الحسين (عليه السلام) في الفكر المسيحي

الحسين (عليه السلام) في الفكر المسيحي23%

الحسين (عليه السلام) في الفكر المسيحي مؤلف:
الناشر: انتشارات الهاشمي
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 258

الحسين (عليه السلام) في الفكر المسيحي
  • البداية
  • السابق
  • 258 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 55508 / تحميل: 10177
الحجم الحجم الحجم
الحسين (عليه السلام) في الفكر المسيحي

الحسين (عليه السلام) في الفكر المسيحي

مؤلف:
الناشر: انتشارات الهاشمي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

[ ٥٨ ٤٥ ] ٩ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( الخصال) بإسناده عن علي( عليه‌السلام ) - في حديث الأربعمائة - قال: تشمير الثياب طهور لها، قال الله تعالى:( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) (١) أي فشمّر.

[ ٥٨ ٤٦ ] ١٠ - الفضل بن الحسن الطبرسي في( مجمع البيان) عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في قوله تعالى( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) (٢) قال: معناه ثيابك فقصّر.

[ ٥٨ ٤٧ ] ١١ - وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : غسل الثياب يذهب الهمّ والحزن، وهو طهور للصلاة وتشمير الثياب طهور لها، وقد قال الله تعالى:( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) (٣) أي فشمّر.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٤) .

٢٣ - باب كراهة اسبال الثوب وتجاوزه الكعبين للرجل وعدم كراهته للمرأة، وتحريم الاختيال والتبختر

[ ٥٨ ٤٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) أنّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أوصى رجلاً من بني تميم فقال له: إيّاك وإسبال الإِزار والقميص، فإنّ ذلك من المخيلة، والله يحب المخيلة.

____________________

٩ - الخصال: ٦٢٢.

(١) المدثر ٧٤: ٤.

١٠ - مجمع البيان ٥: ٣٨٥.

(٢) المدّثر ٧٤: ٤.

١١ - مجمع البيان ٥: ٣٨٥.

(٣) المدّثر ٧٤: ٤.

(٤) يأتي في الحديث ٥ من الباب ٢٣ من هذه الأبواب.

الباب ٢٣

فيه ١٣ حديثاً

١ - الكافي ٦: ٤٥٦ / ٥، أورده عن المحاسن في الحديث ١٣ من الباب ٥٩ من أبواب جهاد النفس.

٤١

ورواه البرقي في( المحاسن) عن محمّد بن علي، عن الحسن بن محبوب، مثله (١) .

[ ٥٨ ٤٩ ] ٢ - وعن أبي علي الأشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن أبان، عن أبي حمزة رفعه قال: نظر أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) إلى فتى مرخى(٢) إزاره فقال: يا فتى(٣) ارفع إزارك فانّه أبقى لثوبك وأنقى لقلبك.

[ ٥٨ ٥٠ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن محمّد بن مسلم قال: نظر أبو عبد الله( عليه‌السلام ) إلى رجل قد لبس قميصاً يصيب الأرض فقال: ما هذا ثوب طاهر.

[ ٥٨ ٥١ ] ٤ - وعنهم، عن أحمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في الرجل يجرّ ثوبه، قال: إنّي لأكره أن يتشبّه بالنساء.

[ ٥٨ ٥٢ ] ٥ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب(٤) ، عن عبد الله بن هلال قال: أمرني أبو عبد الله( عليه‌السلام ) أن أشتري له إزاراً فقلت: إنّي لست أُصيب إلّا واسعاً، فقال: اقطع منه وكفّه، ثمّ

____________________

(١) المحاسن: ١٢٤ / ١٤٠.

٢ - الكافي ٦: ٤٥٧ / ٦.

(٢) أرخى ازاره: أسبله( لسان العرب ١٤: ٣١٥ ).

(٣) في المصدر: يا بنيّ.

٣ - الكافي ٦: ٤٥٨ / ١١.

٤ - الكافي ٦: ٤٥٨ / ١٢.

٥ - الكافي ٦: ٤٥٦ / ٣.

(٤) في المصدر زيادة: عن عبد الله بن يعقوب.

٤٢

قال: إنّ أبي قال: ما جاوز الكعبين ففي النار.

وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، مثله(١) .

[ ٥٨ ٥٣ ] ٦ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في حديث المناهي - قال: ونهى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أن يختال الرجل في مشيه، وقال: من لبس ثوباً فاختال فيه خسف الله به من شفير جهنّم، وكان قرين قارون لأنه أوّل من اختال فخسف الله به وبداره الأرض، ومن اختال فقد نازع الله في جبروته.

[ ٥٨ ٥٤ ] ٧ - وفي( معاني الأخبار ): عن محمّد بن إبراهيم الطالقاني، عن عبد العزيز بن يحيى الجوادي، عن محمّد بن زكريا، عن جعفر بن محمّد بن عمارة، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) - في حديث - قال: إنّ المجنون حقّ المجنون المتبختر في مشيته، الناظر في عطفيه، المحرّك جنبيه بمنكبيه، فذاك المجنون وهذا المبتلى.

[ ٥٨ ٥٥ ] ٨ - وفي( الخصال) عن أبيه، عن سعد، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن الحسن الفارسي، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن محمّد بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه ( عليهم‌السلام ) ، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) - في حديث - قال: ألا أُخبركم بالمجنون حقّ المجنون ؟ قالوا بلى يا

____________________

(١) الكافي ٦: ٣٥٦ / ذيل حديث ٣.

٦ - الفقيه ٤: ٧ في حديث المناهي.

٧ - معاني الأخبار: ٢٣٧.

٨ - الخصال: ٣٣٢ / ٣١.

٤٣

رسول الله، قال: إنّ المجنون حقّ المجنون المتبختر في مشيه، الناظر في عطفيه، المحرّك جنبيه بمنكبيه، يتمنّى على الله جنّته وهو يعصيه، الذي لا يؤمن شرّه، ولا يرجى خيره، فذلك المجنون.

[ ٥٨ ٥٦ ] ٩ - وعن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن معروف، عن أبي جميلة، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ، عن علي( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: ستّة في هذه الأُمة من أخلاق قوم لوط ‎ : الجلاهق(١) وهو البندق(٢) ، والخذف، ومضغ العلك، وإرخاء الإِزار خيلاءاً، وحلّ الأزرار من القباء، والقميص.

[ ٥٨ ٥٧ ] ١٠ - وفي( عقاب الأعمال) بإسناد تقدّم في عيادة المريض عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أنّه قال في آخر خطبة خطبها: ومن لبس ثوباً فاختال فيه خسف الله به(٣) من شفير جهنم يتخلخل(٤) فيها ما دامت السماوات والأرض، وإنّ قارون لبس حلّة فاختال فيها فخسف به فهو يتخلخل(٥) إلى يوم القيامة.

[ ٥٨ ٥٨ ] ١١ - محمّد بن إ ‎ دريس في آخر( السرائر) نقلاً من كتاب المشيخة للحسن بن محبوب، عن علي بن الحسن، عن يونس بن رباط، عن أبي

____________________

٩ - الخصال: ٣٣٠ / ٢٩، قطعة منه تأتي في الحديث ٦ من الباب ٢٨ من أبواب أحكام العشرة، وقطعة منه تأتي في الحديث ١١ من الباب ١١، وفي الحديث ٦ من الباب ١٤ من أبواب الجماعة.

(١) الجلاهق: بضم الجيم: البندق المعمول من الطين، الواحدة جلاهقة( مجمع البحرين ٥: ١٤٣ ).

(٢) البندقة: وهي طينة مدورة مجففة جمعها بنادق( مجمع البحرين ٥: ١٤١ ).

١٠ - ثواب الأعمال: ٣٣٣.

(٣) في المصدر زيادة: قبره ‎

(٤ و ٥) وفيه: يتجلجل.

١١ - مستطرفات السرائر: ٨٥ / ٣٠، ويأتي بتمامه عن الكافي والتهذيب الحديث ٨ من الباب ٨٦ من أبواب أحكام الأولاد.

٤٤

عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : لا يجد ريح الجنّة عاق، ولا قاطع رحم، ولا مرخى الإِزار خيلاءاً.

[ ٥٨ ٥٩ ] ١٢ - ومن رواية أبي القاسم ابن قولويه، عن الأصبغ قال: سمعت علياً( عليه‌السلام ) يقول: ستّة من أخلاق قوم لوط: الجلاهق وهو البندق، والخذف، ومضغ العلك، والصفير، وإرخاء الازار خيلاء، وحلّ الأزرار.

[ ٥٨ ٦٠ ] ١٣ - الحسن بن الفضل الطبرسي في( مكارم الأخلاق) عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: والإسبال في الأزار والقميص والعمامة [ وقال ](١) من جرّ شيئاً(٢) خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه في أحاديث التجبّر(٤) ، إن شاء الله.

٢٤ - باب كراهة حمل شيء في الكمّ وعدم تحريمه

[ ٥٨ ٦١ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في( العلل ): عن محمّد بن علي

____________________

١٢ - مستطرفات السرائر: ١٤٥ / ١٧، وللحديث صدر يأتي في الحديث ٦ من الباب ٢٨ والحديث ٨ من الباب ٤٩ من أبواب أحكام العشرة.

١٣ - مكارم الأخلاق: ١٠٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) وفيه: ثوبه.

(٣) تقدم ما يدل على ذلك في الباب ٢١، ٢٢ من هذه الأبواب.

(٤) يأتي ما على ذلك في الحديث ٥ من الباب ٢٦ من هذه الأبواب، وفي الباب ٥٨ ‎ ، ٥٩ من أبواب جهاد النفس، وفي الباب ٢٥ من أبواب آداب التجارة، وفي الحديث ٢ من الباب ٨٠ من أبواب مقدمات النكاح.

الباب ٢٤

فيه حديث واحد

١ - علل الشرائع: ٥٨٢ / ٢٠ أخرجه عن العلل والكافي والتهذيب في الحديث ٢ من الباب ٥٢ من أبواب آداب التجارة.

٤٥

ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن ميمون القدّاح، عن جعفر بن محمد( عليه‌السلام ) قال: جئت إلى أبي( عليه‌السلام ) بكتاب أعطانيه إنسان فأخرجته من كمّي فقال لي: يا بنيّ، لا تحمل في كمّك شيئاً فإنّ الكمّ مضياع.

٢٥ - باب استحباب قطع الرجل ما زاد من الكمّ عن أطراف الأصابع وما جاوز الكعبين من الثوب

[ ٥٨ ٦٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: كان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) إذا لبس القميص مدّ يده، فإذا طلع على أطراف الأصابع قطعه.

[ ٥٨ ٦٣ ] ٢ - محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد في( الإرشاد) عن سعيد بن كلثوم، عن الصادق جعفر بن محمّد( عليهما‌السلام ) قال: والله ما أكل علي بن أبي طالب( عليه‌السلام ) من الدنيا حراماً قطّ حتّى مضى لسبيله - إلى أن قال - وإن كان يقوت أهله بالزيت والخلّ والعجوة، وما كان لباسه إلّا الكرابيس إذا فضل شيء عن يده من كمّه دعى بالجلم(١) فقصه، الحديث.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

____________________

الباب ٢٥

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٤٥٧ / ٧.

٢ - الارشاد: ٢٥٥.

(١) الجَلَم: الذي يُجزّ به الشعر والصوف كالمقص( مجمع البحرين ٦: ٣٠ ).

(٢) تقدم في الحديث ١٢ من الباب ٢٠ من أبواب المقدّمة، وفي الحديث ٤ من الباب ٢١ من هذه الأبواب.

٤٦

٢٦ - باب ما يستحبّ أن يعمل عند لبس الثوب الجديد من الصلاة والقراءة

[ ٥٨ ٦٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : إذا كسا الله المؤمن ثوباً جديداً فليتوضّأ وليصلّ ركعتين، يقرأ فيهما:( أُمّ الْكِتَابِ ) و( آية الكرسي) و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) و( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) (١) ، ثمّ ليحمد الله الذي ستر عورته وزيّنه في الناس وليكثر من قول: لا حول ولا قوة إلّا بالله، فإنّه لا يعصي الله فيه، وله بكلّ سلك فيه ملك يقدّس له ويستغفر له ويترحّم عليه.

ورواه الصدوق في( الخصال) (٢) بإسناده الآتي(٣) عن عليّ( عليه‌السلام ) - في حديث الأربعمائة -.

[ ٥٨ ٦٥ ] ٢ - وعن علي بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن غير واحد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من قرأ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ ) ثنتين وثلاثين مرّة في إناء جديد ورشّ(٤) ثوبه الجديد ‎ إذا لبسه لم يزل يأكل في سعةٍ ما بقي منه سلك.

[ ٥٨ ٦٦ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين في( المجالس ): عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عمير،

____________________

الباب ٢٦

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٥٩ / ٥.

(١) ليس في المصدر.

(٢) الخصال: ٦٢٤.

(٣) يأتي في الفائدة الأولى من الخاتمة برمز( ر ).

٢ - الكافي ٦: ٤٥٩ / ٤.

(٤) في المصدر زيادة: به.

٣ - أمالي الصدوق: ٢٢٠ / ١٠.

٤٧

عن عبد الرحمن السراج يرفعه إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من قطع ثوباً جديداً وقرأ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ستّاً وثلاثين مرّة فإذا بلغ( تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ ) أخرج شيئاً من الماء ورشّ بعضه(١) على الثوب رشّاً خفيفاً ثمّ صلّى فيه(٢) ركعتين ودعا ربه وقال في دعائه: الحمد لله الذي رزقني ما أتجمّل به في الناس وأُواري به عورتي، وأُصلّي فيه لربّي، وحمد الله، لم يزل يأكل في سعةٍ حتى يبلى ذلك الثوب.

وفي( ثواب الأعمال ): عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عمر السرّاد، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، مثله(٣) .

[ ٥٨ ٦٧ ] ٤ - وفي( عيون الأخبار) عن أبيه وعلي بن عبد الله الورّاق جميعاً، عن سعد بن عبد الله، عن عليّ بن الحسن الخيّاط، عن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن موسى بن جعفر، عن ياسر الخادم، عن أبي الحسن العسكري، عن أبيه، عن جدّه الرضا، عن أبيه موسى( عليهم‌السلام ) أنّه كان يلبس ثيابه ممّا يلي يمينه، فإذا لبس ثوباً جديداً دعا بقدح من ماء فقرأ فيه( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) عشر مرّات، و( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) عشر مرّات، و ‎( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) عشر مرّات، ثمّ نضحه على ذلك الثوب، ثمّ قال: من فعل هذا بثوبه قبل أن يلبسه لم يزل في رغد من العيش ما بقي منه سلك.

[ ٥٨ ٦٨ ] ٥ - الحسن بن محمّد الطوسي في( الأمالي) عن أبيه، عن هلال بن محمّد الحفّار، عن إسماعيل بن عليّ الدعبلي، عن أبيه، عن الرضا، عن آبائه ( عليهم‌السلام ) ، عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّه اشترى قميصاً بثلاثة دراهم فلبسه ما بين الرسغين إلى الكعبين، ثمّ أتى المسجد فصلّى فيه

____________________

(١ و ٢)( بعضه) و( فيه) ليسا في ثواب الأعمال ‎( هامش المخطوط ).

(٣) ثواب الأعمال: ٤٤ / ١.

٤ - عيون أخبار الرضا( عليه‌السلام ) ١: ٣١٥ / ٩١.

٥ - أمالي الطوسي ١: ٣٧٥.

٤٨

ركعتين ثمّ قال: الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمّل به في الناس وأؤدّي فيه فريضتي وأستر فيه عورتي،( ثم قال) (١) : سمعت رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يقول ذلك عند الكسوة.

ورواه علي بن عيسى في( كشف الغمّة) مرسلاً، إلّا أنّه قال: فساوم شيخاً فقال: يا شيخ، بعني قميصاً بثلاثة دراهم (٢) .

٢٧ - باب استحباب التحميد والدعاء بالمأثور عند لبس الجديد

[ ٥٨ ٦٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر( عليه‌السلام ) عن الرجل يلبس الثوب الجديد ؟ قال: يقول: اللّهم اجعله ثوب يمن وتقى وبركة، اللّهم ارزقني فيه حسن عبادتك، وعملاً بطاعتك، وأداء شكر نعمتك، الحمد لله الذي كساني ما أُواري به عورتي، وأتجمّل به في الناس.

[ ٥٨ ٧٠ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال ‎ : قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : علّمني رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) إذا لبست ثوباً جديداً أن أقول: الحمد لله الذي كساني من اللباس(٣) ما أتجمّل به في الناس، اللّهم اجعلها ثياب بركة أسعى فيها

____________________

(١) في المصدر بدل ما بين القوسين هكذا: فقال له رجل: يا أمير المؤمنين أعنك نروي هذا أو شيء سمعته من رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، قال: بل شيء سمعته من رسول الله

(٢) كشف الغمّة ١: ١٦٤، وتقدم ما يدل على استحباب التسمية عند كل فعل في الحديث ١٢ و ١٣ من الباب ٢٦ من أبواب الوضوء.

الباب ٢٧

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٥٨ / ١.

٢ - الكافي ٦: ٤٥٨ / ٢.

(٣) في الأمالي: الرياش( هامش المخطوط ).

٤٩

لمرضاتك، وأعمر فيها مساجدك، وقال: يا عليّ، من قال ذلك لم يتقمّصه حتى يغفر له.

ورواه الصدوق في( المجالس ): عن الحسين بن إبراهيم بن تاتانه، عن علي بن إبراهيم، مثله(١) .

[ ٥٨ ٧١ ] ٣ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن محمّد بن علي الهمداني، عن الحسين بن أبي عثمان، عن خالد الجوّان قال: سمعت أبا الحسن موسى( عليه‌السلام ) يقول: قد ينبغي لأحدكم إذا لبس الثوب الجديد أن يمرّ يده عليه ويقول: الحمد لله الّذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمّل به في الناس، وأتزيّن به بينهم.

[ ٥٨ ٧٢ ] ٤ - وعن محمّد يحيى، عن علي بن الحسين النيسابوري، عن عبد الله بن محمّد، عن علي بن الريّان، عن يونس، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّه قال: يا عمر، إذا لبست ثوباً جديداً فقل: لا إله إلا الله محمّد رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) تبرأ من الآفة، وإذا أحببت شيئاً فلا تكثر ذكره فإنّ ذلك مما يهدك، وإذا كانت لك إلى رجل حاجة فلا تشتمه من خلفه فإن الله يوقع ذلك في قلبه.

[ ٥٨ ٧٣ ] ٥ - محمّد بن الحسن في( المجالس والأخبار) بإسناده عن زريق، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: إذا لبست ثوباً فقل: اللّهمّ ألبسني لباس الايمان، وزيّني بالتقوى، اللّهم اجعل جديده أُبليه في طاعتك وطاعة رسولك، وأبدلني بخلقه حلل الجنّة، ولا تجعلني أبليه في معصيتك، ولا تبدلني بخلقه مقطعات النيران.

____________________

(١) أمالي الصدوق: ٢١٩ / ٨.

٣ - الكافي ٦: ٤٥٩ / ٣.

٤ - الكافي ٦: ٤٥٩ / ٦.

٥ - أمالي الطوسي ٢: ٣١١ باختلاف.

٥٠

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) .

٢٨ - باب كراهة ابتذال ثوب الصون، وإراقة فضل الإناء، وطرح النوى يميناً وشمالاً، وقطع الدراهم والدنانير

[ ٥٨ ٧٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن علي، عن علي بن عقبة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: أدنى الإِسراف هراقة فضل الإِناء، وابتذال ثوب الصون، وإلقاء النوى.

[ ٥٨ ٧٥ ] ٢ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن سليمان بن صالح قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : ما أدنى ما يجيء من الاسراف ‎ ؟ قال: ابتذالك ثوب صونك، وإهراق فضل إنائك، وأكلك التمر ورميك بالنوى ها هنا وها هنا.

[ ٥٨ ٧٦ ] ٣ - وقد تقدّم في حديث إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في المؤمن يكون له ثلاثون قميصاً قال: نعم، ليس هذا من السرف، إنّما السرف أن تجعل ثوب صونك ثوب بذلتك.

[ ٥٨ ٧٧ ] ٤ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن إسحاق بن عمّار أنّه سأل أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن أدنى الإسراف، قال: ثوب صونك تبتذله، وفضل الإناء تهريقه، وقذفك بالنوى هكذا وهكذا.

____________________

(١) تقدم في الأحاديث ١ و ٣ و ٥ من الباب ٢٦ من هذه الأبواب.

الباب ٢٨

فيه ٧ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٦٠ / ١.

٢ - الكافي ٦: ٤٦٠ / ٢.

٣ - تقدم في الحديث ٣ من الباب ٩ من هذه الأبواب.

٤ - الفقيه ٣: ١٠٣ / ٤١٣.

٥١

[ ٥٨ ٧٨ ] ٥ - وبإسناده عن أبي هشام البصري، عن الرضا( عليه‌السلام ) قال: من الفساد قطع الدراهم والدينار(١) وطرح النوى.

[ ٥٨ ٧٩ ] ٦ - وفي( الخصال) عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن علي بن السنديّ، عن محمّد بن عمر (٢) بن سعيد، عن موسى بن أكيل قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: لا يكون الرجل فقيهاً حتّى لا يبالي أيّ ثوبيه ابتذل وبما سدّ فورة الجوع.

أقول: هذا محمول على الجواز ونفي التحريم، أو على كون الثوبين متساويين، أو ليسا من ثياب الصون.

[ ٥٨ ٨٠ ] ٧ - وعن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن ‎ أبيه، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بإسناده يرفعه إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: السرف في ثلاثة ابتذالك ثوب صونك، وإلقائك النوى يميناً وشمالاً، وإهراقك فضلة الماء.

وقال: ليس في الطعام سرف.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٣) .

٢٩ - باب استحباب لبس الثوب الغليظ والخلق في البيت لا بين الناس، ورقع الثوب، وخصف النعل

[ ٥٨ ٨١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن

____________________

٥ - الفقيه ٣: ١٠٢ / ٤١٢.

(١) في نسخة: الدنانير.

٦ - الخصال: ٤٠ / ٢٧.

(٢) في المصدر: عمرو.

٧ - الخصال: ٩٣ / ٣٧.

(٣) يأتي في الباب ٢٦ و ٢٧ و ٢٩ من أبواب النفقات ما يدل على حكم الاسراف وحدوده، عموماً.

الباب ٢٩

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٧٨ / ٤، يأتي بتمامه في الحديث ٤ من الباب ٩٩ مما تكتسب به.

٥٢

معمر بن خلّاد، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) قال: خرجت وأنا أريد داود بن عيسى، وعليّ ثوبان غليظان، الحديث.

أقول: هذا محمول على الجواز لما مضى(١) ويأتي(٢) .

[ ٥٨ ٨٢ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن الفضل بن كثير المدائني، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: دخل عليه بعض أصحابه فرأى عليه قميصاً ‎ً فيه قُبّ(٣) قد رقعه فجعل ينظر إليه فقال له أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : ما لك تنظر ؟ فقال: قُبّ يلفى في قميصك، قال: فقال لي: اضرب يديك إلى هذا الكتاب فاقرأ ما فيه، وكان بين يديه كتاب أو قريب منه فنظر الرجل فيه فإذا فيه: لا إيمان لمن لا حياء له، ولا مال لمن لا تقدير له، ولا جديد لمن لا خلق له ‎

[ ٥٨ ٨٣ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين في( عيون الأخبار ): عن الحسين بن أحمد البيهقي، عن محمّد بن يحيى الصولي، عن عون بن محمّد، عن ابن أبي عباد قال: كان جلوس الرضا( عليه‌السلام ) في الصيف على حصير، وفي الشتاء على مسح، ولبسه الغليظ من الثياب، حتّى إذا برز للناس تزيّن لهم.

[ ٥٨ ٨٤ ] ٤ - وفي( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي نجران رفعه إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من رقع جيبه، وخصف نعله، وحمل سلعته، فقد برئ من الكبر.

____________________

(١) مضى في الحديث ١ من الباب ٨ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الحديث ٥ من هذا الباب.

٢ - الكافي ٦: ٤٦٠ / ٣.

(٣) ورد في هامش المخطوط ما نصه: القب: ما يدخل في جيب القميص من الرقاع( القاموس المحيط ١: ١١٧ ).

٣ - عيون أخبار الرضا( عليه‌السلام ) ٢: ١٧٨ الباب ٤٤.

٤ - ثواب الأعمال: ٢١٣ أورده في الحديث ٥ من الباب ٥ من هذه الأبواب.

٥٣

ورواه الكليني(١) ، عن علي بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة(٢) ، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، مثله.

وفي( الخصال ‎ ) عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، نحوه(٣) .

[ ٥٨ ٨٥ ] ٥ - محمّد بن الحسن في( المجالس والأخبار) بإسناده عن أبي ذرّ، عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) في وصيّته له: يا أبا ذر، من رقع ذيله وخصف نعله وعفر وجهه فقد برئ من الكبر، يا أبا ذر، من كان له قميصان فليلبس أحدهما ويلبس الآخر أخاه، يا أبا ذر، من ترك الجمال وهو يقدر عليه تواضعاً ‎ُ لله كساه الله حلّة الكرامة، يا أبا ذر، البس الخشن من اللباس والصفيق من الثياب لئلاّ يجد الفخر فيك مسلكه.

[ ٥٨ ٨٦ ] ٦ - الحسن بن محمّد الديلمي في( الإرشاد) قال: كان النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويحلب شاته، ويأكل من العبد، ويجلس على الأرض، ويركب الحمار، ويردف، ولا يمنعه الحياء أن يحمل حاجة من السوق إلى أهله، ويصافح الغني والفقير، ولا ينزع يده من يد أحد حتّى ينزعها هو، ويسلّم على من استقبله من غنيّ وفقير وكبير وصغير، ولا يحقّر ما دعي إليه ولو إلى حشف التمر، وكان خفيف المؤنة، كريم الطبيعة، جميل المعاشرة، طلق الوجه، بسّاماً من غير ضحك، محزوناً من غير عبوس، متواضعاً من غير مذلّة، جواداً من غير سرف، رقيق القلب، رحيماً بكل مسلم، ولم يتجشّ من

____________________

(١) الكافي ٨: ٢٣١ / ٣٠٢.

(٢) في المصدر زيادة: إسحاق بن عمّار.

(٣) الخصال: ١٠٩ / ٧٨.

٥ - أمالي الطوسي ٢: ١٥٢.

٦ - إرشاد القلوب: ١١٥.

٥٤

شبع قطّ، ولم يمدّ يده إلى طمع قطّ.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) .

٣٠ - باب استحباب التعمّم وكيفيّته

[ ٥٨ ٨٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبي همام، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال في قول الله عزّ وجلّ( مُسَوِّمِينَ ) (٢) قال: العمائم اعتمّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) فسدلها من بين يديه ومن خلفه، واعتم جبرئيل( عليه‌السلام ) فسدلها من بين يديه ومن خلفه.

[ ٥٨ ٨٨ ] ٢ - وعنه، عن أحمد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: كانت على الملائكة العمائم البيض المرسلة يوم بدر.

[ ٥٨ ٨٩ ] ٣ - وعن عدّة من أصحبانا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن(٣) بن علي العقيلي، عن علي بن أبي علي اللهبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: عمّم رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) علياً( عليه‌السلام ) بيده

____________________

(١) تقدم في الباب ٥٤ من أبواب لباس المصلي، ويأتي ما يدل علىٰ الأخير في الحديث ٢ من الباب ٣٥ من أبواب أحكام العشرة.

الباب ٣٠

فيه ١٢ حديثاً

١ - الكافي ٦: ٤٦٠ / ٢.

(٢) آل عمران ٣: ١٢٥.

٢ - الكافي ٦: ٤٦١ / ٣.

٣ - الكافي ٦: ٤٦١ / ٤.

(٣) في المصدر: الحسين.

٥٥

فسدلها من بين يديه، وقصرها من خلفه قدر أربع أصابع، ثمّ قال: أدبر فأدبر، ثم قال: أقبل فأقبل، ثم قال: هكذا تيجان الملائكة.

[ ٥٨ ٩٠ ] ٤ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : العمائم تيجان العرب.

[ ٥٨ ٩١ ] ٥ - وعنه، عن ياسر الخادم قال: لمّا حضر العيد بعث المأمون إلى الرضا( عليه‌السلام ) يسأله أن يركب ويحضر العيد ويصلّي ويخطب، فبعث إليه الرضا( عليه‌السلام ) قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط فلم يزل يراده الكلام في ذلك وألحّ عليه - الى أن قال - فقال: يا أمير المؤمنين، إن عفيتني من ذلك فهو أحب إليّ، وإن لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) وأمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ، فقال له المأمون: أخرج كيف شئت، وأمر المأمون القوّاد والناس أن يركبوا(١) إلى باب أبي الحسن( عليه‌السلام ) - إلى أن قال - فلمّا طلعت الشمس قام( عليه‌السلام ) فاغتسل وتعمّم بعمامة بيضاء من قطن ألقى طرفاً منها على صدره، وطرفاً بين كتفيه، وتشمّر ثمّ قال لجميع مواليه: افعلوا مثل ما فعلت، ثم أخذ بيده عكازاً، ثم خرج ونحن بين يديه وهو حافي(٢) قد شمّر سراويله إلى نصف الساق، وعليه ثياب مشمّرة، الحديث.

وراوه المفيد في( الإرشاد ): عن علي بن إبراهيم، عن ياسر الخادم والريان بن الصلت جميعاً، عن الرضا( عليه‌السلام ) ، نحوه(٣) .

____________________

٤ - الكافي ٦: ٤٦١ / ٥ ‎

٥ - الكافي ١: ٤٠٨ / ٧ وأورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ١٩ من ‎ أبواب صلاة العيدين.

(١) في المصدر: يبكروا.

(٢) كذا في الاصل بالياء، وهو مخالف للقواعد العربية، لكن رأينا سابقاً ان المصنف كتب كلمة( مرائي) بالياء أيضاً، فلاحظ.

(٣) ارشاد المفيد: ٣١٢.

٥٦

[ ٥٨ ٩٢ ] ٦ - الحسن الطبرسي في( مكارم الأخلاق) عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، عن آبائه قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : العمائم تيجان العرب، إذا وضعوا العمائم وضع الله عزّهم.

[ ٥٨ ٩٣ ] ٧ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : اعتمّوا تزدادوا حلماً.

[ ٥٨ ٩٤ ] ٨ - وعن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: ركعتان مع العمامة خير من أربع ركعات بغير عمامة.

[ ٥٨ ٩٥ ] ٩ - وعن عبد الله بن سليمان، عن أبيه أن علي بن الحسين( عليه‌السلام ) دخل المسجد وعليه عمامة سوداء قد أرسل طرفيها بين كتفيه.

[ ٥٨ ٩٦ ] ١٠ - وعن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سمعته وهو يقول: دخل رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) الحرم يوم دخل مكة وعليه عمامة سوداء وعليه السلاح.

[ ٥٨ ٩٧ ] ١١ - علي بن موسى بن طاوس في( أمان الأخطار) نقلاً من كتاب الولاية، تأليف أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة - في حديث نصّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) على علي( عليه‌السلام ) يوم الغدير - بإسناده في ترجمة عبد الله بن بشر صاحب رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: بعث رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يوم غدير خمّ إلى علي( عليه‌السلام ) فعمّمه وأسدل العمامة بين كتفيه وقال: هكذا أيّدني ربّي يوم حنين بالملائكة معمّمين وقد أسدلوا العمائم، وذلك حجز بين المسلمين وبين المشركين، الحديث.

____________________

٦ - مكارم الأخلاق: ١١٩.

٧ - مكارم الأخلاق: ١١٩.

٨ - مكارم الأخلاق: ١١٩، باختلاف في اللفظ.

٩ - مكارم الأخلاق: ١١٩، باختلاف في اللفظ.

١٠ - مكارم الأخلاق: ١١٩.

١١ - الأمان من الأخطار: ١٠٣، يأتي، ذيله في الحديث ٦ من الباب ٤٣ من أبواب آداب السفر.

٥٧

[ ٥٨ ٩٨ ] ١٢ - قال: وفي حديث آخر - بإسناده - عمّم رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) علياً يوم غدير خمّ عمامة سدلها بين كتفيه وقال: هكذا أيّدني ربّي بالملائكة ثم أخذ بيده فقال: يا أيها الناس، من كنت مولاه فهذا مولاه، والى الله من والاه، وعادى الله من عاداه(١) .

٣١ - باب ما يستحبّ من القلانس وما يكره منها

[ ٥٨ ٩٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) أنّه كره لباس البرطلة.

[ ٥٩ ٠٠ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يلبس قلنسوة بيضاء مضربة، وكان يلبس في الحرب قلنسوة لها أُذنان.

[ ٥٩ ٠١ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يلبس من القلانس اليمنيّة(٢) والبيضاء والمضربة وذات الأُذنين في الحرب وكانت عمامته السحاب، وكان له برنس يتبرنس به.

____________________

١٢ - الامان من الاخطار: ٩١، تقدم ما يدل على ذلك في الباب ١٩ من أبواب آداب الحمام وعلى استحباب التحنك في الباب ٢٦ من أبواب لباس المصلي.

(١) في الاصل تعليقة طويلة ثم حذفها وبقي منها ما لم يشطب عليه وهو: ذكر ابن طاوس في أمان الأخطار ان التحنك هو ما ذكر في الحديثين المنقولين من كتاب الولاية( منه قده ).

الباب ٣١

فيه ١١ حديثاً،( علماً أنه قد ذكر في الفهرست ١٢ حديثاً )

١ - الكافي ٦: ٤٧٩ / ٥، وأورده في الحديث ١ من الباب ٤٢ من أبواب لباس المصلي.

٢ - الكافي ٦: ٤٦٢ / ٢.

٣ - الكافي ٦: ٤٦١ / ١.

(٢) في هامش الاصل عن نسخة:( اليمنة ).

٥٨

[ ٥٩ ٠٢ ] ٤ - وبهذا الإسناد عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : إذا ظهرت القلانس المتركة ظهر الزنا.

[ ٥٩ ٠٣ ] ٥ - وعن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن الحسين بن المختار قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : اعمل لي قلانس بيضاء ولا تكسرها فإن السيّد مثلي لا يلبس المكسّر.

[ ٥٩ ٠٤ ] ٦ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن يحيى بن ‎ إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن الحسين بن المختار قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : اتّخذ لي قلنسوة ولا تجعلها مصبعة(١) ، فإنّ السيد مثلي لا يلبسها - يعني لا تكسرها -.

[ ٥٩ ٠٥ ] ٧ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإسناد ): عن هارون بن مسلم ‎ ، عن مسعدة بن زياد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: إذا ظهرت القلانس المتركة(٢) ظهر الزنا.

[ ٥٩ ٠٦ ] ٨ - الحسن الطبرسي في( مكارم الأخلاق ): عن محمّد بن علي قال: رأيت على علي بن الحسين(٣) ( عليه‌السلام ) قلنسوة خزّ مبطنة بسمور.

[ ٥٩ ٠٧ ] ٩ - قال: وسئل الرضا( عليه‌السلام ) عن الرجل يلبس البرطلة فقال: قد كان لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) مظلة يستظلّ بها من الشمس.

____________________

٤ - الكافي ٦: ٤٧٨ / ٢.

٥ - الكافي ٦: ٤٦٢ / ٣.

٦ - الكافي ٦: ٤٦٢ / ٤.

(١) في نسخة: مصبغة( هامش المخطوط) والمصدر.

٧ - قرب الإِسناد: ٤١.

(٢) في المصدر: المشتركة.

٨ - مكارم الأخلاق: ١٢٠.

(٣) في نسخةٍ: أبي الحسن( هامش المخطوط ).

٩ - مكارم الأخلاق: ١٢٠.

٥٩

[ ٥٩ ٠٨ ] ١٠ - وعن يزيد بن خليفة قال: رآني أبو عبد الله( عليه‌السلام ) أطوف حول الكعبة وعليّ برطلة فقال: لا تلبسها حول الكعبة فإنّها من زي اليهود.

[ ٥٩ ٠٩ ] ١١ - وعن الحسن بن المختار قال: قال لي أبو الحسن الأول( عليه‌السلام ) : اعمل لي قلنسوة ولا تكن مصبعة(١) فإنّ السيد مثلي لا يلبس المصبع(٢) ، والمصبع ) : المكسّر بالظفر.

٣٢ - باب استحباب اتّخاذ النعلين واستجادتهما

[ ٥٩ ١٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: أوّل من اتخذ النعلين إبراهيم( عليه‌السلام ) .

[ ٥٩ ١١ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن شعيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : استجادة

____________________

١٠ - مكارم الأخلاق: ١٢١.

١١ - مكارم الأخلاق: ١٢١.

(١) في المصدر: مصنعة.

( ٢ و ٣) المصنع، وتقدم ما يدل على ذلك في الحديث ٦ و ١٢ من الباب ١٠ والباب ٢٠ و ٤٢ من أبواب لباس المصلي.

الباب ٣٢

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٦٢ / ٢.

٢ - الكافي ٦: ٤٦٢ / ٣.

٣ - الكافي ٦: ٤٦٢ / ١.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

ثورةُ المختار الثقفي

ولعلّها أقوى الثورات وأعنفها وأمضاها نتائج، إذ استطاعت أن تطيح بمعظم الرؤوس التي شاركت فعليّاً في قتل الحسين، ولقد جعل لها شعاراً بهذا المعنى (يا لثارات الحسين) وربطها بمحمّد بن الحنفية ابن علي بن أبي طالب، وهذا ما جعل الثائرين يلتفّون حوله، وقد اطمأنّوا إلى عدل ثورته وتمامها.

ولقد وقع عبد الله بن مطيع عامل ابن الزبير بالكوفة في خطأ قاتل حينما أقدم على محاربة الثائرين مع المختار بنفس الرجال الذين تولّوا قتل الحسين، بعمر بن الحَجّاج، وشمر بن ذي الجوشن، وشبث بن ربعي وغيرهم، ممّا أثار في نفوس الثائرين كوامن الانتقام، وذكّرهم بالجريمة النكراء التي اقترفها هؤلاء في كربلاء، فكان هذا كافياً لإثارة عنفهم الذي تبدّى فيما بعد.

وكما وقع ابن مطيع بمقتل، أنصف المختار بتوليه الحكم في طبقة (الموالي) وهم المسلمون غير العرب الذين كان عليهم واجبات المسلمين ولم تكن لهم حقوقهم، وكان الاُمويّون يضطهدونهم. وقد أثار إنصاف المختار لهم حفيظة الأشراف وسادة القبائل فتكتّلوا ضدّه وأجمعوا على حربه(١) .

وكان تكتّلهم سبباً حفّز المختار للتعجيل في تتبّع قتلة الحسين وآله في كربلاء، فتعقّبهم وأعمل فيهم القتل، ولم يترك منهم مَن أحصى عليه ضربة أو كلمة في كربلاء وما قبلها وما بعدها(٢) .

وكان عنيفاً مع اُولئك الذين شاركوا في مجزرة كربلاء، فلم يترك ضارباً أو متكلّماً أو

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤ / ٥١٧.

(٢) ذكرت عدّة مصادر ومنها الطبري: أنّ المختار قتل في يوم واحد مئتين وثمانين رجلاً.

١٨١

ناهباً إلاّ وأوقع عليه عنفه، فقتل عبيد الله وأحرقه، وقتل شمر بن ذي الجوشن وألقى أشلاءه للكلاب، وطارد المئات والاُلوف من جندهم وأتباعهم، فأغرقهم بالنهر، ولم ينجَ من غضبه عمرو بن الحجّاج وشبث بن ربعي وغيرهم.

وكانت هذه القسوة التي تبدّت في ثأر المختار إحدى حكم معجزات الشهادة التي أدّاها سيّد الشهداء، فكانت العدل الكامل في ثوب الإبادة، وكانت قصاصاً بآثمي العاشر من محرّم استحقّت الثناء والمباركة.

وكان قصاصاً اتّخذ له من اُولئك الآثمين في محرّم وقوداً، وجعل من جوف الكلاب قبراً للكلب الأبقع شمر الذي رآه الحسين في منامه يشدّ عليه أكثر من غيره. فسبحان القادر مسيّر الأحوال، وموحي القصاص، ومدبّر العدل.

ثورةُ مطرف بن المغيرة

ولم تنقضِ سنوات معدودة على ثورة المختار حتّى كان مطرف بن المغيرة بن شعبة يثور على الحَجّاج بن يوسف ويخلع عبد الملك بن مروان والي الحَجّاج على المدائن.

وقد كتب إلى أنصاره يدعوهم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه وإلى جهاد مَن عَنَدَ عن الحقّ، واستأثر بالفيء، وترك حُكم الكتاب؛ وذلك ليظهر الحقّ ويمنع الباطل. ولا بدّ للمتبصّر في دعوة مطرف من ملاحظة استمدادها روح كربلاء.

ثورةُ ابن الأشعث

وتستمرّ روح كربلاء في التفاعل بين المجتمعات، وتمتدّ نارها إلى تحت

١٨٢

العروش، فلا تستكين الجماعات حيث تصلها هذه الروح، ولا تبقى عروش حيث تصلها النار.

فبعد أن قمعت المدينة وانتفاضة الكوفة، تأجّجت في سنة ٨١ للهجرة ثورة بقيادة ابن الأشعث هزّت الحكم الاُموي الذي كان على رأسه الحَجّاج، ودامت حتّى عام ٨٣ بعد أن أحرزت انتصارات ضخمة قبل أن يقضي عليها الحَجّاج بجيوش سوريّة(١) .

ثورةُ زيد بن علي بن الحسين

وقد بدأها في سنة ١٢٢ هـ على هَدي ثورة جدّه، مقتبساً روحها في كربلاء، وقد رفع لها شعاراً(يا أهل الكوفة، اخرجوا من الذلّ إلى العزّ، ومن الدنيا إلى الدِّين) (٢) .

وقد استجابت لدعوة حفيد الشهيد الحسين جماهير عريضة في طول البلاد الإسلاميّة وعرضها، فبويع على الثورة في الكوفة والبصرة وواسط والموصل وخراسان والرَي وجرجان، وكان مقدّراً لهذه الثورة أن تكون أكبر الثورات المتفجّرة من شرارات كربلاء لولا أن تمّ إعلانها قبل موعد استكمال تجهيزها، وفي توقيت مختلف عن التوقيت المتّفق عليه بين زيد وبين أهل الأمصار التي لبّت دعوته.

وقد تعرّضت هذه الثورة لأخطار عدّة؛ بسبب الجيش الاُموي السوريّ الذي كانت قواعده في العراق، إذ ما لبث هذا الجيش أن قضى عليها قبل أن تبدأ فاعليتها.

____________________

(١) حلّل هذه الثورة المؤرّخ ولها وزن في كتابه (الدولة العربيّة) / ١٨٩ - ٢٠٣ وذكرها الطبري في (ثورة ابن الأشعث).

(٢) مقاتل الطالبيّين / ١٣٩ والدولة العربيّة / ٢٧١.

١٨٣

وكان من نتيجة هذه الحركة أن تولّدت منها طائفة تُدعى (الزيديّة) برهنت على استعدادها للاشتراك في كلّ ثورة ضدّ السلطة الغاشمة.

واستمرّت الثورات هنا وهناك آخذة شرارات اشتعالها من شرارات كربلاء المتّقدة أبداً، ولم يعد للحكم الاُموي من شاغل إلا ّالتصدّي لها واستنباط الوسائل للقضاء عليها.

وجاءت ثورة العبّاسيين لتضع الخاتمة النهائيّة لتفجّر الثورات التي استهدفت الحكم الاُموي الذي كان مثالاً لفساد الحكم والعروش. واستطاعت بما رفعته من شعارات وتزوّدت به من مبادئ الكفاح الحسيني أن تنتصر في النهاية وتطيح بحكم بني اُميّة، فإذا بالدولة الاُمويّة العريضة ذات العدد والعدّة تذهب بلا وناء في وقت أقلّ من عمر رجل مثل معاوية.

ورغم أنّ ثورة العبّاسيين لم يكن لها ذلك الدَور الجذري في تبديل واقع الشعب المسلم، فيما عدا تبديلها للحاكمين فوق العروش، فإنّ بنجاحها هذا لم تتوقّف الثورات بعدها، بل استمرّت مشتعلة أبداً، إذ قد توفّر للعروش دوماً أشباه ليزيد، بينما ثمّة حسين واحد كان لعِظَم وخلود مبادئه أن كانت تلد في كلّ يوم ولكلّ جيل ثائرين جدداً يتصدّون للعمل بنورها العلوي، ورفع راية الجهاد الحسيني الذي أضحى سِمة لكلّ جهاد في كلّ زمان ومكان نبت فيهما يزيد جديد.

وهكذا تمّت معجزات الشهادة التي أقدم عليها الحسين (عليه السّلام) وآله وصحبه الأطهار، وبلغت مداها - وإن لم تتوقّف عنده - بالثورات الزمنيّة التي هدّت عروش الظلم وأطاحت بحكم كان من المستحيل الإطاحة به لولا ما قدّمته شهادة الطفّ من معجزات كان لها فعل السحر في النفوس والضمائر والمجتمعات.

١٨٤

وإذا كانت معجزات استشهاد عيسى (عليه السّلام) قد تشابهت مع معجزات شهادة الحسين (عليه السّلام) في فعلها داخل الضمائر والأخلاق والمجتمع، فإنّها لم تتشابه معها في المعجزة الزمنيّة التي تمثّلت في سقوط الحاكمين، إذ انتهت شهادة المسيح عند حدود الضمائر والأخلاق ومناطق العقيدة، بينما تجاوزتها شهادة الحسين إلى إتمامها بمعجزات زمنيّة؛ وذلك لحكمة إلهيّة تدبّر وتسيّر.

فمن عجائب هذه الحكمة أن تجري هذه الحوادث والثورات التي تلت الشهادة كَلِماً على لسان مَن وقعت بجريرة قتله، وذلك قبل وقوعها بعشرات السنين بنفس الشكل الذي صوّره الشهيد وكأنّه يقرؤها في لوح مكشوف أمام عينيه.

فبعد أن أنزل الله تعالى المذلّة على مَن أهانوا وقتلوا شهيده الحسين (عليه السّلام)، فغدوا أذلّ من قوم سبأ، تذكّر المسلمون نبوءة شهيدهم التي قالها ببني اُميّة في الرهيمة: «إنّ بني اُميّة شتموا عرضي فصبرت، وأخذوا مالي فصبرت، وطلبوا دمي فهربت. وايم الله لَيقتلوني فيلبسهم الله ذلاً شاملاً، وسيفاً قاطعاً، ويسلّط عليهم مَن يذلّهم(١) حتّى يكونوا أذلّ من قوم سبأ؛ إذ ملكتهم امرأة فحكمت في أموالهم ودمائهم»(٢) .

تذكّر المسلمون هذه النبوءة واسترجعوا صور الذلّ التي ألبسها الله لبني اُميّة، وكيف أهينوا وشرّدوا وولّوا هاربين متعقّبين وقُتلوا بأعداد هائلة ومُثّل بهم، وأُنزلت بهم فظاعات من التنكيل لم تكن لتخطر ببال بني اُميّة ولا ببني هاشم يوم صُرع الحسين(٣) .

____________________

(١) أمالي الصدوق / ٩٣، المجلس الثلاثون.

(٢) روي الحديث بتمامه في مقتل الخوارزمي ١ / ٢٢٦ ومثير الأحزان - لابن نما.

(٣)( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ) (سورة النساء / ٩٣).

١٨٥

وفي المواقف المتشابهة تبرز الكلمات التي قيلت، سيّما إذا كانت تحمل استشفافاً بعيداً للمستقبل، فقد تذكّر المسلمون قولة شهيدهم أمام ولده وأخواته وأهل بيته يوم نزل بكربلاء قال وهو يبكي: «اللّهمّ إنّا عترة نبيّك محمّد قد اُخرجنا وطُردنا وأُزعجنا عن حرم جدّنا، وتعدّت بنو اُميّة علينا، اللّهمّ فخذ لنا بحقّنا وانصرنا على القوم الظالمين»(١) .

وأخذ الله تعالى بحقّ المكروب والمبتلى بكربلاء، وكانت أيّما أخذة بالحقّ، تطايرت بها رؤوس بني اُميّة التي تعدّت على عترة النبي وأخرجتها وأزعجتها، فلم يرَ مظلوم أخذ حقّه بمثل ما أخذ حقّ المظلوم الحسين من القوم الذين ظلموه(٢) .

وقد روى الحاكم في مستدركه قولاً للخطيب عن ابن عباس فقال: أوحى الله تعالى إلى محمّد: إنّي قتلت بيحيى بن زكريّا سبعين ألفاً، وأنا قاتل بابن بنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً.

وكأنّ سبحانه وتعالى لمّا رأى عِظَم عذاب الحسين أعطاه سلطة وضع نهايات ظالميه بالشكل الذي يتصوّره ويصرّح به، وهذا ما يفسّره وقوع كلّ ما تنبّأ به وحذّر منه اُولئك الذين لطّخوا أيديهم بدمه ودماء أهل بيته.

وما قاله للذين يحيطون به من جند الأعداء في صحراء كربلاء قبل بدء المعركة، ليدخل في عِداد المعجزات التي ما اُوتيت إلاّ لعيسى (عليه السّلام)، فكأنّ الزمن

____________________

(١) (لاَ يَنْهَاكُمْ اللهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ)(سورة الممتحنة / ٨ - ٩).

(٢) (... وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً...) راجع نصّ الآية (سورة الإسراء / ٣٣).

١٨٦

تصرّم واختزل، وكأنّ عشرات السنين ليست بذي بال حيال ما قاله الشهيد للذين وقفوا يسمعونه، فكان من أمرهم بعد ذلك لا يختلف مقدار شعرة عمّا رسمه لهم من مصائر ونهايات.

قال لأعدائه: «أمَا والله لا تلبثون بعدها إلاّ كريثما يركب الفرس، حتّى تدور بكم دور الرحى، وتقلق بكم قلق المحور؛ عهدٌ عَهده إليَّ أبي عن جدّي رسول الله. فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّة، ثمّ اقضوا إليَّ ولا تنظرون، إنّي توكّلت على الله ربّي وربّكم، ما من دابّة إلاّ هو آخذ بناصيتها إنّ ربّي على صراط مستقيم(١) . والله لا يدع أحداً منهم إلاّ انتقم لي منه؛ قتلة بقتلة وضربة بضربة، وإنّه لينتصر لي ولأهل بيتي وأشياعي»(٢) .

فماذا يمكن أن نسمّي هذا القول؟ نبوءة، رؤيا، سلطة علويّة خاصّة بالشهداء الأبرار، نفحة من السرّ الإلهيّ للمختارين؟ وإلاّ فكيف دالت الاُمور بعد سنوات معدودة من قول هذه الكلمات إلى نفس الشكل الذي حدّدته، وبنفس الكيفيّة التي جاهرت بها، فكانت القتلة بقتلة والضربة بضربة؟

ولنسمع الشهيد يكمل استقراء مستقبل الأيّام فيقول (عليه السّلام): «اللّهمّ احبس عنهم قطر السماء، وابعث عليهم سنين كسنيّ يوسف، وسلّط

____________________

(١) مقتل الحسين - المقرّم / ٢٨٧ عن تاريخ ابن عساكر ٤ / ٣٣٤ واللهوف / ٥٤.

(٢) مقتل العوالم / ٨٤.

١٨٧

عليهم غلام ثقيف(١) يسقيهم كأساً مصبّرة».

فكانت السنوات التي وقعت بين تاريخ مقتله وتاريخ سقوط آخر أمير اُموي ألعن من سني يوسف؛ تسلّط خلالها عليهم مَن هم أقسى من غلام ثقيف، فأذاقهم (زقاً) مصبرة، ولم يكتف بكأس واحدة، فتبدّد شملهم واندثر ذكرهم.

وكانت صرخته التي راحت شعاراً للثورة والمظلومين: «أمَا من مغيثٍ يغيثنا! أمَا من مجيرٍ يجيرنا! أمَا من طالب حقّ ينصرنا! أمَا من خائفٍ من النار فيذبّ عنّا!». قد أضحت أمراً لكثيرين كي يهبّوا لإغاثة مبادئه، فازداد المجيرون، وكثر طلاّب الحقّ المناصرين لحقّه، وصار عدد الخائفين من النار أكثر من عدد رمل البحر؛ يذبّون عن العقيدة التي تكلّم باسمها وعنى بها قوله (يذبّ عنّا)، فانقلبت الموازين، وغدا شعار إغاثة الحسين وإجارته ونصرته والذبّ عنه ناموساً وشريعة لدى كلّ المؤمنين؛ سواء أكانوا مسلمين، أو تحت أيّ دين أو عقيدة انضووا، وفي كلّ عصر ومصر، وغدا الحسين رمزاً وشعاراً واستلهاماً واُسلوباً.

ولئن تحدّثنا عن نبوءات الحسين التي تحقّقت بعد ردح من الزمن، فإنّنا لن نغفل ما ألهمته هذه النبوءات للعقيلة زينب (عليها السّلام)، من استقراء للمستقبل القريب وهي التي كانت قريبة على الدوام من أخيها تسمع كلّ ما يلفظه فوه من كلام، وكانت تحفظ في قلبها استلهام أخيها الشهيد، فيوحي لها هذا الاستلهام بكلّ ما تلفّظت به كاستقراء للمستقبل.

فها هي في واحدة من هذه الاستقراءات، حينما وقفت أمام يزيد وقالت له:

____________________

(١) هو المختار بن أبي عبيدة الثقفي.

١٨٨

اللّهمّ خذ لنا بحقّنا، وانتقم ممَّن ظلمنا، واحلل غضبك بمَن سفك دماءنا، وقتل حماتنا.

وإذا كان في قولتها هذه دعاء عامّ لكلّ مَن ظلمهم وقتل حماتهم، فإنّها هنا في هذه القولة تحدّد أكثر فتقول موجّهة كلامها ليزيد: فوالله ما فريت إلاّ جلدك ولا حززت إلاّ لحمك، ولتَرِدَنّ على رسول الله وآله بما تحمّلت من سفك دماء ذريّته وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته، حيث يجتمع شملهم، ويلمّ شعثهم، ويأخذ بحقّهم.

وهكذا أيضاً لم تشذّ الاُمور في ما تلا من أيّام عن هذا الاستلهام قيد أنملة، فكان يزيد ممَّن حزّ لحمه وفري جلده بيده، ودلّت ميتته وما تلاها على بعض ما ينتظره في الآخرة عندما يُحشر يوم القيامة ويُسأل عمّا تحمّله من سفك دماء عترة النبي (صلّى الله عليه وآله).

ولعلّ الإلهام المستقرّئ للمستقبل كان في عبارة العقيلة ليزيد واضحاً محدّد المعالم بشكل غريب إذ قالت له: فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك إلاّ فند، وأيّامك إلاّ عدد، وجمعك إلاّ بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين.

وقالت وهي مسبيّة: المستقبل لذكرنا، والعظمة لرجالنا، والحياة لآثارنا، والعلوّ لأعتابنا، والولاء لنا وحدنا.

وقالت لابن أخيها السجّاد قبل أن يترك ركب السبي أرض كربلاء: فوالله إنّ هذا لعهد من الله إلى جدّك وأبيك، إنّ قبر أبيك سيكون علماً لا يُدرس أثره، ولا يُمحى رسمه على كرور الأيّام والليالي، وليجتهد أئمّة الكفر وأشياع الضلال في محوه

١٨٩

وتطميسه، فلا يزداد أثره إلاّ علوّاً(١) .

وقد برهنت الأيّام وتكرار القرون على صدق هذا الاستقراء، فلم يرحض عار الجريمة عن يزيد حتّى فتكت به وراح بجريرتها، فكانت أيّامه عدداً وجمعه بدداً.

وكان المستقبل لذكر آل البيت (عليهم السّلام) مرهوناً، والعظمة لرجاله موقوفة، والحياة لآثارهم ناصعة، والعلوّ لأعتابهم يزداد، والولاء لهم وحدهم يتعمّق.

واحتلّ قبر الحسين الشهيد كعلم لا يُدرس أثره في الضمائر قبل الأرض، ولم يزده كرور الليالي والأيّام إلاّ رسوخ رسمه، وما زادته اجتهادات أئمّة الكفر وأشياع الضَلال إلاّ بروزاً وتثبيتاً، فازداد أثره علوّاً.

ولنَجِل عيوننا الآن إذا كنّا في شكّ من تمام هذه المعجزات التي اجترحتها شهادة سيّد الشهداء، لنَجِلها في كلّ البقاع والأصقاع باحثين عن أيّ أثر ليزيد أو معاوية أو شمر أو ابن زياد، فلا يمكن أن نعثر على أيّ أثر لهؤلاء، فقد اندرست آثارهم، وانمحى ذكرهم، وإذا ذكروا فلأجل لعنهم والدعاء لهم بنارٍ حامية لا تنطفئ.

ولنَجِل أبصارنا بالمقابل إلى أيّ مكان فوق هذا الكوكب، فيطالعنا خلود الحسين ونسمع اللهج بذكراه. ففوق كلّ مكان الحسين منارة هَدي، وفوق كلّ يمّ الحسين طوق نجاة، وفي كلّ مظلمة الحسين قبس من نور وحكمة، وأمام كلّ طاغية الحسين ثورة لا تبقي ولا تذر.

هو (عليه السّلام) ملء الأبصار والأسماع، أمل للحائرين والمظلومين، وبلسم

____________________

(١) كامل الزيارات / ٢٦١.

١٩٠

للمجروحين المحزونين، وشفاء لكلّ علّة اجتماعيّة وأخلاقيّة.

ولنرى الآن أين اُولئك الظالمون؟ وأين قبورهم؟ وكيف يُذكرون؟(١) لنقتنع بعظمة أقوال السبط العظيم، وبخلود مبادئه خلود الإنسان الذي كانت لأجله.

ويكفي يزيد مهانة أن يعلن ابنه معاوية الثاني أمام حشدٍ كبير براءته ممّا جنت أيدي أبيه وجدّه، ورفضه الجلوس على عرش ملوّث بدماء الحسين. ويكفي الحسين خلوداً وتكريماً أن يعلن ابن قاتله عن حمل شعلة ثورته والعمل بوحي من مبادئه.

ولنرى الآن كيف يكرّم المؤمنون على اختلاف أديانهم الحسين (عليه السّلام)، وكيف يستلهمون ثورته في قيامهم وقعودهم(٢) ، في صغائر اُمورهم الدنيويّة وكبائرها؟

فلنمجّد لله الذي كان رفوقاً بعباده إذ أعدّ لهم طوق خلاصهم، ورفع أمام بصائرهم الكليلة منارة الفضيلة والحقّ بشخص الحسين الشهيد. وإنّها لعبرة ودرس علوي لبني البشر؛ كي لا يعموا بصائرهم ويصمّوا آذانهم عن دعوات الحقّ التي يرسل لها تعالى أربابها لحكمة فوق مستوى إدراكهم.

قالت عزّته: وكما عَلَت السماوات عن الأرض كذلك طُرقي عَلَت على طُرقكم، وأفكاري على أفكاركم(٣) .

ونهضة الحسين (عليه السّلام) هي السفينة التي عناها الرسول الكريم، فمَن يركبها ينجو، ومَن يتخلّف عن ركوبها يغرق.

____________________

(١) قيل: إنّ يزيد مات أثناء تلهّيه بالصيد في (حوّارين) من بلاد الشام. ولم يعثر من جثّته إلاّ على فخذه، فنقلت إلى دمشق ودفنت قرب الباب الصغير اليوم في غرفة مهجورة ليس لها سقف، يرميها المارّون بالحجارة ويبصقون على العظام التي تضمّها، تبرّؤوا من يزيد ومن أفعاله المنكرة.

(٢) ذكرى عاشوراء تجديد لهذا الاستلهام، وإعادة لذكرى الفداء العظيم الذي أنقذ دين الإسلام من الفناء.

(٣) أشعيا ٥٥ / ٩ - ١٠.

١٩١

فما أجدر بالبشريّة وهي تجتاز في هذا العصر المظلم أخلاقيّاً واجتماعيّاً وسلطويّاً درب آلامها لأن تتوجّه نحو منارة الحسين كي لا تضلّ، وتتمسّك بأطواق مبادئه كي لا تغرق، وتسترشد بصرخته كي تبعد عنها وحوش الضلالة وثعابين الظلم والإذلال.

وما أحرانا الآن أكثر من أيّ وقت مضى لأن نستدفئ بحرارة قتل الحسين المنبعثة من قلوبنا حارّة لا تبرد أبداً. وهي حارة تستوطن قلوبنا، ولا داعي للبحث عنها بعيداً عن صدورنا، فهي جزء من حرارة قلوبنا، إذا كنّا مؤمنين.

ولنا في قولة الرسول الكريم (صلّى الله عليه وآله): «إنّ لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً» دافعاً لإدراك حقيقة جوهريّة لطالما تغافلنا عنها، وهي أنّ حرارة قتل الحسين قد احتلّت قلوبنا وامتزجت في دمائنا وصارت خليّة من خلايانا، ولو لم تكن حرارته كذلك لَما أعطاها الرسول الكريم صفة الحتميّة التي لا تتحمّل تأويلاً.

فصلوات الله عليه لم يقُل: ستظلّ حرارة قتل الحسين حارّة فيعطيها صفة المرحليّة، ولم يقُل: اجعلوها حارّة في قلوبكم فيعطيها صفة البدء، ويعطينا خاصيّة الاختيار والتقرير بين جعلها حارّة أو تركها باردة، ولم يقُل: يجب أن يكون لقتل الحسين حرارة فيربطها بإرادة الإنسان، فتخضع لمبدأ الوجوب أو عدمه، بل كان في قولته (صلّى الله عليه وآله) تضمين حتمي بأنّ لقتل الحسين حرارة لا تبرد أبداً، وهو تضمين لا يحمل صفة التعمية أو اللبس، بل هو تأكيد مجزوم بأنّ قلب المؤمن هو مقرّ ومستقرّ حرارة استشهاد الحسين؛ لأنّ سدى هذا الاستشهاد من لحمة إيمان قلب المؤمن، فهو إذاً لا يحيا إلاّ بهذه الحرارة، وهذه الحرارة لا تتأجّج حيث لا تبرد

١٩٢

أبداً إلاّ في هذا القلب(١) .

قولة نبويّة فيها من إعجاز الحكمة الشيء الكثير لو عملنا بمقتضاها لتبدّلت حياتنا، وما أظنّ إلاّ أنّا عاملون بهذا المقتضى ملتفتون إلى ما فيه من جوهر، فحتمية اندفاعتنا العصريّة وما يحيق بها من مظالم وقهر ستؤول بنا في النهاية إلى حظيرة الحسين، حيث نجد فيها العدل والرحمة والطمأنينة، وننفض عن ذاتيّتنا كلّ وهنٍ وخوفٍ وشكٍّ.

فمَن أحقّ من المؤمن في الاستفادة من نتائج شهادة الحسين، ومَن أحقّ منه في الدفء المنبعث من هذه الشهادة، حيث يذوب أمامه صقيع أوهامه؟ فهلاّ كنّا من المؤمنين الذين كرّمهم تعالى بأن جعل لقتل الحسين في قلوبهم حرارة لا تبرد أبداً؟ وهل نحن أهلٌ لهذه التكرمة؟ وجديرون حقّاً بهذه الحرارة؟

قبل الإجابة لنسأل أوّلاً: هل وعَينا هذه الحرارة؟ وهل تأكّدنا من وجودها في قلوبنا(٢) ؟

____________________

(١) حرارة المشاعر في القلوب هي المُلهم للفكر والمحرّك لإرادة الفعل. وفي استيلاء حرارة الحبّ في القلب المُحبّ دافعاً له لإظهار مودّته وعطفه نحو محبوبه بقدر كبير من الجزل والحبور. وحرارة قتل الحسين (عليه السّلام) المستوطنة في قلوبنا تؤجّج في أفكارنا إلهامات إنسانيّة خيّرة. وفي قلوبنا التماعات قدمية عذبة، فننحو نحوها بجوارحنا لنذوب في نداء مجهولها، فتخضوضر مناطق اليبوسة في حنايانا. وفي هذا سرّ الحرارة والتأجّج.

(٢) التأكّد يكون بعدّة مظاهر أوّلها القدرة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصرة المظلوم.

١٩٣

١٩٤

الأسبابُ البعيدة للثورة

بواعث الثورة لدى الحسين لم تبدأ في عصره وعصر خصمه يزيد، بل كان لها جذور تاريخيّة بدأت منذ عهد قروم عبد مناف، ثمّ إلى قريش. فالهاشميّون والاُمويّون من اُرومة واحدة، إلاّ أنّهم يختلفون عن بعضهم بالأخلاق والمُثُل؛ إذ كان بنو هاشم أخلاقيّين أريحيّين، بينما بنو اُميّة نفعيّون دهاة سيّما مَن كان منهم في أصل عبد شمس من الآباء.

ولعلّ خير وصف للأُسْرَتَين ذلك الذي قاله نفيل بن عدي لمّا تنافر له عبد المطّلب وحرب بن اُميّة، فقال لحرب:

أبوك مُعاهرٌ وأبوه عفٌّ

وذادَ الفيلَ عن بلدٍ حرامِ

وكان نفيل يشير إلى فيل أبرهة الذي أغار به على مكّة، ويعني عن اُميّة بـ(معاهر) لِما عُرف عنه من تعرّضه للنساء، وما أشيع من أنّه ضُرب مرّة بالسيف لتعرّضه لامرأة من بني زهرة.

١٩٥

ولعلّ اختلاف الأمزجة والأخلاق هو الذي حدّد مسار أجيال أبناء هاشم وأبناء عبد شمس، فقد عُرف عن بني هاشم تعلّقهم وعملهم في القيادة الدينيّة، وعُرف عن عبد شمس عملهم في التجارة والسياسة.

وإذا اختلفت الأمزجة والطبائع بين البشر فلا بدّ من اختلاف النظرة إلى الاُمور، وإلى كيفيّة أخذها تبعاً لذلك؛ لذا كان من المحتّم أن تقوم المواجهة السافرة حيناً، والمبطّنة حيناً آخر بين فروع العائلتَين المنحدرتَين من عبد مناف.

وطبيعي إذا ما تفجّرت مثل هذه المواجهة وتفاقم بين الأُسْرَتَين الخلاف أن يعرف المطّلع - وقد خَبُر فارق الطبائع والأمزجة - مَن سيكون المعتدي، ومَن سيكون المعتدى عليه، ومَن يأخذ جانب الباطل، ومَن يأخذ جانب الحقّ.

ولو عرضنا هذا الأمر على مطلق إنسان لأجاب: بأنّ النفعي هو ممثّل الباطل، والأريحي هو ممثّل الحقّ. وعلى نفس المقياس يجيب أيضاً: بأنّ التاجر والسياسي هو مشعل فتيل الخلاف، على القائد الديني وداعية الأخلاق.

وإذا كان من غير المناسب أن نخوض في الأسباب التاريخيّة لخلاف بني هاشم وبني اُميّة في متن كتابنا التحليلي هذا، تاركين هذه المهمّة لكتب التاريخ الصرفة التي تهتمّ بسرد الحوادث دونما تحليلها وإبداء الرأي حولها، فإنّ ذلك لن يمنعنا من تقديم نبذة بسيطة عن هذا الخلاف مذ تفجّر حتّى وصلت نتائجه إلى عهد الحسين ويزيد، وما كان من الحوادث التي تلت.

وما دمنا لا نبغي التركيز على تلك الفترات التاريخيّة إلاّ فيما ينفعنا لمادّة هذا الكتاب الذي نتوجّه به للفكر المسيحي العربي والغربي أوّلاً، وللفكر الإسلامي ثانياً، فإنّ في تعريجنا السريع على تلك الفترة من شأنه إكمال الصورة المجزّأة لملحمة كربلاء، وما سبقها من أسباب وبواعث وأحداث، ما دمنا قد أكملنا الأجزاء التي تلتها، فصار

١٩٦

لزاماً علينا وضع الأجزاء التي سبقتها لإكمال صورتها النهائيّة.

صراعُ موروث

جذور الخلاف الاُولى تمتدّ إلى صراع موروث وتخاصم حاد منذ عهد الجاهليّة الاُولى بشرارة بدأت بين هاشم واُميّة، وامتدّت بين محمّد (صلّى الله عليه وآله) وأبي سفيان، واستمرّت إلى عهد علي ومعاوية، وانتهت بعهد الحسين ويزيد.

وقد جاءت وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) لتكشف عن استمراريّة تمكّن روح القبليّة بين المسلمين، إذ لم تمضِ ساعات على وفاة الرسول الأعظم حتّى بدأت المداولات هنا وهناك بمعزل عن جموع اُمّة الإسلام العريضة، وكلّها تبحث في مسألة الخلافة بعد النبي (صلّى الله عليه وآله).

فرأى الأنصار بأنّ الخلافة من حقّهم، ونازعهم فريق قريشي هذا المنطق. وكان عامل الذهول الذي أصاب المسلمين بوفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) قد جعلهم يتناسون عهد النبي إلى علي بن أبي طالب (عليه السّلام). وكانت هذه الروح القبليّة التي تأجّجت يوم السقيفة هي البذرة الاُولى للفتنة التي نشبت بين المسلمين.

وحينما تولّى عمر الخلافة فرض العطاء على مبدأ التفضيل، ففضّل السابقين على غيرهم، وفضّل المهاجرين على الأنصار، والعرب على العجم، والصريح على المولى، ومضر على ربيعة، والأوس على الخزرج(١) .

____________________

(١) شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد ٨ / ١١١، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ١٠٦، وفتوح البلدان / ٤٣٧.

١٩٧

ولكن عمر ما كاد يدرك أخطار مبدئه هذا، السياسيّة منها والاجتماعيّة والدينيّة، ويرغب في تغييره، حتّى اغتيل(١) ، وخلفه عثمان وسار على نفس نهجه السابق.

وما عتمت الأحداث أن تطوّرت، وانقسمت الاُمّة الإسلاميّة إلى صفَّين؛ فكانت قريش - عدا بني هاشم - مع عثمان، والأنصار مع علي. ولعلّ أصدق موقفَين يصوّران حالة الجدل التي تفشّت وقتذاك هذان الموقفان: فقد قال عبد الله بن سعد بن أبي سرح الاُموي: أيّها الملأ إذا أردتم ألاّ تختلف قريش فيما بينها فبايعوا عثمان(٢) .

وقال عمّار بن ياسر: إن أردتم ألاّ يختلف المسلمون فيما بينهم فبايعوا عليّاً(٣) . ولمّا كان علي (عليه السّلام) مرشّح الأكثريّة المسلمة، وعثمان مرشّح الأرستقراطيّة القرشيّة، فقد فاز عثمان بالبيعة دون علي.

ومنذ ذلك اليوم دخل الاُمويّون في الحكم، وكان من نتيجة فوز عثمان أن صار أي مرشّح يرجو الخلافة لنفسه بعد أن رشّحه لها عمر. وقد وصف هذه النتيجة علي (عليه السّلام) بقوله: «لأسلمن ما سلمت اُمور المسلمين، ولم يكن فيها جَور إلاّ عليَّ خاصّة»(٤) .

وقد تفاعلت هذه الأحداث مع سياسة عثمان الفاسدة في المال والإدارة والحكم

____________________

(١) في تاريخ اليعقوبي، وشرح نهج البلاغة قال عمر: إن عشتُ هذه السنة ساويتُ بين الناس، فَلَم أفضّل أحمر على أسود ولا عربياً على عجمي، وصنعتُ كما صنع رسول الله وأبو بكر.

(٢) و (٣) شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد ٩ / ٥٩، وتاريخ الطبري ٤ / ٢٣٢ - ٢٣٣.

(٤) نهج البلاغة ١ / ١٥١.

١٩٨

فبدأ الانحراف الصريح في العقيدة ومبادئ الإسلام من يومها.

وقد ازداد الفساد في عهده فضرب كلّ الولايات الإسلاميّة، ممّا ألّب جموع المسلمين عليه فتنادوا إلى الثورة ضدّه بعد أن ضيق بأعمالهم، وبعثهم إلى أرض العدو كجنود - وجمّرهم - أي جمّدهم هناك، وحرم أعطياتهم ليطيعوه، ولكن هذه الأحداث انتهت بمقتل عثمان(١) .

ولايةُ علي (عليه السّلام)

بعد مقتل عثمان جاءت الجموع تطالب علياً بتولّي الحكم، لكنّه أبى عليهم ذلك؛ لأنّ للحكم تبعات سيّئة بعد ولاية عثمان، لذا قال لهم: «دَعُونِي وَالْتَمِسُوا غَيْرِي؛ فَإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَأَلْوَانٌ، لا تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ وَلا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْعُقُولُ، وَإِنَّ الآفَاقَ قَدْ أَغَامَتْ وَالْمَحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ. وَاعْلَمُوا أَنِّي إِنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ، وَلَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ وَعَتْبِ الْعَاتِبِ، وَإِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ، وَلَعَلِّي أَسْمَعُكُمْ وَأَطْوَعُكُمْ لِمَنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ، وَأَنَا لَكُمْ وَزِيراً خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً»(٢) .

ولكنّ المسلمين أبوا عليه هذا الرفض، فاستجاب لهم وبويع بالحكم، وقد بدأ (عليه السّلام) بإصلاح الإدارة التي أفسدها عثمان، ونجح في ذلك. وقد قال بهذا الصدد:

____________________

(١) مروج الذهب - المسعودي

(٢) نهج البلاغة ١ / ٢١٧.

١٩٩

«وَلَكِنَّنِي آسَى أَنْ يَلِيَ أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ سُفَهَاؤُهَا وَفُجَّارُهَا؛ فَيَتَّخِذُوا مَالَ اللَّهِ دُوَلاً، وَعِبَادَهُ خَوَلاً، وَالصَّالِحِينَ حَرْباً، وَالْفَاسِقِينَ حِزْباً».

وقضى الإمام على الفروق الجاهليّة، وكان مبدؤه بهذا الصدد: «الذليل عندي عزيز حتّى آخذ الحقّ له، والقويّ عندي ضعيف حتّى آخذ الحقّ منه»(١) .

ولم يمضِ بعض الوقت حتّى وضع الإمام علي الاُمور بنصابها وأحقّ الحقّ وقضى على التفاوت الطبقي، ممّا أثار حفيظة قريش فأرسلوا له الوليد بن عقبة بن أبي معيط يفاوضه؛ كي يضع عنهم ما أصابوه من مال أيّام عثمان على أن يبايعوه، ولكنّ الإمام رفض، فبدأت الدسائس والمؤامرات، وكان أوّلها حركة تمرّد في البصرة تحت شعار (الثأر لعثمان)، فقمعها الإمام، وفرّ مَن بقي من أنصارها إلى الشام، حيث قامت حكومة برئاسة معاوية بن أبي سفيان انضوى تحت لوائها كلّ الموتورين الذين ساءهم إصلاح حال الاُمّة الإسلاميّة على يد علي (عليه السّلام).

ولم تدُم الأيّام طويلاً فولدت حركة تمرّد اُخرى تحت شعار (الثأر لعثمان)، وكانت بزعامة معاوية فكانت معركة صفّين وكانت خدعة التحكيم، ثمّ النهروان، ثمّ مقتل علي (عليه السّلام)، ومبايعة ابنه الحسن، واضطراره للتخلّي عن الحكم تحت ضغط الأحداث وتوالي المؤامرات والدسائس.

انتقامُ معاوية من شيعة علي

وصارت الاُمور إلى معاوية وسيطر على الاُمّة الإسلاميّة كلّها، يسوسها

____________________

(١) نهج البلاغة ١ / ٢١٨.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258