من قضايا النهضة الحسينية الجزء ٢

من قضايا النهضة الحسينية0%

من قضايا النهضة الحسينية مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 146

من قضايا النهضة الحسينية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: فوزي آل سيف
تصنيف: الصفحات: 146
المشاهدات: 20458
تحميل: 4243


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 146 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 20458 / تحميل: 4243
الحجم الحجم الحجم
من قضايا النهضة الحسينية

من قضايا النهضة الحسينية الجزء 2

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

شربة ماء لن تقدّم أو تؤخّر في الصورة النهائية للمعركة؟ إنّما قيمة الامتناع عنها هي التي تؤسّس معنى في الإيثار، والاُخوّة لم يسبق له نظير.

إنّ الموقف الذي يُطالب السائل هو الموقف الذي يلتزم به أكثر الناس في هذه المواقف؛ حيث لا يقدّمون في مضمار سباق القيم والحاجات الشخصية إلاّ الثانية، لكنّ أهل البيت (عليهم السّلام) ومَنْ تأثّر بهم يريدون أن يرفعوا الإنسان إلى سماء أُخرى ذات آفاق أرحب، لا سيما في كيفية العلاقة مع الأئمّة والقادة.

١٢١

١٢٢

ملحق

١٢٣

١٢٤

١ - عدد الأصحاب

يختلف عدد الشهداء الذي يذكره المؤرّخون عمّا يوجد في كلمات المعاصرين، فبينما تتحدّث بعض الروايات التاريخية عمّا يقل عن الخمسة والسبعين، مثل رواية أبي مخنف عن الضحّاك المشرقي: (... وعبّأ الحسين أصحابه، وصلّى بهم صلاة الغداة، وكان معه اثنان وثلاثون فارساً وأربعون راجلاً...)(١) .

تجد بعض المؤلّفين المعاصرين يذكر رقماً يصل إلى ١٣٨ شهيداً(٢) . ولعلّه يعتمد في ذلك على رواية نقلها الطبري(٣) عن عمّار الدهني، عن الباقر (عليه السّلام)، وفيها يقول: إنّ الحسين نزل كربلاء

____________________

١ - الطبري ٤ / ٣٢١، الغريب أنّ الطبري ينقل هذه الرواية وقد نقل قبلها رواية عمّار الدهني التي فيها أنّهم كانوا قرابة المئة وخمسة وأربعين!

٢ - قصة كربلاء - لحجّة الإسلام نظري منفرد / ٤٢١، نقلاً عن حياة أبي عبد الله - لعماد زاده.

٣ - الطبري ٤ / ٢٩٢، والرواية التي اعتمد عليها الطبري في أكثر من موضع، فيها أكثر من موضع حصل فيه الخبط بما لا يمكن قبوله. هذا مع غضّ النظر عن الجهة السندية.

١٢٥

وضرب أبنيته، وكان معه مئة راجل وخمسة وأربعون فارساً. ويتوسّط بينهما العلاّمة شمس الدين فيفترض أنّ العدد هو في حوالي المئة، قال(١) : وتقديرنا الخاص، نتيجة لِما انتهى بنا إليه البحث هو أنّ أصحاب الحسين الذين نقدّر أنّهم استشهدوا معه في كربلاء من العرب والموالي يقاربون مئة رجل أو يبلغونها، وربما زادوا قليلاً على المئة.

وربما يمكن تأييد ما توصّل إليه شمس الدين بما ورد في نصّ تأريخي قديم يسبق كتب التاريخ التي تنقل عن أبي مخنف، وهو كتاب (تسمية مَنْ قتل مع الحسين (عليه السّلام»(٢) للفضيل بن الزبير الأسدي، وهو من أصحاب الباقر والصادق (عليهما السّلام)، أنّهم مئة وسبعة (١٠٧)، وقد ذكر أسماءهم.

ويمكن تقريب العدد أيضاً من خلال حساب الرؤوس التي وزّعها عمر بن سعد على القبائل المشاركة؛ فقد ذكر أنّه أعطى كندة ١٣ رأساً، وهوازن ٢٠، وتميم ١٧ رأساً، وبني أسد ٦ رؤوس، ومذحج ٧، وأعطى باقي الناس ١٣، ومجموع هذه الرؤوس يكون ٧٦ رأساً.

فإذا فرض أنّ بعض الرؤوس لم توزّع مثلما نُقل أنّ عشيرة الحرّ الرياحي قد أبعدت جنازته، وربما جنازة ابنه، عن ميدان المعركة، وأيضاً كان رأس الحسين (عليه السّلام) قد أُرسل إلى الكوفة عصر عاشوراء بيد خولي بن يزيد الأصبحي، فيكون العدد من هذه الناحية قريب الثمانين.

فإذا فُرض، كما يحتمل [البعض] أنّ رؤوس الموالي لم تكن في هذه المجموعات؛ لجهة أنّ أخذ الرؤوس كان لأجل الافتخار بين القبائل، ولم

____________________

١ - أنصار الحسين: الرجال والدلالات / ٤٩، ونرى أنّ المؤلّف قد بذل جهداً رائعاً في الكتاب لتحديد العدد ودلالاته، والكتاب حري بأن يُقرأ.

٢ - نشر في مجلة تراثنا عدد ٢ - عن مؤسسة آل البيت لإحياء التراث.

١٢٦

يكن القضاء على الموالي عامل فخر عند القبائل العربية، لو صحّ هذا فإنّه يرفع العدد إلى ما يقرب من المئة؛ نظراً لعدد الموالي الموجودين بين أنصار الحسين (عليه السّلام).

وهناك نقطة جديرة بالاهتمام ذكرها في (أنصار الحسين)، وحاصلها: إنّ من أسباب الاختلاف في تعداد الشهداء (رضوان الله عليهم)، إضافة إلى تداخل بعض الأسماء مع بعضها الآخر، وسقوط بعضها، أنّ شهود العيان الذين نقل عنهم المؤرّخون غالباً ما كان يستخدمون التقدير بالرؤية البصرية من غير أن يقوموا بحساب الرجال وإحصائهم إحصاءً دقيقاً، ممّا يجعل إمكانية الاشتباه في التقدير كبيرة.

وكذلك فإنّ المؤرّخين ربما تحدّثوا عن حالات مختلفة؛ فبعضهم يتكلّم عن أصحاب الحسين الذين خرجوا معه من المدينة، وآخرون عن أصحابه الخارجين معه من مكة، وربما تحدّثوا عن بداية نزوله إلى كربلاء في عدد كذا.

والواضح أنّ هذه المراحل كانت تتغيّر فيها الأعداد بحسب التطوّرات، إلى أن جاء خبر مسلم بن عقيل، وأخبر الحسين (عليه السّلام) الأصحاب بما سيصير إليه أمرهم، واستقر هؤلاء على الشهادة انتهت حالات التغيّر في العدد لجهة النقص، ولكن حصل متغيّر آخر وهو أنّ قسماً من الجيش الأموي قد صاروا إلى جهة الحسين (عليه السّلام)، وقد سبق الحديث عنهم في أحد الأجوبة الماضية.

١٢٧

١٢٨

٢ - عدد النساء اللاتي كنّ في كربلاء

لا توجد فيما أعلم إحصائية تفصيلية عن عدد النساء اللاتي كنّ في ‏كربلاء في جانب المخيّم الحسيني، غير ما ذكره المحدّث القمّي(١) في كتابه (‏ نفس المهموم)، ناقلاً عن (الكامل) للشيخ البهائي(٢) ، وقد ورد فيها أنّ

____________________

١ - الشيخ عباس بن محمّد القمّي (١٢٩٤ - ١٣٥٩ هـ) واعظ مجيد، وكاتب مكثر، ومحدّث خبير، تتلمذ في الغالب على أستاذه الشيخ حسين النوري الطبرسي صاحب المستدرك، له ما يُقارب من ٦٠ مصنفاً. منها في السيرة مثل (كحل البصر في سيرة خير البشر)، و (منتهى الآمال في سيرة المعصومين)، و (نفس المهموم ونفثة المصدور في مقتل الحسين)، وفي الدعاء له الكتاب المشهور: (مفاتيح الجنان)،... وكتب أُخرى متنوّعة.

٢ - الشيخ محمّد بن الحسين بن عبد الصمد الجبعي العاملي الهمذاني الحارثي (٩٥٣ - ١٠٣١ ه‍ـ)، بهاء الدين، عالم أديب إمامي، من الشعراء. ولد ببعلبك، وانتقل به أبوه إلى إيران، ورحل رحلة واسعة، ونزل بأصفهان فولاّه سلطانها (شاه عباس) رياسة العلماء، فأقام مدّة ثمّ تحوّل إلى مصر. وزار القدس ودمشق وحلب وعاد إلى أصفهان، فتوفي فيها. الأعلام - خير الدين الزركلي ٦ / ١٠٢. =

١٢٩

عددهنّ كان ‏عشرين امرأة. وغير ما ذكره في (وسيلة الدارين في أصحاب الحسين)، وسوف نتعرّض إليه في الأخير. وسوف نحاول أن نستقرئ النصوص التاريخية بالمقدار ‏الممكن، وأن نخرج بصورة لا ندري إن كانت تطابق المذكور، أو الواقع ‏، أو تقاربه، وبأيّ مقدار.‏

أمّا النساء اللاتي ورد لهنّ ذكر صريح في الروايات التاريخية، أو ‏اشتهر حضورهنّ من خلال مواقفهنّ مع أقاربهنّ (الزوج، الأب، الولد ‏...) فيمكن رصد الأسماء التالية: ‏

١ - زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السّلام)، وذكرها في الواقعة لا ‏يحتاج إلى توضيح.‏

‏٢ - أُمّ كلثوم بنت أمير المؤمنين (عليهما السّلام)، ومع أنّ المحقّق السيد ‏المقرّم (رحمه الله) قد ذكر في المقتل اتحاد الاسمين، وأنّه لم يكن هناك إلاّ ‏واحدة؛ فتارة تُذكر باسمها (زينب)، وأُخرى بكنيتها (أُمّ كلثوم)، إلاّ أنّ ‏ذلك خلاف الظاهر؛ ذلك أنّه كان لأمير المؤمنين (عليه السّلام) من البنات ‏مَنْ تُسمّى زينب، وكان له مَنْ تُسمّى أُمّ كلثوم.

وقد نصّ عليه عدد من ‏مؤلّفي الأنساب، وأيضاً فإنّ الروايات التاريخية تتحدّث عنهما، ولا نرى ‏ملجأً يلجأ المؤرّخ إلى القول بالاتّحاد. ‏

____________________

= ذكره في الكُنى والألقاب، قال: مجدّد المذهب على رأس المئة الحادية عشر، انتهت إليه رئاسة المذهب والملّة. له تصنيفات وتأليفات متعدّدة، منها (حبل المتين)، و (مشرق الشمسين والربعين)، و (الجمع العباسي)، و (الكشكول)، و (المخلاة)، و (العروة الوثقى)، و (نان وحلوا والزبدة)، و (الصمدية)، و (خلاصة الحساب)، و (تشريح الأفلاك)، و (الرسالة الهلالية)، و (مفتاح الفلاح في عمل اليوم والليلة)، و (الإثني عشريات)، و (التهذيب)، والحواشي على الفقيه، وعلى خلاصة الرجال، وعلى الكشاف والبيضاوي وغيرها.

١٣٠

‏٣ - فاطمة ‏ بنت أمير المؤمنين (عليهما السّلام)، وقد ورد ذكرها في أكثر ‏من موضع، منها في الشام عندما نظر إليها الشامي وأراد أن يأخذها ‏جارية، ولها حوار مع زينب في طريق العودة من الشام، وهي زوجة أبي ‏سعيد بن عقيل بن أبي طالب الذي استشهد من أولاده محمّد في كربلاء. ‏

‏٤ - خديجة ‏ بنت أمير المؤمنين (عليهما السّلام)، زوجة عبد الرحمن بن ‏عقيل الذي استشهد في كربلاء مع الإمام الحسين (عليه السّلام)، ومن ‏الطبيعي أن تكون معه زوجته في تلك الرحلة. ‏

‏٤ - الرباب بنت امرئ القيس زوجة الإمام الحسين (عليهما السّلام) وأُمّ ‏عبد الله الرضيع، ومعها أيضاً ابنتها.

‏٥ - سكينة بنت الإمام الحسين (عليهما السّلام)، ودورها في كربلاء وتفاصيل الواقعة ‏معروف.‏

‏٦ - رقية بنت الإمام الحسين التي روي أنّها توفيت في ‏الشام.‏

‏٦ - حميدة بنت مسلم بن عقيل (عليهم السّلام)، حيث ورد ذكر لها أنّ الحسين (عليه ‏السّلام) لمّا جاءه خبر شهادة أبيها، وهو في منطقة زرود، أجلسها في حجره ‏، ومسح على رأسها، وأخبرها بخبر أبيها، ومن الطبيعي أن تكون معها أُمّها ‏‏.‏

‏٧- رقية بنت أمير المؤمنين (عليهما السّلام)، والتي استشهد زوجها ‏مسلم في الكوفة، بينما استشهد ابنها عبد الله في كربلاء، أصابه سهم فأثبت ‏يده في جبهته، بعدما قتل من الأعداء عدداً كبيراً.‏

‏٨- أُمّ وهب ‏ ‏(قمر بنت عبد) زوجة عبد الله بن عمير الكلبي، ‏التي كانت مع زوجها، وهي التي خرجت بعده تشجّعه على القتال كما ‏كانت معه. ‏

١٣١

‏٩- أُمّ عبد الله بن عمير، وهي التي كانت تشجّع ابنها على القتال ‏حتى إنّه لمّا رجع وقال لها: أرضيت عنّي؟ قالت: ما رضيت، أو تقتل بين ‏يدي الحسين (عليه السّلام).‏

‏١٠- أُمّ عمر بن جنادة بن الحارث السلمي، وهو الغلام الذي قُتل أبوه في المعركة، وخرج فردّه الحسين (عليه ‏السّلام) قائلاً:«هذا غلام قد قُتل أبوه الساعة، ولعلّ أُمّه تكره خروجه» . ‏

فقال الغلام: أُمّي أمرتني بذلك. فقاتل حتّى قُتل، فأخذت أُمّه عموداً ‏وخرجت وهي تقول: ‏

أنا عجوزٌ في النساء ضعيفهْ

خاويةٌ باليةٌ نحيفهْ

أضربكم بضربة عنيفهْ

دون بني فاطمة الشريفهْ

‏١١ - جارية لمسلم بن عوسجة، فإنّه لمّا قُتل خرجت من خبائه جارية ‏وهي تنادي: وا مسلماه! وا ابن عوسجتاه!‏

‏١٢ - أُمّ عبد الله (أو عبيد الله) بن الحسن المجتبى (عليه السّلام)، ‏وهو (غلام لم يراهق، خرج من عند النساء وهو يشتدّ حتّى وقف إلى ‏جنب الحسين)، وكان الحسين (عليه السّلام) صريعاً على الأرض؛ فإنّه من الطبيعي في ‏مثل ذلك السن أن يكون مع أمّه.

وقد ذكر بعضهم - كما في (إبصار العين) للسماوي - أنّ أُمّه كانت تنظر إليه، ولا أعلم هل هذه رواية، أو هو استنتاج من واقع كونه صغير السنّ، وأنّه لا يمكن أن يكون من دون أُمّه. وهكذا الحال بالنسبة إلى:‏

‏١٣ - فاطمة بنت الحسن المجتبى (عليهما السّلام) زوجة الإمام زين ‏العابدين وأُمّ الباقر (عليهما السّلام)، فإنّ الباقر وهو في سن الثالثة، أو الرابعة على ما قيل، لا يمكن أن يكون منفرداً عن أُمّه.‏

١٤ - زوجات الشهداء الذين كانوا في المعركة: إنّنا نحتمل أنّ عدداً من

١٣٢

الذين خرجوا مع الحسين (عليه السّلام) قد اصطحبوا زوجاتهم معم، فليس طبيعياً في المجتمع العربي والمسلم أن يخرج الرجل في سفر بعيد(١) ، كالذي حصل مع الحسين من المدينة إلى مكة ومنها إلى كربلاء، ولم يكن ذلك السفر معلوماً في توقيت العودة، أو أصلها.

أقول: ليس طبيعياً أن يترك الرجل زوجته أو زوجاته ويخرج في سفر عنهنّ منفرداً، خصوصاً مثل ذلك السفر الحسيني. وهذا الاستقراب لا يرقى إلى كونه دليلاً مثبتاً لوجود هذه النساء، ولكنّه بحسب الاحتمالات يكون محتملاً جدّاً.

* ومثلما ذكر المؤرّخون عن مسلم بن عوسجة أنّه لمّا قُتل خرجت من خبائه جارية منادية: وا مسلماه! فإن كان المقصود بالجارية: البنت الصغيرة من بناته فهو يشير إلى وجود نساء معها كأُمّها مثلاً، وإن كان المقصود بالجارية الأمة المملوكة، فكذلك إذ يبعد أن يصطحب مثل مسلم جارية ولا يصطحب زوجته. ولعلّها على التقدير الثاني كانت لخدمتهما.

* وهكذا مثل العباس ابن أمير المؤمنين (عليهما السّلام) يبعد أن يكون من دون زوجته لبابة بنت عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب؛ فإنّه وإن لم يذكر في روايات الواقعة شيء عن زوجته إلاّ أنّ ذلك لا يُنافي وجودها، فإنّ الدواعي لعدم ذكر النساء مع عدم وجود موقف متميّز، أو حادثة ملفتة للنظر أكثر من دواعي الذكر.

* ونفس الكلام يأتي بالنسبة إلى علي الأكبر بن الحسين (عليهما السّلام).

____________________

١ - نشير في هذا المجال إلى أنّ زهير بن القين كان خارج الكوفة، وكان معه زوجته دلهم (ديلم) بنت عمرو، وكان لها دور في تشجيعه على الالتحاق بالحسين (عليه السّلام)، وعندما علم بأنّه ذاهب للشهادة وكّل بها مَنْ يردّها إلى أهلها.

١٣٣

ثمّ إنّ السيد الزنجاني قد ذكر في كتابه(١) (وسيلة الدارين في أنصار الحسين (عليه السّلام»، عدداً كبيراً في البداية هو عدد الذين خرجوا معه، ناقلاً ذلك عن (معالي السبطين)، فقال: إنّه لمّا أراد الحسين الخروج من المدينة اجتمع عنده أولاده وزوجاته، وإخوانه وأخواته، وبنو عمومته وأولاد أخيه الحسن، وبناته، ومواليه والجواري والخدم، وهم من حيث المجموع (٢٢٢) نفراً، وهم الذين خرجوا مع الحسين من المدينة إلى مكة ثمّ إلى العراق.

ثمّ أمر بإحضار ٢٥٠ من الخيل للركوب، وفي خبر آخر ٢٥٠ ناقة، وأمر بـ ٧٠ ناقة للخيم، و٤٠ ناقة لحمل القدور والأواني، و٣٠ ناقة لحمل الراوية والقرب لأجل الماء، و ١٢ ناقة لحمل الدراهم والدنانير، والحلي والحلل، والجواهر والزعفران، والعطريات والورس والأثواب اليمانية... (أي أن مجموع النياق = ٤٠٢ ناقة)(٢) .

ثمّ ذكر في آخر الكتاب مازجاً كما يظهر بين ما ذكره المازندراني في (معالي السبطين)، وما توصّل إليه أو يوافقه عليه ما حاصله: أنّ مجموع النساء كنّ ٤٢ امرأة، ومعهنّ من البنات ١٠، ومن الجواري ٩، فيكون المجموع على هذا ٦١ امرأة وبنتاً وجارية.

وفي التفاصيل: ذكر أنّ (٨) من زوجات أمير المؤمنين (عليه السّلام) قد حضرنَ كربلاء، ومن نساء الإمام الحسن (عليه السّلام) (٥)، ومن بناته (٤).

وأنّه قد حضر (١٢) من أخوات الإمام الحسين (عليه السّلام).

ولا نعلم في الواقع عن المصدر التاريخي، أو الروائي الذي استقى منه

____________________

١ - وسيلة الدارين / ٥٢.

٢ - ربما يكون لنا وقفة لمناقشة الراوية التي تنقل كيفية خروج الحسين (عليه السّلام) من المدينة، في هذا القسم أو تاليه.

١٣٤

المازندراني (رحمه الله)(١) معلوماته، لكن يُشكل قبول هذه الإحصاءات بنحو مطلق، وينبغي التأمّل فيها.

* فإنّه قد ذكر أنّ أمامة بنت أبي العاص العبشمية زوجة أمير المؤمنين (عليه السّلام) كانت من جملة مَنْ حضر، ولا يمكن قبول ذلك؛ فإنّها بعدما تزوّجها أمير المؤمنين (عليه السّلام) واستشهد عنها، أوصاها أن تجعل أمرها إلى المغيرة بن نوفل بن الحارث المطلبي(٢) ؛ لأنّ معاوية قد يخطبها، ففعلت وتزوّجها، وتوفيت قبل سنة (٥٠) للهجرة، أي قبل الواقعة بأحد عشر سنة.

ويدلّ عليه إضافة إلى نصّ الكثير عليه، وذكرها أنّها (ماتت عند المغيرة بن نوفل في دولة معاوية بن أبي سفيان)(٣) ، ما رواه في الوسائل من حضور الحسن والحسين (عليهما السّلام) وصيّتها، وقد اعتقل لسانها(٤) وماتت على ذلك(٥) .

* ومع أنّ نساء أمير المؤمنين (عليه السّلام) كنّ كثيرات (ما بين حرائر وأُمّهات أولاد)، إلاّ أنّ التأريخ لا يذكر بصراحة عدد الباقيات منهنّ بعده إلاّ نادراً، فلا أعلم من أين استقى الشيخ المازندراني (رحمه الله)

____________________

١ - معالي السبطين ٢ / ٢٢٦.

٢ - المغيرة بن نوفل بن الحارث من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام)، والحسن، له مع معاوية مناظرات في الدفاع عن أهل البيت (عليهم السّلام)، وكان سريع البديهة، حديد اللسان، كان مع الإمام الحسين (عليه السّلام) في خروجه، وأصابه مرض في الطريق فعزم عليه الحسين أن يرجع، فرجع. ولمّا بلغه قتل الحسين (عليه السّلام) رثاه. عن تهذيب المقال - للسيد محمّد علي الأبطحي ٢.

٣ - سير أعلام النبلاء للذهبي ١ / ٣٢١.

٤ - وسائل الشيعة ١٩ / ٣٧٣، وتراجع ترجمتها في كتاب (نساء حول أهل البيت) للمؤلّف.

٥ - مستدرك الوسائل ١٥ / ٤٧٤.

١٣٥

هذه المعلومات عن كونهنّ كلّهنّ على قيد الحياة(١) ، وتأكيد سفرهنّ مع الحسين (عليه السّلام).

وقد ذكر أنّ من زوجات علي (عليه السّلام) اللاتي كنّ في كربلاء، ليلى بنت مسعود الدارمية النهشلية، ولا يمكن قبول ذلك؛ فإنّها قد تزوّجت بعد أمير المؤمنين (عليه السّلام) بعبد الله بن جعفر الطيار، وبهذا صرّح أكثر أهل الرواية والأثر(٢) ، وجمع بينها وبين زينب بنت أمير المؤمنين (عليه السّلام)، وليس من الطبيعي أن تترك زوجها عبد الله بن جعفر لتذهب في سفر مع الحسين (عليه السّلام) خصوصاً أن زوجته الأُخرى زينب بنت أمير المؤمنين (عليه السّلام) قد ذهبت في ذلك السفر.

* كما إنّهما ذكرا(٣) في ضمن مَنْ خرج من المدينة إلى مكة، (شاه زنان) شهربانو أُمّ زين العابدين (عليه السّلام)، بتلك الكيفية التي ذكراها، بينما المشهور عند المؤرّخين أنّها توفيت في نفاسها بزين العابدين(٤) ، أي قبل تلك الواقعة بما يزيد على اثنين وعشرين سنة.

وأظنّ - والله العالم - أنّ العدد الذي ذُكر إضافة إلى اختلافه ما بين المذكور في الخروج من المدينة والموجود في كربلاء، حيث ذكر في الأوّل

____________________

١ - نعم، يمكن استصحاب بقائهنّ إلى ذلك الوقت، لكن لا يمكن به إثبات سفرهنّ؛ باعتبار أنّه من اللوازم العادية لوجودهنّ في تلك الأجواء.

٢ - ذكر ذلك الشوكاني في نيل الأوطار ج ٦، والبيهقي في السنن الكبرى ج ٧، وابن حجر في تهذيب التهذيب ج ٨.

٣ - وسيلة الدارين / ٥٣.

٤ - الخرائج والجرائح - قطب الدين الراوندي ٢ / ٧٥١، وقبل ذلك ذكر الصدوق في عيون أخبار الرضا ١ / ١٣٥، في رواية أنّها ماتت نفساء بابنها زين العابدين.

١٣٦

أنّه كان (٢٢٢) وهو غير العدد الذي التحق بالحسين في مكة وفي الطريق إلى كربلاء من الرجال (وبعضهم مع نسائهم وأطفالهم)، وطرحنا منه عدد الشهداء الرجال وهو أكثر من المئة بقليل، فيبقى عدد النساء والأطفال شيئاً بحدود المئة وعشرين، وهو يخالف النتيجة التي وصلوا إليها. وهي أنّهنّ كنّ بحدود (٦١) فهو قريب نصف العدد المذكور قبلئذ، إلاّ أن يُقال أنّ الأطفال الصغار كان عددهم يُقارب هذا أيضاً.

أقول: إضافة إلى اختلاف العدد المذكور بين الحالين بمقدار كبير، فإنّه يعتبر بنفسه عدداً كبيراً جدّاً، لا يساعد عليه النقل التاريخي؛ فإنّ افتراض أنّ كلّ مَنْ كانت زوجة لأمير المؤمنين (عليه السّلام)، أو زوجة للإمام الحسن، أو الحسين (عليهما السّلام)، أو أُمّاً لواحد من الشهداء، افتراض أن يكون كلّ اُولئك قد حضرنَ - بالضرورة - في كربلاء، مع عدم نقله صراحة ولا تلميحاً ولا إشارة ممّا لا ينبغي الركون إليه.

وهذا المعنى لا ينافي ما ذكرناه في أوّل الحديث من (أنّنا نحتمل أنّ عدداً من الذين خرجوا مع الحسين (عليه السّلام) قد اصطحبوا زوجاتهم معم، فليس طبيعيّاً في المجتمع العربي والمسلم أن يخرج الرجل في سفر بعيد(١) ، كالذي حصل مع الحسين من المدينة إلى مكة ومنها إلى كربلاء، ولم يكن ذلك السفر معلوماً في توقيت العودة أو أصلها.

أقول: ليس طبيعيّاً أن يترك الرجل زوجته أو زوجاته ويخرج في سفر عنهنّ منفرداً، خصوصاً مثل ذلك السفر الحسيني؛ فإنّنا في هذا المقطع نثبت مجيء عدد من

____________________

١ - نشير في هذا المجال إلى أنّ زهير بن القين كان خارج الكوفة، وكان معه زوجته دلهم (ديلم) بنت عمرو، وكان لها دور في تشجيعه على الالتحاق بالحسين (عليه السّلام)، وعندما علم بأنّه ذاهب للشهادة وكّل بها مَنْ يردّها إلى أهلها.

١٣٧

نساء الشهداء وذلك في الجملة، بينما ننفي كلّية ذلك، أي أنّ كلّ مَنْ كان من الشهداء فإنّ أُمّه مثلاً قد كانت معه، أو أنّ كلّ مَنْ كان زوجات الإمام علي (عليه السّلام) فإنّها قد حضرت في كربلاء!

وبناء على ما تقدّم فإنّنا نستبعد العدد الذي يذكره في وسيلة الدارين، والذي ينهي إلى أنّ عدد النساء كنّ بحوالي (٦١) امرأة حتّى لو أضفنا إليهنّ عدد الجواري.

ونستقرب أن يكون العدد الذي ذكره الشيخ البهائي في الكامل - بالرغم أنّنا لا نعرف مستنده في هذا العدد، وأنّه هل هو رواية عن المعصومين مثلاً، أو نقل من بعض المؤرّخين المتقدّمين - هو الأقرب للقبول، وأنّهنّ كنّ في حوالي العشرين أو أكثر بقليل، وهو الموافق فيما نعتقد للسير الطبيعي للحوادث، ولكنّ هذا العدد لا يشمل الأطفال.

ونعتقد أنّ الذين التحقوا بالحسين (عليه السّلام) فيما بعد لم يكونوا قد اصطحبوا نساءهم في الغالب، فالذين جاؤوا من البصرة (العبديين) جاؤوا منفردين، والذين التحقوا بالحسين (عليه السّلام) من الكوفة في خلسة من الحراسات المسلّحة، مثل حبيب بن مظاهر، أو على أثر مواجهة معها مثل الدالاني، أو من خلال خروجهم مع الجيش الأموي أيضاً (كالذين تقدّم ذكرهم في ذيل سؤال عن الذين تحوّلوا) كذلك، والذين حصل لهم التحوّل بعدما كانوا ضمن الجيش الأموي كذلك(١) ، كما إنّ الذين التحقوا به في الطريق لم يُذكر أنّهم كانوا مع نسائهم غير (جنادة بن الحارث السلمي)، و (عبد الله بن عمير)، وأمّا (زهير بن القين) فقد

____________________

١ - يراجع سؤال: عدد الذين التحقوا بمعسكر الحسين (عليه السّلام) من الجيش الأموي، في هذا الكتاب.

١٣٨

أرسل زوجته إلى الكوفة ولم تحضر الواقعة.

ويمكن أن يُقال: أنّ هذا العدد كان عدد النساء من أهل البيت (عليهم السّلام) ومَنْ يرتبط بهم من نسائهم، وقد يكون هناك عدد آخر يُضاف إليه، هو عدد النساء من غير أهل البيت (عليهم السّلام)، وقد كنّ معهنّ في كربلاء، ويفترض أنّهنّ في الكوفة قد عُدنَ إلى أهاليهنّ.

١٣٩

١٤٠