الصحيح من سيرة الإمام علي(عليه السلام)(المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء ٤

الصحيح من سيرة الإمام علي(عليه السلام)(المرتضى من سيرة المرتضى)0%

الصحيح من سيرة الإمام علي(عليه السلام)(المرتضى من سيرة المرتضى) مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 342

الصحيح من سيرة الإمام علي(عليه السلام)(المرتضى من سيرة المرتضى)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: الصفحات: 342
المشاهدات: 16357
تحميل: 4694


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 342 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 16357 / تحميل: 4694
الحجم الحجم الحجم
الصحيح من سيرة الإمام علي(عليه السلام)(المرتضى من سيرة المرتضى)

الصحيح من سيرة الإمام علي(عليه السلام)(المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء 4

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

والتحايل عليه، لا يحدهم حد، ولا يقعون تحت عد، فلو كان قد صدر منه أمر قبيح لكانوا قد ملأوا الدنيا بأرجازهم وأزجالهم، ولكانوا قد تفننوا وتفاصحوا في خطبهم الطنانة والرنانة في لومه، وتوجيه الإهانات له، والغمز من قناته..

ثالثاً: إن النصوص ليست على نسق واحد في بيانها لهذا الأمر، بل في بعضها تصريح بما يكذب هذه النسبة..

فقد أظهرت بعض النصوص: أن اعتراض سهيل، قد أحفظ المسلمين، فبادر بعضهم للإمساك بيد علي (عليه‌السلام ) ومنعه من الكتابة(1) .

وإن كنا نرى أن الأوفق بالطاعة هو انتظار أمر النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لا المبارزة إلى الإمساك بيد علي (عليه‌السلام )..

وفي بعضها: أن سهيلاً هو الذي طلب من علي (عليه‌السلام ) محو الاسم الشريف، فرفض (عليه‌السلام ) طلبه.

فبادر (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) للطلب من علي أن يضع يده على اسمه الشريف، حسماً للنزاع، وإعزازاً منه لعلي (عليه‌السلام )(2) .

____________

1- المغازي للواقدي ج2 ص610 و 611 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص54 وإمتاع الأسماع ج1 ص296 وغاية البيان في تفسير القرآن ج6 ص58 و 59 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص43 والسيرة الحلبية (ط المعرفة) ج2 ص708.

2- راجع: خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للنسائي ص149 وإحقاق الحق (قسم الملحقات) ج8 ص419 وج23 ص461 والأمالي للطوسي ص190 و 191 وبحار الأنوار ج33 ص316 وراجع ج20 ص357 والخرايج والجرايح ج1 ص116 وصفين للمنقري ص509 ومكاتيب الرسول ج1 ص87.

٢٤١

وعن علي (عليه‌السلام ): أن المشركين هم الذين راجعوه في هذا الأمر(1) .

رابعاً: في نص آخر: أن علياً (عليه‌السلام ) هو الذي محا الكلمة، وقال للنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): لولا طاعتك لما محوتها(2) .

ولعل الجدال الذي جرى بين علي (عليه‌السلام ) وسهيل قد انتهى بتدخل الصحابة للإمساك بيد علي (عليه‌السلام )، ثم تدخل النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بقوله:

ضع يدي عليها، وبذلك يكون قد حفظ أصحابه، ولم يعطل عملية الصلح.

ويؤيد ذلك: أن علياً (عليه‌السلام ) قد محا عبارة: بسم الله الرحمان الرحيم، وكتب: باسمك اللهم، قائلاً: لولا طاعتك لما محوتها، فمن يقول هذا كيف يعصيه بعد لحظات؟! فإن الطاعة إذا كانت تدعو لمحو الأولى، فهي تدعو لمحو الثانية، خصوصاً إذا كان ذلك في مجلس واحد.

كما أن من يرضى بمحو الأولى التي هي الأصعب، لماذا لا يرضى بمحو

____________

1- صفين للمنقري ص508.

2- كشف الغمة ج1 ص310 و (ط دار الأضواء) ج1 ص209 والإرشاد للمفيد ص120 وبحار الأنوار ج20 ص359 و 363 و 357 وعن إعلام الورى ص97 وكشف الغطاء (ط.ق) ج1 ص15.

٢٤٢

الثانية؟!

خامساً: لنفترض: أن سهيل بن عمرو طلب من علي ذلك، ورفض علي طلبه، ثم قال له النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ):

امحها.. فإن هذا القول لا يدل على إلزام علي (عليه‌السلام ) بالمحو، بل هو يدل على رفع الحظر، أي أنه أصبح يستطيع أن يمحو إذا شاء.. فقد أوكل الأمر إليه.

فإذا بادر الصحابة للإمساك بيد علي (عليه‌السلام ) ليمنعوه من اختيار هذا الطرف ـ وهو طرف المحو ـ فإن تدخل النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بقوله:

ضع يدي عليها، يكون قد أتى لرفع الحرج عن علي (عليه‌السلام ) مع اخوانه من الصحابة، وإرادة إعزازه، وتعلية شأنه، مقابل سهيل بن عمرو.

سادساً: إن العديد من النصوص والروايات لم تشر إلى امتناع علي (عليه‌السلام ) عن محو الإسم الشريف، بل ساقت الحديث على أساس الأمر، وطاعة الأمر، ولا شيء سوى ذلك، فراجع، ما ذكره ابن حبان، وما روي عن الإمام الصادق (عليه‌السلام )(1) ، واليعقوبي، وابن كثير، وغيرهما تجد طائفة

____________

1- الثقات ج1 ص300 و 301 وراجع: الكافي ج8 ص269 عن الإمام الصادق (عليه‌السلام ) مع بعض إضافات وتغييرات لا تضر. وبحار الأنوار ج20 ص368 ونور الثقلين ج5 ص68 وتفسير البرهـان ج4 ص194 والإكتفاء = = للكلاعي ج2 ص240 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص166 وحياة محمد لهيكل ص374 وإكمال الدين ص50.

٢٤٣

من هذه النصوص المروية عن:

الزهري، وابن عباس، وأنس بن مالك، ومروان بن الحكم، والمسور بن مخرمة، وهو المروي عن أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) أيضاً(1) .

____________

1- تاريخ اليعقوبي ج2 ص54 وراجع: البداية والنهاية ج7 ص277 و 281 وروح المعاني ج9 ص50 والكشاف ج3 ص542.

وحول النص المنقول عن الزهري راجع: تاريخ الأمم والملوك ج5 ص634 والبداية والنهاية ج4 ص168 وأنساب الأشراف ج1 ص349 و 350 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص331 و 332 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص320 و 321 والمستدرك للحاكم ج3 ص153 وتلخيصه للذهبي (مطبوع بهامشه) ومسند أحمد ج1 ص86.

وحول النص المنقول عن ابن عباس راجع: الرياض النضرة المجلد الثاني ص227 وإحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص522 ومسند أحمد ج1 ص342 وخصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للنسائي ص148 و 149 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص200 عن أحمد، وأبي داود، والمستدرك للحاكم ج3 ص151 وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع بهامشه) وصححاه على شرط مسلم، وتاريخ اليعقوبي ج2 ص192.

وروايتا أنس ومروان والمسور توجدان معاً أو إحداهما، أو بدون تسمية، في المصادر = = التالية: صحيح البخاري ج2 ص79 و 78 والمصنف للصنعاني ج5 ص337 ومسند أحمد ج3 ص268 وج4 ص330 و 325 وجامع البيان ج25 ص63 والدر المنثور ج6 ص77 عنهم، وعن عبد بن حميد، والنسائي، وأبي داود، وابن المنذر، وصحيح مسلم ج5 ص175.

وراجع: المواهب اللدنية ج1 ص128 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص370 و 371 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص198 و 200 والبداية والنهاية ج4 ص175 ومختصر تفسير ابن كثير ص351 و 352 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص333 والسنن الكبرى الكبرى ج9 ص220 و 227 وتاريخ الخميس ج1 ص21 عن المدارك، وتفسير الخازن ج4 ص156 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص105 و 146 و 147 والإحسان بتقريب صحيح ابن حبان ج11 ص222 و 223 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص277 وبهجة المحافل ج1 ص316 وزاد المعاد ج2 ص125 ومسند أبي عوانة ص241.

وحول ما روي عن علي (عليه‌السلام ) وغيره راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج2 ص232 وقريب منه مـا في ينابيع المـودة ص159 ومسند أحمـد ج4 ص86 و 87 ومجمع الزوائد ج6 ص145 وقال: رواه أحمد ورجاله الصحيح.

ومختصر تفسير ابن كثير ص347 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص192 وتفسير المراغي ج 9 ص107 والدر المنثور ج6 ص78 عن أحمد، والنسائي، والحاكم وصححه، وابن جرير، وأبي نعيم في الدلائل، وابن مردويه.

٢٤٤

٢٤٥

لعلها قضية مستعارة:

ولنا أن نحتمل: أن تكون أجزاء هامة من هذه القضية قد استعيرت من قصة أخرى.. بهدف إثارة الشبهات والتساؤلات حول أقدس شخصية بعد رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )..

والقصة هي: أن تميم بن جراشة قدم على رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في وفد ثقيف، فأسلموا، وسألوه أن يكتب لهم كتاباً فيه شروط، فقال: اكتبوا ما بدا لكم، ثم إيتوني به.

فأتوا علياً (عليه‌السلام ) ليكتب لهم.

قال تميم: "فسألناه في كتابه: أن يحلّ لنا الربا والزنى. فأبى علي (عليه‌السلام ) أ ن يكتب لنا.

فسألناه خالد بن سعيد بن العاص.

فقال له علي: تدري ما تكتب؟!

قال: أكتب ما قالوا، ورسول الله أولى بأمره.

فذهبنا بالكتاب إلى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فقال للقارئ: اقرأ.. فلما انتهى إلى الربا قال: ضع يدي عليها في الكتاب.

فوضع يده، فقال:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُؤْمِنِينَ ) الآية(1) .. ثم محاها.

____________

1- الآية 278 من سورة البقرة.

٢٤٦

وألقيت علينا السكينة، فما راجعناه.

فلما بلغ الزنى وضع يده عليها، وقال:( وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) الآية(1) ، ثم محاه. وأمر بكتابنا أن ينسخ لنا"(2) .

لك مثلها يا علي:

وقد قلنا: إن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قال لعلي (عليه‌السلام ) في الحديبية: لك مثلها، تعطيها، وأنت مضطهد، أو مضطر..

وظهر مصداق قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في حرب صفين، حينما أخذوا بكتابة كتاب الموادعة، فابتدأوا فيه بعبارة:

هذا ما تقاضى عليه علي أمير المؤمنين ومعاوية بن أبي سفيان..

فقال معاوية: بئس الرجل أنا إن أقررت: أنه أمير المؤمنين ثم قاتلته.

وقال عمرو: لا بل نكتب اسمه، واسم أبيه، إنما هو أميركم، فأما أميرنا فلا.

فلما أعيد إليه الكتاب أمر بمحوه.

فقال الأحنف: لا تمح اسم إمرة المؤمنين عنك؛ فإني أتخوف، إن محوتها أن لا ترجع إليك أبداً، فلا تمحها.

____________

1- الآية 32 من سورة الإسراء.

2- أسد الغابة ج1 ص216 وقال: أخرجه أبو موسى، ومكاتيب الرسول ج3 ص72.

٢٤٧

فقال (عليه‌السلام ): إن هذا اليوم كيوم الحديبية، حين كتب الكتاب عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): هذا ما تصالح عليه محمد رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وسهيل بن عمرو.

فقال سهيل: لو أعلم أنك رسول الله لم أقاتلك ولم أخالفك، إني لظالم لك إن منعتك أن تطوف بيت الله، وأنت رسوله، ولكن اكتب: من محمد بن عبد الله..

فقال لي رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): يا علي، إني لرسول الله، وأنا محمد بن عبد الله، ولن يمحو عني الرسالة كتابي لهم: من محمد بن عبد الله، فاكتبها، فامح ما أرادوا محوه، أما إن لك مثلها، ستعطيها وأنت مضطهد(1) .

لماذا كان التزوير؟!:

ولعل السبب في هذا التزوير:

1 ـ أن ما أخبر به رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بقوله: ولك مثلها يا علي تعطيها وأنت مضطهد مقهور(2) .. قد أحرج اتباع معاوية ومحبيه بعد

____________

1- بحار الأنوار ج32 ص541 و 542 وصفين للمنقري ص503 و 504 والمسترشد ص391 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج2 ص232 والدرجات الرفيعة ص117 وينابيع المودة ج2 ص18 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص628 ومصادر ذلك كثيرة.

2- راجع: الكامل في التاريخ ج2 ص220 و 204 والمعيار والموازنة ص200 وخصائص أمير المؤمنين علي (عليه‌السلام ) للنسائي ص149 و 150 وإحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص419. والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص43 والسـيرة = = الحلبية ج3 ص20 ومجمع البيان ج9 ص118 و 119 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص214 وبحار الأنوار ج20 ص335 و 352 و 357 و 359 و 363 و 333 وج33 ص314 و 316 و 317 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص54 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص390 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص147 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص179 و 180 وتاريخ الخميس ج2 ص21 وحبيب السير ج1 ص372 وتفسير القمي ج2 ص313 والخرايج والجرايح ج1 ص116 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص190 وج2 ص588 و 232 والمغني لعبد الجبار ج16 ص422 وينابيع المودة للقندوزي ص159 وصبح الأعشى ج14 ص92 والأمالي للطوسي ج1 ص190 و 191 وصفين للمنقري ص508 و 509 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص210 والإرشاد للمفيد ج1 ص120 وإعلام الورى ص97 والبرهان ج4 ص193 ونور الثقلين ج5 ص52 والفتوح لابن أعثم ج4 ص8 والبداية والنهاية ج7 ص277 والأخبار الطوال ص194 عن تاريخ الأمم والملوك ج5 ص52 وعن فتح الباري ج5 ص286.

٢٤٨

قضية التحكيم بعد صفين.

فلجأوا إلى إثارة الشبهات حول علي (عليه‌السلام )، لتخفيف الوطأة عن فريقهم.

2 ـ إن نفس الطعن بقداسة علي (عليه‌السلام )، وفي عصمته، والحط من

٢٤٩

مقامه، والنيل منه، وابتذال شخصيته، ونسبة الرذائل والمعاصي إليه، وتصغير شأنه، حتى يصبح كسائر الناس العاديين، أمر مطلوب، ومحبوب لأعدائه، ومناوئيه. وبذلك تضعف حجة الطاعنين في مناوئيه، ويخرج أتباعهم من الإحراجات القوية التي تواجههم.

3 ـ تكريس أبي بكر على أنه الرجل المميز بين جميع الصحابة، الذي كان يرى في الحديبية رأي رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، ويدعو الناس للقبول منه، والتسليم له..

قال دحلان: ".. ولم يكن أحد في القوم راضياً بجميع ما يرضى به النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، غير أبي بكر الصديق، وبهذا يتبين علو مقامه.

ويمكن أن الله كشف لقلبه، وأطلعه على بعض تلك الأسرار التي ترتبت على ذلك الصلح، كما أطلع على ذلك النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فإنه حقيق بذلك، كيف وقد قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): والله، ما صب الله في قلبي شيئاً إلا وصببته في قلب أبي بكر"(1) .

وقد نسي دحلان أن أبا بكر قد حزن في الغار. ولم يحزن الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فأين ذهب ما كان النبي قد صبه في قلب أبي بكر آنئذ. وكذلك الحال في مبارزة عمرو في الخندق وكذلك ما جرى في خيبر وسواها..

4 ـ إن السعي إلى جعل علي وعمر في سياق واحد، من حيث إن هذا يشك في دينه في الحديبية، وذاك يعصي أوامر الرسول الأكرم "صلى الله عليه

وآله" من شأنه أن يوجد حالة من التوازن، ثم تترجح كفة الفريق الآخر حيث جعل أبو بكر فوق الجميع، بل هو في مستوى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ).

____________

1- السيرة النبوية لدحلان ج2 ص43.

٢٥٠

الباب السادس :

خيبر وفدك..

٢٥١

٢٥٢

الفصل الأول :

فتح ثلاثة حصون من خيبر..

٢٥٣

٢٥٤

٢٥٥

المسير إلى خيبر:

عن الضحاك الأنصاري، قال: لما سار النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إلى خيبر جعل علياً (عليه‌السلام ) على مقدمته، فقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): من دخل النخل فهو آمن.

فلما تكلم النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) نادى بها علي(عليه‌السلام )، فنظر النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إلى جبرائيل يضحك، فقال: ما يضحكك؟!

قال: إني أحبه.

فقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لعلي (عليه‌السلام ): إن جبرائيل يقول إنه يحبك!

قال (عليه‌السلام ): بَلَغْتُ أن يحبني جبرائيل؟!

قال (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): نعم، ومن هو خير من جبرائيل، الله عزَّ وجلّ(1) .

____________

1- أسد الغابة ج3 ص34 ومجمع الزوائد ج9 ص126 و المعجم الكبير للطبراني ج8 ص301 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج6 ص79 وج21 ص306 و307.

٢٥٦

ونقول:

إننا نشير هنا إلى عدة أمور، في سياق العناوين التالية:

الرايات لم تكن قبل خيبر:

قال ابن إسحاق، والواقدي، وابن سعد: إن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فرق الرايات، ولم تكن الرايات إلا يوم خيبر، وإنما كانت الألوية(1) .

وكانت راية رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) سوداء، من برد عائشة تدعى العقاب، ولواؤه أبيض، دفعه إلى علي بن أبي طالب (عليه‌السلام )..

ودفع راية إلى الحباب بن المنذر، وراية إلى سعد بن عبادة. وكان شعارهم: يا منصور أمت(2) .

____________

1- سبل الهدى والرشاد ج5 ص120 وقال في الهامش: أخرجه البيهقي في الدلائل ج4 ص48 وذكره ابن حجر في المطالب العالية (4202) والواقدي في المغازي ج1 ص407، و (ط أخرى) ج2 ص649.

والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص106 وإمتاع الأسماع ص313 والسيرة الحلبية ج3 ص35 و (ط دار المعرفة) ج2 ص734.

2- سبل الهدى والرشاد ج5 ص120 وفي الهامش قال: أخرجه البيهقي في الدلائل ج4 ص48 وذكره ابن حجر في المطالب العالية (4202) والواقدي في المغازي ج2 ص649.

وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص35 و (ط دار المعرفة) ج2 ص734 والإمتاع ص311 و 313 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص442.

٢٥٧

وأضاف الحلبي: راية إلى أبي بكر، وراية إلى عمر(1) .

ونقول:

أولاً: قالوا: إن اللواء الذي دفعه النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إلى علي (عليه‌السلام ) يوم خيبر ـ وكان أبيضاً ـ كان يقال له: العقاب أيضاً(2) .

وذلك يشير إلى عدم الفرق بين اللواء والراية، فإن العقاب الذي كان عند النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) كان يقال له: راية تارة، ويقال له: لواء أخرى.

ثانياً: ذكروا: أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أعطى اللواء لعلي (عليه‌السلام ) في قضية قتل مرحب، مع أن الكلمة التي تناقلوها عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في ذلك هي: "لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله إلخ.."..

وفي نص آخر: أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قال لعلي (عليه‌السلام ): خذ هذه الراية وتقدم(3) .

____________

1- السيرة الحلبية ج3 ص35 و (ط دار المعرفة) ج2 ص734.

2- السيرة الحلبية ج3 ص36 و (ط دار المعرفة) ج2 ص734 عن سيرة الدمياطي.

3- راجع: السيرة الحلبية ج3 ص36 و (ط دار المعرفة) ج2 ص734 وكشف الغطاء ج1 ص15 وشرح الأخبار للقاضي النعمان ج1 ص302 والعمدة ص153 والطرائف لابن طاووس ص57 والصوارم المهرقة ص35 وبحار الأنوار ج39 ص90 وبغية الباحث ص218 والمعجم الكبير للطبراني ج7 ص35 والثقات لابن حبان ج2 ص13 والكامل لابن عدي ج2 ص61 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص89 والبداية والنهاية ج7 ص373 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص798.

٢٥٨

وذلك يؤكد على عدم الفرق بين اللواء والراية أيضاً.

إلا أن يقال: إنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قد جمع لعلي (عليه‌السلام ) هنا بين الراية واللواء.

ثالثاً: تقدم في غزوة أحد: أنهم تارة يقولون: كانت راية رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) مع علي (عليه‌السلام ) في بدر وفي كل مشهد.

وأخرى يقولون: كان علي (عليه‌السلام ) حامل لواء رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في بدر وفي كل مشهد، والظاهر أنهم يريدون الحديث عن شيء واحد..

رابعاً: ومما يدل على أن الراية واللواء كانا سابقين على خيبر، وقد جمعهما النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لعلي (عليه‌السلام ) قبل هذه الغزوة، قول الشيخ المفيد "رحمه‌الله ": "ثم تلت بدراً غزاة أحد، فكانت راية رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بيد أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) فيها، كما كانت بيده يوم بدر، فصار اللواء إليه يومئذ، ففاز بالراية، واللواء جميعاً"(1) .

وقال "رحمه‌الله " أيضاً، ما ملخصه: كانت راية قريش ولواؤها بيد قصي بن كلاب، ثم لم تزل بيد ولد عبد المطلب، فلما بعث النبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله "

____________

1- الإرشاد ج1 ص78 وبحار الأنوار ج20 ص79 و80 عنه، والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص65 وأعيان الشيعة ج1 ص254.

٢٥٩

صارت راية قريش وغيرها إلى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فأعطاها علياً (عليه‌السلام ) في غزاة ودّان، وهي أول غزاة حملت فيها راية في الإسلام.

ثم لم تزل مع علي (عليه‌السلام ) في المشاهد، في بدر، وأحد.

وكان اللواء بيد بني عبد الدار، فأعطاه رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إلى مصعب بن عمير، فاستشهد، ووقع اللواء من يده، فتشوقته القبائل، فأخذه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فدفعه إلى علي (عليه‌السلام )، فجمع له يومئذ الراية واللواء، فهما إلى اليوم في بني هاشم(1) .

خامساً: ويدل على عدم صحة قولهم: إنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) جمع الراية واللواء يوم خيبر ما رواه أبو البختري عن الإمام الصادق عن أبيه "عليهما‌السلام ": أن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بعث علياً (عليه‌السلام ) يوم بني قريظة بالراية، وكانت سوداء تدعى العقاب، وكان لواؤه أبيض(2) .

____________

1- الإرشاد ص48 و (ط دار المفيد) ج1 ص79 وبحار الأنوار ج20 ص80 وج42 ص59 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص299 و (ط المطبعة الحيدرية) ج3 ص85 وكفاية الطالب ص335 وإعلام الورى ص193 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص377 وأعيان الشيعة ج1 ص337.

2- قرب الإسناد ص 131 وبحار الأنوار ج20 ص246 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص144 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص110 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص115.

٢٦٠