• البداية
  • السابق
  • 356 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 19520 / تحميل: 5487
الحجم الحجم الحجم
الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى)

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء 2

مؤلف:
العربية

تاريخي يؤيد هذا أو ذاك..

ولكننا نرى:

إن أصل هذه المزعمة مكذوب عليه.. أو مصنوع له، إن أردنا أن نتوخى الدقة في التعبير.. والشواهد على ذلك كثيرة..

أولاً: إن هذا ليس هو عمر بن الخطاب الذي نعرفه، فلعله عمر آخر لم نسمع به!!. لأن عمر الذي نعرفه كان يشتد على المؤمنين في حالات السلم، ويضعف ويتراجع ويهرب أمام الأعداء في حالات النزال والقتال، فهو الفرّار في أحد، وقريظة، وخيبر، وحنين، وذات السلاسل، ولم نره أظهر نفسه في حرب الخندق..

ثانياً: إنه حين أسلم اختبأ في داره خائفاً، حتى جاءه العاص بن وائل السهمي فأجاره.. كما رواه البخاري وغيره(1) .

____________

1- راجع: صحيح البخاري (ط مشكول) ج5 ص60 و 61 و (ط دار الفكر) ج4 ص242 ففيه روايتان بهذا المعنى، وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص104 و (ط دار الكتاب العربي) ج1 ص176 وعمدة القاري ج17 ص4 والإكمال في أسماء الرجال ص122 وسبل الهدى والرشاد ج2 ص374 وعيون الأثر ج1 ص163 ونسب قريش لمصعب الزبيري ص409 وتاريخ عمر لابن الجوزي ص26 والسيرة الحلبية ج1 ص332 و (ط دار المعرفة) ج2 ص17 ومقدمة فتح الباري ص366 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص135 والسيرة النبوية لابن هشام ج1 ص374 والبداية والنهاية ج3 ص82 ودلائل النبوة للبيهقي (ط دار النصر) ج2 ص9 وتاريخ مدينة دمشق ج44 ص42.

٢٠١

وكانت مشورته في بدر على رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله) .. تنضح بالتخويف من قريش، وجبروتها، وخيلائها.. فلم يرضها رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله) (1) .

ثالثاً: إنه لم يجرؤ على حمل رسالة النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله) لقريش عام الحديبية، بحجة أن بني عدي لا ينصرونه إن أوذي، وحملها عثمان(2) .

____________

1- مغازي الواقدي ج1 ص48 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص386 وبحار الأنوار ج19 ص217 و 247 وتفسير القمي ج1 ص258 وتفسير أبي حمزة الثمالي ص181 ومجمع البيان ج4 ص432 والأصفى ج1 ص425 والصافي ج2 ص274 ونور الثقلين ج2 ص124 والميزان ج9 ص25 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص106 وإمتاع الأسماع ج1 ص93 وج9 ص241 وعيون الأثر ج1 ص327 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص26 والدر المنثور ج3 ص166 عن دلائل النبوة للبيهقي.

2- راجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ق1 ص70 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص133 وجامع البيان ج26 ص111 وعين العبرة ص24 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص200 و 201 والثقات ج1 ص299 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص78 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص278 والبداية والنهاية ج4 ص191 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص618 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص780 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص318 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص46 وتفسير الثعالبي ج5 ص254 وعن عيون الأثر ج2 ص119 وكنز العمال ج10 ص482.

٢٠٢

رابعاً: إنهم يزعمون: أن أبا بكر كان أشجع الصحابة، استناداً إلى موقفه عند استشهاد رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله) (1) ونحن وإن كنا نرى أن ذلك غير صحيح أيضاً.. بدليل ما رأيناه من حزنه في الغار، وأنه لاذ في مواطن النزال بالفرار، غير أننا نقول: ـ على سبيل الالزام ـ لماذا لم يهاجر أبو بكر ظاهراً، وهاجر عمر كذلك؟!..

خامساً: هل يمكن أن نقول: إن عمر كان أشجع من النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، حيث خرج(صلى‌الله‌عليه‌وآله) إلى الغار متخفياً في الليل، وعمر هاجر ظاهراً ومهدداً ومتوعداً؟!

سادساً: لماذا احتاج رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله) إلى الهجرة، فقد كان بإمكان عمر أن يمنع الناس من أذيته في مكة؟! أو لماذا لم يحمه حتى يهاجر ظاهراً منها؟!

ولماذا ترك أهل مكة يحصرون النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله) والهاشميين في الشعب، وبقي هو حراً طليقاً في مكة..

____________

1- راجع: الجامع لأحكام القرآن ج4 ص222 والغدير ج7 ص213 وعن السيرة الحلبية ج3 ص354. وراجع: الفتح المبين لدحلان (بهامش سيرته النبوية) ج1 ص123 ـ 125 والوافي بالوفيات ج1 ص66 وعن نور الأبصار للشبلنجي ج1 ص107.

٢٠٣

وكذلك كان حال أبي بكر، فإن هؤلاء يزعمون أن عمر وأبا بكر قد أسلما قبل حصر المسلمين في الشعب..

واذا كانت لعمر هذه الشجاعة، فلماذا لم يعز الاسلام به، رغم زعمهم أن النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله) دعا أن يعز الاسلام به؟!

فإما أن يقرّوا بأنهما قد أسلما بعد خروج المسلمين من الشعب، أو يقروا بأنهما كانا قد أسلما قبل ذلك، وقد أخفيا إسلامهما تقيةً وخوفاً، أو أن يذكروا لنا السبب في عدم تعرض قريش لهما، إن كان إسلامهما ظاهراً طيلة تلك السنين..

وفي جميع الأحوال نقول:

إن الصحيح: هو ما قدمناه من أن علياً(عليه‌السلام) هو الذي قال ذلك القول، وردّ الذين لحقوا به حين هجرته خائبين خاسرين، بعد أن قتل أحد فرسانهم.

ولكنهم أغاروا على هذه الفضيلة ظناً منهم أنها مستورة، أو غير مشهورة، لأنهم كانوا في أشد الضيق من كرامات وجهاد ومواقف علي، خصوصاً مبيته في فراش رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله) ليلة الهجرة، مع ظهور ضعف أبي بكر في حزنه الذي حكاه الله عنه..

فحاولوا إطراء أبي بكر في الغار بما لا مزيد عليه، ثم حاولوا أن يمنحوا عمر بن الخطاب هذه الفضيلة على لسان علي(عليه‌السلام) ، لأن ذلك أوقع في النفس، وأبعد عن الشبهة، وأدعى إلى القبول والتسليم..

٢٠٤

ولكن الله تعالى قد فضح أمرهم، وأكذب أحدوثتهم، وهو المستعان على ما يصفون..

آليت لا أعبد غير الواحد:

ولسنا بحاجة إلى التذكير: بأن علياً(عليه‌السلام) في هذه الواقعة بالذات لم يقل: إني أدافع عن نفسي وعن المستضعفين الذين معي، بل اعتبر نفسه بصدد الدفاع عن عقيدته، وهي عقيدة التوحيد، وعبادة الله الواحد في مقابل الشرك..

وكان هذا هو كل همه(عليه‌السلام) هنا. ولذلك قال:

خَلّوا سبيل الجاهِدِ المجاهِدِ آليتُ لا أَعبدُ غيرَ الواحدِ

وهذا الاعلان الصريح هو الاشد ايلاماً، لقلوب المشركين..

علي(عليه‌السلام) أول الأمة هجرة:

وتقدم: أن النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله) قال لعلي(عليه‌السلام) : إنه(عليه‌السلام) أول الأمة هجرة إلى الله ورسوله، مع أن هناك من هاجر إلى الحبشة، وذلك قبل الهجرة إلى المدينة بحوالي ثمان سنوات، كما أن هناك من هاجر إلى المدينة قبله، مثل مصعب بن عمير الذي ذهب إلى المدينة ليعلم أهلها. وهو أول من هاجر إليها مع ابن أم مكتوم(1) . كما أن أبا بكر الذي

____________

1- راجع: الإستيعاب (ط دار الجيل) ج4 ص1473 وأسد الغابة ج3 ص211 وج4 ص59 و 103 و 369 وسير أعلام النبلاء ج1 ص145 و 361 والإصابة ج4 ص495 وج6 ص98 وتاريخ الإسلام للذهبي ج1 ص315 و 332 والبداية والنهاية ج3 ص211 و 230 وإمتاع الأسماع ج1 ص52 وج9 ص191 و 206 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص221 و 253 وكنز العمال ج16 ص667 ومسند أحمد ج1 ص3 وج4 ص284 و 291 وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج4 ص263 و 264 وج6 ص82 والمستدرك للحاكم ج2 ص626 وج3 ص634 = = والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص10 وفتح الباري ج11 ص238 وج13 ص147 وعمدة القاري ج17 ص36 و 59 و 60 وج19 ص288 ومسند أبي داود ص96 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص331 وج8 ص457 وكتاب الأوائل ص43 والسنن الكبرى للنسائي ج6 ص513 ومسند أبي يعلى ج3 ص262 وصحيح ابن حبان ج14 ص190 وج15 ص290 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص532 والإتقان في علوم القرآن ج1 ص45 والدر المنثور ج6 ص337 وفتح القدير ج5 ص422 وتفسير الآلوسي ج30 ص101 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص234 وج3 ص117 وج4 ص206 و 367 والثقات لابن حبان ج1 ص128 وتاريخ مدينة دمشق ج43 ص380.

٢٠٥

اشتد حزنه وخوفه في الغار حتى انزل الله فيه قرآنا يتلى إلى يوم القيامة.

ونجيب:

أولاً: صحيح أن هناك من هاجر إلى الحبشة وإلى المدينة، ولكن هجرتهم كانت لأغراض مختلفة، ومنها، أو أهمها التخلص من العذاب والآلام التي

٢٠٦

يقاسونها.. ولم يكن علي(عليه‌السلام) من هؤلاء، بل هو يرى أن أحلى أيامه هي حين يكون مع الله ومع رسوله، ولا يقيم وزناً لكل ما يجري عليه من أذايا، والآم وبلايا، مهما اشتدت.. وذلك على قاعدته التي أطلقها(عليه‌السلام) : لَأَلفُ ضربةٍ بالسيف أهون علي من ميتة على الفراش(1) .

وعلى قاعدته الأخرى: فزت ورب الكعبة(2) .

____________

1- راجع: نهج البلاغة (بشرح عبده) ج2 ص2 والكافي ج5 ص53 و 54 وتهذيب الأحكام ج6 ص123 وروضة الواعظين ص363 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة = = آل البيت) ج15 ص14 و 17 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص8 و 10 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج2 ص269 وج3 ص289 والإرشاد للمفيد ج1 ص238 والأمالي للطوسي ص169 و 216 وعيون الحكم والمواعظ للواسطي ص154 وبحار الأنوار ج32 ص61 وج32 ص100 و 189 و 194 وج33 ص455 وج34 ص146 وج68 ص264 وج74 ص403 وج97 ص11 و 14 و 40 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص7 و 127 ومستدرك سفينة البحار ج9 ص458 و الإمام علي بن أبي طالب "عليه‌السلام " للهمداني ص603 ونهج السعادة ج1 ص296 و 301 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص306 وج7 ص300 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص209 وكتاب الفتوح لابن أعثم ج2 ص468 والجمل للمفيد ص190 والمناقب للخوارزمي ص185 ومطالب السؤول ص213 وكشف الغمة ج1 ص241 وينابيع المودة ج1 ص464.

2- راجع: خصائص الأئمة ص63 وشرح الأخبار ج2 ص442 والمسترشد ص4 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص385 وج3 ص95 والطرائف لابن طاووس ص519 وحلية الأبرار ج2 ص63 و 391 ومدينة المعاجز ج3 ص40 وبحار الأنوار ج41 ص2 وج42 ص239 وشجرة طوبى ج1 ص64 ونهج السعادة ج7 ص111 و 124 و 125 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج3 ص1125 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج9 ص207 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص561 وأسد الغابة ج4 ص38 وأنساب الأشراف ص488 و 499 والجـوهـرة في = = نسب الإمام علي وآله ص114 والوافي بالوفيات ج18 ص173 والإمامة والسياسة (تحقيق الزيني) ج1 ص138 و(تحقيق الشيري) ج1 ص180 والدر النظيم ص271 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج2 ص96 و 97 وقصص الأنبياء للجزائري ص396 وينابيع المودة ج1 ص203 وج2 ص32 وج3 ص145.

٢٠٧

ثم على قاعدة: كيف طعم الموت عندك يا بني؟!

قال: أحلى من العسل(1) .

بالاضافة إلى قاعدة:

تركت الخلق طراً في هواكا وأيتمت العيال لكي أراكا

فلو قطعتني في الحب ارباً لما مال الفؤاد إلى سواكـا..

____________

1- راجع: وسيلة الدارين في أنصار الحسين ص253 ومدينة المعاجز ج4 ص215 و 228 والهداية الكبرى ص204.

٢٠٨

فلم يكن علي بالذي يترك رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، ويهرب من الأذى إلى أي بلد كان.. بل هو أينما كان يهاجر إلى الله وإلى رسوله.. وهو لم يترك مكة إلا بعد أن تلبدت آفاقها بظلمات الشرك والبغي، والبعد عن الله، ولمعت أنوار الهداية والتقوى في أجواء المدينة، فاجتذبته تلك الأنوار، فالتحق بها حباً وشغفاً، وشوقاً ولهفاً..

فعلي(عليه‌السلام) هو أول الأمة هجرة إلى الله وإلى رسوله، ومعه الطاهرة المعصومة السيدة فاطمة الزهراء "صلوات الله عليها"..

ثانياً: إن الذين هاجروا قبل علي(عليه‌السلام) إلى الحبشة أو إلى غيرها، لم تكن هجرتهم إلى رسول الله، لأنه(صلى‌الله‌عليه‌وآله) لم يكن قد خرج من مكة بعد..

ثالثاً: إن إرسال مصعب بن عمير إلى المدينة ليفقه الناس، لا يعد هجرة له. بل هو شخص انتدب لمهمة، ففعل ما انتدب له..

٢٠٩

الباب الثالث : من الهجرة.. إلى أحد..

٢١٠

٢١١

الفصل الأول : بناء المسجد والمؤاخاة..

٢١٢

٢١٣

٢١٤

لا يستوي من يعمر المساجد:

لقد هاجر رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله) من مكة إلى المدينة، وانتشر الإسلام وانطلق من هذا البلد الجديد، بجهد وجهاد رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله) وهدايته ورعايته، وبتضحيات أهل بيته الطاهرين، والخيرة الأصفياء من صحبه الميامين..

وفي بدايات هجرته المباركة أسس(صلى‌الله‌عليه‌وآله) مسجد قباء، ثم مسجده في المدينة.

وحدث في بناء هذا المسجد المبارك بين عثمان بن عفان وعمار بن ياسر ما دعا رسول الله إلى التدخل لصالح عمار..

وملخص ما جرى ـ وإن كنا نرى أن بعض ما أغضب علياً وعماراً قد حذف من الرواية ـ كما يلي:

إن عثمان كان في بناء المسجد (كما زعم الراوي: نظيفاً متنظفاً). وكان يحمل اللبنة فيجافي بها عن ثوبه، فإذا وضعها نفض كمه، ونظر إلى ثوبه، فإن أصابه شيء من التراب نفضه، فنظر إليه علي بن أبي طالب، فأنشأ يقول:

لا يستوي من يعمر المساجدا يدأب فيها قائماً وقاعدا

ومن يرى عن التراب حائدا

٢١٥

فسمعها عمار بن ياسر، فجعل يرتجز بها، وهو لا يدري من يعني بها فمرّ بعثمان، فقال: يا ابن سمية بمن تعرّض؟! ـ ومعه جريدة ـ فقال: لتكفن، أو لأعترضن بها وجهك..

فسمعها النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، وكان يستظل ببيت أم سلمة، فغضب وقال: إن عماراً جلدة ما بين عيني وأنفي..

إلى أن تذكر الرواية: أنه(صلى‌الله‌عليه‌وآله) قال لعمار: "لا يقتلك أصحابي، ولكن تقتلك الفئة الباغية"(1) .

ونقول:

ذكرنا في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم(صلى‌الله‌عليه‌وآله) الجزء الخامس أموراً كثيرة ترتبط بهذه القضية، يمكن لمن أراد الإطلاع

____________

1- السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص142 و (ط مكتبة محمد علي صبيح) ج2 ص345 وتاريخ الخميس ج1 ص344 والأعلاق النفيسة ووفاء الوفاء ج1 ص329 والسيرة الحلبية ج2 ص72 و (ط دار المعرفة) ج2 ص262 وقاموس الرجال (الطبعة الأولى) ج7 ص118 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج2 ص43 وبحـار الأنوار ج30 ص238 وراجع ج33 ص12 وخـلاصـة عبقات الأنوار ج3 ص39 و 50 والدرجات الرفيعة ص259 وعن العقد الفريـد ج2 ص289 وسبل الهدى والرشاد ج3 ص336 والمسترشد ص658 وغوالي اللآلي ج1 ص113 وكشف الغمة ج1 ص260. وراجع: الغديـر ج9 ص21 و 22 و 27 عن مصادر كثيرة.

٢١٦

عليها أن يرجع إليه، غير أننا نذكر هنا ما يلي:

متى كان بناء المسجد؟!:

لقد بنى النبي الأعظم(صلى‌الله‌عليه‌وآله) مسجده بعد هجرته إلى المدينة، ثم بنى بيوته حوله، ثم جدد بناءه بعد عام خيبر، أي في السنة السابعة للهجرة(1) .

والظاهر: هو أن قضية عمار وعثمان قد وقعت في هذا البناء الثاني.

ويشهد لذلك:

أولاً: أن عمرو بن العاص وابنه عبد الله كانا حاضرين حين قال النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله) لعمار: تقتلك الفئة الباغية.

وقد ذكرا ذلك لمعاوية حين قتل عماراً في صفين، وقالا: إنهما سمعا رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله) يقول: في حقه ما قال.. فاخترع معاوية مقولة أن الذي قتل عماراً هو من وضعه بين أسيافهم، يعني علياً(عليه‌السلام) (2) .

____________

1- وفاء الوفاء ج1 ص338.

2- الفتوح لابن أعثم ج3 ص119 و 130 والثقات لابن حبان ج2 ص291 وأنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص313 و 317 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص253 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص723 ومسند أحمد ج2 ص164 وج5 ص213 والمناقب للخوارزمي ص160 و (ط مركز النشر الإسلامي) ص233 ووفاء الوفاء ج1 ص231 و 232 ونور الأبصار ص98 وتاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص578 و 579 والإمامة والسياسة (تحقيق الزيني) ج1 ص110 و (تحقيق الشيري) ج1 ص146 وكشف الغمة = = ج1 ص262 وتاريخ الأمم والملوك ج5 ص41 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج4 ص28 والمستدرك للحاكم ج3 ص385 وج2 ص155 والبداية والنهاية ج7 ص281 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج6 ص240 وج7 ص299 وتذكرة الخواص ج1 ص418 وبحار الأنوار ج33 ص16 و 7 والمصنف للصنعاني ج11 ص240 وراجع: وشرح الأخبار ج1 ص412 ومعاني الأخبار ص35 والإحتجاج ج1 ص266 والمعيار والموازنة ص96 وتهذيب الكمال ج17 ص113 وجامع أحاديث الشيعة ج8 ص415 وجامع الشتات للخواجوئي ص151 ومجمع الزوائد ج9 ص297 وج7 ص242 عن أحمد في المسند، والطبراني، وعن فتح الباري، وعن مصادر كثيرة.

٢١٧

فبلغ ذلك علياً(عليه‌السلام) فقال: "فإذاً رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله) هو الذي قتل حمزة، وألقاه بين رماح المشركين(1) .

ثانياً: يشهد لذلك أيضاً: أن الرواية المتقدمة نفسها قد صرحت: بأن النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله) كان يستظل ببيت أم سلمة حين قال عثمان ما قال، ومعلوم: أنه(صلى‌الله‌عليه‌وآله) قد بنى المسجد قبل بناء بيوته في

____________

1- راجع: تذكرة الخواص ج1 ص419 والعقد الفريد ج5 ص90 وبحار الأنوار ج33 ص16و 7 ـ 8 والإحتجاج ج1 ص431 ونور الأبصار ص98.

٢١٨

مطلع الهجرة(1) .

ما قاله علي(عليه‌السلام) ليس تعدياً:

بالنسبة للرجز الذي قاله أمير المؤمنين(عليه‌السلام) ، وردده بعده عمار نقول:

إنه(عليه‌السلام) قد قرر في شعره حقيقة لا غبار عليها.. مفادها: أن هناك نوعين من الناس، لا مجال للتسوية بينهما:

الأول: من يكون كل همه عمران المساجد، فهو لا يفتر ولا يستكين، ولا يمل ولا يكل من السعي في ذلك، لأنه يريد أن يهيء للناس كل ما يساعدهم على ذكر الله، والتبتل إليه، ومحاولة تزكية نفوسهم، وتطهير قلوبهم، فلا يصرف أية لحظة فيما عدا ذلك..

____________

1- زاد المعاد ج1 ص25 والسيرة الحلبية ج2 ص87 و (ط دار المعرفة) ج2 ص287 و 251 وبحار الأنوار ج15 ص371 وج19 ص125 وج31 ص428 وج33 = = ص182 وإمتاع الأسماع ج10 ص69 و 91 والعدد القوية ص120 وسبل الهدى والرشاد ج3 ص348 وج12 ص52 وإعلام الورى ج1 ص159 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج1 ص331 ومستدرك الوسائل ج14 ص302 وشجرة طوبى ج1 ص58 وراجع: مناقب آل أبي طالب ج1 ص161 والبداية والنهاية ج8 ص64 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج1 ص356 و الدرر لابن عبد البر ص88.

٢١٩

ويرى: أن صرف أية لحظة في أي شأن دنيوي آخر خسارة له، وتضييع للثواب الجزيل.. وقد يؤدي إلى تباطؤ عباد الله عن عبادته تبارك وتعالى، وإلى إفساح المجال للمغريات والشهوات، ووسوسة شياطين الإنس والجن، لإبعاد الإنسان عن الله، وإغوائه واغرائه..

الثاني: من يكون همه صيانة ثوبه من أن يلحق به غبار هذه العبادة المرضية لله تعالى.. وحفظاً لمظهره الخارجي، في الوقت الذي لم يظهر منه أنه يهتم بصيانة باطنه عما يبعده عن الله سبحانه، كما لم يظهر منه أنه يهتم بصيانة دين الناس، وسلامة أخلاقهم.. يحتاج إلى الزجر والتذكير بما يوجبه عليه ربه، ودعوته إلى العمل بما يرضي الله تبارك وتعالى، وأن يلزم نفسه بامتثال أوامر الرسول، فلا يلبس ثياب التجمل في الموضع الذي يجب أن يلبس فيه ثياب التبذل، ليكون عائقاً له عن اداء واجبه، وامتثال أوامر النبي(صلى‌الله‌عليه‌وآله) الصادرة له، ولغيره فيكون بعمله هذا محرضاً لغيره على التباطؤ في القيام بما طلبه الرسول(صلى‌الله‌عليه‌وآله) منهم.

ولم يكن علي(عليه‌السلام) بالذي يظلم أحداً، ولا هو بالذي يفتئت على الناس، أو يعتدي عليهم، فلولا أنه عرف من عثمان بحسب عشرته أنه يستحق هذا التعريض، أو أن هذا التعريض سيكون مفيداً ، ورادعاً لغيره عن أن يقتدي به لما أقدم على ما أقدم عليه.

عثمان نظيف متنظف:

إن مراجعة عبارات الراوي للحادثة المتقدمة تبين أنه قد حاول تلطيف الأمور، والإيحاء ببراءة عثمان، وإظهاره بصورة المظلوم المعتدى عليه من

٢٢٠