّة، وكيف أهينوا وشرّدوا وولّوا هاربين متعقّبين وقُتلوا بأعداد هائلة ومُثّل بهم، وأُنزلت بهم فظاعات من التنكيل لم تكن لتخطر ببال بني اُميّة ولا ببني هاشم يوم صُرع الحسين(٣) .

____________________

(١) أمالي الصدوق / ٩٣، المجلس الثلاثون.

(٢) روي الحديث بتمامه في مقتل الخوارزمي ١ / ٢٢٦ ومثير الأحزان - لابن نما.

(٣)( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ) (سورة النساء / ٩٣).

١٨٥

وفي المواقف المتشابهة تبرز الكلمات التي قيلت، سيّما إذا كانت تحمل استشفافاً بعيداً للمستقبل، فقد تذكّر المسلمون قولة شهيدهم أمام ولده وأخواته وأهل بيته يوم نزل بكربلاء قال وهو يبكي: «اللّهمّ إنّا عترة نبيّك محمّد قد اُخرجنا وطُردنا وأُزعجنا عن حرم جدّنا، وتعدّت بنو اُميّة علينا، اللّهمّ فخذ لنا بحقّنا وانصرنا على القوم الظالمين»(١) .

وأخذ الله تعالى بحقّ المكروب والمبتلى بكربلاء، وكانت أيّما أخذة بالحقّ، تطايرت بها رؤوس بني اُميّة التي تعدّت على عترة النبي وأخرجتها وأزعجتها، فلم يرَ مظلوم أخذ حقّه بمثل ما أخذ حقّ المظلوم الحسين من القوم الذين ظلموه(٢) .

وقد روى الحاكم في مستدركه قولاً للخطيب عن ابن عباس فقال: أوحى الله تعالى إلى محمّد: إنّي قتلت بيحيى بن زكريّا سبعين ألفاً، وأنا قاتل بابن بنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً.

وكأنّ سبحانه وتعالى لمّا رأى عِظَم عذاب الحسين أعطاه سلطة وضع نهايات ظالميه بالشكل الذي يتصوّره ويصرّح به، وهذا ما يفسّره وقوع كلّ ما تنبّأ به وحذّر منه اُولئك الذين لطّخوا أيديهم بدمه ودماء أهل بيته.

وما قاله للذين يحيطون به من جند الأعداء في صحراء كربلاء قبل بدء المعركة، ليدخل في عِداد المعجزات التي ما اُوتيت إلاّ لعيسى (عليه السّلام)، فكأنّ الزمن

____________________

(١) (لاَ يَنْهَاكُمْ اللهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ)(سورة الممتحنة / ٨ - ٩).

(٢) (... وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً...) راجع نصّ الآية (سورة الإسراء / ٣٣).

١٨٦

تصرّم واختزل، وكأنّ عشرات السنين ليست بذي بال حيال ما قاله الشهيد للذين وقفوا يسمعونه، فكان من أمرهم بعد ذلك لا يختلف مقدار شعرة عمّا رسمه لهم من مصائر ونهايات.

قال لأعدائه: «أمَا والله لا تلبثون بعدها إلاّ كريثما يركب الفرس، حتّى تدور بكم دور الرحى، وتقلق بكم قلق المحور؛ عهدٌ عَهده إليَّ أبي عن جدّي رسول الله. فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّة، ثمّ اقضوا إليَّ ولا تنظرون، إنّي توكّلت على الله ربّي وربّكم، ما من دابّة إلاّ هو آخذ بناصيتها إنّ ربّي على صراط مستقيم(١) . والله لا يدع أحداً منهم إلاّ انتقم لي منه؛ قتلة بقتلة وضربة بضربة، وإنّه لينتصر لي ولأهل بيتي وأشياعي»(٢) .

فماذا يمكن أن نسمّي هذا القول؟ نبوءة، رؤيا، سلطة علويّة خاصّة بالشهداء الأبرار، نفحة من السرّ الإلهيّ للمختارين؟ وإلاّ فكيف دالت الاُمور بعد سنوات معدودة من قول هذه الكلمات إلى نفس الشكل الذي حدّدته، وبنفس الكيفيّة التي جاهرت بها، فكانت القتلة بقتلة والضربة بضربة؟

ولنسمع الشهيد يكمل استقراء مستقبل الأيّام فيقول (عليه السّلام): «اللّهمّ احبس عنهم قطر السماء، وابعث عليهم سنين كسنيّ يوسف، وسلّط

____________________

(١) مقتل الحسين - المقرّم / ٢٨٧ عن تاريخ ابن عساكر ٤ / ٣٣٤ واللهوف / ٥٤.

(٢) مقتل العوالم / ٨٤.

١٨٧

عليهم غلام ثقيف(١) يسقيهم كأساً مصبّرة».

فكانت السنوات التي وقعت بين تاريخ مقتله وتاريخ سقوط آخر أمير اُموي ألعن من سني يوسف؛ تسلّط خلالها عليهم مَن هم أقسى من غلام ثقيف، فأذاقهم (زقاً) مصبرة، ولم يكتف بكأس واحدة، فتبدّد شملهم واندثر ذكرهم.

وكانت صرخته التي راحت شعاراً للثورة والمظلومين: «أمَا من مغيثٍ يغيثنا! أمَا من مجيرٍ يجيرنا! أمَا من طالب حقّ ينصرنا! أمَا من خائفٍ من النار فيذبّ عنّا!». قد أضحت أمراً لكثيرين كي يهبّوا لإغاثة مبادئه، فازداد المجيرون، وكثر طلاّب الحقّ المناصرين لحقّه، وصار عدد الخائفين من النار أكثر من عدد رمل البحر؛ يذبّون عن العقيدة التي تكلّم باسمها وعنى بها قوله (يذبّ عنّا)، فانقلبت الموازين، وغدا شعار إغاثة الحسين وإجارته ونصرته والذبّ عنه ناموساً وشريعة لدى كلّ المؤمنين؛ سواء أكانوا مسلمين، أو تحت أيّ دين أو عقيدة انضووا، وفي كلّ عصر ومصر، وغدا الحسين رمزاً وشعاراً واستلهاماً واُسلوباً.

ولئن تحدّثنا عن نبوءات الحسين التي تحقّقت بعد ردح من الزمن، فإنّنا لن نغفل ما ألهمته هذه النبوءات للعقيلة زينب (عليها السّلام)، من استقراء للمستقبل القريب وهي التي كانت قريبة على الدوام من أخيها تسمع كلّ ما يلفظه فوه من كلام، وكانت تحفظ في قلبها استلهام أخيها الشهيد، فيوحي لها هذا الاستلهام بكلّ ما تلفّظت به كاستقراء للمستقبل.

فها هي في واحدة من هذه الاستقراءات، حينما وقفت أمام يزيد وقالت له:

____________________

(١) هو المختار بن أبي عبيدة الثقفي.

١٨٨

اللّهمّ خذ لنا بحقّنا، وانتقم ممَّن ظلمنا، واحلل غضبك بمَن سفك دماءنا، وقتل حماتنا.

وإذا كان في قولتها هذه دعاء عامّ لكلّ مَن ظلمهم وقتل حماتهم، فإنّها هنا في هذه القولة تحدّد أكثر فتقول موجّهة كلامها ليزيد: فوالله ما فريت إلاّ جلدك ولا حززت إلاّ لحمك، ولتَرِدَنّ على رسول الله وآله بما تحمّلت من سفك دماء ذريّته وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته، حيث يجتمع شملهم، ويلمّ شعثهم، ويأخذ بحقّهم.

وهكذا أيضاً لم تشذّ الاُمور في ما تلا من أيّام عن هذا الاستلهام قيد أنملة، فكان يزيد ممَّن حزّ لحمه وفري جلده بيده، ودلّت ميتته وما تلاها على بعض ما ينتظره في الآخرة عندما يُحشر يوم القيامة ويُسأل عمّا تحمّله من سفك دماء عترة النبي (صلّى الله عليه وآله).

ولعلّ الإلهام المستقرّئ للمستقبل كان في عبارة العقيلة ليزيد واضحاً محدّد المعالم بشكل غريب إذ قالت له: فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك إلاّ فند، وأيّامك إلاّ عدد، وجمعك إلاّ بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين.

وقالت وهي مسبيّة: المستقبل لذكرنا، والعظمة لرجالنا، والحياة لآثارنا، والعلوّ لأعتابنا، والولاء لنا وحدنا.

وقالت لابن أخيها السجّاد قبل أن يترك ركب السبي أرض كربلاء: فوالله إنّ هذا لعهد من الله إلى جدّك وأبيك، إنّ قبر أبيك سيكون علماً لا يُدرس أثره، ولا يُمحى رسمه على كرور الأيّام والليالي، وليجتهد أئمّة الكفر وأشياع الضلال في محوه

١٨٩

وتطميسه، فلا يزداد أثره إلاّ علوّاً(١) .

وقد برهنت الأيّام وتكرار القرون على صدق هذا الاستقراء، فلم يرحض عار الجريمة عن يزيد حتّى فتكت به وراح بجريرتها، فكانت أيّامه عدداً وجمعه بدداً.

وكان المستقبل لذكر آل البيت (عليهم السّلام) مرهوناً، والعظمة لرجاله موقوفة، والحياة لآثارهم ناصعة، والعلوّ لأعتابهم يزداد، والولاء لهم وحدهم يتعمّق.

واحتلّ قبر الحسين الشهيد كعلم لا يُدرس أثره في الضمائر قبل الأرض، ولم يزده كرور الليالي والأيّام إلاّ رسوخ رسمه، وما زادته اجتهادات أئمّة الكفر وأشياع الضَلال إلاّ بروزاً وتثبيتاً، فازداد أثره علوّاً.

ولنَجِل عيوننا الآن إذا كنّا في شكّ من تمام هذه المعجزات التي اجترحتها شهادة سيّد الشهداء، لنَجِلها في كلّ البقاع والأصقاع باحثين عن أيّ أثر ليزيد أو معاوية أو شمر أو ابن زياد، فلا يمكن أن نعثر على أيّ أثر لهؤلاء، فقد اندرست آثارهم، وانمحى ذكرهم، وإذا ذكروا فلأجل لعنهم والدعاء لهم بنارٍ حامية لا تنطفئ.

ولنَجِل أبصارنا بالمقابل إلى أيّ مكان فوق هذا الكوكب، فيطالعنا خلود الحسين ونسمع اللهج بذكراه. ففوق كلّ مكان الحسين منارة هَدي، وفوق كلّ يمّ الحسين طوق نجاة، وفي كلّ مظلمة الحسين قبس من نور وحكمة، وأمام كلّ طاغية الحسين ثورة لا تبقي ولا تذر.

هو (عليه السّلام) ملء الأبصار والأسماع، أمل للحائرين والمظلومين، وبلسم

____________________

(١) كامل الزيارات / ٢٦١.

١٩٠

للمجروحين المحزونين، وشفاء لكلّ علّة اجتماعيّة وأخلاقيّة.

ولنرى الآن أين اُولئك الظالمون؟ وأين قبورهم؟ وكيف يُذكرون؟(١) لنقتنع بعظمة أقوال السبط العظيم، وبخلود مبادئه خلود الإنسان الذي كانت لأجله.

ويكفي يزيد مهانة أن يعلن ابنه معاوية الثاني أمام حشدٍ كبير براءته ممّا جنت أيدي أبيه وجدّه، ورفضه الجلوس على عرش ملوّث بدماء الحسين. ويكفي الحسين خلوداً وتكريماً أن يعلن ابن قاتله عن حمل شعلة ثورته والعمل بوحي من مبادئه.

ولنرى الآن كيف يكرّم المؤمنون على اختلاف أديانهم الحسين (عليه السّلام)، وكيف يستلهمون ثورته في قيامهم وقعودهم(٢) ، في صغائر اُمورهم الدنيويّة وكبائرها؟

فلنمجّد لله الذي كان رفوقاً بعباده إذ أعدّ لهم طوق خلاصهم، ورفع أمام بصائرهم الكليلة منارة الفضيلة والحقّ بشخص الحسين الشهيد. وإنّها لعبرة ودرس علوي لبني البشر؛ كي لا يعموا بصائرهم ويصمّوا آذانهم عن دعوات الحقّ التي يرسل لها تعالى أربابها لحكمة فوق مستوى إدراكهم.

قالت عزّته: وكما عَلَت السماوات عن الأرض كذلك طُرقي عَلَت على طُرقكم، وأفكاري على أفكاركم(٣) .

ونهضة الحسين (عليه السّلام) هي السفينة التي عناها الرسول الكريم، فمَن يركبها ينجو، ومَن يتخلّف عن ركوبها يغرق.

____________________

(١) قيل: إنّ يزيد مات أثناء تلهّيه بالصيد في (حوّارين) من بلاد الشام. ولم يعثر من جثّته إلاّ على فخذه، فنقلت إلى دمشق ودفنت قرب الباب الصغير اليوم في غرفة مهجورة ليس لها سقف، يرميها المارّون بالحجارة ويبصقون على العظام التي تضمّها، تبرّؤوا من يزيد ومن أفعاله المنكرة.

(٢) ذكرى عاشوراء تجديد لهذا الاستلهام، وإعادة لذكرى الفداء العظيم الذي أنقذ دين الإسلام من الفناء.

(٣) أشعيا ٥٥ / ٩ - ١٠.

١٩١

فما أجدر بالبشريّة وهي تجتاز في هذا العصر المظلم أخلاقيّاً واجتماعيّاً وسلطويّاً درب آلامها لأن تتوجّه نحو منارة الحسين كي لا تضلّ، وتتمسّك بأطواق مبادئه كي لا تغرق، وتسترشد بصرخته كي تبعد عنها وحوش الضلالة وثعابين الظلم والإذلال.

وما أحرانا الآن أكثر من أيّ وقت مضى لأن نستدفئ بحرارة قتل الحسين المنبعثة من قلوبنا حارّة لا تبرد أبداً. وهي حارة تستوطن قلوبنا، ولا داعي للبحث عنها بعيداً عن صدورنا، فهي جزء من حرارة قلوبنا، إذا كنّا مؤمنين.

ولنا في قولة الرسول الكريم (صلّى الله عليه وآله): «إنّ لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً» دافعاً لإدراك حقيقة جوهريّة لطالما تغافلنا عنها، وهي أنّ حرارة قتل الحسين قد احتلّت قلوبنا وامتزجت في دمائنا وصارت خليّة من خلايانا، ولو لم تكن حرارته كذلك لَما أعطاها الرسول الكريم صفة الحتميّة التي لا تتحمّل تأويلاً.

فصلوات الله عليه لم يقُل: ستظلّ حرارة قتل الحسين حارّة فيعطيها صفة المرحليّة، ولم يقُل: اجعلوها حارّة في قلوبكم فيعطيها صفة البدء، ويعطينا خاصيّة الاختيار والتقرير بين جعلها حارّة أو تركها باردة، ولم يقُل: يجب أن يكون لقتل الحسين حرارة فيربطها بإرادة الإنسان، فتخضع لمبدأ الوجوب أو عدمه، بل كان في قولته (صلّى الله عليه وآله) تضمين حتمي بأنّ لقتل الحسين حرارة لا تبرد أبداً، وهو تضمين لا يحمل صفة التعمية أو اللبس، بل هو تأكيد مجزوم بأنّ قلب المؤمن هو مقرّ ومستقرّ حرارة استشهاد الحسين؛ لأنّ سدى هذا الاستشهاد من لحمة إيمان قلب المؤمن، فهو إذاً لا يحيا إلاّ بهذه الحرارة، وهذه الحرارة لا تتأجّج حيث لا تبرد

١٩٢

أبداً إلاّ في هذا القلب(١) .

قولة نبويّة فيها من إعجاز الحكمة الشيء الكثير لو عملنا بمقتضاها لتبدّلت حياتنا، وما أظنّ إلاّ أنّا عاملون بهذا المقتضى ملتفتون إلى ما فيه من جوهر، فحتمية اندفاعتنا العصريّة وما يحيق بها من مظالم وقهر ستؤول بنا في النهاية إلى حظيرة الحسين، حيث نجد فيها العدل والرحمة والطمأنينة، وننفض عن ذاتيّتنا كلّ وهنٍ وخوفٍ وشكٍّ.

فمَن أحقّ من المؤمن في الاستفادة من نتائج شهادة الحسين، ومَن أحقّ منه في الدفء المنبعث من هذه الشهادة، حيث يذوب أمامه صقيع أوهامه؟ فهلاّ كنّا من المؤمنين الذين كرّمهم تعالى بأن جعل لقتل الحسين في قلوبهم حرارة لا تبرد أبداً؟ وهل نحن أهلٌ لهذه التكرمة؟ وجديرون حقّاً بهذه الحرارة؟

قبل الإجابة لنسأل أوّلاً: هل وعَينا هذه الحرارة؟ وهل تأكّدنا من وجودها في قلوبنا(٢) ؟

____________________

(١) حرارة المشاعر في القلوب هي المُلهم للفكر والمحرّك لإرادة الفعل. وفي استيلاء حرارة الحبّ في القلب المُحبّ دافعاً له لإظهار مودّته وعطفه نحو محبوبه بقدر كبير من الجزل والحبور. وحرارة قتل الحسين (عليه السّلام) المستوطنة في قلوبنا تؤجّج في أفكارنا إلهامات إنسانيّة خيّرة. وفي قلوبنا التماعات قدمية عذبة، فننحو نحوها بجوارحنا لنذوب في نداء مجهولها، فتخضوضر مناطق اليبوسة في حنايانا. وفي هذا سرّ الحرارة والتأجّج.

(٢) التأكّد يكون بعدّة مظاهر أوّلها القدرة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصرة المظلوم.

١٩٣

١٩٤

الأسبابُ البعيدة للثورة

بواعث الثورة لدى الحسين لم تبدأ في عصره وعصر خصمه يزيد، بل كان لها جذور تاريخيّة بدأت منذ عهد قروم عبد مناف، ثمّ إلى قريش. فالهاشميّون والاُمويّون من اُرومة واحدة، إلاّ أنّهم يختلفون عن بعضهم بالأخلاق والمُثُل؛ إذ كان بنو هاشم أخلاقيّين أريحيّين، بينما بنو اُميّة نفعيّون دهاة سيّما مَن كان منهم في أصل عبد شمس من الآباء.

ولعلّ خير وصف للأُسْرَتَين ذلك الذي قاله نفيل بن عدي لمّا تنافر له عبد المطّلب وحرب بن اُميّة، فقال لحرب:

أبوك مُعاهرٌ وأبوه عفٌّ

وذادَ الفيلَ عن بلدٍ حرامِ

وكان نفيل يشير إلى فيل أبرهة الذي أغار به على مكّة، ويعني عن اُميّة بـ(معاهر) لِما عُرف عنه من تعرّضه للنساء، وما أشيع من أنّه ضُرب مرّة بالسيف لتعرّضه لامرأة من بني زهرة.

١٩٥

ولعلّ اختلاف الأمزجة والأخلاق هو الذي حدّد مسار أجيال أبناء هاشم وأبناء عبد شمس، فقد عُرف عن بني هاشم تعلّقهم وعملهم في القيادة الدينيّة، وعُرف عن عبد شمس عملهم في التجارة والسياسة.

وإذا اختلفت الأمزجة والطبائع بين البشر فلا بدّ من اختلاف النظرة إلى الاُمور، وإلى كيفيّة أخذها تبعاً لذلك؛ لذا كان من المحتّم أن تقوم المواجهة السافرة حيناً، والمبطّنة حيناً آخر بين فروع العائلتَين المنحدرتَين من عبد مناف.

وطبيعي إذا ما تفجّرت مثل هذه المواجهة وتفاقم بين الأُسْرَتَين الخلاف أن يعرف المطّلع - وقد خَبُر فارق الطبائع والأمزجة - مَن سيكون المعتدي، ومَن سيكون المعتدى عليه، ومَن يأخذ جانب الباطل، ومَن يأخذ جانب الحقّ.

ولو عرضنا هذا الأمر على مطلق إنسان لأجاب: بأنّ النفعي هو ممثّل الباطل، والأريحي هو ممثّل الحقّ. وعلى نفس المقياس يجيب أيضاً: بأنّ التاجر والسياسي هو مشعل فتيل الخلاف، على القائد الديني وداعية الأخلاق.

وإذا كان من غير المناسب أن نخوض في الأسباب التاريخيّة لخلاف بني هاشم وبني اُميّة في متن كتابنا التحليلي هذا، تاركين هذه المهمّة لكتب التاريخ الصرفة التي تهتمّ بسرد الحوادث دونما تحليلها وإبداء الرأي حولها، فإنّ ذلك لن يمنعنا من تقديم نبذة بسيطة عن هذا الخلاف مذ تفجّر حتّى وصلت نتائجه إلى عهد الحسين ويزيد، وما كان من الحوادث التي تلت.

وما دمنا لا نبغي التركيز على تلك الفترات التاريخيّة إلاّ فيما ينفعنا لمادّة هذا الكتاب الذي نتوجّه به للفكر المسيحي العربي والغربي أوّلاً، وللفكر الإسلامي ثانياً، فإنّ في تعريجنا السريع على تلك الفترة من شأنه إكمال الصورة المجزّأة لملحمة كربلاء، وما سبقها من أسباب وبواعث وأحداث، ما دمنا قد أكملنا الأجزاء التي تلتها، فصار

١٩٦

لزاماً علينا وضع الأجزاء التي سبقتها لإكمال صورتها النهائيّة.

صراعُ موروث

جذور الخلاف الاُولى تمتدّ إلى صراع موروث وتخاصم حاد منذ عهد الجاهليّة الاُولى بشرارة بدأت بين هاشم واُميّة، وامتدّت بين محمّد (صلّى الله عليه وآله) وأبي سفيان، واستمرّت إلى عهد علي ومعاوية، وانتهت بعهد الحسين ويزيد.

وقد جاءت وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) لتكشف عن استمراريّة تمكّن روح القبليّة بين المسلمين، إذ لم تمضِ ساعات على وفاة الرسول الأعظم حتّى بدأت المداولات هنا وهناك بمعزل عن جموع اُمّة الإسلام العريضة، وكلّها تبحث في مسألة الخلافة بعد النبي (صلّى الله عليه وآله).

فرأى الأنصار بأنّ الخلافة من حقّهم، ونازعهم فريق قريشي هذا المنطق. وكان عامل الذهول الذي أصاب المسلمين بوفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) قد جعلهم يتناسون عهد النبي إلى علي بن أبي طالب (عليه السّلام). وكانت هذه الروح القبليّة التي تأجّجت يوم السقيفة هي البذرة الاُولى للفتنة التي نشبت بين المسلمين.

وحينما تولّى عمر الخلافة فرض العطاء على مبدأ التفضيل، ففضّل السابقين على غيرهم، وفضّل المهاجرين على الأنصار، والعرب على العجم، والصريح على المولى، ومضر على ربيعة، والأوس على الخزرج(١) .

____________________

(١) شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد ٨ / ١١١، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ١٠٦، وفتوح البلدان / ٤٣٧.

١٩٧

ولكن عمر ما كاد يدرك أخطار مبدئه هذا، السياسيّة منها والاجتماعيّة والدينيّة، ويرغب في تغييره، حتّى اغتيل(١) ، وخلفه عثمان وسار على نفس نهجه السابق.

وما عتمت الأحداث أن تطوّرت، وانقسمت الاُمّة الإسلاميّة إلى صفَّين؛ فكانت قريش - عدا بني هاشم - مع عثمان، والأنصار مع علي. ولعلّ أصدق موقفَين يصوّران حالة الجدل التي تفشّت وقتذاك هذان الموقفان: فقد قال عبد الله بن سعد بن أبي سرح الاُموي: أيّها الملأ إذا أردتم ألاّ تختلف قريش فيما بينها فبايعوا عثمان(٢) .

وقال عمّار بن ياسر: إن أردتم ألاّ يختلف المسلمون فيما بينهم فبايعوا عليّاً(٣) . ولمّا كان علي (عليه السّلام) مرشّح الأكثريّة المسلمة، وعثمان مرشّح الأرستقراطيّة القرشيّة، فقد فاز عثمان بالبيعة دون علي.

ومنذ ذلك اليوم دخل الاُمويّون في الحكم، وكان من نتيجة فوز عثمان أن صار أي مرشّح يرجو الخلافة لنفسه بعد أن رشّحه لها عمر. وقد وصف هذه النتيجة علي (عليه السّلام) بقوله: «لأسلمن ما سلمت اُمور المسلمين، ولم يكن فيها جَور إلاّ عليَّ خاصّة»(٤) .

وقد تفاعلت هذه الأحداث مع سياسة عثمان الفاسدة في المال والإدارة والحكم

____________________

(١) في تاريخ اليعقوبي، وشرح نهج البلاغة قال عمر: إن عشتُ هذه السنة ساويتُ بين الناس، فَلَم أفضّل أحمر على أسود ولا عربياً على عجمي، وصنعتُ كما صنع رسول الله وأبو بكر.

(٢) و (٣) شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد ٩ / ٥٩، وتاريخ الطبري ٤ / ٢٣٢ - ٢٣٣.

(٤) نهج البلاغة ١ / ١٥١.

١٩٨

فبدأ الانحراف الصريح في العقيدة ومبادئ الإسلام من يومها.

وقد ازداد الفساد في عهده فضرب كلّ الولايات الإسلاميّة، ممّا ألّب جموع المسلمين عليه فتنادوا إلى الثورة ضدّه بعد أن ضيق بأعمالهم، وبعثهم إلى أرض العدو كجنود - وجمّرهم - أي جمّدهم هناك، وحرم أعطياتهم ليطيعوه، ولكن هذه الأحداث انتهت بمقتل عثمان(١) .

ولايةُ علي (عليه السّلام)

بعد مقتل عثمان جاءت الجموع تطالب علياً بتولّي الحكم، لكنّه أبى عليهم ذلك؛ لأنّ للحكم تبعات سيّئة بعد ولاية عثمان، لذا قال لهم: «دَعُونِي وَالْتَمِسُوا غَيْرِي؛ فَإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَأَلْوَانٌ، لا تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ وَلا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْعُقُولُ، وَإِنَّ الآفَاقَ قَدْ أَغَامَتْ وَالْمَحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ. وَاعْلَمُوا أَنِّي إِنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ، وَلَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ وَعَتْبِ الْعَاتِبِ، وَإِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ، وَلَعَلِّي أَسْمَعُكُمْ وَأَطْوَعُكُمْ لِمَنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ، وَأَنَا لَكُمْ وَزِيراً خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً»(٢) .

ولكنّ المسلمين أبوا عليه هذا الرفض، فاستجاب لهم وبويع بالحكم، وقد بدأ (عليه السّلام) بإصلاح الإدارة التي أفسدها عثمان، ونجح في ذلك. وقد قال بهذا الصدد:

____________________

(١) مروج الذهب - المسعودي

(٢) نهج البلاغة ١ / ٢١٧.

١٩٩

«وَلَكِنَّنِي آسَى أَنْ يَلِيَ أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ سُفَهَاؤُهَا وَفُجَّارُهَا؛ فَيَتَّخِذُوا مَالَ اللَّهِ دُوَلاً، وَعِبَادَهُ خَوَلاً، وَالصَّالِحِينَ حَرْباً، وَالْفَاسِقِينَ حِزْباً».

وقضى الإمام على الفروق الجاهليّة، وكان مبدؤه بهذا الصدد: «الذليل عندي عزيز حتّى آخذ الحقّ له، والقويّ عندي ضعيف حتّى آخذ الحقّ منه»(١) .

ولم يمضِ بعض الوقت حتّى وضع الإمام علي الاُمور بنصابها وأحقّ الحقّ وقضى على التفاوت الطبقي، ممّا أثار حفيظة قريش فأرسلوا له الوليد بن عقبة بن أبي معيط يفاوضه؛ كي يضع عنهم ما أصابوه من مال أيّام عثمان على أن يبايعوه، ولكنّ الإمام رفض، فبدأت الدسائس والمؤامرات، وكان أوّلها حركة تمرّد في البصرة تحت شعار (الثأر لعثمان)، فقمعها الإمام، وفرّ مَن بقي من أنصارها إلى الشام، حيث قامت حكومة برئاسة معاوية بن أبي سفيان انضوى تحت لوائها كلّ الموتورين الذين ساءهم إصلاح حال الاُمّة الإسلاميّة على يد علي (عليه السّلام).

ولم تدُم الأيّام طويلاً فولدت حركة تمرّد اُخرى تحت شعار (الثأر لعثمان)، وكانت بزعامة معاوية فكانت معركة صفّين وكانت خدعة التحكيم، ثمّ النهروان، ثمّ مقتل علي (عليه السّلام)، ومبايعة ابنه الحسن، واضطراره للتخلّي عن الحكم تحت ضغط الأحداث وتوالي المؤامرات والدسائس.

انتقامُ معاوية من شيعة علي

وصارت الاُمور إلى معاوية وسيطر على الاُمّة الإسلاميّة كلّها، يسوسها

____________________

(١) نهج البلاغة ١ / ٢١٨.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258