دموع الأبرار على مصاب أبي الأحرار

دموع الأبرار على مصاب أبي الأحرار0%

دموع الأبرار على مصاب أبي الأحرار مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 186

دموع الأبرار على مصاب أبي الأحرار

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد محمد علي الحسيني البقاعي
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 186
المشاهدات: 38606
تحميل: 6931

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 186 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 38606 / تحميل: 6931
الحجم الحجم الحجم
دموع الأبرار على مصاب أبي الأحرار

دموع الأبرار على مصاب أبي الأحرار

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الله تعالى جعل لكلّ إنسان حياة وموتاً، فما من أحد يأتي إلى عالم الدنيا إلاّ وله يوم يُتوفّى فيه مهما تعدّدت أسباب هذه الوفاة، إلاّ أنّ حياة كلّ إنسان وموته تختلف عن حياة إنسان آخر وموته.

نوعيّة الناس

إنّ هناك نوعيّة من الناس تبدأ حياتها من حين الولادة وتنتهي عند حدود القبر، ولا تترك أثراً على المجتمع من حولها، وموتها لا يُؤثّر ولا يُغيّر شيئاً من الواقع.

وإنّ هناك نوعيّة اُخرى من الناس تبدأ حياتها منذ ولادتها، ولكن هذه الحياة لا تنتهي عند حدود القبر بل تستمر؛ لأنّ هذه النوعيّة سخّرت كلّ إمكاناتها وطاقاتها وكلّ ما تملك وحتى روحها من أجل حياة اُمّة بأكملها.

فالاُمّة ومصالحها تحتلّ قسماً كبيراً من حياة هذه النوعيّة؛ لذلك فحياتها مشاعل للأمّة؛ لأنّها نذرت نفسها لخدمة الناس وفي سبيل الله.

صحيح إنّ هذه النوعيّة من الناس قد ماتت وغُيّبت تحت التراب، لكنّها بقيت حيّة بحياة الأمّة؛ لأنّها أعطتها الحياة بتاريخها وحركتها؛ لذلك ليس صحيحاً أن نقول: إنّ الشهداء أموات. وليس صحيحاً أن نقول: إنّ الذين قدّموا أرواحهم وأعطوا الأمّة الوجود والعزّة والكرامة أموات، وكتاب الله تعالى يصدح بالقول: ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (1) .

____________________

(1) سورة آل عمران / 169.

١٦١

الحسين (عليه السّلام) حيّ باقٍ

عندما نقف أمام ثورة أبي عبد الله الحسين (عليه السّلام) الّتي انطلقت منذ سنة 61 للهجرة في العاشر من المحرّم، نلاحظ أنّها لم تنته، بل استمرت حتّى يومنا الحاضر، وستستمر إلى أن يأذن الله تعالى بقيام الساعة، فمَنْ منّا يقول: إنّ الإمام الحسين (عليه السّلام) قُتل؟ ومَنْ منّا يقول: إنّ الإمام الحسين (عليه السّلام) غاب؟ الإمام الحسين (عليه السّلام) لم يمُت؛ لأنّه بقي حيّاً بحياة الأمّة.

مَنْ يقول: إنّ الإمام الحسين (عليه السّلام) استطاعت الفئة الباغية من طغاة بني اُميّة أن تتغلّب عليه؟ إنّه باقٍ في شعارات الأمّة ووجدانها وضميرها.

الحوراء زينب باقية

مَنْ يقول: إنّ زينب (عليها السّلام) قد ماتت؟ بل قد أصبحت رمزاً للصبر والثبات وللإيمان العظيم وللتضحية.

مَنْ يقول: إنّها (عليها السّلام) غير حاضرة في وجدان وضمير الاُمّة؟! إنّها حيّة، وإلاّ لم يكن عندنا زينبيات يسرنَ على خُطى الحوراء (عليها السّلام).

الاُمّة مستمرة على خطّ الحسين (عليه السّلام)

الاُمّة الّتي انطلقت مع الحسين (عليه السّلام) من كربلاء، واستمرت بالحسين (عليه السّلام) وبأصحاب الحسين (عليه السّلام) وأتباعه وبالشهداء على خُطاه اُمّة باقيّة بإذن الله مهما كثر عدد المتآمرين والمتخاذلين والمنافقين من حولها.

والاُمّة الّتي تخطّ تاريخاً بدماء شهدائها هي الّتي تدخل التاريخ من بابه الواسع، والاُمّة الّتي

١٦٢

تُضحي برجالها ونسائها، بصغيرها وكبيرها هي الاُمّة الحيّة، وبحياتها يحيا الشهداء ولا يموتون، ولنا بأهل البيت (عليهم السّلام) اُسوة حسنة.

الاُمّة المتخاذلة

الاُمّة المتخاذلة الّتي لا تعرف كيف تكتب تاريخها بدمائها وبدماء شهدائها هي الاُمّة المندثرة والمضمحلّة.

حضور المجتمع المؤمن مع الحسين (عليه السّلام)

عندما نعيش مع الإمام الحسين (عليه السّلام) في ثورته نرى فيها الأمّة بأجمعها، فالشيخ والشاب، والمرأة والغلام، وحتى الطفل كانوا حاضرين في كربلاء.

فحضور الشيوخ والشباب والنساء والفتية والأطفال في كربلاء يعني أن لا يقول شيخ أو امرأة أو فتى أو طفل: أنا لا أقدر أن أفعل شيئاً. لا، فالكلّ قادر على المشاركة في إحياء الاُمّة.

الجهاد في كربلاء لم يسقط حتّى عن الغلام اليتيم

الإمام الحسين (عليه السّلام) لم ينكر الجهاد حتّى على غلام لم يبلغ الحلم، وهو ابن أخيه القاسم (عليه السّلام) (1) . هذا الغلام عندما رأى عمّه يخرج من المخيّم منادياً:

____________________

(1) القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام)، أمّه رملة، جاء مع عمّه الإمام الحسين (عليه السّلام) إلى كربلاء. جاء إلى عمّه يستأذنه للقتال، فلمـّا رآه الإمام (عليه السّلام) اعتنقه وبكى، ولم يأذن له، فألحّ عليه فأذن له.

ضربه عمرو بن سعد بن نفيل على رأسه بالسيف فقتله. ورد السلام عليه في الزيارة:« السلام على القاسم بن الحسن، المضروب هامته » الإقبال / 49 - 50، منتهى الآمال 1 / 680، مقاتل الطالبيِّين / 93، الإرشاد 2 / 107 - 108.

١٦٣

« هل من ذابّ يذبّ عن حرم رسول الله؟ هل من موحّد يخاف الله فينا؟ هل من معين يرجو ما عند الله في إعانتنا » (1) . خرج ينادي: لبيك عمّ أبا عبد الله.

أقبل الحسين (عليه السّلام) إليه، ضمّه إلى صدره، وقال له: « يابن أخي، أنت البقيّة من أخي الحسن، فلا أحبّ أن أعرضك لضرب السيوف » .

قال: يا عم، لقد ضاق صدري، وهذه وصية والدي الحسن مكتوب فيها: « بُني قاسم، إذا رأيت عمّك الحسين (عليه السّلام) وحيداً فريداً فلا تُقصّر عن نصرته » .

فضمّه الحسين (عليه السّلام) إلى صدره وبكيا طويلاً، وقال:« بُني، قد أذنت لك » .

فأقبل القاسم إلى اُمّه فرحاً مسروراً، وهو يقول: يا أمّاه يا أمّاه، إنّ عمّي قد أذن لي. فضمّته رملة(2) إلى صدرها.

بعض الروايات تقول: إنّ رملة بنفسها ألبست لامة الحرب لابنها القاسم ليُقاتل بين يدي أبي عبد الله الحسين (عليه السّلام). فانطلق القاسم إلى المعركة، وتساءل الأعداء عن شخصية هذا الغلام، فبدأ يرتجز ويقول:

إن تنكروني فأنا نجل الحسنْ

سبط النبي المصطفى والمؤتمنْ

هذا حسينٌ كالأسير المـُرتهنْ

بين اُناسٍ لا سُقوا صوب المزنْ

يقول حميد بن مسلم: خرج إلينا القاسم وبيده سيفه، وجهه كفلقة قمر طالع، وعليه قميص وإزار، وفي رجليه نعلان.

____________________

(1) اللهوف / 50، مقتل الخوارزمي 2 / 32، تاريخ الطبري 7 / 36.

(2) في طبقات ابن سعد: رملة زوجة الإمام الحسن (عليه السّلام)، واسمها نفيلة، وهي اُمّ القاسم وأبي بكر وعبيد الله الذين استشهدوا في واقعة الطفّ بكربلاء مع عمّهم الإمام الحسين (عليه السّلام). طلائع الشهداء / 45.

١٦٤

وفي ذلك يقول حميد بن مسلم: لو تصفّحت التاريخ لما وجدت غلاماً كهذا، يبرز إليه سبعون رجلاً وعليه قميص وإزار، والحالة أنّ العرب كانوا لا يبرزون إلاّ بعد الاستعداد ولبس الدروع والمفاخر، حتّى إنّ الرجل منهم كان لا يُعرف لكثرة ما عليه من الحديد ومن لامة الحرب، ولا يُرى منه إلاّ عيناه، والقاسم بن الحسن (عليه السّلام) برز يوم عاشوراء إلى الأعداء وعليه قميص وإزار، فأين هذا من ذاك؟!

وأعجب من هذا أنّ القاسم لعدم مبالاته بكثرة الأعداء انقطع شسع نعله، ووقف بين تلك الجموع يشدّه، وبينما هو كذلك إذ بدر إليه لعين من أعداء الله وهو عمر بن سعد بن نفيل الأزدي (1) وقال: عليّ آثام العرب إن لم أثكل به اُمّه وعمّه.

فقال له حميد: أما ترى وجهه كفلقة قمر؟ دعه يكفيك الذين احتوشوه. فقال: لا والله حتّى اضرب ضربتي. فما ولّى عدو الله حتّى ضرب مولانا القاسم على اُمّ رأسه فشقّ هامته نصفين... فهوى على الأرض منادياً: يا عمّاه أدركني!

فأتاه الحسين (عليه السّلام)، وإذا بالغلام يفحص بيديه ورجليه، فقال الإمام (عليه السّلام): « عزّ والله على عمّك أن تدعوه فلا يُجيبك، أو يُجيبك فلا يُعينك، أو يُعينك فلا يُغني عنك. بعداً لقوم قتلوك، ومَنْ خصمهم يوم القيامة جدّك وأبوك! هذا يوم والله كثُر واتره، وقلّ ناصره » (2) .

____________________

(1) خرج مع جيش عمر بن سعد لقتال الإمام الحسين (عليه السّلام)، وقام بقتل القاسم بن الحسن (عليه السّلام) في كربلاء في العاشر من محرّم سنة 61 هـ.

ورد لعنه في الزيارة بعد السلام على القاسم بن الحسن (عليه السّلام):« ولعن قاتلك عمر بن سعد بن عروة بن نفيل الأزدي، وأصلاه جحيماً، وأعدّ له عذابا أليماً » الإقبال / 50، مثير الأحزان / 69، مقاتل الطالبيِّين / 93، تاريخ الطبري 3 / 331.

(2) تاريخ الطبري 4 / 331، اللهوف / 50، الإرشاد / 239، الإقبال / 49 - 50، معالي السبطين 1 / 454، أعيان الشيعة 1 / 608.

١٦٥

بچه اُوناداه يا جاسم اشبيدي

ياريت السيف گبلك حز وريدي

هان الكم تخلوني اوحيدي

أو على إخيمي يا عمّي الگوم تفتر

يعمّي اشگالت امن الطبر روحك

يجاسم ما تراويني اجروحك

لون ابگه يعمّي كنت أنوحك

ابگلب مثل الغضا وبدمع محمر(1)

يُقال: لمـّا سقط القاسم على الأرض مشى إليه الحسين (عليه السّلام) وقف عنده ودموعه جارية وحسراته وارية، وأنشأ يقول:

غريبونَ عن أوطانِهم وديارِهم

تنوحُ عليهم في البراري وحوشُها

وهل كيف لا تبكي العيونُ لمعشرٍ

سيوفُ الأعادي في البراري تنوشُها

بدورٌ توارى نورها فتغيّرت

محاسنُها تربُ الفلاةِ نعوشُها(2)

ثمّ نزل إليه ووضع صدره على صدر القاسم واحتمله إلى المخيّم ورجلاه تخطّان في الأرض خطّاً.

جاء بالقاسم إلى الخيمة الّتي فيها ولده علي الأكبر طرحه إلى جنبه (3) ،

____________________

(1) مجمع المصائب 1 / 162.

(2) معالي السبطين 1 / 454.

(3) معالي المدرستين 3 / 158، تاريخ الطبري 3 / 331، الإرشاد 2 / 102 - 103، مقاتل الطالبيِّين / 93.

١٦٦

وجعل ينظر تارة إلى وجه الأكبر وينحني عليه وينادي:« وا علياه! » . وينظر تارة اُخرى إلى وجه القاسم وينادي:« وا قاسماه! » .

(دكسن)

جابه ومدّده ما بين اخوته

وبچه عدهم يا ويلي وهم موتى

بس ما سمعن النسوان صوته

إجت رمله تصيح الله اكبر

كأنّي بأمّه رمله تقول:

(أبو ذيّة)

ردتك ما ردت دنيا ولا مال

تحضرني لو وگع حملي ولا مال

يجاسم خابت اظنوني والآمال

عند الضيق يبني اگطعت بيه

ربيتك أو عيني اعليك تربي

أو يحس بيك ليل انهار گلبي

يجاسم بيش أوچدّ بعد دربي

اوضوه عيوني طفاها الدهر واظلم

مبارك بين سبعين الف جابوك

عن الحنه بدم الراس حنوك

بدال الشمع بالنشاب زفوك

على راسك ملبس نبل ينثر

بنيّ قتلوك وما عرفوك

١٦٧

(تخميس)

ما كنتُ آملُ أن أبقى وأنتَ على

حرّ الصعيدِ ضجيعَ الصخرِ والحجرِ

لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم. إنّا لله وإنّا إليه راجعون، وسيعلم الذين ظلموا آل بيت محمّد أيّ منقلب ينقلبون، والعاقبة للمتقين.

نسألك اللّهمّ وندعوك باسمك العظيم الأعظم، الأعزّ الأجل الأكرم، يا محمود بحقّ محمّد، يا عالي بحقّ علي، يا فاطر السماوات والأرض بحقّ فاطمة، يا محسن بحقّ الحسن، يا قديم لإحسان بحقّ الحسين (عليه السّلام) عجّل فرج وليك الحجّة المنتظر المهدي (عجّل الله فرجه)، وأنجز له ما وعدته، واجعلنا من جنده وأنصاره والمستشهدين بين يديه.

الإخوة الحاضرون تقبّل اللّهمّ عملهم بأحسن القبول، اقض حوائجهم بحقّ محمّد وآل محمّد، اجعل قلوبهم وديارهم عامرة بذكر محمّد وآل محمّد، ارزقهم شفاعة محمّد وآل محمّد، اغفر لهم بحقّ محمّد وآل محمّد، واحشرهم مع محمّد وآل محمّد.

أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.

الفاتحة لاستجابة الدعاء قبلها الصلاة على محمّد وآل محمّد (صلّى الله عليه وآله).

١٦٨

المجلس العاشر

1 - القصيدة: أبا صالح يا مدرك الثار.

2 - الموضوع: الإمام المهدي (عجّل الله فرجه الشريف) والثأر.

3 - الترجمة: عبد الله الرضيع.

حرملة.

الرباب.

4 - المصيبة: شهادة عبد الله الرضيع.

١٦٩

١٧٠

عظّم الله أجوركم يا بقيّة الله يا صاحب العصر والزمان بمصابكم بجدّكم أبي عبد الله الحسين وآل بيته وأصحابه.

صلّى الله عليك يا سيدي ومولاي يا رسول الله، صلّى الله عليك وعلى آلك المظلومين، لعن الله الظالمين لكم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين.

صلّى الله عليك يا سيدي ومولاي وابن مولاي يا أبا عبد الله، يا صريع الدمعة الساكبة، ويا عبرة كلّ مؤمن ومؤمنة.

روحي وأرواح شيعتك لك الفدا يا شهيد كربلا، ويا قتيل العدا، ومسلوب العمامة والردا. ما خاب مَنْ تمسّك بكم، وأمن مَنْ لجأ إليكم، يا ليتنا كنّا معكم سادتي فنفوز والله فوزاً عظيماً.

أبا صالح يا مدركَ الثار كم ترى

وغيضك(1) وارٍ غير أنّك كاظمهْ

وهل يملكُ الموتورُ صبراً وحوله

يروحُ ويغدو آمنُ السربِ غارمهْ

____________________

(1) غيظك وار: أي غضبك متّقد.

١٧١

أتنسى أبيَّ الضيمِ في الطفِّ مُفرداً

تحومُ عليهِ للوداعِ فواطمهْ

أتنساهُ فوقَ التُربِ مُنفطرَ الحشا

تناهبهُ سمرُ الردى وصوارمهْ

ورُبَّ رضيع أرضعتهُ قسيّهُم

من النبلِ ثدياً درّه الثرُ فاطمهْ

فلهفي لهُ مذ طوّقَ السهمُ جيدَهُ

كما زيّنتهُ قبلَ ذاكَ تمائمهْ

ولهفي لهُ لمـّا أحسّ بحرِّهِ

وناغاهُ من طيرِ المنيّةِ حائمهْ

هفا لعناقِ السبطِ مبتسمُ اللمى(1)

وداعاً وهل غيرُ العناقِ يُلائمهْ

ولهفي على اُمّ الرضيعِ وقد دجا

عليها الدّجا والدوحُ ناحت حمائمهْ

تسللَ في الظلماءِ ترتادُ طفلها

وقد نجمت بين الضحايا علائمهْ

أقلّته بالكفينِ ترشفُ ثغرَهُ

وتلثمُ نحراً قبلها السهمُ لاثمهْ

____________________

(1) اللمى: سمرة الشفتين واللثاث.

١٧٢

بُنيَّ أفق من سكرةِ الموتِ وارتضعْ

بثدييكَ علّ القلبَ يهدأ هائمهْ

بُنيَّ فقد درّا وقد كضّكَ الظما

فعلّك يُطفى من غليلكَ ضارمهْ

بُنيَّ لقد كنتَ الأنيس لوحشتي

وسلواي إذ يسطو من الهمِّ غائمهْ(1)

(أبو ذيّة)

مياتم للحزن ننصب ونبني

فجعني حرملة بنبله ونبني

الطفل عادة يفطمونه ونبني

انفطم يا ناس بسهام المنيهْ

لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم.

( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) (2) .( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ ) (3) .

إنّ أتباع كلّ الديانات على مرّ التاريخ يؤمنون بوجود مخلّص لهم في

____________________

(1) للشيخ محمّد تقي آل صاحب الجواهر - كربلاء / 397، المعتمد في العزاء / 226، مقتل الحسين (عليه السّلام) - للمقرّم / 397، مجمع المصائب 1 / 203.

(2) سورة القصص / 5.

(3) سورة الأنبياء / 105.

١٧٣

آخر الزمان ينقذهم من الظلم والجور، ويظهر العدل على يديه فينعمون في ظلّ العدل والمساواة ورغد العيش.

فالمسيحيون يقولون بخروج المسيح في آخر الزمان، والبوذيون يؤمنون ببوذا أنّه سيخلّصهم في آخر الزمان، حتّى اليهود يؤمنون بهذا المخلّص أيضاً، والمسلمون على اختلاف مذاهبهم يؤمنون بوجود المهدي (عجّل الله فرجه) حتّى لو اختلفوا حول شخصيته أو طبيعة غيابه وظهوره؛ فرسول الله (صلّى الله عليه وآله) الذي ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ) (1) يؤكّد لنا وجود هذا الإمام العظيم.

ولا بدّ لنا من التعرّف عليه حتّى لا نكون كأهل الجاهليّة نموت على غير دين الإسلام، فعنه (عليه السّلام): « مَنْ مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة » (2) .

وصرّح في أحاديثه الشريفة عن نسبه واسمه ومواصفاته ومنها: « لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث الله فيه رجلاً من ولدي، يواطئ اسمه اسمي، يملؤها عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً » (3) .

فقام سلمان وقال: من أيّ ولدك هو؟ فقال (صلّى الله عليه وآله): « من ولدي هذا » . وضرب بيده منكب الإمام الحسين (عليه السّلام).

مَنْ هو الإمام المهدي المنتظر (عجلّ الله فرجه الشريف)؟

فالإمام المنتظر (عجّل الله فرجه) هو شريك القرآن، سيف الله المسلول، وفلذة كبد البتول (عليها السّلام)، صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)، هو محمّد بن الحسن العسكري (عليه السّلام)، والإمام الثاني عشر من أئمّة الهدى وأعلام التّقى.

اُمّه نرجس، وهي من ذريّة

____________________

(1) سورة النجم / 3 - 4.

(2) بحار الأنوار 2 / 331 باب 8.

(3) الإرشاد 2 / 340، سيرة الأئمّة الاثني عشر 2 / 522، صحيح الترمذي.

١٧٤

شمعون وصي المسيح (عليه السّلام) وأبرز حوارييه، ولمـّا حملت بالإمام (عليه السّلام) لم تظهر عليها آثار الحمل، كان شأنّها كشأن اُمّ موسى (عليه السّلام)، فلمـّا ولد الإمام الحجّة (عليه السّلام) وقع على الأرض ساجداً أو كهيئة الساجد، فرفعته عمّته حكيمة، فإذا به طاهر ونظيف، فأخذته إلى أبيه الحسن العسكري (عليه السّلام)، فمسح بيده على سمعه وبصره قائلاً له: « تكلّم يا بُني » .

عندها قال: « أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمداً رسول الله (صلّى الله عليه وآله) » . ثم صلّى على كلّ الأئمّة بعد الرسول (صلّى الله عليه وآله) إلى أن وصل إلى ذكر اسمه فأحجم عن الكلام، وتلا الآية الكريمة: ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) (1)(2) .

عصر ولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)

وتميّز العصر الذي ولد فيه الإمام (عليه السّلام) بشدّة الأذى على أهل البيت (عليهم السّلام)، ومراقبتهم وقلّة ولدهم؛ لذا كان الإمام العسكري (عليه السّلام) يبالغ في ستر ولده المهدي (عليه السّلام) وفي إبعاده عن أعين الناس؛ لأنّه وليده الوحيد، والحجّة على العباد من بعد أبيه (عليه السّلام) الذي انتقل إلى جوار ربّه والمهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) له من العمر خمس سنوات على بعض الروايات، فانتقلت إليه الإمامة؛ الأمر الذي أغاظ الذي كان يلقّب بجعفر الكذّاب؛ لأنّه ادّعى الإمامة لنفسه زوراً وبهتاناً.

وبعد وفاة الإمام العسكري (عليه السّلام) تقدّم جعفر (3) للصلاة على الإمام (عليه السّلام)، وإذ بصبي بوجهه سمرة

____________________

(1) سورة القصص / 5.

(2) الإمام المهدي (عليه السّلام) من المهد إلى الظهور / 118.

(3) هو جعفر ابن الإمام علي بن محمّد الهادي (عليه السّلام)، وقد انحرف عن خطّ آبائه الطاهرين وسلك طريق الهوى، حيث رشّح نفسه للإمامة الكبرى والخلافة العظمى. الإمام المهدي من المهد إلى الظهور / 148.

١٧٥

يتقدّم ويأخذ برداء عمّه إلى الوراء وهو يقول: « تأخّر يا عمّ، فأنا أحقّ منك بالصلاة على أبي » .

فتأخّر جعفر من دون أن تبدو منه أيّة معارضة، وصلّى الإمام المهدي (عليه السّلام) (1) على والده، وكانت هذه هي المرّة الاُولى الّتي يظهر بها الإمام (عليه السّلام) أمام الناس.

ثمّ يُقال: إنّه نزل في سرداب وغاب عن الأبصار، فكانت هذه غيبته الصغرى، وسُمّيت بالصغرى؛ لأنّ الإمام فيها كان لديه السفراء (2) الذين يرعون شؤون الناس الموالين للإمام (عليه السّلام)، وللتوسّط بينهم وبينه.

وكانوا يُهيئون الناس ويعودونهم على مسألة غياب الإمام (عليه السّلام)، وحتى لا يؤدّي الاحتجاب المفاجئ إلى الإنكار المطلق لوجوده (عليه السّلام).

وبعد وفاة السفير الرابع(3) بدأت غيبة الإمام (عليه السّلام) الكبرى الّتي ما زالت مستمرة إلى أن يأذن الله له بالظهور في آخر الزمان.

وممّا جاء بشأنه (عليه السّلام) عن الإمام السجّاد (عليه السّلام):« في القائم منّا سنن من سنن الأنبياء؛ سنّة من آدم، وسنّة من نوح، وسنّة من إبراهيم، وسنّة من موسى، وسنّة من عيسى، وسنّة من أيوب، وسنّة من محمّد (صلّى الله عليه وآله).

فأمّا من آدم ومن نوح فطول العمر، وأمّا من إبراهيم فخفاء الولادة واعتزال الناس، وأمّا من موسى فالخوف والغيبة، وأمّا من عيسى فاختلاف الناس فيه، وأمّا من أيوب فالفرج بعد البلوى،

____________________

(1) بحار الأنوار 5 / 332، سيرة الأئمّة الاثني عشر 2 / 535، الإمام المهدي من المهد إلى الظهور / 150.

(2) هم: عثمان بن سعيد العمري، محمّد بن عثمان العمري، الحسين بن روح، علي بن محمّد السمري.

(3) وهو علي بن محمّد السمري، كانت وفاته سنة 329 هـ. سيرة الأئمّة الاثني عشر 2 / 544.

١٧٦

وأمّا من محمّد (صلّى الله عليه وآله) فالخروج بالسيف » (1) .

هذه السنن كلّها اجتمعت في إمام زماننا المهدي (عجّل الله فرجه) وآخرها سنّة جدّه (صلّى الله عليه وآله)؛ لأنّه سيخرج مُجرّداً قناته، شاهراً سيفه، ولن يكون من جنده إلاّ مَنْ أحسن انتظاره، ولا يكون هذا الانتظار بالجلوس جانباً وعدم العمل وعدم الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر، ولكن بإصلاح أنفسنا ومجتمعنا، وإقامة حكم الله في الأرض، وطاعة ولي الأمر الذي أمرنا بإطاعته.

وقد قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): « أفضل أعمال اُمّتي انتظار الفرج من الله عزّ وجلّ » (2) ؛ لذلك علينا التهيئة والتوطئة لهذا الظهور المبارك ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما مُلئت ظلماً وجوراً؛ ليأخذ بثأر جدّه الحسين (عليه السّلام) من أعدائه الظالمين.

الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) واليوم الموعود

وقد روي عن الإمام الصادق (عليه السّلام): « كأنّي بالمهدي في يوم العاشر من المحرّم الذي قُتل فيه جدّه الحسين (عليه السّلام)، فإذا ظهر وضع سيفه على عاتقه، ميكائيل عن يمينه، إسرافيل عن شماله، وجبرائيل ينادي بين السماء والأرض: ظهر المهدي من آل بيت محمّد (صلّى الله عليه وآله) » .

الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وكربلاء

وروي أنّه يأتي إلى أرض كربلاء فتجري دموع عينيه على خديه، فيقول:

____________________

(1) بحار الأنوار 52 / 217 باب 31، إكمال الدين، الإمام المهدي (عليه السّلام) من المهد إلى الظهور / 73.

(2) بحار الأنوار 52 / 128 باب 22.

١٧٧

« ما هذه الأرض الّتي أحزنتني؟ » . فيُقال له: « هذه أرض كربلاء الّتي قُتل بها جدّك الحسين ». فيأتي إلى المقام الذي دُفن فيه الحسين (عليه السّلام) فيقول:« السلام عليك يا جدّاه » . فيخرج صوت من داخل الضريح:« وعليك السلام يا ولداه، إلى الآن تأخّر ظهورك وقد كسرت الأعداء جناحي صدري! » .

ثمّ يحفر (عجّل الله فرجه) بسيفه عند قبر الحسين فيستخرج طفلاً صغيراً مذبوحاً، وهو جثّة بلا رأس، فيغضب (عجّل الله فرجه) ويقول:« يا ربّي، ما ذنب هذا الطفل؟ » .

نعم سيدي يا صاحب الأمر، هكذا كان نداء جدّك الحسين (عليه السّلام) في يوم عاشوراء، صاح:« يا قوم، قد قتلتم أخي وأولادي وأنصاري، وما بقي غير هذا الطفل (1) ، وهو يتلظّى عطشاً من غير ذنب أتاه إليكم، فاسقوه شربة من الماء » .

فاختلف المعسكر فيما بينهم؛ منهم مَنْ قال: إذا كان ذنب للكبار فما ذنب هذا الطفل؟ ومنهم مَنْ قال: اقتلوه ولا تبقوا لأهل هذا البيت باقية.

فلمـّا رأى ابن سعد ذلك صاح بحرملة (2) : ويلك يا حرملة! اقطع نزاع

____________________

(1) عبد الله بن الحسين (عليه السّلام) أمّه الرباب، قُتل على صدر والده الحسين (عليه السّلام) وعمره ستة أشهر، ولا يزال رضيعاً. ورد السلام عليه في الزيارة:« السلام على عبد الله بن الحسين الطفل الرضيع، المرمي الصريع، والمتشحّط دماً، المصعّد دمه في السماء، المذبوح بالسهم في حجر أبيه » الإقبال / 49، إبصار العين / 24 - 25.

(2) حرملة بن كاهل الأسدي، خرج مع عمر بن سعد لقتال الإمام الحسين (عليه السّلام)، فقام برمي عبد الله بن الحسن (عليه السّلام) وعبد الله بن الحسين الطفل الرضيع فأرداه قتيلاً، وبعد انتهاء المعركة قام بحمل رأس أبي الفضل العباس إلى الكوفة.

بعد خروج المختار في الكوفة قبض عليه أصحاب المختار وسلّموه إليه، فلمـّا نظر إليه المختار قال له: الحمد لله الذي مكّنني منك، فأمر بقطع يديه ورجليه، ثمّ اُحرق بالنار.

ورد لعنه في الزيارة بعد السلام على عبد الله الرضيع:« لعن الله راميه حرملة بن كاهل الأسدي وذويه » تذكرة الخواص / 253، إبصار العين / 25، الإقبال / 49، الأمالي - للطوسي / 238 - 233.

١٧٨

القوم. قال: فما أصنع؟. قال: ارم الطفل بسهم. فقال حرملة: فرأيت رقبته تلمع على عضد أبيه الحسين، فرميت الطفل بسهمي فذبحته من الوريد إلى الوريد، فلمـّا أحسّ الطفل الرضيع بحرارة السهم أخرج يديه من القماط واعتنق أباه، وجعل يرفرف كالطير المذبوح.

(دكسن)

نظر طفله ورگبته شلون مالت

حن ودمعته من العين سالت

يبويه من السهم روحك اشگالت

ذبح وعطش بويه ذگت الاثنين

فوضع الحسين (عليه السّلام) كفّه تحت منحر الرضيع، فلمـّا امتلأت دماً رمى به نحو السماء وقال (عليه السّلام): « هوّن عليّ ما نزل بي أنّه بعين الله. اللّهمّ لا يكون أهون عليك من فصيل ناقة صالح » . ثمّ رجع إلى المخيّم (1) .

يقولون: إنّ الحسين (عليه السّلام) كان يقف عند باب الخيمة ثمّ يرجع، يفعل ذلك أكثر من مرّة؛ لأنّ الرباب (2) اُمّ الرضيع كانت تنتظر ولدها وقد شرب الماء، فالإمام (عليه السّلام) لا يستطيع أن يدخل

____________________

(1) الكبريت الأحمر / 126، مصائب آل محمّد / 338، معالم المدرستين / 146، الكامل في التاريخ 4 / 75.

(2) الرباب بنت امرئ القيس بن عدي، زوجة الإمام الحسين (عليه السّلام)، وهي اُمّ ولده عبد الله الرضيع وسكينة، وكان الحسين (عليه السّلام) يقول كما في بعض الروايات:

لعمري إنّني لأحب داراً

تحلّ بها سكينة والربابُ

طلائع الشهداء / 458.

١٧٩

الخيمة ويخبرها بما جرى؛ لهذا عندما رأته أخته زينب (عليها السّلام) صاح: « اُخيّة زينب، ساعديني » .

أقبلت زينب (عليها السّلام)، فجعلا يحفران لهذا الرضيع، بينما هما كذلك وإذا بالرباب قد أقبلت تقول: سيدي أبا عبد الله، قف لي هنيئة حتّى اُودّع ولدي، دعني أقبّل ولدي:

ردوك يبني بسهم مفطوم

يالرحت عن الماي محروم

بعدك لحرّم لذّة النوم

واصبغ يعگلي سود الهدوم

وابچي عليك بگلب مألوم

يقولون: في ليلة الحادي عشر من المحرّم رأت الرباب في منامها أنّها تهزّ مهد ولدها، فانتبهت من نومها وإذا بها ترى المهد خالياً من ولدها.

في هذه الليلة افتقدت العقيلة زينب (عليها السّلام) الرباب، فأخذت تبحث عنها بين النساء فلم تجدها، توجّهت نحو المكان الذي دُفن فيه الطفل الرضيع، سمعت هناك أنيناً وحنيناً، أقبلت العقيلة زينب (عليها السّلام) نحوها، قالت لها: رباب، ما تصنعين هنا؟ قالت لها: سيدتي، عندما أباحوا لنا الماء وشربت منه درّ ثدياي عليّ فأوجعني صدري، فقلت: آتي إلى رضيعي لعلّي أجد فيه رمقاً من الحياة، لكنّه مذبوح من الوريد إلى الوريد.

جيت ارضع ابني الما شرب ماي

درّت يبت حيدر ثداياي

بلچت يزينب يسمع انداي

ويگوم روحي اولبّة احشاي

وكانت الفرصة مناسبة للحوراء (عليها السّلام) لتبث شكواها إلى أخيها الحسين (عليه السّلام):

١٨٠