دموع الأبرار على مصاب أبي الأحرار

دموع الأبرار على مصاب أبي الأحرار0%

دموع الأبرار على مصاب أبي الأحرار مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 186

دموع الأبرار على مصاب أبي الأحرار

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد محمد علي الحسيني البقاعي
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 186
المشاهدات: 38588
تحميل: 6929

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 186 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 38588 / تحميل: 6929
الحجم الحجم الحجم
دموع الأبرار على مصاب أبي الأحرار

دموع الأبرار على مصاب أبي الأحرار

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

المرتبة الاُولى:

وهي الإنكار بالقلب، بحيث إذا سمع صوت أغانٍ مثلاً عند جاره يجب أن يُنكر هذا العمل بقلبه، ويفهم بذلك مستمع الغناء على أنّه منكر للغناء وغير راضٍ؛ فإنّ الراضي بفعل قوم كالداخل معهم.

المرتبة الثانية:

هي الإنكار باللسان، أي بالكلام، مثلاً إذا سمع صوت غناء فيقول: إنّ الغناء حرام، وإذا رأى امرأة من دون حجاب عليه أن يأمرها بلبس الحجاب وإعلامها بوجوبه.

مراتب القول:

وللقول مراتب: من القول اللين والوعظ والإرشاد، إلى الكلمات الآمرة والزاجرة، ووصولاً إلى غلظة القول، فهي تكون حسب الأشخاص والظروف.

المرتبة الثالثة:

وهي الإنكار باليد، غير الضرب ونحوه؛ فإنّه يحتاج إلى إجازة، وهو مثلاً أن يُطفئ المسجلة، وهكذا.

٤١

شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

1 - معرفة المعروف والمنكر

أن يعرف الآمر أو الناهي المعروف والمنكر، فلا يمكن أن أمنع شارب الخمر من دون أن أعرف أن الخمر حرام، ولا يمكن أن آمر بالصلاة من دون أن أعلم أنّها واجبة، فتجب معرفة المعروف والمنكر شرعاً لكي يصح أن نأمر وننهى؛ فإنّ فاقد الشيء لا يعطيه.

2 - احتمال التأثير

أن يحتمل تأثير الأمر أو النهي، فيوجد بعض الأشخاص لا يريدون أن يسمعوا منّا ولا يهتمّون ولا يتأثّرون، فهنا يسقط الوجوب؛ لعدم احتمال التأثير.

3 - الإصرار

أن يكون العاصي مُصرّاً على الاستمرار في المعصية، بحيث ما زال يكذب، ويسرق، ويغتاب، ويسمع الحرام، فعندها لا يسقط وجوب الأمر والنهي، وإلاّ إذا علم أنّه ترك سماع الأغاني مثلاً لا يجب أن يأمره؛ لأنّه ترك.

٤٢

4 - عدم المفسدة أو الضرر في الإنكار

أن لا يكون في إنكاره مفسدة أو ضرر كبير على الآمر والناهي، بحيث يُضرب أو يُشتم بما لا يليق به، فعند ذلك لا وجوب إلاّ إذا كان المنكر من الاُمور المهمّة والخطيرة الّتي يهتمّ بها الإسلام، كمحو وتغيير بعض شعائر الإسلام، فعندها لا بدّ من ملاحظة الأهمية حتّى لو أوجبت سفك دماء وأسر وجرح.

الإصلاح والسير بسيرة الرسول (صلّى الله عليه وآله)

فإنّ الاُمّة انحرفت بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وزاد في هذا الانحراف عندما استلم يزيد؛ فإنّ يزيد استحلّ حرام الله وحرّم حلاله، وخالف سنة الرسول (صلّى الله عليه وآله) وأنكر نبوّته، وهو يقول على سدّة الخلافة الإسلاميّة الكفر والإلحاد وهو ينكت بالخيزران رأس أبي عبد الله الحسين (عليه السّلام):

لعبت هاشمُ بالملكِ فلا

خبرٌ جاءَ ولا وحي نزل(1)

فأنكر النبوّة وأدخل البدع على الإسلام، وجار في حكمه، وأراد أن يرجع المسلمين إلى الجاهليّة، وحثّهم على شرب الخمر وترك الصلاة بشعره:

دع المساجدَ للعبّادِ تسكنها

وقف على دكّةِ الخمارِ واسقينا

ما قالَ ربّك ويل للاُلى شربوا

بل قال ربّك ويل للمـُصلّينا

فعندها قام الإمام الحسين (عليه السّلام) بثورته لكي يرجع الاُمّة إلى الإسلام الحقّ، ولا تنحرف عن سيرة الرسول (صلّى الله عليه وآله) أكثر ممّا انحرفت في عهد الخليفة

____________________

(1) سيرة ابن هشام 3 / 97، الفتوح 5 / 241، معالم المدرستين 3 / 202، شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد 2 / 382.

٤٣

الأول والثاني والثالث ومعاوية، فقال (عليه السّلام):« أيّها الناس، إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال: مَنْ رأى سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بقول ولا فعل، كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله » (1) .

أي يكون معه في جهنم ويتحاسب عن موقفه الذي اتّخذه ورضي به؛ فإنّ الراضي بفعل قوم كالداخل معهم.

موقف الإمام (عليه السّلام) من بيعة يزيد

أراد (عليه السّلام) أن يُعلن للاُمّة أنّه هو مُمثّل الشرعية لا الحكم الاُموي، وأنّه هو صاحب الحقّ بالطريق الأعظم، وبالخلافة وبكلّ شؤون الاُمّة، وأنّه هو الأصل الشرعي، وأن يزيد هو الشذوذ والانحراف والتمرّد على الشرعية.

قائلاً (عليه السّلام):« إنّا أهل بيت النبوّة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الرحمة، بنا فتح الله، وبنا يختم، ويزيد رجل فاسق، شارب الخمر، قاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يُبايع مثله، ولكن نُصبح وتصبحون، وننظر وتنظرون أيّنا أحقّ بالخلافة والبيعة » (2) .

فختم الإمام الحسين (عليه السّلام) قوله هذا مع علمه أنّه سوف يُذبح ويُقطع رأسه، وسوف يبذل الدماء والأرواح، وتُسبى النساء، مع هذا لم يسكت؛ فجمع رجاله

____________________

(1) بحار الأنوار 44 / 381.

(2) بحار الأنوار 44 / 324، تاريخ الطبري 3 / 270، صفحات من تاريخ كربلاء / 216، الكامل في التاريخ 4 / 15، مع الركب الحسيني 1 / 403.

٤٤

وعياله وأراد أن يغادر مدينة جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله)(1) ، وقد حمل عياله على النياق، صاح:« أين أخي؟ أين كبش كتيبتي؟ أين قمر بني هاشم؟ » .

فقال العباس (عليه السّلام): لبيك لبيك سيدي.

قال له الإمام (عليه السّلام):« أخي أبا الفضل، قدّم لي جوادي » . فقدمه ولزم ركاب الفرس حتّى ركب الحسين (عليه السّلام)، وركب بنو هاشم جميعاً، ثمّ ركب العباس وبيده الراية، فصاح أهل المدينة صيحة واحدة، وعلت أصوات بني هاشم بالبكاء والنحيب، وصاحوا: الوداع الوداع، الفراق الفراق.

فقال العباس (عليه السّلام): هذا والله الفراق، والملتقى بالجنّة.

ثمّ ساروا قاصدين كربلاء مع العيال وجميع الأولاد إلاّ فاطمة الكبرى(2) ، أكبر بنات الحسين (عليه السّلام)، وإذا بها ترى دار أبيها قد خلت من الأهل والأحبّة، استوحشت وزحفت إلى أن وصلت باب الدار، وإذا بها ترى الإخوة على متون الخيل؛ عمّاتها، أخواتها بالهوادج.

صاحت: أبه! إلى أين عنّي؟

(دكسن)

يبويه حسين ويّاكم اخذوني

وحدي ابداركم لا تخلّوني

____________________

(1) المدينة المنوّرة، وهي يثرب أوّل مدينة وعاصمة إسلاميّة، تقع في منطقة الحجاز في المنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية، وإلى الشمال من مكة المكرّمة، وهي مدينة مقدّسة مهمّة؛ لأنّ بها قبر الرسول (صلّى الله عليه وآله)، وفاطمة (عليها السّلام)، والحسن بن علي (عليه السّلام)، وعلي بن الحسين (عليه السّلام)، ومحمد بن علي (عليه السّلام)، وجعفر بن محمّد (عليه السّلام).

خرج منها الإمام (عليه السّلام) من تحت ليلته، وهي ليلة الأحد، ليومين بقيا من رجب متوجّهاً نحو مكة، ومعه بنوه وبنو أخيه، وإخوته وجل أهل بيته. (مع الركب الحسيني 1 / 404، الإرشاد / 222، موسوعة المدن العربية والإسلاميّة - يحيى الشامي / 41 - 43).

(2) مجمع المصائب 1 / 78.

٤٥

عگبكم بس بكي وزادي همومي

واخاف امن البكه يعمن اعيوني

أريد أمشي اُوياكم للغاضريّه

أحط افراشكم أو نگعد سويه

يبويه امنين اجتني الغاضريّه

رجع الإمام الحسين (عليه السّلام) لها، صبّرها، قال:« بُنيّه، إذا وصلنا مكان الاستقرار أبعث إليك عمّك العباس وأخاك علياً الأكبر يحملانك إلينا » .

قالت: لا يا أبه، إنّ نفسي تحدّثني أن لا لقاء بعد هذا اليوم، هذا آخر لقاء، آخر اجتماع، ائذن لي أن أتزوّد من عمّاتي وأخواتي.

جاءت فاطمة تطوف على الهوادج تودّع عمّاتها وأخواتها، ولسان الحال:

شاروا هلي وآنه انظر الهم

عافوني بالوطن ما چني بنتهم

بگيت أبكي واصيح مارد ظعنهم

(عاشوري)

شار الظعن وآنّه اتركوني آه آه

وگالوا عليله أو ما خذوني

انطوني وعد خواني يجوني

٤٦

شار الظعن وآنه عليله آه آه

أنه ابدارهم أبكي ونحيله

يا فرگت الأحباب اشگد ثجيله

بقيت تنتظر قدوم الأهل وهي تترقّب الركبان وتبكي على فراق الأهل:

طوّل سفرهم كن نسوني

ومن البكى راحن اعيوني

وحدي ابدارهم شو حيروني

ذاب الگلب رحتوا من اديه

واتاني جيت الطارش عليه

ليش الأحباب اگطعوا بيه

قيل: إنّ فاطمة العليلة بقيت تبكي ليلها ونهارها، وبين ساعة واُخرى تنظر إلى تلك الدار الموحشة الّتي خلت من أهلها، فكتبت كتاباً إلى والدها الحسين (عليه السّلام) وبيّنت فيه حالها وأعطته إلى أعرابي كان يريد الذهاب إلى أرض العراق، وكانت كلّ يوم تنوح وتبكي لفراق أبيها وبقيّة الأحباب، ولسان الحال:

رساله الهلي ابجناح الطير شديت

وگلت اخلافكم ظل خالي البيت

آنه ابوطن جدّي غريبه چني ظليت

أخذ الأعرابي كتاب فاطمة بنت الحسين (عليه السّلام) وجدّ بالسير إلى أرض العراق، فوصل إلى أرض كربلاء يوم عاشوراء بعد قتل الأصحاب وبني هاشم، فسأل عن الحسين (عليه السّلام)، فوجد الحسين (عليه السّلام) وحيداً لا ناصر له ولا مُعين، فسلّمه الكتاب.

وقيل: إنّه جاهد دون الحسين (عليه السّلام) حتّى استشهد بين يديه.

فتح الإمام الحسين (عليه السّلام) الكتاب وإذا به من ابنته فاطمة العليلة، فبكى بكاءً شديداً، وجاء عند الهاشميات صاح:« يا زينب، يا سكينة، يا اُمّ كلثوم، هلمنَ؛ فلقد وصل الكتاب

٤٧

وعظم المصاب » .

فصاحت زينب: أمّا المصاب فها نحن فيه، إذاً ممّن الكتاب؟

قال:« هذا كتاب من ابنتي فاطمة » . وقرأ الرسالة، فبكت الهاشميات، وكأنّي بها تقول:

(نعي)

بويه منك فلا طارش إجاني

افراك الأهل غير الواني

والمرض شل حالي أو سلاني

ابنفسي أشوفك فرد مشوار

بعدك عليه مظلمه الدار

بويه شگولن لو إجه الدارك الزوار

عليله أو تهل دمعاتها العين

وتصيح عنّي غاب الحسين

يا ريت قبلك صابني البين(1)

(تخميس)

سألت ربع الندا والدمع ينهملُ

عن معشرٍ هاهنا عهدي بهم نزلوا

____________________

(1) عبرة الأحزان / 13 - 15.

٤٨

أين استقلوا عن الأوطان وارتحلوا

بالأمس كانوا معي واليوم قد رحلوا

وخلفوا في سويدا القلب نيرانا

لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم. إنّا لله وإنّا إليه راجعون، وسيعلم الذين ظلموا آل بيت محمّد أيّ منقلب ينقلبون، والعاقبة للمتقين.

نسألك اللّهمّ وندعوك باسمك العظيم الأعظم، الأعز الأجل الأكرم، يا محمود بحقّ محمّد، يا عالي بحقّ علي، يا فاطر السماوات والأرض بحقّ فاطمة، يا محسن بحقّ الحسن، يا قديم الإحسان بحقّ الحسين (عليه السّلام) عجّل فرج وليك الحجّة المنتظر المهدي (عجّل الله فرجه)، وأنجز له ما وعدته، واجعلنا من جنده وأنصاره والمستشهدين بين يديه.

الإخوة الحاضرون تقبّل اللّهمّ عملهم بأحسن القبول، اقض حوائجهم بحقّ محمّد وآل محمّد، واجعل قلوبهم وديارهم عامرة بذكر محمّد وآل محمّد، وارزقهم شفاعة محمّد وآل محمّد، واغفر لهم بحقّ محمّد وآل محمّد، واحشرهم مع محمّد وآل محمّد.

أمّن يُجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء

الفاتحة لاستجابة الدعاء قبلها الصلاة على محمّد وآل محمّد (صلّى الله عليه وآله).

٤٩

٥٠

المجلس الثالث

1 - القصيدة: وجه الصباح.

2 - الموضوع: الهجرة الحسينيّة.

3 - الترجمة: معاوية بن أبي سفيان.

يزيد بن معاوية.

الوليد بن عتبة.

مروان بن الحكم.

الزرقاء.

شمر بن ذي الجوشن.

4 - المصيبة: خروج الإمام (عليه السّلام) من مدينة جدّه.

٥١

٥٢

عظّم الله أجوركم يا بقية الله، يا صاحب العصر والزمان، بمصابكم بجدكم أبي عبد الله الحسين وآل بيته وأصحابه.

صلّى الله عليك يا سيدي ومولاي يا رسول الله، صلّى الله عليك وعلى آلك المظلومين، لعن الله الظالمين لكم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين.

صلّى الله عليك يا سيدي ومولاي وابن مولاي يا أبا عبد الله، يا صريع الدمعة الساكبة، ويا عبرة كلّ مؤمن ومؤمنة، روحي وأرواح شيعتك لك الفدا، يا شهيد كربلا، ويا قتيل العدا، ومسلوب العمامة والردا. ما خاب مَنْ تمسّك بكم، وأمن مَنْ لجأ إليكم، يا ليتنا كنّا معكم سادتي فنفوز والله فوزاً عظيماً.

وجهُ الصباحِ عليّ ليلٌ مظلمُ

وربيعُ أيامي عليّ محرمُ

والليل يشهدُ لي بأنّي ساهرٌ

إن طابَ للناسِ الرقادُ فهوّموا(1)

____________________

(1) أي إذا ناموا نوماً خفيفاً «بداية النوم».

٥٣

قلقاً تقلبني الهمومُ بمضجعي(1)

ويغورُ(2) فكري في الزمانِ ويتهمُ (3)

مَنْ لي بيومِ وغىً (4) يشبُّ ضرامُهُ(5)

ويشيبُ فودُ الطفلِ منه فيهرمُ

فعسى أنالُ من التراثِ مواضياً (6)

تسدي(7) عليهنَّ الدهورُ وتلحمُ(8)

أو موتة بينَ الصفوفِ أحبّه

هي دينُ معشري الذينَ تقدّموا

ما خلتُ أنّ الدهرَ من عاداتِهِ

تُروى الكلابُ به ويُظمى الضيغمُ(9)

ويُقدّمُ الاُموي وهو مؤخرٌ

ويُؤخرُ العلوي وهو مقدّمُ

مثلُ ابن فاطمةٍ يبيتُ مشرّداً

ويزيدُ في لذّاتهِ متنعمُ

ويُضيّقُ الدنيا على ابنِ محمدٍ

حتى تقاذفهُ الفضاءُ الأعظمُ

____________________

(1) مكان نومه.

(2) يدخل.

(3) شبه الشاعر الزمان بأرض تهامة الّتي يقصدها المسافر.

(4) الحرب.

(5) اشتعال النار في الحلفاء.

(6) ما قد ذهب.

(7) تهملها الدهور.

(8) تلتئم.

(9) الأسد.

٥٤

خرجَ الحسينُ من المدينةِ خائفاً

كخروجِ موسى خائفاً يتكتّمُ

وقد انجلى عن مكّةٍ وهو ابنها

وبهِ تشرّفتِ الحطيمُ(1) وزمزمُ (2)

لم يدرِ أينَ يريحُ بدنُ ركابهِ

فكأنّما المأوى عليهِ محرّمُ(3)

(بحر طويل)

ودّع وطن طيبه احسين

والكربلا اتعناها

اوحفّت بالظعن عدنان

واتعنّت مناياها

يثرب حين ودّعها

اوعنها الظعن راد ايشيل

أو هاشم سمعت ابنيته

ناوي اعلى المسير ابليل

لفاه (محمد) اينادي

أو دمعه اعلى الخدود ايسيل

ناوي ابها الظعن لا وين

ماخذ كل هلك يحسين

لا تظعن ينور العين

(يثرب) ما تود فركاك

ليش اتريد فركاه

____________________

(1) هو جزء من المسجد الحرام، وهو أفضل مواضعه. وحدود الحطيم هي ركن الحجر الأسود، وباب الكعبة، ومقام إبراهيم (عليه السّلام).

(2) وهو بئر الماء الذي نبع لإسماعيل (عليه السّلام) وأمّه هاجر من المسجد الحرام، وماؤه خير ماء على وجه الأرض.

(3) للسيد جعفر الحلّي - رياض المدح والرثاء / 172، الدرّ النضيد / 287.

٥٥

ليش ابضعنك ابها الليل

طالع من وطن جدّك

يظلم من عكب عينك

(أو هاشم) تذل من بعدك

انكان الكصد للكوفه

اترك يا فحل كصدك

لا تظعن الواديها

تخونك بس تصل ليها

يخويه انسيت اهاليها

بخوك اشسوت اوعودك

اوتدري ابكل سجاياها

لمن سمع حچيه احسين

ون اوصفك ايد ابأيد

يكله الكوم يردوني

ابايعهم واطيع ايزيد

واكضي العمر بالذله

يخوي الها العمر ما ريد

خليني ارشد ابنيتي

وآخذ كل اهل بيتي

بالعز رايد امنيتي

عليل الدين يمحمد(1)

(أبو ذيّه)

إلك ماتم ابوسط الگلب ينصاب

وذكرك من يمر الدمع ينصاب

گلبي بدال گلبك ريت ينصاب

وخدي بدال خدك عالوطيه

____________________

(1) منهل الشرع 1 / 212.

٥٦

لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم.

قال تعالى في كتابه الكريم:( وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) (1) .

في هذه الآية الكريمة عدّة اُمور مهمّة يُمكن الاستفادة منها بما يناسب هجرة وخروج الإمام الحسين (عليه السّلام) من المدينة إلى مكة؛ فموضوع هذه الآية الهجرة، ثمّ الجهاد، ثمّ الشهادة في سبيل الله كما حصل للإمام الحسين (عليه السّلام).

أوّلاً: الهجرة تعني الانتقال من مكان إلى مكان.

ثانياً: الهجرة نوعان؛ هجرة بالاختيار، وهجرة بدون اختيار.

ثالثاً: الهجرة تارة تكون في سبيل الله، وتارة في سبيل النفس والدنيا.

بعد أن عرفنا أن الهجرة هي الانتقال من مكان لآخر نأتي إلى بيان الهجرة الروحية النفسية؛ لأنّها أشرف من الجسدية.

الهجرة النفسيّة

هي عبارة عن ترك الذنوب الكبيرة منها والصغيرة والانتقال إلى الطاعة، وترك عبادة النفس والانتقال إلى عبادة الله، وترك التعلّق بالدنيا والانتقال إلى التعلّق بالآخرة، وترك النفس الأمّارة بالسوء والانتقال إلى النفس المطمئنة؛ فإنّ البقاء في الذنوب، وعبادة النفس والتعلّق بالدنيا، والإبقاء على النفس الأمّارة بالسوء يعني الخسران المبين، وعبادة الشيطان الذي هو عدو لنا، كما قال تعالى:( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لاَ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ

____________________

(1) سورة الحج / 58.

٥٧

مُبِينٌ ) (1) ، ويعني أيضاً السقوط إلى مرتبة أقل من مرتبة الحيوانات كما قال تعالى:( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ) (2) .

وفي المقابل الانتقال إلى الطاعات وعبادة الله، والانتقال إلى النفس المطمئنة والقلب السليم يعني الفوز العظيم بالجنّة والمغفرة والرضوان، والدخول إلى مرتبة الصالحين والذين أنعم الله عليهم، وهذا هو معنى الهجرة الروحية.

الهجرة الجسديّة

هي غنية عن التعريف، وهي أن يسافر الإنسان من بلد إلى بلد.

الهجرة بالإرادة

وهي أن يترك الإنسان الذنوب وينتقل إلى الطاعات، وأن يترك بلده إلى بلد آخر دون أمر اضطراري، أو لا يكون هناك مَنْ يجبره على الهجرة، فتكون هذه الهجرة باختياره.

الهجرة الاضطراريّة

وهي بدون اختيار من الإنسان، وتكون تارة بأخذ الأجر والثواب والجلوس في طاعة الله كما في شهر رمضان؛ فإنّ الله يُعطي الإنسان الأجر

____________________

(1) سورة يس / 60.

(2) سورة الفرقان / 44.

٥٨

والحسنات حتّى في نومه ونفسه، وأيضاً الأجر والثواب وغفران الذنوب يحصل في الجلوس في المسجد ومجالس العزاء؛ فإنّ التواجد في هذه المجالس يُعطي الأجر والحسنات للإنسان من حيث لا يحتسب.

أمّا الهجرة الجسديّة الاضطراريّة

فتكون عبر السفر لتحصيل العلم، والسفر لتحصيل المعيشة بسبب قلّة العمل والفقر، وعبر الترحيل والتعذيب والتخويف والتهديد بالقتل وهتك الحرمة؛ فيضطر الإنسان المـُهدّد بالقتل إلى الهجرة إلى مكان آمن يُمكنه العيش فيه.

الهجرة في سبيل النفس والجاه

وهي تكون حسب أهواء النفس بما يسرها وترغب في الوصول إليه من الجاه والعلم والزعامة والغنى المادي.

ويُمكن أن تتحقّق هذه الهجرة في هجرة النفس أيضاً؛ لأنّها عبارة عن نيّة وعمل موقوف على النيّة، فكما أنّ الهجرة تكون من أجل المال والجاه والتعلّم من أجل أن يرى نفسه مميّزاً عن الآخرين وله سلطة، ليس ضعيفاً ومعه مال غير محتاج بل الناس محتاجون له فهجرته للدنيا لا لله.

الهجرة الحقيقيّة

وهي الّتي تكون في سبيل ربّ العالمين، فهي هجرة النفس المذنبة إلى النفس المطيعة المطمئنة، وفي هذه الهجرة تكون كلّ خطوة لله، فلا يبالي

٥٩

المهاجر أوقع على الموت أو وقع الموت عليه. وهذا ما حصل لسيّد الشهداء أبي عبد الله الحسين (عليه السّلام) عندما هاجر من مدينة جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، هاجر هجرة الجسد والاضطرار، وكانت لله سبحانه وتعالى.

يقول المؤرّخون: بعد هلاك معاوية(1) استلم الخلافة ابنه يزيد اللعين(2) ، وكان يزيد - كما يجمع على ذلك المؤرّخون(3) - يقضي كلّ وقته في اللهو والخمر والنساء، ويزيد المتربي عند النصارى وملاعب القردة والكلاب صار الخليفة على المسلمين، وأول أمر قام به هو أخذ البيعة من الحسين (عليه السّلام)؛ حيث كتب إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان(4) - وكان على المدينة من قبل معاوية - أن يأخذ من الحسين (عليه السّلام)

____________________

(1) هو معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن اُميّة بن عبد شمس بن عبد مناف، ولد بمكة قبل الهجرة بخمس عشرة سنة، ونُصب والياً على الشام من قبل الخليفة الثاني.

ففي شهر رجب من عام 60 هـ مات معاوية بن أبي سفيان بالشام بعد أن توّج حياته الطويلة المليئة بالجرائم والمنكرات؛ من قتل الأبرياء، وظلم المسلمين، إلى سبّ علي أمير المؤمنين (عليه السّلام) على المنابر، وإبعاد الصالحين؛ علاوة على إلحاقه زياد بأبيه وتقريب أولاد الزنا.

وأخيراً التحدّي الصريح لتعاليم الإسلام وشرائعه بتسليط ولده يزيد يتحكّم برقاب المسلمين.

(2) ولد يزيد بن معاوية في الشام سنة 25 أو 26 هـ في بادية طب بني أخواله، وهم نصارى، ويرجع يزيد بالأمومة إلى بني كلب، هذه القبيلة الّتي تدين بالمسيحيّة قبل الإسلام، فتربية يزيد لم تكن إسلاميّة، فلم يبقَ ما يُستغرب معه أن يكون متجاوزاً مستخفاً بما عليه جميع المسلمين، لا يحسب لتقاليدهم واعتقاداتهم أيّ حساب، ولا يُقيم لها وزناً. ثمرة الأعواد 1 / 50.

(3) كان يزيد بن معاوية أوّل مَنْ أظهر شرب الشراب، والاستهتار بالغناء، والصيد، واتخاذ القيان والغلمان، والتفكّه بما يضحك منه المترفون من القرود، والمعاقرة بالكلاب والديكة. معالم المدرستين 3 / 24.

(4) الوليد بن عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب بن اُمية، ابن أخي معاوية بن أبي سفيان وأحد ولاته. ولد في النصف الأول من القرن الأول الهجري، وقيل: إنّه توفي في سنة 64 هـ.

عاصر من المعصومين الإمام علياً والإمام الحسن والإمام الحسين والإمام زين العابدين (عليهم السّلام).

عاصر من الحكّام الأمويين معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية. ولاّه عمّه على المدينة المنوّرة سنة 57 هـ وبقي عليها حتّى وفاة معاوية، وتسلّم يزيد الحكم فعزله لسماحه للحسين (عليه السّلام) بالخروج من عنده، ولم يستخدم معه الشدّة والعنف. مختصر تاريخ دمشق 26 / 331، الكامل في التاريخ 4 / 174.

٦٠