المجتبى عليه السلام بين وميض الحرف ووهج القافية

المجتبى عليه السلام بين وميض الحرف ووهج القافية27%

المجتبى عليه السلام بين وميض الحرف ووهج القافية مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 220

  • البداية
  • السابق
  • 220 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 29097 / تحميل: 7307
الحجم الحجم الحجم
المجتبى عليه السلام بين وميض الحرف ووهج القافية

المجتبى عليه السلام بين وميض الحرف ووهج القافية

مؤلف:
العربية

١

٢

٣

٤

الإهداء

إلى من نحله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هيبته وسؤدده.

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : وجدتك بعضي بل كلّي

٥

٦

المقدّمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والسلام على عباده الذين اصطفى محمّد وآله الطاهرين ومَن تبعهم بإحسان.

ما برحت مدرسة أدب الولاء لأهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شاخصةً بجهودها الخالدة على طريق المفاداة الحقّة لأمناء الوحي وأئمة الهدى، حيث امتدت على طول مساحة التاريخ الإسلامي وعرضِه حتى عُدَّ الشعرُ - مثلاً - فنّاً شيعيّاً ناهيك عن فنون الأدب الاُخرى التي أسهم فيها اُدباء الحق إسهامات جلّى في بناء صرح الكلمة الصادقة المعبّرة، العصيّة على الاضطهاد والتنكيل، الجهيرة دون خوفٍ، المتألّقة الصافية، الشجاعة الحاضرة في كلّ موقفٍ فذٍّ، المنافحة عن الحقيقة المظلومة، الذابّة دون الخير والصلاح والحريّة وهكذا فقد امتدّت هذه الكلمة منذ أوائل صدر الإسلام مارّةً بأدوارها التاريخيّةِ المعهودةِ في كلّ عصور الاُمّة حتى وصلت إلى يومنا الحاضر وهي تحمل سمات تجذّرها العريق وامتدادها الخصب في عروق الأرض والإنسان والفكرة وكثيراً ما يُحمد لبيئاتٍ معروفةٍ خلال هذا السفار الطويل بزوغها المبكّر وألقها الناضح بالجمال في احتضان النور واجتلائه بصدورها الواعية وألسنتها الشاهدة وذلك الحنين المتدفّق رغم الشجى المعترض في الحناجر والأصوات والحروف ولعلَّ ( القطيف ): حاضرة التشيّع

٧

علماً وأدباً وجهاداً ورسوخاً في الولاء هي المثال الساطع على ما سلف، حيث بقيت رافداً صافياً من روافد سلسال الكوثر الموعود لم تكدّره الأعاصير العابرة أو الخطى الغريبة الخائضة والمطبوعة الماثلة بين يدَي قارئنا العزيز هي نتاجُ « ملتقى القطيف الثقافي » في ندوته الثانية عن الإمام الحسن المجتبىعليه‌السلام - التي تناوبت على منصتها أصوات عديدةٍ لبيئاتٍ شيعيّةٍ عديدةٍ - آثرتنا بنشرها لجنة الندوة الموقّرة، شعوراً منهم ومنّا جميعاً بمسؤولية الانتصاف للأدب المقال في أهل البيتعليهم‌السلام ، ووفاءً لعهدٍ قطعته المكتبة الأدبية المختصة على نفسها ان تحتضن كل جهدٍ أدبيٍّ ولائي رائقٍ لا سيّما وانّه قد شارك فيه نخبة من علماء واُدباء الحوزة العلمية المباركة ببحوثهم وقصائدهم المبدعة فإلى حيث نسرِّح الطرفَ والقلبَ في صفحات هذا الجهد الرائد المبارك، المؤسِّس - فيما نظنُّ - لحالةٍ ناضجةٍ من الأداء المعاصر للنص الأدبي الشيعي العتيد وإلى حيث نوفّق في أيامنا القابلة - إن شاء الله - إلى المزيد من نشرِ اعمالٍ حافلةٍ اُخرى.

فرات الأسدي

مدير المكتبة الأدبية المختصة

غرة رمضان المبارك ١٤١٩ ه‍

٨

البدء

وهكذا انتشر الضوء في مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مستقبلاً فجر الرسالة الجديد، المولود البكر لملتقى النورين علي وفاطمةعليهما‌السلام ، فأطلّ أبو محمّد الحسن بن عليعليهما‌السلام ليغشى الوجود بحلّته الخضراء.

ويأتي جدّه المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليقول لعليعليه‌السلام : هل أسميته؟ فيقول: ما كنت لأسبقك بإسمه، فيقولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وما كنت لأسبق بإسمه ربّي عزّ وجلّ، وبعد هذه المحاورة القصيرة هبط الأمين جبرئيلعليه‌السلام من السماء حاملاً معه خبر تسمية المولود المبارك، قائلاً بعد تهنئة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قِبَل الله عزّ وجلّ: إنّ الله تبارك وتعالى يأمرك أن تسمّيه بإسم ابن هارون، قال: وما كان اسمه؟ قال: شبّر، قال: لساني عربي، قال: سمّه الحسن، فسمّاه به.

وتمرُّ الليالي والأيام على تلك الثمرة اليانعة والشمعة المضيئة في بيت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، تحتضنها الحجور الطاهرة، وتؤويها الأحضان المباركة، وترضع من ثدي الإيمان والهدى، وجده الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحبوه الأوسمة الكبيرة.

ثم يأتي القدر فيرفع تلك الشجرة الوارفة الظلال، لتسكن دار الخلود، فتهبُّ الأعاصير على زهراتها المتفتحات، ويعيش الإمام الحسنعليه‌السلام مع أبيهعليه‌السلام أيام المحنة والفتنة، ثم يشتدُّ الأمر عليه، بعد استشهاد أبيه العظيم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فيقوم بالأمر مع أخيه الحسينعليهما‌السلام .

ويبقى أبو محمّد الحسنعليه‌السلام الصابر المجاهد، تتكسّر أمواج الفتنة عند أعتاب حنكته، إلاّ أنّ معاصريه لم يدركوا بُعْدَ مداه، وعمق رؤاه، فاتّهموه بما لم

٩

يكن فيه، وألحّوا على ما كان فيهم، فنبذوا الكتاب وراء ظهورهم، وإنّه الخسران المبين.

ويأتي قلم التأريخ المزيّف ليقف موقفه المتعثّر في أوحال الخيانة المعهودة، ويسجّل قساوة آرائه وخبث طويّته وحقده، وغضبه، فيزيد في طين التعاسة بلّة المروق عن الحق، فيرمي الإمامعليه‌السلام بوابل التهم المجوّفة، وينسى قول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه وفي أخيه الإمام الحسينعليه‌السلام : «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ».

إنّه التاريخ الذي تمرّد على الحقيقة في مواقف متعددة، ولكنّ الضياء المتوهج أبى إلاّ أن يخترق الحجب الداكنة السواد، فبدت لنا الأشعة تنسل من زوايا الظلماء.

من هنا ورفعاً لبعض المظلومية التي أحاطت بحياة الإمام الحسنعليه‌السلام انبثقت فكرة ندوة الإمام الحسنعليه‌السلام الثقافية، التي أقامها « ملتقى القطيف الثقافي » - الأدبي سابقاً - فشارك فيها مجموعة من الفضلاء والاُدباء، وتناولوا حياة الإمامعليه‌السلام من زوايا متعددة وبأساليب مختلفة، شاكرين حسن استجابتهم وتعاونهم.

وقد استمرّت الندوة ليلتين متتاليتين: الجمعة والسبت: ١٤ - ١٥ / ٩ رمضان / ١٤١٧ ه‍، وقد رأينا طبع مادة الندوة ليكون الإصدار الثاني للملتقى خدمة للعلم والأدب، حيث كان الأوّل ( الإمام الحسينعليه‌السلام وهج القصيد ) ١٤١٦ ه‍ وفي هذه الآونة والكتاب معد للطبع، اقترح علينا الأخ الاُستاذ الأديب فرات الاسدي مدير المكتبة الأدبية المختصة التابعة لمكتب سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني ( مدّ ظلّه )، أن تقوم المكتبة بطباعة الكتاب فنزلنا عند رغبته نرجو الله له وللجميع بالتوفيق، وأن يجعل المكتبة الأدبية لبنة في

١٠

صرح الأدب العربي والولائي بالخصوص ..

ونودُّ أن نشير إلى أنّ وقت الندوة لم يتسع إلى بعض الكلمات والقصائد فآثرنا نشر ما سمحت نفس صاحبها بها.

وفي الختام نشكر جميع مَن شارك وحضر، كما نشكر الاُستاذ الناقد ( ثامر الوندي ) على استجابته لنا بكتابة مقاله القيم ( ثمرة الاقتران المقدّس دراسة في مستويات التلقّي ) حول القصائد التي اُلقيت، مقدّرين له وللجميع الخُلُق الرفيع والروح العالية، كما نشكر الأخ فضيلة الشيخ ( مصطفى الموسى ) على إدارته للندوة، سائلين المولى عزَّ وجل أن يوفّقنا جميعاً لما يحب ويرضى إنّه أكرم مسؤول وخير معطٍ.

لجنة الندوة

١٠ / ذو الحجّة الحرام / ١٤١٧ ه‍

١١

ملاحظة

( ترتيب المواد حسب إلقائها )

١٢

افتتاحية الندوة

السيّد محمّد العوّامي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبيّنا محمّد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.

القطيف واحة تواجه أمواج الخليج من جهة، ورياح الصحراء من جهتها الاُخرى، لها أعماق غائرة في صلب التاريخ، طالما أوصل البحر إليها غزاة تركوا آثارهم فيها عندما غادروها، فأصبحت نسيج حضارات امتزجت مع بعضها حتى صارت جزءاً من تكوين المنطقة عبر امتداد الغزو منذ الفينقيين إلى البرتغاليين.

وفي يوم من أيام التاريخ الإنساني المشرق، نشرت رياح الصحراء على المنطقة راية خفّاقة استظلت بها القطيف ولا زالت تستظلّ بأفيائها الفينانة. وتحدّثت القطيف فكانت لغة الذوبان والارتباط الصميمي بأهل البيتعليهم‌السلام منبع الفكر ومصدر الإشعاع وخزّان العلم.

انعكست هذه الأجواء على أرض القطيف صرحاً حضارياً له امتداد متميز في ميادين العلوم الدينية، ودور واضح المعالم في تفعيل وتنشيط الحركة الفكرية في العالم الإسلامي.

١٣

ففي الوقت الذي نشطت فيه الحركة العلمية والأدبية في كثير من الحواضر الإسلامية، كما في حوزة النجف الأشرف أو في الأزهر الشريف - على سبيل المثال - اُطلق على القطيف اسم - النجف الصغرى - وهذه التسمية تحمل دلالات ومؤشّرات واضحة لما تملكه المنطقة من عدد كبير من الفقهاء والمجتهدين ذوي المكانة العلمية، ومن شعراء واُدباء هم في الطليعة أيضاً، بامتداد تاريخي واضح المسار منذ الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد إلى جملة من الشعراء المعاصرين.

إنّ الحركة العلمية النشطة، وجهود علماء المنطقة تركت تراثاً هائلاً في مختلف ميادين العلوم الدينية والفكرية وفي تخصصات اُخرى، غير أن عوامل متعددة ساهمت بشكل أو بآخر على إبقاء هذا التراث الفكري رهين المكتبات الخاصة أو حبيس أيدي من لا يعرف العلم وأهله، فاندثر الكثير من هذا التراث ولم يبق منه إلاّ نزر يسير كثمالة الكأس.

ومن هنا تأتي خطورة المهمة الملقاة على عاتق الأبناء لإكمال المسيرة التي بدأها الآباء، فلقد واصل الآباء مسيرة البناء تلك التي اعتبروها أمانة سلّمها لهم مَن كان قبلهم، فحافظوا عليها بحسب الآلية المتاحة لهم والظروف التي عاشوها.

ونحن اليوم في سباق مع الزمن، بل في لهاث وراء ثورة معلوماتية هائلة تعجُّ من حولنا بشتى أصناف المعرفة. لذا علينا أن نجعل من تراثنا جزءاً منها كما علينا أيضاً الاستفادة من التقنية العالية في مجال المعلومات.

المنطقة - القطيف - تمتلك مخزوناً كبيراً وهائلاً من طاقات الفكر والعلم والأدب، بحيث لو جمع ودوِّن لشكّل مكتبة إسلامية متكاملة في كل أبعاد المعرفة، ولكن تبقى الأرقام التي أشرنا إليها مقبولة إلى حدّ ما وغير مبالغ فيها.

نقدّم شاهداً على ما تختزنه المنطقة من تراث فكري وأدبي كبير، وهو ما

١٤

شاهدته الكاتبة والأديبة المصرية بنت الشاطئ التي زارت القطيف سنة ١٣٧٠ ه‍ -١٩٥١ م، وسجّلت هذه الزيارة في كتابها ( أرض المعجزات ) قالت الأديبة:

« أكتب هذا وما تزال ملء مسمعي أصداء آتية من بعيد، أصداء قوية لسمر أدبي حافل، ملأ احدى امسياتنا في شرق الجزيرة حين اجتمعنا بأخوتنا من علماء القطيف واُدبائها على ساحل الخليج ». وأضافت تقول: « كم تألّمت وأنا اُصغي إلى حديث اُدباء القطيف عن معاركنا النقدية ومذاهبنا الفنية؟ وكم خجلت وأنا أرى في أيديهم كتبنا ومجلاتنا نحن الذين لا نشعر بهم أو نلقي إليهم بالا ».

« كم تأثّرت وأنا أسمع الشاعر عبد الرسول الجشي يعرفنا بلده الذي هو قطعة من بلدنا الشرق العربي ».

كلمة لا تحتاج إلى تعليق لما انطوت عليه من اللغة الصريحة عن تراث هذه المنطقة، أو عن القطيف التي ضرب عليها سياج لكي لا يتعرّف أحد على عطائها وفكرها، ومع كل التقدير والاعتزاز بما بذل من جهود في هذا المضمار، من إيجاد بعض المراكز العاملة على إحياء هذا التراث، وكذلك ما حقّق من بعض الكتب فعلاً وخرج إلى النور، فإنّ هذه المساعي والجهود لا تشكل إلاّ نقطة من بحر، وهي لا تتناسب مع حجم التراث الهائل والكبير الذي تركه العلماء الأفذاذ في الماضي، لكنّنا نقول: إنّ مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة.

هذا بالنسبة للتراث الذي نبارك للأخوة المساهمين في تحقيق نصوصه، وفي إنشاء مراكز إحيائه لرفد مسيرة الحاضر، أمّا بالنسبة لما هو معاصر فإنّنا نشدّ على أيدي الأخوة العاملين على المنتديات والملتقيات الثقافية، بل نقف معهم لتوجيه الطاقات وتحريك الهمم والمشاركة الفعّالة في المحافظة على الزخم العلمي الحضاري الذي تتصف به المنطقة وأبناؤها المخلصون للإسلام الحنيف.

١٥

ونحن نبارك هذه الخطوة المباركة لملتقى القطيف كشكل من أشكال التواصل مع مسيرة العطاء، حيث يستقبل الملتقى نخبة من الأفاضل والأدباء والشعراء لتسليط الأضواء على شخصية الإمام الحسنعليه‌السلام في كل أبعادها، من خلال الكلمة والقصيدة. فتبقى الذكرى منطلقاً لإبراز الطاقات العلمية والأدبية والتعريف بها فيكون الملتقى ساحة لتلاقح الأفكار، وبعد ذلك لتصبّ هذه الرؤى والتصورات والإبداعات في مسيرة العطاء والبناء نحو الهدف المنشود.

وكمحاولة للمشاركة والاصطفاف مع الجهود المخلصة أقدم بحثي القصير عن الإمام الحسنعليه‌السلام .

جاء الإمام الحسنعليه‌السلام إلى الخلافة في مناخ قلق غير مستقر، وفي ظروف التعقيد والصراع التي برزت وتأزّمت في أيام الإمام الحسنعليه‌السلام . تلك هي شريحة زمنية جاءت بين دوافع الأوّلين وتساهل الآخرين صورة مشوّهة من صور التاريخ، وتعرضت في مختلف أدوارها لما كان يجب أن يتعرّض له أمثالها من الفترات المطموسة المنسية الحقائق، فإذا بالحسنعليه‌السلام في عرف الكثير من المتسرعين من شرقيين وغربيين ذلك الخليفة الضعيف الذي باع الخلافة بثمن زهيد إلى كثير من التخرّصات التي لا تستند إلى دليل أو منطق.

جاء الإمام الحسنعليه‌السلام في خضم تيارات متعددة من الاُمويين والخوارج وغيرهم، وأمام كل هذه التحديات تبرز عدّة نقاط تشكّل عائقاً أمام المخططات الإلهية التي كان يرومها الإمام الحسنعليه‌السلام في مواصلة جهود المسيرة منها:

١ - عدم رسوخ فكرة النص أو نزولها إلى الساحة، فهي لم تكن مألوفة ولا معروفة لدى الجمهور الذي عاصره الإمام الحسن، لذا لم يتعامل معه الجمهور على انّه إمام ومفترض الطاعة.

٢ - تولّي الإمام الحسنعليه‌السلام بعد أبيه قوّى الشك في رسالية المعركة،

١٦

فأصبح في نظر الكثير انّ المعركة معركة بين بيت وآخر: اُموي وهاشمي، وليست معركة رسالية.

من خلال هذين العاملين وأسباب اُخرى دقّق الإمام الحسنعليه‌السلام عدّة من الخيارات:

الأوّل - إغراء الزعامات وأصحاب النفوذ لاستقطابهم، وهذا الاقتراح اقترحه البعض على الإمام الحسن لكنّه رفض هذا بقوله: «أتريدون أن أطلب النصر بالجور فوالله ما كان ذلك أبداً ».

الثاني - أن يخوض معركة، لكنّ المقاومة في دور الإمام الحسنعليه‌السلام كانت تؤدّي إلى فناء الصف المدافع عن الدين فلو غامر الإمام الحسنعليه‌السلام لقُتِل هو ومَن معه من بني هاشم وتنتصر الاُموية. وأيضاً يمكن أن يكون دخول الإمامعليه‌السلام في معركة يائسة يجعل معركته في نظر الكثير بمستوى المعركة التي خاضها ابن الزبير، وقد نتساءل هل أحدٌ من المسلمين فكّر بابن الزبير؟ هل حققت معركته مكسباً للإسلام؟ الجواب: كلاّ؟ والإمام الحسنعليه‌السلام يدرك كل هذه الأبعاد والتفصيلات.

الثالث - الصلح وهو مجرّد اُطروحة تشكّل هدنة زمنية مؤقتة وهي تجسّد امتداداً لمنهجية بدأها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صلح الحديبية وللإمام الحسنعليه‌السلام اُسوة بجدّه، ولا غرو أن يسير الأبناء على ما خطّه الآباء، هذا مع العلم بأنّ الصلح تضمن مجموعة من البنود الهامة التي لعبت دوراً كبيراً، وحقّقت مكاسب في طريق الإسلام.

وبذلك تمكّن الإمام الحسنعليه‌السلام بصلحه من أن يكشف زيف الاُموية، ويعري أولئك الذين تستّروا بالإسلام وساهموا بانحراف المسيرة عن الطريق المستقيم، فالإمام الحسنعليه‌السلام كشف اللِّثام عن هؤلاء ومهّد الطريق أمام

١٧

الحسينعليه‌السلام ليكمل المسيرة ويحقّق الانتصار الكبير للإسلام على الجاهلية والاُموية. وندرك بعد ذلك أنّ الإمام الحسن والحسين وجهان لرسالة واحدة، فكان للإمام الحسن دور الصابر الحكيم، وكان للحسينعليه‌السلام دور الثائر الكريم.

إذاً - لا شك - ندرك حجم التضحية التي قام بها الإمام الحسنعليه‌السلام من أجل الإسلام، كما قال المصلح الكبير السيّد شرف الدين: « كانت شهادة الطف حسنية أوّلاً وحسينية ثانياً » كم تحمل هذه الكلمة من معان مؤشرات لأطروحة الصلح، وكيف تحوّل الصمت والهدوء إلى قنبلة موقوتة جاءت في وقتها المناسب؟.

١٨

القسم الأوّل

جانب البحوث والدراسات

الشيخ مهدي العوازم

السيد علي الجراش

الشيخ محمّد جواد الطريحي

السيد محمّد العمدي

الشيخ حسين البدر

الشيخ نزار سنبل

١٩

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

شرائطها التي منها الاعتماد على الحسّ دون الحدس. وهو شرط اتّفق عليه العلماء ، ومن المعلوم عدم تحقّق هذا الشَّرط ، لعدم تعاصر المعدِّل ( بالكسر ) والمعدَّل ( بالفتح ) غالباً.

والجواب أنَّه يشترط في الشهادة ، أن يكون المشهود به أمراً حسّياً أو تكون مبادئه قريبة من الحسّ وإن لم يكن بنفسه حسّياً ، وذلك مثل العدالة والشّجاعة فإنَّهما من الأُمور غير الحسيّة ، لكن مبادئها حسّية من قبيل الالتزام بالفرائض والنوافل ، والاجتناب عن اقتراف الكبائر في العدالة ، وقرع الأبطال في ميادين الحرب ، والاقدام على الأُمور الخطيرة بلا تريُّث واكتراث في الشجاعة.

وعلى ذلك فكما يمكن إحراز عدالة المعاصر بالمعاشرة ، اوبقيام القرائن والشَّواهد على عدالته ، أو شهرته وشياعه بين الناس ، على نحو يفيد الاطمئنان ، فكذلك يمكن إحراز عدالة الراوي غير المعاصر من الاشتهار والشياع والأمارات والقرائن المنقولة متواترة عصراً بعد عصر ، المفيدة للقطع واليقين أو الاطمئنان.

ولا شكَّ أنَّ الكشّي والنجاشي والشيخ ، بما أنَّهم كانوا يمارسون المحدِّثين والعلماء ـ بطبع الحال ـ كانوا واقفين على أحوال الرواة وخصوصيّاتهم ومكانتهم من حيث الوثاقة والضبط ، فلأجل تلك القرائن الواصلة اليهم من مشايخهم وأكابر عصرهم ، إلى أن تنتهي إلى عصر الرواة ، شهدوا بوثاقة هؤلاء.

وهناك جواب آخر ؛ وهو أنَّ من المحتمل قويّاً أن تكون شهاداتهم في حق الرواة ، مستندة إلى السَّماع من شيوخهم ، إلى أن تنتهي إلى عصر الرواة ، وكانت الطّبقة النهائيَّة معاشرة لهم ومخالطة إيّاهم.

وعلى ذلك ، لم يكن التَّعديل أو الجرح أمراً ارتجاليّاً ، بل كان مستنداً ، إمّا إلى القرائن المتواترة والشواهد القطعية المفيدة للعلم بعدالة الراوي أو

٤١

ضعفه ، أو إلى السَّماع من شيخ إلى شيخ آخر.

وهناك وجه ثالث ؛ وهو رجوعهم إلى الكتب المؤلفة في العصور المتقدّمة عليهم ، التي كان أصحابها معاصرين للرواة ومعاشرين لهم ، فإنَّ قسماً مهمّاً من مضامين الأصول الخمسة الرجاليّة ، وليدة تلك الكتب المؤلّفة في العصور المتقدّمة.

فتبيَّن أنَّ الأعلام المتقدّمين كانوا يعتمدون في تصريحاتهم بوثاقة الرَّجل ، على الحسّ دون الحدس وذلك بوجوه ثلاثة :

1 ـ الرجوع إلى الكتب التي كانت بأيديهم من علم الرجال التي ثبتت نسبتها إلى مؤلّفيها بالطّرق الصحيحة.

2 ـ السَّماع من كابر عن كابر ومن ثقة عن ثقة.

3 ـ الاعتماد على الاستفاضة والاشتهار بين الأصحاب وهذا من أحسن الطّرق وأمتنها ، نظير علمنا بعدالة صاحب الحدائق وصاحب الجواهر والشيخ الأنصاري وغيرهم من المشايخ عن طريق الاستفاضة والاشتهار في كل جيل وعصر ، إلى أن يصل إلى زمان حياتهم وحينئذ نذعن بوثاقتهم وإن لم تصل الينا بسند خاصّ.

ويدلّ على ذلك ( أي استنادهم إلى الحسّ في التوثيق ) مانقلناه سالفاً عن الشيخ ، من أنّا وجدنا الطائفة ميَّزت الرجال الناقلة ، فوثّقت الثّقات وضعَّفت الضعفاء ، وفرَّقوا بين من يعتمد على حديثه وروايته ، ومن لا يعتمد على خبره ـ إلى آخر ما ذكره.(1)

ولاجل أن يقف القارئ على أنَّ أكثر ما في الأُصول الخمسة الرجالية ـ لا جميعها ـ مستندة إلى شهادة من قبلهم من الاثبات في كتبهم في حق الرواة ،

__________________

1 ـ لاحظ عدة الأُصول : 1 / 366.

٤٢

نذكر في المقام أسامي ثلّة من القدماء ، قد ألَّفوا في هذا المضمار ، ليقف القارئ على نماذج من الكتب الرجاليَّة المؤلَّفة قبل الأُصول الخمسة أو معها ولنكتف بالقليل عن الكثير.

1 ـ الشيخ الصدوق أبو جعفر محمَّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ( المتوفّى 381 هـ ) ، ترجمه النجاشي ( الرقم 1049 ) وعدَّ من تصانيفه كتاب « المصابيح » في من روى عن النبي والأئمةعليهم‌السلام وله ايضاكتاب « المشيخة » ذكر فيه مشايخه في الرجال وهم يزيدون عن مائتي شيخ ، طبع في آخر « من لايحضره الفقيه »(1) .

2 ـ الشيخ أبو عبد الله أحمد بن عبد الواحد البزاز المعروف بـ « ابن عبدون » ( بضم العين المهملة وسكون الباء الموحدة ) ، كما في رجال النجاشي ( الرقم 211 ) وبـ « ابن الحاشر » كما في رجال الشيخ(2) ، والمتوفّى سنة 423 هـ وهو من مشايخ الشيخ الطوسي والنجاشي وله كتاب « الفهرس ». أشار إليه الشيخ الطوسي في الفهرس في ترجمة إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي(3) .

3 ـ الشيخ أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بـ « ابن عقدة » ( بضم العين المهملة وسكون القاف ، المولود سنة 249 هـ والمتوفّى سنة 333 هـ ) له كتاب « الرجال » وهو كتاب جمع فيه أسامي من روى عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام وله كتاب آخر في هذا المضمار جمع فيه أسماء الرواة عمن تقدم على الإمام الصّادق من الأئمّة الطاهرينعليهم‌السلام .(4)

__________________

1 ـ ترجمة الشيخ في الرجال ، في الصفحة 495 ، الرقم 25 وفي الفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 156 ، تحت الرقم 695 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 184 ، تحت الرقم 709.

2 ـ رجال الشيخ : 450 ، ترجمه الشيخ بـ « أحمد بن حمدون ».

3 ـ الفهرس : 4 ـ 6 ، « الطبعة الأولى » ، تحت الرقم 7 و « الطبعة الثانية » : 27 ـ 29.

4 ـ ذكره الشيخ في الرجال : 44 ، الرقم 30 وفي الفهرس « الطبعة الأولى » ص 28 ،

٤٣

4 ـ أحمد بن علي العلويّ العقيقيّ ( المتوفى عام 280 هـ ) له كتاب « تاريخ الرجال » وهو يروي عن أبيه ، عن إبراهيم بن هاشم القمي.(1)

5 ـ أحمد بن محمّد الجوهري البغدادي ، ترجمه النجاشي ( الرقم 207 ) والشيخ الطوسي(2) وتوفّي سنة 401 هـ ، ومن تصانيفه « الاشتمال في معرفة الرجال ».

6 ـ الشيخ أبو العباس أحمد بن محمّد بن نوح ، ساكن البصرة له كتاب « الرجال الذين رووا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام »(3) .

7 ـ أحمد بن محمَّد القمي ( المتوفى سنة 350 هـ ) ترجمه النجاشي ( الرقم 223 ) ، له كتاب « الطبقات ».

8 ـ أحمد بن محمَّد الكوفي ، ترجمه النجاشي ( الرقم 236 ) وعدَّ من كتبه كتاب « الممدوحين والمذمومين »(4) .

9 ـ الحسن بن محبوب السرّاد ( بفتح السين المهملة وتشديد الراء ) أو الزرّاد ( المولود عام 149 هـ ، والمتوفّى عام 224 هـ ) روى عن ستّين رجلاً من

__________________

تحت الرقم 76 ، وفي « الطبعة الثانية » ص 52 ، تحت الرقم 86 ، وذكر في رجال النجاشي تحت الرقم 233.

1 ـ ترجمه النجاشي في رجاله ، تحت الرقم 196 ، والشيخ في الفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 24 ، تحت الرقم 63 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 48 ، تحت الرقم 73 ، وفي الرجال في الصفحة 453 ، الرقم 90.

2 ـ رجال الشيخ : 449 ، الرقم 64 ، والفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 33 ، تحت الرقم 89 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 57 ، تحت الرقم 99.

3 ـ ترجمه الشيخ في رجاله : 456 ، الرقم 108 وفي الفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 37 ، تحت الرقم 107 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 61 ، تحت الرقم 117.

4 ـ ذكره الشيخ في الرجال : 454 ، وقال في الفهرس « الطبعة الأولى » بعد ترجمته في الصفحة 29 ، تحت الرقم 78 : « توفي سنة 346 هـ » ويكون في « الطبعة الثانية » من الفهرس في الصفحة 53 ، تحت الرقم 88.

٤٤

اصحاب الصادقعليه‌السلام وله كتاب « المشيخة » وكتاب « معرفة رواة الأخبار »(1) .

10 ـ الفضل بن شاذان ، الّذي يُعدُّ من أئمّة علم الرجال وقد توفّي بعد سنة 254 هـ ، وقيل 260 هـ ، وكان من أصحاب الرضا والجواد والهاديعليهم‌السلام وتوفّي في أيام العسكريعليه‌السلام (2) ينقل عنه العلاّمة في الخلاصة في القسم الّثاني في ترجمة « محمد بن سنان » ـ بعد قوله : والوجه عندي التوقّف فيما يرويه ـ « فإنَّ الفضل بن شاذان ـ رحمهما الله ـ قال في بعض كتبه : إنَّ من الكذّابين المشهورين ابن سنان »(3) .

إلى غير ذلك من التآليف للقدماء في علم الرِّجال وقد جمع أسماءها وما يرجع اليها من الخصوصيّات ، المتتبع الشيخ آغا بزرگ الطهراني في كتاب أسماه « مصفى المقال في مصنّفي علم الرجال »(4) .

والحاصل ، أنّ التتبّع في أحوال العلماء المتقدّمين ، يشرف الإنسان على الاذعان واليقين بأنَّ التوثيقات والتضعيفات الواردة في كتب الأعلام الخمسة وغيرها ، يستند إمّا إلى الوجدان في الكتاب الثّابتة نسبته إلى مؤلّفه ، أو إلى النّقل والسّماع ، أو إلى الاستفاضة والاشتهار ، أو إلى طريق يقرب منها.

__________________

1 ـ راجع رجال الشيخ الطوسي : 347 ، الرقم 9 والصفحة 372 ، الرقم 11 والفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 46 ، تحت الرقم 151 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 72 ، تحت الرقم 162.

2 ـ ذكره النجاشي في رجاله تحت الرقم 840 والشيخ في الفهرس « الطبعة الأولى » الصفحة 124 ، تحت الرقم 552 ، وفي « الطبعة الثانية » الصفحة 150 ، تحت الرقم 564 ، وفي الرجال في الصفحة 420 ، الرقم 1 ، والصفحة 434 ، الرقم 2.

3 ـ الخلاصة : 251 ، طبع النجف.

4 ـ طبع الكتاب عام 1378.

٤٥

السابع : التوثيق الإجمالي

إنَّ الغاية المُتوخّاة من علم الرجال ، هو تمييز الثِّقة عن غيره ، فلو كانت هذه هي الغاية منه ، فقد قام مؤلّف الكتب الأربعة بهذا العمل ، فوثَّقوا رجال أحاديثهم واسناد رواياتهم على وجه الاجمال دون التَّفصيل ، فلو كان التَّوثيق التفصيلي من نظراء النَّجاشي والشَّيخ وأضرابهما حجَّة ، فالتَّوثيق الاجمالي من الكليني والصَّدوق والشيخ أيضاً حجَّة ، فهؤلاء الأقطاب الثَّلاثة ، صحَّحوا رجال أحاديث كتبهم وصرَّحوا في ديباجتها بصحّة رواياتها.

يقول المحقّق الكاشاني في المقدّمة الثانية من مقدّمات كتابه « الوافي » في هذا الصَّدد ، ما هذا خلاصته(1) : « إنَّ أرباب الكتب الأربعة قد شهدوا على صحَّة الروايات الواردة فيها. قال الكليني في أوَّل كتابه في جواب من التمس منه التَّصنيف : « وقلت : إنَّك تحبُّ أن يكون عندك كتاب كاف يجمع من جميع فنون علم الدّين ما يكتفي به المتعلم ، ويرجع إليه المسترشد ، ويأخذ منه مَنْ يُريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين ، والسنن القائمة التي عليها العمل وبها يؤدّي فرض الله وسنّة نبيّه إلى أن قالقدس‌سره : وقد يسَّر الله له الحمد تأليف ما سألت ، وأرجو أن يكون بحيث توخَّيت ». وقال الصَّدوق في ديباجة « الفقيه » : « إنّي لم أقصد فيه قصد المصنّفين في إيراد جميع ما رووه ، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحّته ، وأعتقد فيه أنَّه حجَّة فيما بيني وبين ربي ـ تقدَّس ذكره ـ ، وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المُعوَّل وإليها المرجع ». وذكر الشيخ في « العدّة » أنَّ جميع ما أورده في كتابيه ( التهذيب والاستبصار ) ، إنَّما أخذه من الأُصول المعتمد عليها.

والجواب : أنَّ هذه التَّصريحات أجنبيَّة عمّا نحن بصدده ، أعني وثاقة

__________________

1 ـ الوافي : 1 / 11 ، المقدمة الثانية.

٤٦

رواة الكتب الأربعة.

أَمّا أوّلاً : فلأن المشايخ شهدوا بصحَّة روايات كتبهم ، لا بوثاقة رجال رواياتهم ، وبين الأمرين بون بعيد ، وتصحيح الروايات كما يمكن أن يكون مستنداً إلى إحراز وثاقة رواتها ، يمكن أن يكون مستنداً إلى القرائن المنفصلة التي صرّح بها المحقّق البهائي في « مشرق الشمسين » والفيض الكاشاني في « الوافي » ومع هذا كيف يمكن القول بأنَّ المشايخ شهدوا بوثاقة رواة أحاديث كتبهم؟ والظّاهر كما هو صريح كلام العَلَمين ، أنَّهم استندوا في التَّصحيح على القرائن لا على وثاقة الرواة ، ويدلّ على ذلك ما ذكره الفيض حول هذه الكلمات ، قالقدس‌سره بعد بيان اصطلاح المتأخّرين في تنويع الحديث المعتبر : « وسلك هذا المسلك العلاّمة الحلّيرحمه‌الله وهذا الاصطلاح لم يكن معروفاً بين قدمائنا ـ قدس الله أرواحهم ـ كما هو ظاهر لمن مارس كلامهم ، بل كان المتعارف بينهم إطلاق الصحيح على كلِّ حديث اعتضد بما يقتضي الاعتماد عليه ، واقترن بما يوجب الوثوق به ، والركون إليه (1) كوجوده في كثير من الأُصول الأربعمائة المشهورة المتداولة بينهم التي نقلوها عن مشايخهم بطرقهم المتّصلة بأصحاب العصمةعليهم‌السلام (2) وكتكرّره في أصل أو أصلين منها فصاعداً بطرق مختلفة ـ وأسانيد عديدة معتبرة (3) وكوجوده في أصل معروف الانتساب إلى أحد الجماعة الّذين أجمعوا على تصديقهم ، كزرارة ومحمَّد بن مسلم والفضيل بن يسار (4) ، أو على تصحيح مايصحّ عنهم ، كصفوان بن يحيى ، ويونس بن عبد الرّحمن ، وأحمد بن محمَّد بن أبي نصر البزنطي (5) ، أو العمل بروايتهم ، كعمار الساباطي ونظرائه (6) وكاندراجه في أحد الكتب التي عرضت على أحد الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام فأثنوا على مؤلّفيها ، ككتاب عبيد الله الحلبي الّذي عرض على الصّادقعليه‌السلام وكتابي يونس بن عبد الرحمن والفضل بن شاذان المعروضين على العسكريعليه‌السلام (7) وكأخذه من أحد الكتب التي شاع

٤٧

بين سلفهم الوثوق بها والاعتماد عليها ، سواء كان مؤلّفوها من الإماميّة ، ككتاب الصَّلاة لحريز بن عبد الله السجستاني وكتب ابني سعيد ، وعليّ بن مهزيار ، أو من غير الإماميّة ، ككتاب حفص بن غياث القاضي ، والحسين بن عبيد الله السعدي ، وكتاب القبلة لعلي بن الحسن الطاطري إلى أن قال : فحكموا بصحَّة حديث بعض الرواة من غير الإماميّة كعليّ بن محمد بن رياح وغيره لما لاح لهم من القرائن المقتضية للوثوق بهم والاعتماد عليهم ، وإن لم يكونوا في عداد الجماعة الَّذين انعقد الاجماع على تصحيح ما يصحّ عنهم إلى أن قال : فإن كانوا لا يعتمدون على شهادتهم بصحَّة كتبهم فلا يعتمدوا على شهادتهم وشهادة أمثالهم من الجرح والتعديل إلى أن قال : نعم ، إذا تعارض الخبران المعتمد عليهما على طريقة القدماء فاحتجنا إلى الترَّجيح بينهما ، فعلينا أن نرجع إلى حال رواتهما في الجرح والتعَّديل المنقولين عن المشايخ فيهم ونبني الحكم على ذلك كما اُشير إليه في الأخبار الواردة في التراجيح بقولهمعليهم‌السلام « فالحكم ما حكم به أعدلهما وأورعهما واصدقهما في الحديث » وهو أحد وجوه التّراجيح المنصوص عليها ، وهذا هو عمدة الأسباب الباعثة لنا على ذكر الأسانيد في هذا الكتاب »(1) .

وثانياً : سلَّمنا أنَّ منشأ حكمهم بصحَّتها هو الحكم بوثاقة رواتها ، لكن من أين نعلم أنَّهم استندوا في توثيقهم إلى الحسِّ ، إذ من البعيد أن يستندوا في توثيق هذا العدد الهائل من الرواة الواردة في هذه الكتب إلى الحسّ ، بل من المحتمل قويّاً ، أنَّهم استندوا إلى القرائن التي يستنبط وثاقتهم منها ، ومثله يكون حجَّة للمستنبط ولمن يكون مثله في حصول القرائن.

وثالثاً : نفترض كونهم مستندين في توثيق الرُّواة إلى الحسِّ ، ولكنَّ الأخذ بقولهم إنَّما يصحّ لو لم تظهر كثرة أخطائهم ، فإنَّ كثرتها تسقط قول

__________________

1 ـ الوافي : 1 / 11 ـ 12 ، المقدمة الثانية.

٤٨

المخبر عن الحجّية في الإخبار عن حسٍّ أيضاً ، فكيف في الاخبار عن حدس. مثلاً إنَّ كثيراً من رواة الكافي ضعّفهم النجاشي والشيخ ، فمع هذه المعارضة الكثيرة يسقط قوله عن الحجّية. نعم ، إن كانت قليلة لكان لاعتبار قوله وجه. وإنَّ الشيخ قد ضعَّف كثيراً من رجال « التهذيب والاستبصار » في رجاله وفهرسه ، فكيف يمكن أن يعتمد على ذلك التَّصحيح.

فظهر أنَّه لا مناص عن القول بالحاجة إلى علم الرجال وملاحظة أسناد الروايات ، وأنَّ مثل هذه الشهادات لا تقوم مكان توثيق رواة تلك الكتب.

الثامن : شهادة المشايخ الثلاثة

إذا شهد المشايخ الثلاثة على صحَّة روايات كتبهم ، وأنَّها صادرة عن الأئمّة بالقرائن التي أشار إليه المحقّق الفيض ، فهل يمكن الاعتماد في هذا المورد على خبر العدل أو لا؟

الجواب : أنَّ خبر العدل وشهادته إنَّما يكون حجَّة إذا أخبر عن الشَّيء عن حسٍّ لا عن حدس ، والاخبار عنه بالحدس لا يكون حجَّة إلا على نفس المخبر ، ولا يعدو غيره إلا في موارد نادرة ، كالمفتي بالنّسبة إلى المستفتي. وإخبار هؤلاء عن الصُّدور إخبار عن حدس لا عن حسٍّ.

توضيح ذلك ؛ أنَّ احتمال الخلاف والوهم في كلام العادل ينشأ من أحد أمرين :

الأوّل : التعمُّد في الكذب وهو مرتفع بعدالته.

الثاني : احتمال الخطأ والاشتباه وهو مرتفع بالأصل العقلائي المسلَّم بينهم من أصالة عدم الخطأ والاشتباه ، لكن ذاك الأصل عند العقلاء مختصٌّ بما إذا أخبر بالشيء عن حسٍّ ، كما إذا أبصر وسمع ، لا ما إذا أخبر عنه عن حدس ، واحتمال الخطأ في الإبصار والسَّمع مرتفع بالأصل المسلَّم بين العقلاء ، وأمّا احتمال الخطأ في الحدس والانتقال من المقدّمة إلى النتيجة ،

٤٩

فليس هنا أصل يرفعه ، ولأجل ذلك لا يكون قول المحدس حجَّة الا لنفسه.

والمقام من هذا القبيل ، فإنَّ المشايخ لم يروا بأعينهم ولم يسمعوا بآذانهم صدور روايات كتبهم ، وتنطّق أئمّتهم بها ، وإنَّما انتقلوا إليه عن قرائن وشواهد جرَّتهم إلى الاطمئنان بالصّدور ، وهو إخبار عن الشيء بالحدس ، ولا يجري في مثله أصالة عدم الخطأ ولايكون حجَّة في حق الغير.

وإن شئت قلت : ليس الانتقال من تلك القرائن إلى صحَّة الروايات وصدورها أمراً يشترك فيه الجميع أو الأغلب من النّاس ، بل هو أمر تختلف فيه الأنظار بكثير ، فرُبَّ إنسان تورثه تلك القرائن اطمئناناً في مقابل إنسان آخر ، لا تفيده إلا الظنَّ الضعيف بالصحَّة والصدور ، فإذن كيف يمكن حصول الاطمئنان لأغلب النّاس بصدور جميع روايات الكتب الأربعة التي يناهز عددها ثلاثين ألف حديث ، وليس الإخبار عن صحَّتها كالاخبار عن عدالة إنسان أو شجاعته ، فإنَّ لهما مبادئ خاصَّة معلومة ، يشترك في الانتقال عنها إلى ذينك الوصفين أغلب الناس أو جميعهم ، فيكون قول المخبر عنهما حجَّة وإن كان الإخبار عن حدس ، لأنَّه ينتهي إلى مبادئ محسوسة ، وهي ملموسة لكلّ من أراد أن يتفحَّص عن أحوال الإنسان. ولا يلحق به الإخبار عن صحِّة تلك الروايات ، مستنداً إلى تلك القرائن التي يختلف الناس في الانتقال عنها إلى الصحَّة إلى حدٍّ ربَّما لا تفيد لبعض الناس إلا الظّنَّ الضَّعيف. وليس كلُّ القرائن من قبيل وجود الحديث في كتاب عرض على الإمام ونظيره ، حتّى يقال إنَّها من القرائن الحسيّة ، بل أكثرها قرائن حدسية.

فان قلت : فلو كان إخبارهم عن صحَّة كتبهم حجَّة لأنفسهم دون غيرهم ، فما هو الوجه في ذكر هذه الشهادات في ديباجتها؟

قلت : إنَّ الفائدة لا تنحصر في العمل بها ، بل يكفي فيها كون هذا الإخبار باعثاً وحافزاً إلى تحريك الغير لتحصيل القرائن والشواهد ، لعلَّه يقف

٥٠

أيضاً على مثل ما وقف عليه المؤلِّف وهو جزء علَّة لتحصيل الرُّكون لا تمامها.

ويشهد بذلك أنَّهم مع ذاك التَّصديق ، نقلوا الروايات بإسنادها حتّى يتدبَّر الآخرون في ما ينقلونه ويعملوا بما صحَّ لديهم ، ولو كانت شهادتهم على الصحَّة حجَّة على الكلّ ، لما كان وجه لتحمّل ذاك العبء الثقيل ، أعني نقل الروايات بإسنادها. كلّ ذلك يعرب عن أنَّ المرمى الوحيد في نقل تلك التصحيحات ، هو إقناع أنفسهم وإلفات الغير إليها حتّى يقوم بنفس ما قام به المؤلّفون ولعلَّه يحصِّل ما حصَّلوه.

٥١
٥٢

الفصل الثالث

المصادر الاولية لعلم الرجال

1 ـ الاصول الرجالية الثمانية.

2 ـ رجال ابن الغضائري.

٥٣
٥٤

الاصول الرجالية الثمانية

* رجال الكشي.

* فهرس النجاشي.

* رجال الشيخ وفهرسه.

* رجال البرقي.

* رسالة أبي غالب الزراري.

* مشيخة الصدوق.

* مشيخة الشيخ الطوسي.

٥٥
٥٦

اهتم علماء الشيعة من عصر التابعين الى يومنا هذا بعلم الرجال ، فألفوا معاجم تتكفل لبيان أحوال الرواة وبيان وثاقتهم أو ضعفهم ، وأول تأليف ظهر لهم في أوائل النصف الثاني من القرن الاول هو كتاب « عبيد الله بن أبي رافع » كاتب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، حيث دون أسماء الصحابة الذين شايعوا علياً وحضروا حروبه وقاتلوا معه في البصرة وصفين والنهروان ، وهو مع ذلك كتاب تاريخ ووقائع.

وألف عبدالله بن جبلة الكناني ( المتوفى عام 219 هـ ) وابن فضّال وابن محبوب وغيرهم في القرن الثاني الى أوائل القرن الثالث ، كتباً في هذا المضمار ، واستمر تدوين الرجال الى أواخر القرن الرابع.

ومن المأسوف عليه ، أنه لم تصل هذه الكتب الينا ، وانما الموجود عندنا ـ وهو الذي يعد اليوم اصول الكتب الرجالية(1) ـ ما دوّن في القرنين الرابع والخامس ، واليك بيان تلك الكتب والاصول التي عليها مدار علم الرجال ، واليك اسماؤها وأسماء مؤلفيها وبيان خصوصيات مؤلفاتهم.

__________________

1 ـ المعروف أن الاصول الرجالية اربعة أو خمسة بزيادة رجال البرقي ، لكن عدها ثمانية بلحاظ أن الجميع من تراث القدماء ، وان كان بينها تفاوت في الوزن والقيمة ، فلاحظ.

٥٧

1 ـ رجال الكشّي

هو تأليف محمد بن عمر بن عبد العزيز المعروف بالكشّي ، والكشّ ـ بالفتح والتشديد ـ بلد معروف على مراحل من سمرقند ، خرج منه كثير من مشايخنا وعلمائنا ، غير أن النجاشي ضبطه بضم الكاف ، ولكن الفاضل المهندس البرجندي ضبطه في كتابه المعروف « مساحة الارض والبلدان والاقاليم » بفتح الكاف وتشديد الشين ، وقال : « بلد من بلاد ما وراء النهر وهو ثلاثة فراسخ في ثلاثة فراسخ ».

وعلى كل تقدير ; فالكشي من عيون الثقات والعلماء والاثبات. قال النجاشي : « محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي أبو عمرو ، كان ثقة عيناً وروى عن الضعفاء كثيراً ، وصحب العياشي وأخذ عنه وتخرج عليه وفي داره التي كانت مرتعاً للشيعة وأهل العلم. له كتاب الرجال ، كثير العلم وفيه أغلاط كثيرة »(1) .

وقال الشيخ في الفهرست : « ثقة بصير بالاخبار والرجال ، حسن الاعتقاد ، له كتاب الرجال »(2) .

وقال في رجاله : « ثقة بصير بالرجال والأخبار ، مستقيم المذهب »(3) .

وأما اُستاذه العيّاشي أبو النَّضر محمّد بن مسعود بن محمّد بن عيّاش السلمي السمرقندي المعروف بالعيّاشي ، فهو ثقة صدوق عين من عيون هذه الطائفة قال لنا أبو جعفر الزاهد : أنفق أبو النَّضر على العلم والحديث تركة أبيه وسائرها وكانت ثلاثمائة ألف دينار وكانت داره كالمسجد بين ناسخ أو

__________________

1 ـ رجال النجاشي : الرقم 1018.

2 ـ فهرس الشيخ « الطبعة الاولى » الصفحة 141 ، الرقم 604 ، و : « الطبعة الثانية » ، الصفحة 167 الرقم 615.

3 ـ رجال الشيخ : 497.

٥٨

مقابل أو قارئ أو معلِّق ، مملوءة من الناس(1) وله كتب تتجاوز على مائتين.

قد أسمى الكشّي كتابه الرجال بـ « معرفة الرجال » كما يظهر من الشّيخ في ترجمة أحمد بن داود بن سعيد الفزاري(2) .

وربَّما يقال بأنه أسماه بـ « معرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين » أو « معرفة الناقلين » فقط ، وقد كان هذا الكتاب موجوداً عند السيد ابن طاووس ، لأنه تصدّى بترتيب هذا الكتاب وتبويبه وضمِّه الى كتب أُخرى من الكتب الرجاليَّة وأسماه بـ « حلّ الاشكال في معرفة الرجال » وكان موجوداً عند الشهيد الثاني ، ولكن الموجود من كتاب الكشّي في هذه الاعصار ، هو الذي اختصره الشيخ مسقطاً منه الزوائد ، واسماه بـ « اختيار الرجال » ، وقد عدَّه الشيخ من جملة كتبه ، وعلى كل تقدير فهذا الكتاب طبع في الهند وغيره ، وطبع في النجف الاشرف وقد فهرس الناشر أسماء الرواة على ترتيب حروف المعجم. وقام اخيراً المتتبع المحقق الشيخ حسن المصطفوي بتحقيقه تحقيقاً رائعاً وفهرس له فهارس قيّمة ـ شكر الله مساعيه ـ.

كيفية تهذيب رجال الكشي

قال القهبائي : « إن الاصل كان في رجال العامة والخاصة فاختار منه الشيخ ، الخاصة »(3) .

والّظاهر عدم تماميّته ، لأنه ذكر فيه جمعاً من العامة رووا عن ائمّتنا

__________________

1 ـ راجع رجال النجاشي : الرقم 944.

2 ـ ذكره في « ترتيب رجال الكشي » الذي رتب فيه « اختيار معرفة الرجال » للشيخ على حروف التهجي ، والكتاب غير مطبوع بعد ، والنسخة الموجودة بخط المؤلف عند المحقق التستري دام ظله.

3 ـ راجع فهرس الشيخ : « الطبعة الاولى » الصفحة 34 ، الرقم 90 ، و : « الطبعة الثانية » الصفحة 58 ، الرقم 100.

٥٩

كمحمد بن اسحاق ، ومحمد بن المنكدر ، وعمرو بن خالد ، وعمرو بن جميع ، وعمرو بن قيس ، وحفص بن غياث ، والحسين بن علوان ، وعبد الملك بن جريج ، وقيس بن الربيع ، ومسعدة بن صدقة ، وعباد بن صهيب ، وأبي المقدام ، وكثير النوا ، ويوسف بن الحرث ، وعبد الله البرقي(1) .

والظاهر أن تنقيحه كان بصورة تجريده عن الهفوات والاشتباهات التي يظهر من النجاشي وجودها فيه.

ان الخصوصية التي تميز هذا الكتاب عن سائر ما ألف في هذا المضمار عبارة عن التركيز على نقل الروايات المربوطة بالرواة التي يقدر القارئ بالامعان فيها على تمييز الثقة عن الضعيف وقد ألفه على نهج الطبقات مبتدءاً بأصحاب الرسول والوصي الى أن يصل الى أصحاب الهادي والعسكريعليهما‌السلام ثم الى الذين يلونهم وهو بين الشيعة كطبقات ابن سعد بين السنة.

2 ـ رجال النجاشي

هو تأليف الثبت البصير الشيخ أبي العباس(2) أحمد بن علي بن أحمد بن العباس ، الشهير بالنجاسي ، وقد ترجم نفسه في نفس الكتاب وقال : « أحمد بن علي بن أحمد بن العباس بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن النجاشي ، الذي ولي الاهواز وكتب الى أبي عبد اللهعليه‌السلام يسأله وكتب اليه رسالة عبد الله بن النجاشي المعروفة(3) ولم ير لأبي عبداللهعليه‌السلام مصنَّف غيره.

__________________

1 ـ قاموس الرجال : 1 / 17.

2 ـ يكنى بـ « أبي العباس » تارة وبـ « أبي الحسين » اخرى.

3 ـ هذه الرسالة مروية في كشف الريبة ونقلها في الوسائل في كتاب التجارة ، لاحظ : الجزء 12 ، الباب 49 من أبواب ما يكتسب به.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220