تلخيص التمهيد الجزء ١

تلخيص التمهيد0%

تلخيص التمهيد مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 459

تلخيص التمهيد

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد هادي معرفة
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: الصفحات: 459
المشاهدات: 75223
تحميل: 9435


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 459 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 75223 / تحميل: 9435
الحجم الحجم الحجم
تلخيص التمهيد

تلخيص التمهيد الجزء 1

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ولو أنّ كلّ فريق من هؤلاء أُمر أن يزول عن لُغته وما جرى عليه اعتياده - طفلاً، وناشئاً، وكهلاً - لاشتدّ ذلك عليه وعظُمت المحنة فيه، ولم يمكنه إلاّ بعد رياضة للنفس طويلة، وتذليلٍ للّسان، وقطعٍ للعادة. فأراد الله برحمته ولُطفه أن يجعل لهم متّسعاً في اللغات ومتصرّفاً في الحرَكات، كتيسيره عليهم في الدِين (1) .

قال ابن يزداد الأهوازي: وجاء عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وابن عبّاس، أنّهما قالا: نزل القرآن بلُغة كلّ حيٍّ من أحياء العرب.

وفي رواية عن ابن عباس: أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) كان يُقرئ الناس بلُغة واحدة، فاشتدّ ذلك عليهم، فنزل جبرائيل، فقال: (يا محمّد، أقرئ كلّ قوم بلُغَتهم).

قال أبو شامة: هذا هو الحقّ؛ لأنّه أُبيح أن يقرأ بغير لسان قريش توسعةً على العرب، فلا ينبغي أن يوسّع على قوم دون قوم، فلا يكلّف أحد إلاّ قدر استطاعته، فمَن كانت لُغَتُه الإمالة، أو تخفيف الهمز، أو الإدغام، أو ضمّ ميم الجمْع، أو صِلة هاء الكناية، أو نحو ذلك، فكيف يكلّف غيره؟ وكذا كلّ مَن كان من لُغته أن ينطق بالشين الّتي كالجيم في نحو: أشدق، والصاد التي كالزاي في نحو: مصدر، والكاف التي كالجيم، والجيم التي كالكاف، ونحو ذلك، فهم في ذلك بمنزلة الألثغ (2) والأرتّ (3) لا يُكلَّف ما ليس في وسْعه، وعليه أن يتعلّم ويجتهد (4) .

هذا ما نختاره في تفسير الأحرف السبعة، باختلاف لُغات العرب أي لهجاتهم في التعبير والأداء، وقد مرّ تفسير السيوطي (اللّغة) بكيفية النُطق بالتلاوة، من: إظهار، وإدغام، وتفخيم، وترقيق، وإمالة وإشباع، ومدّ، وقصر، وتشديد، وتليين، وتحقيق، ونحو ذلك (5) .

والحرف - في اللغة -: الطرَف، والناحية، والشفير، قال ابن

____________________

(1) تأويل مشكل القرآن: ص39 - 40.

(2) الألثغ: مَن كان بلسانه لثغة، أي قلبَ السين ثاء أو الراء غيناً.

(3) الأرتّ: مَن كان في لسانه رتّة، أي: عُجمة وعدم إفصاح.

(4) المرشد الوجيز: ص96 - 97.

(5) الإتقان: ج1، ص46.

٢٨١

سيدة: فلان على حرفٍ من أمره، أي ناحية منه، إذا رأى شيئاً لا يعجبه عَدَل عنه، وفي التنزيل العزيز: ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ ) (1) ، أي إذا لم يرَ ما يحبّ انقلب على وجهه.

وروى الأزهري عن أبي الهيثم، قال: أمّا تسميَتهم الحرف حرفاً، فحرف كلّ شيء ناحيته: كحرف الجبل، والنهر، والسيف وغيره.

فالكلمة إذا كانت تُعبّر بوجوه فكلّ وجه لها حرف؛ لأنّ وجه الشيء طرَفه وجانبه الّذي يبدو منه، وبما أنّ القراءة - وهي كيفية في تعبير الكلمة - وجه من وجوه تعبير اللفظ فهي حرف، والجمع أحرُف.

وروى الأزهري أيضاً عن أبي العبّاس أنّه سُئل عن قوله (صلّى الله عليه وآله): (نزل القرآن على سبعة أحرف)، فقال: ما هي إلاّ لُغات. قال الأزهر: فأبو العبّاس النحوي - وهو واحد عصره - قد ارتضى ما ذهب إليه أبو عبيد واستصوَبه (2) .

واللغات: هي لغات العرب، أي لهجاتهم في كيفية التعبير والأداء.

قال البغوي: أظهر الأقاويل وأصحّها وأشبهها بظاهر الحديث: أنّ المراد من هذه الحروف اللُغات، وهو أن يقرأ كلُّ قوم من العرب بلُغَتهم وما جرت عليه عادتهم، من: الإدغام، والإظهار، والإمالة، والتفخيم، والإشمام، والإتمام، والهمز، والتليين، وغير ذلك من وجوه اللغات، إلى سبعة أوجه منها في الكلمة الواحدة (3) .

* * *

أمّا الأحاديث من الطّائفة الثانية: فتعني جواز تبديل الكلمة إلى مرادفتها على شريطة التحفّظ على صُلب المراد، ولا تتبدّل آية رحمة بعذاب أو آية عذاب برحمة.

وقد عُرف ابن مسعود - وكذا أُبيّ بن كعب - بذهابه إلى جواز هذا التبديل.

____________________

(1) الحجّ: 11.

(2) لسان العرب: مادة (حرف).

(3) شرح السنّة: ص140. وراجع المرشد الوجيز: ص134.

٢٨٢

قال: لقد سمعت القرّاء ووجدتهم متقاربين، فاقرأوا كما عُلّمتم، فهو كقولكم: هلمّ وتعال (1) .

وكان ابن مسعود يعلِّم رجلاً أعجميّاً القرآن، فقال: ( إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ ) (2) فكان الرجل يقول: (طعام اليتيم) ولم يستطع أن يقول: (الأثيم)، فقال له ابن مسعود: قُل: طعام الفاجر، ثمّ قال: إنّه ليس من الخطأ في القرآن أن يُقرأ مكان (العليم) (الحكيم)، بل أن يضع آية الرحمة مكان آية العذاب (3) .

وكان يستبدل من إلياس إدريس، ويقرأ: (سلام على إدراسين) (4) .

وقرأ: (أو يكون لك بيت من ذهب) بدل ( مِّن زُخْرُفٍ ) (5) .

وقرأ: (كالصوف المنقوش) بدل ( كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ ) (6) .

وقرأ: (إني نذرت للرحمان صمتاً) بدل ( صَوْماً ) (7).

وهكذا قرأ أُبيّ بن كعب: (كلّما أضاء لهم مرّوا فيه) و(سعوا فيه) بدل ( مَّشَوْاْ فِيهِ ) (8) ، وكان يقول: إن قلت: غفوراً رحيماً أو قلت: سميعاً عليماً أو عليماً سميعاً، فالله كذلك، ما لم تختم آية عذاب برحمة أو رحمة بعذاب (9) .

وتبِعَهما في ذلك أنس وأبو هريرة أيضاً، قرأ أنس: (إنَّ ناشئة الليل هي أشدّ وطأً وأصوب قيلاً)، فقيل له: يا أبا حمزة، إنّما هي ( وَأَقْوَمُ قِيلاً ) ، فقال: (أقوم) و(أصوب) و(أهدى) واحد (10) ، وكان أبو هريرة يجوِّز تبديل (عليماً حكيماً)

____________________

(1) مُعجَم الأُدَباء: ج4، ص193، رقم 33، وقد تقدّم في ص173.

(2) الدخان: 43 و44.

(3) تفسير الرازي: ج2، ص213.

(4) تفسير الطبري: ج23، ص96، والمقصود آية 130 من سورة الصافّات.

(5) المصدر السابق، والمقصود آية 93 من سورة الإسراء.

(6) تأويل مشكل القرآن، ص19، والمقصود آية 5 من سورة القارعة.

(7) تذكرة الحفّاظ: ج1، ص340، والمقصود آية 26 من سورة مريم.

(8) الإتقان: ج1، ص47، والمقصود آية 20 من سورة البقرة.

(9) البلاغي في مقدّمة تفسير شبّر: ص 20 نقلاً من كنز العمّال.

(10) تفسير الطبري: ج1، ص18، والآية 6 من سورة المزّمّل.

٢٨٣

إلى (غفوراً رحيماً) (1) .

هذا، ولكنّه مذهب فاسد في رأي المحقّقين، ومن ثمّ رفَضه جمهور المسلمين طول التاريخ؛ إذ لكلّ كلمة موقعية خاصّة لا تناسبها كلمة أخرى، حتى ولو كانت مرادفة لها، فضلاً عن غير المرادفة، إذ موضع استعمال (العليم الحكيم) مثلاً يختلف عن موضع استعمال (الغفور الرحيم).

وهكذا جميع الكلمات المترادفة في لغة العرب، لكلِّ واحدة منها موقعية خاصّة، إذا لاحظها المتكلّم كان كلامه بديعاً، وبذلك يُعرف الفصيح عن غير الفصيح، وقد بلَغ القرآن في هذه الناحية حدّ الإعجاز، فإنّه فاقَ الفُصحاء العرب في تعيين مواقع الكلمات المتناسبة، بما أعجزهم وأخضعهم للاعتراف ببلاغته الخارقة.

إذاً فيكف نجيز لآحاد المسلمين أن يستبدلوا من كلمات القرآن بما يترادف معها من سائر الكلمات، وهل يعرف أحد - كحدّ معرفته تعالى - بموقعية الكلمات بعضها من بعض البالغة حدَّ الإعجاز؟!.

قال سيّدنا الأستاذ (دام ظلّه): فهذا الاحتمال - أي احتمال جواز تبديل كلمات القرآن إلى مرادفاتها - يوجب هدْم أساس القرآن، المعجزة الأبدية والحُجَّة على جميع البشَر، ولا يشكّ عاقل في أنّ ذلك يقتضي هجْر القرآن المُنزَل وعدم الاعتناء بشأنه، وهل يتوهّم عاقل ترخيص النبي (صلّى الله عليه وآله) أن يقرأ القارئ (يس والذِكر العظيم، إنّك لمِن الأنبياء، على طريق سويّ، إنزال الحميد الكريم؛ لتخوِّف قوماً ما خوِّف أسلافهم فهم ساهون)...! فلتقرّ عيون المجوِّزين لذلك! سبحانك هذا بهتان عظيم.

وروي أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) علَّم براء بن عازب دعاءً كان فيه: (ونبيّك الذي أرسلتَ)،

____________________

(1) الإتقان: ج1، ص47.

٢٨٤

فقرأ براء: (ورسولك الّذي أرسلت) فأمره (صلّى الله عليه وآله) أن لا يضع الرسول موضع النبيّ، قال سيّدنا الأستاذ: فإذا كان هذا شأن الدعاء فما بالُك بالقرآن، وهو كلام الله المنزَل الخالد... (1) .

ولعلّ إنكار الإمام الصادق (عليه السلام) لحديث السبعة، ناظر إلى تفسيره بهذا المعنى المخرِج للقرآن عن نصِّه الأصل المعجِز، فقد سأل الفضيل بن يسار الإمام (عليه السلام)، عن هذا الحديث، فقال: (كذَبوا أعداء الله، ولكنَّه نزل على حرفٍ واحد من عند الواحد) (2) .

* * *

أمّا الطائفة الثالثة والرابعة: فلا بأس بهما ذاتيّاً لو صحّت أسانيدهما، غير أنّ الأصحّ حسب الظاهر هي الطائفة الأُولى، الَّتي عنَت من الأحرف اختلاف لهجات العرب في التعبير والأداء.

والمقصود من السبعة هي: الكثرة النسبية كما في قوله تعالى: ( وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ) (3) ، وكالسبعين في قوله تعالى: ( إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ ) (4) .

ملحوظة: اختلاف اللهجة في تعبير الكلمة إذا لم يصل إلى حدّ اللَحْن في المقياس العامّ فجائز، اللهمّ إلاّ للعاجز عن النُطق بالصحيح، أمّا المتمكّن - ولو بالتعلّم - فلا تجوز له القراءة الملحونة.

قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (تعلَّموا القرآن بعربيَّته، وإيّاكم والنبْز فيه) (5) .

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (تعلَّموا العربيّة؛ فإنّها كلام الله الّذي كلّم به خلْقه،

____________________

(1) البيان: ص197 - 198.

(2) الكافي: ج2، ص630.

(3) لقمان: 27.

(4) التوبة: 80.

(5) وسائل الشيعة: ج4، ص865، وسيجيء في صفحة 392 أنّ الصحيح هو النبْر بالراء المهملة.

٢٨٥

ونطقَ به في الماضين) (1) .

وقال الإمام الجواد (عليه السلام): (ما استوى رجُلان في حسَب ودِين قطّ إلاّ كان أفضلهما عند الله عزّ وجلّ أأدبهما، قيل له: قد علِمنا فضْله عند الناس في النادي والمجلس فما فضله عند الله؟ قال: بقراءة القرآن كما أُنزل، ودعائه من حيث لا يُلحِن، فإنّ الدعاء الملحون لا يَصعد إلى الله) (2) .

وأمّا العاجز فيكفيه ما يُحسنه، ولا يكلِّف الله نفساً إلاّ وسْعها، وفي حديث الإمام الصادق (عليه السلام) - يرويه عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) -: (إنّ الرجُل الأعجميّ من أُمّتي لَيقرأ القرآن بعجميَّته، فترفعه الملائكة على عربيَّته) (3) .

* * *

____________________

(1) وسائل الشيعة: ج4، ص865.

(2) المصدر السابق: ص866.

(3) المصدر السابق: ص866.

٢٨٦

القراءات

- أنواع اختلاف القراءات.

- تدوين القراءات المشهورة.

- حصْر القراءات في السبع.

- استنكارات لموقف ابن مجاهد.

- القرّاء السبعة ورُواتهم.

- ملحوظات قصيرة.

- حفْص وقراءتنا الحاضرة.

- صِلة الشيعة بالقرآن الوثيقة.

٢٨٧

القراءات

أنواع اختلاف القراءات:

أنواع اختلاف القراءات ربَّما تفوق الحصْر: كالاختلاف في الحرَكات الإعرابية والبنائية، والتقديم والتأخير، والزيادة والنقصان، والمدِّ والقصْر، والتخفيف والتشديد، والترقيق والتفخيم، والإخفاء والإظهار، والفكِّ والإدغام، والإمالة والرَوم، والإشمام على اختلاف أنواعه، وغير ذلك ممّا فصّلتها كتب القراءات، وحصل الاختلاف فيها بين أئمَّة القرّاء، السلَف والخلَف.

وبعض المؤلّفين حاول حصرها في سبعة أنواع، لا عقيدةً بأنَّها الأحرف السبعة التي جاءت في الحديث، ولعلَّه تيمَّن بهذا العدد الذي جاء في كلام الرسول (صلّى الله عليه وآله)، لكنّه تكلّفٌ ظاهر، ونحن نذكر نموذجاً من تِلكُم المحاولات، حيث الاطِّلاع عليها لا يخلو عن فائدة.

قال ابن قتيبة: وقد تدبَّرت وجوه الخلاف في القراءات فوجدتها سبعة أوجه:

الأوَّل: الاختلاف في إعراب الكلمة، أو في حركة بنائها بما لا يُزيلها عن صورتها في الكتاب ولا يغيِّر معناها، نحو قوله تعالى: ( هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ

٢٨٨

لَكُمْ ) (1) برفع (أطهر) ونصبه (2) .

وقوله تعالى: ( وَهَلْ نُجَازِي إِلاّ الْكَفُورَ ) (3) و(هل يجازي) بياء الغائب مبنيّاً للمفعول (4) .

وقوله تعالى: ( وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ) (5) بضمّ الباء وسكون الخاء، و(البخل) بفتح الباء والخاء (6) .

وقوله تعالى: ( فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ) (7) بفتح السين، و(ميسرة) بضمّ السين (8) .

الثاني: أن يكون الاختلاف في إعراب الكلمة وحركات بنائها بما يغيِّر معناها، ولا يزيلها عن صورتها في الكتاب، نحو قوله تعالى: ( رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا ) (9) فِعل طلَب، وقرأ يعقوب: (ربُّنا باعد) فِعل ماض (10) .

وقوله تعالى: ( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ ) (11) بتشديد القاف، و(تلقونه) بالتخفيف (12) .

____________________

(1) هود: 78.

(2) الثانية قراءة الحسن، ويراها سيبويه لحناً. (راجع كتاب سيبويه: ج1، ص397، والقراءات الشاذة لابن خالويه، ص 60، والبحر المحيط، ج5، ص247، والقرطبي: ج9، ص76)، وقد مرّ في ص 263 أنّها قراءة مروان.

(3) سبأ: 17، بنون المتكلّم مع الغير مبنياً للفاعل، هي قراءة عاصم وحمزة والكسائي (الإتحاف: ص359).

(4) هي قراءة نافع، وابن كثير، وأبي عمرو، وابن عامر. (الإتحاف: ص359).

(5) النساء: 37.

(6) هي قراءة حمزة والكسائي، والأُولى قراءة الباقين. (الإتحاف: ص190).

(7) البقرة: 280.

(8) الثانية قراءة نافع، والأُولى قراءة الباقين. (الإتحاف: ص166، وانظر القراءات الشاذّة لابن خالويه: ص17، والكشّاف: ج1، ص168).

(9) سبأ: 19.

(10) الإتحاف: ص331. والقراءات الشاذّة: ص121.

(11) النور: 15.

(12) الثانية قراءة ابن السميقع. (القرطبي: ج12 ص 204، القراءات الشاذّة: ص100).

٢٨٩

وقوله: ( وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ) (1) وقرئ: (أَمَه) بهمزة وميم مفتوحتين ثالثهما هاء (2) .

الثالث: أن يكون الاختلاف في حروف الكلمة دون إعرابها بما يغيِّر معناها ولا يزيل صورتها، نحو قوله: ( وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ) (3) و(ننشرها) (4) .

وقوله: ( حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ ) (5) و(إذا فرغ) (6).

وقوله: ( يَقُصُّ الْحَقَّ ) (7) و(يقضي الحقّ) (8).

الرابع: أن يكون الاختلاف في الكلمة بما يغيّر صورتها في الكتاب ولا يغيّر معناها، نحو قوله: ( إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً ) (9) و(زقِيةً واحدة) (10).

وقوله: ( كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ ) (11) و(كالصوف المنفوش) (12) .

الخامس: أن يكون الاختلاف في الكلمة بما يزيل صورتها ومعناها، نحو قوله: ( وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ ) (13) و(طلعٍ منضود) (14) .

____________________

(1) يوسف: 45.

(2) الثانية منسوبة إلى ابن عبّاس. (القرطبي: ج9، ص201، القراءات الشاذّة: ص64).

(3) البقرة: 259.

(4) الأُولى قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي، والثانية قراءة الباقين (الإتحاف: ص162).

(5) سبأ: 23.

(6) الثانية قراءة الحسَن. (القراءات الشاذّة: ص122، الإتحاف: ص360).

(7) الأنعام: 57.

(8) الأُولى قراءة نافع وابن كثير وعاصم، والثانية قراءة الباقين. (القرطبي: ج6، ص439)، وهذه الفقرة ذكرها الزركشي، ولم تكن في لفظ ابن قتيبة. (راجع البرهان: ج1، ص335).

(9) يس: 29.

(10) الثانية قراءة ابن مسعود. (الكشّاف: ج2، ص251).

(11) القارعة: 5.

(12) الثانية قراءة ابن مسعود. (الكشّاف: ج2، ص558).

(13) الواقعة: 29.

(14) الثانية منسوبة إلى الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام). (القراءات الشاذّة: ص151، وراجع القرطبي: ج17، ص208. ومرّت في ص216).

٢٩٠

السادس: أن يكون الاختلاف بالتقديم والتأخير، نحو قوله: ( وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ) (1) و(جاءت سكرة الحقّ بالموت) (2) .

السابع: أن يكون الاختلاف بالزيادة والنقصان، نحو قوله تعالى: ( وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ ) (3) و(ما عملت أيديهم) (4) .

وقوله تعالى: ( فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) (5) و(فإنَّ الله الغنيّ الحميد) (6) .

وقوله: ( إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ ) (7) بزيادة (أُنثى) (8) .

وقوله: ( إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ) (9) بزيادة (من نفسي فكيف أُظهركم عليها) (10) .

وقوله: ( تَجْرِي تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ) (11) و(تجري من تحتها الأنهار) (12) .

____________________

(1) ق: 19.

(2) الثانية قراءة أبي بكر عندما حضرته الوفاة، في قصّة مع ابنته عائشة. (راجع القرطبي: ج17، ص 12 - 13، والقراءات الشاذّة، ص 144).

(3) يس: 35.

(4) الثانية في مصاحف أهل الكوفة. (راجع الكشّاف: ج2، ص252).

(5) الحديد: 24.

(6) الثانية قراءة نافع، وفْق مصاحف أهل المدينة والشام. (الكشّاف: ج2، ص437).

(7) ص: 23.

(8) هي قراءة الحسن َ، وتنسب إلى ابن مسعود أيضاً. (راجع القراءات الشاذّة لابن خالويه: ص 130، وتفسير الطبري: ج23، ص91، والكشّاف: ج2 ص281).

(9) طه: 15.

(10) قال ابن خالويه في القراءات الشاذّة: هي قراءة أُبي بنَ كعب (إلى هنا ينتهي ما أورده ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن: ص 36 - 38).

(11) التوبة: 100.

(12) الثانية قراءة ابن كثير. (الإتحاف: ص244)، وهذه الزيادة من الزركشي. (راجع البرهان: ج1، ص336).

٢٩١

وأورد ذلك كلّه الإمام بدر الدين الزركشي في برهان (1) ، بلا ذِكر المصدر الأصل، والقرطبي في تفسيره عن القاضي ابن الطيّب مختزلاً (2) ، وابن الجزري في النشر تأييداً لِمَا ذكره قريباً منه، قال: (ثمّ وقفت على كلام ابن قتيبة وقد حاول ما حاولنا بنحوٍ آخر...) (3) .

وأخذ ابن الجزري على ابن قتيبة تمثيله بطلعٍ وطلحٍ؛ لأنّ ذلك لا تعلّق له باختلاف القراءات.

قلت: ولعلّ ابن الجزري نظر في ذلك إلى رواية الطبري: قرأ رجُل عند علي (عليه السلام): ( وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ ) (4) ، فقال (عليه السلام): (ما شان الطلح، إنّما هو طلع، ثمّ قرأ (عليه السلام): ( وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ ) (5) ، أو قرأ: ( وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ) (6) فقيل له: ألا تحوّلها؟ فقال: إنّ القرآن لا يُهاج اليوم ولا يُحوّل) (7) .

فالرواية لا تذكر أنّ الإمام (عليه السلام) قرأ ذلك.

لكن ذكَر ابن خالويه في القراءات الشاذّة: (وطلع) - بالعين - قرأها علي بن أبي طالب على المنبر، فقيل له: أفلا نغيّره في المصحف؟ قال: (ما ينبغي للقرآن أن يُهاج)، أي لا يُغيّر (8) .

قال ابن الجزري أيضاً: ولو مثّل ابن قتيبة عوَض ذلك بقوله تعالى: ( وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ) (9) وقرئ (بظنين) (10) ، وقوله: ( أَشَدَّ مِنكُمْ ) و(أشدّ منهم) (11) ... لاستقام وطلعَ حُسن بدْره في تمام.

____________________

(1) البرهان للزركشي: ج1، ص336.

(2) تفسير القرطبي: ج1، ص45.

(3) النشر في القراءات العشر: ج1، ص27.

(4) الواقعة: 29.

(5) ق: 10.

(6) الشعراء: 148.

(7) تفسير الطبري: ج27، ص104.

(8) القراءات الشاذّة: ص151.

(9) التكوير: 24.

(10) قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بالظاء المشالة، فعيل بمعنى مفعول، من ظننت فلاناً، اتّهمته، ويتعدّى لواحد، والباقون بالضاد بمعنى بخيل. (الإتحاف: ص434).

(11) قرأ ابن عامر بالكاف موضع الهاء التفاتاً إلى الخطاب، والباقون منهم بضمير الغيب لقوله: ( أَوَلَمْ يَسِيرُوا ) . (الإتحاف: ص378)، والآية 21 من سورة غافر.

٢٩٢

على أنّه قد فاته - كما فات غيره - أكثر أصول القراءات: كالإدغام، والإظهار، والإخفاء، والإمالة، والتفخيم، والمدّ، والقصر، وبعض أحكام الهمز، كذلك الرَوم، والإشمام على اختلاف أنواعه، وكلّ ذلك من اختلاف القراءة وتغاير الألفاظ ممّا اختلف فيه أئمّة القرّاء... (1).

* * *

وقال ابن الجزري: إنّي تتبّعت القراءات صحيحها وشاذّها، وضعيفها ومنكرها، فإذا هو يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه من الاختلاف:

1 - إمّا في الحركات بلا تغيّر في المعنى والصورة، نحو (البخل) بأربعة أوجه (2) ، و(يحسب) على وجهين (3) .

2 - أو بتغيّر في المعنى فقط، نحو: ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ ) (4) ، و ( وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ) و(بعد أمه) (5) .

3 - وإمّا في الحروف بتغيّر المعنى لا الصورة، نحو: ( تَبْلُو ) (6) و(تتلو).

____________________

(1) ابن الجزري في النشر: ج1، ص28.

(2) النساء: 37. قرأ حمزة والكسائي بفتحتين، وقرأ الباقون بضمّ الباء وإسكان الخاء، وهما لغتان مشهورتان، وفيه لغةٍ ثالثة وهي فتح الباء وإسكان الخاء. (الكشف عن وجوه القراءات السبع: ج1، ص389)، وفيه لغة رابعة وهي بضمّتين (إملاء ما مَنّ به الرحمان للعكبري: ج1، ص179).

(3) القيامة: 3. قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو والكسائي بكسر السين، والباقون بالفتح. (الإتحاف: ص428).

(4) البقرة: 37. قرأه ابن كثير بنصب (آدم) ورفع (كلمات). والباقون برفع (آدم) ونصب (كلمات). (الكشف: ج1، ص237).

(5) يوسف: 45. المعروف من قراءة ابن عباس: (بعد أمه) بالهاء وتخفيف الميم المفتوحة، أي بعد نسيان، والقراءة المشهورة بالتاء وتشديد الميم، أي بعد حين. (راجع القرطبي: ج9، ص201).

(6) يونس: 30. قرأ حمزة والكسائي وخلَف بتاءين، أي تَطلب وتتبَع ما أسلفْتَه من أعمال، والباقون بالتاء والباء، من البلاء، أي تَختبر ما قدّمت من عمل. (الإتحاف: ص249).

٢٩٣

و ( نُنَجِّيكَ ) (1) و(ننحّيك).

4 - أو عكس ذلك، نحو: (بصطة) و ( بَسْطَةً ) (2) ، و ( الصِّرَاطَ ) (3) و(السراط).

5 - أو تغيّرهما، نحو ( أَشَدَّ مِنكُمْ ) و(أشدّ منهم) (4) ، و ( يَأْتَلِ ) (5) و(يتألّ)، و(فامضوا إلى ذكر الله) (6) .

6 - وإمّا في التقديم والتأخير، نحو: ( فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ) (7) ، و(جاءت سكرة الحقّ بالموت) (8) .

7 - أو في الزيادة والنقصان، نحو: (وأوصى) و ( وَصَّى ) (9) ... و ( الذَّكَرَ وَالأُنثَى ) (10).

____________________

(1) يونس: 92. قرأ اليزيدي وابن السميقع: (ننحّيك) بالحاء من التنحية. (القرطبي: ج8، ص349).

(2) البقرة: 247. قرأ أبو عمرو وحمزة بالسين، والباقون بالصاد. (الكشف: ج1، ص302).

(3) الفاتحة: 6. السين قراءة قنبل عن ابن كثير. الكشف: ج1، ص34.

(4) تقدّم ذلك في ص 302.

(5) النور: 23. قرأ أبو جعفر (يتألّ) بهمزة مفتوحة بين التاء واللام المشدّدة مضارع (تألّى) بمعنى حلَف، والباقون (يأتل) بهمزة ساكنة بين الياء والتاء وكسر اللام مخفّفة، من (ألوت) بمعنى (قصرت)، أو مضارع (ائتلى) افتعل من الإلية وهي الحلف أيضاً. (الإتحاف: ص 323).

(6) الجمعة: 9. هي قراءة عُمَر بن الخطاب، ومن القرّاء ابن شهاب. (القرطبي: ج18، ص102)، والقراءة المشهورة هي: ( فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ) .

(7) التوبة: 111. قرأ النخعي والأعمش وحمزة والكسائي وخلف بتقديم المفعول على الفاعل، وقرأ الباقون بتقديم الفاعل على المفعول. (القرطبي: ج8، ص268).

(8) ق: 19. هكذا قرأها أبو بكر عند موته، البرهان للزركشي: ج1، ص235، والقراءة المشهورة هي: ( وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ) .

(9) البقرة: 132. وهي زيادة في الخطّ، قرأ نافع وابن عامر بهمزة من باب الأفعال، والباقون بتشديد الصاد بلا همزة من باب التفعيل. (الكشف: ج1، ص265).

(10) الليل: 3. بإسقاط قوله تعالى: ( وَمَا خَلَقَ ) ، قراءة منسوبة إلى ابن مسعود: (والنهار إذا تجلّى * والذّكر والأنثى). (القرطبي: ج20، ص81).

٢٩٤

فهذه سبعة أوجه لا يخرج الاختلاف عنها.

وأمّا نحو اختلاف الإظهار والإدغام، والرَوم والإشمام، والتفخيم والترقيق، والمدّ والقصْر، والإمالة والفتح، والتحقيق والتسهيل، والإبدال، والنقل ممّا يُعبَّر عنه بالأصول، فهذا ليس من الاختلاف الذي يتنوّع فيه اللفظ والمعنى؛ لأنّ هذه الصفات المتنوّعة في أدائه لا تُخرجه عن أن يكون لفظاً واحداً، ولئن فُرض فيكون من الأوّل (1) .

قلت: إن كان حديث السبعة أحرُف ناظراً إلى تنوّع لُغات العرب في التعبير والأداء - كما رجّحناه واختاره المحقّقون السلَف - فإنّ ما ذكره أخيراً هي العمدة في اختلاف القراءة، أمّا ما ذكره من الوجوه السبعة، فلا يدخل أكثرها في الرخصة المستفادة من الحديث، ولا أظنّ بمِثله أن يرخّصها كما لم يرخّصها سائر العلماء المحقّقين، فكيف يُنزَّل الحديث عليها؟!.

قال الأستاذ الزرقاني: إنّ هذا العُذر الذي قدّمه ابن قتيبة لإهمال هذا الوجه لا يسوّغ ذلك الإهمال؛ فإنّ المسألة ليست مسألة أسماء وعناوين يترتّب عليها: أنّ اختلاف اللهْجات في اللفظ الواحد تخرجه عن أن يكون واحداً أو لا تخرجه، بل المسألة مسألة رعاية أمْرٍ واقع تختلف به القراءات فعلاً.

وأمرٌ آخر: هو أنّ التيسير على الأمّة لا يتحقّق على الوجه الأكمل إلاّ بحسبان هذا الوجه الذي نوّه به الرازي - سنذكره قريباً - وهو اختلاف اللهجات، بل هذا قد يكون أَولى بالحُسبان وأحرى بالرعاية في باب التخفيف والتيسير؛ لأنّه قد يسهُل على المرْء أن ينطق بكلمة من غير لُغته في جوهرها، ولا يسهل عليه أن ينطق بكلمة من لُغته نفسها بلهجةٍ غير لهجته، وطريقة الأداء غير طريقته؛ ذلك لأنّ الترقيق، والتفخيم، والهمز، والتسهيل، والإظهار، والإدغام، والفتح، والإمالة ونحوها

____________________

(1) النشر: ج1، ص26 - 27. وسنشرح من كلام الرازي ما هو أوفى.

٢٩٥

أمور دقيقة، وكيفيات مكتنفة بشيء من الغموض والعُسر في النُطق على مَن لم يتعوّدها ولم ينشأ عليها.

واختلاف القبائل العربيّة يدور على اللهْجات في كثير من الحالات، وكذلك اختلاف الشعوب الإسلامية، وأقاليم الشعب الواحد منها يدور في كثير من الحالات على اختلاف اللهجات (1) .

* * *

وللإمام أبي الفضل الرازي محاولة أخرى في حصر أوجه القراءات في سبعة، قال: إنّ الكلام لا يَخرُج اختلافه عن سبعة أوجه:

الأوّل: اختلاف الأسماء من الإفراد، والتثنية، والجمع (2) ، والتذكير، والتأنيث (3) ، والمبالغة (4) وغيرها.

الثاني: اختلاف تصريف الأفعال، وما يسند إليه من نحْوٍ: الماضي، والمضارع، والأمر، والإسناد إلى المذكَّر، والمؤنّث، والمتكلّم، والمخاطَب، والفاعل، والمفعول به (5) .

____________________

(1) مناهل العرفان: ج1، ص162.

(2) في قوله تعالى: ( بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي ) الأعراف: 144، قرأ الحرميان بالتوحيد، والباقون بالجمع. (الكشف: ج1، ص 476).

وقوله: ( إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ) التوبة: 103، قرأ حمزة وحفص والكسائي بالتوحيد، وقرأ الباقون بالجمع.

وفي قوله تعالى: ( لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً ) الكهف: 36، قرأ الحرميان وابن عامر على التثنية (منهما)، وقرأ الباقون (منها) مفرداً. (الكشف: ج2، ص60).

(3) في قوله تعالى: ( فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ ) آل عمران: 39، قرأ حمزة والكسائي وخلف (فناداه الملائكة) بالتذكير، وقرأ الباقون (فنادته) بالتأنيث. (النشر: ج2، ص239).

(4) في قوله تعالى: ( بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ ) الأعراف: 112، قرأ حمزة والكسائي (سحّار) بصيغة المبالغة، وقرأ الباقون (ساحر). (الكشف: ج1، ص471).

(5) في قوله تعالى: ( رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا ) سبأ: 19، قرأ يعقوب (باعد) فعلاً ماضياً، وقرأ الباقون فعل أمر. (الإتحاف: ص359).

وقوله: ( وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ) البقرة: 125. قرأ نافع وابن عامر ماضياً، وقرأ الباقون بصيغة الأمر. (الكشف: ج1، ص263).

وفي قوله تعالى: ( وَهَلْ نُجَازِي إِلاّ الْكَفُورَ ) سبأ: 17. قرأ حفص وحمزة والكسائي بالنون وكسر الزاي مبنيّاً للفاعل، وقرأ الباقون وفتح الزاي مبنيّاً للمفعول. (الكشف: ج2، ص206).

٢٩٦

الثالث: وجوه الإعراب (1) .

الرابع: الزيادة والنقص (2) .

الخامس: التقديم والتأخير (3) .

السادس: القَلْب والإبدال في كلمة بأخرى (4) ، وفي حرف بآخر (5).

____________________

(1) في قوله تعالى: ( وَأَرْجُلَكُمْ ) المائدة: 6. قرأ نافع وابن عامر وحفص والكسائي بالنصب والباقون بالخفْض. (الإتحاف: ص198).

وقوله: ( تِجَارَةً حَاضِرَةً ) البقرة: 282. قرأ عاصم بالنصب، والباقون بالرفع. (الكشف: ج1، ص321).

(2) في قوله تعالى: ( تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ ) التوبة: 100. قرأ ابن كثير (تجري من تحتها الأنهار) بزيادة (من)، وقرأ الباقون بغير (من). (الكشف: ج1، ص505).

وقوله: ( فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) الحديد: 24. قرأ نافع وابن عامر بإسقاط (هو)، وقرأ الباقون بإثبات (هو). (الكشف: ج2، ص312).

(3) في قوله تعالى: ( وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ ) آل عمران: 195. قرأه حمزة والكسائي (وقتلوا وقاتلوا)، والباقون بتقديم الفاعل على المفعول. (الكشف: ج1، ص373).

وقوله: ( فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ) التوبة: 111. قرأ حمزة والكسائي وخلف بتقديم المفعول على الفاعل، والباقون بتقديم الفاعل على المفعول. (القرطبي: ج8، ص268).

(4) في قوله تعالى: ( فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ) الجمعة: 9. قرأ ابن الخطّاب وكذلك ابن شهاب (فامضوا إلى ذكر الله). (القرطبي: ج18، ص102).

وقوله: ( كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ ) القارعة: 5. قرأ ابن مسعود (كالصوف المنفوش). (تأويل مشكل القرآن: ص24).

(5) في قوله تعالى: ( كَيْفَ نُنشِزُهَا ) البقرة: 259. قرأ ابن عامر والكوفيّون بالزاي، والباقون بالراء. (الكشف: ج1، ص310).

وقوله: ( الصِّرَاطَ ) الفاتحة: 6. قرأ ابن كثير - برواية قنبل - بالسين، وقرأ حمزة - برواية خلف - بين الصاد والزاي، وقرأ الباقون بالصاد محضاً. (الكشف: ج1، ص34).

٢٩٧

السابع: اختلاف اللغات من فتحٍ وإمالة، وترقيقٍ وتفخيم، وتحقيقٍ وتسهيل، وإدغام وإظهار، ونحو ذلك (1) .

انظر إلى هذا الإمام، جعل من اختلاف اللغات - اللهجات - وجهاً من وجوه السبعة، وقد تركها ابن قتيبة، زاعماً أنّه وافقه في المحاولة (2) .

والصحيح - كما قدّمنا -: أن اختلاف اللهجات هي العمدة في ملحوظ حديث السبعة أحرُف - لو صحّ السند - وعليه فيصبح معنى الحديث أنّه (صلّى الله عليه وآله) رخّص للأمّة عند قراءة القرآن أن يقرأوه على ما تُطاوعُه ألسِنتُهم ولهْجاتهم في التعبير والأداء.

تدوين القراءات المشهورة:

كان المسلمون في العهد الأوّل يقرأون القرآن كما يتلقّونه من صحابة الرسول (صلّى الله عليه وآله)، ومن بعدهم من التابعين، ممّن حلّ في بلدهم من الأئمّة الكِبار:

فممّن كان بالمدينة: سعيد بن المسيّب، وعروة بن الزبير، وسالم بن عبد الله العدوي، ومعاذ بن الحارث، وعبد الرحمان بن هرمز، ومحمد بن مسلم بن شهاب، ومسلم بن جندب، زيد بن أسلم.

وبمكّة: عبيد بن عمير، وعطاء، وطاووس، ومجاهد، وعكرمة، وعبد الله بن أبي ملكة.

وبالكوفة: علقمة، والأسود، ومسروق، وعبيدة، وعمرو بن شرحبيل، والحارث بن قيس، والربيع بن خثيم، وعمرو بن ميمون، وأبو عبد الرحمان السلمي، وزرّ بن حبيش، وعبيد بن نضيلة، وأبو زرعة، وسعيد بن جبير، وإبراهيم

____________________

(1) أمثلة ذلك كثيرة جدّاً.

(2) النشر: ج1، ص27.

٢٩٨

النخعي، والشعبي.

وبالبصرة: عامر بن عبد قيس، وأبو العالية، وأبو رجاء، ونصر بن عاصم، ويحيى بن يعمر، وجابر بن زيد.

وبالشّام: ابن أبي شهاب، وخليد بن سعيد - صاحب أبي الدرداء -.

* * *

هؤلاء وأضرابهم كانوا علماء الأمّة في البلاد ومَراجع المسلمين في شتّى نواحي المعارف الإسلامية آنذاك، ولكن من غير ما اختصاص بفنّ أو بثقافة خاصّة من أنحاء الثقافات المعروفة ذلك العهد.

ثمّ تجرّد قوم لفنِّ القراءة، والأخْذ والتلقّي والإقراء، سِمة اختصاصيّة، واعتنوا بذلك أتمّ عناية واشتهروا في قراءة القرآن وإقرائه، حتّى صاروا في ذلك أئمّة يُقتدى بهم ويُرحَل إليهم ويؤخَذ عنهم.

وهكذا أجمَع المسلمون من أهل البلاد، وكان أهل كلّ بلد يأخذون من القارئ الذي حلّ بينهم، ويتلقَّون قراءتهم بالقبول، ولم يختلف عليهم اثنان؛ ولتصدّيهم للقراءة نُسبت إليهم.

وممّن اشتهر منهم بالمدينة: أبو جعفر يزيد بن القعقاع، ثمّ شيبة بن نصاح، ثمّ نافع بن أبي نعيم.

وبمكّة: عبد الله بن كثير، وحميد بن قيس، ومحمّد بن محيصن.

وبالكوفة: يحيى بن وثّاب، وعاصم بن أبي النجود، وسليمان الأعمش، ثمّ حمزة، ثمّ الكسائي.

وبالبصرة: عبد الله بن أبي إسحاق، وعيسى بن عمر، وأبو عمرو بن العلاء ثمّ عاصم الجحدري، ثمّ يعقوب الحضرمي.

وبالشام: عبد الله بن عامر، وعطيّة بن قيس، وعبد الله بن المهاجر، ثمّ يحيى بن الحارث الذماري، ثمّ شريح بن يزيد الحضرمي.

* * *

٢٩٩

والقرّاء بعد هؤلاء كثروا وتفرّقوا في البلاد وانتشروا، وخلَفتْهم أُممٌ بعد أُمَم، واختلفت صفاتهم وسيرتهم في الأخذ والتلقّي والقراءة والإقراء، فكان منهم المُتقِن للتلاوة، مشهوراً بالرواية والدراية، ومنهم المقتصر على وصْفٍ من هذه الأوصاف، وكثُر بينهم لذلك الاختلاف، وقلّ الضبط، واتّسع الخرْق، وكاد الباطل يلتبس بالحقّ - على حدّ تعبير ابن الجزري - (1) ، فقام جهابذة علماء الأمّة وكبار الأئمّة، فبالغوا جهدهم في التمحيص، وتمييز الصحيح عن السقيم، والمشهور عن الشاذّ، بأصولٍ أصّلوها، وقواعد رصَفوها، وأصبحت القراءة بذلك فنّاً من الفنون، له قواعد مُتقَنة وأصولٍ محكَمة، وفيه الاجتهاد والاختيار، وقد شرحنا طرفاً من ذلك في فصلٍ سابق.

* * *

وأوّل إمام معتبر تصدّى لضبط ما صحَّ من القراءات، وجمْعها في كتابٍ بشكلٍ مبسّط وبتفصيل هو: أبو عبيد القاسم بن سلام الأنصاري (ت224هـ) تلميذ الكسائي، قال ابن الجزري (2) : وجعلهم - فيما أحسب - خمسة وعشرين قارئاً، بما فيهم السبعة الّذين اشتهروا فيما بعد.

وجاء بعده أحمد بن جبير بن محمد أبو جعفر الكوفي نزيل أنطاكية (ت 258هـ)، جمَع كتاباً في القراءات الخمسة، من كلّ مِصرٍ واحداً.

ثمّ القاضي إسماعيل بن إسحاق (ت 282 هـ) صاحب قالون ألّف كتاباً في القراءات، جمَع فيه قراءة عشرين إماماً.

وبعده الإمام أبو جعفر الطبري (ت 310هـ)، جمع كتاباً حافلاً سمّاه (الجامع) في نيّف وعشرون قراءة.

وبعده - بقليل - ألّف أبو بكر محمّد بن أحمد الداجوني (ت 324 هـ) كتاباً في القراءات، وأدخل معهم أبا جعفر، أحد العشرة.

____________________

(1) راجع النشر في القراءات العشر: ج1، ص9.

(2) المصدر السابق: ص34.

٣٠٠