• البداية
  • السابق
  • 364 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 20377 / تحميل: 5455
الحجم الحجم الحجم
الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى)

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء 3

مؤلف:
العربية

مخزوم وعلي (عليه‌السلام ) :

إن ما روي عن الإمام الصادق "عليه‌السلام " من أنه قال: "وطارت مخزوم، فضحها علي "عليه‌السلام " يومئذ.." قد يوضح لنا بعض السبب في حقد خالد بن الوليد المخزومي، الذي كان على ميمنة جيش المشركين في أحد على أمير المؤمنين "عليه‌السلام " الذي قتل عدداً من فراعنتهم(1) .

ورووا عن النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " أنه قال: "إن أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلاً، وتشريداً، وإن أشد قومنا لنا بغضاً بنو أمية، وبنو المغيرة، وبنو مخزوم"(2) .

____________

1- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص235 وج15 ص84 وعمدة القاري ج17 ص139 والتفسير الكبير للرازي ج9 ص20 وجامع البيان ج4 ص168 وتفـسـير القـرآن العظـيم ج1 ص409 والثقـات لابن حبان ج1 ص225 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص192 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص166 والبداية والنهاية ج4 ص17 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص25 والسيرة النبوية لابن إسحاق ج3 ص305 والسيرة النبويـة لابن هشـام ج3 = = ص586 وعيون الأثر ج1 ص412 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص30 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص191 والمجالس الفاخرة ص280.

2- المستدرك للحاكم ج4 ص487 والملاحم والفتن لابن طاووس ص83 والصوارم المهرقة ص74 و 198 و 290 والغدير ج8 ص250 وكنز العمال ج11 ص169 وكتاب الفتن لابن حماد المروزي ص73 وإمتاع الأسماع ج12 ص301 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص152 وشرح إحقاق الحق ج2 ص381 وفلك النجاة لفتح الدين الحنفي ص55.

١٨١

أين هو علي (عليه‌السلام )؟! :

وتحاول بعض الروايات أن تتجاهل علياً "عليه‌السلام " في أحد، فتقول: إن الزبير والمقداد كانا على الخيل، وحمزة بالجيش بين يدي النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله "..

وأقبل خالد وهو على ميمنة المشركين، وعكرمة، وهو على ميسرتهم، فهزمهم الزبير والمقداد، وحمل النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " فهزم أبا سفيان(1) .

وهي رواية مكذوبة لما يلي:

أولاً: لم يكن مع المسلمين فرس(2) .

وقيل: كان مع النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " فرسه، وفرس لأبي بردة بن

____________

1- الكامل في التاريخ ج2 ص152 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص193 وأعيان الشيعة ج1 ص253 وجامع البيان ج4 ص167 والدر المنثور ج2 ص83.

2- وفاء الوفاء ج1 ص284 و 285 عن ابن عقبة، وسبل الهدى والرشاد ج4 ص189 و 249 وعمدة القاري ج10 ص246 وج17 ص139 والبداية والنهاية ج4 ص15 وعيون الأثر ج1 ص412 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص26 والسيرة الحلبية ج2 ص221 و (ط دار المعرفة) ج2 ص495 والجامع لأحكام القرآن ج4 ص186 وفتح الباري ج7 ص269.

١٨٢

نيار(1) .

وقيل: كان معهم فرس واحد(2) .

أما العشرة أفراس التي غنمها المسلمون في بدر، فلعلها نفقت أو بيعت، أو أن اصحابها لم يشاركوا في حرب أحد لأسباب تخصهم، من مرض أو سفر ونحوه، أو أنهم ممن رجع مع عبد الله بن أبي..

ثانياً: لا ندري أين كان علي بن أبي طالب الذي قتل جميع أصحاب اللواء، وأبناء سفيان بن عويف الأربعة، وغيرهم.. وهزم الله المشركين على

____________

1- تاريخ الأمم والملوك (ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص190 و 421 والكامل في التاريخ ج2 ص151 و 314 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار صادر) ج1 ص489 وج2 ص39 وإمتاع الأسماع ج7 ص198 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص228 وفتح الباري ج7 ص269 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص189 و 249 وج7 ص396 وأسد الغابة ج5 ص146 وأعيان الشيعة ج1 ص253 وج10 ص261 والسيرة الحلبية ج2 ص221 و (ط دار المعرفة) ج2 ص495 وعيون الأثر ج1 ص412 و 413 وج2 ص409 وعمدة القاري ج10 ص246 وج14 ص282 وج17 ص139 وتركة النبي لابن زيد البغدادي ص96 والإستيعاب ج4 ص1609.

2- المعجم الأوسط ج8 ص164 ومجمع الزوائد ج6 ص117 عن الطبراني، والإستذكار لابن عبد البر ج5 ص21 وإمتاع الأسماع ج1 ص340 وحيـاة = = الصحابة ج3 ص769 وكنز العمال ج3 ص135 و (ط مؤسسة الرسالة) ج5 ص630 عن الطيالسي.

١٨٣

يديه، وقد قتل نصف قتلى المشركين في أحد أيضاً..

علي (عليه‌السلام ) لم يقتل كبش كتيبة المشركين:

وقولهم: إن علياً "عليه‌السلام " لم يقتل كبش كتيبة المشركين، لأن الرحم عطفته عليه.. لا يصح.

والصحيح هو: أنه استحيا حين ظهرت عورته، بعد أن ناشده الرحم، فلاحظ:

أولاً: إنه "عليه‌السلام " لم يكن ليرحم من حادّ الله ورسوله.. خصوصاً إذا كان كبش كتيبة المشركين، لأن ذلك يكون أدعى لقتله، ولعل الصحيح هو أنه قيل له: ألا أجزت (أي أجهزت) عليه؟!

فقال: ناشدني الله والرحم، ووالله لا عاش بعدها أبداً"(1) ..

وربما يقال: إن انصرافه عنه ليس لأجل عطفه عليه، بل لأجل أن يعرفه أن الإسلام لا يقطع الأرحام، بل يرعاها ويراعيها، ليكون ذلك زيادة في حسرة ذلك الخبيث الذي أصبح بحكم الميت..

ثانياً: إنه إذا كان سيف علي "عليه‌السلام " قد بلغ من ذلك المشرك موضع لحيته، فإنه لن يكون قادراً على مناشدة علي "عليه‌السلام " ولا غيره.. إلا إن كانت المناشدة قد حصلت قبل ذلك..

____________

1- الإرشاد للمفيد (ط دار المفيد) ج1 ص86 وبحار الأنوار ج20 ص86 عنه.

١٨٤

ثالثاً: إن الرواية تذكر أنه استقبله بعورته فانصرف عنه، فيكون انصرافه عنه تكرماً ونبلاً، وطاعة لله تعالى.. بعد أن أصبح في غنى عن "التدفيف" عليه، ولو أراد ذلك فسيشاهد منه، ما لا يحسن مشاهدته..

وقد ابتلي "عليه‌السلام " بمثل هذا البلاء مرة أخرى مع عمرو بن العاص في حرب صفين، الذي توصل بإظهار عورته للنجاة بنفسه، لأنه يعلم أن علياً "عليه‌السلام " يربأ بنفسه عن مثل ذلك(1) ..

أكفر بعد إيمان؟ لي بك أسوة:

إن الفرار من الزحف ليس من المفردات التي يكفر الناس بسببها، وإن كان من عظائم الذنوب، فما معنى ما تقدم من أنه حين فر المسلمون قال رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " لعلي "عليه‌السلام ": ما لك لم تلحق بني أبيك؟!

فقال "عليه‌السلام ": يا رسول الله، أكفر بعد إيمان؟! إن لي بك أسوة(2) .

وعند المفيد: أنه "صلى‌الله‌عليه‌وآله " قال له: مالك لا تذهب مع

____________

1- هذه القصة معروفة ومشهورة لا تحتاج إلى ذكر مصادرها.

2- إعلام الورى ج1 ص177 وبحار الأنوار ج20 ص95 و 107 والكافي ج8 ص110 وقصص الأنبياء للراوندي ص339 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم‌السلام " للنجفي ج11 ص114.

١٨٥

القوم؟!

فقال "عليه‌السلام ": أذهب وأدعك يا رسول الله؟! والله لا برحت حتى أقتل، أو ينجز الله لك ما وعدك من النصر.

فقال له النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله ": أبشر يا علي، فإن الله منجز وعده، ولن ينالوا منا مثلها أبداً(1) .

ثم ذكر رده "عليه‌السلام " للكتائب عنه "صلى‌الله‌عليه‌وآله ".

وفي نص آخر قال له: أأرجع كافراً بعد إسلامي؟!(2) .

ونحن نرى: أن الصحيح هو أنه قال: أكفر بعد إيمان؟!.. لأن قوله: أأرجع كافراً بعد إسلامي؟! قد يوحي بأنه كان كافراً وأسلم. وهذا غير صحيح..

وفي نص آخر: أنه لما سأل النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " ما صنع الناس؟!

قال "عليه‌السلام ": كفروا يا رسول الله، وولوا الدبر، وأسلموك(3) .

____________

1- الإرشاد ج1 ص89 وبحار الأنوار ج20 ص87 وحلية الأبرار ج2 ص431 وأعيان الشيعة ج1 ص388 وكشف الغمة ج1 ص194.

2- الإرشاد للمفيد ج1 ص85 وبحار الأنوار ج20 ص85 ومستدرك الوسائل ج11 ص72 وشرح الأخبار ج1 ص476 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص168 والدر النظيم ص160 وكشف الغمة ج1 ص193.

3- الإرشاد للمفيد ج1 ص86 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص315 وحلية الأبرار ج2 ص430 وبحار الأنوار ج20 ص86 وج41 ص83 وإعلام الورى ج1 ص378 والدر النظيم ص161 وكشف الغمة ج1 ص194.

١٨٦

لكن بعض الروايات ذكرت: أن هذه الحادثة قد جرت مع أبي دجانة(1) .

والسؤال هنا هو: هل صحيح أن الذين فروا عن رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " لهم أحكام الكفر؟!

ونجيب بما يلي:

1 ـ إن أخذنا برواية علل الشرايع التي تقول: إن هذه القضية قد حصلت مع أبي دجانة سقط الإشكال من أساسه.

لكن هذه الرواية غير سليمة، فإن النصوص تؤكد على أن علياً "عليه‌السلام " قد ثبت وحده.. إلا أن يكون أبو دجانة قد فر أولاً ثم عاد، فجرت هذه القصة له بعد عودته، أو أن فراره قد حصل بعد ذلك وحيث تأزمت الأوضاع.

ويبقى السؤال وهو: أنه إذا كان قد حصل ذلك بالفعل، وكان علي وأبا دجانة معاً قد ثبتا، فلماذا لم يسأل النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " علياً "عليه‌السلام " وأبا دجانة معاً، إلا إن كان "صلى‌الله‌عليه‌وآله " يعامل علياً معاملة

____________

1- علل الشرايع ص14 و (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص7 وبحار الأنوار ج20 ص70 وحلية الأبرار ج2 ص433 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم‌السلام " للنجفي ج8 ص342.

١٨٧

نفسه، فوجه السؤال لأبي دجانة على هذا الأساس

2 ـ إن قوله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " لعلي: لِمَ لا تلحق ببني أبيك، يدل على مدى تغيظه من ذلك الفعل الشنيع الذي صدر منهم!!

3 ـ إنه يريد أن يبين فضل علي "عليه‌السلام " على من سواه، من حيث ثباته في الأهوال وإقتحامه المخاطر.

ثم من حيث ما يملكه من وعي وإيمان، ويقين وبصيرة في دينه، وثبات على مبادئه..

وهذا الثبات ليس نتيجة شجاعة متهورة، بل هو نتيجة فكر وقناعة، وإعتقاد، ورؤية واضحة.

4 ـ إنه "صلى‌الله‌عليه‌وآله " حسب النص الذي ذكرناه أولاً لم يقل له: لم لا تلحق بإخوانك، أو رفقائك، أو نحو ذلك، بل أشار إلى الجهة النسبية.. ليأتيه الجواب من علي "عليه‌السلام ": أن المعيار عنده ليس هو النسب، والعشيرة، والقوم، وإنما هو الإيمان، ومقتضياته، ودواعيه، ومسؤولياته..

5 ـ إن الفرار من الزحف حين يكون مع الإلتفات إلى وجود رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، وإلى أن هذا الفرار من شأنه أن يعرض حياة النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " للخطر، وهو يحمل معه الدلالة على عدم الإهتمام للدفع والدفاع عنه "صلى‌الله‌عليه‌وآله " ، فإنه يكون من موجبات الكفر، والخروج من الدين..

أما حين يكون هذا الفرار بسبب الإندهاش الذي يفقد الإنسان القدرة

١٨٨

على وعي الأمور، ويصرفه عن الإلتفات إلى ما ينبغي الإلتفات إليه، ويسلب منه الحرص على ما يجب الحرص عليه، فلا يوجب الكفر بعد الإيمان..

من أجل ذلك نقول:

إن الكثيرين من الذين فروا كانوا يعرفون أنهم يفرون عن رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، وقد أهمتهم أنفسهم، ولم يهتموا له، وذلك تفريط منهم به، ومن دلائل ضعف إيمانهم، وشدة تعلقهم بالدنيا..

6ـ واللافت هنا: أن عمر بن الخطاب قال للنبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله ": يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي.

فقال النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " له: لا والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك.

فقال عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي.

فقال "صلى‌الله‌عليه‌وآله ": الآن يا عمر؟!(1) .

____________

1- راجع: مسند أحمد ج4 ص233 و 336 وج5 ص293 وصحيح البخاري ج4 ص92 و (ط محمد علي صبيح بمصر) ج8 ص161 و (ط دار الفكر) ج7 ص218 وعمدة القاري ج1 ص144 وج23 ص169 والمعجـم الأوسط ج1 = = ص102 وكنز العمال ج12 ص600 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص356 وج3 ص476 وتاريخ مدنية دمشق ج19 ص87 وفتح البـاري ج1 ص56 وإمتـاع الأسماع ج13 ص173 وخلاصة عبقات الأنوار ج9 ص63 والشفـا بتعريف حقوق المصطفى ج2 ص19 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص476 وج11 ص430 وسيرتنا وسنتنا للأميني ص26 وراجع: المستدرك للحاكم ج3 ص456 والدر المنثور ج3 ص223

١٨٩

وقوله "صلى‌الله‌عليه‌وآله ": الآن يا عمر؟! قد جاء ـ فيما يظهر ـ على سبيل الإستفهام الإنكاري.. إذ لا يعقل أن يتحول في نفس اللحظة من النقيض إلى النقيض مما كان عليه..

وقد قال تعالى:( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) (1) .

____________

1- الآية 24 من سورة التوبة.

١٩٠

الفصل الثالث :

الثابتون والمنهزمون في أحد..

١٩١

١٩٢

١٩٣

لم يثبت غير علي (عليه‌السلام ) :

وقد تضاربت الروايات في عدد الذين ثبتوا مع رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، في أُحد وتبدأ من واحد.. حتى تصل إلى ثلاثين رجلاً..

والصحيح: أن علياً "عليه‌السلام " هو الذي ثبت وحده مع رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، وانهزم الباقون، ثم صاروا يرجعون إلى القتال واحداً تلو الآخر، فالظاهر: أن كل راجع كان يخبر عمن وجدهم مع رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، ممن سبقوه إليه، متخيلاً أنهم لم يفروا عنه.

ويدل على أن علياً قد ثبت، وفرَّ سائرهم:

1 ـ ما روي عن ابن عباس: لعلي أربع خصال: هو أول عربي وعجمي صلى مع رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، وهو الذي كان لواؤه معه في كل زحف، وهو الذي صبر يوم المهراس (يعني يوم أحد)، انهزم الناس كلهم غيره، وهو الذي غسله وأدخله قبره(1) .

____________

1- المناقب للخوارزمي ص21 و22 و (ط مركز النشر الإسلامي) ص58 والإرشاد للمفيد ص48 و (ط دار المفيد) ج1 ص79 وتيسير المطالب ص49 وذخـائر العقبى ص86 وبحار الأنوار ج20 ص81 وج38 ص240 و 256 ومناقب = = أهل البيت "عليهم‌السلام " للشيرواني ص39 والإستيعاب ج3 ص27 و (ط دار الجيل) ج3 ص1090 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص117 ونظم درر السمطين ص134 وشواهد التنزيل ج1 ص118 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص72 وكشف الغمة ج1 ص79 و 190 وراجع: المستدرك للحاكم ج3 ص111 وتلخيصه للذهبي بهامشه، وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج4 ص454 و 455 وج15 ص430 و 654 وج20 ص457 وج22 ص146 وج23 ص509 وج31 ص296 و 604 وتهذيب الكمال ج20 ص480 والوافي بالوفيات ج21 ص178 والعدد القوية ص244 وبناء المقالة الفاطمية ص133 ومنهاج الكرامة ص95 وغاية المرام ج5 ص175 وراجع: والخصال ج1 ص210 و 33 وكفاية الطالب ص336.

١٩٤

2 ـ وقال القوشجي: "فانهزم الناس عنه سوى علي إلخ.."(1) .

3 ـ وقالوا: كان الفتح يوم أحد بصبر علي "عليه‌السلام "(2) . فلو كان

____________

1- شرح التجريد للقوشجي ص486 ودلائل الصدق ج2 ص387 وكشف المراد في شرح تجريد الإعتقاد (تحقيق الآملي) ص521 و (تحقيق الزنجاني) ص408 وسفينة النجاة للتنكابني ص367.

2- راجع: شرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص364 وج18 ص84 عن الشبلنجي في نور الأبصار (ط مصر) ص80 وعن باكثير الحضرمي في وسيلة المآل (نسخة المكتبة الظاهرية بدمشق) ص148.

١٩٥

معه غيره لذكر معه.

4 ـ إن من يذكرون أنهم ثبتوا في أحد، قد ورد التصريح بفرارهم فيها، فراجع في ذلك الجزء السابع من كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم "صلى‌الله‌عليه‌وآله " في فصل: نصر وهزيمة، من ص173 حتى ص190.

5 ـ قال زيد بن وهب لابن مسعود: انهزم الناس عن رسول الله حتى لم يبق معه إلا علي بن أبي طالب "عليه‌السلام "، وأبو دجانة، وسهل بن حنيف؟!

قال: انهزم الناس إلا علي بن أبي طالب وحده، وثاب إلى رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله " نفر، وكان أولهم عاصم بن ثابت، أبو دجانة، وسهل بن حنيف، ولحقهم طلحة بن عبيد الله.

قلت: فأين كان أبو بكر وعمر؟!

قال: كانا ممن تنحى.

قلت: فأين كان عثمان؟!

قال: جاء بعد ثلاثة أيام من الواقعة، فقال له رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله ": لقد ذهبت فيها عريضة.

قال: فقلت له: فأين كنت أنت؟!

قال: كنت في من تنحى.

قال: فقلت له: فمن حدثك بهذا؟!

١٩٦

قال: عاصم، وسهل بن حنيف.

قال: قلت له: إن ثبوت علي في ذلك المقام لعجب.

فقال: إن تعجبت من ذلك، لقد تعجبت منه الملائكة، أما علمت أن جبرئيل قال في ذلك اليوم وهو يعرج إلى السماء:

ولا فــتــى إلا عــــــلي

لا سـيـف إلا ذو الـفـقـــار

فقلت له: فمن أين علم ذلك من جبرئيل؟!

فقال: سمع الناس صائحاً يصيح في السماء بذلك، فسألوا النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " عنه، فقال: "ذاك جبرئيل"(1) .

6 ـ عن سعيد بن المسيب، قال: لو رأيت مقام علي يوم أحد لوجدته قائماً على ميمنة رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، يذب عنه بالسيف، وقد ولى غيره الأدبار(2) .

7 ـ وعن أبي جعفر "عليه‌السلام " في مناشدات علي لأهل الشورى: نشدتكم بالله، هل فيكم أحد وقفت الملائكة معه يوم أحد حين ذهب

____________

1- الإرشاد للمفيد ج1 ص83 ـ 85 وبحار الأنوار ج20 ص81 ـ 85 و 72 وراجع ج41 ص82 والدر النظيم ص159 ـ 160 ونقلت فقرات من هذا الحديث في مصباح الأنوار ص314 وإرشاد القلوب ص241 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص315 وكشف الغمة ج1 ص193.

2- الإرشاد للمفيد ج1 ص88 وبحار الأنوار ج20 ص87 وأعيان الشيعة ج1 ص390.

١٩٧

الناس غيري؟!

قالوا: لا(1) .

8 ـ وقال "عليه‌السلام " لبعض اليهود عن حرب أحد: "وبقيت مع رسول الله "صلى‌الله‌عليه‌وآله "، ومضى المهاجرون والأنصار إلى منازلهم من المدينة"(2) .

9 ـ وعن أنس: أن الذين ثبتوا في أحد هم واحد من المهاجرين، وسبعة من الأنصار. وقتل هؤلاء السبعة كلهم(3) .

____________

1- الإحتجاج ج1 ص199 وبحار الأنوار ج20 ص69 وج31 ص333 وغاية المرام ج2 ص129 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج3 ص217.

2- الخصال (ط مركز النشر الإسلامي) ص368 والإختصاص للمفيد ص167 وبحار الأنوار ج20 ص69 وج38 ص170 وحلية الأبرار ج2 ص363.

3- البداية والنهاية ج4 ص26 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج4 ص29 وصحيح ابن حبان ج11 ص18 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص51 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص203 وحياة الصحابة ج1 ص533.

وذكر اثنين من المهاجرين، بدل واحد في: صحيح مسلم (ط دار الفكر) ج5 ص178 ومسند أحمد ج1 ص463 وج3 ص286 وذخائر العقبى ص181 ومجمع الزوائد ج6 ص109 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص44 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص196 ومسند أبي يعلى ج6 ص67 و 68 والجامع لأحكام القرآن ج2 ص364 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص421 و 424 والدر المنثور ج2 ص84 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص175 والبداية والنهاية (ط دار = = إحياء التراث العربي) ج4 ص46 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص80 وينابيع المودة ج2 ص215 وشرح مسلم للنووي ج12 ص147 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص491 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج16 ص474.

ومن الواضح: أن عاصم بن ثابت أبا دجانة لم يكن مهاجرياً أيضاً، وفي سح السحابة: أن الأنصار قتلوا جميعاً كما في تاريخ الخميس ج1 ص346.

١٩٨

ومن الواضح: أن هذا المهاجري ليس إلا علي بن أبي طالب "عليه‌السلام "، كما أن الرواية دلت على أن بعض المهاجرين والأنصار حين فروا في أحد ذهبوا إلى منازلهم، وليس كلهم.

لا سيف إلا ذو الفقار:

وإن مناداة جبرئيل بـ "لا سيف إلا ذو الفقار الخ.." لها مغزى عميق أيضاً، فإنها تأتي تماماً في مقابل ما فعله أولئك المهاجرين الذين فروا، وجلسوا يتآمرون ـ هل يرسلون ابن أبي لأبي سفيان ليتوسط لهم عنده؟

أم أن أبا سفيان لا يحتاج إلى وسيط، إذ إن شافعهم عنده كونهم من قومه، وبني عمه.

أم أنهم يرجعون إلى دينهم الأول؟!

فتداول الأمور بهذا النحو يدل على أن سيفهم لم يكن خالصاً لله، بل

١٩٩

كان ذو الفقار سيف علي أمير المؤمنين "عليه‌السلام " وحده خالصاً لله، ولا سيف خالصاً لله سواه.

وهذا السيف هو الذي قال عنه أمير المؤمنين "عليه‌السلام " في رسالته إلى بعض عماله، يتهدده على تلاعبه بأموال الأمة: "ولأضربنك بسيفي الذي ما ضربت به أحداً إلا دخل النار"(1) . لأنه لا يقتل به إلا مستحقها، ولأجل هذا صار لهذا السيف شرف ومجد، وتفرد من بين سائر السيوف بأنه في يد علي الذي هو نفس النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله ".

كما أن أمير المؤمنين "عليه‌السلام " هو الذي كان الله ورسوله، وجهاد في سبيله، أحب إليه من كل شيء حتى من نفسه؛ وجراحه الكثيرة جداً شاهد صدق على ذلك.

أما غير علي "عليه‌السلام "، فقد كانت نفسه ـ بدرجات متفاوتة طبعاً ـ أحب إليه من الله ورسوله، وجهاد في سبيله. ولأجل ذلك تخلوا عن ذلك كله، حينما رأوا أنفسهم في خطر. بل لقد هم بعضهم بأن يتخلى حتى عن دينه، حيث قال: "إرجعوا إلى دينكم الأول"!.

____________

1- نهج البلاغة (بشرح عبده) ج3 ص66 الكتاب رقم 41 وبحار الأنوار ج33 ص500 وج42 ص182 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص168 والإمام علي بن أبي طالب "عليه‌السلام " للهمداني ص782 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم‌السلام " للنجفي ج6 ص219.

٢٠٠