• البداية
  • السابق
  • 364 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 20373 / تحميل: 5454
الحجم الحجم الحجم
الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى)

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء 3

مؤلف:
العربية

الفصل الثاني :

الحرب.. والهزيمة.. نصوص.. وآثار..

١٦١

١٦٢

الوعود لوحشي:

لقد سارت قريش إلى حرب أُحد بحدها وجدها، وأحابيشها ومن تابعها، وكانوا ثلاثة آلاف مقاتل، وقيل خمسة آلاف، ومنهم سبعمائة دارع، ومعهم مئتا فرس، وكانوا بقيادة أبي سفيان..

وكان معهم وحشي غلام جبير بن مطعم، الذي وعده سيده جبير بالحرية، إن هو قتل محمداً، أو علياً، أو حمزة بعمه طعيمة بن عدي(1) .

____________

1- السيرة الحلبية ج2 ص217 و (ط دار المعرفة) ج2 ص488 والسيرة النبوية لدحلان (مطبوع بهامش الحلبية) ج2 ص20 وبحار الأنوار ج20 ص96 وعمدة القاري ج17 ص78 وصحيح ابن حبان ج15 ص480 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص243 وأسباب نزول الآيات ص193 والثقات لابن حبان ج1 ص221 وسير أعلام النبلاء ج1 ص174 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص188 والكامل في التاريخ ج2 ص149 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص169 والبداية والنهاية ج4 ص12 والسيرة النبوية لابن إسحاق ج3 ص302 والسيرة النبوية لإبن هشام ج3 ص582 وإعلام الورى ج1 ص180 وعيون الأثر ج1 ص406 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص20 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص183.

١٦٣

كما أن هنداً زوجة أبي سفيان حرضته على قتل واحد من هؤلاء الثلاثة، فقال وحشي: أما محمد فلن يسلمه أصحابه، وأما حمزة فلو وجده نائماً لما أيقظه من هيبته، وأما علي فإنه حذر مرس، كثير الإلتفات(1) .. ثم اختار أن يقتل حمزة "رحمه‌الله " فقتله بحربته المشؤومة..

وقد أظهر ما جرى لحمزة: أنه ليس للمحارب أن يعتمد على الشجاعة وحدها، أو على هيبته وخوف الناس منه، فقد يستغل بعض الجبناء غفلته، ويوقع به.

بل لا بد من الحذر الشديد، والتنبه المتواصل، وكثرة الإلتفات، ليبقى على علم بمحيطه الذي هو فيه، وليتمكن من معرفة المكامن، وما تختبئهُ له الثغرات المختلفة من حوله.. ثم ما يستجد عليها بإستمرار..

هزيمة المسلمين في أحد:

وكان النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " قد جعل في أحد على ثغرة في الجبل جماعة من الرماة، يحفظونها حتى لا ينفذ العدو منها، فلما نصر الله المسلمين في الجولة الأولى، وشرعوا بأخذ الغنائم ترك الرماة مواقعهم والتحقوا بهم. ولم يبق على تلك الثغرة سوى عشرة أشخاص..

____________

1- راجع: المغازي للواقدي ج2 ص285 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص243 وج15 ص11 والدرجات الرفيعة ص67 وأعيان الشيعة ج6 ص246 والمجالس الفاخرة ص287.

١٦٤

فاغتنمها خالد بن الوليد فهاجمهم وقتلهم، ثم أوقع المشركون بالمسلمين، وقتل أحد المشركين مصعب بن عمير، ظناً منه أنه هو النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " وكان معه لواء، فأعطاه النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " علياً وهو غير لواء الجيش الذي كان مع علي "عليه‌السلام " أيضاً.

ونادى قاتل مصعب: إن محمداً قد قتل، فازداد المشركون جرأة، وهزم المسلمون، ولم يبق مع النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " غير علي "عليه‌السلام " يدافع عنه..

قاتل أصحاب اللواء:

وقالوا: إن أبا سفيان حرض بني عبد الدار، وهم حملة لواء المشركين على الحرب وطلب طلحة بن أبي طلحة، حامل لواء المشركين البراز، فبرز إليه علي "عليه‌السلام " فقتله. فسر رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " بذلك، وكبر تكبيراً عالياً.

ويقال: إن طلحة سأل علياً "عليه‌السلام ": من هو؟!

فأخبره، فقال: قد علمت يا قضم: أنه لا يجسر علي أحد غيرك.

وقد ضربه علي "عليه‌السلام " على رأسه، ففلق هامته إلى موضع لحيته، وانصرف "عليه‌السلام " عنه، فقيل له: هلا ذففت عليه؟!

قال: إنه لما صرع استقبلني بعورته؛ فعطفتني عليه الرحم. وقد علمت

١٦٥

أن الله سيقتله، وهو كبش الكتيبة(1) .

وفي رواية أخرى: أنه صلوات الله وسلامه عليه قال: إنه ناشدني الله والرحم؛ فاستحييت. وعرفت أن الله قد قتله(2) .

وهذه الرواية هي الاولى بالقبول، فإن علياً "عليه‌السلام " ينساق وراء مبادئه، وواجباته، ولا يتصرف بدوافع عاطفية، أو عصبيات قبلية حين

____________

1- المغازي للواقدي ج1 ص226 وشرح نهج البـلاغـة للمعتزلي ج14 ص236 = = وراجع: البداية والنهاية ج4 ص23 وأعيان الشيعة ج1 ص255 و 386 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص593 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص39 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج2 ص119 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص194 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص498 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج18 ص29 و 82 وج23 ص552 وج30 ص149 وج32 ص352 و 356.

2- تاريخ الأمم والملوك ج2 ص194 والكامل في التاريخ ج1 ص152 ووفاء الوفاء ج1 ص293 والأغاني ج14 ص16 والنص والإجتهاد ص342 وجامع البيان ج4 ص166 وأعيان الشيعة ج1 ص386 وراجع: الإرشاد للمفيد ج1 ص86 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص381 وبحار الأنوار ج20 ص85 وج41 ص50 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص498 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص363 و 661 وج18 ص84 وج32 ص354 و 360

١٦٦

يجب عليه أن لا يوليها أي إعتبار.

وقيل: إن ذلك قد حصل لعلي "عليه‌السلام " مع أبي سعيد بن أبي طلحة. وثمة كلام آخر في المقام لا أهمية له.

وقال ابن هشام: "لما اشتد القتال يوم أحد، جلس رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " تحت راية الأنصار، وأرسل إلى علي "عليه‌السلام ": أن قدم الراية، فتقدم علي، وقال: أنا أبو القصم (والصحيح: أبو القضم)؛ فطلب أبو سعيد بن أبي طلحة ـ وكان صاحب لواء المشركين ـ منه البراز، فبرز إليه علي "عليه‌السلام "، فضربه، فصرعه". ثم ذكر قصة انكشاف عورته حسبما تقدم(1) .

واقتتل الناس، وحميت الحرب. وحارب المسلمون دفاعاً عن دينهم، وعن أنفسهم وديارهم فئة حاقدة، تريد أن تثأر لقتلاها في بدر، وهي أكثر منهم عدداً، وأحسن عدة.

ثم شد أصحاب رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " على كتائب المشركين،

____________

1- السيرة النبوية لابن هشام (ط مكتبة محمد علي صبيح) ج3 ص593 وتاريخ الخميس ج1 ص427 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج4 ص22 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص39 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج2 ص119 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص194 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج18 ص29 و 82 وج23 ص552 وج30 ص149 وج32 ص356.

١٦٧

فجعلوا يضربون وجوههم، حتى انتقضت صفوفهم، ثم حمل اللواء عثمان بن أبي طلحة، أخو طلحة السابق، فقتل، ثم أبو سعيد أخوهما، ثم مسافع؛ ثم كلاب بن طلحة بن أبي طلحة، ثم أخوه الجلاس، ثم أرطأة بن شرحبيل، ثم شريح بن قانط، ثم صواب، فقتلوا جميعاً.

وبقي لواؤهم مطروحاً على الأرض، وهزموا، حتى أخذته إحدى نسائهم، وهي عمرة بنت علقمة الحارثية، فرفعته، فتراجعت قريش إلى لوائها، وفيها يقول حسان:

ولـولا لـواء الحـارثـيـة أصبحـوا

يباعون في الأسواق بالثمن البخس

ويقال: إن أصحاب اللواء بلغوا أحد عشر رجلاً(1) .

قال الصادق "عليه‌السلام "، بعد ذكره قتل أمير المؤمنين "عليه‌السلام " لأصحاب اللواء: "وانهزم القوم، وطارت مخزوم، فضحها علي "عليه‌السلام " يومئذٍ"(2) .

وقالوا أيضاً: فأمعن في الناس حمزة وعلي، وأبو دجانة، في رجال من

____________

1- راجع: تاريخ الخميس ج1 ص427 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص236 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص141 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص498.

2- الإرشاد للمفيد ص52 و (ط دار المفيد) ج1 ص88 وبحار الأنوار ج20 ص87 عنه، وأعيان الشيعة ج1 ص256 و 387.

١٦٨

المسلمين، حتى هزم الله المشركين(1) .

تشكيكات الحاقدين:

لا ريب في أن علياً "عليه‌السلام " هو الذي قتل الذين حملوا لواء جيش المشركين في أحد، وكانوا أحد عشر رجلاً.. فلا يصغي لما يدَّعيه بعضهم حول أن فلاناً قتل هذا، وفلاناً الآخر قتل ذاك.. والدليل على ما نقول بالإضافة إلى النصوص المتقدمة، ما يلي:

1 ـ قولهم: كان الذي قتل أصحاب اللواء علي "عليه‌السلام "، قاله أبو رافع، ثم تستمر الرواية بذكر التفاصيل، إلى أن تذكر مناداة جبريل "عليه‌السلام ":

ولا فــتــى إلا عــــــلي(2)

لا سـيـف إلا ذو الـفَـقـــار

2 ـ قد صرح عدد من المؤرخين وغيرهم: بأنه "عليه‌السلام " قد قتل أصحاب اللواء(3) .

____________

1- راجع: الكامل في التاريخ ج2 ص153 وتاريخ الخميس ج1 ص427 والنص والإجتهاد ص342 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج32 ص360.

2- تقدمت مصادر هذا الحديث..

3- راجع: الكامل في التاريخ ج2 ص154 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص197 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص293 عن الإسكافي، وليراجع: آخر العثمانية للجاحظ ص340 وبحار الأنوار ج20 ص144 وج38 ص325 ومناقب أهل البيت "عليهم‌السلام " للشيرواني ص117 والنص والإجتهاد ص342 وأعيان الشيعة ج1 ص256 و 386 والعمدة لابن البطريق ص200 والطرائف لابن طاووس ص65 وذخائر العقبى ص68 والصراط المستقيم ج2 ص58 والغدير ج2 ص59 والمعجم الكبير للطبراني ج1 ص318 ونظم درر = = السمطين ص120 وكنز العمال ج13 ص143 وقاموس الرجال للتستري ج9 ص402 ونهج الإيمان ص177 و 482 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج1 ص91 ونهج الحق ص218 وغاية المرام ج5 ص27 و 35 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج5 ص84 و 284 وج7 ص443 وج16 ص155 و 164 و 419 وج21 ص133 وج22 ص162 و 581 وج32 ص358 و 361.

١٦٩

3 ـ عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن آبائه "عليهم‌السلام "، قال: كان أصحاب اللواء يوم أحد تسعة، قتلهم علي بن أبي طالب، عن آخرهم(1) .

وقد علم: أنه "عليه‌السلام " قد قتل نصف قتلى المشركين في أحد كما تقدم(2) .

____________

1- الإرشاد للمفيد ج1 ص88 وبحار الأنوار ج20 ص87 عنه، وكشف الغمة ج1 ص194 وأعيان الشيعة ج1 ص256 و 387 وراجع: شجرة طوبى ج2 ص278.

2- راجع: الإرشاد للمفيد ج1 ص90 وبحار الأنوار ج20 ص88 وكشف الغمة ج1 ص195 والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص66 وراجع: أعيان الشيعة ج1 ص390 ومجمع البيان ج2 ص500 وبحار الأنوار ج20 ص22 وراجع: سيرة مغلطاي ص50 وتاريخ الخميس ج1 ص447 والسيرة الحلبية وراجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج15 ص54.

١٧٠

الذي يجاحش على السلب:

وذكروا: أن سعد بن أبي وقاص قتل بطلاً في حرب أحد، رماه بسهم، ثم أخذ يسلبه درعه، فنهض إليه نفر فمنعوه سلبه، وكان أجود سلب لمشرك، درع فضفاضة، مغفر، وسيف جيد، يقول سعد: ولكن حيل بيني وبينه(1) .

قال المعتزلي: "قلت: شتان بين علي وسعد، هذا يجاحش(2) على السلب، ويتأسف على فواته، وذاك يقتل عمرو بن عبد ودّ يوم الخندق، وهو فارس قريش، وصنديدها، فيقول: كرهت أن أبز السبي ثيابه.

فكأن حبيباً (يعني أبا تمام الطائيرحمه‌الله ) عناه بقوله:

إن الأسـود أسـود الغـاب همتهـا

يوم الكريهة في المسلوب لا السلب(3)

علي (عليه‌السلام ) وكتائب المشركين:

وحين انهزم الناس عن النبي في أُحد غضب "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، ونظر إلى جنبه، فإذا علي "عليه‌السلام "؛ فقال: ما لك لم تلحق ببني أبيك؟!

____________

1- راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص237 وأعيان الشيعة ج1 ص255.

2- جاحش: دافع وقاتل.

3- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص237 وأعيان الشيعة ج1 ص255

١٧١

فقال "عليه‌السلام ": يا رسول الله، أكفر بعد إيمان؟! إن لي بك أسوة(1) .

قال أبو رافع: كان علي هو الذي قتل أصحاب اللواء، وصارت تحمل كتائب المشركين على رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، فيقول: يا علي، اكفني هذه؛ فيحمل عليهم، فيفرقهم، ويقتل فيهم.

حتى قصدته كتيبة من بني كنانة، فيها بنو سفيان بن عويف الأربعة، فقال له "صلى‌الله‌عليه‌وآله ": اكفني هذه الكتيبة، فيحمل عليها، وإنها لتقارب خمسين فارساً، وهو "عليه‌السلام " راجل، فما زال يضربها بالسيف حتى تتفرق عنه ثم تجتمع عليه هكذا مراراً حتى قتل بني سفيان بن عويف الأربعة وتمام العشرة منها، ممن لا يعرف بأسمائهم، فقال جبريل "عليه‌السلام ": يا محمد، إن هذه المواساة، لقد عجبت الملائكة من مواساة هذا الفتى!

فقال "صلى‌الله‌عليه‌وآله ": وما يمنعه، وهو مني وأنا منه؟!

فقال جبريل: وأنا منكما. ثم سمع مناد من السماء:

ولا فــتــى إلا عــــــلي

لا سـيـف إلا ذو الـفـقـــار

فسئل "صلى‌الله‌عليه‌وآله " عنه؛ فقال: هذا جبريل(2) .

____________

1- إعلام الورى ج1 ص177 وبحار الأنوار ج20 ص95 و 107 والكافي ج8 ص110 وقصص الأنبياء للراوندي ص339 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم‌السلام " للنجفي ج11 ص114.

2- النص المتقدم في أكثره للمعتزلي في شرح نهج البلاغة ج14 ص250 و 251 وج10 ص182 وراجع ج13 ص293 عن الزاهد اللغوي غلام ثعلب، وعن محمد بن حبيب في أماليه، وراجع الرواية في الأغاني (ط ساسي) ج14 ص18 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص197 والكامل في التاريخ ج2 ص154 وفرائد السمطين، الباب الخمسون ج1 ص257 ومجمع الزوائد ج6 ص114 و 122 عن البزار وعن الطبراني، وكنز العمال ج15 ص126 والبداية والنهاية ج6 ص5 واللآلي المصنوعة ج1 ص365 وتفسـير القمي ج1 ص116 وبحـار الأنـوار ج20 ص54 و 95 = = و 105 و 107 و 102 عن القمي، وعلل الشرايع ص7 باب 7 والإرشاد ص46 وإعلام الورى، وتفسير فرات ص24 و 26 والكافي ج8 ص110 وعيون أخبار الرضا ج1 وحياة الصحابة ج1 ص559 وربيع الأبرار ج1 ص833 والمناقب للخوارزمي ص103 إلا أن فيه: أن ذلك كان في بدر. والغدير ج2 ص59 ـ 61 عن العديد من المصادر، والسيرة النبوية لابن هشام ج2 ص106 وتاريخ ابن عساكر ترجمة علي "عليه‌السلام " (بتحقيق المحمودي) ج1 ص148 و 149 و 150 وفي هامشه عن الفضائل لاحمد بن حنبل الحديث رقم 241 والمعجم الكبير للطبراني ج1 ص318 وغاية المرام ص457 وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج1 ص343 والرياض النضرة المجلد الثاني ج3 ص131 وعن علي بن سلطان في مرقاته ج5 ص568 عن أحمد في المناقب، والمجالس الفاخرة للسيد شرف الدين ص284.

١٧٢

قال المعتزلي: "..قلت: وقد روى هذا الخبر جماعة من المحدثين، وهو من الأخبار المشهورة، ووقفت عليه في بعض نسخ مغازي محمد بن إسحاق، ورأيت بعضها خالياً منها، وسألت شيخي عبد الوهاب بن

١٧٣

سكينة "رحمه‌الله " عن هذا الخبر، فقال: هذا الخبر صحيح الخ.."(1) .

وبعد أن صد أمير المؤمنين "عليه‌السلام " تلك الكتائب، لم يعد منهم أحد(2) .

وأصيب أمير المؤمنين "عليه‌السلام " بجراح كثيرة، كما سنذكره في الفصل التالي إن شاء الله.

حرب أحد في مناشدات علي (عليه‌السلام ) :

وقد ذكر علي "عليه‌السلام " بعض ما جرى في أُحد في مناشدته لأهل الشورى:

1 ـ روى الصدوق بإسناده عن عامر بن واثلة في خبر الشورى، قال أمير المؤمنين "عليه‌السلام ": نشدتكم بالله هل فيكم من قال له جيرئيل: يا محمد ترى هذه المواساة من علي؟!

فقال رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله ": إنه مني وأنا منه.

فقال جبرئيل: "وأنا منكما" غيري؟!

قالوا: اللهم لا

____________

1- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص251.

2- الإرشاد للمفيد ص53 و (ط دار المفيد) ج1 ص89 وبحار الأنوار ج20 ص88 وأعيان الشيعة ج1 ص389 والدر النظيم ص161.

١٧٤

قال: نشدتكم بالله، هل فيكم أحد قتل من بني عبد الدار تسعة مبارزة، كلهم يأخذ اللواء، ثم جاء صواب الحبشي مولاهم وهو يقول:

والله لا أقتل بسادتي إلا محمداً، قد أزبد شدقاه، واحمرت عيناه، فاتقيتموه وحدتم عنه، وخرجت إليه، فلما أقبل كأنه قبة مبنية، فاختلفت أنا وهو ضربتين فقطعته بنصفين، وبقيت رجلاه وعجزه وفخذاه قائمة على الأرض، تنظر إليه المسلمون، ويضحكون منه؟!

قالوا: اللهم لا(1) .

2 ـ عن أبي جعفر "عليه‌السلام " في خبر الشورى قال: قال أمير المؤمنين "عليه‌السلام ": نشدتكم بالله، هل فيكم أحد وقفت الملائكة معه يوم أحد حين ذهب الناس غيري؟!

قالوا: لا.

قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد سقى رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " من المهراس غيري؟!

قالوا: لا(2) .

____________

1- الخصال ج2 ص121 ـ 124 و (ط مركز النشر الإسلامي) ص560 وبحار الأنوار ج20 ص69 وج31 ص324 عنه.

2- الإحتجاج ص73 و 74 و (ط دار النعمان) ج1 ص199 ـ 203 وبحار الأنوار ج20 ص69 وج31 ص337 و 380 عنه، ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج3 ص217 ـ 221 وغاية المرام ج2 ص129 ـ 132 و 330 والأمالي للطوسي ص551.

١٧٥

المهراس: صخرة منقورة تسع كثيراً من الماء، وقد يعمل منه حياض للماء، وقيل: المهراس في هذا الحديث اسم ماء بأحد.

تكبير رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) :

تقدم: أن النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، كبر تكبيراً عالياً، حين قتل علي "عليه‌السلام " حامل لواء المشركين، طلحة بن أبي طلحة.. ربما ليلفت نظر المشركين والمسلمين على حد سواء إلى هذا الإنجاز الذي لا بد أن يفت في عضد المشركين، ويكسر من حدة اندفاعهم، ويقوي من عزيمة المؤمنين، ويثبتهم، ويثير لديهم الطموح بتحقيق إنجازات أكثر وأكبر، ويعرف هؤلاء وأولئك أن مصير الحرب لا تحدده كثرة العدد، ولا حسن العدة، بل تحدد الإرادة والعزيمة والإيمان..

إنه مِنّي، وأنا منه:

إن قول النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " عن علي "عليه‌السلام ": إنه مني وأنا منه، لا بد أن نتدبر معناه ومغزاه.

وهو قريب من قوله "صلى‌الله‌عليه‌وآله ": حسين مني وأنا من حسين. أي أنهم نور واحد، بعضهم من بعض.

أمير المؤمنين "عليه‌السلام " من شجرة النبي، وسائر الناس من شجر

١٧٦

شتى، هذه الشجرة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء. وهو "عليه‌السلام " من طينة رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، لحمه لحمه، ودمه دمه. وهو من النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " سلوكاً، وعقيدة، ومبدأ، ونضالاً، وأدباً، وخلوصاً، وصفاء، الخ..

كما أن النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " هو الذي صنع علياً، وعلّمه، وربّاه، وأدّبه.

ومن الجهة الأخرى، فإن النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " أيضاً من علي، حيث إن الوجود الحقيقي للنبي الأكرم "صلى‌الله‌عليه‌وآله " إنما هو بوجود دينه، ومبدئه، وفكره، وعقيدته، وسلوكه، ومواقفه، ورسالته؛ فهذا النبي بما له من صفة النبوة المتضمنة لحمل الرسالة هو من علي، وعلي "عليه‌السلام " هو الذي سوف يبعثه من جديد من خلال إحيائه لمبادئه، وفضائله، وآدابه، وعلومه، وغير ذلك.

وهكذا كان؛ فلولا علي "عليه‌السلام " لم يبق الإسلام، ولا حفظ الدين.

حتى إننا نجد أحدهم يصلي خلف علي "عليه‌السلام " مرة؛ فيقول: إنه ذكره بصلاة رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "(1) .

____________

1- راجع: صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج1 ص191 و 200 وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج2 ص8 وأنساب الأشراف (ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص180 والسنن الكبرى للبيهقي ج2 ص68 و 134 والسنن الكبرى للنسائي ج1 ص227 و 352 وكنز العمال ج8 ص143 عن عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، والمعجم الكبير للطبراني ج18 ص126 والجامع لأحكام القرآن ج1 ص172 والمصنف للصنعاني ج2 ص63 والمجموع للنووي ج3 ص398 ومسند أبي داود ص111 ومسند أبي عوانة ج2 ص105 والإستذكار لابن عبد البر ج1 ص414 ومسند أحمد ج4 ص428 و 429 و 440 و 441 و 444 و 400 و 415 و 392 في موضعين و 432 والغـديـر ج10 ص202 و 203 وكشف الأستار عن مسند البزار ج1 ص260 والبحر الزخار ج2 ص254 وسنن النسائي (ط دار الفكر) ج3 ص2 وسبـل الهـدى والـرشـاد ج8 ص113 والتمهيد لابـن عبد الـبر ج9 = = ص176 وعمدة القاري ج6 ص59 و 100 وسنن أبي داود ج1 ص192 وعون المعبود ج3 ص45 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص603.

١٧٧

هذه الصلاة التي لم يبق منها إلا الأذان، وحتى الأذان غيروه(1) .

ويلاحظ هنا: أنه "صلى‌الله‌عليه‌وآله " قدم قوله: (إنه مني)، تماماً كما قدم قوله: "حسين مني"، لأن صناعة النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " لهم سابقة على إحيائهم لدينه. فعقائد، ونهج، وفكر، ونفسية، ودين، وخصائص، وآداب النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، لسوف يبعثها علي والحسين "عليهما

____________

1- شرح الموطأ للزرقاني ج1 ص221 وتنوير الحوالك ج1 ص93 ـ 94 عن الباجي، وراجع مصادر ذلك في الجزء الأول من كتابنا الصحيح من سيرة النبي الأعظم "صلى‌الله‌عليه‌وآله ".

١٧٨

السلام"؛ وهكذا العكس.

ومن هنا صح للنبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " أن يقول: أنا وأنت يا علي أبوا هذه الأمة(1) .

____________

1- راجع: تفسير البرهان ج1 ص369 ومعاني الأخبار 52 و 118 وعيون أخبار الرضا ج2 ص85 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج1 ص91 وعلل الشرائع ص127 وكمال الدين ص261 والأمالي للصدوق ص65 و 411 و 755 والميزان ج4 ص357 وبحار الأنوار ج16 ص95 و 364 وج23 ص128 و 259 وج26 ص264 و 342 وج36 ص6 و 9 و 11 و14 و 255 وج38 ص92 و 152 وج39 ص93 وج40 ص45 وج66 ص343 وكتاب الأربعين للماحوزي ص238 والمراجعات= = ص286 وجامع أحاديث الشيعة ج1 ص149 وج18 ص311 و312 ومستدرك سفينة البحار ج9 ص264 وج10 ص455 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص300 وروضة الواعظين ص322 وخاتمة المستدرك ج5 ص14 والغارات للثقفي ج2 ص717 و 745 وكنز الفوائد للكراجكي ص186 والعمدة لابن البطريق ص345 والروضة في فضائل أمير المؤمنين ص133 وسعد السعود ص275 والعقد النضيد والدر الفريد ص70 والمحتضر للحلي ص73 والصراط المستقيم ج1 ص242 و 243 وكتاب الأربعين للشيرازي ص47 و 74 والإمام علي بن أبي طالب "عليه‌السلام " للهمداني ص76 و 787 ومسند الإمام الرضا "عليه‌السلام " للعطاردي ج1 ص80 و 221 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم‌السلام " للنجفي ج7 ص243 وتفسير أبي حمزة الثمالي ص159 والتفسير المنسوب للإمام العسكري "عليه‌السلام " ص330 والصافي ج1 ص150 وج4 ص165 و 166 وج5 ص52 وج6 ص12 و 13 و 520 ونور الثقلين ج4 ص237 و 238 وكنز الدقائق ج1 ص286 وج2 ص440 ومفردات غريب القرآن للراغب ص7 وتفسير الآلوسي ج22 ص31 وبشارة المصطفى ص97 و 254 ونهج الإيمان ص625 و 629 وتأويل الآيات لشرف الدين الحسيني ج1 ص74 و 128 وينابيع المودة ج1 ص370 واللمعة البيضاء ص81 و 123 ومشارق أنوار اليقين ص43 و 289 وغاية المرام ج1 ص177 و 250 وج2 ص179 و 211 وج3 ص70 وج5 ص118 و 122 و 299 و 301 و 303 وج6 ص66 و 155 و 166 و 167 وج7 ص128 وشـرح إحقـاق الحـق (الملحقـات) ج4 ص100 و 227 و 366 وج5 = = ص95 وج7 ص216 وج13 ص77 وج15 ص518 و 519 وج20 ص230 وج22 ص280 و 282 و 346 وج23 ص580 و 621.

١٧٩

كما أنه ليس من البعيد أن يكون جبرئيل "عليه‌السلام " كان يستفيد ويتعلم من النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " ومن علي "عليه‌السلام "، ولأجل ذلك قال: وأنا منكما.

وقد ناشدهم أمير المؤمنين بهذه القضية بالذات في الشورى(1) ، وذلك يؤكد مغزاها العميق، ومدلولها الهام.

____________

1- تقدمت مصادر ذلك.

١٨٠