الروض الفسيح في بيان الفوارق بين المهدي والمسيح

الروض الفسيح في بيان الفوارق بين المهدي والمسيح0%

الروض الفسيح في بيان الفوارق بين المهدي والمسيح مؤلف:
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 48

  • البداية
  • السابق
  • 48 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 8431 / تحميل: 4334
الحجم الحجم الحجم
الروض الفسيح في بيان الفوارق بين المهدي والمسيح

الروض الفسيح في بيان الفوارق بين المهدي والمسيح

مؤلف:
العربية

الآبري والشبلنجي في نور الاَبصار بتواتره(1) .

8 - ومنها : ما روي مستفيضاً من موت المهدي عليه السلام ببيت المقدس بعد انقضاء مدّة ملكه، وصلاة عيسى بن مريم والمسلمين عليه.

9 - ومنها : ما روي من خروج المهديّ عليه السلام ومبايعته بين الركن والمقام(2) .

أخرج أبو داود في سننه عن أُمّ سلمة عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلى مكّة، فيأتيه ناس من أهل مكّة فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام، ويبعث إليه بعث من الشام، فيخسف بهم بالبيداء بين مكّة والمدينة، فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام، وعصائب أهل العراق، فيبايعونه بين الركن والمقام..» الحديث(3) .

وأخرج نعيم بن حمّاد عن أبي هريرة، قال: يُبايَع المهديّ بين الركن والمقام، لا يوقظ نائماً ولا يهريق دماً(4) .

وأمّا المسيح عيسى بن مريم عليه السلام فإنّه ينزل من السماء بعد ظهور المهديّ ووقوع البيعة له.

وقد دلّت السُنّة عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم على نزول عيسى بن مريم عليهما السلام على المنارة البيضاء شرقيّ دمشق، وحكمه بكتاب الله تعالى، وقتله اليهود

____________________

(1) نور الاَبصار: 189، وانظر: كتاب الفتن: 341 - 342، صحيح مسلم 8/198.

(2) انظر: العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2/59 وص 61.

(3) سنن أبي داود 4/107.

(4) انظر: العرف الوردي في أخبار المهدي المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2/76.

٤١

والنصارى، وإهلاك أهل الملل في زمانه - كما قال ابن قيّم الجوزيّة في المنار المنيف(1) -.

وأخرج الطبرانيّ في الكبير عن أوس بن أوس: ينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقيّ دمشق - كما في الجامع الصغير للحافظ السيوطي(2) -.

وأخرج مسلم في صحيحه من حديث النوّاس بن سمعان، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ينزل - يعني المسيح بن مريم عليه السلام - عند المنارة البيضاء شرقيّ دمشق بين مهرودتين..» الحديث(3) .

10 - ومنها : أنّ عيسى بن مريم عليه السلام يقتدي بالمهديّ عليه السلام في الصلاة، فيكون المهديّ إماماً وعيسى مأموماً.

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: تواترت الاَخبار بأنّ المهديّ من هذه الاُمّة، وأنّ عيسى بن مريم سينزل ويصلّي خلفه(4) .

ويدلّ على ذلك أيضاً:

ما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟!»(5) .

وأخرج أبو نعيم، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «منّا الذي يصلّي عيسى بن مريم خلفه»(6) .

____________________

(1) المنار المنيف: 148.

(2) المعجم الكبير1/217 ح 590، الجامع الصغير: 590 ح 10023.

(3) صحيح مسلم - كتاب الفتن وأشراط الساعة - باب ذكر الدجّال 8/197 - 198.

(4) فتح الباري 6/611 باب نزول عيسى بن مريم عليهما السلام.

(5) صحيح البخاريّ 4/325 ح 245.

(6) العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2/64.

٤٢

وفي صحيح ابن حبّان من حديث عطيّة بن عامر نحوه(1) .

وأخرج مسلم وأبو نعيم أيضاً - واللفظ له - عن جابرٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهديّ: تعالَ صلِّ بنا؛ فيقول: لا، إنّ بعضكم على بعض أُمراء، تكرمة الله لهذه الاُمّة»(2) .

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنّف عن ابن سيرين، قال: المهديّ ينزل عليه ابن مريم، ويصلّي خلفه عيسى(3) .

وأخرج نعيم بن حمّاد، عن عبد الله بن عمرو، قال: المهديّ ينزل عليه ابن مريم ويصلّي خلفه عيسى(4) .

تلك عشرة كاملة من وجوه الفرق بين المهدىي المنتظر والمسيح بن مريم عليهما الصلاة والسلام، وقد تستنبط وجوه أُخرى بالتأمّل في ما ورد من الاَحاديث في هذا الباب، لا تكاد تخفى على أُولي الاَلباب.

وفي ما أثبتناه هنا غنية وحجّة لمن آتاه الله الحكمة والهداية، وجنّبه سُبل الضلالة والغواية، إنّه خير هادٍ ومعين.

____________________

(1) الاِحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 8/283 - 284 رقم 6764.

(2) صحيح مسلم 1/95، جامع الاُصول 10/ 329 - 330 ح 7832.

(3) المصنّف - لابن أبي شيبة - 8/679، وفيه: «المهدي من هذه الاُمّة وهو الذي يؤمّ الناس».

(4) العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2/78.

٤٣

«تنبيه»

قال ابن حجر المكّي في الصواعق المحرقة - بعد حكاية كلام الشيخ أبي الحسين الآجري في صلاة المهديّ بعيسى بن مريم، المذكور آنفاً -: وما ذكره من أنّ المهديّ يصلّي بعيسى هو الذي دلَّت عليه الاَحاديث.

قال: وأمّا ما صحّحه السعد التفتازاني من أنّ عيسى هو الاِمام بالمهديّ لاَنّه أفضل فإمامته أَوْلى، فلا شاهد له في ما علّله به، لاَنّ القصد بإمامة المهديّ لعيسى إنّما هو إظهار أنّه نزل تابعاً لنبيِّنا، حاكماً بشريعته، غير مستقلٍّ بشيء من شريعة نفسه(1) .

قال سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواصّ - بعدما نقل كلام السدّي في اجتماع المهديّ وابن مريم وإمامة المهديّ بعيسى -: فلو صلّى المهديّ خلف عيسى لم يجز لوجهين:

أحدهما : لاَنّه يخرج عن الاِمامة بصلاته مأموماً فيصير تبعاً.

الثاني : لاَنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا نبيّ بعدي»؛ وقد نسخ جميع الشرائع، فلو صلّى عيسى بالمهديّ لتدنّس وجه «لا نبيّ بعدي» بغبار الشبهة(2) .

وقد حكاه الشهاب القسطلاني في إرشاد الساري عن أبي الفرج ابن الجوزيّ(3) .

____________________

(1) الصواعق المحرقة: 254 - 255.

(2) تذكرة الخواصّ: 325.

(3) إرشاد الساري 14/491.

٤٤

قلت:

حديث الشيخين عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟!»(1) .

وحديث مسلم عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تزال طائفة من أُمّتي يقاتلون على الحقّ، ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم: تعالَ صلِّ لنا؛ فيقول: لا، إنّ بعضكم على بعض أُمراء، تكرمة الله هذه الاُمّة»(2) .

صريحان في تفنيد دعوى التفتازانيّ ومن قلَّده في ذلك، والله المستعان.

وقد أفاد الاِمام الحافظ الكنجي في كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان كلاماً في هذا المقام ينقطع دونه دابر المفسدين، ويذعن بمتانته كلّ ذي لبّ وحجى - وقد تقدّم شطر منه - فحقيق ببغاة الحقّ أن يقفوا عليه، ويتدبّروا فيه بإمعان، والله الموفّق والمستعان.

* * *

____________________

(1) صحيح البخاري 4/325 ح 245، صحيح مسلم 8/94.

(2) صحيح مسلم 8/95.

٤٥

الخاتمة

اعلم - رحمك الله - أنّ القول بوجود المهديّ عليه الصلاة والسلام، وخروجه هو الحقّ الذي أخبر به نبيّ الاِسلام، وأجمع عليه الاَئمّة الاَعلام، على مرّ العصور والاَيّام، فمخالفة هذا الاَمر الثابت المقطوع الذي كاد يلحق بالضروريّات، بل هو منها - كما مرّ عن شيخ الاِسلام البهائي؛ - جرأة عظيمة، ومهلكة سحيقة، يُخشى على مقتحمها الكفر والارتداد عن ملّة الاِسلام، والعياذ بالله تعالى.

فليحذر الّذين يشكّكون في أمر المهديّ أن تصيبهم بذلك فتنة توجب خسرانهم وهلاكهم في الدارين، نسأل الله السلامة من الخذلان، والاستقامة على الهدى، والثبات على الحقّ، آمين.

قال شيخ الاِسلام ابن حجر الهيتميّ المكّيّ في القول المختصر - كما في البرهان(1) : الذي يتعين اعتقاده ما دلَّت عليه الاَحاديث الصحيحة من وجود المهديّ المنتظر الذي يخرج الدجّالُ وعيسى في زمانه ويصلّي خلفه، وأنّه المراد حيث أُطلق المهدي.

وقال الشيخ العلاّمة محمّد بن أحمد السفارينيّ في اللوائح: الصواب الذي عليه أهل الحقّ أنّ المهديّ غير عيسى، وأنّه يخرج قبل نزول عيسى عليه السلام، وقد كثرت بخروجه الروايات حتّى بلغت حدّ التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السُنّة حتّى عُدّ من معتقداتهم.

____________________

(1) البرهان في علامات مهدي آخر الزمان: 168 - 169.

٤٦

قال: فالاِيمان بخروج المهديّ واجب كما هو مقرّر عند أهل العلم، ومدوّن في عقائد أهل السُنّة والجماعة، وكذا عند أهل الشيعة أيضاً(1) .

وقال الشيخ محمّد ناصر الدين الاَلبانيّ: إنّ عقيدة خروج المهديّ ثابتة متواترة عنه صلى الله عليه وآله وسلم يجب الاِيمان بها، لاَنّها من أُمور الغيب، والاِيمان بها من صفات المتّقين، كما قال تعالى:( الم ﴿1﴾ ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴿2﴾ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) (2) وإنّ إنكارها لا يصدر إلاّ من جاهل أو مكابر(3) .

وقد صححّ القول بخروج المهديّ المنتظر عليه السلام في آخر الزمان جماعة من أعلام الحفّاظ وأئمّة الحديث كالعُقَيْلي والخطّابي وابن حِبّان البُسْتي والقاضي عياض والقرطبيّ وابن تيميّة وابن كثير وابن حجر العسقلاني وغيرهم، فلا يتجرّأ - بعد ذلك كلّه - على ردّ الاَحاديث وإنكار شأن المهدي عليه الصلاة والسلام إلاّ جاهل بليد أو مكابر عنيد، والله المستعان، وعليه التُّكلان.

والحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

* * *

____________________

(1) انظر: لوائح الاَنوار البهيّة وسواطع الاَسرار الاِلهية، المطبوع ضمن موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 2/20 - 21.

(2) سورة البقرة 2: 1 - 3.

(3) مجلّة التمدّن الاِسلامي - السنة 22 - المجلّد 27 و 28 - ص 646، المطبوعة ضمن موسوعة الاِمام المهدي عليه السلام عند أهل السُنّة 2/391.

٤٧

الفهرس

الباب الاَوّل: في الكلام عن حديث: «لا مهديّ إلاّ عيسى بن مريم»  3

الفصل الاَوّل: في ذكر مخرِّجيه والتعريف بحال رواته 3

الفصل الثاني: في الكلام على أصل الحديث وبيان درجته 12

الفصل الثالث: في إيراد ما ذكروه من وجوه الجمع بين حديث «لا مهديّ إلاّ عيسى بن مريم» وبين أحاديث المهديّ عليه الصلاة السلام والجواب عنها 17

الباب الثاني: في حكاية جملةٍ من فتاوى العلماء في من أنكر المهديّ المنتظر عليه الصلاة والسلام 22

الباب الثالث: في ذكر طرفٍ من الوجوه الفارقة بين المهديّ المنتظر وبين المسيح بن مريم عليهما الصلاة والسلام 30

«تنبيه». 44

الخاتمة 46

٤٨