الشهادة الثالثة

الشهادة الثالثة0%

الشهادة الثالثة مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 420

الشهادة الثالثة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله الشيخ محمد سند (حفظه الله)
تصنيف: الصفحات: 420
المشاهدات: 93134
تحميل: 4252

توضيحات:

الشهادة الثالثة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 420 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 93134 / تحميل: 4252
الحجم الحجم الحجم
الشهادة الثالثة

الشهادة الثالثة

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

هذا، فضلاً عن الرجحان الذاتي للشهادة الثالثة في نفسها لضرورة المذهب، كما ذَكر ذلك المجلسي وغيره، وأنّها من أشرف الأذكار، وعلى ذلك لا يُستراب في انطباق قاعدة الشعائر ومشروعيّة الشهادة الثالثة كشعيرة في الأذان؛ لأنّها من أحكام الإيمان، ولذلك لم يَسترب المشهور شهرة عظيمة في ذلك.

ثانياً: إنّ دعوى إيهام ذِكر الشهادة الثالثة في الأذان، أنّها توهِم الجزئيّة لاسيّما مع تكرارها مرّتين، مدفوعٌ؛ بأنّ ذلك يطّرد في موارد عديدة من إقامة السُنن الشرعيّة حتّى المندوبات الخاصّة في الصلاة؛ لأنّ جملة من العوام يبنون على جزئيّة الأذان في الصلاة وأنّه شرط صحّة، مع أنّ هذا إدخال في الصلاة ما ليس منها وإنّما هو جزء ندبي، وكذلك الحال في تعقيبات الصلاة، وكذا الحال في أعمال مِنى في أيّام التشريق، فإنّهم يبنون على جزئيّتها في الحج، مع أنّها أعمال وواجبات مستقلّة تتعقّب ماهيّتها.

ونظير هذا الإشكال، ما يورده مَن يستشكل في الشعائر والطقوس المستجدّة: كالاحتفال بالمواليد للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وللأئمّة الأطهار (عليهم السلام)، والبِقاع المشرّفة، والمناسبات الدينيّة الخالدة في تاريخ الإسلام؛ فإنّ هذه الشعائر اعتُبرت جزءاً من الدين وأُدخلت فيه، مع أنّه لا نصّ عليها بالخصوص وكلّ هذه من المُحدثات المُبتدعة.

ويردّه: ما سبقَ من أنّ الشرعيّة لا تتوقّف على النصّ الخاص بل تتحقّق مع عموم الدليل، فشرعيّة المصاديق الخاصّة تُكتسب من العموم، نعم، خصوصيّتها لم تُشرّع بما هي خاصّة، بل بما هي مندرجة في طبيعي الموضوع العام، وإلى ذلك يشير صاحب الجواهر في المقام بقوله: (لولا تسالُم الأصحاب لأمكنَ دعوى الجزئيّة بناءً على صلاحيّة العموم لمشروعيّة الخصوصيّة، والأمر سهل) (1) ،

____________________

(1) الجواهر: ج9، 86 - 87.

٣٤١

بل إنّه في كلامه يشير لإمكان استفادة طلب الخصوصيّة من الأمر العام فتدبّر.

والشيء الواحد قد يختلف حكمه من حيثيّة أخرى، فالزيارة للأئمّة وإن كانت في خصوصها مستحبّة، لكنّها من جهة وحيثيّة طبيعي التولّي لهم وصِلتهم تندرج في الواجب، نظير: زيارة بيت الله الحرام، وزيارة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، حيث قد وردت النصوص في الحج، أنّ على الوالي إحجاج جماعة من المسلمين للحج والزيارة لو تركَ عامّة المكلّفين الحج والزيارة ولو لعدم القدرة (1) ، وكذا الإقامة في مكّة والمدينة في حين كونها مستحبّة، إلاّ أنّها من حيثيّة أخرى واجب كفائي.

وكذلك الحال في شعائر مذهب أهل البيت (عليهم السلام) والشعائر الحسينيّة؛ فإنّها وإن كانت مستحبّة في نفسها، إلاّ أنّها من جهة إقامة الحقّ ونشر الهداية فهي واجبة بالوجوب الكفائي، وقد تتعدّد الحيثيات إلى أكثر من ذلك، فإنّ الضرب بالسلاسل على تقدير عدم ورود النص فيه بالخصوص، إلاّ أنّه من حيثيّة إظهار الجزع مستحب، ومن حيثيّة إقامة ذِكر أهل البيت وحقّانيّتهم ومظلوميّتهم واجب كفائي، بمعنى أنّ إقامة ذِكرهم وبيان مظلوميّتهم غير منحصر بهذا الأسلوب، فقد يؤدّى بأنماط متعدّدة، غاية الأمر إذا أوديَ بذاك الأسلوب يتأدّى به الواجب.

والحاصل: أنّ الطبيعة العامّة التي هي مفاد العموم، تنحدر في درجات من المصاديق المباحة، وتكون من سريان الطبيعة الواجبة أو الراجحة في طبقات ومدارج من المصاديق، فالتغافل عن هذه الحقيقة في العمومات يوجِب سدّ باب العمل بها.

____________________

(1) أبواب وجوب الحجّ: ب4، ح5.

٣٤٢

والضابطة في هذه القاعدة في العمومات، والتي تسمّى بالعناوين الثانويّة من جانب الموضوع، وهي تُغاير العناوين الثانويّة من جانب المحمول وهي المعهودة والدارجة على الألسن، إذ الطرو الثانوي من جهة الموضوع ليس بمعنى الثانويّة في الحكم، بل الحكم هو أوليّ، ولكنّ طروّ الموضوع على المصاديق ثانوي، فطبيعة المِلاك أوليّة، إلاّ أنّ طروّ الموضوع العام على المصاديق ثانوي، وذلك بعد أن لم يُقيّد الشارع انطباق الموضوع العام في تحديد مصاديق معيّنة، وهذا من مقتضيات عدم جَعل الحقيقة الشرعيّة.

وبذلك يتبيّن مشروعيّة الشعاريّة في الأذان، لاسيّما مع ملاحظة ما تقدّم مفصّلاً في الفصل الأوّل من بيان ماهيّة الأذان من أنّها دعوة للإيمان، والدعوة بمعنى الإعلام والإعلان بالإيمان، أي تقتضيه ماهيّة الأذان لاسيّما مع ما مرّ في الفصل الأوّل والثاني من اختلاف فصول الأذان بشكل كبير، كما يُلاحظه المتتبّع في روايات الأذان، وصرّح بذلك الشيخ في النهاية والمبسوط، والعلاّمة في المنتهى، وغيرهم من الأعلام، وهو ممّا يؤذِن ويقتضي التوسّع في ماهيّة وعدد فصول الأذان، بل إنّ هذا الاختلاف في مفاد الروايات يصلح أن يكون وجهاً خاصّاً لمشروعيّة ذِكر الشهادة الثالثة في الأذان، وهذا بضميمة تصريح مشهور المتأخّرين بعدم الجزئيّة بكتبهم الفقهيّة لا يبقى إيهام يتذرّع به.

وأمّا تخيّل الجاهل المقصّر في تعلّم الأحكام من الكتب المعدّة والوسائل المنصوبة، فلا يُعتدّ به ولا يُحسب له وَقْع؛ لأنّ المدار في مَعالم الدين وضروراته هي سيرة ونظر المتشرّعة الملتزمين، لا أهل المعاصي والتقصير، وإلاّ لاطّرد ذلك بحسب تهاونه في تعلّم الأحكام في موارد السيرة المختلفة لاستعلام معالم الأحكام،

٣٤٣

وقد تقدّم أنّ التكلّم في الأثناء مكروه لا محرّم، بل الكراهة غير شاملة للمقام كما تقدّم، نعم، التزمَ بالحرمة محمّد بن عبد الوهّاب حتّى لمثل الصلاة على النبي وآله بعد الشهادة الثانية، ولمثل التنزيه والتقديس كذلك بعد التكبير وقُبيل الأذان وبعده (1).

ثالثاً: إنّ عدم الجزئيّة ليست من المسلّمات القطعيّة بل هي مسألة اجتهاديّة، إذ قد عرفتَ أنّ الشيخ، والصدوق، وكذا العلاّمة، والشهيد قد اعترفوا بورود روايات لم يعملوا بها، بل قد أورد الصدوق في الفقيه نصّ متونها، بل الشيخ في المبسوط أفتى بعدم حرمة العامل بها بقصد الجزئيّة، بل قد استظهرنا من عبارة المبسوط فتواه برخصة العمل بها.

وقد أفتى ببعض مضمونها ابن برّاج والشهيد في الذكرى، كما قد مالَ إلى ما ذكره الشيخ في الإثم من عدم العمل بها كلّ من: العلاّمة في المنتهى، والشهيد في البيان.

وقد أومأ الصدوق، والشيخ، والسيّد المرتضى وغيرهم، بتأذين جملة من الطائفة بالشهادة الثالثة في زمانهم، وقد مرّت الإشارة إلى جملة من المصادر التاريخيّة الدالّة على ذلك، فلاحظ ما مرّ من استعراض السيرة، مضافاً إلى ميل كلّ من: صاحب البحار، والحدائق، وصاحب الجواهر وغيرهم، إلى الجزئيّة بمقتضى الصناعة لولا إعراض المشهور، فمعَ كلّ ذلك يمتنع تحقّق موضوع البدعة والإحداث، إذ الاختلاف في الاجتهاد لا يؤدّي إلى نسبة أحد الاجتهادين الآخر إلى البدعة، كما لا يخفى على المتفقّه فضلاً عن الفقيه،

____________________

(1) فتنة الوهّابيّة لأحمد زيني دحلان: ص19 - 20، وذَكرَ قصّة قَتل المؤذِّن الصالح في الحَرَمين الشريفين من قِبَل محمد بن عبد الوهّاب؛ لأنّه نهاه عن الصلاة على النبي في الأذان فلم يترك ذلك. ولاحظ أيضاً كتاب أُمراء الكلام في تاريخ البلد الحرام، لأحمد زيني دحلان.

٣٤٤

ولذلك قال الشيخ في النهاية: بأنّ العامل بتلك الروايات الواردة في الجزئيّة يُخطئ، وهو معنى التخطئة والتصويب في الاجتهاد عند الاختلاف، لا الحُكم بالبدعيّة كما توهّمه القائل بالبدعيّة، بل الأحرى أن يكون هذا التوهّم بدعة في ميزان الاجتهاد.

وقد أشار إلى التخطئة العلاّمة في المنتهى، والشهيد في الدروس، ومرادهم من العمل بها: الفتوى بالجزئيّة، وقد عرفتَ أنّهم يشيرون إلى فتوى ابن برّاج في المهذّب وعَمله ببعض مضمونها، بل قد عملَ السيّد المرتضى بها في المسائل المبافارقيات، وقد أشار في تلك المسائل إلى عمل جماعة بها.

رابعاً: لو سلّمنا بالتقصير في اجتهاد مَن ذهبَ إلى الجزئيّة؛ فإنّ ذلك لا يستلزم البدعة، كما هو الحال في سائر موارد الاختلاف في الاجتهادات الظنيّة، إذ الزيادة القطعيّة في الدين هي البدعة، أو ما ليس عليه دليل أصلاً، لا ما عليه دليل بحسب الأنظار المختلفة الأخرى، بل إنّ ظاهر مَن يحكم بالبدعيّة هو حُكمه بالبدعيّة على مشهور علماء المذهب الحق.

خامساً: قد مرّ وتقدّم استعراض العديد من الروايات المتضمّنة لاستحباب تكرار الشهادة الثالثة بعدد تكرار الشهادتين، وبنحوٍ منفصل عنهما غير متداخل كهيئة فصول الأذان، فمعَ التسالم على الاستحباب المطلق في غير الأذان لإكمال وإقران الشهادتين بالشهادة الثالثة، والاستحباب المطلق غير مختصّ بما عدا الأذان، بل هو شامل له، فيقضي كلّ ذلك باستحباب هذه الهيئة الخاصّة المماثلة لفصول الأذان سواء في الأذان وغيره.

ثُمّ إنّ الإشكال بحصول الإيهام والإقرار بذلك للمستشكل، شاهد على وجود الدلالة في تلك الروايات الدالّة على استحباب تكرار الشهادة الثالثة بعدد تكرار الشهادتين، وبنحو منفصل دلالتها على جزئيّة الشهادة الثالثة ندباً في الأذان؛ لأنّ المفروض أنّها تدلّ على هيئة مماثلة لهيئة فصول الأذان، والمفروض حصول الإيهام، فليس ذلك إلاّ للإيماء بالأذان في تلك الروايات فتدبّر، وقد أشرنا إلى هذه الدلالة سابقاً فراجع.

٣٤٥

سادساً: إنّ النقض بلزوم الجواز في الشهادة الثالثة داخل الصلاة ففيه:

ألف: ما سيأتي في المبحث الثاني من ذهاب جماعة من متأخّري هذه الأعصار إلى جواز ذلك، ومنهم: النراقي، والنوري، ومن المتقدّمين منهم علي بن بابويه أيضاً، لمَا ورد في التشهّد من أنّه غير مؤقّت، وقد ورد في رواياته اختلاف صيَغه المندوبة بأنحاء عديدة، كلّها متضمّن لاستعراض الأمور الاعتقاديّة الحقّة، ونُصّ على تضمّن التشهّد للشهادة الثالثة في رواية الفقه الرضوي، هذا في التشهّد.

وأمّا تضمّن دعاء التوجّه بعد تكبيرة الإحرام للشهادة الثالثة، وكذا القنوت والتسليم آخر الصلاة، فقد وردَ بذلك النص والفتوى، كفتوى الصدوق في الفقيه، وعلي بن بابويه، والنراقي، والميرزا النوري، وفي خصوص القنوت فقد أفتى الشيخ المفيد بذلك، والشيخ الطوسي، وأفتى العلاّمة في المنتهى بأنّ أسمائهم من أذكار الصلاة، وأفتى الأردبيلي بجواز ذكرها في قنوت صلاة الجمعة، وقد أفتى بالشهادة الثالثة في خصوص التوجّه: الشيخ الطوسي في الاقتصاد والمصباح، والحَلَبي في الكافي، والمفيد في المقنعة، والقاضي ابن برّاج في المهذّب، وابن زهرة في الغُنية، والديلمي في المراسم، هذا فضلاً عن اتّفاق جمهور علماء الإماميّة على ذكرها بصيغة الصلاة في خطبَتَي صلاة الجمعة، وقد ورد في موثّق أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: (قال أبو جعفر (عليه السلام): إنّ ذِكرنا من ذِكر الله) (1)، وهو عام شامل للصلاة وغيرها.

____________________

(1) أبواب الذكر: ب36، الحديث الأوّل.

٣٤٦

باء: عدم المحذور في ذلك، حيث إنّ الممنوع في الصلاة الكلام الآدمي دون ذكر الله وما هو بمنزلته: كقراءة القرآن، والدعاء، والصلاة على النبي وآله، والإقرار بالإيمان، فضلاً عن ذكرها في الأذان والإقامة.

القولُ بالكراهة: واستدلّ له بكراهيّة التكلّم في الأذان واشتداده في الإقامة، فيكون القول بالتكلّم في التشهّد بالشهادة الثالثة مكروهاً، وإن كان راجحاً ذاتاً.

وفيه:

1- قد عرفتَ من صحيح زرارة الوارد في الصلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كلّما ذُكر - وإن كان في الأذان - دلالتهُ على انصراف الكراهة عن الكلام الحق الذي هو من مستحبّات كيفيّة الشهادة الثانية، وكلّ من الصلوات والشهادة الثالثة من المستحبّات المشخّصة المفردة للشهادة الثانية.

2- ما مرّ من موثّق أبي بصير الدالّ على أنّ ذكرهم من ذكر الله، يقتضي بتنزيله منزلة الذكر أثناء الأذان والإقامة أيضاً.

وصلّى الله على محمّد، وعلى وصيّه أمير المؤمنين سيّد الوصيين، وآله الأئمّة الميامين الهداة المهديين.

تمّت بعون الله أبحاث أستاذنا في إثبات استحباب الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة، فكان الفراغ من ذلك في صبيحة يوم التاسع عشر من شهر رمضان المبارك، يوم ضُربت فيه هامة أركان الهدى، وانفصمت العروة الوثقى، من سنة ألف وأربعمائة وخمسة وعشرين للهجرة على مهاجرها ووصيّه وآله آلاف التحية والسلام، والبدء في بداية سنة ألف وأربعمائة وثلاثة وعشرين من الهجرة،

٣٤٧

وذلك على أثر رسالة مختصرة كانت قد طُبعت في سنة ألف وأربعمائة وسبعة عشر، ثُمّ استجدّ له أيّدهُ الله أن يبحث الشهادة الثالثة في التشهّد والتسليم، فوجدنا أن تمام الفائدة جعْلهُ بحثاً لاحقاً، فلله الحمد والمنّة ثُمّ الصلاة على نبيه وآله الميامين.

٣٤٨

المبحثُ الثاني

الشهادةُ الثالثة في تشهّد وتسليم الصلاة

* ويتضمّن أمرين:

الأوّل: الشهادة الثالثة في تشهّد الصلاة.

الثاني: الشهادة الثالثة في تسليم الصلاة.

٣٤٩

الأمرُ الأوّل

الشهادةُ الثالثة في التشهّد

* الأقوالُ في المسألة:

*1 - القائلون بالجواز:

فقد حكى ابن حجر في الإصابة عن البخاري في الضعفاء، بسنده عن سمّاك بن سلمة قال: دخلتُ على كدير الضبّي فوجدتهُ يصلّي وهو يقول: (اللهمّ صلِّ على النبي والوصي، فقلتُ: لا والله، لا أعودك أبداً) (1) .

لكنّ العقيلي في الضعفاء روى بسنده عن سمّاك بن سمكة قال: دخلتُ على كدير بعد الغداة، فقالت لي امرأته: ادنوا منه، فإنّه يصلّي حتّى يتوكّأ عليك، فذهبتُ ليعتمد عليّ، فسمعتهُ وهو يقول في الصلاة: (سلام على النبي والوصي فقلت:...) (2).

قال في الفقه الرضوي في صورة تشهّد الصلاة في التشهّد الثاني: (بسم الله وبالله والحمد لله، والأسماء الحسنى كلّها لله، أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، أرسلهُ بالحق... أشهدُ أنّك نِعمَ الربّ، وأنّ محمّداً نِعمَ الرسول،

____________________

(1) الإصابة في تمييز الصحابة: ج3، ص289.

(2) الضعفاء: ج3، ص 1184، رقم المسلسل 1571، طبعة دار الضيغمي.

٣٥٠

وأنّ عليّاً نِعمَ المولى، وأنّ الجنّة حق، والنار حق، والموت حق، والبعث حق، وأنّ الساعة آتية لا ريبَ فيها، وأنّ الله يبعث مَن في القبور... اللهمّ صلِّ على محمّد المصطفى، وعليّ المرتضى، وفاطمة الزهراء، والحسن والحسين، وعلى الأئمّة الراشدين من آل طه وياسين) (1).

وقال سلاّر أبو يعلي حمزة بن عبد العزيز الديلمي الطبرستاني: (وأمّا التشهّد الأوّل فمثل ما تقدّم، وأمّا التشهّد الثاني الذي يتعقّبه التسليم في الرابعة من... فهو: (بسم الله وبالله والحمد لله، والأسماء الحسنى كلّها لله... وأشهد أنّ ربّي نِعمَ الرب، وأنّ محمّداً نِعمَ الرسول، وأنّ عليّاً نِعمَ الإمام، وأنّ الجنّة حق، والنار حق... اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد... ويومِئ بوجهه إلى القبلة فيقول: (السلام على الأئمّة الراشدين، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)) (2).

وروى المجلسي الأوّل في كتابه (فقه كامل فارسي)، الذي هو بمثابة رسالة عمليّة له محشّاة بتعليقات جملة من الأعلام منهم: السيّد اليزدي صاحب العروة الوثقى، والميرازا محمّد تقي الشيرازي، والسيّد إسماعيل الصدر.

ذكرَ في مبحث التشهّد في الصلاة: (وروى أبو بصير عن جعفر الصادق (عليه السلام):

(بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء كلّها لله، أشهدُ أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنّ محمّداً عبده ورسوله، أرسلهُ بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، وأشهدُ أنّ ربي نِعمَ الرب، وأنّ محمّداً نِعمَ الرسول، وأنّ عليّاً نِعم الوصي، اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد، وتقبّل شفاعتهُ في أمّته وارفع درجتهُ، الحمد لله ربّ العالمين) (3).

____________________

(1) الفقه الرضوي: ص18 - ص19.

(2) المراسم العَلَويّة: ص73.

(3) فقه كامل فارسي: ص 31، طبعة مؤسّسة انتشارات فراهاني - طهران.

٣٥١

أقول: الظاهر أنّ هذه الرواية هي موثّقة أبي بصير الطويلة التي رواها الشيخ في التهذيب (1) ، وذَكرها صاحب الوسائل في أبواب التشهّد (2) ، وقد أفتى بمضمونها المشهور، وذكرها صاحب العروة الوثقى في باب التشهّد، وقد ذَكر فيها: (أشهدُ أنّ ربي نِعم الرب، وأنّ محمّداً نِعم الرسول، وأشهدُ أنّ الساعة آتية لا ريب فيها... الخ)، وقد قال السيّد الميلاني في تعليقته على كلام صاحب العروة: نِسَخ هذا الحديث تختلف بشيء من الزيادة والنقص، لكنّ الكلّ يتضمّن الواجب وفضيلته).

وقد أفتى صاحب الحدائق باستحباب الشهادة الثالثة في التشهّد والتسليم، حيث قال في الفصل التاسع من تشهّد الحدائق: (إنّ تحقيق الكلام يقع في موارد:... المورد الثاني: أفضل التشهّد ما رواه الشيخ في الموثّق... وقال (عليه السلام) في الفقه الرضوي (ثُمّ أوردَ الرواية) حيث فيها: (أشهدُ أنّك نِعمَ الربّ، وأنّ محمّداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نِعم الرسول، وأنّ عليّ بن أبي طالب نِعم المولى... إلى آخر الرواية) (3).

وإلى ذلك ذهب أيضاً الشيخ حسين العصفور في الأنوار اللوامع، حيث اعتمدَ على رواية الفقه الرضوي في كيفيّة التشهّد والتسليم.

____________________

(1) التهذيب: ج 2, ص99/373.

(2) أبواب التشهّد: ب 3/2.

(3) الحدائق الناضرة: ج8، ص451، طبعة دار الكتب الإسلاميّة.

٣٥٢

ويظهر من صاحب الجواهر ذلك أيضاً، حيث قال في مبحث التسليم: (إنّ المستفاد من المُتأمِل في النصوص... كون التسليم كالتشهّد ونحوه من الألفاظ المراد بها هيئات متعدّدة مختلفة بالكمال وعدمه) (1).

وقال النراقي في المستند: (يستحب أن يزيد في تشهّده ما في رواية عبد الملك،... والأكمل منه للتشهّدين ما في موثّقة أبي بصير... أو ما في الفقه الرضوي، ثُمّ ذَكر متن رواية الفقه الرضوي التي فيها: (وأنّ عليّاً نِعم المولى) كما أنّ في متنها: (اللهمّ صلِّ على محمّد المصطفى، وعلي المرتضى، وفاطمة الزهراء، والحسن، والحسين، وعلى الأئمّة الراشدين من آل طه وياسين).

ثُمّ قال: ثُمّ إنّه لاشكّ في جواز الاكتفاء في التشهّد بما في رواية.... وهل يجوز التبعيض بأن يُذكر بعض ما في رواية واحدة؟ لا ريب في جوازه من حيث إنّه دعاء، وأمّا من حيث وروده واستحبابه بخصوصه فمحلّ نظر، نعم، يجوز الاكتفاء بأحد التشهّدين بأن يُذكر فيه ما ورد دون الآخر، ويجوز الاكتفاء بافتتاح التشهّد خاصّة كما في رواية بدو الأذان) (2).

وذهب إلى ذلك الميرزا النوري في المستدرك، فجوّز في صيغة التشهّد ما في رواية الفقه الرضوي) (3) .

وقال الشيخ مرتضى آل ياسين في فتواه المبسوطة، في الشهادة الثالثة في الأذان بعد الإشارة إلى الأدلّة قال: (ومن هنا يظهر لك وجه القول بجواز ذِكر الشهادة الثالثة في الصلاة، فضلاً عن الأذان والإقامة، والله العالم) (4) .

____________________

(1) الجواهر: ج10، ص 320 - 321.

(2) المستند للنراقي: ج5، ص 334 - 336.

(3) المستدرك: أبواب التشهّد، الباب2، ج5، ص6.

(4) شرح رسالة الحقوق: ج2، نقلاً عن رسالة سرّ الإيمان للسيّد عبد الرزاق المقرّم.

٣٥٣

ويظهر من العلاّمة الحلّي (1) : أنّ ذِكر أسمائهم في الصلاة من أذكار الصلاة سواء في التشهّد أو غيره، حيث قال العلاّمة الحلّي في كتابه المنتهى (الفصل الثالث: في التروك)، حيث استثنى من الكلام المبطل كلّ كلام هو من ذِكر الله، وجَعل منه ذِكر أسماء الأئمّة، مستنداً في ذلك إلى صحيح الحَلَبي الدالّ بالخصوص على ذلك.

قال: المطلب الثاني عشر (لا بأس بأصناف الكلام الذي يناجي به الربّ تعالى، لمَا رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن مهزيار قال: سألتُ أبا جعفر (عليه السلام) عن الرجل يتكلّم في صلاة الفريضة بكلّ شيء يناجي ربّه؟ قال: (نعم) (2)، وعن الحَلَبي قال: قلتُ لأبي عبد الله (عليه السلام) أسمّي الأئمّة (عليهم السلام) في الصلاة؟ قال: (أجمِلهم) (3) .

ومن هذا الباب كلّ ذِكر يُقصد به تنبيه غيره) (4).

ويُستظهر ذلك من الشيخ الطوسي في التهذيب أيضاً، حيث أوردَ صحيح الحَلَبي في موضعين (5) في دعاء قنوت الوتر بقوله: (وممّا وردَ في الحثّ على الدعاء)، ثُمّ أوردَ في ضمن ذلك صحيح الحَلَبي،

____________________

(1) إنّما أخّرنا ذِكر قول العلاّمة، والطوسي، والمفيد، والصدوق؛ لكون فتواهم ليست في خصوص التشهّد، بل في عموم الصلاة.

(2) منتهى المطلب: ج5، ص292 طبعة الأستانة الرضويّة - مشهد.

(3) أبواب القنوت: باب 14 الحديث الأول، التهذيب، ج2، ص 346، الحديث 1338.

(4) منتهى المطلب: 5/ 292 طبعة مشهد.

(5) التهذيب: ج2، ص346، ح1338.

٣٥٤

وكذلك في باب كيفيّة الصلاة وصفتها أوردَ صحيح الحَلَبي المتضمّن لذكر أسمائهم في الصلاة، بعدما أوردَ رواية في مطلق ذكر الله في الصلاة، فيظهر من الشيخ الاعتماد على مفاد الرواية (صحيحة الحَلَبي) في مطلق الصلاة، وأنّها نظير المناجاة والدعاء من الأذكار الصلاتيّة الخارجة عن الكلام المبطل في الصلاة.

ومثله يُستظهر من فتوى الشيخ الصدوق في الفقيه، حيث أوردَ الصحيح في باب القنوت في الصلاة، وفي باب قنوت صلاة الوتر.

وكذلك يُستظهر من الشيخ المفيد في المقنعة، حيث قال في دعاء قنوت الوتر بصيغة التشهّد الصريحة: (اللهمّ فإنّي أشهدُ على حين غفلة من خلقك أنّك الله لا إله إلاّ أنت، وأنّ محمّداً عبدك المرتضى ونبيّك المصطفى، أسبغتَ عليه نعمتك، وأتممتَ عليه كرامتك، وفضّلت لكرامته آله، فجعلتهم أئمّة الهدى، وأكملتَ بحبّهم وطاعتهم الإيمان، وقبلتَ بمعرفتهم والإقرار بولايتهم الأعمال، واستعبدتَ بالصلاة عليهم عبادك وجعلتهم مفتاحاً... اللهمّ صلِّ على أمير المؤمنين وصيّ رسول ربّ العالمين، اللهمّ صلِّ على الحسن والحسين سبطي الرحمة وإمامَي الهدى، وصلِّ على الأئمّة من وِلد الحسين علي بن الحسين،... والخلف الحجّة، اللهمّ اجعلهُ الإمام المنتظر) (1).

أقول: ولا يخفى من اعتماد الشيخ المفيد على أنّ التشهد بالشهادة الثالثة بصيَغه المختلفة، هو من الدعاء والذِكر الصلاتي؛ بل لأنّ الكلام المأذون في الصلاة إمّا يكون ذكراً، أو قرآناً، أو دعاءً، بل اعتمدَ الشيخ المفيد (قدِّس سرّه) في فتواه هذه على أنّ التشهّد بلفظه ومادّته بمقامات أهل البيت المتعدّدة، هو من الذكر في الصلاة، فهذه فتوى خاصّة بالتشهّد بالولاية في الصلاة من المفيد (قدِّس سرّه).

____________________

(1) المقنعة: س 125 - 130 طبعة قم.

٣٥٥

وكذلك يُستظهر ذلك من المحقّق النراقي في المستند (1) ، حيث استدلّ على مشروعيّة إضافة الآل في الصلاة في التشهّد من صحيح الحَلَبي بتقريب: أنّ ذِكر أسمائهم في الصلاة نظير المناجاة والدعاء.

وكذلك يُستظهر من المحقّق الأردبيلي (2) ، حيث استدلّ على ذِكر أسمائهم في قنوت صلاة الجمعة بصحيح الحَلَبي، باستظهار كون ذكرهم من أذكار الصلاة المطلقة المستثناة من الكلام المبطل.

ويُستفاد من فتوى جماعة من المتقدّمين أيضاً - باستحباب الشهادة الثالثة في دعاء التوجّه الذي يؤتى به بعد تكبيرة الإحرام أي داخل الصلاة - أنّ التشهّد بالثالثة من أذكار الصلاة والأدعية الواردة في الصلاة.

قال الصدوق في الفقيه: (قال الصادق (عليه السلام): (إذا قمتَ إلى الصلاة فقل... ثُمّ كبِّر تكبيرتين وقل: وجّهتُ وجهي للذي فطرَ السموات والأرض على ملّة إبراهيم، ودين محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ومنهاج عليّ حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين... أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم...) (3).

وظاهر ذيل كلامه: إسناد ذلك إلى رواية زرارة، وقريب من ذلك ما أفتى به في كتابه المقنع، إلاّ أنّ فيه: (على ملّة إبراهيم، ودين محمّد، وولاية أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب حنيفاً مسلماً) (4) .

وأفتى بذلك أيضاً المفيد في المقنعة (5) في دعاء التوجّه بعد تكبيرة الإحرام، ولفظ فتواه كما مرّ في المقنع للشيخ الصدوق.

____________________

(1) المستند: ج5، ص 331 - 332.

(2) مجمع الفائدة والبرهان: ج2، ص 392 - 393.

(3) الفقيه: ج1، ص33 - 34، طبعة قم.

(4) المقنع: ص93، طبعة قم.

(5) المقنعة: ص103، طبعة قم.

٣٥٦

وأفتى بذلك الشيخ الطوسي أيضاً في دعاء التوجّه بعد تكبيرة الإحرام في كتاب النهاية (1) ، والاقتصاد، ومصباح المتهجّد (2) باللفظ الذي مرّ في المقنع.

وأفتى بذلك الحَلَبي أيضاً في الكافي في دعاء التوجّه بعد تكبيرة الإحرام، إلاّ أنّ اللفظ فيه: (على ملّة إبراهيم، ودين محمّد، وولاية أمير المؤمنين، والأئمّة من ذرّيتهم الطاهرين) (3).

وأفتى بذلك ابن برّاج في المهذّب (4) ، وابن زهرة الحَلَبي في الغُنية (5).

وأفتى بذلك سلاّر الديلمي في المراسم (6).

هذا، ويَعضد بناءهم - أي المتقدّمين - على كون الشهادة الثالثة وأسماء الأئمّة بصيَغه المختلفة، من أذكار الصلاة العامّة، ومن مراسم ورسوم الدعاء المطلق ما أفتى به المشهور من ذكر أسمائهم (عليهم السلام) بوصف الإمامة في خطبة الجمعة، والتي هي عوض ركعَتي الظهر، وهي شرط في صلاة الجمعة، والشهادة الثالثة من الأجزاء الواجبة في الخطبة، كما حكى ذلك في مفتاح الكرامة (عن: الجعفريّة، وكشف الالتباس، وحاشية الإرشاد، والدروس، والنافع، والمعتبر، وموضع من السرائر، ومصباح السيّد، والنهاية، والمدارك، والشافية) (7).

____________________

(1) النهاية: ج1، ص294 طبعة قم.

(2) الاقتصاد: ص260 - 261، مصباح المتهجّد: ص44 طبعة بيروت.

(3) الكافي في الفقه: ص121 - 122.

(4) المهذّب: ج1، ص92 طبعة قم.

(5) الغُنية: ص830 طبعة قم.

(6) المراسم العَلَويّة: ص71 طبعة قم.

(7) مفتاح الكرامة: ج3، ص114.

٣٥٧

كما يَعضد ذلك أيضاً: ما ذهب إليه جماعة من المتقدّمين: كالصدوق في الفقيه والمقنع (1) ، والمفيد في المقنعة (2) ، وعلي بن بابويه في الفقه الرضوي (3) ، وسلاّر الديلمي في المراسم (4) ، والطوسي في النهاية (5) ، وابن برّاج في المهذّب (6) ، والحَلَبي في الكافي (7) ، والنراقي في المستند (8) ، والميرزا النوري في المستدرك (9) ، من الفتوى بالشهادة الثالثة في التسليم المندوب الذي يؤتى به قبل التسليم الواجب، أي قبل الخروج من الصلاة.

وكذا يَعضد ذلك: فتوى علي بن بابويه، والنراقي، والنوري بالشهادة الثالثة في الصلاة، حيث تضمّنت صيغة الصلاة على ذكر أسمائهم الخاصّة ونَعتِهم بالأئمّة، وقد مرّ ذِكر ذلك.

ثُمّ إنّه قد يُستشعر أو يُستفاد من إطلاق عبارة المشهور - بأنّ أقل أو أدنى التشهّد هو الشهادتان -: جواز الشهادة الثالثة، كما هو الشأن في جواز الشهادة بالعقائد الحقّة الأخرى من المعاد والجنّة والنار، بعد تنصيص الروايات على أنّه ليس في التشهّد حدّ مؤقت أي من جهة حدّ الكثرة، وإليك نبذة من عبائر الأعلام المتقدّمين:

____________________

(1) الفقيه: ج1، ص310، المقنع: ص96 طبعة قم.

(2) المقنعة: ص114.

(3) الفقه الرضوي: ص108.

(4) المراسم العَلَويّة: ص73.

(5) النهاية: ج1، ص311 طبعة قم.

(6) المهذّب: ج1، ص95 طبعة قم.

(7) الكافي في الفقه: ص124.

(8) المستند: ج5، ص334 - 336.

(9) المستدرك: أبواب التشهّد، الباب2، ج5، ص6.

٣٥٨

قال الطوسي: (والتشهّد يشتمل على خمسة أجناس... ويشهد الشهادتين، وهو أقلّ ما يجزيه في التشهّد والصلاة على النبي وعلى آله، فإن نقصَ شيئاً من ذلك فلا صلاة له، وكلّ ما زاد على ذلك من الألفاظ الواردة فيه، فهو زيادة في العبادة والثواب) (1).

وقال في النهاية: (وأقلّ ما يُجزي الإنسان في التشهّد، الشهادتان والصلاة على النبي محمّد وآله الطيبين، فإن زاد على ذلك كان أفضل) (2).

وقال الطوسي أيضاً في الخلاف (3) بنفس مضمون ما ذكره في النهاية والمبسوط.

وقال المفيد في المقنعة: (وأدنى ما يُجزي في التشهّد، أن يقول المصلّي: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهدُ أنّ محمّداً عبده ورسوله) (4).

وقال ابن البرّاج في شرح جُمل العلم والعمل للسيّد المرتضى (رحمه الله): (وأمّا أقلّ ما يُجزي في التشهّد، فهو ما ذكرهُ (رضي الله عنه) من الشهادتين والصلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وذلك هو الواجب فيهما، وأمّا باقي التشهّد فهو مندوب...).

وقال ابن إدريس: (وأدنى ما يُجزي فيهما، الشهادتان والصلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والصلاة على آله (عليهم السلام)) (5).

____________________

(1) المبسوط: ج1، ص17، طبعة مؤسّسة النشر (قم).

(2) النهاية: ج1، ص310، طبعة قم.

(3) الخلاف: ج1، ص372، المسألة 131.

(4) المقنعة: ص142.

(5) السرائر: ج1، ص231، طبعة مؤسّسة النشر الإسلامي - قم.

٣٥٩

وقال في المعتبر مسألة (1) (2) : (والدعاء في التشهّد جائز سواء كان ممّا وردَ به الشرع، أو لم يكن للدنيا والآخرة ما لم يكن مطلوباً محرّماً، واستدلّ له بما رواه بكر بن حبيب قال: قلت لأبي جعفر أيّ شيء أقول في التشهّد والقنوت؟ قال: (قل بأحسن ما عُلِّمت، فإنّه لو كان موقّتاً هلكَ الناس)، ومثله في كشف الرموز للفاضل الآبي (3).

ويُستفاد من عبارة مشهور متأخّري الأعصار: أنّ من كمال الشهادتين الشهادة بالولاية، وإمرة المؤمنين لعلي (عليه السلام)، ويستفاد منها: أنّ أفضل كيفيّات الشهادتين هي المقرونة بالشهادة الثالثة، سواء أُتيَ بها في الصلاة أو في غير الصلاة، وإليك بعض تلك العبائر لعلماء الإماميّة:

قال المجلسي الثاني في البحار - بعدما أورد رواية الاحتجاج -: (فيدلّ على استحباب ذلك - يعني اقتران الشهادة الثالثة بالشهادتين - عموماً، والأذان من تلك المواضع، وقد مرّ أمثال ذلك في أبواب مناقبه - أي الروايات الدالّة على الاقتران في خلق العرش، والكرسي، والسماء، والأرضين -... وهذا أشرف الأدعية والأذكار، ومالَ إلى ذلك صاحب الحدائق، والحرّ العاملي في الهداية.

وقال في الجواهر: (هي كالصلاة على محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عند سماع اسمه، وإلى ذلك أشار العلاّمة الطباطبائي في منظومته عند ذكر سُنن الأذان وآدابه، فقال:

____________________

(1) أبواب التشهّد: باب5، حديث1.

(2) المعتبر: ج2، ص230.

(3) كشف الرموز: ج1، ص161.

٣٦٠