كمال الدين وتمام النعمة

كمال الدين وتمام النعمة8%

كمال الدين وتمام النعمة مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 686

كمال الدين وتمام النعمة المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 686 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 143259 / تحميل: 8011
الحجم الحجم الحجم
كمال الدين وتمام النعمة

كمال الدين وتمام النعمة

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

واشتدَّت الطلب، وعظمت البلوى، ودرس الدِّين، وضيعت الحقوق، وأميتت الفروض والسّنن، وذهب النّاس يميناً وشمالاً لا يعرفون أيّاً من أيٍّ، فكانت الغيبة مائتين وخمسين سنة.

١٩ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد ابن الحسن الصفّار، وسعد بن عبد الله جميعاً، عن أيّوب بن نوح، عن عبد الله بن المغيرة، عن سعد بن أبي خلف، عن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : بقي النّاس بعد عيسى بن مريمعليه‌السلام خمسين ومائتي سنة بلا حجّة ظاهرة.

٢٠ - حدّثنا أبيرحمه‌الله قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، عن يعقوب ابن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن سعد بن أبي خلف، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان بين عيسى وبين محمّدعليهما‌السلام خمسمائة عام منها مائتان وخمسون عاما ليس فيها نبيٌّ ولا عالمٌ ظاهر، قلت: فما كانوا؟ قال: كانوا متمسّكين بدين عيسىعليه‌السلام ، قلت: فما كانوا؟ قال: كانوا مؤمنين، ثمّ قالعليه‌السلام : ولا يكون الأرض إلّا وفيها عالم.

و كان ممّن ضرب في الأرض لطلب الحجّة سلمان الفارسيُّرضي‌الله‌عنه فلم يزل ينتقل من عالم إلى عالم، ومن فقيه إلى فقيه، ويبحث عن الاسرار ويستدلُّ بالاخبار منتظراً لقيام القائم سيّد الاوَّلين والآخرين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أربعمائة سنة حتّى بشّر بولادته، فلمّا أيقن بالفرج خرج يريد تهامة فسبي.

٩

( باب )

* (خبر سلمان الفارسي - رحمه الله عليه - في ذلك) *

٢١ - حدّثنا أبيرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار؛ وأحمد ابن إدريس جميعاً، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عليِّ بن مهزيار، عن أبيه، عمّن ذكره، عن موسى بن جعفرعليهما‌السلام قال: قلت: يا ابن رسول الله إلّا تخبرنا كيف كان سبب إسلام سلمان الفارسيِّ؟ قال: حدّثني أبي صلوات الله عليه أنَّ أمير المؤمنين عليَّ

١٦١

ابن أبي طالب صلوات الله عليه وسلمان الفارسي وأباذرٍّ وجماعة من قريش كانوا مجتمعين عند قبر النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام لسلمان: يا أبا عبد الله إلّا تخبرنا بمبدء أمرك؟ فقال سلمان: والله يا أمير المؤمنين لو أنَّ غيرك سألني ما أخبرته، أنا كنت رجلاً من أهل شيراز من أبناء الدهّاقين وكنت عزيزاً على والديّ فبينا أنا سائر مع أبي في عيد لهم إذا أنا بصومعة وإذا فيها رجلٌ ينادي أشهد أن لا إله إلّا الله وأنَّ عيسى روح الله، وأنَّ محمداً حبيب الله، فرسخ وصف محمّد(١) في لحمي ودمي فلم يهنئني طعام ولا شراب، فقالت لي أمّي: يا بني مالك اليوم لم تسجد لمطلع الشمس؟ قال: فكابرتها حتّى سكتت، فلمّا انصرفت إلى منزلي إذا إنّا بكتاب معلّق في السّقف فقلت لاُمّي: ما هذا الكتاب؟ فقالت: يا روزبه إنَّ هذا الكتاب لمّا رجعنا من عيدنا رأيناه معلّقاً، فلا تقرب ذلك المكان فانّك أنَّ قربته قتلك أبوك، قال: فجاهدتها حتّى جن الليل فنام أبي وأمي فقمت وأخذت الكتاب وإذا فيه بسم الله الرّحمن الرحيم هذا عهد من الله إلى آدم أنَّه خالق من صلبه نبيّاً يقال له: محمّد، يأمر بمكارم الاخلاق وينهى عن عبادة الاوثان، يا روزبه ائت وصيَّ عيسى وآمن واترك المجوسية، قال: فصعقت صعقة وزادني شدّة قال: فعلم بذلك أبي وأمّي فأخذوني وجعلوني في بئر عميقة، وقالوا لي: أن رجعت وإلّا قتلناك، فقلت لهم: افعلوا بي ما شئتم، حبُّ محمّد لا يذهب من صدري، قال سلمان: ما كنت أعرف العربيّة قبل قراءتي الكتاب، ولقد فهّمني الله عزَّ وجلَّ العربية من ذلك اليوم قال: فبقيت في البئر فجعلوا ينزلون في البئر إلىَّ أقراصاً صغاراً.

قال : فلمّا طال أمري رفعت يدي إلى السّماء فقلت: يا رب إنّك حببت محمداً ووصيه إلى فبحق وسيلته عجل فرجي وأرحني ممّا أنا فيه، فأتاني آت عليه ثياب بيض فقال: قم يا روزبه، فأخذ بيدي وأتى بي إلى الصومعة فأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلّا الله وأن عيسى روح الله، وأن محمداً حبيب الله، فأشرف عليّ الديراني فقال: أنت روزبه؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد فأصعدني إليه وخدمته حولين كاملين، فلمّا حضرته

__________________

(١) في بعض النسخ « فرصف حب محمّد ».

١٦٢

الوفاة قال: إنّي ميّت فقلت له: فعلى من تخلّفني؟ فقال: لا أعرف أحداً يقول بمقالتي هذه إلّا راهباً بأنطاكية، فإذا لقيته فأقرئه منّي السّلام وادفع إليه هذا اللّوح، وناولني لوحاً، فلمّا مات غسلته وكفّنته ودفنته وأخذت اللّوح وسرت به إلى أنطاكية وأتيت الصومعة وأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلّا الله وأن عيسى روح الله وأن محمداً حبيب الله، فأشرف عليَّ الدَّيرانيُّ فقال: أنت روزبه، فقلت: نعم، فقال: اصعد فصعدت إليه فخدمته حولين كاملين، فلمّا حضرته الوفاة قال لي: إنّي ميّت، فقلت: على من تخلّفني؟ فقال: لا أعرف أحداً يقول بمقالتي هذه إلّا راهباً بالاسكندريّة فإذا أتيته فأقرئه منّي السّلام وادفع إليه هذا اللّوح، فلمّا توّفي غسّلته وكفّنته ودفنته وأخذت اللّوح وأتيت الصومعة وأنشأت أقول: أشهد أن لا إله إلّا الله وأنَّ عيسى روح الله وأنَّ محمداً حبيب الله، فأشرف عليَّ الدَّيرانيُّ فقال: أنت روزبه؟ فقلت: نعم، فقال: اصعد فصعدت إليه وخدمته حولين كاملين، فلمّا حضرته الوفاة قال لي: إنّي ميّت فقلت: على من تخلّفني؟ فقال: لا أعرف أحداً يقول بمقالتي هذه في الدُّنيا وإنَّ محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب قد حانت ولادته فإذا أتيته فأقرئه منّي السلام، وادفع إليه هذا اللوح، قال: فلمّا توّفي غسّلته وكفّنته ودفنته وأخذت اللّوح وخرجت، فصحبت قوماً فقلت لهم: يا قوم اكفوني الطعام والشراب أكفكم الخدمة؟ قالوا: نعم، قال: فلمّا أرادوا أن يأكلوا شدّوا على شاة فقتلوها بالضرب، ثمّ جعلوا بعضها كباباً وبعضها شواءً فامتنعت من الاكل، فقالوا: كلّ فقلت: إنّي غلام ديرانيّ وإن الديرانيّين لا يأكلون اللّحم، فضربوني وكادوا يقتلونني فقال بعضهم: امسكوا عنه حتّى يأتيكم شرابكم فانَّه لا يشرب، فلمّا أتوا بالشراب قالوا: اشرب؟ فقلت: إنّى غلام ديرانيّ وإنَّ الدَّيرانيّين لا يشربون الخمر، فشدُّوا عليَّ وأرادوا قتلي، فقلت لهم: يا قوم لا تضربوني ولا تقتلوني فإنّي اقرُّ لكم بالعبوديّة فأقررت لواحد منهم فأخرجني وباعني بثلاثمائة درهم من رجل يهودي قال: فسألني عن قصّتي فأخبرته وقلت: له ليس لي ذنب إلّا أنّي أحببت محمّداً ووصيه، فقال اليهوديُّ: وإنّي لاُبغضك وابغض محمّداً، ثمّ أخرجني إلى خارج داره وإذا رملٌ كثير على بابه، فقال: والله ياروزبه لئن أصحبت ولم تنقل هذا الرَّمل كله من هذا الموضع لاقتلنك،

١٦٣

قال: فجعلت أحمل طول ليلتي فلمّا أجهدني التعب رفعت يدي إلى السّماء وقلت: يا ربّ إنّك حبّبت محمداً ووصيّه إليَّ فبحقِّ وسيلته عجّل فرجي وأرحني ممّا أنا فيه، فبعث الله عزَّ وجلَّ ريحاً فقلعت ذلك الرَّمل من مكانه إلى المكان الّذي قال اليهوديُّ، فلمّا أصبح نظر إلى الرمل قد نقل كله، فقال: يا روزبه أنت ساحر وأنا لا أعلم فلاجرجنّك من هذه القرية لئلا تهلكها، قال: فأخرجني وباعني من امرأة سلميّة فأحبّتني حبّاً شديداً وكان لها حائط، فقالت: هذا الحائط لك كلّ منه وما شئت وهب وتصدق.

قال: فبقيت في ذلك الحائط ما شاء الله فبينا أنا ذات يوم في الحائط إذا أنا بسبعة رهط قد أقبلوا تظلّهم غمامة، فقلت في نفسي: والله ما هؤلاء كلّهم أنبياءً ولكنَّ فيهم نبيّاً قال: فأقبلوا حتّى دخلوا الحائط والغمامة تسير معهم، فلمّا دخلوا إذا فيهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنينعليه‌السلام وأبوذرٍّ والمقداد وعقيل بن أبي طالب(١) وحمزة بن عبد المطّلب وزيد بن حارثة، فدخلوا الحائط فجعلوا يتناولون من حشف النخل ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لهم: كلوا الحشف ولا تفسدوا على القوم شيئاً، فدخلت على مولاتي فقلت لها: يا مولاتي هبي لي طبقاً من رطب، فقالت: لك ستّة أطباق، قال: فجئت فحملت طبقا من رطب، فقلت في نفسي: إن كان فيهم نبيٌّ فإنه لا يأكل الصدقة، ويأكل الهدية،

__________________

(١) فيه وهم كما لا يخفى لأنّ اسلام عقيل على ما ذكروه قبل الحديبية وهو لم يشهد المواقف الّتي قبلها وقد أخرج مع المشركين كرهاً إلى بدر واسر وفداه عمه العبّاس بن عبد المطلب وكان حمزةرضي‌الله‌عنه استشهد يوم أحد، واسلام سلمان كان بقباء حين قدوم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة مهاجراً، وعده ابن عبد البر فيمن شهد بدراً، فإنَّ لم نقبل ذلك فلا أقل من حضوره في غزوة الاحزاب فإنَّ المسلمين حفروا الخندق بمشورته، فكيف يجمع بين حمزة وعقيل مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حائط من حيطان المدينة قبل اسلام سلمانرضي‌الله‌عنه . ولا يقال: لعل عقيل تصحيف جعفر، لأنّ جعفر حينذاك في الحبشة وقدم المدينة بعد فتح خيبر، ثمّ اعلم أنَّ الامر في الخبر سهل لأنّه مرسل وهو كما ترى يشبه القصص والاساطير، والله العالم.

١٦٤

فوضعته بين يديه، فقلت: هذه صدقة فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كلوا وأمسك رسول الله وأمير المؤمنين وعقيل بن أبى طالب وحمزة بن عبد المطّلب، وقال لزيد: مدَّ يدك وكل فقلت في نفسي هذه علامة، فدخلت إلى مولاتي فقلت لها: هبي لي طبقاً آخر، فقالت: لك ستّة أطباق قال: فجئت فحملت طبقاً من رطب فوضعة بين يديه فقلت: هذه هديّة، فمد يده وقال: بسم الله كلوا ومدَّ القوم جميعاً أيديهم فأكلوا، فقلت في نفسي هذه أيضاً علامة، قال: فبينا أنا أدور خلفه إذ حانت من النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التفاته، فقال: يا روزبه تطلب خاتم النبوَّة، فقلت: نعم، فكشف عن كتفيه فإذا انا بخاتم النبوَّة معجوم بين كتفيه عليه شعرات قال: فسقطت على قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اقبّلها، فقال لي: ياروزبه ادخل إلى هذه المرأة وقل لها يقول لك محمّد بن عبد الله تبيعينا هذا الغلام؟ فدخلت فقلت لها: يا مولاتي إنَّ محمّد بن عبد الله يقول لك: تبيعينا هذا الغلام؟ فقالت قل له: لا أبيعك إلّا بأربعمائة نخلة مائتي نخلة منها صفراء ومائتي نخلة منها حمراء، قال: فجئت إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فأخبرته، فقال: وما أهون ما سألت، ثمّ قال: قم يا عليّ فاجمع هذا النوي كله فجمعه وأخذه فغرسه، ثمّ قال: إسقه فسقاه أمير المؤمنين فما بلغ آخره حتّى خرج النخل ولحق بعضه بعضاً فقال: لي ادخل إليها وقل لها يقول لك محمّد بن عبد الله: خذي شيئك وادفعي إلينا شيئناً قال: فدخلت عليها وقلت ذلك لها، فخرجت ونظرت إلى النخل فقالت: والله لا أبيعكه إلّا بأربعمائة نخلة كلّها صفراء، قال: فهبط جبرئيلعليه‌السلام فمسح جناحيه على النخل فصار كلّه أصفر، قال: ثمّ قال لي: قل لها: إنَّ محمداً يقول لك: خذي شيئك وادفعي إلينا شيئنا قال: فقلت لها ذلك فقالت: والله لنخلة من هذه أحب إلي من محمّد ومنك، فقلت لها: والله ليوم واحد مع محمّد أحبُّ إليَّ منك ومن كلِّ شيء أنت فيه، فأعتقني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمّاني سلمان.

قال مصنّف هذا الكتابرضي‌الله‌عنه : كان اسم سلمان روزبه بن خشبوذان وما سجد قطُّ لمطلع الشمس وإنّما كان يسجد لله عزَّ وجلَّ وكانت القبلة الّتي أمر بالصلاة إليها شرقية وكان أبواه يظنّان أنَّه إنّما يسجد لمطلع الشمس كهيئتهم، وكان سلمان

١٦٥

وصيُّ وصيِّ عيسىعليه‌السلام في أداء ما حمّل إلى من انتهت إليه الوصيّة من المعصومين، وهو آبيعليه‌السلام (١) وقد ذكر قوم أنَّ « أبي »(٢) هو أبو طالب. وإنّما اشتبه الامر به، لأنَّ أمير المؤمنينعليه‌السلام سئل عن آخر أوصياء عيسىعليه‌السلام فقال: « آبي » فصحّفه النّاس وقالوا: « أبي » ويقال له: « بردة » أيضاً.

١٠

( باب )

* (في خبر قسّ بن ساعدة الايادي) *

ومثل قُسِّ بن ساعدة الأياديِّ في علمه وحكمته. كان يعرف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وينتظر ظهوره ويقول: إنَّ لله ديناً خير من الدِّين الّذي أنتم عليه. وكان النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يترّحم عليه ويقول: يحشر يوم القيامة اُمّة وحده(٢) .

٢٢ - حدّثنا أبيرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم بفناء الكعبة يوم افتتح مكّة إذ أقبل إليه وفد فسلّموا عليه، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَن القوم؟ قالوا: وفد بكر بن وائل، قال: فهل عندكم علم من خبر قس بن ساعدة الأياديِّ؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: فما فعل؟ قالوا: مات، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الحمد لله ربِّ الموت وربِّ الحياة، كلُّ نفس ذائقة الموت، كأنّي أنظر إلى قسّ بن ساعدة الاياديِّ وهو بسوق عكاظ على جمل له أحمر وهو يخطب النّاس ويقول: اجتمعوا أيّها النّاس، فإذا اجتمعتم فأنصتوا

__________________

(١) آبى بمد الهمزة وامالة الياء من ألقاب علماء النصارى. وسيأتى في باب نوادر الكتاب اواخر الجزء الثاني أنَّ آخر اوصياء عيسىعليه‌السلام رجل يقال له: بالط. وكأن اسم ذلك الرَّجل « آبي بالط ».

(٢) كذا ولعل النكتة في عدم النصب حفظ صورة الكلمة لئلا يشتبه بأبي.

(٣) المراد أنَّه على دين الحق والتوحيد وليس في زمانه من يدين بدين الحق غيره.

١٦٦

فإذا أنصتّم فاسمعوا، فإذا سمعتم فعوا، فإذا وعيتم فاحفظوا، فإذا حفظتم فاصدقوا، إلّا إنَّه من عاش مات، ومن مات فات، ومن فات فليس بآت، إنَّ في السّماء خبرا وفي الأرض عبراً، سقفٌ مرفوعٌ، ومهاد موضوع، ونجوم تمور(١) وليل يدور، وبحار ماء [ لا ] تغور، يحلف قس ما هذا بلعب وإن من وراء هذا لعجبا، مالي أرى النّاس يذهبون فلا يرجعون، أرضوا بالمقام فأقاموا؟ أم تركوا فناموا؟ يحلف قسٌّ يميناً غير كاذبة إنَّ لله ديناً هو خير من الدِّين الّذي أنتم عليه. ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : رحم الله قُسّاً يحشر يوم القيامة اُمّة وحده، قال: هل فيكم أحد يحسن من شعره شيئاً؟ فقال بعضهم: سمعته يقول:

في الأوّلين الذّاهبين

من القرون لنا بصائر

لما رأيت موارداً

للوت ليس لها مصادر

ورأيت قومي نحوها

تمضى الأكابر والاصاغر

لا يرجع الماضي إليَّ

ولا من الباقين غابر(٢)

أيقنت أنّي لا محالة

حيث صار القوم صائر

وبلغ من حكمة قسِّ بن ساعدة ومعرفته أنَّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يسأل من يقدم عليه من أياد من حكمه ويصغي إليه سمعه.

٢٣ - حدّثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد قال: حدّثنا أبو الحسن عليّ بن الحسين بن إسماعيل قال: أخبرنا محمّد بن زكريّا قال: حدّثنا عبد الله بن الضحاك، عن هشام، عن أبيه(٣) أنَّ وفداً من أياد قدموا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسألهم عن حكم قسِّ ابن ساعدة فقالوا: قال قس:

__________________

(١) مار الشيء يمور موراً أي تحرك وجاء وذهب.

(٢) كذا وفى بعض نسخ الحديث هكذا: لا يرجع الماضي ولا * يبقى من الباقين غابر.

(٣) المراد بهشام هشام بن محمّد بن السائب الكلبي. كما يظهر من كتاب مقتضب الاثر ص ٣٧.

١٦٧

يا ناعي الموت والأموات في جدث

عليهم من بقايا بزّهم خرق

دعهم فإنَّ لهم يوماً يصاح بهم

كما ينبّه من نوماته(١) الصّعق

منهم عراة ومنهم في ثيابهم

منها الجديد ومنها الأورق الخَلق(٢)

حتى يعودوا بحال غير حالتهم

خلق جديد وخلق بعدهم خلقوا

مطر ونبات، وآباء واُمّهات، وذاهب وآت، وآيات في أثر آيات، وأموات بعد أموات، ضوء وظلام، وليال وأيّام، وفقير وغني، وسعيدٌ وشقي، ومحسنٌ ومسيءٌ، نبأ لارباب الغفلة(٣) ، ليصلحنَّ كلّ عامل عمله، كلّا بل هو الله واحد، ليس بمولود ولا والد، أعاد وأبدا، وإليه المآب غدا.

وأمّا بعد يا معشر أياد أين ثمود وعاد؟ وأين الاباء والاجداد؟ أين الحسن الّذي لم يشكر والقبيح الّذي لم ينقم، كلّا وربّ الكعبة ليعودنَّ ما بدا، ولئن ذهب يوم ليعودنَّ يوم.

و هو قسُّ بن ساعدة بن حذاقة بن زهر بن أياد بن نزار، أوَّل من آمن بالبعث من أهل الجاهليّة، وأوَّل من توكّأ على عصا(٤) ويقال: إنَّه عاش ستّمائة سنة وكان يعرف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باسمه ونسبه ويبشّر النّاس بخروجه، وكان يستعمل التقيّة ويأمر بها في خلال ما يعظ به الناس.

٢٤ - حدّثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد قال: أخبرنا أبو الحسن عليُّ بن الحسين ابن إسماعيل قال: أخبرنا محمّد بن زكريّا بن دينار قال: حدّثني مهدي بن سابق، عن عبد الله بن عبّاس، عن أبيه قال: جمع قسُّ بن ساعدة ولده فقال: إنَّ المعاتكفيه البقلة

__________________

(١) في بعض نسخ الحديث « من رقداته ».

(٢) في بعض النسخ « ومنها الرث والخلق » والرث: البالي كالخلق.

(٣) في بعض النسخ « أين الارباب الغفلة » وفي بعضها « الفعلة ».

(٤) أي أول من توكأ على عصا من أهل الجاهلية، أو لضعف كثرة السن أو نحوها ذلك لئلا ينتقض بما حكاه الله سبحانه عن موسىعليه‌السلام « قال هي عصاي أتوكأ عليها - الآية ».

١٦٨

وترويه المذقة(١) ومن عيّرك شيئاً ففيه مثله، ومن ظلمك وجد من يظلمه، متى عدلت على نفسك عدل عليك من فوقك، فإذا نهيت عن شيء فأبدء بنفسك، ولا تجمع ما لا تأكل ولا تأكل ما لا تحتاج إليه، وإذا ادَّخرت فلا يكونن كنزك إلّا فعلك، وكن عفَّ العيلة مشترك الغنى تسد قومك، ولا تشاورنَّ مشغولاً وإن كان حازماً، ولا جائعاً وإن كان فهماً، ولا مذعوراً وإن كان ناصحاً، ولا تضعَّن في عنقك طوقا لا يمكنك نزعه إلّا بشقّ نفسك، وإذا خاصمت فاعدل، وإذا قلت فاقتصد، ولا تستودعنَّ أحداً دينك وإن قربت قرابته، فانّك إذا فعلت ذلك لم تزل وجلاً وكان المستودع بالخيار في الوفاء بالعهد، وكنت له عبداً ما بقيت، فإنَّ جنى عليك كنت أولى بذلك، وإن وفي كان الممدوح دونك، عليك بالصّدقة فإنّها تكفر الخطيئة.

فكان قسّ لا يستودع دينه أحداً وكان يتكلّم بما يخفى معناه على العوامِّ ولا يستدركه إلّا الخواصّ.

١١

( باب )

* (في خبر تبع) *

وكان تبع الملك أيضاً ممّن عرف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وانتظر خروجه لأنّه قد وقع إليه خبره، فعرفه أنَّه سيخرج من مكة نبي يكون مهاجرته إلى يثرب.

٢٥ - محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليٍّ، عن عمر بن أبان، عن أبان رفعه أن تبّع قال في مسيره:

حتى أتاني من قريظة عالمٌ

حبر لعمرك في اليهود مسود

__________________

(١) المذقة - بفتح الميم والقاف وسكون الدال -: الشربة من اللبن الممذوق. والمذق. المزج والخلط، يقال: مذقت اللبن فهو مذيق إذا خلطته بالماء.

١٦٩

قال ازدجر عن قرية محجوبة

لنبيِّ مكّة من قريش مهتد

فعفوت عنهم عفو غير مثرَّب(١)

وتركتهم لعقاب(٢) يوم سرمد

وتركتها لله أرجو عفوه

يوم الحساب من الجحيم الموقَد

ولقد تركت له بها من قومنا

نفراً أولي حسب وممّن يحمد

نفراً يكون النّصر في أعقابهم

أرجو بذاك ثواب ربِّ محمّد

ما كنت أحسب أنَّ بيتاً ظاهراً

لله في بطحاء مكّة يعبد

قالوا بمكّة بيت مال داثر(٣)

وكنوزه من لؤلؤ وزبرجد

فأردت أمراً حال ربي دونه

والله يدفع عن خراب المسجد

فتركت ما أمّلته فيه لهم

وتركتهم مثلاً لاهل المشهد(٤)

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : قد أخبر أنَّه(٥) سيخرج من هذه - يعني مكّة - نبي يكون مهاجرته إلى يثرب، فأخد قوماً من اليمن فأنزلهم مع اليهود لينصروه إذا خرج وفي ذلك يقول:

شهدت على أحمدَ أنّه

سول من الله باريء النسم

فلو مُدّ عمري إلى عمره

كنت وزيراً له وابن عمٍّ

وكنت عذاباً على المشركين

سقيهم كأس حتف وغم(٦)

٢٦ - حدّثنا أبيرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبى عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنَّ تبعاً قال للاوس والخزرج: كونوا ههنا حتّى يخرج هذا النبيُّ، أما أنا فلو أدركته

__________________

(١) ثربه وثرب عليه: لامه، قبح عليه فعله وعيره بذنبه.

(٢) أي لخوف العقاب.

(٣) الدثر - بالفتح -: المال الكثير.

(٤) أي من كان ذا قلب حاضر.

(٥) في بعض النسخ « كان الخبر أنَّه ».

(٦) الحتف: الموت.

١٧٠

لخدمته ولخرجت معه.

٢٧ - حدّثنا أحمد بن محمّد بن الحسين البزّاز قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الاصمُّ قال: حدّثنا أحمد بن عبد الجبّار العطارديُّ قال: حدّثنا يونس بن بكير الشيبانيُّ(١) عن زكريّا بن يحيى المدني قال: حدَّثني عكرمة قال: سمعت ابن عبّاس يقول: لا يشتبهنَّ عليكم أمر تبع فإنه كان مسلما.

١٢

( باب )

* (في خبر عبد المطلب وأبي طالب) *

وكان عبد المطّلب وأبو طالب من أعرف العلماء وأعلمهم بشأن النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكانا يكتمان ذلك عن الجهال وأهل الكفر والضّلال.

٢٨ - حدّثنا عليُّ بن أحمد بن موسىرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا أحمد بن يحيى ابن زكريّا القطّان قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل قال: حدّثنا عبد الله بن محمّد قال: حدّثنا أبي قال: حدّثني الهيثم بن عمرو المزنيِّ، عن إبراهيم بن عقيل الهذليّ، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان يوضع لعبد المطّلب فراش في ظل الكعبة لا يجلس عليه أحد إلّا هو إجلالاً له وكان بنوه يجلسون حوله حتّى يخرج عبد المطلب، فكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخرج وهو غلام فيمشي حتّى يجلس على الفراش فيعظم ذلك على أعمامه(٢) ويأخذونه ليؤخّروه فيقول لهم عبد المطّلب إذا رأى ذلك منهم: دعوا ابني فو الله إنَّ له لشأناً عظيماً إنّي أرى أنَّه سيأتي عليكم يوم وهو سيّدكم، إنّي أرى غرَّته غرَّة تسود النّاس ثمّ يحمله فيجلسه معه ويمسح ظهره ويقّبله ويقول: ما رأيت قبلةً أطيب منه ولا أطهر قطُّ، ولا جسداً ألين منه ولا أطيب منه، ثمَّ يلتفت إلى أبي طالب وذلك أنَّ عبد الله وأبا طالب لام واحد،

____________

(١) هو يونس بن بكير الشيباني المعنون في التهذيب تحت رقم ٨٤٤ قال ابن معين صدوق.

(٢) في بعض النسخ « فيعظمان ذلك أعمامه ».

١٧١

فيقول: يا أبا طالب إنَّ لهذا الغلام لشأنا عظيماً فاحفظه واستمسك به فإنّه فرد وحيد وكن له كالاُمِّ، لا يصل إليه بشئ يكرهه، ثمّ يحمله على عنقه فيطوف به اسبوعاً، فكان عبد المطّلب قد علم أنَّه يكره اللّات والعزَّى فلا يدخله عليهما، فلمّا تمّت له ستَّ سنين ماتت اُمّه آمنة بالابواء بين مكّة والمدينة وكانت قدمت به على أخواله من بني عدي فبقي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتيماً لا أب له ولا اُمّ فأزداد عبد المطّلب له رقّة وحفظاً، وكانت هذه حاله حتّى أدركت عبد المطلب الوفاة فبعث إلى أبي طالب ومحمّد على صدره وهو في غمرات الموت وهو يبكي ويلتفت إلى أبي طالب ويقول: يا أبا طالب انظر أن تكون حافظاً لهذا الوحيد الّذي لم يشم رائحة أبيه ولا ذاق شفقة اُمّه، انظر يا أبا طالب أن يكون من جسدك بمنزلة كبدك فإنّي قد تركت بنيَّ كلّهم واوصيتك به لانّك من اُمّ أبيه، يا أبا طالب إن أدركت أيامه فاعلم أنّّي كنت من أبصر النّاس واعلم النّاس به، فإنَّ استطعت أن تتبعه فافعل وانصره بلسانك ويدك ومالك فإنّه والله سيسودكم ويملك ما لم يملك أحدٌ من بني آبائي، يا أبا طالب ما أعلم أحداً من ابائك مات عنه أبوه على حال أبيه ولا امّه على حال امه فاحفظه لوحدته، هل قبلت وصيّتي فيه؟ فقال: نعم قد قبلت، والله عليَّ بذلك شهيد، فقال عبد المطّلب: فمدَّ يدك إليَّ، فمد يده إليه، فضرب يده على يده ثمّ قال عبد المطلب: الان خفّف عليّ الموت، ثمّ لم يزل يقبّله، ويقول: أشهد أنّي لم أقبّل أحداً من ولدي أطيب ريحاً منك ولا أحس وجهاً منك، ويتمنى أن يكون قد بقي حتّى يدرك زمانه، فمات عبد المطلب وهو ابن ثمان سنين، فضمّه أبو طالب إلى نفسه لا يفارقه ساعة من ليل ولا نهار وكان ينام معه حتّى لا يأتمن عليه أحداً.

٢٩ - حدَّثنا أحمد بن محمّد بن الحسين البزَّاز قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الاصمُّ قال: حدَّثنا أحمد بن عبد الجبّار العطاردي قال: حدَّثنا يونس بن بكير، عن محمّد ابن إسحاق بن يسار المدني(١) قال: حدّثنا العبّاس بن عبد الله بن سعيد، عن بعض

__________________

(١) هو محمّد بن اسحاق بن يسار أبو بكر المطلبي مولاهم المدني نزيل العراق، امام المغازي (التقريب)

١٧٢

أهله قال: كان يوضع لعبد المطّلب جدُّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فراشٌ في ظلِّ الكعبة فكان لا يجلس عليه أحدٌ من بنيه إجلالاً له، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأتي حتّى يجلس عليه فيذهب أعمامه ليؤخّروه، فيقول جده عبد المطّلب: دعوا ابني، فيمسح على ظهره ويقول: إنَّ لابني هذا لشأناً.

فتوفّي عبد المطّلب والنبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ابن ثمان سنين بعد عام الفيل بثمان سنين.

٣٠ - حدّثنا عليُّ بن أحمدرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا أحمد بن يحيى قال: حدّثنا محمّد ابن إسماعيل قال: حدّثنا عبد الله بن محمّد قال: حدّثنا أبي، عن خالد بن الياس، عن أبي بكر ابن عبد الله بن أبي جهم قال: حدّثني أبي، عن جدِّي قال: سمعت أبا طالب يحدِّث عن عبد المطلّب قال: بينا أنا نائم في الحجر(١) إذ رأيت رؤيا هالتني فأتيت كاهنة قريش وعليَّ مطرف خزٍّ، وجمّتي(٢) تضرب منكبي فلمّا نظرت إليَّ عرفت في وجهي التغيّر فاستوت وأنا يومئذ سيّد قومي، فقالت: ما شأن سيّد العرب متغيّر اللّون هل رابه من حدثان الدَّهر ريب(٣) فقلت لها: بلي إنّي رأيت اللّيلة وأنا قائم في الحجر كأنَّ شجرة قد نبتت على ظهري قد نال رأسها السّماء وضربت أغصانها الشرق والغرب ورأيت نوراً يظهر منها أعظم من نور الشمس سبعين ضعفاً ورأيت العرب والعجم ساجدة لها وهي كلُّ يوم تزداد عظماً ونوراً، ورأيت رهطاً من قريش يريدون قطعها فإذا دنوا منها أخذهم شابٌّ من أحسن النّاس وجهاً وأنظفهم ثياباً فيأخذهم ويكسر ظهورهم، ويقلع أعينهم، فرفعت يدي لا تناول غصناً من أغصانها، فصاح بي الشابُّ وقال: مهلاً ليس لك منها نصيبٌ، فقلت: لمن النصيب والشجرة منّي؟ فقال النصيب لهؤلاء الّذين قد تعلّقوا بها وستعود(٤)

__________________

(١) يعني حجر اسماعيلعليه‌السلام .

(٢) المطرف - بضم الميم وكسرها وفتحها الثوب الّذي في طرفيه علمان. والجمة - بالضم والشد -: مجتمع شعر الرأس وما سقط على المنكبين منها وهي أكثر من الوفرة، ويقال للرجل الطويل الجمة: الجماني بالنون على غير قياس (الصحاح)

(٣) رابه أمر يريبه: رأى منه ما يكرهه ويزعجه، والريب نازلة الدهر.

(٤) في بعض النسخ « سيعود ».

١٧٣

إليها فانتبهت مذعوراً فزعاً متغيّر اللّون فرأيت لون الكاهنة قد تغيّر، ثمّ قالت: لئن صدقت رؤياك ليخرجنَّ من صلبك ولد يملك الشرق والغرب، ينبّأ في النّاس، فسرى عنّي غمّي(١) فانظر يا أبا طالب لعلك تكون أنت، فكان أبو طالب يحدِّث النّاس بهذا الحديث والنبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد خرج ويقول: كانت الشجرة والله أبا القاسم الأمين، فقيل له: فلم لم تؤمن به؟ فقال: للسبّة والعار(٢) .

قال أبو جعفر محمّد بن عليٍّ مصنّف هذا الكتابرضي‌الله‌عنه : إنَّ أبا طالب كان مؤمناً ولكنّه يظهر الشرك ويستتر الايمان ليكون أشدَّ تمكّناً من نصرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٣١ - حدّثنا محمّد بن الحسنرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن أيّوب بن نوح، عن العبّاس بن عامر، عن عليِّ بن أبي سارة، عن محمّد ابن مروان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنَّ أبا طالب أظهر الكفر وأسرَّ الايمان فلمّا حضرته الوفاة أوحى الله عزَّ وجلَّ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخرج منها فليس لك بها ناصرٌ. فهاجر إلى المدينة.

٣٢ - حدّثنا أحمد بن محمّد الصائغ قال: حدّثنا محمّد بن أيّوب، عن صالح بن أسباط عن إسماعيل بن محمّد، وعليّ بن عبد الله، عن الرَّبيع بن محمّد المسلي، عن سعد بن طريف عن الاصبغ بن نباته قال: سمعت أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول: والله ما عبد أبي

__________________

(١) سرى الغم: ذهب وزال.

(٢) السبة: العار، وقال العلامة المجلسي (ره): يحتمل أن يكون المراد بالذين تعلقوا بها الّذين يريدون قلعها، ويكون قوله: « وستعود » بالتاء أي ستعود تلك الجماعة بعد منازعتهم ومحاربتهم إلى هذه الشجرة ويؤمنون بها فيكون لهم النصيب منها، أو بالياء فيكون المستتر راجعاً إلى الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والبارز في « منها » إلى الجماعة أي سيعود النبيّ إليهم بعد اخراجهم له إلى الشجرة أي سيرجع هذا الشاب إلى الشجرة في اليقظة كما تعلق بها في النوم، واحتمل احتمالين آخرين راجع البحار باب تاريخ ولادتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما يتعلّق بها.

١٧٤

ولا جدِّي عبد المطلّب ولا هاشم ولا عبد مناف صنماً قطُّ، قيل له: فما كانوا يعبدون؟ قال: كانوا يصلّون إلى البيت على دين إبراهيمعليه‌السلام متمسّكين به.

٣٣ - حدّثنا عليُّ بن أحمدرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا أحمد بن يحيى قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل قال: حدّثنا عبد الله بن محمّد قال: حدّثنا أبي، عن سعيد بن مسلم، عن قمار مولى لبني مخزوم، عن سعيد بن أبي صالح، عن أبيه(١) ، عن ابن عبّاس قال: سمعت أبي العبّاس يحدّث قال: ولد لابي عبد المطلّب عبد الله فرأينا في وجهه نوراً يزهر كنور الشمس، فقال أبي: أنَّ لهذا الغلام شأناً عظيماً، قال: فرأيت في منامي أنَّه خرج من منخره طائر أبيض فطار فبلغ المشرق والمغرب ثمّ رجع راجعاً حتّى سقط على بيت الكعبة، فسجدت له قريش كلّها، فبينما النّاس يتأمّلونه إذا صار نوراً بين السّماء والارض وامتدَّ حتّى بلغ المشرق والمغرب، فلمّا انتبهت سألت كاهنة بني مخزوم فقالت لي: يا عباس لئن صدقت رؤياك ليخرجنَّ من صلبه ولد يصير أهل المشرق والمغرب تبعاً له، قال أبي: فهّمني أمر عبد الله إلى أن تزوَّج بآمنة وكانت من أجمل نساء قريش وأتّمها خَلقاً فلمّا مات عبد الله ولدت آمنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتيت فرأيت النور بين عينيه يزهر فحملته وتفرَّست في وجهه فوجدت منه ريح المسك، وصرت كأنّي قطعة مسك من شدَّة ريحي، فحدَّثتني آمنة وقالت لي: إنَّه لمّا أخذتي الطلق واشتدَّ بي الأمر سمعت جلبة(٢) وكلاماً لا يشبه كلام الادميّين، فرأيت علماً من سندس على قضيب من ياقوت قد ضرب بين السّماء والارض، ورأيت نوراً يسطع من رأسه حتّى بلغ السّماء، ورأيت قصور الشامات كلّها شعلة نور(٣) ، ورأيت حولي من القطاة أمراً عظيماً قد نشرت من أجنحتها حولي ورأيت تابع شعيرة الاسديّة قد مرَّت وهي تقول: آمنة ما لقيت الكهان والأصنام من ولدك، ورأيت رجلاً شابّاً من أتمّ النّاس طولاً وأشدهم بياضاً

__________________

(١) أبو صالح الّذي يروي عن ابن عباس اسمه ميزان بصري وثقه ابن معين لكن لم أظفر على سعيد في كتب الرجال وكذا راويه قمار أو قصارو السند كما تري عامى مجهول مقطوع.

(٢) الجلبة: اختلاط الاصوات.

(٣) في بعض النسخ « شعلة نار ».

١٧٥

وأحسنهم ثياباً ما ظننته إلّا عبد المطلّب قد دنامنّي فأخذ المولود فتفل في فيه ومعه طست من ذهب مضروب بالزُّمرّد ومشط من ذهب فشقَّ بطنه شقّاً ثمّ أخرج قلبه فشقه فأخرج منه نكتة سوداء فرمى به ثمّ أخرج صرَّة من حريرة خضراء ففتحها فإذا فيها كالذَّريرة البيضاء فحشاه، ثمّ ردَّه إلى ما كان، ومسح على بطنه واستنطقه فنطق فلم أفهم ما قال إلّا أنَّه قال: في أمان الله وحفظه وكلاءته، وقد حشوت قلبك إيماناً وعلماً وحلماً ويقيناً وعقلاً وحكماً فأنت خير البشر، طوبى لمن اتّبعك وويل لمن تخلّف عنك، ثمّ أخرج صرَّة اخرى من حريرة بيضاء ففتحها فإذا فيها خاتم فضرب به على كتفيه، ثمّ قال: أمرني ربّي أن أنفخ فيك من روح القدس، فنفخ فيه، وألبسه قميصاً وقال: هذا أمانك من آفات الدُّنيا، فهذا ما رأيت يا عبّاس بعينيّ، فقال العبّاس: وأنا يومئذ أقرء فكشفت عن ثوبه فإذا خاتم النبوَّة بين كتفيه، فلم أزل أكتم شأنه ونسيت الحديث فلم أذكره إلى يوم إسلامي حتّى ذكرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

١٣

( باب )

* (في خبر سيف بن ذى يزن) *

وكان سيف بن ذي يزن عارفاً بأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد بشربه عبد المطلّب لمّا وفد عليه.

٣٤ - حدّثنا محمّد بن عليٍّ ماجيلويهرضي‌الله‌عنه قال: حدّثني عمّي محمّد ابن أبي القاسم، عن محمّد بن عليٍّ الكوفيّ، عن عليّ بن حكيم، عن عمرو بن بكّار العبسي، عن محمّد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس؛ وحدّثنا محمّد بن عليٍّ ابن محمّد بن حاتم البوفكيِّ قال: حدّثنا أبو منصور محمّد بن أحمد بن أزهر بهراة(٢) قال:

__________________

(١) في بعض النسخ هنا حديث كعب الأخبار وهو موجود في الامالي ولا حاجة إلى ذكره بعد ما لم يكن في أكثر النسخ -

(٢) هو الازهري اللغوي الشافعي المترجم في الوافي بالوفيات ج ٢ ص ٤٥ تحت رقم

١٧٦

حدَّثنا محمّد بن إسحاق البصريُّ قال: أخبرنا عليُّ بن حرب قال: حدّثني أحمد بن عثمان ابن حكيم قال: حدّثنا عمرو بن بكر(١) ، عن أحمد بن القاسم، عن محمّد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس قال: لمّا ظفر سيف بن ذي يزن بالحبشة وذلك بعد مولد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بسنتين أتاه وفد العرب وأشرافها وشعراؤها بالتّهنئة وتمدحه وتذكر ما كان من بلائه وطلبه بثار قومه فأتاه وفدٌ من قريش ومعهم عبد المطلّب بن هاشم واُميّة بن عبد شمس وعبد الله بن جذعان وأسد بن خويلد بن عبد العزّى ووهب ابن عبد مناف في اُناس من وجوه قريش فقدموا عليه صنعاء فاستأذنوا فإذا هو في رأس قصر يقال له: غمدان، وهو الّذي يقول فيه اميّة بن أبي الصّلت:

اشرب هنيئاً عليك التاج مرتفعاً

في رأس غُمدان داراً منك محلالا

فدخل عليه الآذن فأخبره بمكانهم، فأذن لهم فلمّا دخلوا عليه دنا عبد المطلّب منه فاستأذنه في الكلام فقال له: إن كنت ممّن يتكلّم بين يدي الملوك فقد أذنّا لك، قال: فقال عبد المطلّب: إنَّ الله قد أحلّك أيّها الملك محلاً رفيعاً صعباً منيعاً شامخاً باذخاً وأنبتك منبتاً طابت أرومته، وعذبت جرثومته(٢) وثبت أصله وبسق فرعه(٣) في أكرم موطن وأطيب [ موضع وأحسن ] معدن، وأنت أبيت اللّعن(٤) ملك العرب وربيعها الّذي تُخصب به. وأنت أيّها الملك رأس العرب الّذي له تنقاد، وعمودها الّذي عليه العماد ومعقلها الّذي يلجأ إليه العباد، سلفك خير سلف، وأنت لنا منهم خير خلف، فلن

__________________

٣١٩، وأما راويه فلم أجده فيما عندي من كتب التراجم. وبوفك قرية من قرى نيسابور. وفي بعض النسخ « محمّد بن عليّ بن حاتم البرمكي » وفي بعضها « النوفلي » ثمّ اعلم أنَّ أكبر رجال السندين مجاهيل أو ضعفاء.

(١) متروك كما في تقريب التهذيب. وفي بعض النسخ « بكير » وهو تصحيف.

(٢) الباذخ: الشامخ. والارومة: الاصل. والجرثومة بمعناها.

(٣) الباسق: المرتفع، وبسق النخل: طال.

(٤) قال الجوهرى: قولهم في تحية الملوك في الجاهلية: « أبيت اللعن » قال ابن السكيت: أي أبيت أن تأتي من الامور ما تلعن عليه.

١٧٧

يخمل من أنت سلفه، ولن يهلك من أنت خلفه، نحن أيّها الملك أهل حرم الله وسدنة بيته أشخصنا إليك الّذي أبهجنا من كشف الكرب الّذي فدحنا(١) فنحن وفد التهنئة لا وفد المرزئة(٢) .

قال: وأيّهم أنت أيّها المتكلّم؟ قال: أنا عبد المطلّب بن هاشم، قال: ابن اختنا؟ قال: نعم، قال: ادن، فدنا منه، ثمّ أقبل على القوم وعليه فقال: مرحباً وأهلاً، وناقة ورحلاً، ومستناخاً سهلاً، وملكاً وربحلاً(٣) ، قد سمع الملك مقالتكم وعرف قرابتكم وقبل: وسيلتكم، فأنتم أهل اللّيل وأهل النّهار، ولكم الكرامة ما أقمتم، والحباء إذا ظعنتم(٤) قال: ثمّ انهضوا إلى دار الضيافة والوفود فأقاموا شهراً لا يصلون إليه ولا يأذن لهم بالانصراف، ثمّ انتبه لهم انتباهة(٥) فأرسل إلى عبدا المطلّب فأدنى مجلسه وأخلاه، ثمّ قال له: يا عبد المطلّب إنّي مفوض إليك(٦) من سرِّ علمي أمراً ما لو كان غيرك لم أبح له به ولكنّي رأيتك معدنه فاطلعك طلعة(٧) فليكن عندك مطويّاً حتّى يأذن الله فيه فإنَّ الله بالغ أمره، إنّي أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون الّذي اخترناه لانفسنا واحتجنّا دون غيرنا خبراً عظيماً وخطراً جسيماً، فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة، للنّاس عامّة، ولرهطك كافة

__________________

(١) البهج: السرور. و « فدحنا » أي أثقلنا وبهظنا.

(٢) المرزئة: المصيبة العظيمة.

(٣) في أكثر النسخ وكنز الفوائد للكراجكي بدون الواو. لكن في البحار « وربحلا » وقال في بيانه في النهاية: الربحل - بكسر الراء وفتح الباء الموحدة -: الكثير العطاء. وفي بعض النسخ « ونجلا » والنجل: النسل.

(٤) قوله: و « أنتم أهل الليل والنهار » أي نصحبكم ونأنس بكم فيهما. والحباء العطاء. والظعن: الارتحال.

(٥) أي ذكرهم مفاجأة.

(٦) في بعض النسخ « إنّي مفض اليك » وهو الاصوب.

(٧) في بعض النسخ « فأطلعك عليه ».

١٧٨

ولك خاصّة، فقال عبد المطلّب: مثلك أيّها الملك من سرَّ وبرَّ، فما هو فداك أهل الوبر زمراً بعد زمر، فقال: إذا ولد بتهامة غلامٌ بين كتفيه شامة، كانت له الامامة ولكم به الدِّعامة(١) إلى يوم القيامة. فقال له عبد المطلّب: أبيت اللّعن لقد ابت بخبر ما آب بمثله وافد، ولو لا هيبة الملك وإجلاله وإعظامه لسألته عن مسارِّه إيّاي ما ازداد(٢) به سروراً، فقال ابن ذي يزن: هذا حينه الّذي يولد فيه أو قد ولد فيه، اسمه محمّد، يموت أبوه واُمّه ويكلفه جدّه وعمّه، وقد ولد سراراً، والله باعثه جهاراً، وجاعل له منّا أنصاراً، ليعزَّبهم أولياؤه، ويذلَّ بهم أعداءه، يضرب بهم النّاس عن عرض(٣) ، ويستفتح بهم كرائم الأرض، يكسر الاوثان، ويخمد النيران، ويعبد الرَّحمن، ويدحر الشّيطان، قوله فصل، وحكمه عدل، يأمر بالمعروف ويفعله، وينهى عن المنكر ويبطله.

فقال عبد المطلّب: أيّها الملك عزَّ جدُّك وعلا كعبك(٤) ، ودام ملكك، وطال عمرك فهل الملك ساريِّ بافصاح فقد أوضح لي بعض الايضاح، فقال ابن ذي يزن: والبيت ذي الحجب والعلامات على النصب(٥) إنّك يا عبد المطلّب لجده غير كذب

__________________

(١) في بعض النسخ « الزعامة » أي الرئاسة. والدعامة: عماد البيت.

(٢) في البحار وبعض نسخ الكتاب « لسألته من أسراره ما أراد - الخ ».

(٣) العرض - بضم العين المهملة والضاد المعجمة بينهما راء مهملة - قال في القاموس: « يضربون النّاس عن عرض » أي يبالون من ضربوا.

(٤) قال الجزري في حديث قيلة « والله لا يزال كعبك عالياً » هو دعاء لها بالشرف والعلو، والاصل فيه كعب القناة، وكل شيء علا وارتفع فهو كعب. ومنه سميت الكعبة للبيت الحرام، وقيل: سميت لتكعيبها أي تربيعها. والمعنى: لا تزال كنت شريفاً مرتفعاً على من يعاديك. والجد: البخت والنصيب.

(٥) في بعض النسخ « على البيت » والنصب فسر بحجارة كانوا يذبحون عليها للاصنام ويمكن أن يكون المراد أنصاب الحرم.

١٧٩

قال: فخزَّ عبد المطلّب ساجداً فقال له: ارفع رأسك ثلج صدرك(١) وعلا أمرك، فهل أحسست شيئاً ممّا ذكرته؟ فقال: كان لي ابن وكنت به معجباً وعليه رفيقاً فزوجته بكريمة من كرائم قومي اسمها آمنة بنت وهب فجاءت بغلام سمّيته محمداً، مات أبوه وامّه وكفلته أنا وعمّه، فقال ابن ذي يزن: أنَّ الّذي قلت لك كما قلت لك، فاحتفظ بابنك واحذر عليه اليهود فإنهم له أعداء ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا، واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرَّهط الّذين معك، فإنّي لست آمن أن تدخلهم النفاسة من أن تكون له الرئاسة، فيطلبون له الغوائل(٢) وينصبون له الحبائل، وهم فاعلون أو أبناؤهم، ولو لا علمي بأنَّ الموت مجتاحي(٣) قبل مبعثه لسرت بخيلي ورجلي حتّى صرت بيثرب دار ملكه نصرة له، لكنّي أجد في الكتاب النّاطق والعلم السّابق أنَّ يثرب دار ملكه، وبها استحكام أمره وأهل نصرته وموضع قبره، ولو لا إنّي أخاف فيه الآفات وأحذر عليه العاهات لأعلنت على حداثة سنه أمره في هذا الوقت ولا وطئنَّ أسنان العرب عقبه(٤) ولكني صارف إليك عن غير تقصير منّي بمن معك.

قال: ثمَّ أمر لكلٍّ رجل من القوم بعشرة أعبد وعشر إماء وحلّتين من البرود، ومائة من الابل، وخمسة أرطال ذهب وعشرة أرطال فضة وكرش مملوءة عنبراً. قال: وأمر لعبد المطلّب بعشرة أضعاف ذلك، وقال: إذا حال الحول فائتني، فمات ابن ذي يزن قبل أن يحول الحول، قال: فكان عبد المطلّب كثيراً ما يقول: يا معشر قريش لا يغبطني

__________________

(١) في النهاية « ثلجت نفسي بالأمر » إذا اطمأنت إليه وسكنت وثبتت فيها ووثقت به. ومنه حديث ابن ذي يزن « وثلج صدرك ».

(٢) المراد بالنفاسة: الحسد، وفي الأصل بمعنى البخل والاستبداد بالشيء والرغبة فيه. والغوائل جمع الغائلة وهي الشر، والحبائل: المصائد.

(٣) الاجتياح: الاهلاك والاستيصال.

(٤) كذا وفى النهاية: في حديث ابن ذي يزن « لاوطئن أسنان العرب كعبه » يريد ذوي أسنانهم وهم الاكابر والاشراف. وقال العلامة المجلسي بعد ذكره: أي لرفعته على أشرافهم وجعلتهم موضع قدمه.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

محمّد بن المسلي، عن رجل، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: ما عبد الله بشيء مثل الصمت والمشي إلى بيته(١) .

[ ٦٣ ٢٨ ] ٣ - وفي( عقاب الأعمال) باسناد تقدّم في عيادة المريض عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: من مشى إلى مسجد من مساجد الله فله بكلّ خطوة خطاها حتى يرجع إلى منزله عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيّئات، ورفع له عشر درجات.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك هنا، وفي المواقيت وفي الوضوء(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه هنا وفي أحاديث المشي في الحجّ(٣)

٥ - باب استحباب الصلاة في المسجد الذي لا يصلّى فيه وكراهة تعطيله

[ ٦٣ ٢٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: ثلاثة يشكون إلى الله عزّ وجلّ: مسجد خراب لا يصلي فيه أهله، وعالم بين جهّال، ومصحف معلّق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه.

محمّد بن علي بن الحسين في( الخصال ): عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن سعد، عن أحمد بن أبي عبد الله، وعن محمّد بن يحيى، عن

____________________

(١) في نسخةٍ: بيت الله( هامش المخطوط ).

٣ - عقاب الأعمال: ٣٤٣.

(٢) تقدم في الباب ٣ من هذه الأبواب وفي الباب ٢ من المواقيت وفي الباب ١٠ من أبواب الوضوء.

(٣) يأتي في الباب ٧ من هذه الأبواب وفي الباب ٣٢ من وجوب الحج.

الباب ٥

فيه حديثان

١ - الكافي ٢: ٤٤٩ / ٣.

٢٠١

أحمد بن موسى بن عمر، عن ابن فضّال، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، مثله(١) .

[ ٦٣ ٣٠ ] ٢ - وعن محمّد بن عمر الجعابي، عن عبد الله بن بشر، عن الحسن بن الزبرقان، عن أبي بكر بن عياش، عن الأجلح، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: يجيء يوم القيامة ثلاثة يشكون: المصحف، والمسجد، والعترة، يقول المصحف: يا ربّ، حرّفوني وَمزّقوني، ويقول المسجد: يا رب، عطّلوني وضيّعوني، وتقول العترة: يا ربّ، قتلونا وطردونا وشردونا، فأجثو للركبتين في الخصومة فيقول الله عزّ وجلّ لي: أنا أولى بذلك منك.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك عموماً(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٦ - باب حريم المسجد والجوار

[ ٦٣ ٣١ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في( الخصال ): عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمّد بن علي بن محبوب، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن علي بن عقبة، عن أبيه عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) عن أبيه، عن آبائه( عليهم‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : حريم المسجد أربعون ذراعاً، والجوار أربعون داراً من أربعة جوانبها.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٤) .

____________________

(١) الخصال: ١٤٢ / ١٦٣.

٢ - الخصال: ١٧٤ / ٢٣٢.

(٢) تقدم في الباب ٢ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الباب ٨ من هذه الأبواب.

الباب ٦

فيه حديث واحد

١ - الخصال: ٥٤٤ / ٢٠.

(٤) يأتي في الباب ٨٦ و ٩٠ من أبواب أحكام العشرة.

٢٠٢

٧ - باب استحباب السعي إلى المساجد والإِسراع إليها، ودخولها على سكينة ووقار

[ ٦٣ ٣٢ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في( العلل ): عن جعفر بن محمّد بن مسرور، عن الحسين بن محمّد بن عامر، عن عبد الله بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إذا قمت إلى الصلاة، إن شاء الله، فأتها سعياً، ولتكن عليك السكينة والوقار، فما أدركت فصلّ، وما سبقت به فأتمّه، فإنّ الله عزّ وجلّ يقول:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللهِ ) (١) ومعنى قوله: فاسعوا هو الانكفات(٢) .

٨ - باب استحباب بناء المساجد ولو كانت صغيرة، وأقلّه نصب أحجار، وتسوية الأرض للصلاة، ولو في الصحراء، واستحباب عمارتها

[ ٦٣ ٣٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبيدة الحذّاء قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: من بنى مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنّة.

قال أبو عبيدة: فمرّ بي أبو عبد الله( عليه‌السلام ) في طريق مكّة وقد سوّيت بأحجار مسجداً، فقلت له: جعلت فداك، نرجو أن يكون هذا من ذاك ؟ قال: نعم.

____________________

الباب ٧

فيه حديث واحد

١ - علل الشرائع: ٣٥٧ / ١ - باب ٧٣ -.

(١) الجمعة ٦٢ / ٩.

(٢) انكفت: انصرف الى المكان المراد. « انظر لسان العرب ٢: ٧٨ ».

الباب ٨

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٣٦٨ / ١.

٢٠٣

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم ) .

ورواه البرقي في( المحاسن) عن أبي عبيدة نحوه (٢) .

[ ٦٣ ٣٤ ] ٢ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن أبي عبيدة الحذّاء، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) أنّه قال: من بنى مسجداً كمفحص قطاة(٣) بنى الله له بيتاً في الجنّة، قال أبو عبيدة: ومرّ بي وأنا بين مكّة والمدينة أضع الأحجار، فقلت: هذه من ذاك، قال: نعم.

[ ٦٣ ٣٥ ] ٣ - وفي( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن الحسن بن علي الكوفي، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه( عليهم‌السلام ) قال: إنّ الله إذا أراد أن يصيب أهل الأرض بعذاب قال: لولا الذين يتحابّون فيّ، ويعمرون مساجدي، ويستغفرون بالأسحار، لولاهم لأنزلت عذابي.

[ ٦٣ ٣٦ ] ٤ - وفي( عقاب الأعمال) بإسناد تقدّم في عيادة المريض (٤) ، قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : من بنى مسجداً في الدنيا أعطاه الله ) بكلّ شبر منه، أو قال: بكلّ ذراع منه، مسيرة أربعين ألف عام مدينة من ذهب، وفضّة، ودرّ، وياقوت، وزمرّد، وزبرجد، ولؤلؤ، الحديث، وفيه ثواب جزيل.

____________________

(١) التهذيب ٣: ٢٦٤ / ٧٤٨.

(٢) المحاسن: ٥٥ / ٨٥.

٢ - الفقيه ١: ١٥٢ / ٧٠٤ و ٧٠٥.

(٣) مفحص قطاة: بفتح الميم والحاء: الموضع الذي تفحص فيه التراب أي تكشفه « مجمع البحرين ٤: ١٧٧ ».

٣ - ثواب الأعمال: ٢١١ / ١، وأورده في الحديث ١٥ من الباب ١٧ من أبواب الأمر بالمعروف.

٤ - عقاب الأعمال: ٣٣٩.

(٤) تقدم الاسناد في الحديث ٩ من الباب ١٠ من أبواب الاحتضار.

(٥) في نسخة: بنى الله له بيتاً في الجنة( هامش المخطوط ).

٢٠٤

[ ٦٣ ٣٧ ] ٥ - وفي( العلل) عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه، عن علي( عليهم‌السلام ) قال: إنّ الله إذا أراد أن يصيب أهل الأرض بعذاب قال: لولا الذين يتحابّون بجلالي، ويعمرون مساجدي، ويستغفرون بالأسحار، لأنزلت عذابي.

[ ٦٣ ٣٨ ] ٦ - أحمد بن محمّد البرقي في( المحاسن) عن أبيه، عن أحمد بن داود المزني، عن هاشم الحلال (١) قال: دخلت أنا وأبو الصباح على أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، فقال له أبو الصباح: ما تقول في هذه المساجد التي بنتها الحاج في طريق مكّة ؟ فقال: بخّ بخّ، تيك أفضل المساجد، من بنى مسجداً كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنّة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٩ - باب جواز هدم المسجد بقصد إصلاحه والزيادة فيه، واستحباب كونه مكشوفاً، وكراهة تعليته، وتظليله بالسقف لا بالعريش، وكيفيّة بنائه

[ ٦٣ ٣٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد ومحمّد بن الحسن جميعاً،

____________________

٥ - علل الشرائع: ٥٢١ / ١، وأورده في الحديث ١ من الباب ٩٤ من أبواب جهاد النفس.

٦ - المحاسن: ٥٥ / ٨٥، وعنه في البحار ٨٤: ١١ / ٨٦.

(١) في المصدر: الخلاّل.

(٢) تقدم في الحديث ٢ من الباب ٥٤ من أبواب لباس المصلي.

(٣) يأتي في الحديث ١ من الباب ٩، وفي الحديث ٥ من الباب ١٥، وفي الحديث ١ من الباب ٦٩ من هذه الأبواب.

الباب ٩

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٢٥٩ / ١، تقدمت قطعة منه في الحديث ٧ من الباب ٨ من أبواب المواقيت.

٢٠٥

عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة جميعاً، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: سمعته يقول: إنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) بنى مسجده بالسميط، ثم إن المسلمين كثروا، فقالوا: يا رسول الله، لو أمرت بالمسجد فزيد(١) فيه، فقال: نعم، فزيد(٢) فيه، وبناه بالسعيدة، ثمّ ‎ إنَّ المسلمين كثروا، فقالوا: يا رسول الله، لو أمرت بالمسجد فزيد فيه، فقال، نعم، فأمر به، فزيد فيه، وبُني جداره بالأُنثى والذكر، ثم اشتدّ عليهم الحرّ، فقالوا: يا رسول الله، لو أمرت بالمسجد فظلّل، فقال: نعم، فأمر به، فأقيمت فيه سواري من جذوع النخل، ثم طرحت عليه العوارض والخصف والأذخر، فعاشوا فيه حتى أصابتهم الأمطار، فجعل المسجد يكف عليهم، فقالوا: يا رسول الله، لو أمرت بالمسجد فطيّن، فقال لهم رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : لا، عريش كعريش موسى( عليه‌السلام ) ، فلم يزل كذلك حتى قبض( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : وكان جداره قبل أن يظلّل قامة، وكان إذا كان الفيء ذراعاً وهو قدر مربض عنز صلّى الظهر، فإذا كان ضعف ذلك صلّى العصر.

وقال: والسميط: لبنة لبنة، والسعيدة: لبنة ونصف، والذكر والأنثى: لبنتان مخالفتان.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم(٣) .

ورواه الصدوق في( معاني الأخبار) عن أبيه، عن سعد، عن إبراهيم بن هاشم وأيّوب بن نوح، عن عبد الله بن المغيرة، مثله (٤) ، إلّا أنّه

____________________

(١) في نسخةٍ: فنزيد( هامش المخطوط ).

(٢ ‎ ) في المصدر: فأمر به فزيد فيه.

(٣) التهذيب ٣: ٢٦١ / ٧٣٨.

(٤) معاني الأخبار: ١٥٩ / ١.

٢٠٦

ترك قوله: وبناه بالسعيدة - إلى - فزيد فيه، وقال: فإذا كان الفيء ذراعين وهو ضعف ذلك صلّى العصر.

[ ٦٣ ٤٠ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبي قال: سئل أبو عبد الله( عليه‌السلام ) عن المساجد المظلّلة، أتكره الصلاة فيها ؟ فقال: نعم ولكن لا يضرّكم اليوم، ولو قد كان العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك، الحديث.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، مثله(١) ، إلّا أنّه قال: أيكره القيام فيها ؟ قال: نعم، ولكن لا تضرّكم الصلاة فيها اليوم.

[ ٦٣ ٤١ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن عبيد الله بن علي الحلبي أنّه سأل أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن المساجد المظلّلة، يكره القيام فيها ‎ ؟ قال: نعم، ولكن لا يضرّكم الصلاة فيها.

[ ٦٣ ٤٢ ] ٤ - قال: وقال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : أوّل ما يبدأ به قائمنا سقوف المساجد، فيكسرها ويأمر بها فتجعل عريشاً كعريش موسى.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي أيضاً في الصلاة المندوبة، وفي صلاة العيد، وغير ذلك، ما يدلّ على أنّه ينبغي أن لا يكون بين المصلّي وبين السماء حائل، ولا حجاب، وأنّه من أسباب قبول الصلاة وإجابة الدعاء(٣) .

____________________

٢ - الكافي ٣: ٣٦٨ / ٤، أورد ذيله في الحديث ١ من الباب ١٣ من هذه الأبواب.

(١) التهذيب ٣: ٢٥٣ / ٦٩٥.

٣ - الفقيه ١: ١٥٢ / ٧٠٦.

٤ - الفقيه ١: ١٥٣ / ٧٠٧.

(٢) يأتي في الباب ١٠ و ١٥ و ٣١ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الباب ١٧ من أبواب صلاة العيد والباب ٤ من أبواب صلاة الاستسقاء.

٢٠٧

١٠ - باب جواز التصرّف في المسجد المملوك غير الموقوف، وتحويله من مكانه، بل جعله كنيفاً

[ ٦٣ ٤٣ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن عبيد الله بن علي الحلبي، أنّه سأل أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن مسجد يكون في الدار، فيبدو لأهله أن يتوسّعوا بطائفة منه، أو يحوّلوه عن مكانه ؟ فقال: لا بأس بذلك، الحديث.

[ ٦٣ ٤٤ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن أبي الجارود قال: سألت أبا جعفر( عليه‌السلام ) عن المسجد يكون في البيت فيريد(١) أهل البيت أن يتوسّعوا بطائفة منه، أو يحوّلوه إلى غير مكانه ؟ قال: لا بأس بذلك، الحديث.

محمّد بن الحسن بإسناده عن سهل بن زياد، مثله(٢) .

[ ٦٣ ٤٥ ] ٣ - وبإسناده عن سعد، عن أبي جعفر يعني أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن المسجد يكون في الدار، وفي البيت، فيبدو لأهله أن يتوسّعوا بطائفة منه، أو يحوّلوه إلى غير مكانه ؟ فقال: لا بأس( بهذا كلّه) (٣) ، الحديث.

____________________

الباب ١٠

فيه ٦ أحاديث

١ - الفقيه ١: ١٥٣ / ٧١٣، وأورد ذيله في الحديث ١ من الباب الآتي.

٢ - الكافي ٣: ٣٦٨ / ٢، يأتي ذيله في الحديث ٣ من الباب الآتي.

(١) في نسخة: ويريد.( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ٣: ٢٥٩ / ٧٢٧.

٣ - التهذيب ٣: ٢٦٠ / ٧٣٠، يأتي ذيله في الحديث ٤ من الباب الآتي.

(٣) في التهذيب: بذلك بدل بهذا كلّه.( هامش المخطوط ).

٢٠٨

[ ٦٣ ٤٦ ] ٤ - محمّد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من كتاب أحمد بن محمّد أبي نصر، صاحب الرضا( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل كان له مسجد في بعض بيوته أو داره، هل يصلح له أن يجعله كنيفاً ؟ قال: لا بأس.

[ ٦٣ ٤٧ ] ٥ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد ): عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) وسئل عن الدار والبيت قد يكون فيه مسجد فيبدو لأصحابه أن يتّسعوا بطائفة منه، ويبنوا مكانه، ويهدموا البنية(١) ؟ قال: لا بأس بذلك.

[ ٦٣ ٤٨ ] ٦ - وعن عبد الله بن الحسن، عن جدّه علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن رجل كان له مسجد في بعض بيوته أو داره، هل يصلح أن يجعل كنيفاً ؟ قال: لا بأس.

١١ - باب جواز اتّخاذ الكنيف مسجداً بعد تنظيفه، ولو بطرح تراب على نجاسته

[ ٦٣ ٤٩ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن عبيد الله بن علي الحلبي - في حديث - أنّه قال لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : فيصلح المكان الذي كان حشّاً(٢) زماناً أن ينظّف، ويتّخذ مسجداً ؟ فقال: نعم، إذا أُلقي عليه من التراب ما يواريه فإنّ ذلك ينظّفه ويطهّره.

____________________

٤ - مستطرفات السرائر: ٥٦ / ١١.

٥ - قرب الإِسناد: ٣١.

(١) هكذا في المصدر: وقد وردت في المخطوط: البتة وقد استظهر المصنف في هامشه: البنية.

٦ - قرب الاسناد: ١٢٠.

الباب ١١

فيه ٨ أحاديث

١ - الفقيه ١: ١٥٣ / ٧١٣، تقدم صدره في الحديث ١ من الباب السابق.

(٢) الحُشّ: الكنيف أو المرحاض( لسان العرب ٦: ٢٨٨ ).

٢٠٩

[ ٦٣ ٥٠ ] ٢ - قال: وسئل أبو الحسن الأوّل( عليه‌السلام ) عن بيت قد كان حشّاً زماناً، هل يصلح أن يجعل مسجداً ؟ فقال: إذا نظّف وأصلح فلا بأس.

[ ٦٣ ٥١ ] ٣ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن أبي الجارود - في حديث - قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن المكان يكون خبيثاً(١) ثم ينظّف ويجعل مسجداً ؟ قال يطرح عليه من التراب حتى يواريه، فهو أطهر.

محمّد بن الحسن بإسناده عن سهل بن زياد، مثله(٢) .

[ ٦٣ ٥٢ ] ٤ - وبإسناده عن سعد، عن أبي جعفر، عن أبيه،( عن عبد الله بن المغيرة) (٣) ، عن عبد الله بن سنان - في حديث - قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن المكان يكون حشّاً زماناً فينظّف، ويتّخذ مسجداً ؟ فقال: ألق عليه من تراب حتى يتوارى، فإنّ ذلك يطهّره إن شاء الله.

[ ٦٣ ٥٣ ] ٥ - وعنه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) ، أنّه سئل: أيصلح مكان حشّ أن يتّخذ مسجداً ؟ فقال: إذا أُلقي عليه من التراب ما يواري ذلك، ويقطع ريحة، فلا بأس، وذلك لأنّ التراب يطهّره(٤) ، وبه مضت السنّة.

____________________

٢ - الفقيه ١: ١٥٣ / ٧١٢.

٣ - الكافي ٣: ٣٦٨ / ٢، تقدم صدره في الحديث ٢ من الباب السابق.

(١) في التهذيب والاستبصار: حشّا.( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ٣: ٢٥٩ / ٧٢٧، والاستبصار ١: ٤٤١ / ١٧٠١.

٤ - التهذيب ٣: ٢٦٠ / ٧٣٠، والاستبصار ١: ٤٤٢ / ١٧٠٣، وأورد صدره في الحديث ٣ من الباب السابق.

(٣) ليس في الاستبصار.

٥ - التهذيب ٣: ٢٦٠ / ٧٢٩، والاستبصار ١: ٤٤١ / ١٧٠٢.

(٤) في التهذيب: طهور.

٢١٠

ورواه الحميري في( قرب الإِسناد) عن هارون بن مسلم، مثله (١) .

[ ٦٣ ٥٤ ] ٦ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن محمّد بن مضارب(٢) ، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: لا بأس بأن يجعل على العذرة مسجداً.

[ ٦٣ ٥٥ ] ٧ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد ): عن عبد الله بن الحسن، عن جدّه علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن بيت كان حشّاً زماناً، هل يصلح أن يجعل مسجداً ؟ قال: إذا نظّف وأصلح فلا بأس.

[ ٦٣ ٥٦ ] ٨ - وقد تقدّم حديث عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: الأرض كلّها مسجد إلّا بئر غائط أو مقبرة.

أقول: حمله الشيخ على ما لو لم يطم بالتراب، وتنقطع رائحته.

١٢ - باب جواز اتّخاذ البِيَع والكنائس مساجد، واستعمال نقضها في المساجد، وجعل بعضها مسجداً

[ ٦٣ ٥٧ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن

____________________

(١) قرب الاسناد: ٣١.

٦ - التهذيب ٣: ٢٦٠ / ٧٣١، والاستبصار ١: ٤٤١ / ١٧٠٠.

(٢) في هامش المخطوط عن نسخة: مصادف.

٧ - قرب الإِسناد: ١٢٠.

٨ - تقدم في الحديث ٤ من الباب ١ من أبواب مكان المصلّي.

الباب ١٢

فيه حديثان

١ - التهذيب ٢: ٢٢٢ / ٨٧٤، وأورده في الحديث ١ من الباب ١٣ من أبواب مكان المصلي.

٢١١

البِيَع والكنائس، يصلّى فيها ؟ فقال: نعم.

وسألته: هل يصلح بعضها(١) مسجداً ؟ فقال: نعم.

[ ٦٣ ٥٨ ] ٢ - محمّد بن يعقوب عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان، عن العيص قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن البيع والكنائس، هل يصلح نقضهما لبناء المساجد ؟ فقال: نعم.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك عموماً(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

١٣ - باب جواز تعليق السلاح في المسجد، وكراهة تعليقه في المسجد الأعظم، وفي القبلة

[ ٦٣ ٥٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبي - في حديث - قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) : أيعلّق الرجل السلاح في المسجد ؟ قال: نعم، وأمّا في المسجد الأكبر فلا، فإنّ جدّي( عليه‌السلام ) نهى رجلاً يبري مشقصاً(٥) في المسجد.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد،

____________________

(١) في المصدر: نقضها.

٢ - الكافي ٣: ٣٦٨ / ٣.

(٢) التهذيب ٣: ٢٦٠ / ٧٣٢.

(٣) تقدم في الباب ١ و ١٣ من أبواب مكان المصلي، وتقدم ما يدل على جواز الصلاة في بيوت المجوس في الباب ١٤ من أبواب مكان المصلي.

(٤) لم نعثر فيما يأتي ما يدل على المقصود.

الباب ١٣

فيه حديثان

١ - الكافي ٣: ٣٦٨ / ٤، وتقدّم صدره في الحديث ٢ من الباب ٩ من هذه الأبواب.

(٥) المشقص، كمنبر: نصل السهم إذا كان طويلاً غير عريض( مجمع البحرين ٤: ١٧٣ ).

٢١٢

عن أبيه، عن ابن أبي عمير، مثله(١) .

[ ٦٣ ٦٠ ] ٢ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد ): عن عبد الله بن الحسن، عن جدّه علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر (عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن السيف، هل يصلح أن يعلّق في المسجد ؟ فقال: أمّا في القبلة فلا، وأمّا في جانب فلا بأس.

ورواه علي بن جعفر في كتابه(٢) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود(٣) .

١٤ - باب كراهة إنشاد الشعر في المسجد، والتحدّث بأحاديث الدنيا فيه، دون قراءة القرآن

[ ٦٣ ٦١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن جعفر بن إبراهيم، عن علي بن الحسين( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : من سمعتموه ينشد شعراً(٤) في المساجد فقولوا: فضّ الله فاك، إنّما نصبت المساجد للقرآن.

محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد، مثله(٥) .

[ ٦٣ ٦٢ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن محمّد بن أحمد

____________________

(١) التهذيب ٣: ٢٥٣ / ٦٩٥.

٢ - قرب الإِسناد: ١٢٠، وأورده أيضاً في الحديث ٦ من الباب ١٧ من هذه الأبواب.

(٢) مسائل علي بن جعفر: ١٥٤ / ٢١٠.

(٣) تقدم في الباب ٥٧ من لباس المصلي وفي الحديث ٢ و ٦ من الباب ٣٠، وفي الباب ٤١ من أبواب مكان المصلي.

الباب ١٤

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٣٦٩ / ٥.

(٤) في هامش الاصل عن التهذيب: الشعر.

(٥) التهذيب ٣: ٢٥٩ / ٧٢٥.

٢ - التهذيب ٣: ٢٤٩ / ٦٨٣، وأورد ذيله في الحديث ١ من الباب ٢٨ من هذه الأبواب.

٢١٣

الهاشمي، عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن الشعر، أيصلح أن ينشد في المسجد ؟ فقال: لا بأس.

ورواه علي بن جعفر في كتابه(١) .

ورواه الحميري في( قرب الإِسناد ): عن عبد الله بن الحسن، عن جدّه علي بن جعفر، مثله(٢) .

[ ٦٣ ٦٣ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في حديث المناهي - قال: نهى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أن ينشد الشعر في المسجد.

وفي( الأمالي) بالإِسناد، مثله (٣) .

[ ٦٣ ٦٤ ] ٤ - ورّام بن أبي فراس في كتابه قال: قال( عليه‌السلام ) : يأتي في آخر الزمان قوم(٤) يأتون المساجد، فيقعدون(٥) حلقاً، ذكرهم الدنيا وحبّ الدنيا، لا تجالسوهم، فليس لله فيهم حاجة.

أقول: ويأتي في الحجّ ما يدلّ على جواز إنشاد الشعر في الطواف(٦) .

____________________

(١) مسائل علي بن جعفر: ١٥٦ / ٢٢٢.

(٢) قرب الإِسناد: ١٢٠.

٣ - الفقيه ٤: ٤ / ١.

(٣) أمالي الصدوق: ٣٤٦.‏

٤ - تنبيه الخواطر ١: ٦٩.

(٤) في المصدر: ناس.

(٥) في المصدر: فيها.

(٦) يأتي ما يدل عليه في الباب ٥٤ من أبواب الطواف وتقدم ما يدل على ذلك في الحديث ٤ و ٨ من الباب ٢ من أبواب المواقيت.

٢١٤

١٥ - باب كراهة نقش المساجد بالصور، وتشريفها، بل تبنى جمّاً، وجواز كتابة القرآن في قبلتها، وكذا ذكر الله

[ ٦٣ ٦٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن الحسن بن علي العلوي، عن سهل بن جمهور، عن عبد العظيم بن عبد الله العلوي، عن الحسن بن الحسين العرني، عن عمرو بن جميع قال: سألت أبا عبد الله(١) ( عليه‌السلام ) عن الصلاة في المساجد المصوّرة ؟ فقال: أكره ذلك، ولكن لا يضرّكم ذلك اليوم، ولو قد قام العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٢) .

[ ٦٣ ٦٦ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن جعفر، عن أبيه، أنّ عليّاً( عليه‌السلام ) رأى مسجداً بالكوفة وقد شرّف، فقال: كأنّه بيعة، وقال: إنّ المساجد تبنى جمّاً لا تشرّف.

ورواه الصدوق مرسلاً(١) .

ورواه في( العلل) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، مثله (٢) .

[ ٦٣ ٦٧ ] ٣ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد ): عن عبد الله بن الحسن،

____________________

الباب ١٥

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٣٦٩ / ٦.

(١) في المصدر: أبا جعفر (عليه‌السلام )

(٢) التهذيب ٣: ٢٥٩ / ٧٢٦.

٢ - التهذيب ٣: ٢٥٣ / ٦٩٧.

(٣) الفقيه ١: ١٥٣ / ٧٠٩.

(٤) علل الشرائع: ٣٢٠ / ١.

٣ - قرب الإِسناد: ١٢١.

٢١٥

عن علي بن جعفر، عن أخيه، قال: سألته عن المسجد، يكتب(١) في القبلة القرآن أو الشيء من ذكر الله ؟ قال: لا بأس.

قال: وسألته عن المسجد، ينقش في قبلته بجصّ أو أصباغ ؟ قال: لا بأس به.

[ ٦٣ ٦٨ ] ٤ - محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد في( الإرشاد ): عن أبي بصير، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) - في حديث طويل - قال: إذا قام القائم لم يبق مسجد على وجه الأرض له شرف إلّا هدمها.

[ ٦٣ ٦٨ ] ٥ - محمّد بن الحسين الرضي في( المجازات النبويّة) قال: قال( عليه‌السلام ) : أبنوا المساجد واجعلوها(٢) جمّاً(٣) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في لباس المصلّي(٤) ، ومكان المصلّي(٥) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٦) .

١٦ - باب كراهة الكلام بالأعجميّة في المساجد، والوضوء بها من حدث البول والغائط

[ ٦٣ ٧٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن

____________________

(١) في المصدر: كتب.

٤ - إرشاد المفيد: ٣٦٥.

٥ - المجازات النبوية: ٩٨ / ٦٦.

(٢) في المصدر: اتخذوها.

(٣) جما: يقال: الشاة الجماء التي لا قرن لها، وجاء في الحديث:( أمرنا أن نبني المساجد جمّا) يعني أن لا يكون لجدرانها شرف.( معجم مقاييس اللغة ١: ٤٢١ ).

(٤) تقدم ما يدل عليه في الباب ٤٥ من أبواب لباس المصلى.

(٥) يأتي في الباب ٣٢ من أبواب مكان المصلّي.

(٦) يأتي ما يدل عليه في الحديث ٢٢ من الباب ٤٩ من أبواب جهاد النفس، وفي الحديث ٦ من الباب ٤١ من أبواب الأمر بالمعروف.

الباب ١٦

فيه حديثان

١ - الكافي ٣: ٣٦٩ / ٧.

٢١٦

محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن مسمع أبي سيار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: نهى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) عن رطانة(١) الأعاجم في المساجد.

[ ٦٣ ٧١ ] ٢ - محمّد بن الحسن بإسناده عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه( عليهم‌السلام ) قال: نهى النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) عن رطانة الأعاجم في المساجد.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على الحكم الآخر في الوضوء(٢) .

١٧ - باب كراهة سلّ السيف في المسجد، وعمل الصنائع فيه، حتى بري النبل

[ ٦٣ ٧٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما( عليهما‌السلام ) قال: نهى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) عن سل السيف في المسجد، وعن بري(٣) النبل في المسجد، قال: إنّما بني لغير ذلك.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم، مثله(٤) .

____________________

(١) الرطانة: الكلام بالأعجميّة، وراطنته إذا كلمته بها وتراطن القوم فيما بينهم.( مجمع البحرين ٦: ٢٥٥ ).

٢ - التهذيب ٣: ٢٦٢ / ٧٣٩.

(٢) تقدم ما يدل على ذلك في الحديث ١ و ٤ من الباب ١٤ وما يدل على الحكم الآخر في الباب ٥٧ من أبواب الوضوء.

الباب ١٧

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٣٦٩ / ٨.

(٣) بري النبل: نحته والعمل فيه.( مجمع البحرين ١: ٥٢ ).

(٤) التهذيب ٣: ٢٥٨ / ٧٢٤.

٢١٧

[ ٦٣ ٧٣ ] ٢ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في حديث المناهي - قال: نهى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أن يسلّ السيف في المسجد.

وفي( الأمالي) بالإسناد، مثله (١) .

[ ٦٣ ٧٤ ] ٣ - وفي( العلل) عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، بإسناده رفعه، قال: إنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) مرّ برجل يبري مشاقص له في المساجد فنهاه، وقال: إنّها لغير هذا بنيت.

[ ٦٣ ٧٥ ] ٤ - وقد تقدّم في حديث الحلبي عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إنّ جدّي نهى رجلاً يبري مشقصاً في المسجد.

[ ٦٣ ٧٦ ] ٥ - وتقدّم في حديث آخر: إنَّما نصبت المساجد للقرآن.

____________________

٢ - الفقيه ٤: ٤ / ١.

(١) أمالي الصدوق: ٣٤٦ / ١.

٣ - علل الشرائع: ٣١٩ / ١ الباب ٦.

٤ - تقدم في الحديث ١ من الباب ١٣.

٥ - تقدم في الحديث ١ من الباب ١٤.

٢١٨

١٨ - باب جواز النوم في المساجد حتى المسجد الحرام ومسجد النبي ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) على كراهيّة في الجميع، وتتأكد في الأصلي منها دون الزيارة، وعدم تحريم خروج الريح في المسجد، والأكل فيه

[ ٦٣ ٧٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى،( عن يونس) (١) ، عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن النوم في المسجد الحرام ومسجد الرسول( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ؟ قال: نعم، فأين ينام الناس ؟!

[ ٦٣ ٧٨ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة بن أعين قال: قلت لأبي جعفر( عليه‌السلام ) : ما تقول في النوم في المساجد ؟ فقال: لا بأس به، إلّا في المسجدين: مسجد النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) والمسجد الحرام، قال: وكان يأخذ بيدي في بعض الليل فيتنحّى ناحية، ثمّ يجلس، فيتحدث في المسجد الحرام، فربّما نام هو ونمت(٢) ، فقلت له في ذلك، فقال: إنّما يكره أن ينام في المسجد(٣) الذي كان على عهد رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، فأمّا النوم(٤) في هذا الموضع فليس به بأس.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم(٥) ، وكذا الذي قبله.

____________________

الباب ١٨

فيه ٧ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٣٦٩ / ١٠، ورواه في التهذيب ٣: ٢٥٨ / ٧٢٠.

(١) ليس في التهذيب( هامش المخطوط ).

٢ - الكافي ٣: ٣٧٠ / ١١.

(٢)( ونمت ): ليس في التهذيب( هامش المخطوط ) ‎

(٣) في نسخة زيادة: الحرام( هامش المخطوط ).

(٤) في التهذيب زيادة: الذي( هامش المخطوط ).

(٥) التهذيب ٣: ٢٥٨ / ٢٧١.

٢١٩

[ ٦٣ ٧٩ ] ٣ - محمّد بن الحسن بإسناده عن موسى بن القاسم، عن عبد الرحمن، عن محمّد بن حمران، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: وروى أصحابنا أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: لا ينام في مسجدي أحد، ولا يجنب فيه، وقال: إنّ الله أوحى إليّ أن أتّخذ مسجداً طهوراً لا يحلّ لأحد أن يجنب فيه، إلّا أنا وعلي والحسن والحسين، قال: ثمّ أمر بسدّ أبوابهم وترك باب علي، فتكلّموا في ذلك، فقال: ما أنا سددت أبوابكم وتركت باب علي، ولكنّ الله أمر بسدّها وترك باب علي.

[ ٦٣ ٨٠ ] ٤ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد ): عن محمّد بن خالد الطيالسي، عن إسماعيل بن عبد الخالق قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن النوم في المسجد الحرام ؟ فقال: هل( للناس بدّ) (١) أن يناموا في المسجد الحرام ؟ لا بأس به، قلت: الريح تخرج من الانسان ؟ قال: لا بأس.

[ ٦٣ ٨١ ] ٥ - وعن السندي بن محمّد، عن أبي البختري، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما‌السلام ) ، أنّ المساكين كانوا يبيتون في المسجد على عهد رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، الحديث.

[ ٦٣ ٨٢ ] ٦ - وعن عبد الله بن الحسن، عن جدّه علي بن جعفر، عن أخيه، قال: سألته عن النوم في المسجد الحرام ؟ قال: لا بأس، وسألته عن النوم في مسجد الرسول ؟ قال: لا يصلح.

[ ٦٣ ٨٣ ] ٧ - وقد تقدّم في حديث: إنّما نصبت المساجد للقرآن.

____________________

٣ - التهذيب ٦: ١٥ / ٣٤، وأورد صدره في الحديث ٥ من الباب ١٥ من أبواب الجنابة.

٤ - قرب الإِسناد: ٦٠.

(١) في المصدر: بد للناس من.

٥ - قرب الاسناد: ٦٩.

٦ - قرب الاسناد: ١٢٠.

٧ - تقدم في الحديث ١ من الباب ١٤ من هذه الأبواب.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686