لقد شيعني الحسين (عليه السلام)

لقد شيعني الحسين (عليه السلام)0%

لقد شيعني الحسين (عليه السلام) مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 411

لقد شيعني الحسين (عليه السلام)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: إدريس الحسيني
تصنيف: الصفحات: 411
المشاهدات: 49892
تحميل: 4742

توضيحات:

لقد شيعني الحسين (عليه السلام)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 411 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 49892 / تحميل: 4742
الحجم الحجم الحجم
لقد شيعني الحسين (عليه السلام)

لقد شيعني الحسين (عليه السلام)

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أمّا الفئة الثانية، وهي الفئة التي تحمل وعياً متهالكاً وثوريّة الأرانب، تقول: لماذا ترجعون بنا إلى الخلف؟ ومن دون أن نبرّر أهمّيّة التاريخ التي أصبحت ضرورة علميّة وثوريّة، دون أن نحرجهم بسؤال عن أيّ ثورة في التاريخ لم تقم انطلاقاً من التاريخ؟ دون كلّ ذلك، نريد أن نقول لهم: ماذا فعلتم وأنتم تسيرون إلى الأمام دون التفات إلى الوراء؟

أوّلاً: ليس لكم في ماضيكم سوى الفضائح والصّور الملفّقة، فأيّ تاريخ يمكن أن يساعدكم في تحقيق مشروع النّهضة في الحاضر والمستقبل، فأنتم تنطلقون من الفراغ أو من النّصر المشوّه بالأيديولوجية التضليلية من دون تجربة تاريخية.

ثانياً: إنّ الذين انطلقوا من ثورة الحُسين، هُم اليوم أكثر الفئات ثوريّة ونهوضاً في العالم الإسلامي. ومن مذبحة الحُسينعليه‌السلام صنعوا حاضرهم الإسلامي، وخطّطوا المستقبل، وهذا تحدّ تاريخي يعمي ضوؤه الأبصار.

وكان الإمام الحُسينعليه‌السلام ضميراً ناهضاً وجرس إنذار للاُمّة لاتخاذ المواقف الضرورية؛ لوقف الزحف التحريفي؛ ولذلك كانت مرحلة ما بعد الحُسينعليه‌السلام مرحلة انقلابات وثورات مختلفة، بدءاً بثورة التوابين لسليمان بن صرد الخزاعي بالكوفة، وثورة المُختار الثقفي وزيد بن عليّ. أمّا ما عرفه التاريخ من حكم بني اُميّة وبني العبّاس، فذلك لا يتطلّب منّا كبير جهد، وهو في متناول كلّ القرّاء في مراجع التاريخ الشّهيرة، وتلك نتائج لا تهمّنا في التاريخ الإسلامي، بقدر ما تهمّنا الأسباب الأولى التي شكّلت أرضية لكلّ فساد شهدته الاُمّة في تاريخها اللاحق.

٣٢١

٣٢٢

الفصل الخامس

مفاهيم كشف عنها الغطاء

٣٢٣

٣٢٤

مفهوم الصحابي:

كان هدفي من هذه الاستراحة التاريخيّة، الكشف عن السّلوك السّياسي والأخلاقي للجماعة التي سُمّيت بالصّحابة؛ ذلك إنّنا في مقام الحديث عن قيمة أئمّة أهل البيت، تعترضنا إشكالية الصّحابة وموقعهم من الإسلام. ولعلّ الفرق الأصيل بين الشّيعة والسّنّة، هو هذا: إنّ السّنّة يرون اتّباع سنّة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وأخذها من أيّ وعاء خرجت، ويكفيهم في ذلك الصحبة، والصحبة عندهم تتحدّد بمشاهدة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ومعايشته، بينما الشّيعة لا يرون للصحابة سوى قيمة أدبيّة، أمّا السّنّة والتشريع فإنّهم يتلقّونه عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن طريق آل البيتعليهم‌السلام المحدّدين في مذهبهم.

ويتساءل الإنسان من العامّة حول الأسباب التي جعلت الشّيعة يرفضون أخذ السّنّة من الصحابي واقتصارهم على آل البيتعليهم‌السلام ، فيما يتسأل الإنسان من الشّيعة حول الأسباب التي تجعل العامّة يأخذون السّنّة من كلّ مَن رأى الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من دون أن يحدّدوا شرطاً قويّاً لذلك.

أوّلاً: مَن هو الصحابي؟

ثانياً: وهل يجوز أخذ السّنّة عنه؟

مفهوم الصحابي عند السّنّة: كلّ مَن رأى الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله من المسلمين فهو صحابي. وحسب ابن تيمية

٣٢٥

ومن لفّ لفّه كلّهم عدول، وعلى هذا يكون الأخذ من عليّعليه‌السلام وأبي هريرة سيّان، ولهم مرويات غريبة تقول: أصحابي كالنّجوم، بأيّهم اقتديتم اهتديتم. ومن هُنا فإنّ الصحابة رغم ما وقع بينهم من فتن، يبقوا عدولاً يُهتدى بهم؛ ولذلك كان معاوية صحابياً يؤخذ منه رغم قتاله عليّاًعليه‌السلام ، وكذلك عمرو بن العاص، وسمرة بن جندب، وأبي هريرة.

والعقل يخطّئ هذا الإطلاق؛ إذ كيف تؤخذ السّنّة ممّن خالفها في حياته؟ لقد روى السّنّة في صحاحهم، أنّ الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: «مَن مات وليس في عنقه بيعة لإمام زمانه، مات ميتة جاهلية». وعلى هذا الحكم تكون عائشة جاهلية؛ لأنّها خرجت عن إمام زمانها وهو عليّعليه‌السلام ، فكيف يعقل أن تؤخذ منها السّنّة النّبويّة وهي تخالفها. ولمّا ثبت أنّ معاوية قاتل عليّاًعليه‌السلام ، والسّنّة يقولون إنّهم كلّهم عدول على الرّغم من ذلك، فكيف يجور عقلاً الأخذ بسنّة صحابيّين - حسب رأي السّنّة - على طرفي نقيض؟!

والسّؤال: هل يجب أخذ السّنّة من الصحابي؟ في البدء ليس ثمّة دليل على وجوب أخذ سنّة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله من الصحابي. والسّنّة وهم يعتبرون إنّ كلّ مَن رأى الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فهو صحابي، فمن يكون الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أوصى باتّباع الصحابة؟ فهل يُعقل أن يأمر الصحابي باتباع الصحابي إذا جاز أنّهم كلّهم صحابة؟! ثمّ إنّ هؤلاء الصحابة كلّهم اقتتلوا بعد الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكيف يعقل أن يكون كلّهم عدول وكلّهم نجوم؟!

أمّا الصحابي - كما يعرفه الشّيعة وكما يستوعبه العقل - هو ذلك الذي عاش مع الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وآمن به والتزم نهجه وأطاعه في حياته، وجاهد معه بماله وروحه،

٣٢٦

وبقي على سنّته من بعده ولم يغير بعده شيئاً وما بدّل تبديلاً، وسمّاه الرّسول صاحباً أو ما يفيد معناه.

وأن يحترم الصحابي شيء وأن يلزم أخذ السّنّة عنه شيء آخر؛ إذ إنّ الأمر الثاني ليس من الاختصاصات التي وكّل بها الصحابي، وليس ثمّة دليل من العقل أو النّقل يوجب على المسلم أخذ السّنّة من الصحابي، بخلاف ما ثبت عقلاً ونقلاً في حقّ آل البيتعليهم‌السلام ؛ ذلك لأنّ سنّة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لم تُترك عبثاً، بل لا بدّ لها من مؤهّلين ومختصّين في استيعابها وحفظها لتبليغها بعد الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولتثبت بها الحجّة على النّاس. وغير آل البيتعليهم‌السلام لم يكن مؤهّلاً ولا مختصّاً، ولم يدّع وراثة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في العلم والإمامة سوى آل بيته، وإذا كان أبو بكر قد منع فاطمة الزهراءعليها‌السلام من إرثها بمبرر: إنّ الأنبياء لا يورّثون إلاّ علماً، كان عليه - إذ ذاك - الانقياد واتّباع آل البيتعليهم‌السلام في إرث العلم!

وخلاصة القول: إنّ الصحابي مفهوم مطلق عند أهل السّنّة والجماعة، بينما هو مفهوم محدّد ومضبوط عند الشّيعة(1) .

____________________

(1) حاول مرتضى العسكري أن يحقّق في بعض مَن أطلق عليهم اسم صحابي، فوجد (150) منهم لا وجود لهم في حيّز الصحبة، فكان كتابه القيم: مئة وخمسون صحابياً مختلقاً.

٣٢٧

٣٢٨

نماذج وباقات:

عندما أتحدّث عن الشّخصيات التي انكشفت لي في التاريخ الإسلامي، فإنّني لا اُريد التحامل عليها، فهذا قد يفهمه مَن لا تهمّه الحقيقة التاريخيّة، ويقنع نفسه ببضع سطور في التراجم؛ حيث يتحوّل الشّخص التراثي إلى جزء من العقيدة في ذهن العامّي. وقد يهتمّ البعض - منهم الشّيعة - لما يجدهم يعرضون حقيقة شخصيات تاريخية في صورتها الحقيقة، بينما لا يهمّني أن ينعق هذا البعض وأنا أتعرّض لسيرة بعضهم؛ ذلك أنّني عامّي النشأة، وكنت من الذين يسبّحون بكرة وأصيلاً بهذه الشّخصيات.

لقد كانت عندي شخصية عمر بن الخطّاب أحسن شخصية على الاطلاق بعد الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأبو بكر يأتي بعده في المرتبة، وهذا خلافاً لمذهب الجماعة، بل وغلوّاً في التسنّن. ولم أكن أجهل شيئاً في مذهب العامّة، وربما قصرت عن احتواء الكثير الكثير من مذهب الشّيعة، بينما لم يكن مذهب العامّة يصعب استيعابه بحذافيره؛ ولذلك وأنا أعرف نفسية العامّي تجاه هذه الشّخصيات؛ لأنّها نفسيتي التي كنتها فيما مضى، أعرف أنّه سيمتعض من ذلك، غير أنّ التاريخ لا اُمّ له. ثمّ اُريد أن أؤكد، أنّ ما قيل في أسفار العامّة حول أبي بكر وعمر وغيرهما لا يعدو أن يكون تلفيقات، وكثيرة هي الأوصاف التي أوردوها حولهم كانت أضعف وأوهن من بيت العنكبوت.

٣٢٩

فأبو بكر وعمر - كما ذكرهما التاريخ السّنّي بتلك الأوصاف - هُما بلا جدال أفضل ما رأت البشرية، وهؤلاء جدير أن يرضى الله عنهما، ولكنّني أدرك أنّ عمر وأبا بكر - كما هُما في التاريخ الحقيقي - هُما شيء آخر، وأنا أهتمّ بهما كما هُما في الواقع التاريخي.

كيف كانت تلك الشّخصيات إذاً؟ وما مقدار صحّة ما حيك حولها من مناقب وفضائل مرويّة؟

٣٣٠

أبو بكر:

أنا هُنا لا أتحدّث عن أبي بكر ذلك الذي انزرع في وجداني من خلال التطعيم التاريخي المزيّف، أنا هُنا أتحدّث عن أبي بكر الحقيقي غير ذلك الذي لا يزال في أذهان النّاس، وسأركّز على أمرين:

الأوّل: على مدى سلوكه المخالف للشرع.

الثاني: على التحقيق واختبار ما نُسج حوله من روايات مزيّفة، صنعت منه أسطورة التاريخ الإسلامي كغيرة من الصحابة المختلقين.

أوّلاً: خالف أبو بكر النّصّ في أكثر من موقف: لقد عمد أبو بكر على حرمان فاطمة الزهراء إرث أبيها، ظُلماً وعدواناً وخلافاً للشرع(1) . ويذكر ابن كثير في تاريخه(2) : إنّ أبا بكر بعد أن اُوتي بالفجاءة، أوقد له ناراً في مصلّى المدينة، وجُمعت يداه إلى قفاه واُلقي في النّار فحرقه وهو مقموط، مع أنّ الفجاءة مسلم ولا يزال يدّعي ذلك. وأبى أبو بكر أن يقيم الحدّ على خالد في شأن مالك بن نويرة، وقد سبق أنّ عمر بنفسه أمره بذلك، فأبى عليه أبو بكر.

____________________

(1) سنفرد لذلك باباً إنشاء الله.

(2) وكذلك الطبري وابن الأثير وفي الإصابة.

٣٣١

هذا كلّه، بالإضافة إلى قبوله بالخلافة، علماً أنّ البيعة في السّقيفة كانت قائمة على الغصب والإجبار كما ثبت في الأثر.

ويذكر الطبري وابن الأثير وابن قتيبة وابن عبد ربّه: إنّ أبا بكر في نهاية عمره قال: أجل، إنّي لا آسي على شيء من الدُّنيا إلاّ على ثلاث فعلتهن ووددت أنّي تركتهن، وثلاث تركتهن ووددت أنّي فعلتهن، وثلاث وددت أنّي سألت عنهن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فأمّا الثلاث اللاتي وددت أن تركتهن: فوددت أنّي لم أكشف بيت فاطمة عن شيء وإن كانوا قد أغلقوه على الحرب، ووددت أنّي لم أكن حرقت الفجاءة السّلمي، وأنّي كنت قتلته سريحاً أو خلّيته نجيحاً، ووددت أنّي يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين، فكان أحدهما أميراً وكنت وزيراً.

وأمّا اللاتي تركتهن: فوددت أنّي يوم أتيت بالأشعث بن قيس أسيراً كنت ضربت عنقه، فإنّه تخيّل إليّ أنّه لا يرى شرّاً إلاّ أعان عليه، ووددت أنّي حين سيّرت خالد بن الوليد إلى أهل الرّدة، كنت أقمت بذي القصة، فإن ظفر المسلمون ظفروا، وإن هُزموا كنت بصدّ لقاء أو مدد، ووددت أنّي إذ وجّهت خالد بن الوليد إلى الشّام، كنت وجّهت عمر بن الخطّاب إلى العراق، فكنت قد بسطت يدي كلتيهما في سبيل الله. ومدّ يديه.

لقد ثبت في صحاح السّنّة أنّ الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: «فاطمة بضعة منّي، يريبني ما أرابها، ويغضبني ما أغضبها». وكان أبو بكر قد أغضبها وماتت وهي غاضبة عليه، ولو كان الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يعرف إنّ فاطمة قد تدّعي ما ليس بحقّها، فلا يطلق كلمة أغضبها، ولقاء أغضبها في حقّ. فيترتب على ذلك: إنّ أبا بكر أغضبها في شيء يغضب رسول الله، ودلّ على ذلك ندم أبي بكر قُبيل وفاته، غير أنّ النّدم في ظُلم النّاس يحتاج إلى مغفرتهم لا إلى دموع الظالم.

وقد أكثرت العامّة في مدح أبي بكر، واختلقت فيه أقوالاً هي أقرب إلى

٣٣٢

الأساطير منها إلى الحقيقة، وهي - وإن كثرت - سنذكر بعضاً منها ونرى مدى صحّتها وثبوتها.

لقد ذكروا أنّ قيمة أبي بكر تنبع من الإشادة الإلهية بموقفه في الهجرة، إذ يقول تعالى:( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) (1) . واعتبروا ذلك فضيلة لا يرقى إليها أحد آخر من صحابة الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

أقول: إنّ متن الآية يدلّ على أنّ القرآن عرض حقيقة واقعية لا يبدو منها إشادة فعلية، بل كلّ ما في الأمر، أنّ القرآن يتعرّض للحالة التي عاشها الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا كان في طريقه إلى المدينة وكان ثاني اثنين، وكان أبو بكر قد حزن لولا أنّ قال له النّبي:( لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) . وهذا توجيه وتربية تعكس عدم قدرة أبو بكر على الصبر والصمود، وروحه إلى اليأس والحزن أميل منها إلى رباطة الجأش وتحمّل الصعاب. هذا في الوقت الذي بقي فيه الإمام عليّعليه‌السلام في فراش النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله صامداً، ينتظر مقتله بإيمان لا يأس فيه ولا حزن، من دون أن يكون معه النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ليوجّهه ويعلمه أنّ الله معه، ثمّ يهاجر بعد ذلك لوحده.

وهاجر المسلمون بقيادة جعفر إلى الحبشة، وما حزنوا وما كان معهم الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يوجههم فصبروا، فهم بذلك أولى بالفضيلة ممّن كان وجود الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى جانبه لا يصرفه عن الحزن وعدم الثّقة في الله. أمّا قوله:( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ ) . فالصاحب لا تعني بالضرورة شيئاً استثنائيّاً كما يرى البعض(2) ، فالصاحب تطلقها العرب على رفيق السّفر حتّى لو كان غريباً، بل الصحبة لا تعني بالضرورة الانسجام الرّوحي والنّفسي ووحدة الاتجاه.

لقد جاء في القرآن:( قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ

____________________

(1) سورة التوبة / 40.

(2) والملفت للنظر، إنّ الله لمّا تحدّث في القرآن عن السّكينة، لم يقل: وأنزل عليهما السّكينة. بل تحدّث بالمفرد، وأفرد رسوله بإنزال السّكينة، وفي ذلك لفتة تستحق التأمّل.

٣٣٣

ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً * لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ) (1) .

وإذا ما دقّقنا النّظر وأمعناه في الآية، سنجدها لا تحتوي ما يمكن حسبانه فضيلة وميزة تذكر، بقدر ما هي عرض لواقعة تاريخية؛ قد نفهم منها إنّ الذي صاحب الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في السّفر، لم يكن على قدر كاف من الطمأنينة والثّقة في الله.

هذا بالإضافة إلى ما حكوه حوله من أساطير، كأن قالوا: إنّ الله استحيا من أبي بكر. وفي مورد آخر: طلب منه الرّضا، وأنّ جبريل يسجد له مهابة، وأنّه خير مَن في السّماوات والأرض. وغيرها من الأحاديث التي لا نُريد أن نطيل فيها. ومَن أراد ضبطها فليراجع كتاب الغدير؛ ليحيط بكلّ ما قالته السّنّة في أبي بكر، والوقوف أيضاً على زيف هذه الرّوايات سنداً ومتناً، كما يطلّع في ذلك على الأخطاء الفقهية التي كان يقوم بها أبو بكر، والمذكورة في مرويات السّنّة، فليراجع مَن شاء.

ولو كان ما روي عن أبي بكر صحيحاً كلّه، إذن لكان أولى بعمر بن الخطّاب أن يذكره في السّقيفة، علماً بأنّهم لم يجدوا فضيلة اُخرى غير الآية المشار إليها في الأعلى، والحال لو كان الصحابة يدركون كلّ هذه الفضائل، لذكروها في السّقيفة وما تمرّدوا عليه بعد ذلك.

ثمّ كان من أكبر الأخطاء التي تجاوز بها أبو بكر حدود الشّرع، لمّا حرم فاطمة الزهراءعليها‌السلام إرث أبيها فدكاً، وفدك هذه كانت منطقة بخيبر، ملكاً للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ممّا لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وكان الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ينفق منها على أهل بيتهعليه‌السلام ، فلمّا توفّي، ردّها أبو بكر إلى بيت المال، ولمّا تقدّم إليه عليّ وفاطمة ادّعى أنّ الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: الأنبياء لا يورّثون ما تركوه صدقة. وفي رواية: لا يورّثون إلاّ علماً. وفي تحقيق الحديث، بما لا يتّسع له المقام هُنا، نرى أنّه آحاد انفرد به أبو بكر وحده ولم يروه غيره. وهب أنّنا صدّقناه إنّ المال لا يورث من الأنبياء، فهلاّ اعترفوا بإرث العلم وما يترتّب عليه من إمامة؟!

كنّا كما سبق أن قلنا: ندرك أنّ أبا بكر كان يريد إضعاف آل البيت اقتصادياً حتّى لا تقوى شوكتهم ضدّ الخلافة الغاصبة،

____________________

(1) سورة الكهف / 38.

٣٣٤

وإلاّ، فلماذا يردّ عمر بن الخطّاب فدك إلى أبناء فاطمة الزهراء، علماً أنّه كان مدافعاً عن رأي أبي بكر؟! إذاً كان الأمر ورد فيه نصّ.

وهل أبو بكر أعلم من عليّ وفاطمة حتّى يقنعهم بحرمة إرث الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان أولى بالرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يخبر بهذا الحديث أهله حتّى لا يطمعوا في إرثه، بينما التاريخ يثبت أنّ أبا بكر هو المنفرد بهذه الرّواية.

وقد قامت فاطمة الزّهراء بتلقينه درساً في الشّريعة، تردّ عليه في خطبتها الشّهيرة، حيث قالت عليها السّلام: «... ثمّ أنتم تزعمون أن لا إرث لنا، أفحكم الجاهليّة تبغون؟! ومَن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون، ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً، فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين.

إيهاً معشر المسلمين، أأبتزّ إرث أبي؟ يابن أبي قحافة، أبى الله أن ترث أباك ولا أرث أبي، لقد جئت شيئاً فريّاً؛ جرأة منكم على قطيعة الرّحم ونكث العهد، فعلى عمد تركتم كتاب الله بين أظهركم ونبذتموه، إذ يقول:( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ) (1) . وفيما اقتصّ من خبر يحيى ابن زكريا، إذ يقول:( فهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) (2) . وقال عزّ وجل:( يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ) (3) . وقال تعالى:( إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ ) (4) . وزعم أن لاحظّ لي ولا إرث من أبي؟!

أفخصّكم الله بآية أخرج أبي منها؟! أم تقولون أهل ملّتين لا يتوارثان؟ أو لست أنا وأبي من أهل ملّة واحدة؟ أم أنتم بخصوص القرآن وعمومه أعلم ممّن جاء به؟ فدونكموها مرحولة مخطومة، تلقاكم يوم حشركم، فنعم حكم الله، ونعم الخصم محمّد صلّى عليه وآله، والموعد القيامة، وعمّا قليل تؤفكون، وعند السّاعة تخسرون، ولكلّ نبأ مستقر، وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يُخزيه ويحلّ عليه عذاب مقيم».

ثمّ التفتت إلى قبر أبيها وتمثّلت بأبيات صفية بنت عبد المُطلب(5) :

قـد كـان بـعدكَ أنـباءٌ وهنبثةٌ

لـو كُنتَ شاهدها لم تكثُرِ الخطبُ

إنّـا فـقدناكَ فـقد الأرضِ وابلَها

واجتُثَّ أهلُكَ من غُيّبتَ واغتُصبوا

____________________

(1) سورة النّمل / 16.

(2) سورة مريم / 6.

(3) سورة النّساء / 11.

(4) سورة البقرة / 180.

(5) شرح النّهج لابن أبي الحديد، الاحتجاج للطّبرسي.

٣٣٥

أبدتْ رجالٌ لنا فحوى صدورهمُ

لـمّـا نأيتَ وحالتْ بيننا الكثبُ

تـهجّمتنا رجـالٌ واستخفَّ بنا

دهـرٌ فقد أدركوا منّا الذي طلبوا

وقد كُنتَ للخلقِ نوراً يُستضاءُ بِهِ

عليكَ تُنزلُ من ذي العزّةِ الكُتبُ

وكـان جـبريلُ بالآيات يؤنسُنا

فـغابَ عنّا فكُلُّ الخيرِ مُحتَجبُ

فكثر البكاء من الحاضرين، وكان أبو بكر قد ندم على سلوكه هذا كما تقدم.

ثمّ هو الذي أوصى إن مات أن يدفن إلى جوار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واستأذن ابنته في أن يدفن فيما ورثته من أرض الحجرة، ولو كانت تركة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للمسلمين جميعاً، لكان أبو بكر استأذنهم جميعاً(1) .

وكما يذكر البخاري والبيهقي وابن كثير وغيرهم: أنّ عمر بن الخطّاب ردّ فدكاً إلى ورثة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . فيترتب على ذلك، أنّ عمر بن الخطّاب قد خالف الشّرع وأعطى آل البيتعليهم‌السلام ما ليس حقّاً لهم، غير أنّ الواقع هو السّياسة. ثمّ جاء عثمان وأغتصبها منهم مجدّداً وأقطعها مروان، وبقيت كذلك حتّى جاء عمر بن عبد العزيز، ثمّ اغتصبت، وهكذا دواليك.

وإذا ثبت أنّ أبا بكر هو المنفرد برواية الإرث، على أنّ الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أسرّ له بذلك، فكيف يخفي الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله على بنته وأقربائه وهُم المعنيون بذلك؟! وعلى أثر هذا الإجراء غضبت فاطمة الزهراءعليها‌السلام ودعت على أبي بكر وعمر، وتُوفّيت، وطلبت من بعلها عليّعليه‌السلام أن يصلّي عليها ويدفنها خفية ولا يجهر بجنازتها، ويخفي قبرها، وفعل.

وكذلك راحت الصدّيقة الطاهرة تحمل في قلبها كرباً، لو كان أبوها حيّاً ما كان لأحد منهم أن يقترب من حقوقها، ولكنّ الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قد راح إلى رحاب الله، وترك أبناءه لاُمّة تسلط عليها شرارها، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.

____________________

(1) فدك في التاريخ، محمّد باقر الصدر.

٣٣٦

عائشة بنت أبي بكر:

أردتُ أن اُقدّم نموذجين لشخصيات إسلامية شربنا قداستها إلى حدّ الثمالة، فلم نجدها كما أراد القرآن. ولم نكن نريد الإطالة في سرد أخبار كلّ الصحابة، واقتصرنا على أبي بكر وعائشة كشخصيتين يمكن قياس الباقي عليهما؛ إذ إنّ حصول الانحراف في مثل هؤلاء، يجعل حصوله في الباقين وارداً؛ باعتبار هؤلاء رموزاً لا يعلى عليهم في التاريخ الإسلامي، لأنّ أبا بكر أوّل خليفة أنتجته سقيفة بني ساعدة بتلك الملابسات التي سبق أن أوردناها. وعائشة، لأنّها ابنته التي تمرّدت على عليّعليه‌السلام في حرب الجمل. أمّا الباقون، فلا يحتاجون إلاّ إلى نفضات يسيرة في التاريخ، لكي تسقط عنهم ورقة التوت المزيّفة.

كانت عائشة من النّاقمين الأوائل على عثمان، ومراراً صاحت: اقتلوا نعثلاً فقد كفر. وهي التي لم تأبه بطلب مروان إيّاها نصرة عثمان يوم كان في الحصار وهي تتأهّب يومئذ للحج. ولكن مَن هي عائشة؟ وكيف تسنّى لها أن تخرج على رجل هو أقرب النّاس إلى زوجها وأجدر بإمامة المسلمين؟

جاءت عائشة تطالب بدم عثمان بعد أن كانت تتمنّى أن يقطّع إرباً إرباً، وذلك مستمسك تاريخي بأنّ عائشة كانت طائشة عابثة، لم تكن تهدف الحقّ من وراء تحريضها على عثمان، وليس عثمان أوّل مَن خالف النّصوص، فأبوها فعل ذلك وفاروقه أيضاً، ولم تنبس يومها ببنت شفة، إنّما القضية أوسع من ذلك؛

٣٣٧

فعثمان كان قد انشغل بأقربائه، فخفّض لعائشة من العطاء(1) ، فترك ذلك في نفسها شيئاً، فحاربته حتّى مقتله، غير أنّها هابت خلافة عليّعليه‌السلام ؛ إذ أنّه لا يحابي فرداً من أفراد المجتمع على آخر، وهو لن يحتاج فتوى من عائشة.

فمركزيتها ستغيب مع وجود عليّعليه‌السلام على سدّة الخلافة، فهو أقرب النّاس صحبة ونسباً للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأعلم النّاس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بالإضافة إلى جوانب اُخرى تضمرها عائشة عنه في نفسها.

____________________

(1) اليعقوبي.

٣٣٨

عائشة في الميزان:

وما دامت قد خضعت لميزان الأحداث، نرى من الضروري وضعها قبل كلّ شيء في الميزان.

عائشة زوج للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر لا شكّ فيه ولا جدال. اُمّ المؤمنين وسام اُعطي لها بشروط لم تلتزم بها، هي مركز كبير في الاُمّة له قدسيته، وبسبب هذا المركز الكبير وتلك القدسية، كانت خطيئتها مضاعفة. إنّها ليست امرأة عادية تخطئ فيتقبّل منها ذلك، إنّها امرأة لها موقع في وجدان الكثير، حتّى روى عنها العامّة، أن: خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء.

وسواء أكانت هي موضوع الإفك أم غيرها، فإنّنا نبرّئها ابتداءً؛ انطلاقاً من التنزيه المُعطى للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ لأنّ ذلك إن وقع - لا سمح الله - فإنّه يخدش في مقام النّبوة، غير أنّ براءتها من الإفك - إن كانت هي موضوعاً له - لا يعني براءتها المطلقة ممّا قامت به من فتن، ونحن تعلّمنا من الإسلام ومن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنّ الحقّ الذي جاء به القرآن، أغلى من النّفس ومن الأزواج والأبناء.

محمّد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وزوجته مذنبة، وهذا ليس عيباً، بل حقيقة وقعت، وإذا هي لم تناف مقام النّبوة، فلأنّ لها نظيراً في تاريخ النّبوة، ومحمّد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يمن بزواج فاشل بناء على ذلك، فلقد حظي بخير النّساء، أقمن أركان الذين بالتّضحية، وهي خديجة الكبرى التي أنجب منها أبناءه، وعلى

٣٣٩

رأسهم الزّهراء الطاهرةعليها‌السلام .

ولكي نعرف عائشة ونضعها في الميزان، يجب أن نتوخّى الحقيقة ونكسر في أذهاننا صنم عائشة؛ من أجل الحقيقة الغالية فقط.

أعطى القرآن درساً لنساء النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتّى لا يغتررن ويظنن أنّ الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يخفي عنهن شيئاً، فرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بُعث للبشرية، وهو لم يُبعث ليحتكره هوى امرأة، ولطالما حاولت عائشة ذلك. فالتأنيب القرآني بين أنّ امرأة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ليست هي التي تحدّد عواطفه وسلوكه، وبأنهنّ معرّضات للطلاق إذا لم يكففن عن أذى الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وإشغاله بالسفاسف، ممّا يصرفه عن مهمته النّبوية.

يقول تعالى:( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ ِلأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنيا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ) (1) .

والآية تحتوي على مجموعة من الحقائق التي يجب الوقوف على دلالاتها:

1 - تخيير نساء النّبي بين إرادة الدُّنيا وزينتها التي يترتب عليها الطلاق، أو إرادة الله ورسوله والدّار الآخرة. وهي حقيقة تبيّن نوعية الزواج النّبوي، أنّه زواج يفترض أن يكون في خطّ الله ومنقطعاً إليه؛ فإمّا هذه الوجهة، وإمّا الطلاق، وهذا حقّ لهم لم يبخسه القرآن.

____________________

(1) سورة الأحزاب / 28 - 33.

٣٤٠