كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)

كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)0%

كلمة الإمام الحسين (عليه السلام) مؤلف:
الناشر: دار العلوم
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 330

كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد حسن الشيرازي
الناشر: دار العلوم
تصنيف: الصفحات: 330
المشاهدات: 186302
تحميل: 4702

توضيحات:

كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 330 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 186302 / تحميل: 4702
الحجم الحجم الحجم
كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)

كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)

مؤلف:
الناشر: دار العلوم
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

عمر بن سعد (1)

«والله ليجتمعنَّ على قتلي طغاة بني اُميّة، ويقدمهم عمر بن سعد» - وذلك في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - فقلت له: أنباك بهذا رسول الله؟

قال: «لا». فأتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته، فقال: «علمي علمه، وعلمه علمي، وإنّا لنعلم بالكائن قبل كينونه».

مع ابن جويرة (2)

شهدت يوم الحسينعليه‌السلام ، فأقبل رجل من تيم يُقال له: عبد الله بن جويرة، فقال: يا حسين.

فقالعليه‌السلام : «ما تشاء؟».

فقال: أبشر النار.

فقالعليه‌السلام : «كلاّ إنّي أقدم على ربّ غفور، وشفيع مطاع، وأنا من خير، وإلى

____________________

(1) دلائل الإمامة / 75، قال أبو جعفر: حدّثنا سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن الأعمش، قال: سمعت أبا صالح التمّار يقول: سمعت حذيقة يقول: سمعت الحسين بن عليعليه‌السلام يقول:....

(2) عيون المعجزات / 65. حدّث جعفر بن محمّد بن عمارة، عن أبيه، عن عطاء بن السائب، عن أخيه، قال:....

٢٢١

خير. مَنْ أنت؟».

قال: أنا ابن جويرة. فرفع يده الحسينعليه‌السلام حتّى رأينا بياض إبطيه، وقال: «اللّهمّ جرّه إلى النار».

فغضب ابن جويرة، فحمل عليه، فاضطرب به فرسه في جدول، وتعلّق رجله بالركاب، ووقع رأسه في الأرض، ونفر الفرس فأخذ يعدو به ويضرب رأسه بكلّ حجر وشجر، وانقطعت قدمه وساقه وفخذه، وبقي جانبه الآخر متعلّقاً في الركاب، فصار (لعنه الله) إلى نار الجحيم.

مروان وأصحابه (1)

«دخل مروان بن الحكم المدينة. قال: فاستلقى على السرير، وثَمّ مولى للحسينعليه‌السلام ، فقال:( ثُمّ رُدّوا إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ) (2) ».

قال: «فقال الحسين لمولاه: ماذا قال هذا حين دخل؟

قال: استلقى على السرير، فقرأ:( ثُم ردّوا إلى الله مولاهم الحقّ ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين ) ».

قال: «فقال الحسينعليه‌السلام : نعم والله، رددت أنا وأصحابي إلى الجنّة، وردّ هو وأصحابه إلى النار».

____________________

(1) تفسير العياشي 1 / 362، ح30. عن داود بن فرقد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال:....

(2) سورة الأنعام / 62.

٢٢٢

أعدى أعداء الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله (1)

قال مروان بن الحكم يوماً للحسين بن عليعليه‌السلام : لولا فخركم بفاطمة بم كنتم تفتخرون علينا؟

فأعرض الحسينعليه‌السلام عنه، وأقبل بوجهه على جماعة من قريش، فقال: «اُنشدكم بالله إلاّ صدّقتموني إن صدقت؛ أتعلمون أنّ في الأرض حبيبين كانا أحبّ إلى رسول الله منّي ومن أخي؟ أو على ظهر الأرض ابن بنت نبيّ غيري وغير أخي؟».

قالوا: اللّهمّ لا.

قال: «وإنّي لا أعلم أنّ في الأرض ملعون ابن ملعون غير هذا وأبيه، طريدَي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . والله ما بين جابرس وجابلق أحدهما بباب المشرق والآخر بباب المغرب رجلان ممّن ينتحل الإسلام أعدى لله ولرسوله ولأهل بيته منك ومن أبيك إذا كان. وعلامة قولي فيك أنّك إذا غضبت سقط رداؤك عن منكبك».

قال: فوالله ما قام مروان من مجلسه حتّى غضب فانتفض وسقط رداؤه عن عاتقه.

____________________

(1) الاحتجاج 2 / 23 - 24؛ مناقب ابن شهر آشوب 4 / 51. عن محمّد بن السائب إنّه قال:....

٢٢٣

مروان يخطب ليزيد (1)

كتب معاوية إلى مروان وهو عامله على الحجاز يأمره أن يخطب أمّ كلثوم بنت عبد الله بن جعفر لابنه يزيد، فأتى عبد الله بن جعفر فأخبره بذلك، فقال عبد الله: إنّ أمرها ليس إليّ، إنّما هو إلى سيّدنا الحسينعليه‌السلام ، وهو خالها، فأخبر الحسين بذلك، فقال: «استخير الله تعالى، اللّهمّ وفّق لهذه الجارية رضاك من آل محمّد».

فلمّا اجتمع الناس في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أقبل مروان حتّى جلس إلى الحسينعليه‌السلام وعنده من الجلّة، وقال: إنّ أمير المؤمنين أمرني بذلك، وأن أجعل مهرها حكم أبيها بالغاً ما بلغ، مع صلح ما بين هذين الحيين، مع قضاء دينه.

واعلم أنّ مَنْ يغبطكم بيزيد أكثر ممّن يغبطه بكم، والعجب كيف يستمهر يزيد وهو كفو مَنْ لا كفو له، وبوجهه يُستسقى الغمام؟! فرد خيراً يا أبا عبد الله.

فقال الحسينعليه‌السلام : «الحمد لله الّذي اختارنا لنفسه، وارتضانا لدينه، واصطفانا على خلقه - إلى آخر كلامه - ثمّ قال: يا مروان، قد قلت فسمعنا؛ أمّا قولك: مهرها حكم أبيها بالغاً ما بلغ، فلعمري لو أردنا ذلك ما عدونا سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في بناته ونسائه وأهل بيته؛ وهو اثنتا عشرة أوقيّة يكون أربعمئة وثمانين درهماً.

وأمّا قولك: مع قضاء دين أبيها، فمتى كنّ نساؤنا يقضين عنّا ديوننا؛ وأمّا صلح ما بين هذين الحيّين، فإنّا قوم عاديناكم في الله، ولم نكن

____________________

(1) مناقب ابن شهر آشوب 4 / 38 - 39.

٢٢٤

نصالحكم للدنيا، فلعمري فلقد أعيا النسب فكيف السبب؟

وأمّا قولك: العجب ليزيد كيف يستمهر؟ فقد استمهر مَنْ هو خير من يزيد، ومن أب يزيد، ومن جدّ يزيد.

وأمّا قولك: إنّ يزيد كفو مَنْ لا كفو له، فمَنْ كان كفوه قبل اليوم فهو كفوه اليوم، ما زادته إمارته في الكفاءة شيئاً.

وأمّا قولك: بوجهه يُستسقى الغمام، فإنّما كان ذلك بوجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وأمّا قولك: مَنْ يغبطنا به أكثر ممّن يغبطه بنا، فإنّما يغبطنا به أهل الجهل، ويغبطه بنا أهل العقل».

ثمّ قال بعد كلام: «فاشهدوا جميعاً إنّي قد زوّجت أمّ كلثوم بنت عبد الله بن جعفر من ابن عمّها القاسم بن محمّد بن جعفر على أربعمئة وثمانين درهماً، وقد نحلتها ضيعتي بالمدينة - أو قال: أرضي بالعقيق -، وإنّ غلّتها في السنة ثمانية آلاف دينار، ففيها لهما غنى إن شاء الله».

مع ابن العاص (1)

قال عمرو بن العاص للحسينعليه‌السلام : يابن علي، ما بال أولادنا أكثر من أولادكم؟

فقالعليه‌السلام :

بغاثُ الطيرِ أكثرُها فراخاً

واُمّ الصقرِ مقلاتٌ نزورُ

فقال: ما بال الشيب إلى شواربنا أسرع منه في شواربكم؟

فقالعليه‌السلام : إنّ نساءكم نساءٌ بخرة(2) ، فإذا دنا أحدكم من امرأته نكهت في

____________________

(1) مناقب ابن شهر آشوب 4 / 67. محاسن البرقي:....

(2) بخرة: أي نتنة، والنكهة: ريح الفم.

٢٢٥

وجهه فيشاب منه شاربه».

فقال: ما بال لحاؤكم أوفر من لحائنا؟

فقالعليه‌السلام : «( وَالْبَلَدُ الطّيّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبّهِ وَالّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاّ نَكِداً كَذلِكَ نُصَرّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ ) »(1) .

فقال معاوية: بحقّي عليك إلاّ سكتّ؛ فإنّه ابن عليّ بن أبي طالب.

فقالعليه‌السلام :

إن عادتِ العقربُ عُدنا لها

وكانت النعلُ لها حاضرهْ

قد علمَ العقربُ واستقينتْ

أن لا لها دنيا ولا آخرهْ

مع ابن سعد(2)

قال عمر بن سعد للحسينعليه‌السلام : يا أبا عبد الله، إنّ قِبلنا ناساً سفهاء يزعمون أنّي أقتلك.

فقال له الحسينعليه‌السلام : «إنّهم ليسوا بسفهاء ولكنّهم حلماء؛ أما إنّه تقرّ عيني أن لا تأكل من برّ العراق بعدي إلاّ قليلاً».

____________________

(1) سورة الأعراف / 58.

(2) إرشاد المفيد / 251؛ وكشف الغمّة 2 / 178. روى سالم بن أبي حفصة، قال:....

٢٢٦

إلى معاوية (1)

روي أنّ مروان بن الحكم كتب إلى معاوية وهو عامله على المدينة: أمّا بعد، فإنّ عمرو بن عثمان ذكر أنّ رجالاً من أهل العراق، ووجوه أهل الحجاز يختلفون إلى الحسين بن علي، وذكر أنّه لا يأمن وثوبه، وقد بحثت عن ذلك فبلغني إنّه لا يريد الخلاف يومه هذا، ولست آمن أن يكون هذا أيضاً لما بعده، فاكتب إليّ برأيك في هذا، والسلام.

فكتب إليه معاوية: أمّا بعد، فقد بلغني كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه من أمر الحسين، فإيّاك أن تعرّض للحسين في شيء، واترك حسيناً ما تركك؛ فإنّا لا نريد أن نعرّض له في شيء ما وفى ببيعتنا، ولم ينز على سلطاننا، فاكمن عنه ما لم يبد لك صفحته، والسلام.

وكتب معاوية إلى الحسين بن عليعليه‌السلام : أما بعد، فقد انتهت إليّ أمور عنك إن كانت حقّاً فقد أظنّك تركتها رغبة فدعها، ولعمر الله، إنّ مَنْ أعطى الله عهده وميثاقه لجدير بالوفاء، وإن كان الّذي بلغني باطلاً؛ فإنّك أنت أعزل الناس لذلك، وعظ نفسك فاذكره، ولعهد الله أوفِ؛ فإنّك متى ما تنكرني أنكرك، ومتى ما تكدني أكدت، فاتّق شقّ عصا هذه الاُمّة، وأن يردهم الله على يديك في فتنة، فقد عرفت الناس وبلوتهم، فانظر لنفسك ولدينك ولاُمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا يستخفنّك السفهاء والذين لا يعلمون.

____________________

(1) رجال الكشي 1 / 250 - 259، ح97 - 99.

٢٢٧

فلمّا وصل الكتاب إلى الحسين (صلوات الله عليه) كتب إليه: «أمّا بعد، فقد بلغني كتابك، تذكر أنّه قد بلغك عنّي أمور أنت لي عنها راغب، وأنا لغيرها عندك جدير، فإنّ الحسنات لا يهدى لها، ولا يرد إليها إلاّ الله.

وأمّا ما ذكرت إنّه انتهى إليك عنّي، فإنّه إنّما رقاه إليك الملاّقون المشّاؤون بالنميم، وما اُريد لك حرباً ولا عليك خلافاً. وأيم الله، إنّي لخائف لله في ترك ذلك، وما أظنّ الله راضياً بترك ذلك، ولا عاذراً بدون الإعذار فيه إليك، وفي أوليائك القاسطين الملحدين، حزب الظلمة وأولياء الشياطين.

ألست القاتل حجر بن عدي أخا كندة، والمصلّين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون البدع، ولا يخافون في الله لومة لائم، ثمّ قتلتهم ظلماً وعدواناً من بعد ما كنت أعطيتهم الأيمان المغلّظة، والمواثيق المؤكّدة لا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم، ولا بإحنة تجدها في نفسك؟

أولست قاتل عمرو بن الحمق، صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه وصفرت لونه، بعد ما آمنته وأعطيته من عهود الله ومواثيقه ما لو أعطيته طائراً لنزل إليك من رأس الجبل، ثم قتلته جرأة على ربّك، واستخفافاً بذلك العهد؟

أولست المدّعي زياد بن سميّة، المولود على فراش عبيد ثقيف، فزعمت إنّه ابن أبيك، وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (الولد للفراش وللعاهر الحجر)، فتركت سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تعمّداً، وتبعت هواك بغير هدىً من الله، ثمّ سلّطته على العراقين يقطع أيدي المسلمين وأرجلهم، ويسمل أعينهم، ويصلبهم على جذوع النخل، كأنّك لست من هذه الاُمّة وليسوا منك؟

أولست صاحب الحضرميين الّذين كتب فيهم ابن سمية أنّهم كانوا على

٢٢٨

دين عليعليه‌السلام ، فكتبت إليه أن اقتل كلّ مَنْ كان على دين علي، فقتلهم ومثّل بهم بأمرك، ودين عليعليه‌السلام سرّ الله الذي كان يضرب عليه أباك ويضربك، وبه جلست مجلسك الذي جلست، ولولا ذلك لكان شرفك وشرف أبيك الرحلتين؟

وقلت فيما قلت: (انظر لنفسك ولدينك ولأمّة محمّد، واتّق شقّ عصا هذه الاُمّة، وأن تردّهم إلى فتنة)، وإنّي لا أعلم فتنة أعظم على هذه الاُمّة من ولايتك عليها، ولا أعظم نظراً لنفسي ولديني ولأمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلينا أفضل من أن أجاهدك، فإن فعلت فإنّه قربة إلى الله، وإن تركته فإنّي أستغفر الله لديني، وأسأله توفيقه لإرشاد أمري.

وقلت فيما قلت: (إنّي إن أنكرتك تنكرني، وإن أكدك تكدني)، فكدني ما بدا لك فإنّي أرجو أن لا يضرّني كيدك فيّ، وأن لا يكون عليّ أحد أضرّ منه على نفسك؛ لأنّك قد ركبت جهلك، وتحرّصت على نقض عهدك، ولَعمري ما وفيت بشرط، ولقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والأيمان والعهود والمواثيق، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا وقَتلوا، ولم تفعل ذلك بهم إلاّ لذكرهم فضلنا، وتعظيمهم حقّنا، فقتلتهم مخافة أمر لعلّك لو لم تقتلهم متّ قبل أن يفعلوا، أو ماتوا قبل أن يدركوا.

فابشر يا معاوية بالقصاص، واستيقن بالحساب، واعلم إنّ لله تعالى كتاباً لا يغادر صغيرةً ولا كبيرة إلاّ أحصاها، وليس الله بناس لأخذك بالظنّة، وقتلك أولياءه على التهم، ونفيك أولياءه من دورهم إلى دار الغربة، وأخذك للناس ببيعة ابنك غلام حدث، يشرب الخمر، ويلعب بالكلاب، لا أعلمك إلاّ وقد خسّرت نفسك، وتبرّت دينك، وغششت رعيّتك، وأخربت أمانتك، وسمعت مقالة السفيه الجاهل، وأخفت الورع التقيّ لأجلهم، والسلام».

٢٢٩

مع الراضين بقتل الحسين عليه‌السلام (1)

«يا بشر، ما بقاء قريش إذا قدّم القائم المهديّ منهم خمسمئة رجل فضرب أعناقهم، ثمّ قدّم خمسمئة فضرب أعناقهم صبراً، ثمّ خمسمئة فضرب أعناقهم صبراً؟».

قال: فقلت له: أصلحك الله، أيبلغون ذلك؟

فقال الحسين بن عليّعليهما‌السلام : «إنّ مولى القوم منهم».

قال: فقال لي بشير بن غالب أخو بشر بن غالب: أشهد أنّ الحسين بن عليّ عدّ على أخي ستّ عدّات.

ما بيدَي يزيد (2)

اللهُ يعلمُ أنّ ما

بيدَي يزيدَ لغيرهِ

وبأنّه لم يكتسبْـ

ـهُ بغيرهِ وبميرِهِ

لو أنصفَ النفسَ الخؤو

ن لقصّرت من سيرهِ

ولكانَ ذلك منهُ أد

نى شرّهُ من خيرهِ

____________________

(1) غيبة النعماني / 155. حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، عن القاسم بن محمّد بن الحسين بن حازم، عن عبيس بن هشام، عن عبد الله بن جبلة، عن عليّ بن أبي المغيرة، عن عبد الله بن شريك العامري، عن بشر بن غالب الأسدي، قال: قال لي الحسين بن عليّعليهما‌السلام :....

(2) كشف الغمة 2 / 210، قالعليه‌السلام :....

٢٣٠

ينازعني يزيد(1)

إذا استنصرَ المرءُ امرأً؟ يدا له

فناصرهُ والخاذلونَ سواءُ

أنا ابنُ الذي قد تعلمونَ مكانهُ

وليس على الحقِّ المبينِ طخاءُ(2)

أليسَ رسولُ اللهِ جدّي ووالدي

أنا البدرُ إن خلّى النجومَ خفاءُ

ألم ينزل القرآنُ خلفَ بيوتنا

صباحاً ومن بعدِ الصباحِ مساءُ

يُنازعني واللهُ بيني وبينهُ

يزيدٌ وليسَ الأمرُ حيثُ يشاءُ

فيا نصحاءَ اللهِ أنتم ولاتُهُ

وأنتم على أديانِه اُمناءُ

بأيّ كتابٍ أم بأيّةِ سُنّةٍ

تناولها عن أهلها البُعداءُ

____________________

(1) كشف الغمة 2 / 210 - 211، قالعليه‌السلام :....

(2) الطخاء: السحاب المرتفع، وما في السماء طُخية (بالضم): أي شيء من السحاب، والطخياء: الليلة المظلمة، وظلام طاخ.

٢٣١

٢٣٢

سياسات

٢٣٣

٢٣٤

ذاك صاحبها (1)

إنّه قام الحسينعليه‌السلام بعد أن خطب أبوه وأخوه تحشيداً في قتال معاوية، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وقال: «يا أهل الكوفة، أنتم الأحبّة الكرماء، والشعار دون الدثار، فجدّوا في إحياء ما دثر بينكم، وتسهيل ما توعّر عليكم.

ألا إنّ الحرب شرّها ذريع، وطعمها فظيع، وهي جرع مستحساة، فمَنْ أخذ لها اُهبتها، واستعدّ لها عدّتها، ولم يألم كلومها عند حلولها فذاك صاحبها، ومَنْ عاجلها قبل أوان فرصتها، واستبصار سعيه فيها فذاك قمن أن لا ينفع قومه، وأن يهلك نفسه، نسأل الله بقوّته أن يدعمكم بالفئة»، ثمّ نزل.

المؤتمر الإسلامي في منى (2)

لمّا كان قبل موت معاوية بسنتين حجّ الحسين بن عليعليه‌السلام ، وعبد الله بن جعفر، وعبد الله بن عباس معه، وقد جمع

____________________

(1) بحار الأنوار 32 / 405. عن كتاب صفين:....

(2) الاحتجاج 2 / 18 - 19.

٢٣٥

الحسين بن عليعليه‌السلام بني هاشم رجالهم ونساءهم، ومواليهم وشيعتهم، مَنْ حجّ منهم ومَنْ لم يحجّ، ومَنْ بالأمصار ممّن يعرفونه وأهل بيته، ثمّ لم يدع أحداً من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن أبنائهم، والتابعين ومن الأنصار المعروفين بالصلاح والنسك إلاّ جمعهم، فاجتمع عليه بمنى أكثر من ألف رجل، والحسينعليه‌السلام في سرادقة عامّتهم التابعون وأبناء الصحابة، فقام الحسينعليه‌السلام فيهم خطيباً فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال:

«أمّا بعد، فإنّ الطاغية قد صنع بنا وبشيعتنا ما قد علمتم، ورأيتم وشهدتم وبلغكم، وإنّي اُريد أن أسألكم عن أشياء، فإن صدقت فصدّقوني، وإن كذبت فكذّبوني؛ اسمعوا مقالتي واكتموا قولي، ثمّ ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم، مَنْ أمنتموه ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون؛ فإنّي أخاف أن يندرس هذا الحقّ ويذهب، والله متمّ نوره ولو كره الكافرون».

فما ترك الحسينعليه‌السلام شيئاً أنزل الله فيهم من القرآن إلاّ قاله وفسّره، ولا شيئاً قاله الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في أبيه واُمّه وأهل بيته إلاّ رواه، وكلّ ذلك يقول الصحابة: اللّهمّ نعم، قد سمعناه وشهدناه، ويقول التابعون: اللّهمّ قد حدّثنا من نصدّقه ونأتمنه، حتّى لم يترك شيئاً إلاّ قاله.

ثمّ قال: «اُنشدكم بالله إلاّ رجعتم وحدّثتم به مَنْ تثقون به». ثمّ نزل وتفرّق الناس على ذلك.

٢٣٦

خصال الملوك (1)

«شرّ خصال الملوك الجبن من الأعداء، والقسوة على الضعفاء، والبخل عند الإعطاء».

تفقّد الرأي العالم (2)

قال الفرزدق: لقيني الحسينعليه‌السلام في منصرفي من الكوفة، فقال: «ما وراك يا أبا فراس؟».

قلتُ: اُصدّقك؟

قالعليه‌السلام : «الصدق اُريد».

قلتُ: أمّا القلوب فمعك، وأمّا السيوف فمع بني اُميّة، والنصر من عند الله.

قال: «ما أراك إلاّ صدقت؛ الناس عبيد المال، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درّت به معايشهم، فإذا مُحّصوا بالبلاء قلّ الديّانون».

____________________

(1) مناقب ابن شهر آشوب 4 / 65. كان الحسينعليه‌السلام يقول:....

(2) كشف الغمّة 2 / 207 - 208.

٢٣٧

من أهداف الشهادة (1)

«أنا قتيل العبرة».

مع والي المدينة (2)

لمّا مات معاوية وتولّى الأمر بعده يزيد بعث عتبة بن أبي سفيان والي المدينة إلى الحسين بن عليعليه‌السلام ، فقال: إنّ يزيد أمرك أن تبايع له. فقال الحسينعليه‌السلام : «يا عتبة، قد علمت إنّا أهل بيت الكرامة، ومعدن الرسالة، وأعلام الحقّ الذين أودعه الله (عزّ وجلّ) قلوبنا، وأنطق به ألسنتنا، فنطقت بإذن الله (عزّ وجلّ)، ولقد سمعت جدّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنّ الخلافة محرّمة على ولد أبي سفيان. وكيف اُبايع أهل بيت قد قال فيهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هذا؟».

وروي أنّ يزيد كتب إلى الوليد بن عتبة عامله على المدينة أن يأخذ البيعة له من الحسين بن عليعليه‌السلام ، وإن أبى فليضرب عنقه. فلمّا حضرعليه‌السلام التفت إلى الوليد، وقال: «إنّا أهل بيت النبوّة، ومعدن الرسالة،

____________________

(1) كامل الزيارات / 108، ب36، ح4. حدّثني أبيرحمه‌الله ، عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن موسى، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قال الحسينعليه‌السلام :....

(2) بحار الأنوار 44 / 312 و 325.

٢٣٨

ومختلف الملائكة، وبنا فتح الله وبنا ختم الله، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر، قاتل النفس المحرّمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله، ولكن نصبح وتصبحون، وننظر وتنظرون أيّنا أحقّ بالخلافة والبيعة». ثمّ خرجعليه‌السلام .

الناس وقادتهم (1)

ورد على الحسينعليه‌السلام في الثعلبية رجل يُقال له: بشر بن غالب، فقال: يابن رسول الله، أخبرني عن قول الله (عزّ وجلّ):( يَوْمَ نَدْعُوا كُلّ اُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ) (2) .

قال: «إمام دعا إلى هدى فأجابوه إليه، وإمام دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها، هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار، وهو قوله (عزّ وجلّ):( ... فَرِيقٌ فِي الْجَنّةِ وَفَرِيقٌ فِي السّعِيرِ ) (3) ».

تبعات بني اُميّة (4)

لمّا نزل الحسينعليه‌السلام وأصحابه الرهيمة، فورد عليه رجل من أهل الكوفة يُكنّى أبا هرم، فقال: يابن النبي، ما الذي أخرجك من المدينة؟

____________________

(1) أمالي الصدوق / 131، المجلس30، ضمن ح1.

(2) سورة الإسراء / 71.

(3) سورة الشورى / 7.

(4) أمالي الصدوق / 131، المجلس30، ضمن ح1.

٢٣٩

فقال: «ويحك يا أبا هرم! شتموا عرضي فصبرت، وطلبوا مالي فصبرت، وطلبوا دمي فهربت. وأيم الله ليقتلنّي، ثمّ ليلبسنّهم الله ذلاً شاملاً، وسيفاً قاطعاً، وليسلطنّ عليهم مَنْ يذلهم».

الخلافة عليهم محرّمة (1)

لمّا أصبح الحسينعليه‌السلام - وذلك بعد اللّيلة التي دعي فيها للبيعة - خرج من منزله يستمع الأخبار فلقيه مروان [بن الحكم]، فقال له: يا أبا عبد الله، إنّي لك ناصح، فأطعني ترشد.

فقال الحسينعليه‌السلام : «وما ذاك؟ قل حتّى أسمع».

فقال مروان: أن آمرك ببيعة يزيد بن معاوية؛ فإنّه خير لك في دينك ودنياك.

فقال الحسينعليه‌السلام : «إنّا لله وإنّا إليه راجعون! وعلى الإسلام السلام إذ قد بُليت الاُمّة براع مثل يزيد، ولقد سمعت جدّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان».

القائد يشكو القاعدة (2)

خرج الحسينعليه‌السلام من منزله ذات ليلة، وأقبل إلى قبر جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: «السلام عليك يا رسول الله، أنا الحسين بن فاطمة، فرخك وابن فرختك،

____________________

(1) اللهوف / 10.

(2) بحار الأنوار 44 / 327.

٢٤٠