الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء ٣

مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 364
مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 364
تعش، فانتزعها النبي "صلىاللهعليهوآله " وغرسها بيده فحملت(١) .
ونقول:
هناك الكثير من النِقاط التي يحتاج الإنسان إلى تسليط الضوء عليها نقتصر منها على ما يلي:
____________
١- مسند أحمـد ج٥ ص٣٥٤ ومجمـع الزوائـد ج٩ ص٣٣٧ عن أحمـد، والبـزار، = = ورجاله رجال الصحيح، ونصب الراية ج٦ ص١٨٧ والسنن الكبرى للبيهقي ج١٠ ص٣٢١ والشمائل المحمدية للترمذي ص٢٨ وتاريخ مدينة دمشق ج٢١ ص٣٩٥ و٤٠٣ وتاريخ الإسلام للذهبي ج١ ص٣٥٧ وإمتاع الأسماع ج٥ ص١٨٣ وج٦ ص٣٣٨ وعيون الأثر ج١ ص٩١ وسبل الهدى والرشاد ج١ ص١٠٩ وج٩ ص٥٠٢ وتاريخ الخميس ج١ ص٤٦٨ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١٨ ص٣٥ والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج٢ ص٥٨ و(ط دار الجيل) ج٢ ص٦٣٥ والتمهيد لابن عبد البر ج٣ ص٩٨ وقاموس الرجال ج٤ ص٢٢٧ وتهذيب تاريخ دمشق ج٦ ص١٩٨ و ١٩٩ وشرح الشفاء لملا علي القاري ج١ ص٣٨٤ ومزيل الخفاء في شرح ألفاظ الشفاء (مطبوع بهامش الشفاء نفسه) ج١ ص٣٣٢ وبحار الأنوار ج٢٢ ص٣٩٠ والدرجات الرفيعة ص٢٠٥ ونفس الرحمن ص١٦ ومناقب أهل البيت "عليهمالسلام " للشيرواني ص٣٢٦ والمستدرك لحاكم ج ص١٦ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج١ ص٣١٢.
غرس عمر، أم غرس سلمان؟!:
تقدم: أن النبي "صلىاللهعليهوآله " قد تولى هو غرس النخل، مستعيناً بعلي "عليهالسلام ".. وقد نهى سلمان عن التدخل في هذا الأمر، فلا يمكن أن نصدق الرواية التي تدعي: أن سلمان قد غرس واحدة منها فلم تعش، فإن سيرة سلمان تدلنا على أنه لا يقدم على مخالفة أمر رسول الله "صلىاللهعليهوآله ".
ولو فرضنا: أن سلمان قد فعل ذلك متوهماً أنه هو صاحب العلاقة، وأنه يسوغ له أن يغرس ولو واحدة منها، لتكون بمثابة الذكرى، فإننا لا نجد مبرراً لمبادرة عمر إلى فعل شيء من ذلك دون سائر الصحابة.. إلا إن كان يريد أن يجرب حظه، فلعل المعجزة تظهر على يده كما ظهرت على يد الرسول "صلىاللهعليهوآله "، لكي يصح قوله: "أنا زميل محمد"(١) .
ولكن شاءت الإرادة الإلهية أن يحفظ ناموس النبوة، فأثمر النخل كله، إلا النخلة التي غرسها عمر بن الخطاب، حتى عاد النبي "صلىاللهعليهوآله "، فغرسها بيده الشريفة، فظهرت البركات، وتجلت بها الألطاف
____________
١- تاريخ الأمم والملوك (ط مؤسسة الأعلمي وط الإستقامة) ج٣ ص٢٩٠ و ٢٩١ و الفايق في غريب الحديث ج١ ص٤٠٠ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١٢ ص١٢١ والجواهر ج٣٠ ص١٤٦ والغدير ج٦ ص٢١٢ والميزان ج٤ ص٢٩٨ وغريب الحديث لابن قتيبة ج١ ص٢٦٣.
والكرامات، والدلائل والآيات..
انتزعها ثم غرسها:
وقد لوحظ: أن النبي "صلىاللهعليهوآله "، لم يجر الكرامة على تلك النخلة التي غرسها عمر، بأن يلمسها وهي في موضعها، ويدعو لها بالحياة والإخضرار.. ولو أنه فعل ذلك لاستجاب الله تعالى له..
ولكنه أزال فعل عمر من أساسه، بأن انتزعها، ثم أعاد غرسها، ربما ليرمز لنا إلى بوار نفس الفعل الذي صدر عن عمر، فلا يصلح حتى للبناء عليه، لأنه ليس قابلاً للإصلاح أصلاً.. فإن معنى قابليته للإصلاح هو أن الفساد قد نال بعض الجهات فيه دون بعض، وهو ليس كذلك إذ لم يكن فيه أي شيء صالحاً ليصح ضم الجزء الآخر إليه بعد إصلاحه..
يضاف إلى ذلك: أنه لو ابقاها ثم لمسها ودعا، فعادت لها الحياة، فقد يتوهم متوهم، أو يدَّعي مدع: أنها كانت مغروسة، وكان فيها قابلية الحياة، فعاشت لأجل ذلك، لا لفعل رسول الله "صلىاللهعليهوآله ".
سلمان منا أهل البيت:
قال المبرد: كان "صلىاللهعليهوآله " أدى إلى بني قريظة مكاتبة سلمان، فكان سلمان مولى رسول الله "صلىاللهعليهوآله "، فقال علي بن أبي طالب "عليهالسلام ": سلمان منا أهل البيت(١) .
____________
١- الكامل في الأدب ج٤ ص١٤.
ونحن لا ننكر أن يكون علي "عليهالسلام " قد قال هذه الكلمة، ولكنه إنما قالها تبعاً لرسول الله "صلىاللهعليهوآله "، فإن الكل يعلم، أن كلمة: " سلمان منا أهل البيت" هي من كلام النبي "صلىاللهعليهوآله "، جاءت رداً على عمر بن الخطاب، حين دخل فوجد سلمان في المجلس، فقال: من هذا العجمي المتصدر بين العرب؟! فصعد "صلىاللهعليهوآله " المنبر، فخطب.. فكان مما قال: " سلمان منا أهل البيت"(١) .
أو أنه "صلىاللهعليهوآله " قال فيه هذه الكلمة حينما تنافس فيه الأنصار والمهاجرون، أو في مناسبة أخرى(٢) .
فهل يريد المبرد أن يبعد رسول الله "صلىاللهعليهوآله " عن أن يكون قد قال هذه الكلمة؟!
النبي (صلىاللهعليهوآله ).. وغرس النخل:
وقد رأينا: أن النبي "صلىاللهعليهوآله " أراد أن يغرس النوى بنفسه، بمساعدة أمير المؤمنين "عليهالسلام "، ولم يسمح حتى لسلمان نفسه أن يتدخل في ذلك، ولو في واحدة منها.
وعدا عن أن ذلك يدل على اهتمام النبي "صلىاللهعليهوآله " بسلمان، ويعد تكريماً له، فإنه تضمن إظهار معجزة له "صلىاللهعليهوآله "، عضدتها
____________
١- الغارات للثقفي ج٢ ص٨٢٣ والإختصاص ص٣٤١ وبحار الأنوار ج٢٢ ص٣٤٨ ونفس الرحمن ص١٢٧ و١٢٨ وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهمالسلام " للنجفي ج١ ص٣٧٠ وجامع أحاديث الشيعة ج١٤ ص٧٥
٢- راجع: المستدرك للحاكم ج٣ ص٥٩٨ ومجمع الزوائد ج٦ ص١٣٠ والمعجم الكبير للطبراني ج٦ ص٢١٣ والدرر لابن عبد البر ص١٧٠ ومجمع البيان ج٢ ص٢٦٩ وج٨ ص١٢٦ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٤ ص٨٢ وج٧ ص٣١٩ وتاريخ مدينة دمشق ج٢١ ص٤٠٨ وأسد الغابة ج٢ ص٣٣١ وتهذيب الكمال ج١١ ص٢٥٠ وسير أعلام النبلاء ج١ ص٥٣٩ وتاريخ الأمم والملوك ج٢ ص٢٣٥ وذكر أخبار إصبهان ج١ ص٥٤ والكامل في التاريخ ج٢ ص١٧٩ والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج٤ ص١١٤ وإمتاع الأسماع ج١ ص٢٢٦ وج١٣ ص٢٩١ والسيرة النبوية لابن هشام (ط مكتبة محمد علي صبيح) ج٣ ص٧٠٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج٣ ص١٩٢ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج٢ ص٦٣٤ والميزان ج١٦ ص٢٩٢ وجامع البيان ج٢١ ص١٦٢ وتفسير الثعلبي ج٣ ص٤٠ وتفسير البغوي ج٣ ص٥١٠ والجامع لأحكام القرآن ج١٤ ص١٢٩ ومناقب آل أبي طالب (ط المكتبة الحيدرية) ج١ ص٧٥ وبحار الأنوار ج١٠ ص١٢٣ وج١٧ ص١٧٠ وج١٨ = = ص١٩ وج٢٠ ص١٨٩ و ١٩٨ وج٢٢ ص٣٢٩ وج٢٢ ص٣٧٣ ودلائل الإمامة ص١٤٠ والإحتجاج للطبرسي ج١ ص٣٨٧ ومستدرك سفينة البحار ج٥ ص١٢٨ و ١٣٣ وإختيار معرفة الرجال للطوسي ج١ ص٥٩ والدرجات الرفيعة ص٢١٠ و ٢١٨ وطرائف المقال ج٢ ص٦٠٢.
معجزة أخرى تلمسها سلمان في الذهب الذي وزن منه أربعين أوقية(١) ، وبقي منه بقدر ما كان، مع أنه كان بقدر البيضة..
فقد كان الله تعالى يريد أن يُظهر هذه الكرامة، أو المعجزة لرسوله، في هذه المناسبة، وفي هذا الوقت بالذات، لأن الناس كانوا بأمس الحاجة إليها، ولا سيما في ذلك المحيط الذي يحاول اليهود أن يثيروا فيه الشبهات حول النبوة والنبي "صلىاللهعليهوآله ".. فإن الإنتصار في الحروب، وإن كان يحمل معه لمحات الإعجاز، ويزخر بدلائل الرعاية الإلهية، إلا أن ما تتركه تلك الحروب من آثار، وأثقال، وهموم ومشكلات، قد يجد فيه البعض منافذ للوسوسة، وتوظيف آثاره على الناس في زرع بذور الفتنة، وإثارة النعرات، والعصبيات والأحقاد..
شراكة علي (عليهالسلام ) :
وقد لوحظ: أن رسول الله "صلىاللهعليهوآله " قد حرص على إشراك علي "عليهالسلام " في التحضير لظهور هذه الكرامة الإلهية.. دون كل أحد سواه، في إشارة منه إلى موقع علي "عليهالسلام " منه، ولا نريد أن نقول أكثر من ذلك.
____________
١- الأوقية: وزن أربعين درهماً.
إذا سمعت بشيء قد جاءني فأتني:
ولوحظ أيضاً: أنه "صلىاللهعليهوآله " لم يبادر إلى صنع المعجزة في الذهب، بأن يأخذ حجراً أو تراباً، فيصير ذهباً، ثم يعطيه إياه، كما رأيناه في حالات أخرى، إذ قد يحاول الأعداء اتهامه بالسحر، إن هو قد فعل ذلك..
بل طلب من سلمان أن ينتظر مجيء شيء إليه، فلما جاءه الذهب أرسل هو إلى سلمان فحضر، فأعطاه الذهب، الذي أهدي إليه، والذي لا يمكن ادعاء السحر، أو التمويه فيه، لأنه حقيقة ملموسة للآخرين معروفة لهم، وقد تمثلت الكرامة والمعجزة بظهور البركة فيها.. وهذا أدعى للتصديق، وأبعد عن التهمة.
توزيع المهام بين الأحباب:
ومما حدث بعد الهجرة، وبالذات بعد زواج علي بفاطمة "عليهالسلام " وإن كان لا يمكننا تحديد تاريخ ذلك، قول علي "عليهالسلام " لأمه، فاطمة بنت أسد "رضوان الله تعالى عليها": إكف فاطمة بنت رسول الله "صلىاللهعليهوآله " سقاية الماء، وتكفيك الداخل: الطحن والعجن(١) .
____________
١- راجع: مجمع الزوائد ج٩ ص٢٥٦ والمعجم الكبير للطبراني ج٢٤ ص٣٥٣ وأنساب الأشراف (ط مؤسسة الأعلمي) ص٣٧ والمصنف لابن أبي شيبة ج٨ ص١٥٦ وأسد الغابة ج٥ ص٥١٧ والإصابة ج٤ ص٣٨٠ و (ط دار الكتب العلمية) ج٨ ص٢٦٨ والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج٤ ص٣٨٢ و (ط دار الجيل) ج٤ ص١٨٩٤ وإمتاع الأسماع ج٥ ص٣٥٢ وتاريخ الخميس ج١ ص٤٦٨ والدر المنثور في طبقات ربات الخدور ص٣٥٨ وتهذيب الكمال ج٣٥ ص٢٤٨ وسير أعلام النبلاء ج٢ ص١٢٥ وتاريخ الإسلام ج٣ ص٦٢١ وسبل الهدى والرشاد ج١١ ص٤٧ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٣٠ ص١٣٤.
وروي عن علي "عليهالسلام "، أنه قال: أهدي إلى رسول الله "صلىاللهعليهوآله " حلة استبرق، فقال: اجعلها خمراً بين الفواطم..
فشققتها أربعة أخمرة: خماراً لفاطمة بنت رسول الله "صلىاللهعليهوآله "، وخماراً لفاطمة بنت أسد، وخماراً لفاطمة بنت حمزة، ولم يذكر الرابعة، قال ابن حجر: قلت: ولعلها امرأة عقيل الآتية(١) .
ولعلها فاطمة التي اصطحبها "عليهالسلام " حين الهجرة.
ونشير هنا إلى ما يلي:
١ ـ إن علياً "عليهالسلام " لم يفرض على زوجته خدمة أمه، ولا فرض
____________
١- راجـع: الإصابـة ج٤ ص٣٨١ و (ط دار الكتب العلمية) ج٨ ص٢٧١ وأسد = = الغابة ج٥ ص٥١٩ وعمدة القاري ج٢٢ ص١٧ و ١٨ والآحاد والمثاني ج١ ص١٤٢ وج٥ ص٤٦٩ وشرح معاني الآثار ج٤ ص٢٥٤ والتمهيد لابن عبد البر ج١٤ ص٢٥١ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج٢ ص٢٠٥ وسبل السلام للكحلاني ج٢ ص٨٦ وشرح مسلم للنووي ج١٤ ص٥٠ وعون المعبود ج١١ ص٦٢ وعيون الأثر ج٢ ص٣٧١.
على أمه خدمة زوجته، بل هو طلب أن يتوزعا المهمات فيما بينهما..كل منهما بحسب ما يناسب حاله..
٢ ـ إنه "عليهالسلام " تكلم بطريقة تفيد: أن ما طلبه من هذه كان مطلوباً من تلك، والعكس صحيح، وذلك لسببين:
أولهما: ليدل على أن أحداً ليس مكلفاً بخدمة أحد، بل كل إنسان مكلف بالطحن والعجن، والسقي لنفسه، فإذا كفاه أحد الناس شيئاً من ذلك، فإن مكافأته له بأن يكفيه هو شيئاً آخر تصبح طبيعية..
ولو أنه "عليهالسلام " فرض الأمر فرضاً عليهما بأن قال: عليك السقي، وعليها الطحن والعجن، لم يشعر أي من الطرفين بإحسان وجميل الطرف الآخر، ولم تتبلور لديه رغبة في مساعدته، لو وجده مغلوباً في الذي يتولاه..
الثاني: هذه الطريقة في البيان تعطي: أن العامل سوف يشعر بأنه مدين للطرف الآخر.. ويشعره بمحبته ومودته، وصفاء نيته تجاهه، ويبعد عنه أية حساسية معه.
٣ ـ ثمة عناية خاصة من النبي "صلىاللهعليهوآله " بهؤلاء الفواطم، فهو قد أوصى علياً أن يستصحبهنَّ في الهجرة، وهو يهتم بتهيئة موجبات الستر التام، والصون لهن، فهيأ لهن الخُمُر الساترة، لا الثياب الفاخرة.
النبي (صلىاللهعليهوآله ) يلقن الأموات الإمامة:
روى الكليني: أنه حين توفيت فاطمة بنت أسد حمل النبي "صلىاللهعليهوآله " جنازتها على عاتقه، فلم يزل حتى أوردها قبرها، وأخذها على
يديه، ووضعها فيه، وانكب عليها طويلاً يناجيها، ولقنها ما تسأل عنه حتى إمامة ولدها "عليهالسلام ".
وحينما سئل عن ذلك قال: اليوم فقدت بر أبي طالب، إن كانت لتكون عندها الشيء فتؤثرني به على نفسها، وولدها.. إلى آخر ما قال "صلىاللهعليهوآله "(١) .
ونقول:
١ ـ بالنسبة للرواية الأولى نلاحظ ما يلي:
أنه "صلىاللهعليهوآله " يلقن الأموات الإمامة، وهذا يدلنا على أمور، هي:
____________
١- الكافي ج١ ص٤٥٣ وقاموس الرجال (الطبعة الأولى) ج١١ ص٦ و (ط مركز النشر الإسلامي) ج١٢ ص٣١٠ وخصائص الأئمة ص٦٤ والروضة في فضائل أمير المؤمنين ص٤٠ والفضائل لشاذان ص١٠٢ والإعتقادات في دين الإمامية للصدوق ص٥٨ وشرح أصول الكافي ج٧ ص١٩٧ وبحار الأنوار ج٦ ص٢٧٩ وج٣٥ ص١٨٠ وكشف اليقين ص١٩٣ وجامع أحاديث الشيعة ج١٩ ص٢٢١ ـ ٢٢٣ وموسوعـة أحـاديث أهـل البيـت "عليهمالسلام " = = للنجفي ج٩ ص٢٥ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج١٥ ص٧٦ عن در بحر المناقب لابن حسنويه (مخطوط) ص١٥ وراجع: وفاء الوفاء المجلد الثاني ص٨٩٨.
ألف: إن الأموات يسمعون، ويفهمون، ويحفظون هذا التلقين، وقد تأكدت هذه الحقيقة في حرب بدر حين كلم رسول الله "صلىاللهعليهوآله " قتلى المشركين، وهم في القليب، فلما سئل عن ذلك، قال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني(١) .
____________
١- راجع: فتح الباري ج٧ ص٢٣٤ و٢٣٥ وتاريخ الخميس ج١ ص٣٨٦ والسيرة الحلبية ج٢ ص٨٢ و (ط دار المعرفة) ج٢ ص٤٣١ وحياة الصحابة ج٢ ص٣٣٣ و ٣٣٤ وبحار الأنوار ج١٩ ص٣٤٦ ومستدرك سفينة البحار ج١ ص٣٠٠ ومسند أبي يعلى ج٦ ص٤٣٣ وصحيح ابن حبان ج١٤ ص٤٥٨ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١٤ ص١٧٩ وإمتاع الأسماع ج١٢ ص١٤٣ و ١٦٠ وعيون الأثر ج١ ص٣٤٥ والميزان ج٩ ص٣١ وتاريخ الأمم والملوك ج٢ ص١٥٦ والكامل في التاريخ ج٢ ص١٢٩ والبداية والنهاية (ط دار إحياء التـراث العـربي) ج١ ص١٥٨ ج٣ ص٣٥٧ والسيرة النبويـة لابن هشام (ط = = مكتبة محمد علي صبيح وأولاده) ج٢ ص٤٦٦ والسيرة النبوية لابن كثير ج٢ ص٤٤٩ و ٤٥٢ وسبل الهدى والرشاد ج٤ ص٥٥ وقصص الأنبياء لابن كثير ج١ ص١٦٢ وإعانة الطالبين ج٢ ص١٦٠ ومسند أحمد ج١ ص٢٧ وج٣ ص١٠٤ و ٢٢٠ و ٢٦٢ وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج٢ ص١٠١ وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج٨ ص١٦٣ و ١٦٤ وكتاب السنة لابن أبي عاصم ص٤١١ والسنن الكبرى للنسائي ج١ ص٦٦٥ ومسند أبي يعلى ج١ ص١٣٠ وج٦ ص٧٢ و ٤٣٣ و ٤٦٠ وصحيح ابن حبان ج١٤ ص٤٢٤ و ٤٥٨ والمعجم الصغير للطبراني ج٢ ص١١٣ وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة ) ج١٠ ص٣٧٧ و ٣٩٢ وتاريخ مدينة دمشق ج٣٨ ص٢٦٠ وتاريخ الإسلام للذهبي ج٢ ص٦٣ و ٨٣ والمعجم الأوسط للطبراني ج٨ ص٢١٩ والمصنف لابن أبي شيبة ج٨ ص٤٨٠ ومنتخب مسند عبد بن حميد ص٣٦٤ وسنن النسائي ج٤ ص١١٠ ومجمع الزوائد ج٦ ص٩١ ومسند أبي داود ص٩ والديباج على مسلم ج٦ ص٢٠٥ وعمدة القاري ج٨ ص٢٠١.
كما أن علياً "عليهالسلام " قد كلم قتلى أعدائه في حرب الجمل(١) .
ب: إن هذا التلقين لا يزال سنة جارية، يمارسها أهل الإيمان مع الأموات منهم..
ج: إن السؤال في القبر عن أمور بعينها ثابت وواقع، فلا بد من إعداد الجواب.
د: إن إمامة علي "عليهالسلام " هي مما يسأل عنه الأموات أيضاً..
هـ: إن السؤال عن الإمامة يشير إلى أنها ليست مجرد حكومة وخلافة، بل هي معنى أوسع وأكبر يجعلها أمراً عقائدياً أيضاً، بالإضافة إلى أبعد أخرى كامنة فيها..
____________
١- الجمل للشيخ المفيد ص٣٩١ و (ط مكتبة الداوري ـ قم) ص٢٠٩ والإرشاد للمفيد ج١ ص٢٥٤ والجمل لابن شدقم ص١٥٣ وبحار الأنوار ج٣٢ ص٢٠٧ وأعيان الشيعة ج١ ص٤٦١.
و: إن سؤال فاطمة بنت أسد عن الإمامة بعد موتها كان في حال حياة النبي "صلىاللهعليهوآله "، وقبل أن يكون لخلافة غير النبي وحاكميته الفعلية مورد..
٢ ـ بالنسبة للرواية الثانية نلاحظ أيضاً:
ألف: إن قول النبي "صلىاللهعليهوآله ": اليوم فقدت برّ أبي طالب يشير إلى أن فاطمة بنت أسد، قد واصلت برها به، الذي تعلمته من أبي طالب "عليهالسلام "، حتى كأنه "صلىاللهعليهوآله " كان يشعر بحياة أبي طالب إلى تلك اللحظة.
ب: أي برَّ هذا الذي يتواصل كل هذه السنوات؟! وكيف شعر "صلىاللهعليهوآله " بفقد ذلك البرّ في اليوم الأول؟! إن ذلك يحتاج إلى التفسير.
الفصل الثامن :
علي (عليهالسلام ) في بني النضير..
بنو النضير بعد قتل ابن الأشرف:
لقد فاجأت نتائج حرب بدر اليهود، وقام كعب بن الأشرف بتحرك واسع ضد المسلمين، حتى لقد ذهب إلى مكة ليحرضهم على حرب رسول الله "صلىاللهعليهوآله "، وهجا النبي "صلىاللهعليهوآله "، وصار يشبب بنساء المسلمين في شعره، حتى آذاهم..
فانتدب النبي "صلىاللهعليهوآله " إليه من قتله، فخافت اليهود خوفاً شديداً، وذهبوا إلى رسول الله "صلىاللهعليهوآله "، فدعاهم إلى أن يكتب بينه وبينهم صلحاً..
قالوا: فذلك الكتاب مع علي(١) .
ونقول:
____________
١- المصنف للصنعاني ج٥ ص٢٠٤ ومجمع الزوائد ج٦ ص١٩٥ وتفسير القرآن للصنعاني ج١ ص١٤٢ وجامع البيان ج٤ ص٢٦٧ وراجع الحديث أيضاً في: الطبقات الكبرى لابن سعد ج٢ ص٢٣ ودلائل النبوة للبيهقي (ط دار الكتب العلمية) ج٣ ص١٩٨ وراجع: المغازي للواقدي ج١ ص١٩٢.
ألف: قتل كعب بن الأشرف فلا يعد فتكاً، لأنه كان كافراً معلناً بعداوته، ومحارباً، والمحارب تترصّد غفلته ويقتل، وليس له أن يدعى أنه آمن، وأن قتله من الفتك الممنوع، فإن الفتك الممنوع هو قتل من لم يعلن الحرب.
ولذلك لم يقتل مسلم بن عقيل عبيد الله بن زياد، الذي كان يتظاهر بالإسلام. وقال: الإسلام قيد الفتك.
ب: وقد يتساءل البعض هنا عن سر كون هذا الكتاب مع علي "عليهالسلام "، فهل يشير ذلك إلى خصوصية له "عليهالسلام " فيما يرتبط بالمجال السياسي المتعلق برسول الله "صلىاللهعليهوآله "، أو حتى فيما يرتبط بموقعه "عليهالسلام " من بعده؟!
بنو النضير ينقضون العهد:
ويذكر المؤرخون هنا غزوة النبي "صلىاللهعليهوآله " لبني النضير، وسببها: أنه كان هناك عهد بين بني النضير وبين النبي "صلىاللهعليهوآله "، وبالإستناد إلى ذلك العهد، فجاءهم النبي "صلىاللهعليهوآله " في أقل من عشرة أشخاص من أصحابه يستعينهم في دية قتيلين من بني عامر كان عمرو بن أمية الضمري قتلهما دون أن يشعر بوجود عهد بين قبيلتهما وبين النبي "صلىاللهعليهوآله "، وحلف وعهد آخر كان بين بني عامر وبين بني النضير أيضاً..
فرحب به بنو النضير، ولكنهم حين رأوه في قلة من أصحابه تآمروا
على قتله، بإسقاط رحى عليه من سطح المنزل الذي كان "صلىاللهعليهوآله " يجلس مع بعض أصحابه إلى جواره..
فأخبر جبرئيلُ رسولَ الله "صلىاللهعليهوآله " بأمرهم، فخرج "صلىاللهعليهوآله " راجعاً إلى المدينة، ثم دعا علياً "عليهالسلام "، وقال: لا تبرح مقامك، فمن خرج عليك من أصحابي، فسألك عني، فقل: توجه إلى المدينة.
ففعل ذلك علي، حتى انصبوا إليه، ثم تبعوا النبي "صلىاللهعليهوآله " ولحقوا به.
وأرسل "صلىاللهعليهوآله " إلى بني النضير يأمرهم بالجلاء، لأنهم نقضوا العهد، فرفضوا ذلك استناداً إلى وعود المنافقين لهم بنصرتهم.. فقدم النبي "صلىاللهعليهوآله " لحصارهم، وقال لعلي "عليهالسلام ": تقدم إلى بني النضير.
فأخذ "عليهالسلام " الراية وتقدم، وأحاط بحصنهم.
وقال الواقدي: استعمل علياً "عليهالسلام " على العسكر، وقيل: أبا بكر، وقاتلهم إلى الليل حتى أظلموا(١) .
____________
١- المغازي للواقدي ج١ ص٣٧١ وراجع: السيرة الحلبية ج٢ ص٢٦٥ وتفسير القمي ج٢ ص٣٥٩ وبحار الأنوار ج٢٠ ص١٦٤ و ١٦٨ وتفسير الثعلبي ج٤ ص٣٥ وتفسير البغوي ج٢ ص١٩ والأصفى ج٢ ص١٢٨١ والصافي ج٥ ص١٥٣ وج٧ ص١٤٨ وعمدة القاري ج١٧ ص١٢٥ والميزان ج٩ ص١٢٧ وتاريخ الخميس ج١ ص٤٦٠ وشرح بهجة المحافل ج١ ص٢١٤ وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج٢ ص٥٧.
الفتح على يد علي (عليهالسلام ) :
وضرب قبته "صلىاللهعليهوآله " في أقصى بني خطمة من البطحاء.
فلما أقبل الليل رماه رجل من بني النضير بسهم، فأصاب القبة، فأمر النبي "صلىاللهعليهوآله " أن تحول قبته إلى السفح، وأحاط بها المهاجرون والأنصار. (وعند الواقدي: أنها حولت إلى مسجد الفضيخ).
فلما اختلط الظلام فقدوا أمير المؤمنين "عليهالسلام "؛ فقال الناس: يا رسول الله، لا نرى علياً.
فقال "صلىاللهعليهوآله ": أراه(١) في بعض ما يصلح شأنكم.
فلم يلبث أن جاء برأس اليهودي الذي رمى النبي "صلىاللهعليهوآله " ـ وكان يقال له: عزورا ـ فطرحه بين يدي النبي "صلىاللهعليهوآله ".
فقال له النبي "صلىاللهعليهوآله ": كيف صنعت؟!
فقال: إني رأيت هذا الخبيث جريَّاً شجاعاً؛ فكمنت له، وقلت: ما أجرأه أن يخرج إذا اختلط الليل، يطلب منا غرة.
فأقبل مصلتاً بسيفه، في تسعة نفر من اليهود؛ فشددت عليه، وقتلته،
____________
١- في مغازي الواقدي، والسيرة الحلبية: دعوه فإنه في بعض شأنكم.
فأفلت أصحابه، ولم يبرحوا قريباً؛ فابعث معي نفراً فإني أرجو أن أظفر بهم.
فبعث رسول الله "صلىاللهعليهوآله " معه عشرة، فيهم أبو دجانة سماك بن خرشة، وسهل بن حنيف؛ فأدركوهم قبل أن يلجوا الحصن؛ فقتلوهم، وجاؤوا برؤوسهم إلى النبي "صلىاللهعليهوآله " فأمر أن تطرح في بعض آبار بني خطمة.
وكان ذلك سبب فتح حصون بني النضير.
وفي ذلك يقول حسان بن ثابت:
الله أي كريـهــة أبلـيـتـهـا |
ببني قريظـة والنـفوس تطلع |
|
أردى رئيسهم وآب بتسـعة |
طوراً يشلهم(١) وطوراً يدفـع |
إلى أن تقول الرواية: فيئسوا من نصرهم (أي من نصر المنافقين لهم)، فقالوا: نحن نخرج من بلادك الخ..(٢) .
____________
١- يشلهم بالسيف: يضربهم ويطردهم.
٢- راجع ما تقدم في المصادر التالية: الإرشاد للمفيد ص٤٩ ـ ٥٠ و (ط دار المفيد) ج١ ص٩٢ ـ ٩٣ وبحار الأنوار ج٢٠ ص١٧٢ و ١٧٣ ومناقب آل أبي طالب ج١ ص١٩٦ و ١٩٧ و (ط المكتبة الحيدرية) ج١ ص١٦٩ و ١٧٠ والمغازي للواقدي ج١ ص٣٧١ و ٣٧٢ وكشف الغمة للأربلي ج١ ص٢٠٠ والسيرة الحلبية ج٢ ص٢٦٥ و (ط دار المعرفة) ج٢ ص٥٦٢ والسيرة النبوية لدحلان ج١ ص٢٦٢ وسبل الهدى والرشاد ج٤ ص٣٢٢ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٣٢ ص٣٤٠.