الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء ٣

مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 364
مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 364
الحسن بن محبوب(1) .
وفيست : داود الحمّار ، له كتاب ؛ عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل ، عن حميد بن زياد ، عن أحمد بن ميثم ، عنه(2) .
أقول : فيضح ابن سليمان : بضمّ السين والياء بعد اللام ، أبو سليمان كذلك أيضا ، الحمّار : بالمهملة والميم المشدّدة والراء أخيرا(3) .
وفيمشكا : ابن سليمان الحمّار الكوفي الثقة ، عنه الحسن بن محبوب ، وأحمد بن ميثم. وهو عن الصادقعليهالسلام (4) .
أبو أحمد القزويني ، ذكره ابن نوح في رجاله ، له كتاب عن الرضاعليهالسلام ، أخبرني محمّد بن جعفر النحوي ، عن الحسين بن محمّد الفرزدق القطعي ، قال : حدّثنا أبو حمزة بن سليمان ، قال : نزل أخي داود بن سليمان ، وذكر النسخة ،جش (5) .
داود بن سليمان(6) ، عدّه المفيد من خاصّة أبي الحسنعليهالسلام وثقاته ومن أهل الورع والعلم والفقه من شيعته.
ثمّ روى بإسناده عن أبي علي الخزاز عنه(7) أنّه قال : قلت لأبي إبراهيم
__________________
(1) رجال النجاشي : 160 / 423.
(2) الفهرست : 69 / 286.
(3) إيضاح الاشتباه : 179 / 269.
(4) هداية المحدّثين : 199.
(5) رجال النجاشي : 161 / 426.
(6) قد ترجم أكثر الجامعين للرجال داود بن سليمان الذي ذكره الشيخ المفيد ترجمة مستقلة عن القزويني. ولكن الذي يظهر من النسخة الخطيّة للمنتهى ـ حيث لم يذكر داود الثاني بالخط الأحمر ـ وكذا من تعليقته على الترجمة ، وما سيذكره في آخر الترجمة عن المشتركات أنّه جعلهما ترجمة واحدة لشخص واحد ، فتأمّل.
(7) في المصدر روى هذا بإسناده عن ابن مهران عن محمّد بن علي عن سعيد بن أبي الجهم
عليهالسلام : إنّني سألت أباك من الذي يكون بعده(1) ، فأخبرني أنّك أنت هو ، فلمّا توفي أبو عبد اللهعليهالسلام ذهب الناس يمينا وشمالا وقلت بك أنا وأصحابي ، فأخبرني من الذي يكون بعدك من ولدك؟ فقال : ابني فلان(2) ، يعني الرضاعليهالسلام .
وفيتعق : نقل هذه الرواية وهذا القول في الكافي عن نصر بن قابوس ، نعم فيه قبيل هذه الرواية رواية عن أبي علي الخزاز عن داود بن سليمان قال : قلت لأبي إبراهيمعليهالسلام : إنّي أخاف أن يحدث حدث فلا ألقاك ، فأخبرني من الإمام بعدك؟ فقال : ابني فلان ، يعني أبا الحسنعليهالسلام (3) .
والظاهر أنّ ما أخذه المفيد أخذه من الكافي كما يظهر من سائر من عدّه ممّن روى النصّ ، فكأنّ في نسختهرحمهالله سقطة ، أو سبق نظره إلى موضع آخر(4) .
إلاّ أنّ اتّحاد الذي وثّقه المفيد مع المذكور عنجش محلّ نظر وإن احتمله في النقد أيضا(5) .
والذي يظهر من الجنابذي كما يأتي في عبد الله بن العبّاس القزويني كونه عاميّا(6) ، ويشير إليه روايته عنهعليهالسلام عن آبائه عن علي عليه
__________________
عن نصر بن قابوس ، نعم ذكر رواية قبيل هذه عن داود بن سليمان في النصّ على إمامة الرضاعليهالسلام ، وسيأتي التنبيه عليه.
(1) في المصدر : بعدك.
(2) الإرشاد : 2 / 248 ، 251.
(3) الكافي 1 : 250 / 11 ، 12.
(4) أقول : الذي في الإرشاد كما هو موجود في الكافي ، حيث ذكر هذه الرواية ـ كما بيّنا ـ عن نصر بن قابوس وذكر كذلك رواية داود قبيل هذه الرواية بلا فرق مع الكافي.
(5) نقد الرجال : 128 / 23.
(6) لم يظهر منه كونه عاميّا ، سوى انّه نقل عن الجنابذي عدّه من الذين رووا عن الرضاعليهالسلام وهم : عبد الله بن العبّاس القزويني وعبد السّلام بن صالح الهروي وداود بن سليمان.
فلعلّه استظهر عاميتهم من ذكر الجنابذي العامي لهم.
وذكر عبارة الجنابذي هذه الإربلي في كشف الغمّة : 2 / 267.
السّلام عن النبيّصلىاللهعليهوآله ، مع احتمال كونه كعبد السّلام(1) ، فتدبّر(2) .
أقول : الذي في ترجمة عبد الله بن العبّاس القزويني ـ حتّى بخطّه دام ظلّه ـ : سليمان بن داود(3) ، فلاحظ. ولو فرضنا ففي تعيين كون الآتي عن الجنابذي هو المذكور عن(4) جش نظر واضح ، فلعلّه الآخر أو آخر ، فتدبّر.
وفيمشكا : ابن سليمان بن جعفر القزويني الممدوح ، عنه أبو علي الخزاز(5) .
له مسائل ، أخبرنا بها عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عنه ،ست (6) .
وفيدي : يكنّى أبا سليمان(7) .
وهو ابن مافنة الآتي عنجش (8) .
__________________
(1) حيث إنّ عبد السّلام بن صالح الهروي ورد مدحه وأنّه من أصحاب الإمام الرضاعليهالسلام ، وقد قيل فيه إنّه عامي ولم يثبت ذلك.
(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 135.
(3) تعليقة الوحيد البهبهاني : 204.
(4) في نسخة « ش » : في.
(5) هداية المحدّثين : 199.
(6) الفهرست : 68 / 278.
(7) رجال الشيخ : 415 / 3 ، وفيه : الصيرفي. وذكر في باب أصحاب الإمام زين العابدينعليهالسلام : 88 / 1 داود الصرمي.
(8) رجال النجاشي : 161 / 425.
وفيتعق : ظاهر أخباره بل صريحها كونه من الشيعة(1) ، وربما يظهر من الشيخ اعتماده عليه ، لأنّه كثيرا ما يطعن في الروايات التي هو فيها بالشذوذ وغيره ولا يطعن من جهته أصلا(2) (3) .
أقول : فيمشكا : داود الصرمي ابن مافنة ، عنه أحمد بن أبي عبد الله(4) .
أبو سليمان ،ق (5) .
وزادصه : قال ابن عقدة : سمعت عبد الرحمن بن يوسف بن خداش يقول : داود بن عطاء المدني ليس بشيء(6) .
وفيجش : عنه عبّاد بن يعقوب الأسدي(7) .
ضا (8) . وزادصه : الهاشمي ، أبو علي بن داود ، روى عن أبي الحسن موسىعليهالسلام وقيل : روى عن الرضاعليهالسلام ، ثقة(9) .
وزادجش : له كتاب يرويه جماعة ، منهم عيسى بن عبد الله العمري(10) .
__________________
(1) انظر التهذيب 6 : 85 / 170 ، كامل الزيارات : 303 / 1 ، باب 101.
(2) راجع التهذيب 2 : 212 / 833 و 834.
(3) تعليقة الوحيد البهبهاني : 135.
(4) هداية المحدّثين : 58.
(5) رجال الشيخ : 191 / 25.
(6) الخلاصة : 221 / 2.
(7) رجال النجاشي : 157 / 412.
(8) رجال الشيخ : 375 / 5.
(9) الخلاصة : 69 / 11.
(10) رجال النجاشي : 160 / 422.
أقول : فيمشكا : ابن علي اليعقوبي الثقة ، عنه محمّد بن عبد الجبّار ، والعبّاس بن معروف.
وفي حجّ التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن داود بن عيسى ، عن فضالة بن أيّوب ، عن معاوية بن عمّار(1) .
والممارسة تقتضي كونه عن حمّاد بن عيسى ، وإثبات كلمة عن بينه وبين فضالة تصحيف آخر ، والصواب : وفضالة ، فإنّ هذا من الطرق الشائعة للحسين بن سعيد(2) .
مولى آل بني السمّال الأسدي النصري ـ بالنون ـ وفرقد يكنّى أبا يزيد ، كوفي ثقة ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسنعليهماالسلام ، وإخوته يزيد وعبد الرحمن وعبد الحميد.
قال ابن فضّال : داود ثقة ثقة ،صه (3) .
جش إلاّ : بالنون ، وفيه : آل أبي ؛ وزاد : له كتاب رواه عدّة من أصحابنا ، منهم صفوان بن يحيى ، وقد روى عنه هذا الكتاب جماعات من أصحابنا ـرحمهمالله ـ كثيرة ، منهم إبراهيم بن أبي بكر بن عبد الله بن النجاشي المعروف بابن أبي السمّال(4) .
وفيست : له كتاب ؛ ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن ابن أبي نصر وصفوان بن يحيى ،
__________________
(1) التهذيب 5 : 367 / 1280.
(2) هداية المحدّثين : 58. وعليه فيكون السند هكذا : الحسين بن سعيد عن حمّاد بن عيسى وفضالة.
(3) الخلاصة : 68 / 2 ، وفيها : مولى بني السماك الأزدي النضري.
(4) رجال النجاشي : 158 / 418.
عنه(1) .
وفيظم : ابن كثير الرقّي ، مولى بني أسد ثقة.
داود بن فرقد ، ثقة له كتاب. وهما من أصحاب أبي عبد اللهعليهالسلام (2) .
وفيكش : حمدويه ، عن أيّوب ، عن صفوان ، عنه قال : قلت لأبي عبد اللهعليهالسلام : إنّ رجلا خلفي حين صلّيت المغرب في مسجد رسول اللهصلىاللهعليهوآله فقال :( فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ ) (3) فعلمت أنّه يعنيني ، فالتفت إليه وقلت : ( إِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ) (4) فإذا هو هارون بن سعد(5) .
قال : فضحك أبو عبد اللهعليهالسلام ثمّ قال : أصبت الجواب قبل الكلام بإذن الله ،قلت : جعلت فداك لا جرم والله ما تكلّم بكلمة ، فقال أبو عبد اللهعليهالسلام : ما أحد أجهل منهم ، إنّ في المرجئة فتيا وعلما وفي الخوارج فتيا وعلما وما أحد أجهل منهم(6) .
وفيتعق : الظاهر منجش وست وق(7) وصه مغايرة هذا مع أبي يزيد العطّار ، سيّما مع التأمّل في ذكر طرق الكتاب ، لكن ربما يقرب في الظن اتّحادهما. وقد ذكر في التهذيب أنّ داود بن أبي يزيد العطّار هو داود بن
__________________
(1) الفهرست : 68 / 284.
(2) رجال الشيخ : 349 / 1 و 2.
(3) النساء : 88.
(4) الأنعام : 121.
(5) في نسخة « ش » : سعيد.
(6) رجال الكشّي : 345 / 641.
(7) رجال الشيخ : 189 / 4.
فرقد(1) . وسيجيء عن المصنّف عند ذكر طرق الصدوق حكمه بالاتّحاد(2) (3) .
أقول : فيمشكا : ابن فرقد الثقة ، عنه صفوان بن يحيى ، وإبراهيم ابن أبي سمّال ، وعلي بن عقبة ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر ، وعلي بن الحكم الثقة ، وابن أبي عمير ، وفضالة بن أيّوب ، ومالك بن عطيّة ، وعلي بن النعمان النخعي الثقة(4) ، انتهى.
قلت : لاحظ ما مرّ عنه في ابن أبي يزيد وتأمّل.
ابن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالبعليهالسلام ، يكنّى أبا هاشم الجعفريرحمهالله ، كان عظيم المنزلة عند الأئمّةعليهمالسلام ، شريف القدر ، ثقة ، روى أبوه عن أبي عبد اللهعليهالسلام ،جش (5) .
وفيصه بعد الجعفريرحمهالله : من أهل بغداد ، ثقة جليل القدر عظيم المنزلة عند الأئمّةعليهمالسلام ، شاهد أبا جعفر وأبا الحسن وأبا محمّدعليهمالسلام ، وكان شريفا عندهم له موقع جليل عندهم(6) .
وفيست : ابن القاسم الجعفري يكنّى أبا هاشم من أهل بغداد ، جليل القدر عظيم المنزلة عند الأئمّةعليهمالسلام ، وقد شاهد جماعة منهم(7) ، وكان مقدّما عند السلطان ؛ وله كتاب ، أخبرنا به عدّة من أصحابنا ،
__________________
(1) التهذيب 1 : 371 / 1133 ، 2 : 25 / 70 و 82.
(2) منهج المقال : 410.
(3) تعليقة الوحيد البهبهاني : 136.
(4) هداية المحدّثين : 59.
(5) رجال النجاشي : 156 / 411.
(6) الخلاصة : 68 / 3.
(7) في المصدر : وقد شاهد الرضا والجواد والهادي والعسكري وصاحب الأمرعليهمالسلام .
عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبي جعفر(1) .
وفي نسخةشه : وقد شاهد جماعة ، منهم الرضا والجواد والهادي والعسكري وصاحب الأمرعليهمالسلام ، وقد روى عنهم كلّهم ، وله أخبار ومسائل وله شعر جيّد فيهم ، وكان مقدّما. إلى آخره ، ولعلّها أصحّ(2) .
وفيج : ثقة جليل القدر(3) .
وفيدي وكر : ثقة(4) .
وفيكش : له منزلة عالية عند أبي جعفر وأبي الحسن وأبي محمّدعليهمالسلام وموقع جليل ـ على ما يستدل بما روى عنهم ـ في نفسه وروايته(5) .
وفي ربيع الشيعة أنّه من وكلاء الناحية الذين لا تختلف الشيعة فيهم(6) .
أقول : فيمشكا : ابن القاسم الجعفري الثقة ، عنه أحمد بن أبي عبد الله ، وعلي بن إبراهيم كما في الكافي(7) ، وإبراهيم بن هاشم كما في
__________________
(1) الفهرست : 67 / 276.
(2) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : 35 ، باختلاف.
(3) رجال الشيخ : 401 / 1.
(4) رجال الشيخ : 414 / 1 ، 431 / 1.
(5) رجال الكشّي : 571 / 1080.
(6) إعلام الورى : 488.
(7) الكافي 3 : 215 / 2 ، وفيه : علي بن إبراهيم عن أبيه عنه ، إلاّ أنّ الرواية رواها الشيخ في التهذيب 3 : 327 / 1021 وفيه : علي بن إبراهيم عن أبي هاشم الجعفري. وذكر في هامش نسخة الكافي أنّ كلمة « عن أبيه » لا توجد في أكثر نسخ الكتاب.
التهذيب(1) (2) .
مولى بني أسد ، وأبوه(3) كثير يكنّى أبا خالد ، وهو يكنّى أبا سليمان ، من أصحاب موسى بن جعفرعليهالسلام .
قال الشيخ : إنّه ثقة.
وروىكش من طريق فيه يونس بن عبد الرحمن عمّن ذكره عن أبي عبد اللهعليهالسلام أنّه أمر أصحابه أن ينزلوه منزلة المقداد من رسول اللهصلىاللهعليهوآله ، وكذا في حديث آخر بهذا السند أنّه من أصحاب القائمعليهالسلام . قال أبو عمرو الكشّي : وتذكره(4) الغلاة أنّه من أركانهم ، وتروي عنه المناكير من الغلو وتنسب إليه أقاويلهم ، ولم أسمع أحدا من مشايخ العصابة يطعن فيه ، وعاش إلى زمان الرضاعليهالسلام .
وقالجش : إنّه ضعيف جدا ، والغلاة تروي عنه. قال أحمد بن عبد الواحد : قلّما رأيت له حديثا سديدا.
وقالغض : إنّه كان فاسد المذهب ضعيف الرواية لا يلتفت إليه.
وعندي في أمره توقّف ، والأقوى قبول روايته لقول الشيخرحمهالله وقول كش.
وقال أبو جعفر بن بابويه : روي عن الصادقعليهالسلام أنّه قال : أنزلوا داود الرقّي منّي بمنزلة المقداد من رسول اللهصلىاللهعليهوآله ،صه (5) .
__________________
(1) التهذيب 6 : 109 / 192.
(2) هداية المحدّثين : 59.
(3) في نسخة « ش » : وأبو.
(4) في الخلاصة والكشّي : وتذكر.
(5) الخلاصة : 67 / 1.
وفيق : ابن كثير بن أبي خالدة الكوفي(1) .
وبخطّشه علىصه : قوله : والأقوى قبول روايته ، وتعليله بقول الشيخ ، فيه نظر بيّن ، لأنّ الجرح مقدّم على التعديل ، فكيف مع كون الجارح جماعة فضلاء إثبات(2) ؟! انتهى.
وفيجش إلى قوله : وهو يكنّى أبا سليمان ، ضعيف. إلى آخر ما ذكره(3) .
وكذا ما فيكش بتفاوت يسير(4) ، إلاّ أنّ سند الخبر الثاني هكذا : علي ابن محمّد ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبي عبد الله البرقي يرفعه(5) ، فتأمّل. وقوله : عاش إلى آخره ، نقله عن نصر بن الصباح(6) .
وفي الإرشاد أنّه من خاصّة أبي الحسنعليهالسلام وثقاته ومن أهل الورع والعلم والفقه من شيعته(7) .
وفيست : له أصل ، رويناه بالإسناد الأوّل ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسن بن محبوب ، عنه(8) .
والإسناد : عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى. إلى آخره(9) (10) .
__________________
(1) رجال الشيخ : 190 / 9 ، وفيه : ابن كثير بن أبي خالد الرقي.
(2) تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة : 35.
(3) رجال النجاشي : 156 / 410 ، ولم يرد فيه : مولى بني أسد.
(4) رجال الكشّي : 402 / 750 و 751 ، 407 / 765 و 766.
(5) رجال الكشّي : 402 / 751.
(6) رجال الكشّي : 407 / 765.
(7) الإرشاد : 2 / 248.
(8) الفهرست : 68 / 281 ، وفيه : ابن كثير البرقي له كتاب.
(9) إلى آخره ، لم يرد في نسخة « م ».
(10) الفهرست : 68 / 278.
وفيتعق : قولشه : الجرح مقدّم ، ذكر في البلغة مثله(1) . وقال خالي : الأظهر جلالته(2) ، وهو كذلك لما مرّ في الفوائد. على أنّ التعديل ربما يكون في أمثال المقام مقدّما مطلقا ، يظهر وجهه بالتأمّل فيها. على أنّ ضعف تضعيفغض ظاهر.
وأمّا ابن عبدون فغايته التأمّل فيه بسبب قلّة ما رأى منه السديد ، وهو كما ترى ، سيما بعد ملاحظة أنّ رواة أحاديثه مثل شباب الصيرفي وأمثاله ، ومع ذلك فرواياته سديدة مقبولة.
وأمّاجش فليس قوله نصّا ، بل ولا ظاهرا في تضعيفه ، ظهر وجهه ممّا ذكرنا ـ في قولهم : ضعيف ـ في الفوائد(3) ، إلاّ أن يقال : الظاهر من قوله : الغلاة إلى آخره ذلك ، وفيه أنّه على تقدير تسليم الظهور ومقاومته للنصّ يكون الظاهر حينئذ أنّ منشأ جرحه رواية الغلاة عنه وقول ابن عبدون ، وهو كما ترى.
وأمّا جلالته فمن كلام الشيخ ، وكذا الصدوق معتقد جلالته وإن ذكر الرواية مرسلة(4) ، إذ إرسالها غير مضرّ بالنسبة إليه ، وأمّا بالنسبة إلينا فلا شكّ في إفادة الظن ، فيحصل لنا من نفس الرواية أيضا ظنّ ، مع أنّها حجّة كما ذكرنا في الفوائد(5) .
__________________
(1) بلغة المحدّثين : 359.
(2) الوجيزة : 209 / 702.
(3) ذكر ذلك في الفائدة الثانية وناقشه بأنّه لا يدلّ على ضعف في نفس الرجل ، بل لعلّه لقلة حافظة ، وسوء ضبط ، أو لروايته عن الضعفاء وإرساله الأخبار ، وإيراد الرواية التي ظاهرها الغلو أو التفويض أو الجبر أو التشبيه. ثمّ قال : وأسباب قدح القدماء كثيرة ، وإنّ أمثال ما ذكر ليس منافيا للعدالة. إلى آخر ما قال.
(4) الفقيه ـ المشيخة ـ : 4 / 94.
(5) راجع الفائدة الأولى من فوائد التعليقة.
وأمّاكش فرأيت كلامه فيه ، سيما قوله : ولم أسمع. إلى آخره ، إذ قلّما يتّفق جليل لم يطعن عليه أحد من العصابة ، فكيف ومن تدّعيه الغلاة! وهو دليل تام على ظهور جلالته عندهمرضياللهعنه .
والروايات وإن كانت ضعيفة لكنّها تفيد الظنّ إن لم نقل بحجيتها ، والروايات الصريحة في عدم غلوّه أكثر من أن تحصى.
وأيضا يروي عنه ابن أبي عمير(1) ، وكذا الحسن بن محبوب(2) ، وهو كثير الرواية ، ورواياته مقبولة مفتيّ بها ، إلى غير ذلك من أمارات الوثاقة والاعتماد.
وممّا يؤيّد قول المفيدرحمهالله (3) ، بل الظاهر أنّه تعديل آخر من ثقة جليل عارف.
وممّا يؤيّد(4) روايته النصّ عن الصادقعليهالسلام على الكاظمعليهالسلام ، وعنهعليهالسلام على الرضاعليهالسلام (5) .
وممّا يؤيّد الرواية المذكورة في ذريح(6) .
ويأتي في سهل بن زياد ما له ربط(7) ، فتأمّل ، ولا نكتف بظاهر ما يتراءى عليك وما يظهر لك في بادئ النظر.
__________________
(1) التهذيب 6 : 210 / 492.
(2) الكافي 2 : 65 / 1 ، التهذيب 5 : 295 / 1000.
(3) الذي مرّ ذكره نقلا عن الإرشاد : 2 / 248 أنّه من خاصّة أبي الحسنعليهالسلام وثقاته.
إلى آخره.
(4) في نسخة « ش » : يؤيده.
(5) الكافي 1 : 249 / 5 ، ذكر النصّين معا. وهذا المقطع من التعليقة لم يرد في النسخة المطبوعة.
(6) المنقولة عن رجال الكشّي : 373 / 700.
(7) لأنّه أيضا اتهم بالضعف وبالغلو والكذب ، وقد ناقش الوحيد ذلك وردّه.
أقول : فيمشكا : ابن كثير الرقي الثقة ، شباب الصيرفي الرقي عن أبيه عنه(1) ، والحسن بن محبوب عنه(2) .
بوّب كتاب النوادر لأحمد بن محمّد بن عيسى ، لم(3) .
وزادست : وله كتاب الرحمة مثل كتاب سعد بن عبد الله(4) .
وفيجش : هو الذي بوّب كتاب النوادر لأحمد بن محمّد بن عيسى وكتاب المشيخة للحسن بن محبوب السرّاد على معاني الفقه ، له كتاب الرحمة في الوضوء والصلاة والزكاة والصوم والحجّ ، عنه أحمد بن محمّد بن يحيى(5) .
وفيتعق : الظاهر جلالته ، وهو من مشايخ الكلينيرحمهالله (6) (7) .
أقول : فيمشكا : ابن كورة ، عنه أحمد بن محمّد بن يحيى(8) .
مولى بني قرّة ثمّ بني صرمة منهم ، كوفي ، روى عن الرضاعليهالسلام ، يكنّى أبا سليمان ، وبقي إلى أيام أبي الحسن صاحب العسكرعليهالسلام وله مسائل إليه ، أحمد بن محمّد عنه بهاجش (9) .
__________________
(1) في نسخة « ش » : شبل الصيرفي عن أبيه عنه.
(2) هداية المحدّثين : 59.
(3) رجال الشيخ : 472 / 2.
(4) الفهرست : 68 / 282.
(5) رجال النجاشي : 158 / 416.
(6) راجع رجال النجاشي : 378 / 1026.
(7) تعليقة الوحيد البهبهاني : 138.
(8) هداية المحدّثين : 59.
(9) رجال النجاشي : 161 / 425.
وسبق الصرمي.
أقول : ظاهر الوجيزة كونه من الحسان لأنّه ـ ذكره وقال : له مسائل(1) ، فيقوى ما ذكره فيتعق في الصرمي(2) ، فتأمّل.
ابن عمّ الهيثم بن أبي مسروق ، كوفي ، ثقة ، متأخّر الموت ،صه (3) .
وزادجش : روى عنه يحيى بن زكريّا اللؤلؤي(4) .
وفيست : له كتاب ، رويناه بالإسناد الأوّل ، عن ابن بطّة ، عن الصفّار ، عنه(5) .
والإسناد : عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة(6) .
وفي لم : روى عنه الصفّار(7) .
أقول : فيمشكا : ابن محمّد النهدي ، الثقة ، عنه يحيى بن زكريّا ، والصفّار ، ويونس بن عبد الرحمن(8)
أخو علي بن النعمان ، ثقة ، عين ؛ قالكش عن حمدويه عن أشياخه : إنّه خيّر فاضل ، وهو عمّ الحسن بن علي بن النعمان ، وأوصى بكتبه لمحمّد ابن إسماعيل بن بزيع ،صه (9) .
__________________
(1) الوجيزة : 209 / 703.
(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 135 ، حيث استظهر كونه من الشيعة ، بل واعتماد الشيخ عليه.
(3) الخلاصة : 69 / 13.
(4) رجال النجاشي : 161 / 427.
(5) الفهرست : 68 / 279.
(6) الفهرست : 68 / 278.
(7) رجال الشيخ : 472 / 1.
(8) هداية المحدّثين : 60.
(9) الخلاصة : 69 / 6.
وفيكش ما ذكره(1) .
وفيجش : أخو علي بن النعمان ، وداود الأكبر ، روى عن أبي الحسن موسىعليهالسلام وقيل : أبي عبد اللهعليهالسلام ، له كتاب(2) .
وفيتعق : يأتي عنجش في أخيه علي أنّ داود أعلى منه مع توثيقه عليّا وتعظيمه(3) ، وفي البلغة : ثقة(4) ، وفي الوجيزة : ممدوح ووثّقه العلاّمة ولعلّه أقوى(5) ، انتهى.
وفي النقد : لا يدلّ كلامجش على توثيقه لكن يستفاد من كلامه ، حيث قال : وداود الأكبر(6) ـ انتهى ـ ، تأمّل فيه.
وسيجيء في محمّد بن إسماعيل أنّ عليّا أوصى بكتبه له(7) ولعلّهما معا أوصيا ، والله العالم.
وقوله : قيل أبي عبد اللهعليهالسلام ، في د(8) والتهذيب في باب كيفيّة التيمّم روايته عنهعليهالسلام (9) (10) ، انتهى.
__________________
(1) رجال الكشّي : 612 / 1141.
(2) رجال النجاشي : 159 / 419 ، وفيه : داود بن النعمان مولى بني هاشم أخو.
(3) رجال النجاشي : 274 / 719.
(4) بلغة المحدّثين : 359.
(5) الوجيزة : 209 / 705.
(6) نقد الرجال : 130 / 44 ، إلاّ أنّ فيه : وهذا ـ أي كلام النجاشي ـ لا يدلّ على توثيقه كما يستفاد من كلام النجاشي أيضا حيث قال : وداود الأكبر ، انتهى.
أقول : ولعلّ الوجه في ذلك أنّ المراد من كلام النجاشي في ترجمة أخيه علي من قوله : وأخوه داود أعلى منه ، أي : أعلى سندا لأنّه قيل فيه : إنّه روى عن أبي عبد الله عليهالسلام ، ويشير إليه أيضا قوله هنا : وداود الأكبر. كما أشار إلى ذلك جملة من المحققين.
(7) نقلا عن النجاشي : 330 / 893.
(8) رجال ابن داود : 91 / 598.
(9) التهذيب 1 : 207 / 598.
(10) تعليقة الوحيد البهبهاني : 138.
أقول : فيمشكا : ابن النعمان الثقة ، عن أبي أيّوب ، وإبراهيم بن عثمان ، وعن أبي الحسنعليهالسلام ، وقيل : عن أبي عبد اللهعليهالسلام .
وعنه علي بن الحكم الثقة ، وابن أبي عمير(1) .
ابن بشير الدهقان ، كوفي ، يكنّى أبا سليمان ، ثقة ،صه (2) .
وزادجش : له كتاب حديث علي بن الحسينعليهالسلام (3) .
أقول : فيمشكا : ابن يحيى الثقة ، عنه زيد بن محمّد بن جعفر العامري(4) ، انتهى.
وقال الطريحي : عنه محمّد بن جعفر العامري(5) ، فتأمّل.
وقالكش ابن أبي منصور ، واسطي ، كان واقفا ،صه (6) .
وفيجش : ابن أبي منصور محمّد الواسطي ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسنعليهماالسلام ـ ومعنى درست أي : صحيح ـ له كتاب يرويه جماعة ، منهم سعد بن محمّد الطاطري عمّ علي بن الحسن الطاطري ، ومنهم محمّد بن أبي عمير(7) .
وفيق : ابن أبي منصور(8) .
__________________
(1) هداية المحدّثين : 60.
(2) الخلاصة : 69 / 8 ، وفيها : ابن بشر.
(3) رجال النجاشي : 157 / 415.
(4) هداية المحدّثين : 60.
(5) جامع المقال : 67.
(6) الخلاصة : 221 / 1.
(7) رجال النجاشي : 162 / 430.
(8) رجال الشيخ : 191 / 36.
وزادظم : واسطي واقفي(1) .
وفيست : له كتاب ، وهو ابن أبي منصور ، أخبرنا بكتابه ابن عبدون ، عن علي بن محمّد بن الزبير القرشي ، عن أحمد بن عمر بن كيسبة ، عن علي بن الحسن الطاطري ، عنه.
ورواه حميد ، عن ابن نهيك ، عنه(2) .
وفيكش : حمدويه قال : حدّثني بعض أشياخي قال : درست بن أبي منصور واسطي واقفي(3) .
وفيتعق : الحكم بوقفه لا يخلو من شيء لما مرّ في الفوائد. والظاهر أنّ حكمصه منظم وكش ؛ وحكمظم منكش ؛ وبعض أشياخ حمدويه غير معلوم الحال.
ورواية ابن أبي عمير تشير إلى الوثاقة ، وكذا رواية علي بن الحسن ؛ ورواية جماعة كتابه تشير إلى الاعتماد عليه ، وكذا كونه كثير الرواية وسديدها ومفتيّ بها ، إلى غير ذلك من أسباب الحسن(4) ، انتهى.
أقول : في(5) طس : درست بن أبي(6) منصور واسطي واقفي ، والطريق حمدويه عن أشياخه(7) .
وفيب : درست الواسطي وهو(8) ابن أبي منصور ، له كتاب(9) .
__________________
(1) رجال الشيخ : 349 / 3 ، وفيه زيادة : روى عن أبي عبد اللهعليهالسلام .
(2) الفهرست : 69 / 288.
(3) رجال الكشّي : 556 / 1049.
(4) تعليقة الوحيد البهبهاني : 138.
(5) في نسخة « م » : قال.
(6) أبي ، لم ترد في نسخة « ش ».
(7) التحرير الطاووسي : 197 / 154.
(8) وهو ، لم ترد في المصدر. وفي نسخة « ش » : هو.
(9) معالم العلماء : 49 / 326.
ولعلّ ما فيصه (1) مجموعه مقول القول ، وربما يؤيّده أنّ نسبة القول بأنّه(2) ابن أبي منصور إليه فقط لا وجه له لما رأيت من تصريحجش وق وظم وست وطس وب(3) بذلك.
فالتوقّف في وقفه بعد شهادة عدلين مرضيّين ، بل وعدول مرضيّين لعلّه ليس بمكانه.
وقوله سلّمه الله : بعض أشياخ. إلى آخره عجيب ، إذ لا شكّ في كونه من فقهائنا رضي الله عنهم ، مع أنّه سلّمه الله كثيرا مّا يقول في أمثال المقام : إنّ المراد ليس مجرّد نقل القول بل الظاهر أنّه للاعتماد عليه والاستناد إليه ، فتأمّل جدّا.
وما ذكره سلّمه الله من المؤيّدات لا ينافي الوقف أصلا ، نعم لا يبعد إدخال حديثه في القوي وخروجه بذلك من قسم الضعيف.
بكسر الدال المهملة وإسكان العين وكسر الباء الموحّدة بعدها لام ، ابن علي الخزاعي(4) أبو علي الشاعر المشهور في أصحابنا ، حاله مشهور في الإيمان وعلو المنزلة ، عظيم الشأن ، صنّف كتاب طبقات الشعراء ،رحمهالله (5) ،صه (6) .
وفيجش : مشهور في أصحابنا ، صنّف كتاب طبقات الشعراء ،
__________________
(1) في نسخة « ش » زيادة : وطس وب.
(2) في نسخة « ش » : بأنّ.
(3) وطس وب ، لم ترد في نسخة « ش ».
(4) ابن علي الخزاعي لم ترد في المصدر ، وورد بعد أبو علي : الخزاعي.
(5)رحمهالله ، لم ترد في نسخة « ش ».
(6) الخلاصة : 70 / 1.
وكتاب الواحدة في مثالب العرب ومناقبها ، عنه موسى بن حمّاد(1) .
وفيكش : قال أبو عمرو : بلغني أنّ دعبل بن علي ووفد على أبي الحسن الرضاعليهالسلام بخراسان ، فلمّا دخل عليه قال : إنّي قلت قصيدة وجعلت في نفسي أن لا أنشدها أحدا أولى منك ، فقال : هاتها ، فأنشد قصيدته التي يقول فيها :
ألم تر أنّي مذ ثلاثين حجّة |
أروح وأغدو دائم الحسرات |
|
أرى فيئهم في غيرهم متقسّما |
وأيديهم من فيئهم صفرات |
فلمّا فرغ من إنشاده ، قام أبو الحسنعليهالسلام ودخل منزله وبعث بخرقة فيها ستمائة دينار وقال للجارية : قولي له : يقول لك مولاي : استعن بهذه(2) على سفرك وأعذرنا ، فقال لها دعبل : لا والله ما هذا أردت ولا له خرجت ولكن قولي له : هب لي ثوبا من ثيابك ، فردّها عليه أبو الحسنعليهالسلام وقال له : خذها ، وبعث إليه بجبّة من ثيابه.
فخرج دعبل حتّى ورد قم ، فنظروا إلى الجبّة فأعطوه فيها ألف دينار فأبى عليهم وقال : لا والله ولا خرقة منها بألف دينار ، ثمّ خرج من قم فاتّبعوه وقد جمعوا عليه وأخذوا الجبّة ، فرجع إلى قم وكلّمهم فيها فقالوا : ليس إليها سبيل ولكن إن شئت فهذه الألف دينار ، قال : نعم وخرقة منها ، فأعطوه ألف دينار وخرقة منها(3) .
وفيتعق : في العيون روى عنه النصّ عن الرضاعليهالسلام على الأئمّة الأربعةعليهمالسلام بعده.
__________________
(1) رجال النجاشي : 161 / 428.
(2) في نسخة « م » : بها.
(3) رجال الكشّي : 504 / 970.
وروى عن علي ابنه أنّه قال : لمّا حضر أبي الوفاة تغيّر لونه وانعقد لسانه واسودّ وجهه ، فكدت الرجوع عن مذهبه ، فرأيته بعد ثلاث فيما يرى النائم وعليه ثياب بيض وقلنسوة بيضاء ، فقلت له : يا أبة ما فعل بك؟ فقال : يا بني إنّ الذي رأيت من اسوداد وجهي وانعقاد لساني كان من شربي الخمر ، ولم أزل كذلك حتّى لقيت رسول اللهصلىاللهعليهوآله وعليه ثياب بيض وقلنسوة بيضاء ، فقال لي : أنت دعبل؟قلت : نعم يا رسول الله ، فقال : أنشدني قولك في أولادي ، فأنشدته قولي :
لا أضحك الله سنّ الدهر إذ ضحكت |
وآل أحمد مظلومون قد قهروا |
|
مشرّدون نفوا عن عقر دارهم |
كأنّهم قد(1) جنوا ما ليس يغتفر |
فقال لي : أحسنت ، وشفع في وأعطاني لباسه ، وها هي ، وأشار إلى ثياب بدنه(2) .
وفيه : لمّا أنشد الرضاعليهالسلام قصيدته المشهورة وبلغ(3) إلى قوله :
لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها |
وإنّي لأرجو الأمن بعد وفاتي |
قال(4) عليهالسلام : آمنك الله يوم الفزع الأكبر. ولمّا وصل إلى قوله :
وقبر ببغداد لنفس زكيّة |
تضمّنها الرّحمن في الغرفات(5) . |
قال : أفلا ألحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك؟ قال : بلى ، فقال :
__________________
(1) قد ، لم ترد في نسخة « م ».
(2) عيون أخبار الرضاعليهالسلام 2 : 266 / 35 و 36. وما نقله عن العيون ورد في النسخة الخطيّة من التعليقة فقط.
(3) في نسخة « ش » : بلغ.
(4) في نسخة « ش » : فقال.
(5) في نسخة « م » : بالغرفات.
غير أن الظاهر هو: أن أبا سفيان بعد أن سمع جواب علي "عليهالسلام ": لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار.. عدل عن توجيه الخطاب لعلي ليوجهه إلى عمر، مصرحاً باسمه، فقال حسب رواية العسكري: إنها قد أنعمت يا ابن الخطاب.
فقال: إنها(١) .
وهي إجابة لا يمكن قبولها من عمر، حيث إن ظاهرها أنه يوافق أبا سفيان
____________
١- راجع الهامش السابق.
على ما قال.
وإجابة علي "عليهالسلام " بتعليم من النبي "صلىاللهعليهوآله " هي الحق والصواب بعينه، لتضمنها تقويض اعتزاز أبي سفيان بنتائج الحرب، ولأنها أوضحت: أن المعيار في الفلاح والنجاح ليس هو النتائج التي تحصل في الدنيا، بل المعيار في الوقوف على قيمة ما حصل في الدنيا هو آثاره في الآخرة..
وهي هنا عكس ما يتمناه أبو سفيان والمشركون، فإن قتلى المسلمين في الجنة، فلا خوف عليهم، وقتلى المشركين في النار، فهم الخاسرون الحقيقيون.
الوصول إلى المهراس فضيلة:
وعن أبي جعفر "عليهالسلام " في حديث مناشدة علي "عليهالسلام " لأهل الشورى قال "عليهالسلام ": نشدتكم بالله، هل فيكم أحد سقى رسول الله "صلىاللهعليهوآله " من المهراس غيري؟!
قالوا: لا(١) .
____________
١- الإحتجاج ص٧٣ و ٧٤ و (ط دار النعمان) ج١ ص١٩٩ ـ ٢٠٣ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٦٩ وج٣١ ص٣٣٧ و ٣٨٠ عنه، ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج٣ ص٢١٧ ـ ٢٢١ وغاية المرام ج٢ ص١٢٩ ـ ١٣٢ و ٣٣٠ والأمالي للطوسي ص٥٥١.
وهذا يدل على عدم صحة قول ابن الأثير وابن إسحاق في الحديث: "إنه "صلىاللهعليهوآله " عطش يوم أحد، فجاء علي بماء من المهراس، فعافه، وغسل به الدم عن وجهه"(١) .
ولعل الأوضح والأقرب إلى الإعتبار هو ما روي عن أبي عبد الله "عليهالسلام "، من أن النبي "صلىاللهعليهوآله " قال: يا علي أين كنت؟!
قال: يا رسول الله، لزقت بالأرض (أي لم أفر، ولم أتحرك من مكاني).
فقال: ذلك الظن بك.
فقال: يا علي، ائتني بماء أغسل عني.
فأتاه في صحفة (ولعل الصحيح: جحفة)، فإذا رسول الله "صلىاللهعليهوآله "
____________
١- النهاية لابن الأثير (ط مؤسسة إسماعيليان) ج٥ ص٢٥٩ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٦٩ و ٧٤ وراجع ج٤٠ ص٨ وراجع: السنن الكبرى للبيهقي ج١ ص٢٦٩ وصحيح ابن حبان ج١٥ ص٤٣٦ والدرر لابن عبد البر ص١٥٠ وموارد الظمآن ج٧ ص١٥٢ والثقات لابن حبان ج١ ص٢٣٠ ومعجم البلدان ج٥ ص٢٣٢ وتاريخ الأمم والملوك ج٢ ص٢٠٠ والبداية والنهاية ج٤ ص٤٠ والسيرة النبوية لابن إسحاق ج٣ ص٣١٠ والسيرة النبوية لابن هشام ج٣ ص٦٠٢ والدر النظيم ص١٦١ وعيون الأثر ج١ ص٤٢٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج٣ ص٧٠ ومستدرك سفينة البحار ج١٠ ص٥٣١ وسبل الهدى والرشاد ج٤ ص٢١٠ ولسان العرب ج٦ ص٢٤٨ وج٩ ص٣٨.
قد عافه، وقال: ائتني في يدك.
فأتاه بماء في كفه، فغسل رسول الله "صلىاللهعليهوآله " عن لحيته(١) .
ومعنى ذلك: أنه "عليهالسلام " قد أتى بالماء من المهراس مرتين:
إحداهما: ليشرب رسول الله "صلىاللهعليهوآله ".
والأخرى: ليغسل النبي "صلىاللهعليهوآله " وجهه.
وحين جاءه بالماء ليغسل وجهه عاف الماء الذي كان في الجحفة أو الصحفة، وطلب منه أن يأتيه بماء آخر في كفه. فأتاه به.
ولكن يبقى أن نشير إلى أن المجيء بالماء من المهراس، لا بد أن تكون له خصوصية تجعل منه أمراً يكون التفرد به فضيلة يمكن المناشدة بها، ومن حيث إمتناع الآخرين عن المجيء بالماء من المهراس، ربما لخوفهم من وجود كمين للمشركين، وكان علي "عليهالسلام " وحده هو المستجيب له دونهم.
____________
١- بحار الأنوار ج٢٠ ص٩١ و ٩٢ وتفسير العياشي ج١ ص٢٠١ ومستدرك الوسائل ج٢ ص٦١٠ و ٦١١.
الفصل الرابع :
جراح علي (عليهالسلام )
جراح علي (عليهالسلام ) في أحد:
١ ـ في مجمع البيان، وتفسير علي بن إبراهيم، وأبان بن عثمان: أنه أصاب علياً "عليهالسلام " يوم أحد، ستون جراحة(١) .
٢ ـ في تفسير القشيري، قال أنس بن مالك: إنه أتى رسول الله "صلىاللهعليهوآله " بعلي، وعليه نيف وستون جراحة(٢) . فجعل رسول الله "صلىاللهعليهوآله " يمسحها، وهي تلتئم بإذن الله كأن لم تكن(٣) .
____________
١- مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج٢ ص١١٩ و (ط المكتبة الحيدرية) ج ١ ص ٣٨٥ وبحار الأنوار ج٤١ ص٣ وج١٠٩ ص٤٣ وتفسير مجمع البيان ج٢ ص٤٠٩ وتفسير كنز الدقائق ج٢ ص٢٥٢ وتفسير الميزان ج٤ ص٦٧.
٢- مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج٢ ص١١٩ و (ط المكتبة الحيدرية) ج ١ ص ٣٨٥ وعين العبرة في غبن العترة ص٣٦ وحلية الأبرار ج٢ ص٤٢٨ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٢٣ وج٤١ ص٣ وتفسير مجمع البيان ج٢ ص٣٩٩ والجامع لأحكام القرآن ج٤ ص٢١٩ وراجع: عمدة القاري ج١٧ ص١٤٠.
٣- بحار الأنوار ج٢٠ ص٢٣ وتفسير الثعلبي ج٣ ص١٧٣ والجامع لأحكام القرآن ج٤ ص٢١٩ ومجمـع البـيـان ج٢ ص٥٠٩ و (ط مـؤسسـة الأعلمـي) ج٢ = = ص٣٩٩ وعمدة القاري ج١٧ ص١٤٠ وعين العبرة في غبن العترة ص٣٦ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٢٣.
٣ ـ قيل: أصابت علياً "عليهالسلام " في أحد أربعون جراحة، فأخذ "صلىاللهعليهوآله " الماء على فمه فرشه على الجراحات كلها، فكأنها لم تكن من وقتها(١) .
٤ ـ قال أبان: أمر النبي "صلىاللهعليهوآله " أم سليم وأم عطية أن تداوياه، فقالتا: قد خفنا عليه.
فدخل النبي "صلىاللهعليهوآله " والمسلمون يعودونه وهو قرحة واحدة، فجعل النبي "صلىاللهعليهوآله " يمسحه بيده ويقول: إن رجلاً لقى هذا في الله لقد أبلى وأعذر. فكان يلتئم.
فقال علي "عليهالسلام ": الحمد لله الذي لم أفر ولم أول الدبر. فشكر الله تعالى له ذلك في موضعين من القرآن، وهو قوله تعالى:( وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ) (٢) و( وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ) (٣) "(٤) .
____________
١- الخرائج والجرائح ج١ ص١٤٨ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٧٨ ومستدرك سفينة البحار ج٢ ص٤٧.
٢- الآية ١٤٥ من سورة آل عمران.
٣- الآية ١٤٤ من سورة آل عمران.
٤- مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج٢ ص١١٩ و (ط المكتبة الحيدرية) ج ١ ص ٣٨٥ وحلية الأبرار ج٢ ص٤٢٨ وبحار الأنوار ج٤١ ص٣ وتفسير مجمع = = البيان ج٢ ص٤٠٩ وتفسير كنز الدقائق ج٢ ص٢٥٢ والتفسير الصافي ج١ ص٣٩٠ وتفسير الميزان ج٤ ص٦٧.
٥ ـ قيل: كان بعلي "عليهالسلام " نيف وسبعون(١) .
وفي رواية: أنه أصابته "عليهالسلام " في أحد في وجهه ورأسه، وصدره وبطنه ويديه ورجليه تسعون جراحه(٢) .
٦ ـ عن الشعبي: انصرف علي بن أبي طالب "عليهالسلام " من وقعة "أحد" وبه ثمانون جراحة، تدخل فيها الفتائل. فدخل عليه رسول الله "صلىاللهعليهوآله " وهو على نطع، فلما رآه بكى، وقال: إن رجلاً يصيبه هذا في سبيل الله لحق على الله ان يفعل به ويفعل.
فقال على "عليهالسلام " مجيباً له، وبكى: بأبي وأمي أنت يا رسول الله،
____________
١- تفسير الثعلبي ج٣ ص١٧٣ وراجع: شجرة طوبى ج٢ ص٢٧٩.
٢- راجع الرواية والأقوال المشار إليها في: بحار الأنوار ج٢٠ ص٢٣ و ٥٤ و ٧٠ و ٧٨ وج٤١ ص٣ وج٤٠ ص١١٤ و ١١٥ وج٩ ص٥٠٨ و ٤٥٤ وج١٠٨ ص٢٧٩ وتفسير مجمع البيان ج٢ ص٥٠٩ ومستدرك سفينة البحار ج٢ ص٤٧ و ٤٨ وج٧ ص٥٧٣ وتفسير القمي ج١ ص١١٦ والخصال ج١ ص٣٦٨ وشجرة طوبى ج٢ ص٢٧٩ وعن الخرائج والجرائح
الحمد الذي لم يرني وليت عنك، ولا فررت، بأبي وأمي كيف حرمت الشهادة؟!
فقال له "صلىاللهعليهوآله ": إنها من ورائك إن شاء الله.
ثم قال له النبي "صلىاللهعليهوآله ": إن أبا سفيان قد أرسل يوعدنا ويقول: ما بيننا وبينكم حمراء الأسد.
فقال علي "عليهالسلام ": لا، بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا أرجع عنهم ولو حملت على أيدي الرجال.
فأنزل الله عز وجل:( وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ) (١) . ونزلت الآية فيه قبلها:( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ) (٢) .
ثم ترك الشكاية في ألم الجراحة، فشكت المرأتان إلى رسول الله "صلىاللهعليهوآله " ما يلقى وقالتا: يا رسول الله، قد خشينا عليه مما تدخل الفتائل في موضع الجراحات من موضع إلى موضع. وكتمانه ما يجد من الألم.
قال: فعدَّ ما به من أثر الجراحات عند خروجه من الدنيا، فكانت ألف
____________
١- الآية ١٤٦ من سورة آل عمران.
٢- الآية ١٤٥ من سورة آل عمران.
جراحة من قرنه إلى قدمه "صلوات الله عليه"(١) .
ونقول:
هل هذا تصحيف؟!:
لعل تصحيفاً وقع في كلمتي سبعين وتسعين، بسبب التشابه بالرسم بينهما، مع عدم وجود النقط في السابق. وربما وقع التصحيف بين الستة والسبعة والتسعة، فإنها متقاربة في رسم الخط أيضاً.
كثرة جراح علي (عليهالسلام ) :
إن تعرض علي "عليهالسلام " للجراح بهذه الكثرة وبهذا النحو، حتى أصبح، مثل المضغة، وهو قرحة واحدة يدل:
ألف: على ضراوة المعركة وشدتها.. وعلى كثرة الرجال الذين واجههم "عليهالسلام "، وكأنه كان قد استفرد بين الأعداء.. بعد فرار جميع المسلمين من ساحة القتال إلى الجبال.
ب: يدل على أنه "عليهالسلام " لم يكن يلبس درعاً يحميه من سيوف ورماح أعدائه..
____________
١- الإختصاص ص١٥٨ وبحار الأنوار ج٣٦ ص٢٦ وج٤٠ ص١١٤ وسعد السعود لابن طاووس ص١١٢ عن ما نزل من القرآن في أهل البيت، وراجع: حلية الأبرار ج٢ ص٤٣٤ ومستدرك سفينة البحار ج٢ ص٤٧ وتأويل الآيات ج١ ص١٢٣.
ج: على أن بعد صيته في الشجاعة بين أعدائه بسبب حرب بدر وغيرها.. لم يمنعهم من مهاجمته اعتماداً على كثرتهم.
د: يدل على عدم صحة ما زعموه من أنه "عليهالسلام " لم يجرح قط.
علي (عليهالسلام ) أبلى وأعذر:
لا شك في أن لهذه الجراح آلامها وآثارها في ضعف من تصيبه عن الحركة بسبب النزف الكثير الذي ينشأ عنها..
وهذا يؤكد على أن صموده "عليهالسلام " بالرغم من ذلك يعد من أعظم الكرامات له.. فضلاً عن أن غير علي "عليهالسلام " لو واجه مثل هذا الموقف، فلا شك أن كثرة العدو، والشعور بالوحدة في المواجهة سوف تزيده ضعفاً، إذ يجتمع الضعف الروحي والضعف الجسدي، فصموده في وجه الأعداء في هذه الحال يعتبر إنجازاً فريداً، وموقفاً مجيداً..
وهذا يفسر لنا قوله "صلىاللهعليهوآله ": "إن رجلاً لقي هذا في الله لقد أبلى وأعذر".
الحمد لله لم أفر:
وما ذكرناه آنفاً: يفسر أيضاً قول علي "عليهالسلام ": "الحمد لله الذي لم يرني أفر، ولم أول الدبر". فإن الناس قد فروا من دون أن يجري عليهم ما جرى على علي "عليهالسلام "، فلم تتكاثر الرجال عليهم، ولم يروا أنفسهم في وحدة ولا وحشة. كما أنهم لم يصابوا بجراح تعد بالعشرات، حتى يصير
الواحد منهم كالمضغة، أو كالقرحة الواحدة. ولم يتعرض أي منهم لألم الجراح، ولا لنزف الدماء، فمن جرى عليه الذي جرى على علي "عليهالسلام "، لا بد أن يحمد الله تعالى على صموده، وعدم فراره.
وكان لا بد أن يعرِّض "عليهالسلام " بالفارين، الذين أهمتهم أنفسهم، ولم يهتموا لنبيهم، ولا لدينهم، ولا لشرفهم وكرامتهم، مع أن دعاواهم عريضة، وطموحاتهم كبيرة..
امرأتان تداويان جراح علي (عليهالسلام ) :
وقد ذكرت رواية أبان: أن أم سليم، وأم عطية كانتا تداويان جراح علي "عليهالسلام "، بأمر رسول الله "صلىاللهعليهوآله ".
وأشارت إلى ذلك رواية الشعبي أيضاً. وقد كان يمكن أن تتولى فاطمة الزهراء "عليهاالسلام " أو صفية، أو غيرها من المحارم مداواته..
ولكن لعل المداواة قد حصلت في ظروف معينة تمنع من حضورهن ومداواتهن له..
ويجاب:
بأن ظاهر الرواية: هو أن هذه المداواة قد حصلت في داخل المدينة، لأنها صرحت بعيادة المسلمين له.. ولا شيء يمنع من مداواة محارمه له في هذه الحال.
إلا إذا كان "صلىاللهعليهوآله " لا يريد أن يؤذي مشاعر الأرحام برؤية الحالة الصعبة جداً التي كان علي "عليهالسلام " يعاني منها، حتى ان
جسمه كان قرحة واحدة، علماً بأن هذه الأوضاع الصعبة لا تسمح بيقظة المشاعر الريبة الجنسية، ولا سيما إذا كان النساء الموكليتن بالمداواة كنَّ ممن تقدمت بهن السنَّ وتجاوزن هذه المراحل.
ولكن نفس أمر رسول الله "صلىاللهعليهوآله " لهاتين المرأتين بمداواة علي "عليهالسلام " يدل على أن مداواة المرأة للرجل مأذون بها في ظروف معينة.. مع الأخذ بنظر الإعتبار احتمال أن لا تكون هاتان المرأتان في سن الشباب. ومع ملاحظة: أن الإذن بالمداواة لا يعني السماح باللمس المباشر، حيث تمكن المداواة بدونه، كما لا يعني السماح بالنظر إلى المواضع التي يحظر نظر الأجنبية إليها..
فلا بد من الإقتصار على القدر المتيقن، والأخذ بالإحتياط في كل مورد، يحتمل مدخليته في الجواز.
مداواة المرأة للرجل:
وعدا عن ذلك.. فإننا يمكن أن ندَّعي: أن السيرة كانت قائمة في زمن النبي "صلىاللهعليهوآله " وبعده على تولي النساء معالجة وتمريض الرجال..
فقد كان لرفيدة خيمة في المسجد تعالج فيها المرضى، وتداوي الجرحى، ولما جرح سعد بن معاذ أمر النبي "صلىاللهعليهوآله " أن يجعل في خيمتها حتى يعوده، وكان "صلىاللهعليهوآله " يعوده في الصباح
والمساء(١) ..
كما أنها كانت تداوي جرحى المسلمين يوم بني قريضة(٢) .
____________
١- السيرة النبوية لابن هشام ج٣ ص٢٥٠ و (ط مكتبة محمد علي صبيح) ج٣ ص٧٢٠ والإصابة ج٤ ص٣٠٢ و ٣٠٣ و (ط دار الكتب العلمية) ج٨ ص١٣٦ عن ابن إسحاق، وعن البخاري في الأدب المفرد، وفي التاريخ بسند صحيح، وأورده المستغفري من طريق البخاري، وأبو موسى من طريق المستغفري، والتراتيب الإدارية ج٢ ص١١٣ وج١ ص٤٦٢ و ٤٥٣ ـ ٤٥٤ عمن تقدم، والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج٤ ص٣١١ والمفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج٨ ص٣٨٧ عن الإصابة، والطبقات الكبرى لابن سعد ج٣ ص٤٢٧ وتاريخ الأمم والملوك ج٢ ص٢٤٨ و ٢٤٩ وعيون الأثر ج٢ ص٥٣ وتاريخ الإسـلام للذهبي ج٢ ص٣٢٤ وفتح البـاري ج٧ ص٣١٧ = = والأدب المفرد للبخاري ص٢٤٠ وجامع البيان ج٢١ ص١٨٤ وتفسير الثعلبي ج٨ ص٢٧ وتفسير البغوي ج٣ ص٥٢٣ وتفسير الآلوسي ج٢١ ص١٧٧ وسير أعلام النبلاء ج١ ص٢٨٧ وراجع: تهذيب الكمال ج٣٥ ص١٧٤ وتهذيب التهذيب ج١٢ ص٣٦٩ والبداية والنهاية ج٤ ص١٣٩ وإمتاع الأسماع ج١ ص٢٤٨ وج٩ ص٢٥٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج٣ ص٢٣٣ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج٢ ص٦٦٥.
٢- المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج٨ ص٣٨٧ عن نهاية الإرب ج١٧ ص١٩١.
وقيل: أن كعيبة بنت سعيد الأسلمية كانت لها خيمة في المسجد لمداواة المرضى والجرحى، وكان سعد بن معاذ عندها تداوي جرحه حتى مات. وهي أخت رفيدة(١) ولعل خيمتهما واحدة.
وكانت كل من: ليلى الغفارية، وأم كبشة القضاعية، وأم سلمة، ومعاذة الغفارية، وأم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وأم سليم، وربيع بنت معوذ، وأم زياد الأشجعية في ست نسوة، وأم أيمن، وأم سنان الأسلمية، وأم عطية الأنصارية(٢) كن كلهن يخرجن معه "صلىاللهعليهوآله " في
____________
١- الإصابة ج٤ ص٣٩٦ و (ط دار الكتب العلمية) ج٨ ص٢٩٧ والتراتيب الإدارية ج٢ ص١١٣ وج١ ص٤٥٤ وسبل الهدى والرشاد ج٥ ص١٠ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٨ ص٢٩١ والثقات لابن حبان ج٣ ص٣٥٨ وتهذيب التهذيب ج١٢ ص٣٦٩ وكتاب المحبر للبغدادي ص٤١٠ وإمتاع الأسماع ج١ ص٢٤٨.
٢- راجع فيما تقدم، كلاً أو بعضاً: التراتيب الإدارية ج٢ ص١١٣ ـ ١١٦ ومسند أحمد ج٥ ص٢٧١ و ٨٤ وج٦ ص٤٠٧ وفي ج٦ ص٣٥٨ عن امرأة غفارية: أنها خرجت معه "صلىاللهعليهوآله " لذلك، وقاموس الرجال ج١١ ص٣٣ و ٤٨ وسنن البيهقي ج٩ ص٣٠ ونوادر المخطوطات ج١ ص٦١ كتاب المردفات من قريش للمدائني، والإصابة ج٤ ص٤٠٢ و ٣٠١ و ٤٣٣ و ٤٨٧ و ٤٥٤ وفيها عن أبي داود والنسائي، وابن أبي عاصم، والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج٤ ص٣١١ و ٤٧٢ و ٤٠٤ وأسد الغابة ج٥ ص٥٤٣ و ٤٥١ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٨ ص٢١٤ و ١٧٦ ترجمة أم سنان الأسلمية، وصحيح البخاري (ط سنة ١٣٠٩هـ) ج٢ ص٩٧ وسنن الدارمي ج٢ ص٢١٠ وسائر المصادر التي في الهوامش التالية، وفي تراجم المذكورات في كتب الرجال، والمعجم الصغير ج١ ص١١٧ ولسان الميزان ج٦ ص١٢٧ و ٢٠٩ و ٢٣٢ وراجع: الكافي ج١ ص٤٥ وسنن أبي داود ج٣ ص١٨ وكنز العمال ج٤ ص٣٤٥.
الغزوات لمداواة الجرحى، ومعالجة المرضى.. بل إن أم عطية قد خرجت معه "صلىاللهعليهوآله " في سبع غزوات من أجل ذلك(١) وامرأة أخرى
____________
١- صحيح مسلم (ط دار الفكر) ج٥ ص١٩٩ ومسند أحمد ج٥ ص٨٤ وج٦ ص٤٠٧ ونيـل الأوطـار ج٨ ص٦٣ وسنن ابن ماجـة ج٢ ص٩٥٢ وتحفـة = = الأحوذي ج٥ ص١٦٣ والمصنف لابن أبي شيبة ج٧ ص٧٢٧ ومسند ابن راهويه ج٥ ص٢١١ و ٢١٢ والسنن الكبرى للنسائي ج٥ ص٢٧٨ والمعجم الكبير للطبراني ج٢٥ ص٥٥ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٨ ص٤٥٥ وشرح السير الكبير للسرخسي ج١ ص٢٠١ وتاريخ الإسلام للذهبي ج٥ ص٢٩٠.
خرجت معه في ست غزوات من أجل ذلك أيضاً(١) .
وعن أنس، قال: كان رسول الله "صلىاللهعليهوآله " يغزو بأم سليم ونسوة معها من الأنصار، يسقين الماء ويداوين الجرحى(٢) .
وعن ربيع بنت معوذ: كنا مع النبي "صلىاللهعليهوآله " نسقي ونداوي الجرحى، ونرد القتلى(٣) .
____________
١- مسند الحميدي ج١ ص١٧٥ والبخاري (ط سنة ١٣٠٩هـ) ج١ ص١١٥ و (ط دار الفكر) ج١ ص٨٣ وج٢ ص٩ و ١٧٢ ومسند أحمد ج٥ ص٨٤ والسنن الكبرى للبيهقي ج٣ ص٣٠٦ وفتح الباري (المقدمة) ص٢٥٢ وعمدة القاري ج٣ ص٣٠٢ وج٩ ص٢٩٤ وعون المعبود ج٣ ص٣٤٤ وصحيح ابن خزيمة ج٢ ص٣٦٠.
٢- صحيح مسلم (ط دار الفكر) ج٥ ص١٩٦ وسنن أبي داود ج١ ص٥٦٩ وسنن الترمذي ج٣ ص٦٨ ونيل الأوطار ج٨ ص٦٣ والشرح الكبير لابن قدامة ج١٠ ص٤٢٧ والمجموع للنووي ج١٩ ص٢٧٣ والسنن الكبرى للبيهقي ج٩ ص٣٠ والسنن الكبرى للنسائي ج٤ ص٣٦٩ ومسند أبي يعلى ج٦ ص٥٠ والإستذكار لابن عبد البر ج١ ص٣٠٢ وسبل الهدى والرشاد ج٩ ص١١٢ والمنتقى لابن تيمية ج٢ ص٧٦٨ عن مستدرك الحاكم، وأحمد، ومسلم.
٣- صحيح البخاري (هامش فتح الباري) ج٦ ص٦٠ و (ط دار الفكر) ج٣ ص٢٢٢ وج٧ ص١٢ وفتح الباري ج١٠ ص١١٥ وعمدة القاري ج١٤ ص١٦٩ وج٢١ ص٢٣٠ والأعلام للزركلي ج٣ ص١٥ ونيل الأوطار ج٨ ص٦٣ ومسند أحمد ج٦ ص٣٥٨ وتحفة الأحوذي ج٥ ص١٦٣ والسنن الكبرى للنسائي ج٥ ص٢٧٨ والمعجم الكبير ج٢٤ ص٢٧٦ وأسد الغابة ج٥ ص٤٥١ والإصابة ج٤ ص٣٠١ و (ط دار الكتب العلمية) ج٨ ص١٣٣ وسبل الهدى والرشاد ج٩ ص١١٢.
وعن حشرج بن زياد الأشجعي، عن جدته أم أبيه، أنها قالت: إنها خرجت في خيبر مع خمس نسوة أخريات لأجل مداواة الجرحى وغير ذلك، فأسهم لهن "صلىاللهعليهوآله " تمراً(١) .
وعن الزهري: كانت النساء تشهدن مع النبي "صلىاللهعليهوآله " المشاهد، ويسقين الماء (المقاتلة) ويداوين الجرحى(٢) ، ومثل ذلك عن مالك
____________
١- راجع: مسند أحمد ج٥ ص٢٧١ وج٦ ص٣٧١ والمصنف لابن أبي شيبة ج٧ ص٧٢٨ وج٨ ص٥٢٣ والآحاد والمثاني ج٦ ص٨١ والمعجم الكبير ج٢٥ ص١٣٧ وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج٤ ص٥٣٨ وأسد الغابة ج٥ ص٥٨٤ و ٦٣١ وتهذيب الكمال ج٦ ص٥٠٥ والإصابة (ط دار الكتب العلمية) ج٨ ص٣٩٦ والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج٤ ص٢٣٣ والسيرة النبوية لابن كثير ج٣ ص٣٨٨ والتراتيب الإدارية ج٢ ص١١٥ عن أبي داود، وفيه: حنين، بدل خيبر، وهما تكتبان في القديم على نحو واحد، وبلا نقط، وهو سبب الإشتباه.
٢- التراتيب الإدارية ج٢ ص١١٥ عن الصنعاني، وفتح الباري ج٦ ص٥٨.