من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟

من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟14%

من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟ مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 265

من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟
  • البداية
  • السابق
  • 265 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 77526 / تحميل: 6450
الحجم الحجم الحجم
من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟

من قتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

أنصارهم إلى يوم القيامة وأنّهم أنصار أهل البيتعليهم‌السلام حقّاً، فلينظر المسلم من إمامه يوم القيامة، أهُم أهل البيتعليهم‌السلام أمْ أعداؤهم؟

وقد قال الله تعالى:( يَوْمَ نَدْعُو كلّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً ) (١) .

وقد تتبَّعنا قتلة الحسينعليه‌السلام فما وقع نظرنا على أحد منهم إلاّ وجدناه من أنصار بني اُميّة(٢) . ونظرنا إلى موقف أهل الخلاف منه فلمْ نجدهم إلاّ وقد وثَّقوه وأثنوا عليه واتّبعوه وقبلوا روايته. وعطفنا النظر إلى موقف الشيعة الاثني عشريّة من هؤلاء الأرذال، فلمْ نجدهم إلاّ وقد نبذوهم وتركوهم ولعنوهم، ورأوا البراءة منهم واجبة، ومودَّتهم محرَّمة ومخرجة من المذهب و... و...

وللشيعة شهد الذهبي، قال في كلامه عن ابن زياد:

قلت: الشيعي لا يطيب عيشه حتّى يلعن هذا ودونه، ونحن نبغضهم في الله(٣) ، ونبرأ منهم ولا نلعنهم، وأمرهم إلى الله(٤) .

وما أدري كيف يتبرّأ منهم، وجميع مَن خرج على الإمام الحسينعليه‌السلام مطيعون - في نظر هؤلاء - لله في ما فعلوه من ذبح وقتل، وسلب وهتك أهل بيت

____________________

(١) سورة الإسراء / ٧١.

(٢) وفي تاريخ الطبري ٣ / ٣١٤ قال، قال: فبعث عمر بن سعد إلى الحسينعليه‌السلام عزرة بن قيس الأحمسي، فقال: ائته فسله ما الذي جاء به؟ وماذا يُريد؟ وكان عزرة ممّن كتب إلى الحسينعليه‌السلام فاستحيى منه أنْ يأتيه. قال: فعرض ذلك على الرؤساء الذين كاتبوه فكلّهم أبى وكرهه.

(٣) نعم يبغضونهم نظريّاً، أي: من جهة الموازين العقلائيّة؛ وأمَّا عملياً، فهم يوالونهم كما يتّضح في تراجمهم.

(٤) سير أعلام النبلاء، الذهبي / ٣ ص٥٤٩.

١٢١

النبوّةعليهم‌السلام ، نصرة ليزيد بن معاوية. فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما ما يدلّ على طاعة هؤلاء الأرجاس، واللفظ للأوّل قال:

حدَّثنا مسدد، عن عبد الوارث، عن الجعد، عن أبي رجاء، عن ابن عبّاس، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: مَن كره من أميره شيئاً، فليصبر؛ فإنّه مَن خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهليّة.

حدَّثنا أبو النعمان، حدَّثنا حماد بن زيد، عن الجعد أبي عثمان، حدَّثني أبو رجاء العطاردي، قال: سمعت ابن عبّاس، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: مَن رأى من أميره شيئاً يكرهه، فليصبر عليه؛ فإنّه مَن فارق الجماعة شبراً فمات إلاّ مات ميتة جاهلية(١) .

وقتلة الإمام الحسينعليه‌السلام لمْ يُفارقوا هذه الجماعة المتمثِّلة في يزيد بن معاوية، فهم مطيعون وصابرون، ولو خرجوا كما خرج الإمام الحسينعليه‌السلام لماتوا ميتة جاهلية. فهذا شمر بن ذي الجوشن من المصلِّين والداعين الله. وممّن امتثل ما رواه البخاري ومسلم، فقد روى ابن عساكر قال:

أخبرنا أبو بكر اللفتواني، أنبأنا أبو عمرو الأصبهاني، أنبأنا أبو محمّد المديني، حدَّثنا أبو الحسن الكتاني، أنبأنا أبو بكر القرشي، حدَّثني هارون أبو بشر الكوفي، حدَّثنا أبو بكر بن عيّاش، عن أبي إسحاق قال: كان شمر بن ذي الجوشن الضبابي يُصلّي معنا الفجر، ثمّ يقعد حتّى يصبح، ثمّ يُصلّي، ثمّ يقول: اللهمّ، إنّك شريف تحبّ الشرف، وإنّك تعلم أنّي شريف فاغفر لي. قلت: كيف يغفر الله لك، وقد أعنت على قتل ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال: ويحك! كيف نصنع؟ إنّ أمراءنا هؤلاء أمرونا بأمر فلمْ نُخالفهم، ولو خالفناهم كنَّا شرّاً من

____________________

(١) صحيح البخاري ٨ / ٨٧، وفي ط / ٢٥٨٨، صحيح مسلم ٦ / ٢١.

١٢٢

هؤلاء الحُمر السقاة(١)(*) .

____________________

(١) تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر ٢٣ / ١٨٩.

(*) قال اليافعي في كتاب مرآة الزمان وعبرة اليقظان / ٢٨١، نسخة برنامج الموسوعة الشعريّة:

سنة أربع وستّين في أوّلها هلك مسلم بن عقبة الذي استباح المدينة، عجَّل الله قصمه، والعجب أنّه شهد الوقعة وهو مريض في محفَّة كأنّه مجاهد في سبيل الله. وكذلك عجَّل الله تعالى يزيد بن معاوية فمات بعد نيف وسبعين يوماً منها، وله ثمان وثلاثون سنة، بايع له أبوه الناس في حياته.

أقول: واليافعي متعجِّب من أنّ ما فعله مسلم بن عقبة جهاد في سبيل الله، وهذا ما صرَّح به بعض المؤرِّخين، وهذه هي عقيدة من زيَّن لهم الشيطان أعمالهم فجعلهم يتقرَّبون إلى الله بما هو مبغوض له سبحانه وتعالى:( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) . سورة الكهف / ١٠٣ - ١٠٤.

وهذا ديدنهم في التقرب إلى الله بدماء أوليائه الأبرار الأخيار، فانظر إلى ما ذكره مسلم بن عقبة، فقد روى ابن قتيبة الدينوري في الإمامة والسياسة، تحقيق الشيري ١ / ٢٣١، وتحقيق الزيني ١ / ١٧٩، قال:

وكان معاوية قد أوصى يزيد، فقال له: إنْ رابك منهم ريب، أو انتقض عليك منهم أحد، فعليك بأعور بني مرَّة مسلم بن عقبة. فدعا به فقال: سرْ إلى هذه المدينة بهذه الجيوش، وإنْ شئت أعفيتك؛ فإنّي أراك مدنفاً منهوكاً. فقال: نشدتك الله أنْ لا تحرمني أجراً ساقه الله إليَّ، أو تبعث غيري؛ فإنّي رأيت في النوم شجرة غرقد تصيح أغصانه: يا ثارات عثمان! فأقبلت إليها، وجعلت الشجرة تقول: إليَّ يا مسلم بن عقبة. فأتيت فأخذتها، فعبَّرت ذلك أنْ أكون أنا القائم بأمر عثمان، ووالله، ما صنعوا الذي صنعوا إلاّ أنْ الله أراد بهم الهلاك. فقال يزيد: فسرْ على بركة الله، فأنت صاحبهم.

وها هو يقول: لئن دخلت النار بعد قتلي أهل الحرّة إنّي إذاً لشقي. كما في وفيات الأعيان وأنباء أهل الزمان لابن خلكان / ٤٨٧٢، نسخة برنامج الموسوعة الشعريّة.

فهذا حالهم، والنواصب في كلّ زمان على منوالهم، وحجّتهم في ذلك الرؤيا وغيرها من الخزعبلات! فهؤلاء هم أعداء الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيتهعليهم‌السلام ، إذ تراهم يتقرّبون إلى الله بدماء أوليائه.

١٢٣

وروى أيضاً:

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن عليّ، أنبأنا أبو عمر بن حيوية، أنبأنا أحمد بن معروف، حدَّثنا الحسين بن الفهم، حدَّثنا محمّد بن سعد، أنبأنا منذر بن إسماعيل، حدَّثني الهيثم بن الخطاب الهدي: أنّه سمع أبا إسحاق السبيعي يقول: كان شمر بن ذي الجوشن - يقول الضبابي - لا يكاد أو لا يحضر الصلاة، فيجيء بعد الصلاة فيُصلّي، ثمّ يقول: اللهمّ، اغفر لي، فإنّي كريم لمْ تلدني

____________________

فانظر أيضاً إلى ابن ملجم عليه (لعنه الله) كيف يتقرَّب بقتل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، فها هو يرفع السيف وهو ينادي: الحكم لله، لا لك يا عليّ (ع)، وضربه على قرنه بالسيف. فقال عليّعليه‌السلام : «فزت وربّ الكعبة». الإمامة والسياسة ١ / ١٨٠.

وكذا الملعون شمر بن ذي الجوشن، فإنّه يتقرَّب بدم الإمام الحسينعليه‌السلام . وكذا معاوية يرى أنّ موت الإمام الحسنعليه‌السلام من تجدُّد النعم عليه حتّى إنّه خرَّ ساجداً هو وذووه لمَّا سمعوا بموته، كما في الإمامة والسياسة، ابن قتيبة الدينوري، تحقيق الزيني ١ / ١٥٠، وتحقيق الشيري ١ / ١٩٦. وفي ربيع الأبرار ونصوص الأخبار / ٢٦٩٠، نسخة برنامج الموسوعة الشعريّة. وفي محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء / ٤٠١٠، نسخة برنامج الموسوعة الشعريّة.

وكذلك ما فعله مسلم بن عقبة بأهل مدينة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من سفك دمائهم وإباحة أموالهم، وهتك أعراضهم تقرُّباً إلى الله تعالى.

وما زالت هذه الطبيعة مخزونة فيهم موروثة من أسلافهم، إذ تجد الكثير يحلِّل بل يحبِّب إباحة دم الشيعة الاثني عشريّة، ويجعل دم الشيعي بألف حسنة، ودم الكافر الملحد واليهودي بعشر حسنات كما هو مكتوب - في هذا الزمان - على جدران بعض المنازل في العراق من النواصب، فيتقرَّبون بذبح الشيعة وهتكهم، وينادون عند ذبحهم: لا حكم إلاّ لله، والله غالب على أمره، ويردِّدون كلمة: الله أكبر، وذلك لا لشيء سوى أنّهم شيعة أهل البيتعليهم‌السلام ، كما هو حاصل أيضاً في أيّامنا هذه في العراق وافغانستان والهند، وغيرها على أيدي النواصب لا غفر الله لهم أبداً، وجعل كيدهم في نحورهم.

١٢٤

اللئام.

قال، فقلت له: إنّك لسيء الرأي، تسارع إلى قتل ابن بنت رسول الله (صلّى الله عيله وآله)، فقال: دعنا منك يا أبا إسحاق، فلو كنَّا كما تقول أنت وأصحابك كنَّا شرّاً من الحمراء السقات(١) .

وهذه الروايات تدلّ على أنّ قتلتهعليه‌السلام مثل باقي أهل الخلاف ممّن يعتقدون بإمامة يزيد بن معاوية ويعترفون بسلطانه، فهو عند هذا الصنف يجب اتّباعه في قتل الإمام الحسينعليه‌السلام سبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وريحانته، ومن حربه حربه، وسلمه سلمه، وبغضه بغضه، وحبّه حبّه.

قال السخاوي:

وقد كان شيخنا الحافظ أبو الحسن - يعني: الهيثمي - يُبالغ في الغضّ منه، أي: من ابن خلدون، فلمَّا سألته عن سبب ذلك، ذكر أنّه بلغه أنّه ذكر الحسين بن عليّعليهما‌السلام في تاريخه، فقال: قُتل بسيف جدِّه. ولمَّا نطق شيخنا بهذه اللفظة أردفها بلعن ابن خلدون وسبِّه وهو يبكي. قال شيخنا في رفع الإصر: ولمْ توجد هذه الكلمة في التاريخ الموجود الآن، وكأنّه كان ذكرها في النسخة التي رجع عنها(٢) .

وقال الآلوسي:

قال ابن الجوزي عليه الرحمة في كتابه السرّ المصون: من الاعتقادات العامّة التي غلبت على جماعة منتسبين إلى السنة أنْ يقولوا: إنّ يزيد كان على الصواب، وإنّ الحسين (ع) عنه أخطأ في الخروج عليه. ولو نظروا في السير لعلموا كيف عُقدت له البيعة وألزم الناس بها، ولقد فعل في ذلك كلّ قبيح،

____________________

(١) تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر ٢٣ / ١٨٨.

(٢) الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، السخاوي ٤ / ١٤٧، ترجمة ابن خلدون، ط دار الجيل.

١٢٥

ثمّ لو قدَّرنا صحّة عقد البيعة فقد بدت منه بوادٍ كلّها توجب فسخ العقد، ولا يميل إلى ذلك إلاّ كلّ جاهل عامي المذهب يظنّ أنّه يغيظ بذلك الرافضة (١) .

وقال المناوي في تعريضه بابن العربي:

وقد غلب على ابن العربي الغضُّ من أهل البيتعليهم‌السلام حتّى قال: قتله بسيف جدِّه.

وأخرج الحاكم في المستدرك، عن ابن عبّاس (رضي الله تعالى عنهم): أوحى الله تعالى إلى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفاً، وإنّي قاتل بابن ابنتك الحسين سبعين ألفاً وسبعين ألفا ً. قال الحاكم: صحيح الإسناد. وقال الذهبي: وعلى شرط مسلم(٢) .

وذكر السيوطي والمناوي، واللفظ للأوّل، قال:

ومن مجازفات ابن العربي - صاحب كتاب العواصم والقواصم - أنّه أفتى بقتل رجل عاب لبس الأحمر؛ لأنّه عاب لبسة لبسها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقُتل بفتياه كما ذكره في المطامح، وهذا تهوُّر غريب وإقدام على سفك دماء المسلمين عجيب، وسيخاصمه هذا القتيل غداً، ويبوء بالخزي من اعتدى، وليس ذلك بأوَّلِ عجرفة لهذا المفتي وجرأته وإقدامه. فقد ألَّف كتابًا في شأن مولانا الحسين -عليه‌السلام وكرَّم وجهه، وأخزى شانئه - زعم فيه: أنّ يزيد قتله بحقٍّ بسيف جدِّه، نعوذ بالله من الخذلان...(٣) .

وقال الآلوسي في تفسيره:

وأبو بكر بن العربي المالكي - عليه من الله تعالى ما يستحقّ - أعظم الفرية

____________________

(١) تفسير الآلوسي ٢٦ / ٧٣.

(٢) فيض القدير، المناوي ١ / ٢٦٥.

(٣) الجامع الصغير، للسيوطي ١ / ٣٦٥، فيض القدير، المناوي ٥ / ٢٤٦.

١٢٦

فزعم أنّ الحسينعليه‌السلام قُتل بسيف جدِّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وله من الجهلة موافقون على ذلك:( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ) (١) .

فحال هؤلاء وأمثالهم حال الذين وجدوا في ذلك الزمان وقاتلوا الحسينعليه‌السلام ، ونصروا يزيد بن معاوية دفاعاً ودباً عنه، لكي لا يموتوا ميتة جاهليّة.

وما أقول إلاّ: الحمد لله على الولاية لمحمّد وآلهعليهم‌السلام والبراءة من أعدائهم إلى يوم الدين، والحمد لله الذي قال:( بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) (٢) .

____________________

(١) تفسير الآلوسي ٢٦ / ٧٣.

(٢) سورة القيامة / ١٤ - ١٥.

١٢٧

١٢٨

١٢٩

١٣٠

الفصل الثالث: قتلة الإمام الحسين عليه‌السلام

١٣١

١٣٢

ذكرنا - في كتابنا مقتل أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام من موروث أهل الخلاف - تراجم قتلة الإمام الحسينعليه‌السلام ، وأقوال أهل الخلاف الدالة على التوثيق والثناء والإطراء لهم، وذكرنا أقوال الشيعة - الاثني عشريّة - الصريحة في البراءة منهم واللعن عليهم؛ وكلّ ذلك لنرى مدى ارتباط أهل الخلاف بقتلة الإمام الحسينعليه‌السلام وبمَن خالف وعادى أهل البيتعليهم‌السلام ، ومدى براءة الشيعة منهم، ونذكر هنا شيئاً من تلك التراجم.

١٣٣

عمرو بن حريث المخزومي القرشي

من أنصار بني اُميّة، وممّن خرج على مسلم بن عقيلعليه‌السلام ، و...

قال ابن كثير والطبري، واللفظ للأوّل:

وبعث ابن زياد عمرو بن حريث المخزومي - وكان صاحب شرطته - ومعه عبد الرحمن ومحمّد بن الأشعث، في سبعين أو ثمانين فارساً، فلمْ يشعر مسلم بن عقيل إلاّ وقد أُحيط بالدار التي هو فيها، فدخلوا عليه فقام إليهم بالسيف، فأخرجهم من الدار ثلاث مرّات، وأصيبت شفته العليا والسفلى، ثمّ جعلوا يرمونه بالحجارة ويلهبون النار في أطناب القصب، فضاق بهم ذرعاً فخرج إليهم بسيفه فقاتلهم(١) .

أقوال أهل الخلاف فيه

قال فيه الذهبي وابن حجر، واللفظ للأوّل:

عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي، أخو سعيد بن حريث. كان عمرو من بقايا أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذين كانوا نزلوا الكوفة، مولده قبيل الهجرة، له صحبة ورواية. ورُوى أيضاً عن أبي بكر الصديق وابن مسعود، حدَّث عنه: ابنه جعفر والحسن العرني، والمغيرة بن سبيع والوليد بن سريع، وعبد الملك بن عمير

____________________

(١) البداية والنهاية، ابن كثير ٨ / ١٦٧، تاريخ الطبري ٤ / ٢٦٠.

١٣٤

وإسماعيل بن أبي خالد وآخرون، وآخر من رآه رؤية خلف بن خليفة، توفّي سنة خمس وثمانين، ثمّ قال الواقدي: ثمّ ولي الكوفة لزياد بن أبيه، ولابنه عبيد الله ابن زياد(١) .

وقال فيه ابن حبّان في مشاهير علماء الأمصار وكتاب الثقات، واللفظ من الأوّل: عمرو بن حريث بن عمرو المخزومي القرشي، أبو سعيد، كان مولده يوم بدر، مات سنة خمس وثمانين(٢) .

وقال فيه البخاري: عمرو بن حريث، أبو سعيد المخزومي القرشي (رضي الله عنه) سكن الكوفة(٣) .

وقال العجلي في معرفة الثقات: عمرو بن حريث المخزومي كوفي من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) . عمرو بن حريث عند الشيعة ملعون ناصبي.

قال فيه السيّد عليّ البروجردي (قدّس سرّه):

عمرو بن حريث، من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عدوُّ الله تعالى ملعون(٥) .

وقال فيه السيّد الموحد الأبطحي (قدّس سرّه):

____________________

(١) سير أعلام النبلاء، الذهبي ٣ / ٤١٨ - ٤١٩. وذكره أيضاً في كتابه الكاشف في من له رواية في الكتب الستّة ٢ / ٧٤، تحرير تقريب التهذيب، ابن حجر العسقلاني ٣ / ٨٩، ط مؤسسة الرسالة.

(٢) مشاهير علماء الأمصار، ابن حبّان / ٧٩، كتاب الثقات لابن حبّان ٥ / ١٧٩.

(٣) التاريخ الكبير، البخاري ٦ / ٣٠٥.

(٤) معرفة الثقات، العجلي ٢ / ١٧٤.

(٥) طرائف المقال، السيّد عليّ البروجردي (قدّس سرّه) ٢ / ١٠١.

١٣٥

فإنّ عمراً هو الذي ذكره الشيخ في الصحابة، وأيضاً في أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام قائل: عمرو بن حريث عدوّ الله، ملعون. قلت: وجناياته وظلمه على آل محمّدعليهم‌السلام معروفة(١) .

وقال فيه السيّد الخوئي (قدّس سرّه):

عمرو بن حريث: من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، رجال الشيخ، وعدَّه في أصحاب عليّعليه‌السلام أيضاً قائلاً: عمرو بن حريث عدوُّ الله ملعون. ويأتي في ترجمة ميثم التمّار خروج كلمة كبيرة من فيه، قاتله الله(٢) .

وما أشار إليه السيّد الخوئي (قدّس سرّه)، وقال: إنّه يأتي في ترجمة ميثم... هو ما رُوي عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، عن أبيه، عن آبائه (صلوات الله عليهم)، قال: أتى ميثم التمّار دار أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقِيل له: إنّه نائم، فنادى بأعلى صوته: انتبه أيُّها النائم! فوالله، لتخضبنّ لحيتك من رأسك. فانتبه أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال: «أدخلوا ميثماً». فقال له: أيُّها النائم! والله لتخضبنَّ لحيتك من رأسك. فقال (ع): «صدقت، وأنت والله لتُقطعنَّ يداك ورجلاك ولسانك، وليُقطعنّ من النخلة التي بالكناسة، فتشقّ أربع قطع: فتصلب أنت على ربعها، وحجر بن عدي على ربعها، ومحمّد بن أكثم على ربعها، وخالد بن مسعود على ربعها».

قال ميثم: فشككت في نفسي، وقلت: إنّ عليّاً (ع) ليخبرنا بالغيب، فقلت له: أو كائن ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال (ع): «إيْ وربِّ الكعبة، كذا عهده إليَّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله»).

قال، فقلت: ومَن يفعل ذلك بي يا أمير المؤمنين؟ فقال (ع): «ليأخذنّك العتل الزنيم، ابن الأمة الفاجرة عبيد الله بن زياد».

____________________

(١) تهذيب المقال، السيّد محمّد عليّ الأبطحي (قدّس سرّه) ٥ / ١٦٨.

(٢) معجم رجال الحديث، السيّد الخوئي (قدّس سرّه) ١٤ / ٩٢.

١٣٦

قال: وكان يخرج إلى الجبانة وأنا معه، فيمرُّ بالنخلة فيقول لي: يا ميثم، إنّ لك ولها شأناً من الشأن.

قال: فلمَّا ولي عبيد الله بن زياد الكوفة، ودخلها تعلَّق عَلَمُه بالنخلة التي بالكناسة فتخرَّق، فتطيَّر من ذلك فأمر بقطعها، فاشتراها رجل من النجارين فشقَّها أربع قطع.

قال ميثم، فقلت لصالح ابني: فخذ مسماراً من حديد فانقش عليه اسمي واسم أبي، ودقَّه في بعض تلك الأجذاع.

قال: فلمَّا مضى بعد ذلك أيّام أتى قوم من أهل السوق، فقالوا: يا ميثم، انهض معنا إلى الأمير نشكو إليه عامل السوق، ونسأله أنْ يعزله عنَّا ويولِّي علينا غيره.

قال: وكنت خطيب القوم فنصت لي وأعجبه منطقي، فقال له عمرو بن حريث: أصلح الله الأمير! تعرف هذا المتكلِّم؟ قال: ومَن هو؟ قال: هذا ميثم التمّار الكذّاب، مولى الكذّاب عليّ بن أبي طالب (ع).

قال: فاستوى جالساً فقال لي: ما يقول؟ فقلت: كذب أصلح الله الأمير! بل أنا الصادق مولى الصادق عليّ بن أبي طالب (ع) أمير المؤمنين حقّاً.

فقال لي: لتبرأنَّ من عليّ (ع)، ولتذكرنَّ مساويه وتتولَّى عثمان وتذكر محاسنه، أو لأقطعنَّ يديك ورجليك ولأصلبنَّك. فبكيت، فقال لي: بكيت من القول دون الفعل؟ فقلت: والله، ما بكيت من القول ولا من الفعل، ولكنّي بكيت من شكّ كان دخلني يوم خبَّرني سيِّدي ومولاي. فقال لي: وما قال لك مولاك؟

قال، فقلت: أتيت الباب فقِيل لي: إنّه نائم. فناديت: انتبه أيُّها النائم! فوالله، لتخضبنَّ لحيتك من رأسك. فقال (ع): «صدقت، وأنت والله لتُقطعنَّ يداك ورجلاك ولسانك ولتُصلبنّ». فقلت: ومَن يفعل ذلك بي يا أمير المؤمنين؟ فقال: «يأخذك العتل الزنيم، ابن الأمَة الفاجرة عبيد الله بن زياد».

١٣٧

قال: فامتلأ غيظاً، ثمّ قال لي: والله لأقطعنَّ يديك ورجليك، ولأدعنَّ لسانك حتّى أكذبك وأكذب مولاك، فأُمر به فقطعت يداه ورجلاه، ثمّ أُخرج وأُمر به أنْ يُصلب، فنادى بأعلى صوته: أيُّها الناس، مَن أراد أنْ يسمع الحديث المكنون عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ؟ قال: فاجتمع الناس وأقبل يحدِّثهم بالعجائب.

قال: وخرج عمرو بن حريث وهو يريد منزله، فقال: ما هذه الجماعة؟ فقالوا: ميثم التمّار يحدِّث الناس عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

قال: فانصرف مسرعاً فقال: أصلح الله الأمير! بادر وابعث إلى هذا مَن يقطع لسانه، فإنّي لست آمن أنْ تتغيَّر قلوب أهل الكوفة، فيخرجوا عليك.

قال: فالتفت إلى حرسيّ فوق رأسه، فقال: اذهب فاقطع لسانه.

قال: فأتاه الحرسيّ فقال له: يا ميثم. قال: ما تشاء؟ قال: أخرج لسانك فقد أمرني الأمير بقطعه. قال ميثم: ألاَ زعم ابن الأمَة الفاجرة أنّه يكذّبني ويكذّب مولاي، هاك لساني؟!

قال: فقطع لسانه فتشحَّط ساعة في دمه، ثمّ مات وأمر به فصُلب.

قال صالح: فمضيت بعد ذلك بأيّام فإذا هو صُلب على الربع الذي كنت دققت فيه المسمار(١) .

____________________

(١) معجم رجال الحديث، السيّد الخوئي (قدّس سرّه) ٢٠ / ١٠٧، الاختصاص، الشيخ المفيد (قدّس سرّه) / ٧٥، اختيار معرفة الرجال، الشيخ الطوسي (قدّس سرّه) ١ / ٢٩٧، بحار الأنوار، العلامة المجلسي (قدّس سرّه) ٢٤ / ١٣٢، مسند الإمام الرضاعليه‌السلام ، الشيخ عزيز الله عطاردي ٢ / ٤٥١، مواقف الشيعة، الأحمدي الميانجي ٣ / ١٥٥، روضة الواعظين، الفتّال النيسابوري (قدّس سرّه) / ٢٨٨.

أقول: وقد تقدَّم مقتله (قدّس سرّه) بحذف هذه الكلمة عن ابن حجر العسقلاني، في الهامش الرابع من الأمر الثاني عشر.

١٣٨

عزرة بن قيس الأحمسي

من رؤساء قتلة الإمام الحسينعليه‌السلام ، وممّن كتب إليهعليه‌السلام ، وممّن أصرَّ على ماهو عليه حين نصحه زهير بن القين (قدّس سرّه)، و...

فقد روى الطبري، قال:

قال أبو مخنف: حدَّثني فضيل بن خديج الكندي، عن محمّد بن بشر، عن عمرو الحضرمي، قال: لمَّا خرج عمر بن سعد بالناس، كان على ربع أهل المدينة يومئذ عبد الله بن زهير بن سليم الأزدي، وعلى ربع مذحج وأسد عبد الرحمن ابن أبي سبرة الحنفي، وعلى ربع ربيعة وكندة قيس بن الأشعث بن قيس، وعلى ربع تميم وهمدان الحرّ بن يزيد الرياحي، فشهد هؤلاء كلّهم مقتل الحسين إلاّ الحرّ بن يزيد، فإنّه عدل إلى الحسينعليه‌السلام وقتل معه، وجعل عمر على ميمنته عمرو بن الحجّاج الزبيدي، وعلى ميسرته شمر بن ذي الجوشن بن شرحبيل بن الأعور بن عمر بن معاوية - وهو الضباب بن كلاب - وعلى الخيل عزرة بن قيس الأحمسي، وعلى الرجال شبث بن ربعي اليربوعي، وأعطى الراية ذويداً مولاه(١) .

أقوال أهل الخلاف فيه

قال ابن سعد:

عزرة بن قيس البجلي، من أحمس من بني دهن من أنفسهم، روى عن خالد بن الوليد، وكان معه في مغازيه بالشام، وروى أبو وائل عن عزرة بن قيس(٢) .

وقال ابن حجر:

____________________

(١) تاريخ الطبري ٣ / ٣١٧.

(٢) الطبقات الكبرى، محمّد بن سعد ٦ / ٢١٢.

١٣٩

وذكره ابن سعد في الطبقة الأولى(١) .

وذكره ابن حبّان في ثقاته، قال: عزرة بن قيس البجلي، يروي عن خالد بن الوليد، روى عنه أبو وائل شقيق ابن سلمة(٢) .

وقال الذهبي: عزرة بن قيس، من قدماء التابعين بالكوفة، روى عنه أبو وائل وحده(٣) .

وقال محمّد بن عليّ بن حمزة:

عزرة بن قيس البجلي عن خالد بن الوليد، وكان معه في مغازيه بالشام، وعنه أبو وائل شقيق بن سلمة، ذكره ابن حبّان في الثقات(٤) .

الزبير بن الأروح

من الموالين والناصحين لبني اُميّة، وهو ممّن أخذ رأسي مسلمعليه‌السلام وهانئ (قدّس سرّه) إلى يزيد.

روى ابن عساكر وغيره من المؤرِّخين، واللفظ له، قال:

قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن الغساني، عن عبد العزيز بن أحمد، أخبرنا هارون الميداني، أخبرنا أبو سليمان بن زبر، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني، أخبرنا محمّد بن جرير الطبري، قال: حدث عن هشام بن محمّد الكلبي قال، قال أبو مخنف: عن أبي جناب يحيى بن أبي حيّة الكلبي، قال: ثمّ إنّ

____________________

(١) الإصابة، ابن حجر ٥ / ٩٧.

(٢) الثقات، ابن حبّان ٥ / ٢٧٩.

(٣) ميزان الاعتدال، الذهبي ٣ / ٦٦.

(٤) مَن له رواية في مسند أحمد، محمّد بن عليّ بن حمزة / ٢٩٤.

١٤٠

عبيد الله بن زياد لمَّا قتل مسلماً وهانئاً، بعث برؤوسهما مع هانئ بن أبي حيّة الوادعي والزبير بن الأروح التميمي إلى يزيد بن معاوية، وأمر كاتبه عمرو بن نافع أنْ يكتب إلى يزيد بن معاوية بما كان من أمر مسلم وهانئ، فكتب الكاتب كتاباً أطال فيه، وكان أوَّل مَن أطال في الكتب، فلمَّا نظر فيه عبيد الله بن زياد تكرَّهه وقال: ما هذا التطويل وهذه الفضول؟ اُكتب:

أمَّا بعد، فالحمد لله الذي أخذ لأمير المؤمنين بحقِّه، وكفاه مؤنة عدوِّه، أخبر أمير المؤمنين - أكرمه الله - أنّ مسلم بن عقيل لجأ إلى دار هانئ بن عروة المرادي، وإنّي جعلت عليهما العيون، ودسست إليهما الرجال، وكدتهما حتّى استخرجتهما وأمكن الله منهما، فقدَّمتهما فضربت أعناقهما.

وقد بعثت إليك برؤوسهما مع هانئ بن أبي حيّة الهمداني والزبير بن الأروح التميمي، وهما من أهل السمع والطاعة والنصيحة، فليسألهما أمير المؤمنين عمَّا أحبَّ من أمر؛ فإنّ عندهما علماً وصدقاً وورعاً، والسلام.

وكتب إليه يزيد بن معاوية:

أمَّا بعد، فإنّك لن تعدوَ أنْ كنت كما أحبُّ، عملت عمل الخادم، وصلت صولة الشجاع الرابط الجأش، وقد أغنيت وكفيت وصدقت ظنِّي بك ورأيي فيك، وقد دعوت رسوليك فسألتهما وناجيتهما، فوجدتهما في رأيهما وفضلهما كما ذكرت، فاستوصِ بهما خيراً.

وإنّه قد بلغني أنّ الحسين (ع) قد توجَّه نحو العراق، فضع المناظر والمسالح، واحترس واحبس على الظنَّة، وخذ على التهمة غير أنْ لا تقتل إلاّ مَن قاتلك(1) ، واُكتب إليَّ فيما يحدث من الخبر، والسلام عليك ورحمة

____________________

(1) وهذا مخالف لسيرة بني اُميّة، ويُحتمل الوضع. فقد رواه الخوارزمي في مقتله 1 / 309، بدون هذه الجملة، قال:... فضع المراصد والمناظر والمسالح، واحترس واحبس على الظنّ، واقتل على التهمة، واُكتب في ذلك إليَّ كلّ يوم بما يحدث من خبر.

١٤١

الله(1) .

أقوال أهل الخلاف فيه

وهو عندهم من التابعين. قال ابن عساكر: الزبير بن الأروح التميمي، عراقي من التابعين(2) .

شبث بن ربعي

وقِيل: شيث بن ربعي، من الخوارج وممّن كتب إلى الإمام الحسينعليه‌السلام وممّن كذبه، وقاتله وهو من أنصار بني اُميّة، وممّن شهد على حجر بن عدي مع أصحابه (رضوان الله عليهم) حتّى قتلهم معاوية(3) .

تكذيبه الإمام الحسينعليه‌السلام

روى الطبري وابن كثير وابن الأثير، واللفظ للأوّل، قال:

وكتب شبث بن ربعي وحجّار بن أبجر، ويزيد بن الحارث ويزيد بن رويم، وعزرة بن قيس وعمرو بن الحجّاج الزبيدي، ومحمّد بن عمير التميمي: أمَّا بعد، فقد اخضرَّ الجناب وأينعت الثمار وطمت الجمام، فإذا شئت فاقدم على جند

____________________

(1) تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر 18 / 306، تاريخ الطبري 3 / 293، مقتل الخوارزمي 1 / 309.

(2) تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر 18 / 306، مقتل الخوارزمي 1 / 309.

(3) راجع تاريخ الطبري 4 / 199 - 201. وراجع تفصيل هذا كلّه في كتاب مقتل أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام من موروث أهل الخلاف.

١٤٢

لك مجنَّد، والسلام عليك... إلخ(1) .

وروى الطبري وابن الأثير، وابن كثير والقندوزي واللفظ للأول، قال:

ثمّ قال لهم الحسينعليه‌السلام : «فإنْ كنتم في شكّ من هذا القول، أفتشكون أثراً ما أنّي ابن بنت نبيّكم؟ فوالله، ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري منكم ولا من غيركم، أنا ابن بنت نبيّكم خاصّة.

أخبروني: أتطلبوني بقتيل منكم قتلته؟ أو مال لكم استهلكته؟ أو بقصاص من جراحة؟».

قال: فأخذوا لا يكلِّمونه.

قال، (ع) فنادى (ع): «يا شبث بن ربعي ويا حجّار بن أبجر، ويا قيس بن الأشعث ويا يزيد بن الحارث، ألمْ تكتبوا إليَّ أنْ قد أينعت الثمار، واخضرَّ الجناب وطمت الجمام، وإنّما تقدّم على جند لك مجند فأَقْبِلْ؟». قالوا له: لمْ نفعل.

فقال (ع): «سبحان الله! بلى والله، لقد فعلتم»(2) .

وقد ذكره ابن سعد في قتلة الإمام الحسينعليه‌السلام (3) . وذكر أيضاً: أنّه قائد ميمنة جيش ابن سعد في قتال الإمام الحسينعليه‌السلام .

وقال العجلي فيه:

شبث بن ربعي من تميم، هو كان أوَّل من أعان على قتل عثمان (رضي الله عنه)، وهو أوَّل من حرّر الحَروريّة، وأعان على قتل الحسين بن عليّعليهما‌السلام (4) .

____________________

(1) تاريخ الطبري 3 / 278، البداية والنهاية 8 / 151 - 152، الكامل في التاريخ لابن الأثير 3 / 385، ذكره مجملاً بقوله: ثمّ كتب إليه شبث بن ربعي و... و... بذلك.

(2) تاريخ الطبري 3 / 319، البداية والنهاية، ابن كثير 8 / 194. وقريب منه في ينابيع المودّة لذوي القربى، القندوزي 3 / 65.

(3) ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام من طبقات ابن سعد / 96.

(4) معرفة الثقات، العجلي 1 / 448.

١٤٣

وروى الطبري والدينوري، وابن كثير واللفظ للأول، قال:

وجعل عمر على ميمنته عمرو بن الحجّاج الزبيدي، وعلى ميسرته شمر بن ذي الجوشن بن شرحبيل بن الأعور بن عمر بن معاوية، وهو الضباب بن كلاب وعلى الخيل عزرة بن قيس الأحمسي، وعلى الرجال شبث بن ربعي اليربوعي، وأعطى الراية ذويداً مولاه(1) .

ممّن أراد أنْ يحز الرأس الشريفعليه‌السلام .

قال القندوزي:

قال أبو مخنف: وبقي الحسين (ع) ثلاث ساعات من النهار ملطَّخاً بدمه رامقاً بطرفه إلى السماء، وينادي: «يا إلهي، صبراً على قضائك، ولا معبود سواك يا غياث المستغيثين!». فتبادر إليه أربعون فارساً يريدون حزَّ رأسه الشريف المكرَّم المبارك المقدَّس المنوَّر، ويقول عمر بن سعد: ويلكم! عجِّلوا بقتله. فدنا منه شبث بن ربعي، فرمقه الحسين (ض) بعينه، فرمى السيف من يده وولَّى هارباً، ويقول: معاذ الله أنْ ألقى الله بدمك يا حسين (ع)...(1) .

أقوال أهل الخلاف فيه

ومع هذا فقد قبل رواياته جمع من فطاحل علماء أهل الخلاف، ووثَّقوه.

فقد ذكره ابن حبّان في الثقات، فقال:

شبث بن ربعي من بني يربوع بن حنظلة التميمي، يروي عن عليّ (ع) وحذيفة.

____________________

(1) تاريخ الطبري 3 / 317، الأخبار الطوال، الدينوري / 256، البداية والنهاية، ابن كثير 8 / 193، ذكره باسم: شبيث بن ربعي.

(2) ينابيع المودّة لذوي القربى، القندوزي 3 / 82.

١٤٤

روى عنه محمّد بن كعب القرظي، يخطئ، وحديثه مستقيم(1) .

وقال فيه الرازي: شبث بن ربعي روى عن عليّ (ع) وحذيفة، روى عنه محمّد بن كعب وسليمان التيمي، سمعت أبي يقول ذلك، وسألته عنه فقال: حديثه مستقيم لا أعلم به بأساً، والذي روى أنس عنه يقال: ليس هو هذا(2) .

وقال فيه الذهبي:

شبث بن ربعي التميمي اليربوعي، أحد الأشراف والفرسان. كان ممّن خرج على عليّ (ع)، وأنكر عليه التحكيم ثمّ تاب وأناب. وحدَّث عن عليّ (ع) وحذيفة، وعنه محمّد بن كعب القرظي وسليمان التيمي، له حديث واحد في سنن أبي داود. قال الأعمش: شهدت جنازة شبث، فأقاموا العبيد على حدة والجواري على حدة، والجمال على حدة، وذكر الأصناف. قال: ورأيتهم ينوحون عليه ويلتدمون. قلت: كان سيّد تميم هو والأحنف(3) .

وقال عنه أيضاً:

شبث بن ربعي التميمي، عن عليّ (ع) وحذيفة، وعنه محمّد بن كعب وسليمان التيمي، خرج ثمّ تاب. وكان شريفاً له من كلّ المال(4) .

وقد ردَّ الذهبي على من ضعَّفه بأنه ممّن تاب وأناب، قال: شبث بن ربعي، عن عليّ (ع) مرفوعاً في التسبيح والتكبير. ذكره البخاري في

____________________

(1) الثقات، ابن حبّان 4 / 371.

(2) الجرح والتعديل، الرازي 4 / 388.

(3) سير أعلام النبلاء، الذهبي 4 / 150، وروى ما فعله المحبّون له عند موته، ابن سعد في الطبقات الكبرى 6 / 216.

(4) الكاشف في من له رواية في كتب الستّة، الذهبي 1 / 477.

١٤٥

الضعفاء، وقال: روى عنه محمّد بن كعب. لا يصحّ، ولا نعلمه سمع من شبث.

وقال الأزدي: هو أوَّل مَن حرّر الحَروريّة، فيه نظر. قلت: لكنّه فارق الخوارج وتاب وأناب. قال سليمان التيمي، عن أنس (رضي الله عنه)، قال شبث: أنا أوَّل من حرّر الحَروريّة(1) .

محمّد بن الأشعث

ممّن غدر بهانئ بن عروة (قدّس سرّه). وخرج إلى قتال مسلم بن عقيل وآمنه. ومَن سلب مسلم بن عقيلعليه‌السلام سيفه ودرعه. وفي رواية: أنّه ضرب مسلماً على شفته بالسيف. وخرج بألف فارس لقتال سبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الإمام الحسين بن عليّعليهما‌السلام ،...

تقدَّم ذلك في ترجمة عزرة بن قيس الأحمسي وغيره، وراجع تفصيل ذلك في كتابنا المقتل.

أقوال أهل الخلاف فيه

وهذا حال محمّد بن الأشعث، ومع ذلك قبله أهل الخلاف، ورووا عنه في صحاحهم وسننهم، ووثَّقوه، ولعلّ ذلك لكون أبي بكر خاله.

فقد ذكره ابن حبّان في مشاهير علماء الأمصار، وقال:

محمّد بن الأشعث بن قيس الكندي أبو القاسم، واُمُّه أخت أبي بكر الصديق، قُتل سنة سبع وستّين(2) .

وقال الذهبي:

____________________

(1) ميزان الاعتدال، الذهبي 2 / 261، وفي ط دار الكتب العلميّة 3 / 261.

(2) مشاهير علماء الأمصار، ابن حبّان / 166.

١٤٦

قلت: وكان ابنه محمّد بن الأشعث بعده من كبار الأمراء وأشرافهم، وهو والد الأمير عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث الذي خرج معه الناس، وعمل مع الحجّاج تلك الحروب المشهورة التي لمْ يسمع بمثلها، بحيث يُقال: إنّه عمل معه أحداً وثمانين مصافاً، معظمها على الحجّاج، ثمّ في الآخر خذل ابن الأشعث وانهزم، ثمّ ظفروا به وهلك(1) .

وقال أيضاً عنه: محمّد بن الأشعث بن قيس الكندي ابن أخت الصديق، سمع ابن مسعود وطائفة، وعنه مجاهد وجماعة، قُتل 67هـ(2) .

وقال عنه الألباني في خبر وقع ابن الأشعث في سنده 2 / 313: إسناده جيِّد، رجاله ثقات رجال مسلم، غير محمّد بن الأشعث. وقد وثّقه ابن حبّان، وروى عنه جماعة وهو تابعي كبير(3) .

وقال صاحب الموسوعة: محمّد بن الأشعث من الطبقة الثانية، ووهم من ذكره في الصحابة، أخرج له أبو داوود والنسائي(4) .

أقول: وأكثر ما قِيل فيه عند فرد أو فردين من أهل الخلاف: إنّه مجهول.

كثير بن شهاب

من أنصار بني اُميّة، ومن النواصب المتجاهرين بسبِّ ولعن أمير

____________________

(1) سير أعلام النبلاء، الذهبي 2 / 42.

(2) الكاشف في معرفة من له رواية في كتب الستّة، الذهبي 2 / 158.

(3) تناقضات الألباني الواضحات، حسن بن عليّ السقاف 2 / 169.

(4) موسوعة رجال الكتب التسعة 3 / 327.

١٤٧

المؤمنينعليه‌السلام على المنابر، وممّن خذَّل الناس عن نصرة الإمام الحسينعليه‌السلام ، وممّن كذبه وقاتله.

راجع تفصيل ذلك في كتاب المقتل.

وروى البلاذري، قال:

وحدَّثني العبّاس بن هشام الكلبي، عن أبيه، عن عوانة قال: كان كثير بن شهاب بن الحصين بن ذي الغصة الحارثي عثمانيّاً يقع في عليّ بن أبي طالب (ع)، ويثبِّط الناس عن الحسين (ع). ومات قُبيل خروج المختار بن أبي عبيد، أو في أوَّل أيّامه. وله يقول المختار بن أبي عبيد في سجعه: أمَا وربِّ السحاب، شديد العقاب، سريع الحساب، منزل الكتاب، لأنبشنَّ قبر كثير بن شهاب، المفتري الكذاب.

وكان معاوية ولاّه الريّ ودستبى حيناً من قبله ومن قبل زياد والمغيرة بن شعبة عامليه، ثمّ غضب عليه فحبسه بدمشق، وضربه حتّى شخص شريح بن هانئ المرادي إليه في أمره فخلَّصه.

وكان يزيد بن معاوية قد حمد مشايعته وأتباعه لهواه، فكتب إلى عبيد الله بن زياد في توليته: ماسبذان ومهر جانقذف، وحلوان والماهين وأقطعه ضياعاً بالجبل، فبني قصره المعروف بقصر كثير، وهو من عمل الدينور. وكان زهرة بن الحارث بن منصور بن قيس بن كثير بن شهاب اتّخذ بماسبذان ضياعاً(1) .

وقال الطبري:

ودعا عبيد الله كثير بن شهاب بن الحصين الحارثي، فأمره أنْ يخرج فيمَن أطاعه من مذحج، فيسير بالكوفة ويخذِّل الناس عن ابن عقيل، ويخوِّفهم

____________________

(1) فتوح البلدان، البلاذري 2 / 378.

١٤٨

الحرب، ويحذِّرهم عقوبة السلطان، وأمر محمّد بن الأشعث أنْ يخرج فيمَن أطاعه من كندة وحضرموت، فيرفع راية أمان لمَن جاءه من الناس. وقال مثل ذلك للقعقاع بن شور الذهلي وشبث بن ربعي التميمي، وحجّار بن أبجر العجلي وشمر بن ذي الجوشن العامري، وحبس سائر وجوه الناس عنده استيحاشاً إليهم؛ لقلَّة عدد مَن معه من الناس، وخرج كثير بن شهاب يخذِّل الناس عن ابن عقيل(1) .

موقف أهل الخلاف منه وأقوالهم فيه

قال عنه العجلي: كثير بن شهاب كوفي تابعي ثقة(2) .

وذكره ابن حبّان في الثقات(3) .

وقال ابن حجر العسقلاني:

كثير بن شهاب بن الحصين بن يزيد بن قنان بن سلمة بن وهب بن عبد الله بن ربيعة بن الحارث بن كعب، أبو عبد الرحمن المازني، نزيل الكوفة. ويُقال: إنّه الذي قتل الجالينوس يوم القادسيّة.

قال ابن عساكر: يُقال إنّ له صحبة. وقال ابن سعد: قتل جدُّه الحصين في الردَّة، فقتل ابنه شهاب قاتل أبيه، وساد كثير بن شهاب مذحج. ورُوى عن عمر، قال ابن عبد البرّ: في صحبته نظر. وقال ابن الكلبي: كان كثير بن شهاب موصوفاً بالبخل الشديد، وقد رأس حتّى كان سيّد مذحج بالكوفة، وولي لمعاوية الريّ وغيرها.

وقال المرزباني في ترجمة عبد الله بن الحجّاج بن محصن: كان شاعراً

____________________

(1) تاريخ الطبري 3 / 287.

(2) معرفة الثقات، العجلي 2 / 224.

(3) الثقات، ابن حبّان 5 / 330.

١٤٩

فاتكاً ممّن شرب، فضربه كثير بن شهاب وهو على الري في الخمر، فجاء ليلاً فضربه على وجهه ضربة أثّرت فيه، وذلك بالكوفة. وهرب فطلبه عبد الملك بن مروان، فقال في ذلك شعراً وآمنه عبد الملك بعد ذلك. وقال العجلي: كوفي تابعي ثقة. وقال البخاري: سمع عمر لمْ يزد. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: تابعي. وقال أبو زرعة: كان ممّن فتح قزوين. وأخرج ابن عساكر من طريق جرير، عن حمزة الزيّات قال: كتب عمر إلى كثير بن شهاب: مرْ من قبلك فليأكلوا الخبز الفطير بالجبن؛ فإنّه أبقى في البطن. قلت: ومما يقوِّي أن له صحبة ما تقدَّم أنهم ما كانوا يُؤمِّرون إلا الصحابة، وكتاب عمر إليه بهذا يدلُّ على أنه كان أميراً، وروينا في الجعديات للبغوي عن عليّ بن الجعد، عن شعبة، عن أبي إسحاق: سمعت قرظة بن أرطاة يحدِّث عن كثير بن شهاب: سألت عمر عن الجبن فقال: إنّ الجبن يصنع من اللبن واللبأ، فكلوا واذكروا اسم الله، ولا يغرَّنَّكم أعداؤه(1) .

نوفل بن مساحق من بني عامر بن لؤي

من أنصار بني اُميّة، ومن قتلة الإمام الحسينعليه‌السلام ، وممّن خرج بخمسة آلاف رجل لقتال المختار... وممّن شارك في واقعة الحرّة. ذكره ابن سعد في قتلة الحسينعليه‌السلام (2) .

موقف أهل الخلاف منه وأقوالهم فيه

قال الذهبي فيه: نوفل بن مساحق القرشي، عن عمر وسعيد بن زيد، وعنه ابنه عبد الملك وصالح بن كيسان، ثقة، ولي قضاء المدينة(3) . وقال ابن عساكر: نوفل بن مساحق بن عبد الله بن مخرمة بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، أبو سعيد، ويُقال: أبو مساحق، القرشيّ العامريّ. كان من أشراف قريش من أهل المدينة(4) . وذكره ابن حبّان في كتاب مشاهير علماء الأمصار(5) . وهو من قتل معقل بن سنان لانتقاصه يزيد بن معاوية. وأيضاً صحّح روايته الحاكم في مستدركه(6) . وقال المزيّ: وذكر محمد بن إسحاق: أنّ نوفل بن مساحق هو الذي قتل معقل بن سنان،

____________________

(1) الإصابة، ابن حجر 5 / 427 - 428.

(2) ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام من طبقات ابن سعد / 95.

(3) الكاشف في معرفة الرجال، مَن له رواية في كتب السنّة، الذهبي 2 / 328.

(4) تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر 62 / 293.

(5) مشاهير علماء الأمصار، ابن حبّان 63 / 138.

(6) المستدرك، الحاكم النيسابوري 1 / 385.

١٥٠

ومحمّد بن أبي جهم بن حذيفة العدوي يومئذ جميعاً صبراً، وقال فيه بعض الشعراء:

ألا تلكم الأنصار تبكي سراتها

وأشجع تبكي معقل بن سنان(1)

وقال فيه ابن حجر في تقريب التهذيب:

نوفل بن مساحق بن عبد الله بن مخرمة القرشيّ العامريّ المدنيّ القاضي، ثقة من الثالثة، مات بعد السبعين(2) .

وقال أيضاً في تهذيب التهذيب:

ذكره ابن سعد في الطبقة الثانية من المدنيّين، وقال: ولي القضاء بالمدينة، وقال النسائي: ثقة. وذكره ابن حبّان في الثقات(1) .

وقال فيه ابن حجر في تقريب التهذيب وتحريره، واللفظ للأوّل: نوفل بن مساحق بن عبد الله بن مخرمة القرشي العامري المدني القاضي: ثقة من الثالثة، مات بعد السبعين(2) .

ووثَّقه الهيثمي، حيث قال:

وعن سعيد بن زيد، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: «مَن أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حقِّ، وإنّ هذه الرحم شجنة من الرحمن عزَّ وجلَّ، فمَن قطعها حرَّم الله عليه الجنّة». رواه أحمد والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح غير نوفل بن مساحق، وهو ثقة(3) .

حجّار بن أبجر

ممن كتب إلى الإمام الحسينعليه‌السلام يطلب منه المجيء، وبعد ذلك خرج عليهعليه‌السلام وكذّبه.

ذكره ابن سعد في قتلة الحسينعليه‌السلام (4) .

وقد تقدَّم في ترجمة شبث بن ربعي ما رواه الطبري وابن كثير، وابن الأثير

____________________

(1) تهذيب التهذيب، ابن حجر 10 / 437.

(2) تقريب التهذيب، ابن حجر 2 / 255، تحرير تقريب التهذيب، ابن حجر العسقلاني 4 / 28، منشورات مؤسّسة الرسالة.

(3) مجمع الزوائد، الهيثمي 8 / 150.

(4) ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام من طبقات ابن سعد / 96.

١٥١

واللفظ للأوّل، قال:

وكتب شبث بن ربعي وحجّار بن أبجر، ويزيد بن الحارث ويزيد بن رويم، وعزرة بن قيس وعمرو بن الحجّاج الزبيدي، ومحمّد بن عمير التميمي: أمَّا بعد، فقد اخضرَّ الجناب وأينعت الثمار وطمت الجمام، فإذا شئت فاقدم على جند لك مجنَّد، والسلام عليك...(1) .

وروى الطبري وابن الأثير، وابن كثير والقندوزي، واللفظ للأوّل، قال:

ثمّ قال لهم الحسينعليه‌السلام : «فإنْ كنتم في شكّ من هذا القول، أفتشكّون أثراً ما أنّي ابن بنت نبيّكم؟! فوالله، ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري منكم ولا من غيركم، أنا ابن بنت نبيّكم خاصّة.

أخبروني: أتطلبوني بقتيل منكم قتلته؟! أو مال لكم استهلكته؟! أو بقصاص من جراحة؟!».

قال: فأخذوا لا يكلِّمونه.

قال، فنادى (ع): «يا شبث بن ربعي ويا حجّار بن أبجر، ويا قيس بن الأشعث ويا يزيد بن الحارث، ألمْ تكتبوا إليَّ أنْ قد أينعت الثمار واخضرّ الجناب وطمت الجمام، وإنّما تقدم على جند لك مجنَّد فأَقْبِلْ؟!».

قالوا له: لمْ نفعل. فقال (ع): «سبحان الله! بلى، والله لقد فعلتم»(2) .

____________________

(1) تاريخ الطبري 3 / 278، البداية والنهاية 8 / 151 - 152، الكامل في التاريخ 3 / 385، ذكره مجملاً بقوله: ثمّ كتب إليه شبث بن ربعي و... و... بذلك.

(2) تاريخ الطبري3 / 319، الكامل في التاريخ 3 / 419، البداية والنهاية 8 / 180، وفي ط / 194، وذكر: أنّ ثلاثين شخصاً انضمّوا إلى الإمام الحسينعليه‌السلام من جيش ابن سعد، قال، قال: وأقبلوا يزحفون نحوه وقد تحيز إلى جيش الحسينعليه‌السلام من أولئك طائفة قريب من ثلاثين فارساً - فيما قِيل - منهم: الحرّ بن يزيد، أمير مقدّمة جيش ابن زياد، فاعتذر إلى الحسينعليه‌السلام ممّا كان منهم... إلخ. ينابيع المودّة لذوي القربى، القندوزي 3 / 64 بإيجاز.

١٥٢

أقوال أهل الخلاف فيه

ما قاله محدِّث الشام ابن عساكر:

أخبرنا أبو البركات الأنماطي، وأبو العزّ الكيلي قالا: أنبأنا أبو طاهر الباقلاني - زاد الأنماطي: وأبو الفضل العدل - قال: أنبأنا أبو الحسن الأصبهاني، أنبأنا أبو الحسين الأهوازي، أنبأنا أبو حفص الأهوازي، نبأنا خليفة بن خياط، قال: في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة: حجّار بن أبجر بن جابر بن بجير بن عايذ بن شريط بن عمير بن مالك بن ربيعة بن زاهم... إلخ(1) .

ما قاله ابن سعد:

حجّار بن أبجر بن جابر بن بجير بن عائذ بن شريط بن عمرو بن مالك بن ربيعة من عجل. وكان شريفاً، روى عن عليّ(ع)(2) .

ما قاله البخاري:

حجّار بن أبجر البكري، سمع عليّ (عليّه السلام) ومعاوية، روى عنه سماك. قال وكيع: العجلي يُعدُّ في الكوفيّين(3) .

ما قاله الرازي:

مَن رُوي عنه العلم ممّن اسمه: حجّار - حجّار بن أبجر البكري كوفي - روى عن عليّعليه‌السلام ومعاوية، روى عنه سماك بن حرب، سمعت أبي يقول ذلك(4) .

ما قاله ابن ماكولا:

____________________

(1) تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر 12 / 206.

(2) الطبقات الكبرى، محمّد بن سعد 6 / 231، وفي ط / 250.

(3) التاريخ الكبير، البخاري 3 / 130.

(4) الجرح والتعديل، الرازي 3 / 312.

١٥٣

أبو سيّد، حجّار بن أبجر العجلي، كنَّاه المدائني، يروي عن عليّ بن أبي طالب(ع) ومعاوية بن أبي سفيان، روى عنه سماك بن حرب(1) .

وذكره أيضاً بعد تعداده أبناء بجير، فقال: منهم حجّار بن أبجر بن بجير بن عائذ، كان شريفاً(2) .

فهذا حاله بلا خلاف، وهو شريف عند أهل الخلاف، وممّن روى العلم ومن الطبقة الأولى ومن التابعين.

القعقاع بن شور

من أنصار بني اُميّة، وممّن قاتل مسلم بن عقيلعليه‌السلام وأعان عليه.

روى الطبري قال:

قال أبو مخنف: فحدَّثني أبو جناب الكلبي: أنّ كثيراً ألفى رجلاً من كلب - يُقال له: عبد الأعلى بن يزيد - قد لبس سلاحه يُريد ابن عقيل في بني فتيان، فأخذه حتّى أدخله على ابن زياد فأخبره خبره، فقال لابن زياد: إنّما أردتك. قال: وكنت وعدتني ذلك من نفسك. فأمر به فحُبس.

وخرج محمّد بن الأشعث حتّى وقف عند دور بني عمارة، وجاءه عمارة بن صلخب الأزدي، وهو يريد ابن عقيل عليه سلاحه، فأخذه فبعث به إلى ابن زياد، فحبسه. فبعث ابن عقيل إلى محمّد بن الأشعث من المسجد عبد الرحمن بن شريح الشبامي، فلمَّا رأى محمّد بن الأشعث كثرة مَن أتاه أخذ يتنحَّى ويتأخَّر، وأرسل القعقاع بن شور الذهلي إلى محمّد الأشعث: قد حلّت على ابن عقيل من

____________________

(1) إكمال الكمال، ابن ماكولا 1 / 71.

(2) إكمال الكمال، ابن ماكولا 6 / 13.

١٥٤

العرار، فتأخَّر عن موقفه. فأقبل حتّى دخل على ابن زياد من قبل دار الروميّين.

فلمَّا اجتمع عند عبيد الله كثير بن شهاب ومحمّد والقعقاع فيمن أطاعهم من قومهم، قال له كثير - وكانوا مناصحين لابن زياد -: أصلح الله الأمير! معك في القصر ناس كثير من أشراف الناس، ومن شرطك وأهل بيتك ومواليك، فاخرج بنا إليهم. فأبى عبيد الله، وعقد لشبث بن ربعي لواء فأخرجه. وأقام الناس مع ابن عقيل يكبِّرون ويثوبون حتّى المساء وأمرهم شديد، فبعث عبيد الله إلى الأشراف فجمعهم إليه، ثمّ قال: أشرفوا على الناس فمنُّوا أهل الطاعة الزيادة والكرامة، وخوّفوا أهل المعصية الحرمان والعقوبة، وأعلموهم وصول الجنود من الشام إليهم(1) .

أقوال أهل الخلاف في القعقاع

قال خيرالدين الزركلي: قعقاع بن شور الذهلي من بني بكر بن وائل، تابعي من الأجواد. كان في عصر معاوية بن أبي سفيان، يُضرب به المثل في حسن المجاورة، قِيل: كان يجعل لمَن جالسه نصيباً من ماله ويعينه على عدوِّه، ويشفع له في حوائجه، ثمّ يغدو إليه بعد المجالسة شاكراً. وفيه يقول الشاعر:

وكنت جليسَ قعقاعِ بنِ شورٍ

ولا يشقى بقعقاعٍ جليسُ(2)

وقال ابن ماكولا: والقعقاع بن شور السدوسي تابعي، وعبد الملك بن نافع ابن أخي القعقاع بن شور. روى عن ابن عمر حديثاً في تحليل الشراب، روى عنه إسماعيل بن أبي

____________________

(1) تاريخ الطبري 3 / 287.

(2) الأعلام، خيرالدين الزركلي 5 / 201.

١٥٥

خالد والعوام بن حوشب(1) .

وقال ابن أبي حاتم الرازي:

قعقاع بن شور، روى عن... أخبرنا عبد الرحمن، قال: سألت أبي عنه، وقلت: إنّ البخاري(*) أدخل اسمه فيمَن يسمَّى القعقاع. فقال: لا يُعلم للقعقاع بن شور(2) رواية، والذي يُحدِّث يقال له: عبد الملك بن أخي القعقاع بن شور(3) .

وردَّ ابن حجر العسقلاني على من ضعَّف حديثه فقط، وأثنى عليه حيث قال: قعقاع بن شور، قال أبو حاتم: ضعيف الحديث، انتهى. والمعروف بالتحديث عبد الملك بن أخي القعقاع بن شور(4) ، والقعقاع من كبار الأمراء في دولة بني اُميّة، وفيه يقول الشاعر:

وكنت جليس قعقاعِ بنِ شورٍ

ولا يشقى لقعقاعٍ جليسُ(5)

الحصين بن نمير

من أتباع بني اُميّة، وهو مَن ضرب الإمام الحسينعليه‌السلام في فمه، وممّن شارك في قتلهعليه‌السلام ، وممّن استباحوا المدينة حتّى قتلوا المسلمين فيها وافتضوا الأبكار،

____________________

(1) إكمال الكمال، ابن ماكولا 4 / 392. والمقصود بالدوسي، هو: الباهلي بقرينة عبد الملك ابن أخيه، فإنّ أكثر مَن ذكر القعقاع ذكر عبد الملك بن أخي القعقاع.

(*) ذكره البخاري في تاريخه 7 / 188 بدون تعليق عليه.

(2) وفي المطبوع: أبي شور، والصحيح ما أثبتناه.

(3) الجرح والتعديل، الرازي 7 / 137.

(4) يعني: إذا لمْ تكن له رواية، فكيف يضعَّف؟

(5) لسان الميزان، ابن حجر 4 / 474، وفي ط 5 / 528.

١٥٦

وممّن حرقوا الكعبة ورموها بالمنجنيق، وهو قاتل سليمان بن ُصرد الخزاعي(1) .

مِن الموالين لبني اُميّة

ذكره محدِّث الشام ابن عساكر فقال:

حصين بن نمير بن نائل بن لبيد بن جعثنة بن الحارث بن سلمة بن شكامة بن شبيب بن السكون بن أشرس بن كندة، وهو ثور بن عفير بن عدي بن الحارث، أبو عبد الرحمن الكندي ثمّ السكوني، من أهل حمص. روى عن بلال(2) ، روى عنه ابنه يزيد بن حصين. وكان بدمشق حين عزم معاوية على الخروج إلى صفين وخرج معه، وولي الصائفة ليزيد بن معاوية.

وكان أميراً على جند حمص. وكان في الجيش الذي وجَّهه يزيد إلى أهل المدينة من دمشق لقتال أهل الحرّة، واستخلفه مسلم بن عقبة - المعروف بمسرف - على الجيش وقاتل ابن الزبير. وكان بالجابية حين عقدت لمروان بن الحكم الخلافة(3) .

____________________

(1) سير أعلام النبلاء، الذهبي 3 / 394، قال: سليمان بن ُصرد (ع) الأمير أبو مطرف الخزاعي الكوفي الصحابي، له رواية يسيرة وعن أبي، وجبير بن مطعم، وعنه: يحيى بن يعمر وعدي بن ثابت، وأبو إسحاق وآخرون. قال ابن عبد البرّ: كان ممّن كاتب الحسينعليه‌السلام ليبايعه، فلمَّا عجز عن نصره ندم وحارب. قلت: كان ديِّناً عابداً... إلخ.

(2) وذكر الذهبي في ميزان الاعتدال 1 / 554، رقم الترجمة / 2099: أنّ حصين بن نمير أمير يزيد هو الراوي عن بلال.

وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب 2 / 338: وفرَّق البخاري بين حصين بن نمير الراوي عن بلال، وبين حصين بن نمير الأمير، وهو الأظهر عندي.

أقول: وما ذكره ابن حجر ليس بصحيح، ولا يُستفاد من كلام البخاري، إذ البخاري ضعَّف حرقه للكعبة فقط، ولم ينفِ أنّه كان أميراً ليزيد، ولمْ يقل إنّه مغايرٌ لمَن روى عن بلال، وسيتبيَّن حال ذلك كلّه.

(3) تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر 14 / 382.

١٥٧

خروجه لقتال الحسين عليه‌السلام

قال الدينوري:

فكتب عمر بن سعد إلى ابن زياد بذلك فغضب، فخرج بجميع أصحابه إلى النخيلة، ثمّ وجَّه الحصين بن نمير وحجّار بن أبجر، وشبث بن ربعي وشمر بن ذي الجوشن، ليعاونوا عمر بن سعد على أمره؛ فأمَّا شمر فنفّذ لمَا وجَّهه له؛ وأمَّا شبث فاعتلَّ بمرض، فقال له ابن زياد: أتتمارض؟ إنْ كنت في طاعتنا فاخرج إلى قتال عدوِّنا، فلمَّا سمع شبث ذلك خرج، ووجَّه أيضاً الحارث بن يزيد بن رويم(1) .

ضربه الإمام الحسينعليه‌السلام بالسهم في فيه

قال الدينوري:

وبقي الحسينعليه‌السلام ملياً جالساً، ولو شاؤوا أن يقتلوه قتلوه، غير أنّ كلَّ قبيلة كانت تتّكل على غيرها وتكره الإقدام على قتله. وعطش الحسينعليه‌السلام ، فدعا بقدح من ماء، فلمَّا وضعه في فيه رماه الحصين بن نمير بسهم فدخل فمه، وحال بينه وبين شرب الماء، فوضع القدح من يده(2) .

ممّن حملوا الرؤوس

قال الدينوري:

وبعث عمر بن سعد برأس الحسينعليه‌السلام من ساعته إلى عبيد الله بن زياد مع خولي بن يزيد الأصبحي، وأقام عمر بن سعد بكربلاء بعد مقتل الحسينعليه‌السلام

____________________

(1) الأخبار الطوال، الدينوري / 254.

(2) الأخبار الطوال، الدينوري / 258.

١٥٨

يومين، ثمّ أذن في الناس بالرحيل، وحملت الرؤوس على أطراف الرماح، وكانت اثنين وسبعين رأساً، جاءت هوازن منها: باثنين وعشرين رأساً، وجاءت تميم: بسبعة عشر رأساً مع الحصين بن نمير، وجاءت كندة: بثلاثة عشر رأساً مع قيس ابن الأشعث، وجاءت بنو أسد: بستة رؤوس مع هلال الأعور، وجاءت الأزد: بخمس رؤوس مع عيهمة بن زهير، وجاءت ثقيف: باثني عشر رأساً مع الوليد بن عمرو(1) .

أقوال أهل الخلاف فيه

ذكره ابن حبّان في الثقات، فقال: حصين بن نمير يروي عن بلال، روى عنه ابنه يزيد بن حصين(2) .

مالك بن النسير

من النواصب المعادين للإمام الحسينعليه‌السلام ، وممّن أقرَّ بإمامة يزيد بن معاوية، ومن رُسُل ابن زياد، وممّن ضرب رأس الإمام الحسينعليه‌السلام وسلب درعهعليه‌السلام .

قال الطبري:

قال: فلمّا أصبح نزل فصلَّى الغداة، ثمّ عجَّل الركوب، فأخذ يتياسر بأصحابه يُريد أنْ يفرِّقهم، فيأتيه الحرّ بن يزيد فيردُّهم فيردُّه، فجعل إذا ردَّهم إلى الكوفة رداً شديداً امتنعوا عليه فارتفعوا، فلمْ يزالوا يتسايرون حتّى انتهوا إلى نينوى المكان الذي نزل به الحسينعليه‌السلام .

قال: فإذا راكب على نجيب له وعليه السلاح متنكب قوساً، مقبل من الكوفة،

____________________

(1) الأخبار الطوال، الدينوري / 259.

(2) لسان الميزان، ابن حجر 6 / 294، وفي ط 7 / 476.

١٥٩

فوقفوا جميعاً ينتظرونه، فلمّا انتهى إليهم سلَّم على الحرّ بن يزيد وأصحابه، ولمْ يسلَّم على الحسينعليه‌السلام وأصحابه، فدفع إلى الحرّ كتاباً من عبيد الله بن زياد، فإذا فيه: أمَّا بعد، فجعجع بالحسين (ع) حين يبلغك كتابي ويقدم عليك رسولي، فلا تنزله إلاّ بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء، وقد أمرت رسولي أنْ يلزمك ولا يفارقك، حتّى يأتيني بإنفاذك أمري، والسلام.

قال: فلمَّا قرأ الكتاب قال لهم الحرّ: هذا كتاب الأمير عبيد الله بن زياد يأمرني فيه أنْ أجعجع بكم في المكان الذي يأتيني فيه كتابه، وهذا رسوله، وقد أمره أنْ لا يفارقني حتّى أنفذ رأيه وأمره، فنظر إلى رسولِ عبيد الله يزيدُ بن زياد بن المهاصر(1) أبو الشعثاء الكندي ثمّ البهدلي، فعنَّ له، فقال: أمالك بن النسير البديّ؟ قال: نعم - وكان أحد كندة - فقال له يزيد بن زياد: ثكلتك أُمُّك، ماذا جئت فيه؟ قال: وما جئت فيه؟‍ أطعت إمامي ووفيت ببيعتي، فقال له أبو الشعثاء: عصيت ربَّك، وأطعت إمامك في هلاك نفسك، كسبت العار والنار. قال الله عز وجل:( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إلى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ ) (2) . فهو إمامك(3) .

ضربه رأس الحسينعليه‌السلام ... وسلبه

قال الطبري:

قال: وإنّ رجلاً من كندة - يُقال له: مالك بن النسير من بني بداء - أتاه فضربه على رأسه بالسيف، وعليه برنس له فقطع البرنس وأصاب السيف رأسه فأدمى

____________________

(1) فإنّ هذا ممّن التحق بالإمام الحسينعليه‌السلام وقتل معه.

(2) سورة القصص / 41.

(3) تاريخ الطبري 3 / 309.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265