• البداية
  • السابق
  • 329 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 18507 / تحميل: 4708
الحجم الحجم الحجم
الصحيح من سيرة الإمام عليّ (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى)

الصحيح من سيرة الإمام عليّ (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء 6

مؤلف:
العربية

اقطع لسانه:

قالوا: كان (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قد أعطى العباس بن مرداس أربعاً(1) (وقيل: أربعين(2 ) من الإبل يوم حنين، فسخطها، وأنشد يقول:

أتجعل نهبي ونهب العبيد(3) بين عيينة والأقرع

فما كان حصن ولا حابس يفوقان شيخي في المجمع

وما كان (كنت) دون امرئ منهما ومن تضع اليوم لا يرفع

فبلغ النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ذلك، فاستحضره، وقال له: أنت القائل:

أتجعل نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة

____________

1- تاريخ مدينة دمشق ج26 ص414 والإرشاد (ط دار المفيد) ج1 ص147 وبحار الأنوار ج21 ص160 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص272 وحلية الأبرار ج1 ص294 وكشف الغمة ج1 ص224 وإمتاع الأسماع ج9 ص298 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص272 ومستدركات علم رجال الحديث ج4 ص358 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص398.

2- السيرة الحلبية ج3 ص120 و (ط دار المعرفة) ج3 ص84 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص153 وعيون الأثر ج2 ص220.

3- العبيد كزبير: فرس، قاموس المحيط ج1 ص311 وهو اسم فرس عباس بن مرداس بالذات.

٦١

فقال له أبو بكر: بأبي أنت وأمي، لست بشاعر.

قال: وكيف؟!

قال: قال: بين عيينة والأقرع.

فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لأمير المؤمنين (عليه‌السلام ): (قم ـ يا علي ـ إليه، فاقطع لسانه).

قال: فقال العباس بن مرداس: فوالله، لهذه الكلمة كانت أشد علىَّ من يوم خثعم، حين أتونا في ديارنا.

فأخذ بيدي علي بن أبي طالب، فانطلق بي، ولو أرى أحداً يخلصني منه لدعوته، فقلت: يا علي، إنك لقاطع لساني؟!

قال: إني لممضٍ فيك ما أُمِرْتُ.

قال: ثم مضى بي، فقلت: يا علي، إنك لقاطع لساني.

قال: إني لممض فيك ما أمرت.

فما زال بي حتى أدخلني الحظائر، فقال لي: اعتد ما بين أربع إلى مائة.

قال: قلت: بأبي أنتم وأمي، ما أكرمكم، وأحلمكم، وأعلمكم!

قال: فقال: إن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أعطاك أربعاً، وجعلك مع المهاجرين. فإن شئت فخذ المائة، وكن مع أهل المائة.

قال: قلت: أشر علي.

قال: فإني آمرك أن تأخذ ما أعطاك، وترضى.

٦٢

قلت: فإني أفعل(1) .

وذكروا في توضيح ما جرى: أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لما قال: اقطعوا عني لسانه، قام عمر بن الخطاب، فأهوى إلى شفرة كانت في وسطه ليسلها، فيقطع بها لسانه.

فقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لأمير المؤمنين (عليه‌السلام ): قم أنت فاقطع لسانه، أو كما قال(2) .

وفي نص آخر: فقال أبو بكر: بأبي أنت وأمي، لم يقل كذلك، ولا والله ما أنت بشاعر، وما ينبغي لك، وما أنت براوية.

قال: فكيف قال؟!

فأنشده أبو بكر.

فقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): اقطعوا عني لسانه.

ففزع منها ناس، وقالوا: أمر بالعباس بن مرداس أن يمثل به، وإنما

____________

1- الإرشاد للمفيد ج1 ص146 ـ 148 وبحار الأنوار ج21 ص160 و161 و170 و171 وإعلام الورى ص125 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص237 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص398 و 399 والسيرة الحلبية ج3 ص120 وعن دلائل النبوة للبيهقي ج5 ص181 وكشف الغمة ج1 ص225 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص272 وتاريخ مدينة دمشق ج26 ص415 وأعيان الشيعة ج1 ص281.

2- راجع: الإرشاد للمفيد (هامش) ص147 وحلية الأبرار ج1 ص294.

٦٣

أراد رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بقوله: اقطعوا عني لسانه، أي يقطعوه بالعطية من الشاء والغنم(1) .

وقد ذكروا كذلك: أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أرسل إليه بحلة(2) .

وفي رواية: فأتم له رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ماءة(3) .

والظاهر: أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أعطاه ذلك مكافأة، لقبوله ما عرضه عليه أمير المؤمنين علي (عليه‌السلام ).

ونقول:

____________

1- سبل الهدى والرشاد ج5 ص399 والسيرة الحلبية ج3 ص120 و (ط دار المعرفة) ص84 وراجع: زاد المسير ج6 ص280 وتاريخ مدينة دمشق ج26 ص415.

2- السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص85 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص272 وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج26 ص425 وأحكام القرآن لابن العربي ج3 ص466 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج9 ص290.

3- صحيح مسلم ج3 ص108 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص17 ومسند الحميدي ج1 ص200 ومعرفة السنن والآثار ج5 ص199 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص271 وكنز العمال ج10 ص543 وتفسير البغوي ج2 ص280 وتاريخ مدينة دمشق ج26 ص413 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص602 والبداية والنهاية ج4 ص412 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص680 والسيرة الحلبية ج3 ص120 و (ط دار المعرفة) ص84 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص399 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص48.

٦٤

إن لنا هنا بيانات عديدة، نذكر منها:

لا معنى للخوف إذن:

زعمت بعض المرويات:

أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قال لأبي بكر: (اقطع لسانه عني، وأعطه مئة)(1) .. وهذا غير صحيح:

أولاً: لأن ابن مرادس توهم أنه يريد قطع لسانه بالفعل(2) ، وظن ذلك ناس آخرون(3) وهذا الظن لا يتلاءم مع كلمة (عني) فإنها تدل عند جميع الناس أنه يريد أن يكون العطاء هو يقطع لسانه عن الكلام حول هذا الموضوع..

يضاف على ذلك قوله: وأعطه مئة من الإبل، فإنها تشير إلى إرادة تكريمه، لا إلى معاقبته بقطع لسانه على الحقيقة.

ثانياً: إن أبا بكر قد سعى إلى تغيير قرار النبي بقطع لسان الرجل،

____________

1- السيرة الحلبية ج3 ص120 و (ط دار المعرفة) ص84 عن الكشاف، وتفسير أبي السعود ج5 ص169 وتفسير الآلوسي ج15 ص65.

2- السيرة الحلبية ج3 ص120 و (ط دار المعرفة) ص84 والإرشاد للمفيد ج1 ص146 ـ 148 وكنز العمال ج10 ص517 وإعلام الورى ص125 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص237 وبحار الأنوار ج21 ص160 و 161 و 170 و 171 وتاريخ مدينة دمشق ج26 ص413 وأعيان الشيعة ج1 ص281.

3- السيرة الحلبية ج3 ص120 و (ط دار المعرفة) ص84 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص399.

٦٥

وصار يوضح للنبي أن كلام ابن مرداس لا يتضمن إساءة تستحق قطع لسانه، متهماً النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بأنه لم يفهم معنى كلام ابن مرداس.. فهل بعد هذا يمكن أن يأمن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) على أبي بكر من أن يخطئ في فهم قوله: اقطع لسانه، فيقطع لسان الرجل على الحقيقة؟!..

ثالثاً: كانت هناك وحدة حال قائمة بين أبي بكر وعمر، فلعله ـ يتأثر بموقف عمر، ويقبل بتأويله لكلام النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، ويفسح المجال له ليقطع لسان الرجل بشفرته التي أهوى إليها ليسلها من وسطه.. ولسوف لن ينفع الندم والأسف بعد ذلك..

إخافة الناس بالمزاح لا تجوز:

وقد يقال: إن من المعلوم: أنه لا يجوز إخافة الناس بلا سبب يرضاه الله تعالى.. فكيف يخيف النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ابن مرداس بكلام كان أشد عليه من يوم خثعم، حين أتوهم في ديارهم؟!

وكيف يواصل علي (عليه‌السلام ) إخافته بإيهامه أنه سينفذ فيه أمر النبي الذي يخشاه؟!

ونجيب:

أولاً: إن الحرام هو الفعل والقول الذي يدل دلالة قاطعة على ضرر يخشاه ذلك الشخص.. ولكن لو فعل أو قال ما هو حلال، وما له دلالة صحيحة على أمر مباح، لكن السامع أخطأ في فهمه، بسبب قلة تدبره في معناه، أو لخطأ السامعة عنده.. فليس هذا من الحرام في شيء، لأن المتكلم

٦٦

لا يتحمل مسؤولية الأخطاء التي يقع فيها السامع المقصر أو المخطئ في فهم معنى الكلام أو في سماعه.. وهذا بالذات هو ما جرى لعباس بن مرداس..

ثانياً: إن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لم يخاطب ابن مرداس، بل كان خطابه موجهاً إلى علي (عليه‌السلام )، والمطلوب منه هو أن يُفْهِم مقاصده من يوجِّه خطابه إليه، بالطريقة التي يعرف أنه يفهم تلك المقاصد من خلالها.

وربما يكون هناك إشارات أو رموز بين المتخاطبين.. ولا يعنيه ما يفهمه الآخرون في شيء، فقد يفهمون شيئاً، وقد لا يفهمون، وقد يخطئون وقد يصيبون، وربما يكون قاصداً للتعمية عليهم.

وجواب علي لابن مرداس لم يتضمن جديداً، بل هو أكد له على عزمه على تنفيذ أمر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ).. لكي تحصل المفاجأة السارة التي ستتضاعف آثارها على ابن مرداس، من خلال زيادة البهجة، وعمق الفرحة، والسعادة، والشعور بالإمتنان بصورة أعمق وأصدق..

مشورة علي (عليه‌السلام ) على ابن مرداس:

وتأتي نصيحة أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) لابن مرداس لتكون إسهاماً في تكامل هذا الرجل روحياً، وتعميق شعوره بالكرامة وبالقيمة الإنسانية، وليصبح معيار الربح والخسارة عنده ليس هو الحصول على الأموال، والمناصب، بل هو الحصول على الميزات الروحية والإيمانية، والسابقة في الدين، والتحلي بالشيم والميزات الإنسانية.

٦٧

وقد رسمت مشورة علي (عليه‌السلام ) لابن مرداس حدوداً أظهرت له: أن هناك نوعان من الناس، هم: أهل الهجرة والسابقة، والجهاد، والتضحية بالمال، والنفس، والولد، والتخلي عن الأوطان، وعن الأهل والعشيرة من أجل دينهم، وحفظ إيمانهم.

ويقابلهم: أهل الطمع وطلاب الدنيا، الذين يقيسون الأمور بالأرقام والأعداد.

وقد جاء رسم هذه الحدود له في نفس اللحظة التي انفتحت فيها بصيرته على معنى القيمة، حين ساقته تحولات الأمور معه إلى أن يلهج بالقول: (بأبي أنتم وأمي، ما أكرمكم، وأحلمكم، وأعلمكم..)!

فوجد نفسه أمام كرم لا يضاهى، تجلى له بهذا العطاء الجليل..

وأمام حلم لا يجارى، حيث اعترض على من دانت له العرب، ولم تقصر همته عن مناهضة العجم، ولم يجد فيه إلا الخلق الرضي، وإلا السماح، والسماحة، والحلم والنبل، وكمال الرصانة والعقل، والعفو، والإنصاف والعدل..

فقد استدعاه رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وسأله سؤالاً واحداً، ولم ينتظر منه جواباً، بل بادر إلى اتخاذ القرار الحاسم بحقه.

ولكنه لم يكن قرار ملك أو جبار، بل كان قرار الرحمة والرضا، والكرم، والحلم.

ووجد نفسه كذلك أمام علم لا يوصف، اضطره إلى البخوع والتسليم، وطلب المشورة من علي (عليه‌السلام ) بالذات، فجاءته مشورته الصادقة، فلم يجد حرجاً من العمل والإلتزام بها..

٦٨

الفصل السابع:

سرايا حنين.. وغزوة الطائف..

٦٩

٧٠

سرايا تجاهلوها:

ونلاحظ: أن ثمة سرايا قام بها علي (عليه‌السلام ) بأمر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) تجاهلها عامة المؤرخين الذين يؤيدون الفريق الذي ناوأ علياً (عليه‌السلام ) في حياته.

ونذكر من هذه السرايا التي حصلت ـ فيما يظهر بين حنين والطائف، ما يلي:

1 ـ سرايا لكسر الأصنام:

قال اليعقوبي، وغيره: (ووجه علياً (عليه‌السلام ) لكسر الأصنام فكسرها)(1) .

____________

1- تاريخ اليعقوبي ج2 ص64، وإعلام الورى ص123 و 124 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص387 و 388 وكشف الغمة ج1 ص226 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب ( عليه‌السلام ) في الكتاب والسنة والتاريخ ج1 ص265 وبحار الأنوار ج21 ص163 و 164 و 169 وج41 ص95 ومكاتيب الرسول ج1 ص33 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص332 والمستجاد من كتاب الإرشاد (المجموعة) ص92 وأعيان الشيعة ج1 ص280 والإرشاد للمفيد ج1 ص151 ـ 153.

٧١

ونقول:

1 ـ سيأتي إن شاء الله أنه (عليه‌السلام ) بعد حنين لم يعد إلى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إلا بعد الإنتهاء من حصار الطائف. فدلنا ذلك على أنه كان يقوم بمهمات جسام، توازي في أهميتها مواجهة أهل الطائف في أيام حصارهم.

2 ـ إن النص لم يحدد لنا عدد هذه الأصنام، ولا أسماء، ولا أمكنة وجودها.. فإن كانت هي الأصنام المعهودة، وهي العزى، وود، وسواع، ومناة، وذو الكفين، واللات، وما إلى ذلك.. فهو يدل على عدم صحة ما ذكروه من أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أرسل المغـيرة وأبا سفيان لهدم الطاغية، وهو اللات، وفلاناً الآخر لهدم مناة، وفلانـاً لهدم العزى وما إلى ذلك.. وأن ذكر هؤلاء وعدم التصريح بما أوكل إلى علي (عليه‌السلام ) قد جاء للتعمية على الحقيقة، والتشكيك بها.

2 ـ سرية لمواجهة خيل ثقيف:

وقالوا: (خرج رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إلى الطائف، ووجه علي بن أبي طالب، فلقي نافع بن غيلان بن سلمة بن معتب في خيل من ثقيف (ببطن وج وهو واد بالطائف) فقتله، وانهزم أصحابه).

زاد المفيد وغيره قوله: ولحق القوم الرعب، فنزل منهم جماعة إلى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )(1) .

____________

1- تاريخ اليعقوبي ج2 ص64 وإعلام الورى ص124 و (ط مؤسسة آل البيت) = = ج1 ص388، وبحار الأنوار ج21 ص164 و 168 وج41 ص95 والإرشاد للمفيد ج1 ص153 وأعيان الشيعة ج1 ص281 والدر النظيم لابن حاتم العاملي ص185 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب ( عليه‌السلام ) في الكتاب والسنة والتاريخ ج1 ص257 وعن مناقب آل أبي طالب ج1 ص605 و 606 والمستجاد من كتاب الإرشاد (المجموعة) ص93.

٧٢

3 ـ سرية علي (عليه‌السلام ) إلى خثعم:

قالوا: سار (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بنفسه إلى الطائف (في شوال سنة ثمان، فحاصرهم بضعة عشر يوماً(1) أو) فحاصرهم أياماً.

وأنفذ أمير المؤمنين علي (عليه‌السلام ) في خيل، وأمره أن يطأ ما وجد، وأن يكسر كل صنم وجده.

فخرج حتى لقيته خيل خثعم في جمع كثير، فبرز له رجل من القوم يقال له شهاب، في غبش الصبح، فقال: هل من مبارز؟!

فقال أمير المؤمنين (عليه‌السلام ): (من له)؟!

____________

1- إعلام الورى ص123 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص387 وبحار الأنوار ج21 ص164 و 168 ومستدرك سفينة البحار ج6 ص598 وراجع: قصص الأنبياء للراوندي ص348 والدر النظيم ص185 وكشف الغمة ج1 ص226 والإرشاد ج1 ص153 والمستجاد من كتاب الإرشاد (المجموعة) ص93 وأعيان الشيعة ج1 ص281 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب ( عليه‌السلام ) في الكتاب والسنة والتاريخ ج1 ص257.

٧٣

فلم يقم أحد، فقام إليه أمير المؤمنين (عليه‌السلام ).

فوثب أبو العاص بن الربيع، فقال: تكفاه أيها الأمير.

فقال: (لا، ولكن إن قتلت فأنت على الناس).

فبرز إليه أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) وهو يقول:

إن على كل رئيس حقاً أن يروي الصعدة أو تدقا(1)

ثم ضربه فقتله. ومضى في تلك الخيل، حتى كسر الأصنام، وعاد إلى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وهو محاصر لأهل الطائف (ينتظره).

فلما رآه النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) كبر (للفتح)، وأخذ بيده، فخلا به، وناجاه طويلاً(2) .

____________

1- الصعدة: القناة المستوية من منبتها لا تحتاج إلى تعديل. راجع: الصحاح ـ صعد ـ ج2 ص498.

2- راجع: إعلام الورى ص123 و 124 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص235 و 388 و 389، والدر النظيم ص185 والكنى والألقاب ج1 ص115 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص605 و 606 و (ط المكتبة الحيدرية) ص182 وج2 ص332. وبحار الأنوار ج21 ص163 و 164 و 169 وج41 ص95 والمستجاد من كتاب الإرشاد (المجموعة) ص92 وأعيان الشيعة ج1 ص281 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب ( عليه‌السلام ) في الكتاب والسنة والتاريخ ج1 ص266 والإرشاد للمفيد ج1 ص151 ـ 153 وفي هامشه قال: روي باختلاف يسير في سنن الترمذي ج5 ص303، وتاريخ بغداد ج7 ص402، = = ومناقب المغازلي ص124، وأسد الغابة ج4 ص27، وكفاية الطالب ص327 وكشف الغمة ج1 ص226.

٧٤

فروى عبد الرحمن بن سيابة، والأجلح جميعاً، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله الأنصاري: أن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لما خلا بعلي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) يوم الطائف، أتاه عمر بن الخطاب، فقال: أتناجيه دوننا، وتخلو به دوننا؟!

فقال: (يا عمر، ما أنا انتجيته، بل الله انتجاه)(1) .

قال: فأعرض عمر وهو يقول: هذا كما قلت لنا قبل الحديبية:( لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ إِن شَاءَ اللهُ آمِنِينَ ) (2) ، فلم ندخله، وصددنا عنه.

فناداه النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): (لم أقل: إنكم تدخلونه في ذلك العام)!(3) .

____________

1- راجع المصادر المتقدمة.

2- الآية 27 من سورة الفتح.

3- راجع: إعلام الورى ص124 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص388 وبحار الأنوار ج21 ص164 و 169 والإرشاد للمفيد ج1 ص153 وقال في هامشه: أنظر قطعاً منه في سنن الترمذي ج5 ص639/3726. وجامع الأصول ج8 ص658/6505، وتاريخ بغداد ج7 ص402، ومناقب الإمام علي ( عليه‌السلام ) لابن المغازلي ص124 و 163، وكفاية الطالب ص327، وأسد الغابة ج4 ص27، ومصباح الأنوار ص88، وكنز العمال ج11 ص625/33098 = = عن الترمذي، والطبراني. انتهى.

وحديث المناجاة مذكور في كثير من مصادر أهل السنة، ولكنهم يتحاشون غالباً التصريح باسم المعترضين على رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فراجع على سبيل المثال: إحقاق الحق (الملحقات) ج6 ص525 ـ 531 عن المصادر التالية:

صحيح الترمذي (ط الصاوي) ج13 ص173 والرسالة القوامية للسمعاني، والمناقب للخوارزمي (ط تبريز) ص83، والنهاية في اللغة ج4 ص138 وتذكرة الخواص (ط الغري) ص47 ونهج البلاغة (ط القاهرة) ج2 ص167 و 411 ومسند أحمد، ودر بحر المناقب (مخطوط) ص47 والرياض النضرة (ط الخانجي) ج2 ص200 وذخائر العقبى (ط القدسي) ص85 والبداية والنهاية ج7 ص356 ومشكاة المصابيح (ط دهلي) ص564 وشرح ديوان أمير المؤمنين للميبدي (مخطوط) ص187 والمناقب لعبد الله الشافعي (مخطوط) ص164 ومفتاح النجا للبدخشي (مخطوط) ص47 وأسنى المطالب لمحمد الحوت، وتاج العروس ج1 ص358 وينابيع المودة ص58 وتجهيز الجيش ص374 وسعد الشموس والأقمار (ط التقدم العلمية بمصر) ص210 وأرجح المطالب (ط لاهور) ص594 عن الترمذي، والنسائي، والطبراني عن أبي هريرة.

٧٥

وعن جابر، عن أبي عبد الله (عليه‌السلام ): أن أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) قال يوم الشورى: نشدتكم بالله هل فيكم أحد ناجاه رسول الله يوم الطائف، فقال أبو بكر وعمر: (يارسول الله ناجيت علياً دوننا).

فقال لهما النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): (ما أنا ناجيته، بل الله أمرني

٧٦

بذلك) غيري؟!

قالوا: لا(1) .

ونقول:

تضمنت الروايات المتقدمة أموراً عديدة، نقتصر منها على ما له ارتباط بأمير المؤمنين (عليه‌السلام )، فلاحظ المطالب التالية:

من دلالات شعر علي (عليه‌السلام ):

قد بين الشعر المنسوب إلى علي (عليه‌السلام ) ما يلي:

1 ـ أن المفروض بالرئيس والقائد أن يتصدى بنفسه لقتال العدو، وأن يكون قتالاً مؤثراً، بحيث يروي رمحه من دماء أعدائه، أو أن يتحطم ذلك الرمح ويتلاشى.

2 ـ إن ذلك ينتج: أن سلاح القائد ليس لمجرد الدفاع عن شخصه، بل هو للدفاع عن القضية، إذ لو كان للدفاع عن الشخص، فربما يكفيه ما هو أقل من ذلك بكثير، أو ربما لم يحتج إليه من الأساس.

3 ـ إن ذلك يستبطن: أن على الرئيس، والقائد أن لا يخرج نفسه من دائرة التصدي للقتال، بحيث يكون همه حفظ نفسه، ليضحي بغيره، ليكون دوره هو مجرد إصدار التوجيهات، كما يفعله الكثير من الرؤساء والقادة

____________

1- بحار الأنوار ج21 ص180 وج31 ص337 والإحتجاج ج1 ص202 و 203 ومصباح البلاغة للميرجهاني ج3 ص221 وغاية المرام ج2 ص132.

٧٧

قديماً وحديثاً.

تعدد المناجاة:

وقد أظهرت المصادر التي ذكرت المناجاة: أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ناجى علياً (عليه‌السلام ) في غير ذلك الموضع أيضاً.. فراجع(1) .

____________

1- إحقاق الحق (الملحقات) ج6 ص534 ـ 536 وراجع: ج4 ص98 وج17 ص56 وج18 ص185 و 186 وج20 ص335 وج21 ص672 وج22 ص553 وج23 ص30 و 31 و 524 و 585 وج30 ص654.

وراجع: مناقب الإمام أمير المؤمنين للكوفي ج1 ص457 وج2 ص87 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص203 وج2 ص64 والعمدة لابن البطريق ص287 وذخائر العقبى ص72 وكتاب الأربعين للشيرازي ص128 وبحار الأنوار ج22 ص473 وج38 ص312 ومسند أحمد ج6 ص300 ومجمع الزوائد ج9 ص112 وكتاب الوفاة للنسائي ص52 والمعجم الكبير للطبراني ج23 ص375. وراجع أيضاً: والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص154 وخصائص أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) للنسائي ص130 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص494 ومسند أبي يعلى ج12 ص364 وكنز العمال ج13 ص146 ومعجم الرجال والحديث ج2 ص172 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص394 و 395 وذكر أخبار إصبهان ج1 ص251 والبداية والنهاية ج7 ص397 وأعيان الشيعة ج1 ص358 وسبل الهدى والرشاد 12 ص255 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب ( عليه‌السلام ) في الكتاب والسنة والتاريخ ج1 ص305.

٧٨

دلالات مناجاة النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لعلي (عليه‌السلام ):

إن مناجاة النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لعلي (عليه‌السلام ) دلت على أنه (عليه‌السلام ) هو موضع سر النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) دون غيره.. ولم يعد يمكن لأحد أن يدعي لنفسه خصوصية لدى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) تؤهله لمقام الخلافة بعده (صلى‌الله‌عليه‌وآله )..

ولعل هذا هو السبب في تغيظ بعض الناس، حتى جاهر بالإعتراض على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في هذا الأمر..

فجاءه الجواب الصاعق، الذي كان أشد ضرراً بطموحاته، حين أعلن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، أن الله تعالى هو الذي أمره بذلك.

بل زاد على ذلك بأن أعلن أنه (عليه‌السلام ) موضع سر الله أيضاً تماماً كما هو حال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) نفسه، فقال: (بل الله انتجاه)، والفرق بينهما أن الله ينتجي رسوله مباشرة، وبالوحي إليه، وينتجي علياً (عليه‌السلام ) بواسطة النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ).

وقد روي عنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أنه قال لعلي (عليه‌السلام ): (إنك لحجة الله على خلقه، وأمينه على سره، وخليفة الله على عباده(1) .

____________

1- ينابيع المودة ص53 و (ط دار الإسوة) ج1 ص167 وفضائل أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) لابن عقدة ص135 وبشارة المصطفى للطبري ص437 ومشارق الشموس للمحقق الخوانساري ج2 ص442 والأمالي للصدوق ص155 وعيون أخبار الرضا ج2 ص267 وفضائل الأشهر الثلاثة للصدوق ص79 وروضة الواعظين = = ص346 وإقبال الأعمال لابن طاووس ج1 ص27 وبحار الأنوار ج42 ص191 وج93 ص358 وجامع أحاديث الشيعة ج9 ص21 ومسند الإمام الرضا ( عليه‌السلام ) ج2 ص187 وموسوعة أحاديث أهل البيت ( عليهم‌السلام ) ص269 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب ( عليه‌السلام ) في الكتاب والسنة والتاريخ ج2 ص146 وج8 ص180 وغاية المرام ج1 ص109 و 170 وج2 ص191 وج5 ص25 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج4 ص82 وج5 ص50 وج22 ص324 وج23 ص404.

٧٩

وعنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): (هذا وصيي، وموضع سري، وخير من أترك بعدي)(1) .

____________

1- إحقاق الحق (قسم الملحقات) ج4 ص75 و 76 و 350 وراجع: ج15 ص153 و 154 وج21 ص600 وج23 ص521 و 555 وج31 ص192 و 247 عن ميزان الإعتدال (مطبعة السعادة بمصر) ج1 ص298 و (ط البابي الحلبي بالقاهرة) ص 635 و (ط دار الكتب العلمية) ج6 ص446 وج7 ص5 عن جامع الأحاديث (ط دمشق) تأليف عباس صقر، وأحمد عبد الجواد بمصر ج3 ص97، ومجمع الزوائد ج9 ص113 و 114 ومنتخب كنز العمال (مطبوع بهامش مسند أحمد) ج5 ص32 عن الطبراني، وابن مردويه، وعن مفتاح النجا (مخطوط) ص94 عن العقيلي، وعن در بحر المناقب (مخطوط) ص60 عن ابن المغازلي، وأرجح المطالب ص24 و 589 وقرة العينين في تفضيل الشيخين ص234 وراجع: مناقب أمير المؤمنـين (عليه‌السلام ) ج1 ص335 و 385 = = و 387 و 445 وشرح الأخبار ج1 ص117 و 195 والأمالي للمفيد ص61 ومناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج2 ص246 و 247 و 256 وكتاب الأربعين للشيرازي ص49 وبحار الأنوارج38 ص12 وميزان الحكمة ج1 ص137 والمعجم الكبير للطبراني ج6 ص221 وكنز العمال ج11 ص280 و (ط مؤسسة الرسالة) ص610 والإكمال في أسماء الرجال ص96 و 204 وقاموس الرجال ج10 ص335 والفوائد المجموعة والأحاديث الموضوعة ج1 ص346 ومعجم الرجال والحديث ج2 ص62 وكتاب المجروحين ج1 ص279 وج3 ص5 والموضوعات لابن الجوزي (ط المكتبة السلفية) ج1 ص375 والموضوعات لأبي الفرج القرشي ص259 و 281 و 283 وتهذيب التهذيب ج3 ص91 وأعيان الشيعة ج6 ص295 وكشف الغمة ج1 ص156 وكشف اليقين ص255 وأهل البيت (عليهم‌السلام ) في الكتاب والسنة ص143 والكامل في ضعفاء الرجال ج6 ص397 واللآلي المصنوعة ج1 ص328 وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج42 ص57 وذخيرة الحفاظ لابن القيسراني محمد بن طاهر المقدسي ج3 ص1588 ومعرفة التذكرة لابن القيسراني ج1 ص117 ومحاضرات الأدباء للأصفهاني ج2 ص496.

٨٠