الصحيح من سيرة الإمام علي(عليه السلام)(المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء ٤

الصحيح من سيرة الإمام علي(عليه السلام)(المرتضى من سيرة المرتضى)16%

الصحيح من سيرة الإمام علي(عليه السلام)(المرتضى من سيرة المرتضى) مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 342

  • البداية
  • السابق
  • 342 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 18883 / تحميل: 6918
الحجم الحجم الحجم
الصحيح من سيرة الإمام علي(عليه السلام)(المرتضى من سيرة المرتضى)

الصحيح من سيرة الإمام علي(عليه السلام)(المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

وفي نص آخر عن ابن مسعود: أبشر يا علي، فلو وزن عملك اليوم بعمل أمتي لرجح عملك بعملهم(١) .

____________

١- ينابيع المودة ص٩٤ و (ط دار الأسوة) ج١ ص٢٨١ و ٢٨٤ وشواهد التنزيل (ط سنة ١٤١١هـ) ص١٢ وشجرة طوبى ج٢ ص٢٨٩ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٢١٦ ومستدرك سفينة البحار ج٧ ص٤٣٩ وكنز الفوائد ص١٣٧ وجوامع الجامع ج٣ ص٥٢ ومجمع البيان (ط مؤسسة الأعلمي) ج٨ ص١٣٢ وتأويل = = الآيات ج٢ ص٤٥٢ وغاية المرام ج٤ ص٢٧٥ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج١٦ ص٤٠٥ وج٢٠ ص١٤٠ و ٦٢٥ وج٢١ ص٥٨٤ وج٣١ ص٢٣٤.

٨١

زاد المجلسي والطبرسي قوله: "وذلك أنه لم يبق بيت من بيوت المشركين إلا وقد دخله وهن بقتل عمرو. ولم يبق بيت من بيوت المسلمين إلا وقد دخله عز بقتل عمرو"(١) .

ونقول:

إن قيمة العمل ليست بمواصفاته المادية، ولا بكبره وصغره، ولا بقوته وضعفه، ولا بكثرته وقلته، ولا بشكله الظاهر، من حيث الجمال، وصفاء الألوان..

فالحديد مهما كثر وكبر، وازداد صلابةً، واتخذ اشكالاً جميلة ومتناسقة، واتخذ ألواناً لامعة وبديعة، فإنه لن تكون له قيمة الذهب أو الماس.

بل قيمته بخصوصيته الكامنة فيه، وبحقيقة جوهره، وشرف عنصره.

ولأجل ذلك نلاحظ: أن الله سبحانه قد أنزل سورة قرآنية في الثناء على أهل البيت هي سورة هل أتى، لمجرد أنهم "عليهم‌السلام " تصدقوا بأقراص من شعير على مسكين ويتيم وأسير، كما أنه تعالى أنزل آية الولاية لتعلن لأمير المؤمنين (عليه‌السلام ) أعظم وأجل مقام بعد مقام النبوة

____________

١- راجع: مجمع البيان ج٨ ص٣٤٣ و (ط مؤسسة الأعلمي) ج٨ ص١٣٢ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٢٠٥ وج٣٩ ص٢ وشواهد التنزيل (ط سنة ١٤١١هـ) ج٢ ص١٢ وكنز الفوائد للكراجكي ص١٣٧ وتفسير الميزان ج١٦ ص٢٩٨.

٨٢

الخاتمة، وله مساس بمصير البشر إلى يوم القيامة، في خصوص مناسبة تصدقه بخاتم وهو راكع على سائل دخل المسجد.

وتنزل آية أخرى لتثني على علي (عليه‌السلام ) وتخلد ذكره إلى يوم يبعثون، لمجرد تصدقه ببضعة دراهم، ليناجي رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )..

وكذلك الحال حين تصدق بدرهم ليلاً ودرهم نهاراً، وبدرهم سراً ودرهم جهراً.. فإن القرآن نزل أيضاً بالثناء عليه صلوات الله وسلامه عليه من أجل ذلك..

وفي المقابل نجد: أنه تعالى يؤكد على الخطورة القصوى لبعض الأمور التي يظن الناس أنها ليست بذات أهمية، فيذكر أن عدم الحض على طعام المسكين هو من سمات من يكذب بيوم الدين..

وقد يدخل في هذا السياق كشاهد أو مؤيد أن بعض الأعمال يذكر لها في الأخبار مقادير متفاوتة من الثواب، فتارة يكون ثواب زيارة قبر الإمام الحسين (عليه‌السلام ) مثلاً حَجَّة، وتارة يكون ثواب كل خطوة يخطوها الزائر حَجَّة.. مما يعني: أن لدرجة الإخلاص وما يكتشف الفعل من مشقات ومخاوف وغيرها مدخلية في مقدار المثوبة. وربما تخضع المثوبة والعقوبة لخصوصيات تضاف إلى نفس العمل، فقول الحق محبوب للمولى، وله مثوبة معينة، لكنه إذا كان أمام سلطان جائر، زادت مثوبته..

وقد تزيد المثوبة بسبب أحوال أخرى لها مدخلية في زيادة الأثر، فلو أن عمرو بن عبد ود، وهو فارس جيوش الأحزاب.. قتل في بدر أو مات من جراحته فيها، لم يمنع ذلك من أن تغزو قريش المسلمين.. ولكنه حين قاد

٨٣

جيش الأحزاب، وقتل في الخندق أدى ذلك إلى عجز المشركين عن غزو المسلمين بعدها.. مما يعني: أن هذه الضربة قد غيرت مجرى الأحداث بصورة أساسية، غير أن الأساس في اعتبار ضربة علي (عليه‌السلام ) أفضل من عبادة الثقلين هو درجة الصفاء والنقاء، والإخلاص فيها، وقيمتها في ذاتها، وشرف عنصرها، وارتقاء جوهرها..

تمحلات وتعصبات ابن تيمية:

وقد اعتبر ابن تيمية حديث: قتل علي لعمرو أفضل من عبادة الثقلين، ونحوه، من الأحاديث الموضوعة، التي ليس لها سند صحيح، ولم يروه أحد من علماء المسلمين في شيء من الكتب التي يعتمد عليها. بل ولا يُعرف له أسناد صحيح ولا ضعيف.

وهو كذب لا يجوز نسبته إلى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فإنه لا يجوز أن يكون قتل كافر أفضل من عبادة الجن والإنس، فإن ذلك يدخل فيه عبادة الأنبياء.

وقد قُتل من الكفار من كان قتله أعظم من قتل عمرو، مثل أبي جهل وعقبة بن أبي معيط، وشيبة. وقصته في الخندق لم تذكر في الصحاح(١) .

____________

١- منهاج السنة ج٤ ص١٧١ و ١٧٢ باختصار، والسيرة الحلبية ج٢ ص٣٢٠ و (ط دار المعرفة) ج٢ ص٦٤٣ وسيرة الرسول (ط دار الفكر للجميع سنـة ١٩٦٨م) ص٢٢٠ و القول الصراح في البخاري وصحيحه الجامع للأصبهاني ص٣٧ وأعيان الشيعة ج١ ص٢٦٤ و ٣٩٧.

٨٤

أما الذهبي، فقال عن حديث: ضربة علي أفضل من عبادة الثقلين: "قبح الله رافضياً افتراه"(١) .

ونقول:

أولاً: رد الحلبي استبعاد أن تكون ضربة عمرو أفضل من عبادة الثقلين بقوله: "فيه نظر، لأن قتل هذا كان فيه نصرة للدين، وخذلان للكافرين"(٢) .

ونزيد على ذلك: أنه إذا كانت قد زاغت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر، وصاروا يظنون الظنون السيئة بالله سبحانه. وإذا كان المسلمون قد أحجموا عن مبارزة عمرو، خوفاً ورعباً، وكانوا كأن على رؤوسهم الطير.

وإذا كان عمرو هو فارس الأحزاب، الذين هم ألوف كثيرة، وقد جاؤوا لاستئصال المسلمين، وهم قلة، وقد جاءهم اليهود من جانب، وقريش من جانب، وغطفان من جانب، وكانوا في أشد الخوف على نسائهم وذراريهم.

وإذا كان المنافقون لا يألون جهداً في تخذيل الناس، وصرفهم عن

____________

١- تلخيص مستدرك الحاكم للذهبي ج٣ ص٣٢ والسيرة الحلبية ج٢ ص٣٢٠ و (ط دار المعرفة) ج٢ ص٦٤٣.

٢- السيرة الحلبية ج٢ ص٣٢٠ و (ط دار المعرفة) ج٢ ص٦٤٣ وأعيان الشيعة ج١ ص٢٦٥ و ٣٩٧.

٨٥

الحرب، حتى أصبح الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في قلة قليلة، لا تزيد على ثلاث مئة رجل، بل قيل: لم يبق معه سوى اثني عشر رجلاً.

وإذا كان الجوع والبرد يفتكان في المسلمين، ويضعفان من عزائمهم..

نعم.. إذا كان ذلك، فمن الطبيعي: أن يكون قتل هذا الكافر فيه حياة الإسلام، وانتعاش المسلمين، وفيه خزي الأحزاب، وفشلهم، ولاسيما وأن النصر كان بسبب قتل عمرو كما ربما نشير إليه فيما يأتي إن شاء لله..

ثانياً: أما بالنسبة لضعف سند الحديث، وعدم ذكره في الصحاح، فلا يقلل ذلك من قيمته واعتباره، إذ ما أكثر الأحاديث الصحيحة، والمتواترة التي لم تذكر في كتب الصحاح.

وقد عرفنا تعصب أصحاب الصحاح على علي وأهل بيته "عليهم‌السلام ".

ثالثاً: قول ابن تيمية ليس له سند ضعيف ولا صحيح، يكذبه رواية المستدرك لهذا الحديث عن بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، عن أبيه، عن جده، وقد قال أبو داود: بهز بن حكيم أحاديثه صحاح(١) .

وهذا يسقط سائر دعاوى ابن تيمية حول سند هذا الحديث.

____________

١- خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ص٣٨١ وتهذيب الكمال ج٢٨ ص١٧٣ وتاريخ الإسلام للذهبي ج٩ ص٧٩ والوافي بالوفيات ج١٠ ص١٩٣ وراجع سائر كتب الرجال والتراجم.

٨٦

شهادة حذيفة:

قال المفيد: "روى قيس بن الربيع، قال: حدثنا أبو هارون العبدي، عن ربيعة السعدي، قال: أتيت حذيفة بن اليمان، فقلت له: يا أبا عبد الله، إنا لنتحدث عن علي (عليه‌السلام ) ومناقبه، فيقول لنا أهل البصرة: إنكم تفرطون في علي (عليه‌السلام ). هل أنت محدثي بحديث فيه؟!

فقال حذيفة: يا ربيعة، وما تسألني عن علي (عليه‌السلام )! فوالذي نفسي بيده، لو وضع جميع أعمال أصحاب محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في كفة الميزان، منذ بعث الله محمداً إلى يوم الناس هذا، ووضع عمل علي (عليه‌السلام ) في الكفة الأخرى لرجح عمل علي (عليه‌السلام ) على جميع أعمالهم.

فقال ربيعة: هذا الذي لا يقام له ولا يقعد.

فقال حذيفة: يا لكع: وكيف لا تحمل؟! وأين كان أبو بكر، وعمر، وحذيفة، وجميع أصحاب محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يوم عمرو بن عبد ود دعا إلى المبارزة، فأحجم الناس كلهم ما خلا علياً (عليه‌السلام )؟! فإنه برز إليه وقتله الله على يده.

والذي نفس حذيفة بيده، لعمله ذلك اليوم أعظم أجراً من عمل أصحاب محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إلى يوم القيامة(١) .

____________

١- الإرشاد ص٥٥ و (ط دار المفيد) ج١ ص١٠٣ وكشف الغمة للأربلي ج١ ص٢٠٤ وسـيرة المصطـفـى ص٥٠٤ وشـرح نهج البلاغـة للمعـتزلي ج١٩ = = ص٦٠ و٦١ وإعلام الورى (ط دار المعرفة) ص١٩٥ و (ط مؤسسة آل البيت لإحياء التراث) ج١ ص٣٧٩ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٢٥٦ و ٢٥٧ وج٣٤ ص٣٠٤ وج٣٩ ص٣ ونهـج الحـق ص٢٤٩ و ٢٥٠ وشـرح الأخبـار ج١ ص٢٢٩ و٣٠٠ وأعيان الشيعة ج١ ص٢٦٥ و ٥٩٨ والدر النظيم ص١٦٥ ومناقب الإمام أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) للكوفي ج١ ص٢٢٢ وحلية الأبرار ج٢ ص١٥٨ وكشف اليقين ص١٣٤.

٨٧

شهادات ومواقف أخرى:

قال المعتزلي:

١ ـ "فأما الخرجة التي خرجها يوم الخندق إلى عمرو بن عبد ود، فإنها أجلُّ من أن يقال: جليلة، وأعظَمُ من أن يُقال: عظيمة.

٢ ـ وما هي إلا كما قال شيخنا أبو الهذيل، وقد سأله سائل: أيما أعظم منزلة عند الله: علي أم أبو بكر؟!

فقال: يا ابن أخي، والله، لمبارزة علي عمرواً يوم الخندق تعدل أعمال المهاجرين والأنصار وطاعاتهم كلها، وتربي عليها، فضلاً عن أبي بكر وحده.

٣ ـ وقد روي عن حذيفة بن اليمان ما يناسب هذا، بل ما هو أبلغ منه الخ..(١) .

وعن حذيفة: لو قسمت فضيلة علي (عليه‌السلام ) بقتل عمرو يوم

____________

١- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١٩ ص٦٠ وعنه في إحقاق الحق (الملحقات) ج٦ ص٨ وسيرة المصطفى ص٥٠٣ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٢٧٣ وج٣٩ ص٣.

٨٨

الخندق بين المسلمين بأجمعهم لوسعتهم(١) .

٤ ـ وقال أبو بكر بن عياش: لقد ضَرَبَ علي ضربة ما كان في الإسلام أعزّ منها ـ يعني ضربة عمرو بن عبد ود ـ ولقد ضُرِبَ علي ضربة ما ضرب الإسلام أشأم منها ـ يعني ضربة ابن ملجم لعنه الله(٢) .

٥ ـ وقال الحافظ يحيى بن آدم ـ عن جابر بن عبد الله الأنصاري: ما شبهت قتل علي عمرواً إلا بقوله تعالى:( فَهَزَمُوْهُم بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ ) (٣) "(٤) .

____________

١- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١٣ ص٢٨٤ والغدير ج٧ ص٢١٢ والعثمانية للجاحظ ص٣٣٣ وأعيان الشيعة ج٤ ص٥٩٨ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٢٠ ص٦٢٦.

٢- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١٩ ص٦١ والإرشاد ص٦١ و (ط دار المفيد) ج١ ص١٠٥ وكشف الغمة للأربلي ج١ ص٢٠٥ ومجمع البيان ج٨ ص٣٤٤ و (ط مؤسسة الأعلمي) ج٨ ص١٣٣ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٢٠٦ و ٢٥٨ وج٤١ ص٩١ ومناقب آل أبي طالب ج٣ ص١٣٨ و (ط المكتبة الحيدرية) ج٢ ص٣٢٧ وقاموس الرجال للتستري ج١١ ص٢٣٧ وأعيان الشيعة ج١ ص٢٦٥ و ٣٩٧ والدر النظيم ص١٦٥.

٣- الآية ٢٥١ من سورة البقرة.

٤- سبل الهدى والرشاد ج٤ ص٣٧٩ والإرشاد للمفيد ص٦٠ و (ط دار المفيد) ج١ ص١٠٢ وكشف الغمـة للأربـلي ج١ ص٢٠٥ والمستـدرك للحاكم ج٣ = = ص٣٤ وتلخيصه للذهبي بهامشه، وإعلام الورى (ط دار المعرفة) ص١٩٦ و (ط مؤسسة آل البيت) ج١ ص٣٨٢ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٢٥٦ وج٣٩ ص٤ وج٤١ ص٩١ والسيرة النبوية لدحلان ج٢ ص٧ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي الشافعي ج١٩ ص٦١ و ٦٢ والمناقب للخوارزمي ص١٠٦ و (ط مركز النشر الإسلامي) ص١٧١ وكنز الفوائد للكراجكي ص١٣٨ ومناقب آل أبي طالب ج٣ ص١٣٧ و (ط المكتبة الحيدرية) ج٢ ص٣٢٦ وأعيان الشيعة ج١ ص٢٦٤ و ٣٩٦ والدر النظيم ص١٦٤.

٨٩

٦ ـ وروي أن عمرواً قال لعلي: ما أكرمك قرناً(١) .

لا نأكل ثمن الموتى:

قال ابن إسحاق ـ كما رواه البيهقي ـ : وبعث المشركون إلى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يشترون جيفة عمرو بن عبد ود بعشرة آلاف.

فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): هو لكم، لا نأكل ثمن الموتى(٢) .

____________

١- مناقب آل أبي طالب ج٣ ص١٣٦ و (ط المكتبة الحيدرية) ج٢ ص٣٢٥ وبحار الأنوار ج٤١ ص٩٠.

٢- راجع: سبل الهدى والرشاد ج٤ ص٣٧٩ والسيرة النبوية لدحلان ج٢ ص٧ والسيرة الحليبة ج٢ ص٣٢٠ و (ط دار المعرفة) ج٢ ص٦٤٣ ومناقب آل أبي طالب ج١ ص١٩٨ (ط المكتبة الحيدرية) ج١ ص١٧١ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٢٠٥ ج٤١ ص٩٠ وأعيان الشيعة ج١ ص٢٦٤

وراجع: مستدرك سفينة البحار ج٧ ص٥٧٥ وسنن النـبي "صلى‌الله‌عليه‌وآله " = = للطباطبائي ص٢٣٢ ومجمع البيان ج٨ ص١٣٣ وتفسير الميزان ج١٦ ص٢٩٨ وتفسير الآلوسي ج٢١ ص١٥٦ والبداية والنهاية ج٤ ص١٠٧ (ط دار إحياء التراث العربي) ج٤ ص١٢٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج٣ ص٢٠٥.

٩٠

وقال أبو زهرة: "ويظهر: أنه كان عظيماً بين المشركين، يعتزونه، فأرسلوا يطلبون جثمانه(١) .

وقد ذكرت نفس هذه الحادثة: بالنسبة لجيفة نوفل بن عبد الله بن المغيرة، ونكاد نشك في صحة ذلك. ولعل الزبيريين قد حرفوا ما قيل عن جيفة عمرو ليكون لصالح جيفة نوفل، بهدف تضخيم شأن نوفل، ليصبح أهم من عمرو بن عبد ود، زعماً منهم أن روايتهم المكذوبة: أن الزبير قد قتل نوفلاً قد راجت على الناس.

مع أن علياً (عليه‌السلام ) أيضاً هو الذي قتل نوفلاً وغيره كما سيأتي.

وإن كنا نحتمل أيضاً: أن يكون بنو مخزوم قد طلبوا جيفة صاحبهم، ليرفعوا من شأنه حتى لا يكون أقل من عمرو.

فرح الملائكة بقتل عمرو:

عن الصادق (عليه‌السلام ): لما قتل علي (عليه‌السلام ) عمرو بن عبد ود أعطى سيفه الحسن (عليه‌السلام )، وقال: قل لأمك تغسل هذا الصيقل.

____________

١- خاتم النبيين ج٢ ص٩٣٨.

٩١

فردَّه ـ وعلي (عليه‌السلام ) عند النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ـ وفي وسطه نقطة لم تنقَ، قال: أليس قد غسلته الزهراء؟!

قال: نعم.

قال: فما هذه النقطة؟!

قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): يا علي، سل ذا الفقار يخبرك.

فهزه، وقال: أليس قد غسلتك الطاهرة، من دم الرجس النجس؟!

فأنطق الله السيف فقال: بلى، ولكنك ما قتلت بي أبغض إلى الملائكة من عمرو بن عبد ود، فأمرني ربي فشربت هذه النقطة من دمه، وهو حظي منه، فلا تنتضيني يوماً إلا ورأته الملائكة وصلَّت عليك(١) .

نقول:

ليس لدينا ما ينفي صحة هذه الرواية. ومجرد الإستبعاد، والإعلان بإنكارها، لا يكفي، لأن الجواب على ذلك هو أنه حين يصعب علينا فهم بعض ما ورد فيها، فإن علينا أن نكل علم ذلك إلى أهله، ما دام أنه لا يمس أساس العقيدة، ولا يؤثر على الضوابط والمرتكزات العامة للبحث العلمي الرصين.

____________

١- بحار الأنوار ج٢٠ ص٢٤٩ و ١٥٠ والخرائج والجرائح ج١ ص٢١٥ و ٢١٦ ومدينة المعاجز ج٢ ص١٩ وشجرة طوبى ج٢ ص٢٨٩.

٩٢

أين المخلصون؟!:

ويبقى هنا سؤال: أين كان المخلصون الأوفياء، والأبرار الأتقياء من أصحاب خاتم الأنبياء: كالمقداد، وعمار وسواهما عن إجابة طلب رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بمبارزة عمرو بن عبد ود، وقد وعدهم (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بالجنة؟!

ونجيب:

أولاً: لم تصرح الروايات بحضور هؤلاء الأشخاص بين ذلك الجمع، فلعلهم غابوا لأعذار مختلفة، كالمرض، والسفر، ولعل بعضهم بقي في المدينة لحراستها من بني قريظة.

ثانياً: لقد رتب النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) على أبواب الخندق الثمانية لحراستها أشخاصاً من قبائل شتى، كما أن من الطبيعي أن يكون للجيش المرابط حراس يمنعون الأعداء من الإيقاع بالمسلمين على حين غفلة منهم.. فلعل هؤلاء المخلصين كانوا من هؤلاء، أو من أولئك..

ولكن مما لا شك فيه: هو أن معظم المسلمين كانوا عند رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وفيهم الطامحون والطامعون، وأصحاب الدعاوى العريضة.. وقد تحداهم عمرو ومن معه، وطلب النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) منهم مبارزته، فلم يستجب منهم أحد..

ثالثاً: لم يكن هؤلاء الذين تذكر أسماؤهم يدَّعون، ولا كان أحد يدَّعي لهم أنهم يقدرون؛ على مواجهة عمرو بن عبد ود. كما أنهم لا يرشحون أنفسهم لمقامات تفرض اتصافهم بصفات معينة، التي منها العلم الشامل،

٩٣

والعصمة، والشجاعة التي تفوق شجاعة البشر كلهم.

الخوارج.. وقتل عمرو بن عبد ود:

هذا.. وقد أورد الحاكم النيسابوري العديد من الأحاديث عن قتل علي (عليه‌السلام ) لعمرو، ثم قال:

"قد ذكرت في مقتل عمرو بن عبد ود من الأحاديث المسندة، ومما عن عروة بن الزبير، وموسى بن عقبة، ومحمد بن إسحاق بن يسار ما بلغني، ليتقرر عند المنصف من أهل العلم: أن عمرو بن عبد ود لم يقتله، ولم يشترك في قتله غير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ).

وإنما حملني على هذا الإستقصاء فيه قول من قال من الخوارج: إن محمد بن مسلمة أيضاً ضربه ضربة، وأخذ بعض السلب.

ووالله، ما بلغنا هذا من أحد من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم.

وكيف يجوز هذا وعلي (عليه‌السلام ) يقول ما بلغنا: إني ترفعت عن سلب ابن عمي، فتركته. وهذا جوابه لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب بحضرة رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )(١) " انتهى.

فظهر أن الخوارج كانوا يتعمدون وضع الحديث الذي يسيء إلى علي (عليه‌السلام ).. وهذا هو المتوقع منهم، فقد تاب شيخ منهم ورجع عن مقالتهم، فقال: "إن هذه الأحاديث دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم،

____________

١- المستدرك للحاكم ج٣ ص٣٤.

٩٤

فإنَّا كنا إذا هوينا أمراً صيرناه حديثاً"(١) .

وقال الجوزجاني عن الخوارج في الصدر الأول: "نبذ الناس حديثهم إتهاماً لهم"(٢) .

فكيف يروي البخاري إذن عن عمران بن حطان، مادح عبد الرحمان بن ملجم، لقتله علياً؟!(٣) .

____________

١- لسان الميزان ج١ ص١٠ و ١١ والكفاية في علم الرواية للخطيب ص١٢٣ و ١٥٦ وآفة أصحاب الحديث ص٧١ و ٧٢ وتذكرة الموضوعات ص٧ وفتح الملك العلى ص٩٠ والجامع لأحكام القرآن ج١ ص٧٨ والموضوعات لابن الجوزي ص٣٨ واللآلي المصنوعة ج٢ ص٤٦٨ وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص٢٩ وعن السنة ومكانتها في التشريع، للسباعي ص٩٧ وراجع: العتب الجميل ص١٢٢.

٢- أحوال الرجال ص٣٤ وراجع: لسان الميزان ج١ ص١٠ و١١ والكفاية للخطيب ص١٢٣ وآفة أصحاب الحديث ص٧١ و ٧٢ واللآلي المصنوعة ج٢ ص٤٦٨ وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص٢٩ عن الأولين، وعن: السنة ومكانتها في التشريع، للسباعي ص٩٧ وعن: الموضوعات لابن الجوزي ص٣٨ راجع: العتب الجميل ص١٢٢.

٣- راجع: العتب الجميل (ط الهدف للإعلام والنشر) ص٩٩ والسقيفة للمظفر ص١٨٦ ومستدرك سفينة البحار ج١ ص٢٨٦ والإمام علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) للهمداني ص٥٧٣ و ٥٨٧ وفتح الباري (المقدمة) ص٤٣٢ وج١٠ = = ص٢٤٤ وعمدة القاري ج٢٢ ص١٣ وأضواء البيان ج٣ ص١٢٦ وتاريخ الإسلام للذهبي ج٣ ص٦٥٤ والنصائح الكافية ص٣١ ومستدرك الوسائل ج١ ص١٨ ومقاتل الطالبيين ص٢٣ وأجوبة مسائل جار الله ص٧٢ والنص والإجتهاد ص٥٣٥ والغدير ج٥ ص٢٩٣ وج٩ ص٣٩٣.

٩٥

وكيف يقول أبو داوود: "ليس في أهل الأهواء أصح حديثاً من الخوارج"(١) .

____________

١- ميزان الإعتدال ج١ ص١٠ و (ط دار المعرفة) ج٣ ص٢٣٦ وتهذيب الكمال ج٢٢ ص٣٢٣ وسير أعلام النبلاء ج٤ ص٢١٤ وتهذيب التهذيب ج٨ ص١١٣ وتاريخ الإسلام للذهبي ج٦ ص١٥٥ والعتب الجميل ص١٢١ و (ط الهدف للإعلام والنشر) ص٢٠ وفتح الباري (المقدمة) ص٤٣٢ والإمام علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) للهمداني ص٥٨٧ وسؤالات الآجري لأبي داود ج٢ ص١١٧ والكفاية في علم الرواية للخطيب ص١٥٨ وتاريخ مدينة دمشق ج٤٣ ص٤٨٩

٩٦

الفصل الرابع :

علي (عليه‌السلام ) في نهايات حرب الخندق

٩٧

٩٨

قاتل عمرو، وحسل، ونوفل:

وذكر ابن هشام: أن علياً (عليه‌السلام ) قتل عمرو بن عبد ود، وابنه حسل بن عمرو(١) ، وهو الذي قتل نوفل بن عبد الله أيضاً.

قال اليعقوبي: "وكبا بنوفل بن المغيرة بن عبد الله فرسه، فلحقه علي فقتله(٢) .

وقال الطبرسي، وابن كثير، والطبري: إنه لما تورط في الخندق جعل يقول: قتلة أحسن من هذه يا معشر العرب، فنزل إليه علي فقتله، وطلب

____________

١- راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج٣ ص٢٦٥ و (ط مكتبة محمد علي صبيح) ج٣ ص٧٣٢ وراجع: سيرة المصطفى ص٥٠٢ و ٥٠٣ عنه والبداية والنهاية ج٤ ص١١٦ و (ط دار إحياء التراث العربي) ج٤ ص١٣٣ والسيرة النبوية لابن كثير ج٣ ص٢٢٢ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج٢ ق٢ ص٣٢ وكشف الغمة للأربلي ج١ ص١٩٨ و ١٩٨ وتاريخ الخميس ج١ ص٤٩٢ وراجع: نهاية الأرب ج١٧ ص١٧٩.

٢- تاريخ اليعقوبي ج٢ ص٥٠ وراجع: بهجة المحافل ج١ ص٢٦٦.

٩٩

المشركون رِمَّتَه، فمكنهم من أخذه(١) .

وذكرت بعض المصادر: أنه (عليه‌السلام ) ضربه بالسيف فقطعه نصفين(٢) .

وذكر ابن إسحاق: أن علياً طعنه في ترقوته حتى أخرجها من مراقه،

____________

١- راجع: تاريخ الأمم والملوك (ط مطبعة الإستقامة) و (ط مؤسسة الأعلمي) ج٢ ص٢٤٠ وسبل الهدى والرشاد ج٤ ص٣٨٠ وتاريخ الخميس ج١ ص٤٨٧ و ٤٨٨ ومناقب آل أبي طالب ج٣ ص١٣٧ وبحار الأنوار ج٤١ ص٩٠ وج٢٠ ص٢٧٤ وخاتم النبيين ج٢ ص٩٣٨ والبداية والنهاية ج٤ ص١٠٧ و (ط دار إحياء التراث العربي) ج٤ ص١٢٣ والسيرة الحلبية ج٢ ص٣١٥ و (ط دارالمعرفة) ج٢ ص٦٣٧ وراجع ص٣٢٠ وسيرة المصطفى ص٥٠٢ ومحمد رسول الله لمحمد رضا ص٢٣١ والسيرة النبوية لدحلان ج٢ ص٧ و ٥ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١٩ ص٦٤ وبهجة المحافل ج١ ص٢٦٧ وحبيب السير ج١ ص٣٦٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج٣ ص٢٠٦ والإرشاد للمفيد ص٦٠ وكشف الغمة للأربلي ج١ ص٢٠٤ وإعلام الورى ص١٩٥ وتفسير الثعلبي ج٨ ص١٦.

٢- تاريخ الخميس ج١ ص٤٨٧ و ٤٨٨ والسيرة الحلبية ج٢ ص٣١٥ و (ط دارالمعرفة) ج٢ ص٦٣٧ وأعيان الشيعة ج١ ص٣٩٦.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342