كربلاء الثورة والمأساة

كربلاء الثورة والمأساة0%

كربلاء الثورة والمأساة مؤلف:
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 346

كربلاء الثورة والمأساة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أحمد حسين يعقوب
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 346
المشاهدات: 22998
تحميل: 5070

توضيحات:

كربلاء الثورة والمأساة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 346 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 22998 / تحميل: 5070
الحجم الحجم الحجم
كربلاء الثورة والمأساة

كربلاء الثورة والمأساة

مؤلف:
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الفصل الرابع

أخبار السماء عن مذبحة كربلاء

عندما حدثت مذبحة كربلاء لم تكن مفاجأة للاُمّة الإسلاميّة؛ فالاُمّة وطغاتها كانوا على علم بالمذبحة قبل وقوعها. فقبل وقوع المذبحة بأكثر من نصف قرن أخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الاُمّة بأن فئة من أعداء الله ورسوله المتستّرين بالإسلام سيخططون لمذبحة كبرى يقتلون فيها بشناعة بالغة أحب الخلق إلى قلبه الحسين بن علي ابن بنته البتول فاطمة الزهراءعليها‌السلام الذي ولد حديثاً، وأن المذبحة ستتم على أرض العراق، وبالتحديد على ضفة شط نهر الفرات، وبمكان يقال له: كربلاء.

وكانت العراق يومئذ تحت حكم الفرس، وكان مجرد التصور بأن المسلمين سيفتحون العراق، وسيدخل أهله بالإسلام ضرباً من ضروب الأحلام وفق مقاييس بعض المسلمين. وأبعد من ذلك فإنّ الرسول قد أخبرهم بأن المذبحة ستتم بزمن خليفة مسرف مستهتر محسوب عليه، يقال له: يزيد، وبأيدي اُناس يزعمون الانتماء لاُمّته.

كان الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يتحدّث بيقين عن اُمور ستقع بعد ستّين سنة، وكأنها واقعة بالفعل. وبالرغم من عظمته وتميّزه إلاّ أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله بكى بكاءً مرّاً أمام المسلمين وهو يخبرهم بهذه الأنباء، وكان لبكائه شهيق، موصياً المسلمين أن القتلة إن نجحوا بفعلتهم سيصيبون منه مقتلاً.

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يستنصر للحسينعليه‌السلام

إنّ القتل أبشع الجرائم التي عرفها الجنس البشري، وهو عين الظلم. والله تعالى لا يأمر بالقتل ولا يفرضه على العباد، ولا يقوي القتلة على القتل إن وجدوا قوة تحول بينهم وبين تنفيذ جريمتهم؛ لذلك ومن هذا المنطلق كرر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تحذيراته من وقوع المذبحة، وأمر المسلمين وكلّفهم بأن يقفوا إلى جانب ابنه

١٢١

الحسينعليه‌السلام ، وأن يدافعوا عنه بكل قواهم، وإن ماتوا وهم يدافعون عنه فهم شهداء، وبشّرهم بالجنة، إن ماتوا دفاعاً عنه فهم شهداء ولهم أجر شهداء الأرض.

وحذّر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله اُمّته من مغبة التخلي عن نصرة الحسينعليه‌السلام ؛ لأنهم إن فعلوا ذلك فإن عذاب الله سيصيبهم، وسيكون هذا العذاب فريداً من نوعه، وسيقتل فوق ذلك من الاُمّة بالحسين وصحبهعليهم‌السلام مئات الأضعاف، وفوق ذلك فإن الاُمّة ستضل ولن تبلغ الهدى إلاّ قليلاً.

وتناقل المسلمون هذه الأنباء التي سمعوها وشاعت بين الناس كما شاع غيرها من أخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

التندّر والعجب من هذه الأخبار

المنافقون والذين اتّبعوا الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ ليقينهم أن محمّداً سينجح بتكوين ملك فاتّبعوه طمعاً بهذا الملك المرتقب. اعتبروا هذه الأنباء مثاراً للتندر؛ فابن ابنته ولد لتوّه، والعراق تحت حكم الأكاسرة، وما معنى الخليفة يزيد، وأين هو، ومن سيخلف، ومن الذي ضمن لمحمد أن ابن ابنته سيعيش لستّين عاماً؟ أليس من الممكن أن يُقتل أو يموت قبل أن يبلغ السن؟

المئات من الأسئلة خطرت بأذهان المنافقين من المدينة ومَن حولهم من الأعراب، وأخالهم قد اعتبروها وفق مقاييسهم الفاسدة شطحة من شطحات محمّد كشطحة الإسراء والمعراج.

أما القلة المؤمنة الصادقة فقد آمنت بأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا ينطق عبثاً، ولا عن الهوى، بل يتبع ما يوحى إليه من ربه، ويبلّغ الناس ما اُمر بتبليغه، وأن لابنه الحسين هذا شأناً عظيماً وإلاّ لما اهتمت السماء بأخبار تتعلق به وتقع بعد ستّين عاماً. لقد أثارت تلك الأنباء المتعلقة بمذبحة كربلاء عجبهم بعظمة نبيّهم وابن ابنته، ومكانتهما عند الله تعالى.

وعلى أي حال فالمنافقون والمتربصون بالملك والمؤمنون على حدٍّ سواء اُحيطوا علماً بأنباء مذبحة كربلاء.

الذبيح المرتقب

استقطاباً للمسلمين، وحشداً لتأييدهم ومناصرتهم لابنه الذبيح المرتقب

١٢٢

أخبرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأن الله سبحانه جعل ذرّيته من صلب عليعليه‌السلام ، فلن تكون له ذرّية إلاّ من ولد فاطمة؛ فهو أبوهم وهو عصبتهم(1) ؛ وعلى هذا الأساس فالحسن ابنه، والحسين ابنه أيضاً، وهما هبة الله لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وللاُمّة.

وقد اشتهر هذا الأمر بين المسلمين حتّى صار معروفاً عند الجميع، وعرف الجميع أنهما أحب الخلق إليه(2) ، فكانا يثبان على ظهره وهو يصلّي فلا يمنعهما(3) ، وإذا حضرا وهو يخطب على المنبر بالمسلمين يقطع خطبته وينزل ويحمل ابنيه(4) ؛ ليشعر المسلمين بأهميّة هذين الطفلين، وبقربهما له، وحبّه لهما، وليركّز في أذهان المسلمين أنباء المذبحة وحوافز تأييدهم للحسينعليه‌السلام .

ثمَّ أعلن مراراً وتكراراً بأن ابن عمه علي بن أبي طالبعليه‌السلام هو وليّه وخليفته من بعده(5) ، وهو سيد العرب،(6) ، وسيد المسلمين(7) ، وأنّ ابنته فاطمة هي سيدة نساء العالمين(8) ، وأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هو سيد ولد آدم(9) ؛ فالحسن والحسينعليهما‌السلام سليلا الأسياد.

وأعلن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن هؤلاء الأربعة؛ علي وفاطمة والحسن والحسين هم أهل بيت النبوة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً(10) ، وهم آل محمد(11) الذين جعل الله الصلاة عليهم جزءاً من الصلاة المفروضة على العباد، وهم ذوو قربى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الذين افترض الله مودتهم على كلِّ مسلم(12) .

وجاءت واقعة المباهلة لتعمم هذه الإعلانات التاريخيّة على كافة

____________________

(1) راجع كنز العمال 1 / 152 الحديث2510، والصواعق المحرقة لابن حجر / 112، والمستدرك على الصحيحين 3 / 164.

(2) راجع سنن البهيقي 2 / 263، والمستدرك على الصحيحين 3 / 167.

(3) المصدر نفسه.

(4) راجع صحيح الترمذي 2 / 306، ومسند أحمد 5 / 354، وسنن البهيقي 3 / 218.

(5) راجع كتابنا المواجهة تجد فيه مئات المراجع، وكتابنا نظرية عدالة الصحابة.

(6) راجع حلية الأولياء، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3 / 251.

(7) راجع المعجم الصغير للطبراني 2 / 88، وترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر 2 / 257.

(8) الاستيعاب لابن عبد البر بهامش الإصابة 4 / 377 - 378، واُسد الغابة 5 / 437.

(9) راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3 / 251.

(10) راجع صحيح مسلم 2 / 368، وج15 / 194 بشرح النووي، وصحيح الترمذي 5 / 30.

(11) راجع مسند أحمد 6 / 323، والمستدرك على الصحيحين 3 / 108، و ج3 / 147.

(12) راجع المستدرك على الصحيحين للحاكم 3 / 172، ومقتل الحسين للخوارزمي 1 / 1 و57، والدر المنثور 6 / 7.

١٢٣

سكان الجزيرة العربية ومن مختلف الملل(1) .

وواقعة المباهلة من القوة بحيث أنها مدعومة بآية محكمة، ومن الوضوح بحيث يتعذّر تأويلها.

وفي غدير خم عندما عاد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله من حجة الوداع بلّغ غاية الأحكام عندما أعلن في غدير خم أنه بعد عودته للمدينة سيمرض، وسيموت في مرضه، وإن أراد أن يلقي القول معذرة للناس، وأنه سيترك للناس بعد موته الثقلين؛ كتاب الله وعترته أهل بيته(2) ، وأنهما لن يفترقا(3) ، ويوم القيامة سيسأل المسلمين عن الاثنين معاً(4) .

ثمَّ أخذ بيد علي بن أبي طالبعليه‌السلام وقال: « مَن كنت وليّه فهذا وليّه(5) ، ومن كنت مولاه فهذا مولاه(6) ، ومن كنت الأولى به فعلي هو الأولى به(7) ». وتفرّق المسلمون على هذا الأساس.

وكان المسلمون يرسلون كافة هذه الحقائق إرسال المسلمات، تماماً كطلوع الشمس من المشرق. ولمّا استولت بطون قريش على منصب الخلافة بالقهر والغلبة، وأخّرت الذين قدّمهم الله، وقدّمت الذين أخّرهم الله، قاد الخلفاء بأنفسهم وبمساعدة أوليائهم حملات التشكيك بمكانة الأربعة؛ ليبرّروا تقدم الخلفاء وتأخّر آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وليخفوا آثار جريمة غصب السلطة والولاية.

وقد سقنا عند التعريف بقادة فئتي كربلاء نماذج من النصوص النبوية التي أعلنها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والتي تضمّنت قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وريحانتاه من هذه الاُمّة، وأنهما سبطاه، وأن حربهما حربه، وسلمهما سلمه، وأن عدوهما عدوه، وحبيبهما حبيبه. ووثقنا ذلك في حينه.

وبيّن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

(1) راجع صحيح مسلم 2 / 360، وج7 / 120 بشرح النووي، والمستدرك على الصحيحين 3 / 15.

(2) رجع صحيح مسلم بشرح النووي 2 / 362، و ج15 / 179 - 180.

(3) راجع صحيح الترمذي 5 / 328 ح3874، وكنز العمال 1 / 154 على سبيل المثال.

(4) راجع اُسد الغابة لابن الأثير 3 / 147، ومجمع الزوائد 5 / 195.

(5) راجع كتابنا المواجهة / 400 وما بعدها تجد أكثر من مئة مرجع، وكتاب نظرية عدالة الصحابة، وكتاب الوجيز في الإمامة والولاية.

(6) المصدر نفسه.

(7) المصدر نفسه.

١٢٤

أن الحسن والحسين أحب الناس إلى قلبه(1) .

ماذا على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يفعل؟

ماذا بوسع الرسول الأعظم أن يفعل غير ذلك، وماذا بوسعه أن يعلن غير ما أعلن، أو يحتاط غير ما احتاط به، أو يوصي غير الذي أوصاه؟ لقد ذُبح الحسين بعد موت جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولو كان الرسول حياً لفدى حسيناً وأهل بيته بملك الدنيا كلها، ولفداهم حتّى بروحه الطاهرة، ولقاتل دونهم، ولذهبت نفسه حسرات على ما أصابهم، ولكن الرسول في رحاب الله، وبينه وبين المجرمين برزخ.

أزمة تصديق الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله

القلة المؤمنة الصادقة هي التي كانت تصدّق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وتعتبره متّصلاً بالله، ولا ينطق عن الهوى، وأنه يقول كل ما يؤمر بقوله، ومع هذا فإن هذه القلة متفاوتة بإيمانها ودرجات تصديقها؛ لأنها تتعرض لموجات من التشكيك في ما تسمعه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الأكثريّة الكافرة التي تحيط بها وتعيش معها.

أضف إلى ذلك معقولية ما يسمعونه؛ فالخارق ممن يسمعونه من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يخضعونه لمقاييسهم وتحاليلهم العقلية، كأن يقولون: أيعقل هذا؟!

وغالباً تقف عقولهم عاجزة عن الإجابات؛ فالرسول يتكلم بيقين بالغ عن اُمور تحدث خلال عشرات أو مئات السنين، وهم مندهشون من هذا اليقين، لكن عقولهم لا تستطيع مجاراته، وقلة نادرة من المسلمين هي التي جارت وسايرت وواكبت يقين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يبلغ ويقيم الحجة

لقد بلّغ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله للمسلمين ما أمره الله تعالى بتبليغه، وكشف لهم كافة الجوانب المتعلقة بمذبحة كربلاء، وكانوا يعرفون تماماً درجة القرابة بين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وبين الحسين والطيبين الذين استشهدوا معه.

وقد بلّغهم الرسول المكانة الدينية التي

____________________

(1) راجع على سبيل المثال صحيح الترمذي 2 / 306، وذخائر العقبى للطبري / 122، والإصابة لابن حجر 2 / 11.

١٢٥

أعطاها الله لأهل بيت النبوة، ولآل محمّد وذوي قرباه. وسواء صدّقوا أو لم يصدّقوا فقد سمعوا البلاغ، واُحيطوا علماً بمكانة الإمام الحسينعليه‌السلام عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسمعوا النبي وهو يأمرهم ويكلّفهم بنصرة الإمام الحسينعليه‌السلام ، وسمعوه وهو ينذرهم بالعذاب والشر المستطير إن لم ينصروا الحسينعليه‌السلام ، ومعنى ذلك أنّ الحجة قد اُقيمت عليهم تماماً بعد أن بيّنها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بكل وسائل البيان.

اُسلوب الأكثريّة الساحقة من الاُمّة الإسلاميّة

بإطاعة رسول الله، ونصرة الحسين، وحفظ أهل بيت النبوة

أمّا عليعليه‌السلام فقد سلبوه حقّه، وأخّروه وهو المتقدم، وأذلّوه وهو العزيز، ثمَّ قتلوه وهو صائم.

وأمّا فاطمةعليها‌السلام فقد غصبوها إرثها وممتلكاتها، وهمّوا بإحراق بيتها عليها وعلى زوجها عليعليه‌السلام ، وعلى طفليها يوم ذاك الحسن والحسينعليهما‌السلام ، فماتت كمداً وهي شانئة للقوم.

وأمّا الحسنعليه‌السلام فقد جرعوه كؤوس العذاب، وطعنوه ونهبوا رحله ثمَّ قتل مسموما بتخطيط من معاوية.

وأمّا الحسينعليه‌السلام ذبيح كربلاء فقد ساموه سوء العذاب، وذبحوا أمامه أولاده وإخوته، وأولاد إخوته وأبناء عمومته، ثمَّ توّجوا المذبحة بقتل الحسينعليه‌السلام أشنع قتلة.

وقبل أن يقتلوهم بأيام منعوا عنهم ماء الفرات وهو متاح للحيوان والطير والوحش، فمات الحسينعليه‌السلام وأهل بيت النبوة عطشى وظمأى، ولم يكتفوا بذلك، بل أوطؤوا الخيل صدورهم وهم أموات، ثمَّ قاموا بقطع رؤوسهم.

وحملها جيش الخلافة على رؤوس الرماح نشوة وافتخاراً بالمذبحة بعد أن سلبوهم كل ما معهم، وسلبوا حتّى ملابس الشهداء ونعالهم، وبعد ذلك ساقوا بنات الرسول أسارى من بلاد العراق إلى بلاد الشام، وسمّوا المذبحة « بنصر الله والفتح »!

١٢٦

عندما عاد علي بن الحسينعليه‌السلام إلى المدينة قال في مقطع من خطبة ألقاها بمستقبليه ومعزّيه من أهل المدينة: « والله، لو أن النبي تقدّم إليهم في قتالنا كما تقدّم إليهم بالوصاة بنا لما زادوا على ما فعلوا، فإنا لله وإنا إليه راجعون »(1) .

الملك والجيش والاُمّة والمذبحة

قد يتصوّر بعض الناس أن ملك الفرس، أو ملك الروم، أو ملك التتار هو الذي أمر بالمذبحة. لا إنه ملك المسلمين يزيد بن معاوية بن أبي سفيان. والجيش الذي ارتكب المذبحة ليس جيش الفرس، ولا جيش الروم، ولا جيش التتار، ولكنه جيش الخلافة الإسلاميّة. وقائد الجيش الذي أشرف على تنفيذ المذبحة هو عمر بن سعد بن أبي وقاص، يعاونه أركان قيادته المسلمة. والاُمّة التي شهدت المذبحة لم تكن اُمّة التتار، ولا اُمّة السكسون، ولا الهنود الحمر، إنما كانت الاُمّة الإسلاميّة!

جريمة مع التعمد والإصرار

المجرمون الذين ارتكبوا مذبحة كربلاء كانوا يعلمون علم اليقين أن المذبحة أشنع جريمة، وأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قد حذّرهم منها بكل وسائل التحذير. وكانوا يعلمون علم اليقين أنهم يقتلون آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأهل بيتهعليهم‌السلام . وكانوا يعلمون علم اليقين أن مذبحة كربلاء تصيب من النبي مقتلاً، وتفجعه بأحب الخلق إليه، ولكنّ القتلة؛ ملكاً وجيشاً وقيادةً مع سبق الإصرار والترصد نفذوا جريمتهم النكراء بوحشية بالغة وعدم مبالاة.

والأكثريّة الساحقة من الاُمّة الإسلاميّة كانت تعلم علم اليقين أن الذين اُخرجوا إلى كربلاء هم آل محمّد وأهل بيته وذوو قرباهعليهم‌السلام ، وكانت تعرف مراتبهم العليّة ودرجاتهم السنيّة. وقد سمعت من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنباء المذبحة قبل وقوعها بستّين

____________________

(1) راجع مثير الأحزان / 90، 92، واللهوف / 76، 77.

١٢٧

عاماً، وسمعت أوامر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بضرورة نصرة الحسينعليه‌السلام والدفاع عنه مثلما سمعت نذر النبي من مغبة التخلي عنه. ومع هذا تجاهلت كل ذلك، وكانت بين مشارك للقتلة بالمذبحة، أو مؤيد لهم، أو متفرّج عليهم، فكانت أفعال هذه الأكثريّة مشاركة جرمية مع جميع الوجوه، وكأفعال القتلة تماماً، وهي سلسلة جرائم ولكن مع سبق الترصد والإصرار.

لقد سمع العالم كله بخروج الحسين من المدينة إلى مكّة إلى العراق، وكانت فترة كافية للتجمّع ونصرته، ولكن الأكثريّة تخلّت عنه. ألا بُعداً لهم كما بعدت ثمود!

من أخبار السماء عن مذبحة كربلاء

النموذج الأوّل: روت اُمّ الفضل بنت الحارث أنها وفي يوم من الأيام بعد ولادة الحسينعليه‌السلام حملته ووضعته في حجر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإذا عينا رسول الله تهريقان من الدموع، فلما سألته عن سبب بكائه قال لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أتاني جبريل فأخبرني أن اُمّتي ستقتل ابني هذا ».

قالت: فقلت: هذا؟

فقال: « نعم، وأتاني بتربة من تربته حمراء »(1) .

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

النموذج الثاني: قالت أسماء بنت عميس، والصحيح كما قال العسكري: سلمى بنت عميس زوجة سيد الشهداء حمزة(2) : لمّا ولد الحسينعليه‌السلام أمرني النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن آتيه به، فدفعته إليه في خرقة بيضاء، فأذّن في اُذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، ثمَّ وضعه في حجره وبكى، ولما سألته عن سبب بكائه قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « على ابني هذا ».

فقالت سلمى: إنه ولد الساعة!

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « تقتله الفئة الباغية، لا أنالهم الله شفاعتي ». ثمَّ قال لها: « لا تُخبري فاطمة بهذا؛ فإنها قريبة عهد بولادته »(3) .

____________________

(1) راجع المستدرك على الصحيحين 3 / 76، ورواه مختصراً في ص 179، وراجع تاريخ ابن عساكر ح631، وقريب منه في ح630، ومجمع الزوائد 6 / 179، ومقتل الخوارزمي 1 / 159 و 162، وابن كثير 6 / 230، و 8 / 199، والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي / 145، والصواعق لابن حجر / 115، وكنز العمال 6 / 223، وراجع معالم المدرستين للعسكري / 28، وفضائل الخمسة 3 / 336.

(2) راجع ترجمتهما في اُسد الغابة / 479.

(3) راجع مقتل الحسين للخوارزمي 6 / 87 - 88، وذخائر العقبى للطبري / 119، ومعالم المدرستين للعسكري 1 / 17.

١٢٨

النموذج الثالث: قالت زينب بنت جحش: بينما كان الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في بيتي دخل الحسينعليه‌السلام ، فقام النبي فصلّى، فلما قام احتضن الحسين إليه، فإذا ركع أو جلس وضعه، ثمَّ جلس فبكى، ثمَّ مدّ يده، فسألته حين قضى الصلاة قائلة: يا رسول الله، إني رأيتك اليوم صنعت شيئاً ما رأيتك صنعته؟

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ جبريل أتاني أنّ هذا تقتله اُمّتي. فقلت: أرني تربته. فأتاني بتربة حمراء»(1) .

النموذج الرابع: قالت اُمّ سلمة: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رقد ذات ليلة، فاستيقظ مضطرباً، ثمَّ اضطجع فرقد فاستيقظ مضطرباً، ثمَّ اضطجع فرقد واستيقظ وفي يده تربة حمراء يقلّبها، فقلت: ما هذه التربة يا رسول الله؟

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أخبرني جبرئيل أن هذا (أي الحسين) يُقتل بأرض العراق، فقلت لجبرئيل: أرني تربة الأرض التي يُقتل بها. فهذه تربتها »(2) .

النموذج الخامس: قالت اُمّ سلمة: دخل الحسينعليه‌السلام يوماً حتّى جلس في حجر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال جبرئيل للنبي: إنّ اُمّتك ستقتل ابنك هذا. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يقتلونه وهم مؤمنون بي؟! ». قال: نعم. فتناول جبرئيل تربة فقال: بمكان كذا وكذا.

فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد احتضن حسيناً؛ كاسف البال، مغموماً، فظنت أنه غضب من دخول الصبي عليه؛ لأنه كان قد أمر أن لا تدع أحداً يدخل عليه، فقالت معتذرة: يا رسول الله، قلت لنا: « لا تبكوا هذا الصبي »، وأمرتني أن لا أدع أحداً يدخل عليك، فجاء فخليت عنه.

فلم يرد عليها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وخرج إلى أصحابه وهم جلوس، فقال لهم: « إنّ اُمّتي يقتلون هذا »، وفي القوم أبو بكر وعمر، وفي آخر الحديث أراهم تربته(3) .

____________________

(1) راجع تاريخ ابن عساكر ح629، ومجمع الزوائد 6 / 188، وكنز العمال 13 / 112، وتاريخ ابن كثير 8 / 199، ومثير الأحزان / 7 - 10، واللهوف / 7 - 9.

(2) راجع المستدرك على الصحيحين 4 / 398، والمعجم الكبير للطبراني ح55، وتاريخ ابن عساكر ح619 - 621، وترجمة الحسينعليه‌السلام من الطبقات الكبرى لابن سعد ح267، وتاريخ الإسلام للذهبي 3 / 11، وسير أعلام النبلاء 3 / 194ـ195، ومقتل الحسين للخوارزمي 1 / 158 - 159، وذخائر العقبى للطبري / 148 - 149، وتاريخ ابن كثير 6 / 230، وكنز العمال 16 / 266، ومعالم المدرستين 3 / 31، وفضائل الخمسة من الصحاح الستة 3 / 337.

(3) راجع تاريخ ابن عساكر ح618، وتهذيبه 4 / 325، وتاريخ الأسلام للذهبي 3 / 10، وسير =

١٢٩

النموذج السادس: قالت اُمّ سلمة: سمعت نشيج النبي يبكي، فاطّلعت فإذا حسين بحجره والنبي يمسح جبينه وهو يبكي، فاعتذرت اُمّ سلمة قائلة: والله، ما علمت حين دخل؛ لأن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أمرها أن لا تدخل عليه أحداً.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن جبرئيل كان معنا في البيت، فقال أتحبه؟ قلت: أما من الدنيا فنعم. قال: إنّ اُمّتك ستقتل هذا بأرض يقال لها: كربلاء ». فتناول جبرئيل من تربتها فأراها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلما اُحيط بالحسين قال: « ما اسم هذه الأرض؟ ».

قالوا: كربلاء.

قال: « صدق الله ورسوله، أرض كرب وبلاء »(1) .

النموذج السابع: قالت اُمّ سلمة: كان الحسن والحسينعليهما‌السلام يلعبان بين يدي النبي في بيتي، فنزل جبرئيل فقال: يا محمّد، إن اُمّتك تقتل ابنك هذا من بعدك، فأومأ بيده إلى الحسين، فبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ووضعه إلى صدره، ثمَّ قال رسول الله: « وديعة عندكِ هذه التربة ».

فشمها رسول الله وقال: « ويح كرب وبلاء ».

قالت: وقال رسول الله: « يا اُمّ سلمة، إذا تحولت هذه التربة دماً فاعلمي أنّ ابني قد قُتل ».

قالت: فجعلتها في قارورة، ثمَّ جعلت أنظر إليها كل يوم قائلة: إنّ يوماً تتحولين دماً لَيوم عظيم(2) !

النموذج الثامن: قالت اُمّ سلمة: دخل الحسينعليه‌السلام على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ففزع، فقلت: ما لك يا رسول الله؟

قال: « إن جبرئيل أخبرني أن ابني هذا يُقتل، وأنّه اشتد غضب الله على مَن يقتله »(3) .

____________________

= النبلاء 3 / 10، ومجمع الزوائد 9 / 189، ومعالم المدرستين 3 / 30، وفضائل الخمسة 3 / 341 - 342.

(1) راجع معجم الطبراني ح53 / 125، ومجمع الزوائد 9 / 188 - 189، وكنز العمال 16 / 265، وذخائر العقبى / 147، ونظم دررالسمطين للزرندي / 215، ومعالم المدرستين للعسكري 3 / 31 - 32.

(2) راجع معجم الطبراني ح51 / 124، وتاريخ ابن عساكر ح622، وتهذيبه 4 / 325، وذخائر العقبى للطبري / 147، ومجمع الزوائد 9 / 189، والخصائص الكبرى للسيوطي 2 / 152، وجوهرة الكلام / 120.

(3) راجع تاريخ ابن عساكر ح623، وتهذيبه 4 / 325، وكنز العمال 23 / 112، ومعالم المدرستين للعسكري 3 / 33.

١٣٠

النموذج التاسع: قالت اُمّ سلمة: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يُقتل الحسين بن علي على رأس ستّين من مهاجري(1) حين يعلوه القتير »(2) .

النموذج العاشر: قالت اُمّ سلمة: كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نائماً، فجاء الحسينعليه‌السلام فأمسكته مخافة أن يوقظ النبي، ثمَّ غفلت عنه فدخل الحسين فقعد على بطن النبي، فسمعت نحيب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجئت لأعتذر، فقال النبي: « إنما جائني جبرئيل وهو على بطني قاعد، فقال: أتحبه؟ فقلت: نعم. قال: إن اُمّتك ستقتله. ألا أريك التربة التي يُقتل بها؟ ».

قال: « فقلت: بلى ».

قال: « فضرب بجناحه فأتى بهذه التربة ».

قالت: وإذا بيده تربة حمراء وهو يبكي ويقول: « يا ليت شعري! مَن يقتلك بعدي! ».

النموذج الحادي عشر: قالت اُمّ سلمة: قلت: يا نبي الله، أمرتني أن لا يلج عليك أحد، وإن ابنك جاء فذهبت أتناوله فسبقني، فلما طال ذلك تطلّعت من الباب فوجدتك تقلّب بكفّيك شيئاً، ودموعك تسيل والصبي على بطنك.

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « نعم، أتاني جبرئيل فأخبرني أنّ اُمّتي يقتلونه، وأتاني بالتربة التي يُقتل عليها، فهي التي اُقلب بكفّي »(4) .

النموذج الثاني عشر: قال أنس بن مالك: جاء الحسين فاقتحم، ففتح الباب فجعل النبي يلتزمه ويقبّله، فقال الملك الذي كان عنده: أتحبه؟

قال: « نعم ».

قال: إنّ اُمّتك ستقتله، وإن شئت أريتك المكان الذي يُقتل فيه.

فقبض قبضة من

____________________

(1) راجع تاريخ ابن عساكر ح634، وتهذيبه 4 / 325، ومجمع الزوائد 9 / 189، ومقتل الخوارزمي 1 / 161، ومعالم المدرستين 3 / 33.

(2) راجع ترجمة الحسين من معجم الطبراني ح42 / 121.

(3) راجع تاريخ ابن عساكر ح626، وذخائر العقبى للطبري / 147، والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي / 154، وتذكرة الخواصّ لابن الجوزي / 142، ومعالم المدرستين 3 / 33.

(4) راجع ترجمة الحسينعليه‌السلام في المعجم الكبير للطبراني ح54 / 124، وطبقات ابن سعد ح268، ومقتل الخوارزمي 1 / 158، وكنز العمال 16 / 226، وأخرجه ابن شيبة في المصنف ح12.

١٣١

المكان الذي قُتل فيه فأراه، فجاء بسهلة أو تراب أحمر، فأخذته اُمّ سلمة فجعلته في ثوبها(1) .

النموذج الثالث عشر: قالت عائشة: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أجلس حسيناً على فخذه، فجاء جبرئيل فقال: هذا ابنك؟ قال: « نعم ». قال: إنّ اُمّتك ستقتله بعدك. فدمعت عينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال جبرئيل: إن شئت أريتك الأرض التي يُقتل فيها؟ قال: « نعم ». فأراه جبرئيل تراباً من تراب الطف...(2) .

النموذج الرابع عشر: قالت عائشة: دخل الحسين على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يُوحى إليه، فنزى على رسول الله وهو منكب، ولعب على ظهره، فقال جبرئيل لرسول الله: أتحبه يا محمّد؟ قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا جبرئيل، وما لي لا اُحبّ ابني؟ ». قال: فإنّ اُمّتك ستقتله من بعدك. فمد جبرئيل يده وناوله تربة، وذهب جبرئيل من عند النبي والتربة في يده وهو يبكي، فقال النبي لعائشة: « إنّ جبرئيل أخبرني أن الحسين ابني مقتول في أرض الطف، وأن اُمّتي ستُفتن بعدي ».

ثمَّ خرج إلى أصحابه، فيهم: علي وأبو بكر وعمر وحذيفة وعمار وأبو ذر، وهو يبكي، فقالوا: ما يبكيك يا رسول الله؟

فقال: « أخبرني جبرئيل أنّ ابني الحسين يُقتل بعدي بأرض الطف، وجاءني بهذه التربة وأخبرني أن فيها مضجعه »(3) .

النموذج الخامس عشر: قال عبد الله بن عمرو بن العاص: إنّ معاذ بن جبل أخبره أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد خرج علينا متغير اللون، فقال: « أنا محمّد، اُوتيت فواتح

____________________

(1) راجع مسند أحمد 3 / 243 و 265، وتاريخ ابن عساكر ح615 و 617، وترجمة الحسين من المعجم الكبير للطبراني ح47، ومقتل الحسين للخوارزمي 1 / 160 - 162، وتاريخ الإسلام للذهبي 3 / 100، وسير أعلام النبلاء 3 / 194، وذخائر العقبى / 146 - 147، ومجمع الزوائد 9 / 187 و 190، وتاريخ ابن كثير 6 / 229 و ج8 / 199، والمواهب اللدنية للعسقلاني 2 / 195، والخصائص للسيوطي 2 / 25.

(2) راجع الطبقات الكبرى لابن سعد ح269، وتاريخ ابن عساكر بترجمة الحسين ح627، ومقتل الخوارزمي 1 / 159، ومجمع الزوائد 9 / 187، وكنز العمال 13 / 108، والصواعق المحرقة لابن حجر / 115، وخصائص السيوطي 2 / 125 - 126.

(3) راجع ترجمة الحسين من معجم الطبراني ح48 / 123، ومجمع الزوائد 9 / 187، وراجع أعلام النبوّة للماوردي / 83، ومعالم المدرستين للعسكري 3 / 34.

١٣٢

الكلام وخواتمه، فأطيعوني ما دمت بين أظهركم، فإذا ذهبت فعليكم بكتاب الله عزّ وجلّ؛ أحلوا حلاله، وحرموا حرامه. أتتكم الموتة بالروح والراحة، أتتكم فتن كقطع الليل المظلم، كلما ذهب رسل جاء رسل، تناسخت النبوة فصارت ملكاً... أمسك يا معاذ وأحصِ ».

فلما بلغت خمساً قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يزيد، لا بارك الله في يزيد! ». ثمَّ ذرفت عيناه، ثمَّ قال: « نُعي إليّ حسين، واُتيت بتربته، واُخبرت بقاتله. والذي نفسي بيده لا يُقتل بين ظهراني قوم لا يمنعونه إلاّ خالف الله بين صدورهم وقلوبهم، وسلّط عليهم شرارهم، وألبسهم شيعاً ».

ثمَّ قال: « وآهاً لفراخ آل محمّد من خليفة يستخلف مترف، يقتل خلفي وخلف الخلف! »(1) .

النموذج السادس عشر: قال سعيد بن جمهان: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أتاه جبرئيل بتراب من تراب القرية التي يُقتل بها الحسينعليه‌السلام ، فقال: اسمها كربلاء، فقال رسول الله: « كرب وبلاء »(2) .

النموذج السابع عشر: قال ابن عباس: ما كنّا نشك أهل البيت وهم متوافرون أن الحسين بن علي يُقتل بالطفِّ (3) .

نماذج اُخرى

لأنّ علياًعليه‌السلام هو الولي الشرعي من بعد النبي، وهو المخول بأن يبيّن للاُمّة ما أختلفت فيه من بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (4) ، فلرواياته أهمية خاصة، وأن الحسينعليه‌السلام ابنه، وأن علياًعليه‌السلام كان يسكن مع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في بيت واحد طوال حياته المباركة، وكان يتبعه اتّباع الفصيل لأثر اُمّه على حد تعبير الإمامعليه‌السلام .

النموذج الثامن عشر: صعد الإمامعليه‌السلام على منبر الكوفة، فحمد الله وأثنى عليه، ثمَّ

____________________

(1) راجع معجم الطبراني ح95 / 140، ومقتل الخوارزمي / 160 - 161، وكنز العمال 6 / 39 و ج13 / 113، وراجع مجمع الزوائد للهيثمي 9 / 189.

(2) راجع تاريخ ابن عساكر ح632، وتاريخ الإسلام للذهبي 3 / 11، وتاريخ ابن كثير 8 / 200.

(3) مقتل الخوارزمي 1 / 16.

(4) راجع ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر 2 ح448، 1008، 1009، ومقتل الحسين للخوارزمي 1 / 86، والمناقب للخوارزمي أيضاً / 236، وينابيع المودة للقندوزي / 1872.

١٣٣

قال: « كيف أنتم إذا نزل بذرّية نبيكم بين ظهرانيكم؟ ».

قالوا: إذاً نبلي الله فيهم بلاءً حسناً.

فقال: « والذي نفسي بيده، لينزلن بين ظهرانيكم، ولتخرجنّ إليهم فلتقتلنّهم ».

ثمَّ أقبل يقول:

هـم أوردوهم بالغرور وغرّدوا

أجيبوا دعاه لا نجاةً ولا عذرا(1)

النموذج التاسع عشر: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ الله حرّم الجنة على مَن ظلم أهل بيتي، أو قاتلهم، أو أغار عليهم ».

النموذج العشرون: قال الإمام عليعليه‌السلام لأصحابه يوماً: « يُقتل الحسين بن علي قتلاً، وإني لأعرف تربة الأرض التي يُقتل بها؛ يُقتل بقرية قريبة من النهرين »(2) .

النموذج الحادي والعشرون: لمّا سار الإمام عليعليه‌السلام إلى صفّين نزل في كربلاء، فقال لابن عباس أمام أصحابه: « أتدري ما هذه البقعة؟ ».

قال: لا. قال عليعليه‌السلام : « لو عرفتها بكيت بكائي ». ثمَّ بكى بكاءً شديداً ثمَّ قال: « ما لي ولآل أبي سفيان! ». ثمَّ التفت إلى الحسينعليه‌السلام وقال: « صبراً يا بُني، فقد لقي أبوك منهم مثل الذي تلقى بعده»(3) .

النموذج الثاني والعشرون: وقف الإمام عليعليه‌السلام في كربلاء، فقيل له: يا أمير المؤمنين، هذه كربلاء؟

قال الإمام عليعليه‌السلام : « ذات كرب وبلاء ».

ثمَّ أومأ بيده إلى مكان، فقال: « ها هنا موضع رحالهم، ومناخ ركابهم ».

وأومأ إلى موضع آخر فقال: « ها هنا مهراق دمائهم »(4) .

النموذج الثالث والعشرون: عندما ذهب الإمام عليعليه‌السلام إلى صفّين، ونزل وصلّى عند شجرة، ثمَّ قال: « يُقتل ها هنا شهداء هم خير الشهداء غير الصحابة،

____________________

(1) راجع معجم الطبراني ح57 / 128، ومجمع الزوائد 9 / 191، وأنساب الأشراف للبلاذري / 38.

(2) راجع معجم الطبراني ح57 / 128، وتاريخ الإسلام للذهبي 3 / 11، وسير أعلام النبلاء 3 / 195، ومعجم الزوائد 9 / 190، وكنز العمال 6 / 379.

(3) مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي 1 / 162.

(4) راجع وقعة صفّين لنصر بن مزاحم / 142، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 278.

١٣٤

يدخلون الجنة بغير حساب ». وأشار إلى مكان هنالك، فعلموه بشيء، فقُتل فيه الحسينعليه‌السلام (1) .

النموذج الرابع والعشرون: لمّا جاء عليعليه‌السلام إلى نينوى وهو منطلق إلى صفّين نادى عليعليه‌السلام : « صبراً أبا عبد الله، صبراً أبا عبد الله بشط الفرات ».

قيل له: وماذا؟

قال: « دخلت على رسول الله ذات يوم وعيناه تفيضان، قلت: يا نبي الله، أغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بل قام من عندي جبرئيل فحدّثني أن الحسين يُقتل بشط الفرات. قال: فقال: هل لك أن أشهدك من تربته؟ قال: نعم. فمدّ فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا »(2) .

النموذج الخامس والعشرون: في كربلاء أخذ الإمام عليعليه‌السلام يشير بيده ويقول: « ها هنا، ها هنا ».

فقال له رجل: وما ذلك يا أمير المؤمنين؟

قال: « ثقل لآل محمّد ينزل ها هنا، فويل لهم منكم، وويل لكم منهم! ».

فقال الرجل: ما معنى هذا الكلام يا أمير المؤمنين؟

قال: « ويل لهم منكم تقتلونهم، وويل لكم منهم يدخلكم الله النار بقتلهم »(3) .

النموذج السادس والعشرون: وقال الإمام عليعليه‌السلام مرة بعد أن رُفع إليه من تربة كربلاء فشمّها: « واهاً لك أيّتها التربة! لَيُحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب ».

قال الراوي ساخراً ومندهشاً: وما علمه بالغيب(4) ؟!

النموذج السابع والعشرون: قال ميمون بن شيبان بن مخرم، وكان عثمانياً يبغض علياًعليه‌السلام :

____________________

(1) راجع تاريخ ابن كثير 8 / 199 - 200، ومجمع الزوائد 9 / 191.

(2) راجع مسند أحمد بن حنبل 1 / 85، وقال بالهامش: إسناد صحيح. ومعجم الطبراني ح45 / 126، وتاريخ ابن عساكر ح611 - 613، وتهذيبه 4 / 325، ومجمع الزوائد 9 / 187، وتاريخ الإسلام للذهبي 3 / 10، وسير أعلام النبلاء 3 / 193، وتاريخ ابن كثير 8 / 199، ومقتل الحسين للخوارزمي 1 / 170، والصواعق المحرقة لابن حجر / 115، وخصائص السيوطي 2 / 126.

(3) راجع وقعة صفّين لنصر بن مزاحم.

(4) راجع التفصيل في وقعة صفّين لنصر بن مزاحم / 140 - 141، وتاريخ ابن عساكر 636 و 638.

١٣٥

رجعنا مع علي إلى صفّين، فانتهينا إلى موضع، فقال: « ما سمي هذا الموضع؟ ».

فقلنا له: كربلاء.

قال: « كرب وبلاء ».

قال: ثمَّ قعد على دابته وقال: « يُقتل ها هنا قوم أفضل شهداء على ظهر الأرض... ».

قال: قلت: بعض كذباته وربِّ الكعبة.

قال: فقلت لغلامي، وثمة حمار ميّت: جئني برجل هذا الحمار. فأوتدته في المقعد الذي كان فيه قاعداً، فلما قُتل الحسين قلت لأصحابنا: انطلقوا ننظر. فانتهينا إلى المكان فإذا جسد الحسين على رجل الحمار، وإذا أصحابه ربضة حوله(1) .

النموذج الثامن والعشرون: قال أنس بن الحارث: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: « إنّ ابني هذا - يعني الحسين - يُقتل بأرض يقال لها: كربلاء، فمَن شهد ذلك فلينصره ». فخرج أنس بن الحارث إلى كربلاء فقُتل بها مع الحسينعليه‌السلام (2) .

النموذج التاسع والعشرون: عن هيثم بن الأسود النخعي الكوفي قال: كان أبي يتبرّى فينزل قريباً من الموضع الذي كان فيه معركة الحسين، فكنا لا نبدو إلاّ وجدنا رجلاً من بني أسد هناك، فقال له أبي: إني أراك ملازماً هذا المكان؟

قال: بلغني أن حسيناً يُقتل ها هنا، فأنا أخرج لعلّي اُصادفه فاُقتل معه.

فلما قُتل الحسين قال أبي: انطلق ننظر هل الأسدي في مَن قُتل. وأتينا المعركة فطوّفنا فإذا الأسدي مقتول(3) .

النموذج الثلاثون: في ترجمة الحارث بن نبيه، وكان من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من أهل الصُفّة، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - والحسين في حجره - يقول: « إنّ ابني هذا يُقتل في أرض يقال لها: العراق، فمَن أدركه فلينصره »(4) .

____________________

(1) راجع كامل الزيارات - باب 23 / 71 - 72، وراجع اُسد الغابة لابن الأثير 1 / 123، وفضائل الخمسة 3 / 347.

(2) راجع ترجمة أنس بن الحارث في الجرح والتعديل للرازي 1 / 287، وتاريخ البخاري الكبير 1 / 30، رقم الترجمة 1583، وابن عساكر ح680، وتهذيبه 4 / 338، واُسد الغابة 1 / 123، ومقتل الحسين للخوارزمي 1 / 159 - 160، وتاريخ ابن كثير 8 / 199.

(3) راجع ترجمة الحسين في طبقات ابن سعد ح280، وتاريخ ابن عساكر ح666.

(4) راجع اُسد الغابة 1 / 349 ترجمة الحارث بن نبيه، والإصابة لابن حجر 1 / 68، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : =

١٣٦

النموذج الواحد والثلاثون: قال الرسول: « نُعي إليّ الحسين، واُوتيت بتربته، واُخبرت بقاتله »(1) .

النموذج الثاني والثلاثون: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « سبعة لعنتُهم، وكل نبي مجاب الدعوة... والمستحل من عترتي ما حرّم الله »(2) .

النموذج الثالث والثلاثون: قال عبد الله بن مسعود: أتينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فخرج إلينا مستبشراً يُعرف السرور في وجهه، فما سألنا عن شيء إلاّ أخبرنا، ولا سكتنا إلاّ ابتدأنا، حتّى مرّت فتية من بني هاشم فيهم الحسن والحسينعليهما‌السلام ، فلمّا رآهم التزمهم وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله، ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟

فقال: « إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنّه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريداً وتشريداً في البلاد »(3) .

النموذج الرابع والثلاثون: قال أبو سعيد الخدري: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ أهل بيتي سيلقون من بعدي من اُمّتي قتلاً وتشريداً، وإنّ أشد قومنا لنا بغضاً بنو اُميّة، وبنو المغيرة، وبنو مخزوم ».

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.

النموذج الخامس والثلاثون: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يجيء يوم القيامة المصحف والمسجد والعترة، فيقول المصحف... ويقول المسجد... وتقول العترة:

____________________

= « إنّ ابني هذا يُقتل في أرض يقال لها: العراق، فمَن أدركه فلينصره ».

وراجع كنز العمال 6 / 223، وقال: أخرجه البغوي، وابن السكن، والبارودي، وابن منده، وابن عساكر، وذكره الطبري في ذخائر العقبى / 146، وقال: خرّجه الملا في سيرته. راجع فضائل الخمسة 3 / 347 - 348.

(1) راجع كنز العمال 6 / 223، وقال: أخرجه الديلمي. راجع فضائل الخمسة 3 / 339.

(2) اُسد الغابة لابن الأثير 4 / 107، وكنز العمال 8 / 191 - 192، وقال: أخرجه الطبراني. وراجع فضائل الخمسة من الصحاح الستة 3 / 349 - 350 تجد الكثير من المراجع.

(3) المستدرك على الصحيحين 4 / 464، وراجع صحيح ابن ماجة / 309 باب خروج المهدي، وفضائل الخمسة للفيروز آبادي 3 / 350.

(4) راجع المستدرك على الصحيحين 4 / 487، وكنز العمال 6 / 40، وقال: أخرجه نعيم بن حماد في الفتن. راجع فضائل الخمسة 3 / 351.

١٣٧

طردونا وقتلونا وشرّدونا. وأجثو بركبتي للخصومة، فيقول الله: ذلك إليّ وأنا أولى بذلك ». وأخرجه الديلمي عن جابر وأحمد بن حنبل، والطبري وسعيد بن منصور عن أبي اُمامة(1) .

النموذج السادس والثلاثون: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّا أهل البيت، اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنّ أهل بيتي سيلقون بعدي أثرة وشدة وتطريداً في البلاد، حتّى يأتي قوم من ها هنا - وأشار بيده نحو المشرق - أصحاب رايات سود »(2) .

النموذج السابع والثلاثون: قالت اُمّ سلمة: إنّها وضعت التربة في قارورة، فلمّا كانت ليلة مقتل الحسينعليه‌السلام سمعت قائلاً يقول:

أيّـها القاتلون جهراً حسيناً

أبـشروا بالعذابِ والتنكيلِ

قد لُعنتم على لسان ابنِ داو

دِ ومـوسى وحـاملِ الإنجيلِ

قالت: فبكيت، وفتحت القارورة فإذا الحصيات قد جرت دماً(3) .

النموذج الثامن والثلاثون: قالت سلمى: دخلت على اُم سلمى وهي تبكي، فقلت: ما يبكيك؟ قالت: رأيت رسول الله في المنام وعلى رأسه ولحيته التراب، فقلت: ما لك يا رسول الله؟ قال: « شهدت قتل الحسين آنفاً ».

النموذج التاسع والثلاثون: رأى ابن عباس النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام أشعث أغبر، ومعه قارورة فيها دم، ولما سأله عنها قال: « هذا دم الحسين ». واُحصي ذلك اليوم فوجدوه اليوم الذي قُتل فيه الحسينعليه‌السلام (5) .

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم.

____________________

(1) راجع كنز العمال 6 / 446، وفضائل الخمسة 3 / 351.

(2) راجع ذخائر العقبى للطبري / 17، وفضائل الخمسة 3 / 351.

(3) راجع الصواعق المحرقة لابن حجر / 115، وفضائل الخمسة 3 / 355.

(4) راجع صحيح الترمذي 2 / 306 مناقب الحسن والحسينعليهما‌السلام ، والمستدرك على الصحيحين 4 / 19 في ذكر اُمِّ المؤمنين اُمّ سلمة، وتهذيب التهذيب لابن حجر 2 / 356، وذخائر العقبى للطبري / 148، وقال: خرّجه البغوي في الحسان.

(5) راجع المستدرك على الصحيحين 4 / 397، ومسند أحمد 1 / 242، وتاريخ بغداد 1 / 142، واُسد الغابة لابن الأثير 2 / 22، والاستيعاب لابن عبد البر 1 / 144 في ترجمة الحسينعليه‌السلام ، والإصابة لابن حجر 2 / 17.

١٣٨

النموذج الأربعون: وناحت الجنّ على الحسينعليه‌السلام . قالت اُمّ سلمة إنها سمعت الجن تنوح على الحسينعليه‌السلام (1) ، ومما قالت الجن:

ألا يـا عين فاحتفلي بجهدي

ومَن يبكي على الشهداء بعدي

عـلى رهـطٍ تقودهمُ المنايا

إلـى متجبّرٍ في ملكِ عبدِ(2)

النموذج الواحد والأربعون: لما قُتل الإمام الحسينعليه‌السلام كُسفت الشمس كسفة بدت الكواكب بنصف النهار حتّى ظننا أنها هي، وقد ظهرت مجموعة من العجائب(3) .

النموذج الثاني والأربعون:

1 - قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ أهل بيتي سيلقون من بعدي من اُمّتي قتلاً وتشريداً، وإنّ أشد قومنا لنا بغضاً بنو اُميّة، وبنو المغيرة، وبنو مخزوم ».

قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد(4) .

2 - قال علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وعمر بن الخطاب: « إنّ الذين بدلّوا نعمة الله كفراً هما الأفجران من قريش؛ بنو المغيرة، وبنو اُميّة »(5) .

3 - قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يزيد، لا بارك الله في يزيد! نُعي إليَّ الحسين، واُوتيت تربته، واُخبرت بقاتله. والذي نفسي بيده لا يُقتل بين ظهراني قوم لا يمنعونه إلاّ خالف الله بين صدورهم وقلوبهم، وسلّط عليهم شرارهم، وألبسهم شيعاً. وآهاً لفراخ آل محمّد من خليفة مستخلف مترف، يقتل خلفي وخلف الخلف! »(6) .

____________________

(1) راحع الإصابة لابن حجر 2 / 17، وتهذيب التهذيب 2 / 355، ومجمع الزوائد 9 / 199، وذخائر العقبى للطبري / 150، وقالوا: رواه الطبراني، ورجال الصحيح، وأخرجه ابن الضحاك. راجع فضائل الخمسة 3 / 359.

(2) راجع سنن البهيقي 3 / 337، ومجمع الزوائد 9 / 197، وتهذيب التهذيب 2 / 354.

(3) راجع فضائل الخمسة 3 / 361 - 369 تجد عشرات المراجع، والكثير من العجائب.

(4) راجع المستدرك على الصحيحين 4 / 487، وكنز العمال 6 / 40، وقال: أخرجه نعيم بن حماد في الفتن.

(5) راجع كنز العمال 1 / 252، قال: أخرجه ابن جرير وابن المنذر، وابن مردويه وابن أبي حاتم، والطبراني في الجامع الصغير، وراجع فضائل الخمسة 3 / 377 - 378.

(6) راجع كنز العمال 6 / 39، ومجمع الزوائد للهيثمي 9 / 189، وقال المتقي الهندي: أخرجه =

١٣٩

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا بارك الله في يزيد الطعّان اللعان! أما إنه نُعي إليّ حبيبي حسين واُوتيت بتربته، ورأيت قاتله. أما إنه لا يُقتل بين ظهراني قوم فلا ينصرونه إلاّ عمّوا بعقاب ».

4 - قال عليعليه‌السلام لعمر بن سعد: « كيف أنت إذا قمت [مقاماً] تخيّر فيه بين الجنّة والنار »(2) .

5 - قال عمر بن سعد للحسينعليه‌السلام : إنّ قوماً من السفهاء يزعمون أني أقتلك! فقال الحسينعليه‌السلام : « ليسوا سفهاء ». ثمَّ قال: « والله، إنك لا تأكل بر العراق بعدي إلاّ قليلاً »(3) .

6 - قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « كأني أنظر إلى كلب أبقع يلغ في دماء أهل بيتي »(4) .

قال محمّد بن عمرو بن حسين: كنّا مع الحسين بنهر كربلاء، فنظر إلى شمر بن ذي الجوشن فقال: « صدق رسول الله، كأني أنظر إلى كلب أبقع يلغ في دماء أهل بيتي ». وكان شمر أبرص(5) .

7 - أمّا معاوية بن أبي سفيان فقد تطرّقنا إلى بعض النصوص التي وردت عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في حقّه وحق أبيه وأخيه، وعالجنا هذا الموضوع في بداية البحث تحت عنوان «مَن هو والد يزيد؟»، فارجع إليه إن شئت.

____________________

= الطبراني عن معاذ، وذكره المناوي في فيض القدير باختصار، وقال في المتن: أخرجه ابن عساكر عن سلمة بن الأكوع، وقال في الشرح: ورواه عنه أبو نعيم والديلمي.

(1) راجع كنز العمال 6 / 223، وقال: أخرجه ابن عساكر عن ابن عمر.

(2) راجع كنز العمال 7 / 111، وقال: أخرجه ابن عساكر.

(3) راجع تهذيب التهذيب 7 / 451.

(4) راجع كنز العمال 6 / 223، وقال: أخرجه ابن عساكر، وذكره المناوي في كنوز الحقائق / 103، وقال: أخرحه الديلمي.

(5) راجع كنز العمال 7 / 110، وقال: أخرجه ابن عساكر. راجع فضائل الخمسة 3 / 390 - 391.

١٤٠