تمهيد
إنّ ثورة سيّد الشهداءعليهالسلام
من الحركات الإصلاحية التي حازت السبق في ميادين الخلود والذكر، وفاقت كلّها للحقّ غناءً وخصباً؛ فعلينا إذا أردنا الإحاطة بها، ومعرفة فلسفتها أن نعرف:
أوّلاً:
البيئة التي قامت فيها الثورة.
ثانياً:
السلطة المسيطرة في ذلك الأوان.
أمّا بيئة الثورة، فبإمكاننا أن نلخّصها تحت كلمة وسيعة المحيط، عميقة الغور [وهي] (الخمود) بجميع معانيه:
1 - الخمود الديني:
حيث لم يبقَ للإسلام إلاّ اسمه، وللقرآن إلاّ رسمه، ومعالم الدين منطمسة، وأعلامه منكّسة، لا حرمة لمظاهر، ولا ذكر عن مآثره.
2 - الخمود العلمي:
حيث لم يقم فيه المسلمون بعمل يذكر في التأريخ، والتأخّر مسيطر عليهم في كلّ أُمورهم ; فلا فتح، ولا ظفر، ولا ثقافة، ولا ثروة إلاّ الخسائر المتعاقبة من كلّ الجهات.
3 - الخمود الفكري:
حيث لم ينشأ فيها مفكّر بصير، أو مخترع يفتخر به، إلاّ قتل الأحرار من المفكّرين، وإخلاء الأرض منهم.
4 - خمود القوّة في الأُمّة:
حيث لم يوجد فيها مَنْ يحفّزهم إلى جمع الشمل ونبذ البغضاء، أو مَنْ يفكّر في تحريرهم من ذلك الهوان، أو مَنْ يقدم إلى تحسين الحالة الاجتماعية السوأى حينذاك؛ فالخوف مطبق على حركاتهم وسكناتهم، لا يتمكّنون الفرار منه، إلى غير هذه ممّا يدخل في مفهوم (الخمود الوسيع).
وأمّا السلطة الحاكمة، فكانت سلطة الحكم الأُموي، وسيطرة الأُمويين الذين ما