الحكم والأخلاق في منطق الثورة الحسينية

الحكم والأخلاق في منطق الثورة الحسينية 0%

الحكم والأخلاق في منطق الثورة الحسينية مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 377

الحكم والأخلاق في منطق الثورة الحسينية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد شعاع فاخر
تصنيف: الصفحات: 377
المشاهدات: 102756
تحميل: 10470

توضيحات:

الحكم والأخلاق في منطق الثورة الحسينية
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 377 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 102756 / تحميل: 10470
الحجم الحجم الحجم
الحكم والأخلاق في منطق الثورة الحسينية

الحكم والأخلاق في منطق الثورة الحسينية

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وعلى هذا المنوال المفيد والنهج الصحيح قطع الإسلام شوطاً بعيداً في تحرير الإنسان من قيود الجاهلية وأخلاقها المرفوضة.

وتم له في مدة قياسيّه بناء مجتمع ليس له نظير في مجتمعات العالم التي بنتها الاديان السابقة أو المدارس النظرية.

ولعل من المفيد أن نشير إلى نقطة الارتكاز التي استند إليها الإسلام في تحرير الإنسان وساعدته على تحقيق هدفه الاسمى في الإصلاح تلكم هي العناية القصوى بالكرامة البشرية. فقد اهتم الإسلام اهتماماً بالغاً بتكريم الإنسان يقول سبحانه وتعالى:( وَلَقَدْ كَرّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِنَ الطّيّبَاتِ وَفَضّلْنَاهُمْ عَلَى‏ كَثِيرٍ مِمّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) (1) .

كرّمهم بالعقل والنطق وحسن الصورة وتعديل القامة وامتدادها وسخر لهم سائر الأشياء وفضلهم على الخلق حتى الملائكة وإن كان في تفضيلهم على الملائكة اختلاف بين العلماء.

وفي الحديث عن جابر يرفعه قال: لما خلق الله آدم وذريّته قال الملائكة: يا رب خلقتهم يأكلون ويشربون وينكحون فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة.

فقال تعالى: لا أجعل من خلقته بيدي ونفخت فيه من روحي كمن قلت له كن فكان.

وفي المسئلة رأي وجيه ذهب إليه البغوي قال: والأولى أن يقال: عوام المؤمنين أفضل من عوام الملائكة وخواص المؤمنين أفضل من خواص الملائكة.

قال الله تعالى:( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيّةِ ) . وروى عن أبي هريرة أنه قال: المؤمن من أفضل وأكرم على الله من الملائكة الذين عنده(2) .

وبهذا التكريم يحمل الإسلام الإنسان على الشعور بالكرامة فينزع إلى معالي الاُمور وعمل الخير وفعل الطيبات ويترفع عن الدنابا وخسائس الأخلاق والصفات.

لأنّ التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل فرع الأحساس بالذات وهو مفقود

____________________

(1) الاسراء: 70.

(2) البغوي، معالم التنزيل، ج3 ص125.

٤١

عند الإنسان حال كونه يشعر بالضعة والمهانة.

ومن جهلت نفسه قدره

رأي غيره منه ما لا يرى

وإذا لم يستهن بنفسه وصاحبه شعور بتكريم ذاته ارتفع عن حضيض الهوان إلى مصاف العوالم النورانيّة المكرمة.

ومن هذا المنطق الحر الكريم ساوى الإسلام بين أفراد النوع الإنساني مساواة مطلقة فلا تمييز بين أفراده كافة كما لا عبرة بالفروق الطبيعيّة من اللون والجنس والأصل واللغات.

ومثلها الفروق المصطنعة كالحسب والنسب والمكانة الاجتماعيّة وغير ذلك. وجعل التمايز حاصلاً في التقوى «إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم» وهي مجموع ما يكسبه الإنسان من الصفات الفاضلة ويتحلّى به من الأخلاق النبيلة.

وأقام مبادئة الإنسانيّة على هذا الأساس المتين (كلكم لآدم وآدم من تراب) ودستور ذلك كلّه يتقوم بالآية الكريمة:

يقول الدكتور الشكعة: أما وقد سوّى الإسلام بين الناس كافة وقضى على العرفية والمفاضلة بالأحساب والأنساب بين الناس وجعل الفضل لصاحب الفضل أياً كان نسبه أو عرقه أو لونه، فإن فلسفة التوحيد التي جاء بها الإسلام كانت في حد ذاتها ذات أثر خطير في تحرير الإنسان، كل الإنسان من الخوف والجبن والطفاة والظلمة وأصحاب النفوذ وأرباب المال تحرراً كاملاً أنّه تحرّر في القول والعمل والفكر والطعام واللباس والتحرك ولكن في نطاق الالتزام بروح الإسلام.....

وينقل كلمة العالم الأنجليزي الأستاذ يورك القائل: (القانون المحمدي - يقصد الإسلامي - ملزم للجميع، من صاحب التاج إلى أحط فرد في الرعية أنّه قانون يقوم على أساس من أحكم شريعة وجدت في العالم .....(1)

وظل علم المساواة بين الناس كافة خفّاقاً على الرؤوس طيلة العهد النبوي وشطراً من خلافة الأول.

وأول من حرف البناء عن أسّه وأحدث شرخاً في هيكله عو عمر بن الخطاب

____________________

(1) الدكتور، الشكعة، معالم الحضارة الإسلامية، ص31.

٤٢

وذلك بما اتخذ من سياسة التفريق بين فئأت المسلمين وتفضيل بعضهم على بعض في العطاء.

وهذا الوضع الجديد ارسى دعائم المجتمع الطبقي حيث فضل قريشاً على الناس كافة والعرب على غيرهم والمهاجرين على الانصار والأوس على الخزرج والصريح على المولى وهكذا.

وما ينسب إليه من المواقف الدالّة على المساواة فليست تعبر عن سياسته العامة بل هي مواقف فردية أفرزتها ساعة من ساعات النخوة عنده.

نظير موقفه من عمرو بن العاص وابنه حين شكاه ذلك القبطي في مسئلة السباق الذي جرى بينهما فقد ضرب ابن عمرو القبطي حين سبقه قائلاً أنا إبن الأكرمين فشكاه إلى عمر فما كان من عمر إلاّ إحضار الأطراف جميعاً وأمر القبطي بالقصاص وقال قولته المشهورة متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احراراً؟!

وهذا موقف ممتاز حقاً ولكنه إلى جانب نظائر له كان فيها عمر عوناً للقوي على الضعيف. والرجل نفسه يعتبر الواجهة التي تختفي ورائه مراكز القوى في ذلك العهد.

وبسلطانه صال معاوية وجال ومثله فعل الاشعث ابن قيس وغيرهما. ومن الاُمور العجيبة التي عزيت إليه ذلك الموقف الغريب فقد قال له أحد مستمعيه بعد خطاب لعمر: والله لو رأينا فيك أعوجاجاً لفوّمناه بسيوفنا(1) .

وهذا القول مناقض تماماً لوجوب الطاعة لولاة الأمر عند القوم برهم وفاجرهم وحرمة القيام عليهم بالسيف وعلى هذا الأساس منع عبدالله بن عمر أولاده ومواليه من نقض بيعة يزيد وهددهم بالصيلم(2) .

وروى راويهم أبو هريرة: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: سيليكم بعدي ولاة فيليكم البر ببرّه، ويليكم الفاجر بفجوره فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق فإن أحسنوا فلكم ولهم وإن أساءوا فلكم وعليهم(3) .

____________________

(1) الشكعة، معالم الحضارة الإسلامية، ص31.

(2) البداية والنهاية، ج8 ص218، الطبقات، ج4 ص183.

(3) الشكعة، معالم الحضارة الإسلامية، ص46.

٤٣

وفي رواية المجمع زيادة قوله: وصلوا وراءهم..(1) .

وفي رواية اُخرى: أنقاتلهم يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: لا ما أقاموا الصلاة(2) .

فكيف يرفع هذا الرجل عقيرته بالسيف في وجه عمر وهو أبو حفص الذي لا يقعقع له بالشنان الرواية لا شك واهية.

وحينئذ لا مناص من نبذ أحد القولين.

أما روايه السيف أو حديث أبي هريرة والواقع أنّ سياقات هذا الحديث كثيرة ولكنها غير ثابتة وللعلماء فيها رأي مشهور وهو وضعها في العهد الأموي لصالحه ولتخدير الاُمة والاستحواذ عليها وللحيولة بينها وبين ممارسة حقها الطبيعي في الإنكار والثورة على الطغاة ولو صحت هذه الأحاديث لبطل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولأقتصر على فئة خاصة من الناس ولكان حكم الجهاد منسوخاً أو مقصوراً على الكفار وحدهم.

أجل أقام الإسلام مجتمع المساواة التامة بين أفراد النوع الإنساني وساعدت عقيدة التوحيد على تحرير الإنسان من العبودية والذل لغير الله سواء كان خليفة أو ملكاً مهما كانت صفته. لا إله إلاّ الله.

وفي هذا المجتمع المتكافئ أشاع الإسلام مبادئه الأخلاقية المؤلفة من قسمين فضائل ورذائل ودعا إلى التحلي بالاولى والتخلي عن الثانية وإليك قائمة بأسمائها نقلاً عن كتاب: روح الدين الأسلامي للأستاذ عفيف طبّاره.

الفضائل ...

الاول: الاستقامة وإصلاح النفس وتزكيتها.

قال سبحانه وتعالى:( إِنّ الّذِينَ قَالُوا رَبّنَا اللّهُ ثُمّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنّةِ الّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ) (3) .

____________________

(1) الهيثمي، مجمع الزوائد، ج 5 ص 18.

(2) مجمع الزوائد: ج 5 ص 218.

(3) فصلت: 30.

٤٤

( إِنّ الّذِينَ قَالُوا رَبّنَا اللّهُ ثُمّ اسْتَقَامُوا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) (1) .

وجاء رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: اوصني يا رسول الله فأجابه الرسول بهذه الجملة الموجزة الرائعة: (قل آمنت بالله ثمّ استقم)(2) .

اصلاح النفس

قال الله تعالى:( فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (3) .

( يَا بَنِي آدَمَ إِمّا يَأْتِيَنّكُمْ رُسُلٌ مِنكُمْ يَقُصّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتّقَى‏ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) (4) .

تزكية النفس

قال الله تعالى:( قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكّى ) (5) .

وقال سبحانه:( قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسّاهَا ) (6) .

وقال تعالى:( ومن يتزكّى فإنّما يتزكّى لنفسه وإلى الله المصير ) (7) .

الإحسان

قال الله تعالى:( وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللّهُ إِلَيْكَ ) (8) .

____________________

(1) الاحقاف: 13.

(2) صحيح مسلم، كتاب الايمان رقم 62، مسند أحمد، ج3 ص413، وج4 ص385، تفسير البغوي، ج3 ص355، والدر المنثور، ج2 ص220 وغيرهم.

(3) المائدة: 39.

(4) الاعراف: 35.

(5) الاعلى: 14.

(6) الشمس: 9 و10.

(7) فاطر: 18.

(8) القصص: 77.

٤٥

وقال سبحانه:( إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ) (1) .

وقال عزوجل:( إِنّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى‏ وَيَنْهَى‏ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ) (2) .

وقال تعالى:( وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للّهِ‏ِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ) (3) .

ويقول سبحانه: ( وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ) (4) .

وقال تعالى:( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) (5) .

وقال جلت عظمته:( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُم مِن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ) (6) .

التقوى

قال الله تعالى:( يَاأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّهَ حَقّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنّ إِلاّ وَأَنْتُم مُسْلِمُونَ ) (7) .

وقال سبحانه:( لَيْسَ الْبِرّ أَنْ تُوَلّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنّ الْبِرّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنّبِيّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى‏ حُبّهِ ذَوي الْقُرْبَى‏ وَالْيَتَامَى‏ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ الْسّبِيلِ وَالسّائِلِينَ وَفِي الرّقابِ وَأَقَامَ الصّلاَةَ وَآتَى الزّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضّرّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الّذِينَ صَدَقُوْا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتّقُونَ ) (8) .

وقال سبحانه: ( أَلاَ إِنّ أَوْلِيَاءَ اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الّذِينَ آمَنُوا ِ

____________________

(1) الاسراء: 7.

(2) النحل: 90.

(3) النساء: 125.

(4) لقمان: 22.

(5) الانعام: 160.

(6) النحل: 89.

(7) آل عمران: 102.

(8) البقرة: 177.

٤٦

وَكَانُوا يَتّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى‏ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَفِي الآخِرَة ) (1) .

وقال تبارك وتعالى:( وَمَن يَتّقِ اللّهَ يَجْعَل لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ ) (2) .

وقال تعالى:( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِن تَتّقُوا اللّهَ يَجْعَل لَكُمْ فُرْقَاناً ) (3) .

وقال تعالى: ( وَتَزَوّدُوا فَإِنّ خَيْرَ الزّادِ التّقْوَى ) (4) .

الصبر

قال تعالى:( إِنّمَا يُوَفّي الصّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (5) .

وقال سبحانه أيضاً:( وَلَنَجْزِيَنّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (6) .

وقال سبحانه:( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ) (7) .

وقال تعالى:( وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتّقُوا فَإِنّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ ) (8) .

وقال تعالى:( وَلَنَبْلُوَنّكُمْ حَتّى‏ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبَارَكُمْ ) (9) .

وقال سبحانه:( وَلَنَبْلُوَنّكُمْ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالّثمَرَاتِ وَبَشّرِ الصّابِرِينَ * الّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنّا للّهِ‏ِ وإِنّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ * أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِن رَبّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) (10) .

____________________

(1) يونس: 63 - 64.

(2) الطلاق: 2 - 3.

(3) الانفال: 29.

(4) البقرة: 197.

(5) الزمر: 10.

(6) النحل: 96.

(7) السجدة: 24.

(8) آل عمران: 186.

(9) محمد: 31.

(10) البقرة: 155 - 157.

٤٧

العفو

قال تعالى:( وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (1) .

وقال سبحانه:( وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السّيّئَةَ ) (2) .

وقال عز اسمه:( وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ الْسّيّئَةُ ادْفَعْ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنّهُ وَلِيّ حَمِيمٌ ) (3) .

وقال تعالى:( وَجَزاءُ سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللّهِ إِنّهُ لاَ يُحِبّ الظّالِمِينَ * وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ مَا عَلَيْهِم مِن سَبِيلٍ * إِنّمَا السّبِيلُ عَلَى الّذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُور ) (4) .

وقال تبارك وتعالى:( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النّاسِ وَاللّهُ يُحِبّ الْمُحْسِنِينَ ) .

الصدق

قال تعالى:( يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا الله وكونوا مع الصادقين ) (5) .

وقال سبحانه:( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّهَ وَقُولُوا قَوْلاَ سَدِيداً ) (6) .

ويقول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرّى الصدق حتّى يكتب عندالله صديقاً واياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرّى الكذب حتّى يكتب عندالله كذّاباً).

____________________

(1) التغابن: 14.

(2) الرعد: 22.

(3) فصّلت: 34.

(4) الشورى: 40 - 43.

(5) التوبة: 199.

(6) الاحزاب: 70.

٤٨

ومن أنواع الصدق الأمانة التي هي من ارفع الصفات في الإنسان.

قال تعالى: ( وَالّذِينَ هُمْ لأمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ) (1).

ومن أنواع الصدق أيضاً صدق الوعد الذي هو من الصفات الحميدة التي يتحلّى بها الانسان.

قال تعالى:( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْماعِيلَ إِنّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نّبِيّاً ) (2) .

 الاصلاح بين الناس

قال تعالى:( إِنّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ) (3) .

وقال تعالى:( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) (4) .

وقال سبحانه:( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا ) (5) .

وقال عزّ اسمائه:( لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِن نَجْوَاهُمْ إِلّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) (6) .

 التعاون

قال تعالى:( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرّ وَالتّقْوَى‏ وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) (7) .

____________________

(1) المؤمنون: 8.

(2) مريم: 54.

(3) الحجرات: 10.

(4) الحجرات: 9.

(5) النساء: 35.

(6) النساء: 114.

(7) المائدة: 2.

٤٩

الايثار

قال تعالى:( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى‏ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (1) .

الكلام الحسن

قال تعالى:( وَقُل لِعِبَادِي يَقُولُوا الّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنّ الشّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ) (2) .

وقال تعالى:( وَقُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً ) (3) .

وقال تعالى:( وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) (4) .

وقال تعالى:( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لإِنفَضّوا مِنْ حَوْلِكَ ) (5) .

معاشرة الأخيار

قال الله تعالى:( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ) (6) .

وقال تعالى:( فَأَعْرِضْ عَن مَن تَوَلّى‏ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاّ الْحَيَاةَ الدّنْيَا ) (7) .

وقال سبحانه:( لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادّونَ مَنْ حَادّ اللّهَ

____________________

(1) الحشر: 9.

(2) الاسراء: 53.

(3) لقمان: 19.

(4) لقمان: 19.

(5) آل عمران: 159.

(6) الكهف: 28.

(7) النجم: 29.

٥٠

وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) (1) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك أما إن يحذيك وأما إن تبتاع منه وأما إن تجد منه ريحاً طيبه، ونافخ الكير إما إن يحرق ثوبك وأما إن تجد منه ريحاً خبيثة ).

الاستئذان والتحية

قال تعالى:( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتّى‏ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلّمُوا عَلَى‏ أَهْلِهَا ذلِكُمْ خَيْرٌ لّكُمْ لَعَلّكُمْ تَذَكّرُونَ * فَإِن لّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتّى‏ يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى‏ لَكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) (2) .

وقال تعالى:( وَإِذَا حُيّيتُم بِتَحِيّةٍ فَحَيّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدّوهَا ) (3).

وهذه هي الفضائل الخلقية التي أمر الله عباده الصالحين بالتحلي بها وحثهم على التمسك بها بل هي إن حققت روح الدين وجوهر الشريعة لأنها ترفع المسلم العامل بها من حضيض التراب إلى مصاف الملائكة ومدارج منازلها ومحالّ رتبها ....

وقد اسعف المسلمين الحظ في حياة النبي فكان لهذه الفضائل سوق رائجة بينهم ولكن تضائل العمل بها بل أوشكت على الدثور بعد وفاته وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله.

____________________

(1) المجادلة: 22.

(2) النور: 27 - 28.

(3) النساء: 86.

٥١

الرذائل

وأولها بل اضرّها على الانسان واشدّها فتكاً بحياته الأخلاقية الانقياد لهوى النفس.

الانقياد لهوى النفس

قال الله تعالى:( وَلَوِ اتّبَعَ الْحَقّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السّماوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنّ ) (1) .

وقال تعالى لداود:( يَا دَاوُدُ إِنّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النّاسِ بِالْحَقّ وَلاَ تَتّبِعِ الْهَوَى‏ فَيُضِلّكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِنّ الّذِينَ يَضِلّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ) (2) .

وقال تعالى:( فَإِن لّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنّمَا يَتّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلّ مِمّنِ اتّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللّهِ إِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ ) (3) .

وقال سبحانه:( وَإِنّ كَثِيراً لَيُضِلّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ ) (4) .

وقال تعالى:( وَأَمّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ وَنَهَى النّفْسَ عَنِ الْهَوَى‏ * فَإِنّ الْجَنّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) (5) .

الكبرياء

قال تعالى:( سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الّذِينَ يَتَكَبّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ وَإِن يَرَوْا كُلّ آيَةٍ لاَيُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرّشْدِ لاَيَتّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيّ

____________________

(1) المؤمنون: 71.

(2) ص: 26.

(3) القصص: 50.

(4) الروم: 29.

(5) النازعات: 41.

٥٢

يَتّخِذُوهُ سَبِيلاً ) (1) .

وقال تعالى:( قَالَ الْمَلأ الّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لِلّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنّ صَالِحاً مُرْسَلٌ مِن رَبّهِ قَالُوا إِنّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ * قَالَ الّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنّا بِالّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ) (2) .

وقال تعالى:( قَالَ الْمَلأَ الّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنّكَ يَاشُعَيْبُ وَالّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنّ فِي مِلّتِنَا ) (3) .

وقال تعالى:( أَلَيْسَ فِي جَهَنّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبّرِينَ ) (4) .

وقال تعالى:( فَأَمّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدّ مِنّا قُوّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنّ اللّهَ الّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدّ مِنْهُمْ قُوّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ«15» فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى‏ وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ ) (5) .

وقال تعالى:( وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنّكَ لَن تَخْرِقَ الأََرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً ) (6) .

وقال تعالى:( وَلاَ تُصَعّرْ خَدّكَ لِلنّاسِ وَلاَ تَمْشِ في الأَرْضِ مَرَحاً إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ كُلّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ) (7) .

الخمر والقمار

قال الله تعالى في تحريم الخمر والقمار:( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِنّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالأََزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنّمَا يُرِيدُ الشّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدّكُمْ عَن ذِكْرِ

____________________

(1) الاعراف: 146.

(2) الاعراف: 75 - 77.

(3) الأعراف: 88.

(4) الزمر: 60.

(5) فصلت: 15 - 16.

(6) الاسراء: 37.

(7) لقمان: 18.

٥٣

ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) (1) .

الكذب والخيانة وخلف الوعد

وهذه الأشياء الثلاثة من فصيلة واحدة. قال الله تعالى عن الكذب:( إِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذّابٌ ) (2) .

ومثله:( إِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفّارٌ ) (3) .

وقال تعالى:( وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذا حَلاَلٌ وَهَذا حَرَامٌ لّتَفْتَرُوا عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنّ الّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَليلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (4) .

الخيانة

قال تعالى:( يَاأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَتَخُونُوا اللّهَ وَالرّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) (5) .

وقال تعالى:( إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ مَن كَانَ خَوّاناً أَثِيماً ) (6) .

خلف الوعد

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذ وعد أخلف وإذا اؤتمن خان )(7) .

____________________

(1) المائدة: 80 - 81.

(2) غافر: 28.

(3) الزمر: 3.

(4) النحل: 116 - 117.

(5) الانفال: 27.

(6) النساء: 107.

(7) اخرجت الحديث الكتب التالية: صحيح البخاري ومسلم وسنن البيهقي الكبرى وشرح السنة للبغوي، تاريخ الخطيب البغدادي، مسند أحمد، تفسير ابن كثير وغيرها كثير.

٥٤

شهادة الزور

وهي من أنواع الكذب أيضاً قال الله تعالى:( فَاجْتَنِبُوا الرّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزّورِ ) (1) .

وقال تعالى:( وَالّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزّورَ ) (2) .

البهتان

ومن ضروب الكذب التي حرّمها القرآن البهتان قال الله تعالى:( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى‏ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) (3) .

النميمة

والنميمة من ضروب الكذب أيضاً قال الله سبحانه:( وَلاَ تُطِعْ كُلّ حَلاّفٍ مَهِينٍ * هَمّازٍ مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ ) (4) .

الهزء بالآخرين والسخرية منهم

وسماها المؤلف احترام الغير ولكن آثرت العنوان اعلاه لأنّ احترام الغير يدخل في قسم الفضائل.

قال الله تعالى:( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِن قَوْمٍ عَسَى‏ أَن يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِن نِسَاءٍ عَسَى‏ أَن يَكُنّ خَيْراً مِنْهُنّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الأسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيَمانِ وَمَن لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ ) (5) .

____________________

(1) الحج: 30.

(2) الفرقان: 72.

(3) الحجرات: 6.

(4) القلم: 10 - 11.

(5) الحجرات: 11.

٥٥

الظن السيّئ والتجسس والغيبة

قال الله تعالى:( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظّنّ إِنّ بَعْضَ الظّنّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسّسُوا وَلاَ يَغْتَب بَعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتّقُوا اللّهَ إِنّ اللّهَ تَوّابٌ رَحِيمٌ ) (1) .

الزنا

قال الله تعالى:( وَلاَ تَقْرَبُوا الزّنَى‏ إِنّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) (2) .

الغضب

قال الله تعالى:( وَالضّرّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النّاسِ وَاللّهُ يُحِبّ الْمُحْسِنِينَ ) (3) .

وقال تعالى:( وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ) (4) .

الحسد

قال الله تعالى:( وَلاَ تَتَمَنّوْا مَا فَضّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى‏ بَعْضٍ لِلرّجَالِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبُوا وَلِلنّسَاءِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبْنَ وَسْأَلُوا اللّهَ مِن فَضْلِهِ ) (5) .

وقال تعالى:( وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ) (6) .

وقال عزوجل:( وَدّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفّاراً حَسَداً مِنْ عِندِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمُ الْحَقّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتّى‏ يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ ) (7) .

____________________

(1) الحجرات: 12.

(2) اسراء: 32.

(3) آل عمران: 134.

(4) الشورى: 37.

(5) النساء: 32.

(6) الفلق.

(7) البقرة: 109.

٥٦

اللغو

ويدخل فيه الثرثرة والهزل والباطل من القول والفعل وكل ما توجب المروءة الغاءه وهو ما سماه الله لغواً، قال الله تعالى:( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالّذِينَ هُمْ عَنِ اللّغْوِ مُعْرِضُونَ ) (1) .

وقال عزوجل:( وَإِذَا سَمِعُوا اللّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ) (2) .

وقال تعالى:( وَإِذَا مَرّوا بِاللّغْوِ مَرّوا كِرَاماً ) (3) .

الشراهة

قال سبحانه وتعالى:( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنّهُ لاَيُحِبّ الْمُسْرِفِينَ ) (4) .

وقال تعالى:( وَالّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنّارُ مَثْوىً لَهُمْ ) (5) .

هذه هي امهات الأخلاق مابين فضائل يجب التحلي بها أو رذائل يجب التخلي عنها رفع منارها الإسلام وأنزلها الله آيات تتلى على سيد البشر ذي الخلق العظيم والقائل: بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. وقد ذكرنا لكل واحدة منها الآيات الدالّة عليها والمرشدة إليها هذا مع العلم بأن حشداً كريماً من الآيات لم نذكرها روماً للإختصار.

أما السنة الشريفة فقد زخرت بذلك وامتلأت الصحاح والمسانيد وكتب الحديث عند الطوائف الإسلامية كافة بفيض غامر منها بلغ عشرات الألوف.

وفي كل ذلك دعوة قويمة لأمة الإسلام إن تجعل منها دستوراً لحياتها

____________________

(1) المؤمنون: 1 - 3.

(2) القصص: 55.

(3) الفرقان: 72.

(4) الأعراف: 31.

(5) محمد: 12.

٥٧

ومدرسة تقوّم بها ذاتها وتبني شخصيتها على هداها.

وفعلاً تم لها ذلك على يد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصحابته الكرام وعاشت الاُمة تحت كنف نبيها وبفضل رعايته وكريم إرشاده أفضل مراحل حياتها وما هي الادورة من دورات الزمن وإذا بذلك الضوء يخبو وتلك الشمس تغيب وذلك الكون المنير من الأدب والخلق الرفيع الذي أقامه النبي يختفي معه تحت الرغام وصحّت كلمة انس ابن مالك: ما كدنا ننفض ايدينا من تراب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى أنكرنا قلوبنا وبدأ من هذه القلوب الانقلاب على الاعقاب.

الانقلاب على الأعقاب

فارق النبي المسلمين إلى الرفيق الأعلى وفريق منهم يتربص بالخلاف تلك الساعة المشومة ولقد كانت تبدر بوادر من هؤلاء والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما يزال على قيد الحياة لذلك نجده مبادراً إلى درء هذا الخطر والوقوف بوجه المتربصين بالإسلام ساعة الوفاة.

فاستقبلصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطة الانقلاب المزمع اجرائه من القوم بعد وفاته بإجراء فعال لوانه اطيع ولكن المهاجرين وفي مقدمتهم عمر حالوا بينه وبين التنفيذ. من ذلك تسريح جيش اسامة بن زيد.

عمد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى توجيهه خارج المدينة وضم إليه جل الذين تحدثهم أنفسهم بالانقلاب ومنهم الشيخان أبوبكر وعمر وهما القطبان الذان اتّجهت اليهما الانظار لقربهما من النبي أولاً ولمسئلة الصهر التي ربطت بينهما وبين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعلقة قوية جداً فكانت احداث الانقلاب تدور عليهما.

ولا بديل عن بني هاشم بغيرهما وكان النبي يعلم ذلك تارة بالوحي وأخرى بالنظر الحكيم الفاحص من ثم راحصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلح على تجهيز جيش اسامة ولعن من تخلف عنه والعبارة النبوية رويت هكذا: جهّزوا جيش اسامة لعن الله من تخلف عن جيش اسامة(1) .

____________________

(1) تحاشى الرواة ذكر هذه الجملة وفيها لعن من تخلف وقد اعياني الفحص عنها حتى وجدتها في هامش محي الدين على مقالات الإسلاميين، ج1 ص35.

٥٨

والمدافعون عن الشيخين انكروا وجود أبي بكر في الجيش ويزعمون أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استبقاه. ولكن البلاذري نص على وجودهما في جيش اسامة قال: وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد رأى توجيه اسامة بن زيد في سرية إلى الذين حاربهم أبوه يوم مؤتة، وأمره أن يوطئهم الخيل وعقد له لواءاً وضم إليه أبابكر وعمر فيمن ضم فمرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل أن ينقّذ الجيش فأوصى بانفاذه فقال: انفذوا جيش اسامة(1) .

ومن الرواة الذين نصّوا على وجود أبي بكر وصاحبه عروة ابن الزبير ذكر صاحب الكنز عن عروة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد قطع بعثاً قبل مؤتة وأمر عليهم اسامة بن زيد وفي ذلك البعث أبو بكر وعمر فكان اناس من الناس يطعنون في ذلك لتأمير رسول الله اسامة عليهم... الحديث(2) .

واخفق البعث الاُسامي لأن القوم اعلنوا العناد والعصيان لعلمهم بالغاية من هذا البعث ولتبيتهم نبة الانقلاب وتربصهم بذلك وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واجراء آخر وهو كتاب يوم الخميس فقد أراد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يضع بيد الوصي حجة لا تمكن مناقشتها أو الارتياب بها حيث قال قبل وفاته بساعات واللفظ للبخاري: اُئتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً فتنازعوا ....(3)

رزية يوم الخميس!!

وسماها ابن عباس رزية وبالغ فيها فقال: كل الرزية وبكى حتى بل دمعه الحصى في رواية صحيح مسلم وفي أخرى بسنده أيضاً ثم جعل تسيل دموعه حتى رأيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ(4) .

وحيّرت دموع ابن عباس الحافظ ابن حجر فراح يستخرج الاحتمالات قائلاً:

____________________

(1) البلاذري، انساب الاشراف، ج1 ص493. والقضية مشهورة ذكرها كل من كتب في السيرة وحورها الرواة بالحذف والاضافة.

(2) المتقى الهندي، كنز العمال، ج10 ص570 رقم الحديث 30264.

(3) راجع صحيح البخاري، ج6 ص11 مطابع الشعب 1378.

(4) صحيح مسلم بشرح النووي، ج11 ص89 وص94.

٥٩

يحتمل لكونه تذكر وفاة رسول الله فتجدد له الحزن عليه ويحتمل أن يكون انضاف إلى ذلك ما فات في معتقده من الخير الذي كان يحصل لو كتب ذلك الكتاب ولهذا اطلق في الرواية الثانية أنّ ذلك رزية ثم بالغ فيها فقال: كل الرزية(1) .

أجل أنها لرزية عظمى وفاجعة كبرى ومصيبة لا تعدلها مصيبة وهي التي أدت إلى ضلال الأمة بعد نبيّها وانقلابها على أعقابلها فقتلت نفسها وخرّبت ديارها وازهقت نفوسها واحربت أموالها وصيّرتها شيعاً وأحزاباً وقسمتها إلى ثلاث وسبعين فرقة بعد نبيّها كل فرقة تلعن اختها وتتبرء منها وقد حذرهم النبي من ذلك.

وصار المسلم يستبيح دم المسلم ويصون دم الذمي والمعاهد بل يعتبر قتل الخنزير افساداً في الأرض ودم المسلم جائزاً سفكه مباحاً إهراقه.

وهدمت الكعبة ورميت بالعذرة وابيحت المدينة ثلاثة أيام لغربان الشام فجرى ما جرى من القتل والنهب والفساد مما يطول شرحه.

ألا يحق لابن عباس أن يبلّ بدموعه الحصى وقد شاهد بام عينيه شطراً من هذه المآسي وماله لا يعدها رزية ويبالغ فيها وقد اعربت عن التدبير المبيّت للأنقضاض على حق أهل البيت كما افصحت عن النوايا وكشفت عن خطة الإنقلاب التي كان القوم قد بيّنوها.

وكان الكتاب اجراءاً مضاداً لما يضمرون ولكن حيل بينه وبين كتابته وتولّى كبر ذلك عمر.

وليته اكتفى بالمنع ولم ينسب إلى ساحة قدس النبي الهذيان والهجر. فأحدث بذلك صدعاً لا يراب في الصف الإسلامي إلى اليوم.

ويعتبر موقفه هذا ردّاً على رسول الله وجرأة على مقامه الشريف حين جعل من نفسه وصياً على الاُمة ادعاءاً وتبرعاً.

وفتح عمر بهذه الكلمة الباب على مصراعيه لهم فاقتحموا مقام النبوة المنيع فجوزوا على النبي الخطأ والهذيان والهجر والإجتهاد قال الخطابي: ومعلوم

____________________

(1) فتح الباري، ج7 ص739.

٦٠