الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء ٣

مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 364
مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 364
أو لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر(١) .
وفي بعض الروايات أنه قال ذلك في مرضه الذي مات فيه(٢) .
____________
١- راجع: صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج٤ ص٢٥٤ وصحيح مسلم (ط دار الفكـر) ج٧ ص١٠٨ والجامـع لأحكام القـرآن ج٥ ص٢٠٨ وتاريخ مدينة = = دمشق ج٣٠ ص٢٤٦ وج٥٢ ص١٥٣ وتاريخ الأمم والملوك ج٢ ص٤٣٥ وتاريخ الإسلام للذهبي ج٣ ص١٠٩ والوافي بالوفيات ج١٧ ص١٦٥ والنزاع والتخاصم ص١١٣ وإمتاع الأسماع ج١٤ ص٤٢٥ وإحقاق الحق (الأصل) ص٢١١ وخلاصة عبقات الأنوار ج٩ ص٢٣١ والغدير ج٣ ص١٩٦ وسنن الترمذي ج٥ ص٢٧٠ وفضائل الصحابة للنسائي ص٣ وشرح مسلم للنووي ج١٥ ص١٥١ وفتح الباري ج٢ ص٤١٧ وعمدة القاري ج١٧ ص٣٩ وتحفة الأحوذي ج١٠ ص١٠١ و ١١٢ وتركة النبي "صلىاللهعليهوآله " لابن زيد البغدادي ص٥١ والسنن الكـبرى للنسائي ج٥ ص٣٥ وصحيح ابن حبـان ج١٤ ص٥٥٩ وج١٥ ص٢٧٧ والمعجم الكبير للطبراني ج١١ ص٢٦٨ والإستيعاب (ط دار الجيل) ج٣ ص٩٦٧ والتمهيد لابن عبد البر ج٢٠ ص١١٢ وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج١١ ص٥٤٤.
٢- راجع: فتح الباري ج٧ ص١٠ وتحفة الأحوذي ج١٠ ص١٠٠ والغدير ج٣ ص١٩٦ ومسند أحمد ج١ ص٢٧٠ ومسند أبي يعلى ج٤ ص٤٥٧ وصحيح ابن حبان ج١٥ ص٢٧٥ وتاريخ مدينة دمشق ج٣٠ ص٢٤٢.
وعند مسلم، عن جندب: قبل أن يموت بخمس ليال(١) .
وعند الطبراني، وأبي يعلى بإسناد حسن عن معاوية وعائشة: أن ذلك بعد أن صب عليه "صلىاللهعليهوآله " من سبع قرب من آبار شتى(٢) .
وقد استدلوا بذلك على استحقاق أبي بكر للخلافة، لا سيما وأنه قد ثبت أن ذلك كان في أواخر حياته "صلىاللهعليهوآله "(٣) .
ونقول:
١ـ إن قال عمر بن الخطاب في مرض النبي "صلىاللهعليهوآله ": إن النبي ليهجر، لا بد أن يحرج هؤلا، لأنه يسقط أي تصرف له "صلىاللهعليهوآله "عن درجة الصلاحية للإستدلال به.
٢ـ بل لو كان النبي "صلىاللهعليهوآله " قد أمر بسد الأبواب إلا باب
____________
١- راجع: فتح الباري ج٧ ص١٠ وتحفة الأحوذي ج١٠ ص١٠٠ وصحيح ابن حبان ج١٤ ص٣٣٤ والغدير ج٨ ص٣٤ ومجمع الزوائد ج٤ ص٢٣٧ وج٩ ص٤٥ وكنز العمال ج١٢ ص٥٠١ وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج٣٠ ص٢٤٨.
٢- راجع: سنن الدارمي ج١ ص٣٨ وتاريخ الأمم والملوك ج٢ ص٤٣٧ والبداية والنهاية ج٥ ص٢٤٩ وإمتاع الأسماع ج١٤ ص٤٤٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج٤ ص٤٥٣ وسبل الهدى والرشاد ج١٢ ص٢٤٠.
٣- وفاء الوفاء ج٢ ص٤٧٢ و ٤٧٣ وفتح الباري ج٧ ص١٢ وإرشاد الساري ج٦ ص٨٤ وراجع: القول المسدد ص٢٤ والبداية والنهاية ج٥ ص٢٣٠.
أو خوخة إبي بكر لما احتاج عمر لأن يقول عن النبي "صلىاللهعليهوآله ": أنه يهجر أو عليه الوجع.
٣ ـ بعد أن ثبت صحة حديث: سدوا الأبواب إلا باب علي؛ وبعد أن اتضح: أنه لم يكن حين مرض موته "صلىاللهعليهوآله " أي باب مفتوحاً إلا باب علي، فلا معنى لأن يأمرهم "صلىاللهعليهوآله " بسد هذه الأبواب الشوارع في المسجد إلا باب أبي بكر(١) ، بعد أن لم يسمح النبي "صلىاللهعليهوآله " لذلك الرجل!! بكوة، ولو بقدر ما يخرج رأسه، حتى ولو بقدر رأس الإبرة!!(٢) .
وبهذا يتضح عدم صحة قولهم في وجه الجمع: إنهم بعد أن سد النبي "صلىاللهعليهوآله " أبوابهم، استحدثوا خوخاً يستقربون منها الدخول إلى المسجد(٣) .
____________
١- الغدير ج٣ ص٢١٣ ودلائل الصدق ج٢ ص٢٦١.
٢- وفاء الوفاء ج٢ ص٤٧٧ وراجع: فرائد السمطين ج١ ص٢٠٦ عن أبي نعيم، واللآلي المصنوعة ج١ ص٣٤٩ و ٣٥١ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٥ ص٥٥٦ وج١٦ ص٣٤٢.
٣- فتح الباري ج٧ ص١٣ والقول المسدد ص٢٥ والغدير ج٣ ص٢١٠ و ٢١٣ وتحفة الأحوذي ج١٠ ص١١٣ وغاية المرام ج٦ ص٢٥٠ ووفاء الوفاء ج٢ ص٤٧٧ عن الطحاوي في مشكل الآثار، والكلاباذي في معاني الأخبار.
٤ ـ إن الحديث ذكر أن أبا بكر كان يمنُّ على النبي "صلىاللهعليهوآله " بصحبته له، وقد قلنا في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم "صلىاللهعليهوآله " في حديث الغار: أن ذلك لا يصح إلا على معنى فيه ذم لأبي بكر.
٥ ـ كما أنه قد تضمن حديث خلة أبي بكر للنبي "صلىاللهعليهوآله ".
وقلنا في حديث المؤاخاة: أنه لا يمكن أن يصح أيضاً.
٦ ـ إن البعض يذكر: أن بيت أبي بكر كان بالسنح، ويشك كثيراً، بل على حد تعبير التوربشتي: لم يصح أن يكون له بيت قرب المسجد(١) .
وأجيب: بأنه لا يلزم من ذلك أن لا يكون له دار مجاورة للمسجد، واستدل على ذلك بأنه قد كان لأبي بكر أزواج متعددة كأسماء بنت عميس، وغيرها، وبأن ابن شبة يذكر: أنه كان له في زقاق البقيع دار قبالة دار عثمان الصغرى، واتخذ منزلاً آخر عند المسجد، في غربيه(٢) .
ولكن ذلك لا يثبت ما يريدون إثباته؛ فإن تعدد أزواجه لا يلزم منه أن يكون له بيت ملاصق للمسجد، ثم لماذا لا يسكن أزواجه مع تعددهن في بيت واحد ذي حجر متعددة، كغيره من أهل المدينة، ومنهم النبي "صلىاللهعليهوآله "
____________
١- فتح الباري ج٧ ص١٢ وإرشاد الساري ج٦ ص٨٤ ووفاء الوفاء ج٢ ص٤٧٣ وخلاصة عبقات الأنوار ج٩ ص٢٣٢ وعن المرقاة في شرح المشكاة ج٥ ص٥٢٤.
٢- راجع المصادر المتقدمة.
نفسه.
ولعل هؤلاء قد اعتمدوا في ذكرهم بيتاً لأبي بكر عند المسجد على هذا الحديث بالذات. أو أنهم أرادوا بذكرهم بيتاً له كذلك أن يمدوا يد العون لهذا الحديث الذي توالت عليه العلل والأسقام، تماماً كما جعلوا ـ إلى يومنا هذا ـ خوخة في المسجد من أجل تصحيح ذلك.
ولكنهم لم يجعلوا باباً لعلي "عليهالسلام "، وهو الذي ثبت أن النبي "صلىاللهعليهوآله " قد أبقى بابه مفتوحاً، وسد كل باب في المسجد سواه.
٧ ـ لقد اعترف ابن عمر وأبوه، فقالا: إن علياً "عليهالسلام " قد أوتي ثلاث خصال، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم: زوجه رسول الله "صلىاللهعليهوآله " ابنته وولدت له، وسد الأبواب إلا بابه في المسجد، وأعطاه الراية يوم خيبر(١) .
____________
١- راجع: مسند أحمد ج٢ ص٢٦ والمستدرك للحاكم ج٣ ص١٢٥ ومجمع الزوائد ج٩ ص١٢٠ والصواعق المحرقة الفصل٣ باب٩ ومناقب آل أبي طالب ج٢ ص٣٧ والمصنف لابن أبي شيبة ج٧ ص٥٠٠ ومسند أبي يعلى ج٩ ص٤٥٣ ونظم درر السمطين ص١٢٩ والعمدة لابن البطريق ص١٧٦ وفتح الباري ج٧ ص١٣ وبحار الأنوار ج٣٩ ص٢٨ و ٣١ وكتاب الأربعين ص٤٤٥ والمراجعات ص٢١٨ والسقيفة للمظفر ص٦٤.
وراجع: الغدير ج٣ ص٢٠٣ وج١٠ ص٦٨ وتحفة الأحوذي ج١٠ ص١٣٩ والقول المسدد ص٣٣ وراجع: وذخائر العقبى ص٧٧ وكنز العمال ج١٣ ص١١٠ وتفسير جوامع الجامع ج٣ ص٥٢٥ وج٩ ص٤١٧ وخصائص الوحي المبين ص١٦٤ وتفسير الثعلبي ج٩ ص٢٦٢ وتاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص١٢١ و ١٢٢ والمناقب للخوارزمي ص٢٧٧ و ٣٣٢ ومطالب السؤول ص١٧٤ وكشف الغمة ج١ ص٣٣٨ ونهج الإيمان ص٤٤٢ وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج١ ص١٨٧ وينابيع المودة ج٢ ص١٧٠.
فهذه الرواية صريحة في أنه "عليهالسلام " قد اختص بذلك، كما اختص بالراية يوم خيبر، وبتزوجه فاطمة "عليهاالسلام "، وولادتها له.
ويا ليت عمر أشار إلى أن النبي "صلىاللهعليهوآله " كان قد أعطى الراية لعمر، ولكنه عاد مهزوماً يجبِّن أصحابه ويجبِّنونه!! وفي جميع الأحوال نقول:
لو كان لأبي بكر فضل هنا وامتياز، لم يسمح عمر ولا ولده لنفسيهما بالتصريح باختصاصه "عليهالسلام " بهذا الوسام.
وامتيازه "عليهالسلام " في قضية سد الأبواب كامتيازه في قضية الراية يوم خيبر، حيث إن أخذ أبي بكر وعمر لها ليس فقط لم يكن امتيازاً لهما، بل كان وبالاً عليهما، كما هو معلوم.
٨ ـ لو أنه "صلىاللهعليهوآله " قد أمر بسد الأبواب إلا باب إبي بكر، لاحتج أبو بكر بذلك على أهل السقيفة أو احتج به عمر فيها لمصالح إبي
بكر.
٩ ـ وأخيراً، فقد قال المعتزلي عن البكرية التي أرادت مقابلة الأحاديث في فضل علي: إنها "وضعت لصاحبها أحاديث في مقابلة هذه الأحاديث، نحو: "لو كنت متخذاً خليلاً"، فإنهم وضعوه في مقابلة حديث الإخاء، ونحو سد الأبواب، فإنه كان لعلي "عليهالسلام "؛ فقلبته البكرية إلى أبي بكر"(١) .
وقد ذكر اللمعاني: أن قضية سد باب أبي بكر، وفتح باب علي "عليهالسلام " كانت من أسباب حقد عائشة على أمير المؤمنين "عليهالسلام "، فراجع(٢) .
وما أجمل ما قاله الكميت في هذه المناسبة:
عـلـي أمـيـر المـؤمـنـين وحـقـه |
من الله مفـروض عـلى كـل مسلم |
|
وزوجـه صـديـقـة لـم يكـن لهـا |
معـادلـة غـيـر الـبـتـولـة مـريم |
|
وردم أبـواب الـذيـن بـنـى لهـم |
بـيـوتـاً سـوى أبـوابـه لـم يـردم |
وقال السيد الحميري:
وخـبـر الـمـسـجـد إذ خـصـه |
مـجـلـلاً مـن عـرصـة الـدار |
____________
١- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١١ ص٤٩ وراجع: سفينة النجاة للتنكابني ص٢٩٦.
٢- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج٩ ص١٩٥ وكتاب الأربعين للشيرازي ص٦١٩.
إن جـنـبـاً كـان وإن طـاهـراً(١) |
فـي كـل إعــلان وإســرار |
|
وأخـرج الـبـاقـيـن منـه معـاً |
بـالـوحـي مـن إنـزال جـبـار |
وقال الصاحب بن عباد:
ولم يـك محتـاجـاً إلى عـلـم غـيره |
إذا احتـاج قـوم في قضـايـا تبلدوا |
ولا سـد عـن خـير المسـاجد بابه وأبـوابـهـم إذ ذاك عـنــه تسـدد
ابن البطريق وحديث سد الأبواب:
ولابن بطريق كلام هنا نلخصه على النحو التالي:
إن الله تعالى قد أظهر الفرق بين أمير المؤمنين "عليهالسلام "، وبين غيره. وإذا كان الحرام على غيره قد حل له، فإن ذلك يعني: أنه يمتاز على ذلك الغير. والنبي "صلىاللهعليهوآله " قد فتح أبواب الجميع على ظاهر الحال من الصلاح والخير، والنبي "صلىاللهعليهوآله " لا يعلم إلا هذا الظاهر إلا أن يطلعه الله على الباطن.
وعليه، فإن كان تعالى قد سد أبوابهم على ظاهر الحال، فقد بينا: أنها كانت صالحة عند الكل؛ ولذلك فتح أبوابهم أولاً، فلم يبق إلا أنه قد سد أبوابهم، من أجل شيء يرجع إلى الباطن، وفتح بابه لأنه قد انفرد بصلاح الباطن دونهم، (أو فقل: انفرد في كونه القمة في الصلاح الباطني) بالإضافة
____________
١- هو "عليهالسلام " طاهر على كل حال.
إلى مشاركته لهم في صلاح الظاهر.
وبذلك امتاز "صلوات الله وسلامه عليه" عليهم.
ثم إن منعهم من الجواز في المسجد وإباحته له، إما أن يكون بلا سبب، وهو عبث لا يصدر من حكيم، وإما أن يكون له سبب، وذلك يدل على انفراده "عليهالسلام " بما لا يشركه فيه غيره.
وأقواله "صلىاللهعليهوآله " تعضد هذا التخصص، وتدل على صلاح باطنه، كقوله "صلىاللهعليهوآله ": "علي مني، وأنا منه".
وقوله: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى".
وقوله: "أنت أخي في الدنيا والآخرة".
وقوله: "صلت الملائكة عليَّ وعلى علي سبع سنين قبل الناس".
وقوله: "من كنت مولاه فعلي مولاه".
وقوله تعالى:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (١) .
وغير ذلك من مناقبه ومآثره ومزاياه؛ فلولا ثبوت هذه المزايا له على غيره، لما أنزله من نفسه بهذه المنازل، ولما أقامه من نفسه في شيء من ذلك، ولا
____________
١- الآية ٣٣ من سورة الأحزاب.
أذن الله له بتخصيصه وتمييزه عن أمثاله وأضرابه الخ..(١) . إنتهى ملخصاً.
كلام العلامة المظفر:
ويقول العلامة الشيخ محمد حسن المظفر "رحمهالله " ما ملخصه:
إن هذه القضية تكشف عن طهارة علي، وأنه في المحل الأعلى منها، فلا تنتقض هذه الطهارة بأي حدث حتى لو كان من موجبات الغسل، فيحل له البقاء في المسجد في جميع الأحوال، ولا يكره له النوم فيه، تماماً كما كان ذلك لرسول الله "صلىاللهعليهوآله ". فإن عمدة الغرض من سد الأبواب هو تنزيه المسجد عن الأدناس، وإبعاده عن المكروهات. وكان علي "عليهالسلام " كالنبي "صلىاللهعليهوآله " طاهراً مطهراً، ولا تؤثر فيه الجنابة دنساً معنوياً، وكان بيت الله كبيته بكونه حبيبه القريب منه.
وأبو بكر لم يكن ممن أذهب الله عنهم الرجس، وطهرهم تطهيراً؛ ليحسن دخوله للمسجد جنباً، ولا هو منه بمنزلة هارون من موسى؛ ليمكن إلحاقه به.
هذا كله، عدا عن ضعف خبر باب أو خوخة أبي بكر بفليح بن سليمان(٢) ، وبإسماعيل بن عبد الله الكذاب الوضاع(٣) .
____________
١- راجع: العمدة لابن البطريق ص١٨٠ ـ ١٨٥ وكشف الغمة للأربلي ج١ ص٣٣٣ و ٣٣٤ و (ط دار الأضواء) ج١ ص٢٤١ ـ ٢٤٣.
٢- راجع كتابنا: الصحيح من سـيرة النبي الأعظم "صلىاللهعليهوآله " (الطبعة الرابعة) ج١٢ ص٦١ و (الطبعة الخامسة) ج١٣ ص٦٣ وكتاب حديث الإفك ص٦٠ و ٦١.
٣- راجع من دلائل الصدق ج١ ص٢١ و ٢٢.
إشـارة:
قلنا: إنه "عليهالسلام " مطهر من كل رجس، فلا تعرض الجنابة، ولكن اطلاق هذا النوع من التعابير على سبيل التساهل وجرياً على ما هو المتعارف منها في مرحلة الظاهر، وكانت لا تتحقق في واقع الأمر.
أبواب المهاجرين فقط:
ثم إن البيوت التي كانت أبوابها شارعة في المسجد إنما هي بيوت المهاجرين؛ ويؤيد ذلك ما روي في حديث مناشدة علي "عليهالسلام " لأهل الشورى، حيث يقول: "أكان أحد مطهراً في كتاب الله غيري، حين سد النبي "صلىاللهعليهوآله " أبواب المهاجرين، وفتح بابي؟!(١) .
بيت علي (عليهالسلام ) أم النبي (صلىاللهعليهوآله )؟! :
وقد حاول فضل بن روزبهان الإيهام بأن البيت كان للنبي "صلىاللهعليهوآله "، وكان علي "عليهالسلام " ساكناً في بيت النبي "صلىاللهعليهوآله "،
____________
١- اللآلي المصنوعة ج١ ص٣٦٢ وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج٥ ص٧٢٥ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٣١ ص٣٢٤ وضعفاء العقيلي ج١ ص٢١١.
أي أن الباب الذي أبقاه النبي "صلىاللهعليهوآله " مفتوحاً ليس باب بيت علي "عليهالسلام "، بل هو بيت النبي "صلىاللهعليهوآله " نفسه، فنسبته إلى علي أتت على سبيل التوسع والمجاز، فلا يبقى لعلي فضل.
قال ابن روزبهان: "كان المسجد في عهد رسول الله "صلىاللهعليهوآله "، وكان علي ساكناً بيت رسول الله "صلىاللهعليهوآله "، لمكان ابنته الخ..".
ونقول له:
إن الأخبار قد صرحت: بأن الباب لعلي، حتى تكلم الناس في استثناء بابه. ولو كان الباب للنبي "صلىاللهعليهوآله " لما كان ثمة مجال لكلامهم، واعتراضهم، وحسدهم(١) .
بل لا مجال لاستثناء هذا الباب أصلاً، لأن النبي "صلىاللهعليهوآله " أمرهم بسد أبوابهم، أما الباب الذي له فهو يعرف وظيفته، وتكليفه فيه.
أضف إلى ما تقدم: أن علياً "عليهالسلام " قد بنى بفاطمة في بيت حارثة بن النعمان(٢) ، وحارثة هذا كان قد أعطى للرسول "صلىاللهعليهوآله "
____________
١- راجع: دلائل الصدق ج٢ ص٢٦١ ـ ٢٦٧.
٢- بحار الأنوار ج١٩ ص١١٣ وإعلام الورى ص٧١ و (ط مؤسسة آل البيت) = = ج١ ص١٦١ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٢٥ ص٤٤٩ عن أخبار الموفقيات (ط بغداد) ص٣٧٥.
بيوتاً أخرى ليسكن بها أزواجه(١) .
خصوصية علي (عليهالسلام ) عند الجصاص:
وقال الجصاص: "ما ذكر من خصوصية علي "عليهالسلام " فهو صحيح، وقول الراوي: لأنه كان بيته في المسجد، ظن منه؛ لأن النبي "صلىاللهعليهوآله " أمر في الحديث الأول بتوجيه البيوت الشارعة إلى غيره، ولم يبح لهم المرور لأجل كون بيوتهم في المسجد؛ وإنما كانت الخصوصية فيه لعلي "عليهالسلام " دون غيره، كما خص جعفر بأن له جناحين في الجنة، دون سائر الشهداء الخ.."(٢) .
____________
١- بحار الأنوار ج١٩ ص١١٣ وإعلام الورى ص٧١ و (ط مؤسسة آل البيت) ج١ ص١٦١ والطبقات الكبرى ج٣ ص٤٨٨ وسير أعلام النبلاء ج٢ ص٣٨٠ وراجع: الوفاء لابن الجوزي ج١ ص٢٥٧ وتاريخ الخميس ج١ ص٣٦٦ ودلائل النبوة ج٥ ص١٣١ ووفاء الوفاء ج٢ ص٤٦٢ والسيرة الحلبية ج١ ص٣٣٦.
٢- أحكام القرآن للجصاص ج٢ ص٢٠٤ و (ط دار الكتب العلمية) ج٢ ص٢٥٦ والغدير ج٣ ص٢١٣.
الباب الرابع :
حرب أحد.. وحتى الخندق..
الفصل الأول :
الألوية.. والرايات..
بـدايـة:
تلقت قريش في بدر ضربة هائلة لم تكن تتوقعها، وكان من المفترض: أن تعي أن ما حصل لم يكن ليحصل لو لم تكن ثمة رعاية إلهية لهذا الدين وأهله.. وأن يدفعها ذلك إلى التخلي عن عنادها، وجحودها، وأن تعترف بما تستيقنه في قرارة نفسها.
ولكن ذلك لم يحصل، بل سول لها الشيطان أنها سوف تنتصر، وجمعت جموعها، واتصلت باليهود والمنافقين، واتصلوا بها، وجاءت إلى حرب أحد تقود الألوف من المقاتلين، فخورة بعدتها وعددها، وبلغ النبي "صلىاللهعليهوآله " ذلك، فخرج بالمسلمين لملاقاتها، وكانت المعركة عند جبل أحد، وقد كان لعلي "عليهالسلام " في هذه الحرب القدح المعلى الخ..
علي (عليهالسلام ) يطيع ولا يقترح:
وقد آثر النبي "صلىاللهعليهوآله " في حرب أُحد أن يشاور أصحابه في أمر الحرب، لأنهم هم المكلفون بمواجهة الأعداء. وجهاد أهل البغي والباطل، وعلى صحة نواياهم يتوقف صحة جهادهم، ونيلهم لمقام الكرامة والشهادة، حين يتعرض أي واحد منهم لها..