كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٣

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 351

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 351
المشاهدات: 48267
تحميل: 6351


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 351 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48267 / تحميل: 6351
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 3

مؤلف:
العربية

قال نصر:و حدثنا عمر بن سعد،عن الحارث بن حصين،عن عبد الله بن شريك،قال:خرج حجر بن عدي و عمرو بن الحمق يظهران البراءة من أهل الشام،فأرسل علي(عليه‌السلام )إليهما أن كفا عما يبلغني عنكما فأتياه،فقالا:يا أمير المؤمنين،ألسنا محقين ؟ قال:بلى.قالا:أو ليسوا مبطلين ؟ قال:بلى.قالا:فلم منعتنا من شتمهم ؟ قال:كرهت لكم أن تكونوا لعانين شتامين تشتمون و تتبرءون،و لكن لو وصفتم مساوئ أعمالهم فقلتم من سيرتهم كذا و كذا،و من أعمالهم كذا و كذا كان أصوب في القول،و أبلغ في العذر،و قلتم مكان لعنكم إياهم و براءتكم منهم،اللهم احقن دماءهم و دماءنا،و أصلح ذات بينهم و بيننا،و اهدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق منهم من جهله،و يرعوي عن الغي و العدوان منهم من لهج به لكان أحب إلي و خيرا لكم،فقالا:يا أمير المؤمنين،نقبل عظتك و نتأدب بأدبك.قال نصر:و قال له عمرو بن الحمق:يومئذ و الله يا أمير المؤمنين،إني ما أحببتك و لا بايعتك على قرابة بيني و بينك و لا إرادة مال تؤتينيه،و لا التماس سلطان ترفع ذكري به،و لكنني أحببتك بخصال خمس إنك ابن عم رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )،و وصيه،و أبو الذرية التي بقيت فينا من رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )،و أسبق الناس إلى الإسلام و أعظم المهاجرين سهما في الجهاد،فلو أني كلفت نقل الجبال الرواسي و نزح البحور الطوامي،حتى يأتي علي يومي في أمر أقوي به وليك و أهين عدوك ما رأيت أني قد أديت فيه كل الذي يحق علي من حقك.فقال علي(عليه‌السلام ):اللهم نور قلبه بالتقى و اهده إلى صراطك المستقيم

١٨١

ليت أن في جندي مائة مثلك،فقال حجر:إذا و الله يا أمير المؤمنين،صح جندك و قل فيهم من يغشك.قال نصر:و قام حجر بن عدي،فقال:يا أمير المؤمنين،نحن بنو الحرب و أهلها الذين نلقحها و ننتجها قد ضارستنا و ضارسناها،و لنا أعوان و عشيرة ذات عدد و رأي مجرب و بأس محمود،و أزمتنا منقادة لك بالسمع و الطاعة،فإن شرقت شرقنا و إن غربت غربنا و ما أمرتنا به من أمر فعلنا،فقال علي(عليه‌السلام ):أكل قومك يرى مثل رأيك ؟ قال:ما رأيت منهم إلا حسنا،و هذه يدي عنهم بالسمع و الطاعة و حسن الإجابة،فقال له علي(عليه‌السلام ):خيرا.قال نصر حدثنا عمر بن سعد قال كتب(عليه‌السلام )إلى عماله حينئذ يستفزهم،فكتب إلى مخنف بن سليم سلام عليك،فإني أحمد إليك الله الذي لا إله:إلا هو أما بعد،فإن جهاد من صدف عن الحق رغبة عنه و عب في نعاس العمى و الضلال اختيارا له فريضة على العارفين،إن الله يرضى عمن أرضاه،و يسخط على من عصاه،و إنا قد هممنا بالسير إلى هؤلاء القوم الذين عملوا في عباد الله بغير ما أنزل الله،و استأثروا بالفي‏ء،و عطلوا الحدود،و أماتوا الحق،و أظهروا في الأرض الفساد،و اتخذوا الفاسقين وليجة من دون المؤمنين،فإذا ولي لله أعظم أحداثهم أبغضوه،و أقصوه،و حرموه،و إذا ظالم ساعدهم على ظلمهم أحبوه و أدنوه و بروه،فقد أصروا على الظلم و أجمعوا على الخلاف و قديما ما صدوا عن الحق،و تعاونوا على الإثم و كانوا ظالمين،فإذا أتيت بكتابي هذا فاستخلف على عملك أوثق أصحابك في نفسك،و أقبل إلينا لعلك تلقى معنا هذا العدو

١٨٢

المحل،فتأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر،و تجامع الحق و تباين الباطل،فإنه لا غناء بنا و لا بك عن أجر الجهاد،و حسبنا الله و نعم الوكيل.و كتبه عبيد الله بن أبي رافع في سنة سبع و ثلاثين.قال:فاستعمل مخنف على أصبهان الحارث بن أبي الحارث بن الربيع،و استعمل على همذان سعيد بن وهب،و كلاهما من قومه،و أقبل حتى شهد مع علي(عليه‌السلام )صفين.قال نصر:و كتب عبد الله بن العباس من البصرة إلى علي(عليه‌السلام )يذكر له اختلاف أهل البصرة،فكتب إليه علي(عليه‌السلام )من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عبد الله بن عباس،أما بعد،فقد قدم علي رسولك و قرأت كتابك تذكر فيه حال أهل البصرة و اختلافهم بعد انصرافي عنهم،و سأخبرك عن القوم و هم بين مقيم لرغبة يرجوها أو خائف من عقوبة يخشاها،فأرغب راغبهم بالعدل عليه و الإنصاف له و الإحسان إليه،و احلل عقدة الخوف عن قلوبهم و انته إلى أمري و لا تعده و أحسن إلى هذا الحي من ربيعة و كل من قبلك،فأحسن إليه ما استطعت إن شاء الله.قال نصر:و كتب إلى أمراء أعماله كلهم بنحو ما كتب به إلى مخنف بن سليم و أقام ينتظرهم.قال:فحدثنا عمر بن سعد عن أبي روق،قال:قال زياد بن النضر الحارثي لعبد الله بن بديل إن يومنا اليوم عصبصب ما يصبر عليه إلا كل مشيع القلب الصادق

١٨٣

النية رابط الجأش،و ايم الله ما أظن ذلك اليوم يبقي منهم،و لا منا إلا الرذال.فقال عبد الله بن بديل:أنا و الله أظن ذلك فبلغ كلامهما عليا(عليه‌السلام )،فقال لهما:ليكن هذا الكلام مخزونا في صدوركما لا تظهراه،و لا يسمعه منكما سامع إن الله كتب القتل على قوم و الموت على آخرين،و كل آتيه منيته كما كتب الله له،فطوبى للمجاهدين في سبيله و المقتولين في طاعته.قال نصر:فلما سمع هاشم بن عتبة ما قالاه:أتى عليا(عليه‌السلام )،فقال:سر بنا يا أمير المؤمنين إلى هؤلاء القوم القاسية قلوبهم،الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم و عملوا في عباد الله بغير رضا الله،فأحلوا حرامه و حرموا حلاله،و استوى بهم الشيطان و وعدهم الأباطيل،و مناهم الأماني حتى أزاغهم عن الهدى،و قصد بهم قصد الردى،و حبب إليهم الدنيا،فهم يقاتلون على دنياهم رغبة فيها كرغبتنا في الآخرة،و انتجاز موعد ربنا،و أنت يا أمير المؤمنين أقرب الناس من رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )رحما،و أفضل الناس سابقة و قدما و هم يا أمير المؤمنين،يعلمون منك مثل الذي نعلم،و لكن كتب عليهم الشقاء و مالت بهم الأهواء،و كانوا ظالمين فأيدينا مبسوطة لك بالسمع و الطاعة،و قلوبنا منشرحة لك ببذل النصيحة،و أنفسنا تنصرك على من خالفك و تولى الأمر دونك جذلة،و الله ما أحب أن لي ما على الأرض مما أقلت،و لا ما تحت السماء مما أظلت و أني واليت عدوا لك أو عاديت وليا لك،فقال(عليه‌السلام ):(اللهم ارزقه الشهادة في سبيلك و المرافقة لنبيك).قال نصر:ثم إن عليا(عليه‌السلام )صعد المنبر،فخطب الناس و دعاهم إلى الجهاد،فبدأ بحمد الله و الثناء عليه،ثم قال:

١٨٤

إن الله قد أكرمكم بدينه و خلقكم لعبادته،فانصبوا أنفسكم في أداء حقه و تنجزوا موعوده،و اعلموا أن الله جعل أمراس الإسلام متينة و عراه وثيقة،ثم جعل الطاعة حظ الأنفس و رضا الرب و غنيمة الأكياس عند تفريط العجزة،و قد حملت أمر أسودها و أحمرها،و لا قوة إلا بالله،و نحن سائرون إن شاء الله إلى من سفه نفسه،و تناول ما ليس له و ما لا يدركه معاوية،و جنده الفئة الطاغية الباغية يقودهم إبليس،و يبرق لهم ببارق تسويفه و يدليهم بغروره،و أنتم أعلم الناس بالحلال و الحرام،فاستغنوا بما علمتم و احذروا ما حذركم الله من الشيطان،و ارغبوا فيما عنده من الأجر و الكرامة،و اعلموا أن المسلوب من سلب دينه و أمانته،و المغرور من آثر الضلالة على الهدى،فلا أعرفن أحدا منكم تقاعس عني،و قال:في غيري كفاية،فإن الذود إلى الذود إبل و من لا يذد عن حوضه يتهدم،ثم إني آمركم بالشدة في الأمر و الجهاد في سبيل الله،و ألا تغتابوا مسلما و انتظروا للنصر العاجل من الله إن شاء الله،قال نصر:ثم قام ابنه الحسن بن علي(عليه‌السلام )فقال:الحمد لله لا إله غيره و لا شريك له،ثم قال:إن مما عظم الله عليكم من حقه،و أسبغ عليكم من نعمه ما لا يحصى ذكره،و لا يؤدى شكره و لا يبلغه قول و لا صفة،و نحن إنما غضبنا لله و لكم إنه لم يجتمع قوم قط على أمر واحد إلا اشتد أمرهم و استحكمت عقدتهم،فاحتشدوا في قتال عدوكم معاوية و جنوده و لا تخاذلوا،فإن الخذلان يقطع نياط القلوب،و إن الإفدام على الأسنة نخوة و عصمة لم يتمنع قوم قط إلا رفع الله عنهم العلة،و كفاهم جوائح الذلة،و هداهم إلى معالم الملة،ثم أنشد:

١٨٥

و الصلح تأخذ منه ما رضيت به

و الحرب يكفيك من أنفاسها جرع

ثم قام الحسين بن علي(عليه‌السلام )،فحمد الله و أثنى عليه و قال:يا أهل الكوفة،أنتم الأحبة الكرماء و الشعار دون الدثار،جدوا في إطفاء ما دثر بينكم،و تسهيل ما توعر عليكم،ألا إن الحرب شرها ذريع،و طعمها فظيع فمن أخذ لها أهبتها،و استعد لها عدتها،و لم يألم كلومها قبل حلولها فذاك صاحبها و من عاجلها قبل أوان فرصتها و استبصار سعيه فيها،فذاك قمن ألا ينفع قومه و أن يهلك نفسه نسأل الله بقوته أن يدعمكم بالفيئة،ثم نزل،قال نصر:فأجاب عليا(عليه‌السلام )إلى السير جل الناس إلا أن أصحاب عبد الله بن مسعود أتوه فيهم عبيدة السلماني و أصحابه،فقالوا له:إنا نخرج معكم و لا نترك عسكركم و نعسكر على حدة حتى ننظر في أمركم،و أمر أهل الشام فمن رأيناه أراد ما لا يحل له أو بدا لنا منه بغي كنا عليه،فقال لهم علي(عليه‌السلام ):مرحبا و أهلا هذا هو الفقه في الدين و العلم بالسنة من لم يرض بهذا،فهو خائن جبار.و أتاه آخرون من أصحاب عبد الله بن مسعود منهم الربيع بن خثيم،و هم يومئذ أربعمائة رجل،فقالوا:يا أمير المؤمنين:إنا قد شككنا في هذا القتال على معرفتنا بفضلك و لا غناء بنا و لا بك و لا بالمسلمين عمن يقاتل العدو،فولنا بعض هذه الثغور نكمن،ثم نقاتل عن أهله فوجه علي(عليه‌السلام )بالربيع بن خثيم على ثغر الري،فكان أول لواء عقده(عليه‌السلام )بالكوفة لواء الربيع بن خثيم.

١٨٦

قال نصر:و حدثني عمر بن سعد،عن يوسف بن يزيد،عن عبد الله بن عوف بن الأحمر،أن عليا(عليه‌السلام )لم يبرح النخيلة حتى قدم عليه ابن عباس بأهل البصرة،قال:و كان كتاب علي(عليه‌السلام )إلى ابن عباس،أما بعد،فاشخص إلي بمن قبلك من المسلمين و المؤمنين،و ذكرهم بلائي عندهم و عفوي عنهم في الحرب،و أعلمهم الذي لهم في ذلك من الفضل و السلام.قال:فلما وصل كتابه إلى ابن عباس بالبصرة،قام في الناس فقرأ عليهم الكتاب،و حمد الله و أثنى عليه،و قال:أيها الناس،استعدوا للشخوص إلى إمامكم و انفروا خفافا و ثقالا،و جاهدوا بأموالكم و أنفسكم،فإنكم تقاتلون المحلين القاسطين الذين لا يقرءون القرآن،و لا يعرفون حكم الكتاب،و لا يدينون دين الحق مع أمير المؤمنين،و ابن عم رسول الله الآمر بالمعروف،و الناهي عن المنكر،و الصادع بالحق و القيم بالهدى،و الحاكم بحكم الكتاب الذي لا يرتشي في الحكم و لا يداهن الفجار،و لا تأخذه في الله لومة لائم.فقام إليه الأحنف بن قيس،فقال:نعم و الله لنجيبنك و لنخرجن معك على العسر و اليسر،و الرضا و الكره،نحتسب في ذلك الأجر،و نأمل به من الله العظيم حسن الثواب.و قام خالد بن المعمر السدوسي،فقال:سمعنا و أطعنا فمتى استنفرتنا نفرتا،و متى دعوتنا أجبنا.و قام عمرو بن مرجوم العبدي،فقال:وفق الله أمير المؤمنين و جمع له أمر المسلمين

١٨٧

و لعن المحلين القاسطين لا يقرءون القرآن،نحن و الله عليهم حنقون،و لهم في الله مفارقون فمتى أردتنا صحبك خيلنا و رجالنا إن شاء الله.قال:و أجاب الناس إلى المسير و نشطوا و خفوا،فاستعمل ابن عباس على البصرة أبا الأسود الدؤلي و خرج حتى قدم على علي(عليه‌السلام )بالنخيلة.

كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية و جوابه عليه

قال نصر:و كتب محمد بن أبي بكر إلى معاوية،من محمد بن أبي بكر إلى الغاوي معاوية بن صخر سلام على أهل طاعة الله،ممن هو سلم لأهل ولاية الله،أما بعد،فإن الله بجلاله و عظمته و سلطانه و قدرته،خلق خلقا بلا عبث،و لا ضعف في قوته لا حاجة به إلى خلقهم،و لكنه خلقهم عبيدا و جعل منهم شقيا و سعيدا و غويا و رشيدا،ثم اختارهم على علمه،فاصطفى و انتخب منهم محمدا(صلي اللهعليه‌السلام )،فاختصه برسالته و اختاره لوحيه،و ائتمنه على أمره و بعثه رسولا مصدقا لما بين يديه من الكتب و دليلا على الشرائع،فدعا إلى سبيل أمره بالحكمة و الموعظة الحسنة،فكان أول من أجاب،و أناب،و صدق و وافق،فأسلم و سلم أخوه و ابن عمه علي بن أبي طالب(عليه‌السلام )،فصدقه بالغيب المكتوم و آثره على كل حميم و وقاه كل هول،و واساه بنفسه في كل خوف،فحارب حربه و سالم سلمه،فلم يبرح مبتذلا لنفسه في ساعات الأزل و مقامات الروع حتى برز سابقا

١٨٨

لا نظير له في جهاده و لا مقارب له في فعله،و قد رأيتك تساميه،و أنت أنت و هو هو السابق المبرز في كل خير أول الناس إسلاما،و أصدق الناس نية و أطيب الناس ذرية،و أفضل الناس زوجة،و خير الناس ابن عم،و أنت اللعين ابن اللعين،لم تزل أنت و أبوك تبغيان لدين الله الغوائل و تجتهدان على إطفاء نور الله،و تجمعان على ذلك الجموع،و تبذلان فيه المال،و تحالفان في ذلك القبائل على هذا مات أبوك،و على ذلك خلفته،و الشاهد عليك بذلك من يأوي و يلجأ إليك من بقية الأحزاب،و رءوس النفاق و الشقاق لرسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )،و الشاهد لعلي مع فضله،و سابقته القديمة أنصاره الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن،ففضلهم و أثنى عليهم من المهاجرين و الأنصار،فهم معه كتائب و عصائب يجالدون حوله بأسيافهم،و يهريقون دماءهم دونه،يرون الفضل في اتباعه،و الشقاق و العصيان في خلافه،فكيف يا لك الويل تعدل نفسك بعلي،و هو وارث رسول الله(صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )و وصيه و أبو ولده،و أول الناس له اتباعا،و آخرهم به عهدا يخبره بسره،و يشركه في أمره و،أنت عدوه و ابن عدوه ؟ فتمتع ما استطعت بباطلك،و ليمددك لك ابن العاص في غوايتك،فكان أجلك قد انقضى و كيدك قد وهى و سوف تستبين لمن تكون العاقبة العليا،و اعلم أنك إنما تكايد ربك الذي قد أمنت كيده و أيست من روحه،و هو لك بالمرصاد،و أنت منه في غرور و بالله و بأهل بيت رسوله عنك الغناء،و السلام على من اتبع الهدى.فكتب إليه معاوية من معاوية بن أبي سفيان إلى الزاري،على أبيه محمد بن أبي بكر سلام على أهل طاعة الله،أما بعد،فقد أتاني كتابك تذكر فيه ما الله أهله في قدرته و سلطانه،و ما أصفى به نبيه مع كلام ألفته و وضعته لرأيك فيه تضعيف و لأبيك فيه تعنيف ذكرت حق

١٨٩

ابن أبي طالب،و قديم سابقته،و قرابته من نبي الله،و نصرته له و مواساته إياه في كل خوف و هول،و احتجاجك علي،و فخرك بفضل غيرك لا بفضلك فاحمد إلها صرف ذلك الفضل عنك و جعله لغيرك،فقد كنا و أبوك معنا في حياة نبينا نرى حق ابن أبي طالب لازما لنا و فضله مبرزا علينا،فلما اختار الله لنبيه ما عنده،و أتم له ما وعده،و أظهر دعوته و أفلج حجته قبضه الله إليه،فكان أبوك و فاروقه أول من ابتزه و خالفه على ذلك اتفقا و اتسقا،ثم دعواه إلى أنفسهما فأبطأ عنهما و تلكأ عليهما فهما به الهموم و أرادا به العظيم،فبايعهما و سلم لهما لا يشركانه في أمرهما،و لا يطلعانه على سرهما حتى قبضا،و انقضى أمرهما،ثم أقاما بعدهما ثالثهما عثمان بن عفان يهتدي بهديهما،و يسير بسيرتهما،فعبته أنت و صاحبك حتى طمع فيه الأقاصي من أهل المعاصي،و بطنتما و ظهرتما،و كشفتما له عداوتكما و غلكما حتى بلغتما منه مناكما،فخذ حذرك يا ابن أبي بكر،فسترى وبال أمرك،و قس شبرك بفترك تقصر عن أن تساوي أو توازي من يزن الجبال حلمه،و لا تلين على قسر قناته و لا يدرك ذو مدى أناته أبوك مهد له مهاده،و بنى ملكه و شاده،فإن يكن ما نحن فيه صوابا فأبوك أوله،و إن يكن جورا فأبوك أسه،و نحن شركاؤه فبهداه أخذنا و بفعله اقتدينا رأينا أباك فعل ما فعل فاحتذينا مثاله و اقتدينا بفعاله فعب أباك بما بدا لك أو دع،و السلام على من أناب و رجع من غوايته و ناب.قال:و أمر علي(عليه‌السلام )الحارث الأعور أن ينادي في الناس اخرجوا إلى معسكركم

١٩٠

بالنخيلة،فنادى الحارث في الناس بذلك،و بعث إلى مالك بن حبيب اليربوعي صاحب شرطته يأمره أن يحشر الناس إلى المعسكر،و دعا عقبة بن عمرو الأنصاري فاستخلفه على الكوفة،و كان أصغر أصحاب العقبة السبعين،ثم خرج(عليه‌السلام )و خرج الناس معه.

قال نصر:و دعا علي(عليه‌السلام )زياد بن النضر و شريح بن هانئ،و كانا على مذحج و الأشعريين،فقال:يا زياد اتق الله في كل ممسى و مصبح و خف على نفسك الدنيا الغرور لا تأمنها على حال،و اعلم أنك إن لم تزعها عن كثير مما تحب مخافة مكروهة سمت بك الأهواء إلى كثير من الضرر،فكن لنفسك مانعا وازعا من البغي و الظلم و العدوان،فإني قد وليتك هذا الجند فلا تستطيلن عليهم إن خيركم عند الله أتقاكم تعلم من عالمهم و علم جاهلهم،و احلم عن سفيههم،فإنك إنما تدرك الخير بالحلم و كف الأذى و الجهل.فقال:زياد أوصيت يا أمير المؤمنين،حافظا لوصيتك مؤديا لأربك يرى الرشد في نفاذ أمرك و الغي في تضييع عهدك.فأمرهما أن يأخذا في طريق واحد و لا يختلفا و بعثهما في اثني عشر ألفا على مقدمته،و كل واحد منهما على جماعة من ذلك الجيش،فأخذ شريح يعتزل بمن معه من أصحابه على حدة و لا يقرب زيادا،فكتب زياد إلى علي(عليه‌السلام )مع مولى له يقال له:شوذب لعبد الله علي أمير المؤمنين من زياد بن النضر سلام عليك،فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو،أما بعد،فإنك وليتني أمر

١٩١

الناس و إن شريحا لا يرى بي عليه طاعة و لا حقا،و ذلك من فعله بي استخفاف بأمرك و ترك لعهدك و السلام.و كتب شريح بن هانئ إلى علي(عليه‌السلام )لعبد الله علي أمير المؤمنين من شريح بن هانئ سلام عليك،فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو،أما بعد،فإن زياد بن النضر حين أشركته في أمرك،و وليته جندا من جنودك طغى و استكبر،و مال به العجب و الخيلاء و الزهو إلى ما لا يرضى الله تعالى به من القول و الفعل،فإن رأى أمير المؤمنين(عليه‌السلام )أن يعزله عنا و يبعث مكانه من يحب فليفعل،فإنا له كارهون و السلام.

فكتب علي(عليه‌السلام )إليهما من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى زياد بن النضر،و شريح بن هانئ سلام عليكما،فإني أحمد إليكما الله الذي لا إله إلا هو،أما بعد،فإني قد وليت مقدمتي زياد بن النضر و أمرته عليها،و شريح بن هانئ على طائفة منها أمير،فإن انتهى جمعكما إلى بأس فزياد بن النضر على الناس كلهم و إن افترقتما،فكل واحد منكما أمير الطائفة التي وليناه أمرها،و اعلما أن مقدمة القوم عيونهم،و عيون المقدمة طلائعهم،فإذا أنتما خرجتما من بلادكما فلا تسأما من توجيه الطلائع،و من نفض الشعاب و الشجر و الخمر في كل جانب كي لا يغتركما عدو أو يكون لهم كمين،و لا تسيرن الكتائب و القبائل من لدن الصباح إلى المساء إلا على تعبئة،فإن دهمكم عدو أو غشيكم مكروه كنتم قد تقدمتم في التعبئة،فإذا نزلتم بعدو أو نزل بكم فليكن معسكركم في قبل الأشراف أو سفاح

١٩٢

الجبال و أثناء الأنهار كيما يكون ذلك لكم ردءا،و تكون مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين،و اجعلوا رقباءكما في صياصي الجبال،و بأعالي الأشراف و مناكب الأنهار يرون لكم كي لا يأتيكم عدو من مكان مخافة أو أمن و إياكم و التفرق،فإذا نزلتم فانزلوا جميعا،و إذا رحلتم فارحلوا جميعا،فإذا غشيكم الليل فنزلتم فحفوا عسكركم بالرماح و الترسة،و لتكن رماتكم من وراء ترسكم و رماحكم يلونهم و ما أقمتم،فكذلك فافعلوا كي لا تصاب لكم غفلة،و لا تلفى لكم غرة فما قوم يحفون عسكرهم برماحهم و ترستهم من ليل أو نهار،إلا كانوا كأنهم في حصون،و احرسا عسكركما بأنفسكما،و إياكما أن تذوقا نوما حتى تصبحا إلا غرارا أو مضمضة،ثم ليكن ذلك شأنكما و دأبكما حتى تنتهيا إلى عدوكما،و ليكن كل يوم عندي خبركما و رسول من قبلكما،فإني و لا شي‏ء إلا ما شاء الله حثيث السير في أثركما عليكما في جريكما بالتؤدة،و إياكما و العجلة إلا أن تمكنكما فرصة بعد الإعذار و الحجة،و إياكما أن تقاتلا حتى أقدم عليكما إلا أن تبدءا أو يأتيكما أمري إن شاء الله.قال نصر:و كتب علي(عليه‌السلام )إلى أمراء الأجناد،و كان قد قسم عسكره أسباعا فجعل على كل سبع أميرا،فجعل سعد بن مسعود الثقفي على قيس،و عبد القيس و معقل بن قيس اليربوعي على تميم،و ضبة و الرباب و قريش

١٩٣

و كنانة و أسد و مخنف بن سليم على الأزد،و بجيلة و خثعم و الأنصار و خزاعة و حجر بن عدي الكندي على كندة،و حضرموت و قضاعة و زياد بن النضر على مذحج،و الأشعريين و سعيد بن مرة الهمداني على همدان،و من معهم من حمير و عدي بن حاتم الطائي على طيئ،تجمعهم الدعوة مع مذحج،و تختلف الرايتان راية مذحج مع زياد بن النضر،و راية طيئ مع عدي بن حاتم هذه عساكر الكوفة،و أما عساكر البصرة،فخالد بن معمر السدوسي على بكر بن وائل،و عمرو بن مرجوم العبدي على عبد القيس،و ابن شيمان الأزدي على الأزد،و الأحنف على تميم و ضبة و الرباب و شريك بن الأعور الحارثي على أهل العالية،أما بعد،فإني أبرأ إليكم من معرة الجنود إلا من جوعة إلى شبعة،و من فقر إلى غنى أو عمى إلى هدى،فإن ذلك عليهم فأغربوا الناس عن الظلم و العدوان و خذوا على أيدي سفهائكم،و احترسوا أن تعملوا أعمالا لا يرضى الله بها عنا فيرد بها علينا،و عليكم دعاءنا،فإنه تعالى يقول:( ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ ) ،و إن الله إذا مقت قوما من السماء هلكوا في الأرض،فلا تألوا أنفسكم خيرا و لا الجند حسن سيرة،و لا الرعية معونة،و لا دين الله قوة،و أبلوا في سبيله ما استوجب عليكم،فإن الله قد اصطنع عندنا و عندكم ما يجب علينا أن نشكره بجهدنا و أن ننصره ما بلغت قوتنا،و لا قوة إلا بالله

١٩٤

قال:و كتب(عليه‌السلام )إلى جنوده يخبرهم بالذي لهم و عليهم،أما بعد،فإن الله جعلكم في الحق جميعا سواء أسودكم و أحمركم و جعلكم من الوالي و جعل الوالي منكم بمنزلة الوالد من الولد،و بمنزلة الولد من الوالد الذي لا يكفيه منعه إياهم طلب عدوه و التهمة به ما سمعتم و أطعتم و قضيتم الذي عليكم،فحقكم عليه إنصافكم و التعديل بينكم و الكف عن فيئكم،فإذا فعل معكم ذلك وجبت عليكم طاعته فيما وافق الحق و نصرته،و الدفع عن سلطان الله،فإنكم وزعة الله في الأرض فكونوا له أعوانا،و لدينه أنصارا،و لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها إن الله لا يحب المفسدين .قال نصر:و حدثنا عمر بن سعد.قال:حدثنا سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباته.قال:قال علي(عليه‌السلام )ما يقول الناس في هذا القبر و في النخيلة و بالنخيلة قبر عظيم يدفن اليهود موتاهم حوله ،فقال الحسن بن علي(عليه‌السلام ):يقولون هذا قبر هود لما عصاه قومه جاء ،فمات هاهنا فقال:كذبوا ؛ لأنا أعلم به منهم هذا قبر يهودا بن يعقوب بن إسحاق ،بن إبراهيم بكر يعقوب ،ثم قال:أهاهنا أحد من مهرة فأتي بشيخ كبير ،فقال:أين منزلك ؟ قال:على شاطئ البحر.قال:أين أنت من الجبل قال:أنا قريب منه قال:فما يقول قومك فيه قال:يقولون إن فيه قبر ساحر قال:كذبوا ذاك قبر هود النبي(عليه‌السلام )،و هذا قبر يهودا بن يعقوب ،ثم قال:

١٩٥

(عليه‌السلام )يحشر من ظهر الكوفة سبعون ألفا على غرة الشمس يدخلون الجنة بغير حساب.قال نصر:فلما نزل علي(عليه‌السلام )النخيلة متوجها إلى الشام و بلغ معاوية خبره،و هو يومئذ بدمشق قد ألبس منبر دمشق قميص عثمان مختضبا بالدم و حول المنبر سبعون ألف شيخ يبكون حوله لا تجف دموعهم على عثمان خطبهم،و قال:يا أهل الشام،قد كنتم تكذبونني في علي و قد استبان لكم أمره،و الله ما قتل خليفتكم غيره،و هو أمر بقتله و ألب الناس عليه،و آوى قتلته،و هم جنده و أنصاره و أعوانه،و قد خرج بهم قاصدا بلادكم و دياركم لإبادتكم،يا أهل الشام،الله،الله،في دم عثمان،فأنا وليه و أحق من طلب بدمه،و قد جعل الله لولي المقتول ظلما سلطانا،فانصروا خليفتكم المظلوم،فقد صنع القوم به ما تعلمون قتلوه ظلما و بغيا،و قد أمر الله تعالى بقتال الفئة الباغية حتى تفي‏ء إلى أمر الله،ثم نزل.قال نصر فأعطوه الطاعة و انقادوا له،و جمع إليه أطرافه و استعد للقاء علي(عليه‌السلام )

١٩٦

47.و من كلام له(عليه‌السلام )في ذكر الكوفة

(كَأَنِّي بِكِ يَا كُوفَةُ تُمَدِّينَ مَدَّ اَلْأَدِيمِ اَلْعُكَاظِيِّ تُعْرَكِينَ بِالنَّوَازِلِ وَ تُرْكَبِينَ بِالزَّلاَزِلِ وَ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ بِكِ جَبَّارٌ سُوءاً إِلاَّ اِبْتَلاَهُ اَللَّهُ بِشَاغِلٍ أَوْ وَ رَمَاهُ بِقَاتِلٍ)،عكاظ اسم سوق للعرب بناحية مكة كانوا يجتمعون بها في كل سنة يقيمون شهرا،و يتبايعون و يتناشدون شعرا،و يتفاخرون قال أبو ذؤيب:

إذا بني القباب على عكاظ و قام البيع و اجتمع الألوف

فلما جاء الإسلام هدم ذلك و أكثر ما كان يباع الأديم بها فنسب إليها.و الأديم واحد و الجمع أدم كما قالوا أفيق للجلد الذي لم تتم دباغته و جمعه أفق،و قد يجمع أديم على آدمة كما قالوا رغيف و أرغفة.و الزلازل هاهنا الأمور المزعجة و الخطوب المحركة.

١٩٧

و قوله(عليه‌السلام ):تمدين مد الأديم استعارة لما ينالها من العسف و الخبط و قوله:تعركين من عركت القوم الحرب إذا مارستهم حتى أتعبتهم.

فصل في ذكر فضل الكوفة

و قد جاء في فضل الكوفة عن أهل البيت(عليه‌السلام )شي‏ء كثير،نحو:قول أمير المؤمنين(عليه‌السلام )نعمت المدرة،و قوله(عليه‌السلام ):إنه يحشر من ظهرها يوم القيامة سبعون ألفا وجوههم على صورة القمر،و قوله(عليه‌السلام )هذه مدينتنا و محلتنا و مقر شيعتنا،و قول جعفر بن محمد(عليه‌السلام )،اللهم ارم من رماها،و عاد من عاداها،و قوله(عليه‌السلام ):تربة تحبنا و نحبها.فأما ما هم به الملوك و أرباب السلطان فيها من السوء،و دفاع الله تعالى عنها فكثير.قال المنصور لجعفر بن محمد(عليه‌السلام )إني قد هممت أن أبعث إلى الكوفة من ينقض منازلها،و يجمر نخلها و يستصفي أموالها،و يقتل أهل الريبة منها،فأشر علي،فقال:يا أمير المؤمنين،إن المرء ليقتدي بسلفه،و لك أسلاف ثلاثة،سليمان أعطي فشكر،و أيوب ابتلي فصبر،و يوسف قدر فغفر،فاقتد بأيهم شئت فصمت قليلا،ثم قال:قد غفرت.

١٩٨

و روى أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي في كتاب المنتظم أن زيادا لما حصبه أهل الكوفة،و هو يخطب على المنبر قطع أيدي ثمانين منهم،و هم أن يخرب دورهم و يجمر نخلهم،فجمعهم حتى ملأ بهم المسجد و الرحبة يعرضهم على البراءة من علي(عليه‌السلام )،و علم أنهم سيمتنعون،فيحتج بذلك على استئصالهم و إخراب بلدهم.قال عبد الرحمن بن السائب الأنصاري،فإني لمع نفر من قومي و الناس يومئذ في أمر عظيم إذ هومت تهويمه،فرأيت شيئا أقبل طويل العنق مثل عنق البعير أهدر أهدل،فقلت:ما أنت ؟ فقال:أنا النقاد ذو الرقبة،بعثت إلى صاحب هذا القصر فاستيقظت فزعا،فقلت لأصحابي:هل رأيتم ما رأيت ؟ قالوا:لا،فأخبرتهم و خرج علينا خارج من القصر،فقال انصرفوا،فإن الأمير يقول لكم:إني عنكم اليوم مشغول،و إذا بالطاعون قد ضربه،فكان يقول إني لأجد في النصف من جسدي حر النار حتى مات،فقال عبد الرحمن بن السائب:

ما كان منتهيا عما أراد بنا

حتى تناوله النقاد ذو الرقبة

فاثبت الشق منه ضربة عظمت

كما تناول ظلما صاحب الرحبة

قلت:قد يظن ظان أن قوله صاحب الرحبة يمكن أن يحتج به من قال:إن قبر أمير المؤمنين(عليه‌السلام )في رحبة المسجد بالكوفة،و لا حجة في ذلك ؛ لأن أمير المؤمنين كان يجلس معظم زمانه في رحبة المسجد يحكم بين الناس،فجاز أن ينسب إليه بهذا الاعتبار.

١٩٩

48.و من خطبة له(عليه‌السلام )عند المسير إلى الشام

(اَلْحَمْدُ لِلَّهِ كُلَّمَا وَقَبَ لَيْلٌ وَ غَسَقَ وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ كُلَّمَا لاَحَ نَجْمٌ وَ خَفَقَ وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ غَيْرَ مَفْقُودِ اَلْإِنْعَامِ وَ لاَ مُكَافَإِ اَلْإِفْضَالِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَعَثْتُ مُقَدِّمَتِي وَ أَمَرْتُهُمْ بِلُزُومِ هَذَا اَلْمِلْطَاطِ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرِي وَ قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَقْطَعَ هَذِهِ اَلنُّطْفَةَ إِلَى شِرْذِمَةٍ مِنْكُمْ مُوطِنِينَ أَكْنَافَ دِجْلَةَ فَأُنْهِضَهُمْ مَعَكُمْ إِلَى عَدُوِّكُمْ وَ أَجْعَلَهُمْ مِنْ أَمْدَادِ اَلْقُوَّةِ لَكُمْ)،قال الرضيرحمه‌الله :يعني(عليه‌السلام )بالملطاط هاهنا السمت الذي أمرهم بلزومه،و هو شاطئ الفرات،و يقال ذلك أيضا لشاطئ البحر،و أصله ما استوى من الأرض،و يعني بالنطفة ماء الفرات،و هو من غريب العبارات و عجيبها وقب الليل،أي:دخل،قال الله تعالى:( وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ ) .و غسق،أي:أظلم،و خفق النجم،أي:غاب.

٢٠٠