الشهادة الثالثة

الشهادة الثالثة0%

الشهادة الثالثة مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 420

الشهادة الثالثة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله الشيخ محمد سند (حفظه الله)
تصنيف: الصفحات: 420
المشاهدات: 93164
تحميل: 4253

توضيحات:

الشهادة الثالثة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 420 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 93164 / تحميل: 4253
الحجم الحجم الحجم
الشهادة الثالثة

الشهادة الثالثة

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وروى الصدوق في الفقيه قال، قال الصادق (عليه السلام): (إذا قمتَ إلى الصلاة... وارفع يديك بالتكبير إلى نحرك وكبِّر ثلاث تكبيرات وقل... ثُمّ كبِّر تكبيرتين... ثُمّ كبِّر تكبيرتين وقل: وجّهتُ وجهيَ للذي فطرَ السماوات والأرض، على ملّة إبراهيم، ودين محمّد، ومنهاج علي حنيفاً مسلماً... الحديث) (1).

وقال الصدوق معقّباً الحديث: (وإنّما جَرت السُنّة في افتتاح الصلاة بسبع تكبيرات؛ لمَا رواه زرارة).

وفي الفقه الرضوي: (ثُمّ تكبِّر مع التوجّه ثُمّ تقول: اللهمّ... ثُمّ تكبّر تكبيرتين وتقول: لبّيك وسعديك... ثُمّ تكبّر تكبيرتين وتقول: وجّهتُ وجهيَ للذي فطرَ السموات والأرض حنيفاً مسلماً على ملّة إبراهيم، ودين محمّد، وولاية علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم، وما أنا من المشركين... الحديث) (2).

ما رواه السيّد علي بن طاووس في فلاح السائل (3) عن كتاب ابن خانبه (4) قال: ويقول بعد ثلاث تكبيرات من تكبيرات الافتتاح، ورواه الحَلَبي وغيره عن الصادق (عليه السلام): (اللهمّ أنت... ثُمّ يكبّر تكبيرتين، ثُمّ يقول: لبّيك... ثُمّ يكبّر تكبيرتين أخريين ويقول: وجّهتُ وجهي للذي فطر السموات والأرض على ملّة إبراهيم، ودين محمّد، ومنهاج علي صلواتك عليهم حنيفاً مسلماً) (5).

____________________

(1) الفقيه: ح1، وصف الصلاة وأدب المصلي: ص304، طبعة قم.

(2) ج4، ص142 مستدرك الوسائل: أبواب تكبيرة الإحرام، باب6، ح3.

(3) فلاح السائل: صفحة132، طبعة قم.

(4) وهو أحمد بن عبد ربّه بن خانبه الكرخي.

(5) المستدرك: ج4، أبواب تكبيرة الإحرام: باب6، ح1.

٣٨١

وما رواه جملة من المتقدّمين الذي تُعد كتبهم متون روايات: كمقنع الصدوق (1) ، ومقنعة المفيد، واقتصاد (2) الشيخ، ومصباح المتهجّد (3) للشيخ، والكافي للحَلَبي، وغُنية ابن زهرة، ومراسم الديلمي، ومهذّب ابن برّاج، وهذه الكتب - مضافاً إلى أنّها مصادر روائيّة - دالّة على فتوى أصحابها بذلك، فمشهور المتقدّمين يبنون على ذكريّة الشهادة الثالثة في الصلاة.

هذا، ويَعضد ذكريّة الشهادة الثالثة في الصلاة، ما ورد من روايات في التسليم، وفي كيفيّة الصلاة على محمّد وآل محمّد في التشهّد المتضمّن للشهادة الثالثة، وقد تقدّم استعراض تلك الروايات مراراً في الفصول السابقة كما في الفقيه للصدوق (4)، وهو بصيغة: (السلامُ على محمّد بن عبد الله خاتم النبيين، السلام على الأئمّة الراشدين المهديين)، وفي الفقه الرضوي (5) أيضاً وهو بصيغة: (السلامُ عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام عليك وعلى أهل بيتك الطيبين)، والمفيد في المقنعة (6) وهو بصيغة الفقه الرضوي، وقرّبه الصدوق في المقنع، والشيخ في النهاية، وابن برّاج في المهذّب، وسلاّر في المراسم، والحَلَبي في الكافي، والنراقي في المستند (7) .

____________________

(1) المقنع: ص93، طبعة قم.

(2) اقتصاد الشيخ: ص260 - 261.

(3) مصباح المتهجّد: ص44، مؤسّسة الأعلمي.

(4) الفقيه: ج1، ص319، طبعة قم، باب وصف الصلاة.

(5) الفقه الرضوي: ص180.

(6) المقنعة: ص69.

(7) وقد تقدّم الإشارة إلى مصادرها في المدخل فلاحظ، وجِلّ هذه الكتب متون روائيّة.

٣٨٢

وكذا الروايات الواردة في صيغة الصلاة على محمّد وآل محمّد في التشهّد، كما رواه في الفقه الرضوي: (اللهمّ صلِّ على محمّد المصطفى، وعلي المرتضى، وفاطمة الزهراء، والحسن والحسين، وعلى الأئمّة الراشدين من آل طه وياسين) (1).

وقد أفتى به النراقي في المستند (2) ، وقد ذَكر الشيخ المفيد في المقنعة في صيغة الصلاة في القنوت: (اللهمّ صلِّ على محمّد عبدك ورسولك وآله الطاهرين... اللهمّ صلِّ على أمير المؤمنين وصي رسول ربّ العالمين، اللهمّ صلِّ على الحسن والحسين سبطي الرحمة وإمامَي الهدى، وصلِّ على الأئمّة من وِلد الحسين، علي بن الحسين... والخَلف الحجّة (عليهم السلام)، اللهمّ اجعلهُ الإمام المنتظر...) (3).

الوجهُ الثالث: الروايات الخاصّة تنزيلاً

وهو بمنزلة الروايات الخاصّة والدلالة الخاصّة على جواز أصل الشهادة الثالثة في التشهّد، وبيانه: عبارة عن أنّه قد وردَ بأنّه ليس في التشهّد شيء مؤقّت، والمراد منه عدم التوقيت من جانب الكثرة، وإلاّ فمن ناحية القلّة محدود ومؤقّت بالشهادتين، فهذه مقدّمة يأتي بيانها، والمقدّمة الثانية أنّ ظاهر الروايات العديدة في كيفيّة التشهّد المندوب، دالّة على إطلاق العِنان في تعداد جُمل التشهّد، حيث إنّ بينها اختلافاً كثيراً في الصيغة والتعداد للجُمل المتشهّد بها، والجامع الطبيعي بينها: هو أنّها في صدد الحثّ على التشهّد بجملة المعتقدات الحقّة، لا التحديد والتخصيص بمقدار دون آخر.

____________________

(1) الفقه الرضوي: ص108.

(2) مستند الشيعة: ج5، ص334.

(3) المقنعة: ص125 - 126- 130.

٣٨٣

وعلى ضوء هاتين المقدّمتين الآتيتين، يتبيّن اقتضاء جواز الشهادة الثالثة؛ لأنّها من جملة المعتقدات الحقّة، بل لها موقعيّة المرتبة الثالثة بعد الشهادتين، متقدّمة على بقيّة المعتقدات الحقّة الأخرى أهميّة بحسب الأدلّة القرآنيّة والنبويّة القطعيّة.

بيانُ المقدّمة الأولى:

وهي ما ورد من الروايات على أنّ ليس في التشهّد شيء مؤقّت من ناحية الكثرة، بل التحديد من ناحية القلّة، كصحيح محمّد بن مسلم قال: قلتُ لأبي عبد الله (عليه السلام) التشهّد في الصلاة؟ قال: (مرّتين، قال، قلت: وكيف مرّتين؟ قال: إذا استويتَ جالساً فقل: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وحدهُ لا شريك له، وأشهدُ أنّ محمّداً عبده ورسوله، ثُمّ تنصرف قال، قلت: قول العبد: التحيات لله والصلوات الطيبات لله؟ قال: هذا اللطف من الدعاء يلطف العبد ربّه) (1) .

وهذه الصحيحة الدالّة على أنّ حدّ التشهّد من جانب القلّة، هما الشهادتان وأنّه لا حدّ له من جانب الكثرة، كما تدلّ على مشروعيّة الدعاء والثناء بما هو حق من المعتقدات في التشهّد، كصحيح زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما يجزي من القول في التشهّد في الركعتين الأوليتين؟ قال: (تقول أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، قلتُ: فما يجزي من تشهّد الركعتين الأخيرتين؟ فقال: الشهادتان) (2).

____________________

(1) أبواب التشهّد: باب4، ح4.

(2) أبواب التشهّد: باب4، ح1.

٣٨٤

وصحيح الفضلاء عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (إذا فرغَ من الشهادتين فقد مضت صلاته، فإن كان مستعجلاً في أمر يخاف أن يفوته فسلّم وانصرفَ، أجزأهُ) (1)، وغيرها من الروايات الواردة (2).

وفي الصحيح إلى منصور بن حازم عن بكر بن حبيب قال، قلتُ لأبي جعفر (عليه السلام): أيّ شيء أقول في التشهّد والقنوت؟ قال: (قل بأحسن ما عَلمت، فإنّه لو كان موقّتاً لهلكَ الناس) (3).

وفي طريق الكليني مع اختلاف في الألفاظ: (لو كان كما يقولون واجباً على الناس هلكوا، إنّما كان القوم يقولون أيسر ما يعلمون إذا حمدتَ الله أجزأ عنك) (4) .

وبكر بن حبيب وإن لم يكن فيه توثيق خاص، إلاّ أنّه قد روى عنه منصور بن حازم ما يقرب من ستة مواضع (5) ، وقال الشيخ البهائي في تعليقه على الفقيه وفي الحبل المتين: (إنّ جمهور الأصحاب تلقّوا رواية له بالقبول).

ومن الروايات التي رواها عنه منصور بن حازم عن أبي جعفر (عليه السلام)، رواية تعليم رسول الله لعلي ألف باب يُفتح منه ألف باب، وفيها اُدعو لي خليلي.

وهذه الرواية (إنّه لو كان مؤقّتاً لهلكَ الناس) مضمونها يتطابق مع الصِحاح المتقدّمة في جانب الكثرة،

____________________

(1) أبواب التشهّد: باب4، ح2.

(2) أبواب التشهّد: الباب الرابع والخامس.

(3) أبواب التشهّد: باب5، ح1.

(4) أبواب التشهّد: الباب5، ح2.

(5) الكتب الأربعة، والخصال، وبصائر الدرجات، ومحاسن البرقي.

٣٨٥

أنّه ليس هناك شيء مؤقّت، وكما فيه الترخيص في كلّ ما يَحسن من القول ممّا هو من جنس الدعاء، والثناء لله، والتشهّد بالمعتقدات الحقّة، وكذلك دلالة الصحاح المتقدّمة؛ لأنّ التعبير بـ(يجزي) فيها أي أقلّ ما يجزي.

ونظيرها رواية سورة بن كليب قال: سألتُ أبا جعفر عن أدنى ما يجزي من التشهّد، قال: (الشهادتان) (1).

هذا، وقد مرّ فتاوى مشهور الأصحاب وتنصيصهم بأنّ أدنى ما يجزي في التشهّد الشهادتان، هذا مع مفروغيّة وجوب الصلاة على محمّد وآله؛ لوجوبها بذكره في الشهادتين.

أمّا المقدّمة الثانية:

دلالة الروايات الخاصّة الواردة في التشهّد على جواز كيفيّات مختلفة، يستفاد منها أنّ الأمر في التشهّد موسّع من ناحية الكثرة، وأنّ ما كان من دعاء وثناء وإقرار وتشهّد بفرائض الإيمان، فإنّ كلّ ذلك من الأجزاء الندبيّة للتشهّد، كصحيحة الحَلَبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: أسمّي الأئمّة في الصلاة؟ فقال: (أجمِلهم).

ومنها: موثّق أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: (إذا جلستَ في الركعة الثانية فقل: بسم الله وبالله والحمد لله، وخير الأسماء لله، أشهدُ أن لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، أرسلهُ بالحقّ بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، أشهد أنّك نِعمَ الربّ، وأنّ محمّداً نِعم الرسول، اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد،

____________________

(1) أبواب التشهّد: الباب2، ح3.

٣٨٦

وتقبّل شفاعتهُ في أمّته وأرفع درجتهُ، ثُمّ تَحمد الله مرّتين أو ثلاثاً ثُمّ تقوم، فإذا جلستَ في الرابعة قلتَ: بسم الله وبالله، والحمدُ لله وخير الأسماء لله، أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنّ محمّداً عبده ورسوله، أرسلهُ بالحقّ بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، أشهدُ أنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعثُ مَن في القبور، الحمدُ لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله ربّ العالمين.

اللهمّ صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد، وبارك على محمّد وعلى آل محمد، وسلِّم على محمّد وعلى آل محمّد، وترحّم على محمّد وعلى آل محمّد، كما صلّيت وباركت وترحّمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد.

اللهمّ صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تَجعل في قلوبنا غِلاًّ للذين آمنوا، ربّنا إنّك رؤوف رحيم، اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد، وامنُن عليّ بالجنّة وعافِني من النار.

اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد واغفر للمؤمنين والمؤمنات، ولمَن دَخل بيتي مؤمناً ولا تزد الظالمين إلاّ تباراً، ثُمّ قل: (السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته، السلام على أنبياء الله ورُسله، السلام على جبرائيل وميكائيل والملائكة المقرّبين، السلام على محمّد بن عبد الله خاتم النبيين لا نبيّ بعده، والسلامُ علينا وعلى عباد الله الصالحين، ثُمّ تسلِّم) (1).

وهذه الموثّقة دلّت على عدّة كيفيّات من التشهّد، فبيّنت التشهّد الأوّل في كيفيّة، والتشهّد الثاني في كيفيّة أخرى، بل قد تضمّنت ستّة كيفيّات للتشهّد، كما تضمّنت جواز تكرار التشهّد في التشهّد الواحد،

____________________

(2) أبواب التشهّد: باب3، ح2.

٣٨٧

كما أنّها تضمّنت التشهّد بالساعة، وبالبعث من القبور أي بالمعاد، كما تضمّنت الطلب بالجنّة، والوقاية من النار، والدعاء للمؤمنين والمؤمنات، كما أنّها تضمّنت التبري من الظالمين أعداء الله ورسوله، كما أنّ صيغة السلام فيها تضمّنت السلام على أنبياء الله ورسله، وعلى ميكائيل وجبرائيل وملائكة الله المقرّبين.

ومنها: ذيل صحيح محمّد بن مسلم المتقدّم قال، قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)...: قول العبد التحيات لله والصلوات الطيّبات لله، قال: (هذا اللطف من الدعاء يلطف العبد ربّه) (1).

ومنها: صحيح يعقوب بن شعيب قال: قلتُ لأبي عبد الله (عليه السلام): أقرأ في التشهّد ما طابَ لله وما خبثَ فلغيره، فقال: (هكذا كان يقول علي (عليه السلام)) (2).

وفي مصحّح عبد الملك بن عمرو الأحول عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (التشهّد في الركعتين الأولتين: الحمدُ لله أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنّ محمّداً عبده ورسولهُ، اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد، وتقبّل شفاعتهُ، وارفع درجتهُ) (3).

فترى الكيفيّة في هذه المصحّحة تختلف عن الكيفيّة في الرواية الأخرى، كما أنّ صحيحة محمّد بن مسلم السابقة عليها نصّت على الجزئيّة الندبيّة للدعاء والثناء في التشهّد، وكذلك صحيح يعقوب بن شعيب، وغيرها من الروايات الواردة التي أوردها صاحب الوسائل في أبواب التشهّد وصاحب المستدرك،

____________________

(1) أبواب التشهّد: باب4، ح4.

(2) أبواب التشهّد: الباب الثالث، ح5.

(3) أبواب التشهّد: باب3، ح1.

٣٨٨

كذلك الدالّة على مشروعيّة الدعاء والثناء والإقرار لمجمل قول الحق وفرائض الإيمان في التشهّد، فهذه كالكبرى تنضمّ إلى صغرى ما تقدّم من الكيفيّات المستحبّة للشهادتين، أن يؤتى بضميمة ثالثة لمجمل قول الحق وفرائض الإيمان، فضلاً عمّا دلّ على ذكريّته الذاتيّة.

الوجهُ الرابع: الروايات الخاصّة

وهو دلالة النصوص الخاصّة على مشروعيّة الشهادة الثالثة في التشهّد فمنها: معتبرة أو مصحّحة الفضل بن شاذان عن الرضا (عليه السلام) قال: (وإنّما جُعل التشهّد بعد الركعتين؛ لأنّه كما قُدّم قبل الركوع والسجود من الأذان والدعاء والقراءة، فكذلك أيضاً أخّر بعدها التشهّد والتحيّة والدعاء) (1).

وهذه المصحّحة صريحة في اتّحاد ماهيّة التشهّد في الأذان مع ماهيّة التشهّد في الصلاة، فيتأتّى ما دلّ على الشهادة الثالثة بالخصوص من الطوائف المتقدّمة مع الشهادتين في الأذان، فكلّ ما قُرِّر في الشهادة الثالثة في الأذان يتأتّى بمقتضى هذه المصحّحة في تشهّد الصلاة.

ومنها: رواية الفقه الرضوي... قال: (... فإذا صلّيت الركعة الرابعة فقل في تشهّدك: بسم الله وبالله والحمد لله والأسماء الحسنى كلّها لله، أشهدُ أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنّ محمّداً عبده ورسوله، أرسلهُ بالحقّ بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، التحيات [ لله ] والصلوات الطيّبات الزاكيات الرائحات التامّات الناعمات المباركات الصالحات لله، ما طابَ وزكيَ وطهرَ ونمى وخلُص، وما خبُث فلغير الله،

____________________

(1) أبواب التشهّد: باب3، ح6.

٣٨٩

أشهدُ أنّك نِعمَ الربّ، وأنّ محمّداً نِعمَ الرسول، وأنّ علي بن أبي طالب نِعمَ الولي، وأنّ الجنّة حقّ والنار حقّ، والموت حقّ، والبعث حقّ، وأنّ الساعة آتية لا ريبَ فيها، وأنّ الله يبعثُ مَن في القبور، والحمدُ لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

اللهمّ صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد، وارحم محمّداً وآل محمّد، أفضل ما صلّيت وباركت ورحمت وترحّمت وسلّمت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين، إنّك حميد مجيد.

اللهمّ صلِّ على محمّد المصطفى، وعليّ المرتضى، وفاطمة الزهراء، والحسن والحسين، وعلى الأئمّة الراشدين من آل طه وياسين، اللهمّ صلِّ على نورك الأنور، وعلى حبلك الأطول، وعلى عروتك الأوثق، وعلى وجهك الكريم، وعلى جنبك الأوجب، وعلى بابك الأدنى، وعلى (مسلك الصراط).

اللهمّ صلِّ على الهادين المهديين الراشدين الفاضلين الطيبين الطاهرين الأخيار الأبرار، اللهمّ صلِّ على جبرئيل، وميكائيل، وإسرافيل، وعزرائيل، وعلى ملائكتك المقرّبين، وأنبيائك المرسلين، ورسلك أجمعين من أهل السماوات والأرضين، وأهل طاعتك أكتعين، واخصُص محمّداً بأفضل الصلاة والتسليم) (1).

ويَعضده ما في المراسم لسلاّر الديلمي، حيث إنّ جملة كتب المتقدّمين تُعد متون للروايات؛ لاعتمادهم بالفتوى على نصّ ألفاظ الروايات.

(قال: وأمّا التشهّد الثاني الذي يلحقهُ التسليم في الرابعة من الظهر والعصر والعشاء الآخرة، والثالثة من المغرب والثانية من صلاة الغداة فهو:

____________________

(1) مستدرك الوسائل: أبواب التشهّد، باب2، ح3.

٣٩٠

(بسم الله وبالله والحمد لله والأسماء الحسنى كلّها لله، التحيّات لله والصلوات الطيّبات الطاهرات الزاكيات الناعمات السابغات التامّات الحسنات لله، ما طابَ وطهر وزكا ونما وخلُص وما خبُث فلغير الله، أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنّ محمّداً عبده ورسولهُ، أرسلهُ بالهدى ودين الحقّ ليظهرهُ على الدين كلّه ولو كرهَ المشركون، وأشهدُ أنّ ربّي نِعمَ الربّ، وأنّ محمّداً نِعمَ الرسول، وأنّ عليّاً نِعمَ الإمام، وأنّ الجنّة حقّ، والنار حقّ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث مَن في القبور.

اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد، وبارك على محمّد وآل محمّد، وارحَم محمّداً وآل محمّد، وتحنّن على محمّد وآل محمّد، كأفضل ما صلّيت وباركتَ وترحّمت وتحنّنت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد، السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته) (1) .

ثُمّ إنّه يؤيَّد المقام برواية ما في تفسير العسكري (عليه السلام) قال: (إذا قعدَ المصلّي للتشهّد الأوّل والتشهّد الثاني، قال الله تعالى: (يا ملائكتي، قد قضى خِدمتي وعبادتي وقعدَ يُثني عليّ، ويصلّي على محمّد نبيّي، لأُثنينّ عليه في ملكوت السماوات والأرض، ولأصلّينّ على روحه في الأرواح)، فإذا صلّى على أمير المؤمنين (عليه السلام) في صلاته، قال: لأصلّينّ عليك كما صلّيت عليه، ولأجعلنّه شفيعك كما استشفعتَ به) (2).

الوجهُ الخامس:

وهو الاستدلال بجملة الطوائف للعامّة من الروايات التي مرّت الإشارة إلى متون بعضها ومصادرها، وهي في مفادها المطابقي الأوّلي، وإن كان مصبّها استحباب اقتران الشهادات الثلاث،

____________________

(1) المراسم العَلويّة: ص72 - 73.

(2) تفسير الإمام العسكري: ص 240.

٣٩١

إلاّ أنّ مجموعها يَشرف المُلاحِظ المتدبّر لدلالتها، أنّها تقتضي بيان حقيقة شرعيّة في معنى التشهّد والشهادة والإقرار، وأنّه متقوّم بالشهادات الثلاث، وأنّ الخروج عن هذا المعنى في حكم ظاهر الإسلام للدليل، وهو بمنزلة المخرج عن هذا العموم في معنى الحقيقة الشرعيّة، لاسيّما وأنّ الأصل في المعاني أنّ تُحمل على وجودها الحقيقي لا التنزيلي الظاهري، وعلى ذلك فتكون مفسِّرة لعنوان التشهّد أينما وردَ في الأدلّة، لاسيّما في باب الصلاة حيث اقترن بالتشهّد بالشهادتين - في جملة الروايات الواردة في المقام - التشهّد بجملة الاعتقادات الحقّة.

٣٩٢

أدلّةُ القائلين بالمَنع

وقد مرّت الإشارة إلى ذلك عند نقل القول بالمنع، وعُمدة ما استُدلّ به للمنع كما مرّ في كلام السيّد الخوئي، وميرزا باقر الزنجاني: هو أنّه قد مُنع في الصلاة عن كلّ كلام فيها، عدا القرآن والذكر والدعاء، وهذا المنع شامل لمَا لو كان الكلام مستحبّاً في نفسه، إذا لم يكن قرآناً أو ذكراً أو دعاءً، كلّ ذلك للأخبار الخاصّة الناهية عن إدخال الكلام في أثناء الصلاة، إلاّ ما كان من الأجناس الثلاثة المتقدّمة، وهذا كلّه بالنسبة للشهادة الثالثة دون الصلاة على النبي وآله، فإنّها من الدعاء بخلاف الشهادة بالولاية.

* وفيه عدّة مواضع للنظر:

الأوّل: لو سُلِّم أنّ نطاق النهي عن الكلام في الصلاة غير مقصور على الكلام الآدمي، وأنّه أوسع من ذلك لمطلق الكلام ولم يُستثنَ منه إلاّ العناوين الثلاثة، فقد مرّ في وجوه الاستدلال على الجواز أنّ الشهادة بالولاية - أي الشهادة الثالثة - هي من أشرف الأذكار وأعظمها بعد الشهادتين، وأنّ إضافته ذاتيّة إلى الساحة الربوبيّة يجعلهُ من الذكر، كما في ذِكر الجنّة والنار والآخرة، نظير ما ورد في ظهور المهدي (عجّلَ الله تعالى فرجهُ الشريف) أنّه من المعاد، وفي رجعتهم (عليهم السلام) أنّها من المعاد أيضاً، والإقرار بولاية الإمام هو إقرار بولاية الله ورسوله، وقد قرنَ الله ولايته بولاية الله ورسوله في جملة من الآيات،

٣٩٣

وكما مرّ أنّ الشهادة بالولاية ركن الإيمان، وكمال الدين، وقوام رضا الرب للإسلام، وأنّ التصديق بالولاية إيمان، والإيمان من أعظم درجات العبادة والذكر، بل هو مفتاح قبول العبادة والأعمال حيث قال تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ) (1) .

فجعلَ التصديق بآيات الله وآياته هم حججه، كما أطلقت الآية على نبيّ الله عيسى بن مريم، والخضوع لها مفتاح قبول الدعاء والتقرّب إلى الله، ومن ثُمّ كان إباء واستكبار إبليس قد أبطلَ عبادته، وكيف يُتصوّر أنّ ما هو شرط صحّة العبادة وقبولها هو منافٍ لها، وقد تقدّم في موثّقة أبي بصير أنّ ذِكرهم من ذكر الله، بل في خصوص صحيحة الحَلَبي التنصيص الخاص على أنّ ذِكر أسمائهم (عليهم السلام) في الصلاة من أذكار الصلاة المرخّص بها، وقد أفتى لذلك العلاّمة في المنتهى كما مرّت الإشارة إليه، واعتمدَ على الصحيحة كلّ من: الصدوق، والمفيد، والطوسي، وجماعة من المتقدّمين في قنوت الصلاة.

هذا، مضافاً إلى ما مرّ من ورود الشهادة الثالثة في دعاء التوجّه بعد تكبيرة الإحرام، وفي صلاة التشهّد والتسليم.

الثاني: قد تقدّم في مبحث الأذان دلالة الروايات المستفيضة والطوائف المتعدّدة، الدالّة على أنّ الشهادة الثالثة من الكيفيّات الراجحة لأداء الشهادتين، وأنّ أكمل أفراد طبيعة الشهادتين هو المقرون بالشهادة الثالثة، نظير الصلاة على محمّد وآله.

____________________

(1) الأعراف: 40.

٣٩٤

الثالث: أنّه قد تقدّم في المدخل، أنّ الشهادة الثالثة سبب للإيمان بحسب طبيعتها، إذ لا يكفي فيها الاعتقاد بالجنان من دون الإقرار باللسان، والإيمان شرط في صحّة العبادات، كما ذهبَ إليه جُلّ علماء الإماميّة، أو شرط قبول كما ذهبَ شذاذ؛ فإنّه على كِلا التقديرين مقتضى ذلك: شرطيّة الشهادة الثالثة في الأعمال العباديّة، إمّا في الصحّة، أو في كمال الماهيّة، إذ ما هو شرط في الصحّة لا يُعقل تنافيه معه، وكذلك ما هو دخيل في كمال العمل، فلاحظ ثمّة.

والغريب في كلام السيّد الخوئي (رحمهُ الله) المتقدّم، فإنّه لا يتلائم مع ما قاله في الشهادة الثالثة في الأذان في شرح العروة، حيث أقرّ بما يفيد ويظهر منه ذكريّة الشهادة الثالثة، حيث قال: (إنّنا في غِنى من ورود النص، إذ لا شبهة في رجحان الشهادة الثالثة في نفسها بعد أن كانت الولاية من متمّمات الرسالة، ومقوّمات الإيمان، ومن كمال الدين بمقتضى قوله تعالى: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) بل من الخَمس التي بُني عليها الإسلام، ولاسيّما وقد أصبحت في هذه الأعصار من أجلى أنحاء الشعار، وأبرز رموز التشيّع وشعائر المذهب الفرقة الناجية، فهي إذاً أمر مرغوب فيه شرعاً، وراجح قطعاً في الأذان وغيره...) (1).

وجهُ التدافع في كلام السيّد الخوئي (رحمهُ الله): أنّ الإقرار ببداهة رجحان الشهادة الثالثة، وأنّها ممّا يُتقوّم بها الإيمان ويرضى بها الربّ، فهل هذا إلاّ معنى الذِكر؛ لأنّه القول الراجح ذاتاً، والذي يكون مؤدّاه من الإيمان بالغيب، ويوجِب الزُلفى والرضا الإلهي بعد كونه ذو إضافة ذاتية إليه تعالى، وقد توفّرت هذه الأمور بما ذكره في بحث الأذان.

____________________

(1) المستند في شرح العروة الوثقى: ج13، ص260، طبعة قم.

٣٩٥

الرابع: ما مرّ من ورود النصوص الصحيحة، من أنّه ليس في التشهّد شيء مؤقّت من جهة الكثرة، وأنّ كيفيّته من جهة الكثرة هو التشهّد بكلّ ما يكون من العقائد الحقّة: كمسائلة القبر، والشهادة بالنار، والجنّة، والملائكة وغيرها من الأمور الحقّة، بعد إشارة النصوص المزبورة بجواز كيفيّات مختلفة التعداد من الأمور الحقّة المقرّ بها، وهذا تعبّد خاصّ بالجزئيّة الندبيّة للتشهّد بالإقرار بكلّ العقائد الحقّة.

الخامس: أنّ الكلام المبطل في الصلاة هو الكلام الآدمي لا مطلق الكلام، كما نبّه على ذلك جملة من الأعلام، ومن ثُمّ خرجَ من الكلام المبطل مثل: القرآن، والذكر، والدعاء، والغريب في ذلك: أنّ السيّد الخوئي صرّح في ذلك في شرح العروة، فقال في ذيل الكلام للمسألة التاسعة من فصل مبطلات الصلاة، المتضمّنة استثناء الذكر والدعاء من الكلام المبطل:

(بلا خلاف فيه ولا إشكال، ويدلّنا عليه - مضافاً إلى انصراف نصوص المنع إلى ما كان من سنخ الآدميين غير الصادق على مثل القرآن، والذكر، والدعاء، ممّا كان التخاطب فيه مع الله تعالى، بل قد قُيّد التكلّم به في بعض النصوص المتقدّمة، كيف وأقوال الصلاة مؤلّفة من هذه الأمور، فكيف يشملها دليل المنع ولا يكون منصرفاً عنها - جملة من النصوص الدالّة على الجواز، وأنّه كلّ ما ناجيتَ به ربّك فهو من الصلاة، التي منها صحيحة علي بن مهزيار قال: (سألتُ أبا جعفر (عليه السلام) عن الرجل يتكلّم في صلاة الفريضة لكلّ شيء يناجي ربّه قال: (نعم)، وصحيحة الحَلَبي قال: (قال أبو عبد الله (عليه السلام): (كلّ ما ذكرتَ الله به والنبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فهو من الصلاة) (1).

____________________

(1) المستند: ج10، ص445 - 446.

٣٩٦

وما أبعدَ ما قاله السيّد الخوئي (رحمه الله) في كلامه الأسبق، من عدم ذكريّة أشهدُ أنّ عليّاً وليّ الله، وبين ما ذهبَ إليه الميرزا النائيني في تقريرات الصلاة حيث قال: (لا إشكال في كون المتيقّن من استثناء الدعاء، هو ما إذا كانت المخاطبة مع الله سبحانه، وأمّا إذا كان مع النبي والأئمّة (صلوات الله عليه وعليهم) ففي جوازه وعدمه وجهان: من ورود المخاطبة مع النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في بعض أدعية السجود، وكذا ما ورد من السلام عليه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في سجود السهو؛ ولأنّ المخاطبة معهم (صلوات الله عليهم) دعاء مع الله، لكونهم وسائل إليه سبحانه، ومن انصراف الدعاء عن مثله، إذ الظاهر المنصرَف إليه منه، هو ما كانت المخاطبة فيه مع الله سبحانه، ومختار الأستاذ - دام بقائه - هو الأوّل) (1).

وفي صحيح علي بن جعفر في كتابه عن أخيه (عليه السلام) قال: سألتهُ عن رجل يصلّي خلف إمام يُقتدى به في الظهر والعصر، يقرأ؟ قال: (لا، ولكن يسبِّح ويَحمد ربّه ويصلّي على نبيّه) (2) ، ورواه أيضاً في قرب الإسناد بطريق معتبر عن علي بن جعفر.

ومقتضاه: تكرار الصلاة على النبي وآله من المأموم طوال فترة قراءة الإمام، ونظيره ما في صحيح الحَلَبي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): (كلّما ذكرتَ الله به والنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فهو من الصلاة).

وفي صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام): سألتهُ عن رجل يذكر النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو في الصلاة المكتوبة...: (إنّ الصلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كهيئة التكبير والتسبيح... الحديث) (3).

____________________

(1) كتاب الصلاة: ج2، تقريرات بحث المحقّق الميرزا محمّد حسين النائيني: ص286.

(2) الوسائل: أبواب صلاة الجماعة، باب32، حديث3.

(3) الوسائل: أبواب الركوع، باب20، حديث1.

٣٩٧

الأمرُ الثاني

الشهادةُ الثالثة في التسليم

وقد أفتى بذلك جملة المتقدّمين كما ستأتي كلماتهم مفصّلاً: كعلي بن بابويه في الفقه الرضوي، والصدوق، والمفيد، والشيخ، وابن برّاج، وابن سلاّر الديلمي، وابن طاووس، والشهيد، وصاحب كاشف اللثام، وصاحب الحدائق، وصاحب الجواهر، والنراقي، والميرزا النوري، وبعض المعاصرين، وفي العروة للسيّد اليزدي أنّه يخطر بباله الأنبياء والأئمّة والحَفَظة في السلام على عباد الله الصالحين، وظاهر المحشّين موافقته، وهو نظير ما ذكرهُ الشهيدين في الذكرى، واللمعة، والروضة.

ولا يخفى أنّ المراد من كون التسليم على الأئمّة (عليهم السلام)، هي صيغة من صيَغ الشهادة الثالثة؛ وذلك لكون التسليم عليهم هو بنعت الإمامة لهم فيكون إقرار من المصلّي بذلك.

1 - فقهُ الرضا: قال علي بن بابويه: (والتسليم - بعد ذكر مستحبّات التشهّد - السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته، السلام عليك وعلى أهل بيتك الطيبين، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) (1) .

____________________

(1) فقه الرضا: ص109، طبعة مؤسّسة آل البيت (عليهم السلام).

٣٩٨

2- المُقنع: قال الصدوق (قدِّس سرّه): (ثُمّ سلِّم وقل: اللهمّ أنت السلام، ومنك السلام... السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته، السلام على الأئمّة الراشدين المهديين...) (1).

وقال (قدِّس سرّه) في كتابه (مَن لا يحضره الفقيه): (فإذا صلّيت الرابعة فتشهّد، وقل في تشهّدك: (بسم الله وبالله.... السلام عليك أيّها النبيّ... السلام على محمّد خاتم النبيين، السلام على الأئمّة الراشدين المهديين....)) (2).

3- المقنعة: قال الشيخ المفيد (قدِّس سرّه): (فإذا جلسَ للتشهّد في الرابعة من الظهر والعصر والعشاء الآخرة، وفي التشهّد الثاني من الثالثة في المغرب، أو في الثانية من الغداة، فليقل: (بسم الله وبالله.... السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته... السلام على الأئمّة الراشدين...)) (3).

4- النهاية: وقال الشيخ الطوسي (قدِّس سرّه): (غير أنّه يستحبّ أن يقول في التشهّد: (بسم الله وبالله.... السلام عليك أيّها النبيّ.... السلام على الأئمّة الهادين المهديين...)) (4).

وقال (قدِّس سرّه) في مصباح المتهجّد: (فإذا جلستَ للتشهّد في الرابعة على ما وصفناه قلت: (بسم الله وبالله... السلام على الأئمّة الهادين المهديِّين...)) (5).

5- المهذّب: قال القاضي ابن برّاج: (فإذا فعلَ ذلك، جلسَ للتشهّد الأخير وقال: بسم الله وبالله... السلام على الأئمّة الهادين المهديين...) (6).

____________________

(1) المُقنع للصدوق: ص96.

(2) مَن لا يحضرهُ الفقيه: ج1، ص319، طبعة جامعة المدرّسين.

(3) المقنعة: ص114، طبعة جماعة المدرّسين.

(4) النهاية للشيخ الطوسي: ج1، ص311، طبعة جماعة المدرّسين.

(5) مصباح المتهجّد: ص54.

(6) المهذّب: ج1، ص95.

٣٩٩

6- المراسمُ العَلَويّة: قال الشيخ أبي يعلي الديلمي المعروف بسلاّر: (وأمّا التشهّد الثاني.... فهو: (بسم الله وبالله... السلام عليك أيّها النبيّ... السلام على الأئمّة الراشدين....)) (1).

7- منتهى المطلب: قال العلاّمة: (أكملُ التشهّد: ما رواه الشيخ في الموثّق عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (إذا جلستَ في الركعة الثانية فقل:.... ثُمّ تقوم، فإذا جلستَ في الرابعة قلت: بسم الله وبالله.... السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته، السلام على أنبياء الله ورسله، السلام على جبرئيل، وميكائيل، والملائكة المقرّبين، السلام على محمّد بن عبد الله خاتم النبيين لا نبي بعده،....) (2).

أقول: وهو وإن لم يكن متضمّناً للتسليم بصيغة الشهادة الثالثة، إلاّ أنّه متضمّن للتسليم على الملائكة.

8- البيان: قال الشهيد الأوّل في بحث التسليم: (والسُنّة هنا أن يكون كهيئة المتشهّد.... وتقديم قوله: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام على جميع أنبياء الله وملائكته ورسله، السلام على الأئمّة الهادين المهديّين...)) (3).

وقال أيضاً (رحمه الله) بعدَما حكى قول صاحب الفاخر بعد كلام، وعَنى بالذي آخر التشهّد قوله:

____________________

(1) المراسم العَلَويّة: 73، المجمع العالمي لأهل البيت، قم.

(2) منتهى المطلب: ج5، ص192، طبعة مشهد المقدّسة، الطبعة الأولى 1419هـ.

(3) البيان: الشهيد الأوّل، ص177، طبعة بنياد فرهنكي الإمام المهدي.

٤٠٠