• البداية
  • السابق
  • 330 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 21933 / تحميل: 4822
الحجم الحجم الحجم
الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام)(المرتضى من سيرة المرتضى)

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام)(المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء 5

مؤلف:
العربية

تعالى:( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً ) (1) يعني صلاة الفجر، تشهده ملائكة الليل، وملائكة النهار(2) .

____________

1- الآية 78 من سورة الإسراء.

2- راجع: بحار الأنوار ج5 ص321 وج9 ص296 وج11 ص117 و 118 وج53 ص212 وج73 ص254 و 263 وج77 ص30 و 72 و 73 و 99 و 102 ومستدرك سفينة البحار ج6 ص329 وج8 ص132 وعن مسند أحمد ج2 ص474 وراجع: فقه الرضا (عليه‌السلام ) ص72 والمعتبر للمحقق الحلي ج2 ص17 ومنتهى المطلب (ط ق) ج1 ص196 و (ط ج) ج4 ص25 و 27 وتذكرة الفقهاء (ط ق) ج1 ص72 و (ط ج) ج2 ص273 والذكرى ص113 و 122 ومدارك الأحكام ج3 ص24 والحبل المتين ص122 ومفتاح الفلاح ص4 والحدائق الناضرة ج6 ص207 ومستند الشيعة ج4 ص53 وجواهر الكلام ج7 ص168 ومسند زيد بن علي ص99 والمبسوط للسرخسي ج1 ص157 وفقه السنة ج1 ص97 و 157 والمحاسن ج2 ص323 والكافي ج3 ص283 و 487 وج8 ص341 ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص222 و 455 وعلل الشرايع ج2 ص324 و 336 وأمالي الصدوق ص254 وثواب الأعمال ص136 والإستبصار ج1 ص275 وتهذيب الأحكام ج2 ص37 وروضة الواعظين ص317 ومختصر بصائر الدرجات ص131 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص273 و ج4 ص50 و 52 و 53 و 212 و 213 و (ط دار الإسـلاميـة) ج1 ص261 وج3 ص35 و 36 و 37 و 60 و 154 = = و 155 ومستدرك الوسائل ج3 ص51 و 120 و 124 و 164 وج4 ص75 والإختصاص ص36 وأمالي الطوسي ص695 وعوالي اللآلي ج1 ص421 وحلية الأبرار ج1 ص160 وسنن ابن ماجة ج1 ص220 وسنن الترمذي ج4 ص364 والمستدرك للحاكم ج1 ص211 والمصنف للصنعاني ج1 ص523 وعن السنن الكبرى للنسائي ج6 ص381 وصحيح ابن خزيمة ج2 ص365 وصحيح ابن حبان ج5 ص409 وكتاب الدعاء للطبراني ص59 وتفسير أبي حمزة الثمالي ص236 وتفسير القمي ج2 ص25 والتبيان ج6 ص509 ومجمع البيان ج2 ص128 وج6 ص283 وتفسير جوامع الجامع ج2 ص382 وفقه القرآن ج1 ص82 و114 وتفسير غريب القرآن ص197 والتفسير الصافي ج3 ص210 والتفسير الأصفى ج1 ص692 ونور الثقلين ج3 ص201 وجامع البيان ج15 ص173 و 174 و 175 و 176 ومعاني القرآن ج4 ص183 وزاد المسير ج5 ص53 والجامع لأحكام القرآن ج10 ص306 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص13 و 53 وتفسير الجلالين ص374 وعن الدر المنثور ج4 ص396 وعن فتح القدير ج3 ص251 و 255 وعن البداية والنهاية ج1 ص56 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص150 والنهاية في غريب الحديث ج2 ص513.

١٨١

لماذا لا يُقاتل علي (عليه‌السلام ) إلا بعد الزوال؟!:

وقد شرح أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) نفسه أسباب عدم قتاله إلا بعد زوال الشمس.. فركز على الأسباب التالية:

١٨٢

1 ـ إن هذا الوقت أقرب إلى الليل، فإذا ذاق المقاتلون طعم القتال، وعرفوا أن الحرب ليست مجرد نزهة، بل فيها آلام ومصائب، وكوارث ونوائب، فإذا جنهم الليل، فسوف يعيدون النظر في حساباتهم، وسيقيِّمون الأمور وفق تجربة مباشرة وملموسة، لم تعد مجرد تصورات غائمة، تكتنفها الكثير من التخيلات التي تقلل من وضوحها، وتهون من أمرها.

فالألم المتصور والمفترض لا يؤثر في قرار الإنسان بمقدار ما إذا أصبح ماثلاً وحاضراً، والمصاب الذي تسمع به أو تقرأ عنه ليس له تأثير بمقدار المصاب الذي تراه وتعيشه، وتعاني منه ما تعاني..

فقد يدفعك خيال مَّا، أو يهيجك هائج حمية أو عصبية، أو يدعوك داعي طمع، أو جشع، أو تزين لك أحلام وردية، تنطلق من حسابات خاطئة، أن تقتحم أتون الحرب.. فتبادر إلى ذلك.. فإذا مسَّك شيء من بلاياها ورزاياها وآلامها، يرجع إليك صوابك، وتلتمس الخلاص، ولات حين مناص..

ثم تطحنك رحى الحرب فيما تطحن، وتحطم ما صلب منك، وتلتهم ما رقَّ ولان. وتجد نفسك غير قادر على استرجاع ما ذهب، ولا استدراك ما يأتي، وتفرض عليك تلك الحرب كل تبعاتها، وتحملك ما أردته وما لم ترده من جرائمها وموبقاتها، وتلقي عليك بكلاكلها وأثقالها، وتبوء بكل مخزياتها..

2 ـ إن هذا الوقت القصير، الذي هو بداية القتال، يكون فيه رجال الحرب على درجة عالية من اليقظة، والنشاط والحذر، ويريد كل منهم أن

١٨٣

يختبر قدرات العدو، وأن يكتشف مكامن قوته، ومواضع ضعفه.

فالإقدام فيه محدود، والحذر فيه على أشده.. ولا تتوفر فيه دواع للاستقتال، وطلب الموت، إذ لم يستحر القتل فيه بالأحبة، ولا وقع الأسر بعد على الأبناء والإخوة، ولا السبي أو العدوان على رموز الشرف، ومواضع الغيرة..

فلا موجب إذن لثورة حماس الشجعان. ليلقوا بأنفسهم في المهالك، طلباً للثار، أو لأجل محو العار.

وإذا كانت الأمور لا تزال في حدودها المعقولة، فيمكن للعاقل أن يثوب إليه رشده في الليلة التي تعقب هذه البداية، ويكون ـ في هذه الحال ـ مدركاً بعمق حقيقة ما هو فيه، ونتائج ما يقدم عليه، فيوازن بين الحالين، ويتخذ القرار الرشيد، والموقف السديد..

3 ـ وإذا كان هناك من يلاحق مهزوماً فسيمنعه حلول الليل من مواصلة سعيه.

4 ـ ولا ضير في أن ينجو ذلك المهزوم، فإن هزيمته النفسية، تكفيه هو الآخر ليعيد حساباته، ويستأنف حياته، بنمط جديد، وحذر شديد.

كما أن المطلوب المهم هو دفع شره، والتخلص من أذاه.. وقد حصل ذلك فعلاً.. وليس المطلوب قتله، ولا أسره، إلا إذا كان دفع شره يحتاج إلى ذلك.

وهذا هو ما قاله علي (عليه‌السلام ): (هو أقرب إلى الليل، وأجدر أن

١٨٤

يقل القتل، ويرجع الطالب، ويفلت المنهزم )(1) .

( إن الإنسان لربه لكنود ) في من نزلت؟!:

وقد ذكرت الرواية المتقدمة: أن قوله تعالى:( إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) (2) قد نزل في الحارث بن مكيدة، إلى أن قال تعالى:( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيدٌ ) (3) .

قال: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ).

يعني: باتباعه محمداً(4) .

____________

1- الكافي لأبي الصلاح الحلبي ص256 وعن تهذيب الأحكام ج2 ص256 وعن علل الشرايع ج2 ص603 وبحـار الأنـوار ج33 ص453 وج11 ص453 وج94 ص22 ومنتهى المطلب (ط ق) ج2 ص997 والتحفة السنية (مخطوط) ص199 ورياض المسائل (ط ق) ج1 ص489 و (ط ج) ج7 ص511 وجواهر الكلام ج21 ص81 والكافي (ط دار الكتب الإسلامية) ج6 ص173 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص63 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص46 و 47.

2- الآية 6 من سورة العاديات.

3- الآية 8 من سورة العاديات.

4- بحار الأنوار ج21 ص88 و 89 وتفسير فرات ج1 ص16 و (ط سنة 1410هـ 1990م) ص597 ونفس الرحمن في فضائل سلمان ص410.

١٨٥

وقيل: المراد عمرو بن العاص(1) .

وقيل: غير ذلك..

ونقول:

إن هذا الإختلاف لا يضر، لإمكان أن تكون السورة قد نزلت أكثر من مرة، ولهذا نظائر كثيرة..

ولكن قول الرواية: إن المقصود بقوله تعالى:( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيدٌ ) (2) هو علي غير سديد، لأن الآيات في مقام الذم والتوبيخ، حيث يظهر من سياقها: أن حب ذلك الكنود للخير، (أي للنعم الدنيوية، كالمال والجاه، والبقاء على قيد الحياة..) شديد..

وهذا إنما ينطبق على الذين أرسلهم النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قبل علي (عليه‌السلام )، فخافوا على أنفسهم، وحسدوا علياً، وحاولوا إحباط مسعاه..

ثم ذكرت الرواية: أن هؤلاء المحبين للدنيا سيرون يوم القيامة كيف أن الله تعالى خبير بهم، وسيظهر ما أضمروه في صدورهم، ويفضح ما انطوت عليه قلوبهم قال تعالى:( أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ، وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ، إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ) (3) .

____________

1- الخرائج والجرائح ج1 ص168 وبحار الأنوار ج21 ص77 عنه.

2- الآية 8 من سورة العاديات.

3- الآيات 9 ـ 11 من سورة العاديات.

١٨٦

الفصل الرابع:

قبل فتح مكة..

١٨٧

١٨٨

العبرة من حنين الجذع:

وذكرت الروايات: أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ـ استند ـ أو كان يستند حين يخطب يوم الجمعة إلى جذع نخلة هناك، فلما صنع المنبر لرسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وترك الإستناد إلى ذلك الجذع اضطرب، وسُمع له حنين إلى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ).

فقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله ):

معاشر المسلمين، هذا الجذع يحن إلى رسول رب العالمين، ويحزن لبعده عنه إلى أن قال: والذي بعثني بالحق نبياً، إن حنين خزَّان الجنان، وحور عينها، وسائر قصورها ومنازلها إلى من يوالى محمداً وعلياً وآلهما الطيبين، ويبرأ من أعدائهما، لأشد من حنين هذا الجذع، الذي رأيتموه إلى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ).

وإن الذي يسكِّن حنينهم وأنينهم، ما يرد عليهم من صلاة أحدكم معـاشر شيعتـنا على محمد وآلـه الطيبـين، أو صـلاة نافلـة، أو صـوم، أو صدقة.

وإن من عظيم ما يسكن حنينهم إلى شيعة محمد وعلي، ما يتصل بهم من إحسانهم إلى إخوانهم المؤمنين، ومعونتهم لهم على دهرهم.

١٨٩

ونقول:

إن هذا يعطينا: أن علينا أن نتوقع لمحمد وآله وشيعتهم علاقة وأثراً في كل شيء، ولو كان بمستوى الإستناد إلى جذع نخلة مرة أو مرات.

وهذا يشير إلى أن ثمة أسراراً لا يحيط بها إلا عالم الغيب والشهادة.. وأن علينا أن لا نستهين ولو ببسمة أو لمسة أو لمحة من إنسان مؤمن.. فقد يكون لها من الآثار ما لا يخطر على قلب بشر.

رب لا تذرني فرداً، بعد مؤتة:

قال المسعودي: (..وكان رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بعد أن قتل جعفر بن أبي طالب الطيار بمؤتة من أرض الشام، لا يبعث بعلي في وجه من الوجوه إلا ويقول:( رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ) (1)(2) .

ونقول:

إن هذه الكلمة تعني: أن جميع من كان حول رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، ممن تُدَّعى لهم المقامات والكرامات، لا يفيد، ولا يؤثر في رفع الوحدة عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وليس فيهم من يصلح أن يكون استمراراً له (صلى‌الله‌عليه‌وآله ).

وعلي وحده هو الذي يصلح لوراثته (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، لأنه هو الذي يحمل ميزاته وصفاته، وسائر مكنوناته، ويعكس صورته الحقيقية،

____________

1- الآية 89 من سورة الأنبياء.

2- مروج الذهب ج2 ص434.

١٩٠

ويذكر الناس به، بكل ما لهذه الكلمة من معنى.. تماماً كما كان يحيى يمثل زكريا في حقيقته وفي إنسانيته، وهو استمرار له في كل وجوده.

ابنة حمزة في عمرة القضاء:

ويذكرون أيضاً: ان النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) اعتمر عمرة القضاء، فلماذا انتهى منها لحقته عمارة، أو أمامة، أو أم أبيها ـ على الخلاف في اسمها ـ بنت الشهيد حمزة بن عبد المطلب، وأمها سلمى بنت عميس، وكانت بمكة. تطلب منهم أن يأخذوها معهم..

فكلم علي (عليه‌السلام ) النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فقال: علام نترك بنت عمنا يتيمة بين أظهر المشركين؟!

فلم ينهه النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) عن إخراجها، فخرج بها(1) .

وفي نص آخر: أنها حين خرج النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) من مكة تبعته وهي تنادي: يا عم، يا عم.

وقيل: إن أبا رافع خرج بها، فتناولها علي (عليه‌السلام )، وأخذ بيدها،

____________

1- سبل الهدى والرشاد ج5 ص124 و125 عن البخاري، ومسلم، وأحمد، والواقدي، وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص63.

وراجع أيضاً: بحار الأنوار ج20 هامش ص372 وعن الإمتاع، وعن تاريخ مدينة دمشق ج19 ص361 وعن أسد الغابة ج5 ص508 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص779.

١٩١

وقال لفاطمة: دونك ابنة عمك(1) .

المشاجرة:

قالوا: وفي المدينة تكلم زيد بن حارثة في أمرها، وأراد أن يكون هو المتكفل لها، استناداً إلى كونه وصي أبيها؛ ولأن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) كان قد آخى بينه وبين حمزة.

وطالب بها جعفر، باعتبار أن خالتها أسماء بنت عميس زوجته، والخالة أم.

أما علي (عليه‌السلام ) فقال: ألا أراكم في ابنة عمي(2) ، وأنا أخرجتها من بين أظهر المشركين، وليس لكم إليها نسب دوني، وأنا أحق بها منكم.

____________

1- السيرة الحلبية ج3 ص65 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص195 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص63 وراجع: العمدة ص201 و 226 وعن مسند أحمد ج1 ص98 و 115 وعن صحيح البخاري ج3 ص168 وج5 ص85 والمستدرك للحاكم ج3 ص120 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص6 وعن فتح الباري ج7 ص288 وتحفة الأحوذي ج8 ص113 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص127 و 168 وخصائص أمير المؤمنين للنسائي ص88 و 151 وصحيح ابن حبان ص229 ونصب الراية ج3 ص549 وكنز العمال ج5 ص578 وعن تفسير القرآن العظيم ج3 ص475 وج4 ص218 وعن البداية النهاية ج4 ص267 وج3 ص442.

2- أي ألا أراكم تختلفون في أمر ابنة عمي الخ..

١٩٢

فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): أنا أحكم بينكم.

أما أنت يا زيد، فمولى لله ولرسوله.

وأما أنت يا علي، فأخي وصاحبي.

وأما أنت ياجعفر، فتشبه خَلقي وخُلقي. وأنت يا جعفر أحق بها، تحتك خالتها، ولا تنكح المرأة على خالتها، ولا عمتها.

فقضى بها لجعفر.

فقام جعفر فحجل حول رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): ما هذا يا جعفر؟!

قال: يا رسول الله، كان النجاشي إذا أرضى أحداً قام فحجل حوله.

فقيل للنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): تزوجها.

فقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): ابنة أخي من الرضاعة، فزوَّجها سلمة بن أبي سلمة(1) .

____________

1- المغازي للواقدي ج2 ص738 و 739 والسيرة الحلبية ج3 ص65 و 66 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص195 وفي هامشه عن: صحيح مسلم ج3 ص1409 وعن سنن أبي داود رقم (2280) والجامع الصحيح ج4 ص338 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص338 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص6 وتاريخ الخميس ج2 ص63 والأمالي للطوسي ص561 و 562 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص35 و 36 وج8 ص159 و 160 وج3 ص8 و 9 ومستدرك الحاكم ج4 = = ص87 و 220 والبداية والنهاية ج4 ص234 وعن تفسير القرآن العظيم ج7 ص331 وصحيح البخاري (ط دار إحياء التراث) ج8 ص284 وعن مسند أحمد ج1 ص158 و 185 وجامع الأحاديث والمراسيل ج12 ص53 وج18 ص253 وج20 ص124 وكنز العمال ج1 ص986 وج5 ص580 و 581 وعن فتح الباري ج8 ص284 وج9 ص130 وعمدة القاري ج17 ص262 والبيان والتعريف ج1 ص103 ونصب الراية ج5 ص115 وبحار الأنوار ج20 هامش ص372 عن ابن إسحاق، وعن تاريخ مدينة دمشق ج19 ص261 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص443.

١٩٣

ونقول:

لا بد من ملاحظة ما يلي:

1ـ ذكرت الرواية أن ابنة حمزة خرجت تنادي النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): يا عم، يا عم(1) ، مع أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ليس عمها، وإنما هو ابن عمها. إلا إن كان قد قالت ذلك انسياقاً مع منطق الطفولة.

ويجاب: بأن طفولتها غير ظاهرة، فإنها كانت في سن الزواج.. وقد زوجها النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) سلمة بن أبي سلمة. وذلك بعد أن سئل

____________

1- راجع: تاريخ الخميس ج2 ص63 و 64 والعمدة ص201 و 326 وبحار الأنوار ج28 ص328 وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج5 ص85 وتحفة الأحوذي ج8 ص113 وعن تفسير القرآن العظيم ج4 ص217 وتهذيب الكمال ج5 ص54 وعن البداية والنهاية ج4 ص267 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص442.

١٩٤

النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) عن سبب عدم زواجه منها.. إلا إن هذا التزويج قد جرى من قبل وليها رغم صغرها.. مع تأييد صغر سنها بتعبير الإمام عنها بأنها يتيمة..

2 ـ ذكرت الرواية: أن جعفراً حجل حينئذٍ سروراً بقضاء النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فسأله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) عن ذلك، فأخبر أن هذا ما يفعله النجاشي في هذه الحالات.

ونلاحظ على هذا: أن جعفراًَ قد حجل قبل ذلك في خيبر، حين قدومه من الحبشة، فسأله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) عن ذلك، وأجابه.. فيبقى السؤال.

وما قيل من أجوبة على ذلك لا يصح، كما بيناه في موضع آخر في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى‌الله‌عليه‌وآله )(1) .

3 ـ قولهم: إن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) رفض الزواج من ابنة حمزة، لأنها بنت أخيه من الرضاعة، لا يصح، لما يلي:

ألف: لتناقض الروايات في كثير من الأمور المرتبطة بهذا الأمر.

ب: إن حمزة كان أكبر من النبي بأكثر من عشر سنوات، لأن نذر عبد المطلب وما جرى على أساسه يعطي أن حمزة كان قد ولد وكبر قبل زواج عبد الله بآمنة بنت وهب، وحمزة أكبر سناً من عبد الله والد النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )(2) .

____________

1- راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ج19 ص219 و 220.

2- راجع: البداية والنهاية ج2 ص248 والسيرة النبوية لابن كثـير ج1 ص174 = = والسيرة النبوية لابن هشام ج1 ص160 وراجع: السيرة الحلبية ج1 ص36 وفي السيرة النبوية لدحلان ج1 ص15 وإن كان لم يذكر: أن عبد الله كان أصغر ولده، لكنه ذكر حمزة والعباس في جملة أولاد عبد المطلب حين قضية الذبح.. وذكر في الكامل لابن الأثير ج2 ص6 وتاريخ الأمم والملوك (ط مطبعة الإستقامة) ج2 ص4: أن عبد الله كان أصغر ولده، وأحبهم، لكنه لم يسم أولاد عبد المطلب وراجع: المصنف للصنعاني ج5 ص315 و 316 وعن الدر المنثور ج3 ص220 وعن تاريخ مدينة دمشق ج57 ص240 وتاريخ اليعقوبي ج1 ص250 و 251.

١٩٥

ج: حتى بناء على ما زعموه من أن حمزة كان أكبر من النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بسنتين، أو بأربع، نقول:

إن حدوث هذا الرضاع يصبح بعيداً، أيضاً بناءً على الأول، لأن قلة قليلة جداً تبلغ في رضاعها السنتيت، فضلاً عن أن تزيد عليه، وغير صحيح بناء على الثاني.

4 ـ لماذا لم يأخذ النبي نفسه بنت حمزة، فإن ميمونة بنت الحارث كانت أخت سلمى بنت عميس لأمها، فهي خالة بنت حمزة، فكان يمكن أن يأخذها (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، لكون خالتها عنده؟! ولكونه أخاً لأبيها من الرضاعة، فلديه سببان لأخذها دون غيره..

5 ـ إن صفية بنت عبد المطلب كانت عمة لبنت حمزة، فلماذا لم تُعْطَ لها، وهل طالبت بها كما طالبوا؟! فإن كانت لم تطالب فما هو السبب؟! هل هو

١٩٦

دم قدرتها على القيام بشؤونها؟!

أم أنهم حسموا الأمر من دون علمها، ثم علمت فرضيت؟!

وكيف يقدم النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) على حسم الأمر، دون أن يستكمل استكشاف آراء من لهم ارتباط بالمشكلة.. ولماذا؟! ولماذا؟!

6 ـ ما السبب في وجود سلمى زوجة حمزة مع ابنتها في مكة، هل هي لم تهاجر مع زوجها حمزة إلى المدينة؟!.. أم أنها عادت إلى مكة بعد استشهاده (عليه‌السلام )؟! وما الذي جعل أهل مكة يرضون بعودتها إلى بلدهم؟!

7 ـ لماذا لم يطلب زيد، وجعفر ابنة حمزة في مكة، قبل أن تلحق هي بالنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وتتوسل إليه أن يأخذها معه..

8 ـ لماذا لم يجبها النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وهي تناديه أن يأخذها معه؟! بل هو لم يبد رأياً في ذلك حتى كلمه علي (عليه‌السلام ) في شأنها؟!

ولعل الصحيح: هو أن علياً (عليه‌السلام ) قد أخرج فاطمة بنت الحمزة ـ كما قيل: بنت سلمى بنت عميس(1) ، وقيل: أن اسمها عمارة(2) ،

____________

1- الإصابة ج4 ص381 والجوهر النقي ج6 ص241 ومقاتل الطالبيين ص11 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص35 و 36 وتهذيب الكمال ج15 ص82 وسير أعلام النبلاء ج1 ص213 و 214 و 151 وعن فتح الباري ج7 ص388 و 389.

2- بحار الأنوار ج20 هامش ص372 عن الإمتاع، وعن فتح الباري ج7 ص388 و 389 وكنز العمال ج5 ص580 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص122 = = وج8 ص159 وعن تاريخ مدينة دمشق ج19 ص361 وعن أسد الغابة ج5 ص508 وج8 ص185 و 242 والمنتخب من ذيل المذيل ص114 وعن البداية والنهاية ج4 ص267 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص443 وعمدة القاري ص17 ص262 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص779.

١٩٧

وقيل: أمامة(1) ـ من مكة حين هجرة رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )(2) ، لا في عمرة القضاء.. فإن صح هذا، فلماذا عادت إلى مكة؟! وكيف؟!

وحين يذكرون هجرة الفواطم مع علي (عليه‌السلام )، ونزولهم ضجنان لا يذكرون فاطمة بنت الحمزة مع الفواطم الثلاث، ولعل ذلك لأنها كانت طفلاً تابعاً.

وحين يتحدثون عن غير الهجرة يقولون: إن الفواطم أربعة، أو ثلاث

____________

1- الطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص48 و 58 وكتاب المحبر ص107 وعن أسد الغابة ج5 ص399 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص779 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص195 و 196.

2- السيرة الحلبية ج2 ص204 و 205 وتفسير الميزان ج4 ص91 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج1 ص748 والأمالي للطوسي ص471 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص159 وحلية الأبرار ج1 ص151 و 152 وبحار الأنوار ج19 ص66 وج63 ص350 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص468 والتفسير الصافي ج1 ص410 ونور الثقلين ج1 ص423 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص326 وكشف الغمة ص33 وسيرة المصطفى ص259.

١٩٨

ويذكرونها بينهن(1) . فما هو السبب أيضاً في ذلك؟!

كتاب النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لخزاعة بخط علي (عليه‌السلام ):

وفي جمادى الآخرة سنة ثمان كتب النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بعد الحديبية كتاباً لخزاعة، يبدأ كما يلي:

بسم الله الرحمان الرحيم:

من محمد رسول الله إلى بديل وبشر، وسروات بني عمرو، سلام عليكم إلخ(2) ..

____________

1- راجع: نيل الأوطار ج2 ص77 وشرح أصول الكافي ج6 ص167 وشرح مسلم للنووي ج14 ص50 وفتح الباري (المقدمة) ص282 وج11 ص477 والديباج على مسلم ج5 ص126 والفايق في غريب الحديـث ج2 ص174 وعيون الأثر ج2 ص371 واللمعة البيضاء ص207 ولسان العرب ج12 ص455 وتارج العروس ج9 ص13 وكنز العمال ج1 ص3102 وسبل السلام ج2 ص86 وعون المعبود ج11 ص101 وعمدة القاري ج21 ص23 وج22 ص17 والتمهيد ج14 ص239 وشرح معاني الآثار ج4 ص243 ومرقاة المفاتيح ج8 ص177 وعن الإصابة ج4 ص381 وعن أسد الغابة ج5 ص362 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص153 وتعريف الأحياء بفضائل الإحياء للعيدروسي ج1 ص116.

2- المغازي للواقدي ج2 ص749 و 750. ونقله في مكاتيب الرسول ج3 ص126 عن: الأموال لأبي عبيد ص201 وفي (ط أخرى) ص288 والطبقات الكبرى = = لابن سعد (ط ليدن) ج2 ق1 ص25 وفي (ط دار صادر) ج1 ص272 وأسد الغابة ج1 ص170 في ترجمة بديل، ورسالات نبوية ص96 (عن ابن حجر والطبراني) وابن أبي شيبة ج14 ص486 وكنز العمال ج4 ص276 (عن ابن سعد، والباوردي، والفاكهي في أخبار مكة، والطبراني، وأبي نعيم وص310 عن ابن أبي شيبة. والمعجم الكبير للطبراني ج2 ص15 بسندين، ومدينة البلاغة ج2 ص315 والأموال لابن زنجويه ج2 ص464 وأعيان الشيعة ج3 ص550 ومجمع الزوائد ج8 ص172 و 173 ومجموعة الوثائق السياسة 275 و 276/172 (عن جمع ممن تقدم وعن) وسيلة المتعبدين ج8 ص 28/ألف، ثم قال: قابل ابن عبد ربه ج2 ص76 والإستيعاب، وانظر: كايتاني ج8 ص21 واشبرنكر ج3 ص404 واشبربر ص20.

ثم قال العلامة الأحمدي: وأوعز إليه كنز العمال ج1 ص273 وجمهرة النسب لهشام الكلبي ص365 والإصابة ج1 ص149 و 646 في ترجمة بسر عن ابن أبي شيبة، والطبراني، والفاكهي وص141/641 وص321 في حرملة، وج2 ص504 والإستيعاب ج1 ص166 في بديل، وص411 في خالد بن هوذة، ورسالات نبوية ص17 وأسد الغابة ج1 ص398 وج2 ص97 وراجع: ثقات ابن حبان ج2 ص36 والإشتقاق ص476 والمفصل ج6 ص423 وج4 ص15 و 367.

١٩٩

ويلاحظ: أن أكثر المصادر لم تذكر اسم كاتب الكتاب، لكن ابن الأثير قال: كان الكتاب بخط علي بن أبي طالب، أخرجه الثلاثة(1) ، وفي رسالات

____________

1- مكاتيب الرسول ج3 ص137 عن المعجم الكبير ج2 ص15 ومدينة البلاغة ج2 = = ص315 وراجع: مجمع الزوائد ج8 ص173 وعن أسد الغابة ج1 ص197 وعن الإصابة ج1 ص410.

٢٠٠