• البداية
  • السابق
  • 329 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 18504 / تحميل: 4707
الحجم الحجم الحجم
الصحيح من سيرة الإمام عليّ (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى)

الصحيح من سيرة الإمام عليّ (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء 6

مؤلف:
العربية

السماء مثل هذا الذهب.

فلما أتي به رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قال: يا محمد أقلني، وخلني على أن أدفع عنك من ورائي من أعدائك.

فقال له رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): فإن لم تف به؟!

قال: يا محمد، إن لم أف لك، فإن كنت رسول الله فسيظفرك بي، من منع ظلال أصحابك أن يقع على الأرض حتى أخذوني؟! ومن ساق الغزلان إلى بابي حتى استخرجتني من قصري، وأوقعتني في أيدي أصحابك؟!

وإن كنت غير نبي، فإن دولتك التي أوقعتني في يدك بهذه الخصلة العجيبة، والسبب اللطيف ستوقعني في يدك بمثلها.

قال: فصالحه رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) على ألف أوقية من ذهب في رجب ومأتي حلة، وألف أوقية في صفر ومائتي حلة، وعلى أنهم يضيفون من مر بهم من العساكر ثلاثة أيام، ويزودونهم إلى المرحلة التي تليها، على أنهم إن نقضوا شيئاً من ذلك فقد برئت منهم ذمة الله، وذمة محمد رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ).

ثم كرّ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) راجعاً إلى المدينة إلى إبطال كيد المنافقين في نصب ذلك العجل الذي هو أبو عامر، الذي سماه النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) الفاسق.

وعاد رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) غانماً ظافراً، وأبطل الله كيد المنافقين.

٣٢١

وأمر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بإحراق مسجد الضرار، وأنزل الله عز وجل:( وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً ) (1) الآيات.

وقال موسى بن جعفر (عليهما‌السلام ): فهذا العجل في حياة رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) دمر الله عليه، وأصابه بقولنج، وفالج، وجذام، ولقوة. وبقي أربعين صباحاً في أشد عذاب، ثم صار إلى عذاب الله(2) .

ونقول:

قد علقنا على هذه الرواية بما يحسن وقوف القارئ عليه في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وذلك في الجزء الثلاثين منه، ولكننا نقتصر هنا على ما لم نذكره هناك مما يرتبط بالإمام أمير المؤمنين (عليه‌السلام )، وهو ما يلي:

على الزبير أن يعترف:

تضمنت الرواية: أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) طلب من الزبير خاصة أن يعترف بالولاية لأمير المؤمنين (عليه‌السلام )..

وعلينا أن نضم ذلك إلى ما أخبره به النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، من أنه

____________

1- الآية 107 من سورة التوبة.

2- راجع: تفسير الإمام العسكري ( عليه‌السلام ) ص169 ـ 199 و (ط مدرسة الإمام المهدي ( عليه‌السلام ) سنة 1409 هـ) ص480 ـ 488 وبحار الأنوار ج21 ص257 ـ 263 عنه، وراجع: الصافي (تفسير) ج2 ص376.

٣٢٢

سيقاتل علياً (عليه‌السلام ) وهو له ظالم(1) ..

____________

1- علي والخوارج للمؤلف ج1 ص253 و258 وراجع: أنساب الاشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص258 ومستدرك الحاكم ج3 ص366 وأسد الغابة ج2 ص199 والشافي في الإمامة للشريف المرتضى ج4 ص323 والوافي بالوفيات ج14 ص123 ورسائل المرتضى للشريف المرتضى ج4 ص72 وكفاية الأثر ص115 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) للميرجهاني ج4 ص84 وكشف المحجة لثمرة المهجة للسيد ابن طاووس ص183.

وراجع: الصراط المستقيم ج3 ص120 و 171 والجمل لابن شدقم ص10 و 131 وبحار الأنوار ج18 ص123 وج30 ص19 وج32 ص173 وج36 ص324 وفتح الباري ج6 ص161 وج13 ص46 والمصنف للصنعاني ج11 ص241 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص719 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص234 وج 13 ص287 وكنز العمال ج11 ص330 وفيض القدير ج4 ص358 وكشف الخفاء ج2 ص423 والضعفاء للعقيلي ج3 ص65 والعلل للدارقطني ج4 ص245 وتاريخ مدينة دمشق ج18 ص409 و 410 وتهذيب الكمال للمزي ج18 ص93 والإصابة ج2 ص460 وتهذيب التهذيب ج6 ص290 والعثمانية للجاحظ ص335 والكامل في التاريخ ج3 ص240 والبداية والنهاية ج6 ص237 و 238 وج7 ص268 و 269 وكتاب الفتوح لأعثم ج2 ص470 والإستغاثة ج2 ص68 وبشارة المصطفى للطبري ص380 وإعلام الورى ج1 ص91 والمناقب للخوارزمي ص179 ومطالب السؤول في مناقب آل الرسول = = ( عليه‌السلام ) لمحمد بن طلحة الشافعي ص215 وكشف الغمة ج1 ص242 وكشف اليقين ص154 والفصول المهمة لابن الصباغ ج1 ص412 و 415 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص149 وخزانة الأدب للبغدادي ج5 ص416 وج10 ص403.

٣٢٣

بالإضافة إلى ما أخبر به الناس عامة، من أن علياً (عليه‌السلام ) سيقاتل الناكثين (وهم بقيادة الزبير وعائشة وطلحة) والقاسطين (وهم معاوية ومن معه)، والمارقين، (وهم أصحاب النهروان)..

ذاك لعلي (عليه‌السلام ):

لقد أرجع النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): الأمر إلى علي (عليه‌السلام ) بقوله: (ذاك لعلي) مع علمه بأنه (عليه‌السلام ) تام التسليم لما يريده الله منه ورسوله، ـ إن ذلك ولا يقدم بين يدي الله ورسوله ـ وأريد به إظهار زيادة الإهتمام برضى أمير المؤمنين، واعتباره هو المعيار لاتخاذ الموقف، وهو أيضاً لتأكيد الوثوق بصحة ما يختاره (عليه‌السلام )، وأنه إنما يختار ما يحقق أقصى درجات الرضى الإلهي..

السمع والطاعة لله ولرسوله:

وقول علي (عليه‌السلام ): (السمع والطاعة لله ولرسوله إلخ..) يظهر مدى دقة علي (عليه‌السلام ) في فهم الأمور.. وتراتبية هذا الفهم والوعي، فإنه أعلن أن الطاعة لله، ثم هي لرسوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ).

٣٢٤

فدل ذلك على أنه (عليه‌السلام ) لم يكن ليختار أمراً خارجاً عن هذه الدائرة. بل لا بد أن يرجع الأمر إلى الله أولاً، ثم إليه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ثانياً..

وهو يرى أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قد تهيأ للخروج، وجد في العزم عليه، فاعتبر ذلك ترجيحاً واختياراً منه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لذلك.. ثم اعتبر هذا الترجيح، أو الإختيار، أو ظهور هذا الميل بمثابة أمر إلهي نبوي، لعلمه بأن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لا يفعل إلا ما يحقق رضا الله تبارك، ولا يصدر ولا يورد الأمور من عند نفسه..

وحيث إنه (عليه‌السلام ) لا يختار إلا ما يحقق أقصى درجات الرضا، فقد تحقق عنده الإلتزام بهذا الأمر من ناحيتين:

أولاهما: أنه أصبح بمثابة اختيار من الله ورسوله.. وهو بمثابة الأمر بالنسبة إليه..

الثانية: إنه يتوافق مع ما سعى إليه، وهو تحقيق أقصى درجات الرضا الإلهي..

لك أجر خروجك معي:

وأما حبه لأن يكون مع رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، ولا يتخلف عنه في حال من الأحوال.. فلا شك في أن الكون معه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) شرف وفضل، وفيه مثوبات وفواضل يرغب فيها كل مؤمن، فكيف بعلي (عليه‌السلام )، ولكن قد يعرض ما يحتم التخلي عن هذا الأمر لمصلحة حفظ الإسلام التي هي الأهم والأولى بالمراعات، حين يتآمر عليه أهل

٣٢٥

الباطل، ويكيد له أهل الزيغ، فيتخلى الإنسان عما يحب لينجز أمراً صار هو الأحب إلى الله تعالى، لعروض أمر طارئ..

ويؤيد هذا المعنى: قول رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) له (عليه‌السلام ):

(..يا أبا الحسن، إن لك أجر خروجك معي في مقامك بالمدينة)، فدل ذلك على أن حب علي للخروج مع رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لم يكن عشوائياً، ولا لمصلحة شخصية، بل لحبه نيل الثواب من الله..

يضاف إلى ذلك: ما روي في أن من أحب عمل قوم كان شريكاً لهم فيه، وهذا واضح.

علي (عليه‌السلام ) أمة وحدة:

ثم إن الله تعالى قد زاد في إظهار مزايا علي (عليه‌السلام )، وفضله وشرفه بأن جعله أمة وحده، كما جعل إبراهيم (عليه‌السلام ) أمة.. لأنه (عليه‌السلام ) هو المتفرد من بين البشر بأنه الرجل الإلهي الخالص، الذي هو نفس رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في كل خصال الخير، وفي كل المعاني والمزايا التي منحها الله لرسوله، باستثناء ميزة النبوة الخاتمة..

والذي يبدو لنا: هو أن علياً (عليه‌السلام ) أمة وحده، من حيث أنه هو المعيار دون كل أحد لقبول الأعمال، وهو الذي يعطي الجواز لدخول الجنة، ولو أن أحداً صام نهاره، وقام ليله، وحج دهره ولم يأت بولاية علي (عليه‌السلام )، فليس له في الجنة نصيب.

٣٢٦

وبعبارة أخرى.. إن الإيمان بالنبوة لا يكفي إذا لم ينضم إليه الإيمان بالولاية أيضاً، وهذا الأمر ثابت حتى في حياة النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ).. وبعد وفاته.. وهذا هو أحد معاني قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): إن علياً أمة وحده حتى في زمن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فإنه لم يقل له: أنت أمة وحدك بعد وفاتي، فظهر أن هذا الأمر مما يمتاز به علي (عليه‌السلام ) على جميع البشر على الإطلاق.

ونستطيع أن نستفيد من ذلك: أن إقامته بالمدينة حين سار النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إلى تبوك لا تعني أنه (عليه‌السلام ) ليس له ولاية على غير المدينة، بل ولايته واستخلافه يشمل جميع الناس في المدينة وخارجها، وفي جميع البلاد التي كانت خاضعة لسلطان الإسلام.. ولا سيما بملاحظة قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى حسبما أوضحناه فيما سبق.

تأثير الصلاة على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ):

وقد تضمنت الرواية أيضاً: بيان أن اقتران بعض الأعمال بإيمان ذي مواصفات بعينها، يجعلها تؤثر في الواقع الخارجي، ومن هذه الأعمال الصلاة على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وآله الطيبين، فإنها:

أولاً: تستر فاعلها عن عيون أعدائه.

ثانياً: لا تبقي له ظلاً.

ثالثاً: تغمره بالنور، وتستره عن عيون الناس.

٣٢٧

ولكنها ذكرت: أن مجرد التفوه بالصلاة لا يجدي، بل لا بد أن يصاحب ذلك الإعتقاد بأن علياً (عليه‌السلام ) هو أفضل آل النبي..

فعالم الروح متصل بعالم المادة، والتفوه بالألفاظ يترك آثاراً لها نوع ارتباط بسنخ مضمون تلك الألفاظ.. كما أن الإعتقاد مؤثر في الواقع العملي الخارجي..

ولكن هذه الآثار لا يمكن التكهن بها للبشر، ولا طريق لهم لاكتشاف الصلة بينها، بالعلم البشري، بل هي مما يختص الله بعلمه، فلا بد من أخذ العلم بها من الله تعالى، فإذا أخبر الله عنها أمكن تلمسها بالممارسة..

الظل.. والنور:

1 ـ قد بين هذا النص أن الظل أيضاً يمكن التحكم به، وجعله ورفعه وليس كالزوجية للأربعة، أي أنه ليس من اللوازم التي لا تنفك عن النور، وما يعترضه من أجسام..

2 ـ بيَّن أيضاً: أن النور الذي يفترض أن يكون كاشفاً للأجسام، ومن أسباب رؤيتها، يمكن أن يكون بتلألئه ساتراً وحاجباً لما وراءه، ومن أسباب العمى عنه، ومانعاً للبصر من الوصول والإمتداد..

٣٢٨

الفهرس

الصحيح من سيرة الإمام عليّ ( عليه‌السلام ) 1

الفصل الخامس:5

الفصل السادس:32

الفصل السابع:69

الباب التاسع:91

الفصل الأول:93

الفصل الثاني:113

الفصل الثالث:153

الفصل الرابع:175

الفصل الخامس:197

الفصل السادس:219

الباب العاشر:245

الفصل الأول:247

الفصل الثاني:295

الفصل الثالث:309

الفهرس 329

٣٢٩