منع تدوين الحديث

منع تدوين الحديث0%

منع تدوين الحديث مؤلف:
الناشر: دار الغدير
تصنيف: كتب متنوعة
الصفحات: 586

منع تدوين الحديث

مؤلف: السيد علي الشهرستاني
الناشر: دار الغدير
تصنيف:

الصفحات: 586
المشاهدات: 93176
تحميل: 6490

توضيحات:

منع تدوين الحديث
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 586 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 93176 / تحميل: 6490
الحجم الحجم الحجم
منع تدوين الحديث

منع تدوين الحديث

مؤلف:
الناشر: دار الغدير
العربية

ومن الذين كانوا يدركون سياسة الشيخين وابن عوف في الشريعة، ويعرفون ما كان يريد هؤلاء بفعلهم وتأكيدهم على الرأي - الذي يدور في إطار تصحيح ما أفتى به عمر وأبو بكر - هو الإمام عليّ بن أبي طالب الذي رفض تسلّم الخلافة بالشرط المذكور - لكي لا يصحّح بفعله اجتهاداتهما المخالفة في بعض الأحيان للكتاب والسنّة - ذلك أنّ قبول هذا الشرط يعني: إضفاء الشرعيّة على هذه الفكرة المستحدثة، وهو ما لا يريده علي بن أبي طالب ولا يرتضيه.

إنّ رفض عليّ للشرط المذكور، وامتناع ابن عوف تسليم الخلافة له، ليؤكّدان على مخالفة سيرة الشيخين واجتهادهما للكتاب والسنّة؛ لأنّ إيمان عليّ وفهمه وفقهه ممّا لا يرتاب فيه أحد، بعد أن تواتر عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه أعلم الصحابة وأفقههم وأقضاهم(١) وأنّ الحقّ يدور معه حيثما دار(٢) . ويوضّح موقف الشورى هذا ارتسام معالم النهجين بوضوح، فأُولئك يدعون عليّاً أو الخليفة الجديد إلى الالتزام والتمسّك بنهج الاجتهاد والرأي، وعليّ عليه السلام ومَن سار بسيرته يدعو إلى التمسّك بالتعبّد المحض - بكتاب الله وسنّة النبيّ صلّى الله عليه وآله - وإن أُبْعِدَ بسبب موقفه التعبدي عن تسلّم أُمور الخلافة الفعليّة للمسلمين.

تأويلات وآراء

صرّح الخليفة أبو بكر بأنّه يعتمد الرأي والتأويل في تفسير معنى الكلالة، مع وجود آية في الذكر الحكيم تبيّن الحكم في الكلالة، فقال لمّا سئل عن الكلالة: (سأقول فيها برأي، فإن يك صواباً فمن الله وحده لا شريك له، وإن يك خطأ فمنّي

____________________

(١) إعلام النبوّة للماوردي ١: ١٧٤، الإحكام للآمدي ٤: ٢٤٤، تفسير القرطبي ١٥: ١٦٢، ١٦٤، طبقات الحنفية: ٥٢٤، مقدمة ابن خلدون: ١٩٧، كشف الخفاء ١: ١٨٤.

(٢) انظر المعتمد لأبي الحسين البصري ٢: ٣٦٨، ٣٦٩ وفيه قوله‏ صلّى الله عليه وآله:اللّهمّ أدر الحق مع علي حيث ما دار ، المستصفى للغزالي: ١٧٠، المحصول للرازي ٦: ١٨١، الغرة المنيفة للغزنوي الحنفي: ٥١، مجمع الزوائد ٧: ٢٣٥. وقد جاء في تاريخ بغداد ١٤: ٣٢٠، بسنده عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله ‏صلّى الله عليه وآله يقول:عليّ مع الحق والحق مع علي، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض يوم القيامة .

٢٤١

ومن الشيطان، والله منه بري، أراه ما خلا الولد والوالد)(١) .

وأنت ترى مخالفة هذا الرأي لصريح القرآن في قوله:( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (٢) .

وقوله:( وإنْ كَانَ رَجُلٌ يُوَرثُ كَلالةً... ) (٣) .

نعم، إنّهم علّلوا استعمال الرأي عند الصحابة بأنّه تفسير للنصوص، وأضاف الدكتور مدكور إلى ما قاله سابقاً، وهو يشير إلى مراحل الرأي:

(ثمّ أُطلقت كلمة (رأي) بعد ذلك على ما يقابل النصوص التي اختصّت بكلمة (علم). ثمّ نجد من الأصوليّين مَن يفسّر الرأي بالقياس وحده، ومنهم مَن يجعله شاملاً كافّةَ ما يقابِل الكتاب والسنّة والإجماع.

والرأي بهذا المفهوم الأخير يكون أخصّ من الاجتهاد إذ هو نوع منه، وهو ما قلنا إنّهم سمّوه (الاجتهاد بالرأي) في مقابلة (الاجتهاد في دائرة تفسير النصّ). ويكون المراد بالرأي: التعقّل والتفكير بوسيلة من الوسائل التي أرشد الشرع إلى الاهتداء بها في استنباط حكم ما لا نصّ فيه. أمّا الاجتهاد فيشمل استنباط الحكم من النصّ الظنّيّ، كما يشمل الاجتهاد للتوفيق بين النصوص المتعارضة في الظاهر، كما يشمل الاجتهاد بالرأي الذي قلناه.

ولمّا كان الرأي يعتمد على أنّ الشريعة معقولة المعنى كان مجاله الغالب في الأمور

____________________

(١) مصنف عبد الرزاق ١٠: ٣٠٤، باب الكلالة، تفسير الطبري ٦: ٤٣، السنن الكبرى للبيهقي ٦: ٢٢٣، باب حجب الإخوة والأخوات، ح ١٢٠٤٣، التمهيد لابن عبد البر ٥: ١٩٦، تفسير البغوي ١: ٤٠٣، تحفة المحتاج ٢: ٣٢٣، ح ١٣٥٠، تلخيص الحبير ٣: ٨٩، كتاب التقرير والتحبير ٣: ٤١٢، الدر المنثور ٢: ٧٥٦، واللفظ له.

(٢) النساء: ١٧٦.

(٣) النساء: ١٢.

٢٤٢

العاديّة التي يُقصد منها تحقيق مصالح دنيويّة، أمّا ما لا يُدرَك لها معنى خاصّ كأُصول العبادات فإنّ الشأن فيها الاتّباع لا إعمال الرأي)(١) .

وقال الدكتور الردينيّ في (المناهج الأصوليّة):

(وقد رأينا الصحابيّ الجليل إمام أهل الرأي عمر بن الخطّاب، يخصّص عموم الآية الكريمة في سورة الأنفال من قوله تعالى( واعْلَمُوا أنّما غَنِمْتُمْ مِن شَيٍ فأنّ للهِ خُمُسَهُ وللرّسُولِ ولِذي القُرْبى واليتامَى والمَساكِين وابنِ السّبيل ) (٢) .

- فالآية الكريمة تقرّر أنّ خُمْس الغنائم لِمَن ذُكروا فيها، وأربعة أخماس الغنيمة للغانمين عملاً بمفهوم الآية.

- وقد تأيّد هذا بعمل الرسول‏ صلّى الله عليه وآله في خيبر، إذ قسّم أربعة أخماس الغنيمة من منقول وعقار بين الغانِمين.

- وهكذا كان حقّ الغانمين في كل ما يُغنم ثابتاً بالقرآن والسنّة العمليّة.

- لكن عمر بن الخطّاب اجتهد برأيه في الآية، وخالف ما تفيده بظاهرها وعمومها من شمول حقّ الغانمين لكلّ ما يغنم من عقار أو منقول، فخصّص عموم الآية وجعله قاصراً على المنقول دون العقار - كما علمت - ودليل التخصيص هو (المصلحة العامّة) كما يشهد بذلك استدلاله وحواره مع مخالفيه من الصحابة.

- بل قد حمل عمر بن الخطّاب مخالفيه على أن يفهموا نصوص الشريعة كلّها في ضوء المصلحة العامّة.

- ولم يكن من دليل لعمر بن الخطّاب في اجتهاده برأيه، يستند إليه في تخصيص عموم الآية إلاّ (المصلحة العامّة) أو (روح الشريعة)؛ إذ لم يثبت أنّه استند إلى دليل خاصّ في المسألة بعينها.

والواقع أنّ تطبيق النصّ رُوعي فيه ظروف الدلالة ومصلحتها العامّة آنذاك. وللظروف

____________________

(١) مناهج الاجتهاد في الإسلام: ٣٤٣.

(٢) الأنفال: ٤١.

٢٤٣

أثر في تكييف هذا التطبيق المنبثق عن فهم الآية الكريمة، وتحديد مراد الشارع منها في ظلّ ذاك الظرف، لسبب بسيط هو أنّ مآل هذا التطبيق في مثل تلك الظروف ذو أثر بالغ على المصلحة العامّة نفسها، فوجب إذاً تحديد مراد الشارع من نصّ الآية لا على أساس منطقها اللغويّ فحسب، بل وعلى أساس ما تقتضيه الأصول العامّة في التشريع، وإلاّ فما معنى قول عمر وهو يصرّ على هذا الفهم بقوله: هذا (رأيي)؟!

- ثمّ يعلّل هذا (الرأي) بما يُسنده من مقصد أساسيّ في الشريعة وهو (المصلحة العامّة)، يقول: وقد رأيت أن أحبس الأرضين بِعُلوجها، وأضع على فيئِها الخراج، وفي رقابهم الجزية يؤدّونها فيئاً للمسلمين المقاتلة والذرّيّة، ولمن يأتي بعدهم.

ثمّ قال:

(فالتأويل عند الصحابة إذن من صُلب الرأي؛ لأنّه استند إلى (المصلحة العامّة) في صَرف الآية عن عمومها الواضح، والمستفاد من ذات الصيغة إلى قصر حكمها على بعض ما يتناوله، وهو هنا المنقول دون العقار، كما ذكرنا)(١) .

اتّضح إذَن أنّ الأخذ بالرأي عند الخلفاء خضع لظروف خاصّة - سياسيّة كانت أم اجتماعيّة - وأنّ موقف أبي بكر في عدم إجراء الحدّ على خالد، وقوله بالكلالة، وسهم ذي القربى، ونحلة الزهراء، ومنعه كتابة العلم، وحرقه للأحاديث، وتخلُّفه عن سَرِيّة أُسامة وغيرها... كلّ ذلك ممّا ينبئ عن هذا المعنى.

وعلى هذا فعلى الباحث أن يقف عند النصوص التي ترجّح رأي الخليفة: فإن كان فيها ما يوافق القرآن أو قد استُقي حكمه من السنّة، أُخِذ به، وإن كان القول قد ابتنى على الرأي فيطرحه، لعدم جواز الأخذ بالرأي، مع إمكان الوقوف على الحكم من السنّة النبويّة والذكر الحكيم.

وهناك أُمور كثيرة ينبغي البحث في أطرافها، منها ما نسبوه إلى الرسول صلّى الله عليه وآله من أنّه قد منع من تدوين حديثه، أو ما حُكي عنه صلّى الله عليه وآله من أنّ للمجتهد إن أخطأ أجرٌ وإن

____________________

(١) المناهج الأصوليّة: ١٧١.

٢٤٤

أصاب أجران، وغيرها من الروايات التي نُقلت في مشروعيّة الاجتهاد عن معاذ وغيره.

إنّ الغالب في هذه الأمور هو تحكيم رأي الحاكم كما عرفنا من قبل، والمنع عن التدوين - بعد ما عرفت دور الشيخين فيه - يوضّح أنّ القرار قرار حكوميّ وذلك لمعرفتنا بإذن الرسول في تدوين حديثه صلّى الله عليه وآله، ووجود مدَوّنات عند الصحابة عن النبيّ، وغيرها من الأدلّة، فلا ضرورة لدراسة أحاديث المنع المُدّعى صدورها عن النبي صلّى الله عليه وآله - بعد هذا - والجدّ في الجمع بينها، وبين الأحاديث الحاثّة على التحديث والكتابة والتدوين.

بين الوحدويّة والتعدّديّة

والموقف من أحاديث (الاجتهاد) ينبغي أن يكون مماثلاً بعد أن وضحت جهود الخلفاء في التهيئة لقضيّة الاجتهاد وفي إشاعتها والتأكيد عليها، من أجل إضفاء الشرعيّة على كونهم مجتهدين لا يصحّ الاعتراض على ما يُصدرونه من فتاوى وأحكام. إنّ ذلك يتطلّب وقفة عند تلك الأحاديث التي تروى في هذا السياق للتثبُّت من صدورها عن رسول الله‏ صلّى الله عليه وآله وعدمه.

أتراها تصحّ جميع التأويلات المطروحة في الفقه؟

أحقّاً أنّ (اختلاف أُمّتي رحمة)(١) بالمعنى الذي أُريد لهذا الحديث أن يُفسّر به؟

ولو صحّ ذلك فكيف نفسّر قوله‏ صلّى الله عليه وآله: (لا تختلفوا فإنّ مَن كان قبلكم اختلفوا فهلكوا)(٢) ، وقوله ‏صلّى الله عليه وآله: (ستفترق أُمّتي إلى نيف وسبعين فرقة، فرقة ناجية والباقي في

____________________

(١) أحكام القرآن للجصاص ٢: ٣١٤، شرح النووي على صحيح مسلم ١١: ٩١، الجامع الصغير للسيوطي ١: ٤٨، ح ٢٨٨، قال العجلوني في كشف الخفاء ١: ٦٦، ح ١٥٣، زعم كثير من الأئمة انه لا اصل له.

(٢) صحيح البخاري ٢: ٣٤٩، باب ما يذكر في الاشخاص والملازمة والخصومة...، ح ٢٢٧٩، و ٣: ١٢٨٢، باب ام حسبت أن اصحاب الكهف، ح ٣٢٨٩ واللفظ له، مسند أحمد ١: ٤١١، ح ٣٩٠٧ و ٣٩٠٨، مسند ابن الجعد ١: ٨٣، ح ٤٦٤، مسند أبي يعلى ٩: ٢٣٤، ح ٥٣٤١.

٢٤٥

النار)؟(١) ولماذا نرى الاختلاف في الأحكام بين المسلمين إلى هذا الحدّ وكتابُهم واحد ونبيّهم واحد؟

فهذا يسدل يديه والآخر يقبضهما، والثاني يُفْرِج بين رجلَيه في الصلاة والآخر يجمع بينهما. وثالث يجعل يديه ما فوق السرّة، وغيره يجعلهما تحت السرّة، وهذا يجهر بالبسملة والآخر لا ينطق بها مجهورة. وهذا يقول بالتأمين وذلك لا يقول به. والعجيب أنّهم جميعاً ينسبون أفعالهم - على ما فيها من تضارب ظاهر - إلى رسول الله! أفيكون رسول الله صلّى الله عليه وآله قد قالها جميعاً وفعلها جميعاً وصحّ عنه ذلك، كما يقولون؟! أم أنّ فعله كان واحداً في كلّ الحالات؟ وإذا كان ذلك كذلك... فمن أين جاء هذا الاختلاف الذي لا يمكن دفعه وإنكاره؟

أترانا مكلّفين في شريعة الله أن نقف على الرأي الواحد، أم أنّا قد أُمرنا بالاختلاف؟

وإذا بُرّرَ الاختلاف بما فسّروه ألا يلزم منه العكس وهو أنّ جميع الفرق ناجية وواحدة في النار؟!!

ولِمَ ظهرت رؤيتان في الشريعة، إحداهما تدعو إلى التعدّديّة في الرأي، والأخرى تنادي بالوحدويّة؟

فلو كانت التعدّديّة والاختلاف هي مطلوب الشارع، فلم يحصر النبيُّ الفِرقةَ الناجية من أُمّته بواحدة من الثلاث والسبعين، ويقول عن الباقي: إنّها في النار؟! وإذا كانت الوحدويّة هي مطلوب الشارع فِلَم تُصحّح التعدّديّة وتُلتزم؟!

وهل يصحّ ما قيل في اختلاف الأمّة باعتباره رحمة؟ فما معنى تأكيد الله سبحانه إذَن على وحدة الكلمة؟ وهل أمرنا الله بالوحدة أم بالفرقة؟ ولو كانت الفرقة مطلوب الشارع

____________________

(١) مصنف عبد الرزاق ١٠: ١٥٦، باب ما جاء في الحرورية، مسند احمد ٣: ١٤٥، ح ١٢٥٠١، سنن الدارمي ٢: ٣١٤، باب افتراق الأمّة، ح ٢٥١٨، سنن أبي داود ٤: ١٩٨، ح ٤٥٩٧، سنن ابن ماجة ٢: ١٣٢٢، ح ٣٩٩٣.

٢٤٦

فما يعني قوله تعالى:( ولَو كانَ مِن عِنْدِ غَيرِ اللهِ لَوجَدُوا فيهِ اختلافاً كثيراً ) (١) ؟!

وكذا قوله:( إنّ هذا صِراطي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ ولا تَتَّبِعوا السبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذلكُمْ وَصّاكُمْ بهِ لَعّلكُمْ تَتَّقُونَ ) (٢) .

لتوضيح كلّ ذلك ننقل الحوار الذي دار بين عمر بن الخطّاب وابن عبّاس:

أخرج المتّقي الهنديّ، عن إبراهيم التيميّ أنّه قال:

خلا عمر بن الخطّاب ذات يوم فجعل يحدّث نفسه، فأرسل إلى ابن عبّاس فقال: كيف تختلف هذه الأمّة، وكتابها واحد، ونبيّها واحد، وقِبلتها واحدة؟!

قال ابن عبّاس: يا أمير المؤمنين! إنّا أُنزِل علينا القرآن فقرأناه، وعلمنا فيما نزل، وأ نّه يكون بعدنا أقوام يقرؤون القرآن لا يعرفون فيم نزل، فيكون لكلّ قوم فيه رأي، فإذا كان لكلّ قوم فيه رأي اختلفوا، فإذا اختلفوا اقتتلوا، فَزَبره عمر وانتهره، وانصرف ابن عبّاس. ثمّ دعاه بعدُ، فعرف الذي قال، ثمّ قال: إيهاً أَعِدْ(٣) .

هذا الحديث ونظائره ممّا يشكّل قاعدة لتمحيص كثير من النصوص والأفكار الموروثة، خاصّة فيما يتّصل بأحاديث الخلاف بين المسلمين، الأمر الذي يفتح الطريق أمام الباحث الموضوعيّ لدراسة ملابسات هذه الأحاديث، ويجعله يتأثّم من التسليم بها على علاّتها دونما احتياط وتحرّج في الدين؛ لأنّ دراسة ملابسات التشريع وما يتعلّق بزمن صدور النصّ ومعرفة خلفيّات المسائل وكيفيّة تبنّي الخلفاء لها، تجعلنا أكثر تمييزاً للصحيح من غيره، وأقوى كشفاً عن حقائق تاريخيّة يُفيد منها المسلم في بناء مواقفه الشرعيّة في الموضوع، وهذه الخطوة تجعلنا من الذين تعبّدوا بقول سيّد المرسلين(رحم الله عبداً سمع مقالتي فوعاها، وبلّغها مَن لم يسمعها) .

وهناك رأي آخر تتبنّاه مدرسة الاجتهاد، وهو ما نقل عن عمر بن عبد العزيز أنّه قال: ما أُحبّ أنّ أصحاب رسول الله لا يختلفون؛ لأنّه لو كان قولاً واحداً لكان الناس

____________________

(١) النساء: ٨٢.

(٢) الأنعام: ١٥٣.

(٣) كنز العمّال ٢: ٣٣٣، ح ٤١٦٧.

٢٤٧

في ضيق(١) . وقريب منه ما ورد عن القاسم بن محمّد. وهذا رأي كما تراه يميل إلى الدعة والراحة، ولو على حساب التهاون بدين الله، وإلاّ فإنّ من البديهيّ أنّ الله لم يُرد التناقض والتضادّ، ولو صحّ ما علّل به ابن عبد العزيز، لكان بإمكان الباري سبحانه وتعالى أن يجعل الأحكام كلّها على نحو التخيير، أو لقال: خذ ما سهل من الأحكام ودع العسير.

وهل يسمّى الالتزام بقول الله الواحد ضيقاً؟

فيجب إذن البحث عن الحكم الواحد في الفقه، وكما قال الشاطبيّ: (إنّ الشريعة يلزم أن ترجع إلى قولٍ واحد في فروعها، مهما كَثُر الخلاف. كما أنّها في أُصولها كذلك ترجع إلى قول واحد، بمعنى أنّه لا يوجد فيها ما يُفهم منه قولان متناقضان، وإنّما أدلّتها سالمة من التعارض في ذاتها، رغم وجود التعارض)(٢) .

وإذا دقّقنا الروايات التي ترشد إلى عرض السُّنَّة على الكتاب، وضرورة متابعة ضوابط خاصّة لمعرفة صحيح الحديث من سقيمه، والنصوص الواردة في وجوب التثبّت من صدق الجائي بالخبر ووثاقته و و... كلّ هذه الروايات والموازين المتّفق عليها بين المسلمين، تؤيّد الرؤيا القائلة بوحدة الحكم الشرعيّ والفقه الإسلاميّ، وتردّ الرأي الذاهب إلى الاجتهاد بالرأي. والتعدّد والاختلاف(٣) . فرأي ابن عبد العزيز ما هو إلاّ خطوة في تأصيل الرأي وخلق المعاذير للحكّام المجتهدين بالرأي.

وكذا لا مناص من القول بضرورة دراسة النصوص الصادرة في الصدر الأوّل الإسلاميّ، وأن لا نسكت عن دراستها بحجّة أنّ عائشة (أُمّ المؤمنين) قالت بهذا الرأي مثلاً، أو أنّ عمر (خليفة المسلمين) ذهب إلى ذلك الرأي، أو أنّ هذا الحديث رواه أبو

____________________

(١) مناهج الاجتهاد في الإسلام: ١٤٢ - ١٤٣.

(٢) مناهج الاجتهاد في الإسلام: ١٤١ عن الموافقات للشاطبيّ.

(٣) إذ قال ابن عبد البرّ وبعد نقله حديث عرض السنّة على القرآن: (إنَّ هذه الألفاظ لا تصحّ عنه صلّى الله عليه وآله عند أهل العلم بصحيح النقل من سقيمه...) جامع بيان العلم وفضله ٢: ١٩١، وانظر عارضة الأحوذيّ ١٠: ١٣٢، وقال في مكان آخر: إنَّ هذا الحديث وضعه الزنادقة والخوارج، وفي حجّيّة السنّة: ٤٧٤ بحث في تضعيف أحاديث العرض يمكنك مراجعته.

٢٤٨

هريرة واتّفق الشيخان على صحّته! أو...

إنّ غيرة المسلم على دينه، وحرصه على أن يكون أخذُه هذا الدينَ أخذاً سليماً قويّاً لا وهن فيه ولا شبهة معه -( خُذُوا مَا آتَيْناكُم بِقُوَّة ) (١) - و إنّ خصال التقوى والصدق والإنصاف والاستمساك بالحقائق الواقعيّة... كلّ ذلك يدفع المسلم لأن لا يتساهل في البحث عن المصادر النقيّة التي يأخذ منها معرفته، ويقوده لأن لا يأخذ بعض القضايا الموروثة على أنّها مسلّمات نهائيّة لا تقبل الحوار والنقاش. بل لابدّ أن يكون ميزانه في ذلك - بعد السنّة النبوية الأصيلة - كتاب الله عزّ وجلّ الذي هو الفرقان بين الحقّ والباطل، وبين الأصيل والدخيل، وهو المائز بين ما هو معنىً دينيّ إلهيّ خالص، وبين ما هو غير دينيّ أُقْحِم في ظروف تاريخيّة في الدين.

وهذا - كما ترى - يتطلّب منّا شيئاً من الشجاعة الدينيّة والجرأة الوحدويّة، التي لا تنشد غير المعاني الأصيلة الصافية صفاء الحقّ، المستقيمة استقامة نأْيَها عن سخط الله وعذابه.

والذي يجب الإشارة إليه هنا هو إضفاء بعض الناس هالة من القدسيّة على السلف، ولزوم ترك مناقشة أقوالهم وأفعالهم؛ لأنّهم رجال ذهبوا، لهم مالهم وعليهم ما عليهم، فلا يصحّ لنا الدخول فيما كانوا فيه!!

نعم، يصحّ هذا الكلام لو اعتبرناهم رجال عاديّين ليس لهم دور في الشريعة، لكنّ حقيقة الحال غير هذا؛ لأنّ غالب قضايانا الشرعيّة أُخذت عنهم ولهم دور فعال في الشريعة، فلا محالة من الوقوف على نصوصهم، وسيرتهم وسلوكهم؛ لأنّه ممّا يرتبط بحياتنا العلميّة والعمليّة الشرعيّة.

مع تأكيدنا في لزوم ابتناء الدراسات على الأصول الثابتة العلميّة: كالقرآن، والسنّة، والإجماع المحصّل، والعقل في إطار نتائجه المقطوعة.

ومن هنا نرى في النصوص الواردة عن أهل بيت النبيّ صلّى الله عليه وآله تأكيدهم على اتّخاذ

____________________

(١) البقرة: ٦٣.

٢٤٩

كتاب الله ميزاناً يُرَدّ إليه ما اختُلِف فيه، ودعوتهم المسلمين لأن يتحرّروا من عقدة الخوف من إخضاع كلّ شي للقرآن العظيم على أنّه الحاكم المهيمن الناطق بكلمة الفصل والحقّ... الذي ينبغي طرح كلّ ما يخالفه ولا ينسجم معه. فإنّ أحاديث أهل البيت، التي قالوها لتعليم المسلمين وإمدادهم بالوعي الدينيّ المتبصّر، صريحة في أنّ ما خالف كتابَ الله فهو زُخرف مكذوب.

ودعوتنا هذه التي نريد أن نخلُص إليها، لا تتصادم مع ما قيل عن الشيخين - مثلاً - من عزوفهما عن كثير من الملذّات، وفيما أسْدَوه من خدمات لتوسيع رقعة الدولة وانتشار صيتها في الآفاق؛ فهذا أمر محفوظ... بَيْد أنّ ما ينبغي التفطّن له هو أنّ التقشّف والفتوحات وحمل هموم الحرب والسلم شيء، وقضايا الشريعة الإلهيّة في خصائصها ونقاوة مصادرها شيء آخر مختلف، كما هو بيّن لمن يميّز الأمور ويملك ذهنيّة دقيقة لا تخلط الفرع بالأصل، ولا تُدخل ملابسات الظروف الاجتماعيّة التاريخيّة في صُلب مضامين الدين.

إنّ المنع من تناقل حديث رسول الله صلّى الله عليه وآله، مع إصرار الصحابة على ضرورة التدوين، كما مرّ في خبر عروة بن الزبير(١) ، ثمّ مخالفة الخليفة لرأيهم، مع ملاحظة كونه قد رسم أُصول الشورى في الخلافة من بعده... لأمر عظيم، ينبئ عن كون التدوين أمراً ثقافيّاً حضاريّاً يرتبط بالسياسة لا يمكن للخليفة تجاهله، وعليه فإنّ قضيّة منع تدوين السنّة الشريفة لم تكن قضيّة ثقافيّة خالصة، كما علّلها الخليفة بأنّها وليدة الخوف من اختلاط السنّة بالقرآن، والخوف من تأثّر المسلمين بالأمم السابقة.

فالمسألة هنا ترتبط بالعلم، كما اتّضحت خلال شواهد عديدة على ذلك، وأنّ الخليفة لم يكن يملك الرؤية العامّة للأحكام ولم يكن على إحاطة تامّة ببيانات رسول الله صلّى الله عليه وآله.

____________________

(١) الطبقات الكبرى ٣: ٢٨٧، تقييد العلم: ٥٠، جامع بيان العلم وفضله ١: ٦٤، كنز العمّال ١٠: ٢٩٣، ح ٢٩٤٨٠.

٢٥٠

وأمّا ما قيل عن مقدرتهم في الجوانب الأخرى، فالأمر يتعلّق بالمقدرة العسكريّة والحنكة السياسيّة فقط.

والمعروف - عند أهل الخبرة - أنّ مَن له الحنكة السياسيّة يمكنه أن يوظّف كرسيّ العلم و يحتويه من خلال بعض القنوات الملتوية، بعكس الأوّل.

إنّ هذا يفرِض علينا قراءة جديدة للنصوص الصادرة عن الشيخين أو عن غيرهما. ممّن يسير على خطاهما. وهذه القراءة ينبغي أن تنطلق من دوافع دينيّة صرفة، تطلب الوصول إلى الحقّ... من خلال دراسة موضوعيّة متأنيّة لا تتعجّل الأمور ولا تبتر النتائج. وإنّ إحاطة ما صدر منهما من أقوال وأفعال بهالة من التقديس القَبْليّ، بحيث يهاب المسلم مناقشة هذه الأقوال والأفعال... غير بعيد أن يجعل هذه الحالة نوعاً من الإرهاب الفكريّ الذميم الذي يصادر أيّ احتمال للحوار، أو المناقشة فضلاً عن الاعتراض... ممّا يُراد له جعل الشيخين في مصافّ الأنبياء، أو فوق مصافّ الأنبياء، وهذا ما لا يرتضيه ذو عقل ودين؛ خاصّة ونحن نعلم كما تُجلي وقائع التاريخ أنّ الصحابة رجال متفاوتون علماً و إيماناً وقَدْراً. وكثيراً ما لاحظنا أنّهم كانوا يخطّئُ بعضُهم بعضاً، و ينقد بعضهم مواقف بعض... ولا حرج في ذلك ولا ضير.

إنّ كلّ مَن له دراية بالأخبار والأحاديث وتاريخ صدر الإسلام يعلم بوضوح: أنّ الخليفة أبا بكر والخليفة عمر بن الخطّاب لم يكونا معصومين... بل استبان من خلال النصوص أنّ جُلّ اجتهاداتهم كانت قائمة على الرأي المحض، ولم تكُنْ مُستقاةً أو مُشتقّة من القرآن الكريم أو من السنّة التي لم يعرفاها.

وقفة عند رأي ابن قيّم الجوزيّة:

وعلى هذا فإنّ الفتاوى الصادرة عن أبي بكر وعمر لا تنحصر بما قاله ابن قيّم الجوزيّة، من أنّها لا تخرج عن ستّة أوجه:

(أحدها: أن يكون سَمِعها من النبيّ صلّى الله عليه وآله.

الثاني: أن يكون سمعها ممّن سمعها منه صلّى الله عليه وآله.

٢٥١

الثالث: أن يكون فَهِمَها من آيةٍ من كتاب الله فهماً خَفِيَ علينا.

الرابع: أن يكون قد اتّفق عليها ملؤهم(١) ، ولم ينقل إلينا إلاّ قول المفتي بها وحده.

الخامس: أن يكون لكمال علمه باللغة، ودلالة اللفظ على الوجه الذي انفرد به عنّا، أو لقرائن حاليّة اقترنت بالخطاب، أو لمجموع أُمور فهموها على طول الزمان من رؤية النبيّ صلّى الله عليه وآله ومشاهدة أفعاله وأحواله وسيرته، وسماع كلامه والعلم بمقاصده وشهود تنزيل الوحي، ومشاهدة تأويله الفعل، فيكون فَهِم ما لا نفهمه نحن. وعلى التقادير الخمسة تكون فتواه حجّة يجب اتّباعها.

السادس: أن يكون فَهِمَ ما لم يُرِده الرسول وأخطأ في فهمه، والمراد غير ما فهمه، وعلى هذا التقدير لا يكون قوله حجّة. ومعلوم قطعاً أنّ وقوع احتمال من خمسة أغلب على الظنّ من وقوع احتمال واحد معيّن، هذا ممّا لا يشكّ فيه عاقل...)(٢) .

والواقع أنّ الأمر ليس على ما ظنّ ابن القيّم بل هو أبعد منه؛ لأنَّك قد وقفت على فتاواهم ومخالفة بعضها لصريح الكتاب والسنّة، مع علم صاحبها بقيام النصّ في غيره ووضوح ظهوره فيه، ولولا الحمل على الصحّة والتماس العذر لمَن سلف، لكانت أقرب إلى التحدِّي منها إلى الاجتهاد!

وبعضها الآخر - أي من اجتهادات الشيخين - صريح المخالفة للنصوص أيضاً، لكنّها تختلف عن سابقتها، بأنّها صدرت لعدم علم صاحبها بتلكم النصوص الصادرة عن الرسول صلّى الله عليه وآله وعودته إليها بعد تنبّهه، ومثل هذا القسم - عادةً - أهون مؤونةً وأقلّ مؤاخذة.

فالاجتهاد لو كان جارياً على وفق ما تقرّر لدى الأعلام من القواعد، للزم أن يكون صاحبه قد أكمل عدّته وانتهى من الفحص عن الدليل الأوّلي، وعاد يائساً من العثور عليه، فأفتى أو حَكَم بعد اليأس.

____________________

(١) أي جميعهم.

(٢) إعلام الموقعين ٤: ١٤٨.

٢٥٢

غير أنّ هذه الفتاوى والمواقف والأحكام لم تكن جارية - في نهج الخليفة وكثير من السلف الأوّل - على هذا النمط من الاستنباط الدقيق المأمون، بسبب التسرّع في الإفتاء والحكم قبل بذل الجهد للفحص الكافي، أو بسبب التقصير في استيعاب ما ينبغي استيعابه في الموضوع بإهمالهم سؤال العالمين بالقرآن والتشريع ممّن كانوا بين ظهرانيهم، فإذا شَجَر ما يوجب الفحص والسؤال، ولم يبادروا إلى الرجوع إلى هؤلاء العالمِين... فإنّ هذا يعني، ولا ريب المؤاخذة والتقصير؛ لقيام الحجّة عليهم بهؤلاء العالمِين كما قال ابن حزم في النصّ الذي أوردناه مِن قبل.

وعلى هذا ففتاوى الأصحاب الصادرة عنهم لا تنحصر فيما حصره ابن القيّم من الصور الستّ، بل هناك احتمالات أُخرى ينبغي أن تضاف إلى احتمالات ابن القيّم، وهي:

الأوّل: أن يكون إفتاؤهما مخالفاً لكلام رسول الله، وقد ذكّرهما الصحابة بهذا فرجعا عمّا أفتيا به، فمن الطبيعيّ أن لا نرى - غالباً - امتداداً لرأي الخليفة في مثل هذه المسائل قِبال سنّة رسول الله في العصور اللاحقة؛ لرجوع الخليفة عمّا كان قد ذهب إليه وتنصَّل عنه.

الثاني: أن يتخالف إفتاؤهما مع حديث رسول الله صلّى الله عليه وآله أو الآية القرآنيّة، والصحابة ذكّروهما بذلك لكنّهما لم يتراجعا عمّا أفتيا به، ومن هنا نرى وجود أحكام كهذه في الفقه الإسلاميّ، مع ترجيح الفقهاء لرأي الخليفة، والقول بأنّ آراء أُولئك الصحابة كان اجتهاداً منهم لا يمكن نقضه؛ لحجّيّة اجتهادات الصحابة في الصدر الإسلاميّ الأوّل!

الثالث: أن يفتي الخليفة في مسألة بما هو مخالف لسنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله والذِّكر الحكيم، مع عدم حضور الصحابة في تلك الواقعة ليوقفوه على ما سمعوه من رسول الله، أو ما جاء به الوحي في تلك المسألة، فترى امتداد خطّ الخليفة أقوى ممّا عند الصحابة من مرويّات في هذه المسائل!

الرابع: أن يفتي الخليفة بما يخالف الآية القرآنيّة وحديث رسول الله صلّى الله عليه وآله، ولكنّ

٢٥٣

الصحابة لم يذكّروه خوفاً من درّته أو مهابةً له، أو لاكتساح هذا الرأي عموم المسلمين وتبنّي أغلبهم له، فنهج الخليفة في مثل هذا القسم هو أقوى ممّا سبقه؛ لعمل المسلمين به وقد يحدُث أن نقف بين الحين والآخر على نصوص من الصحابة، أو التابعين، تخالف رأي الخليفة، لكنّها أضعف ممّا سبقها!

الخامس: أن يكون ما أفتى به اجتهاداً منه، صدر عن مصلحة ارتضاها بمفرده، أو للرأي العامّ! لأنّه فيما يقول أعرف بها من سائر الصحابة. مع أنّه لم تكن تلك المصلحة بالمنزلة التي تَصوّرها الخليفة فيكون الحكم خاطئاً تبعاً للخطأ في تشخيص المصلحة، إلاّ أنّ أحداً لم ينتبه أو ينبّه على ذلك فسرى الحكم عامّاً شاملاً في كلّ العصور!

وهذه الاحتمالات التي نساها أو تناساها ابن القيم لها شواهد تاريخية كثيرة قد عرضنا لك بعضها فيما سبق.

حسبنا كتاب الله

فاتّضح إذن أنّ الاجتهاد قِبالَ النصّ قد مُورِسَ في عهد النبيّ صلّى الله عليه وآله - رغم نهيه عنه - والعصر الإسلاميّ الأوّل، وفي نفس الظرف أُطلِقَ القول بـ (حسبُنا كتاب الله) و (بيننا وبينكم كتاب الله)، مع وقوفنا على نهي رسول الله عنه!!

لكنّ بين الصحابة مَن كان لا يرتضي تلك النبرة الغريبة الُمحْدَثة، منهم: عليّ بن أبي طالب، الذي أوصى ابن عبّاس عندما أراد حِجاج الخوارج بقوله:(لا تُخاصِمْهم بالقرآن، فإنّ القرآن حمّال ذو وجوه، تقول ويقولون، ولكن حاجِجْهم بالسنّة؛ فإنّهم لن يجدوا عنها محيصاً) (١) .

أوصاه بهذا لأنّ المعروف عن الخوارج تمسّكهم الأعمى بظواهر نصوص الكتاب، وقد جرّ أُسلوبهم هذا الويلاتِ على المسلمين، فكان من العقل والتدبير أن

____________________

(١) نهج البلاغة ٣: ١٣٦، الخطبة ٧٧، من وصية له‏ عليه السلام لعبد الله بن عباس، شرح النهج ١٨: ٧١، مفتاح الجنّة ١: ٥٩.

٢٥٤

يحتجّ عليهم بسيرة النبيّ وأفعاله التي لا يختلف فيها اثنان دون ما يُختلف فيه؛ لئلاّ يقعوا في نفس مشكلة فهمهم الخاطئ للكتاب، فاحتجّ عليهم بعمل النبيّ صلّى الله عليه وآله حينما أوعز بمحو وصفه بـ (رسول الله) في كتاب صلح الحديبيّة، فلم يبق مجال لاعتراض الخوارج على محو عليّ بن أبي طالب وصفَه بـ (أمير المؤمنين) في كتاب الصلح مع معاوية(١) ، وهذا الأسلوب هو الأنجح والأنسب في التعامل مع الخوارج.

نعم، إنّ القرآن والسنّة يكمل أحدهما الآخر، فلا يمكن الاكتفاء بالقرآن دون السنّة، وكذا العكس. وليس هناك أدنى تعارض بين هذين الأصلين، وإنَّ الذهاب إلى أحدهما دون الآخر ليس بصحيح.

قال ابن حزم في الإحكام: لا تعارض بين شيء من نصوص القرآن ونصوص كلام النبيّ صلّى الله عليه وآله وما نُقل من أفعاله، فقال سبحانه مُخبراً عن رسوله:

( وما يَنْطقُ عَنِ الهَوَى * إنْ هُوَ إلاّ وَحْيٌ يُوحى ) (٢) وقوله تعالى:( لَقَدْ كانَ لَكْمْ فِي رَسُول اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) (٣) وقوله:( وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غيرِ اللهِ لَوَجدُوا فيهِ اختلافاً كثيراً ) (٤) ، فأخبر عزّ وجلّ أنّ كلام نبيّه وحي من عنده، كالقرآن في أنّه وحي(٥) .

والخليفة أبو بكر لمّا قال - بعد وفاة رسول الله - كما في مرسلة ابن أبي مليكة المارّة الذكر: (بيننا وبينكم كتاب الله) أراد بقوله الاكتفاء بالقرآن، وقد سبقه إلى هذا الرأي عمر بن الخطّاب عند مرض الرسول عندما قال (حسبنا كتاب الله). وقد احتجّت فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله على أبي بكر بالقرآن وحده في نزاعها معه في

____________________

(١) مصنف عبد الرزاق ١٠: ١٥٨، سنن النسائي ٥: ١٦٦، ح ٨٥٧٥، المعجم الكبير ١٠: ٢٥٧، ح ١٠٥٩٨، المستدرك على الصحيحين ٢: ١٦٤، ح ٢٦٥٦، قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، حلية الأولياء ١: ٣١٩، الأحاديث المختارة ١٠: ٤١٤.

(٢) النجم: ٣ - ٤.

(٣) الأحزاب: ٢١.

(٤) النساء: ٨٢.

(٥) الإحكام في أُصول الأحكام ٢: ١٧٠.

٢٥٥

فدك إلزاماً له بما ألزم به نفسه حين قال: (حسبنا كتاب الله) فاستدلّت على أحقّيّتها بعموم آيات الإرث والآيات الدالّة على أنّ الأنبياء يورِّثُون ويُورثون، فاستدلّ هو بقوله صلّى الله عليه وآله: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث)، فاستدلّ بالسنّة المُدَّعاة بعد أن قال حسبنا كتاب الله، وهذا تهافت واضح.

فماذا كانوا يعنون بكلامهم هذا وهم أقرب المسلمين زمناً للتشريع؟

أكانوا يريدون ما أراده الخوارج لاحقاً من الاستعانة بالقرآن في فهم جميع الأمور والتشاغل به عن السنّة، أم كانوا يرجون غير ذلك؟

إنّ الدعوة إلى الأخذ بالقرآن ووضع السنّة جانباً، مع تصريح الرسول في حديث الأريكة بأنّ كلامه كلام الله، وهو المبيّن لأحكام الله، ثمّ إحلال اجتهاداتهم محل السنّة، ما هو إلاّ قرار سياسيّ اتُّخذ لتصحيح ما يذهب إليه الشيخان؛ إذ لا يخفى على أبي بكر وعمر أنّ الأحكام بأسرها لا يمكن استقاؤها من القرآن وحده، وقد جاء في كلام عمران بن الحصين - مجيباً مَن قال: تحدّث بالقرآن واترك السنّة:

أرأيتَ لو وكلْتَ أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنتَ تجد فيه صلاة العصر أربعاً، وصلاة الظهر أربعاً، والمغرب ثلاثاً، والصبح تقرأ في اثنتين؟ وأكنت تجد الطواف بالبيت سبعاً، والطواف بالصفا والمروة؟(١)

فلا يعقل إذن أن تخفى مثل هذه القضايا على أبي بكر وعمر، وإذا كانت غير خافية عليهما فَلِمَ يَدْعُوان إلى الاكتفاء بالقرآن، ويقولان بـ (حسبنا كتاب الله)؟!

بهذا يتأكّد لنا أنَّ المحظور من الروايات هو ما لا يعرفه الخليفة، وما يُسبّب له مشاكل محرجة. وأمّا الأحاديث المعروفة التي تناقلها المسلمون وعرفوها، والتي لا تخفى على الخليفة كما لا تخفى على غيره، فلا تخوُّف منها ولا نهي عن تناقلها إن لم تمسّ أصل مشروعية الخلافة.

إنّ في كلام أبي بكر: (والناس بعدهم أشدّ اختلافاً) ما يكشف عن أنّ المسلمين

____________________

(١) الكفاية في علم الرواية ١: ١٥.

٢٥٦

ستختلف اتّجاهاتهم فيما بعد؛ لأخذِ كلّ واحدٍ منهم برأي صحابيّ. ويعضد كلامَ أبي بكر ما جاء عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: أنّ أُمّته مختلفة من بعده.

ولا ريب أنّ اختلاف نُقول هؤلاء الصحابة سيعارض اجتهادات الشيخين.

إنَّ تشريع سنّة الشيخين بإزاء سنّة رسول الله، أو الارتقاء بها إلى سنّة رسول الله، ثمّ تعبّد الخلفاء بها من بعدهم جاعلين منها منهاج حياة ودستور دولة... ما هو إلاّ تعبير عن المصلحة التي دعا إليها الخليفة، والمفتاح الذي يفتح به كلّ مشكل!

لأنّك قد عرفت أنّ الخليفة قد تخوّف من المحدِّثين، وحدّد نشاطهم - بالفعل - وأمرهم بالإقلال من الحديث. وقد حدّ من تحديثهم عن رسول الله، وعلّل حبسه لهم بقوله: (أكثرتُم الحديثَ عن رسول الله)، وقوله: (أفشيتم الحديث عن رسول الله).

فالإفشاء والإكثار كان يؤذي الخليفتين؛ لأنّه يؤدّي إلى تعارض ما نُقِل عنه صلّى الله عليه وآله مع نُقول الشيخين واجتهاداتهما، فكان عليهما - والحالة هذه - أن يَدْعُوا للأخذ بالقرآن أوّلاً، لا اعتقاداً منهما بكونه كافياً في معرفة الأحكام؛ فهما - حينما أرجعا الناس إلى القرآن - كانا يعلمان حقّ العلم أنّ القرآن محتاج إلى السنّة وأنّ رسول الله مكلّف بتبيين الأحكام للناس في قوله تعالى( لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ) (١) ، لكنّ إبعادهما الناس عن السنّة المطهّرة والدعوة إلى الاكتفاء بالقرآن إنّما يمكّن لهما رسم البديل الذي هو اجتهاداتهما وأن يُصار إلى الاعتقاد بأنّهما أعلم من غيرهم: يؤخَذُ منهما ويردّ عليهما!

لذا نجد بين الصحابة مَن لا يرتضي العمل باجتهادات الشيخين؛ لأنّه عرف أنّ الكتاب والسنّة هما الأصلان الرئيسيّان في التشريع لا الاجتهاد بالرأي. ولو كان قد ورد في اجتهاد الشيخين نصّ خاصّ لسمعوه وتلقّوه، ولَمَا قالوا: أسنّة عمر نتّبع أم سنّة رسول الله؟!(٢) .

____________________

(١) النحل: ٤٤.

(٢) مسند أحمد ١: ٤٢٠، ح ٧٥٠٠، مثله، وانظر سنن الترمذي ٣: ١٨٥، ح ٨٢٤، شرح معاني الآثار ٢:

=

٢٥٧

أو قولهم: أراهم سيهلكون، أقول: قال رسول الله، ويقولون: نهى أبو بكر وعمر(١) .

ومن الطريف ونحن ندرس الحوادث أن نرى في سجلّ أصحاب الرأي والاجتهاد - ذرّاً للرماد في العيون وخلطاً للحابل بالنابل - أسماءً لرجال أمثال ابن مسعود ومعاذ وابن عبّاس وغيرهم من أصحاب المدوّنات المتعبّدين، نُسبت إليهم نصوص من البعيد أن تكون ممّا وقع فعلاً في التاريخ، بعد غضّ النظر عن سندها، لِما عرفنا من ملابسات الأمور وحاجة أنصار الخليفة إلى مثلها. ولو درسنا هذه القضايا بروح علميّة لوقفنا فيها على كثير من المؤاخذات والاضطرابات.

هذا وقد أكّد ابن حزم وغيره من أعلام العامّة أنّ حديث معاذ في الاجتهاد موضوع.

فقال ابن حزم ضمن كلامه: وبرهانُ وضعِ هذا الخبر وبطلانه هو أنّ من الباطل الممتنع أن يقول رسول الله: فإن لم تجد في كتاب الله ولا في سنّة نبيّه، وهو يسمع قول ربّه( واتّبِعُوا أحسنَ ما أُنزل إليكُم مِن ربّكُم ) (٢) ، وقوله:( اليوم أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) (٣) وقوله:( ومَن يَتَعدَّ حُدودَ اللهِ فقد ظَلَمَ نَفْسَه ) (٤) - مع الثابت عنه ‏صلّى الله عليه وآله من تحريم القول بالرأي في الدين(٥) .

إن دراسة مثل هذه القضايا في الشريعة ستحلّق بالباحث للنظر في أُمور الشريعة من أُفق أوسع وزاوية علميّة أجدر، مؤكّداً بأنَّ عليه لزوم التجرّد عمّا يحمله من عواطف وأحاسيس، وليكن حرّاً في تفكيره وعقله وأن يدرس النصوص مع ملابساتها كما هي، وأن لا تسيّره الأهواء والعواطف، ثمّ فلينظر أحقاً أنّ رسول الله قد

____________________

=

٢٣١، وفيه قول أم المؤمنين عائشة: فسنّة رسول الله ‏صلّى الله عليه وآله أحق أن يؤخذ بها من سنّة عمر، الفروع ٣: ٢٢٤، شرح سنن ابن ماجة: ٢١٤، ح ٢٩٧٨.

(١) حجّة الوداع: ٣٥٣، ح ٣٩٢، سير أعلام النبلاء ١٥: ٢٤٣، تذكرة الحفّاظ ٣: ٨٣٧، الأحاديث المختارة ١٠: ٣٣١، ح ٣٥٧.

(٢) الزمر: ٥٥.

(٣) المائدة: ٣.

(٤) الطلاق: ١.

(٥) الإحكام في أصول الأحكام ٦: ٢٠٨، الباب (٣٥) في الاستحسان والاستنباط بالرأي.

٢٥٨

جوّز القول بالرأي وهو بين ظَهراني الأمّة، أم أنَّ المراد هو سماحه العمل طبق النصوص الصحيحة الموجودة عند الصحابيّ من الكتاب والسنّة، لا الاجتهاد وفق الظنّ والتخمين؟ وإلى غيرها من الأسئلة.

نظرات في الرأي

نُقل عن المستشرق (جولد تسيهر) أنّه ذهب إلى أنّ الرأي لم يكن على عهد النبيّ، بل هو ممّا طرأ لاحقاً على الشريعة. وقد نقل هذا الرأي عنه الدكتور محمّد يوسف موسى بقوله:

(نعم إنّ هذا المستشرق البحّاثة الحفيّ بالدراسات الإسلاميّة، يرى أنّه قد حصل العمل بالرأي في الجيل الأوّل من التاريخ الإسلاميّ. ولكنّ الرأي في هذه المرحلة كان غامضاً، عارياً عن التوجيه الإيجابيّ، وبعيداً عن المذهب والطريقة الخاصّة به، ثمّ اكتسب في العصر التالي تحديداً معيّناً، وبدأ يتحرّك في اتّجاه ثابت، وحينئذٍ أخذ هذه الصيغة المنطقيّة: القياس)(١) .

ثمّ تهجّم الدكتور موسى على (جولد تسيهر) وشكّ في قيمة رأيه ورأي زملائه المستشرقين، لبعدهم عن فهم روح الإسلام، مُعلّلاً بأنّ الروايات التي ذكرها ابن القيّم كافية للدلالة على ذلك. إلاّ أنّه عاد فقاربه بقوله:

حقّاً أنّ الرأي في هذه الفترة من فترات تاريخ الفقه الإسلاميّ ليس هو القياس الذي عُرف فيما بعد في عصر الفقهاء - أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة - ولكنّ الرأي الذي استعمله بعض الصحابة لا يبعد كثيراً عن هذا القياس إن لم يَكُنه، وإن كانوا لم يُؤْثَر عنهم في العلّة ومسالكها وسائر البحوث التي لابُدّ منها لاستعمال القياس شيء ممّا عرفناه في عصر أُولئك الفقهاء(٢) .

____________________

(١) محاضرات في تاريخ الفقه الإسلاميّ للدكتور محمّد يوسف موسى: ٢٤ كما في مقدّمة النصّ والاجتهاد: ٥٢ للسيّد محمّد تقي الحكيم.

(٢) المصدر نفسه.

٢٥٩

ومهما تكن قيمة شكّ الدكتور، فلا يهمّنا أن نعرفه بقدر ما يهمّنا أن نعرف موقف الشيخين من الرأي، وهل كانا حقّاً يذهبان إليه عند عدم علمهم بحكم الله ورسوله؟ أم كانا يَرَيان لآرائهما الحجّيّة حتّى مع وجود نصّ من القرآن وأثر عن رسول الله؟

أكّدت النصوص السابقة على أنّهم كانوا يقولون بالرأي حتى مع وجود النصّ؛ إذ لا يعقل أن يخفى قوله تعالى:( والّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُم ويَذَرُونَ أزواجاً يَتَرَبصْنَ بأنْفُسِهنّ أربعةَ أشْهُرِ وَعَشْراً ) (١) على أبي بكر في قضيّة خالد بن الوليد الذي دخل بزوجة مالك بن نويرة، وهي في العدّة!

وكيف يقول الخليفة أبو بكر لعمر: ما كنت أقتله؛ فإنّه تأوّل فأخطأ(٢) ، مع وقوفه على النصّ؟

ألم يكن هذا هو الاجتهاد قبال النصّ بعينه؟

وليتني أعرف هل خفيت الآية على الخليفة، أم أنّه رأى المصلحة فيما ذهب إليه؟

وهل المصلحة والقياس يُعمل بهما عند فقدان النصّ أم يَرِدان حتّى مع وجود النصّ؟

وإليك مجمل خبر خالد في رواية الطبريّ، قال: (فلمّا دخل (خالد) المسجد، قام إليه عمر فانتزع الأسهُم من رأسه فحطّمها، ثمّ قال: أرئاءً؟! قتلت أمرءاً مسلماً ثمّ نزوتَ على امرأته! والله لأرجمنّك بأحجارك. ولا يكلّمه خالد بن الوليد ولا يظنّ إلاّ أنّ رأي أبي بكر على مثل رأي عمر فيه، حتّى دخل على أبي بكر، فلمّا...)(٣) .

وروى الطبريّ: أنّ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه لقي في خلافته رجلاً له قضيّة نَظَرَ فيها عليّ بن أبي طالب، فسأله عمر: ماذا صنعت؟

فقال: قضى عليٌّ بكذا.

قال عمر: لو كنتُ أنا لقضيت بكذا!

____________________

(١) البقرة: ٢٣٤.

(٢) الإصابة ٥: ٧٥٥.

(٣) تاريخ الطبريّ ٢: ٢٧٣، ثقات ابن حبان ٢: ١٦٩، الإصابة ٢: ٢٥٥، سير أعلام النبلاء ١: ٣٧٨، شذرات الذهب ١: ١٥.

٢٦٠