كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٣

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 351

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 351
المشاهدات: 48256
تحميل: 6348


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 351 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48256 / تحميل: 6348
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 3

مؤلف:
العربية

و قال هؤلاء:إنه روي عن رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )،أنه قال:عمي سامة لم يعقب.و زعم ابن الكلبي أن سامة بن لؤي ولد غالب بن سامة،و الحارث بن سامة و أم غالب بن سامة ناجية،ثم هلك سامة فخلف عليها ابنه الحارث بن سامة نكاح مقت،ثم هلك ابنا سامة،و لم يعقبا و إن قوما من بني ناجية،بن جرم،بن ربان،بن علاف ادعوا أنهم بنو سامة بن لؤي،و أن أمهم ناجية هذه و نسبوها هذا النسب،و انتموا إلى الحارث بن سامة،و هم الذين باعهم علي(عليه‌السلام )على مصقلة بن هبيرة و هذا هو قول الهيثم بن عدي كل هذا ذكره أبو الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني الكبير.و وجدت أنا في جمهرة النسب لابن الكلبي كلاما قد صرح فيه،بأن سامة بن لؤي أعقب،فقال:ولد سامة بن لؤي الحارث،و أمه هند بنت تيم و غالب بن سامة و أمه ناجية بنت جرم بن بابان من قضاعة فهلك غالب بعد أبيه،و هو ابن اثنتي عشرة سنة فولد الحارث بن سامة لؤيا و عبيدة و ربيعة،و سعدا،و أمهم سلمى بنت ثيم،بن شيبان،بن محارب بن فهر،و عبد البيت و أمه ناجية بنت جرم خلف عليها الحارث بعد أبيه بنكاح مقت،فهم الذين قتلهم علي(عليه‌السلام ).قال أبو الفرج الأصفهاني:أما الزبير بن بكار،فإنه أدخلهم في قريش و هم قريش العازبة قال:و إنما سموا العازبة ؛ لأنهم عزبوا عن قومهم فنسبوا إلى أمهم ناجية بنت جرم،بن ربان بن علاف،و هو أول من اتخذ الرحال العلافية،فنسبت إليه

١٢١

و اسم ناجية ليلى و إنما سميت ناجية ؛ لأنها سارت مع سامة في مفازة فعطشت فاستسقته،فقال لها:الماء بين يديك و هو يريها السراب حتى أتت إلى الماء فشربت فسميت ناجية.قال أبو الفرج و للزبير بن بكار في إدخالهم في قريش مذهب،و هو مخالفة أمير المؤمنين علي(عليه‌السلام )و ميله إليهم لإجماعهم على بغضه(عليه‌السلام )حسب المشهور المأثور من مذهب الزبير في ذلك.

نسب علي بن الجهم و ذكر طائفة من أخباره و شعره

و من المنتسبين إلى سامة بن لؤي علي بن الجهم الشاعر،و هو علي بن الجهم بن بدر بن جهم بن مسعود بن أسيد بن أذينة بن كراز بن كعب بن جابر بن مالك بن عتبة بن الحارث بن عبد البيت بن سامة بن لؤي بن غالب.هكذا ينسب نفسه و كان مبغضا لعلي(عليه‌السلام )ينحو نحو مروان بن أبي حفصة في هجاء الطالبيين،و ذم الشيعة و هو القائل:

و رافضة تقول بشعب رضوى

إمام خاب ذلك من إمام

إمام من له عشرون ألفا

من الأتراك مشرعة السهام

و قد هجاه أبو عبادة البحتري فقال فيه:

إذا ما حصلت عليا قريش

فلا في العير أنت و لا النفير

و لو أعطاك ربك ما تمنى

لزاد الخلق في عظم الأيور

١٢٢

و ما الجهم بن بدر حين يعزى

من الأقمار ثم و لا البدور

علام هجوت مجتهدا عليا

بما لفقت من كذب و زور

أ ما لك في استك الوجعاء شغل

يكفك عن أذى أهل القبور

و سمع أبو العيناء علي بن الجهم يوما يطعن على أمير المؤمنين،فقال له:أنا أدري لم تطعن على أمير المؤمنين،فقال:أتعني قصة بيعة أهلي من مصقلة بن هبيرة قال:لا أنت أوضع من ذلك و لكنه(عليه‌السلام )قتل الفاعل من قوم لوط و المفعول به،و أنت أسفلهما و من شعر علي بن الجهم لما حبسه المتوكل:

ألم تر مظهرين علي عتبا

و هم بالأمس إخوان الصفاء

فلما أن بليت غدوا و راحوا

علي أشد أسباب البلاء

أبت أخطارهم أن ينصروني

بمال أو بجاه أو ثراء

و خافوا أن يقال لهم خذلتم

صديقا فادعوا قدم الجفاء

تظافرت الروافض و النصارى

و أهل الاعتزال على هجائي

١٢٣

و عابوني و ما ذنبي إليهم

سوى علمي بأولاد الزناء

يعني بالروافض نجاح بن مسلمة و النصارى بختيشوع،و أهل الاعتزال علي بن يحيى بن المنجم.قال أبو الفرج:و كان علي بن الجهم من الحشوية شديد النصب عدوا للتوحيد و العدل،فلما سخط المتوكل على أحمد بن أبي دواد و كفاه شمت به علي بن الجهم،فهجاه و قال فيه:

يا أحمد بن أبي دواد دعوة

بعثت عليك جنادلا و حديدا

ما هذه البدع التي سميتها

بالجهل منك العدل و التوحيدا

أفسدت أمر الدين حين وليته

و رميته بأبي الوليد وليدا

١٢٤

أبو الوليد بن أحمد بن أبي دواد و كان رتبه قاضيا:

لا محكما جلدا و لا مستطرفا

كهلا و لا مستحدثا محمودا

شرها إذا ذكر المكارم و العلا

ذكر القلايا مبدئا و معيدا

و يود لو مسخت ربيعة كلها

و بنو أياد صحفة و ثريدا

و إذا تربع في المجالس خلته

ضبعا و خلت بني أبيه قرودا

و إذا تبسم ضاحكا شبهته

شرقا تعجل شربه مردودا

لا أصبحت بالخير عين أبصرت

تلك المناخر و الثنايا السودا

و قال يهجوه لما فلج:

لم يبق منك سوى خيالك لامعا

فوق الفراش ممهدا بوساد

فرحت بمصرعك البرية كلها

من كان منهم موقنا بمعاد

كم مجلس لله قد عطلته

كي لا يحدث فيه بالإسناد

و لكم مصابيح لنا أطفأتها

حتى تحيد عن الطريق الهادي

و لكم كريمة معشر أرملتها

و محدث أوثقت في الأقياد

إن الأسارى في السجون تفرجوا

لما أتتك مواكب العواد

و غدا لمصرعك الطبيب فلم يجد

لدواء دائك حيلة المرتاد

فذق الهوان معجلا و مؤجلا

و الله رب العرش بالمرصاد

لا زال فالجك الذي بك دائما

و فجعت قبل الموت بالأولاد

١٢٥

و روى أبو الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني،في ترجمة مروان بن أبي حفصة الأصغر:أن علي بن الجهم خطب امرأة من قريش فلم يزوجوه،و بلغ المتوكل ذلك فسأل عن السبب فحدث بقصة بني سامة بن لؤي،و أن أبا بكر و عمر لم يدخلاهم في قريش،و أن عثمان أدخلهم فيها،و أن عليا(عليه‌السلام )أخرجهم منها،فارتدوا و أنه قتل من ارتد منهم و سبى بقيتهم فباعهم من مصقلة بن هبيرة،فضحك المتوكل و بعث إلى علي بن الجهم فأحضره و أخبره بما قال القوم،و كان فيهم مروان بن أبي حفصة المكنى أبا السمط و هو مروان الأصغر و كان المتوكل يغريه بعلي بن الجهم و يضعه على هجائه و ثلبه فيضحك منهما،فقال مروان:

إن جهما حين تنسبه

ليس من عجم و لا عرب

لج في شتمي بلا سبب

سارق للشعر و النسب

من أناس يدعون أبا

ما له في الناس من عقب

فغضب علي بن الجهم و لم يجبه ؛ لأنه كان يستحقره فأومأ إليه المتوكل أن يزيده فقال:

أأنتم يا ابن جهم من قريش

و قد باعوكم ممن تريد

أترجو أن تكاثرنا جهارا

بأصلكم و قد بيع الجدود

فلم يجبه ابن الجهم فقال فيه أيضا:

علي تعرضت لي ضله

لجهلك بالشعر يا مائق

تروم قريشا و أنسابها

و أنت لأنسابها سارق

فإن كان سامة جدا لكم

فأمك مني إذا طالق

١٢٦

نسب مصقلة بن هبيرة

فأما نسب مصقلة بن هبيرة،فإن ابن الكلبي قد ذكره في جمهرة النسب فقال:هو مصقلة بن هبيرة،بن شبل،بن يثربي،بن إمرئ القيس،بن ربيعة،بن مالك،بن ثعلبة،بن شيبان،بن ثعلبة،بن عكابة،بن صعب،بن علي،بن بكر،بن وائل،بن قاسط،بن هنب،بن أفصى،بن دعمي،بن جديلة،بن أسد،بن ربيعة،بن نزار بن معد بن عدنان.

خبر بني ناجية مع علي

و أما خبر بني ناجية مع أمير المؤمنين(عليه‌السلام )،فقد ذكره إبراهيم بن هلال الثقفي في كتاب الغارات قال:حدثني محمد بن عبد الله،بن عثمان،عن نصر بن مزاحم،قال:حدثني عمر بن سعد عمن حدثه ممن أدرك أمر بني ناجية قال:لما بايع أهل البصرة عليا بعد الهزيمة دخلوا في الطاعة غير بني ناجية،فإنهم عسكروا فبعث إليهم علي(عليه‌السلام )رجلا من أصحابه في خيل ليقاتلهم فأتاهم،فقال:ما بالكم عسكرتم و قد دخل الناس في الطاعة غيركم،فافترقوا ثلاث فرق فرقه قالوا:كنا نصارى فأسلمنا و دخلنا فيما دخل الناس فيه من الفتنة و نحن نبايع كما بايع الناس،فأمرهم فاعتزلوا و فرقة قالوا:كنا نصارى فلم نسلم و خرجنا مع القوم الذين كانوا خرجوا قهرونا،فاخرجونا كرها فخرجنا معهم،فهزموا فنحن ندخل فيما دخل الناس فيه و نعطيكم الجزية كما أعطيناهم،فقال:اعتزلوا فاعتزلوا و فرقة قالوا:كنا نصارى فأسلمنا فلم يعجبنا الإسلام،فرجعنا إلى النصرانية،فنحن نعطيكم الجزية كما أعطاكم النصارى،فقال لهم:توبوا و ارجعوا إلى الإسلام فأبوا فقتل مقاتلهم و سبى ذراريهم،و قدم بهم على علي(عليه‌السلام )

١٢٧

قصة الخريت بن راشد الناجي و خروجه على علي

قال ابن هلال الثقفي و روى محمد بن عبد الله بن عثمان،عن أبي سيف عن الحارث بن كعب الأزدي،عن عمه عبد الله بن قعين الأزدي قال:كان الخريت بن راشد الناجي أحد بني ناجية قد شهد مع علي(عليه‌السلام )صفين،فجاء إلى علي(عليه‌السلام )بعد انقضاء صفين و بعد تحكيم الحكمين في ثلاثين من أصحابه يمشي بينهم حتى قام بين يديه،فقال:لا و الله،لا أطيع أمرك و لا أصلي خلفك و إني غدا لمفارق لك،فقال له:ثكلتك أمك إذا تنقض عهدك و تعصي ربك و لا تضر إلا نفسك أخبرني لم تفعل ذلك قال:لأنك حكمت في الكتاب و ضعفت عن الحق إذ جد الجد،و ركنت إلى القوم الذين ظلموا أنفسهم فأنا عليك راد و عليهم ناقم و لكم جميعا مباين.فقال له علي(عليه‌السلام ):ويحك هلم إلي أدارسك و أناظرك في السنن،و أفاتحك أمورا من الحق أنا أعلم بها منك،فلعلك تعرف ما أنت الآن له منكر و تبصر ما أنت الآن عنه عم و به جاهل،فقال الخريت:فإني غاد عليك غدا فقال علي(عليه‌السلام ):اغد و لا يستهوينك الشيطان و لا يتقحمن بك رأي السوء،و لا يستخفنك الجهلاء الذين لا يعلمون،فو الله إن استرشدتني و استنصحتني و قبلت مني لأهدينك سبيل الرشاد.فخرج الخريت من عنده منصرفا إلى أهله.قال عبد الله بن قعين:فعجلت في أثره مسرعا و كان لي من بني عمه صديق،فأردت أن ألقى ابن عمه في ذلك فأعلمه بما كان من قوله لأمير المؤمنين،و آمر ابن عمه أن يشتد بلسانه عليه و أن يأمره بطاعة أمير المؤمنين و مناصحته و يخبره أن ذلك خير له في عاجل الدنيا و آجل الآخرة.قال:فخرجت حتى انتهيت إلى منزله و قد سبقني فقمت عند باب دار فيها رجال من أصحابه لم يكونوا شهدوا معه دخوله على أمير المؤمنين(عليه‌السلام )،فو الله ما رجع

١٢٨

و لا ندم على ما قال لأمير المؤمنين و ما رد عليه و لكنه قال لهم:يا هؤلاء،إني قد رأيت أن أفارق هذا الرجل و قد فارقته على أن أرجع إليه من غد،و لا أرى إلا المفارقة،فقال له:أكثر أصحابه لا تفعل حتى تأتيه،فإن أتاك بأمر تعرفه قبلت منه،و إن كانت الأخرى فما أقدرك على فراقه،قال لهم:نعم ما رأيتم.قال:فاستأذنت عليهم فأذنوا لي فأقبلت على ابن عمه و هو مدرك بن الريان الناجي،و كان من كبراء العرب،فقلت له:إن لك على حقا لإحسانك و ودك و حق المسلم على المسلم إن ابن عمك كان منه ما قد ذكر لك فأخل به فاردد عليه رأيه و عظم عليه ما أتى،و اعلم أني خائف إن فارق أمير المؤمنين أن يقتلك و نفسه و عشيرته،فقال:جزاك الله خيرا من أخ إن أراد فراق أمير المؤمنين(عليه‌السلام )ففي ذلك هلاكه و إن اختار مناصحته و الإقامة معه ففي ذلك حظه و رشده.قال:فأردت الرجوع إلى علي(عليه‌السلام )لأعلمه الذي كان،ثم اطمأننت إلى قول صاحبي فرجعت إلى منزلي فبت،ثم أصبحت فلما ارتفع النهار أتيت أمير المؤمنين(عليه‌السلام )،فجلست عنده ساعة و أنا أريد أن أحدثه بالذي كان على خلوة،فأطلت الجلوس و لا يزداد الناس إلا كثرة فدنوت منه فجلست وراءه فأصغى إلي برأسه فأخبرته بما سمعته من الخريت،و ما قلت لابن عمه و ما رد علي فقال(عليه‌السلام ):دعه فإن قبل الحق و رجع عرفنا له ذلك و قبلناه منه،فقلت:يا أمير المؤمنين،فلم لا تأخذه الآن فتستوثق منه ؟ فقال:إنا لو فعلنا هذا بكل من يتهم من الناس ملأنا السجون منهم،و لا أراني يسعني الوثوب بالناس و الحبس لهم و عقوبتهم حتى يظهروا لي الخلاف.قال:فسكت عنه و تنحيت،فجلست مع أصحابي هنيهة،فقال لي(عليه‌السلام ):

١٢٩

ادن مني فدنوت فقال لي مسرا:اذهب إلى منزل الرجل فاعلم ما فعل فإنه قل يوم لم يكن يأتيني فيه قبل هذه الساعة،فأتيت إلى منزله،فإذا ليس في منزله منهم ديار فدرت على أبواب دور أخرى كان فيها طائفة من أصحابه،فإذا ليس فيها داع و لا مجيب،فأقبلت إلى أمير المؤمنين(عليه‌السلام )،فقال لي حين رآني:أوطنوا فأقاموا أم جبنوا فظعنوا قلت لا بل ظعنوا،فقال:أبعدهم الله كما بعدت ثمود،أما و الله لو قد أشرعت لهم الأسنة و صبت على هامهم السيوف لقد ندموا إن الشيطان قد استهواهم و أضلهم،و هو غدا متبرئ منهم و مخل عنهم،فقام إليه زياد بن خصفة،فقال:يا أمير المؤمنين،إنه لو لم يكن من مضرة هؤلاء إلا فراقهم إيانا لم يعظم فقدهم علينا،فإنهم قلما يزيدون في عددنا لو أقاموا معنا و قلما ينقصون من عددنا بخروجهم منا و لكنا نخاف أن يفسدوا علينا جماعة كثيرة ممن يقدمون عليهم من أهل طاعتك فائذن لي في اتباعهم حتى أردهم عليك إن شاء الله.فقال له(عليه‌السلام ):فاخرج في آثارهم راشدا فلما ذهب ليخرج قال له:و هل تدري أين توجه القوم ؟ قال:لا،و الله و لكني أخرج فأسأل و أتبع الأثر،فقال:اخرج رحمك الله حتى تنزل دير أبي موسى،ثم لا تبرحه حتى يأتيك أمري،فإنهم إن كانوا خرجوا ظاهرين بارزين للناس في جماعة،فإن عمالي ستكتب إلي بذلك و إن كانوا متفرقين مستخفين فذلك أخفى لهم و سأكتب إلى من حولي من عمالي فيهم.

فكتب نسخة واحدة و أخرجها إلى العمال من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من قرئ عليه كتابي هذا من العمال أما بعد،فإن رجالا لنا عندهم تبعة خرجوا هرابا نظنهم خرجوا نحو بلاد البصرة،فاسأل عنهم أهل بلادك و اجعل عليهم العيون في كل ناحية من أرضك،ثم اكتب إلي بما ينتهي إليك عنهم و السلام.

١٣٠

فخرج زياد بن خصفة حتى أتى داره،و جمع أصحابه،فحمد الله و أثنى عليه،ثم قال:يا معشر بكر بن وائل،إن أمير المؤمنين ندبني لأمر من أموره مهم له،و أمرني بالانكماش فيه بالعشيرة حتى آتي أمره،و أنتم شيعته و أنصاره،و أوثق حي من أحياء العرب في نفسه،فانتدبوا معي الساعة و عجلوا،فو الله ما كان إلا ساعة حتى اجتمع إليه مائة و ثلاثون رجلا،فقال:اكتفينا لا نريد أكثر من هؤلاء فخرج حتى قطع الجسر،ثم أتى دير أبي موسى فنزله،فأقام به بقية يومه ذلك ينتظر أمر أمير المؤمنين(عليه‌السلام ).قال إبراهيم بن هلال:فحدثني محمد بن عبد الله،عن ابن أبي سيف،عن أبي الصلت التيمي،عن أبي سعيد،عن عبد الله بن وأل التيمي قال:إني لعند أمير المؤمنين إذا فيج قد جاءه يسعى بكتاب من قرظة بن كعب بن عمرو الأنصاري و كان أحد عماله فيه لعبد الله علي أمير المؤمنين من قرظة بن كعب سلام عليك،فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو،أما بعد،فإني أخبر أمير المؤمنين أن خيلا مرت من قبل الكوفة متوجهة نحو نفر و أن رجلا من دهاقين أسفل الفرات قد أسلم و صلى يقال له:زاذان فروخ أقبل من عند أخوال له فلقوه،فقالوا له:أمسلم أنت أم كافر ؟ قال:بل مسلم،قالوا:فما تقول في علي ؟ قال:أقول فيه خيرا أقول إنه أمير المؤمنين(عليه‌السلام )و سيد البشر،و وصي رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )فقالوا:كفرت يا عدو الله،ثم حملت عليه عصابة منهم فقطعوه بأسيافهم،و أخذوا معه رجلا من أهل الذمة يهوديا،فقالوا له:ما دينك ؟ قال:يهودي،فقالوا:

١٣١

خلوا سبيل هذا لا سبيل لكم عليه فأقبل إلينا ذلك الذمي فأخبرنا الخبر،و قد سألت عنهم فلم يخبرني أحد عنهم بشي‏ء،فليكتب إلي أمير المؤمنين فيهم برأي أنته إليه إن شاء الله.فكتب إليه أمير المؤمنين(عليه‌السلام )،أما بعد،فقد فهمت ما ذكرت من أمر العصابة التي مرت بعملك،فقتلت البر المسلم و أمن عندهم المخالف المشرك،و أن أولئك قوم استهواهم الشيطان،فضلوا كالذين حسبوا ألا تكون فتنة فعموا و صموا،فأسمع بهم و أبصر يوم تخبر أعمالهم،فالزم عملك و أقبل على خراجك،فإنك كما ذكرت في طاعتك و نصيحتك و السلام.قال:فكتب علي(عليه‌السلام )إلى زياد بن خصفة مع عبد الله بن وأل التيمي كتابا نسخته،أما بعد،فقد كنت أمرتك أن تنزل دير أبي موسى حتى يأتيك أمري،و ذلك أني لم أكن علمت أين توجه القوم،و قد بلغني أنهم أخذوا نحو:قرية من قرى السواد فاتبع آثارهم و سل عنهم،فإنهم قد قتلوا رجلا من أهل السواد مسلما مصليا،فإذا أنت لحقت بهم فارددهم إلي فإن أبوا فناجزهم و استعن بالله عليهم،فإنهم قد فارقوا الحق و سفكوا الدم الحرام و أخافوا السبيل و السلام.قال عبد الله بن وأل:فأخذت الكتاب منه(عليه‌السلام )و أنا يومئذ شاب،فمضيت به غير بعيد،ثم رجعت إليه فقلت:يا أمير المؤمنين،ألا أمضي مع زياد بن خصفة إلى عدوك إذا دفعت إليه كتابك،فقال:يا ابن أخي افعل،فو الله إني لأرجو أن تكون من أعواني على الحق و أنصاري على القوم الظالمين،قال:فو الله،ما أحب أن لي بمقالته

١٣٢

تلك حمر النعم،فقلت له:يا أمير المؤمنين،أنا و الله كذلك من أولئك أنا و الله حيث تحب.ثم مضيت إلى زياد بالكتاب و أنا على فرس رائع كريم و على السلاح،فقال لي زياد:يا ابن أخي،و الله ما لي عنك من غنى و إني أحب أن تكون معي في وجهي هذا،فقلت:إني قد استأذنت أمير المؤمنين في ذلك،فأذن لي فسر بذلك،ثم خرجنا حتى أتينا الموضع الذي كانوا فيه،فسألنا عنهم،فقيل أخذوا نحو المدائن فلحقناهم و هم نزول بالمدائن،و قد أقاموا بها يوما و ليلة و قد استراحوا و علفوا خيولهم فهم جامون مريحون،و أتيناهم و قد تقطعنا و لغبنا و نصنا فلما رأونا وثبوا على خيولهم فاستووا عليها،فجئنا حتى انتهينا إليهم،فنادى الخريت بن راشد:يا عميان القلوب و الأبصار،أمع الله و كتابه أنتم أم مع القوم الظالمين ؟ فقال له زياد بن خصفة:بل مع الله و كتابه و سنة رسوله،و مع من الله و رسوله و كتابه آثر عنده من الدنيا ثوابا،و لو أنها منذ يوم خلقت إلى يوم تفنى لآثر الله عليها أيها العمي الأبصار الصم الأسماع.فقال الخريت:فأخبرونا ما تريدون،فقال له زياد:و كان مجربا رفيقا قد ترى ما بنا من النصب و اللغوب و الذي جئنا له لا يصلح فيه الكلام علانية على رءوس أصحابك،و لكن تنزلون و ننزل،ثم نخلو جميعا،فنتذاكر أمرنا و ننظر فيه،فإن رأيت فيما جئنا له حظا لنفسك قبلته،و إن رأيت فيما أسمع منك أمرا أرجو فيه العافية لنا و لك لم أرده عليك.فقال:الخريت انزل فنزل فأقبل إلينا زياد،فقال:انزلوا على هذا الماء،فأقبلنا حتى انتهينا إلى الماء فنزلنا به فما هو إلا أن نزلنا فتفرقنا فتحلقنا عشرة،و تسعة،و ثمانية،و سبعة تضع كل حلقة طعامها بين أيديها لتأكل،ثم تقوم إلى الماء فتشرب.

١٣٣

و قال لنا زياد:علقوا على خيولكم فعلقنا عليها مخاليها و وقف زياد في خمسة فوارس أحدهم عبد الله بن وأل بيننا و بين القوم،و انطلق القوم فتنحوا فنزلوا،و أقبل إلينا زياد،فلما رأى تفرقنا و تحلقنا قال:سبحان الله،أنتم أصحاب حرب،و الله لو أن هؤلاء جاءوكم الساعة على هذه الحالة ما أرادوا من غرتكم أفضل من أعمالكم التي أنتم عليها عجلوا قوموا إلى خيولكم،فأسرعنا فمنا من يتوضأ،و منا من يشرب،و منا من يسقي فرسه حتى إذا فرغنا من ذلك أتينا زيادا،و إن في يده لعرقا ينهسه فنهس منه نهستين أو ثلاثة،ثم أتى بإداوة فيها ماء فشرب،ثم ألقى العرق من يده و قال:يا هؤلاء،إنا قد لقينا العدو و إن القوم لفي عدتكم و لقد حزرتهم،فما أظن أحد الفريقين يزيد على الآخر خمسة نفر،فإني أرى أمركم و أمرهم سيصير إلى القتال،فإن كان ذلك فلا تكونوا أعجز الفريقين.ثم قال:ليأخذ كل رجل منكم بعنان فرسه،فإذا دنوت منهم و كلمت صاحبهم،فإن تابعني على ما أريد و إلا،فإذا دعوتكم فاستووا على متون خيلكم،ثم أقبلوا معا غير متفرقين،ثم استقدم أمامنا و أنا معه فسمعت رجلا من القوم يقول جاءكم القوم و هم كالون معيون،و أنتم جامون مريحون فتركتموهم حتى نزلوا فأكلوا و شربوا،و أراحوا دوابهم هذا،و الله سوء الرأي.قال:و دعا زياد صاحبهم الخريت،فقال له:اعتزل ننظر في أمرنا فأقبل إليه في خمسة نفر فقلت لزياد:أدعو لك ثلاثة نفر من أصحابنا حتى نلقاهم في عددهم،فقال:ادع من أحببت فدعوت له ثلاثة،فكنا خمسة و هم خمسة.فقال له زياد:ما الذي نقمت على أمير المؤمنين و علينا حتى فارقتنا،فقال لم أرض

١٣٤

صاحبكم إماما و لم أرض بسيرتكم سيرة فرأيت أن أعتزل و أكون مع من يدعو إلى الشورى بين الناس ،فإذا اجتمع الناس على رجل هو لجميع الأمة رضا كنت مع الناس.فقال زياد:ويحك و هل يجتمع الناس على رجل يداني عليا عالما بالله و بكتابه و سنة رسوله مع قرابته و سابقته في الإسلام ،فقال الخريت:هو ما أقول لك ،فقال:ففيم قتلتم الرجل المسلم ؟ فقال الخريت:ما أنا قتلته قتلته طائفة من أصحابي.قال:فادفعهم إلينا.قال:ما إلي ذلك من سبيل.قال:أو هكذا أنت فاعل ؟ قال:هو ما تسمع.قال:فدعونا أصحابنا و دعا الخريت أصحابه ،ثم اقتتلنا فو الله ما رأيت قتالا مثله منذ خلقني الله لقد تطاعنا بالرماح حتى لم يبق في أيدينا رمح ،ثم اضطربنا بالسيوف حتى انحنت و عقرت عامه خيلنا و خيلهم ،و كثرت الجراح فيما بيننا و بينهم ،و قتل منا رجلان مولى لزياد كانت معه رأيته يدعى سويدا ،و رجل من الأبناء يدعى واقد بن بكر و صرع منهم خمسة نفر و حال الليل بيننا و بينهم و قد و الله كرهونا و كرهناهم و هرونا و هررناهم و قد جرح زياد و جرحت ،ثم إنا بتنا في جانب و تنحوا فمكثوا ساعة من الليل ،ثم مضوا فذهبوا و أصبحنا فوجدناهم قد ذهبوا ،فو الله ما كرهنا ذلك فمضينا حتى أتينا البصرة و بلغنا أنهم أتوا الأهواز فنزلوا في جانب منها و تلاحق بهم ناس من أصحابهم نحو مائتين كانوا معهم بالكوفة لم يكن لهم من القوة ما ينهضون به معهم حين نهضوا ،فاتبعوهم من بعد لحوقهم بالأهواز فأقاموا معهم.قال:و كتب زياد بن خصفة إلى علي(عليه‌السلام )،أما بعد ،فإنا لقينا عدو الله الناجي و أصحابه بالمدائن ،فدعوناهم إلى الهدى و الحق و كلمة

١٣٥

السواء فتولوا عن الحق و أخذتهم العزة بالإثم،و زين لهم الشيطان أعمالهم،فصدهم عن السبيل فقصدونا و صمدنا صمدهم،فاقتتلنا قتالا شديدا ما بين قائم الظهر إلى أن دلكت الشمس و استشهد منا رجلان صالحان و أصيب منهم خمسة نفر،و خلوا لنا المعركة و قد فشت فينا و فيهم الجراح ،ثم إن القوم لما أدركوا الليل خرجوا من تحته متنكرين إلى أرض الأهواز،و قد بلغني أنهم نزلوا من الأهواز جانبا و نحن بالبصرة نداوي جراحنا و ننتظر أمرك رحمك الله و السلام.فلما أتاه الكتاب قرأه على الناس،فقام إليه معقل بن قيس الرياحي،فقال:أصلحك الله يا أمير المؤمنين،إنما كان ينبغي أن يكون مكان كل رجل من هؤلاء الذين بعثتهم في طلبهم عشرة من المسلمين،فإذا لحقوهم استأصلوا شأفتهم و قطعوا دابرهم،فأما أن تلقاهم بأعدادهم فلعمري ليصبرن لهم،فإنهم قوم عرب و العدة تصبر للعدة فيقاتلون كل القتال.

قال:فقال(عليه‌السلام )له تجهز يا معقل إليهم و ندب معه ألفين من أهل الكوفة فيهم يزيد بن معقل،و كتب إلى عبد الله بن العباس بالبصرةرحمه‌الله تعالى،أما بعد فابعث رجلا من قبلك صليبا شجاعا معروفا بالصلاح في ألفي رجل من أهل البصرة،فليتبع معقل بن قيس،فإذا خرج من أرض البصرة،فهو أمير أصحابه حتى يلقى معقلا،فإذا لقيه فمعقل أمير الفريقين فليسمع منه و ليطعه و لا يخالفه و مر زياد بن خصفة،فليقبل إلينا فنعم المرء زياد و نعم القبيل قبيله و السلام

١٣٦

قال:و كتب(عليه‌السلام )إلى زياد بن خصفة،أما بعد،فقد بلغني كتابك و فهمت ما ذكرت به الناجي،و أصحابه الذين طبع الله على قلوبهم،و زين لهم الشيطان أعمالهم،فهم حيارى عمون يحسبون أنهم يحسنون صنعا،و وصفت ما بلغ بك و بهم الأمر فأما أنت و أصحابك فلله سعيكم و عليه جزاؤكم و أيسر ثواب الله للمؤمن خير له من الدنيا التي يقبل الجاهلون بأنفسهم عليها ف( ما عندكم ينفد و ما عند الله باق و لنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) و أما عدوكم الذين لقيتم فحسبهم خروجهم من الهدى و ارتكاسهم في الضلالة و ردهم الحق و جماحهم في التيه فذرهم و ما يفترون و دعهم في طغيانهم يعمهون فأسمع بهم و أبصر فكأنك بهم عن قليل بين أسير و قتيل فأقبل إلينا أنت و أصحابك مأجورين فقد أطعتم و سمعتم و أحسنتم البلاء و السلام.قال:و نزل الناجي جانبا من الأهواز و اجتمع إليه علوج كثير من أهلها ممن أراد كسر الخراج و من اللصوص و طائفة أخرى من الأعراب ترى رأيه.قال إبراهيم بن هلال:فحدثنا محمد بن عبد الله قال:حدثني ابن أبي سيف عن الحارث بن كعب عن عبد الله بن قعين قال:كنت أنا و أخي كعب بن قعين في ذلك الجيش مع معقل بن قيس فلما أراد الخروج أتى أمير المؤمنين(عليه‌السلام )يودعه

فقال:يا معقل بن قيس اتق الله ما استطعت فإنه وصية الله للمؤمنين لا تبغ على أهل القبلة و لا تظلم أهل الذمة و لا تتكبر فإن الله لا يحب المتكبرين فقال:معقل الله المستعان فقال:خير مستعان.

١٣٧

،ثم قام فخرج و خرجنا معه حتى نزل الأهواز فأقمنا ننتظر بعث البصرة فأبطأ علينا فقام معقل فقال:أيها الناس إنا قد انتظرنا أهل البصرة و قد أبطئوا علينا و ليس بنا بحمد الله قلة و لا وحشة إلى الناس فسيروا بنا إلى هذا العدو القليل الذليل فإني أرجو أن ينصركم الله و يهلكهم فقام إليه أخي كعب بن قعين فقال:أصبت إن شاء الله رأينا رأيك و إني لأرجو أن ينصرنا الله عليهم و إن كانت الأخرى فإن في الموت على الحق لتعزية عن الدنيا فقال:سيروا على بركة الله فسرنا فو الله ما زال معقل بن قيس لي و لأخي مكرما وادا ما يعدل بنا أحدا من الجند و لا يزال يقول لأخي كيف قلت إن في الموت على الحق لتعزية عن الدنيا صدقت و الله و أحسنت و وفقت وفقك الله قال فو الله ما سرنا يوما و إذا بفيج يشتد بصحيفة في يده.من عبد الله بن عباس إلى معقل بن قيس أما بعد فإن أدركك رسولي بالمكان الذي كنت مقيما به أو أدركك و قد شخصت منه فلا تبرحن من المكان الذي ينتهي إليك رسولي و أنت فيه حتى يقدم عليك بعثنا الذي وجهناه إليك فقد وجهت إليك خالد بن معدان الطائي و هو من أهل الدين و الصلاح و النجدة فاسمع منه و أعرف ذلك له إن شاء الله و السلام.قال:فقرأه معقل بن قيس على أصحابه فسروا به و حمدوا الله و قد كان ذلك الوجه هالهم و أقمنا حتى قدم علينا خالد بن معدان الطائي و جاءنا حتى دخل على صاحبنا فسلم عليه بالإمرة و اجتمعنا جميعا في عسكر واحد ،ثم خرجنا إلى الناجي و أصحابه فأخذوا يرتفعون نحو جبال رامهرمز يريدون قلعة حصينة و جاءنا أهل البلد فأخبرونا بذلك فخرجنا في آثارهم فلحقناهم و قد دنوا من الجبل فصففنا لهم ،ثم أقبلنا نحوهم فجعل معقل على ميمنته يزيد بن المعقل الأزدي و على ميسرته منجاب بن راشد الضبي و وقف

١٣٨

الخريت بن راشد الناجي بمن معه من العرب فكانوا ميمنة و جعل أهل البلد و العلوج و من أراد كسر الخراج و جماعة من الأكراد ميسرة.قال:و سار فينا معقل يحرضنا و يقول يا عباد الله لا تبدءوا القوم و غضوا الأبصار و أقلوا الكلام و وطنوا أنفسكم على الطعن و الضرب و أبشروا في قتالهم بالأجر العظيم إنما تقاتلون مارقة مرقت و علوجا منعوا الخراج و لصوصا و أكرادا فما تنتظرون فإذا حملت فشدوا شدة رجل واحد.قال:فمر في الصف يكلمهم يقول هذه المقالة حتى إذا مر بالناس كلهم أقبل فوقف وسط الصف في القلب و نظرنا إليه ما يصنع فحرك رأسه تحريكتين ،ثم حمل في الثالثة و حملنا معه جميعا فو الله ما صبروا لنا ساعة حتى ولوا و انهزموا و قتلنا سبعين عربيا من بني ناجية و من بعض من اتبعه من العرب و نحو ثلاثمائة من العلوج و الأكراد.قال كعب:و نظرت فإذا صديقي مدرك بن الريان قتيلا و خرج الخريت منهزما حتى لحق بسيف من أسياف البحر و بها جماعة من قومه كثير فما زال يسير فيهم و يدعوهم إلى خلاف علي(عليه‌السلام )و يزين لهم فراقه و يخبرهم أن الهدى في حربه و مخالفته حتى اتبعه منهم ناس كثير.و أقام معقل بن قيس بأرض الأهواز و كتب إلى أمير المؤمنين(عليه‌السلام )بالفتح و كنت أنا الذي قدم بالكتاب عليه و كان في الكتاب لعبد الله علي أمير المؤمنين من معقل بن قيس سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإنا لقينا المارقين و قد استظهروا علينا بالمشركين

١٣٩

فقتلنا منهم ناسا كثيرا و لم نعد فيهم سيرتك فلم نقتل منهم مدبرا و لا أسيرا و لم نذفف منهم على جريح و قد نصرك الله و المسلمين و الحمد لله رب العالمين.قال:فلما قدمت بالكتاب على علي(عليه‌السلام )قرأه على أصحابه و استشارهم في الرأي فاجتمع رأي عامتهم على قول واحد قالوا:نرى أن تكتب إلى معقل بن قيس يتبع آثارهم و لا يزال في طلبهم حتى يقتلهم أو ينفيهم من أرض الإسلام فإنا لا نأمن أن يفسدوا عليك الناس.

قال:فردني إليه و كتب معي أما بعد فالحمد لله على تأييده أولياءه و خذله أعداءه جزاك الله و المسلمين خيرا فقد أحسنتم البلاء و قضيتم ما عليكم فاسأل عن أخي بني ناجية فإن بلغك أنه استقر في بلد من البلدان فسر إليه حتى تقتله أو تنفيه فإنه لم يزل للمسلمين عدوا و للفاسقين وليا و السلام.قال:فسأل معقل عن مسيره و المكان الذي انتهى إليه فنبئ بمكانه بسيف البحر بفارس و أنه قد رد قومه عن طاعة علي(عليه‌السلام )و أفسد من قبله من عبد القيس و من والاهم من سائر العرب و كان قومه قد منعوا الصدقة عام صفين و منعوها في ذلك العام أيضا فسار إليهم معقل بن قيس في ذلك الجيش من أهل الكوفة و البصرة فأخذوا على أرض فارس حتى انتهوا إلى أسياف البحر فلما سمع الخريت بن راشد بمسيره أقبل على من كان معه من أصحابه ممن يرى رأي الخوارج فأسر إليهم إني أرى رأيكم و أن عليا ما كان ينبغي له أن يحكم الرجال في دين الله و قال:لمن يرى رأي عثمان و أصحابه أنا على رأيكم و إن عثمان قتل مظلوما معقولا و قال لمن منع الصدقة:

١٤٠