كمال الدين وتمام النعمة

كمال الدين وتمام النعمة8%

كمال الدين وتمام النعمة مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 686

كمال الدين وتمام النعمة المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 686 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 143101 / تحميل: 8004
الحجم الحجم الحجم
كمال الدين وتمام النعمة

كمال الدين وتمام النعمة

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

[ ٥٨ ٤٥ ] ٩ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( الخصال) بإسناده عن علي( عليه‌السلام ) - في حديث الأربعمائة - قال: تشمير الثياب طهور لها، قال الله تعالى:( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) (١) أي فشمّر.

[ ٥٨ ٤٦ ] ١٠ - الفضل بن الحسن الطبرسي في( مجمع البيان) عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في قوله تعالى( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) (٢) قال: معناه ثيابك فقصّر.

[ ٥٨ ٤٧ ] ١١ - وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : غسل الثياب يذهب الهمّ والحزن، وهو طهور للصلاة وتشمير الثياب طهور لها، وقد قال الله تعالى:( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) (٣) أي فشمّر.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٤) .

٢٣ - باب كراهة اسبال الثوب وتجاوزه الكعبين للرجل وعدم كراهته للمرأة، وتحريم الاختيال والتبختر

[ ٥٨ ٤٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) أنّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أوصى رجلاً من بني تميم فقال له: إيّاك وإسبال الإِزار والقميص، فإنّ ذلك من المخيلة، والله يحب المخيلة.

____________________

٩ - الخصال: ٦٢٢.

(١) المدثر ٧٤: ٤.

١٠ - مجمع البيان ٥: ٣٨٥.

(٢) المدّثر ٧٤: ٤.

١١ - مجمع البيان ٥: ٣٨٥.

(٣) المدّثر ٧٤: ٤.

(٤) يأتي في الحديث ٥ من الباب ٢٣ من هذه الأبواب.

الباب ٢٣

فيه ١٣ حديثاً

١ - الكافي ٦: ٤٥٦ / ٥، أورده عن المحاسن في الحديث ١٣ من الباب ٥٩ من أبواب جهاد النفس.

٤١

ورواه البرقي في( المحاسن) عن محمّد بن علي، عن الحسن بن محبوب، مثله (١) .

[ ٥٨ ٤٩ ] ٢ - وعن أبي علي الأشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن أبان، عن أبي حمزة رفعه قال: نظر أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) إلى فتى مرخى(٢) إزاره فقال: يا فتى(٣) ارفع إزارك فانّه أبقى لثوبك وأنقى لقلبك.

[ ٥٨ ٥٠ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن محمّد بن مسلم قال: نظر أبو عبد الله( عليه‌السلام ) إلى رجل قد لبس قميصاً يصيب الأرض فقال: ما هذا ثوب طاهر.

[ ٥٨ ٥١ ] ٤ - وعنهم، عن أحمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في الرجل يجرّ ثوبه، قال: إنّي لأكره أن يتشبّه بالنساء.

[ ٥٨ ٥٢ ] ٥ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب(٤) ، عن عبد الله بن هلال قال: أمرني أبو عبد الله( عليه‌السلام ) أن أشتري له إزاراً فقلت: إنّي لست أُصيب إلّا واسعاً، فقال: اقطع منه وكفّه، ثمّ

____________________

(١) المحاسن: ١٢٤ / ١٤٠.

٢ - الكافي ٦: ٤٥٧ / ٦.

(٢) أرخى ازاره: أسبله( لسان العرب ١٤: ٣١٥ ).

(٣) في المصدر: يا بنيّ.

٣ - الكافي ٦: ٤٥٨ / ١١.

٤ - الكافي ٦: ٤٥٨ / ١٢.

٥ - الكافي ٦: ٤٥٦ / ٣.

(٤) في المصدر زيادة: عن عبد الله بن يعقوب.

٤٢

قال: إنّ أبي قال: ما جاوز الكعبين ففي النار.

وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، مثله(١) .

[ ٥٨ ٥٣ ] ٦ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في حديث المناهي - قال: ونهى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أن يختال الرجل في مشيه، وقال: من لبس ثوباً فاختال فيه خسف الله به من شفير جهنّم، وكان قرين قارون لأنه أوّل من اختال فخسف الله به وبداره الأرض، ومن اختال فقد نازع الله في جبروته.

[ ٥٨ ٥٤ ] ٧ - وفي( معاني الأخبار ): عن محمّد بن إبراهيم الطالقاني، عن عبد العزيز بن يحيى الجوادي، عن محمّد بن زكريا، عن جعفر بن محمّد بن عمارة، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) - في حديث - قال: إنّ المجنون حقّ المجنون المتبختر في مشيته، الناظر في عطفيه، المحرّك جنبيه بمنكبيه، فذاك المجنون وهذا المبتلى.

[ ٥٨ ٥٥ ] ٨ - وفي( الخصال) عن أبيه، عن سعد، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن الحسن الفارسي، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن محمّد بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه ( عليهم‌السلام ) ، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) - في حديث - قال: ألا أُخبركم بالمجنون حقّ المجنون ؟ قالوا بلى يا

____________________

(١) الكافي ٦: ٣٥٦ / ذيل حديث ٣.

٦ - الفقيه ٤: ٧ في حديث المناهي.

٧ - معاني الأخبار: ٢٣٧.

٨ - الخصال: ٣٣٢ / ٣١.

٤٣

رسول الله، قال: إنّ المجنون حقّ المجنون المتبختر في مشيه، الناظر في عطفيه، المحرّك جنبيه بمنكبيه، يتمنّى على الله جنّته وهو يعصيه، الذي لا يؤمن شرّه، ولا يرجى خيره، فذلك المجنون.

[ ٥٨ ٥٦ ] ٩ - وعن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن معروف، عن أبي جميلة، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ، عن علي( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: ستّة في هذه الأُمة من أخلاق قوم لوط ‎ : الجلاهق(١) وهو البندق(٢) ، والخذف، ومضغ العلك، وإرخاء الإِزار خيلاءاً، وحلّ الأزرار من القباء، والقميص.

[ ٥٨ ٥٧ ] ١٠ - وفي( عقاب الأعمال) بإسناد تقدّم في عيادة المريض عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أنّه قال في آخر خطبة خطبها: ومن لبس ثوباً فاختال فيه خسف الله به(٣) من شفير جهنم يتخلخل(٤) فيها ما دامت السماوات والأرض، وإنّ قارون لبس حلّة فاختال فيها فخسف به فهو يتخلخل(٥) إلى يوم القيامة.

[ ٥٨ ٥٨ ] ١١ - محمّد بن إ ‎ دريس في آخر( السرائر) نقلاً من كتاب المشيخة للحسن بن محبوب، عن علي بن الحسن، عن يونس بن رباط، عن أبي

____________________

٩ - الخصال: ٣٣٠ / ٢٩، قطعة منه تأتي في الحديث ٦ من الباب ٢٨ من أبواب أحكام العشرة، وقطعة منه تأتي في الحديث ١١ من الباب ١١، وفي الحديث ٦ من الباب ١٤ من أبواب الجماعة.

(١) الجلاهق: بضم الجيم: البندق المعمول من الطين، الواحدة جلاهقة( مجمع البحرين ٥: ١٤٣ ).

(٢) البندقة: وهي طينة مدورة مجففة جمعها بنادق( مجمع البحرين ٥: ١٤١ ).

١٠ - ثواب الأعمال: ٣٣٣.

(٣) في المصدر زيادة: قبره ‎

(٤ و ٥) وفيه: يتجلجل.

١١ - مستطرفات السرائر: ٨٥ / ٣٠، ويأتي بتمامه عن الكافي والتهذيب الحديث ٨ من الباب ٨٦ من أبواب أحكام الأولاد.

٤٤

عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : لا يجد ريح الجنّة عاق، ولا قاطع رحم، ولا مرخى الإِزار خيلاءاً.

[ ٥٨ ٥٩ ] ١٢ - ومن رواية أبي القاسم ابن قولويه، عن الأصبغ قال: سمعت علياً( عليه‌السلام ) يقول: ستّة من أخلاق قوم لوط: الجلاهق وهو البندق، والخذف، ومضغ العلك، والصفير، وإرخاء الازار خيلاء، وحلّ الأزرار.

[ ٥٨ ٦٠ ] ١٣ - الحسن بن الفضل الطبرسي في( مكارم الأخلاق) عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: والإسبال في الأزار والقميص والعمامة [ وقال ](١) من جرّ شيئاً(٢) خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه في أحاديث التجبّر(٤) ، إن شاء الله.

٢٤ - باب كراهة حمل شيء في الكمّ وعدم تحريمه

[ ٥٨ ٦١ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في( العلل ): عن محمّد بن علي

____________________

١٢ - مستطرفات السرائر: ١٤٥ / ١٧، وللحديث صدر يأتي في الحديث ٦ من الباب ٢٨ والحديث ٨ من الباب ٤٩ من أبواب أحكام العشرة.

١٣ - مكارم الأخلاق: ١٠٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) وفيه: ثوبه.

(٣) تقدم ما يدل على ذلك في الباب ٢١، ٢٢ من هذه الأبواب.

(٤) يأتي ما على ذلك في الحديث ٥ من الباب ٢٦ من هذه الأبواب، وفي الباب ٥٨ ‎ ، ٥٩ من أبواب جهاد النفس، وفي الباب ٢٥ من أبواب آداب التجارة، وفي الحديث ٢ من الباب ٨٠ من أبواب مقدمات النكاح.

الباب ٢٤

فيه حديث واحد

١ - علل الشرائع: ٥٨٢ / ٢٠ أخرجه عن العلل والكافي والتهذيب في الحديث ٢ من الباب ٥٢ من أبواب آداب التجارة.

٤٥

ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن ميمون القدّاح، عن جعفر بن محمد( عليه‌السلام ) قال: جئت إلى أبي( عليه‌السلام ) بكتاب أعطانيه إنسان فأخرجته من كمّي فقال لي: يا بنيّ، لا تحمل في كمّك شيئاً فإنّ الكمّ مضياع.

٢٥ - باب استحباب قطع الرجل ما زاد من الكمّ عن أطراف الأصابع وما جاوز الكعبين من الثوب

[ ٥٨ ٦٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: كان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) إذا لبس القميص مدّ يده، فإذا طلع على أطراف الأصابع قطعه.

[ ٥٨ ٦٣ ] ٢ - محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد في( الإرشاد) عن سعيد بن كلثوم، عن الصادق جعفر بن محمّد( عليهما‌السلام ) قال: والله ما أكل علي بن أبي طالب( عليه‌السلام ) من الدنيا حراماً قطّ حتّى مضى لسبيله - إلى أن قال - وإن كان يقوت أهله بالزيت والخلّ والعجوة، وما كان لباسه إلّا الكرابيس إذا فضل شيء عن يده من كمّه دعى بالجلم(١) فقصه، الحديث.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

____________________

الباب ٢٥

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٤٥٧ / ٧.

٢ - الارشاد: ٢٥٥.

(١) الجَلَم: الذي يُجزّ به الشعر والصوف كالمقص( مجمع البحرين ٦: ٣٠ ).

(٢) تقدم في الحديث ١٢ من الباب ٢٠ من أبواب المقدّمة، وفي الحديث ٤ من الباب ٢١ من هذه الأبواب.

٤٦

٢٦ - باب ما يستحبّ أن يعمل عند لبس الثوب الجديد من الصلاة والقراءة

[ ٥٨ ٦٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : إذا كسا الله المؤمن ثوباً جديداً فليتوضّأ وليصلّ ركعتين، يقرأ فيهما:( أُمّ الْكِتَابِ ) و( آية الكرسي) و ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) و( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) (١) ، ثمّ ليحمد الله الذي ستر عورته وزيّنه في الناس وليكثر من قول: لا حول ولا قوة إلّا بالله، فإنّه لا يعصي الله فيه، وله بكلّ سلك فيه ملك يقدّس له ويستغفر له ويترحّم عليه.

ورواه الصدوق في( الخصال) (٢) بإسناده الآتي(٣) عن عليّ( عليه‌السلام ) - في حديث الأربعمائة -.

[ ٥٨ ٦٥ ] ٢ - وعن علي بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن غير واحد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من قرأ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ ) ثنتين وثلاثين مرّة في إناء جديد ورشّ(٤) ثوبه الجديد ‎ إذا لبسه لم يزل يأكل في سعةٍ ما بقي منه سلك.

[ ٥٨ ٦٦ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين في( المجالس ): عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عمير،

____________________

الباب ٢٦

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٥٩ / ٥.

(١) ليس في المصدر.

(٢) الخصال: ٦٢٤.

(٣) يأتي في الفائدة الأولى من الخاتمة برمز( ر ).

٢ - الكافي ٦: ٤٥٩ / ٤.

(٤) في المصدر زيادة: به.

٣ - أمالي الصدوق: ٢٢٠ / ١٠.

٤٧

عن عبد الرحمن السراج يرفعه إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من قطع ثوباً جديداً وقرأ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ستّاً وثلاثين مرّة فإذا بلغ( تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ ) أخرج شيئاً من الماء ورشّ بعضه(١) على الثوب رشّاً خفيفاً ثمّ صلّى فيه(٢) ركعتين ودعا ربه وقال في دعائه: الحمد لله الذي رزقني ما أتجمّل به في الناس وأُواري به عورتي، وأُصلّي فيه لربّي، وحمد الله، لم يزل يأكل في سعةٍ حتى يبلى ذلك الثوب.

وفي( ثواب الأعمال ): عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عمر السرّاد، عمّن أخبره، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، مثله(٣) .

[ ٥٨ ٦٧ ] ٤ - وفي( عيون الأخبار) عن أبيه وعلي بن عبد الله الورّاق جميعاً، عن سعد بن عبد الله، عن عليّ بن الحسن الخيّاط، عن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن موسى بن جعفر، عن ياسر الخادم، عن أبي الحسن العسكري، عن أبيه، عن جدّه الرضا، عن أبيه موسى( عليهم‌السلام ) أنّه كان يلبس ثيابه ممّا يلي يمينه، فإذا لبس ثوباً جديداً دعا بقدح من ماء فقرأ فيه( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) عشر مرّات، و( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) عشر مرّات، و ‎( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) عشر مرّات، ثمّ نضحه على ذلك الثوب، ثمّ قال: من فعل هذا بثوبه قبل أن يلبسه لم يزل في رغد من العيش ما بقي منه سلك.

[ ٥٨ ٦٨ ] ٥ - الحسن بن محمّد الطوسي في( الأمالي) عن أبيه، عن هلال بن محمّد الحفّار، عن إسماعيل بن عليّ الدعبلي، عن أبيه، عن الرضا، عن آبائه ( عليهم‌السلام ) ، عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّه اشترى قميصاً بثلاثة دراهم فلبسه ما بين الرسغين إلى الكعبين، ثمّ أتى المسجد فصلّى فيه

____________________

(١ و ٢)( بعضه) و( فيه) ليسا في ثواب الأعمال ‎( هامش المخطوط ).

(٣) ثواب الأعمال: ٤٤ / ١.

٤ - عيون أخبار الرضا( عليه‌السلام ) ١: ٣١٥ / ٩١.

٥ - أمالي الطوسي ١: ٣٧٥.

٤٨

ركعتين ثمّ قال: الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمّل به في الناس وأؤدّي فيه فريضتي وأستر فيه عورتي،( ثم قال) (١) : سمعت رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يقول ذلك عند الكسوة.

ورواه علي بن عيسى في( كشف الغمّة) مرسلاً، إلّا أنّه قال: فساوم شيخاً فقال: يا شيخ، بعني قميصاً بثلاثة دراهم (٢) .

٢٧ - باب استحباب التحميد والدعاء بالمأثور عند لبس الجديد

[ ٥٨ ٦٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر( عليه‌السلام ) عن الرجل يلبس الثوب الجديد ؟ قال: يقول: اللّهم اجعله ثوب يمن وتقى وبركة، اللّهم ارزقني فيه حسن عبادتك، وعملاً بطاعتك، وأداء شكر نعمتك، الحمد لله الذي كساني ما أُواري به عورتي، وأتجمّل به في الناس.

[ ٥٨ ٧٠ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال ‎ : قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : علّمني رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) إذا لبست ثوباً جديداً أن أقول: الحمد لله الذي كساني من اللباس(٣) ما أتجمّل به في الناس، اللّهم اجعلها ثياب بركة أسعى فيها

____________________

(١) في المصدر بدل ما بين القوسين هكذا: فقال له رجل: يا أمير المؤمنين أعنك نروي هذا أو شيء سمعته من رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، قال: بل شيء سمعته من رسول الله

(٢) كشف الغمّة ١: ١٦٤، وتقدم ما يدل على استحباب التسمية عند كل فعل في الحديث ١٢ و ١٣ من الباب ٢٦ من أبواب الوضوء.

الباب ٢٧

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٥٨ / ١.

٢ - الكافي ٦: ٤٥٨ / ٢.

(٣) في الأمالي: الرياش( هامش المخطوط ).

٤٩

لمرضاتك، وأعمر فيها مساجدك، وقال: يا عليّ، من قال ذلك لم يتقمّصه حتى يغفر له.

ورواه الصدوق في( المجالس ): عن الحسين بن إبراهيم بن تاتانه، عن علي بن إبراهيم، مثله(١) .

[ ٥٨ ٧١ ] ٣ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن محمّد بن علي الهمداني، عن الحسين بن أبي عثمان، عن خالد الجوّان قال: سمعت أبا الحسن موسى( عليه‌السلام ) يقول: قد ينبغي لأحدكم إذا لبس الثوب الجديد أن يمرّ يده عليه ويقول: الحمد لله الّذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمّل به في الناس، وأتزيّن به بينهم.

[ ٥٨ ٧٢ ] ٤ - وعن محمّد يحيى، عن علي بن الحسين النيسابوري، عن عبد الله بن محمّد، عن علي بن الريّان، عن يونس، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّه قال: يا عمر، إذا لبست ثوباً جديداً فقل: لا إله إلا الله محمّد رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) تبرأ من الآفة، وإذا أحببت شيئاً فلا تكثر ذكره فإنّ ذلك مما يهدك، وإذا كانت لك إلى رجل حاجة فلا تشتمه من خلفه فإن الله يوقع ذلك في قلبه.

[ ٥٨ ٧٣ ] ٥ - محمّد بن الحسن في( المجالس والأخبار) بإسناده عن زريق، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: إذا لبست ثوباً فقل: اللّهمّ ألبسني لباس الايمان، وزيّني بالتقوى، اللّهم اجعل جديده أُبليه في طاعتك وطاعة رسولك، وأبدلني بخلقه حلل الجنّة، ولا تجعلني أبليه في معصيتك، ولا تبدلني بخلقه مقطعات النيران.

____________________

(١) أمالي الصدوق: ٢١٩ / ٨.

٣ - الكافي ٦: ٤٥٩ / ٣.

٤ - الكافي ٦: ٤٥٩ / ٦.

٥ - أمالي الطوسي ٢: ٣١١ باختلاف.

٥٠

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) .

٢٨ - باب كراهة ابتذال ثوب الصون، وإراقة فضل الإناء، وطرح النوى يميناً وشمالاً، وقطع الدراهم والدنانير

[ ٥٨ ٧٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن علي، عن علي بن عقبة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: أدنى الإِسراف هراقة فضل الإِناء، وابتذال ثوب الصون، وإلقاء النوى.

[ ٥٨ ٧٥ ] ٢ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن سليمان بن صالح قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : ما أدنى ما يجيء من الاسراف ‎ ؟ قال: ابتذالك ثوب صونك، وإهراق فضل إنائك، وأكلك التمر ورميك بالنوى ها هنا وها هنا.

[ ٥٨ ٧٦ ] ٣ - وقد تقدّم في حديث إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في المؤمن يكون له ثلاثون قميصاً قال: نعم، ليس هذا من السرف، إنّما السرف أن تجعل ثوب صونك ثوب بذلتك.

[ ٥٨ ٧٧ ] ٤ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن إسحاق بن عمّار أنّه سأل أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن أدنى الإسراف، قال: ثوب صونك تبتذله، وفضل الإناء تهريقه، وقذفك بالنوى هكذا وهكذا.

____________________

(١) تقدم في الأحاديث ١ و ٣ و ٥ من الباب ٢٦ من هذه الأبواب.

الباب ٢٨

فيه ٧ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٦٠ / ١.

٢ - الكافي ٦: ٤٦٠ / ٢.

٣ - تقدم في الحديث ٣ من الباب ٩ من هذه الأبواب.

٤ - الفقيه ٣: ١٠٣ / ٤١٣.

٥١

[ ٥٨ ٧٨ ] ٥ - وبإسناده عن أبي هشام البصري، عن الرضا( عليه‌السلام ) قال: من الفساد قطع الدراهم والدينار(١) وطرح النوى.

[ ٥٨ ٧٩ ] ٦ - وفي( الخصال) عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن علي بن السنديّ، عن محمّد بن عمر (٢) بن سعيد، عن موسى بن أكيل قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: لا يكون الرجل فقيهاً حتّى لا يبالي أيّ ثوبيه ابتذل وبما سدّ فورة الجوع.

أقول: هذا محمول على الجواز ونفي التحريم، أو على كون الثوبين متساويين، أو ليسا من ثياب الصون.

[ ٥٨ ٨٠ ] ٧ - وعن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن ‎ أبيه، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بإسناده يرفعه إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: السرف في ثلاثة ابتذالك ثوب صونك، وإلقائك النوى يميناً وشمالاً، وإهراقك فضلة الماء.

وقال: ليس في الطعام سرف.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٣) .

٢٩ - باب استحباب لبس الثوب الغليظ والخلق في البيت لا بين الناس، ورقع الثوب، وخصف النعل

[ ٥٨ ٨١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن

____________________

٥ - الفقيه ٣: ١٠٢ / ٤١٢.

(١) في نسخة: الدنانير.

٦ - الخصال: ٤٠ / ٢٧.

(٢) في المصدر: عمرو.

٧ - الخصال: ٩٣ / ٣٧.

(٣) يأتي في الباب ٢٦ و ٢٧ و ٢٩ من أبواب النفقات ما يدل على حكم الاسراف وحدوده، عموماً.

الباب ٢٩

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٧٨ / ٤، يأتي بتمامه في الحديث ٤ من الباب ٩٩ مما تكتسب به.

٥٢

معمر بن خلّاد، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) قال: خرجت وأنا أريد داود بن عيسى، وعليّ ثوبان غليظان، الحديث.

أقول: هذا محمول على الجواز لما مضى(١) ويأتي(٢) .

[ ٥٨ ٨٢ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن الفضل بن كثير المدائني، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: دخل عليه بعض أصحابه فرأى عليه قميصاً ‎ً فيه قُبّ(٣) قد رقعه فجعل ينظر إليه فقال له أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : ما لك تنظر ؟ فقال: قُبّ يلفى في قميصك، قال: فقال لي: اضرب يديك إلى هذا الكتاب فاقرأ ما فيه، وكان بين يديه كتاب أو قريب منه فنظر الرجل فيه فإذا فيه: لا إيمان لمن لا حياء له، ولا مال لمن لا تقدير له، ولا جديد لمن لا خلق له ‎

[ ٥٨ ٨٣ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين في( عيون الأخبار ): عن الحسين بن أحمد البيهقي، عن محمّد بن يحيى الصولي، عن عون بن محمّد، عن ابن أبي عباد قال: كان جلوس الرضا( عليه‌السلام ) في الصيف على حصير، وفي الشتاء على مسح، ولبسه الغليظ من الثياب، حتّى إذا برز للناس تزيّن لهم.

[ ٥٨ ٨٤ ] ٤ - وفي( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي نجران رفعه إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من رقع جيبه، وخصف نعله، وحمل سلعته، فقد برئ من الكبر.

____________________

(١) مضى في الحديث ١ من الباب ٨ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الحديث ٥ من هذا الباب.

٢ - الكافي ٦: ٤٦٠ / ٣.

(٣) ورد في هامش المخطوط ما نصه: القب: ما يدخل في جيب القميص من الرقاع( القاموس المحيط ١: ١١٧ ).

٣ - عيون أخبار الرضا( عليه‌السلام ) ٢: ١٧٨ الباب ٤٤.

٤ - ثواب الأعمال: ٢١٣ أورده في الحديث ٥ من الباب ٥ من هذه الأبواب.

٥٣

ورواه الكليني(١) ، عن علي بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة(٢) ، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، مثله.

وفي( الخصال ‎ ) عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، نحوه(٣) .

[ ٥٨ ٨٥ ] ٥ - محمّد بن الحسن في( المجالس والأخبار) بإسناده عن أبي ذرّ، عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) في وصيّته له: يا أبا ذر، من رقع ذيله وخصف نعله وعفر وجهه فقد برئ من الكبر، يا أبا ذر، من كان له قميصان فليلبس أحدهما ويلبس الآخر أخاه، يا أبا ذر، من ترك الجمال وهو يقدر عليه تواضعاً ‎ُ لله كساه الله حلّة الكرامة، يا أبا ذر، البس الخشن من اللباس والصفيق من الثياب لئلاّ يجد الفخر فيك مسلكه.

[ ٥٨ ٨٦ ] ٦ - الحسن بن محمّد الديلمي في( الإرشاد) قال: كان النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويحلب شاته، ويأكل من العبد، ويجلس على الأرض، ويركب الحمار، ويردف، ولا يمنعه الحياء أن يحمل حاجة من السوق إلى أهله، ويصافح الغني والفقير، ولا ينزع يده من يد أحد حتّى ينزعها هو، ويسلّم على من استقبله من غنيّ وفقير وكبير وصغير، ولا يحقّر ما دعي إليه ولو إلى حشف التمر، وكان خفيف المؤنة، كريم الطبيعة، جميل المعاشرة، طلق الوجه، بسّاماً من غير ضحك، محزوناً من غير عبوس، متواضعاً من غير مذلّة، جواداً من غير سرف، رقيق القلب، رحيماً بكل مسلم، ولم يتجشّ من

____________________

(١) الكافي ٨: ٢٣١ / ٣٠٢.

(٢) في المصدر زيادة: إسحاق بن عمّار.

(٣) الخصال: ١٠٩ / ٧٨.

٥ - أمالي الطوسي ٢: ١٥٢.

٦ - إرشاد القلوب: ١١٥.

٥٤

شبع قطّ، ولم يمدّ يده إلى طمع قطّ.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) .

٣٠ - باب استحباب التعمّم وكيفيّته

[ ٥٨ ٨٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبي همام، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال في قول الله عزّ وجلّ( مُسَوِّمِينَ ) (٢) قال: العمائم اعتمّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) فسدلها من بين يديه ومن خلفه، واعتم جبرئيل( عليه‌السلام ) فسدلها من بين يديه ومن خلفه.

[ ٥٨ ٨٨ ] ٢ - وعنه، عن أحمد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: كانت على الملائكة العمائم البيض المرسلة يوم بدر.

[ ٥٨ ٨٩ ] ٣ - وعن عدّة من أصحبانا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن(٣) بن علي العقيلي، عن علي بن أبي علي اللهبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: عمّم رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) علياً( عليه‌السلام ) بيده

____________________

(١) تقدم في الباب ٥٤ من أبواب لباس المصلي، ويأتي ما يدل علىٰ الأخير في الحديث ٢ من الباب ٣٥ من أبواب أحكام العشرة.

الباب ٣٠

فيه ١٢ حديثاً

١ - الكافي ٦: ٤٦٠ / ٢.

(٢) آل عمران ٣: ١٢٥.

٢ - الكافي ٦: ٤٦١ / ٣.

٣ - الكافي ٦: ٤٦١ / ٤.

(٣) في المصدر: الحسين.

٥٥

فسدلها من بين يديه، وقصرها من خلفه قدر أربع أصابع، ثمّ قال: أدبر فأدبر، ثم قال: أقبل فأقبل، ثم قال: هكذا تيجان الملائكة.

[ ٥٨ ٩٠ ] ٤ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : العمائم تيجان العرب.

[ ٥٨ ٩١ ] ٥ - وعنه، عن ياسر الخادم قال: لمّا حضر العيد بعث المأمون إلى الرضا( عليه‌السلام ) يسأله أن يركب ويحضر العيد ويصلّي ويخطب، فبعث إليه الرضا( عليه‌السلام ) قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط فلم يزل يراده الكلام في ذلك وألحّ عليه - الى أن قال - فقال: يا أمير المؤمنين، إن عفيتني من ذلك فهو أحب إليّ، وإن لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) وأمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ، فقال له المأمون: أخرج كيف شئت، وأمر المأمون القوّاد والناس أن يركبوا(١) إلى باب أبي الحسن( عليه‌السلام ) - إلى أن قال - فلمّا طلعت الشمس قام( عليه‌السلام ) فاغتسل وتعمّم بعمامة بيضاء من قطن ألقى طرفاً منها على صدره، وطرفاً بين كتفيه، وتشمّر ثمّ قال لجميع مواليه: افعلوا مثل ما فعلت، ثم أخذ بيده عكازاً، ثم خرج ونحن بين يديه وهو حافي(٢) قد شمّر سراويله إلى نصف الساق، وعليه ثياب مشمّرة، الحديث.

وراوه المفيد في( الإرشاد ): عن علي بن إبراهيم، عن ياسر الخادم والريان بن الصلت جميعاً، عن الرضا( عليه‌السلام ) ، نحوه(٣) .

____________________

٤ - الكافي ٦: ٤٦١ / ٥ ‎

٥ - الكافي ١: ٤٠٨ / ٧ وأورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ١٩ من ‎ أبواب صلاة العيدين.

(١) في المصدر: يبكروا.

(٢) كذا في الاصل بالياء، وهو مخالف للقواعد العربية، لكن رأينا سابقاً ان المصنف كتب كلمة( مرائي) بالياء أيضاً، فلاحظ.

(٣) ارشاد المفيد: ٣١٢.

٥٦

[ ٥٨ ٩٢ ] ٦ - الحسن الطبرسي في( مكارم الأخلاق) عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، عن آبائه قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : العمائم تيجان العرب، إذا وضعوا العمائم وضع الله عزّهم.

[ ٥٨ ٩٣ ] ٧ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : اعتمّوا تزدادوا حلماً.

[ ٥٨ ٩٤ ] ٨ - وعن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: ركعتان مع العمامة خير من أربع ركعات بغير عمامة.

[ ٥٨ ٩٥ ] ٩ - وعن عبد الله بن سليمان، عن أبيه أن علي بن الحسين( عليه‌السلام ) دخل المسجد وعليه عمامة سوداء قد أرسل طرفيها بين كتفيه.

[ ٥٨ ٩٦ ] ١٠ - وعن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سمعته وهو يقول: دخل رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) الحرم يوم دخل مكة وعليه عمامة سوداء وعليه السلاح.

[ ٥٨ ٩٧ ] ١١ - علي بن موسى بن طاوس في( أمان الأخطار) نقلاً من كتاب الولاية، تأليف أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة - في حديث نصّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) على علي( عليه‌السلام ) يوم الغدير - بإسناده في ترجمة عبد الله بن بشر صاحب رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: بعث رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يوم غدير خمّ إلى علي( عليه‌السلام ) فعمّمه وأسدل العمامة بين كتفيه وقال: هكذا أيّدني ربّي يوم حنين بالملائكة معمّمين وقد أسدلوا العمائم، وذلك حجز بين المسلمين وبين المشركين، الحديث.

____________________

٦ - مكارم الأخلاق: ١١٩.

٧ - مكارم الأخلاق: ١١٩.

٨ - مكارم الأخلاق: ١١٩، باختلاف في اللفظ.

٩ - مكارم الأخلاق: ١١٩، باختلاف في اللفظ.

١٠ - مكارم الأخلاق: ١١٩.

١١ - الأمان من الأخطار: ١٠٣، يأتي، ذيله في الحديث ٦ من الباب ٤٣ من أبواب آداب السفر.

٥٧

[ ٥٨ ٩٨ ] ١٢ - قال: وفي حديث آخر - بإسناده - عمّم رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) علياً يوم غدير خمّ عمامة سدلها بين كتفيه وقال: هكذا أيّدني ربّي بالملائكة ثم أخذ بيده فقال: يا أيها الناس، من كنت مولاه فهذا مولاه، والى الله من والاه، وعادى الله من عاداه(١) .

٣١ - باب ما يستحبّ من القلانس وما يكره منها

[ ٥٨ ٩٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) أنّه كره لباس البرطلة.

[ ٥٩ ٠٠ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يلبس قلنسوة بيضاء مضربة، وكان يلبس في الحرب قلنسوة لها أُذنان.

[ ٥٩ ٠١ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) يلبس من القلانس اليمنيّة(٢) والبيضاء والمضربة وذات الأُذنين في الحرب وكانت عمامته السحاب، وكان له برنس يتبرنس به.

____________________

١٢ - الامان من الاخطار: ٩١، تقدم ما يدل على ذلك في الباب ١٩ من أبواب آداب الحمام وعلى استحباب التحنك في الباب ٢٦ من أبواب لباس المصلي.

(١) في الاصل تعليقة طويلة ثم حذفها وبقي منها ما لم يشطب عليه وهو: ذكر ابن طاوس في أمان الأخطار ان التحنك هو ما ذكر في الحديثين المنقولين من كتاب الولاية( منه قده ).

الباب ٣١

فيه ١١ حديثاً،( علماً أنه قد ذكر في الفهرست ١٢ حديثاً )

١ - الكافي ٦: ٤٧٩ / ٥، وأورده في الحديث ١ من الباب ٤٢ من أبواب لباس المصلي.

٢ - الكافي ٦: ٤٦٢ / ٢.

٣ - الكافي ٦: ٤٦١ / ١.

(٢) في هامش الاصل عن نسخة:( اليمنة ).

٥٨

[ ٥٩ ٠٢ ] ٤ - وبهذا الإسناد عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : إذا ظهرت القلانس المتركة ظهر الزنا.

[ ٥٩ ٠٣ ] ٥ - وعن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن الحسين بن المختار قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : اعمل لي قلانس بيضاء ولا تكسرها فإن السيّد مثلي لا يلبس المكسّر.

[ ٥٩ ٠٤ ] ٦ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن يحيى بن ‎ إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن الحسين بن المختار قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : اتّخذ لي قلنسوة ولا تجعلها مصبعة(١) ، فإنّ السيد مثلي لا يلبسها - يعني لا تكسرها -.

[ ٥٩ ٠٥ ] ٧ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإسناد ): عن هارون بن مسلم ‎ ، عن مسعدة بن زياد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: إذا ظهرت القلانس المتركة(٢) ظهر الزنا.

[ ٥٩ ٠٦ ] ٨ - الحسن الطبرسي في( مكارم الأخلاق ): عن محمّد بن علي قال: رأيت على علي بن الحسين(٣) ( عليه‌السلام ) قلنسوة خزّ مبطنة بسمور.

[ ٥٩ ٠٧ ] ٩ - قال: وسئل الرضا( عليه‌السلام ) عن الرجل يلبس البرطلة فقال: قد كان لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) مظلة يستظلّ بها من الشمس.

____________________

٤ - الكافي ٦: ٤٧٨ / ٢.

٥ - الكافي ٦: ٤٦٢ / ٣.

٦ - الكافي ٦: ٤٦٢ / ٤.

(١) في نسخة: مصبغة( هامش المخطوط) والمصدر.

٧ - قرب الإِسناد: ٤١.

(٢) في المصدر: المشتركة.

٨ - مكارم الأخلاق: ١٢٠.

(٣) في نسخةٍ: أبي الحسن( هامش المخطوط ).

٩ - مكارم الأخلاق: ١٢٠.

٥٩

[ ٥٩ ٠٨ ] ١٠ - وعن يزيد بن خليفة قال: رآني أبو عبد الله( عليه‌السلام ) أطوف حول الكعبة وعليّ برطلة فقال: لا تلبسها حول الكعبة فإنّها من زي اليهود.

[ ٥٩ ٠٩ ] ١١ - وعن الحسن بن المختار قال: قال لي أبو الحسن الأول( عليه‌السلام ) : اعمل لي قلنسوة ولا تكن مصبعة(١) فإنّ السيد مثلي لا يلبس المصبع(٢) ، والمصبع ) : المكسّر بالظفر.

٣٢ - باب استحباب اتّخاذ النعلين واستجادتهما

[ ٥٩ ١٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: أوّل من اتخذ النعلين إبراهيم( عليه‌السلام ) .

[ ٥٩ ١١ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن شعيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : استجادة

____________________

١٠ - مكارم الأخلاق: ١٢١.

١١ - مكارم الأخلاق: ١٢١.

(١) في المصدر: مصنعة.

( ٢ و ٣) المصنع، وتقدم ما يدل على ذلك في الحديث ٦ و ١٢ من الباب ١٠ والباب ٢٠ و ٤٢ من أبواب لباس المصلي.

الباب ٣٢

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٦٢ / ٢.

٢ - الكافي ٦: ٤٦٢ / ٣.

٣ - الكافي ٦: ٤٦٢ / ١.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

ومن أنت! فقال: أنا إسماعيل بن إبراهيم خليل الرَّحمن عزَّ وجلَّ، فدعوت الله عزَّ وجلَّ عند ذلك وسألته أن يريني خليله، فقال له إبراهيمعليه‌السلام : فأنا إبراهيم خليل الرحمن وذلك الغلام ابني، فقال له الرَّجل عند ذلك: الحمدالله ربّ العالمين الّذي أجاب دعوتي قال: ثمّ قبل الرَّجل صفحتي وجه إبراهيم وعانقة، ثمّ قال: الان فنعم وداع(١) حتّى اؤمنّ على دعائك، فدعا إبراهيمعليه‌السلام للمؤمنين والمؤمنات المذنبين من يومه ذلك إلى يوم القيامة بالمغفرة والرِّضا عنهم، قال: وأمنَّ الرَّجل على دعائه، [ قال ] فقال أبو جعفرعليه‌السلام : فدعوة إبراهيم بالغة للمؤمنين المذنبين من شيعتنا إلى يوم القيامة.

٥

( باب )

* (في غيبة يوسفعليه‌السلام ) *

وأمّا غيبة يوسفعليه‌السلام فإنّها كانت عشرين سنة لم يدهّن فيها ولم يكتحل ولم يتطيب لم يمسَّ النِّساء حتّى جمع الله ليعقوب شمله وجمع بين يوسف وإخوته وأبيه وخالته، كان منها ثلاثة أيّام في الجبِّ، وفي السّجن بضع سنين، وفي الملك باقي سنية. وكان هو بمصر ويعقوب بفلسطين، وكان بينهما مسيرة تسعة أيّام فاختلفت عليه الاحوال في غيبته من إجماع إخوته على قتله ثمّ إلقائهم إيّاه في غيابت الجبّ، ثمّ بيعهم إيّاه بثمن بخس دراهم معدودة، ثمّ بلواه بفتنة امرأة العزيز، ثمّ بالسجن بضع سنين، ثمّ صار إليه بعد ذلك ملك مصر(٢) ، وجمع الله - تعالى ذكره - شمله وأراده تأويل رؤياه.

٩ - حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويهرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمّد بن اورمة، عن أحمد بن الحسن الميثميِّ، عن الحسن الواسطيِّ، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قدم أعرابيُّ على يوسف ليشتري منه طعاما فباعه، فلمّا فرغ قال له يوسف: أين منزلك؟

__________________

(١) في الكافي « فقم وادع »

(٢) الّذي يظهر من القرآن وبعض الأخبار أنَّه صار عزيز مصر لا ملكه، والعزيز رئيس الدولة، والملك هو فرعون مصر.

١٤١

قال له: بموضع كذا وكذا: فقال له: فإذا مررت بوادي كذا وكذا فقف فناد: يا يعقوب! يا يعقوب! فإنّه سيخرج إليك رجلٌ عظيمٌ جميلٌ جسيمٌ وسيمٌ، فقل له: لقيت رجلاً بمصر وهو يقرئك السّلام ويقول لك: إنَّ وديعتك عند الله عزَّ وجلَّ لن تضيع، قال: فمضى الأعرابيُّ حتّى انتهى إلى الموضع فقال لغلمانه: احفظوا علىَّ الابل ثمّ نادي: يا يعقوب! يا يعقوب! فخرج إليه رجل أعمى طويل جسيم جميل يتّقي الحائط بيده حتّى أقبل فقال له الرّجل: أنت يعقوب؟ قال: نعم فأبلغه ما قال له يوسف قال: فسقط مغشيّاً عليه، ثمّ أفاق فقال: يا أعرابيُّ ألك حاجة إلى الله عزوجل؟ فقال له: نعم إنّي رجلٌ كثير المال ولي ابنة عمٍّ ليس يولد لى منها واحبُّ أن تدعو الله أن يرزقني ولداً، قال: فتوضّأ يعقوب وصلّى ركعتين ثمّ دعا الله عزَّ وجلَّ، فرزق أربعة أبطن أوقال ستة أبطن في كلِّ بطن اثنان.

فكان يعقوبعليه‌السلام يعلم أنَّ يوسفعليه‌السلام حيٌّ لم يمت وأنَّ الله - تعالى ذكره - سيظهره له بعد غيبته وكان يقول لبنيه: «إنّي أعلم من الله ما لا تعلمون »(١) وكان أهله وأقرباؤه يفنّدونه على ذكره ليوسف حتّى أنَّه لمّا وجد ريح يوسف قال: «إنّى لاجد ريح يوسف لولا أن تفنّدون *قالوا تالله إنّك لفي ضلالك القديم *فلمّا أن جاء البشير (وهو يهودا ابنه وألقى قميص يوسف)على وجهه فارتدّ بصيراً *قال ألم أقل لكم إنّى أعلم من الله مالا تعلمون »(٢) .

١٠ - حدّثنا محمّد بن علىٍّ ماجيلويهرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد بن - يحيى العطّار قال: حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمّد بن اورمة، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي إسماعيل السِّراج، عن بشر بن جعفر، عن المفضّل - الجعفيِّ أظنّه -(٣) عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: أرتدي ماكان قميص يوسفعليه‌السلام ؟ قلت: لاقال: أنَّ إبراهيمعليه‌السلام لمّا اوقدت له النّار أتاه جبرئيلعليه‌السلام بثوب من ثياب الجنّة وألبسه إيّاه فلم يضرَّه معه حر ولابرد، فلمّا حضر إبراهيم

__________________

(١) يوسف: ٩٨.

(٢) يوسف: ٩٥ - ٩٨.

(٣) في الكافي ج ١ ص ٢٣٢ « عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ».

١٤٢

الموت جعله في تميمة(١) وعلقه إسحاق، وعلّقه إسحاق على يعقوب، فلمّا ولد ليعقوب يوسف علّقه عليه، وكان في عضده حتّى كان من أمره ماكان، فلمّا أخرج يوسف القميص من التميمة، وجد يعقوب ريحه، وهو قوله:إنّي لأجد ريح يوسف لولا أن تفنّدون »(٢) فهو ذلك القميص الّذي انزل من الجنّة، قال: قلت: جعلت فداك فإلى من صار ذلك القميص؟ قال: إلى أهله ثمّ قال: كلُّ نبيٍّ ورث علما أو غيره فقد انتهي إلى ]آل[ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فروي « أنَّ القائمعليه‌السلام إذا خرج يكون عليه قميص يوسف، ومعه عصا موسى، وخاتم سليمانعليهم‌السلام ».

والدَّليل على أنَّ يعقوبعليه‌السلام علم بحياة يوسفعليه‌السلام وأنّه إنّما غيّب عنه لبلوي واختبار: أنَّه لمّا رجع إليه بنوه يبكون قال لهم: يا بني لم تبكون وتدعون بالويل؟ ومالي ما أري فيكم حبيبي يوسف؟ «قالوا يا أبانا إنّا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذِّئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنّا صادقين »(٣) هذا قميصه قد أتيناك به، قال: ألقوه إلىَّ، فألقوه إليه وألقاه على وجهه فخرَّ مغشيّاً عليه، فما أفاق قال لهم: يا بنىَّ ألستم تزعمون أنَّ الذئب قد أكل حبيبي يوسف؟ قالوا: نعم، قال: مالي لا أشمُّ ريح لحمه؟! ومالي أري قميصه صحيحا؟ هبوا أنَّ القميص(٤) انكشف من أسفله أرأيتم ماكان في منكبيه وعنقه كيف خلص إليه الذِّئب من غير أن يخرقه، إنَّ هذا الذِّئب لمكذوب عليه، وإنَّ ابني لمظلوم «بل سوَّلت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون » وتولّى عنهم ليلتهم تلك لا يكلّمهم وأقبل يرثي يوسف ويقول: حبيبي يوسف الّذى اوثره جميع أولادي فاختلس منّى حبيبي يوسف

__________________

(١) التميمة: الخرزة الّتي تعلق على الانسان وغيره من الحيوانات، ويقال لكل عوذة تعلق عليه.

(٢) يوسف: ٩٥ والتفنيد: النسبة إلى الفند وهو نقصان عقل يحدث من الهرم.

(٣) يوسف: ١٨

(٤) أي احسبوا. تتقول: هب زيدا منطلقا بمعنى احسب، يتعدي إلى مفعولين ولا يستعمل منه ماض ولا مستقبل في هذا المعنى (الصحاح).

١٤٣

الذي كنت أرجوه من بين أولادي فاختلس منّي، حبيبي يوسف الّذي اوسده يميني وادثره بشمالي فاختلس منّي، حبيبي يوسف الّذي كنت أونس به وحدتي فاختلس منّي، حبيبي يوسف ليت شعري في أيِّ الجبال طرحوك، أم في أيِّ البحار غرقوك، حبيبي يوسف ليتني كنت معك فيصيبني الّذي أصابك.

ومن الدّليل على أنَّ يعقوبعليه‌السلام علم بحياة يوسفعليه‌السلام وأنّه في الغيبة قوله: «عسى الله أن يأتيني بهم جميعاً »(١) وقوله لبنيه «يا بنيَّ اذهبوا فتحسّسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله أنَّه لا ييأس من روح الله إلّا القوم الكافرون »(٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام : إنَّ يعقوبعليه‌السلام قال لملك الموت: أخبرني عن الارواح تقبضها مجتمعة أو متفرِّقة؟ قال: بل متفرِّقة قال: فهل قبضت روح يوسف في جملة ما قبضت من الأرواح؟ قال: لا، فعند ذلك قال لبنيه: « يا بنيَّ اذهبوا فتحسّسوا من يوسف وأخيه » فحال العارفين في وقتنا هذا بصاحب زماننا الغائبعليه‌السلام حال يعقوبعليه‌السلام في معرفته بيوسف وغيبته وحال الجاهلين به وبغيبته والمعاندين في أمره حال أهله وأقربائه(٣) الّذين بلغ من جهلهم بأمر يوسف وغيبته حتّى قالوا لابيهم يعقوب: «تالله إنّك لفي ضلالك القديم ». وقول يعقوب - لمّا ألقى البشير قميص يوسف على وجهه فارتدَّ بصيراً -: « ألم أقل لكم إنّي أعلم من الله مالا تعلمون » دليلٌ على أنَّه قد كان علم أنَّ يوسف حيٌّ وإنّه إنّما غيب عنه للبلوي والامتحان.

١١ - حدّثنا أبي، ومحمّد بن الحسن - رضي الله عنهما - قالا: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميريُّ، عن أحمد بن هلال، عن عبد الرّحمن بن أبي نجران، عن فضالة بن أيّوب، عن سدير قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إنَّ في القائم سنّة من يوسف، قلت كأنك تذكر خبره أو غيبته؟ فقال لي: وما تنكر هذه الاُمّة أشباه الخنازير أنَّ إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء تاجروا يوسف وبايعوه وهم إخوته وهو أخو هم فلم يعرفوه حتّى قال لهم: « أنا يوسف وهذا أخي » فما تنكر هذه الاُمّة أن يكون الله عزَّ وجلَّ في وقت

__________________

(١) يوسف: ٨٤.

(٢) يوسف: ٨٨.

(٣) في بعض النسخ « حال اخوة يوسف ».

١٤٤

من الاوقات يريد أن يستر حجّته عنهم لقد كان يوسف يوماً ملك مصر وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوماً(١) فلو أراد الله تبارك وتعالى أن يعرِّفه مكانه لقدر على ذلك والله لقد سار يعقوب وولده عند البشارة في تسعة أيّام إلى مصر، فما تنكر هذه الاُمّة أن يكون الله عزَّ وجلَّ يفعل بحجّته ما فعل بيوسف أن يكون يسير فيما بينهم ويمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه حتّى يأذن الله عزَّ وجلَّ له أن يعرِّفهم نفسه كما أذن ليوسفعليه‌السلام حين قال لهم: «هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون *قالوا إنّك لانت يوسف *قال أنا يوسف وهذا أخي (٢) ».

٦

( باب )

* (في غيبة موسيعليه‌السلام ) *

١٢ - وأما غيبة موسى النبيّعليه‌السلام فإنه حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريسرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا أبو سعيد سهل بن زياد الأدميُّ الرازيُّ قال: حدّثنا محمّد بن آدم النسائي(٣) ، عن أبيه آدم بن أبي إياس قال: حدّثنا المبارك بن فضالة عن سعيد بن جبير، عن سيّد العابدين عليِّ بن الحسين، عن أبيه سيّد الشّهداء الحسين بن علىٍّ، عن أبيه سيّد الوصيّين أمير المؤمنين علىٍّ بن أبي طالب صلوات الله عليهم قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لمّا حضرت يوسفعليه‌السلام الوفاة جمع شيعته وأهل بيته فحمد الله وأثنى عليه ثمّ حدّثهم بشدة تنالهم، يقتل فيها الرجال وتشق بطون الحبالي وتذبح الاطفال حتّى يظهر الله الحق في القائم من ولد لاوي بن يعقوب، وهو رجل أسمر طوال، ونعّته لهم بنعته، فتمسّكوا بذلك ووقعت الغيبة والشدَّة على بني إسرائيل

__________________

(١) قد مر ويأتي أنَّه مسيرة تسعة أيّام ولعله مبني على سرعة السير عند البشارة.

(٢) يوسف: ٩٠.

(٣) كذا والظاهر أنَّه عبيد بن آدم بن اياس العسقلاني فصحف وليس هو محمّد بن آدم ابن سليمان الجهني المصيصي الّذي روى عن سعيد بن جبير.

١٤٥

وهم منتظرون قيام القائم أربع مائة سنة حتّى إذا بشروا بولادته ورأوا علامات ظهوره واشتدَّت عليهم البلوى، وحمل عليهم بالخشب والحجارة، وطلبُ الفقيه الّذي كانوا يستريحون إلى أحاديثه فاستتر، وراسلوه فقالوا: كنّا مع الشدّة نستريح إلى حديثك، فخرج بهم إلى بعض الصحاري وجلس يحدثهم حديث القائم ونعته وقرب الامر، وكانت ليلة قمراء، فبينا هم كذلك إذ طلع عليهم موسىعليه‌السلام وكان في ذلك الوقت حديث السنِّ وقد خرج من دار فرعون يظهر النزهة فعدل عن موكبه وأقبل إليهم وتحته بغلة وعليه طيلسان خزِّ، فلمّا رآه الفقيه عرفه بالنعت فقام إليه وانكبَّ على قدميه فقّبلهما ثمّ قال: الحمد لله الّذي لم يُمتني حتّى أرانيك، فلمّا رأى الشيعة ذلك علموا أنَّه صاحبهم فأكبوا على الأرض شكراً لله عزَّ وجلَّ، فلم يزدهم على أن قال: أرجو أن يعجّل الله فرجكم(١) ، ثمّ غاب بعد ذلك، وخرج إلى مدينة مدين فأقام عند شعيب ما أقام، فكانت الغيبة الثانية أشدَّ عليهم من الاولى وكان نيّفاً وخمسين سنة واشتدَّت البلوى عليهم واستتر الفقيه فبعثوا إليه أنَّه لا صبر لنا على استتارك عنا، فخرج إلى بعض الصحاري واستدعاهم وطيب نفوسهم(٢) وأعلمهم أنَّ الله عزَّ وجلَّ أوحى إليه أنَّه مفرِّج عنهم بعد أربعين سنة، فقالوا بأجمعهم: الحمد لله، فأوحى الله عزَّ وجلَّ إليه(٣) قل لهم: قد جعلتها ثلاثين سنة لقولهم « الحمد لله »، فقالوا: كلُّ نعمة فمن الله، فأوحى الله إليه قل لهم: قد جعلتها عشرين سنة، فقالوا: لا يأتي بالخير إلّا الله، فأوحى الله إليه قل لهم: قد جعلتها عشرا، فقالوا: لا يصرف السوء إلّا الله، فأوحى الله إليه قل لهم: لا تبرحوا فقد أذنت لكم في فرجكم، فبينا هم كذلك إذ طلع موسىعليه‌السلام راكباً حماراً. فأراد الفقيه أن يعرِّف الشّيعة ما يستبصرون به فيه، وجاء موسى حتّى وقف عليهم فسلّم عليهم فقال له الفقيه: ما اسمك؟ فقال: موسى، قال: ابن من؟ قال: ابن عمران، قال: ابن من؟

____________

(١) أي قال موسىعليه‌السلام : ارجو أن يعجل الله تعالى فرجكم، ولم يزد على هذا الدعاء ولم يتكلم بشيء آخر سوي ذلك ثمّ غاب عنهم.

(٢) في بعض النسخ « وطيب قلوبهم ».

(٣) أي الى الفقيه ولعله كان نبيّاً أو المراد الالهام كما كان لام موسىعليه‌السلام .

١٤٦

قال: ابن قاهث(١) بن لاوي بن يعقوب، قال: بماذا جئت؟ قال: جئت بالرِّسالة من عند الله عزَّ وجلَّ، فقام إليه فقبّل يده، ثمّ جلس بينهم فطيّب نفوسهم وأمرهم أمره ثمّ فرَّقهم، فكان بين ذلك الوقت وبين فرجهم بغرق فرعون أربعون سنة.

١٣ - حدّثنا أبي؛ ومحمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله؛ وعبد الله بن جعفر الحميريُّ؛ ومحمّد بن يحيى العطّار؛ وأحمد ابن إدريس جميعاً قالوا: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطيِّ، عن أبان بن عثمان، عن محمّد الحلبيِّ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أنَّ يوسف ابن يعقوب صلوات الله عليهما حين حضرته الوفاة جمع آل يعقوب وهم ثمانون رجلاً فقال: أنَّ هؤلاء القبط سيظهرون عليكم ويسومونكم سوء العذاب وإنّما ينجيكم الله من أيديهم برجل من ولد لاوي بن يعقوب اسمه موسى بن عمرانعليه‌السلام ، غلامٌ طوال جعد آدم. فجعل الرَّجل من بني إسرائيل يسمّي ابنه عمران ويسمّي عمران ابنه موسى.

فذكر أبان بن عثمان، عن أبي الحسين(٢) عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام أنَّه قال: ما خرج موسى حتّى خرج قبله خمسون كذابا من بني إسرائيل كلهم يدعي أنَّه موسى ابن عمران.

فبلغ فرعون أنّهم يرجفون به ويطلبون هذا الغلام(٣) وقال له كهنته وسحرته: أنَّ هلاك دينك وقومك على يدي هذا الغلام الّذي يولد العام من بني إسرائيل. فوضع القوابل على النساء وقال: لا يولد العام ولد إلّا ذبح، ووضع على اُمِّ موسى قابلة فلمّا رأى ذلك بنو إسرائيل قالوا: إذا ذبح الغلمان واستحيي النساء هلكنا، فلم نبق، فتعالوا: لانقرب النساء، فقال عمران أبو موسىعليه‌السلام : بل باشروهنَّ فإنَّ أمر الله واقع ولو كره المشركون، اللّهمّ من حرَّمه فإني لا احرِّمه، ومن تركه فإني لا أتركه،

__________________

(١) بالقاف فالهاء ثمّ الثاء المثلثة كما في المعارف لابي قتيبة.

(٢) في بعض النسخ « أبي الحصين ».

(٣) في بعض النسخ « يرجعون به ويظنون هذا الغلام ». وأرجف القوم بالاخبار إي خاضوا فيها وافتتنوا.

١٤٧

ووقع على اُمِّ موسى(١) فحملت، فوضع على اُمِّ موسى قابلة تحرسها فإذا قامت قامت وإذا قعدت قعدت، فلمّا حملته اُمّه وقعت عليها المحبّة وكذلك حجج الله على خلقه، فقالت لها القابلة: مالك يا بنيّة تصفرِّين وتذوبين؟ قال: لا تلوميني فإنّي إذا ولدت اُخذ ولدي فذبح، قالت: لا تحزني فإنى سوف أكتم عليك، فلم تُصدِّقها، فلمّا أن ولدت إلتفت إليها وهي مقبلة فقالت: ما شاء الله، فقالت لها: ألم أقل: إنّي سوف أكتم عليك، ثمّ حملته فأدخلته المخدع(٢) وأصلحت أمره، ثمّ خرجت إلى الحرس فقالت: انصرفوا - وكانوا على الباب - فإنما خرج دم منقطع فانصرفوا، فأرضعته فلمّا خافت عليه الصوت أوحى الله إليه أن اعملي التابوت، ثمّ اجعليه فيه، ثمّ أخرجيه ليلا فاطرحيه في نيل مصر فوضعته في التابوت، ثمّ دفعته في اليم، فجعل يرجع إليها وجعلت تدفعه في الغمر، وان الريح ضربته فانطلقت به، فلمّا رأته قد ذهب به الماء همت أن تصيح فربط الله على قلبها.

قال: وكانت المرأة الصالحة امرأة فرعون وهي من بني إسرائيل، قالت لفرعون: إنّها أيّام الربيع فأخرجني واضرب لي قبّة على شطِّ النّيل حتّى أتنزّه هذه الأيّام، فضربت لها قبّة على شط النيل إذ أقبل التابوت يريدها، فقالت: هل ترون ما أرى على الماء؟ قالوا: إي والله يا سيّدتنا إنّا لنرى شيئاً، فلمّا دنا منها ثارت إلى الماء فتناولته بيدها وكاد الماء يغمرها حتّى تصايحوا عليها فجذبته وأخرجته من الماء فأخذته فوضعته في حجرها، فإذا هو غلام أجمل النّاس وأسترهم فوقعت عليها منه محبّة، فوضعته في حجرها وقالت: هذا ابني، فقالوا: إي والله يا سيدتنا والله مالك ولدٌ ولا للملك فاتّخذي هذا ولداً، فقامت إلى فرعون وقالت: إنّي أصبت غلاماً طيّباً حلواً نتّخذه ولداً فيكون قرَّة عين لي ولك فلا تقتله، قال: ومن أين هذا الغلام؟ قالت: والله ما أدري إلّا أنَّ الماء جاء به، فلم تزل به حتّى رضي، فلمّا سمع النّاس أنَّ الملك قد تبنى ابنا لم يبق أحد من رؤوس من كان مع فرعون إلّا بعث إليه امرأته لتكون له ظئراً أو تحضنه

__________________

(١) في بعض النسخ « وباشر ام موسى ».

(٢) المخدع والمخدع - بالكسر والضم -: الخزانة والبيت الداخل.

١٤٨

فأبى أن يأخذ من امرأة منهنَّ ثدياً، قال امرأة فرعون: اطلبوا لابني ظئراً ولا تحقّروا أحداً، فجعل لا يقبل من امرأة منهنَّ، فقالت اُمّ موسى لاخته: قصّيه(١) انظري أترين له أثراً، فانطلقت حتّى أتت باب الملك فقالت: قد بلغني أنّكم تطلبون ظئراً وههنا امرأة صالحة تأخذ ولدكم وتكفّله لكم، فقالت: ادخلوها، فلمّا دخلت قالت لها امرأة فرعون: ممّن أنت؟ قالت: من بني إسرائيل قالت: اذهبي بابنيّة فليس لنا فيك حاجة، فقلن لها النّساء: انظري عافاك الله يقبل أولا يقبل، فقالت امرأة فرعون: أرأيتم لو قبل ها يرضى فرعون أن يكون الغلام من بني إسرائيل والمرأة من بني إسرائيل - يعني الظئر - فلا يرضى قلن: فانظري يقبل أولا يقبل، قالت امرأة فرعون: فاذهبي فادعيها، فجاءت إلى اُمّها وقالت: أنَّ امرأة الملك تدعوك فدخلت عليها فدفع إليها موسى فوضعته في حجرها، ثمّ ألقمته ثديها فازدحم اللّبن في حلقه، فلمّا رأت امرأة فرعون أنَّ ابنها قد قبل قامت إلى فرعون فقالت: إنّي قد أصبت لابني ظئراً وقد قبل منها، فقال: ممّن هي؟ قالت: من بني إسرائيل قال: فرعون هذا ممّا لا يكون أبداً، الغلام من بني إسرائيل والظئر من بني اسرائيل فلم تزل تكلّمة فيه وتقول: ما تخاف من هذا الغلام؟ إنّما هو ابنك ينشؤ في حجرك حتّى قلبته عن رأيته ورضي.

فنشأ موسىعليه‌السلام في آل فرعون وكتمت اُمّه خبره واخته والقابلة، حتّى هلكت اُمّه والقابلة الّتي قبلته، فنشأعليه‌السلام لا يعلم به بنو إسرائيل قال: وكانت بنو إسرائيل تطلبه وتسأل عنه فيعمى عليهم خبره، قال: فبلغ فرعون أنّهم يطلبونه ويسألون عنه، فأرسل إليهم فزاد في العذاب عليهم، وفرَّق بينهم ونهاهم عن الأخبار به والسؤال عنه، قال: فخرجت بنو إسرائيل ذات ليلة مقمرة إلى شيخ لهم عنده عليم فقالوا: قد كنّا نستريح إلى الاحاديث فحتّى متى وإلى متى نحن في هذا البلاء؟ قال: والله إنّكم لا تزالون فيه حتّى يجييء الله تعالى ذكره بغلام من ولد لاوي بن يعقوب اسمه موسى بن عمران غلام طوال جعد فبينماهم كذلك إذ أقبل موسى يسير على بغلة حتّى وقف عليهم، فرفع الشيخ

__________________

(١) يعني اتبعيه، يقال: قص الاثر واقتصه إذا تبعه.

١٤٩

رأسه فعرفه بالصّفة فقال له: ما اسمك يرحمك الله؟ قال: موسى، قال: ابن من؟ قال: ابن عمران، قال: فوثب إليه الشيخ فأخذ بيده فقبّلها وثاروا إلى رجله فقبّلوها فعرفهم وعرفوه واتّخذ شيعة.

فمكث بعد ذلك ما شاء الله، ثمّ خرج فدخل مدينة لفرعون فيها رجلٌ من شيعته يقاتل رجلاً من ال فرعون من القبط، فاستغاثه الّذي من شيعته على الّذي من عدوه القبطيِّ فوكزه موسى فقضي عليه، وكان موسىعليه‌السلام قد اُعطى بسطة في الجسم وشدَّة في البطش، فذكره النّاس وشاع أمره، وقالوا: إنَّ موسى قتل رجلاً من آل فرعون فأصبح في المدينة خائفا يترقّب فلمّا أصبحوا من الغد إذا الرَّجل الّذي استنصره بالأمس يستصرخه على آخر، فقال له موسى: إنّك لغويٌّ مبين، بالامس رجل واليوم رجل «فلمّا أراد أن يبطش بالّذي هو عدوٌّ لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس إن تريد إلّا أن تكون جّباراً في الأرض وما تريد أن تكون من المصليحن *وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى أنَّ الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إنّى لك من الناصحين *فخرج منها خائفاً يترقّب »(١) فخرج من مصر بغير ظهر(٢) ولادابّة ولا خادم، تخفضه أرض وترفعه اخرى حتّى انتهى إلى أرض مدين، فانتهى إلى أصل شجرة فنزل فإذا تحتها بئر وإذا عندها امة من النّاس يسقون، وإذا جاريتان ضعيفتان، وإذا معهما غنيمة لهما، قال: ما خطبكما قالتا: أبونا شيخ كبير ونحن جاريتان ضعيفتان لا نقدر أن نزاحم الرِّجال فإذا سقى النّاس سقينا، فرحمهما موسىعليه‌السلام فأخذ دلوهما وقال لهما: قدِّ ما غنمكما فسقى لهما، ثمّ رجعتا بكرة قبل النّاس، ثمّ تولى موسى إلى الشجرة فجلس تحتها، « فقال ربِّ إنى لمّا أنزلت إلى من خير فقير » - فروي أنَّه قال ذلك وهو محتاج إلى شقِّ تمرة - فلمّا رجعتا إلى أبيهما قال: ما أعجلكما في هذه السّاعة؟ قالتا: وجدنا رجلاً صالحاً رحمنا فسقي لنا، فقال لاحديهما إذهبي فادعيه لى فجاءته تمشي

__________________

(١) راجع سورة القصص ١٤ إلى ٢٠.

(٢) أي بلا رفيق ومعين أو بغير زاد وراحلة.

١٥٠

على استحياء قالت إنَّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا. فروي أنَّ موسىعليه‌السلام قال لها: وجّهني إلى الطريق وامشي خلفي فإنّا بنو يعقوب لاننظر في أعجاز النساء «فلمّا جاءه وقصَّ عليه القصص قال: لا تخف نجوت من القوم الظالمين *قالت إحديهما يا أبت استأجره أنَّ خير من استأجرت القويُّ الأمين *قال إنّي اريد أن أنكحت إحدي ابنتيَّ هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإنَّ أتممت عشراً فمن عندك ». فروي أنَّه قضى أتمّهما لأنّ الأنبياءعليهم‌السلام لا يأخذون إلّا بالفضل والتمام. فلمّا قضي موسى الأجل وسار بأهله نحوبيت المقدس أخطأ عن الطريق ليلا فرأي نارا فقال لاهله: امكثوا إنى آنست نارا لعلى آتيكم منها بقبس أو بخبر من الطريق، فلمّا انتهى إلى النار إذا شجرة تضطرم(١) من أسفلها إلى أعلاها، فلمّا دنا منها تأخرت عنه فرجع وأوجس في نفسه خيفة، ثمّ دنت منه الشجرة فنودي من شاطيء الوادي الايمن في البقعة المباركة من الشجرة أنَّ يا موسى إنّى أنا الله ربُّ العالمين، وأن ألق عصاك فلمّا رآها تهتز كأنها جان ولى مدبر اولم يعقب فإذا حية مثل الجذع لاسنانها(٢) صرير يخرج منها مثل لهب النّار، فولى موسى مدبرا فقال له ربّه عزَّ وجلَّ: ارجع فرجع وهو يرتعد وركبتاه تصطكّان، فقال: يا إلهي هذا الكلام الّذي أسمع كلامك؟ قال: نعم فلا تخف، فوقع عليه الامان فوضع رجله على ذنبها، ثمّ تناول لحييها فإذا يده في شعبة العصا قد عادت عصا، وقيل له: اخلع نعليك إنّك بالواد المقدِّس طوي.

فروى أنَّه أمر بخلعهما لانّهما كانتا من جلد حمار ميّت.

[ وروي في قوله عزَّ وجلَّ «فاخلع نعليك » أي خوفيك: خوفك من ضياع أهلك وخوفك من فرعون ].

ثمَّ أرسله الله عزَّ وجلَّ إلى فرعون وملائه بآيتين بيده والعصا. فروي عن الصادقعليه‌السلام أنَّه قال لبعض أصحابه: كن لمّا لا ترجو أرجى منك لمّا ترجو، فإنَّ موسى

__________________

(١) الضرام: اشتعال النار واضطرمت النار إذا التهبت. (الصحاح).

(٢) في بعض النسخ « لانيابها ». والجذع من الدواب الشاب الفتى فمن الابل ما دخل في السنة الخامسة ومن البقر والمعز ما في الثانية ومن الضأن ما تمت له سنة.

١٥١

ابن عمرانعليه‌السلام خرج ليقتبس لأهله ناراً، فرجع إليهم وهو رسولٌ نبيٌّ فأصلح الله تبارك وتعالى أمر عبده ونبيّه موسىعليه‌السلام في ليلة، وهكذا يفعل الله تبارك وتعالى بالقائم الثاني عشر من الائمّةعليهم‌السلام ، يصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر نبيّه موسىعليه‌السلام ويخرجه من الحيرة والغيبة إلى نور الفرج والظهور.

١٤ - حدّثنا أبيرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا سعد بن عبد الله قال: حدّثنا المعلّى بن محمّد البصريّ، عن محمّد بن جمهور؛ وغيره، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: في القائمعليه‌السلام سنة من موسى بن عمرانعليه‌السلام فقلت: وما سنته من موسى بن عمران؟ قال: خفاء مولده، وغيبته عن قومه، فقلت: وكم غاب موسى عن أهله وقومه؟ فقال: ثماني وعشرين سنة.

١٥ - وحدثنا أبو العبّاس محمّد بن إبراهيم بن إسحاق المكتبرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن عبد الله بن منصور قال: حدّثنا محمّد بن هارون الهاشميُّ قال: حدّثنا أحمد بن عيسى قال: حدّثنا أبو الحسين أحمد بن سليمان الرُّهاويّ(١) قال: حدّثنا معاوية بن هشام، عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفيّة، عن أبيه محمّد، عن أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : المهدي منا أهل البيت، يصلح الله له أمره في ليلة. وفي رواية اخري يصلحه الله في ليلة.

١٦ - حدّثنا أبي؛ ومحمّد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدّثنا عبد الله ابن جعفر الحميريّ، عن محمّد بن عيسى، عن سليمان بن داود(٢) ، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: في صاحب هذا الامر أربع سنّن من أربعة أنبياء، سنة من موسى، وسنّة من عيسى، وسنّة من يوسف، وسنّة من محمّد صلوات الله عليهم

__________________

(١) الظاهر هو أحمد بن سليمان بن عبد الملك بن أبي شيبة الجزري أبو الحسين الرهاوي الحافظ المعنون في تهذيب التهذيب فقيه صدوق. والرهاوي بضم الراء المهملة كما في الخلاصة.

(٢) يعني المنقري.

١٥٢

أجمعين، فأمّا من موسى فخائف يترقّب، وأمّا من يوسف فالسّجن، وأمّا من عيسى فيقال له: أنَّه مات ولم يمت، وأما من محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فالسيف.

٧

( باب )

* (ذكر مضى موسىعليه‌السلام ووقوع الغيبة بالاوصياء) *

* (والحجج من بعده إلى أيّام المسيح عليه اسلام) *

١٧ - حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال: حدّثنا الحسن بن عليٍّ السكريُّ قال: حدّثنا محمّد بن زكريا البصريُّ قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن عمارة، عن أبيه قال: قلت للصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أخبرني بوفاة موسى بن عمرانعليه‌السلام ، فقال: إنَّه لمّا أتاه أجله واستوفي مدَّته وانقطع اكله أتاه ملك الموتعليه‌السلام فقال له: السلام عليك يا كليم الله، فقال موسى: وعليك السلام من أنت؟ فقال: أنا ملك الموت، قال: ما الّذي جاء بك؟ قال: جئت لأقبض روحك، فقال له موسىعليه‌السلام : من أين تقبض روحي؟ قال: من فمك، قال موسىعليه‌السلام : كيف وقد كلّمت به ربّي جلَّ جلاله، قال: فمن يديك، قال: كيف وقد حملت بهما التوراة، قال: فمن رجليك، قال: كيف وقد وطأت بهما طور سيناء، قال: فمن عينك، قال: كيف ولم تزال إلى ربّى بالرجاء ممدودة قال: فمن اذنيك، قال: يكف وقد سمعت بهما كلام ربى عزَّ وجلَّ، قال: فأوحي الله تبارك وتعالى إلى ملك الموت: لا تقبض روحه حتّى يكون هو الّذي يريد ذلك، وخرج ملك الموت، فمكث موسىعليه‌السلام ما شاء الله أن يمكث بعد ذلك، ودعا يوشع بن نون فأوصى إليه وأمره بكتمان أمره وبأن يوصى بعده إلي من يقوم بالأمر، وغاب موسىعليه‌السلام عن قومه فمرَّ في غيبته برجل وهو يحفر قبراً فقال له: إلّا اعينك على حفر هذا القبر؟ فقال له الرَّجل: بلى، فأعانه حتّى حفر القبر وسوّي اللّحد، ثمّ اضطجع فيه موسىعليه‌السلام لينظر كيف هو فكشف الله له الغطاء فرأى مكانه في الجنّة، فقال: يا ربِّ اقبضني إليك، فقبض ملك الموت روحه مكانه ودفنه في القبر وسوى عليه التراب، وكان

١٥٣

الّذي يحفر القبر ملك الموت(١) في صورة آدميٍّ، وكان ذلك في التيه، فصاح صائح من السّماء: مات موسى كليم الله، وأي نفس لا تموت، فحدَّثني أبي عن جدِّي عن أبيهعليهم‌السلام أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سئل عن قبر موسى أين هو؟ فقال: هو عند الطريق الأعظم عند الكثيب الاحمر.

ثمَّ أنَّ يوشع بن نونعليه‌السلام قام بالأمر بعد موسىعليه‌السلام صابراً من الطواغيت على اللاواء(٢) والضرَّاء والجهد البلاء حتّى مضى منهم ثلاث طواغيت، فقوي بعدهم أمره فخرج عليه رجلان من منافقي قوم موسىعليه‌السلام بصفراء بنت شعيب امرأة موسىعليه‌السلام في مائة ألف رجل. فقاتلوا يوشع بن نونعليه‌السلام فقتلهم وقتل منهم مقتلة عظيمة وهزم الباقين بإذن الله تعالى ذكره، وأسر صفراء بنت شعيب، وقال لها: قد عفوت عنك في الدُّنيا إلى أن ألقى نبيَّ الله موسىعليه‌السلام فأشكو إليه ما لقيت منك ومن قومك.

فقالت صفراء: واويلاه، والله لو ابيحت لي الجنّة لا ستحييت أن أرى فيها رسول الله وقد هتكت حجابه، وخرجت على وصيّه بعده، فاستتر الائمّة بعد يوشع بن نون إلى زمان داودعليه‌السلام أربعمائة سنة وكانوا أحد عشر وكان قوم كلّ واحد منهم يختلفون إليه في وقته ويأخذون عنه معالم دينهم حتّى انتهى الأمر إلى آخرهم، فغاب عنهم ثمّ ظهر [ لهم ] فبشّرهم بداودعليه‌السلام وأخبرهم أنَّ داودعليه‌السلام هو الّذي يطهّر الأرض من جالوت وجنوده، ويكون فرجهم في ظهوره فكانوا ينتطرونه، فلمّا كان زمان داودعليه‌السلام كان له أربعة إخوة ولهم أب شيخ كبير، وكان داودعليه‌السلام من بينهم حامل الذِّكر وكان أصغر أخوته لا يعلمون أنَّه داود النبيّ المنتظر الّذي يطهّر الأرض من جالوت وجنوده، وكانت الشيعة يعلمون أنَّه قد ولد وبلغ اشدَّه وكانوا يرونه ويشاهدونه ولا يعلمون أنَّه هو.

فخرج داودعليه‌السلام وإخوته وأبوهم لمّا فصل طالوت بالجنود وتخلّف عنهم داود، وقال: مايصنع بي في هذا الوجه، فاستهان به إخوته وأبوه وأقام في

__________________

(١) لفظة « الموت » ليست في الامالي ولا في بعض النسخ الكتاب.

(٢) اللاواء: الشدة.

١٥٤

غنم أبيه يرعاها فاشتدَّ الحرب وأصاب النّاس جهد، فرجع أبوه وقال لداود: احمل إلى إخوتك طعاماً يتقوّون به على العدوِّ، وكانعليه‌السلام رجلاً قصيراً قليل الشعر طاهر القلب، أخلاقه نقيّة، فخرج والقوم متقاربون بعضهم من بعض قد رجع كلُّ واحد منهم إلى مركزه، فمرَّ داودعليه‌السلام على حجر فقال الحجر له بنداء رفيع: يا داود خذني فاقتل بي جالوت فإنّي إنّما خلقت لقتله. فأخذه ووضعه في مخلاته الّتي كانت تكون فيها حجارته الّتي كان يرمي بها غنمه، فلمّا دخل العسكر سمعهم يعظّمون أمر جالوت، فقال لهم: ما تعظّمون من أمره فو الله لئن عاينته لاقتلنّه، فتحدِّثوا بخبره حتّى أدخل على طالوت فقال له: يا فتى ما عندك من القوَّة وما جرَّبت من نفسك؟ قال: قد كان الاسد يعدوا على الشاة من غنمي فادركه فآخذ برأسه وأفكُّ لحييه عنها فاخذها من فيه، وكان الله تبارك وتعالى أوحى الله إلى طالوت أنَّه لا يقتل جالوت إلّا من لبس درعك فملأها، فدعا بدرعه فلبسها داودعليه‌السلام فاستوت عليه فراع(١) ذلك طالوت ومن حضره من بني إسرائيل فقال: عسى الله أن يقتل به جالوت، فلمّا أصبحوا والتقى النّاس قال داودعليه‌السلام : أروني جالوت فلمّا رآه أخذ الحجر فرماه به فصكَّ به بين عينيه فدمغه(٢) وتنكّس عن دابته فقال النّاس: قتل داود جالوت، وملّكه النّاس(٣) حتّى لم يكن يسمع لطالوت ذكر، واجتمعت عليه بنو إسرائيل وأنزل الله تبارك وتعالى عليه الزَّبور وعلّمه صنعة الحديد فليّنه له(٤) وأمر الجبال والطّير أن تسبح معه، وأعطاه صوتاً لم يسمع بمثله حسناً، وأعطاه قوَّه في العبادة. وأقام في بني إسرائيل نبيّاً.

وهكذا(٤) يكون سبيل القائمعليه‌السلام له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه، وأنطقه الله عزَّ وجلَّ فناداه اخرج يا وليَّ الله فاقتل أعداء الله، وله سيف

__________________

(١) أي أعجب من راعه يروعه أي أفزعه وأعجبه.

(٢) دمغه أي شجه حتّى بلغت الشجة الدماغ.

(٣) أي عدوه ملكاً لهم، وفي بعض النسخ « وملكه الله عزَّ وجلَّ النّاس ».

(٤) قالوا إنّما كشف ذوب الحديد قبل ميلاد المسيح بالف سنة وهو زمان داودعليه‌السلام . ويسمونه عصر الحديد وفي التنزيل: « وألنا له الحديد ».

(٤) كلام المؤلف.

١٥٥

مغمد إذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السّيف من غمده(١) وأنطقه الله عزَّ وجلَّ فناداه السّيف اخرج يا وليَّ الله فلا يحلُّ لك أن تقعد عن أعداء الله، فيخرجعليه‌السلام ويقتل أعداء الله حيث ثقفهم(٢) ويقيم حدود الله ويحكم بحكم الله عزوجل.

حدّثني بذلك أبو الحسن أحمد بن ثابت الدَّواليني بمدينة السلام، عن محمّد بن الفضل النحويِّ، عن محمّد بن عليِّ بن عبد الصمد الكوفيِّ، عن عليّ بن عاصم، عن محمّد بن عليّ ابن موسى، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في آخر حديث طويل - قد أخرجته في هذا الكتاب في باب ما روي عن النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من النصِّ على القائمعليه‌السلام وأنّه الثاني عشر من الائمّةعليهم‌السلام -.

ثمَّ(٣) إنَّ داودعليه‌السلام أراد أن يستخلف سليمانعليه‌السلام لأنّ الله عزَّ وجلَّ أوحى إليه يأمره بذلك، فلمّا أخبر بني إسرائيل ضجّوا من ذلك وقالوا: يستخلف علينا حدثاً وفينا من هو أكبر منه، فدعا أسباط بني إسرائيل فقال لهم: قد بلغني مقالتكم فأروني عصيّكم فأيُّ عصا أثمرت فصاحبها وليُّ الأمر من بعدي، فقالوا: رضينا، فقال: ليكتب كلُّ واحد منكم اسمه على عصاه، فكتبوه ثمّ جاء سليمانعليه‌السلام بعصاه فكتب عليها اسمه، ثمّ أدخلت بيتاً وأغلق الباب وحرسته رؤوس أسباط بني إسرائيل، فلمّا أصبح صلى بهم الغداة، ثمّ أقبل ففتح الباب فأخرج عصيّهم وقد أورقت وعصا سليمان قد أثمرت، فسلّموا ذلك لداودعليه‌السلام ، فاختبره بحضرة بني إسرائيل فقال له: يا بني أيُّ شيء أبرد؟ قال: عفو الله عن النّاس وعفوا النّاس بعضهم عن بعض، قال: يا بني فأي شئ أحلى؟ قال: المحبّة وهو روح الله في عباده. فافترَّ داود ضاحكاً(٤) فسار به في بني إسرائيل، فقال: هذا خليفتي فيكم من بعدي، ثمّ أخفى سليمان بعد ذلك أمره وتزوج بامرأة واستتر من شيعته ما شاء الله أن يستتر، ثمّ إنَّ

__________________

(١) الغمد بكسر المعجمة: غلاف السيف.

(٢) أي حيث وجدهم وصادفهم.

(٣) تتمة الخبر.

(٤) افتر أي ضحك ضحكاً حسناً.

١٥٦

امرأته قالت له ذات يوم: بأبي أنت وأميّ ما أكمل خصالك وأطيب ريحك ولا أعلم لك خصلة أكرهها إلّا أنّك في مؤونة أبي فلو دخلت السوق فتعرَّضت لرزق الله رجوت أن لا يخيّبك، فقال لها سليمانعليه‌السلام : إنّي والله ما عملت عملاً قطُّ ولا أحسنه، فدخل السّوق فجال يومه ذلك ثمّ رجع فلم يصب شيئاً، فقال لها: ما أصبت شيئاً، قالت: لا عليك أن لم يكن اليوم كان غداً، فلمّا كان من الغد خرج إلى السوق فجال يومه فلم يقدر على شيء، ورجع فأخبرها فقالت له: يكون غداً إن شاء الله، فلمّا كان من اليوم الثالث مضى حتّى انتهى إلى ساحل البحر فإذا هو بصياد، فقال له: هل لك أن أعينك وتعطينا شيئاً قال: نعم، فأعانه فلمّا فرغ أعطاه الصيّاد سمكتين فأخذهما وحمد الله عزَّ وجلَّ، ثمّ إنَّه شقَّ بطن إحديهما فإذا هو بخاتم في بطنها فأخذه فصرَّه في ثوبه(١) فحمد الله واصلح السمكتين وجاء بهما إلى منزله ففرحت امرأته بذلك، وقالت له: إنّي أريد أن تدعو أبويَّ حتّى يعلما إنّك قد كسبت، فدعاهما فأكلا معه، فلمّا فرغوا قال لهم: هل تعرفوني؟ قالوا: لا والله إلّا أنّا لم نر إلّا خيراً منك، قال: فأخرج خاتمه فلبسه فحنَّ عليه الطير والريح وغشيه الملك، وحمل الجارية وأبويها إلى بلاد اصطخر، واجتمعت إليه الشيعة واستبشروا به ففرَّج الله عنهم ممّا كانوا فيه من حيرة غيبته، فلمّا حضرته الوفاة أوصى إلى آصف بن برخيا بأمر الله تعالى ذكره، فلم يزل بينهم تختلف إليه الشيعة ويأخذون عنه معالم دينهم، ثمّ غيب الله تبارك وتعالى آصف غيبة طال أمدها، ثمّ ظهر لهم فبقي بين قومه ما شاء الله، ثمّ أنَّه ودَّعهم فقالوا له: أين الملتقى؟ قال: على الصراط، وغاب عنهم ما شاء الله فاشتدَّت البلوى على بني إسرائيل بغيبته وتسلّط عليهم بختنّصر فجعل يقتل من يظفر به منهم ويطلب من يهرب ويسبي ذراريهم، فاصطفى من السبي من أهل بيت يهودا أربعة نفر فيهم دانيال واصطفى من ولد هارون عزيراً وهم يومئذ صبية صغار فمكثوا في يده وبنو إسرائيل في العذاب المهين، والحجّة دانيالعليه‌السلام أسير في يد بختنّصر تسعين سنة، فلمّا عرف فضله وسمع أنَّ بني إسرائيل ينتظرون خروجه

__________________

(١) أي ربطه في ثوبه.

١٥٧

ويرجون الفرج في ظهوره وعلى يده أمر أن يُجعل في جبٍّ عظيم واسع ويجعل معه الاسد ليأكله، فلم يقربه، وأمر أن لا يطعم فكان الله تبارك وتعالى يأتيه بطعامه وشرابه على يد نبيٍّ من أنبيائه فكان دانيال يصوم النّهار ويفطر باللّيل على ما يدلى إليه من الطعام فاشتدَّت البلوى على شيعته وقومه والمنتظرين له ولظهوره وشكَّ أكثرهم في الدِّين لطول الامد.

فلمّا تناهى البلاء بدانيالعليه‌السلام وبقومه رأى بختنّصر في المنام كانَّ ملائكة من السّماء قد هبطت إلى الأرض أفواجاً إلى الجبِّ الّذي فيه دانيال مسلّمين عليه يبشِّرونه بالفرج، فلمّا أصبح ندم على ما أتى إلى دانيال فأمر بأن تخرج من الجبِّ فلمّا اُخرج اعتذر إليه ممّا ارتكب منه من التعذيب، ثمّ فوَّض إليه النَّظر في أمور ممالكه والقضاء بين النّاس، فظهر من كان مستتراً من بني إسرائيل ورفعوا رؤوسهم واجتمعوا إلى دانيالعليه‌السلام موقنين بالفرج فلم يلبث إلّا القليل على تلك الحال حتّى مات وأفضى الامر بعده إلى عزيرعليه‌السلام فكانوا يجتمعون إليه ويأنسون به ويأخذون عنه معالم دينهم، فغيّب الله عنهم شخصه مائة عام ثمّ بعثه وغابت الحجج بعده واشتدت البلوى على بني إسرائيل حتّى ولد يحيى بن زكريّاعليهما‌السلام وترعرع فظهر وله سبع سنين فقام في النّاس خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه وذكرّهم بأيّام الله، وأخبرهم أنَّ محن الصالحين إنّما كانت لذنوب بني إسرائيل وأنَّ العاقبة للمتقين ووعدهم الفرج بقيام المسيحعليه‌السلام بعد نيّف وعشرين سنة من هذا القول، فلمّا ولد المسيحعليه‌السلام أخفى الله عزّ وجلّ ولادته وغيب شخصه، لأنّ مريمعليها‌السلام لمّا حملته انبتذت به مكاناً قصيّاً، ثمّ أنَّ زكريا وخالتها أقبلا يقصان أثرها حتّى هجما عليها وقد وضعت ما في بطنها وهي تقول: « يا ليتني متُّ قبل هذا وكنت نسياً منسيّاً » فأطلق الله تعالى ذكره لسانه بعذرها وإظهار حجّتها، فلمّا ظهرت اشتدَّت البلوى والطلب على بني إسرائيل وأكبَّ الجبابرة والطواغيت عليهم حتّى كان من أمر المسيح ما قد أخبر الله عزَّ وجلَّ به واستتر شمعون بن حمون والشيعة حتّى أفضى بهم الاستتار إلى جزيرة من جزائر البحر فأقاموا بها ففجَّر الله لهم العيون العذبة وأخرج لهم من كلِّ الثمرات، وجعل لهم فيها الماشية

١٥٨

وبعث إليهم سمكة تدعى القمد لا لحم لها ولا عظم وإنّما هي جلد ودم فخرجت من البحر فأوحى الله عزَّ وجلَّ إلى النحل أن تركبها، فركبتها فأتت النحل إلى تلك الجزيرة ونهض النحل وتعلَّق بالشجر فعرش وبنى وكثر العسل ولم يكونوا يفقدون شيئاً من أخبار المسيحعليه‌السلام .

٨

( باب )

* (بشارة عيسى بن مريمعليه‌السلام بالنبي محمّد المصطفى (ص) ) *

١٨ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقانيُّرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلوديُّ البصريُّ بالبصرة قال: حدّثنا محمّد بن عطيّة الشاميُّ قال: حدّثنا عبد الله بن عمر وبن سعيد البصريُّ قال: حدّثنا هشام بن - جعفر، عن حماد بن عبد الله بن سليمان(١) وكان قارئاً للكتب قال: قرأت في الانجيل: يا عيسى جَّد في أمري ولا تهزل، واسمع وأطع، يا ابن الطاهرة الطهر البكر البتول أنت من غير فحل، أنا خلقتك آية للعالمين فإيّاي فاعبد، وعليَّ فتوكّل، خذ الكتاب بقوَّة، فسّر لأهل سوريا بالسّريانيّة، بلّغ من بين يديك إنّي أنا الله الدّائم الّذي لا أزول، صدِّقوا النبيّ الامّي صاحب الجمل والمدرعة والتاج - وهي العمامة - والنعلين والهراوة - وهي القضيب -، الانجل العينين، الصلت الجبين، الواضح الخدَّين، الاقنى الانف(٢) مفلّج الثنايا، كأنَّ عنقه إبريق فضّة، كأنَّ الذَّهب يجري في تراقيه، له شعرات من صدره إلى سرَّته، ليس على بطنه ولا على صدره شعرٌ، أسمر اللّون، دقيق المسربة(٣)

__________________

(١) كذا والصواب « حدّثنا هشام بن سنبر أبو عبد الله، عن حماد بن أبى سليمان ».

(٢) المدرعة - كمكنسة -: ثوب كالدراعة ولا تكون إلّا من صوف. والهراوة: العصا. وفى القاموس النجل - بالتحريك -: سعة العين فهو أنجل. والصلت الجبين أي واسعة وأقنى الانف: محدبه أي ارتفع وسط قصبة أنفه وضاق منخراه.

(٣) مفلج الثنايا أي منفرجها. وقوله « كأن الذهب يجرى في تراقيه » التراقي جمع الترقوه وهو العظم الّذي بين ثغرة النحر والعاتق ولعله كناية عن حمرة ترقوته. والمسربة بضم الراء: ما دق من شعر الصدر سائلا إلى الجوف.

١٥٩

شثن الكفِّ والقدم(١) إذا التفت التفت جميعاً، وإذا مشى فكأنّما يتقلّع من الصّخر، وينحدر من صبب(٢) وإذا جاء مع القوم بذَّهم(٣) ، عرقه في وجهه كاللّؤلؤ، وريح المسك تنفح منه، لم ير قبله مثله ولا بعده، طيّب الرِّيح، نكاح للنساء، ذو النسل القليل إنّما نسله من مباركة(٤) لها بيت في الجنّة، لا ضحب فيه ولا نصب(٥) ، يكفّلها في آخر الزَّمان كما كفل زكريّا اُمّك، لها فرخان مستشهدان، كلامه القرآن، ودينه الاسلام، وأنا السّلام. فطوبى لمن أدرك زمانه، وشهد أيّامه، وسمع كلامه.

قال عيسى: يا ربّ وما طوبى؟ قال: شجرة في الجنّة أنا غرستها بيدي تظلُّ الجنان، أصلها من رضوان، ماؤها من تسنيم(٦) برده برد كافور، وطعمه طعم الزَّنجبيل من شرب من تلك العين شربة لا يظمأ بعدها أبداً.

فقال عيسىعليه‌السلام : اللّهمّ اسقني منها، قال: حرام يا عيسى على البشر أن تشربوا منها حتّى يشرب ذلك النبيّ، وحرام على الامم أن يشربوا منها حتّى تشرب منها أمّة ذلك النبيّ، يا عيسى أرفعك إليَّ ثمّ أهبطك في آخر الزَّمان لترى من أمة ذلك النبيِّ العجائب ولتعينهم على اللّعين الدّجّال أهبطك في وقت الصلاة لتصلّي معهم، إنّهم أمة مرحومة.

وكانت للمسيحعليه‌السلام (٧) غيبات يسيح فيها في الأرض، فلا يعرف قومه وشيعته خبره، ثمّ ظهر فأوصى إلى شمعون بن حمونعليه‌السلام فلمّا مضى شمعون غابت الحجج بعده

__________________

(١) شثن الكفين أي أنّهما يميلان إلى الغلظ والقصر. وقيل: هو الّذي في أنامله غلظ بلا قصر يمدح في الرجال لأنّه أشد لقبضهم ويذم في النساء. (النهاية).

(٢) أي يرفع رجليه من الأرض رفعاً بيناً بقوة دون احتشام، لا كمن يمشى اختيالا ويقارب خطاه لأنّ ذلك من مشى النساء والصبب ما انحدر من الأرض أو الطريق.

(٣) في النهاية في الحديث « بذ العالمين » أي سبقهم وغلبهم.

(٤) يعنى الزهراء سلام الله عليها.

(٥) الصخب - بالتحريك -: الضجة والصياح والجلبة. والنصب: التعب والداء.

(٦) اسم عين في الجنّة ويقال: هو أرفع شراب أهلها. تسنمهم من فوقهم.

(٧) من كلام المصنف.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686