الشهادة الثالثة

الشهادة الثالثة0%

الشهادة الثالثة مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 420

الشهادة الثالثة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله الشيخ محمد سند (حفظه الله)
تصنيف: الصفحات: 420
المشاهدات: 93154
تحميل: 4253

توضيحات:

الشهادة الثالثة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 420 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 93154 / تحميل: 4253
الحجم الحجم الحجم
الشهادة الثالثة

الشهادة الثالثة

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وقال أيضاً في مستمسكه (قدِّس سرّه) - بعد أن نقلَ كلام الشيخ في المبسوط، وكلام الصدوق في الفقيه، واستعراضه لطوائف الروايات التي أوردها الصدوق، ونقلَ كلام العلاّمة في المنتهى -: (لكنّ هذا المقدار لا يمنع من جريان قاعدة التسامح على تقدير تماميّتها في نفسها، وردّ الشهادة بكذب الراوي لا يمنع من احتمال الصدق الموجِب لاحتمال المطلوبيّة، كما أنّه لا بأس بالإتيان بقصد الاستحباب المطلق؛ لمَا في خبر الاحتجاج - نَقل الخبر - بل ذلك في هذه الأعصار معدود من شعائر الإيمان ورمز إلى التشيّع، فيكون من هذه الجهة راجحاً شرعاً، بل قد يكون واجباً لكن لا بعنوان الجزئيّة من الأذان، ومن ذلك يظهر وجه ما في البحار من أنّه لا يبعد كون الشهادة بالولاية من الأجزاء المستحبّة للأذان؛ لشهادة الشيخ، والعلاّمة، والشهيد وغيرهم بورود الأخبار بها، وأيّد ذلك بخبر القاسم بن معاوية المروي عن احتجاج الطبرسي.

6- قال الشيخ مرتضى آل ياسين (قدِّس سرّه): (ومنه يظهر لك وجه القول بجواز ذِكر الشهادة الثالثة في الصلاة، فضلاً عن الأذان والإقامة) (1).

7- قال السيّد الخوئي (قدِّس سرّه): (نعم، قد يقال: إنّ رواية الاحتجاج تدلّ عليه بصورة العموم، فقد روى الطبرسي في الاحتجاج عن القاسم بن معاوية عن الصادق (عليه السلام) أنّه: (إذا قال أحدكم لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله، فليقل علي أمير المؤمنين)، لكنّها لضعف سندها غير صالحة للاستدلال إلاّ بناءً على قاعدة التسامح، ولا نقول بها كما عرفتَ.

____________________

(1) رسالة سرّ الإيمان: ص78، السيّد عبد الرزاق المقرّم.

٢٦١

ولعلّ ما في البحار من كون الشهادة من الأجزاء المستحبّة، مستند إلى هذه الرواية، وما عرفتهُ من شهادة الصدوق، والشيخ، وغيرهما بورود النصوص الشاذّة.

هذا، ولكنّ الذي يهوِّن الخَطب أنّنا في غنىً من ورود النص، إذ لا شبهة في رجحان الشهادة الثالثة في نفسها، بعد أن كانت الولاية من مُتمّمات الرسالة ومقوّمات الإيمان، ومن كمال الدين بمقتضى قوله تعالى: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) ، بل من الخَمس التي بُني عليها الإسلام، ولاسيّما قد أصبحت في هذه الأعصار من أجلى أنحاء الشعار، وأبرز رموز التشيّع وشعائر مذهب الفرقة الناجية، فهي إذاً أمر مرغوب فيه شرعاً وراجح قطعاً في الأذان وغيره، وإن كان الإتيان بها فيه بقصد الجزئيّة بدعة باطلة، وتشريعاً محرّماً حسبما عرفتَ) (1).

أقول: ويستفاد من قوله جملة أمور:

أوّلاً: إلفاته (قدِّس سرّه) كون ما أورده الصدوق في الفقيه، هي روايات محذوفة السند إلاّ أنّها في الأصل الذي نَقل عنه الصدوق هي مسندة متصلة، وإنّ عبارة كلّ من الصدوق، والشيخ في المبسوط والنهاية، شهادة لوجود تلك النصوص وورودها في الأصول الروائيّة.

الثاني: إنّ تقييمه لاعتبار تلك النصوص، أنّه وَصفها بالشذوذ بمعنى غير المعمول به لا بمعنى ضعف السند.

____________________

(1) مستند العروة الوثقى: ج13، ص259 - 260.

٢٦٢

الثالث: تقريره (قدِّس سرّه) بكون الأذان شعيرة إيمانيّة أو محلاً للشعائر الإيمانيّة، وهذا مطابق لمصحّح (1) الفضيل بن شاذان في رواية العِلل المتقدّمة، وابن أبي عمير، وابن سنان، خلافاً لمَا ذهبَ إليه الشيخ جعفر كاشف الغطاء من أنّ الأذان شعار للإسلام، وقد مرّ أن قد ذهبَ إلى أنّ الأذان شعيرة إيمانيّة أو محلاً للإيمان جملة من العلماء: كالشهيد الأوّل (2) ، والثاني (3) ، وصاحب الرياض (4).

بل اعتبرها من أجلى الشعائر الدينيّة، وأبرز رموز التشيّع ومذهب أهل البيت (عليهم السلام).

الرابع: أنّه قد استفاد قطعيّة رجحان ذِكر الشهادة الثالثة في الأذان وغيره، من خلال كون الولاية من مُتمّمات الرسالة ومقوّمات الإيمان، ومن كمال الدين بمقتضى آية الغدير، وبمقتضى الروايات المستفيضة في أنّ الإسلام بُني على خمس أعظمهنّ الولاية، كما مرّت الإشارة إلى ذلك في طوائف الروايات العامّة، فما أبعدَ ما بين ما ذهبَ إليه المشهور من قطعيّة رجحان ذِكر الشهادة الثالثة - كما صرّح بذلك المجلسي الأوّل والمجلسي الثاني كما تقدّم - وبَين مَن يستعصي عليه فهمّ رجحان ذِكر الشهادة الثالثة التي هي من أصول الدين.

____________________

(1) أبواب الأذان والإقامة: باب 19، ح14 - 15 - 16.

(2) الدروس: ح1، ص 162 طبعة مؤسّسة النشر الإسلامي.

(3) الروضة البهيّة في بحث الأذان.

(4) رياض المسائل: ج1، ص 151.

٢٦٣

وقفةٌ أو محاكمة مع الحُكم بالبدعيّة

إنّ ما قاله (قدِّس سرّه) (1) ببدعيّة مَن قَصد الجزئيّة وكونه تشريعاً محرّماً، لا يتمّ مع ذهاب الشيخ الطوسي، والعلاّمة الحلّي، والشهيد الأوّل إلى أنّ العامل بالنصوص الشاذّة التي شهد بورودها الصدوق، والشيخ وغيرهما العامل بمضمونها - أي العمل بكون الشهادة جزءاً، لا بمجرّد التأذين بها بعنوان الرجحان العام، إذ هو ليس عملاً بمضمونها - غير آثم عند الأعلام الثلاثة، ومع وجود المَدرك المحتمل كيف يحكم بالبدعيّة، بل قد مرّ فتوى السيّد المرتضى أنّ المؤذِّن بها كذلك - أي كفصل - لا شيء عليه، كما مرّت (2) فتوى ابن برّاج (3) ، والشهيد الأوّل (4) باستحباب مضمون أحد تلك الطوائف التي شهد بورودها الصدوق، بل قد تقدّم استظهار فتوى الشيخ في المبسوط بجواز العمل بها.

وبعبارةٍ أخرى: إنّ البدعيّة لا يَحكم بها أحد المجتهدين على الآخر بمجرّد اختلاف النظر والاجتهاد، وإلاّ لكان اللازم أن يحكم المجتهدون بالبدعيّة على بعضهم البعض في كلّ ما اختلفوا فيه من الفروع الفقهيّة، ومجرّد عدم نهوض الدليل في نظر جماعة ولو المشهور، لا يوجب نفي الدليليّة لدى البعض الآخر والحكم بالبدعيّة، وقد مرّ أنّ الطوائف الثلاث مع الشواهد العديدة من كلام: الصدوق، والشيخ الطوسي، وكلام السيّد المرتضى، وابن برّاج، والشهيد، والعلاّمة ما يصلح لوثوق صدور تلك الروايات،

____________________

(1) مستند العروة الوثقى: ج13، ص259 - 260، تقريراً لأبحاث السيّد الخوئي.

(2) الفصل الأوّل: الجهة الأولى، البحث عن الطوائف الأولى.

(3) المهذّب: ج1، ص 90 طبعة جماعة المدرّسين.

(4) الذكرى: ج3، ص 241 طبعة قم.

٢٦٤

ومن ثُمّ نفى الشيخ الطوسي الإثم عمّن عملَ بمضمون هذه الروايات - أي قال بالجزئيّة الواجبة وضعاً في الأذان؛ لأنّه مضمون تلك الطوائف الثلاث التي رواها الصدوق - ولكن خطّأه أي بالتخطئة الاجتهاديّة من دون أن يَحكم بالبدعيّة، بل حَكم بمعذوريّة العامل بتلك الروايات.

وكذلك موقف العلاّمة الحلّي، والشهيد الأوّل، بل السيّد المرتضى قد أفتى بنفي البأس عمّن يؤذِّن بها بقصد الجزئيّة، كما مرّ في رسالته المبافارقيات، وكذلك القاضي ابن برّاج قد أفتى باستحباب الشهادة الثالثة في الأذان، وظاهره الجزئيّة، ولكن يأتي بها بإخفات أي مستسراً، وقد أفتى بذلك الشهيد الأوّل أيضاً كما مرّ، كما أنّ الشيخ الطوسي في المبسوط والمحقّق وغيرهم، قد أفتوا باستحباب الشهادة الثالثة في حكاية الأذان، مع أنّ اللازم في الحكاية المطابقة مع فصول الأذان المسموع.

إلى غير ذلك من صنوف الفتاوى المستندة إلى صنوف ألسن طوائف الروايات الواردة التي مرّ ذكرها.

أقول: هذا مضافاً إلى السيرة المتقدّمة من الصحابة إلى الرواة من أصحاب الأئمّة، إلى سيرة الطائفة المتصلة بالغيبة الصغرى وسيرة الدول الشيعيّة، والتي قد دَللنا على وجودها في المصادر التاريخيّة المتعدّدة المتسالمة على وقوعها، بنحوٍ لا يقلّ عن سائر السيَر المتشرّعيّة المعتمدة في الفروع الفقهيّة، بل إنّهم يعتمدون على سِيَر هي دون هذه السيرة الضاربة المنتشرة في البلدان، المتواجدة فيها الطائفة الشيعيّة بنحو متّصل بالغيبة الصغرى.

٢٦٥

هذا، فضلاً عن إمكان توظيف الطوائف العامّة بقرائن تقريبيّة خاصّة تجعلها بمثابة الطوائف الخاصّة، فمع كلّ هذا الكم من وجوه الأدلّة إن لم يصلح لإثبات الجزئيّة، فهو صالح قطعاً للمعذريّة لمَن يبني على تماميّة هذه الوجوه، فلا أقلّ من كون هذه الوجوه رافعه ومزيلة لموضوع قاعدة البدعيّة، وإلاّ كان اللازم الحكم ببدعيّة ما ذَهب إليه المتقدّمون في المقام ممّا مرّ فتاواهم بالشهادة الثالثة في الأذان.

قول إفراطي:

ثُمّ إنّ الأغرب في المقام، مَن شَذّ وحَكم بالبدعيّة في المقام أي: في ذِكر الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة، وإن لم يقصد بها الجزئيّة فيما إذا أُتي بها مكرّرة مرّتين كهيئة فصول الأذان والإقامة، أي قَصد بها الندبيّة العامّة، والحري أن يُحكم عليه بالبدعيّة في حكمه هذا؛ لأنّه حَكم بالبدعيّة بلا مستند ولا ميزان، بل على خلاف المستند، فإنّه لم يرتاب أحد من المشهور بقطعيّة الندب - كما مرّت كلماتهم - فكم فرق شاسع بين دعوى المشهور بقطعيّة الندبيّة العامّة الشاملة للأذان وبين دعوى قطعيّة العدم، ولربّما بنى القائل المزبور قطعه بعدم الندبيّة العامّة على عدم إيمانه بثبوت أدلّة إمامة أمير المؤمنين، وأنّ الإقرار بها باللسان لا صلة له بالإيمان، أو أنّ الإقرار بالإيمان لا صلة له بالإسلام، هذا، وقد يستدلّ للحرمة:

أوّلاً: بأنّها بدعة وزيادة في العبادة التوقيفيّة الموظّفة من الشارع.

ثانياً: بحصول الإيهام بالجزئيّة وهو تغيّر لرسم الأحكام الدينيّة؛ وذلك بسبب تشاكل وتماسك صورة التكرار عدواً لفصول الأذانين.

٢٦٦

ثالثاً: بلزوم جواز الشهادة الثالثة في الصلاة أيضاً، واللازم ممنوع فمقدّم الملزوم مثله.

وفيه:

أوّلاً: ما مرّ من تماميّة المستند لدى جملة من المتقدّمين للجزئيّة الوصفيّة، فضلاً عن الندبيّة العامّة، بل قد ذكرنا جملة من المشهور حصول القطع من الأدلّة على الندبيّة العامّة، كيف لا؟ والولاية هي تمام الدين وشرط رضى الرب بالإسلام كدين توحيد، ومعاد، ونبوّة، ثُمّ لو تعامينا عن كلّ ذلك فإنّ اتخاذ الشهادة الثالثة في الأذان كشعار لولاية أهل البيت، ليس من الإحداث في الدين بعد عدم قصد الجزئيّة، وأيّ إيهام للجزئيّة مع تصريح الأكثر بعدم الجزئيّة في الكتب الفقهيّة.

وأمّا تخيّل الجاهل المقصّر - لتعلّم الأحكام من الكتب المعدّة لمعرفة الفقه والوسائل المنصوبة وأهل العلم - فلا وقعَ له ولا يُحسب له حساب، وإلاّ للزمَ أن نغيّر عمّا هي عليه بحسب تهاون الجاهل في تعلّم الأحكام، واطّرد ذلك في جملة من الأبواب، والتكلّم في الأثناء بذكر الله وما هو بحكمه سائغ في الأذان، بل التكلّم بالكلام العادي في الأثناء - كما تقدّم - مكروه لا محرّم وضعيّاً يُبطل الأذان والإقامة، فضلاً عمّا نحن فيه؛ لأنّ الكراهة غير شاملة.

ثانياً: إنّ عدم الجزئيّة كما عرفتَ ليس من المسلّمات القطعيّة، بل هي مسألة اجتهاديّة، كما قد عرفتَ أنّه ومرّ إفتاء جملة من القدماء بها، حتّى أنّ الشيخ في قوله: (ومَن عَمل بمضمونها لم يأثم) يشير إلى وجود بعض الأصحاب العاملين بها، وقد أفتى الشيخ بعدم حرمة العمل بها بقصد الجزئيّة، وإن وَصفَ ذلك في النهاية بأنّه مخطئ، ومعنى التخطئة هو الاختلاف في الاجتهاد لا الحكم بالبدعيّة، كما توهّم القائل المزبور، وقد حرّر كلام الشيخ كلّ من: العلاّمة في المنتهى، والشهيد في الدروس.

٢٦٧

هذا، مضافاً إلى اعتراف الشيخ، والصدوق، والعلاّمة، والشهيد بورود الروايات، بل في الفقيه روى وأوردَ طوائف الروايات الثلاث لتلك الروايات، وإن غفلَ عن ذلك جملة من متأخّري المتأخّرين، وقد مرّ مفصّلاً أنّ الاختلاف في الاجتهاد لا يؤدّي إلى نسبة أحد الاجتهادين إلى البدعة، كما لا يخفى على المتفّقه فضلاً عن الفقيه، ولذلك قال الشيخ في النهاية بأنّ العامل بتلك الروايات الدالّة على الجزئيّة مخطئ، وهو معنى التخطئة والتصويب في الاجتهاد عند الاختلاف لا الحكم بالبدعة، كما توهّم القائل المزبور، وكذا تابعهُ العلاّمة في المنتهى، والشهيد في الدروس، وقد عرفتَ فتوى ابن برّاج في المهذّب ببعض مضمونها.

ثالثاً: بل لو سلّمنا التقصير في اجتهاد مَن ذهبَ إلى الجزئيّة؛ فإنّ ذلك لا يستلزم البدعة، كما هو الحال في سائر الموارد والاختلافات في الاجتهادات الظنيّة، والحاصل أنّ الزيادة القطعيّة في الدين هي البدعة، أو ما ليس عليه دليل أصلاً، لا ما عليه دليل ولو بحسب الأنظار الأخرى.

رابعاً: إنّك عرفتَ ممّا تقدّم من العديد من الروايات، استحباب تكرار الشهادة الثالثة بعدد تكرار الشهادتين، وبنحوٍ منفصل عنهما غير متداخل كهيئة فصول الأذان، فمعَ مسلّميّة الاستحباب المطلق في الأذان وغيره لإكمال وإقرار الشهادتين بالثالثة، لنا أن نبني على استحباب هذه الهيئة الخاصّة المماثلة لفصول الأذان، سواء في الأذان وغيره، وعلى كلّ حال الإقرار بحصول الإيهام من المستشكل، شاهد على وجود الدلالة في تلك الروايات المشار إليها على جزئيّة الشهادة الثالثة ندباً في الأذان؛ لأنّ المفروض أنّها تدلّ على هيئة مماثلة لهيئة فصول الأذان، والمفروض في حصول الإيهام فليس ذلك إلاّ للإيماء للأذان، فتدبّر، وقد أشرنا إلى هذه الدلالة سابقاً فراجع.

٢٦٨

خامساً: وأمّا لزوم الجواز للشهادة الثالثة في الصلاة أيضاً ففيه:

ألف: عدم معلوميّة انتفاء ذلك، فقد ذهبَ إليه جماعة من هذه الأعصار، كما أشار إلى هذا القول في المستمسك، ويمكن أن يُستدلّ له بما ورد في التشهّد بطُرق معتبرة من اختلاف الصيَغ المندوبة فيه، المتضمّنة للتشهّد بالعديد من الأمور الاعتقاديّة الحقّة، ممّا يُستشفَ منه ندب التشهّد بالأصول الاعتقاديّة الحقّة، ويدلّ على مشروعيّة ذِكرها في التشهّد، العموم في رواية بكر بن حبيب قال، قلتُ لأبي جعفر: أيّ شيء أقول في التشهّد والقنوت؟ قال: (بأحسن ما عَلمتَ؛ فإنّه لو كان موقتاً لهلكَ الناس) (1).

وقد تقدّمت رواية الفقه الرضوي المتضمّنة لذلك في التشهّد، وكذا يُستشفَ ممّا وردَ في دعاء التوجّه من ذِكر آل محمّد (عليهم السلام)، في بعض كيفيّاته التي يؤتى بها بعد تكبيرة الإحرام، وأيضاً يمكن أن يُستدلّ بما ورد من جواز الصلاة على النبي وآله في الصلاة؛ فإنّ فيه ذِكرهم (عليهم السلام)، وكذا يُستدلّ بعموم ما ورد من أنّ ذكرهم (عليهم السلام) ذِكر الله، فيندرج فيه فيسوّغ في الصلاة، ولا ريبَ في الاندراج بعد كون إمامتهم وولايتهم فعل الله تعالى وجعله كالرسالة، فهي وجهة الله وشطره، ووجهه وعلم نَصَبه لصراطه.

باء: عدم لزوم ذلك، حيث إنّ الصلاة يُمنع فيها من التكلّم بغير ذكر الله تعالى أو قراءة الأذان، ولاسيّما الكلام الحقّ فيه.

____________________

(1) أبواب التشهّد: الباب 5، ح1، 3.

٢٦٩

ج: بورود الروايات في الأذانين التي تقدّم إمكان اعتبارها فيهما دون الصلاة.

وأمّا القول بالكراهة: فقد يُستدلّ له بالكراهة للتكلّم في الأذان ويشتدّ في الإقامة، فيكون مكروهاً وإن كان راجحاً ذاتاً.

وفيه: إنّك عرفتَ من صحيح زرارة الوارد في الصلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كلّما ذُكر - وإن كان في الأذان - دلالته على انصراف الكراهة عن الكلام الحق الذي هو من مستحبّات الشهادة الثانية، وكلّ من الصلوات والشهادة الثالثة من المستحبّات المشخّصة المفردة للشهادة الثانية.

قال السيّد عبد الأعلى السبزواري (قدِّس سرّه) تعليقاً على متن العروة: أنّ الشهادة الثالثة ليست بجزء؛ لعدم التعرّض لها في النصوص الواردة في كيفيّة الأذان والإقامة، ولكن الظاهر أنّه لوجود المانع لا لعدم المقتضي، ويكفي في أصل الرجحان جملة من الأخبار - ثُمّ ذَكر خبر الاحتجاج، وخبر أنّهم أوّل الخلقة، وأنّهم نُوّه بأسمائهم بالشهادات الثلاث، والرواية الواردة في الوضوء أنّ من مستحبّات أذكار الوضوء الخاصّة الشهادات الثلاث، وأشار إلى غيرها من الأخبار - إلى غير ذلك من الأخبار التي يقف عليها المتتبّع الواردة في الموارد المتفرّقة، التي يستفاد من مجموعها تلازم تشريع الشهادات الثلاثة - مع استظهار جمع من الأساطين - كالشهيد، والشيخ، والعلاّمة - رجحانه في الأذان، وهذا المقدار يكفي بعد التسامح في أدلّة السُنن، وهم يتسامحون في الحكم بالاستحباب - في جملة من الموارد - بأقلّ قليل من ذلك، كما لا يخفى، وقد صارت الشهادة بالولاية في الأذان والإقامة من شعار الإماميّة خَلَفاً عن سلف من العلماء، وطريق الاحتياط الإتيان بها رجاءً.

٢٧٠

ويستفاد من قوله (قدِّس سرّه) جملة أمور:

الأوّل: إنّ من مجموع الطوائف يستفاد رجحان تلازم الشهادات الثلاث مطلقاً ولو في الأذان.

الثاني: استظهاره من كلام الشيخ، والعلاّمة، والشهيد إفتائهم برجحان الشهادة الثالثة في الأذان، وقد مرّ في الفصل الأوّل وفي الجهة الأولى عند البحث في الطوائف الثلاث، ذِكر الشواهد لهذا الاستظهار من كلامهم.

الثالث: إشارته إلى قاعدة التسامح في أدلّة السُنن، وأنّ ديدن المشهور على إجرائها في روايات أضعف صدوراً بالقياس إلى الروايات المتضافرة في المقام المدّعى ضعفها.

وذَكر السيّد اليزدي في العروة، في تعقيبات الصلاة في فصل استحباب الصلاة على النبي حيثما ذُكر، أو مَن ذُكر عنده، ولو كان في الصلاة وفي أثناء القراءة، بل الأحوط عدم تركها لفتوى جماعة من العلماء بوجوبها.

وقال في مسألة 7: إذا أراد أن يصلّي على الأنبياء، أوّلاً يصلّي على النبي وآله، ثُمّ عليهم، ففي الخبر عن معاوية بن عمّار قال: ذَكرت عند أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) بعض الأنبياء، فصلّيتُ عليه، فقال (عليه السلام): (إذا ذُكر أحد من الأنبياء، فابدأ بالصلاة على محمّد وآله ثُمّ عليه).

أقول: ويظهر من كلامه، أنّ ذِكر النبي وآله يندرج في أذكار الصلاة، ومن ثُمّ لا يُمانع من الصلاة على النبي وآله في كلّ الأحوال حتّى في حال الصلاة، ثُمّ لا يخفى أنّ فيه تقديم للصلاة على الآل قبل الصلاة على الأنبياء فتدبّر.

٢٧١

وقال أيضاً في العروة مسألة 43: ربّما يقال بجواز البكاء على سيّد الشهداء أرواحنا فداه في حال الصلاة وهو مشكل، وعلّق على هذه المسألة جملة من أعلام العصر ومنهم:

1- السيّد الخوئي: أظهره الجواز فيما إذا قَصد به التقرّب إلى الله، والأحوط تأخيره إلى خارج الصلاة.

2- الميلاني: الأظهر أنّه من أفضل الأعمال المتقرّب بها إليه سبحانه، فالأقرب جوازه.

3- القمّي: إذا كان بقصد التقرّب إلى الله ولم يكن ماحياً لصورة الصلاة، فلا إشكال فيه.

4- الشاهرودي: الظاهر أنّه لا ينبغي الإشكال فيه إذا كان لرجحانه شرعاً وأنّه من أفضل القُربات، نعم، الأحوط الترك إذا كان البكاء عليهم من أجل الرحميّة وغيرها من الأمور الغير دينيّة، ولم يكن ماحياً لاسم الصلاة، كما أنّ منع الموجبة للمحو المذكور لا يُعاقد بما أتي به مطلقاً، وإن لم يكن عن تعمّد واختيار.

5- آل ياسين: لا ينبغي الإشكال، بل هو من أفضل الطاعات.

6- الجواهري: والأقوى الجواز.

7- كاشف الغطاء: لا ينبغي الإشكال؛ لأنّه من أفضل القُربات فلا تشمله الأخبار الناهية.

8- النائيني: الظاهر أنّه ممّا لا ينبغي الإشكال فيه.

أقول: والوجه في بنائهم على جواز البكاء على سيّد الشهداء حال الصلاة، هو كون ذكرهم (عليهم السلام) عبادة لله تعالى،

٢٧٢

حيث إنّ ذِكرهم ذِكر لله تعالى، سواء كان الذكر الحالي أو القولي.

هذا، وقد جمعَ المحقّق المتتبّع السيّد عبد الرزاق المقرّم في رسالته سرّ الإيمان، ما يقرُب من مائة فتوى لعلماء من عهد المجلسيين إلى يومنا هذا، وهذا يعطي معنى التسالم الفقهي عند علمائنا في الاستحباب العام للشهادة الثالثة.

٢٧٣

الجهةُ الثانية

روايات الندبيّة الخاصّة

وافتراق هذا الوجه عن الوجه الأوّل: أنّ في الأوّل كان البحث هو عن جزئيّة الشهادة الثالثة في فصول الأذان على حذو بقيّة الفصول، أي تكون الشهادة الثالثة وجوبها وضعيّاً في الأذان، أي دخيلة في صحّته، وممّا لابدّ منها في صحّة الأذان، بخلاف الوجه الثاني فإنّه غير دخيل في الصحّة؛ وإنّما هو بيان المشخّصات المفردة الدخيلة في كمال ماهيّة الأذان الواردة بالخصوص فيه، كما هو الحال في الجزء الندبي بالأمر الخاص في كلّ مركّب.

كما أنّ الوجه الثاني يُغاير الوجه الثالث، وهو الندبيّة العامّة إثباتاً وثبوتاً، فإنّ الأمر بالندبيّة الخاصّة لابدّ أن يكون أمراً خاصّاً وارداً في ماهيّة المركّب، وأمّا الأمر في الندب العام فلا يكون خاصّاً، بل عامّاً شاملاً لماهيّات متعدّدة ولموارد كثيرة.

ومن ثَمّ قد يقال في الأمر العام باحتياجه إلى مقدّمة وضميمة تبيّن مشروعيّة ضمّه إلى الماهيّة الخاصّة، نظراً لكون الماهيّات ذات وحدة ارتباطيّة خاصّة، وهذا بخلاف الأمر الخاص بالفعل الندبي؛ فإنّه لا يحتاج إلى تلك المقدّمة لوروده بالخصوص فيها، كما أنّ الجزء الندبي الخاص دخيل في كمال الماهيّة، من حيث هي هي أي بعنوانها الذاتي الخاص بها، وأمّا الندب العام فهو دخيل في كمال الماهيّة بعنوان عام، كعنوان أنّ الأذان ذِكر ومجلس ونحو ذلك.

٢٧٤

الطوائفُ الروائيّة الخاصّة

وقد تقدّم جملة وافرة منها، وهي الطائفة السادسة من الفصل الأوّل لبيان الوجه الأوّل، وقد كانت على ألسن متعدّدة نظير ما ورد من تسميتهم (عليهم السلام) في الصلاة، كصحيحة الحَلَبي وغيرها، ممّا دلّ على أنّ ذِكر أسمائهم مع وصفهم بالإمامة هو من الأذكار الصلاتيّة الخاصّة.

وقد تقدّمت فتوى: العلاّمة، والصدوق، والمفيد، والطوسي، والنراقي، والأردبيلي وغيرهم بها، وكذلك في التشهّد، وصلاة التشهّد، والتسليم، ودعاء التوجّه، وخطبة الجمعة المتضمّنة لذكر أسمائهم مع كونها جزء الصلاة، حيث قد مرّ تقريب دلالتها بنحو ينطبق مع الوجه الأوّل، وهو الجزئيّة بنحو الوجوب الوضعي وإن لم يكن مفادها ذلك ابتداءً مطابقة، إلاّ أنّه بقرائن منضمّة تتكوّن الدلالة الالتزاميّة لها، وإلى هذه الفذلكة الصناعيّة وهي تقريب الدلالة المطابقيّة العامّة وتنزيلها على مفاد الدلالة الالتزاميّة الخاصّة، أشار صاحب الجواهر في المقام بقوله: (لولا تسالم الأصحاب لأمكنَ دعوى الجزئيّة بناءً على صلاحيّة العموم لمشروعيّة الخصوصيّة، والأمر سهل) (1) .

وعلى تقدير غضّ النظر عن تلك الفذلكة والتقرير المتقدّم، فدلالتها المطابقيّة الابتدائيّة هو كون الشهادة الثالثة من الأذكار الخاصّة بالصلاة وتوابعها، وقد مرّ بيان ذلك مفصّلاً من أنّ مفادها المطابقي هو الندبيّة الخاصّة، أي الجزء الندبي الذي هو شرط في الكمال، بخلاف الجزء الوجوبي الوضعي؛ فإنّه شرط في صحّة المركّب وإن كان المركّب برمّته مستحبّاً فلاحظ.

____________________

(1) الجواهر: ج9/ 86 - 87.

٢٧٥

الجهةُ الثالثة

عناوينُ الطوائف الروائيّة العامّة

وهي جملة من الطوائف العديدة التي لسانها المطابقي ابتداءً ينطبق على الوجه الثالث وهو الندبيّة العامّة، إلاّ أنّه بضميمة جملة من القرائن تأتلف دلالتها على الندبيّة الخاصّة، بل قد مرّ في الفصل السابق تقريب دلالتها في جملة من القرائن على الوجه الأوّل، وهي الجزئيّة بنحو الوجوب الوضعي، إلاّ أنّ الكلام في المقام - مع غضّ النظر عن ذلك التقريب المتقدّم، وملاحظة سياق آخر للقرائن - لتقريب الندبيّة الخاصّة، وأهمّ تلك القرائن عمدةً، هي أنّ هذه الطوائف المستفيضة بل المتواترة معنىً، تُركّز في مجموعها وتصبّ في بيان أنّ للإقرار بالشهادة والتشهّد حقيقة شرعيّة، هي مجموع الشهادات الثلاث مقترنة، فيعمل الاستعمال الشرعي عليه.

وفي البدء نُسرد نُبذاً من متون هذه الطوائف، ونذكر في طيّاتها تلك القرائن الخاصّة المنضمّة، ثُمّ ننتهي إلى تلخيص الدلالة، مع العلم بأنّها متواترة سنداً ودلالة، فالتوقّف في دلالتها الإجماليّة - على رجحان الاقتران للشهادات الثلاث، أو التوقّف في صدورها المستفيض المتواتر - ناشئ من عدم التتبّع، وعدم التأمّل والتدبّر حقّه.

٢٧٦

٢٧٧

الطائفةُ الأولى

ندبيّة اقتران الشهادات الثلاث

وهي الدالّة بالصراحة على استحباب التلازم والتقارن بين الشهادات الثلاث مطلقاً، والغريب من جملة من الأعلام أنّهم اكتفوا برواية الاحتجاج في استحباب التقارن، ولم يذكروا الجمّ الغفير من الروايات الأخرى الدالّة على نفس المضمون وبنحو أصرح.

الأولى: رويَ عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (مَن قال (لا إله إلاّ الله) تفتّحت له أبواب السماء، ومَن تلاها بـ (محمّد رسول الله) تهلّل وجه الحقّ سبحانه واستبشر بذلك، ومَن تلاها بـ (عليّ وليّ الله) غفرَ الله له ذنوبه، ولو كانت بعدد قطر المطر) (1).

وهذه الرواية وإن كانت مرسلة، إلاّ أنّ مدلولها في بالغ الأهميّة، حيث إنّ الراوي لهذه الرواية هو الهاشمي الصحابي عبد الله بن عبّاس، وعلى تقدير تماميّة السند - ولو بالانجبار والتعاضد مع الرواية الأخرى المُسندة عن عبد الله بن عبّاس أيضاً، والتي رواها فرات الكوفي في تفسيره، والتي تقدّمت في الطائفة الرابعة من الفصل الأوّل، حيث تضمّنت تقارن الشهادات الثلاث في نداء المَلَك المقارن لأذان وإقامة جبرائيل لصلاة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)في ليلة المعراج، فعلى تقدير تعاضد هذه الرواية ولو بما صدر عن أهل البيت (عليهم السلام) - يُحكم بندبيّة تقارن الشهادات الثلاث.

____________________

(1) الفضائل لابن شاذان: ص 93، البحار: ج38، ص 318.

٢٧٨

تنبيه

هذه الرواية دالّة على أنّ الحثّ النبوي على تقارن الشهادات الثلاث، كان في الصدر الأوّل إيعازاً إلى ذِكر الشهادة الثالثة، وفتحاً لباب النداء بها في الأذان.

الثانية: موثّقة أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (ما اجتمعَ في مجلس قوم لم يذكروا الله، ولم يذكرونا، إلاّ كان ذلك المجلس حسرة عليهم يوم القيامة)، ثُمّ قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): (إنّ ذِكرنا من ذِكر الله، وذكر عدوّنا من ذِكر الشيطان) (1).

وفي هذه الموثّقة لم يُقصر على التحريض على ذِكر الله في كلّ مجلس، بل قَرنهُ لذكرهم (عليهم السلام)، فلا تنتفي الحسرة يوم القيامة إلاّ باقتران الذِكرين، وفي هذا تحريض أكيد على الاقتران في الشهادات الثلاث والحثّ البالغ على ذلك، وفي هذا النمط من لسان الأمر بالاقتران، فُتح لباب الاقتران في الأذان أيضاً ودُفع لممارسته فيه.

الثالثة: روى عبد الله التميمي عن الرضا عن آبائه عن علي (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): مَن كان آخر كلامه الصلاة عليّ وعلى عليّ دَخل الجنّة) (2).

الرابعة: روى عبد الله بن عبد الله الدهقان، قال: دخلتُ على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فقال لي: (ما معنى قوله: ( وَذَكَرَ اسْمَ رَبّهِ فَصَلّى ) ؟ فقلت:

____________________

(1) الوسائل: أبواب الذكر باب 36، ح1.

(2) الوسائل: أبواب الذكر باب 38، ح1.

٢٧٩

كلّما ذَكر اسم ربّه قام فصلّى، فقال لي: لقد كلّف الله عزّ وجل هذا شططا؟ فقلتُ: جُعلت فداك، وكيف هو؟ فقال: كلّما ذَكرَ اسم ربّه صلّى على محمّد وآله) (1).

ودلالة هذه الرواية تشير إلى أنّ الآية تريد استحباب اقتران ذكره بذكرهم (عليهم السلام)، وأنّ تشريع استحباب الاقتران تشريع قرآني.

الخامسة: روى علي بن إبراهيم في تفسيره، وفي ذيل تفسير آية ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطّيّبُ وَالْعَمَلُ الصّالِحُ يَرْفَعُهُ ) من سورة فاطر، عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: (الكلِمُ الطيّب قول المؤمن: (لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، عليّ وليّ الله وخليفة رسول الله)، وقال: (والعمل الصالح، الاعتقاد بالقلب أنّ هذا هو الحقّ من عند الله، لا شكّ فيه من ربّ العالمين) (2)، ورواها في تفسير العسكري (عليه السلام) (3) عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام).

وفي هذه الرواية تحديد الكلم الطيّب، وأنّه يتقوّم باقتران الشهادات الثلاث، وأنّ الشهادتين من دون الشهادة الثالثة لا تصعد إليه، وإن كانت في الأذان والإقامة.

السادسة: روى الطبري في دلائل الإمامة عن عبد الله بن محمد، عن عمارة بن زيد قال، قلتُ لأبي الحسن: أتقدر أن تصعد إلى السماء حتّى تأتي بشيء ليس في الأرض حتّى نعلم ذلك؟ فارتفع في الهواء وأنا أنظر إليه، حتّى غاب، ثُمّ رجعَ ومعه طير من ذهب، في أذنه أشنِفة من ذهب، وفي منقاره درّة وهو يقول: لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، عليّ ولي الله، فقال: (هذا طير من طيور الجنّة) ثُم سيّبه، فرجعَ (4).

____________________

(1) الوسائل: أبواب الذكر باب 41، ح1.

(2) تفسير القمّي: ح2، ص 208.

(3) تفسير الإمام العسكري: ص 328.

(4) دلائل الإمامة للطبري: ص 413.

٢٨٠