الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء ١

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى)0%

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 356

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: الصفحات: 356
المشاهدات: 23257
تحميل: 6140


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 356 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 23257 / تحميل: 6140
الحجم الحجم الحجم
الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى)

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء 1

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

شوائب في بعض الروايات عن الولادة:

قال الكراجكي "رحمه‌الله ": روى المحدثون، وسطر المصنفون: أن أبا

طالب وامرأته فاطمة بنت أسد "رضوان الله عليهما" لما كفلا رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " استبشرا بغرته، واستسعدا بطلعته، واتخذاه ولداً، لأنهما لم يكونا رزقا من الولد أحداً.

ثم إنه نشأ أشرف نشوء، وأحسنه، وأفضله، وأيمنه، فرأى فاطمة، ورغبتها في الولد، فقال لها: يا أمه، قربي قرباناً لوجه الله تعالى خالصاً، ولا تشركي معه أحداً، فإنه يرضاه منك ويتقبله، ويعطيك طلبك ويعجله.

فامتثلت فاطمة أمره، وقربت قرباناً لله تعالى خالصاً، وسألته أن يرزقها ولداً ذكراً، فأجاب الله تعالى دعاءها، وبلغها مناها، ورزقها من الأولاد خمسة: عقيلاً، ثم طالباً، ثم جعفراً، ثم علياً، ثم أخته المعروفة بأم هاني الخ..(1) .

وبعد أن ذكرت الرواية: أنها ولدت علياً "عليه‌السلام " في النصف من شهر رمضان، فسر به النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم "، وأمرها أن تجعل مهده جانب فرشته. وكان يلي أكثر تربيته، ويراعيه في نومه ويقظته، ويحمله على صدره وكتفه، ويحبوه بألطافه وتحفه، ويقول:

"هذا أخي وصفيي، وناصري، ووصيي".

فلما تزوج النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " خديجة أخبرها بوجدها (الصحيح: بوجده) بعلي "عليه‌السلام " ومحبته، فكانت تستزيده وتزينه، وتحليه وتلبسه، وترسله مع ولائدها، ويحمله خدمها، فيقول الناس: هذا أخو محمد "صلى الله

____________

1- بحار الأنوار ج35 ص39 ـ 40 وكنز الفوائد للكراجكي ص115.

٦١

عليه وآله"، وأحب الخلق إليه، وقرة عين خديجة الخ.."(1) .

ونقول:

أولاً: إن هذه الرواية تقول: إن رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " هو الذي أشار على فاطمة بنت أسد بتقريب القربان لله، وطلب الولد، ففعلت، فولد لها طالب وعقيل و.. و.. مع أنه يلاحظ:

ألف: إن طالباً كان في سن رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم "، وقد ولد سنة ولادة النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ".

وحين تحول النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " إلى بيت أبي طالب كان عمره "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " ثمان سنين.

وهذا هو نفس عمر طالب آنئذ..

ب: إن علياً "عليه‌السلام " كان الأصغر بين إخوته وطالب هو الأكبر. وهؤلاء الإخوة هم: طالب، وعقيل، وجعفر، وكان بين كل واحد من هؤلاء وبين الذي يليه عشر سنوات، فيكون أكبرهم وهو طالب قد ولد سنة ولادة النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " في عام الفيل.

وعقيل ولد بعد عام الفيل بعشر سنوات.

وجعفر ولد بعد عام الفيل بعشرين سنة.

وعلي "عليه‌السلام " ولد بعد عام الفيل بثلاثين سنة.

____________

1- بحار الأنوار ج35 ص43 وكنز الفوائد ص116 و 117.

٦٢

وبعث النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " في سن الأربعين..

ويدل على ذلك النصوص التالية:

1 ـ قال ابن عبد البر: "كان جعفر أكبر من علي "عليه‌السلام " بعشر سنين.

وكان عقيل أكبر من جعفر بعشر سنين.

وكان طالب أكبر من عقيل بعشر سنين"(1) .

2 ـ وقال الزبير بن بكار: "ولد أبو طالب بن عبد المطلب: طالباً، وعقيلاً، وجعفراً، وعلياً "عليه‌السلام ". كل واحد منهم أسن من صاحبه بعشر سنين على الولاء. وأم هاني، وجمانة بنت أبي طالب. وأمهم كلهم فاطمة بنت أسد"(2) .

____________

1- الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج1 ص210 و (ط دار الجيل سنة 1412هـ) ج1 ص242 وأسد الغابة لابن الأثير ج3 ص422 والوافي بالوفيات للصفدي ج21 ص177 وبحار الأنوار ج22 ص275 وج42 ص110 والمعارف ص230 وذخائر العقبى ص207 ومستدركات علم رجال الحديث ج4 ص286 والبداية والنهاية ج8 ص52 وعقيل بن أبي طالب للأحمدي الميانجي ص21.

2- المستدرك للحاكم النيسابوري ج3 ص576 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص8 وراجع: ج41 ص8 و 9 والمناقب للخوارزمي ص46 ونسب قريش لمصعب الزبيري ص39 و 40 والأنوار العلوية ص14 وشرح إحقاق الحق ج30 ص132.

٦٣

3 ـ وقال ابن سعد عن عقيل: "كان أسن بني أبي طالب بعد طالب.

وكان عقيل أسن من جعفر بعشر سنين، وكان جعفر أسن من علي "عليه‌السلام " بعشر سنين، فعلي "عليه‌السلام " كان أصغرهم سناً، وأولهم إسلاماً"(1) .

4 ـ ويقول الجاحظ: "ومن العجائب: أنها ولدت أربعة كلهم أسن من الآخر بعشر سنين: طالب، وعقيل، وجعفر، وعلي "عليه‌السلام ".."(2) .

وهذا الأمر مذكور في مختلف المصادر(3) .

____________

1- تاريخ مدينة دمشق ج41 ص9 و 24 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص42 و 43 و 44.

وراجع: بحار الأنوار ج42 ص115 وعمدة القاري ج9 ص227 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج11 ص250 وأسد الغابة ج1 ص287 وتهذيب الكمال ج20 ص236 والسيرة الحلبية ج2 ص791.

2- آثار الجاحظ ص234 و 235 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج15 ص278.

3- راجع: بحار الأنوار ج42 ص115 و 120 و 121 والبحر الرائق لابن نجيم ج2 ص430 وشرح الأخبار للقاضي النعمان ج1 ص188 وج3 ص214 وعمدة الطالب لابن عنبة ص58 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص121 وتاريخ مدينة دمشق ج41 ص8 وتهذيب الكمال للمزي ج5 ص51 والتنبيه والإشراف للمسعودي ص259 والوافي بالوفيات ج11 ص71 والبداية والنهاية ج7 ص249.

٦٤

وهو مروي عن ابن عباس أيضاً(1) .

فتلخص أن ما قالته الرواية المتقدمة من أن عقيلاً كان أكبر من طالب، لا يصح، لأن طالباً كان هو الأكبر، كما دلت عليه النصوص التي ذكرناها آنفاً.

ثانياً: إذا راجعنا الرواية المشار إليها في مصادرها، فسنجد أنها تذكر:

أن أول من آمن بالنبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " من النساء خديجة، ومن الذكور أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه‌السلام "، وعمره يومئذ عشر سنين"(2) .

____________

1- الخصال ج1 ص181 وبحار الأنوار ج42 ص121 وج35 ص7 والمناقب للخوارزمي ص46 وكشف الغمة ج1 ص122 والفصول المهمة لابن الصباغ ج1 ص169 و 170 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج33 ص231.

2- بحار الأنوار ج18 ص229 وج35 ص44 وج38 ص237 و 273 وج108 ص257 والغدير ج3 ص235 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص114 وتهذيب الكمال للمزي ج20 ص481 والعثمانية للجاحظ ص296 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص57 و 58 و 59 والمناقب للخوارزمي ص51 وكشف الغمة للإربلي ج3 ص150 ونهج الإيمان لابن جبر ص166 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص431 وبناء المقالة الفاطمية للسيد ابن طاووس ص61 وتاريخ الإسلام للذهبي ج1 ص127 والبداية والنهاية ج3 ص35 و 36 وإمتاع الأسماع للمقريزي ج9 ص95 وسيرة ابن إسحاق ج2 ص120 والسيرة النبوية لابن = = هشام ج1 ص162 والإستيعاب ج3 ص1093 والدرر لابن عبد البر ص38 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص121 وج13 ص235 وتفسير الثعلبي ج5 ص83 و 84 وتفسير البغوي ج2 ص321 والإكمال في أسماء الرجال للخطيب التبريزي ص127 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص21 والثقات لابن حبان ج1 ص52 وتاريخ مدينة دمشق ج19 ص354 وج30 ص35 و 44 و 45 وأسد الغابة ج4 ص17 وروضة الواعظين للفتال النيسابوري ص85 والفصول المختارة للشريف المرتضى ص266 وكنز الفوائد للكراجكي ص117 وغاية المرام للسيد هاشم البحراني ج5 ص154 ونظرة في كتاب البداية والنهاية للأميني ص64 وتنبيه الغافلين لابن كرامة ص82 وإعلام الورى ج2 ص104 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج7 ص512 و 543 و 544 و 546 وج17 ص383 و 384 و 387 و 389 و 392 و 397 وج22 ص145 و 148 و 610 و 611 وج23 ص534 و 538 وج30 ص541 و 542 و 543 و 544 وراجع: الخلاف للشيخ الطوسي ج3 ص593 وتذكرة الفقهاء (ط.ق) ج2 ص274 ومغني المحتاج للشربيني ج4 ص208 وج9 ص211 وخلاصة عبقات الأنوار ج7 ص100.

مع أن الحقيقة هي: أن علياً "عليه‌السلام " قد ولد مؤمناً، وشهد الشهادتين فور ولادته، كما صرحت به الروايات. بالإضافة إلى شواهد أخرى تدل على أن علياً "عليه‌السلام " كان مؤمناً بالله ورسوله "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " منذ صغره، وهذا ما دل عليه الحديث الذي يقول: إنه "عليه‌السلام " صلى قبل

٦٥

الناس بسبع سنين، قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة(1) .

وقد دلت الروايات الكثيرة الأخرى على ذلك أيضاً..

بل إن الرواية نفسها تقول: إنه "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " في ابتداء طروق

____________

1- مستدرك الحاكم ج3 ص112 والخصال للشيخ الصدوق ص402 والعمدة لابن البطريق ص64 و 220 والطرائف للسيد ابن طاووس ص20 و 70 وذخائر العقبى ص60 والصراط المستقيم ج1 ص235 وبحار الأنوار ج38 ص209 و 239 و 253 و 269 ومناقب أهل البيت "عليهم السلام" للشيرواني ص156 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص498 والآحاد والمثاني للضحاك ج1 ص148 وكتاب السنة لعمرو بن أبي عاصم ص584 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص107 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص200 ومجمع البيان للطبرسي ج5 ص113 ونور الثقلين ج2 ص256 وتفسير الثعلبي ج5 ص85 والبداية والنهاية ج3 ص36 وكشف الغمة للإربلي ج1 ص88 ونهج الإيمان لابن جبر ص168 و 428 و 516 وكشف اليقين للعلامة الحلي ص167 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص432 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي "عليه‌السلام " لابن الدمشقي ج1 ص70 وكنز العمال (ط الهند) ج6 ص394 عن ابن أبي شيبة، وأبي نعيم، والنسائي في الخصائص، وابن مردويه، والطبراني، وأحمد وأبي يعلي في مسنديهما. وثمة مصادر كثيرة ذكرنا شطراً منها في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " (الطبعة الخامسة) ج3 ص50 وج4 ص230 و (الطبعة الرابعة) ج2 ص321 وج4 ص45.

٦٦

الوحي إليه، كلما هتف به هاتف، أو سمع من حوله رجفة راجف، أو رأى رؤيا، أو سمع كلاماً، يخبر بذلك خديجة وعلياً "عليهما‌السلام "، ويستسرهما هذه الحال، فكانت خديجة تثبته، وتصبّره، وكان علي "عليه‌السلام " يهنئه ويبشره، ويقول له:

"والله يا ابن عم، ما كذب عبد المطلب فيك، ولقد صدقت الكهَّان فيما نسبته إليك، ولم يزل كذلك إلى أن أمر "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " بالتبليغ"(1) .

فذلك كله يعطي: أن علياً "عليه‌السلام " عاش أجواء الوحي والنبوة من أول يوم فتح عينيه فيه على الحياة، ولم تزل تظهر له دلائل النبوة ونفحاتها ساعة بعد ساعة..

غير أن لنا تحفظاً على القول بأن خديجه كانت تثبته وتصبره. فإنه "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " لا يحتاج إلى ذلك.

وقد ذكر المعتزلي: أن سنة ولادة علي "عليه‌السلام " هي السنة التي بدئ فيها رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم "، فأسمع الهتاف من الأحجار، والأشجار، وكشف عن بصره فشاهد أنواراً وأشخاصاً، ولم يخاطب فيها بشيء.

وكان "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " يتيمن بتلك السنة، وبولادة علي "عليه‌السلام " فيها، ويسميها سنة الخير والبركة(2) .

____________

1- كنز الفوائد للكراجكي ص117 وبحار الأنوار ج35 ص44.

2- راجع: شرح نهج البلاغـة للمعتزلي ج4 ص115 وبحـار الأنـوار ج39 ص328 = = ومستدرك سفينة البحار ج7 ص379 والإمام علي بن أبي طالب للهمداني ص147.

٦٧

على أننا قد ذكرنا: في كتابنا الصحيح من سيرة النبي الأعظم "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ": أن النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " نبي منذ صغره.

وفي الروايات: أن علياً "عليه‌السلام " نطق بالشهادتين فور ولادته(1) .

ويؤيد ذلك: ما ورد من أن في علي "عليه‌السلام " سبعين خصلة من خصال الأنبياء، أو أن فيه سُنَّةَ ألف نبي.. وورد أنه لم يؤت نبي شيئاً إلا وأوتي علي وبنوه مثله، أو أفضل منه. ومنها تكلم عيسى في المهد، وإيتاء يحيى العلم صبياً.

ثالثاً: قد أظهر نص الرواية التي هي موضع البحث: أن النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " قد تزوج خديجة بعد مدة من ولادة علي "عليه‌السلام "..

فإن كان النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " قد تزوج خديجة قبل بعثته بثلاث أو بخمس سنوات.. كما تشير إليه بعض الأقوال. فلا إشكال، وهذا يعني: أن زينب زوجة أبي العاص بن الربيع، ورقية وأم كلثوم اللتين تزوجهن ابنا

____________

1- روضة الواعظين ص79 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص173 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص22 وبحار الأنوار ج35 ص11 و 14 و 104 وج38 ص125. والدر النظيم ص232 والفضائل لابن شاذان ص136 و (ط المكتبة الحيدرية سنة 1381هـ) ص58 وجامع الأخبار ص57 و 58 ومعارج اليقين للسبزواري ص58 والأنوار العلوية ص33 و 37.

٦٨

أبي لهب، ثم عثمان بن عفان، لم يكنّ بنات لرسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم "..

وإن كان قد تزوجها قبل بعثته "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " بخمس عشرة سنة، كما يحاول الكثيرون أن يصروا عليه، وأن يسوِّقوا له.. فلا يصح ما ذكرته الرواية: من أن اقتران النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " بخديجة كان بعد ولادة علي "عليه‌السلام "؛ لأن علياً "عليه‌السلام " قد ولد حسب نص الرواية نفسها قبل البعثة بعشر سنوات فقط..

رابعاً: ما ذكرته الرواية: من أن علياً "عليه‌السلام " قد ولد في النصف من شهر رمضان، مخالف لما هو مشهور ومعتمد. ومعروف لدى كل أحد، من أنه "عليه‌السلام " قد ولد في الثالث عشر من شهر رجب، وقد دلت عليه الروايات أيضاً.

ولادة الأئمة( عليهم‌السلام ) في روايات الغلاة:

روي كما في بعض المصادر: "إنَّا معاشر الأوصياء لسنا نحمل في البطون، وإنما نحمل في الجنوب، ولا نخرج من الأرحام، وإنما نخرج من الفخذ الإيمن، لأننا نور الخ.."(1) .

وروي: أن فاطمة "عليها‌السلام " ولدت الحسن والحسين "عليهما

____________

1- بحار الأنوار ج51 ص26 والهداية الكبرى ص355 وعيون المعجزات لحسين بن عبد الوهاب ص128 ومدينة المعاجز للسيد هاشم البحراني ج8 ص22 ودلائل الإمامة لمحمد بن جرير الطبري (الشيعي) ص500.

٦٩

السلام" من فخذها الأيمن، وأم كلثوم وزينب من فخذها الأيسر(1) .

وهذه الرواية لا يصح الإعتماد عليها، بل يكذبها الواقع العملي لأمهات المعصومين "عليهم السلام"، لأنهن ـ كما نقرأ في كتب السيرة ـ كانت تبدو عليهن آثار الحمل في بطونهن، وكان يأتيهن الطلق، وكان يساعدهن في الولادة بعض النساء (قابلة أو غيرها) دون أن يلاحظن وجود هكذا أمور.

على أن الروايات تضمنت أن نساءهم كن يتولين أمر نسائهم، ولم يكن يسمح لغيرهن بالدخول في هذا الأمر، مبالغة في الستر وحفظاً لمعنى الكرامة والقداسة..

وورد أيضاً أنهم، كانوا يرون نوراً تضيء به الغرفة. والإمام يولد ساجداً، وطاهراً مطهراً.

هذه هي بعض الفوارق والتي لوحظت؛ وذكرتها النساء الحاضرات حين الولادة.. ولم يذكرن: أن الولادة كانت من الفخذ الأيمن أو الأيسر.

سؤال.. وجوابه:

ولكن لماذا أودع علماؤنا أمثال هذه الروايات التي لا تثبت أمام النقد

____________

1- الهداية الكبرى ص180 وعيون المعجزات لحسين بن عبد الوهاب ص51 ومدينة المعاجز للسيد هاشم البحراني ج3 ص226 وبحار الأنوار ج43 ص256 والخصائص الفاطمية للكجوري ج2 ص600.

٧٠

في مصنفاتهم؟!

ونجيب بما يلي:

1 ـ إن الأحاديث في أن النبي وأهل البيت "عليهم السلام" أنوار، متواترة من حيث المعنى بلا ريب. ونحن نقرأ في الزيارة:

"أشهد أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة، والأرحام المطهرة. لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها، ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها"(1) .

وهو يدل على أن الحمل كان في الأرحام، لا في غيرها.

2 ـ إن هذه الرواية لا اعتبار بها من حيث السند، فإنها من رواية الحسين بن حمدان، وهو من رؤساء الغلاة(2) .

لكن ذلك لا يعني كذب كل ما يرويه غير الثقة، ولا يمكن نفي مضمونه بصورة قاطعة. ولكن لا يمكن أيضاً الحكم بثبوت المضمون الذي

____________

1- مصباح المتهجد للطوسي ص721 و 789 وتهذيب الأحكام للطوسي ج6 ص114 والمزار لابن المشهدي ص422 و 431 و 515 وإقبال الأعمال لابن طاووس ج3 ص103 و 129 والمزار للشهيد الأول ص124 و 157 و 187 والمصباح للكفعمي ص490 و 502 وبحار الأنوار ج97 ص187 وج98 ص200 و 260 و 332 و 353 وجامع أحاديث الشيعة ج12 ص430 واللهوف في قتلى الطفوف لابن طاووس ص7.

2- وقد تحدثنا عن بعض ما يتصل بهذا الرجل في كتابنا "ربائب الرسول "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ".. قل: هاتوا برهانكم" فراجع.

٧١

يرويه غير الثقة استناداً إلى خصوص قوله.

والمضمون هنا وإن كان مما يمكن حصوله في نفسه، رعاية لبعض المصالح.. لكن الدليل لا يكفي لإثبات هذا الحصول، بل الشواهد والمؤيدات تشير إلى خلافه كما تقدم.

3 ـ لعل المقصود بالحمل في الجنوب هو: أن الحمل لا يظهر على نسائهم "عليهم السلام"، لأنه يتحرك إلى الجنب، في داخل الرحم، ولا يتحرك إلى مقدم البطن، حتى لا يسبب ظهوره أي إحراج للأم الطاهرة أمام أولادها، ومعارفها، فيكون هذا من صنع الله تعالى لها ولهم، كرامة منه، واحتفاءً، وفضلاً، ولذلك خفي الحمل بالحجة "صلوات الله وسلامه عليه" على أعدائه، لطفاً منه تعالى، وتأييداً وتسديداً..

4 ـ ولو أغمضنا النظر عن كل ما ذكرناه، فلا بد أن نقول:

لو صح أن الولادة كانت من الفخذ الأيمن، ولم يكن من زيادات الغلاة، فلا بد من رد علمه إلى أهله..

أول هاشمي ولد من هاشميين:

لقد ولد أمير المؤمنين "عليه‌السلام " ـ وهو الشخصية الأولى بعد الرسول، وتربى في حجر الوحي، وارتضع لبان النبوة ـ من أبوين قرشيين هاشميين، هما: أبو طالب، شيخ الأبطح، وفاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف.

وقال الكليني وغيره: (وهو أول هاشمي ولده هاشم مرتين) وقريب

٧٢

منه غيره(1) .

وعلق المجلسي: بأن أخوته طالباً، وعقيلاً، وجعفر قد ولدوا قبله من هذين الهاشميين.

وقول التهذيب وغيره: (في الإسلام).. لا يصحح ذلك؛ إذ لو كان مرادهم أنه ولد بعد البعثة فهو لا يصح، للاتفاق على أنه ولد قبلها.

ولو كان المراد: أنه الوحيد الذي ولد بعد ولادة الرسول، فهو كذلك لا يصح، لأن أكثر إخوته قد ولدوا بعد ولادة النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم "، مع أنه اصطلاح غريب غير معهود(2) .

والصحيح: أن يقال كما قال المعتزلي، والشهيد، وغيرهما: "وأمه أول هاشمية ولدت لهاشمي"(3) .

____________

1- الكافي ج1 ص376 ونسب قريش لمصعب الزبيري ص17 وتهذيب الأحكام ج6 ص19 وبحار الأنوار ج35 ص5 عنه، وعن الكافي، وأسد الغابة ج4 ص16 وج5 ص517 والفصول المهمة لابن الصباغ ص13.

2- راجع: بحار الأنوار ج35 ص6.

3- بحار الأنوار ج21 ص63 وج35 ص181 و 6 عن الدروس للشهيد، وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص13 وج15 ص72 و 278 والبدء والتاريخ ج5 ص71 ونسب قريش لمصعب ص40 ونزهة المجالس ج2 ص165 ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (مخطوط في مكتبة طوپ قپوسراي) رقم 1 ـ 497 أ الورقة 19 وذخائر العقبى ص55 والمعارف لابن قتيبة ص88 و (ط دار المعارف) ص120 و 203 ورسائل = = المرتضى ج4 ص93 والمجموع للنووي ج1 ص348 وشرح الأخبار ج3 ص214 والعمدة لابن البطريق ص28 ونظم درر السمطين ص80 وتاريخ بغداد ج1 ص143 وتاريخ مدينة دمشق ج41 ص9 وج42 ص8 و 9 و 14 و 574 وأسد الغابة ج5 ص517 وعمدة الطالب لابن عنبة ص30 والمستدرك للحاكم ج3 ص108 وشرح مسلم للنووي ج14 ص51 ومجمع الزوائد ج9 ص100 وفتح الباري ج7 ص57 وعمدة القاري ج2 ص147 وج16 ص214 وتحفة الأحوذي ج10 ص144 والمعجم الكبير للطبراني ج1 ص92 والإستيعاب ج3 ص1089 و 1891 والفايق في غريب الحديث ج2 ص174 وتهذيب الكمال ج20 ص473 وسير أعلام النبلاء ج2 ص118 والإصابة ج8 ص269 والأعلام للزركلي ج5 ص130.

٧٣

٧٤

الفصل الثاني:

وليد الكعبة..

٧٥
٧٦

ولادة علي(عليه‌السلام) في الكعبة:

قد تقدم: أن أمير المؤمنين "عليه‌السلام " ولد في الكعبة.

وذكر الحاكم: أن الأخبار قد تواترت بأن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه‌السلام " في جوف الكعبة(1) .

ولم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت الله تعالى سواه(2) .

____________

1- المستدرك على الصحيحين ج3 ص483 والغدير للأميني ج6 ص22 عن إزالة الخفاء للدهلوي. ونزهة المجالس للصفوري الشافعي (ط سنة 1310 هـ) ج2 ص165 والإمام علي بن أبي طالب "عليه‌السلام " لأحمد الرحماني الهمداني ص525 وخصائص الوحي المبين لابن البطريق ص24 والإكمال في أسماء الرجال للخطيب التبريزي ص50 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه‌السلام " في الكتاب والسنة والتاريخ ج1 ص72 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج7 ص489 وج17 ص364 و 365 وج30 ص175.

2- راجع: كفاية الطالب ص407 وكشف الغمة للأربلي (نشر المجمع العالمي لأهل البيت "عليهم السلام" سنة 1426 هـ) ج1 ص123 والإرشـاد للمفيد ج1 ص5 وكشف اليقين (تحقيق حسين دركَاهي) ص194 وعمدة الطالب لابن = = عنبة ص58 والغدير ج6 ص22 و 24 والفصول المهمة لابن الصباغ ج1 ص171 و 172 والمستجاد من كتاب الإرشاد (المجموعة) للحلي ص4 والعمدة لابن البطريق ص24 وخصائص الأئمة للشريف الرضي ص39 وإعلام الورى ج1 ص306 ونور الأبصار ص67 وتاج المواليد (المجموعة) للطبرسي ص12 والإمام علي بن أبي طالب "عليه‌السلام " لأحمد الرحماني الهمداني ص526 وتاريخ الكوفة للسيد البراقي ص429 وأعيان الشيعة ج1 ص323 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه‌السلام " في الكتاب والسنة والتاريخ ج1 ص73 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج30 ص175.

وسائر المصادر ذكرناها في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " ج2 ص246 ـ 450 فراجع.

٧٧

وعن الإمام السجاد "عليه‌السلام ": إن فاطمة بنت أسد كانت في الطواف، فضربها الطلق، فدخلت الكعبة، فولدت أمير المؤمنين "عليه‌السلام " فيها(1) .

وسيأتي عن قريب إن شاء الله تعالى حديث عن السبب في اختصاصه "عليه‌السلام " بهذه الفضيلة.

وكان رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم " يتيمن بتلك السنة وبولادة علي

____________

1- روضة الواعظين ص81 وراجع: مدينة المعاجز ج1 ص46 و 47 وراجع: الأمالي للطوسي ج2 ص317 و 318.

الصفحة 81

"عليه‌السلام " فيها، ويسميها سنة الخير، وسنة البركة(1) .

علي(عليه‌السلام) سجد لله لا للأصنام:

ومن أغرب ما سمعناه هنا: ما أشكل به بعض الناس على الروايات التي تذكر سجود علي "عليه‌السلام " في جوف الكعبة حين ولادته.

قال: فقد كانت الأصنام في جوف الكعبة، فيكون سجود علي "عليه‌السلام " لها..

ونقول:

أولاً: إن الله عز وجل لم يطلع هذا القائل الغريب الأطوار على غيبه هذا، ولا أخبره به نبي، ولا وصي.. وإذا كان السجود من هذا الطفل لا يكون إلا بتدخل إلهي، يهدف إلى إظهار الكرامة له "عليه‌السلام "، فالله لا يصنع الكرامة لعلي، لكي يعظم الأصنام، بل ليكون تعظيمه له تبارك وتعالى دون سواه.

ثانياً: يضاف إلى ذلك: أن النية هي التي تعين من يكون السجود له، ولم يطلع الله أحد على تفصيل نية علي "عليه‌السلام " في سجوده آنئذ..

ثالثاً: إن النص التاريخي يقول: إنه سجد لله، وشهد بالوحدانية،

____________

1- بحار الأنوار ج39 ص328 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص379 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص115 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه‌السلام " في الكتاب والسنة والتاريخ ج1 ص75 وج9 ص133.

٧٨

وبالرسالة..(1) .

وفي نص آخر: سجد على الأرض، وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأشهد أن علياً وصي محمد رسول الله، وبمحمد ختم الله النبوة، وبي تتم الوصية، وأنا أمير المؤمنين..(2) .

وفي نص آخر: أنه "عليه‌السلام " لما ولد سجد لله على الأرض، وحمده(3) .

فلا معنى للإجتهاد في مقابل النص، بادِّعاء: أنه "عليه‌السلام " قد سجد للأصنام!!

رابعاً: إن قول هذا القائل حجة عليه، فهل يستجيز لنفسه أن يغير دينه، ويعبد الأصنام، والعياذ بالله، استناداً إلى وهمه هذا بأن المعجزة قد ظهرت له فيها؟!..

وهل يمكن أن يظهر الله أمراً يوجب التغرير بعباده، ويوقعهم في

____________

1- راجع: مستدرك سفينة البحار ج6 ص282.

2- روضة الواعظين ص79 ومناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج2 ص173 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص22 وبحار الأنوار ج35 ص11 و 14 و 104 وج38 ص125 والدر النظيم ص232 والفضائل لابن شاذان ص136 و (ط المكتبة الحيدرية ـ سنة 1381هـ ـ 1962م) ص58 وجامع الأخبار ص57 و 58 ومعارج اليقين في أصول الدين للشيخ محمد السبزواري ص58 والأنوار العلوية ص33 و 37.

3- مناقب آل أبي طالب ج3 ص38 وبحار الأنوار ج39 ص48.

٧٩

الشبهة والباطل؟! تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

ولأجل ذلك نقول:

إن كل من يسمع منه هذا القول لا بد أن يعلن تكذيبه له، وسخريته به، ويعتقد أن الله لا يصنع للأصنام أي شيء يدل على علو شأنها، وبذلك يحقق توحيد الله، وتنزيهه تبارك وتعالى..

وأخيراً: فإنني لا أدري ماذا يقول هذا الرجل عن أهل نحلته، الذين ما زالوا يقولون عن علي "عليه‌السلام " إذا ذكروه: كرم الله وجهه، وحجتهم في ذلك أنه "عليه‌السلام " لم يسجد لصنم قط.

خلف أستار الكعبة أم في داخلها؟!:

وقد حاول السيد هاشم معروف الحسني أن يبهم أمر ولادته "عليه‌السلام " في جوف الكعبة، فقال: "أطلَّ على هذه الدنيا من الكعبة، وقد جاءتها أمه فاطمة بنت أسد مستجيرة بالله، فلاذت إلى بعض جوانبها، وقد خشيت أن تراها عيون أولئك الذين اعتادوا الإجتماع في أمسياتهم إلى أروقة البيت وفي داخله، فانحازت ناحية، وتوارت عن عيونهم خلف أستار الكعبة" ثم ذكر ولادتها إياه هناك(1) .

ونقول:

1 ـ إن الكعبة لم تكن مجمعاً للناس في داخلها.. بل كانوا يجتمعون ولا

____________

1- راجع: سيرة الأئمة الإثنى عشر للسيد هاشم معروف الحسني ج1 ص142.

٨٠