• البداية
  • السابق
  • 347 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 66741 / تحميل: 5229
الحجم الحجم الحجم
الصحيح من سيرة الإمام عليّ (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى)

الصحيح من سيرة الإمام عليّ (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء 7

مؤلف:
العربية

وليس لأحد أن يدعي ـ على سبيل القطع واليقين ـ: بأن ذلك قد جاء على سبيل الصدفة.

يضاف إلى ذلك: أن مشاركة علي (عليه‌السلام ) شارك النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في نحر البدن التي كانت على عدد سني عمره الشريف لا تخلو من إشارة إلى مشاركته (عليه‌السلام ) له في كل حلو ومرّ.

وقد أنتجت هذه المشاركة كل ما عاش النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) من أجله وهو إقامة دين الله سبحانه.. وكانت سني عمر علي (عليه‌السلام )، التي عاشها مع النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قد استغرقها ما نحره (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) متوافقاً مع سني عمره الشريف، فشارك كل منهما الآخر فيما يخصه، وأعانه عليه.. وهكذا كان الحال في كل ما يتصل بإقامة دين الله، ونشر شرائعه، وحقائقه..

لو أشرك النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أبا بكر:

ويمر الناس على هذا الحدث الجليل مرور الكرام، ونحن على يقين من أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لو أشرك أبا بكر في هديه كما أشرك علياً، بل لو أشركه في واحدة من هديه، ولو بأن يهتم بها، ويرعاها بالسقي، والإطعام لأقام أتباع أبي بكر الدنيا ولم يقعدوها في التحليل، والإستنتاج، والإستدلال على عظمة أبي بكر ومنزلته، وإمامته وخلافته.. وربما تجنح بهم الأوهام إلى ما هو أبعد من هذا بكثير..

وكيف لا يكون الأمر كذلك، ونحن نرى كيف تحولت أخطاء، وضعف وهنات أبي بكر وعمر إلى فضائل وكرامات، وإشارات ودلالات.. وسنرى

٨١

كيف أصبح قول عمر: إن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ليهجر فضيلة لعمر، وسبباً في إنقاذ الإسلام والأمة من أمر عظيم..

ولكن الأمر إذا تعلق بعلي (عليه‌السلام )، فإن الألسنة تخرس، والأسماع تصم، والعيون تعمى، والمحابر تجف، والأقلام تلتوي وتتحطم، أو تعيا عن تسجيل عشر معشار الحقيقة، ثم هي تقتل ما سجلته بالتأويلات الباردة، والإحتمالات السقيمة، وقشور العبقريات، لاختراع المعارضات، والتحريف والتزييف، والسعي لإفراغ أعظم المواقف من محتواها، فهل نتوقع بعد هذا أن نجد في كلامهم ما ينفع ويجدي من الإستنطاق الموضوعي للنصوص، أو الإشارة إلى شيء ذي بال من الدلالات واللمحات؟!

٨٢

الفصل الثاني: اضواء على ما جرى في عرفة.

٨٣

٨٤

للإمامة تاريخها:

صحيح أن موضوع الإمامة هو من أكثر الموضوعات حساسية، وأشدها أهمية.. وله تأثيره في الكثير الكثير من قضايا التاريخ، وفي فهمها، ومعرفة أسرارها وخلفياتها..

وصحيح أيضاً: أن أمير المؤمنين علياً (عليه‌السلام ) هو محورها الأعظم، وهو أساسها وبه قوامها.. وأنه لا يمكن لمن يريد أن يبحث في أي شأن من شؤونه أن يتجاهل أمر الإمامة هذا..

ولكن من الواضح والصحيح أيضاً: أن إيفاء هذا الأمر حقه من البحث والتقصي غير ميسور، بل غير مقدور.. بل هو كإيفاء علي (عليه‌السلام ) حقه من ذلك. وإن أياً كان من الناس لا يستطيع أن يدعي أنه قادر على استيفاء البحث في هذين الأمرين معاً، ولو حاول أن يتصدى لذلك، فإنه سوف ينتهي إلى الفشل الذريع، والخيبة القاتلة، والفضيحة الصلعاء والنكراء..

من أجل ذلك نقول:

لا بد لنا من تجنب الدعاوى الفارغة، وتحاشي استعراض العضلات المنتفخة بالأورام التي تنتج له الأسقام والآلام.. فلا ندعي أننا نريد أن نوفي سيرة أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) حقها.. أو نريد إعطاء موضوع الإمامة

٨٥

حقه.. لأن نتيجة المغامرة ستكون غاية في الضعف، وفي منتهى الهزال، والتواضع..

لذلك آثرنا أن نحيل القارئ الكريم إلى ما أوردناه في كتابنا الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، ولا سيما الأجزاء الثلاثة الأخيرة منه، ليطلع منها على بعض التفاصيل في الناحيتين التاريخية والعقائدية في موضوع الإمامة.. فإن ما ذكرناه هناك وما نذكره هنا ربما يعطي لمحة ولو محدودة ومتواضعة عن بعض معاناة النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وعلي (عليه‌السلام ) فيما يرتبط بالعمل على ترسيخ موضوع الإمامة، وصيانته في ضمير ووجدان الأمة..

وإحالتنا هذه على كتاب الصحيح سوف تغنينا عن التعرض هنا لكثير مما ذكرناه هناك.. مع اعترافنا بأننا لم نوف كلا الأمرين حقهما، ونحن أعجز من ذلك.. فكيف نجيز لأنفسنا أن ندعيه..

ليلة عرفة تمهيد ليوم عرفة:

1ـ رووا: أنه خرج (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) على الحجيج عشية عرفة، فقال لهم: إن الله قد باهى بكم الملائكة عامة، وغفر لكم عامة، وباهى بعلي خاصة، وغفر له خاصة، إني قائل لكم قولاً غير محاب فيه لقرابتي: إن السعيد كل السعيد حق السعيد من أحب علياً (عليه‌السلام ) في حياته وبعد موته(1) .

____________

1- الفصول المئة ج3 ص291 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج9 ص168 عن أحمد= = بن حنبل في المسند والفضائل، وبحار الأنوار ج40 ص81 وج39 ص265 والإمام علي بن أبي طالب للهمداني ص92 وينابيع المودة ج2 ص487 والتحفة العسجدية ص135 وغاية المرام ج5 ص140 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج7 ص254 وج21 ص296.

٨٦

2 ـ وعن فاطمة (عليها‌السلام )، قالت: خرج علينا رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) عشية عرفة، فقال: إن الله تبارك وتعالى باهى بكم وغفر لكم عامة، ولعلي خاصة، وإني رسول الله إليكم غير محاب لقرابتي، هذا جبرئيل يخبرني: أن السعيد كل السعيد حق السعيد من أحب علياً في حياته وبعد موته.

زاد في نص آخر: (إن الشقي من أبغض علياً في حياته وبعد مماته)(1) .

____________

1- المعجم الكبير للطبراني ج22 ص415 والمناقب للخوارزمي ص78 والأمالي للصدوق ص248 ومجمع الزوائد ج9 ص132 ودلائل الإمامة ص74 والأمالي للمفيد ص161 والأربعون حديثاً لمنتجب الدين بن بابويه ص33 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص3 والعمدة لابن البطريق ص200 والصراط المستقيم ج2 ص50 وكتاب الأربعين للشيرازي ص462 وبحار الأنوار ج27 ص74 وج39 ص257 و 274 و 284 وكشف الغمة ج1 ص92 و 105 وج2 ص78 ونهج الإيمان ص452 والفصول المهمة لابن الصباغ ص125 و (ط دار الحديث) ج1 ص585 عن معالم العترة النبوية، وكتاب الأربعين للماحوزي ص243 وبشارة المصطفى ص237.

٨٧

ونقول:

يلاحظ هنا ما يلي:

أولاً: إن يوم عرفة قد شهد حدثاً هاماً يرتبط بالنص النبوي على إمامة علي (عليه‌السلام ).. ويأتي هذا الموقف من رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) عشية ليلة في سياق الإعداد لما سيقوم به في اليوم التالي..

ثانياً: إنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قد ضمن كلامه ما يدل على أنه كان يتوقع اتهامه بمحاباة قرابته، لكي يسقطوا كلامه في حقه عن الإعتبار بالرغم من أن اتهاماً من هذا القبيل يُخرج من يطلقه عن دائرة التقوى، بل عن دائرة الإيمان، لتضمنه اتهام النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بالإنقياد إلى الهوى، وتجاوز ما يمليه عليه الوحي الإلهي، ليصبح (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) خارج دائرة العصمة، ولا يبقى مأموناً على ما أتمنه الله عليه..

ثالثاً: إنه أخبرهم: بأن الله تعالى قد باهى بهم، وغفر لهم عامة، وباهى وغفر لعلي خاصة، وفي هذا النص كلام من عدة جهات، هي:

ألف: إن علياً (عليه‌السلام ) معصوم لا يصدر منه الذنب، إلا إن كان المقصود الذنب الذي هو من قبيل ما ورد في أول سورة الفتح:( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً ) (1) .

حيث ثبت: أن المراد بالذنب: هو ما كان قومه يعدونه ذنباً، وهو مجيئه

____________

1- الآيتان 1 و 2 من سورة الفتح.

٨٨

بهذا الدين. فإنهم غفروا له ذلك، وصاروا يعتبرونه فضلاً وسداداً.. شاهدنا على ذلك: أنه لو كان بالذنب معصية لما كافأه عليه بالفتح المبين، لأن المذنب يعاقب ولا يكافأ.

أو أن المراد: أن الله تعالى غفر لعلي ما يراه (عليه‌السلام ) ذنباً في جنب الله، وإن لم يكن كذلك في الواقع. حيث يرى: أن عبادته لا تليق بمقام الألوهية الأقدس.. ويعتبر نفسه مذنباً ومقصراً في أداء واجبه..

ب: إن المراد بمغفرة ذنوبهم عامة: هو مغفرة ذنوب من تاب منهم وأناب، وعزم على عدم العود للمعاصي. أما المصر على معصية الله، وعلى مخالفة ما يأتي به نبيه الأكرم (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، ولا سيما فيما يرتبط بإمامة وصيه من بعده، فلا تشمله المغفرة، لا عموماً ولا خصوصاً.

رابعاً: إنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قد ربط السعادة كل السعادة بحب علي (عليه‌السلام ) في حياة علي وبعد موته.. ولم يزد على ذلك..

فهنا سؤلان:

أولهما: ما معنى التأكيد على حب علي (عليه‌السلام ) في الحياة وبعد الممات؟!

ونجيب:

لعل السبب في تعميم الحب إلى ما بعد الممات: هو أن حبه في هذه الحالة يكون صادقاً وحقيقياً، وليس حباً مصلحياً، ولا متأثراً بمؤثرات خارجية، بل هو يحبه لأنه يراه مستحقاً للحب..لا لشيء آخر.

الثاني: لقد اقتصر على ذكر الحب، ولم يشر إلى الطاعة والقبول بحكمه

٨٩

وخلافته، لأن الحديث عن السعادة التامة في الدنيا والآخرة، وأي شيء آخر غير الحب قد لا يحققهما معاً، حتى الطاعة والإنقياد، فإن الإنسان قد يطيع الحاكم خوفاً، أو طمعاً، أو حباً بالسلامة، أو لغير ذلك.. أما الحب الحقيقي فهو يدعوه للطاعة في الدنيا، ويجعله أهلاً لشفاعته في الآخرة.

وبعد ما تقدم نقول، ونتوكل على خير مسؤول:

حديث عرفات:

ذكرنا في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) نصوصاً تدل على ما جرى للنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في عرفات، وهي التالية:

ذكرت الروايات الصحيحة: أن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، خطب الناس في حجة الوداع؛ في عرفة، فلما ذكر حديث الثقلين(1) ، ثم ذكر عدد الأئمة، وأنهم اثنا عشر، واجهته فئات من الناس بالضجيج والفوضى، إلى حد أنه لم يتمكن من إيصال كلامه إلى الناس.

وقد صرح بعدم التمكن من سماع كلامه كل من: أنس، وعبدالملك بن عمير، وعمر بن الخطاب، وأبي جحيفة، وجابر بن سمرة(2) ، ولكن رواية

____________

1- راجع: حديث الثقلين للوشنوي ص13 وما ذكره من مصادر..

2- راجع: كشف الغطاء (ط.ق) ج1 ص7 والسنة في الشريعة الإسلامية لمحمد تقي الحكيم ص63 والأمالي للصدوق ص387 و 469 والخصال ص470 و 471 و 472 وإكمال الدين ص68 و 272 و 273 وكفاية الأثر ص51 و 76 و 77 و 78 = = وشرح أصول الكافي ج2 ص240 وج5 ص230 وج7 ص374 وكتاب الغيبة للنعماني ص104 و 105 و 120 و 121 و 122 و 123 و 124 والغيبة للطوسي ص128 و 129 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص248 و 249 و 254 والعمدة لابن البطريق ص416 و 417 و 418 و 420 و 421 والطرائف لابن طاووس ص170 وبحار الأنوار ج36 ص231 و 234 و 235 و 236 و 237 و 266 و 267 و 269 و 298 و 362 و 363 و 364 و 365 وكتاب الأربعين للماحوزي ص381 و 386 وسفينة النجاة للسرابي التنكابني ص385 والإكمال في أسماء الرجال للخطيب التبريزي ص193 والملاحم والفتن لابن طاووس ص345 والمسلك في أصول الدين للمحقق الحلي ص274 وتقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي ص418 وإعلام الورى ج2 ص159 و 162 وكشف الغمة ج1 ص57 و 58 ومسند أحمد ج5 ص87 و 88 و 90 و 92 و 93 و 94 و 95 و 96 و97 و 98 و 99 و 100 و 101 و 106 و 107 و 108 وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج8 ص127 وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج6 ص3 و 4 وسنن أبي داود ج2 ص309 وسنن الترمذي ج3 ص340 والمستدرك للحاكم ج3 ص617 و 618 وشرح مسلم للنووي ج12 ص201 ومجمع الزوائد ج5 ص190 وفتح الباري ج13 ص181 وعمدة القاري ج24 ص281 ومسند أبي داود الطيالسي ص105 و 180 ومسند ابن أبي الجعد ص390 والآحاد والمثاني ج3 ص126 و 127 وكتاب السنة لابن أبي عاصم ص518 وصحيح ابن حبان ج15 ص43 و 44 و 46 والمعجـم الأوسـط ج3 ص201 وج6 ص209 والمعجـم الكـبـير ج2 ص195 = = و196 و 197 و 214 و 218 و 223 و 226 و 232 و 241 و 249 و 253 و 254 و 255 وج22 ص120 والرواة عن سعيد بن منصور لأبي نعيم الأصبهاني ص44 والكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي ص95 والكامل لابن عدي ج2 ص386 وطبقات المحدثين بأصبهان ج2 ص90 وتاريخ بغداد ج2 ص124 وج14 ص354 وتاريخ مدينة دمشق ج5 ص191 وسير أعلام النبلاء ج8 ص184 وج14 ص444 وذكر أخبار إصبهان ج2 ص176 والبداية والنهاية ج1 ص177 وج6 ص278 و 279 وإمتاع الأسماع للمقريزي ج12 ص302 و 203 وينابيع المودة ج3 ص289.

٩٠

٩١

هذا الأخير، كانت أكثر صراحة ووضوحاً.

ويبدو أنه قد حدّث بما جرى مرات عديدة، فرويت عنه بأكثر من طريق. وبأكثر من تعبير يشير إلى المعنى الثابت، ونختار بعض نصوص تلك الرواية ـ ولا سيما ما ورد منها في الصحاح والكتب المعتبرة، فنقول:

1 ـ في مسند أحمد؛ حدّثنا عبد الله، حدثني أبو الربيع الزهراني، سليمان بن داود، وعبيد الله بن عمر القواريري، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، قالوا: حدثنا حماد بن زيد، حدثنا مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن جابر بن سمرة، قال: خطبنا رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بعرفات ـ وقال المقدمي في حديثه: سمعت رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يخطب بمنى.

وهذا لفظ حديث أبي الربيع: فسمعته يقول:

(لن يزال هذا الأمر عزيزاً ظاهراً، حتى يملك اثنا عشر كلهم ـ ثم لغط

٩٢

القوم، وتكلموا ـ فلم أفهم قوله بعد (كلّهم)؛ فقلت لأبي: يا أبتاه، ما بعد كلّهم؟!

قال: (كلّهم من قريش)(1) .

وحسب نص النعماني: (وتكلم الناس، فلم أفهم، فقلت لأبي..)(2) .

2 ـ عن الشعبي، عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): (لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً، يُنصرون على من ناواهم عليه إلى اثني عشر خليفة.

قال: (فجعل الناس يقومون ويقعدون)(3) .

____________

1- مسند أحمد ج5 ص99 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج13 ص34 و 37 وكتاب الغيبة للنعماني ص123 والمعجم الكبير للطبراني ج2 ص196 وراجع: الأمالي للصدوق ص387 والخصال ص475 وكمال الدين ص273 وبحار الأنوار ج36 ص231 و 241 وغاية المرام ج2 ص271.

2- الغيبة للنعماني ص121 و 122وعن عوالم العلوم ص153/106 ح16.

3- مسند أحمد ج5 ص99 وراجع ص98 و 101 والغيبة للنعماني ص105 والغيبة للطوسي ص129 وإعلام الورى ص384 و (ط مؤسسة آل البيت) ج2 ص162 والإستنصار لأبي الفتح الكراجكي ص25. وبحار الأنوار ج36 ص237 و 299 وراجع ص235 و 268 وتقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي ص418 ومنتخب الأثر ص20 وغاية المرام ج2 ص254 و 275 وراجع ص274 والخصال ص470 و 472 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص250 والملاحم والفتن لابن طاووس ص345 وصحيح ابن حبان ج15 ص45.

٩٣

زاد الطوسي: (وتكلم بكلمة لم أفهمها، فقلت لأبي، أو لأخي:..)(1) .

وفي حديث آخر عن جابر بن سمرة صرّح فيه: (أن ذلك كان في حجة الوداع)(2) .

ومن المعلوم: أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لم يحج إلا هذه الحجَّة..(3) .

____________

1- الغيبة للطوسي ص88 و 89 و (ط مؤسسة المعارف الإسلامية) ص128 و 129 وكتاب الغيبة للنعماني ص105 وإعلام الورى ص384 و (ط مؤسسة آل البيت) ج2 ص162 وبحار الأنوار ج36 ص237 و 299 وتقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي ص418 ومنتخب الأثر ص20 وغاية المرام ج2 ص254 و275.

2- مسند أحمد ج5 ص87 والثقات لابن حبان ج7 ص241.

3- راجع: السيرة الحلبية (ط سنة 1391 هـ) ج3 ص289 والسيرة النبوية لدحلان (بهامش السيرة الحلبية أيضاً) ج3 ص2 وصحيح ابن خزيمة ج4 ص352 ومسند زيد بن علي ص220 وعمدة القاري ج4 ص271 وج9 ص125 وج18 ص36 و 40 و 41 وج25 ص62 وشرح مسلم للنووي ج8 ص236 وأضواء البيان للشنقيطي ج4 ص331 والبداية والنهاية ج4 ص205 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص342 واختلاف الحديث للشافعي ص568 ومعرفة السنن والآثار ج3 ص515 وسنن النسائي ج5 ص163 ومسند أبي يعلى ج4 ص23 وعون المعبود ج5 ص135 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص342 وج5 ص6 والكافي ج4 ص244 وبحار الأنوار ج21 ص399 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص187 والتمهيد لابن عبد البر ج16 ص174.

٩٤

3 ـ عن جابر بن سمرة، قال: (خطبنا رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بعرفات؛ فقال: لا يزال هذا الأمر عزيزاً منيعاً، ظاهراً على من ناواه حتى يملك اثنا عشر، كلهم ـ قال: فلم أفهم ما بعد ـ قال: فقلت لأبي: ما قال بعد كلّهم؟

قال: (كلّهم من قريش)(1) .

وعن أبي داود وغيره: ـ وإن لم يصرّح بأن ذلك كان في عرفات ـ زاد قوله: كلّهم تجتمع عليه الأمة، فسمعت كلاماً من النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لم أفهمه، فقلت لأبي..(2) .

____________

1- مسند أحمد ج5 ص93 وفي ص96 في موضعين وص98 و 101، وكتاب الغيبة للنعماني ص123 والإكمال في أسماء الرجال ص34 و 183.

2- سنن أبي داود السجستاني ج4 ص106 و (ط دار الفكر) ج2 ص309 ومسند أبي عوانة ج4 ص400 وتاريخ الخلفاء ص10 و 11 وراجع: فتح الباري ج13 ص181 وكرر عبارة "كلهم تجتمع عليه الأمة" في ص182 و 183 و 184.

وذكرها أيضاً في: الصواعق المحرقة ص18 وفي إرشاد الساري ج10 ص273 وينابيع المودة ص444 و(ط دار الأسوة) ج3 ص289.

وراجع: الغيبة للطوسي ص88 و الغيبة للنعماني ص121 و 122 و 123 و 124 والبحار ج36 ص365 وسفينة النجاة للسرابي التنكابني ص386 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج13 ص18 وج19 ص629.

٩٥

وفي لفظ آخر: (كلهم يعمل بالهدى ودين الحق)(1) .

وفي بعض الروايات: ثم أخفى صوته، فقلت لأبي: ما الذي أخفى صوته؟

قال: قال: (كلهم من بني هاشم)(2) .

4 ـ وذكر في نص آخر: أن ذلك كان في حجة الوداع، وقال:

ثم خفي عليّ قول رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وكان أبي أقرب إلى راحلة رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) مني؛ فقلت: يا أبتاه، ما الذي خفي عليّ من قول رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ؟!

قال: يقول (كلهم من قريش).

قال: فأشهد على إفهام أبي إيّاي: قال: (كلهم من قريش)(3) .

____________

1- الخصال ج2 ص474 و (ط مركز النشر الإسلامي) ص474 وعيون أخبار الرضا "عليه‌السلام " للصدوق ج2 ص55 والبحار36 ص240 عنه وعن عيون أخبار الرضا "عليه‌السلام ". وفتح الباري ج13 ص184 وعمدة القاري ج24 ص282 وتاريخ بغداد ج4 ص258 وتاريخ مدينة دمشق ج45 ص189 والبداية والنهاية ج6 ص280 وإمتاع الأسماع ج12 ص306 وشرح إحقاق الحق ج13 ص47 وج19 ص629.

2- ينابيع المودة ص445 و (ط دار الأسوة) ج2 ص315 وج3 ص290 عن كتاب: مودة القربى للسيد علي الهمداني (المودة العاشرة) وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج13 ص30 عن مودة القربى (ط لاهور) ص445.

3- مسند أحمد ج5 ص90 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج13 ص32.

٩٦

5 ـ وبعد أن ذكرت رواية أخرى عنه حديث أن الأئمة اثنا عشر قال: ثم تكلم بكلمة لم أفهمها، وضج الناس؛ فقلت لأبي: ما قال؟(1) .

6 ـ ولفظ مسلم عن جابر بن سمرة، قال: انطلقت إلى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، ومعي أبي؛ فسمعته يقول: لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة؛ فقال كلمة صمّنيها الناس.

فقلت لأبي: ما قال؟

قال: (كلهم من قريش)(2) .

وعند أحمد وغيره: فقلت لأبي ـ أو لابني ـ: ما الكلمة التي أصمّنيها الناس؟!.

قال: (كلهم من قريش)(3) .

7 ـ وعن جابر بن سمرة قال: كنت عند النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فقال: يلي هذا الأمر اثنا عشر، فصرخ الناس؛ فلم أسمع ما قال، فقلت لأبي

____________

1- مسند أحمد ج5 ص93 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج13 ص35.

2- صحيح مسلم ج6 ص4 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج13 ص1 عنه، والعمدة لابن البطريق ص421 و (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ص418 الإكمال في أسماء الرجال ص34.

3- مسند أحمد ج5 ص101 والخصال ج2 ص470 و 472 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج13 ص39 والبحار ج36 ص235 وراجع: النهاية في اللغة ج3 ص54 ولسان العرب ج12 ص343 ونقل عن كتاب: القرب في محبة العرب ص129.

٩٧

ـ وكان أقرب إلى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) مني ـ فقلت: ما قال رسول الله؟

فقال: قال: (كلّهم من قريش، وكلهم لا يُرى مثله)(1) .

8 ـ ولفظ أبي داود: فكبر الناس، وضجوا، ثم قال كلمة خفية..(2) .

ولفظ أبي عوانة: فضج الناس.

وقد قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) كلمة خفيت عليّ..(3) .

وعلى كل حال.. فإن حديث الاثني عشر خليفة بعده (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، والذي قال فيه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) كلمة لم يسمعها جابر، وغيره ـ ممن كان حاضراً، وروى الحديث.. أو لم يفهمها، أو خفض بها صوته، أو خفيت عليه، أو نحو ذلك ـ إن هذا الحديث ـ مذكور في كثير من المصادر

____________

1- إكمال الدين ج1 ص272 ـ 273 و (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ص68 و 273 والخصال ج2 ص473 وراجع: البحار ج36 ص239.

2- سنن أبي داود ج4 ص106 و (ط دار الفكر) ج2 ص309 ومسند أحمد ج5 ص98 وفتح الباري ج13 ص181 والكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي ص95 وإرشاد الساري ج10 ص237 والبحار ج36 ص365 تاريخ بغداد ج2 ص124 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج29 ص94.

3- مسند أبي عوانة ج4 ص394 والخصال ج2 ص471 والبحار ج36 ص236 والمستدرك للحاكم ج3 ص617 والمعجم الكبير ج2 ص196 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج13 ص29 و 41.

٩٨

والمراجع، فليراجعها طالبها(1) .

ونقول:

إن ملاحظة الحدث المتقدم: تفرض على الباحث التأمل ملياً في كل ما جرى، فإنه على درجة عالية جداً من الخطورة، ونستطيع نحن أن نفتح للقارئ باب التأمل من خلال لفتات ولمحات نشير إليها ضمن العناوين التالية:

علي (عليه‌السلام ) امتداد للرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله ):

وذكرت الروايات: أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) خطب الناس في منى،

____________

1- راجع المصادر التالية: صحيح مسلم ج6 ص3 بعدة طرق، ومسند أحمد ج5 ص93 و 92 و 94 و 90 و 95 و 96 و 97 و 98 و 89 و 99 و 100 و 101 و 106 و 107 و 108 ومسند أبي عوانة ج4 ص394 وحلية الأولياء ج4 ص333 وإعلام الورى ص382 والعمدة لابن البطريق ص416 ـ 422 وإكمال الدين ج1 ص272 و 273 والخصال ج2 ص469 و 475 وفتح الباري ج13 ص181 ـ 185 والغيبة للنعماني ص119 ـ 125 وصحيح البخاري ج4 ص159 وينابيع المودة ص444 ـ 446 وتاريخ بغداد ج2 ص126 وج14 ص353 ومستدرك الحاكم ج3 ص 618 وتلخيصه للذهبي (مطبوع بهامش المستدرك) نفس الصفحة، ومنتخب الأثر ص10 ـ 23 عن مصادر كثيرة، والجامع الصحيح ج4 ص501 وسنن أبي داود ج4 ص116 وكفاية الأثر ص49 إلى آخر الكتاب، والبحار ج36 ص231 إلى آخر الفصل، وإحقاق الحق (الملحقات) ج13 ص1 ـ 50 عن مصادر كثيرة..

٩٩

وخطبهم في عرفات، ولكن قد ظهر أن ثمة فرقاً قد ظهر بين الموقفين..

فقد أظهر الله الكرامة للنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في منى.. ولم يحصل مثل ذلك في عرفات.

فقد ذكروا: أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) كان في منى يخطبهم، ويصل صوته إلى كل من كان في منى(1) .

ولكنه حين خطبهم في عرفات كان (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يخطبهم وكان علي (عليه‌السلام ) يقف في مكان آخر، ويوصل كلامه إلى من هم في الجهة الأخرى(2) .

____________

1- راجع المصادر المتقدمة في الفصل السابق.

2- راجع: مسند أحمد ج3 ص477 والبداية والنهاية ج5 ص217 وتاريخ مدينة دمشق ج18 ص4 و 5 وأسد الغابة ج2 ص155 وج5 ص11 وتهذيب الكمال ج9 ص33 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص396 وأدب الإملاء والإستملاء ص101 والسنن الكبرى للبيهقي ج2 ص343 و (ط دار الفكر) ج3 ص247 وج5 ص140 والسنن الكبرى للنسائي ج2 ص443 والمعجم الكبير ج5 ص19 وإمتاع الأسماع ج6 ص389 والمغني لابن قدامة ج1 ص624 وتحفة الأحوذي ج5 ص319 وسبل الهدى والرشاد ج7 ص312 و 314 وج8 ص212 وج9 ص138 وتلخيص الحبير لابن حجر ج4 ص621 وسنن أبي داود ج1 ص437 وج2 ص263 ونيل الأوطار ج2 ص90 وكشف اللثام (ط.ج) ج6 ص78 و (ط.ق) ج1 ص356 والمجموع للنووي ج8 ص90.

١٠٠