إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن الجزء ١

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن0%

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن مؤلف:
تصنيف: القرءات وفنّ التجويد
الصفحات: 316

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبي البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري
تصنيف: الصفحات: 316
المشاهدات: 16628
تحميل: 5738


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 316 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 16628 / تحميل: 5738
الحجم الحجم الحجم
إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن الجزء 1

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

قوله تعالى :( إلا بشرى ) مفعول ثان لجعل ، ويجوز أن يكون مفعولا له ، ويكون جعل المتعدية إلى واحد ، والهاء في جعله تعود على إمداد أو على التسويم أو على النصر أو على التنزيل( ولتطمئن ) معطوف على بشرى إذا جعلتها مفعولا له تقديره : ليبشركم ولتطمئن ، ويجوز أن يتعلق بفعل محذوف تقديره : ولتطمئن قلوبكم بشركم .

قوله تعالى :( ليقطع طرفا ) اللام متعلقة بمحذوف تقديره : ليقطع طرفا أمدكم بالملائكة أو نصركم( أو يكبتهم ) قيل أو بمعنى الواو ، وقيل : هى للتفصيل أى كان القطع لبعضهم والكبت لبعضهم ، والتاء في يكبتهم أصل ، وقيل هى بدل من الدال ، وهو من كبدته أصبت كبده( فتنقلبوا ) معطوف على يقطع أو يكبتهم .

قوله تعالى :( ليس لك ) اسم ليس( شئ ) ولك الخبر ومن الامر حال من شئ ؛ لانها صفة مقدمة( أو يتوب ، أو يعذبهم ) معطوفان على يقطع ، وقيل أو بمعنى إلا أن .

قوله تعالى :( أضعافا ) مصدر في موضع الحال من الربا تقديره مضاعفا قوله تعالى :( وسارعوا ) يقرأ بالواو وحذفها ، فمن أثبتها عطفه على ماقبله من الاوامر ، ومن لم يثبتها استأنف ، ويجوز إمالة الالف هنا لكسرة الراء( عرضها السموات ) الجملة في موضع جر ، وفى الكلام حذف تقديره عرضها مثل عرض السموات( أعدت ) يجوز أن يكون في موضع جر صفة للجنة ، وأن يكون حالا منها ؛ لانها قد وصفت ، وأن يكون مستأنفا ، ولايجوز أن يكون حالا من المضاف إليه لثلاثة أشياء : أحدها : أنه لا عامل ، وماجاء من ذلك متأول على ضعفه .

والثانى : أن العرض هنا لايراد به المصدر الحقيقى ، بل يراد به المسافة والثالث : أن ذلك يلزم منه الفصل بين الحال وبين صاحب الحال بالخبر قوله تعالى :( الذين ينفقون ) يجوز أن يكون صفة للمتقين ، وأن يكون نصبا على إضمار أعنى ، وأن يكون رفعا على إضمارهم ، وأما( الكاظمين ) فعلى الجر والنصب .

قوله تعالى :( والذين إذا فعلوا ) يجوز أن يكون معطوفا على الذين ينفقون في أوجهه الثلاثة ، ويجوز أن يكون مبتدأ ، ويكون أولئك مبتدأ ثانيا ، وجزاؤهم ثالثا ، ومغفرة خبر الثالث ، والجميع خبر الذين ، و( ذكروا ) جواب إذا( ومن ) مبتدأ ، و( يغفر ) خبره( إلا الله ) فاعل يغفر ، أو بدل من المضمر فيه وهو

١٦١

الوجه ؛ لانك إذا جعلت الله فاعلا احتجت إلى تقدير ضمير : أى ومن يغفر الذنوب له غير الله( وهم يعلمون ) في موضع الحال من الضمير في يصروا ، أو من الضمير في استغفروا ، ومفعول يعلمون محذوف : أى يعلمون المؤاخذة بها أو عفوا الله عنها .

قوله تعالى :( ونعم أجر ) المخصوص بالمدح محذوف : أى ونعم الاجر الجنة قوله تعالى :( من قبلكم سنن ) يجوز أن يتعلق بخلت ، وأن يكون حالا من سنن ، ودخلت الفاء في( سيروا ) ؛ لان المعنى على الشرط : أى إن شككتم فسيروا( كيف ) خبر( كان ) و( عاقبة ) اسمها .

قوله تعالى :( ولاتهنوا ) الماضى وهن وحذفت الواو في المضارع لوقوعها بين ياء وكسرة و( الاعلون ) واحدها أعلى ، وحذفت منه الالف لالتقاء الساكنين وبقيت الفتحة تدل عليها .

قوله تعالى :( قرح ) يقرأ بفتح القاف وسكون الراء ، وهو مصدر قرحته إذا جرحته ، ويقرأ بضم القاف وسكون الراء ، وهو بمعنى الجرح أيضا وقال الفراء : بالضم ألم الجراح ، ويقرأ بضمها على الاتباع كاليسر واليسر ، والطنب والطنب ، ويقرأ بفتحها ، وهو مصدر قرح يقرح إذا صار له قرحة ، وهو بمعنى دمى( وتلك ) مبتدأ ، و( الايام ) خبره ، و( نداولها ) جملة في موضع الحال ، والعامل فيها معنى الاشارة ، ويجوز أن تكون الايام بدلا أو عطف بيان ، ونداولها الخبر ، ويقرأ يداولها بالياء ، والمعنى مفهوم ، و( بين الناس ) ظرف ، ويجوز أن يكون حالا من الهاء( وليعلم ) اللام متعلقة بمحذوف تقديره : وليعلم الله دوالها ، وقيل التقدير : ليتعظوا وليعلم الله ، وقيل الواو زائدة ، و( منكم ) يجوز أن يتعلق بيتخذ ، ويجوز أن يكون حالا من( شهداء ) ( وليمحص ) معطوف على وليعلم .

قوله تعالى :( أم حسبتم ) أم هنا منقطعة : أى بل أحسبتم ، و( أن تدخلوا ) أن والفعل يسد مسد المفعولين وقال الاخفش المفعول الثانى محذوف( ويعلم الصابرين ) يقرأ بكسر الميم عطفا على الاولى ، وبضمها على تقدير : وهو يعلم ، والاكثر في القراء‌ة الفتح وفيه وجهان : أحدهما : أنه مجزوم أيضا لكن الميم لما حركت لالتقاء الساكنين حركت بالفتح إتباعا للفتحة قبلها ، والوجه الثانى : أنه منصوب على إضمار أن ، والواو هاهنا بمعنى الجمع كالتى في قولهم : لاتأكل السمك وتشرب اللبن

١٦٢

والتقدير : أظننتم أن تدخلوا الجنة قبل : أن يعلم الله المجاهدين وأن يعلم الصابرين ، ويقرب عليك هذا المعنى أنك لو قدرت الواو بمع صح المعنى والاعراب .

قوله تعالى :( من قبل أن تلقوه ) الجمهور على الجر بمن وإضافته إلى الجملة ، وقرئ بضم اللام والتقدير : ولقد كنتم تمنون الموت أن تلقوه من قبل ، فأن تلقوه بدل من الموت بدل الاشتمال والمراد لقاء أسباب الموت ؛ لانه قال( فقد رأيتموه وأنتم تنظرون ) وإذا رأى الموت لم تبق بعده حياة ويقرأ " تلاقوه " وهو من المفاعلة التى تكون بين اثنين ؛ لان مالقيك فقد لقيته ، ويجوز أن تكون من واحد مثل سافرت .

قوله تعالى :( قد خلت من قبله الرسل ) في موضع رفع صفة لرسول ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في رسول ، وقرأ ابن عباس" رسل " نكرة ، وهو قريب من معنى المعرفة ، ومن متعلقة بخلت ، ويجوز أن يكون حالا من الرسل( أفإن مات ) الهمزة عند سيبويه في موضعها ، والفاء تدل على تعلق الشرط بما قبله .

وقال يونس : الهمزة في مثل هذا حقها أن تدخل على جواب الشرط تقديره : أتنقلبون على أعقابكم إن مات ؛ لان الغرض التنبيه أو التوبيخ على هذا الفعل المشروط ومذهب سيبويه الحق لوجهين : احدهما : أنك لو قد مت الجواب لم يكن للفاء وجه ، إذ لايصح أن تقول أتزورنى فإن زرتك ، ومنه قوله : " أفإن مت فهم الخالدون " والثانى : أن الهمزة لها صدر الكلام ، وإن لها صدر الكلام وقد وقعا في موضعها ، والمعنى يتم بدخول الهمزة على جملة الشرط ، والجواب ؛ لانهما كالشئ الواحد( على أعقابكم ) حال : أى راجعين .

قوله تعالى :( وماكان لنفس أن تموت ) أى تموت اسم كان ، و( إلا بإذن الله ) الخبر واللام للتبيين متعلقة بكان ، وقيل هى متعلقة بمحذوف تقديره : الموت لنفس ، وأن تموت تبيين للمحذوف ، ولايجوز أن تتعلق اللام بتموت لما فيه من تقديم الصلة على الموصول ، قال الزجاج التقدير : وما كان نفس لتموت ، ثم قدمت اللام( كتابا ) مصدر : أى كتب ذلك كتابا( ومن يرد ثواب الدنيا ) بالاظهار على الاصل وبالادغام لتقاربهما( نؤته منها ) مثل " يؤده إليك " ( وسنجزى ) بالنون والياء ، والمعنى مفهوم .

قوله تعالى :( وكأين ) الاصل فيه أى التى هى بعض من كل أدخلت عليها كاف التشبيه ، وصارا في معنى كم التى للتكثير ، كما جعلت الكاف مع ذا في قولهم كذا لمعنى

١٦٣

لم يكن لكل واحد منهما ، وكما أن معنى لولا بعد التركيب لم يكن لهما قبله ، وفيها خمسة أوجه كلها قد قرئ به ،فالمشهور " كأين " بهمزة بعدها ياء مشددة وهو الاصل .

والثانى : " كائن " بألف بعدها همزة مكسورة من غير ياء ، وفيه وجهان : أحدهما : هو فاعل من كان يكون حكى عن المبرد ، وهو بعيد الصحة ؛ لانه لو كان ذلك لكان معربا ولم يكن فيه معنى التكثير .

والثانى : أن أصله كأين ، قدمت الياء المشددة على الهمزة فصار كيئن ، فوزنه الآن كعلف ؛ لانك قدمت العين واللام ، ثم حذفت الياء الثانية لثقلها بالحركة والتضعيف كما قالوا في أيها أيهما ، ثم أبدلت الياء الساكنة ألفا كما أبدلت في آية وطائى ، وقيل : حذفت الياء الساكنة وقدمت المتحركة فانقلبت ألفا ، وقيل لم يحذف منه شئ ولكن قدمت المتحركة وبقيت الاخرى ساكنة وحذفت بالتنوين مثل قاض .

والوجه الثالث :" كأن " على وزن كعن ، وفيه وجهان : أحدهما : أنه حذف إحدى الياء‌ين على ما تقدم ، ثم حذفت الاخرى لاجل التنوين والثانى : أنه حذف الياء‌ين دفعة واحدة ، واحتمل ذلك لما امتزج الحرفان .

والوجه الرابع :" كأى " بياء خفيفة بعد الهمزة ، ووجهه أنه حذف الياء الثانية وسكن الهمزة لاختلاط الكلمتين وجعلهما كالكلمة الواحدة كما سكنوا الهاء في لهو وفهو ، وحرك الياء لسكون ماقبلها .

والخامس :" كيئن " بياء ساكنة قبل الهمزة ، وهو الاصل في كائن ، وقد ذكر ، فأما التنوين فأبقى في الكلمة على مايجب لها في الاصل ، فمنهم من يحذفه في الوقف ؛ لانه تنوين ، ومنهم من يثبته فيه ؛ لان الحكم تغير بامتزاج الكلمتين ، وأما أى فقال ابن جنى هى مصدر أوى يأوى : إذا انضم واجتمع ، وأصله أوى فاجتمعت الواو والياء وسبقت الاولى بالسكون فقلبت وأدغمت مثل جئ وشئ ، وأما موضع كأين فرفع بالابتداء ، ولا تكاد تستعمل إلا وبعدها من .

وفى الخبر ثلاثة أوجه : أحدها :( قتل ) وفى قتل الضمير للنبى ، وهو عائد على كأين ؛ لان كأين في معنى نبى ، والجيد أن يعود الضمير على لفظ كأين كما تقول : مائة نبى قتل ، والضمير للمائة إذ هى المبتدأ .

١٦٤

فإن قلت : لو كان كذلك لانثت فقلت قتلت ، قيل : هذا محمول على المعنى ؛ لان التقدير كثير من الرجال قتل ، فعلى هذا يكون( معه ربيون ) في موضع الحال من الضمير في قتل .

والثانى : أن يكون قتل في موضع جر صفة لنبى ، ومعه ربيون الخبر كقولك : كم من رجل صالح معه مال .

والوجه الثالث : أن يكون الخبر محذوفا : أى في الدنيا أو صائر ونحو تلك ، فعلى هذا يجوز أن يكون قتل صفة لنبى ، ومعه ربيون حال على ماتقدم ، ويجوز أن يكون قتل مسندا لربيين فلا ضمير فيه على هذا ، والجملة صفة نبى ، ويجوز أن يكون خبرا فيصير في الخبر أربعة أوجه ، ويجوز أن يكون صفة لنبى والخبر محذوف على ماذكرنا ،ويقرأ " قاتل " فعلى هذا يجوز أن يكون الفاعل مضمرا ومابعده حال ، وأن يكون الفاعل ربيون ، ويقرأ " قتل "بالتشديد ، فعلى هذا لا ضمير في الفعل لاجل التكثير ، والواحد لا تكثير فيه كذا ذكر ابن جنى ، ولا يمتنع فيه أن يكون فيه ضمير الاول ؛ لانه في معنى الجماعة ، وربيون بكسر الراء منسوب إلى الربة وهى الجماعة ، ويجوز ضم الراء في الربة أيضا ، وعليه قرئ ربيون بالضم ، وقيل : من كسر أتبع ، والفتح هو الاصل وهو منسوب إلى الرب ، وقد قرئ به( فما وهنوا ) الجمهور على فتح الهاء ، وقرئ بكسرها وهى لغة ، والفتح أشهر ، وقرئ بإسكانها على تخفيف المكسور و( استكانوا ) استفعلوا من الكون وهو الذل ، وحكى عن الفراء أن أصلها استكنوا أشبعت الفتحة فنشأت الالف وهذا خطأ ؛ لان الكلمة في جميع تصاريفها ثبتت عينها تقول : استكان يستكين استكانة فهو مستكين ومستكان له ، والاشباع لا يكون على هذا الحد .

قوله تعالى :( وماكان قولهم ) الجمهور على فتح اللام على أن اسم كان مابعد( إلا ) وهو أقوى من أن يجعل خبرا .

والاول اسم لوجهين : أحدها : أن( أن قالوا ) يشبه المضمر في أنه لايضمر فهو أعرف والثانى : أن مابعد إلا مثبت ، والمعنى : كان قولهم ربنا اغفر لنا دأبهم في الدعاء ، ويقرأ برفع الاول على أنه اسم كان ، ومابعد إلا الخبر( في أمرنا ) يتعلق بالمصدر وهو إسرافنا ، ويجوز أن يكون حالا منه : أى إسرافا واقعا في أمرنا .

١٦٥

قوله تعالى :( بل الله مولاكم ) مبتدأ وخبر ، وأجاز الفراء النصب وهى قراء‌ة والتقدير : بل أطيعوا الله قوله تعالى :( الرعب ) يقرأ بسكون العين وضمها وهما لغتان( بما أشركوا ) الباء تتعلق بنلقى ، ولا يمنع ذلك لتعلق " في " به أيضا ؛ لان في ظرف والباء بمعنى السبب فهما مختلفان ، ومامصدرية والثانية نكرة موصوفة ، أو بمعنى الذى وليست مصدرية( وبئس مثوى الظالمين ) أى النار، فالمخصوص بالذم محذوف ، والمثوى مفعل من ثويت ولامه ياء .

قوله تعالى :( صدقكم الله وعده ) صدق يتعدى إلى مفعولين في مثل هذا النحو ، وقد يتعدى إلى الثانى بحرف الجر فيقال : صدقت زيدا في الحديث( إذ ) ظرف لصدق ، ويجوز أن يكون ظرفا للوعد( حتى ) يتعلق بفعل محذوف تقديره : دام ذلك إلى وقت فشلكم والصحيح أنها لاتتعلق في مثل هذا بشئ ، وأنها ليست حرف جر بل هى حرف تدخل على الجملة بمعنى الغاية كما تدخل الفاء والواو على الجمل ، وجواب( إذا ) محذوف تقديره : بأن أمركم ونحو ذلك ودل على المحذوف .

قوله تعالى :( منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم ) معطوف على الفعل المحذوف .

قوله تعالى :( تصعدون ) تقديره : اذكروا إذ ، ويجوز أن يكون ظرفا لعصيتم أو تنازعتم أو فشلتم( ولا تلوون ) الجمهور على فتح التاء ، وقد ذكرناه في قوله :" يلوون ألسنتهم " ويقرأ بضم التاء وماضيه ألوى وهى لغة ، ويقرأ( على أحد ) بضمتين وهو الجبل .

قوله تعالى :( والرسول يدعوكم ) جملة في موضع الحال( بغم ) التقدير بعد غم ، فعلى هذا يكون في موضع نصب صفة لغم ، وقيل المعنى : بسبب الغم ، فيكون مفعولا به ، وقيل التقدير : بدل غم ، فيكون صفة لغم أيضا( لكيلا تحزنوا ) قيل" لا " زائدة ؛ لان المعنى أنه غمهم ليحزنهم عقوبة لهم على تركهم مواقفهم ، وقيل ليست زائدة ، والمعنى على نفى الحزن عنهم بالتوبة ، وكى هاهنا هى العاملة بنفسها لاجل اللام قبلها .

١٦٦

قوله تعالى :( أمنة ) المشهور في القراء‌ة فتح الميم وهو اسم للامن ويقرأ بسكونها وهو مصدر مثل الامر ، و( نعاسا ) بدل ، ويجوز أن يكون عطف بيان ، ويجوز أن يكون نعاسا هو المفعول وأمنه حال منه ، والاصل أنزل عليكم نعاسا ذا أمنة ؛ لان النعاس ليس هو الامن بل هوالذى حصل الامن به ، ويجوز أن يكون أمنة مفعولا( يغشى ) يقرأ بالياء على أنه النعاس ، وبالتاء للامنة ، وهو في موضع نصب صفة لما قبله ، و( طائفة ) مبتدأ ، و( قد أهمتهم ) خبره( يظنون) حال من الضمير في أهمتهم ، ويجوز أن يكون أهمتهم صفة ، ويظنون الخبر ، والجملة حال ، والعامل يغشى : وتسمى هذه الواو واو الحال ، وقيل الواو بمعنى إذ وليس بشئ ، و( غير الحق ) المفعول الاول : أى أمرا غير الحق ، وبالله الثانى ، و( ظن الجاهلية ) مصدر تقديره : ظنا مثل ظن الجاهلية( من شئ ) من زائدة ، وموضعه رفع بالابتداء ، وفى الخبر وجهان : أحدهما : لنا، فمن الامر على هذا حال ، إذ الاصل هل شئ من الامر .

والثانى : أن يكون من الامر هو الخبر ولنا تبيين وتتم الفائدة كقوله : " ولم يكن له كفوا أحد "( كله لله ) يقرأ بالنصب على التوكيد أو البدل ولله الخبر ، وبالرفع على الابتداء ولله الخبر ، والجملة خبر إن( يقولون ) حال من الضمير في يخفون ، و( شئ ) اسم كان والخبر لنا أو من الامر مثل " هل لنا " ( لبرز الذين ) بالفتح والتخفيف ، ويقرأ بالتشديد على مالم يسم فاعله : أى أخرجوا بأمر الله .

قوله تعالى :( إذا ضربوا في الارض ) يجوز أن تكون إذا هنا تحكى بها حالهم ، فلا يراد بها المستقبل لا محالة ، فعلى هذا يجوز أن يعمل فيها قالوا وهو للماضى ، ويجوز أن يكون كفروا وقالوا ماضيين ، ويراد بها المستقبل المحكى به الحال ، فعلى هذا يكون التقدير : يكفرون ويقولون لاخوانهم( أو كانوا غزى ) الجمهور على تشديد الزاى وهو جمع غاز ، والقياس غزاة كقاض وقضاة ، لكنه جاء على فعل حملا على الصحيح نحو شاهد وشهد وصائم وصوم ويقرأ بتخفيف الزاى وفيه وجهان : أحدهما : أن أصله غزاة ، فحذفت الهاء تخفيفا ؛ لان التاء دليل الجمع ، وقد حصل ذلك من نفس الصفة

١٦٧

والثانى : أنه أراد قراء‌ة الجماعة ، فحذف إحدى الزايين كراهية التضعيف( ليجعل الله ) اللام تتعلق بمحذوف : أى ندمهم أو أوقع في قلوبهم ذلك ليجعله حسرة ، وجعل هنا بمعنى صير ، وقيل اللام هنا لام العاقبة : أى صار أمرهم إلى ذلك كقوله : " فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا " .

قوله تعالى :( أو متم ) الجمهور على ضم الميم وهو الاصل ؛ لان الفعل منه يموت، ويقرأ بالكسر وهو لغة ، يقال مات يمات مثل خاف يخاف ، فكما تقول خفت تقول مت( لمغفرة ) مبتدأ ، و( من الله ) صفته( ورحمة ) معطوف عليه ، والتقدير : ورحمة لهم ، و ( خير ) الخبر ، ومابمعنى الذى ، أو نكرة موصوفة والعائد محذوف ، ويجوزأن تكون مصدرية ويكون المفعول محذوفا : أى من جمعهم المال .

قوله تعالى :( لالى الله ) اللام جواب قسم محذوف ، ولدخولها على حرف الجر جاز أن يأتى( يحشرون ) غير مؤكد بالنون ، والاصل لتحشرون إلى الله قوله تعالى :( فبما رحمة ) ما زائدة ، وقال الاخفش وغيره : يجوز أن تكون نكرة بمعنى شئ ، ورحمة بدل منه ، والباء تتعلق بلنت( وشاورهم في الامر ) الامر هنا جنس ، وهو عام يراد به الخاص ؛ لانه لم يؤمر بمشاورتهم في الفرائض ، ولذلك قرأ ابن عباس" في بعض الامر " ( فإذا عزمت ) الجمهور على فتح الزاى : أى إذا تخيرت أمرا بالمشاورة وعزمت على فعله( فتوكل على الله ) ويقرأ بضم التاء : أى إذا أمرتك بفعل شئ فتوكل على فوضع الظاهر موضع المضمر .

قوله تعالى :( فمن ذا الذى ) هو مثل" من ذا الذى يقرض " وقد ذكر( من بعده ) أى من بعد خذلانه فحذف المضاف ، ويجوز أن تكون الهاء ضمير الخذلان : أى بعد الخذلان .

قوله تعالى :( أن يغل ) يقرأ بفتح الياء وضم الغين على نسبة الفعل إلى النبى : أى ذلك غير جائز عليه ، ويدل على ذلك قوله :( يأت بما غل ) ومفعول يغل محذوف : أى يغل الغنيمة أو المال ، ويقرأ بضم الياء وفتح الغين على مالم يسم فاعله ، وفى المعنى ثلاثة أوجه : أحدها : أن يكون ماضيه أغللته : أى نسبته إلى الغلول ، كما تقول : أكذبته إذا نسبته إلى الكذب : أى لا يقال عنه إنه يغل : أى يخون الثانى : هو من أغللته

١٦٨

إذا وجدته غالا كقولك : أحمدت الرجل إذا أصبته محمودا والثالث : معناه أن يغله غيره : أى ماكان لنبى أن يخان( ومن يغلل ) مستأنفة ، ويجوز أن تكون حالا ويكون التقدير : في حال علم الغال بعقوبة الغلول هو تعالى( أفمن اتبع ) من بمعنى الذى في موضع رفع بالابتداء ، و( كمن ) الخبر ، ولا يكون شرطا ؛ لان كمن لا يصلح أن يكون جوابا ، و( بسخط ) حال قوله تعالى :( هم درجات ) مبتدأ وخبر ، والتقدير : ذو درجات فحذف المضاف ، و( عند الله ) ظرف لمعنى درجات كأنه قال هم متفاضلون عند الله ، ويجوز أن يكون صفة لدرجات .

قوله تعالى :( من أنفسهم ) في موضع نصب صفة لرسول ، ويجوز أن يتعلق ببعث ، ومافى هذه الآية قد ذكر مثله في قوله :" وابعث فيهم رسولا منهم " قوله تعالى :( قد أصبتهم مثليها ) في موضع رفع صفة لمصيبة قوله تعالى :( وما أصابكم ) ما بمعنى الذى وهو مبتدأ ، والخبر( فبإذن الله ) أى واقع بإذن الله( وليعلم ) اللام متعلقة بمحذوف : أى وليعلم الله أصابكم هذا ، ويجوز أن يكون معطوفا على معنى فبإذن الله تقديره : فبإذن الله ولان يعلم الله( تعالوا قاتلوا ) إنما لم يأت بحرف العطف ؛ لانه أراد أن يجعل كل واحدة من الجملتين مقصودة بنفسها ، ويجوز أن يقال : إن المقصود هو الامر بالقتال ، وتعالوا ذكر مالو سكت عنه لكان في الكلام دليل عليه ، وقيل الامر الثانى حال( هم للكفر ) اللام في قوله للكفر و ( للايمان ) متعلقة بأقرب ، وجاز أن يعمل أقرب فيهما ؛ لانهما يشبهان الظرف ، وكما عمل أطيب في قولهم هذا بسرا أطيب منه رطبا في الظرفين المقدرين ؛ لان أفعل يدل على معنيين على أصل الفعل وزيادته فيعمل في كل واحد منهما بمعنى غير الآخر ، فتقديره : تزيد قربهم إلى الكفر على قربهم على الايمان ، واللام هنا على بابها ، وقيل هى بمعنى إلى( يقولون ) مستأنف ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في أقرب : أى قربوا إلى الكفر قائلين .

قوله تعالى :( الذين قاتلوا ) يجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار أعنى ، أو صفة للذين نافقوا أو بدلا منه ، وفى موضع جر بدلا من المجرور في أفواههم أو قلوبهم ، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر " قل فادرء‌وا " والتقدير : قل لهم( وقعدوا ) ويجوز أن يكون معطوفا على الصلة معترضا بين قالوا ومعمولها وهو( لو أطاعونا ) وأن يكون حالا ، وقد مرادة .

١٦٩

قوله تعالى :( بل أحياء ) أى بل هم أحياء ، ويقرأ بالنصب عطفا على أمواتا كما تقول : ظننت زيدا قائما بل قاعدا ، وقيل أضمر الفعل تقديره : بل أحسبوهم أحياء ، وحذف ذلك لتقدم مايدل عليه ، و( عند ربهم ) صفة لاحياء ، ويجوز أن يكون ظرفا لاحياء ؛ لان المعنى يحيون عند الله ، ويجوز أن يكون ظرفا ل‍( يرزقون ) ويرزقون صفة لاحياء ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في أحياء : أى يحيون مرزوقين ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الظرف إذا جعلته صفة .

قوله تعالى :( فرحين ) يجوز أن يكون حالا من الضمير في يرزقون ، ويجوز أن يكون صفة لاحياء إذا نصب ، ويجوز أن ينتصب على المدح ، ويجوز أن يكون من الضمير في أحياء أو من الضمير في الظرف( من فضله ) حال من العائد المحذوف في الظرف تقديره : بما آتاهموه كائنا من فضله( ويستبشرون ) معطوف على فرحين ؛ لان اسم الفاعل هنا يشبه الفعل المضارع ، ويجوز أن يكون التقدير : وهم يستبشرون فتكون الجملة حالا من الضمير في فرحين ، أو من ضمير المفعول في آتاهم( من خلفهم ) متعلق بيلحقوا ، ويجوز أن يكون حالا تقديره : متخلفين عنهم( ألا خوف عليهم ) أى بأن لاخوف عليهم ، فأن مصدرية ، وموضع الجملة بدل من الذين بدل الاشتمال : أى ويستبشرون بسلامة الذين لم يلحقوا بهم ، ويجوز أن يكون التقدير : لانهم لاخوف عليهم فيكون مفعولا من أجله قوله تعالى :( يستبشرون ) ه و مستأنف مكرر التوكيد( وأن الله ) بالفتح عطفا على بنعمة من الله : أى وبأن الله ، وبالكسر على الاستئناف .

قوله تعالى :( الذين استجابوا ) في موضع جر صفة للمؤمنين أو نصب على إضمار أعنى ، أو رفع على إضمارهم ، أو مبتدأ وخبره( للذين أحسنوا منهم واتقوا ) ومنهم حال من الضمير في أحسنوا ، و( الذين قال لهم الناس ) بدل من الذين استجابوا أوصفة .

قوله تعالى :( فزادهم إيمانا ) الفاعل مضمر تقديره : زادهم القول( حسبنا الله ) مبتدأ وخبر ، وحسب مصدر في موضع اسم الفاعل تقديره : فحسبنا الله : أى كافينا ، يقال : أحسبنى الشئ أى كفانى .

١٧٠

قوله تعالى :( بنعمة من الله ) في موضع الحال ، ويجوز أن يكون مفعولا به( لم يمسسهم ) حال أيضا من الضمير في انقلبوا ، ويجوز أن يكون العامل فيها بنعمة ، وصاحب الحال الضمير في الحال تقديره : فانقلبوا منعمين بريئين من سوء( واتبعوا ) معطوف على انقلبوا ، ويجوز أن يكون حالا : أى وقد اتبعوا .

قوله تعالى :( ذلكم ) مبتدأ ، والشيطان) خبره ، و( يخوف ) يجوز أن يكون حالا من الشيطان ، والعامل الاشارة ، ويجوز أن يكون الشيطان بدلا أو عطف بيان ، ويخوف الخبر ، والتقدير : يخوفكم بأوليائه ، وقرئ في الشذوذ" يخوفكم أولياؤه " وقيل : لا حذف فيه ، والمعنى يخوف من يتبعه ، فأما من توكل على الله فلا يخافه( فلا تخافوهم) إنما جمع الضمير ؛ لان الشيطان جنس ، ويجوز أن يكون الضمير للاولياء .

قوله تعالى :( لايحزنك ) الجمهور على فتح الياء وضم الزاى والماضى حزنه ، ويقرأ بضم الياء وكسر الزاى والماضى أحزن وهى لغة قليلة ، وقيل حزن حدث له الحزن ، وحزنته أحدثت له الحزن ، وأحزنته عرضته للحزن( يسارعون ) يقرأ بالامالة والتفخيم ، ويقرأ يسرعون بغير ألف من أسرع( شيئا ) في موضع المصدر أى ضررا .

قوله تعالى :( ولايحسبن الذين كفروا ) يقرأ بالياء ، وفاعله الذين كفروا ، وأما المفعولان فالقائم مقامهما قوله :( إنما نملى لهم خير لانفسهم ) فإن وما عملت فيه تسد مسد المفعولين عند سيبويه ، وعند الاخفش المفعول الثانى محذوف تقديره : نافعا أو نحو ذلك ،وفى " ما " وجهان : أحدهما : هى بمعنى الذى ، والثانى مصدرية ، ولا يجوز أن تكون كافة ولا زائدة ، إذ لو كان كذلك لانتصب خير بنملى ، واحتاجت أن إلى خبر إذا كانت ما زائدة أو قدر الفعل يليها ، وكلاهما ممتنع وقد قرئ شاذا بالنصب على أن يكون لانفسهم خبر إن ، ولهم تبيين أو حال من خير ، وقد قرئ في الشاذ بكسر إن وهو جواب قسم محذوف ، والقسم وجوابه يسدان مسد المفعولين ، وقرأحمزة " تحسبن " بالتاء على الخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم الذين كفروا المفعول الاول ، وفي المفعول الثانى وجهان : أحدهما : الجملة من أن وما عملت فيه ، والثانى : أن المفعول الاول محذوف أقيم المضاف إليه مقامه ، والتقدير : ولا تحسبن إملاء الذين كفروا ، وقوله : " أنما نملى لهم " بدل من المضاف المحذوف ، والجملة سدت مسد المفعولين ، والتقدير : ولا

١٧١

تحسبن أن إملاء الذين كفروا خير لانفسهم ، ويجوز أن تجعل أن وما عملت فيه بدلا من الذين كفروا بدل الاشتمال ، والجملة سدت مسد المفعولين ( أنما نملى لهم ليزدادوا ) مستأنف وقيل أنما نملى لهم تكرير للاول ، وليزدادوا هو المفعول الثانى لتحسب على قراء‌ة التاء ، والتقدير : ولا تحسبن يا محمد إملاء الذين كفروا خيرا ليزدادوا إيمانا بل ليزدادوا إثما ، ويروى عن بعض الصحابة أنه قرأه كذلك .

قوله تعالى :( ماكان الله ليذر ) خبر كان محذوف تقديره ما كان الله مريدا ؛ لان يذر ، ولا يجوز أن يكون الخبر ليذر ؛ لان الفعل بعد اللام ينتصب بأن فيصير التقدير : ماكان الله ليترك المؤمنين على ماأنتم عليه ، وخبر كان هو اسمها في المعنى ، وليس الترك هو الله تعالى ، وقال الكوفيون اللام زائدة والخبر هو الفعل وهذا ضعيف ؛ لان مابعدها قد انتصب ، فإن كان النصب باللام نفسها فليست زائدة ، وإن كان النصب بأن فسد لما ذكرنا ، وأصل يذر يوذر ، فحذفت الواو تشبيها لها بيدع ؛ لانها في معناها ، وليس لحذف الواو في يذر علة إذا لم تقع بين ياء وكسرة ولا ماهو في تقديره الكسرة ، بخلاف يدع فإن الاصل يودع ، فحذفت الواو لوقوعها بين الياء وبين ماهو في تقدير الكسرة ، إذ الاصل يودع مثل يوعد ، وإنما فتحت الدال من يدع ؛ لان لامه حرف حلقى فيفتح له ماقبله ، ومثله يسع ويطأ ويقع ونحو ذلك ، ولم يستعمل من يذر ماضيا اكتفاء بترك( يميز ) يقرأ بسكون الياء وماضيه ماز ، وبتشديدها وماضيه ميز ، وهما بمعنى واحد ، وليس التشديد لتعدى الفعل مثل فرح وفرحته ؛ لان ماز وميز يتعديان إلى مفعول واحد .

قوله تعالى :( ولا يحسبن ) يقرأ بالياء على الغيبة ، و( الذين يبخلون ) الفاعل ، وفى المفعول الاول وجهان : أحدهما :( هو ) وهو ضمير البخل الذى دل عليه يبخلون والثانى : هو محذوف تقديره البخل ، وهو على هذا فصل ، ويقرأ " تحسبن " بالتاء على الخطاب ، والتقدير : ولا حسبن يا محمد بخل الذين يبخلون ، فحذف المضاف وهو ضعيف ؛ لان فيه إضمار البخل قبل ذكر مايدل عليه ، وهو على هذا فصل أو توكيد ، والاصل في( ميراث ) موراث فقلبت الواو ياء لانكسار ماقبلها والميراث مصدر كالميعاد .

١٧٢

قوله تعالى :( لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ) العامل في موضع إن وما عملت فيه ، قالوا وهى المحكية به ، ويجوز أن يكون معمولا لقول المضاف ؛ لانه مصدر ، وهذا يخرج على قول الكوفيين في إعمال الاول وهو أصل ضعيف ، ويزداد هنا ضعفا ؛ لان الثانى فعل والاول مصدر ، وإعمال الفعل أقوى( سنكتب ما قالوا ) يقرأ بالنون ، وما قالوا منصوب به( وقتلهم ) معطوف عليه ، وما مصدرية أو بمعنى الذى ، ويقرأ بالياء وتسمية الفاعل ، ويقرأ بالياء على مالم يسم فاعله ، وقتلهم بالرفع وهو ظاهر( ونقول ) بالنون والياء قوله تعالى :( ذلك ) مبتدأ( بما ) خبره ، والتقدير : مستحق بما قدمت و( ظلام ) فعال من الظلم فإن قيل : بناء فعال للتكثير ، ولايلزم من نفى الظلم الكثير نفى الظلم القليل ، فلو قال بظالم لكان أدل على نفى الظلم قليله وكثيره فالجواب عنه من ثلاثة أوجه : أحدها أن فعالا قد جاء لا يراد به الكثرة كقول طرفة :

ولست بحلال التلاع مخافة

ولكن متى يسترفد القوم أرفد

لا يريد هاهنا أنه قد يحل التلاع قليلا ؛ لان ذلك يدفعه قوله : متى يسترفد القوم أرفد ، وهذا يدل على نفى البخل في كل حال ، ولان تمام المدح لا يحصل بإرادته الكثرة والثانى : أن ظلام هنا للكثرة ؛ لانه مقابل للعباد وفى العباد كثرة ، وإذا قوبل بهم الظلم كان كثيرا والثالث : أنه إذا نفى الظلم الكثير انتفى الظلم القليل ضرورة ؛ لان الذى يظلم إنما يظلم لانتفاعه بالظلم ، فإذا ترك الظلم الكثير مع زيادة نفعه في حق من يجوز عليه النفع والضر كان للظلم القليل المنفعة أترك ، وفيه وجه رابع ، وهو أن يكون على النسب : أى لا ينسب إلى الظلم فيكون من بزاز وعطار .

قوله تعالى :( الذين قالوا ) هو في موضع جر بدلا من قوله : " الذين قالوا " ويجوز أن يكون نصبا بإضمار أعنى ورفعا على إضمارهم( ألا نؤمن ) يجوز أن يكون في موضع جر على تقدير : بأن لانؤمن ؛ لان معنى عهد وصى ، ويجوز أن يكون في موضع نصب على تقدير حرف الجر وإفضاء الفعل إليه ، ويجوز أن ينتصب بنفسى عهد ؛ لانك تقول : عهدت إليه عهدا ، لا على أنه مصدر ؛ لانه معناه ألزمته ، ويجوز أن تكتب أن

١٧٣

مفصولة وموصولة ، ومنهم من يحذفها في الخط اكتفاء بالتشديد( حتى يأتينا بقربان ) في حذف مضاف تقديره : بتقريب قربان : أى يشرع لنا ذلك قوله تعالى :( والزبر ) يقرأ بغير باء اكتفاء بحرف العطف ، وبالباء على إعادة الجار ، والزبر جمع زبور مثل رسول ورسل( والكتاب ) جنس قوله تعالى :( كل نفس ) مبتدأ ، وجاز ذلك وإن كان نكرة لنا فيه من العموم و( ذائقة الموت ) الخبر وأنث على معنى كل ؛ لان كل نفس نفوس ، ولو ذكر على لفظ كل جاز ، وإضافة ذائقة غير محضة ؛ لانها نكرة يحكى بها الحال ، وقرئ شاذا" ذائقة الموت " بالتنوين والاعمال ، ويقرأ شاذا أيضا" ذائقه الموت " على جعل الهاء ضمير كل على اللفظ ، وهو مبتدأ وخبر( وإنما ) " ما " هاهنا كافة فلذلك نصب( أجوركم ) بالفعل ، ولو كانت بمعنى الذى أو مصدرية لرفع أجوركم .

قوله تعالى :( لتبلون ) الواو فيه ليست لام الكلمة ، بل واو الجمع حركت لالتقاء الساكنين وضمة الواو دليل على المحذوف ، ولم تقلب الواو ألفا مع تحركها وانفتاح ما قبلها ؛ لان ذلك عارض ، ولذلك لا يجوز همزها مع انضمامها ، ولو كانت لازمة لجاز ذلك قوله تعالى :( لتبيننه، ولا تكتمونه ) يقرآن بالياء على الغيبة ؛ لان الراجع إليه الضمير اسم ظاهر ، وكل ظاهر يكنى عنه بضمير الغيبة ، ويقرآن بالتاء على الخطاب وتقديره : وقلنا لهم لتبيننه ، ولما كان أخذ الميثاق في معنى القسم جاء باللام والنون في الفعل ، ولم يأت بها في يكتمون اكتفاء بالتوكيد في الفعل الاول ؛ لان تكتمونه توكيد قوله تعالى :( لايحسبن الذين يفرحون ) يقرأ بالياء على الغيبة ، وكذلك( فلا يحسبنهم ) بالياء وضم الباء ، وفاعل الاول الذين يفرحون ، وأما مفعولاه فمحذوفان اكتفاء بمفعولى يحسبانهم ؛ لان الفاعل فيهما واحد ، فالفعل الثانى تكرير للاول وحسن لما طال الكلام المتصل بالاول ، والفاء زائدة فليست للعطف ولا للجواب .

١٧٤

وقال بعضهم( بمفازة ) هو مفعول حسب الاول ، ومفعوله الثانى محذوف دل عليه مفعول حسب الثانى ؛ لان التقدير : لا يحسبن الذين يفرحون أنفسهم بمفازة وهم في فلا يحسبنهم هو أنفسهم : أى فلا يحسبن أنفسهم ، وأغنى بمفازة الذى هو مفعول الاول عن ذكره ثانيا لحسب الثانى ، وهذا وجه ضعيف متعسف عنه مندوحة بما ذكرنا في الوجه الاول ويقرأ بالتاء فيهما على الخطاب ، وبفتح الباء منهما والخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم ، والقول فيه أن الذين يفرحون هو المفعول الاول ، والثانى محذوف لدلالة مفعول حسب الثانى عليه ، وقيل التقدير : لاتحسبن الذين يفرحون بمفازة ، وأغنى المفعول الثانى هنا عن ذكره لحسب الثانى .

وحسب الثانى مكرر أو بدل لما ذكرنا في القراء‌ة بالياء فيهما ؛ لان الفاعل فيهما واحد أيضا وهو النبى صلى الله عليه وسلم ، ويقرأ بالياء في الاول ، وبالتاء في الثانى ، ثم في التاء في الفعل الثانى وجهان : أحدهما : الفتح على أنه خطاب لواحد ، والضم على أنه لجماعة ، وعلى هذا يكون مفعولا الفعل الاول محذوفين لدلالة مفعولى الثانى عليهما ، والفاء زائدة أيضا ، والفعل الثانى ليس ببدل ولا مكرر ؛ لان فاعله غير فاعل الاول والمفازة مفعلة من الفوز ، و( من العذاب ) متعلق بمحذوف ؛ لانه صفة للمفازة، ؛ لان المفازة مكان والمكان لا يعمل ، ويجوز أن تكون المفازة مصدرا فتتعلق من به ، ويكون التقدير : فلا تحسبنهم فائزين ، فالمصدر في موضع اسم الفاعل قوله تعالى :( الذين يذكرون الله ) في موضع جر نعتا لاولى ، أو في موضع نصب بإضمار أعنى أو رفع على إضمارهم ، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف تقديره : يقولون ربنا( قياما وقعودا ) حالان من ضمير الفاعل في يذكرون( وعلى جنوبهم ) حال أيضا ، وحرف الجر يتعلق بمحذوف هو الحال في الاصل تقديره : ومضطجعين على جنوبهم( ويتفكرون ) معطوف على يذكرون ، ويجوز أن يكون حالا أيضا : أى يذكرون الله متفكرين( باطلا ) مفعول من أجله ، والباطل هنا فاعل بمعنى المصدر مثل العاقبة والعافية ، والمعنى ما خلقتهما عبثا ، ويجوز أن يكون حالا تقديره ماخلقت هذا خاليا عن حكمة ، ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف : أى خلقا باطلا .

١٧٥

فإن قيل : كيف قال هذا والسابق ذكر السموات والارض والاشارة إليها بهذه ؟ ففى ذلك ثلاثة أوجه : أحدها : أن الاشارة إلى الخلق المذكور في قوله :" خلق السموات " وعلى هذا يجوز أن يكون الخلق مصدرا ، وأن يكون بمعنى المخلوق ، ويكون من إضافة الشئ إلى ماهو هو في المعنى والثانى : أن السموات والارض بمعنى الجمع ، فعادت الاشارة إليه والثالث : أن يكون المعنى ماخلقت هذا المذكور أو المخلوق( فقنا ) دخلت الفاء لمعنى الجزاء فالتقدير إذا نزهناك أو وحدناك فقنا( من تدخل النار ) في موضع نصب بتدخل ، وأجاز قوم أن يكون منصوبا بفعل دل عليه جواب الشرط ، وهو( فقد أخزيته ) وأجاز قوم أن يكون من مبتدأ والشرط وجوابه الخبر ، وعلى جميع الاوجه الكلام كله في موضع رفع خبر إن قوله تعالى :( ينادى ) صفة لمناديا أو حال من الضمير في مناديا فإن قيل : ما الفائدة في ذكر الفعل مع دلالة الاسم الذى هو مناد عليه؟ قيل: فيه ثلاثة أوجه : أحدها : هو توكيد كما تقول قم قائما ، والثانى : أنه وصل به ماحسن التكرير ، وهو قوله :( للايمان ) والثالث : أنه لو اقتصر على الاسم لجاز أن يكون سمع معروفا بالنداء يذكر ماليس بنداء ، فلما قال ينادى ثبت أنهم سمعوا نداء‌ه في تلك الحال ، ومفعول ينادى محذوف : أى ينادى الناس( أن آمنوا ) أن هنا بمعنى أى، فيكون النداء قوله آمنوا، ويجوز أن تكون أن المصدرية وصلت بالامر فيكون التقدير : على هذا ينادى للايمان بأن آمنوا( مع الابرار ) صفة للمفعول المحذوف تقديره : أبرارا مع الابرار ، وأبرارا على هذا حال ، والابرار جمع بر وأصله برر ككتف وأكتاف ، ويجوز الامالة في الابرار تغليبا لكسرة الراء الثانية .

قوله تعالى :( على رسلك ) أى على ألسنة رسلك ، وعلى متعلقة بوعدتنا ، ويجوز أن يكون بآتنا و( الميعاد ) مصدر بمعنى الوعد قوله تعالى :( عامل منكم ) منكم صفة لعامل و( من ذكر أو أنثى ) بدل من منكم ، وهو بدل الشئ من الشئ وهما لعين واحدة ، ويجوز أن يكون من ذكر أو أنثى صفة أخرى لعامل يقصد بها الايضاح ، ويجوز أن يكون من ذكر حالا من الضمير في منكم تقديره : استقر منكم كائنا من ذكر أو أنثى ، و( بعضكم من بعض ) مستأنف ، ويجوز أن يكون حالا أو صفة( فالذين هاجروا ) مبتدأ ، و( لاكفرن ) وما اتصل به الخبر وهو جواب قسم محذوف( ثوابا ) مصدر ، وفعله دل عليه الكلام المتقدم ؛ لان تكفير السيئات إثابة فكأنه قال : لاثيبنكم

١٧٦

ثوابا ، وقيل هو حال ، وقيل تمييز ، وكلا القولين كوفى ، والثواب بمعنى الاثابة ، وقد يقع بمعنى الشئ المثاب به كقولك : هذا الدرهم ثوابك ، فعلى هذا يجوز أن يكون حالا من الجنات : أى مثابا بها أو حالا من ضمير المفعول في لادخلنهم أى مثابين ، ويجوز أن يكون مفعولا به ؛ لان معنى أدخلنهم أعطينهم ، فيكون على هذا بدلا من جنات ، ويجوز أن يكون مستأنفا: أى يعطيهم ثوابا قوله تعالى :( متاع قليل ) أى تقلبهم متاع فالمبتدأ محذوف .

قوله تعالى :( لكن الذين اتقوا ) الجمهور على تخفيف النون وقرئ بتشديدها والاعراب ظاهر( خالدين فيها ) حال من الضمير في لهم ، والعامل معنى الاستقرار ، وارتفاع جنات بالابتداء وبالجار( نزلا ) مصدر ، وانتصابه بالمعنى ؛ لان معنى لهم جنات : أى ننزلهم ، وعند الكوفيين هو حال أو تمييز ، ويجوز أن يكون جمع نازل كما قال الاعشى :

أو ينزلون فإنا معشر نزل

وقد ذكر ذلك أبوعلي في التذكرة

 فعلى هذا يجوز أن يكون حالا من الضمير في خالدين ، ويجوز إذا جعلته مصدرا أن يكون بمعنى المفعول ، فيكون حالا من الضمير المجرور في فيها أى منزولة( من عند الله ) إن جعلت نزلا مصدرا كان من عند الله صفة له ، وإن جعلته جمعا ففيه وجهان : أحدهما : هو حال من المفعول المحذوف ؛ لان التقدير : نزلا إياها والثانى : أن يكون خبر مبتدأ محذوف أى ذلك من عند الله : أى بفضله( وما عند الله ) مابمعنى الذى ، وهو مبتدأ ، وفى الخبر وجهان : أحدهما : هو( خير ) و( للابرار ) نعت لخير والثانى : أن يكون الخبر للابرار ، والنية به التقديم : أى والذى عند الله مستقر للابرار ، وخير على هذا خبر ثان .

وقال بعضهم للابرار حال من الضمير في الظرف ، وخبر خير المبتدإ ، وهذا بعيد ؛ لان فيه الفصل بين المبتدإ والخبر بحال لغيره ، والفصل بين الحال وصاحب الحال بخير المبتدإ وذلك لايجوز في الاختيار .

١٧٧

قوله تعالى :( لمن يؤمن ) من في موضع نصب اسم إن ، ومن نكرة موصوفة أو موصولة ، و( خاشعين ) حال من الضمير في يؤمن ، وجاء جمعا على معنى من ، ويجوز أن يكون حالا من الهاء والميم في إليهم ، فيكون العامل أنزل ، و ( لله ) متعلق بخاشعين ، وقيل هو متعلق بقوله : ( لا يشترون ) وهو في نية التأخير : أى لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا لاجل الله( أولئك ) مبتدأ ، و( لهم أجرهم ) فيه أوجه : أحدها : أن قوله لهم خبر أجر ، وبالجملة خبر الاول ، و( عند ربهم ) ظرف للاجر ؛ لان التقدير : لهم أن يؤجروا عند ربهم ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في لهم وهو ضمير الاجر والآخر أن يكون الاجر مرتفعا بالظرف ارتفاع الفاعل بفعله ، فعلى هذا يجوز أن يكون عند ظرفا للاجر وحالا منه والوجه الثالث : أن يكون أجرهم مبتدأ ، وعند ربهم خبره ، ويكون لهم يتعلق بما دل عليه الكلام من الاستقرار والثبوت ؛ لانه في حكم الظرف .

سورة النساء

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قد مضى القول في قوله تعالى :( ياأيها الناس ) في أوائل البقرة( من نفس واحدة ) في موضع نصب بخلقكم ومن لابتداء الغاية ، وكذلك( منها زوجها ) و( منهما رجالا كثيرا ) نعت لرجال ، ولم يؤنثه ؛ لانه حمله على المعنى ؛ لان رجالا بمعنى عدد أو جنس أو جمع كما ذكر الفعل المسند إلى جماعة المؤنث كقوله : وقال نسوة ، وقيل كثيرا نعت لمصدر محذوف : أى بثا كثيرا( تساء‌لون ) يقرأ بتشديد السين ، والاصل تتساء‌لون فأبدلت التاء الثانية سينا فرارا من تكرير المثل ، والتاء تشبه السين في الهمس ، ويقرأ بالتخفيف على حذف التاء الثانية ؛ لان الباقية تدل عليها ودخل حرف الجر في المفعول ؛ لان المعنى تتحالفون به( والارحام ) يقرأ بالنصب ، وفيه وجهان : أحدهما : معطوف على اسم الله : أى واتقوا الارحام أن تقطعوها ، والثانى : هو محمول على موضع الجار والمجرور كما تقول مررت بزيد وعمرا ، والتقدير الذى تعظمونه والارحام ؛ لان الحلف به تعظيم له ويقرأ بالجر قيل هو معطوف على المجرور ، وهذا لايجوز عند

١٧٨

البصريين ، وإنما جاء في الشعر على قبحه ، وأجازه الكوفيون على ضعف ، وقيل الجر على القسم ، وهو ضعيف أيضا ؛ لان الاخبار وردت بالنهى عن الحلف بالآباء ، ولان التقدير في القسم : وبرب الارحام ، هذا قد أغنى عنه ما قبله ، وقد قرئ شاذا بالرفع وهو مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : والارحام محترمة أو واجب حرمتها .

قوله تعالى :( بالطيب ) هو المفعول الثانى لتتبدلوا( إلى أموالكم ) إلى متعلقة بمحذوف وهو في موضع الحال : أى مضافة إلى أموالكم ، وقيل : هو مفعول به على المعنى ؛ لان معنى لا تأكلوا أموالهم : لاتضيعوها( إنه ) الهاء ضمير المصدر الذى دل عليه تأكلوا : أى أن الاكل والاخذ والجمهور على ضم الحاء من( حوبا ) وهو اسم للمصدر ، وقيل مصدر ، ويقرأ بفتحها وهو مصدر حاب يحوب : إذا أثم .

قوله تعالى :( وإن خفتم ) في جواب هذا الشرط وجهان : أحدهما : هو قوله :" فانكحوا ماطاب لكم " وإنما جعل جوابا ؛ لانهم كانوا يتحرجون من الولاية في أموال اليتامى ، ولا يتحرجون من الاستكثار من النساء ، مع أن الجور يقع بينهن إذا كثرن ، فكأنه قال : إذا تحرجتم من هذا فتحرجوا من ذاك .

والوجه الثانى : أن جواب الشرط قوله :" فواحدة " ؛ لان المعنى إن خفتم أن لا تقسطوا في نكاح اليتامى فانكحوا منهن واحدة ، ثم أعاد هذا المعنى في قوله :" فإن خفتم أن لا تعدلوا " لما طال الفصل بين الاول وجوابه ، ذكر هذا الوجه أبوعلي( أن لا تقسطوا ) الجمهور على ضم التاء وهو من أقسط إذا عدل ، وقرئ شاذا بفتحها وهو من قسط إذا جار ، وتكون لا زائدة( ماطاب ) " ما " هنا بمعنى من ، ولها نظائر في القرآن ستمر بك إن شاء الله تعالى ، وقيل : " ما " تكون لصفات من يعقل ، وهى هنا كذلك ؛ لان ماطاب يدل على الطيب منهن ، وقيل هى نكرة موصوفة تقديره : فانكحوا جنسا طيبا لكم ، أو عددا يطيب لكم ، وقيل هى مصدرية والمصدر المقدر بها وبالفعل مقدر باسم الفاعل : أى انكحوا الطيب( من النساء ) حال من ضمير الفاعل في طاب( مثنى وثلاث ورباع ) نكرات لا تنصرف للعدل والوصف ، وهى بدل من ما ، وقيل : هى حال من النساء ، ويقرأ شاذا " وربع " بغير ألف ، ووجهها أنه حذف الالف كما حذفت في خيم والاصل خيام ، وكما حذفت في قولهم أم والله ، والواو في " وثلاث

١٧٩

ورباع " ليست للعطف الموجب للجمع في زمن واحد ؛ لانه لو كان كذلك لكان عبثا ، إذ من أدرك الكلام يفصل التسعة هذا التفصيل ، ولان المعنى غير صحيح أيضا ؛ لان مثنى ليس عبارة عن ثنتين فقط ، بل عن ثنتين ثنتين وثلاث عن ثلاث ثلاث وهذا المعنى يدل على أن المراد التخيير لا الجمع( فواحدة ) أن فانكحوا واحدة ، ويقرأ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف : أى فالمنكوحة واحدة ويجوز أن يكون التقدير : فواحدة تكفى( أو ما ملكت ) أو للتخيير على بابها ، ويجوز أن تكون للاباحة ، و" ما " هنا بمنزلة ما في قوله : ماطاب( أن لا تعولوا ) أى إلى أن لا تعولوا ، وقد ذكرنا مثله في آية الدين .

قوله تعالى : ( نحلة ) ؛ لان معنى آتوهن أنحلوهن ، وقيل هو مصدر في موضع الحال ، فعلى هذا يجوز أن يكون حالا من الفاعلين : أى ناحلين ، وأن يكون من الصدقات ، وأن يكون من النساء : أى منحولات ( نفسا ) تمييز ، والعامل فيه طبن ، والمفرد هنا في موضع الجمع ؛ لان المعنى مفهوم ، وحسن ذلك أن نفسا هنا في معنى الجنس ، فصار كدرهما في قولك : عندى عشرون درهما( فكلوه ) الهاء تعود على شئ ، والهاء منه تعود على المال ؛ لان الصدقات مال( هنيئا ) مصدر جاء على فعيل ، وهو نعت لمصدر محذوف : أى أكلا هنيئا ، وقيل : هو مصدر في موضع الحال من الهاء ، والتقدير : مهنأ أو طيبا و ( مريئا ) مثله والمرئ فعيل بمعنى مفعل ؛ لانك تقول : أمرأنى الشئ إذا لم تستعمله مع هنانى فإن قلت هنانى ومرانى لم تأت بالهمزة في مرانى لتكون تابعة لهنانى .

قوله تعالى :( أموالكم التى ) الجمهور على إفراد التى ؛ لان الواحد من الاموال مذكر ، فلو قال اللواتى لكان جمعا كما أن الاموال جمع ، والصفة إذا جمعت من أجل أن الموصوف جمع كان واحدها كواحد الموصوف في التذكير والتأنيث ، وقرئ في الشاذ اللواتى جمعا اعتبارا بلفظ الاموال( جعل الله ) أى صيرها فهو متعد إلى مفعولين والاول محذوف وهو العائد ، ويجوز أن يكون بمعنى خلق فيكون قياما حالا( قياما ) يقرأ بالياء والالف ، وهو مصدر قام والياء بدل من الواو ، وأبدلت منها لما أعلت في الفعل وكانت قبلها كسرة ، والتقدير : التى جعل الله لكم سبب قيام أبدانكم : أى بقائها ويقرأ قيما بغير ألف وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه مصدر مثل الحول والعوض ، وكان القياس أن تثبت الواو لتحصنها بتوسطها كما صحت في الحول والعوض ، ولكن أبدلوها ياء حملا على قيام على اعتلالها في الفعل .

١٨٠