الإسلام دين الوسطيّة والاعتدال

الإسلام دين الوسطيّة والاعتدال0%

الإسلام دين الوسطيّة والاعتدال مؤلف:
الناشر: مؤسسة الرافد للمطبوعات
تصنيف: رسائل وأطاريح جامعية
الصفحات: 161

  • البداية
  • السابق
  • 161 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 53658 / تحميل: 7369
الحجم الحجم الحجم
الإسلام دين الوسطيّة والاعتدال

الإسلام دين الوسطيّة والاعتدال

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الرافد للمطبوعات
العربية

الإسلام دين الوسطيّة والاعتدال

١

٢

الإسلام دين الوسطيّة والاعتدال

حاز هذا البحث على الجائزة الثالثة في مهرجان الشيخ الطوسي (قدس سره) العالمي للكتاب لسنة ١٤٣٠ هـ والذي تقيمه جامعة المصطفى (صلّى الله عليه وآله) العالمية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، قم المقدسة.

الشيخ كاظم رهيف البهادلي

٣

قال تعالى:

( وَكَذلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النّاسِ وَيَكُونَ الرّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) .

[الآية ١٤٣ من سورة البقرة]

٤

الإهداء

أهدي هذا الجهد المتواضع إلى صاحب الوسطية والاعتدال، مولى المتقين، وباب الله اليقين، وحبل الله المتين، والشافع يوم الدين، والمصلّي إلى القبلتين، ووارث المشعرين، الذي لم يشرك بالله طرفة عين، ذاك أبو السيّدين الحسن والحسين (عليهما السلام)، مولاي ومولى الخلق أجمعين، أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).

سائلاً المولى عزّ وجلّ أن يتقبّل الإهداء والعمل، فإنّه نعم الربّ وأنا بئس العبد.

كاظم البهادلي

٥

٦

تقريض تفضّل به سماحة العلاّمة الدكتور السيّد نذير الحسني (حفظه الله)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد بن عبد الله وعلى صفوته وعترته.

كثيرة هي البحوث وقليل منها ما هو نافع، وكثيرة هي الدعوات وقليل منها ما هو صادق، وكثيرة هي الشعارات وقليل منها ما هو صالح.

واستطيع أن أقول - وبضرس قاطع -: أنّ ما سطّّره الأخ الشيخ البهادلي هو من القليل، النافع، والصادق والصالح؛ نافع لأننا في زمن نحتاج إلى من يجلي لنا غبار الماضي عن مفاهيمنا الإسلامية، وصادق لأن الدين الإسلامي مرّ بتجربة حياة طبّق فيها مفاهيمه ضمن دولة مدنية تعايش فيها المسلم مع المسيحي واليهودي وغيرهم بشكل آمن ومطمئن ولم يظلم أحدٌ أحداً فيها، وصالح لأن الوسطية التي تحدّث عنها البحث من أروع الشعارات الصالحة لانضواء كل الطوائف والديانات تحتها.

فبوركت يراعك يا شيخ على ما قدّمت وجعله الله في ميزان حسناتك وحشرنا وإياك مع حامل لواء الأمة الوسط محمد بن عبد الله وأهل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين.

السيد نذير الحسني، قم المقدسّة

١٩/٢/٢٠١٠ م، ٤/ ربيع الأول/ ١٤٣١هـ ق

٧

٨

تقديم تفضّل به سماحة أستاذنا العلامة الدكتور الشيخ معين دقيق العاملي (حفظه الله)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله الّّذِي جعل أُمتنا أمةً وسطى، وسلك بنا الطريقة المثلى، وجعلنا على خير ملّةٍ نموت ونحياز ثمَّ الصلاة والسلام على نيّه المصطفى، وابن عمّه المرتضى، وبضعته فاطمة الزهرا، وشبليها ومن جاء بعدهما أئمّة من نسل سيّد الشهدا...

قال تعالى:( وَكَانَ بَيْنَ ذلِكَ قَوَاماً ) [الفرقان: ٦٧].

الوسطية بحسب الاستعمال القرآني: هي الصّيرورة في حدٍّ لا يكون إِلَى جانب الإفراط والتفريط، وهي كلمةٌ وإنْ كانت لم تستعمل بلفظها ومادتها كثيراً في القرآن والسُّنة، ولكنّها بمرادفاتها فاق استعمالها حدّ الإحصاء، وأكثر هذه المرادفات شيوعاً لفظة (العدالة) بمشتقاتها المختلفة.

وهذا المعنى بألفاظه المختلفة هو الغاية من بعثة الأنبياء، قال تعالى:( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النّاسُ بِالْقِسْطِ ) [الحديد: ٢٥]، ومنه تبرز أهمية الكتابة في هذا المفهوم، وبيان مقوّماته وحدوده، والتحفيز على جعله منهجاً يسلك، في زمنٍ أحاط بالإسلام صنفان من الأعداء دأبا على التشكيك في تشريعاته وأحكامه، وآدابه وقيمه، سواء كان ذلك التشكيك بالقول واللسان أم بالفعل والعمل...

العدو الأوّل: وهو العدو الخارجي، الَّذِي بدأ منذ صدر الإسلام، متمثّلاً بمشركي مكّة تارةً ومنافقي المدينة المفضوحين أُخرى، ويهود الجزيرة ثالثة، ومعسكر الكفر والشرك في بلاد الروم وفارس رابعة.

العدو الثاني: وهو العدو المتغلل في كيان الأُمّة الإسلامية، الَّذِي يتلبّس بلباس التديُّن والإيمان، وهو في واقعه موغلٌ في البعد عن تعاليم الإسلام ومفاهيمه وقيمه. وتلبُّسه الظاهري بالصلاح والتقوى والتديُّن قد يكون عن سبق إصرار وإضمار لما هو خلاف ذلك، وهذا هو المنافق الَّذِي لم يظهر حاله لكثيرين. وقد يكوه عن جهل وبساطةٍ فكرية وقلّة وعيٍّ.

وقد استطاع النبيُّ (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته الكرام (عليهم السلام) وثلّةٌ من أصحابه الصالحين أن يُثبتوا للبشرية آنذاك عظمة الإسلام بشتّى الوسائل، ويبطلوا أراجيف الأعداء من كِلا الصِّنفين، خصوصاً عن طريق التجسيد الحقيقي لمفهوم العدالة والوسطية والقسط بين الناس.

٩

ومِمَّا لا يشكّ فيه أحدٌ أَنَّ العدو الثاني أخطر على الدِّين والمتدينين من الأوّل، وتشتدّ خطورته كُلّما برّر أفعاله على أَساس أَنَّها من صميم الدين؛ بحيث تصبح أفعاله وأقواله القبيحة منسوبة إِلَى الدين، ويكون تنفّر الناس منه مستلزماً لتنفّرهم من الدين.

هذا، وقد ابتليت أُمتنا الإسلامية في العصر الحاضر بهذا الصِّنف من الأعداء هنا وهناك، ولقد كانت أعمالهم الإفراطية البعيدة عن جادة القسط والعدل والوسطية سبباً لصيرورة الدين من جراء تصرُّفاتهم موضع تساؤل عند الكثير من الأُمم والشُّعوب.

وأفضل طريق لمجابهة هذا التطرُّف المبتعد عن التعاليم والقيم الإسلامية يتمّ عن طريق المجابهة الفكرية، التي من جهةٍ تعطي الوعي والإحساس بالمسؤولية لأُولئك الَّذِين انجرفوا مع هذا النمط من الابتعاد عن نقطة الوسط إِلَى الحافة التي سرعان ما تقترب من كونها عبادة لله على حرفٍ، هذا إذا كان انجرافهم مع هذا النمط من الابتعاد عن نقطة الوسط إِلَى الحافة التي سرعان ما تقترب من كونها عبادة لله على حرفٍ، هذا إذا كان انجرافهم عن جهلٍ وبساطةٍ وقلّة وعيٍّ وتدبُّر.

ومن جهةٍ أُخرى تكون سبباً لانعكاس القيم الإسلامية في مرآةٍ ناصعة البياض أمام من يقف في الجانب الآخر من اليمّ؛ ليرى من خلال ذلك الإسلام وقيمه على حقيقتها وواقعيتها الَّذِي جاء بها التنزيل وجاهد لأجلها سيّد الأنبياء والمرسلين...

وفي هذا السياق جاء ما سُطِّر في هذا الكتاب الَّذِي بين يديك، والذي خطّته يراع من نذر نفسه في مجاهدة إبليس وجنوده، ألا وهو عزيزي وأخي الفاضل الشَّيْخ كاظم البهادلي، الَّذِي عرفته منذ أكثر من عقد من الزمن مثابراً على العلم والتحصيل، مجسّداً لقوله (عليه السلام): (علماء شيعتنا مرابطون بالثغر الذي يلي إبليس وعفاريته يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا وعن أن يتسلط عليهم إبليس وشيعته...)، فجزاه الله عن الدين وأهله خير الجزاء، ووفقنا وإياه للقيام بوظائفنا والعمل بأوامر ربّنا، وحشرنا بعد موتنا مع النبي وآله الطيبين الطاهرين، عليهم أفضل صلوات المصلّين.

معين دقيق العاملي

قم المقدسة

ليلة ولادة سيّدة نساء العالمين صلوات الله عليها ١٤٣١ هـ. ق.

١٠

المقدّمة

الحمد لله ربِّ العالمين والصَّلاة والسلام على خير الأنام مُحمّدٍ وآله الطيبين الطاهرين.

لا يخفى أنّ كُلَّ مفاهيم الحياة، بأصعدتها المختلفة، لها حدود ثلاثة: حدان متطرفان يرجعان إلى ما يُسمّى بالإفراط والتفريط(١) ، وآخر يُعتبر نقطة الاعتدال والتوسّط بينهما.

وعلى أساس اختلاف هذه الحدود الثلاثة تنوعت المواقف العمليّة للمسلمين في جميع المفاهيم الحياتيّة والتعاليم الإسلاميّة، ونماذج ذلك كثيرة:

____________________

(١) أفرط: تجاوز الحد في الأمر، يقولون: إياك والفرط، أي: لا تجاوز القدر، وتجاوز في الشيء أفرط فيه، وتجاوز ما حد لك. اُنظر: معجم مقاييس اللغة ٤: ٤٩٠، لسان العرب ٥: ٣٢٩، تاج العروس ٨: ٢٣٦.

وفرّط: تهاون في الأمر وتركه وضيعه وقصّر فيه حتّى فات. اُنظر: لسان العرب ٧: ٣٦٨.

١١

منها: على صعيد الارتباط بالغير، فنرى البعض يتخذ موقفاً سلبياً من كُلِّ ما هو (غير)، فيدعو إلى قتله وإبادته، وبهذه الحجّة أُزهقت الكثير من الأرواح البريئة في عصرنا الحاضر حتى من قِبَل المسلمين أنفسهم، وفي مقابل ذلك اتخذ البعض الآخر موقف الذّل والهزيمة والانصهار بالغير، حتى على حساب قِيَمِهِ وتعاليمِهِ، وتبقى طائفة سلكت سبيل الوسطيّة، فجنحت للحرب والجهاد عند المناسبة، وسالمت عندما اقتضت الظروف ذلك.

ومنها: على صعيد الارتباط العبادي بالمعبود، فنرى جماعة ترهبنت وابتعدت عن النّاس، وأُخرى لم ترَ إلاّ الدنيا نصب عينها، وكانت الوسطيّة بين نصب الدنيا ونصيب الآخرة( وَابْتَغِ فِيَما آتَاكَ اللّهُ الدّارَ الْآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدّنْيَا ) (١) .

فأحببت في هذه الكتاب أنّ أُسلط الضوء على طرفي الإفراط والتفريط، ليكون المؤمن منهما على حذر، وأن يجتنب كُلَّ ما فيه إفراط وتفريط.

ولذا صار من دواعي اختياري لدراسة هذا الموضوع هو ما ألمسه ويلمسه جميع الناس من حالة التعدّي والإفراط والتفريط على جميع الأصعدة أو أكثرها.

وما أكثر الذين يشاركونني في أنّ ما وصل إليه هؤلاء في الإساءة إلى

____________________

(١) القصص / ٧٧.

١٢

الدين الإسلامي لم يصل إليه غيرهم من قبل، وأصبحت الفتاوى لا تحاكي الواقع، والواقع بعيد كُلّ البعد عنها، وما ذلك إلاّ نتيجة الإعراض عن الوسطيّة وحدِّ الاعتدال وسبيل المؤمنين والصراط المستقيم، وغيرها من مفاهيم يأتي الحديث عنها مفصّلاً إن شاء الله في تضاعيف هذه الكتاب. ومن هنا يتّضح لنا أهمية هذا البحث.

هيكلية البحث:

يتكوّن هذا الكتاب من مقدّمة وأربعة فصول وخاتمة.

فأما المقدمة ، فإنَّها تتضمن بيان موضوع البحث، وسبب اختياره وأهميته، إلى غير ذلك ممّا تقدّم.

وأمّا الفصل الأوّل: فقد تناولنا فيه ثلاثة أبحاث كان الأول منها الوسطيّة لُغةً واصطلاحاً، والثاني في تعريف الحكم لُغةً واصطلاحاً، والثالث تعريف الأدب لغةً واصطلاحاً، وهذا الفصل بأبحاثه الثلاثة كان معدّاً للأبحاث التمهيديّة للرسالة.

وأمّا الفصل الثاني: فسلّطتُ الضوء فيه على العلاقة بين الوسطيّة وكون الشريعة سهلة سمحاء.

والفصل الثالث: جعلتُه خاصّاً بالأدلّة على سلوك الشارع مسلك الوسطيّة والاعتدال في الأحكام والآداب الإسلامية، وقد اشتمل هذا الفصل على ثلاثة أدلّة:

الأول: الاستدلال بالكتاب العزيز.

١٣

الثاني: الاستدلال بالسّنة الشّريفة.

الثالث: الاستدلال بالاستقراء.

وأمّا الفصل الرابع: فقد خصصته لذكر بعض النماذج التطبيقية للوسطية، وذكرت فيه ستة نماذج تطبيقية للوسطيّة.

وأمّا الخاتمة: فقد أعددتها لأخذ النتائج المترتبة على القول بالوسطيّة وعدمها.

وهذه المنهجة - كما تلاحظ عزيزي القارئ - تقتضيها طبيعة الموضوع، حيث إنّ الفصل الأوّل بمثابة شرح المبادئ التصوريّة للبحث، ثم اقتضى البحث معرفة علاقة الوسطيّة بالشّريعة الإسلاميّة المُتّصفة بالسّهولة والسّماحة، فكان الفصل الثاني.

ويُمثّل الفصل الثالث المبادئ التصديقية لنظرية الوسطيّة، ولما كانت النظرية تحتاج إلى تطبيق لتخرج من مجرّد التنظير إلى مقام العمل، وُلِدَ الفصل الرابع.

ومما ينبغي التنويه إليه أن هذا البحث كان في الأصل رسالتي في مرحلة الماجستير في(كلية الإمام الكاظم (عليه السلام) للفقه والأصول) والذي قدمته إلى جامعة المصطفى(صلّى الله عليه وآله) العالمية في مدينة قم المقدّسة، والذي نلت به شهادة الماجستير من الجامعة المذكورة بدرجة ممتاز، ثم أجريت عليه بعض التعديلات بما يناسب منهجية الكتاب.

١٤

وختاماً أتقدّم بالشكر الجزيل لكل من قدّم لي المساعدة في إتمام هذا البحث، وأخصّ بالذكر منهم، أصحاب السماحة:

١- الدكتور العلاّمة الشيخ معين دقيق العاملي.

٢- الدكتور العلاّمة السيد نذير الحسني.

٣- الدكتور الشيخ شاكر الساعدي.

٤- الأستاذ القدير الشيخ فلاح العابدي.

٥- الأستاذ القدير الشيخ سعد الغرّي.

٦- الأستاذ الجليل الشيخ باقر الساعدي.

فجزاهم الله خير الجزاء.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

عند الرأس الطاهر لسيدة عشّ آل محمد(صلّى الله عليه وآله) فاطمة المعصومة (عليها السلام) في قم المقدسة، ليلة ميلاد جدتها الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليها السلام)، ٢٠ جمادى الثانية ١٤٣١هـ ق.

كاظم البهادلي

١٥

١٦

الفصل الأوّل: بحوث تمهيّديّة

وفيه ثلاثة بحوث:

* البحث الأوّل: تعريف الوسطيّة

* البحث الثاني: تعريف الحكم

* البحث الثالث: تعريف الأدب

١٧

١٨

الفصل الأول: بحوث تمهيدية

البحث الأوّل: تعريف الوسطيّة

أوّلاً: الوسطيّة لُغةً

(مادة وسط تدلُّ على معانٍ متقاربة - كما يقول ابن فارس - (الواو والسين والطاء)، بناءٌ صحيح، يدلُّ على العدل والنصف، وأعدل الشيء أوسَطه ووسْطه .

قال الله عزّ وجلّ: ( أُمّةً وَسَطاً ) ،ويقولون: ضربتُ وسَطَ رأسِه - بفتح السين - ووسْط القوم - بسكونها - وهو أوسْطهم حسباً إذا كان في واسطة قومِه وأرفعه محلاًّ )(١) .

وفي الصِحاح: (الوسط من كلّ شيءٍ أعدله، قال تعالى: ( جَعَلْنَاكُمْ أُمّةً وَسَطاً ) (٢) .

وفي لسان العرب: (التوسيط أن تجعل الشيء في الوسط ).

____________________

(١) ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج ٦، ص ١٠٨.

(٢) الجوهري، الصحاح، ج ٣، ص ١١٦٧.

(٣) ابن منظور، لسان العرب، ج ٧، ص ٤٢٨.

١٩

وقال الفيروز آبادي: (الوسَط (مُحرّكة) من كل شيء أعدله )(١) .

وفي تاج العروس: (الوسط - مُحركّة - من كلِّ شيءٍ أعدله، يقال: شيءٌ وسط، أي: بين الجيّد والرديّ، ومنه قوله تعالى:( وَكَذلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمّةً وَسَطاً ) (٢) .

ومن هنا صار لِزاماً علينا أن نفرّق بين الوسط (بالتحريك) والوسْط(بالتسكين)؛ لكي نعلم أيَّ واحدةٍ من الكلمتين هي محلُ كلامِنا، ومصبُّ بحثنِا.

قال في الفروق الُلغوية:

(الفرق بين الوسْط والوسَط أنَّ الوسْط لا يكون إلاّ ظرفاً، تقول: قعدتُ وسْط القوم، وثوبي وسْط الثياب، وإنّما تخبر عن شيءٍ فيه الثوب وليس به .

فإذا حركت السين كان اسماً، وكان بمعنى بعض الشيء، تقول: وسَط رأسِه صلبٌ، فترفع؛ لانَّك إنَّما تخبر عن بعض الرأس، لا عن شيءٍ فيه .

والوسْط اسم الشيءٍ الذي لا ينفك من الشيء المحيط به جوانبه كوسطِ الدارِ، وإذا حركّت السين دخلت عليه (في)، فتقول: احتجم في وسَطِ رأسه، ووسَط رأسه بموضعٍ، هذا في وسَطِ القومِ. ولا يقال: قعدتُ في وسَطِ القومِ، كما يقال: قعدتُ في بين القومِ، كما أنَّ بين لا يدخل عليه (في)، فكذلك لا تدخل على ما أدّى عنه (بين) )(٣) .

____________________

(١) الفيروز آبادي، القاموس المحيط، ج ٢، ص ١١٤.

(٢) الزبيدي، تاج العروس، ج ٥،ص ٢٣٨.

(٣) أبو هلال العسكري، الفروق اللغوية، ص ٥٧٢.

٢٠