الشهادة الثالثة

الشهادة الثالثة0%

الشهادة الثالثة مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 420

الشهادة الثالثة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: آية الله الشيخ محمد سند (حفظه الله)
تصنيف: الصفحات: 420
المشاهدات: 93204
تحميل: 4256

توضيحات:

الشهادة الثالثة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 420 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 93204 / تحميل: 4256
الحجم الحجم الحجم
الشهادة الثالثة

الشهادة الثالثة

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وقوله تعالى على لسان إبراهيم: ( رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ... رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء ) (1) ، وقال تعالى على لسان إبراهيم وإسماعيل: ( رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ ) (2) .

فهذه الصيغة الواردة في موثّقة أبي بصير - وغيرها من الصلاة على آل محمد - صيغة نَعت وإقرار لهم بالولاية والسؤدد والخيريّة على البريّة، فهي قريبة من أحد الصيغ التي ذكرها الصدوق في الفقيه للشهادة الثالثة وهي: (آل محمّد خير البريّة)، وكذلك قريبة من الصيغة التي أوردها السيّد المرتضى في مسائله المبافارقيات (محمّد وعلي خير البشر).

* السابعة: الفتوى بالشهادة الثالثة بعد تكبيرة الإحرام

الفتوى بالشهادة الثالثة في دعاء التوجّه إلى الصلاة، والذي يؤتى به بعد تكبيرة الإحرام.

منها: فتوى الشيخ الطوسي في كتاب الاقتصاد، قال في فصل فيما يقارن حال الصلاة: (أوّل ما يجب من أفعال الصلاة المقارنة لها النيّة،... ويستفتح الصلاة بقوله: (الله أكبر)،... فإن أراد السنّة في الفضيلة كبّر ثلاث مرات...

____________________

(1) إبراهيم: 37، 4.

(2) البقرة: 128.

٦١

ثُمّ يكبّر تكبيرتين أخريين مثلما قدّمناه ويقول،... ثُمّ يكبّر تكبيرتين أخريين ويقول بعدهما: (وجّهتُ وجهي للذي فطرَ السماوات والأرض على ملّة إبراهيم ودين محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وولاية أمير المؤمنين وما أنا من المشركين، قل إنّ صلاتي ونُسكي ومحياي لله ربّ العالمين لا شريك له، وبذلك أُمرتُ وأنا من المسلمين) (1) ، وقريب منه ما جاء في كتاب النهاية (2) .

ومنها: فتوى الحَلَبي في الكافي

قال في الكافي: (فأمّا التوجّه فهو ما يُفتتح به الصلاة من التكبير والدعاء وصفته: أن يقول المتوجّه بعد الفراغ من الإقامة ويداه مبسوطتان تجاه وجهه: اللهمّ إنّي أتوجّه إليك وأتقرّب إليك بمَن أوجبتَ حقّهم عليَّ، آدم، ومحمّد، ومَن بينهما من النبيّين، والأوصياء، والحجج، والشهداء، والصالحين، وآل محمّد المصطفى، علي، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والحجّة بن الحسن، اللهمّ فصلِّ عليهم أجمعين، واجعلني بهم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقرّبين، اللهمّ اجعل صلاتي بهم مقبولة، وعملي بهم مبروراً، وذنبي بهم مغفوراً، وعيبي بهم مستوراً، ودعائي بهم مستجاباً مَننتَ اللهمّ عليَّ بمعرفتهم، فاختِم لي بطاعتهم وولايتهم، واحشرني عليها وجازني على ذلك الفوز بالجنة، والنجاة من النار برحمتك يا أرحم الراحمين، ثُمّ يكبّر ثلاث تكبيرات،... ثُمّ يكبّر تكبيرتين ويدعو بعدهما،... ثُمّ يكبّر تكبيرة، ثُمّ ينوي الصلاة ويكبّر تكبيرة الافتتاح مصاحبة للنيّة ويقول بعدها:

____________________

(1) الاقتصاد: ص26 - 261، منشورات جامع جهلستون.

(2) النهاية: ج1، ص294.

٦٢

وجّهتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً على ملّة إبراهيم، ودين محمّد، وولاية أمير المؤمنين والأئمّة من ذريتهم الطاهرين.... (1).

منها: فتوى الشيخ المفيد

قال في المقنعة في باب كيفيّة الصلاة وصفتها: وليستفتح الصلاة بالتكبير فيقول: (الله أكبر ويرفع يديه مع تكبيرة،.... ويكبّر تكبيرة أخرى كالأولى و....، ويكبّر ثالثة،... ثُمّ يكبّر تكبيرة رابعة،... ثُمّ يكبّر تكبيرتين أخريين، إحداهما بعد الأخرى، كما قدّمنا ذكره ويقول: (وجّهتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً على ملّة إبراهيم، ودين محمد، وولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وما أنا من المشركين،... أعوذُ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم (بسم الله الرحمن الرحيم ثُمّ يقرأ الحمد...)) (2) .

منها: فتوى الشيخ الصدوق في كتابه المقنع في أبواب الصلاة قال: (ثُمّ كبِّر تكبيرتين وقل: وجّهتُ وجهي للذي فطرَ السماوات والأرض، عالِم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم على ملّة إبراهيم، ودين محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب حنيفاً مسلماً،... (3).

ومنها: فتوى القاضي ابن البرّاج

قال: (وجّهتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً على ملّة إبراهيم، ودين محمّد، ومنهاج عليّ بن أبي طالب، وما أنا من المشركين، إنّ صلاتي ونُسكي...) (4) .

____________________

(1) الكافي في الفقه: ص121 - 122، طبعة مكتبة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام).

(2) المقنعة: ص13، طبعة قم، جماعة المدرّسين.

(3) المقنع: ص93، طبع قم، مؤسّسة الإمام الهادي (عليه السلام).

(4) المهذّب: ج1، ص 92 كتاب الصلاة، طبعة جماعة المدرّسين، قم.

٦٣

ومنها: فتوى ابن زهرة الحَلَبي

قال: (وأن يقول بعد تكبيرة الإحرام: وجّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً على ملّة إبراهيم، ودين محمد، وولاية أمير المؤمنين عليّ، والأئمّة من ذرّيتهما وما أنا من المشركين...) (1).

ومنها: الشيخ أبي يعلي حمزة بن عبد العزيز الديلمي المعروف بسلاّر.

قال: (ثُمّ يكبّر تكبيرتين، الثانية منهما تكبيرة الافتتاح ثُمّ يقول: وجّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً على ملّة إبراهيم، ودين محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وولاية أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)...) (2) .

وغيرها من الفتاوى التي يجدها المتتّبع طبقاً للروايات الواردة في دعاء التوجّه للصلاة، والتي يأتي التعرّض لها لاحقاً، وهي ناصّة على كون الإقرار بالشهادة الثالثة بالصيغة المتقدّمة من أوراد الصلاة الخاصّة، والتي يؤتى بها داخل الصلاة فضلاً عن مقدّماتها الخارجة كالأذان والإقامة، نعم، في بعض فتاوى المتأخّرين تخصيص دعاء التوجّه بما بين الإقامة وتكبيرة الإحرام، وهو الآخر أيضاً نافع في المقام؛ لتوسّطه بين الإقامة وتكبيرة الإحرام فضلاً عن تخلّلها في الإقامة والأذان ذاتيهما.

____________________

(1) غنية النزوع: ص83 كتاب الصلاة، طبعة قم، مؤسّسة الإمام الصادق.

(2) المراسم العلويّة: ص71 كتاب الصلاة، طبعة أمير، قم.

٦٤

ومنها: فتوى الشيخ الصدوق في الفقيه في وصف الصلاة وأدب المصلي قال، قال الصادق: (إذا قمتَ إلى الصلاة فقل... ثُمّ كبّر تكبيرتين وقل: (وجّهتُ وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً على ملّة إبراهيم، ودين محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومنهاج علي، حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إنّ صلاتي ونُسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين، لا شريك له وبذلك أُمرتُ وأنا من المسلمين، أعوذُ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم) (1) ، ثُمّ قال الصدوق في ذيلها: (وإن شئتَ كبّرت سبع تكبيرات ولاءً، إلاّ أنّ الذي وصفناه تعبّد، وإنّما جَرت السنّة في افتتاح الصلاة بسبع تكبيرات لمَا روى زرارة).

ومنها: فتوى الشيخ الطوسي في مصباح المتهجّد قال: (فإذا أراد التوجّه قام مستقبل القبلة وكبّر فقال: الله أكبر، يرفع بها يديه إلى شَحمتي أُذنيه لا أكثر من ذلك، ثُمّ يُرسلهما، ثُمّ يكبّر ثانية وثالثة مثل ذلك ويقول،.... ثُمّ يكبّر تكبيرتين أخريين مثل ذلك ويقول،... ثُمّ يكبّر تكبيرتين أخريين على ما وصفناه ويقول: وجّهتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض على ملّة إبراهيم، ودين محمد، ومنهاج علي حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إنّ صلاتي ونُسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين لا شريك له، وبذلك أمرتُ وأنا من المسلمين، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) (2).

____________________

(1) الفقيه: ج1، ص302 - 34 طبعة جماعة المدرّسين.

(2) مصباح المتهجّد: فصل في سياقه الصلوات الإحدى والخمسين ركعة في اليوم والليلة، ص44 مؤسّسة الأعلمي بيروت.

٦٥

* الثامنة: الفتوى بذكرهم بوصف إمامتهم (عليهم السلام) في خطبة الجمعة

ويراد بذلك: مشروعيّة أو شرطيّة ذِكر أسمائهم بوصف الإمامة في خطبة الجمعة، تضمّن خطبة الجمعة للإمام التي هي عوض ركعتي الظهر، والتي هي شرط في ركعتي صلاة الجمعة، بل هي من الأجزاء الواجبة لتضمنّها لأسماء الأئمّة ففي مفتاح الكرامة (1) قال: وفي الجعفريّة، وكشف الالتباس، وحاشية الإرشاد وجوب الصلاة فيهما على أئمّة المسلمين.

وفي فوائد الشرايع: أنّه أولى واعتمدَ في المدارك والشافية على صحيح محمّد الطويل، وظاهر الدروس أو صحيحها: أنّ الصلاة على أئمّة المسلمين من وظائف الثانية، كالنافع والمعتبر، وكأنّه مالَ إليه في إرشاد الجعفريّات، وفي موضع من السرائر والمنقول عن مصباح السيّد: أنّه يدعو لأئمّة المسلمين في الثانية، وظاهر النهاية: أنّه يدعو لأئمّة المسلمين وقد تضمّنت صحيحة (2) محمّد بن مسلم الأمر بذكر أسماءهم (عليهم السلام)، وكذا موثّق سماعة (3).

وقال في الجواهر: (لكنّ ظاهره (الموثّق)، وظاهر صحيح ابن مسلم إيجاب الصلاة على الأئمّة في الثانية، بل في الثاني منهما ذِكرهم (عليهم السلام) تفصيلاً، فمقتضى الجمع بين النصوص ذلك فيهما معاً إلاّ أنّ ندرة الفتوى بها وما سمعتهُ من إجماع الشيخ وغيره على الاجتزاء بدونه، وسوق النصوص للأعم من الواجب والمندوب ونحو ذلك ممّا لا يخفى يمنع من الجرأة على الوجوب، وإن كان الوجوب في الجملة ظاهر ما سمعته في مصباح السيّد، ونهاية الشيخ، والنافع، والمعتبر وغيرها، بل ربّما استُظهرَ من موضع من السرائر إلاّ أنّه استُظهر منه الندب؛ لحصر الواجب في الخطبة في أربعة أصناف (4).

____________________

(1) مفتاح الكرامة: ج3، ص114.

(2) الكافي: ج3، ص422 باب تهيئة الإمام للجمعة وخطبته.

(3) الوسائل: أبواب صلاة الجمعة ب24، ح1.

(4) الجواهر: ج11، ص215.

٦٦

والحاصل: إنّ مشروعيّة ذِكر الأسماء للأئمّة (عليهم السلام) ورجحانه بالخصوص في خطبة الجمعة، لا خلاف فيه والخُطبة - كما مرّ - عِوض الركعتين وبمنزلة الجزء المقدّم على ركعتي صلاة الجمعة، فهي أدخل في الصلاة من الأذان والإقامة، وقد تضمّنت لكلّ من الشهادات الثلاث وإن كانت بصورة الحمد لله والصلاة على النبي بالتوصيف، والصلاة على الأئمّة بوصف الإمامة، لاسيّما وأنّه قد أُمرَ ندباً ووجوباً بذكر الأسماء تفصيلاً في: صحيح محمد بن مسلم، ومجموعاً في موثّق سماعة.

وهذا التشريع الخاص بذكرهم (عليهم السلام) في خطبة الجمعة يدفع كثيراً من الاستبعادات والإشكاليات التي ذكرها جماعة: من أنّ صورة الأذان لو كانت متضمّنة للشهادة الثالثة على عهد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، لتوفّرت الدواعي لنقلها ونحوه ممّا ذُكر في استبعاد تضمّن الأذان للشهادة الثالثة كفصل؛ فإنّ هذه الاستبعادات بعينها تتأتّى في خطبة صلاة الجمعة، وليس من وجه في الجواب إلاّ تدريجيّة التشريع وبيان الأحكام ولو بسبب عدم استجابة الناس وتقبّلهم لذلك، كما في إبلاغ أصل الولاية بنحو عام لكلّ المسلمين كما في واقعة غدير خم، حيث كان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يخشى تمرّد المنافقين فطمأنَهُ الله تعالى بقوله: ( وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (1).

____________________

(1) المائدة 67.

٦٧

السيرةُ على عهدِ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)

بالرغم من كون تشريع الأحكام وإبلاغها من الله تعالى ورسوله الكريم تدريجيّاً، بل إنّ بعض تفاصيل الأحكام تأخّر إبلاغها إلى عهد أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) بعهدٍ معهود من رسول الله، إذ كمال الدين بنصب رسول الله لعلي (عليه السلام) والمطهّرين من ولده أئمّة، إلاّ أنّه يُطرح السؤال:

عن أنّ تشريع الشهادة الثالثة في الأذان هل وقعَ في عهد رسول الله، أم أنّه تمّ بيانه وإبلاغه على يدي أئمّة أهل البيت، الذين يمسّون الكتاب المكنون واللوح المحفوظ، الذين عهد إليهم النبي العلم الإلهي من بعده، فإنّ الذي يسترعي الانتباه هو ظاهره حذف السلطة بعد رسول الله على عهد الثاني لفصل (حيّ على خير العمل)، فإنّ ظاهره التصرّف في الأذان بالنقيصة أو زيادة (الصلاة خير من النوم)، تثير التساؤل بأنّ الأذان الذي كان على عهد رسول الله قد نقص منه أمور وزيد فيه أموراً أخرى، وهذا التطاول يزيد في احتمال مطروح بدواً، في كون الشهادة الثالثة قد حصلَ التأذين بها في عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، لاسيّما مع الإعلان عنها في واقعة الغدير وقبلها من الوقائع ونزول آية إكمال الدين (1) ، وأنّه ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ... ) (2) ، وهذا ما يظهر بوضوح من مصحّح ابن أبي عمير الآتي، مع اعتضاد مضمونه وتوافقه مع فتاوى السيّد المرتضى وابن برّاج، وتطابق بعض مضمونه مع بعض الأحاديث النبويّة المرويّة من قِبل الفريقين فهاهنا نقطتان:

____________________

(1) المائدة: آية 3.

(2) المائدة: آية 67.

٦٨

الأولى: فتوى كلّ من: السيّد المرتضى، وابن برّاج بجواز (محمّد وعلي خير البشر) بعد قول: (حيّ على خير العمل) في الأذان، كما أفتى بذلك السيّد المرتضى في المسائل المبافارقيّة (1) ، وفتوى (2) ابن برّاج بجواز قول: (آل محمّد خير البريّة) مرّتين بعد قول: (حيّ على خير العمل) في الأذان والإقامة.

ثُمّ إنّ هاتين الفتويين بَنياها العَلَمان على المتون الروائيّة التي أشار إلى روايتها الصدوق في الفقيه، وقد أشار الشيخ الطوسي في المبسوط والنهاية بورودها، فيستفاد إلى أنّ أحد موضعي الشهادة الثالثة في الأذان بعد فصل (حيّ على خير العمل) مضافاً إلى الموضع الأوّل، والذي هو الشهادة الثانية فبضميمة النقطة الثانية وهي:

الثانية: وهي ما ورد في مصحّحة ابن أبي عمير، أنّه سأل أبا الحسن (عليه السلام) عن (حيّ على خير العمل) لمَ تُركت من الأذان؟ قال: (تريد العلّة الظاهرة أو الباطنة؟ قلت: أريدهما جميعاً، فقال: أمّا العلّة الظاهرة فلئلاّ يدع الناس الجهاد اتّكالاً على الصلاة، وأمّا الباطنة؛ فإنّ خير العمل الولاية، فأراد من أمر بترك حيّ على خير العمل من الأذان: أن لا يقع حثٌ عليها ودعاء إليها).

ومراده (عليه السلام) من العلّة الباطنة: السبب الحقيقي الخفي الذي دفعَ الثاني إلى حذفها من الأذان أنّه لكي لا يُدعى إلى الولاية، مع أنّ متن (حيّ على خير العمل) ليس فيه لفظ الولاية فلا يكون هذا الفصل دعوة إلى الولاية إلاّ بضميمة ما ذُكر في النقطة من وجود (آل محمّد خير البريّة)، أو (محمّد وعلي خير البشر)، وأنّ هذا الفصل كان قد قُرأ به في الأذان في بعض أيّام رسول الله أو فترة من الفترات،

____________________

(1) المسائل المبافارقية: ص256.

(2) المهذّب: ج1، ص92، كتاب الصلاة، طبعة جماعة المدرّسين، قم.

٦٩

وحيث إنّ هذين الفصلين مترابطان، حُذف الفصل الأوّل وهو (حيّ على خير العمل)؛ لئلاّ يُذكر الفصل الثاني وهو (آل محمّد خير البريّة) أو (محمّد وعلي خير البشر)، والذي كان يمارَس في بعض الأحيان في عهد رسول الله، فلكي لا يُذكر هذا الفصل الثاني حُذف الأوّل.

وبهاتين النقطتين يتبيّن سند روائي معتبر على تشريع الشهادة الثالثة منذ عهد رسول الله، وأنّ هذه المصحّحة والروايات المشار إليها في النقطة الأولى سند روائي لتاريخ تشريع الشهادة الثالثة، وأنّها تشريع نبوي، وهذا ما تعطيه تصريح الرواية من أنّ السند الحقيقي من إقدام الثاني بحذف (حيّ على خير العمل) والداعي الأصلي لديه هو: لئلاّ يُدعى بالولاية بتوسّط حيّ على خير العمل، ممّا يستلزم أنّ قَبل عهد الثاني - وهو عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) - كان يُدعى للولاية بتوسّط (حيّ على خير العمل).

وهذا ما تفسّره الروايات في النقطة الأولى من: أنّ تشريع الشهادة الثالثة قد كان في أصل التشريع الأوّلي للأذان، وأنّ تعبيره (عليه السلام) بالعلّة الباطنة يريد به الوصف للعلّة، أي السبب الخفي الذي حذا بالثاني على أن يَقدِم على حذف (حيّ على خير العمل)، فلا يُتوهم أنّ لفظ الباطن هو وصف للمعنى الخفي لحيّ على خير العمل؛ لأنّه بعيد ممجوج، إذ سؤال الراوي عن سبب ترك وحذف (حيّ على خير العمل) من قِبَل السلطة في الأذان، ولذلك ترك العلّة الظاهرة لهذا الترك والحذف، أي العلّة المُعلنة على السطح من قِبَل السلطة للناس وهو قوله (عليه السلام):

إنّ سلطة الثاني ادّعت (لئلاّ يدع الناس الجهاد اتّكالاً على الصلاة)، إذ المعروف أنّ حذف (حيّ على خير العمل) هي من بِدع الثاني، فهذه المصحّحة منادية بوجوب الدعاء والحثّ على ولاية آل محمّد في الأذان في التشريع الأوّلي من قِبل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، إلاّ أنّ الثاني قام بحذفه.

٧٠

ويَدعم مضمون هذه المصحّحة - بالإضافة إلى الروايات المشار إليها في النقطة الأولى، والتي أفتى بها كلّ من السيّد المرتضى، وابن برّاج -: ما رواه الفريقان مستفيضاً عن النبي، وما هو مجانس لفظاً لمضمون هذه الروايات في ذلك سورة البيّنة أنّ آل محمّد خير البريّة، وأنّ (محمّداً وعليّاً خير البشر)، فقوالب هذه الألفاظ والجُمل هي أحاديث نبويّة مرويّة عند الفريقين، وهو يشاكل ويجانس لفظاً (حيّ على خير العمل)، وهو عين الفصل الثاني الذي أشارت إليه روايات النقطة الأولى، لاسيّما وأنّ الآية في سورة البيّنة: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (1) ، فلاحظ ما رواه العامّة من تسمية علي بخير البريّة، فكانوا يقولون له على عهد رسول الله: جاء خير البريّة، وذَهب خير البريّة.

فقد روى السيوطي في الدرّ المنثور (2) في ذيل الآية، قال: وأخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله (قال: كنّا عند النبي (صلّّى الله عليه وآله وسلّم)، فأقبلَ علي (عليه السلام) فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (والذي نفسي بيده إنّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة) ونَزلت: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) ، فكان أصحاب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذا أقبل علي (عليه السلام) قالوا: جاء خير البريّة).

وقال السيوطي: وأخرج ابن عدي، وابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعاً (علي خير البريّة).

____________________

(1) البيّنة: الآية 7.

(2) الدرّ المنثور للسيوطي: ج6، ص389.

٧١

وأخرج ابن عدي عن ابن عبّاس، قال: لمّا نَزلت: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعلي: (هو أنتَ وشيعتك يوم القيامة راضيين مرضيين).

وأخرجَ ابن مردويه عن علي (عليه السلام) قال: (قال لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ألم تسمع قول الله: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا جيئت الأمم للحساب، تُدعونَ غرّاً محجّلين) (1).

وروى الطبري ابن جرير، المتوفّى سنة 31 هجريّة في تفسيره جامع البيان: وقد حدّثنا ابن حميد قال: حدّثنا عيسى بن فرقد عن أبي الجارود عن محمّد بن علي ( أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) ، فقال النبي (صلّى الله عليه ((وآله)) وسلّم): (أنت يا علي وشيعتك) (2).

وقد روى الشوكاني في فتح القدير (3) هذه الروايات عن تلك المصادر الحديثيّة، وروى الآلوسي في روح المعاني (4) هذه الروايات أيضاً عن نفس تلك المصادر الحديثيّة.

وروى ابن حسنويه الحنفي في كتابه (دُر بحر المناقب)، ص59 مخطوط فقال: (وعن الإمام فخر الدين الطبري يرفعه إلى جابر بن عبد الله الأنصاري قال: بينما نحن بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوماً في مسجده بالمدينة، فذُكرَ بعض الصحابة، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):

____________________

(1) الدرّ المنثور للسيوطي: ج6، ص389.

(2) تفسير الطبري: ج30، ص335.

(3) فتح القدير: ج5، ص477.

(4) روح المعاني للآلوسي: ج3، ص6.

٧٢

(إنّ لله لواءً من نور وعموده من زبرجد، خلقه الله تعالى قبل أن يخلق السماء بألفي عام مكتوب عليه (لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله، آل محمّد خير البشر، وأنت يا علي إمام القوم، فعند ذلك قال علي: الحمدُ لله الذي هدانا وأكرمنا بك وشرّفنا....) الحديث (1).

____________________

(1) إحقاق الحق، ج4، ص284. فقد أورده إمام الحنابلة احمد بن حنبل الشيباني المروزي في فضائل الصحابة ص46 مخطوط كما حكاه في إحقاق الحق ج4، ص249 إلى ص258.

وروى مُحب الدين الطبري في ذخائر العقبى: ص96 وفي الرياض النظرة: ج2، ص220 وابن حجر في لسان الميزان: ج3، ص166، ج6، ص78، ج1، ص175 وأخرجه ابن مردويه في كتابه المناقب وغيرها من المصادر فلاحظ إحقاق الحق.

٧٣

تَقادُم السيرة على الشهادة الثالثة

المحطّةُ الأُولى:

إنّ من أقدم الشهادات التاريخيّة على السيرة في ذِكر الشهادة الثالثة هي: ما ذكرهُ العامّة في كُتب التراجم في ترجمة كدير الضبّي، وهو أحد صحابة النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وإنّه ذَكرها في تشهّد الصلاة حيث صلّى على النبي وعلى الوصي بلفظ الوصي، وهو يُنبئ عن السيرة الموجودة لدى صحابة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ممّن كان يتشيّع لأمير المؤمنين (عليه السلام)، ويظهر من التراجم المشار إليها (1) معروفيّة تضعيفه لأجل ذلك.

وروى محمد بن سليمان الكوفي القاضي، المتوفّى بعد الثلاثمائة هجري قمري في كتابه مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (حدّثنا محمد بن منصور، عن عثمان بن أبي شيبه، عن جرير عن المغيرة، عن سمّاك بن سلمة قال: دخلتُ على كدير الضبّي حين صلّيت الغداة فقالت لي امرأته: ادنوا منه؛ فإنّه يصلّي فسمعته يقول: سلام على النبي والوصي (2) ، فقلت: لا والله، لا يراني الله عائداً إليك).

بل إنّ هناك روايات أخرى تُعدّ أقدم من ذلك عن جماعة كثيرة من الصحابة وهي: ما روي عن ابن عبّاس في عدّة روايات بسند متّصل عن

____________________

(1) لاحظ التذييل الثالث في خاتمة الفصل الأوّل.

(2) مناقب الإمام علي أمير المؤمنين: ص386 تصحيح المحمودي، والحديث رواه كلّ من: العقيلي، وابن حجر في ترجمة كدير الضبّي من كتاب الضعفاء ولسان الميزان، ج4، ص486.

٧٤

النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (1) ، وسيأتي ذِكرها في الفصل الثاني في الطوائف الروائيّة العامّة، كالطائفة الأولى حيث قرنَ فيها الشهادات الثلاث، وقريب منه ما رواه الصدوق عن ابن عبّاس بسند متصل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (2) ، وعن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين - والأصبغ من أوائل التابعين - وهذا ما يُدلّل على أنّ السيرة متقادِمة في الصحابة والتابعين، وكذلك ما رواه الفضل بن شاذان، عن الأعمش، عن جابر، عن مجاهد، عن عبد الله بن العبّاس (3) ، وستأتي في الفصل الثاني في الطائفة الأولى من طوائف الروايات العامّة، وكذلك ما رواه الفضل بن شاذان عن عبد الله بن مسعود (4) ، وكذلك روى عنه الفضل بن شاذان (5) حديث المعراج من اقتران الشهادات الثلاث.

أقول: فيظهر من هذه الروايات وغيرها، أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حرّضَ على اقتران الشهادات الثلاث في عدّة مواطن؛ لدفع المسلمين على الاعتياد على ذِكر الشهادة الثالثة كلّما ذكروا الشهادتين، وجعلها شعاراً لهم في كلّ المواطن والشعائر العباديّة ومنها الأذان، وقد روى الصدوق بإسناده في كمال الدين (6) عن أبي الطفيل عامر بن واثلة اقتران الشهادات الثلاث، وهناك روايات أخرى في الفصل الثاني رواها الطبراني،

____________________

(1) الفضائل لابن شاذان: ص93، البحار: ج38، ص318.

(2) توحيد الصدوق: ص279 - 282، ح4، ح1.

(3) الفضائل لابن شاذان: ص83، الخصال للصدوق: ج1، ص323.

(4) الفضائل لابن شاذان: ص152.

(5) الفضائل لابن شاذان: ص153.

(6) كمال الدين: ص294 - 296، ح3.

٧٥

والحافظ ابن عساكر، والسيوطي، وابن عدي وغيرهم، عن أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأبي الحمراء خادم الرسول، وغيرهم من الصحابة في اقتران الشهادات الثلاث وكلّها من كُتب ومصادر العامّة (1).

المحطّةُ الثانية:

ما يظهر من سيرة الطالبيين في حلب، والشام، ومصر من التأذين بالشهادة الثالثة، عندما تسلّموا سدّة الحكم في أواخر القرن الثالث الهجري وأوائل القرن الرابع وطواله، وإليك هذه النصوص التاريخيّة:

1 - ما ذكرهُ ابن العديم في كتابه بغية الطلب في تاريخ حلب، روى بسنده عن أبي بكر الصولي: أنّه لمّا أُجلس أحمد بن عبد الله - وهو الخارج بالشام في أيّام المكتفي بالله، وكان ينتمي إلى الطالبيين وهو المعروف بصاحب الخال وقُتل بالدكّة في سنة إحدى وتسعين ومائتين (291 هجري قمري) - على سدّة الحكم، سار أحمد بن عبد الله إلى حمص ودُعي له بها وبكورها، وأمَرهم بأن يُصلّوا الجمعة أربع ركعات، وأن يَخطبوا بعد الظهر ويكون أذانهم: أشهدُ أنّ محمّداً رسول الله، أشهدُ أنّ عليّاً وليّ المؤمنين، حيّ على خير العمل، وضَربَ الدراهم والدنانير وكُتب عليها: (الهادي المهدي، لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، ( جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً )) ، وعلى الجانب الآخر: ( قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (2).

____________________

(1) ملحقات إحقاق الحق: ج16، ص468 - 493.

(2) بُغية الطلب في أخبار حلب: ج2، ص944.

٧٦

2 - ما ذكرهُ أبو عبد الله محمّد بن علي بن حمّاد في كتابه (أخبار ملوك بني عبيد)، في ترجمة عبيد الله ابن محمد الطالبي (1) المتوفّى سنة (322 هجريّة قمريّة)، مؤسّس الدولة العبيديّة في مصر قال: (وكان ممّا أحدثَ عبيد الله أن: قطعَ صلاة التراويح في شهر رمضان، وأمرَ بالصيام يومين قبله، وقنتَ قبل صلاة الجمعة قبل الركوع، وجهرَ بالبسملة في الصلاة المكتوبة، وأسقطَ من أذان الصبح (الصلاة خير من النوم)، وزاد (حيّ على خير العمل)، (محمّد وعلي خير البشر)، ونصّ الأذان طول مدّة بني عبيد بعد التكبير والتشهدين: حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح مرّتين، حيّ على خير العمل، محمّد وعلي خير البشر مرّتين، لا إله إلاّ الله مرّة) (2).

3 - ما رواه القاضي التنوّخي (أبي علي الحسن بن أبي القاسم التنوّخي (المتوفّى 384 هجريّة قمريّة)، عن أبي الفرج الأصفهاني المتوفّى سنة (356هـ) قال: سمعتُ رجلاً من القطعيّة يؤذِّن: الله أكبر، أشهدُ أن لا إله إلاّ الله، أشهدُ أنّ محمّداً رسول الله، أشهد أنّ عليّاً وليّ الله، محمد وعلي خير البشر فمَن أبى فقد كفر، ومَن رَضي فقد شكر، حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، حيّ على خير العمل، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله) (3).

____________________

(1) وهو عبيد الله بن محمد بن الحسين بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي بن أبي طالب، كما ذُكر في نسبه وولِد سنة (260 هجريّة)، وتوفي يوم الاثنين الرابع عشر من شهر ربيع الأول سنة ثلاثمائة واثنان وعشرون (322 هجريّة قمريّة)، كما جاء في أخبار ملوك بني عبيد ج1، ص49.

(2) أخبار ملوك بني عبيد: ج1، ص5.

(3) نشوار المحاضرة للتنوّخي: ج2، ص133.

٧٧

4 - قال المقريزي في (المواعظ والاعتبار): (... وأوّل مَن قال في الأذان بالليل (محمّد وعليّ خير البشر) الحسين المعروف بابن شكنبه، ويقال: اشكنبه، وهو اسم أعجمي معناه: الكرش، وهو: علي بن محمد بن علي بن إسماعيل بن الحسين بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب، وكان أوّل تأذينه بذلك في أيّام سيف الدولة بن حمدان بحلب في سنة سبع وأربعين وثلاثمائة (347 هجريّة قمريّة)، قاله الشريف محمد بن أسعد الجوباني النسّابة، ولم يزل الأذان بحلب يزاد فيه (حيّ على خير العمل، محمد وعلي خير البشر) إلى أيّام نور الدين محمود) (1).

5 - ما ذكره المقريزي في حوادث سنة (356) ستة وخمسين وثلاثمائة في مصر، قال: (لمّا دخلَ جوهر (2) القائد لعساكر المُعز لدين الله وقد بنى القاهرة وأظهر مذهب الشيعة، وأذّن في جميع المساجد الجامعة بـ(حيّ على خير العمل)، وأعلن بتفضيل عليّ بن أبي طالب على غيره وجهرَ بالصلاة عليه، وعلى الحسن والحسين وفاطمة الزهراء رضوان الله عليهم....) (3).

____________________

(1) خطط المقريزي: ج2، ص271 - 272 (المواعظ والاعتبار في ذِكر الخُطب والآثار).

(2) وهو جوهر الصيقلي والقائد أبو الحسن، والمعروف بالكاتب الرومي، كان من موالي المُعز بن المنصور.... وفيات الأعيان لابن خلّكان: ج1، ص375 وهو الذي فتح مصر للدولة الفاطميّة.

(3) المواعظ والاعتبار في ذِكر الخُطب والآثار للمقريزي: ج2، ص34، وذُكرت مصادر أخرى ما هو قريب من ذلك مثل: العِبر في خبر مَن غبر، ج2، ص316 - الذهبي: ص86، ومثل: الوفيان لابن خلّكان، ج1، ص375 - 386، والمنتظم لابن الجوزي في تاريخ الأمم والملوك: ج14، ص197، وكتاب أخبار ملوك بني عبيد: ج1، ص85.

٧٨

وذكرَ ابن العديم في كتابه زبدة الحلب من تاريخ حلب قال: (واستقرّ أمر سعد الدولة بحلب (1) ، وجدّد الحلبيّون عمارة المسجد الجامع بحلب، وزادوا في عمارة الأسوار في سنة سبع وستين وثلاثمائة (367هـ)، وغيّر سعدٌ الأذان بحلب وزاد فيه (حيّ على خير العمل، ومحمد وعلي خير البشر) (2).

وذكرَ أبو الفداء (3) في (اليواقيت والضرب في تاريخ حلب) نظير ذلك.

6 - وقال ناصر خسرو في كتابه (سفرنامه)، في عنوان اليمامة التي زارها أثر مُدن سابقة ذكرها سنة 433 هجريّة قمريّة: إنّ أمراؤها علويون منذ القديم ولم يَنتزع أحد الولاية منهم، إذ ليس في جوارهم سلطان أو مَلك قاهر، وهؤلاء العلويون ذو شوكة فلديهم ثلاثمائة أو أربعمائة فارس، ومذهبهم الزيديّة وهم يقولون في الإقامة: محمد وعلي خير البشر، وحيّ على خير العمل، وقيل: إنّ سكّان هذه المدينة شريفيّة خاضعون للأشراف....) (4).

7 - ما ذكرهُ المؤرِّخون من حوادث كثيرة في أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس في بغداد، بين سنّة جماعة الخلافة والشيعة، ومن مظاهر تلك الخلافات الحاصلة بين الطرفين:

____________________

(1) وهو من ملوك الدولة الحمدانيّة، وهم من الشيعة الاثنى عشريّة، والتي بدأت من سنة 892 م إلى 991 م.

(2) زبدة الحلب من تاريخ حلب لابن العديم: ج1، ص159 - 160.

(3) اليواقيت والضرب في تاريخ حلب: ص134.

(4) سفرنامه: ناصر خسرو، ص141 - 142.

٧٩

التأذين بحيّ على خير العمل بالأذان من قِبل الشيعة، وبالصلاة خير من النوم في أذان سنّة الجماعة والخلافة، وبالكتابة على أبواب المساجد والدور والدروب (محمّد وعلي خير البشر)، فلاحظ المصادر التاريخيّة في ذلك (1).

____________________

(1) الكامل في التاريخ: ج8، ج9، من سنة 362 هـ.ق إلى سنة 45 هـ.ق، والبداية والنهاية لابن كثير، تاريخ الخلفاء للسيوطي، السيرة الحلبيّة، تاريخ أبي الفداء، المنتظم لابن الجوزي، النجوم الزاهرة، الشذرات لابن عماد الحنبلي.

ومن باب النموذج: لاحظ ما وقعَ قبل سنة 356 هجريّة قمريّة، كالذي مرّ في الإشارة إليه في كتابه نشوار المحاضرة برواية القاضي التنوّخي عن أبي الفرج الأصفهاني، وكذلك سنة 441 هجريّة قمريّة، و442 هجريّة قمريّة، لاحظ: الكامل في التاريخ، والمنتظم، وتاريخ أبي الفداء، والنجوم الزاهرة، وكذلك سنة 443 هجريّة قمريّة، لاحظ المصادر السابقة، وكذلك سنة 444 هجريّة، 445 هجريّة، وسنة 448 هجريّة قمريّة وهي السنة التي تركَ فيها الشيخ بغداد وهاجر إلى النجف بسبب تلك الفتنة، ولاحظ: البداية والنهاية، والسيرة الحلبيّة، وكذلك سنة 450هـ ق، وموقف البساسيري (*)، ونهاية الأرب في فنون الأدب، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي.

(*) البساسيري: وهو قائد تركي الأصل، كان من مماليك بني بويه، وقد حكمَ آل بويه من سنة 320 هجريّة قمريّة إلى سنة 448 هجريّة قمريّة جنوب إيران والعراق، وأمّا بغداد فقد حكموها من سنة 334 هجريّة قمريّة.

٨٠