• البداية
  • السابق
  • 160 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 13848 / تحميل: 4571
الحجم الحجم الحجم
من قضايا النهضة الحسينية

من قضايا النهضة الحسينية الجزء 1

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

السند قائلاً: بأنّ رجال إسناده لا يعبأ بهم؛ فإنّ النوفلي وهو حكي عن أحمد أنّ عنده مناكير، وعند أبي زرعة ضعيف الحديث، وعامّة ما يرويه غير محفوظ، وقال أبو حاتم: منكر الحديث جدّاً، وقال النسائي: متروك الحديث.

ومعاوية بن عمّار بن أبي معاوية، قال أبو حاتم: لا يُحتجّ بحديثه، وإن أُريد غير هذا فمجهول.

ثمّ عرج على المتن، وانتهى إلى أنّ نسبة أبي الفرج خروج أُمّ البنين إلى البقيع هي فرية واضحة؛ إذ لا شاهد عليها، وغايته التعريف بأنّ مروان بن الحكم رقيق القلب.

ثمّ عطف المحقّق المقرّم على ذلك أنّ أبا الفرج ناقض نفسه بأن قال في موضع آخر: إنّ العباس كان آخر مَنْ قُتل من إخوته، فحاز مواريثهم، وورث العباسَ ابنُه عبيد الله، وهذا يفيدنا وثوقاً بوفاة أُمّ البنين يوم الطفّ؛ فإنّها لو كانت موجودة لكان ميراث العباس مختصّاً بها؛ لكونها أُمّهم ولا يرثهم العباس لأنّه أخوهم. ذكر ذلك في سفره القيّم (مقتل الحسين).

ولنا مع العلاّمة المحقّق المقرّم (رضوان الله عليه) وقفتان:

الأولى: نقاشه في رجال السند.

فأوّل ما هو مذكور في رواية أبي الفرج (علي بن محمّد بن حمزة)، وهذا الشخص لا ذكر له في كتب الرجال أصلاً، ويظهر أنّ في اسمه تقديماً وتأخيراً. والصحيح هو (محمّد بن علي بن حمزة المعروف بالعلوي)، وهو ابن الحسن بن عبيد الله بن العباس ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والذي نقل عنه أبو الفرج كثراً واعتمد عليه؛ فقد ورد ذكره في أكثر من عشرين موضعاً من كتاب المقاتل، وروى عنه النوفلي علي بن محمّد أيضاً في المقاتل.

وهذا الرجل يظهر أنّه كان محيطاً بأخبار حركات أبناء الأئمّة، وتاريخ نهضاتهم ضدّ الحاكمين؛ فكان المصدر الأساسي الذي اعتمد عليه أبو الفرج في كتابه، وهو كما يقول النجاشي: ثقة

١٢١

عين في الحديث، صحيح الاعتقاد، له رواية عن أبي الحسن وأبي محمّدعليهما‌السلام ، وله مكاتبة، وفي داره حصلت أُمّ صاحب الأمر بعد وفاة الحسنعليه‌السلام . ويذكر آية الله الخوئي في معجمه أنّ له كتاب باسم مقاتل الطالبيين.

وأمّا النوفلي فإنّه لقب رجال كثيرين: منهم الحسن بن محمّد بن سهل، وعبد الله بن الفضل بن عبد الله بن الحرث بن نوفل بن الحرث بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب، وهو من أصحاب الصادق وثقة، والحسين بن يزيد بن محمّد بن عبد الملك النوفلي، وهو من أصحاب الرضا، وعلي بن محمّد بن سليمان النوفلي، وهو من أصحاب الإمام الجواد والهادي والعسكري.

والمكثر للروايات في الفقه هو الحسين بن يزيد، الذي يروي عن السكوني عادة، وله في أبواب الفقه، لاسيما في المعاملات، روايات كثيرة.

ولكنّ الذي يروي عنه أبو الفرج في المقاتل ليس هذا، وليس كما ذكر السيّد المقرّم أنّه يزيد بن المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، وإنّما هو علي بن محمّد بن سليمان النوفلي، ومع التتبّع لكتاب المقاتل يظهر أنّه يعتمد عليه اعتماداً كبيراً فيما ينقل من أمور ترتبط بأبناء عليعليه‌السلام في أكثر من 23 موضعاً، وهذا بدوره ينقل عن أبيه كثيراً، فترى صاحب المقاتل ينقل عنه في قضية يحيى بن زيد، ويعتمد على روايته بشكل أساسي في نقل أحداث حركة عيسى بن زيد، وفي ثورة إبراهيم بن عبد الله بن الحسن.

وهذا النوفلي قد يُذكر في الرجال تارة بعنوان علي بن محمّد، وأُخرى علي بن محمّد بن سليمان، ومع أنّ له رواية عن الإمام الجوادعليه‌السلام ، ومكاتبة للإمام

١٢٢

العسكريعليه‌السلام ، وقد ذكره الصدوق في مشيخته، وطريقه إليه صحيح، إلاّ أنّه لا توثيق له بخصوصه وإن كان إماميّاً، لكن يمكن استفادة ذلك من التوثيق العام بالنسبة لِمَنْ لم يستثنَ من كتاب نوادر الحكمة، بناءً على أنّ عدم الاستثناء لهم لا يختصّ بتصحيح الروايات في الكتاب المذكور، وإنّما هو إضافة إلى ذلك توثيق للرواة، كما هو مسلك كثيرين؛ فإنّه قد ذكر علي بن محمّد النوفلي في مَنْ لم يستثنَ من رواة كتاب النوادر.

والنوفلي روى في اُصول العقائد، كما هو في الكافي في أكثر من موضع، وفي الفروع أيضاً، لكن يبدو أنّه كان متخصّصاً أكثر في حقل التاريخ، وضبط أحداث معارضة أهل البيت وأبنائهم للحاكمين؛ ولذلك اعتمده أبو الفرج في مقاتله، وروى عنه الطبري أيضاً أحداث الثورات التي تقدّم ذكرها.

وأمّا حمّاد بن عيسى الجهني من أصحاب الصادق والكاظمعليهما‌السلام كان ثقة في حديثه صدوقاً، وممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم، وأقروا لهم بالفقه.

وأمّا معاوية بن عمّار بن أبي معاوية فهو العجلي الدهني، من أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام ، وقد نصّ على توثيقه وجلالة شأنه مَنْ تعرّض لذكره في الرجال، فقد قال النجاشي: كان وجهاً من أصحابنا، متقدّماً كبير الشأن، عظيم المحلّ، ثقة، وكان أبوه عمّار ثقة في العامّة وجهاً. روى معاوية عن أبي عبد الله وأبي الحسنعليهما‌السلام ، ومات في سنة خمس وسبعين ومئة. ومثله ذكر في الخلاصة.

ولذا فمن العجيب أن ينقل العلاّمة المقرّم قول أبي حاتم فيه: أنّ معاوية بن عمّار بن أبي معاوية لا يُحتجّ بحديثه، وإن أُريد غير هذا

١٢٣

فمجهول؛ إذ تضعيفه عندهم كما هو جارٍ في غيره إنّما هو على أساس مذهبه وتشيّعه؛ فإنّهم يسارعون إلى الطعن فيمَنْ عُرف عنه تشيّعه لعليعليه‌السلام ، ويكفي عندهم لعدم الاحتجاج بحديثه كونه رافضيّاً - كما يقولون -، فكيف إذا كان وجهاً عندنا، وعظيم الشأن؟

ولم يكن منتظراً من المحقّق المقرّم الذي له الباع الطويل في هذا المجال، أن يعتمد على تضعيف الرجاليين المخالفين لرواة أهل البيتعليهم‌السلام ، خصوصاً أنّه ذكر في المقتل بعض النماذج على التضعيف لأجل المذهب، وفي كتابه (العباس) قال في ذيل الحديث عن الأصبغ بن نباتة، عندما نقل صاحب اللئالي المصنوعة فيه أنّه متروك لا يساوي فلساً، قال المقرّم: ولقد طعنوا في أمثاله من خواص الشيعة بكلّ ما يتسنّى لهم، ويشهد لهذه الدعوى مراجعة ما كتبه السيّد العلاّمة محمّد بن أبي عقيل (العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل)؛ فإنّه ذكر جملة من أتباع أهل البيتعليهم‌السلام طعنوا فيهم بلا سبب إلاّ موالاة أمير المؤمنين وولدهعليهم‌السلام .

وأمّا كلامه في المتن:

أمّا قوله: إنّ خروج أُمّ البنين فرية واضحة؛ غايتها التعريف بأنّ مروان بن الحكم رقيق القلب، فاستدرار الدمعة إنّما يتسبب من انفعال النفس... إلخ؛ فإنّه يمكن على فرض صحّة الخبر أن يكون ذلك من إظهار البكاء، واصطناع حالة البكاء الكاذب.

وليس هذا بعيداً من شخصية مروان المنافقة؛ حيث إنّه قد يعمل الشيء وضدّه، والأمر وخلافه إذا رأى في ذلك مصلحة دنيوية عاجلة. فهو على عدائه المعروف لأهل البيتعليهم‌السلام لا يعدم وسيلة لكي يحوز بها على بغلة للحسن المجتبىعليه‌السلام فيدفع أحدهم لمدح الإمام مدحاً عظيماً... إلى آخر ما ذكروه في أحواله.

فمثل هذا الأمر، حضوره في الجبّانة، وإظهار شخصه أمام

١٢٤

السذّج بمظهر المتعاطف ليس شيئاً مستنكراً؛ فكم وجدنا من السياسيين، والزعماء الدنيويين مَنْ يقتل القتيل ويمشي في جنازته باكياً؟!

ثمّ إنّه بمراجعة كتابه الآخر (العباسعليه‌السلام ) يتبيّن أنّ السيّد المقرّمرحمه‌الله يخالف نظريته في كتاب مقتل الحسينعليه‌السلام في أكثر من موضع، ويبني على أساس أنّ أُمّ البنين كانت موجودة إلى ما بعد زمان واقعة كربلاء.

فقد ذكر في صفحة (133) أنّ السيّدة زينب قد زارت أُمّ البنين بعد وصولهم إلى المدينة تعزّيها بأولادها كما كانت تزورها أيّام العيد. وتعزية زينبعليها‌السلام وزيارتها لأُمّ البنين بعد وصولهم إلى المدينة يُشير بوضوح إلى حياتها إلى ذلك الوقت، بل أنّ ما نفاه هناك أثبته هنا في مواضع متعدّدة:

منها في صفحة 398 حيث قال: وأوّل مَنْ رثاه (العباسعليه‌السلام ) أُمّه أُمّ البنين كما في مقاتل الطالبيين؛ فإنّها كانت تخرج إلى البقيع تندب أولادها أشجى ندبة وأحرقها؛ فيجتمع الناس لسماع ندبتها …، ويستدلّ على خطأ ما نقله أبو الفرج والطبري من أنّه (أبا الفضل) قدّم إخوته ليُقتلوا أمامه؛ لكي يرثهم.

يقول في صفحة 203: وما أدري كيف خفي عليهما - أي المؤرّخين المذكورين - (عدم إمكان) حيازة العباس ميراث إخوته مع وجود أُمّهم أُمّ البنين، وهي من الطبقة المتقدّمة على الأخ، ولم يجهل العباس شريعة تربى في خلالها.

كما يقول مثبتاً وجود أُمّ البنين حتّى يوم الطفّ، في صفحة 206: وهناك مانع آخر من ميراث العباس لهم وحده حتّى لو قلنا على بعد ومنع بوفاة أُمّ البنين يوم الطفّ؛ لوجود الأطرف وعبيد الله بن النهشلية، كما يشاركهم سيّد شباب أهل الجنّة، وزينب وأُمّ كلثوم وغيرهنّ من بنات أمير المؤمنينعليهم‌السلام .

هذا إن قلنا بوفاة أُمّ البنين يوم الطفّ، ولكنّ

١٢٥

التاريخ يُثبت حياتها يومئذ، وأنّها بقيت بالمدينة، وهي التي كانت ترثي أولادها الأربعة.

ولا نعلم عن تأريخ الكتابين وأيّهما المتقدّم ليكون المتأخّر هو الناسخ، والرأي الأخير للمؤلّف، فإن كان العباس هو الكتاب الأخير، يكون ما ورد فيه عدولاً عن ما ورد في كتاب مقتل الحسين، وإن كان العكس فيلزم أن يشير إلى ما سبق أن شيّده وأكّده في كتاب العباس؟

وعلى كلّ حال، فإنّ ما بذله المحقّق المقرّم (رضوان الله عليه) من جهد في كتاب (مقتل الحسين) في نفي حياتها أخيراً، مع أنّه كان في بداية حديثه مقتصراً على عدم العثور على نصّ يوثّق حياتها لا يمكن المساعدة عليه أو قبوله.

ونفس الكلام الذي قاله بعدم وجود نصّ يوثّق حياتها يعود في عدم وجود نصّ يوثّق وفاتها، مع أنّ بقاءها إلى ما بعد مقتل الحسينعليه‌السلام أمر طبيعي، وهو مقتضى الأصل.

كيف يمكن تقييم حركة المختار الثقفي وشخصيته؟ فإنّنا نلاحظ في الروايات مدحاً له وذمّاً.

تعرّض المختار بن أبي عبيدة الثقفيرحمه‌الله إلى حملة تشويه لحركته ولشخصيته على السواء من قبل فئتين في التاريخ الإسلامي:

الأمويين الذين حاربهم في البداية واستأصل شوكتهم، وانتقم لآل محمّد منهم، وسيأتي في الملحقات ذكر بعض مَنْ أقام عليهم جزاء جناياتهم من قادة الأمويين وأتباعهم الذين كان لهم دور سيئ في كربلاء.

ومن الزبيريين الذين حاربهم وهزمهم في البداية، ومع أنّهم قد انتصروا عليه في نهاية الأمر لفترة قصيرة لكي ينهزموا بعدها أمام الأمويين، إلاّ إنّ المختار كان قد عبّأ الجو الكوفي الذي كانوا يحاولون استمالته إلى جانبهم، عبّأه ضدّهم فلم ينتفعوا به إلى الأخير؛ فكان أن شنّوا عليه

١٢٦

الحرب الإعلامية أثناء المعركة وبعدها.

وإذا علمنا أنّ من الزبيريين مَنْ كان شغله التأريخ وذكر الأنساب؛ فغذّوا المصادر التاريخية بعدهم بالمعلومات المشوّهة لحركة المختار وشخصيته بما يصل في بعضها إلى التناقض أو التضاد، ولكنّ ذلك لا يهم إذا كان الغرض عندهم يتحقّق.

وربّما وصلت تأثيرات تلك الحرب الإعلامية إلى الوسط الذي كان يؤيّد حركة المختار؛ ممّا يشير إليه النهي الصادر عن الإمامعليه‌السلام بأن لا يسبّوا المختار ولا يتكلّموا ضدّه.

فعن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام : «لا تسبّوا المختار؛ فإنّه قتل قتلتنا، وطلب بثأرنا، وزوّج أراملنا، وقسم فينا المال على العسرة».

وقد رواه الكشّي بسنده عن حمدويه، عن يعقوب، عن ابن أبي عُمير، وهم ثقات، عن هشام بن المثنى، وهو وإن لم يوثّق توثيقاً خاصّاً إلاّ إنّه ممّن روى عنه المشايخ الثقات، عن سدير والد حنان، وهو ممدوح وممّن روى عنه المشايخ الثقات، وقد استحسن هذا الطريق في الخلاصة، وكذا السيد ابن طاووس.

وعن الصادقعليه‌السلام بسند حسن: «ما امتشطت فينا هاشمية، ولا اختضبت حتّى بعث إلينا المختار برؤوس الذين قتلوا الحسينعليه‌السلام ».

رواه الكشّي عن إبراهيم بن محمّد بن العبّاس الختلي (وهو ممدوح)، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن الحسن بن علي (بن عبد الله بن المغيرة)، عن العبّاس بن عامر، عن سيف بن عُميرة، عن جارود بن المنذر (هؤلاء تقات إماميون).

والغريب أنّ هذه الحملة المضادّة للمختار اشترك فيها (المتخاصمان) من الأمويين الذين انتقم منهم ومن أنصارهم، ومن الزبيريين الذين ثار على واليهم في الكوفة، وهم الذين تحالفوا فيما بعد مع مَنْ استطاع الهرب من قتلة الحسينعليه‌السلام ، وعملوا على تلك الحملة بشكل دقيق

١٢٧

ومستمر؛ ممّا جعل أثرها يبقى إلى الآن في كتب التاريخ والأدب.

فتارة يصوّرونه بأنّه ادّعى النبوّة، وأنّ الوحي ينزل عليه، وأُخرى يتّهمونه بأنّه من الكيسانية أتباع محمّد بن الحنفية.

ولا أدري (ولا المنجم يدري) كيف يجتمع ادّعاء النبوّة مع اتّباع محمّد بن الحنفية؟

والمشكلة التي ساعدت على انتشار مثل هذه التهم، أنّ الظرف الذي كان يمرّ به الإمام زين العابدينعليه‌السلام لم يكن ليسمح له بإظهار علاقة المختار به.

وربما يلاحظ أنّ في كتب الرجال روايات يُستفاد منها ذمّ المختار بن أبي عبيدة، وهذه إمّا أن تكون غير نقيّة السند، وإمّا أنّه يمكن توجيهها ببعض الجهات؛ فإنّ من أفضل أصحاب الإمامين الباقر والصادق وهو زرارة لو لم يكن أفضلهم، ومع ذلك قد وردت روايات، وبعضها تامّ السند، فيها ذمّ ظاهري له؛ وذلك للحفاظ عليه مثلما خرق الخضر السفينة؛ لكي تنجو من الملك الغاصب.

فمنها ما رواه جبرئيل بن أحمد، عن العنبري، عن محمّد بن عمرو، عن يونس بن يعقوب، عن أبي جعفرعليه‌السلام : «كتب المختار بن أبي عبيدة إلى علي بن الحسين، وبعث إليه بهدايا من العراق، فلمّا وقفوا على باب علي بن الحسين دخل الآذن يستأذن لهم، فخرج إليه رسوله فقال: أميطوا عن بابي؛ فإنّي لا أقبل هدايا الكذّابين، ولا أقرأ كتبهم».

وفيه أنّ جبرئيل بن أحمد وهو الفاريابي لم يوثّق، والعنبري لا ذكر له في الرجال. ويُحتمل أن يكون العبيدي محمّد بن عيسى وهو ثقة.

والمشكلة أيضاً في رواية يونس بن يعقوب، وهو من أصحاب الصادق والكاظم والرضاعليهم‌السلام وتوفّي في زمن الإمام الرضاعليه‌السلام ، ولم يروِ عن الباقرعليه‌السلام أصلاً، وإنّما رواياته عن الباقر إمّا بالواسطة كما يلحظ المتتبّع في الكافي والتهذيب، أو مرفوعة عن الإمام الباقر كما في أصول الكافي، ولم

١٢٨

ترد ولا رواية واحدة عنه عن الإمام الباقر، وأن يكون (أبو جعفر) في الرواية مقصوداً به الجوادعليه‌السلام غير محتمل؛ لوفاة يونس في زمن الرضاعليه‌السلام ؛ فهذه الرواية مرفوعة للإمام الباقرعليه‌السلام ولا يمكن الاعتماد عليها.

وهناك روايات أُخرى حتّى لو سلمت من المناقشة السندية، فإنّه يمكن توجيهها بالتقيّة؛ حيث إنّ سلطنة المختار لم تكن شاملة، وكان الإمام السجادعليه‌السلام يعلم، حتّى بالمقاييس الطبيعية للحكم على الأشياء، فضلا عن علم الإمامة أنّ أمر المختار لا يتم؛ فلم يكن من الصالح إظهار التأييد العلني له، أو بيان علاقته به.

كما يمكن الجمع بين الروايات التي تشير إلى رفض الإمامعليه‌السلام استقباله، وبين الروايات المادحة له بما ذكره ابن نما، من أنّ أنصار المختار جاؤوا لمحمد بن الحنفية طالبين منه النصر والتأييد، فجاء بهم إلى الإمام زين العابدينعليه‌السلام وعرض عليه أمرهم، فقالعليه‌السلام : «يا عمّ، لو أنّ عبداً أسود تعصّب لنا أهل البيت لوجب على الناس مؤازرته، وقد ولّيتك هذا الأمر فاصنع ما شئت».

وقد لا يحتمل وضع الكتاب هذا مزيداً من التحقيق في الروايات، فيمكن لِمَنْ أراد المزيد من التفصيل مراجعة تنقيح المقال للعلاّمة المامقاني، وتنزيه المختار للمحقّق السيد المقرّم، وهو مطبوع في آخر كتابه زيد الشهيد.

١٢٩

١٣٠

ملحقات

١٣١

١٣٢

1

شهداء الفتح الحسيني

( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حتّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ) (1) .

1 - الزيارة المنسوبة للإمام الحجّة (عجّل الله تعالى فرجه)، والتي تحتوي على أسماء شهداء كربلاء.

جاء في كتاب إقبال الأعمال للسيد ابن طاووس الحسني: فيما نذكره من زيارة الشهداء في يوم عاشوراء رويناها بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (رحمة الله عليه)، قال: حدّثنا الشيخ أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن عياش قال: حدّثني الشيخ الصالح أبو منصور بن عبد المنعم بن النعمان البغدادي (رحمة الله عليه)، قال: خرج من الناحية سنة اثنتين وخمسين ومئتين على يد الشيخ محمّد بن غالب الأصفهانيرحمه‌الله حين وفاة أبيرحمه‌الله ، وكنت حديث السنّ،

____________________

1 - سورة الزمر / 73.

١٣٣

وكتبت أستأذن في زيارة مولاي أبي عبد اللهعليه‌السلام وزيارة الشهداء (رضوان الله عليهم) فخرج إليّ منه: «بسم الله الرحمن الرحيم. إذا أردت زيارة الشهداء (رضوان الله عليهم) فقف عند رجلي الحسينعليه‌السلام ، وهو قبر علي بن الحسين (صلوات الله عليهما)، فاستقبل القبلة بوجهك؛ فإنّ هناك حومة الشهداء، وأومِ وأشر إلى علي بن الحسينعليه‌السلام ، وقل: السّلام عليك يا أوّل قتيل من نسل خير سليل من سلالة إبراهيم الخليل (صلّى الله عليك وعلى أبيك)، إذ قال فيك: (قتل الله قوماً قتلوك يا بُني، ما أجرأهم على الرحمان، وعلى انتهاك حرمة الرسول، على الدنيا بعدك العفا)، كأنّي بك بين يديه ماثلاً، وللكافرين قائلاً:

أنا عليُّ بنُ الحسينِ بنِ علي

نحنُ وبيتِ اللهِ أولى بالنبي

أطعنُكُم بالرمحِ حتّى ينثني

أضربُكُم بالسيفِ أحمي عن أبي

ضربَ غلامٍ هاشمي عربي

واللهِ لا يحكمُ فينا ابنُ الدّعي

حتى قضيت نحبك، ولقيت ربّك، أشهد أنّك أولى بالله وبرسوله، وأنّك ابن رسوله (وحجّته ودينه) وابن حجّته وأمينه. حكم الله لك على قاتلك مرّة بن منقذ بن النعمان العبدي، لعنه الله وأخزاه ومَنْ شركه في قتلك، وكانوا عليك ظهيراً، وأصلاهم الله جهنّم وساءت مصيراً، وجعلنا الله من مُلاقيك ومُرافقيك، ومُرافقي جدّك وأبيك، وعمّك وأخيك، وأُمّك المظلومة، وأبرأ إلى الله من قاتليك، وأسأل الله مُرافقتك في دار الخلود، وأبرأ إلى الله من أعدائك أولي الجحود. السّلام عليك ورحمة الله وبركاته.

١٣٤

السّلام على عبد الله بن الحسين الطفل الرضيع، المرمي الصريع، المتشحّط دماً، المُصعد دمه في السماء، المذبوح بالسّهم في حجر أبيه، لعن الله راميه حرملة بن كاهل الأسدي وذويه.

السّلام على عبد الله ابن أمير المؤمنين، مُبلي البلاء، والمُنادي بالولاء في عرصة كربلاء، المضروب مقبلاً ومدبراً، لعن الله قاتله هاني بن ثبيت الحضرمي.

السّلام على العبّاس ابن أمير المؤمنين، المواسي أخاه بنفسه، الآخذ لغده من أمسه، الفادي له الواقي، السّاعي إليه بمائه، المقطوعة يداه. لعن الله قاتليه، يزيد بن الرقاد (وقاد) الحيتي، وحكيم بن الطفيل الطائي.

السّلام على جعفر ابن أمير المؤمنين، الصابر بنفسه محتسباً، والنائي عن الأوطان مغترباً، المستسلم للقتال، المستقدم للنزال، المكثور بالرجال، لعن الله قاتله هاني بن ثبيت الحضرمي.

السّلام على عثمان ابن أمير المؤمنين، سمي عثمان بن مظعون، لعن الله راميه بالسّهم خولي بن يزيد الأصبحي الأيادي، والأباني الدارمي.

السّلام على محمّد ابن أمير المؤمنين قتيل الأباني الدارمي لعنه الله، وضاعف عليه العذاب الأليم. وصلّى الله عليك يا محمّد، وعلى أهل بيتك الصابرين.

السّلام على أبي بكر بن الحسن الزكي الولي، المرمي بالسّهم الردي، لعن الله قاتله عبد الله بن عقبة الغنوي. السّلام على عبد الله بن الحسن بن علي الزكي، لعن الله قاتله وراميه حرملة بن كاهل الأسدي.

١٣٥

السّلام على القاسم بن الحسن بن علي المضروب هامته، المسلوب لامته حين نادى الحسين عمّه، فجلى عليه عمّه كالصقر وهو يفحص برجله التراب، والحسين يقول: بُعداً لقوم قتلوك، ومَنْ خصمهم يوم القيامة جدّك وأبوك. ثمّ قال: عزّ والله على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك وأنت قتيل جديل فلا ينفعك. هذا والله يوم كثر واتره، وقلّ ناصره. جعلني الله معكما يوم جمعكما، وبوّأني مبوّأكما، ولعن الله قاتلك عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي، وأصلاه جحيما، وأعدّ له عذاباً أليماً.

السّلام على عون بن عبد الله بن جعفر الطيار في الجنان، حليف الإيمان، ومنازل الأقران، الناصح للرحمن، التالي للمثاني والقرآن، لعن الله قاتله عبد الله بن قطبة النبهاني.

السّلام على محمّد بن عبد الله بن جعفر الشاهد مكان أبيه، والتالي لأخيه، وواقيه ببدنه، لعن الله قاتله عامر بن نهشل التميمي.

السّلام على جعفر بن عقيل، لعن الله قاتله (وراميه) بشر بن خوط الهمداني. السّلام على عبد الرحمن بن عقيل، لعن الله قاتله وراميه عمر بن خالد بن أسد الجُهني.

السّلام على القتيل بن القتيل، عبد الله بن مسلم بن عقيل، ولعن الله قاتله عامر بن صعصعة، وقيل: أسد بن مالك. السّلام على أبي عبد الله بن مسلم بن عقيل، ولعن الله قاتله وراميه عمرو بن صبيح الصيداوي.

السّلام على محمّد بن أبي سعيد بن عقيل، ولعن الله قاتله لقيط بن

١٣٦

ناشر الجُهني.

السّلام على سليمان مولى الحسين ابن أمير المؤمنين، ولعن الله قاتله سليمان بن عوف الحضرمي.

السّلام على قارب مولى الحسين بن علي. السّلام على منجح مولى الحسين بن علي.

السّلام على مسلم بن عوسجة الأسدي، القائل للحسين وقد أذن له في الانصراف: أنحن نخلّي عنك؟ وبِمَ نعتذر إلى الله من أداء حقّك؟ ولا والله، حتّى أكسر في صدورهم رمحي، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولا أُفارقك، ولو لم يكمن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة، ثمّ لم أُفارقك حتّى أموت معك، وكنت أوّل مَنْ شرى نفسه، وأوّل شهيد من شهداء الله قضى نحبه، ففزت وربّ الكعبة، شكر الله لك استقدامك ومواساتك إمامك، إذ مشى إليك وأنت صريع فقال: يرحمك الله يا مسلم بن عوسجة، وقرأ( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) (1) . لعن الله المشتركَين في قتلك، عبد الله الضبابي وعبد الله بن خشكارة البجلي.

السّلام على سعد بن عبد الله الحنفي، القائل للحسين وقد أذن له في الانصراف: لا نُخلّيك حتّى يعلم الله أنّا قد حفظنا غيبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيك. والله، لو أعلم أنّي أُقتل ثمّ أُحيا، ثمّ أُحرق ثمّ أُذرّى، ويُفعل ذلك بي سبعين مرّة ما فارقتك حتّى ألقى حمامي دونك. وكيف لا أفعل ذلك، وإنّما هي موتة أو قتلة واحدة، ثمّ هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً؟ فقد لقيت حمامك، وواسيت إمامك، ولقيت من الله الكرامة في دار

____________________

1 - سورة الأحزاب / 23.

١٣٧

المقامة، حشرنا الله معكم في المستشهدين، ورزقنا مرافقتكم في أعلى عليين.

السّلام على بشر بن عمر الحضرمي. شكر الله لك قولك للحسين وقد أذن لك في الانصراف: أكلتني إذن السباع حيّاً إذا فارقتك، وأسأل عنك الركبان، وأخذلك مع قلّة الأعوان، لا يكون هذا أبداً.

السّلام على يزيد بن حصين الهمداني المشرقي القاري المجدل. السّلام على عمران بن كعب الأنصاري. السّلام على نعيم بن عجلان الأنصاري.

السّلام على زهير بن القين البجلي، القائل للحسينعليه‌السلام وقد أذن له في الانصراف: لا والله، لا يكون ذلك أبداً، أأترك ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أسيراً في يد الأعداء وأنجو أنا؟ لا أراني الله ذلك اليوم.

السّلام على عمرو بن قرظة الأنصاري. السّلام على حبيب بن مظاهر الأسدي. السّلام على الحرّ بن يزيد الرياحي. السّلام على عبد الله بن عمير الكلبي. السّلام على نافع بن هلال البجلي المرادي. السّلام على أنس بن كاهل الأسدي. السّلام على قيس بن مسهر الصيداوي. السّلام على عبد الله وعبد الرحمان ابني عروة بن حراق الغفاريين. السّلام على جون مولى أبي ذرّ الغفاري. السّلام على شبيب بن عبد الله النهشلي.

١٣٨

السّلام على الحجّاج بن يزيد السعدي. السّلام على قاسط وكرش ابني زهير التغلبيين، السّلام على كنانة بن عتيق.

السّلام على ضرغامة بن مالك. السّلام على جوين بن مالك الضبعي. السّلام على عمرو بن ضبيعة الضبعي.

السّلام على زيد بن ثبيت القيسي. السّلام على عبد الله وعبيد الله ابني يزيد بن ثبيت القيسي.

السّلام على عامر بن مسلم. السّلام على قعنب بن عمرو النمري. السّلام على سالم مولى عامر بن مسلم.

السّلام على سيف بن مالك. السّلام على زهير بن بشر الخثعمي. السّلام على بدر بن معقل الجعفي.

السّلام على الحجّاج بن مسروق الجعفي. السّلام على مسعود بن الحجّاج وابنه. السّلام على مجمع بن عبد الله العائذي.

السّلام على عمّار بن حسّان بن شريح الطائي. السّلام على حيان بن الحارث السلماني الأزدي. السّلام على جندب بن حجر الخولاني.

١٣٩

السّلام على عمرو بن خالد الصيداوي. السّلام على سعيد مولاه. السّلام على يزيد بن زياد بن المظاهر الكندي.

السّلام على زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي. السّلام على جبلة بن علي الشيباني. السّلام على سالم مولى بني المدنية الكلبي.

السّلام على أسلم بن كثير الأزدي. السّلام على قاسم بن حبيب الأزدي. السّلام على عمر بن الأحدوث الحضرمي.

السّلام على أبي ثمامة عمر بن عبد الله الصائدي. السّلام على حنظلة بن أسعد الشبامي. السّلام على عبد الرحمن بن عبد الله بن الكدن الأرحبي.

السّلام على عمّار بن أبي سلامة الهمداني. السّلام على عابس بن شبيب الشاكري. السّلام على شوذب مولى شاكر.

السّلام على شبيب بن الحارث بن سريع. السّلام على مالك بن عبد الله بن سريع. السّلام على الجريح المأسور سوار بن أبي حمير الفهمي الهمداني. السّلام على المرتثّ معه عمرو بن عبد الله الجندعي.

السّلام عليكم يا خير أنصار. السّلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، بوّأكم الله مبوّأ الأبرار. أشهد لقد كشف الله لكم الغطاء، ومهد

١٤٠