الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء ١

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى)0%

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 356

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: الصفحات: 356
المشاهدات: 23255
تحميل: 6140


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 356 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 23255 / تحميل: 6140
الحجم الحجم الحجم
الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى)

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء 1

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وقيل: خمس عشرة سنة"(1) .

وقال الصفوري الشافعي: "وكان إسلامه قبل أن يولد علي بن أبي طالب"(2) .

ومستندهم في ذلك، الرواية التي ذكرها الدياربكري عن ابن عباس وهي تحكي لنا قصة بحيرا، جاء في آخرها قوله: فوقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق قبل ما نبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم "(3) .

وما رووه عن أبي موسى الأشعري، من أنه لما سافر النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " مع عمه أبي طالب إلى الشام، ونزلوا على بحيرا، عرفهم بحيرا الراهب، وألح على عمه أبي طالب بأن يرجعه إلى مكة، فرده، وبعث معه أبو بكر بلالاً(4) . وتيقن أبو بكر بنبوته منذئذٍ.

____________

1- الغدير ج7 ص272.

2- نزهة المجالس ج2 ص147.

3- تاريخ الخميس ج1 ص261.

4- راجع: الثقات لابن حبان ج1 ص42 والبداية والنهاية ج2 ص285 وتاريخ الأمم والملوك( ط الإستقامة) و( ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص33 وتاريخ الإسلام ج1 ص55 وإمتاع الأسماع ج8 ص175 وكشف الخفاء ج1 ص141 وتاريخ الخميس ج1 ص258 والسيرة الحلبية ج2 ص120 وج1 ص195 والمستدرك للحاكم ج2 ص615 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص435 وتاريخ بغداد ج10 ص251 وعيون الأثر ج1 ص63 وسبل الهدى والرشاد ج2 ص140 ودلائل النبوة للأصبهاني ج1 ص381 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص4 و 5 وسنن الترمذي ج5 ص250، وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وفي السيرة النبوية لدحلان ج1 ص49: أنه رجع إلى مكة ومعه أبو بكر وبلال.

٣٤١

ونقول:

إن ذلك لا يمكن أن يصح، وذلك لما يلي:

أولاً: إنهم يقولون: إن عمر النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " آنئذٍ كان أحد عشر سنة، بل قيل: كان عمره تسع سنين(1) .

ويقولون أيضاً: إن النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " كان أسن من أبي بكر بأكثر من سنتين، وأبو بكر كان أسن من بلال بعدة سنين تتراوح ما بين خمس إلى عشر سنوات(2) .

____________

1- راجع: تاريخ الأمم والملوك( ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص33 والبداية والنهاية ج2 ص286 والسيرة الحلبية ج1 ص120 و( ط دار المعرفة) ج1 ص196 وقال: إن صاحب الهدى قد رجح هذا القول.. وراجع: بحار الأنوار ج15 ص369 والغدير ج7 ص278.

2- راجع: السيرة الحلبية ج1 ص120 و( ط دار المعرفة) ج1 ص196 لكن ذكر ابن حبان، وكذا الإصابة ج1 ص65 عن أبي نعيم، وإمتاع الأسماع ج9 ص110: أن بلالاً كان ترباً لأبي بكر.. لكن الأشهر والأكثر هو ما ذكرناه.

٣٤٢

فلعل بلالاً لم يكن ولد حين سفر النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " إلى الشام، فكيف يقال: إن أبا بكر الذي كان آنئذٍ طفلاً كان في ذلك السفر، وأنه أرسل بلالاً مع النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " كي يوصله إلى مكة؟!

ثانياً: إن بلالاً لم يكن له أي ارتباط بأبي بكر، وإنما كان يملكه أمية بن خلف، فإن كان أبو بكر قد اشتراه ـ كما يزعمون ـ فإنما حصل ذلك بعد ثلاثين عاماً من ذلك التاريخ(1) ..

وإن كنا قد قلنا: إن في الروايات ما يدل على أن النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " هو الذي اشترى بلالاً، وأن أبا بكر لم يملكه أصلاً(2) .

ثالثاً: صرح بعض المؤرخين: بأن أبا بكر لم يكن في ذلك السفر أصلاً، ولعله لأجل ذلك قال الذهبي عن هذا الحديث: أظنه موضوعاً، بعضه باطل(3) ..

وشكك فيه ابن كثير، وحكم عليه الترمذي بالغرابة. فراجع.

____________

1- راجع: تاريخ الخميس ج1 ص259 عن حياة الحيوان، عن الحافظ الدمياطي. وراجع: سيرة مغلطاي ص11.

2- راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " (الطبعة الخامسة) ج3 الفصل الأول من الباب الثالث.

3- تاريخ الخميس ج1 ص259 والسيرة الحلبية ج1 ص120 و (ط دار المعرفة) ج1 ص197.

٣٤٣

علي(عليه‌السلام) أول الصبيان إسلاماً:

وقد ذكرنا في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " بعض ما يرتبط بمقولة: أن علياً "عليه‌السلام " كان أول من أسلم من الصبيان، ليكون أبو بكر أول الرجال إسلاماً، وخديجة الأولى من النساء، والأول من الموالي زيد بن حارثة، ومن العبيد بلال(1) .

ونزيد هنا ما يلي:

أولاً: لماذا لم يستطرد من ابتدع هذه الفكرة، فيذكر لنا أول من أسلم من الأغنياء، ومن الفقراء، ومن الطوال، ومن القصار، ومن البيض، ومن السود، ومن أهل هذا البلد وذاك، ومن التجار، ومن المزارعين.. وهكذا إلى ما لا نهاية..

ثانياً: إن أولية إسلام علي "عليه‌السلام " بالنسبة لخصوص الصبيان لا تتلاءم مع اعتبار ذلك من فضائل وامتيازات أمير المؤمنين "عليه‌السلام " ومن مفاخره على رجال ونساء الأمة بأسرها.

وكان النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " أول من جعل ذلك من مفاخره. فراجع ما يرتبط بزواج فاطمة "عليها السلام"، حيث ذكر أنه زوجها أقدم الأمة إسلاماً، أو "أولهم سلماً"(2) .

____________

1- راجع كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " (الطبعة الخامسة) ج3 ص61 و (الطبعة الرابعة) ج2 ص331.

2- راجع: المناقب للخوارزمي ص106 وكشف الغمة للإربلي ج 1 ص 148 و374 والغدير للشيخ الأميني ج2 ص44 ج3 ص954 و 220 وج9 ص394 والذرية الطاهرة النبوية للدولابي ص93 و 144 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج3 ص257 وج13 ص227 وكنز العمال ج11 ص605 وج13 ص114 و 135 ومناقب الإمـام أمـير المـؤمنين "عليه‌السلام " للكـوفي ج1 ص290 والعثمانيـة = = للجاحظ ص289 وفضائل أمير المؤمنين "عليه‌السلام " لابن عقدة الكوفي ص24 و 102 وتنبيه الغافلين عن فضائل الطالبين لابن كرامة ص98 وشرح الأخبار ج2 ص360 وكنز الفوائد للكراجكي ص121 وبحار الأنوار ج38 ص19 وج43 ص136 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج4 ص151 و 152 و 155 وج15 ص325 و 338 و 339 و 340 و 410 وج20 ص271 وج22 ص142 و 153 و 186 و 256 و 359 و 360 وج23 ص526 و 529 و 537 و 611 و 614 وج31 ص268 وج32 ص46 و 211 وج33 ص324 و 326 و 327. ودفع الإرتياب عن حديث الباب ص16 وفتح الملك العلى للمغربي ص67 و 68 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص132 وأسد الغابة لابن الأثير ج5 ص520 وغاية المرام للبحراني ج5 ص179.

٣٤٤

كما أنه هو نفسه "عليه‌السلام " كان يفتخر بذلك.. فراجع الكتب التي جمعت الأحاديث حول إسلامه عليه الصلاة والسلام..

ثالثاً: إن هذه الطريقة في الجمع بين الأخبار لا توصلهم إلى تقدم إسلام أبي بكر على إسلام علي "عليه‌السلام "، وإن أوهمت ذلك.. فإن تقدم إسلام أبي بكر

٣٤٥

وزيد، وبلال، وخديجة على أمثالهم لا يمنع من أن يكون إسلام علي "عليه‌السلام " قد تقدم على إسلام هؤلاء جميعاً، وعلى الأمة بأسرها بأشهر أو بسنوات.

وقد صرح علي "عليه‌السلام ": بأنه أسلم قبل أن يسلم أبو بكر، بل صرح: بأنه صلى قبل الناس كلهم بسبع سنين كما تقدم. فمن صلى مع النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " قبل بعثته بسبع سنين، لا يمكن أن يسبقه أحد، أو أن يساويه أحد في موضوع التقدم في الإسلام..

رابعاً: حبذا لو ذكر لنا هؤلاء قائمة بالصبيان الذين أسلموا في تلك الفترة، ليكون علي "عليه‌السلام " قد تقدمهم في ذلك.

الإجماع على تقدم إسلام علي(عليه‌السلام) :

قال ابن حجر الهيثمي حول تقدم إسلام علي "عليه‌السلام ":

"قال ابن عباس، وأنس، وزيد بن أرقم، وسلمان الفارسي، وجماعة[ من الصحابة] : إنه أول من أسلم،[ حتى] ونقل بعضهم الإجماع عليه"(1) .

كما أن الحاكم بعد أن روى عن زيد بن أرقم: أن أول من أسلم مع رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " علي بن أبي طالب، قال: "هذا حديث صحيح الأسناد، وإنما الخلاف في هذا الحرف أن أبا بكر الصديق كان أول الرجال البالغين إسلاماً، وعلي بن أبي طالب تقدم إسلامه قبل البلوغ"(2) .

____________

1- الصواعق المحرقة الباب التاسع، الفصل الأول (ط مصر) ص120 و (ط بيروت) ص185 غاية المرام للسيد هاشم البحراني ج5 ص165.

2- المستدرك للحاكم النيسابوري ج3 ص136.

٣٤٦

فالحاكم يصرح: بأنه لا خلاف في تقدم إسلام علي "عليه‌السلام " على الناس أجمعين. وإنما الخلاف في تقدم إسلام أبي بكر على البالغين، لا على علي "عليه‌السلام "..

ونحن قد أثبتنا في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ": أن أبا بكر قد أسلم في السنة الخامسة أو السادسة.

وذكر في الطبري: أنه أسلم بعد أكثر من خمسين فراجع(1) .

موقف أبي طالب من إسلام علي (عليه‌السلام ):

هناك عدة نصوص تتحدث عن موقف أبي طالب من إسلام ولده علي "عليه‌السلام "، فلاحظ ما يلي:

1 ـ رووا عن علي "عليه‌السلام ": أنه حين رآه أبو طالب "عليه‌السلام " هو والنبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " ساجدين، قال: أفعلتماها؟!

قال علي: ثم أخذ بيدي، فقال: أنظر كيف تنصره. وجعل يرغبني في

____________

1- تاريخ الأمم والملوك (ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص60 والإفصاح للشيخ المفيد ص232 وكنز الفوائد للكراجكي ص124 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص289 وبحار الأنوار ج8 ص228 والغدير ج3 ص240 و 243 وج7 ص92 و 280 و 324 والبداية والنهاية ج3 ص39 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص436 ونظرة في كتاب البدايـة والنهاية للشيخ الأميني ص77 والإمام علي بن أبي طالب "عليه‌السلام " للهمداني ص544.

٣٤٧

ذلك، ويحضني عليه(1) .

وفي نص آخر: أنه لما صادف أبو طالب "عليه‌السلام " النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " وعلياً "عليه‌السلام " يصليان في بعض جبال مكة بإزاء عين الشمس، قال أبو طالب لجعفر: صل جناح ابن عمك(2) .

ومرة أخرى: رأى أبو طالب "عليه‌السلام " النبي وعلياً "صلى الله عليهما وآلهما" يصليان في المسجد، فقال لجعفر: صل جناح ابن عمك.

وهذا يدل على أن أمر أبي طالب لجعفر بصلة جناح ابن عمه قد تكرر في وقائع مختلفة(3) .

____________

1- بحار الأنوار ج38 ص206 وج34 ص360 ومناقب آل أبي طالب (المطبعة الحيدرية) ج1 ص300 وشرح الأخبار للقاضي النعمان ج1 ص179 و (ط مركز النشر الإسلامي) ج3 ص170 والغدير ج7 ص389 وإيمان أبي طالب للشيخ الأميني ص81 والغارات للثقفي ج2 ص587.

2- كنز الفوائد للكراجكي ج1 ص181 و (ط مكتبة المصطفوي ـ قم) ص124 وشرح الأخبار للقاضي النعمان ج3 ص549 وبحار الأنوار ج35 ص120 والغدير ج7 ص397 والحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب ص248 وإيمان أبي طالب للشيخ الأميني ص93.

3- راجع: روضة الواعظين ج1 ص140 و (منشورات الشريف الرضي ـ قم) ص86 و 139 و 140 والأمالي للصدوق ص597 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج8 ص288 و (ط دار الإسلامية) ج5 ص373 ومستدرك الوسائل ج6 ص455 والفصول المختارة ص171 و 283 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص301 وكتاب الأربعين للشيرازي ص493 وحلية الأبرار ج1 ص69 وبحار الأنوار ج10 ص380 وج18 ص53 و 179 وج22 ص272 وج35 ص60 و 80 و 121 و 174 وج85 ص3 وجامع أحاديث الشيعة ج6 ص406 و 463 والغدير ج7 ص356 و 357 و 394 و 396 و 397 ومستـدرك سـفـيـنـة البحـار ج6 = = ص325 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص272 وتفسير القمي ج1 ص378 ونور الثقلين ج3 ص32 والبحر المحيط ج8 ص489 وتفسير الآلوسي ج30 ص183 والدرجات الرفيعة ص69 وأسد الغابة ج1 ص287 والعثمانية للجاحظ ص315 وإعلام الورى ج1 ص103 وقصص الأنبياء للراوندي ص316 والدر النظيم ص134 وكشف الغمة ج1 ص87 ونهج الإيمان ص376 والسيرة الحلبية ج1 ص434 و 436 والحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب ص250 وإيمان أبي طالب للأميني ص36 و 37 و 88 و 90 و 92 وشرح إحقاق الحق( الملحقات) ج7 ص555.

٣٤٨

2 ـ وفي نص آخر: أن رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " كان إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب مكة، وخرج معه علي بن أبي طالب "عليه‌السلام "، مستخفياً من أبيه أبي طالب، ومن جميع اعمامه، وسائر قومه. فيصليان الصلوات فيها، فاذا أمسيا رجعا.

فمكثا كذلك ما شاء الله أن يمكثا.

٣٤٩

ثم إن أبا طالب "عليه‌السلام " عثر عليهما يوماً وهما يصليان، فقال لرسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ": يا ابن أخي، ما هذا الدين الذي أراك تدين به؟

قال: أي عم، هذا دين الله، ودين ملائكته، ودين رسله، ودين أبينا ابراهيم.

3 ـ وذكروا أنه قال لعلي "عليه‌السلام ": أي بني، ما هذا الدين الذي أنت عليه؟

فقال: يا أبت آمنت بالله، وبرسول الله، وصدقته بما جاء به، وصليت معه لله، واتبعته.

فزعموا أنه قال له: أما إنه لم يدعك إلا إلى خير، فالزمه.

4 ـ وفي لفظ عن علي "عليه‌السلام ": إنه لما أسلم قال له أبو طالب: الزم ابن عمك فإنك تسلم به من كل بأس، عاجل وآجل.

ثم قال لي:

إن الوثيـقـة في لزوم محمدٍ

فاشدد بصحبتـه علي يديكا(1)

____________

1- الغدير ج7 ص355 و 356 وإيمان أبي طالب للأميني ص36 وبحار الأنوار ج35 ص120 و 163 وج38 ص207 و 323 والدرجات الرفيعة ص54 والحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب ص242 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص75 وراجع ص52 و 53 وج13 ص200 وراجع: الإصابة ج7 ص198 وعيون الأثر ج1 ص125 ومجمع البيان ج5 ص113 ونور الثقلين ج2 ص256 وتفسير الثعلبي ج5 ص84 والجوهرة في نسـب الإمام علي وآله ص11 وتاريخ الأمم والملوك (ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص58 ومطالب السؤول ص64 وسبل الهدى والرشاد ج2 ص301 والسيرة الحلبية ج1 ص436 وغاية المرام ج5 ص154 وشرح إحقاق الحق ج22 ص620 وج23 ص525 وج30 ص624 وج33 ص216 ومناقب آل أبي طالب (المطبعة الحيدرية) ج1 ص301 والسيرة النبوية لابن هشام (ط مكتبة محمد علي صبيح) ج1 ص163.

٣٥٠

5 ـ وروا: أن النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " لما أنزل عليه الوحي أتى المسجد الحرام وقام يصلي فيه، فاجتاز به علي "عليه‌السلام " وكان ابن تسع سنين فناداه: يا علي! إلي، أقبل.

فأقبل إليه ملبياً، فقال له النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ": إني رسول الله إليك خاصة وإلى الخلق عامة، فقف عن يميني وصل معي.

فقال: يا رسول الله، حتى أمضي وأستأذن أبا طالب والدي.

فقال له: إذهب، فإنه سيأذن لك.

فانطلق إليه يستأذنه في اتباعه، فقال: يا ولدي، تعلم أن محمداً أمين الله منذ كان. إمض إليه واتبعه ترشد وتفلح.

فأتى علي "عليه‌السلام " ورسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " قائم يصلي في المسجد، فقام عن يمينه يصلي معه، فاجتاز أبو طالب بهما وهما يصليان. فقال: يا محمد ما تصنع؟!

٣٥١

قال: أعبد إله السماوات والأرض، ومعي أخي علي يعبد ما أعبد، وأنا أدعوك إلى عبادة الواحد القهار.

فضحك أبو طالب حتى بدت نواجذه، وأنشأ يقول:

والله لن يصلوا اليـك بجمعهم

حتى أغيَّب في الـتراب دفينــا

إلى آخر الأبيات(1) .

ونقول:

إننا نسجل هنا الملاحظات التالية:

1 ـ إن النصوص الأربعة الأول منسجمة كل الإنسجام، والإختلاف في طبيعة ما قاله أبو طالب لولده لا يضر، فلعله "رحمه‌الله " قد ذكر أكثر من مطلب، فاقتصر بعض الرواة على هذه الخصوصية، وبعضهم على تلك.. أو أن بعضهم نقل النص بالمعنى.

2 ـ إن النصوص الأربعة الأولى، لا تنافي النص الأخير، لأن هذا النص يتحدث عن أن النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " إنما طلب من علي "عليه‌السلام " أن يصلي معه في المسجد الحرام ظاهراً لكل أحد..

فأراد "عليه‌السلام " أن يجمع بين امتثال أمر الرسول "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " وبين التأدب مع أبيه بإعلامه وإلا.. فإن قبول الدين الحق لا يحتاج إلى

____________

1- الغدير للأميني ج7 ص356 عن أبي بكر الشيرازي في تفسيره، ومناقب آل أبي = = طالب (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص301 وبحار الأنوار ج38 ص207 وإيمان أبي طالب للأميني ص37.

٣٥٢

إذن أحد..

ولأنه أراد أن يعلم أباه لكي يعرف كيف يتصرف لو تطورت الأمور، بسبب رعونة قريش.

ويشهد لذلك ما ذكرته الرواية من أن أبا طالب قال في هذه المناسبة:

والله لن يصلوا اليـك بجمعهم

أحــــــــــــــ حتى أغيَّ s ب في التراب دفيـنــا ــب

فليس في استمهال علي "عليه‌السلام " رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " لاستئذان أبيه أية دلالة على تردده في طاعة رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم "، أو تردده في قبول ما يعرضه النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ".

ويشهد لما نقول: قول علي "عليه‌السلام " إنه قد صلى لله تعالى مع رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " قبل أن يصلي أحد من الأمة سبع سنين وأشهراً..

3 ـ اللافت هنا قول أبي طالب لولده علي "عليه‌السلام ": "أنظر كيف تنصره". ولم يقل له: انصره.. فإن نصرة علي "عليه‌السلام " لرسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " محرزة في نظر أبي طالب "عليه‌السلام "، ولكنه يريدها نصرة قائمة على التدبر والوعي، وتقدير الأمور، وليست نصرة عشوائية ربما يكون ضررها أكثر من نفعها..

وهذا يدل على بعد نظر أبي طالب "عليه‌السلام "، ومدى دقته وحكمته، ونظره للعواقب..

4 ـ لا ندري مدى صحة ما ورد في الرواية رقم (2) من أن علياً كان

٣٥٣

يستخفي بصلاته عن أبيه، وسائر أعمامه.. إذ لا مبرر لاستخفائه بصلاته من أبيه، إلا إن كان رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " قد أمره بذلك لمصلحة رآها، وهي أن لا يحرج أباه أمام قريش، إذا ظهر لها أن أبا طالب يدبر ويشارك في هذا الأمر، وأنه يخدعهم بذلك. فيكون هذا التدبير ظاهرياً وليس حقيقياً. وإلا، فإن أبا طالب هو الذي جعل ولده مع النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم "، وكان يرى منهما الكرامات والمعجزات التي تبين له أن لهما شأناً..

بل في النصوص ما يدل على أن أبا طالب "عليه‌السلام " كان يعلم بذلك منذ ولادة علي "عليه‌السلام "، ومنذ تزويج النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " بخديجة صلوات الله عليها، وقد صرح أبو طالب بذلك في خطبة الزواج، فراجع..

5 ـ إنه "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " قال لعلي "عليه‌السلام ": "إني رسول الله إليك خاصة، وإلى الخلق عامة". وهذا يدل على أمرين:

أولهما: أن علياً لم يكن حكمه حكم الأطفال، رغم صغر سنه، بل هو مكلف ومطالب بما يطالب به الكبار البالغون.

الثاني: إن إسلامه "عليه‌السلام " يوازي اسلام الأمة بأسرها، لأن الله بعث رسوله إليه خاصة، وإلى الأمة عامة، وان لله عناية خاصة به، دون سائر الخلق. فلولا علم الله تعالى بما سيكون له من أثر في هذا الدين، أو بموقعه فيه لم يكن الأمر كذلك.

6 ـ قوله في الرواية المتقدمة رقم (2): فمكثا ما شاء الله ان يمكثا..

٣٥٤

يدل على أن الفاصل بين اسلام جعفر "عليه‌السلام "، وبين بعثة النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " كان طويلاً.. ويتعاضد هذا مع ما سيأتي في حديث إسلام أبي ذر، وحديث انذار العشيرة من أن علياً وخديجة قد اسلما قبل أن يسلم أحد غيرهما بعدة سنوات.

٣٥٥

الفهرس

الصحيح من سيرة الإمام علي ( عليه‌السلام ) 1

القسم الأول:41

الباب الأول:43

الفصل الأول:45

الفصل الثاني:75

الفصل الثالث:106

الفصل الرابع:138

الفصل الخامس:170

الفصل السادس:212

الفصل السابع:245

الفصل الثامن:278

ملحق الفصل الثامن 300

ملحق الفصل الثامن 312

الباب الثاني:324

الفصل الأول:326

الفهرس 356

٣٥٦