فاجعة الطف أبعادها - ثمراتها - توقيتها

فاجعة الطف أبعادها - ثمراتها - توقيتها0%

فاجعة الطف أبعادها - ثمراتها - توقيتها مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 672

فاجعة الطف أبعادها - ثمراتها - توقيتها

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم
تصنيف: الصفحات: 672
المشاهدات: 247743
تحميل: 4882

توضيحات:

فاجعة الطف أبعادها - ثمراتها - توقيتها
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 672 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 247743 / تحميل: 4882
الحجم الحجم الحجم
فاجعة الطف أبعادها - ثمراتها - توقيتها

فاجعة الطف أبعادها - ثمراتها - توقيتها

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

حتى إنّه (صلوات الله عليه) لما كتب إلى معاوية ينكر عليه جملة من موبقاته قيل لمعاوية: اكتب إليه كتاباً تعيبه وأباه فيه.

فقال: ما عسيت فيه أن أقول في أبيه إلّا أن أكذب! ومثلي لا يعيب أحداً بالباطل، وما عسيت أن أقول في حسين ولست أراه للعيب موضعاً...(١) .

الإمام الحسين (عليه السّلام) هو الرجل الأوّل في المسلمين

ومن أجل ذلك كلّه حاز المقام الأوّل في المسلمين، حيث يأتي عن شبث بن ربعي في حديث له عن قتل الإمام الحسين أنّه (عليه السّلام) خير أهل الأرض(٢) ، وعن معاوية أنّه (صلوات الله عليه) أحبّ الناس إلى الناس(٣) .

وفي حديث محمد بن الحنفية مع الإمام الحسين (عليه السّلام) قال: إنّي أخاف أن تدخل مصراً من هذه الأمصار وتأتي جماعة من الناس فيختلفون بينهم، فمنهم طائفة معك وأُخرى عليك؛ فيقتتلون فتكون لأوّل الأسنّة، فإذا خير هذه الأُمّة كلّها نفساً وأباً وأُمّاً، أضيعها دماً، وأذلّها أهلاً(٤) .

وورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنّ الإمام الحسين (عليه السّلام) مرّ على جماعة هو فيهم، فقال: ألا أخبركم بأحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء؟ قالوا: بلى. قال: هو هذا الماشي. ما كلّمني كلمة منذ ليالي صفين، ولئن يرضى عنّي أحبّ إليّ من أن تكون لي حمر النعم(٥) .

____________________

١ - أنساب الأشراف ٣/٣٦٧ أمر الحسين بن علي بن أبي طالب.

٢ - يأتي في/١١١.

٣ - يأتي في/١٣٣ - ١٣٤.

٤ - تاريخ الطبري ٤/٢٥٣ أحداث سنة ستين من الهجرة، خلافة يزيد بن معاوية، واللفظ له، الكامل في التاريخ ٤/١٦ - ١٧ أحداث سنة ستين من الهجرة، ذكر بيعة يزيد.

٥ - تاريخ دمشق ٣١/٢٧٥ في ترجمة عبد الله بن عمرو بن العاص، واللفظ له، المعجم =

٦١

وفي حديث للفرزدق: هذا الحسين بن فاطمة الزهراء بنت محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم. هذا والله خيرة الله، وأفضل مَنْ مشى على الأرض من خلق الله...(١) .

وعنه أيضاً أنّه قال للإمام الحسين (عليه السّلام): أنت أحبّ الناس إلى الناس، والسيوف مع بني أُميّة، والقضاء في السماء(٢) .

وفي حديث لعبد الله بن مطيع مع الإمام الحسين (صلوات الله عليه) وهو في طريقه إلى مكّة قال له فيه: فالزم الحرم؛ فإنّك سيّد العرب في دهرك هذا...(٣) .

وقال ابن الأثير: فقال الناس لسنان بن أنس النخعي: قتلت الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! قتلت أعظم الناس خطراً...(٤) .

وقد قال مَنْ شقي بحمل رأسه الشريف مخاطباً أسياده الظالمين:

____________________

= الأوسط ٤/١٨١، مجمع الزوائد ٩/١٨٦ كتاب المناقب، باب مناقب الحسين بن علي (عليهما السّلام)، كنز العمال ١١/٣٤٣ ح ٣١٦٩٥، أسد الغابة ٣/٢٣٥ في ترجمة عبد الله بن عمرو بن العاص، وغيرها من المصادر.

١ - مقتل الحسين - للخوارزمي ١/٢٢٣ الفصل الحادي عشر، واللفظ له، الفتوح - لابن أعثم ٥/٨١ ذكر مسير الحسين (رضي الله عنه) إلى العراق، مطالب السؤول/٣٩٦ - ٣٩٧، كشف الغمّة ٢/٢٥٤.

٢ - تاريخ دمشق ٥٠/٢٨٥ - ٢٨٦ في ترجمة لبطة بن همام الفرزدق بن غالب، واللفظ له، و١٤/٢١٢ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب، ترجمة الإمام الحسين (عليه السّلام) من طبقات ابن سعد/٦٢ ح ٢٨٤.

٣ - مقتل الحسين - للخوارزمي ١/١٨٩ الفصل التاسع، واللفظ له، الفتوح - لابن أعثم ٥/٢٥ ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد بن الحنفية، أنساب الأشراف ٣/٣٦٨ أمر الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام)، تاريخ الطبري ٤/٢٦١ أحداث سنة ستين من الهجرة، ذكر الخبر عن مراسلة الكوفيين الحسين (عليه السّلام)، الكامل في التاريخ ٤/١٩ أحداث سنة ستين من الهجرة، ذكر الخبر عن مراسلة الكوفيين الحسين (عليه السّلام)، الفصول المهمّة ٢/٧٥٨ الفصل الثالث، فصل في ذكر مخرجه (عليه السّلام) إلى العراق، وغيرها من المصادر.

٤ - الكامل في التاريخ ٤/٧٩ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه)، واللفظ له، تاريخ الطبري ٤/٣٤٧ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، أسد الغابة ٢/٢١ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب، وغيرها من المصادر.

٦٢

أوقرْ ركابي فضةً وذهبا

إنّي قتلتُ السيّد المحجبا

قتلتُ خيرَ الناسِ أُمّاً وأبا

وخيرَهم إذ ينسبونَ نسبا(١)

وقد جاء في كتاب عبد الله بن جعفر له (عليه السّلام) محاولاً صرفه عن المسير: أمّا بعد، فإنّي أسألك بالله لما انصرفت حين تقرأ كتابي هذا؛ فإنّي مشفق عليك من هذا الوجه أن يكون فيه هلاكك، واستئصال أهل بيتك. إنْ هلكت اليوم طُفئ نور الأرض؛ فإنّك علم المهتدين، ورجاء المؤمنين، فلا تعجل...(٢) .

وقال عبد الله بن مطيع: أُذكّرك الله - يابن رسول الله - وحرمة الإسلام أن تنتهك، أُنشدك الله في حرمة قريش، أُنشدك الله في حرمة العرب. فوالله لئن طلبت ما في أيدي بني أُميّة ليقتلنّك،، ولئن قتلوك لا يهابوا بعدك أحداً أبداً...(٣) .

وروى ابن سعد مسنداً قال: مرّ حسين بن علي على ابن مطيع، وهو ببئره

____________________

١ - الكامل في التاريخ ٤/٧٩ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه)، واللفظ له، مجمع الزوائد ٩/١٩٤ كتاب المناقب، باب مناقب الحسين بن علي (عليهما السّلام)، المعجم الكبير ٣/١١٧ - ١١٨ مسند الحسين بن علي، ذكر مولده وصفته ح ٢٨٥٢، الاستيعاب ١/٣٩٣ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب، تاريخ دمشق ١٤/٢٥٢ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب، أسد الغابة ٢/٢١ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب، تهذيب الكمال ٦/٤٢٨ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب، وغيرها من المصادر الكثيرة.

٢ - الكامل في التاريخ ٤/٤٠ أحداث سنة ستين من الهجرة، ذكر مسير الحسين (عليه السّلام) إلى الكوفة، واللفظ له، تاريخ الطبري ٤/٢٩١ أحداث سنة ستين من الهجرة، ذكر الخبر عن مسير الحسين (عليه السّلام) من مكة متوجّهاً إلى الكوفة وما كان من أمره في مسيره، ومثله في البداية والنهاية ٨/١٨١ أحداث سنة ستين من الهجرة، صفة مخرج الحسين إلى العراق، إلّا أنّ فيه (نور الإسلام) بدل (نور الأرض)، وقريب منه في الفتوح - لابن أعثم ٥/٧٤ ابتداء أخبار الحسين بن علي (عليهما السّلام)، وغيرها من المصادر.

٣ - الإرشاد ٢/٧٢، واللفظ له، تاريخ الطبري ٤/٢٩٨ أحداث سنة ستين من الهجرة، ذكر الخبر عن مسير الحسين (عليه السّلام) من مكّة متوجّهاً إلى الكوفة وما كان من أمره في مسيره، الكامل في التاريخ ٤/٤١ أحداث سنة ستين من الهجرة، ذكر مسير الحسين (عليه السّلام) إلى الكوفة، الفصول المهمّة ٢/٨٠٤ الفصل الثالث، فصل في ذكر مخرجه (عليه السّلام) إلى العراق، وغيرها من المصادر.

٦٣

قد أنبطه، فنزل حسين عن راحلته، فاحتمله ابن مطيع احتمالاً حتى وضعه على سريره، ثمّ قال: بأبي وأُمّي، أمسك علينا نفسك؛ فوالله لئن قتلوك ليتّخذنا هؤلاء القوم عبيداً(١) .

وعنه أيضاً أنّه قال للإمام الحسين (عليه السّلام): ووالله لئن قُتلت لا بقيت حرمة بعدك إلّا استحلّت(٢) .

وبنظير ذلك صرّح الإمام الحسين (عليه السّلام) نفسه في المعركة حينما اشتدّ به الحال، فقد صاح بصوت عالٍ: «يا أُمّة السوء! بئسما خلفتم محمداً في عترته! أما إنّكم لن تقتلوا بعدي عبداً من عباد الله الصالحين فتهابوا قتله، بل يهون عليكم عند قتلكم إيّاي...»(٣) .

وقال (عليه السّلام) أيضاً: «أما والله، لا تقتلون بعدي عبداً من عباد الله، الله أسخط عليكم لقتله منّي»(٤) ... إلى غير ذلك.

ويؤكّد ما ذكرنا أنّ عبد الله بن الزبير كان شديد البغض لبني هاشم والتحامل عليهم حتى إنّه قال لابن عباس: إنّي لأكتم بغضكم أهل هذا البيت منذ أربعين سنة(٥) ، وقد ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته، فقيل له

____________________

١ - الطبقات الكبرى ٥/١٤٥ في الحديث عن عبد الله بن مطيع، واللفظ له، بغية الطلب في تاريخ حلب ٦/٢٦٠٨.

٢ - العقد الفريد ٤/٣٤٤ فرش كتاب العسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم وأخبارهم، خلافة يزيد بن معاوية وسنه وصفته، مقتل الحسين بن علي (رضي الله عنه)، واللفظ له، المحاسن والمساوئ ١/٢٦ مساوئ قتلة الحسين بن علي (رضوان الله عليهما).

٣ - مقتل الحسين - للخوارزمي ٢/٣٤، واللفظ له، الفتوح - لابن أعثم ٥/١٣٥ تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمّه (رضي الله عنهم).

٤ - تاريخ الطبري ٤/٣٤٦ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، واللفظ له، الكامل في التاريخ ٤/٧٨ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه)، البداية والنهاية ٨/٢٠٤ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، صفة مقتله مأخوذة من كلام أئمّة الشأن، وغيرها من المصادر.

٥ - مروج الذهب ٣/٩٠ ذكر أيام معاوية بن يزيد بن معاوية ومروان بن الحكم، والمختار بن أبي عبيد وعبد الله بن الزبير، ولمع من أخبارهم وسيرهم وبعض ما كان من أيامهم، بين عبد الله بن عباس (رضي الله عنهم) وعبد الله بن الزبير (رضي الله عنهم)، واللفظ له، شرح نهج البلاغة ٤/٦٢، و٢٠/١٤٨، سمط النجوم العوالي ٣/١٢٥ شأن المختار مع ابن الزبير، وغيرها من المصادر. =

٦٤

في ذلك فقال: إنّ له أهل سوء يشرئبون لذكره، ويرفعون رؤوسهم إذا سمعوا به(١) ، وكان ينال من أمير المؤمنين (عليه السّلام)(٢) .

حتى إنّه لما عزّى عبد الله بن عباس بالإمام الحسين (عليه السّلام) ثمّ انصرف، قال ابن عباس: إنّه ليعدل عندي مصيبة الحسين شماتة ابن الزبير، أترون مشي ابن الزبير إليّ يعزّيني؟! إن ذلك منه إلّا شماتة(٣) .

ومع كلّ ذلك كان يعرف هو وغيره أنّه لا يستطيع طلب البيعة لنفسه والإمام الحسين (صلوات الله عليه) في الحرم حتى اتّهمه الناس في مشورته على الإمام الحسين (عليه السّلام) بالخروج إلى العراق(٤) .

____________________

= وروى ابن أعثم أنّ ابن الزبير قال: ولقد كتمتم بغضكم يا بني هاشم أربعين سنة. فقال ابن عباس: فازدد إذاً بي غضباً فوالله لا نبالي أحببتنا أم أبغضتنا.... ونبّه المحقق في الهامش إلى أنّه ورد في الأصل بدل (كتمتم)، كتمت. وهو الصحيح بملاحظة تتمّة الرواية، الفتوح - لابن أعثم ٦/٣٦٤ - ٣٦٥ ذكر ما جرى بين عبد الله بن عباس وابن الزبير في أمر محمد بن الحنفية.

١ - تاريخ اليعقوبي ٢/٢٦١ أيام مروان بن الحكم وعبد الله بن الزبير وأيام من أيام عبد الملك، واللفظ له، ومثله مع اختلاف يسير في أنساب الأشراف ٥/٣٣٣ أمر عمرو بن لزبير بن العوام ومقتله، و٧/١٣٣ أمر عبد الله بن الزبير في أيام عبد الملك ومقتله، والعقد الفريد ٤/٣٧٧ مقتل مصعب بن الزبير، ومروج الذهب ٣/٩٠ بعد حديثه عن الكيسانية، وشرح نهج البلاغة ٤/٦٢، و١٩/٩٢، و٢٠/١٢٨، وقريب منه في سمط النجوم العوالي ٣/١٢٥ شأن المختار مع ابن الزبير.

٢ - تاريخ اليعقوبي ٢/٢٦١ - ٢٦٢ أيام مروان بن الحكم وعبد الله بن الزبير وأيام من أيام عبد الملك، جمهرة خطب العرب ٢/٩٠ خطبة محمد بن الحنفية يرد على عبد الله بن الزبير وقد تنقص الإمام، مروج الذهب ٣/٩٠ بين ابن الحنفية وابن الزبير، شرح نهج البلاغة ٤/٦٢، وغيرها من المصادر.

٣ - تاريخ دمشق ١٤/٢٣٩ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب، واللفظ له، تهذيب الكمال ٦/٤٤٠ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب، ترجمة الإمام الحسين (عليه السّلام) من طبقات ابن سعد/٨٦ ح ٢٩٨.

٤ - تقدّمت مصادره في/١٣.

٦٥

وقال الإمام (عليه السّلام): «إنّ هذا ليس شيء من الدنيا أحبّ إليه من أن أخرج من الحجاز، وقد علم أنّ الناس لا يعدلونه بي، فودّ أنّي خرجت حتى يخلو له»(١) .

بل ورد أنّ ابن الزبير قال للإمام الحسين (صلوات الله عليه): أما إنّك لو أقمت بالحجاز، ثمّ أردت هذا الأمر ههنا لما خالفنا عليك، وبايعناك ونصحنا لك(٢) ، وقال له: أقم في هذا المسجد أجمع لك الناس(٣) .

كلّ ذلك لما ذكرناه من أنّ الإمام الحسين (صلوات الله عليه) كان هو الرجل الأوّل في المسلمين، ولا يتقدّم عليه غيره.

وبذلك كان الإقدام على قتله وانتهاك حرمته هو الجريمة الكبرى التي قام بها الأمويون في الواقعة، والمصيبة العظمى التي حلّت بالمؤمنين والمسلمين.

وقد زاد في بشاعة هذه الجريمة أنّه (صلوات الله عليه) لم يُقتل مواجهة في المعركة، وإنّما قُتل ذبحاً صبراً، بعد أن ضعف عن القتال، وأعياه نزف الدم، فبقي على وجه الأرض طويلاً(٤) .

____________________

١ - الكامل في التاريخ ٤/٣٨ أحداث سنة ستين من الهجرة، ذكر مسير الحسين (عليه السّلام) إلى الكوفة، واللفظ له، تاريخ الطبري ٤/٢٨٨ أحداث سنة ستين من الهجرة، ذكر الخبر عن مسير الحسين (عليه السّلام) من مكة متوجّهاً إلى الكوفة وما كان من أمره في مسيره، الفصول المهمّة ٢/٧٩٨ الفصل الثالث، فصل في ذكر مخرجه (عليه السّلام) إلى العراق، وغيرها من المصادر.

٢ - الكامل في التاريخ ٤/٣٨ أحداث سنة ستين من الهجرة، ذكر مسير الحسين (عليه السّلام) إلى الكوفة، واللفظ له، تاريخ الطبري ٤/٢٨٨ أحداث سنة ستين من الهجرة، ذكر الخبر عن مسير الحسين (عليه السّلام) من مكة متوجّهاً إلى الكوفة وما كان من أمره في مسيره.

٣ - تاريخ الطبري ٤/٢٨٩ أحداث سنة ستين من الهجرة، ذكر الخبر عن مسير الحسين (عليه السّلام) من مكة متوجّهاً إلى الكوفة وما كان من أمره في مسيره، واللفظ له، الكامل في التاريخ ٤/٣٨ أحداث سنة ستين من الهجرة، ذكر مسير الحسين (عليه السّلام) إلى الكوفة.

٤ - تاريخ الطبري ٤/٣٤٦ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، الكامل في التاريخ ٤/٧٨ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه)، سير أعلام النبلاء ٣/٣٠٢ في ترجمة الحسين الشهيد، البداية والنهاية ٨/٢٠٤ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة: صفة =

٦٦

وقد أُضيف إلى هذه الجريمة النكراء جرائم وانتهاكات زادت في مأساوية الفاجعة:

جريمة قتل أهل البيت (عليهم السّلام) الذين معه

الأوّل: قتل مَنْ كان مع الحسين (صلوات الله عليه) من أولاده وإخوته وبني عمومته من آل أبي طالب الذين هم أقرب الناس للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخصهم به، بحيث يكون وجودهم بقاء له ومذكّراً به.

خصوصاً وإنّ فيهم مَنْ يشبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فقد ورد أنّه لما برز علي بن الحسين الأكبر (عليهم السّلام) قال الإمام الحسين (صلوات الله عليه): «اللّهمّ اشهد على هؤلاء القوم، فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقاً وخلقاً ومنطقاً برسولك محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وكنّا إذا اشتقنا إلى وجه رسولك نظرنا إلى وجهه...»(١) .

ثمّ رفع (عليه السّلام) صوته وقرأ:( إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٢) .

هذا مضافاً إلى ما تحظى به هذه الثلّة الكريمة من مقام رفيع عند المسلمين، حيث الدين والخلق السامي والشرف والسؤدد.

وقد وصفتهم العقيلة زينب الكبرى بقولها في خطبتها في مجلس يزيد: بإراقتك دماء ذرية آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ونجوم الأرض من آل عبد المطلب(٣) .

____________________

= مقتله مأخوذة من كلام أئمّة الشأن، وغيرها من المصادر الكثيرة.

١ - مقتل الحسين - للخوارزمي ٢/٣٠، واللفظ له، بحار الأنوار ٤٥/٤٢ - ٤٣، اللهوف في قتلى الطفوف/٦٧، ومثله مع اختلاف يسير في الفتوح - لابن أعثم ٥/١٣٠ تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمّه (رضي الله عنهم)، ومقاتل الطالبيين/٧٧ مقتل الحسين بن علي (عليه السّلام).

٢ - سورة آل عمران/٣٣ - ٣٤.

٣ - راجع ملحق رقم ٤.

٦٧

ووصفهم ابن عباس في كتابه إلى يزيد بقوله: وقد قتلت حسيناً وفتيان عبد المطلب، مصابيح الدجى، ونجوم الهدى، وأعلام التقى(١) .

وفي حديث الريان بن شبيب عن الإمام الرضا (صلوات الله عليه) قال: وقُتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلاً ما لهم في الأرض شبيه(٢) .

وعن الحسن البصري أنّه قال: قُتل مع الحسين بن علي ستة عشر من أهل بيته ما كان لهم على وجه الأرض شبيه(٣) .

وعن منذر أنّه قال: كنّا إذا ذكرنا الحسين بن علي ومَنْ قُتل معه، قال محمد بن الحنفية: قد قتلوا سبعة عشر شاباً كلّهم قد ارتكضوا في رحم فاطمة(٤) .

وعن الربيع بن خيثم أنّه قال: لقد قتلوا فتية لو رآهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

____________________

١ - مقتل الحسين - للخوارزمي ٢/٧٨، واللفظ له، وقريب منه في مجمع الزوائد ٧/٢٥١ كتاب الفتن، باب فيما كان من أمر ابن الزبير ويزيد بن معاوية واستخلاف أبيه وغير ذلك، والمعجم الكبير ١٠/٢٤٢ باب أحاديث عبد الله بن عباس، ومن مناقب عبد الله بن عباس وأخباره، والكامل في التاريخ ٤/١٢٨ أحداث سنة أربع وستين من الهجرة، ذكر بعض سيرة يزيد بن معاوية وأخباره، وتاريخ اليعقوبي ٢/٢٤٨ مقتل الحسين بن علي، وأنساب الأشراف ٥/٣٢٢ أمر عبد الله بن الزبير بعد مقتل الحسين، وغيرها من المصادر الكثيرة.

٢ - الأمالي - للصدوق/١٩٢ المجلس السابع والعشرون، واللفظ له، عيون أخبار الرضا ٢/٢٦٨، إقبال الأعمال ٣/٢٩، بحار الأنوار ٩٨/١٣٠، وغيرها من المصادر.

٣ - مقتل الحسين - للخوارزمي ٢/٤٧، واللفظ له، الاستيعاب ١/٣٩٦ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب، العقد الفريد ٤/٣٥٠ فرش كتاب العسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم وأخبارهم، مقتل الحسين بن علي. تاريخ خليفة بن خياط/١٧٩ أحداث سنة إحدى وستين. ذخائر العقبى/١٤٦ مقتل الحسين وذكر قاتله، نظم درر السمطين/٢١٨، وغيرها من المصادر.

٤ - ترجمة الإمام الحسين من طبقات ابن سعد/٨٧ ح ٣٠٥، واللفظ له، المعجم الكبير، مسند الحسين بن علي، ذكر مولده وصفته ٣/١٠٤ ح ٢٨٠٥، وص ١١٩ ح ٢٨٥٥، مجمع الزوائد ٩/١٩٨ كتاب المناقب، باب مناقب الحسين بن علي، الوافي بالوفيات ١٢/٢٦٥ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب، وغيرها من المصادر.

٦٨

لأحبّهم، وأطعمهم بيده، وأجلسهم على فخذه(١) . وقال أيضاً: لقد قتلوا صبية لو أدركهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأجلسهم في حجره، ولوضع فمه على أفمامهم(٢) .

وقال لأشياخ من أهل الكوفة أتوه ليعرفوا رأيه في قتل الإمام الحسين (صلوات الله عليه): أرأيتم لو أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخل الكوفة وفيها أحد من أهل بيته فيمَنْ كان ينزل؟!(٣) .

هذا مضافاً إلى ما ورد عن بعضهم من النكات المضيئة الشاهدة بشرف نفوسهم ورفعة مقامهم وقوّة بصائرهم.

فعن عقبة بن سمعان أنّه قال: فلمّا ارتحلنا من قصر بني مقاتل، وسرنا ساعة خفق الحسين برأسه خفقة، ثمّ انتبه وهو يقول: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون، والحمد لله ربّ العالمين». ففعل ذلك مرّتين أو ثلاث. قال: فأقبل إليه ابنه علي بن الحسين على فرس له، فقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، والحمد لله ربّ العالمين. يا أبتِ جُعلت فداك! ممّ حمدت الله واسترجعت؟ قال: «بُني إنّي خفقت برأسي خفقة، فعنّ لي فارس على فرس، فقال: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم؛ فعلمت أنّها أنفسنا نُعيت إلينا». قال له: يا أبتِ لا أراك الله سوء! ألسنا على الحقّ؟ قال: «بلى والذي إليه مرجع العباد». قال: يا أبتِ إذاً لا نبالي، نموت محقّين. فقال له: «جزاك الله من ولد خير ما جزى ولداً عن والده»(٤) .

____________________

١ - تذكرة الخواص/٢٦٨ ذكر قول أُمّ سلمة والحسن البصري والربيع بن خيثم وغيرهم، واللفظ له، مقتل الحسين - للخوارزمي ٢/٤٤.

٢ - ترجمة الإمام الحسين من طبقات ابن سعد/٨٧ ح ٣٠٤، واللفظ له، تفسير الثعلبي ٨/٢٣٩ في تفسير قوله تعالى:( اللّهمّ فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة... ) من سورة الزمر.

٣ - ترجمة الإمام الحسين من طبقات ابن سعد/٨٧ ح ٣٠٣.

٤ - تاريخ الطبري ٤/٣٠٨ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، واللفظ له، الكامل في التاريخ ٤/٥١ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه)، الإرشاد ٢/٨٢، إعلام الورى بأعلام الهدى ١/٤٥٠، وغيرها من المصادر.

٦٩

وفي اليوم التاسع من المحرّم نادى الشمر: بنو أختي عبد الله وجعفر والعباس وعثمان. فأعرضوا عنه. فقال لهم الإمام الحسين (عليه السّلام): «أجيبوه وإن كان فاسقاً...». فقالوا له: ما شأنك؟ قال: يا بني أختي أنتم آمنون. فلا تقتلوا أنفسكم مع أخيكم الحسين، والزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد(١) . فقالوا له: لعنك الله ولعن أمانك لئن كنت خالنا! أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له؟!(٢) ، أتأمرنا أن نترك سيّدنا وأخانا وندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء؟!(٣) .

وهم بهذا العدد قد خلت بيوتهم من الرجال وأوحشت، ولم يبقَ فيها إلّا نساء وأطفال يهيجون العواطف ويستثيرون الأسى والنقمة.

قتل الثلّة الصالحة من أصحاب الحسين (عليه السّلام) معه

الثاني: قتل الثلّة الصالحة من أصحاب الإمام الحسين (عليه السّلام)، وفيهم الصحابة، والقرّاء، والمعروفون بالدين والورع، والأثر الحميد في الإسلام، والمواقف المشرّفة فيه (رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم).

____________________

١ - هكذا ورد النص في اللهوف في قتلى الطفوف/٥٤، وقريب منه في بقية المصادر الآتية في الهامش التالي.

٢ - تاريخ الطبري ٤/٣١٥ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، واللفظ له، الكامل في التاريخ ٤/٥٦ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه)، تذكرة الخواص/٢٤٩ الباب التاسع في ذكر الحسين (عليه السّلام)، ذكر وصول الحسين (عليه السّلام) إلى العراق، الفتوح - لابن أعثم ٥/١٠٤ - ١٠٥ ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي (رضي الله عنه)، وغيرها من المصادر.

٣ - مثير الأحزان/٢٨ واللفظ له، اللهوف في قتلى الطفوف/٥٤.

وروي أنّ ابن زياد كتب لهم أماناً فلمّا رأوا الكتاب قالوا: لا حاجة لنا في أمانكم، أمان الله خير من أمان ابن سمية. لاحظ تاريخ الطبري ٤/٣١٤ - ٣١٥ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، الكامل في التاريخ ٤/٥٦ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه)، والبداية والنهاية ٨/١٩٠ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، صفة مقتله مأخوذة من كلام أئمّة الشأن، وغيرها من المصادر.

٧٠

وقد قال الإمام الحسين (عليه السّلام) لهم ليلة العاشر من المحرّم: «أمّا بعد، فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا أخير من أصحابي، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي»(١) .

وقال عمرو بن الحجّاج عنهم في المعركة مخاطباً عسكر ابن سعد: ويلكم يا حمقاء مهلاً! أتدرون لِمَنْ تقاتلون؟! إنّما تقاتلون فرسان المصر، وأهل البصائر، وقوماً مستميتين...(٢) .

وقال حبيب بن مظاهر مخاطباً عسكر ابن سعد واعظاً لهم: أما والله، لبئس القوم عند الله غداً قوم يقدمون عليه قد قتلوا ذريّة نبيه (عليه السّلام) وعترته وأهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم، وعباد أهل هذا المصر، المجتهدين بالأسحار، والذاكرين الله كثيراً. فقال له عزرة بن قيس: إنّك لتزكّي نفسك ما استطعت. فقال له زهير بن القين: يا عزرة، إنّ الله قد زكّاها وهداه، فاتقِ الله يا عزرة؛ فإنّي لك من الناصحين. أُنشدك الله يا عزرة أن تكون ممّنْ يعين الضلال على قتل النفوس الزكية(٣) .

وفي حديث غلام عبد الرحمن بن عبد ربّه الأنصاري قال: فجعل برير يهازل عبد الرحمن، فقال له عبد الرحمن: دعنا، فوالله ما هذه بساعة باطل. فقال

____________________

١ - الكامل في التاريخ ٤/٥٧ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه)، واللفظ له، تاريخ الطبري ٤/٣١٧ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، الفتوح - لابن أعثم ٥/١٠٥ ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي (رضي الله عنه)، ينابيع المودّة ٣/٦٥، مقتل الحسين - للخوارزمي ١/٢٤٧ الفصل الحادي عشر، الأمالي - للصدوق/٢٢٠ المجلس الثلاثون، الإرشاد ٢/٩١، اللهوف في قتلى الطفوف/٥٥، وغيرها من المصادر.

٢ - مقتل الحسين - للخوارزمي ٢/١٥، واللفظ له، تاريخ الطبري ٤/٣٣١ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، الكامل في التاريخ ٤/٦٧ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه)، أنساب الأشراف ٣/٤٠٠ مقتل الحسين بن علي (عليهم السّلام)، وغيرها من المصادر.

٣ - تاريخ الطبري ٤/٣١٦ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، واللفظ له، الفتوح - لابن أعثم ٥/١٠٩ ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي (رضي الله عنه).

٧١

له برير: والله لقد علم قومي أنّي ما أحببت الباطل شاباً ولا كهلاً، ولكن والله إنّي لمستبشر بما نحن لاقون، والله إنّ بيننا وبين الحور العين إلّا أن يميل هؤلاء علينا بأسيافهم...(١) .

ولمّا ذهب كعب بن جابر الأزدي ليحمل على برير قال له عفيف بن زهير بن أبي الأخنس رادعاً له: إنّ هذا برير بن خضير القارئ الذي كان يُقرئنا القرآن في المسجد.

ولمّا قتله ورجع إلى الكوفة قالت له امرأته أو أخته النوار بنت جابر: أعنت على ابن فاطمة، وقتلت سيّد القرّاء! لقد أتيت عظيماً من الأمر! والله لا أكلمك من رأسي كلمة أبداً(٢) .

ولمّا حمل عمرو بن الحجّاج بأصحابه على أصحاب الحسين (عليه السّلام) وصرع مسلم بن عوسجة، قال أصحاب عمرو بن الحجّاج متبجّحين: قتلنا مسلم بن عوسجة الأسدي. فقال شبث بن ربعي: ثكلتكم أُمّهاتكم! تفرحون أن يُقتل مثل مسلم بن عوسجة؟! أما والذي أسلمت له لرُبّ موقف له قد رأيته في المسلمين كريم، لقد رأيته يوم سلق آذربايجان قتل ستة من المشركين قبل تتام خيول المسلمين، أفيقتل منكم مثله وتفرحون؟!(٣) .

وقال أبو ثمامة عمرو بن عبد الله الصائدي للإمام الحسين (عليه السّلام): يا أبا عبد

____________________

١ - تاريخ الطبري ٤/٣٢١ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، واللفظ له، الكامل في التاريخ ٤/٦٠ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه)، البداية والنهاية ٨/١٩٣ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، صفة مقتله مأخوذة من كلام أئمّة الشأن، وغيرها من المصادر.

٢ - تاريخ الطبري ٤/٣٢٩ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، واللفظ له، وذكر بعضه في الكامل في التاريخ ٤/٦٧ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه)، وأنساب الأشراف ٣/٣٩٩ مقتل الحسين بن علي (عليهم السّلام)، وغيرها من المصادر.

٣ - تاريخ الطبري ٤/٣٣٢ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، واللفظ له، الكامل في التاريخ ٤/٦٧ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه).

٧٢

الله نفسي لك الفداء! إنّي أرى هؤلاء قد اقتربوا منك، ولا والله لا تُقتل حتى أُقتل دونك إن شاء الله، وأحبّ أن ألقى ربّي وقد صلّيت هذه الصلاة التي قد دنا وقتها. فرفع الإمام الحسين (عليه السّلام) رأسه، ثمّ قال: «ذكرت الصلاة! جعلك الله من المصلّين الذاكرين. نعم، هذا أوّل وقتها»(١) ... إلى غير ذلك ممّا يشهد بما ذكرنا من رفيع مقامهم (رضوان الله تعالى عليهم).

قتل الأطفال بما فيهم الرضيع

الثالث: قتل الأطفال الأبرياء العزّل(٢)

____________________

١ - تاريخ الطبري ٤/٣٣٤ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، واللفظ له، الكامل في التاريخ ٤/٧٠ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه)، مقتل الحسين - للخوارزمي ٢/١٧.

٢ - قال هاني بن ثبيت الحضرمي: إنّي لواقف عاشر عشرة ليس منّا رجل إلّا على فرس وقد جالت الخيل وتصعصعت، إذ خرج غلام من آل الحسين وهو ممسك بعود من تلك الأبنية عليه إزار وقميص، وهو مذعور يتلفّت يميناً وشمالاً، فكأنّي أنظر إلى درّتين في أُذنيه تذبذبان كلّما التفت، إذ أقبل رجل يركض حتى إذا دنا منه مال عن فرسه ثمّ اقتصد الغلام فقطعه بالسيف...، تاريخ الطبري ٤/٣٤٣ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، البداية والنهاية ٨/٢٠٢ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، صفة مقتله مأخوذة من كلام أئمّة الشأن، مقاتل الطالبيين/٧٩ مقتل الحسين بن علي (عليه السّلام).

وقال ابن طاووس: فخرج عبد الله بن الحسن (عليه السّلام) وهو غلام لم يراهق من عند النساء يشتدّ حتى وقف إلى جنب الحسين، فلحقته زينب بنت علي (عليه السّلام) لتحبسه، فأبى وامتنع امتناعاً شديداً، فقال: لا والله، لا أفارق عمّي. فأهوى بحر بن كعب - وقيل: حرملة بن كاهل - إلى الحسين (عليه السّلام) بالسيف، فقال الغلام: ويلك يابن الخبيثة أتقتل عمّي؟! فضربه بالسيف، فاتّقاه الغلام بيده فأطنها إلى الجلد، فإذا هي معلّقة. فنادى الغلام: يا أُمّاه، فأخذه الحسين (عليه السّلام) وضمّه إليه، وقال: «يابن أخي، اصبر على ما نزل بك واحتسب في ذلك الخير؛ فإنّ الله يلحقك بآبائك الصالحين». قال: فرماه حرملة بن كاهل =

٧٣

بما فيهم الرضيع(١) .

____________________

= بسهم فذبحه وهو في حجر عمّه الحسين (عليه السّلام)، اللهوف في قتلى الطفوف/٧١، واللفظ له، ومثله في الإرشاد ٢/١١٠، ومقاتل الطالبيين/٧٧ مقتل الحسين بن علي (عليه السّلام)، وتاريخ الطبري ٤/٣٤٤ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، والكامل في التاريخ ٤/٧٧ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه)، وغيرها من المصادر.

وقال ابن سعد: وقد كان ابنا عبد الله بن جعفر لجئا إلى امرأة عبد الله بن قطبة الطائي، ثمّ النبهاني، وكانا غلامين لم يبلغا، وقد كان عمر بن سعد أمر منادياً فنادى: مَنْ جاء برأس فله ألف درهم. فجاء ابن قطبة إلى منزله، فقالت له امرأته: إنّ غلامين لجئا إلينا، فهل لك أن تشرف بهم، فتبعث بهما إلى أهلهما بالمدينة؟ قال: نعم أرينهم، فلّما رآهما ذبحهم، وجاء برؤوسهما إلى عبيد الله بن زياد...، ترجمة الإمام الحسين (عليه السّلام) من طبقات ابن سعد/٧٧ ح ٢٩٢. وقد ذكر بتفصيل في مقتل الحسين - للخوارزمي ٢/٤٨ - ٥٢، ولكن ذكر أنّهما من ولد جعفر الطيّار في الجنة، وذكره كذلك عن المناقب القديم في بحار الأنوار ٤٥/١٠٠ - ١٠٧. وذكره بتفصيل أكثر الشيخ الصدوق في أماليه المجلس التاسع عشر/١٤٣ - ١٤٥، ولكن ذكر أنّهما ولدان لمسلم بن عقيل (عليه السّلام)، وهو المعروف اليوم، ولهما مشهد يُزار.

(١) الفتوح - لابن أعثم ٥/١٣١ تسمية مَنْ قُتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمّه (رضي الله عنهم)، ينابيع المودةّ ٣/٧٩.

قال ابن طاووس: وقال لزينب: «ناوليني ولدي الصغير؛ حتى أودّعه»، فأخذه وأومأ إليه ليقبّله فرماه حرملة بن كاهل الأسدي (لعنه الله) بسهم فوقع في نحره فذبحه، فقال لزينب: «خذيه»، ثمّ تلقى الدم بكفيه، فلمّا امتلأتا رمى بالدم نحو السماء، قال: «هوّن ما نزل بي أنّه بعين الله». قال الباقر (عليه السّلام): «فلم يسقط من ذلك الدم قطرة إلى الأرض». اللهوف في قتلى الطفوف/٦٩، واللفظ له، مقتل الحسين - للخوارزمي ٢/٣٢.

وورد قتل الطفل الصغير في حجر الإمام الحسين (عليه السّلام) في تاريخ الطبري ٤/٣٤٢ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، والكامل في التاريخ ٤/٧٥ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، والإرشاد ٢/١٠٨، وغيرها من المصادر.

وقال اليعقوبي: فإنّه لواقف على فرسه إذ أتي بمولود قد ولد في تلك الساعة، فأذّن في أذنه، وجعل يحنّكه إذ أتاه سهم، فوقع في حلق الصبي فذبحه، فنزع الحسين السهم من حلقه، وجعل يلطخه بدمه، ويقول: «والله، لأنت أكرم على الله من الناقة، ولمحمد أكرم على الله من صالح...». تاريخ اليعقوبي ٢/٢٤٥ مقتل الحسين بن علي.

٧٤

وكذا بعض النساء من دون أن يُقاتلنَ(١) ، حيث يكشف ذلك عن ثقافة إجرامية ووحشية مقزّزة.

التضييق على ركب الإمام الحسين (عليه السّلام) ومنعهم من الماء

الرابع: التضييق على الإمام الحسين (عليه السّلام) وأهل بيته وأصحابه ومنعهم من الماء حتى أضرّ بهم العطش، تذرعاً بالانتقام لعثمان، مع أنّ من المعلوم للجميع أنّ أهل البيت (صلوات الله عليهم) أبرأ الناس من دمه، وأسمى من أن يمنعوه الماء.

ولاسيما أنّ الإمام الحسين (صلوات الله عليه) نفسه قد سقى الحرّ وأصحابه حينما التقى بهم في الطريق، وهم قد جاؤوا ليأخذوه أسيراً لابن زياد(٢) .

كما إنّ من المعروف أنّ أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) لم يَجزِ معاوية وعسكره في حرب صفين بالمثل، فلم يمنعهم الماء في حرب صفين، وإن سبق منهم منعه ومنع عسكره من الماء لما استولوا عليه.

انتهاك حرمة العائلة النبويّة

الخامس: انتهاك حرمة العائلة النبويّة الكريمة، ذات المكانة العالية في النفوس، والمعروفة بالخدر والحشمة؛ سواء في المعركة(٣) أم بعدها، وذلك

____________________

١ - فقد خرجت امرأة الكلبي تمشي إلى زوجه، فجلست عند رأسه تمسح التراب عن وجهه، وتقول: هنيئاً لك الجنة. فأمر شمر غلاماً اسمه رستم فضرب رأسها بالعمود فشدخه فماتت مكانها. الكامل في التاريخ ٤/٦٩ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه)، واللفظ له، تاريخ الطبري ٤/٣٣٣ - ٣٣٤ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، مقتل الحسين - للخوارزمي ٢/١٣، لكن الموجود فيه أنّ المقتولة أُمّ وهب الكلبي، وأنّها أوّل امرأة قُتلت في حرب الحسين (عليه السّلام)، وظاهره قتل نساء أُخر.

٢ - تقدّمت مصادره في/٣٠ - ٣١.

٣ - تاريخ الطبري ٤/٣٣٣ - ٣٣٤ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، الكامل في التاريخ ٤/٦٩

٧٥

بإرعابها وبحرق خيامها، وسلبها، والتشهير بها وتسييرها في البلدان، بوجه تقشعرّ له الأبدان.

انتهاك حرمة الأجساد الشريفة بعد القتل

السادس: انتهاك حرمة الأجساد الشريفة بعد القتل بسلب الإمام الحسين (صلوات الله عليه)، ورضّ جسده الشريف بالخيل، وترك جسده وأجساد مَنْ قُتل معه بالعراء من دون دفن، وقطع الرؤوس ورفعها على الرماح والتشهير بها في البلدان... إلى غير ذلك من مظاهر الانحطاط والوحشية التي هي سمة الطغاة والجبابرة والمعقّدين، الذين خرجوا في مفاهيمهم وسلوكهم عن ضوابط الإنسانية القويمة، وأوقعوا بالمجتمع الإنساني في عصوره المختلفة وحتى عصرنا الحاضر صنوف المصائب والفواجع والجرائم المقزّزة والمغرقة في الوحشية.

النيل من الإمام الحسين (عليه السّلام) وأهل بيته

السابع: النيل من الإمام الحسين وأهل بيته وأسلافه الطاهرين (صلوات الله عليهم) على المنابر وفي المحافل(١) ؛ من أجل إسقاط حرمتهم، وبيان شرعية

____________________

أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه)، مقتل الحسين - للخوارزمي ٢/١٦.

(١) مثل ما يأتي في خطبة ابن زياد في مسجد الكوفة، قوله للعقيلة زينب الكبرى (عليها السّلام) في مجلسه: الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم، و: قد أشفى الله نفسي من طاغيتك والعصاة المردة من أهل بيتك. تاريخ الطبري ٤/٣٤٩ - ٣٥٠ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، واللفظ له، الكامل في التاريخ ٤/٨١ - ٨٢ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه)، البداية والنهاية ٨/٢١٠ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، صفة مقتله مأخوذة من كلام أئمّة الشأن، إلّا أنّه لم يخرج إلّا المقطع الأوّل من كلام ابن زياد، وغيرها من المصادر.

وقول يزيد للعقيلة زينب (عليه السّلام): إنّما خرج من الدين أبوك وأخوك. تاريخ الطبري =

٧٦

قتلهم وما فعلوه بهم. مع أنّهم (صلوات الله عليهم) بالمكان الرفيع من الاحترام والتقديس.

كلّ ذلك أضاف للجريمة الكبرى بقتل الإمام الحسين (صلوات الله عليه) بعداً إجرامياً كبيراً، واقعياً وعاطفياً.

____________________

= ٤/٣٥٣ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، واللفظ له، الكامل في التاريخ ٤/٨٦ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه)، البداية والنهاية ٨/٢١٢ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، صفة مقتله مأخوذة من كلام أئمّة الشأن، الأمالي - للصدوق/٢٣١ المجلس الحادي والثلاثون، الإرشاد ٢/١٢١، وغيرها من المصادر الكثيرة.

وما عن الإمام زين العابدين (عليه السّلام) قال: «حتى إذا أدخلنا دمشق صاح صائح: يا أهل الشام، هؤلاء سبايا أهل البيت الملعون». إقبال الأعمال ٣/٨٩، بحار الأنوار ٤٥/١٥٤.

وذلك هو المناسب لموقف الأمويين من أهل البيت (صلوات الله عليهم) حيث عمم معاوية ومن بعده لعن أمير المؤمنين (عليه السلام) على منابر المسلمين. وقال أبو يحيى زياد المكي: «كنت بين الحسن بن علي والحسين ومروان بن الحكم، والحسين يساب مروان. فجعل الحسن ينهى الحسين، حتى قال مروان: إنكم أهل بيت ملعونون. قال: فغضب الحسن، وقال: ويلك! قلت أهل بيت ملعونين. فوالله لقد لعن الله أباك وأنت في صلبه». ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من طبقات ابن سعد ص: ٣٥ - ٣٦، واللفظ له. مسند أبي يعلى ج: ١٢ ص ١٣٥ مسند الحسن بن علي بن أبي طالب. المعجم الكبير ج: ٣ ص ٨٥ في ما رواه أبو يحيى الأعرج عن الحسن بن علي رضي الله عنه. المطالب العالية ج: ١٨ ص: ٢٦٥، ٢٦٦ كتاب الفتن: باب لعن رسول الله صلّى الله عليه وآله الحكم بن العاص وبنيه وبني ابنه. مجمع الزوائد ج: ٥ ص: ٢٤٠ كتاب الخلافة: باب في أئمة الظلم والجور وأئمة الضلالة، ج: ١٠ ص: ٧٢ كتاب المناقب: باب في من ذم من القبائل وأهل البدع. سير أعلام النبلاء ج:٣ ص: ٤٧٨ في ترجمة مروان بن الحكم. تاريخ الإسلام ج:٣ ص: ٣٦٦ في أحداث سنة إحدى وثلاثين من الهجرة، ج: ٥ ص: ٢٣٢ في ترجمة مروان بن الحكم. تاريخ دمشق ج: ٥٧ ص: ٢٤٤، ٢٤٥ في ترجمة مروان بن الحكم بن أبي العاص. كنز العمال ج:١١ ص: ٣٥٧ ح: ٣١٧٣٠. وغيرها من المصادر.

وما يأتي في الملحق الخامس من أمره بمنبر وخطيب يقع في الإمامين أمير المؤمنين والحسين (عليهم السّلام) فأكثر الوقيعة فيهم... إلى غير ذلك ممّا يظهر للمتتبع.

٧٧

وزاد في البعد الإجرامي للواقعة وتأثيرها على المجتمع الإسلامي أمور:

الإمام الحسين (عليه السلام) بقية أصحاب الكساء

الأوّل: إنّ الإمام الحسين (عليه السّلام) كان بقيّة أصحاب الكساء (صلوات الله عليهم)، فانقطع بقتله أثرهم، كما تضمّن ذلك ما رواه الصدوق بسنده عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال:

قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السّلام): يابن رسول الله، كيف صار يوم عاشوراء يوم مصيبة وغم وجزع وبكاء، دون اليوم الذي قُبض منه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واليوم الذي ماتت فيه فاطمة (عليها السّلام)، واليوم الذي قُتل فيه أمير المؤمنين (عليه السّلام)، واليوم الذي قُتل فيه الحسن (عليه السّلام) بالسم؟

فقال: «إنّ يوم الحسين (عليه السّلام) أعظم مصيبة من جميع سائر الأيام؛ وذلك أنّ أصحاب الكساء الذي كانوا أكرم الخلق على الله تعالى كانوا خمسة، فلمّا مضى عنهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السّلام) فكان فيهم للناس عزاء وسلوة، فلمّا مضت فاطمة (عليها السّلام) كان في أمير المؤمنين والحسن والحسين للناس عزاء وسلوة، فلمّا مضى منهم أمير المؤمنين (عليه السّلام) كان للناس في الحسن والحسين عزاء وسلوة، فلما مضى الحسن (عليه السّلام) كان للناس في الحسين (عليه السّلام) عزاء وسلوة، فلمّا قُتل الحسين (عليه السّلام) لم يكن بقي من أهل الكساء أحد للناس فيه بعده عزاء وسلوة، فكان ذهابه كذهاب جميعهم، كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم؛ فلذلك صار يومه أعظم مصيبة».

قال عبد الله بن الفضل الهاشمي: فقلت له: يابن رسول الله، فلِمَ لم يكن للناس في علي بن الحسين عزاء وسلوة، مثل ما كان لهم في آبائه (عليهم السّلام)؟ فقال: «بلى، إنّ علي بن الحسين كان سيّد العابدين، وإماماً وحجّةً على الخلق بعد آبائه

٧٨

الماضين، ولكنّه لم يلقَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يسمع منه، وكان علمه وراثة عن أبيه عن جدّه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السّلام) قد شاهدهم الناس مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أحوال في آن يتوالى، فكانوا متى نظروا إلى أحد منهم تذكّروا حاله مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقول رسول الله له وفيه، فلمّا مضوا فقد الناس مشاهدة الأكرمين على الله (عزّ وجلّ)، ولم يكن في أحد منهم فقد جميعهم إلّا في فقد الحسين (عليه السّلام)؛ لأنّه مضى آخرهم، فلذلك صار يومه أعظم الأيام مصيبة»(١) .

ويناسب ذلك ما تقدّم من العقيلة زينب الكبرى (عليها السّلام) في حديثها مع الإمام الحسين (عليه السّلام) ليلة العاشر من قولها: اليوم ماتت أُمّي فاطمة وعلي أبي وحسن أخي. يا خليفة الماضين، وثمال الباقين(٢) .

تذكّر الناس أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وغيره عن عظم الجريمة

الثاني: تذكّر الناس لأحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين (عليه السّلام) وغيرهما ممّا يتضمّن التنبؤ بالواقعة، وتقييمها، وشدة ألمهما (صلوات الله عليهما وآلهما) وحسرتهما له، وبيان المقام الرفيع الذي يفوز به الإمام الحسين (صلوات الله عليه)، وسوء منقلب الطرف الآخر بسببه، والتأكيد على عظم الجريمة، وتأنيب المسلمين لتقصيرهم إزاءه، وتخاذلهم في أداء واجبهم، وما جرى مجرى ذلك.

تشفّي الأمويين بالفاجعة ثأراً لأسلافهم المشركين

الثالث: ما طفح على لسان الأمويين من التشفّي بقتل الإمام الحسين (صلوات الله عليه) بسبب قتل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأسلافهم في حروب الإسلام.

____________________

١ - علل الشرائع ١/٢٢٥ - ٢٢٦ ب ١٦٢ العلّة التي من أجلها صار يوم عاشوراء أعظم الأيام مصيبة.

٢ - تقدّمت مصادره في ص: ٥٠.

٧٩

فعن أبي عبيدة في كتاب المثالب أنّه لما ورد كتاب عبيد الله بن زياد على عمرو بن سعيد الأشدق يبشّره بقتل الحسين (عليه السّلام)، قرأه على الناس، وأومأ إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائلاً: يوم بيوم بدر(١) .

وروي مثل ذلك عن يزيد حين أخذ ينكت ثغر الإمام الحسين (عليه السّلام) بالقضيب في مجلسه(٢) ، وكذا عن ابن زياد حين أنكر عليه بعض مَنْ رآه يضرب بالقضيب ثنايا الإمام الحسين (صلوات الله عليه)(٣) .

ولمّا وردت رؤوس القتلى على يزيد - وكان في منظرة له على جيرون - أنشد:

لما بدت تلكَ الحمولُ وأشرقت

تلكَ الشموسُ على رُبى جيرونِ

نعبَ الغرابُ فقلتُ صح أو لا تصح

فلقد قضيتُ من الغريمِ ديوني(٤)

ولما أُدخل عليه رأس الإمام الحسين (صلوات الله عليه) أخذ ينكت ثغره بالقضيب، وأنشد أبيات، منها:

ليتَ أشياخي ببدرٍ شهدوا

جزعَ الخزرجِ من وقعِ الأسل

لأهلّوا واستهلّوا فرحا

ثمّ قالوا يا يزيدَ لا تُشل

قد قتلنا القرمَ من ساداتهم

وعدلناهُ ببدرٍ فاعتدل

____________________

١ - شرح نهج البلاغة ٤/٧٢، الكامل للمبرد ١/٤٠١، النصائح الكافية/٧٥.

٢ - مناقب آل أبي طالب - لابن شهرآشوب ٣/٢٦٠.

٣ - الأمالي - للصدوق/٢٢٩ المجلس الحادي والثلاثون، روضة الواعظين/١٩٠، بحار الأنوار ٤٥/١٥٤.

٤ - تذكرة الخواص/٢٦١ - ٢٦٢، ورواها الآلوسي هكذا: ولقد اقتضيت من الرسول ديوني، روح المعاني ٢٦/٧٢، ونقل مثله ابن الدمشقي عن تاريخ ابن القفطي كما في جواهر المطالب - لابن الدمشقي ٢/٣٠١، وذكره أيضاً في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب ١/١٢٤ مطلب في حرمة اللعن لمعين وما ورد فيه.

٨٠