كمال الدين وتمام النعمة

كمال الدين وتمام النعمة8%

كمال الدين وتمام النعمة مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 686

كمال الدين وتمام النعمة المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 686 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 143217 / تحميل: 8005
الحجم الحجم الحجم
كمال الدين وتمام النعمة

كمال الدين وتمام النعمة

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

أن جعل في الدين مجالا لبحث العقل بما أودع فيه من المتشابه ، إذ بحثه يستلزم النظر فى الأدلة الكونية ، والبراهين العقلية ، ووجوه الدلالة ليصل إلى فهمه ويهتدى إلى تأويله.

(3) إن الأنبياء بعثوا إلى الناس كافة وفيهم العالم والجاهل والذكي والبليد ، وكان من المعاني الحكم الدقيقة التي لا يمكن التعبير عنها بعبارة تكشف عن حقيتها ، فجعل فهم هذا من حظ الخاصة ، وأمر العامة بتفويض الأمر فيه إلى الله ، والوقوف عند فهم المحكم ، ليكون لكلّ نصيبه على قدر استعداده ، فإطلاق كلمة الله وروح من الله على عيسى يفهم منه الخاصة ما لا يفهمه العامة ، ومن ثم فتن النصارى بمثل هذا التعبير إذ لم يقفوا عند حد المحكم وهو التنزيه واستحالة أن يكون لله أم أو ولد بمثل ما دل عليه قوله :إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ ».

( وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ ) أي وما يعقل ذلك ويفقه حكمته إلا ذوو البصائر المستنيرة ، والعقول الراجحة التي امتازت بالتدبر والتفكر في جميع الآيات المحكمة التي هى الأصول ، حتى إذا عرض لهم المتشابه بعد ذلك سهل عليهم أن يتذكروها ويردّوا المتشابه إليها ، ويقولوا في المتشابه الذي هو نبأ عالم الغيب : إن قياس الغائب على الشاهد قياس مع الفارق لا ينبغى للعقلاء أن يعتبروه.

ثم ذكر ما يدعون به ليهبهم الثبات على فهم المتشابه فقال :

( رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ) أي إن أولئك الراسخين في العلم مع اعترافهم بالإيمان بالمتشابه يطلبون إلى الله أن يحفظهم من الزيغ بعد الهداية ، ويهبهم الثبات على معرفة الحقيقة والاستقامة على الطريقة فهم يعرفون ضعف البشر ، وكونهم عرضة للتقلب والنسيان والذهول ، فيخافون أن يقعوا فى الخطأ ، والخطأ قرين الخطر.

وقد روى عن عائشة رضى الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يدعو «يا مقلّب القلوب ثبت قلبى على دينك» قلت : يا رسول الله

١٠١

ما أكثر ما تدعو بهذا الدعاء فقال : «ليس من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرّحمن ، إن شاء أن يقيمه أقامه ، وإن شاء أن يزيغه أزاغه».

( رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ ) أي ربنا إنك تجمع الناس للجزاء في يوم لا شك فيه وإنا موقنون به ، لأنك أخبرت به وقولك الحق ، ووعدت وأوعدت بالجزاء فيه ، وأنت لا تخلف وعدك.

وقد جاءوا بهذا الدعاء بعد الإيمان بالمتشابه ، ليستشعروا أنفسهم الخوف من تسرّب الزيغ الذي يسلبهم الرحمة في ذلك اليوم ، وهذا الخوف هو مبعث الحذر والتوقي منه.

( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (11) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (12) قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (13) )

تفسير المفردات

تغنى : أي تنفع ، وقود (بفتح الواو) أي حطب ونحوه ، والدأب : العادة ؛ من دأب على العمل إذا جدّ فيه وتعب ، ثم غلب في العادة ، والمهاد : الفراش ، يقال مهدّ الرجل المهاد إذا بسطه ، والآية : العلامة على صدق ما يقول الرسول.

١٠٢

المعنى الجملي

بعد أن بين سبحانه الدين الحق وقرر التوحيد ، وذكر الكتب الناطقة به ، وألمع إلى شأن القرآن الكريم وإيمان العلماء الراسخين به ـ شرع يذكر حال أهل الكفر والجحود ، ويبين أسباب اغترارهم بالباطل واستغنائهم عن الحق أو اشتغالهم عنه ، ومن أهم ذلك الأموال والأولاد ، وأرشد إلى أنها لا تغنى عنهم شيئا في ذلك اليوم الذي يجمع الله فيه الناس ليحاسبهم على ما عملوا ، والكافرون في أشد الحاجة إلى مثل هذه العظة ، لأن الجحود إنما يقع لغرور الناس بأنفسهم وأموالهم ، فيتوهمون الاستغناء عن الحق ، ويتبعون الهوى.

وقد ضرب الله مثلا لهؤلاء الكافرين الذين استغنوا بما أوتوا في الدنيا عن الحق ، فعارضوه وناصبوا أهله العداء حتى ظفروا بهم مثل آل فرعون ومن قبله ممن كذبوا الرسل ؛ فقد أهلكهم الله ونصر موسى على آل فرعون ، ونصر الرسل ومن آمن معهم على أممهم لصلاحهم وإصلاحهم ، فالله لا يحابى ولا يظلم وهو شديد العقاب.

الإيضاح

( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ ) أي إن الذين جحدوا ما قد عرفوه من نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم سواء كانوا من بنى إسرائيل أم من كفار العرب ـ لن تنجيهم أموالهم التي يبذلونها في جلب المنافع ودفع المضار ، ولا أولادهم الذين يتناصرون بهم في مهامّ أمورهم ويعوّلون عليهم فى الخطوب النازلة من عذاب الله شيئا ، وقد كانوا يقولون نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين ، فردّ الله عليهم بقوله : «وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً » وسيكونون يوم القيامة حطبا لجهنم التي تسعر بهم.

١٠٣

ثم ضرب لهم مثلا لينبههم إلى ما حلّ بمن قبلهم من الأمم التي كانت أقوى منهم جندا وأكثر عددا لعلهم يتعظون فقال :

( كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ ) أي إن صنيع هؤلاء في تكذيبهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وكفرهم بشريعته ، كدأب آل فرعون مع موسى عليه السلام ، ودأب من قبلهم من الأمم ، كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم ، فأهلكهم ونصر الرسل ومن آمن معهم ، ولم يجدوا من بأس الله محيصا ولا مهربا ، إذ عقابه أثر طبيعي لاجتراح الذنوب وارتكاب الموبقات.

ثم تهددهم وتوعدهم بالعقاب في الدنيا قبل الآخرة فقال :

( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ ) المراد بالكافرين هنا اليهود لما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أن يهود المدينة لما شاهدوا غلب رسول الله صلى الله عليه وسلم للمشركين يوم بدر قالوا والله إنه النبي الأمى الذي بشرنا به موسى ، وفي التوراة نعته وهمّوا باتباعه ، فقال بعضهم : لا تعجلوا حتى تنظروا إلى وقعة أخرى ، فلما كان يوم أحد شكّوا ، وقد كان بينهم وبين رسول الله عهد إلى مدة فنقضوه ، وانطلق كعب بن الأشرف في ستين راكبا إلى أهل مكة فأجمعوا أمرهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت.

وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أصاب قريشا ببدر ورجع إلى المدينة جمع اليهود في سوق بنى قينقاع فحذرهم أن ينزل بهم ما نزل بقريش ، فقالوا له : لا يغرنّك أنك لقيت قوما أغمارا لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة ، لئن قاتلتنا لعلمت أنّا نحن الناس فنزلت.

أي قل لأولئك اليهود إنكم ستغلبون في الدنيا وسينفذ فيكم وعيدي ، وتساقون فى الآخرة إلى جهنم سوقا ، وبئس المهاد ما مهدتموه لأنفسكم.

وقد صدق الله وعده فقتل المسلمون بنى قريظة الخائنين ، وأجلوا بنى النّضير المنافقين ، وفتحوا خيبر وضربوا الجزية على من عداهم.

١٠٤

ثم حذرهم وأنذرهم بألا يغتروا بكثرة العدد والعدد فلهم مما يشاهدون عبرة فقال :

( قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا ، فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ) أي قل لأولئك اليهود الذين غرتهم أموالهم واعتروا بأولادهم وأنصارهم : لا تغرنكم كثرة العدد ، ولا المال والولد ، فليس هذا سبيل النصر والغلب ، فالحوادث التي تجرى في الكون أعظم دليل على تفنيد ما تدّعون.

انظروا إلى الفئتين اللتين التقتا يوم بدر ، فئة قليلة من المؤمنين تقاتل في سبيل الله كتب لها الفوز والغلب على الفئة الكثيرة من المشركين.

وفي هذا عبرة أيّما عبرة لذوى البصائر السليمة التي استعملت العقول فيما خلقت لأجله من التأمل في الأمور والاستفادة منها ، لا لمثل من نعتهم الله بقوله : «لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها ، وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها ، وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ ».

ووجه العبرة في هذا أن هناك قوة فوق جميع القوى قد تؤيد الفئة القليلة فتغلب الفئة الكثيرة بإذنه تعالى ، وقوله( تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ ) ترشد إلى السر في هذا الفوز ، لأنه متى كان القتال في هذا السبيل أي لحماية الحق والدفاع عن الدين وأهله ، فإن النفس تقبل عليه بكل ما أوتيت من قوة ، وما أمكنها من تدبير واستعداد ، علما منها بأن وراء قوتها معونة الله وتأييده ، يرشد إلى هذا قوله تعالى : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ » فها أنت ذا ترى أن الله أمر المؤمنين بالثبات وبكثرة ذكره لشدّ العزائم والنهوض بالهمم ، وبالطاعة لرسوله ، وكان هو القائد في تلك الواقعة ـ واقعة بدر ـ وطاعة القائد من أهم أسباب الظفر والنجاح في ميدان القتال.

وقد امتثل المؤمنون ما أوصاهم به ربهم بقدر طاقتهم ، فوجد لديهم الاستعداد والعزيمة الصادقة ، فقاتلوا ثابتين واثقين بنصر الله ، فنصرهم وفاء بوعده «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ ».

١٠٥

وغزوات الرسول وأصحابه تفسر ما ورد في هذه الآيات ، ولما خالفوا ما أمروا به غزوة أحد نزل بهم ما نزل ، وفي هذا أكبر عبرة لمن تذكر واعتبر.

وقد روى أرباب السير أن جيش المسلمين كان ثلاثمائة وثلاثة وعشرين رجلا ، سبعة وسبعون منهم من المهاجرين ، ومائتان وستة وثلاثون من الأنصار ، وصاحب راية المهاجرين على بن أبي طالب ، وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة ، وكان في العسكر تسعون بعيرا وفرسان أحدهما للمقداد بن عمرو ، والآخر لمرثد بن أبي مرثد ، وكان معهم ست دروع وثمانية سيوف ، وجميع من قتل منهم يومئذ أربعة عشر رجلا ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار.

وأن جيش المشركين كان تسعمائة وخمسين مقاتلا ، رأسهم عقبة بن ربيعة ، وفيهم أبو سفيان وأبو جهل ، وكان في معسكرهم من الخيل مائة فرس وسبعمائة بعير ، ومن الأسلحة ما لا يحصى عدّا.

ومعنى قوله( يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ) أن المشركين رأوا المسلمين مثلى عدد المشركين أي قريبا من ألفين ـ وكانوا نحو ثلاثمائة ـ أراهم الله إياهم مع قلتهم أضعافهم ليهابوهم ويجبنوا عن قتالهم ، وكان ذلك مددا لهم من الله كما أمدهم الله بالملائكة ، بعد ما قللهم في أعينهم حتى اجترءوا عليهم وتوجهوا إليهم كما جاء في خطاب أهل بدر «وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ».

ومعنى قوله (رأى العين) أنها رؤية مكشوفة لا لبس معها ولا خفاء كسائر المرئيات والمشاهدات.

( وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ ) أي والله يقوّى بمعونته من يشاء كما أيد أهل بدر بتكثيرهم في عين العدو.

( إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ ) أي إن في هذا النصر مع قلة عددهم وكثرة عدوهم عظة لمن عقل وتدبر فعرف الحق وثلج قلبه ببرد اليقين.

١٠٦

( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) )

تفسير المفردات

الشهوات : واحدة شهوة وهى رغبة النفس في الحصول ، والمراد بها المشتهيات كما يقال هذا الطعام شهوة فلان أي ما يشتهيه ، والأنعام واحدها نعم وهى الإبل والبقر والغنم ولا تطلق النعم إلا على الإبل خاصة ، والمسوّمة : هى التي ترعى في الأودية والقيعان ، والحرث : الزرع والنبات.

المعنى الجملي

بعد أن بين سبحانه قبل هذا اشتغال الكافرين بالأموال والأولاد وإعراضهم عن الحق وانهماكهم في اللذات ، ذكر هنا وجه غرورهم بذلك تحذيرا لهم من جعلها مطية لشهواتهم ، وتذكيرا لهم بأنه لا ينبغى أن تجعل هى غاية الحياة ، فتشغلهم عن أعمال الآخرة التي جعلت الدنيا مزرعتها ، والوسيلة لكسب السعادة فيها.

الإيضاح

( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ ) معنى تزيين حب الشهوات للناس ، أن حبها مستحسن لديهم لا يرون فيه قبحا ولا غضاضة ، ومن ثم لا يكادون يرجعون عنه ، وهذا أقصى مراتب الحب ، وصاحبه قلما يفطن لقبحه أو ضرره إن كان قبيحا أو ضارّا ، ولا يحب أن يرجع عنه وإن تأذى به ، وقد يحب الإنسان شيئا وهو يراه شيئا لا زينا ، وضارّا لا نافعا ، ويود لذلك لو لم يحبه كما يحب بعض الناس شرب الدخان على تأذيهم منه ، ومن أحب شيئا ولم يزيّن له يوشك أن يرجع عنه يوما ما ، ومن زين له حبه فلا يكاد يرجع عنه.

١٠٧

المعنى ـ إن الله فطر الناس على حب هذه الشهوات المبينة بعد كما قال : «إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً » وقال : «كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ».

وقد يسند التزيين إلى الشيطان بالوسوسة في قبيح الأعمال كما قال تعالى : «وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ ».

ثم فصل هذه المشتهيات الستة التي ملأت قلوب الناس حبا فقال :

( مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ) .

(فأولها) النساء وهن موضع الرغبة ومطمح الأنظار ، وإليهن تسكن النفوس كما قال تعالى «وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً » وعليهن ينفق أكثر ما يكسب الرجال بكدّهم وجدّهم ، فهم القوامون عليهن لقوتهم وقدرتهم على حمايتهن ، فإسرافهم في حبهنّ له الأثر العظيم فى شئون الأمة وفي إضاعة الحقوق أو حفظها.

وقدم حب النساء على حب الأولاد مع أن حبهنّ قد يزول وحب الأولاد لا يزول لأن حب الولد لا يعظم فيه الغلوّ والإسراف كحب المرأة ، فكم من رجل جنى حبه للمرأة على أولاده ، فكثير ممن تزوجوا بما فوق الواحدة وأفرطوا في حب واحدة وملّوا أخرى أهملوا تربية أولاد المبغوضة وحرموهم سعة الرزق وقد وسعوه على أولاد المحبوبة ، وكم من غنىّ عزيز يعيش أولاده عيشة الذل والفقر ، وليس لهذا من سبب إلا حب والدهم لغير أمهم ، فهو يفعل ذلك للتقرب وابتغاء الزلفى إليها.

(وثانيها) البنون والمراد بهم الأولاد مطلقا كما قال تعالى : «أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ » وفي الحديث «الولد مجبنة مبخلة».

والعلة في حب الزوجة وحب الولد واحدة وهى تسلسل النسل وبقاء النوع ، وهى حكمة مطردة في غير الإنسان من الحيوانات الأخرى.

١٠٨

وحب البنين أقوى من حب البنات لأسباب كثيرة منها :

(1) أنهم عمود النسب الذي به تتصل سلسلة النسل ، وبه يبقى ما يحرص عليه الإنسان من بقاء الذكر وحسن الأحدوثة بين الناس.

(2) أمل الوالد في كفالتهم له حين الحاجة إليه لضعف أو كبر.

(3) أنه يرجى بهم من الشرف ما لا يرجى من الإناث كنبوغ في علم أو عمل أو رياسة أو قيادة جيش للدفاع عن الوطن وحفظ كيان الأمة.

(4) الشعور بأن الأنثى حين الكبر تنفصل من عشيرتها وتتصل بعشيرة أخرى.

(وثالثها) القناطير المقنطرة من الذهب والفضة ، والعرب تريد بالقنطار المال الكثير والمقنطرة مأخوذة منه على سبيل التوكيد ، وقد جرت عادتهم بأن يصفوا الشيء بما يشتق منه مبالغة كما قالوا ألوف مؤلفة وظل ظليل ، وقيل المقنطرة المضروبة من دنانير ودراهم ، وقيل هى المنضدة في وضعها.

وهذا التعبير يشعر بالكثرة التي تكون مظنة الافتتان ، والتي تشغل القلب للتمتع بها ، وتستغرق في تدبيرها الوقت الكثير حتى لا يبقى بعد ذلك منفذ للشعور بالحاجة إلى نصرة الحق والاستعداد لأعمال الآخرة.

ومن ثم كان الأغنياء في كل الأمم لدى بعثة الرسل أول الكافرين بهم المستكبرين عن تلبية دعوتهم ، وإن أجابوها وآمنوا فهم أقل الناس عملا وأكثرهم بعدا عن هدى الدين ، انظر إلى قوله تعالى : «سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا ».

وحب المال مما أودع في غرائز البشر واختلط بلحمهم ودمهم ، وسر هذا أنه وسيلة إلى جلب الرغائب ، وسبيل إلى نيل اللذات والشهوات ، ورغبات الإنسان غير محدودة ، ولذاته لا عدّ لها ولا حصر ، وكلما حصل على لذة طلب المزيد منها ، وما وصل إلى غاية فى جمع المال إلا تاقت نفسه إلى ما فوقها ، حتى لقد يبلغ به النهم في جمعه أن ينسى أن

١٠٩

المال وسيلة لا مقصد فيفتنّ في الوصول إليه الفنون المختلفة ، والطرق التي تعنّ له ، ولا يبالى أمن حلال كسب أم من حرام؟

روى البخاري ومسلم عن ابن عباس قوله صلى الله عليه وسلم «لو كان لابن آدم واديان من ذهب لتمنى أن يكون لهما ثالث ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب».

ولقد أعمت فتنة المال كثيرا من الناس فشغلتهم عن حقوق الله وحقوق الأمة والوطن ، بل عن حقوق من يعاملهم ، بل عن حقوق بيوتهم وعيالهم ، بل عن أنفسهم ، ومنهم من يقصر في النفقة على نفسه وعياله بالقدر الذي يزرى بمروءته ، فيظهر بمظهر المسترذل بين الناس في مأكله ومشربه وملبسه ، ومنهم من يثلم شرفه ويفتح ثغرة للطاعنين والقائلين فيه بالحق وبالباطل لأجل المال. ومن ثم قالوا : المال ميّال.

(ورابعها) الخيل المسوّمة التي ترعى في الأودية ، يقال سام الدابة : رعاها ، وأسامها : أخرجها إلى المرعى ، كما قال تعالى : «وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ ».

وقال ابن جرير : المسوّمة : المعلّمة من السّومة وهى العلامة. قال النابغة :

بسمر كالقداح مسوّمات

عليها معشر أشباه جنّ

وكل من الخيل الراعية التي تقتنى للتجارة ، والمعلمة المطهّمة التي يقتنيها العظماء والأغنياء ـ من المتاع الذي يتنافس فيه الناس ويتفاخرون ، حتى لقد يتغالى بعضهم فى ذلك إلى حد هو أشبه بالجنون.

(وخامسها) الأنعام وهى مال أهل البادية ومنها تكون ثروتهم ومعايشهم ومرافقهم ، وبها تفاخرهم وتكاثرهم ، وقد امتنّ الله بها على عباده بقوله : «وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ. وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ. وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ. وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ ».

١١٠

(وسادسها) الحرث وعليه قوام حياة الإنسان والحيوان في البدو والحضر ، والحاجة إليه أشد من الحاجة إلى الأنواع السالفة ، والانتفاع به أتمّ منها لكنه أخر عنها ، لأنه لما عمّ الارتفاق به كانت زينته في القلوب أقل ، وقلما يكون الانتفاع به صادّا عن الاستعداد لأعمال الآخرة أو مانعا من نصرة الحق.

وهناك ما هو أعم نفعا وأعظم فائدة في الحياة وهو الضوء والهواء ، فلا يستغنى عنهما حىّ من الأحياء ، ومع ذلك قلما يلتفت الإنسان إليهما ولا يفكر في غبطته بهما.

( ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ) المتاع ما يتمتع به ، والمآب المرجع من آب يئوب إذا رجع ، أي هذا الذي ذكر من الأصناف الستة المتقدمة هو ما يتمتع به الناس قليلا في هذه الحياة الفانية ، ويجعلونه وسيلة في معايشهم ، وسببا لقضاء شهواتهم وقد زيّن لهم حبها في عاجل دنياهم ، والله عنده حسن المآب في الحياة الآخرة التي تكون بعد موتهم وبعثهم فلا ينبغى لهم أن يجعلوا كل همهم في هذا المتاع القريب العاجل بحيث يشغلهم عن الاستعداد لخير الآجل.

فعلى المؤمن ألا يفتن بهذه الشهوات ويجعلها أكبر همه ، والشغل الشاغل له عن آخرته ، فإذا استمتع بها بالقصد والاعتدال ووقف عند حدود الله سعد في الدارين ووفق لخير الحياتين كما قال : «رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ ».

( قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (15) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا

١١١

وَقِنا عَذابَ النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ (17))

تفسير المفردات

النبأ والإنباء لم يردا في القرآن إلا لما له شأن عظيم كما قاله أبو البقاء في الكليات ، والتقوى : هى الإخبات إلى الله والإعراض عما سواه ، والمطهرة : الخالية من الشوائب الجسمية والنفسية والرضوان (بضم الراء وكسرها) الرضا ، والصبر : حبس النفس عند كل مكروه يشقّ عليها احتماله ، والصدق يكون في القول والعمل والوصف ؛ يقال فلان صادق في قوله ، وصادق في عمله ، وصادق في حبه ، والقانتين : أي المداومين على الطاعة والعبادة ، والمستغفرين بالأسحار : أي المصلّين وقت السحر.

المعنى الجملي

بعد أن بين سبحانه زخارف الدنيا وزينتها ، وذكر ما عنده من حسن المآب إجمالا ـ أمر رسوله بتفصيل ذلك المجمل للناس مبالغة في الترغيب والحث على فعل الخيرات.

الإيضاح

( قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ ) أي قل لقومك وغيرهم : أأخبركم بخير من جميع ما تقدم ذكره من النساء والبنين إلى آخره ، وجىء بالكلام على صورة الاستفهام لتوجيه النفوس إلى الجواب وتشويقها إليه.

وقوله خير يشعر بأن تلك الشهوات خير في ذاتها ، ولا شك في ذلك إذ هى من أجلّ النعم التي أنعم الله بها على الناس ، وإنما يعرض الشر فيها كما يعرض في سائر نعم الله على عباده كالحواس والعقول وغيرها ، فما مثل المسرف في حب النساء حتى

١١٢

يعطى امرأته حق غيرها ، أو يهمل لأجلها تربية ولده إلا مثل من يستعمل عقله فى استنباط الحيل ليبتز حقوق الناس ويؤذيهم ، فسلوك الناس في الانتفاع بالنعم لا يدل على أنها هى في ذاتها شر ولا كون حبها شرا مع القصد والاعتدال والوقوف عند حدود الشريعة.

ثم أجاب عن هذا الاستفهام على طريق قولك هل أدلك على تاجر عظيم في السوق يصدق في المعاملة ، ويرخص السعر ويفى بالوعد؟ هو فلان فقال :

( لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ ) أي للذين أخبتوا إلى ربهم وأنابوا إليه نوعان من الجزاء.

أحدهما جسمانى وهو الجنات وما فيها من النعيم والخيرات ، والأزواج المبرأة من العيوب التي في نساء الدنيا خلقا وخلقا.

وثانيهما روحاني عقلى وهو رضوان الله الذي لا يشوبه سخط ولا يعقبه غضب ، وهو أعظم اللذات كلها في الآخرة عند المتقين.

وفي الآية إيماء إلى أن أهل الجنة مراتب وطبقات كما نرى ذلك في الدنيا.

فمنهم من لا يفقه لرضوان الله معنى ولا يكون ذلك باعثا له على فعل الخير وترك الشر ، وإنما يفقه اللذات الحسية التي جرّ بها في الدنيا ، ففى مثلها يرغب.

ومنهم من ارتقى إدراكه ، وعظم قربه من ربه ، فيتمنى رضاه ويجعله الغاية القصوى والسعادة التي ليس وراءها سعادة.

وجاء في معنى هذه الآية قوله تعالى : «وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ » وقوله : «اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ (الزراع)نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً ، وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ ، وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ ».

١١٣

( وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ ) أي إنه تعالى هو البصير بعباده ، الخبير بقرارة نفوسهم ودخائل أحوالهم ، العليم بسرهم ونجواهم ، فلا تخفى عليه خافية من أمرهم ، وهو المجازى كل نفس بما كسبت من خير أو شر.

وقد ختم سبحانه هذه الآية بتلك الجملة ليحاسب الإنسان نفسه على التقوى ، فليس كل من ادعاها لنفسه أو تحرك بها لسانه يعدّ متقيا ، وإنما المتقى من يعلم منه ربه التقوى.

ثم وصف المتقين الذين تتأثر قلوبهم بثمرات إيمانهم ، فتفيض ألسنتهم بالاعتراف بهذا الإيمان حين الدعاء والابتهال فقال :

( الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ ) أي إن الذين اتقوا معاصى الله وتضرعوا إليه خاشعين يقولون مبتهلين متبتلين : ربنا إننا آمنا بما أنزلته على رسلك إيمانا يقينيا راسخا في القلب مهيمنا على العقل له السلطان على أعمالنا البدنية التي لا تتحول عن طاعتك إلا لنسيان أو جهالة كغلبة انفعال يعرض ثم لا يلبث أن يزول ، ثم تقفو التوبة إثره لتمحوه كما أرشدت إلى ذلك بقولك : «إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ » وقولك «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى » فاستر اللهم ذنوبنا بعفوك عنها وترك العقوبة عليها ، وادفع عنا عذاب النار إنك أنت الغفور الرّحيم.

وقد خصوا هذا العذاب بالمسألة ، لأن من زحزح يومئذ عن النار فقد فاز بالنجاة وحسن المآب.

والخلاصة ـ إن مرادهم بالإيمان الذي أقروا به ـ هو الإيمان الصحيح الذي تصدر عنه آثاره من ترك المعاصي وفعل الصالحات ، إذ الإيمان اعتقاد وقول وعمل كما أجمع على ذلك السلف ، ويرشد إليه العقل والعلم بطبيعة البشر.

١١٤

ثم ذكر من أوصافهم ما امتازوا به من غيرهم ، وبه استحقوا المثوبة عند ربهم فقال :

( الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ ) أي إن المتقين جمعوا هذه الصفات التي لكل منها درجة في الفضل وشرف ورفعة وبها نالوا هذا الوعد وهى :

(1) الصبر وأكمل أنواعه : الصبر على أداء الطاعات وترك المحرمات ، فإذا هبت أعاصير الشهوات وجمحت بالنفس إلى ارتكاب المعاصي فلا سبيل لردعها إلا بالصبر ، فهو الذي يثبّت الإيمان ويقف بها عند الحدود المشروعة ، وهو الحافظ لشرف الإنسان فى الدنيا عند المكاره ، ولحقوق الناس أن تغتالها أيدى المطامع.

وهو كالشرط في كل ما يذكر بعده من الصدق والقنوت والاستغفار بالأسحار.

(2) الصدق وهو منتهى الكمال ، وحسبك في بيان فضيلته قوله تعالى : «وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ، لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ ».

(3) القنوت وهو المداومة على الطاعة والإخبات إلى الله مع الخشوع والخضوع وهو لبّ العبادة وروحها ، وبدونه تكون العبادة بلا روح وشجرة بلا ثمرة.

(4) الإنفاق للمال في جميع السبل التي حث عليها الدين ، سواء أكانت النفقة واجبة أم مستحبة ، فالإنفاق في أعمال البر جميعا مما حث عليه الشارع وندب إليه.

(5) الاستغفار بالأسحار : أي التهجد في آخر الليل وهو الوقت الذي يطيب فيه النوم ويشقّ القيام ، وتكون النفس فيه أصفى ، والقلب أفرغ من الشواغل.

والاستغفار المطلوب ما يقرن بالتوبة النصوح ، والعمل وفق حدود الدين ، ولا يكفى الاستغفار باللسان مع الإدمان على فعل المنكر ، فإن المستغفر من الذنب وهو مصرّ عليه كالمستهزئ بربه ، ولا يغتر بمثل هذا الاستغفار إلا جاهل بدينه ، أو غرّ في معاملته لربه ، ومن ثم أثر عن بعض الصوفية قوله : إن استغفارنا يحتاج إلى استغفار.

١١٥

( شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (20) )

تفسير المفردات

يقال شهد الشيء وشاهذه إذا حضره كما قال : «ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ » وقال «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ » والشهادة بالشيء الإخبار به عن علم إما بالمشاهدة الحسية ، وإما بالمشاهدة المعنوية وهى الحجة والبرهان ، وأولو العلم هم أهل البرهان القادرون على الإقناع ، وهم يوجدون في هذه الأمة وفي جميع الأمم السالفة ، بالقسط : أي بالعدل في الدين والشريعة وفي الكون والطبيعة. والدين له في اللغة عدة معان : منها الجزاء ، والطاعة والخضوع ، ومجموعة التكاليف التي بها يدين العباد لله ـ وما يكلف به العباد يسمى شرعا باعتبار وضعه وبيانه للناس ، ودينا باعتبار الخضوع وطاعة الشارع ، وملة باعتبار أنها أملّت وكتبت ـ والإسلام يأتي بمعنى الخضوع والاستسلام ، وبمعنى الأداء تقول أسلمت الشيء إلى فلان إذا أديته إليه ، وبمعنى الدخول في السلم أي الصلح والسلامة ، وتسمية الدين الحق إسلاما يناسب كل هذه المعاني وأولها أوفقها بالتسمية ، يرشد إلى ذلك قوله تعالى : «وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ

١١٦

أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً » وحاجوك : جادلوك ، وأسلمت : أي أخلصت ، والأميون مشركو العرب واحدهم أمي نسبوا إلى الأم لجهلهم كأنهم على الفطرة ، البلاغ : أي التبليغ للناس.

المعنى الجملي

بعد أن بين سبحانه جزاء المتقين ، وشرح أوصافهم التي استحقوا بها هذا الجزاء ـ ذكر هنا أصول الإيمان وأسسه.

الإيضاح

( شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ ) أي بيّن سبحانه وحدانيته بنصب الدلائل التكوينية في الآفاق والأنفس ، وإنزال الآيات التشريعية الناطقة بذلك ، والملائكة أخبروا الرسل بهذا وشهدوا شهادة مؤيدة بعلم ضرورى وهو عند الأنبياء أقوى من جميع اليقينيات ، وأولو العلم أخبروا بذلك وبيّنوه وشهدوا به شهادة مقرونة بالدلائل والحجج ، لأن العالم بالشيء لا تعوزه الحجة عليه.

وقوله بالقسط أي بالعدل في الاعتقاد ، فالتوحيد هو الوسط بين إنكار الإله والشرك به ، والعدل في العبادات والآداب والأعمال ، فعدل بين القوى الروحية والبدنية ، فأمر بشكره في الصلاة وغيرها لترقية الروح وتزكية النفس ، وأباح كثيرا من الطيبات لحفظ البدن وتربيته ، ونهى عن الغلوّ في الدين والإسراف في حب الدنيا وبالعدل في الأحكام في نحو قوله : «إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ » وقوله «وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ».

كما جعل سنن الخليقة قائمة على أساس العدل ، فمن نظر في هذه السنن ونظمها الدقيقة تجلى له عدل الله فيها على أتم ما يكون وأوضحه.

١١٧

فقيامه تعالى بالقسط في كل هذا برهان على صدق شهادته تعالى ، فإن وحدة النظام في هذا العالم تدل على وحدة واضعه.

ثم أكد كونه منفردا بالألوهية وقائما بالعدل بقوله :

( لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) فإن العزة إشارة إلى كمال القدرة ، والحكمة إيماء إلى كمال العلم ، والقدرة لا تتم إلا بالتفرد والاستقلال ، والعدالة لا تكمل إلا بالاطلاع على المصالح والأحوال ، ومن كان كذلك فلا يغلبه أحد على ما قام به من سنن القسط ، ولا يخرج من الخليقة شىء عن حكمته البالغة.

ثم ذكر الدستور العام الذي عليه المعوّل في كل دين فقال :

( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ ) أي إن جميع الملل والشرائع التي جاء بها الأنبياء روحها الإسلام والانقياد والخضوع ، وإن اختلفت في بعض التكاليف وصور الأعمال ، وبه كان الأنبياء يوصون. فالمسلم الحقيقي من كان خالصا من شوائب الشرك ، مخلصا فى أعماله مع الإيمان من أىّ ملة كان ، وفي أي زمان وجد ، وهذا هو المراد بقوله عز اسمه «وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ».

ذاك أن الله شرع الدين لأمرين :

(1) تصفية الأرواح وتخليص العقول من شوائب الاعتقاد بسلطة غيبية للمخلوقات بها تستطيع التصرف في الكائنات لتسلم من الخضوع والعبودية لمن هم من أمثالها.

(2) إصلاح القلوب بحسن العمل وإخلاص النية لله وللناس.

وأما العبادات فإنما شرعت لتربية هذا الروح الخلقي ليسهل على صاحبه القيام بسائر التكاليف الدينية.

أخرج ابن جرير عن قتادة قال : الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله والإقرار بما جاء من عند الله ، وهو دين الله تعالى الذي شرع لنفسه وبعث به رسله ، ودلّ عليه أولياءه لا يقبل غيره ، ولا يجزى إلا به.

١١٨

وخطب على كرم الله وجهه قال : الإسلام هو التسليم ، والتسليم هو اليقين ، واليقين هو التصديق ، والتصديق هو الإقرار ، والإقرار هو الأداء ، والأداء هو العمل ، ثم قال : إن المؤمن أخذ دينه عن ربه ، ولم يأخذه عن رأيه ، إن المؤمن يعرف إيمانه في عمله ، والكافر يعرف كفره بإنكاره ، أيها الناس دينكم دينكم ، فإن السيئة فيه خير من الحسنة في غيره ، إن السيئة فيه تغفر ، وإن الحسنة في غيره لا تقبل.

( وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ ) أي وما خرج أهل الكتاب من الإسلام الذي جاء به أنبياؤهم على نحو ما فصلناه آنفا ، وصاروا مذاهب وشيعا يقتتلون في الدين ـ والدين واحد لا مجال فيه للاختلاف والاقتتال إلا بسبب البغي وتجاوز الحدود من الرؤساء ، ولو لا بغيهم ونصرهم مذهبا على مذهب وتضليلهم من خالفهم بتفسيرهم نصوص الدين بالرأى والهوى وتأويل بعضه أو تحريفه لما حدث هذا الاختلاف.

والتاريخ شهيد بأن الملوك والأحبار هم الذين جعلوا الدين المسيحي مذاهب ينقض بعضها بعضا ، وجعلوا أهله شيعا يفتك بعضهم ببعض. فآريوس وأتباعه الذين دعوا إلى التوحيد بعد فشوّ الشرك ، قد حكم عليهم المجمع الذي ألفه الملك قسطنطين سنة 325 م بالإلحاد وإحراق كتبهم وتحريم اقتنائها ، ولما انتشرت تعاليمه فيما بعد حكم تيودوسيوس الثاني بإبادة الآريوسية بقانون رومانى صدر سنة 628 م ، وبقيت مذاهب التثليث تتطاحن ويغالب بعضها بعضا.

والعبرة من هذا القصص أن نبتعد عن الخلاف في الدين والتفرق فيه إلى شيع ومذاهب كما فعل من قبلنا ، ولكن وا أسفا وقعنا فيما وقع فيه السالفون ، وتفرقنا طرائق قددا ، وأصابنا من الخذلان والذل بسبب هذا التفرق ما لا نزال نئنّ منه ، ونرجو أن يشملنا الله بعفوه ورحمته ، ويمدنا بروح من عنده ؛ فيسعى أهل الإيمان الصادق في نبذ الاختلاف والشقاق ، والعودة إلى الوحدة والاتفاق ، حتى يعود

١١٩

المسلمون إلى سيرتهم الأولى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ، ومن تبعهم بإحسان.

( وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ ) أي ومن يكفر بآيات الله الدالة على وجوب الاعتصام بالدين ووحدته وحرمة الاختلاف والتفرق فيه ، ويترك الإذعان لها ـ فالله يجازيه ويعاقبه على ما اجترح من السيئات ، والله سريع الحساب.

والمراد بآيات الله هنا هى آياته التكوينية في الأنفس والآفاق ، ويدخل في ترك الإذعان لها صرفها عن وجهها لتوافق مذاهب أهل الزيغ والإلحاد وآياته التشريعية التي أنزلها على رسله.

( فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ) أي فإن جادلك أهل الكتاب أو غيرهم ـ وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو اليهود في المدينة إلى ترك ما أحدثوه فى دينهم وتعودوه من التحريف والتأويل والرجوع إلى حقيقة الدين وإسلام الوجه لله والإخلاص له ـ بعد أن أقمت لهم البراهين والبينات ، وجئتهم بالحق ـ فقل لهم : أقبلت بعبادتي على ربى مخلصا له ، معرضا عما سواه ، أنا ومن اتبعنى من المؤمنين.

والخلاصة ـ إنه لا فائدة من الجدل مع مثل هؤلاء لأنه لا يكون إلا فيما فيه خفاء أما وقد قامت الأدلة ، وبطلت شبهات الضالين فهو مكابرة وعناد ، ولا يستحق منك إلا الإعراض وعدم إضاعة الوقت سدى.

( وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ؟ ) أي وقل لليهود والنصارى ومشركى العرب ـ وخص هؤلاء بالذكر مع أن البعثة عامة ، لأنهم هم الذين خوطبوا أولا بالدعوة ـ أأسلمتم كما أسلمت بعد أن وضحت لكم الحجة ، وجاءكم من البينات ما يوجبه ويقتضيه ، أم تصرّون على كفركم وعدم ترككم للعناد؟

ومثل هذا مثل من يلخص مسألة لسائل ، ولا يدع طريقا من طرق البيان إلا سلكه ، ثم يقول له : أفهمتها؟

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

دلالة لعيسى بن مريمعليه‌السلام على نبوَّته إذ أنبأ النّاس بما يأكلون وما يدَّخرون في بيوتهم، وكما كان النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قال أبو سفيان في نفسه: من فعل مثل ما فعلت جئت فدفعت يدي في يده إلّا كنت أجمع عليه الجموع من الاحابيش وكنانة فكنت ألقاه بهم(١) فلعليّ كنت أدفعه. فناداه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خيمته فقال: إذا كان الله يجزيك يا أبا سفيان. وذلك دلالة لهعليه‌السلام كدلالة عيسى بن مريمعليه‌السلام . وكلُّ من أخبر من الائمّةعليهم‌السلام بمثل ذلك فهي دلالة تدلُّ النّاس على أنَّه إمام مفترض الطاعة من الله تبارك وتعالى.

حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن الحسن بن الفرات قال: أخبرنا صالح بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن زياد، عن أمّه فاطمة بنت محمّد بن الهيثم المعروف بابن سيابة(٢) قالت: كنت في دار أبي الحسن عليِّ بن محمّد العسكريِّعليهما‌السلام في الوقت الّذي ولد فيه جعفر فرأيت أهل الدّار قد سرُّوا به، فصرت إلى أبي الحسنعليه‌السلام فلم أره مسروراً بذلك، فقلت له: يا سيّدي ما لي أراك غير مسرور بهذا المولود؟ فقالعليه‌السلام : يهون عليك أمره فإنه سيضلُّ خلقاً كثيراً(٣) .

٣ - حدّثنا الشريف أبو الحسن عليُّ بن موسى بن أحمد بن إبراهيم بن محمّد بن -

____________

(١) في بعض النسخ « إلّا كنت أجمع عليه الاحاببش بركابه فكنت ألقاه بهم » والمراد بالاحابيش قريش لأنّهم تحالفوا بالله أنّهم ليد على غيرهم ما سجا ليل ووضح نهار وما رسا حبشي. وحبشي بضم الحاء وسكون الباء وتشديد الياء التحتية جبل بأسفل مكة على سنة أميال منها، فسموا أحابيش قريش باسم الجبل. وقال ابن اسحاق: أنَّ الاحابيش هم بنو الهون بن خزيمة وبنو الحارث بن عبد مناة من كنانة وبنو المصطلق من خزاعة، فلمّا سميت تلك الاحياء بالاحابيش من قبل تجمعها صار التحبيش في الكلام: التجميع. وفي بعض النسخ « الزنج » مكان « الجموع ».

(٢) في بعض النسخ « ابن سبانة » وفي بعضها « ابن النسابة ».

(٣) ذكر المصنف هذا الحديث مؤيداً لكلامه ولا ربط له بالعنوان.

٣٢١

عبد الله بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: حدّثنا أبو عليّ محمّد بن همّام قال: حدّثنا أحمد بن محمّد النوفليِّ قال: حدّثنا أحمد بن هلال، عن عثمان بن عيسى الكلابيّ، عن خالد بن نجيح، عن حمزة بن حمران، عن أبيه [ حمران بن أعين ]، عن سعيد بن جبير قال: سمعت سيّد العابدين عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يقول: في القائم منا سنن من الأنبياء(١) [ سنة من أبينا آدمعليه‌السلام ، و ] سنة من نوح، وسنّة من إبراهيم، وسنّة من موسى، وسنّة من عيسى، وسنّة من أيّوب، وسنّة من محمّد صلوات الله عليهم، فأمّا (من آدم و) نوح فطول العمر وأما من إبراهيم فخفاء الولادة واعتزال النّاس، وأما من موسى، فالخوف والغيبة وأمّا من عيسى فاختلاف النّاس فيه، وأمّا من أيّوب فالفرج بعد البلوى، وأمّا من محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فالخروج بالسيف.

٤ - حدّثنا محمّد بن عليّ بن بشار القزوينيُّ قال: حدّثنا أبو الفرج المظفر ابن أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر الكوفيُّ الاسديُّ قال: حدّثنا موسى بن عمران النخعيُّ، عن عمّه الحسين بن يزيد، عن حمزة بن حمران، عن أبيه، عن سعيد بن جبير قال: سمعت سيّد العابدين عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يقول: في القائم سنة من نوح وهو طول العمر.

٥ - حدّثنا عليُّ بن أحمد الدّقّاق؛ ومحمّد بن أحمد الشيبانيُّ رضي الله عنهما قالا: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفيُّ، عن موسى بن عمران النخعيِّ، عن عمه الحسين ابن يزيد، عن حمزة بن حمران، عن أبيه حمران بن أعين، عن سعيد بن جبير قال: سمعت سيّد العابدين عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يقول: في القائم سنة من نوح وهو طول العمر.

٦ - وبهذا الاسناد قال: قال عليُّ بن الحسين سيّد العابدينعليهما‌السلام : القائم منا

__________________

(١) في بعض النسخ « في القائم منا سنن من ستة أنبياء » وفي بعضها « سنن من سبعة انبياء ». وما بين القوسين ليس في بعض النسخ.

٣٢٢

تخفى ولادته على النّاس حتّى يقولوا: لم يولد بعد، ليخرج حين يخرج وليس لأحد في عنقه بيعة.

٧ - حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيُّرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا عليُّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن بسطام بن مرّة، عن عمرو بن ثابت قال: قال عليُّ بن الحسين سيّد العابدينعليهما‌السلام : من ثبت على موالاتنا(١) في غيبة قائمنا أعطاه الله عزَّ وجلَّ أجر ألف شهيد من شهداء بدر واحد.

٨ - حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام الكلينيُّرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكلينيُّ قال: حدّثنا القاسم بن العلاء قال: حدّثنا إسماعيل بن عليّ القزويني قال: حدّثني عليّ بن إسماعيل، عن عاصم بن حميد الحناط، عن محمّد بن قيس، عن ثابت الثماليِّ، عن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالبعليهم‌السلام أنَّه قال: فينا نزلت هذه الآية: «وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله »(٢) وفينا نزلت هذه الآية: «وجعلها كلمة باقية في عقبه »(٣) والامامة في عقب الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهما‌السلام إلى يوم القيامة. وإنَّ للقائم منّا غيبتين إحداهما أطول من الاُخرى، أمّا الاولى فستّة أيّام، أو ستّة أشهر، أو ستة سنين(٤) . وأمّا الاخرى فيطول أمدها حتّى يرجع

__________________

(١) في بعض النسخ « على ولايتنا ».

(٢) الاحزاب: ٦.

(٣) الزخرف: ٤٧.

(٤) قال العلامة المجلسي - ره -: قولهعليه‌السلام : « فستة أيّام » لعله اشارة إلى اختلاف أحوالهعليه‌السلام في غيبته، فستة أيّام لم يطلع على ولادته إلّا خاص الخاص من أهاليهعليه‌السلام ، ثمّ بعد ستة أشهر اطلع عليه غيرهم من الخواص، ثمّ بعد ست سنين عند وفاة والدهعليه‌السلام ظهر أمره لكثير من الخلق. أو اشارة إلى أنَّه بعد امامته لم يطلع على خبره إلى ستة أيّام أحد، ثمّ بعد ستة أشهر انتشر أمره، وبعد ست سنين ظهر وانتشر أمر السفراء.

والاظهر أنَّه اشارة إلى بعض الازمان المختلفة الّتى قدرت لغيبته وإنّه قابل للبداء. ويؤبده ما رواه الكليني باسناده عن الاصبغ في حديث طويل قد مر بعضه في باب أخبار

٣٢٣

عن هذا الامر أكثر من يقول به فلا يثبت عليه إلّا من قوى يقينه وصحّت معرفته ولم يجد في نفسه حرجاً ممّا قضينا، وسلّم لنا أهل البيت.

٩ - وبهذا الاسناد قال: قال عليُّ بن الحسينعليهما‌السلام : إنَّ دين الله عزَّ وجلَّ(١) لا يصاب بالعقول الناقصة والاراء الباطلة والمقائيس الفاسدة، ولا يصاب إلّا بالتسليم، فمن سلّم لنا سلم، ومن اقتدى بنا هدى، ومن كان يعمل بالقياس والرأي هلك، ومن وجد في نفسه شيئاً ممّا نقوله أو نقضي به حرجاً كفر بالّذي أنزل السبع المثاني والقرآن العظيم وهو لا يعلم.

٣٢

( باب )

* (ما أخبر به أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام من) *

* (وقوع الغيبة بالقائمعليه‌السلام وإنّه الثاني عشر من الائمّةعليهم‌السلام ) *

١ - حدّثنا أبي؛ ومحمّد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله؛ وعبد الله بن جعفر الحميريُّ قالا: حدّثنا أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد، عن الحسين(٢) ابن الربيع المدائني قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق، عن أسيد بن ثعلبة(٣) ، عن أم هانيء

__________________

أمير المؤمنينعليه‌السلام « ثمّ قال: قلت: يا أمير المؤمنين وكم تكون الحيرة والغيبة؟ فقال: ستة أيّام أو ستة أشهر أو ست سنين، فقلت: وان هذا لكائن؟ فقال: نعم كما أنَّه مخلوق، وأنى لك بهذا الامر يا أصبغ اولئك خيار هذه الاُمّة مع خيار أبرار هذه العترة، فقلت: ثمّ ما يكون بعد ذلك؟ فقال: ثمّ يفعل الله ما يشاء، فإنَّ له بداءات وارادات وغايات ونهايات » فانه يدلُّ على أنَّ هذا الامر قابل للبداء والترديد قرينة ذلك والله يعلم - انتهى

(١) يعنى أحكامه وشريعته وفرائضه وسننه لا الأُمور الاعتقادية الّتى لا يعرف إلّا بالعقول وبارشادهم عليه السلام.

(٢) في بعض النسخ « الحسن » والسند مضطرب ففي الكافي أحمد بن الحسن عن عمر ابن يزيد عن الحسن بن الربيع الهمدانيّ - الخ.

(٣) في بعض النسخ: « أسد بن ثعلبة ».

٣٢٤

قالت: لقيت أبا جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام فسألته عن هذه الآية « فلا أقسم بالخنّس الجوار الكنّس »؟ فقال: إمام يخنس في زمانه عند انقضاء من علمه سنة ستّين ومائتين، ثمّ يبدو كالشهاب الوقاد في ظلمة اللّيل(١) فإنَّ أدركت ذلك قرت عيناك.

٢ - حدّثنا أحمد بن هارون الفامي(٢) ، وعليُّ بن الحسين بن شاذويه المؤدّب، وجعفر بن محمّد بن مسرور؛ وجعفر بن الحسين رضي الله عنهم قالوا: حدّثنا محمّد بن عبد الله ابن جعفر الحميريُّ، عن أبيه، عن أيّوب بن نوح، عن العبّاس بن عامر القصبانيُّ.

وحدّثنا جعفر بن عليّ بن الحسن بن عليّ عبد الله بن المغيرة الكوفيُّ قال: حدّثني جدي الحسن بن عليّ بن عبد الله، عن العبّاس بن عامر القصبانيُّ عن موسى ابن هلال الضبيّ، عن عبد الله بن عطاء قال: قلت لابي جعفرعليه‌السلام : أنَّ شيعتك بالعراق كثيرون فوالله ما في أهل بيتك مثلك فكيف لا تخرج؟ فقال: يا عبد الله بن عطاء قد أمكنت الحشو(٣) من أذنيك، والله ما أنا بصاحبكم، قلت: فمن صاحبنا؟ قال: انظروا من تخفى على النّاس ولادته فهو صاحبكم.

٣ - حدّثنا أبي؛ ومحمّد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله قال: حدّثني موسى بن عمر بن يزيد الصيقل، عن عليّ بن أسباط، عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله عزَّ وجلَّ: « قال أرأيتم أن أصبح

__________________

(١) تأويل لا تفسير والآية في سورة التكوير: ١٦. والخنس - كركع - الكواكب كلّها أو السيارة أو النجوم الخمسة. وكنس الظبي يكنس دخل في كناسه وهو مستتره في الشجر لأنّه يكنس الرمل حتّى يصل، جمع كنس وكنس كركع، والجواري الكنس هي الخنس لانها تكنس في المغيب كالظباء في الكنس. أو هي كلّ النجوم لانها تبدو ليلا وتخفى نهارا أو الملائكة أو بقر الوحش وظمأوه (القاموس).

(٢) الفامي والقاضي متحد ولعله القاضى الفامى، ففي بعض النسخ وبعض الاسانيد كتب « الفامى » وفي بعضها « القاضي ».

(٣) الحشو: فضل الكلام.

٣٢٥

ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين »(١) فقال: هذه نزلت في القائم(٢) ، يقول: أن أصبح إمامكم غائبا عنكم لا تدرون أين هو فمن يأتيكم بإمام ظاهر، يأتيكم بأخبار السّماء والأرض وحلال الله جلَّ وعزَّ وحرامه، ثمّ قالعليه‌السلام : والله ما جاء تأويل هذه الآية ولابدَّ أن يجيء تأويلها.

٤ - حدّثنا أبي؛ ومحمّد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن محمّد بن الفضيل(٣) عن أبي حمزة، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: أنَّ الله تبارك وتعالى أرسل محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الجنِّ والانس، وجعل من بعده الاثني عشر وصيّاً، منهم من مضى ومنهم من بقى، وكلُّ وصيٍّ جرت فيه سنة من الاوصياء الّذين بعد محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على سنّة أوصياء عيسىعليه‌السلام وكانوا اثني عشر وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام على سنّة المسيح.

٥ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّلرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن عبد الله بن حمّاد الانصاريّ، ومحمّد بن سنان جميعاً، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن أبي جعفر محمّد بن عليٍّ الباقرعليهما‌السلام قال: قال لي: يا أبا الجارود إذا دارت الفلك، وقال النّاس: مات القائم إو هلك، بأيِّ واد سلك، وقال الطالب: أنّى يكون ذلك وقد بليت عظامه فعند ذلك فارجوه، فإذا سمعتم به فأتوه ولو حبواً على الثلج(٤) .

٦ - حدّثنا أبي؛ ومحمّد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميريُّ، عن محمّد بن عيسى، عن سليمان بن داود، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: في صاحب هذا الامر أربع سنن من أربعة أنبياءعليهم‌السلام : سنّة من موسى وسنّة من عيسى، وسنّة من يوسف، وسنّة من محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

__________________

(١) الملك: ٣٠.

(٢) في بعض النسخ « في الامام ».

(٣) في بعض النسخ « عن محمّد بن الفضل ».

(٤) الحبو: أن يمشي على يديه وركبيته.

٣٢٦

فأمّا من موسى: فخائف يترقّب، وأمّا من يوسف فالحبس، وأمّا من عيسى فيقال: أنَّه مات، ولم يمت، وأمّا من محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فالسيف.

حدثنا أحمد بن زياد الهمدانيّرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا عليُّ بن إبراهيم ابن هاشم، عن محمّد بن عيسى، عن سليمان بن داود، عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام بمثل ذلك.

٧ - وحدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام رضي الله عنه قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب [ الكليني ] قال: حدّثنا القاسم بن العلاء قال: حدّثنا إسماعيل بن عليٍّ القزوينيُّ(١) قال: حدّثني عليُّ بن إسماعيل، عن عاصم بن حميد الحناط، عن محمّد بن مسلم الثقفي الطحان قال: دخلت على أبي جعفر محمّد بن عليٍّ الباقرعليهما‌السلام وأنا أُريد أن أسأله عن القائم من آل محمّد صلى الله عليه وعليهم، فقال لي مبتدئا: يا محمّد بن مسلم أنَّ في القائم من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شبهاً من خمسة من الرُّسل: يونس بن متى، ويوسف بن يعقوب، وموسى، وعيسى، ومحمّد، صلوات الله عليهم:

فأمّا شبهه من يونس بن متى: فرجوعه من غيبته وهو شابٌّ بعد كبر السنِّ، وأمّا شبهه من يوسف بن يعقوبعليهما‌السلام : فالغيبة من خاصّته وعامّته، واختفاؤه من إخوته وإشكال أمره على أبيه يعقوبعليهما‌السلام مع قرب المسافة بينه وبين أبيه وأهله وشيعته. وأمّا شبهه من موسىعليه‌السلام فدوام خوفه، وطول غيبته، وخفاء ولادته، وتعب شيعته من بعده ممّا لقوا من الاذى والهوان إلى أن أذن الله عزَّ وجلَّ في ظهوره ونصره وأيده على عدوِّه. وأمّا شبهه من عيسىعليه‌السلام : فاختلاف من اختلف فيه، حتّى قالت طائفة منهم: ما ولد، وقالت طائفة: مات، وقالت طائفة: قتل وصلب. وأمّا شبهه من جدِّه المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فخروجه بالسيف(٢) ، وقتله أعداء الله وأعداء رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والجبارين والطواغيت، وإنّه ينصر بالسيف والرعب، وإنّه لاتردُّ له راية.

__________________

(١) لم أجده وكذا شيخه.

(٢) في بعض النسخ « فتجر يده السيف ».

٣٢٧

وإنَّ من علامات خروجه: خروج السفيانيِّ من الشام، وخروج اليمانيِّ [ من اليمن ] وصحية من السّماء في شهر رمضان، ومناد ينادي من السّماء باسمه واسم أبيه.

٨ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد ابن الحسن الصفّار قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى؛ ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب والهيثم بن أبي مسروق النهديُّ، عن الحسن بن محبوب السرَّاد، عن عليّ بن رئاب عن أبي حمزة الثماليِّ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: أنَّ أقرب النّاس إلى الله عزَّ وجلَّ وأعلمهم به وأرأفهم بالناس محمّد صلى الله عليه والائمّةعليهم‌السلام ، فادخلوا أين دخلوا وفارقوا من فارقوا - عني بذلك حسيناً وولدهعليهم‌السلام - فإنَّ الحقَّ فيهم وهم الاوصياء ومنهم الائمّة فأينما رأيتموهم فاتَّبعوهم وإن أصبحتم يوماً لاترون منهم أحداً فاستغيثوا بالله عزَّ وجلَّ، وانظروا السنة الّتى كنتم عليها واتّبعوها، وأحبّوا من كنتم تحبّون وابغضوا من كنتم تبغضون، فما أسرع ما يأتيكم الفرج.

٩ - حدّثنا أبي؛ ومحمّد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب؛ ومحمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عمير، عن جميل بن درَّاج، عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : ما أجاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحدٌ قبل عليِّ بن أبي طالب وخديجةعليهما‌السلام ولقد مكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمكة ثلاث سنين مختفياً خائفاً يترقب، ويخاف قومه والناس(١) - والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة إليه -.

١٠ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاقرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا أبو عليّ محمّد ابن همّام، عن جعفر بن محمّد بن مالك قال: حدّثني الحسن بن محمّد بن سماعة قال: حدّثنا أحمد بن الحارث، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق عن أبيه أبي جعفر الباقرعليهما‌السلام قال: إذا قام القائمعليه‌السلام قال: « فررت منكم لمّا خفتكم

__________________

(١) في مناسبة الحديث بالباب تأمل. إلّا أن يقال: ذكر بمناسبة ما ذكر في ذيل الحديث السابق « وانظروا السنة الّتي كنتم عليها » وهذا أيضاً غير وجيه.

٣٢٨

فوهب لي ربّي حكماً وجعلني من المرسلين ».

١١ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّدرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفيّ قال: حدّثنا موسى بن عمران النخعيُّ، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفليِّ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي حمزة [ عن أبيه ] عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: في صاحب هذا الامر سنّة من موسى، وسنّة من عيسى، وسنّة من يوسف، وسنّة من محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

فأمّا من موسى فخائف يترقب، وأمّا من عيسى فيقال فيه ما [ قد ] قيل في عيسى، وأمّا من يوسف: فالسجن والغيبة، وأمّا من محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فالقيام بسيرته وتبيين آثاره(١) ثمّ يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر فلا يزال يقتل أعداء الله حتّى يرضى الله عزَّ وجلَّ، قلت: وكيف يعلم أنَّ الله تعالى قد رضي؟ قال: يلقي الله عزَّ وجلَّ في قلبه الرحمة.

١٢ - حدّثنا عبد الواحد بن محمّد بن عبدوسرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا أبو عمرو الكشّيُّ قال: حدّثنا محمّد بن مسعود قال: حدّثنا عليُّ بن محمّد القمّيّ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن هاشم، عن أبي أحمد الازديّ، عن ضريس الكناسيِّ قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنَّ صاحب هذا الامر فيه سنّة من يوسف ابن أمة سوداء، يصلح الله عزَّ وجلَّ أمره في ليلة واحدة.

١٣ - وبهذا الاسناد، عن محمّد بن مسعود قال: حدّثنا جبرئيل بن أحمد قال: حدّثنا موسى بن جعفر بن وهب البغداديُّ، ويعقوب بن يزيد، عن سليمان بن الحسن، عن سعد بن أبي خلف الزَّام(٢) عن معروف بن خرَّبوذ قال: قتل لأبي جعفر الباقرعليه‌السلام : أخبرني عنكم؟ قال: نحن بمنزلة النجوم إذا خفي نجم بدا نجم [ منا ] أمن وأمان وسلم وإسلام، وفاتح ومفتاح، حتّى إذا استوى بنو عبد المطلّب فلم يدر أيّ من أيٍّ، أظهر الله عزَّ وجلَّ [ لكم ] صاحبكم فاحمدوا الله عزَّ وجلَّ وهو يخيّر الصعب والذَّلول،

__________________

(١) في بعض النسخ « فالقيام بالسيف وتبيين آثاره ».

(٢) هو سعد بن أبي خلف الزهري مولاهم الزام ثقة من أصحاب الكاظم (ع).

٣٢٩

فقلت: جعلت فداك فأيهما يختار؟ قال: يختار الصعب على الذّلول.

١٤ - وبهذا الاسناد، عن محمّد بن مسعود، عن نصر بن الصباح، عن جعفر بن سهيل قال: حدّثني أبو عبد الله أخو أبي عليٍّ الكابليُّ، عن القابوسيِّ، عن نصر بن السندي، عن الخليل بن عمرو(١) ، عن عليّ بن الحسين الفزاري، عن إبراهيم بن عطيّة عن أم هانيء الثقفية قالت: غدوت على سيّدي محمّد بن عليِّ الباقرعليهما‌السلام فقلت له: يا سيدي آية في كتاب الله عزَّ وجلَّ عرضت بقلبي فأقلقتني وأسهرت ليلي، قال: فسلي يا اُمّ هانيء قالت: قلت: يا سيدي قول الله عزَّ وجلَّ: « فلا اقسم بالخنّس الجوار الكنّس » قال: نعم المسألة سألتيني يا أم هانئ هذا مولود في آخر الزَّمان هو المهديُّ من هذه العترة، تكون له حيرة وغيبة يضلُّ فيها أقوام، ويهتدي فيها أقوام، فيا طوبى لك أنَّ أدركتيه، وياطوبى لمن أدركه.

١٥ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد ابن الحسن الصفّار، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقيِّ، عن أبيه، عن المغيرة، عن المفضّل بن صالح، عن جابر(٢) عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام أنَّه قال: يأتي على النّاس زمان يغيب عنهم إمامهم، فيا طوبى للثّابتين على أمرنا في ذلك الزَّمان، أنَّ أدنى ما يكون لهم من الثواب أن يناديهم الباريء جل جلاله فيقول: عبادي(٣) وإمائي! آمنتم بسرِّي وصدَّقتم بغيبي، فأبشروا بحسن الثواب منّي، فأنتم عبادي وإمائي حقّاً منكم أتقبّل، وعنكم أعفو، ولكم أغفر، وبكم أسقي عبادي الغيث وأدفع عنهم البلاء ولو لاكم لانزلت عليهم عذابي، قال جابر: فقلت: يا ابن رسول الله فما أفضل ما يستعمله المؤمن في ذلك الزَّمان؟ قال: حفظ اللسان ولزوم البيت.

١٦ - حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصامرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكلينيُّ قال: حدّثنا القاسم بن العلاء قال: حدّثني إسماعيل بن عليٍّ القزويني قال: حدّثني

__________________

(١) السند مشتمل على مجاهيل ومهملين.

(٢) يعني جابر الجعفي.

(٣) في بعض النسخ « عبيدي ».

٣٣٠

عليُّ بن إسماعيل، عن عاصم بن حميد الحنّاط، عن محمّد بن مسلم الثقفيِّ قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليٍّ الباقرعليهما‌السلام يقول: القائم منّا منصور بالرُّعب، مؤيّد بالنصر تطوي له الأرض وتظهر له الكنوز، يبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويظهر الله عزَّ وجلَّ به دينه على الدِّين كله ولو كره المشركون، فلا يبقى في الأرض خراب إلّا قد عمر، وينزل روح الله عيسى بن مريمعليه‌السلام فيصلّي خلفه، قال: قلت(١) : يا ابن رسول الله متى يخرج قائمكم؟ قال: إذا تشبّه الرِّجال بالنساء، والنساء بالرِّجال، واكتفى الرِّجال بالرِّجال، والنساء بالنساء، وركب ذوات الفروج السروج، وقبلت شهادات الزُّور، وردَّت شهادات العدول، واستخف النّاس بالدماء وارتكان الزِّنا وأكل الرِّبا، واتّقي الاشرار مخافة ألسنتهم، وخروج السفيانيّ من الشام، واليماني من اليمن، وخسف بالبيداء، وقتل غلام من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين الرُّكن والمقام، اسمه محمّد بن الحسن النفس الزّكيّة، وجاءت صيحة من السّماء بأنَّ الحقَّ فيه وفي شيعته، فعند ذلك خروج قائمنا، فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة، واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً. وأوَّل ما ينطق به هذه الآية « بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين »(٢) ثمّ يقول: أنا بقية الله في أرضه وخليفته وحجّته عليكم فلا يسلم عليه مسلم إلّا قال: السلام عليك يا بقية الله في أرضه، فإذا اجتمع إليه العقد(٣) وهو عشرة آلاف رجل خرج، فلا يبقى في الأرض معبود دون الله عزَّ وجلَّ من صنم [ ووثن ] وغيره إلّا وقعت فيه نار فاحترق. وذلك بعد غيبة طويلة ليعلم الله من يطيعه بالغيب ويؤمن به.

١٧ - حدّثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلويُّرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه قال: حدّثنا أبو القاسم قال: كتبت من كتاب أحمد الدهان، عن القاسم بن حمزة، عن ابن أبي عمير قال: أخبرني أبو إسماعيل السِّراج عن خيثمة الجعفيِّ قال: حدّثني أبو أيّوب المخزومي(٤) قال: ذكر أبو جعفر محمّد -

__________________

(١) في بعض النسخ « خلفه، فقلت ».

(٢) هود: ٨٨.

(٣) في بعض النسخ « فإذا اجتمع له العقد ».

(٤) في بعض النسخ « أبو لبيد المخزومي ».

٣٣١

ابن عليٍّ الباقرعليهما‌السلام سَير الخلفاء الاثني عشر الراشدين [ صلوات الله عليهم ] فلمّا بلغ آخرهم قال: الثاني عشر الّذي يصلّي عيسى بن مريم عليه السلام خلفه [ عليك ] بسنته والقرآن الكريم(١) .

هذا آخر الجزء الاوَّل(٢) من كتاب [ إ ] كمال الدِّين و [ إ ] تمام النعمة في إثبات الغيبة وكشف الحيرة تصنيف الشيخ الفقيه(٣) [ الصدوق ] أبي جعفر محمّد بن عليّ الحسين بن موسى بن بابويه القميرضي‌الله‌عنه .

ويتلوه الجزء الثاني أوّله باب ما روي عن الصّادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام من النصِّ على القائمعليه‌السلام .

__________________

(١) كذا في جميع النسخ المخطوطة عندي وفي البحار أيضاً إلّا أنَّ في نسخة ثمينة بدون « عليك » والحديث كما ترى فيه تقطيع. والضمير في « بسنته » راجع إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن كانت مع « عليك » وبدونه راجع إلى الصاحب (ع) كما هو الظاهر.

(٢) في بعض النسخ « تم الجزء الاوَّل ». وفي بعضها « نجز الجزء الاوَّل »

(٣) في بعض النسخ « الشيخ العالم الصدوق ».

٣٣٢

الجزء الثاني

بسم الله الرّحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمّد وآله الطاهرين

٣٣

( باب )

* (ما روى عن الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام من النص على) *

* (القائمعليه‌السلام وذكر غيبته، وإنّه الثاني عشر من) *

* (الائمةعليهم‌السلام ) *

قال [ الشيخ الفقيه ] أبو جعفر محمّد بن عليِّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ( الفقيه ) مصنف هذا الكتابرحمه‌الله :

١ - حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريسرضي‌الله‌عنه ، قال: حدّثنا أبي، عن أيّوب بن نوح، عن محمّد بن سنان، عن صفوان بن مهران، عن الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام أنَّه قال: من أقر بجميع الائمّة وجحد المهديِّ كان كمن أقرَّ بجميع الأنبياء وجحد محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نبوَّته، فقيل له: يا ابن رسول الله فمن المهديُّ من ولدك؟ قال: الخامس من ولد السابع، يغيب عنكم شخصه ولا يحلُّ لكم تسميته.

٢ - حدّثنا أبي، ومحمّد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله عن الحسن بن عليّ الزيتونيِّ؛ ومحمّد بن أحمد بن أبي قتادة، عن أحمد بن هلال، عن امية بن عليّ، عن أبي الهيثم بن أبي حبّة(١) عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إذا اجتمعت

__________________

(١) كذا. وفي بعض النسخ « أبي الهيثم بن أبي نجية » وفي بعضها « أبي الحية » ولم أجده، ويحتمل بعيدا كونه مصحف « ابراهيم بن أبي حبة اليسع بن سعد المكي الّذي

٣٣٣

ثلاثة أسماء متوالية: محمّدٌ، وعليٌّ، والحسن، فالرَّابع القائم.

٣ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاقرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا أبو عليٍّ محمّد ابن همام قال: حدّثنا أحمد بن مابنداذ قال: أخبرنا أحمد بن هلال قال: حدّثني اميّة ابن عليٍّ القيسيُّ، عن أبي الهيثم التميميِّ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إذا توالت ثلاثة أسماء: محمّد وعلىٌّ، والحسن، كان رابعهم قائمهم.

٤ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد الدقاقرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفيُّ، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفليِّ، عن المفضّل بن عمر قال: دخلت على سيّدي جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، فقلت: يا سيدي لو عهدت إلينا في الخلف من بعدك؟ فقال لي: يا مفضّل: الامام من بعدي ابني موسى والخلف المأمول المنتظر « م ح م د » ابن الحسن بن عليّ بن محمّد عليِّ بن موسى.

٥ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقيُّ قال: حدّثنا أبي، عن جدِّي أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه محمّد بن خالد، عن محمّد بن سنان؛ وأبي عليٍّ الزراد جميعاً، عن إبراهيم الكرخيِّ قال: دخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادقعليهما‌السلام وإني لجالس عنده إذ دخل أبو الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام وهو غلام، فقمت إليه فقبّلته وجلست فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا إبراهيم أما أنَّه [ ل‍ ] صاحبك من بعدي، أما ليهلكنَّ فيه أقوام ويسعد [ فيه ] آخرون، فلعن الله قاتله وضاعف على روحه العذاب، أما ليخرجن الله من صلبه خير أهل الأرض في زمانه، سُمّي جدّه، ووارث علمه وأحكامه وفضائله، [ و ] معدن الامامة، ورأس الحكمة، يقتله جبّار بني فلان، بعد عجائب طريفة حسداً له، ولكن الله [ عزّ وجلّ ] بالغ أمره ولو كره المشركون. يخرج الله من صلبه تكملة اثني عشر(١) إماماً مهديّاً، اختصهم الله بكرامته وأحلّهم دار قدسه

__________________

عنونه الشيخ في رجال الصادقعليه‌السلام وقال: ضعيف. أو كونه « الهيثم بن عروة التميميّ » الكوفى الثقة. ولفظ « أبي » من زيادات النساخ ويؤيد الثاني ذكره مع النسبة في الخبر الاتي تحت رقم ٣.

(١) في بعض النسخ « تمام اثنى عشر ».

٣٣٤

المنتظر للثاني عشر منهم(١) كالشاهر سيفه بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يذبُّ عنه.

قال: فدخل رجل من موالي بني اميّة، فانقطع الكلام فعدت إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام إحدى عشرة مرة اريد منه أن يستتمَّ الكلام فما قدرت على ذلك، فلمّا كان قابل السنة الثانية(٢) دخلت عليه وهو جالسٌ فقال: يا إبراهيم هو المفرِّج للكرب عن شيعته بعد ضنك شديد، وبلاء طويل، وجزع وخوف، فطوبى لمن أدرك ذلك الزَّمان. حسبك يا إبراهيم. قال إبراهيم: فما رجعت بشيء أسر من هذا لقلبي ولا أقر لعيني.

٦ - حدّثنا محمّد بن عليّ ما جيلويه، ومحمّد بن موسى بن المتوكّل رضي الله عنهما قالا: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أبي طالب عبد الله ابن الصلت القمّيِّ، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: كنت أنا وأبو بصير ومحمّد بن عمران مولى أبي جعفرعليه‌السلام في منزل بمكّة، فقال محمّد بن عمران: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: نحن اثنا عشر مهديّاً(٣) فقال له أبو بصير: تالله لقد سمعت ذلك من أبي عبد اللهعليه‌السلام ؟ فحلف مرَّة أو مرَّتين أنَّه سمع ذلك منه. فقال أبو بصير: لكني سمعته من أبي جعفرعليه‌السلام .

وحدّثنا بمثل هذا الحديث محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار، عن أبي طالب عبد الله بن الصلت القمّيِّ، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران مثله سواء.

٧ - حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريسرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا أبي، عن محمّد ابن الحسين بن يزيد الزيات، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن ابن سماعة(٤) ، عن عليِّ بن الحسن بن رباط، عن أبيه، عن المفضّل بن عمر قال: قال الصادق جعفر ابن محمّدعليهما‌السلام إنَّ الله تبارك وتعالى خلق أربعة عشر نوراً قبل خلق الخلق بأربعة عشر

__________________

(١) في بعض النسخ « المقر بالثاني عشر منهم ».

(٢) كذا.

(٣) في بعض النسخ « محدثا ».

(٤) في بعض النسخ « عليّ بن سماعة ».

٣٣٥

ألف عام فهي أرواحنا. فقيل له: يا ابن رسول الله ومن الاربعة عشر؟ فقال: محمّد وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين والائمّة من ولد الحسين، آخرهم القائم الّذي يقوم بعد غيبته فيقتل الدّجّال ويطهّر الأرض من كلّ جور وظلم.

٨ - حدّثنا أبيرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا سعد بن عبد الله قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنَّه قال في قول الله عزَّ وجلَّ: «يوم يأتي بعض آيات ربّك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل »(١) ، فقالعليه‌السلام : الايات هم الائمّة، والآية المنتظرة القائمعليه‌السلام فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف، وإن آمنت بمن تقدَّمه من آبائهعليهم‌السلام .

٩ - حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان؛(*) وعليُّ بن أحمد بن محمّد الدّقّاق، وعليُّ ابن عبد الله الورَّاق، وعبد الله محمّد الصايغ؛ ومحمّد بن أحمد الشيبانيُّ رضي الله عنهم قالوا: حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريّا القطّان قال: حدّثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدّثنا تميم بن بهلول قال: حدّثنا عبد الله بن أبي الهذيل(٢) : وسألته عن الامامة فيمن تجب؟ وما علامة من تجب له الامامة؟ فقال لي: إنَّ الدّليل على ذلك والحجّة على المؤمنين والقائم في امور المسلمين والناطق بالقرآن والعالم بالاحكام أخو نبيِّ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وخليفته على امّته ووصيّه عليهم، ووليّه الّذي كان منه بمنزلة هارون من موسى المفروض الطاعة يقول الله عزَّ وجلَّ: «يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرَّسول وأولي الامر منكم »(٣) ، وقال جل ذكره: «إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا

__________________

(١) الانعام: ١٥٨

(*) لعله العطّار فصحف.

(٢) عبد الله بن أبي الهذيل الغنري أبو المغيرة الكوفيّ عامي من التابعين يروي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وعبد لله بن مسعود وعمار بن ياسر وخباب الارت وغيرهم من الصحابة، وكان عثمانياً توّفي في ولاية خالد القسري وروايته هذا عن الصادق (ع) بعيد جدا وان أدرك أيامه كما أنَّ رواية تميم عنهعليه‌السلام بواسطة واحدة لم تعهد في كتب الصدوق (ره)، واحتمال تعدد عبد الله بن أبي الهذيل أو أنَّ القول له بعيد. والسند في البحار أيضاً كما في المتن.

(٣) النساء: ٥٩.

٣٣٦

الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزَّكاة وهم راكعون »(١) المدعوُّ إليه بالولاية، المثبت له الامامة يوم غدير خمٍّ، بقول الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الله جلَّ جلاله: « ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى، قال: فمن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأعن من أعانه ذاك عليُّ بن أبي طالب أمير المؤمنين وإمام المتّقين وقائد الغرِّ المحجّلين، وأفضل الوصيّين وخير الخلق أجمعين بعد رسول ربِّ العالمين، وبعده الحسن ثمّ الحسين سبطا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إبنا خيرة النسوان، ثمّ عليُّ بن الحسين؛ ثمّ محمّد بن عليٍّ، ثمّ جعفر بن محمّد، ثمّ موسى بن جعفر، ثمّ عليُّ بن موسى، ثمّ محمّد بن عليٍّ، ثمّ عليُّ بن محمّد، ثمّ الحسن بن عليٍّ، ثمّ ابن الحسن بن عليٍّ صلوات الله عليهم إلى يومنا هذا واحد بعد واحد، إنّهم عترة الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معروفون بالوصيّة والامامة في كلّ عصر وزمان، وكل وقت وأوان، وإنّهم العروة الوثقى، وأئمة الهدى، والحجة على أهل الدُّنيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وإنَّ كلّ من خالفهم ضالٌّ مضلٌّ تارك للحق والهدى، وإنّهم المعبّرون عن القرآن، والناطقون عن الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالبيان، وإنَّ من مات ولا يعرفهم مات ميتة جاهلية، وإن فيهم الورع والعفّة والصدق والصلاح والاجتهاد، وأداء الامانة إلى البرِّ والفاجر، وطول السجود وقيام اللّيل، واجتناب المحارم، وانتظار الفرج بالصبر وحسن الصحبة، وحسن الجوار. ثمّ قال تميم بن بهلول: حدَّثني أبو معاوية، عن الأعمش، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام في الامامة بمثله سواء.

١٠ - حدّثنا أبي؛ ومحمّد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدَّثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميريُّ جميعاً، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن خالد، عن محمّد ابن سنان، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أقرب ما يكون العباد من الله عزَّ وجلَّ وأرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجّة الله عزَّ وجلَّ، فلم يظهر لهم ولم يعلموا بمكانه، وهم في ذلك يعلمون أنَّه لم تبطل حجج الله [ عنهم وبيناته ] فعندها فتوقّعوا الفرج صباحاً ومساء، وإنَّ أشد ما يكون غضب الله تعالى على أعدائه إذا

__________________

(١) المائدة: ٥٥.

٣٣٧

افتقدوا حجّة الله فلم يظهر لهم، وقد عَلم أنَّ أولياءه لا يرتابون، ولو علم أنّهم يرتابون لمّا غيّب عنهم حجّته طرفة عين، ولا يكون ذلك إلّا على رأس شرار الناس.

١١ - وبهذا الاسناد قال: قال المفضّل بن عمر: سمعت الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: من مات منتظراً لهذا الامر كان كمن كان مع القائم في فسطاطه، لا بل كان كالضارب بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالسيف.

١٢ - حدّثنا عليُّ بن أحمد الدَّقّاقرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفيُّ، عن سهل بن زياد الادميُّ، عن الحسن بن محبوب، عن عبد العزيز العبديِّ، عن عبد الله بن أبي يعفور قال: قال أبو عبد الله الصادقعليه‌السلام : من أقرَّ بالائمة من آبائي وولدي وجحد المهدي من ولدي كان كمن أقر بجميع الأنبياء وجحد محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نبوَّته. فقلت: يا سيدي ومن المهديُّ من ولدك؟ قال: الخامس من ولد السابع يغيب عنكم شخصه، ولا يحلُّ لكم تسميته.

١٣ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقانيُّرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمدانيُّ قال: حدّثنا أبو عبد الله العاصميُّ، عن الحسين بن القاسم بن أيّوب(١) ، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن ثابت الصائغ(٢) عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: منّا اثنا عشر مهديّاً مضى ستة وبقى ستّة، يصنع الله بالسادِّس ما أحبَّ(٣) .

١٤ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاقرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمدانيُّ قال: حدّثنا أبو عبد الله العاصميُّ، عن الحسين بن القاسم بن أيّوب، عن

__________________

(١) هو الحسين بن القاسم بن محمّد بن أيّوب بن شمون أبو عبد الله الكاتب وكان أبوه من أجلة أصحابنا (جش). قال ابن الغضائري: « ضعفوه وهو عندي ثقة ولكن البحث فيمن يروي عنه ».

(٢) هو ثابت بن شريح أبو اسماعيل الصائغ الانباري مولى الازدثقة. وفي النسخ « ثابت الصباغ » وفى بعضها « الصباح » وكلاهما تصحيف.

(٣) في بعض النسخ « في السادس ما أحب ».

٣٣٨

الحسن بن محمّد بن سماعة، عن وهيب، عن ذريح، عن أبي حمزة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنَّه قال: منّا اثنا عشر مهديّاً.

١٥ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاقرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمدانيُّ قال: حدّثنا جعفر بن عبد الله قال: حدّثني عثمان بن عيسى، عن سماعة ابن مهران قال: كنت أنا وأبو بصير ومحمّد بن عمران مولى أبي جعفر في منزل بمكّة فقال محمّد بن عمران: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: نحن اثنا عشر محدَّثون(١) فقال أبو بصير: والله لقد سمعت ذلك من أبي عبد اللهعليه‌السلام فحلف مرَّتين أنَّه سمعه منه.

١٦ - حدّثنا أبي؛ ومحمّد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقيِّ، عن محمّد بن سنان عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: أقرب ما يكون العباد من الله عزَّ وجلَّ وأرضى ما يكون عنهم إذا فقدوا حجّة الله، فلم يظهر لهم ولم يعلموا بمكانه، وهم في ذلك يعلمون أنَّه لم تبطل حجج الله عزَّ وجلَّ ولا بيّناته، فعندها فتوقّعوا الفرج صباحا ومساء، وإنَّ أشدَّ ما يكون غضب الله على أعدائه إذا افتقدوا حجّته فلم يظهر لهم، وقد علم أنَّ أولياءه لا يرتابون، ولو علم أنّهم يرتابون ما غيّب عنهم حجّته طرفة عين، ولا يكون ذلك إلّا على رأس شرار الناس.

١٧ - حدّثنا أبي؛ ومحمّد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميريُّ جميعاً، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب عن محمّد بن النعمان قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : أقرب ما يكون العبد إلى الله عزَّ وجلَّ وأرضى ما يكون عنه إذا افتقدوا حجّة الله فلم يظهر لهم، وحجب عنهم فلم يعلموا بمكانه، وهم في ذلك يعلمون أنَّه لا تبطل حجج الله ولا بيّناته فعندها فليتوقّعوا الفرج صباحاً ومساء، وإنَّ أشدَّ ما يكون غضباً على أعدائه إذا أفقدهم حجّته فلم يظهر لهم، وقد علم أنَّ أولياءه لا يرتابون، ولو علم أنّهم يرتابون ( ل‍ ) ما أفقدهم حجّته طرفة عين.

__________________

(١) في بعض النسخ « اثنا عشر مهديا ».

٣٣٩

١٨- حدّثنا أبي [ ومحمّد بن الحسن ]رضي‌الله‌عنه [ ما ] قال [ ل‍ ]: حدّثنا سعد بن - عبد الله قال: حدّثنا المعلّى بن محمّد البصريِّ، عن محمّد بن جمهور، وغيره، عن [ محمّد ] بن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: في القائم سنّة(١) من موسى بن عمرانعليه‌السلام ، فقلت: وما سنّة(١) موسى بن عمران، فقال: خفاء مولده، وغيبته عن قومه. فقلت: وكم غاب موسى بن عمرانعليه‌السلام عن قومه وأهله، فقال: ثماني وعشرين سنة.

١٩ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّلرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن غير واحد من أصحابنا، عن داود بن كثير الرقِّيّ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزَّ وجلَّ: « الّذينيؤمنون بالغيب »(٢) قال: من أقرَّ بقيام القائم أنَّه حقٌّ.

٢٠ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن محمّد الدَّقّاقرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا أحمد بن أبي - عبد الله الكوفيُّ قال: حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد، عن عليِّ بن أبي حمزة(٣) ، عن يحيى بن أبي القاسم قال: سألت الصادقعليه‌السلام عن قول الله عزَّ وجلَّ: « الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتَّقين الّذين يؤمنون بالغيب » فقال: المتّقون شيعة عليّعليه‌السلام ، والغيب فهو الحجّة الغائب. وشاهد ذلك قول الله عزَّ وجلَّ: «ويقولون لو لا انزل عليه آية من ربّه فقل

__________________

(١) في بعض النسخ « شبه ».

(٢) البقره: ٢.

(٣) هو عليّ بن أبي حمزة - سالم - البطائني بقرينة روايته عن يحيى أبي بصير، ورواية الحسين بن يزيد عنه. وكان إحد عمد الواقفة، قال عليّ بن الحسن بن فضال: أنَّه كذاب واقفي متهم ملعون. وقال ابن الغضائري: على بن أبي حمزة أصل الوقف وأشد الخلق عداوة للولي بعد أبي ابراهيمعليه‌السلام (يعنى الرضا عليه السلام ). وأمّا يحيى بن أبي القاسم فهو أبو بصير المكفوف ولعل الصواب « يحيى بن القاسم » وعليّ بن أبي حمزة هو قائده

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686