كمال الدين وتمام النعمة

كمال الدين وتمام النعمة11%

كمال الدين وتمام النعمة مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 686

كمال الدين وتمام النعمة المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 686 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 143239 / تحميل: 8008
الحجم الحجم الحجم
كمال الدين وتمام النعمة

كمال الدين وتمام النعمة

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

ونزل الناس، فقال علي( عليه‌السلام ) : أيّها الناس، إنّ هذه أرض ملعونة، قد عُذّبت في الدهر ثلاث مرّات، وفي خبر آخر مرّتين، وهي تتوقّع الثالثة، وهي إحدى المؤتفكات(١) ، وهي أوّل أرض عبد فيها وثن، وأنّه لا يحلّ لنبي ولا لوصي نبي أن يصلّي فيها، فمن أراد أن يصلّي فليصلّ، ثمّ ذكر حديث ردّ الشمس، وأنّ جويرية لم يصلّ في أرض بابل حتى ردّت الشمس فصلّى مع علي( عليه‌السلام ) .

[ ٦٢ ٧٤ ] ٣ - وفي( العلل) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن أحمد بن عبد الله القزويني، عن الحسين بن المختار القلانسي، عن أبي بصير، عن عبد الواحد بن المختار الأنصاري، عن أُم المقدام الثقفيّة قالت: قال لي جويرية بن مسهر: قطعنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب( عليه‌السلام ) جسر الفرات(٢) في وقت العصر، فقال: إنّ هذه أرض معذّبة، لا ينبغي لنبي ولا وصي نبي أن يصلّي فيها، فمن أراد منكم أن يصلّي(٣) فليصلّ، ثمّ ذكر نحوه.

ورواه الصفّار في( بصائر الدرجات) عن أحمد بن محمّد، مثله (٤) .

وروى الذي قبله عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن بحر، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن ابن أبي المقدام(٥) ، عن جويرية بن مسهر، مثله.

____________________

(١) الإِفك: أشدّ الكذب وأبلغه، وفي الخبر أيضاً « البصرة إحدىٰ المؤتفكات ».( مجمع البحرين ٥: ٢٥٤ ).

٣ - علل الشرائع: ٣٥٢ / ٤ الباب ٦١.

(٢) في المصدر: الصراة.

(٣) في المصدر زيادة: فيها.

(٤) بصائر الدرجات: ٢٣٩ / ٤، فيه: الصراط بدل الفرات.

(٥) في المصدر: أبي المقدام.

١٨١

[ ٦٢ ٧٥ ] ٤ - محمّد بن الحسن، عن المفيد، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن صالح السكوني، عن محمّد بن أبي عمير قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : أُصلّي على الشاذكونة(١) وقد أصابها الجنابة ؟ قال: لا بأس.

أقول: وقد تقدّم ما يدلّ على باقي الأحكام في القبلة(٢) ، وفي النجاسات(٣) ، ويأتي ما يدلّ على بعضها هنا(٤) ، وفي أحاديث القيام(٥) .

٣٩ - باب جواز الصلاة على كدس الحنطة ونحوه مع التمكّن من أفعال الصلاة على كراهيّة، وحكم علوّ المسجد عن الموقف

[ ٦٢ ٧٦ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن عمر بن حنظلة قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : يكون الكدس من الطعام مطيّناً مثل السطح ؟ قال: صلّ عليه.

[ ٦٢ ٧٧ ] ٢ - وبأسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن أحمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن حسين بن عثمان، عن ابن مسكان، عن محمّد بن مضارب، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن

____________________

٤ - التهذيب ١: ٢٧٤ / ٨٠٦، والاستبصار ١: ٣٩٣ / ١٥٠٠.

(١) الشاذَكونة، بفتح الذال: ثياب غلاظ مُضَرَّبَة تعمل باليمن.( القاموس المحيط ٤: ٢٣٩ ).

(٢) تقدم في الباب ١٣ و ١٤ و ١٥ و ١٧ و ١٩ من أبواب القبلة.

(٣) تقدم في الباب ٣٠ من أبواب النجاسات.

(٤) يأتي في الحديث ١ و ٢ من الباب ٤٣ من هذه الأبواب.

(٥) يأتي في الباب ١٤ من أبواب القيام.

الباب ٣٩

فيه حديثان

١ - التهذيب ٢: ٣٠٩ / ١٢٥٣، الاستبصار ١: ٤٠٠ / ١٥٢٨.

٢ - التهذيب ٢: ٣٠٩ / ١٢٥٢، الاستبصار ١: ٤٠٠ / ١٥٢٩.

١٨٢

كدس(١) حنطة مطيّن، أُصلّي فوقه ؟ فقال: لا تصلّ فوقه، قلت: فإنّه مثل السطح مستوٍ ؟ فقال: لا تصلّ عليه.

قال الشيخ: الوجه في هذا الخبر ضرب من الكراهة دون الحظر.

أقول: ويأتي ما يدلّ على بقيّة المقصود في السجود(٢) .

٤٠ - باب جواز الصلاة على الفراش، والقتّ، والتبن، والحنطة، ونحوها، مع تمكّن الجبهة لا مع عدمه، على كراهيّة مع عدم الضروة

[ ٦٢ ٧٨ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن علي بن جعفر، أنّه سأل أخاه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) عن الرجل يكون في السفينة، هل يجوز له أن يضع الحصير على المتاع، أو القت، والتبن، والحنطة، والشعير، وغير ذلك، ثمّ يصلّي عليه ؟ قال: لا بأس.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن أخيه الحسين، عن أبيه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن الماضي( عليه‌السلام ) ، وذكر مثله(٣) .

[ ٦٢ ٧٩ ] ٢ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد ): عن عبد الله بن الحسن، عن جدّه علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته

____________________

(١) الكُدس بالضم: الحب المحصود المجموع.( هامش المخطوط) عن القاموس الحيط ٢: ٢٤٥.

(٢) يأتي ما يدل على بقيّة المقصود في الباب ١٠ و ١١ من أبواب السجود.

الباب ٤٠

فيه ٨ أحاديث

١ - الفقيه ١: ٢٩٢ / ١٣٣٠.

(٣) التهذيب ٣: ٢٩٦ / ٨٩٦.

٢ - قرب الاسناد: ٨٦.

١٨٣

عن الرجل هل يجزيه أن يضع الحصير أو البوريا على الفراش وغيره من المتاع ثمّ يصلّي عليه ؟ قال: إن كان يضطرّ إلى ذلك فلا بأس.

[ ٦٢ ٨٠ ] ٣ - وبالإِسناد قال: وسألته عن الرجل هل يجزيه أن يقوم إلى الصلاة على فراشه فيضع على الفراش مروّحة أو عوداً ثم يسجد عليه ؟ قال: إن كان مريضاً فليضع مروحة(١) ، وأمّا العود فلا يصلح.

[ ٦٢ ٨١ ] ٤ - وبالإِسناد قال: وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يقوم في الصلاة على القتّ والتبن والشعير وأشباهه ويضع مروّحة ويسجد عليها ؟ قال: لايصلح له إلّا أن يكون مضطراً.

[ ٦٢ ٨٢ ] ٥ - وبالإسناد قال: وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلّي على البيدر مطيّن عليه ؟ قال: لا يصلح.

[ ٦٢ ٨٣ ] ٦ - وبالإِسناده قال: وسألته عن الرجل يكون في السفينة، هل يصلح له أن يضع الحصير فوق المتاع أو القتّ أو التبن أو الحنطة أو الشعير وأشباهه ثمّ يصلّي ؟ قال: لا بأس.

[ ٦٢ ٨٤ ] ٧ - أحمد بن أبي عبد الله في( المحاسن ): عن محمّد بن علي، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن صاحب لنا يكون على سطحه الحنطة والشعير فيطأون يصلون عليه قال: فغضب وقال: لولا إنّي أرى أنّه من أصحابنا للعنته.

____________________

٣ - قرب الأسناد: ٨٦.

(١) المروحة بالكسر: آلة يتروّح بها يقال تروّحت بالمروحة كأنّه من الطيب لأنّ الريح تلين به، وتطيب بعد أن لم تكن كذلك، والجمع المراوح.( مجمع البحرين ٢: ٣٦٣ ).

٤ - قرب الأسناد: ٨٦.

٥ - قرب الأسناد: ٩٧.

٦ - قرب الأسناد: ٩٨.

٧ - المحاسن: ٥٨٨ / ٨٨، أورده وما بعده في الحديث ٣ من الباب ٧٩ من أبواب آداب المائدة.

١٨٤

[ ٦٢ ٨٥ ] ٨ - وعن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن( أبي عيينة) (١) عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، مثله وزاد فيه: أما يستطيع أن يتّخذ لنفسه مصلّى يصلّي فيه، الحديث.

أقول: هذا محمول على السجود عليه بالجبهة، أو على الكراهيّة، أو على الاستخفاف وقصد الاهانة لما مرّ(٢) .

٤١ - باب كراهة استقبال المصلّي السيف

[ ٦٢ ٨٦ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في( العلل) عن أبيه، عن سعد، عن محمّد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، عن آبائه، عن أمير المؤمنين( عليهم‌السلام ) قال: لا تخرجوا بالسيوف إلى الحرم، ولا يصلّ أحدكم وبين يديه سيف، فانّ القبلة أمن.

ورواه في( الخصال) باسناده الآتي عن علي( عليه‌السلام ) (٣) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على كراهة استقبال الحديد(٤) .

____________________

٨ - المحاسن: ٥٨٨ / ٨٨.

(١) كذا وفي المصدر: عيينه.

(٢) مَرّ في الحديث ٢ من الباب ٣٩ من هذه الأبواب.

الباب ٤١

فيه حديث واحد

١ - علل الشرائع: ٣٥٣ / ١ الباب ٦٣، أخرجه عن الخصال أيضاً في الحديث ٦ من الباب ٣٠ من هذه الأبواب، وعنهما أيضاً في الحديث ٣ من الباب ٢٥ من أبواب مقدمات الطواف.

(٣) الخصال: ٦١٦ يأتي الأسناد في الفائدة الأولى من الخاتمة برمز( ر ).

(٤) تقدم ما يدل على ذلك في الباب ٥٧ من أبواب لباس المصلّي، وفي الباب ٣٠ من هذه الأبواب، ويأتي ما يدل عليه في الباب ١٣ من أبواب المساجد.

١٨٥

٤٢ - باب استحباب تفريق الصلاة في أماكن متعددة

[ ٦٢ ٨٧ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) ( الامام إذا انصرف) (١) فلا يصلّي في مقامه ركعتين حتّى ينحرف عن مقامه ذلك.

وبإسناده عن محمّد بن مسعود، عن محمّد بن نصير، عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، مثله، إلّا أنّه ترك لفظ ركعتين(٢) .

[ ٦٢ ٨٨ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن عبد الله بن علي الزراد قال: سأل أبو كهمس أبا عبد الله( عليه‌السلام ) فقال: يصلّي الرجل نوافله في موضع أو يفرّقها ؟ قال: لا، بل ها هنا وها هنا(٣) فانّها تشهد له يوم القيامة.

ورواه الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين(٤) .

ورواه الصدوق في( العلل) عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، مثله (٥) .

قال الصدوق: يعني أن بقاع الأرض تشهد له.

____________________

الباب ٤٢

فيه ٩ أحاديث

١ - التهذيب ٢: ٣٢١ / ١٣١٤.

(١) في المصادر الثلاثة: إذا انصرف الامام.

(٢) التهذيب ٢: ٣٨٢ / ١٥٩٥ و ٣: ٢٨٤ / ٨٤٤.

٢ - التهذيب ٢: ٣٣٥ / ١٣٨١.

(٣) في هامش الاصل عن الكافي: يفرقها ها هنا.

(٤) الكافي ٣: ٤٥٥ / ١٨.

(٥) علل الشرائع: ٣٤٣ / ١ الباب ٤٦.

١٨٦

[ ٦٢ ٨٩ ] ٣ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب قال: سمعت أبا الحسن الأوّل(١) ( عليه‌السلام ) يقول: إذا مات المؤمن بكت عليه الملائكة، وبقاع الأرض التي كان يعبد الله عليها، وأبواب السماء التي كان يصعد أعماله فيها، الحديث.

ورواه الحميري في( قرب الإِسناد ): عن أحمد بن محمّد، ومحمّد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب(٢) .

ورواه الصدوق في( العلل ): عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن العباس بن معروف، عن الحسن بن محبوب، مثله(٣) .

[ ٦٢ ٩٠ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) ، وذكر مثله.

[ ٦٢ ٩١ ] ٥ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال( عليه‌السلام ) : إذا مات المؤمن بكت عليه بقاع الأرض التي كان يعبد الله عزّ وجلّ فيها، والباب الذي كان يصعد منه عمله وموضع سجوده.

[ ٦٢ ٩٢ ] ٦ - وبإسناده عن الحسن بن محبوب، عن أبي محمّد الوابشي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: ما من مؤمن يموت في أرض غربة يغيب فيها

____________________

٣ - الكافي ٣: ٢٥٤ / ١٣.

(١) في هامش الاصل: في العلل( موسى) بدل( الاول ).

(٢) قرب الاسناد: ١٢٤.

(٣) علل الشرائع: ٤٦٢ / ٢ الباب ٢٢٢.

٤ - الكافي ١: ٣٠ / ٣، وأورده بتمامه في الحديث ١ و ٢ من الباب ٨٨ من أبواب الدفن.

٥ - الفقيه ١: ٨٤ / ٣٨٤.

٦ - الفقيه ٢: ١٩٦ / ٨٨٩، أخرجه بتمامه عنه وعن ثواب الأعمال والمحاسن في الحديث ٣ من الباب ٢ من أبواب آداب السفر.

١٨٧

بواكيه إلّا بكته بقاع الأرض التي كان يعبد الله عليها(١) ، وبكته أبواب السماء التي كان يصعد فيها عمله، الحديث.

[ ٦٢ ٩٣ ] ٧ - وفي( المجالس ): عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن مرازم بن حكيم، عن الصادق( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّه قال: صلّوا من المساجد في بقاع مختلفة فإنّ كلّ بقعة تشهد للمصلّي عليها يوم القيامة.

[ ٦٢ ٩٤ ] ٨ - وقد تقدّم في حديث حمران، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) أنّ علي بن الحسين( عليهما‌السلام ) كان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة كما كان يفعل أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ، كان له خمسمائة نخلة وكان يصلّي عند كلّ نخلة ركعتين.

[ ٦٢ ٩٥ ] ٩ - محمّد بن الحسن في( المجالس والأخبار) باسناده الآتي (٢) عن أبي ذرّ، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) في وصيته له: يا أباذر، ما من رجل يجعل جبهته في بقعة من بقاع الأرض إلّا شهدت له بها يوم القيامة، وما من منزل ينزله قوم إلّا وأصبح ذلك المنزل يصلّي عليهم أو يلعنهم، يا أبا ذر، ما من صباح ولا رواح إلّا وبقاع الأرض ينادي بعضها بعضاً يا جارة، هل مرّ بك اليوم ذاكر لله أو عبد وضع جبهته عليك ساجداً لله تعالى ؟ فمن قائلة: لا، ومن قائلة: نعم، فإذا قالت: نعم، اهتزّت وانشرحت وترى أنّ لها الفضل على جارتها.

____________________

(١) في المصدر زيادة: وبكته أثوابه.

٧ - أمالي الصدوق: ٢٩٤ / ٨، تقدم صدره في الحديث ٢ من الباب ١٠ من أبواب الوضوء.

٨ - تقدم في الحديث ٦ من الباب ٣٠ من أبواب أعداد الفرائض.

٩ - أمالي الطوسي ٢: ١٤٧.

(٢) يأتي في الفائدة الثانية من الخاتمة برقم (٤٩).

١٨٨

٤٣ - باب جواز الصلاة في بيت الحجام ولو في غير الضرورة وعلى حصير أو مصلّى يجامع عليه، وكراهة استقبال المرأة المواجهة في الصلاة

[ ٦٢ ٩٦ ] ١ - عبد الله بن جعفر الحميري في( قرب الإِسناد ): عن عبد الله بن الحسن، عن جدّه علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الصلاة في بيت الحجّام(١) من غير ضرورة، قال: لا بأس إذا كان المكان الذي صلّى فيه نظيفاً.

[ ٦٢ ٩٧ ] ٢ - وبالإِسناد قال: وسألته عن الرجل يجامع على الحصير أو المصلّى، هل تصلح الصلاة عليه ؟ قال: إذا لم يصبه شيء فلا بأس، وإن أصابه شيء فاغسله وصلّ.

[ ٦٢ ٩٨ ] ٣ - وبالإِسناد قال: سألته عن الرجل يكون في صلاته، هل يصلح أن تكون امرأة مقبلة بوجهها عليه في القبلة قاعدة أو قائمة ؟ قال: يدرؤها عنه فان لم يفعل لم يقطع ذلك صلاته.

[ ٦٢ ٩٩ ] ٤ - أحمد بن محمّد البرقي في( المحاسن ): عن إدريس بن الحسن، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من تأمّل خلق(٢) امرأة( في الصلاة) (٣) فلا صلاة له.

____________________

الباب ٤٣

فيه ٤ أحاديث

١ - قرب الاسناد: ٩١.

(١) في المصدر: الحمّام.

٢ - قرب الاسناد: ٩١.

٣ - قرب الاسناد: ٩٤.

٤ - المحاسن: ٨٢ / ١٣.

(٢) في المصدر: خلف.

(٣) ليس في المصدر.

١٨٩

أقول: وتقدّم ما يدل على بعض المقصود في أحاديث وضع الساتر قدّام المصلّي وغير ذلك(١) .

٤٤ - باب جواز تقدّم المصلّي عن مكانه مع الحاجة ورجوعه القهقرى وكراهة تأخّره ووجوب الكفّ عن القراءة حال المشي إلّا مع الضرورة

[ ٦٣ ٠٠ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن محمّد بن أحمد، عن العمركي، عن علي بن جعفر قال: سألت موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) عن القيام خلف الإِمام في الصفّ ما حدّه ؟ قال: إقامة(٢) ما استطعت فإذا قعدت فضاق المكان فتقدّم أو تأخّر فلا بأس.

[ ٦٣ ٠١ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي، عن محمّد بن مسلم قال: قلت له: الرجل يتأخّر وهو في الصلاة ؟ قال: لا، قلت: فيتقدّم ؟ قال: نعم، ما شاء(٣) إلى القبلة.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن إسماعيل، مثله(٤) .

[ ٦٣ ٠٢ ] ٣ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني،

____________________

(١) تقدم ما يدل على بعض المقصود في الباب ٤ و ١١ و ١٢ من هذه الأبواب.

الباب ٤٤

فيه ٨ أحاديث

١ - التهذيب ٣: ٢٧٥ / ٧٩٩ ومسائل علي بن جعفر: ١٧٠ / ٢٨٧، أورده أيضاً في الحديث ١ من الباب ٧٠ من أبواب الجماعة.

(٢) في البحار: قم.

٢ - الكافي ٣: ١٨٥ / ٢، وأورده في الحديث ٥ من الباب ٤٦ من أبواب الجماعة.

(٣) في التهذيب: ماشياً.( هامش المخطوط ).

(٤) التهذيب ٣: ٢٧٢ / ٧٨٧.

٣ - الكافي ٣: ٣١٦ / ٢٤، وأورده في الحديث ١ من الباب ٣٤ من أبواب القراءة.

١٩٠

عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) أنه قال في الرجل يصلّي في موضع ثمّ يريد أن يتقدّم، قال: يكفّ عن القراءة في مشيه حتّى يتقدّم إلى المواضع الذي يريد ثمّ يقرأ.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم، مثله(١) .

[ ٦٣ ٠٣ ] ٤ - محمّد بن علي بن الحسين قال: رأى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) نخامة في المسجد فمشى إليها بعرجون(٢) من عراجين ابن طاب(٣) فحكّها ثم رجع القهقرى فبنى على صلاته.

[ ٦٣ ٠٤ ] ٥ - قال: وقال الصادق( عليه‌السلام ) : وهذا يفتح من الصلاة أبواباً كثيرة.

[ ٦٣ ٠٥ ] ٦ - محمّد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من نوادر أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن علي يعني ابن رئاب، عن الحلبي أنّه سأل أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن الرجل يخطو أمامه في الصلاة خطوة أو خطوتين أو ثلاثا ؟ قال: نعم لا بأس.

____________________

(١) التهذيب ٢: ٢٩٠ / ١١٦٥.

٤ - الفقيه ١: ١٨٠ / ٨٤٩، وأورده في الحديث ١ من الباب ٣٦ من أبواب القواطع.

(٢) العرجون: هو العذق الذي يعوج وتقطع منه الشماريخ فيبقىٰ علىٰ النخل يابساً، قال الأزهري: العرجون:، أصفر عريض شبه الله به الهلال لما عاد دقيقاً فقال سبحانه:( وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) .( لسان العرب ١٣: ٢٨٤ ).

(٣) قال ابن الأثير: ابن طاب: نوع من أنواع تمر المدينة منسوب الى ابن طاب - رجل من أهلها - يقال: عذق ابن طاب ورطب ابن طاب وتمر ابن طاب.( النهاية ٣: ١٤٩ )، هذا وقد صنف آية الله السيد مهدي القزويني( قده) رسالة « نزهة الالباب في حديث ابن طاب ».

وتم نشر هذه الرسالة في العدد الثاني من نشرة( تراثنا) من السنة الأولىٰ.

٥ - الفقيه ١: ١٨٠ / ٨٥٠، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٣٦ من أبواب القواطع.

٦ - مستطرفات السرائر: ٢٨ / ١٣، وأورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ٣٠ من أبواب القواطع.

١٩١

[ ٦٣ ٠٦ ] ٧ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد ): عن عبد الله بن الحسن، عن جدّه علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل يقعد في المسجد ورجليه(١) خارجة منه، أو انتقل(٢) من المسجد وهو في صلاته(٣) ؟ قال: لا بأس.

[ ٦٣ ٠٧ ] ٨ - وعنه، عن علي بن جعفر قال: سألته عن رجل يكون في الصلاة، هل يصلح له أن يقدّم رجلاً ويؤخّر أُخرى من غير مرض ولا علّة ؟ قال: لا بأس.

ورواه علي بن جعفر في كتابه(٤) وكذا الذي قبله وكذا الأوّل.

أقول ويأتي ما يدلّ على ذلك في قواطع الصلاة وفي الجماعة(٥) ، ويأتي ما يدلّ على استثناء الضرورة من عدم جواز القراءة حال المشي في القيام، إن شاء الله(٦) .

____________________

٧ - قرب الاسناد: ٩٥ باختلاف ومسائل علي بن جعفر: ١٥٣ / ٢٠٧.

(١) في نسخة: رجله ‎( هامش المخطوط ).

(٢) في المصدر: أو أسفل.

(٣) في المصدر زيادة: أيصلح له.

٨ - قرب الاسناد: ٩٤.

(٤) مسائل علي بن جعفر: ١٦٤ / ٢٦٢.

(٥) يأتي ما يدل على ذلك في الحديث ٤ من الباب ١٩ من قواطع الصلوة والباب ٤٦ من الجماعة.

(٦) يأتي في الباب ٣٤ من أبواب القراءة.

١٩٢

أبواب احكام المساجد

١ - باب تأكّد استحباب الصلاة في المسجد واتيانه حتّى مساجد العامة

[ ٦٣ ٠٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : إنّي لأكره الصلاة في مساجدهم فقال: لا تكره - إلى أن قال: - فأدّ فيها الفريضة والنوافل واقض ما فاتك.

ورواه الكليني كما يأتي(١) .

[ ٦٣ ٠٩ ] ٢ - الحسن بن محمّد الطوسي في أماليه، عن أبيه، عن المفيد، عن ابن قولويه، عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن شريف بن سابق، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: يا فضل، لا يأتي المسجد من كل قبيلة إلّا وافدها، ومن كلّ أهل بيت إلّا نجيبها، يا فضل، لا يرجع صاحب المسجد بأقلّ من إحدى ثلاث خصال: إما دعاء يدعو به يدخله الله به

____________________

أبواب أحكام المساجد

الباب ١

فيه حديثان

١ - التهذيب ٣: ٢٥٨ / ٧٢٣.

(١) يأتي في ذيل الحديث ١ من الباب ٢١ من هذه الأبواب.

٢ - أمالي الشيخ الطوسي ١: ٤٥ تقدم صدره في الحديث ٧ من الباب ٢ من أبواب الدفن، وفي الحديث ٦ من الباب ١٣ من أبواب مكان المصلي، ويأتي في الحديث ٢ من الباب ١٣٢ من أبواب العشرة.

١٩٣

الجنّة، وإمّا دعاء يدعو به فيصرف الله به عنه بلاء الدنيا، وإمّا أخ يستفيده في الله، الحديث.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في أحاديث كثيرة جدّاً(١) .

٢ - باب كراهة تأخّر جيران المسجد عنه وصلاتهم الفرائض في غيره لغير علة كالمطر، واستحباب ترك مؤاكلة من لا يحضر المسجد وترك مشاربته ومشاورته ومناكحته ومجاورته

[ ٦٣ ١٠ ] ١ - محمّد بن الحسن قال: قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : لا صلاة لجار المسجد إلّا في مسجده.

قال: الشيخ: إنّما أراد لا صلاة فاضلة كاملة دون أن يكون المراد رفع جوازها.

[ ٦٣ ١١ ] ٢ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن ابن سنان يعني عبد الله، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: إن أُناساً كانوا على عهد رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أبطأوا عن الصلاة في المسجد، فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : ليوشك قوم يدعون الصلاة في المسجد أن نأمر بحطب فيوضع على أبوابهم فتوقد عليهم نار فتحرق عليهم بيوتهم.

[ ٦٣ ١٢ ] ٣ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن علي( عليه‌السلام ) قال: لا صلاة

____________________

(١) يأتي في الأبواب ٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٧ و ٢١ و ٣٣ و ٦٤ من هذه الأبواب، وفي الباب ١ من أبواب العشرة.

الباب ٢

فيه ١٠ أحاديث

١ - التهذيب ١: ٩٢ / ٢٤٤.

٢ - التهذيب ٣: ٢٥ / ٨٧، أورده في الحديث ١٠ من الباب ٢ من أبواب الجماعة.

٣ - التهذيب ٣: ٢٦١ / ٧٣٥.

١٩٤

لمن لم يشهد الصلوات المكتوبات من جيران المسجد إذا كان فارغاً صحيحاً.

[ ٦٣ ١٣ ] ٤ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : إذا ابتلّت النعال فالصلاة في الرحال.

[ ٦٣ ١٤ ] ٥ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإسناد ): عن السندي بن محمّد، عن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه: أنّ علياً( عليه‌السلام ) كان يقول: ليس لجار المسجد صلاة إذا لم يشهد المكتوبة في المسجد إذا كان فارغاً صحيحاً.

[ ٦٣ ١٥ ] ٦ - أحمد بن محمّد البرقي في( المحاسن ): عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: اشترط رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) على جيران المسجد شهود الصلاة وقال: لينتهينّ أقوام لا يشهدون الصلاة أو لآمرنّ مؤذّناً يؤذّن ثمّ يقيم، ثمّ لآمرنّ رجلاً من أهل بيتي وهو علي بن أبي طالب فليحرقنّ على أقوام بيوتهم بحزم الحطب لأنّهم(١) لا يأتون الصلاة.

ورواه الصدوق في( عقاب الأعمال ): عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن ميمون القداح(٢) .

ورواه في( الأمالي ): عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم، مثله(٣) .

[ ٦٣ ١٦ ] ٧ - محمّد بن الحسن في( المجالس والأخبار) بإسناده الآتي عن رزيق

____________________

٤ - الفقيه ١: ٢٤٦ / ١٠٩٩، أخرجه عنه وعن التهذيب في الحديث ٥ من الباب ٢ من أبواب الجماعة.

٥ - قرب الاسناد: ٦٨.

٦ - المحاسن: ٨٤ / ٢٠.

(١) في هامش الاصل( لانهم) من الامالي.

(٢) عقاب الأعمال: ٢٧٦ / ٢.

(٣) أمالي الصدوق: ٣٩٢ / ١٤.

٧ - أمالي الشيخ الطوسي ٢ / ٣٠٧، ويأتي في الفائدة الثانية من الخاتمة برقم (٥١).

١٩٥

قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: رفع إلى أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) بالكوفة أنّ قوماً ‎ً من جيران المسجد لا يشهدون الصلاة جماعة في المسجد، فقال( عليه‌السلام ) : ليحضرنّ معنا صلاتنا جماعة، أو ليتحوّلنّ عنّا ولا يجاورونا ولا نجاورهم.

[ ٦٣ ١٧ ] ٨ - وعن رزيق، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: شكت المساجد إلى الله تعالى الذين لا يشهدونها من جيرانها، فأوحى الله إليها وعزّتي وجلالي لاقبلت لهم صلاة واحدة، ولا أظهرت لهم في الناس عدالة، ولا نالتهم رحمتي، ولا جاوروني في جنّتي.

[ ٦٣ ١٨ ] ٩ - وعنه، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) أنّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) بلغه أنّ قوماً ‎ً لا يحضرون الصلاة في المسجد، فخطب فقال: إنّ قوماً ‎ً لا يحضرون الصلاة معنا في مساجدنا فلا يؤاكلونا ولا يشاربونا ولا يشاورونا ولا يناكحونا ولا يأخذوا من فيئنا شيئاً، أو يحضروا معنا صلاتنا جماعة، وإنّي لأوشك أن آمر لهم بنار تشعل في دورهم فأحرقها عليهم أو ينتهون، قال: فامتنع المسلمون عن مؤاكلتهم ومشاربتهم ومناكحتهم حتى حضروا الجماعة مع المسلمين.

[ ٦٣ ١٩ ] ١٠ - وعن رزيق قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: من صلّى في بيته جماعة رغبة عن المسجد فلا صلاة له ولا لمن صلّى معه إلّا من علّة تمنع من المسجد.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

____________________

٨ - أمالي الشيخ الطوسي ٢: ٣٠٧.

٩ - أمالي الشيخ الطوسي ٢: ٣٠٨.

١٠ - أمالي الشيخ الطوسي ٢: ٣٠٧.

(١) تقدم في الباب ١ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الحديث ٥ من الباب ٣٣ من هذه الأبواب، وفي الباب ٢ من أبواب الجماعة.

١٩٦

٣ - باب استحباب الاختلاف إلى المسجد وملازمته وقصده على طهارة والجلوس فيه سيّما لانتظار الصلاة

[ ٦٣ ٢٠ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن سعد الإِسكاف، عن زياد بن عيسى، عن أبي الجارود، عن الأصبغ،عن علي بن أبي طالب( عليه‌السلام ) قال: كان يقول: من اختلف إلى المسجد أصاب إحدى الثمان: أخاً مستفاداً في الله، أو علماً مستطرفاً، أو آية محكمة، أو يسمع(١) كلمة تدلّه على هدى، أو رحمة منتظرة، أو كلمة تردّه عن ردى، أو يترك ذنباً خشية أو حياءً.

ورواه الصدوق مرسلاً، نحوه(٢) .

ورواه في( ثواب الأعمال والخصال) عن أبيه، عن سعد، عن يعقوب بن يزيد (٣) .

وفي( المجالس ): عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن يعقوب بن يزيد، نحوه، إلّا أنّه ترك قوله: عن زياد بن عيسى، عن أبي الجارود(٤) .

ورواه البرقي في( المحاسن ): عن الحسن بن الحسين، عن يزيد بن هارون، عن العلاء بن راشد، عن سعد بن طريف، عن عمير بن المأمون، عن الحسين بن علي، عن جدّه رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، نحوه(٥) .

____________________

الباب ٣

فيه ٦ أحاديث

١ - التهذيب ٣: ٢٤٨ / ٦٨١، النهاية: ١٠٧.

(١) في هامش الاصل عن نسخة: سمع.

(٢) الفقيه ١: ١٥٣ / ٧١٤.

(٣) ثواب الأعمال: ٤٦، والخصال: ٤٠٩ / ١٠.

(٤) أمالي الصدوق: ٣١٨.

(٥) المحاسن: ٤٨ / ٦٦. وفيه عمير المأمون.

١٩٧

ورواه الحميري في( قرب الإِسناد ): عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر، عن أبيه، عن الحسن بن علي، نحوه(١) .

[ ٦٣ ٢١ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن ‎ إبرهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه قال: قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : من كان القرآن حديثه، والمسجد بيته بنى الله له بيتاً في الجنّة.

ورواه الصدوق في( ثواب الأعمال ): عن حمزة بن محمّد العلوي، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه(٢) .

ورواه في( المجالس ): عن جعفر بن علي، عن جدّه الحسن بن علي، عن جدّه عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم السكوني(٣) .

ورواه الشيخ( في النهاية) عن السكوني (٤) ، والذي قبله عن ابن أبي عمير، مثله.

[ ٦٣ ٢٢ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين قال: روي أنّ الله تبارك وتعالى ليريد عذاب أهل الأرض جميعاً حتّى لا يحاشي منهم أحداً، فإذا نظر إلى الشيب ناقلي أقدامهم إلى الصلوات، والولدان يتعلّمون القرآن (رحمهم‌الله )(٥) فأخّر ذلك عنهم.

وفي( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن محمّد بن أحمد بن هشام، عن محمّد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ،

____________________

(١) قرب الاسناد: ٣٣.

٢ - التهذيب ٣: ٢٥٥ / ٧٠٧.

(٢) ثواب الأعمال: ٤٧ / ١.

(٣) أمالي الشيخ الصدوق: ٤٠٥ / ١٦.

(٤) النهاية: ١٠٨.

٣ - الفقيه ١: ١٥٥ / ٧٢٣.

(٥ ‎ ) لفظة الجلالة في نسخة( هامش المخطوط ).

١٩٨

مثله(١) وزاد بعد أحداً: إذا عملوا بالمعاصي واجترحوا السيئات.

[ ٦٣ ٢٣ ] ٤ - وفي( الخصال ): عن الخليل بن أحمد، عن ابن منيع، عن مصعب، عن مالك، عن أبي عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد الخدري، أو عن أبي هريرة، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: سبعة يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله عزّ وجلّ، ورجل قلبه متعلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان كانا في طاعة الله عزّ وجلّ فاجتمعا على ذلك وتفرّقا، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات حسب وجمال فقال: إنّي أخاف الله، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما يتصدّق بيمينه.

وعن المظفر بن جعفر العلوي، عن جعفر بن محمّد بن مسعود العياشي، عن أبيه، عن الحسن بن اشكيب، عن محمّد بن علي، عن أبي جميلة، عن أبي بكر الحضرمي، عن سلمة بن كهيل، عن ابن عباس، عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، نحوه(٢) .

[ ٦٣ ٢٤ ] ٥ - وفي( المقنع) قال: روي أنّ في التوراة مكتوباً: إنّ بيوتي في الأرض المساجد، فطوبى لمن تطهّر في بيته ثمّ زارني في بيتي، وحقّ على المزور أن يكرم الزائر.

[ ٦٣ ٢٥ ] ٦ - الحسن بن محمّد الديلمي في( الإِرشاد) عن علي( عليه‌السلام ) قال: الجلسة في الجامع خير لي من الجلسة في الجنّة، لأنّ الجنّة فيها رضى نفسي والجامع فيه رضى ربّي.

____________________

(١) ثواب الأعمال: ٤٧ / ٣، ٦١ / ١.

٤ - الخصال: ٣٤٢ / ٧ أخرج قطعة منه عن المجمع في الحديث ١١ من الباب ١٣ من أبواب الصدقة.

(٢) الخصال: ٣٤٣ / ٨.

٥ - المقنع: ٢٧.

٦ - ارشاد القلوب: ٢١٨.

١٩٩

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) ، وتقدّم ما يدلّ على استحباب الجلوس في المسجد لانتظار الصلاة في المواقيت(٣) ، وفي إسباغ الوضوء(٤) ، وما يدلّ على استحباب قصد المسجد على طهارة في الوضوء(٥) .

٤ - باب استحباب المشي إلى المساجد

[ ٦٣ ٢٦ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن يعلى بن حمزة، عن الحجّال، عن علي بن الحكم، عن رجل، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من مشى إلى المسجد لم يضع رجلاً على رطب ولا يابس إلّا سبّحت له الأرض إلى الأرضين السابعة.

محمّد بن علي بن الحسين قال: قال الصادق( عليه‌السلام ) ، وذكر الحديث(٦) .

وفي( ثواب الأعمال ): عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن يعلى بن حمزة، عن الحجّال، عن علي بن الحكم، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، مثله(٧) .

[ ٦٣ ٢٧ ] ٢ - وعن أبيه، عن سعد، عن أيوب بن نوح، عن الربيع بن

____________________

(١) تقدم في الباب ١ و ٢ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الباب ٤ و ٣٩ و ٦٨ من هذه الأبواب.

(٣) تقدم في الباب ٢ من أبواب المواقيت.

(٤) تقدم في الأحاديث ١ و ٣ و ٧ من الباب ٥٤ من أبواب الوضوء.

(٥) تقدم في الباب ١٠ من أبواب الوضوء.

الباب ٤

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٣: ٢٥٥ / ٧٠٦.

(٦) الفقيه ١: ١٥٢ / ٧٠٢.

(٧) ثواب الأعمال: ٤٦.

٢ - ثواب الأعمال: ٢١٢ / ١.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

أبي الحسن صاحب العسكرعليه‌السلام أسأله عن الفرج، فكتب إليَّ: إذا غاب صاحبكم عن دار الظالمين فتوقّعوا الفرج

٤ - حدّثنا أبيرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا سعد بن عبد الله قال: حدّثنا محمّد ابن عبد الله بن أبي غانم القزوينيُّ قال: حدّثني إبراهيم بن محمّد بن فارس قال: كنت أنا [ ونوح ] وأيوب بن نوح في طريق مكّة فنزلنا على وادي زبالة فجلسنا نتحدَّث فجرى ذكر ما نحن فيه وبعد الامر علينا فقال أيّوب بن نوح: كتبت في هذه السنة أذكر شيئاً من هذا، فكتب إليَّ: إذا رفع علمكم(١) من بين أظهركم فتوقّعوا الفرج من تحت أقدامكم(٢) .

٥ - حدّثنا محمّد بن الحسنرضي‌الله‌عنه قال: حدَّثنا سعد بن عبد الله قال: حدَّثنا أبو جعفر محمّد بن أحمد العلويُّ، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفريِّ قال: سمعت أبا الحسن صاحب العسكرعليه‌السلام يقول: الخلف من بعدي ابني الحسن فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ فقلت: ولم جعلني الله فداك؟ فقال: لانكم لا ترون شخصه ولا يحلُّ لكم ذكره باسمه، قلت: فكيف نذكره؟ قال: قولوا: الحجّة من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٦ - حدّثنا أبي؛ ومحمّد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله

____________

(١) « علمكم » اما بالتحريك أي من يعلم به سبيل الحق، أو بالكسر يعني صاحب علمكم.

(٢) قال العلامة المجلسيرحمه‌الله : « توقع الفرج من تحت الاقدام كناية عن قربه وتيسر حصوله، فإنَّ من كانت قدماه على شيء فهو أقرب الاشياء به ويأخذه إذا رفعهما، فعلى الاولين المعنى أنَّه لابدّ أن تكونوا في تلك الازمان متوقعين للفرج كذلك غير آيسين منه. ويحتمل أن يكون المراد ما هو أعم من ظهور الامام أي يحصل لكم فرج اما بالموت والوصول إلى رحمة الله، أو ظهور الامام، أو رفع شر الاعادي بفضل الله. وعلى الوجه الثالث الكلام محمول على ظاهره فانه إذا تمت جهالة الخلق وضلالتهم لابدّ من ظهور الامامعليه‌السلام كما دلت الأخبار وعادة الله في الامم الماضية عليه ».

٣٨١

قال: حدّثني الحسن بن موسى الخشّاب، عن إسحاق بن محمّد بن أيّوب قال: سمعت أبا الحسن عليَّ بن محمّد [ بن عليِّ بن موسى ]عليهم‌السلام يقول: صاحب هذا الامر من يقول النّاس: لم يولد بعد(١) .

٧ - وحدّثنا بهذا الحديث محمّد بن إبراهيم بن إسحاق، عن محمّد بن معقل، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن إسحاق بن محمّد بن أيّوب، عن أبي الحسن عليِّ بن محمّدعليهما‌السلام أنَّه قال: صاحب هذا الامر من يقول النّاس: إنَّه لم يولد بعد.

٨ - حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفررضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا عليُّ بن إبراهيم عن أبيه، عن عليِّ بن صدقة، عن عليِّ بن عبد الغفّار قال: لمّا مات أبو جعفر الثانيعليه‌السلام كتبت الشيعة إلى أبي الحسن صاحب العسكرعليه‌السلام يسألونه عن الامر، فكتبعليه‌السلام : الامر لي ما دمت حيّاً، فإذا نزلت بي مقادير الله عزَّ وجلَّ آتاكم الله الخلف منّي وأنّى لكم بالخلف بعد الخلف.

٩ - حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيُّرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا عليُّ بن - إبراهيم قال: حدّثني عبد الله بن أحمد الموصليُّ، عن الصقر بن أبي دلف قال: لمّا حمل المتوكّل سيّدنا أبي الحسنعليه‌السلام جئت لاسأل عن خبره قال: فنظر إليَّ حاجب المتوكّل(٢) فأمر أن أدخل إليه فأدخلت إليه، فقال: يا صقر ما شأنك؟ فقلت: خير أيّها الاستاذ فقال: اقعد، قال الصقر: فأخذني ما تقدَّم وما تأخّر(٣) وقلت: أخطأت في المجييء قال:

__________________

(١) تقدَّم الخبر في باب ما روى عن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ص ٣٦٠.

(٢) في معاني الأخبار « فنظر إلى الرازقي وكان حاجباً للمتوكل واومأ إلى أن ادخل ».

(٣) كذا في جميع النسخ المخطوطة عندي وفي الخصال والمعاني أيضاً وفي المطبوع « فأخذ فيما تقدَّم وما تأخر ». وعليه فالمعنى اما أخذ بالسؤال عمّا تقدَّم وعما تأخر من الأُمور المختلفة لاستعلام حالي وسبب مجيئي، فلذا ندم على الذهاب إليه لئلّا يطلع على حاله ومذهبه، أو الموصول فاعل « أخذني » بتقدير أي اخذني التفكر فيما تقدَّم من الأُمور من ظنه التشبع بي وفيما تأخر ممّا يترتب على مجيئي من المفاسد (البحار)،

٣٨٢

فوحى النّاس عنه(١) ، ثمّ قال: ما شأنك وفيم جئت؟ قلت: لخبر مّا، قال: لعلّك جئت تسأل عن خبر مولاك؟ فقلت له: ومن مولاي؟ مولاي أمير المؤمنين، فقال اسكت مولاك هو الحقُّ لا تتحشمني فإنّي على مذهبك، فقلت: الحمد لله، فقال أتحبُّ أن تراه؟ فقلت: نعم، فقال: اجلس حتّى يخرج صاحب البريد، قال: فجلست فلمّا خرج قال: لغلام له: خذ بيد الصقر فأدخله إلى الحجرة الّتي فيها العلويُّ المحبوس وخلَّ بينه وبينه، قال: فأدخلني الحجرة وأومأ إلى بيت، فدخلت فإذا هوعليه‌السلام جالس على صدر حصير وبحذاه قبر محفور، قال: فسلّمت فردَّ [ عليَّ السلام ] ثمّ أمرني بالجلوس فجلست، ثمّ قال لي: يا صقر ما أتى بك؟ قلت: يا سيدي جئت أتعرف خبرك قال ثمّ نظرت إلى القبر وبكيت، فنظر إليَّ وقال: يا صقر لا عليك لن يصلوا إلينا بسوء فقلت: الحمد لله ثمّ قلت: يا سيّدي حديث يروي عن النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا أعرف معناه، قال: فما هو؟ قلت: قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا تعادوا الأيّام فتعاديكم » ما معناه؟

فقال: نعم الأيّام نحن، بنا قامت السماوات والأرض، فالسبت: اسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والأحد أمير المؤمنين، والاثنين الحسن والحسين، والثلثاء عليُّ بن الحسين ومحمّد بن عليٍّ الباقر وجعفر بن محمّد [ الصادق ]، والاربعاء موسى بن جعفر وعليُّ بن موسى ومحمّد بن عليٍّ وأنا، والخميس ابني الحسن، والجمعة ابن ابني وإليه تجتمع عصابة الحق، وهو الّذي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، فهذا معنى الأيّام ولا تعادوهم في الدُّنيا فيعادوكم في الاخرة، ثمّ قالعليه‌السلام : ودع واخرج فلا آمن عليك(٢) .

١٠ - حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا عليُّ بن إبراهيم قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد الموصلي قال: حدّثنا الصقر بن أبي دلف قال: سمعت عليَّ بن محمّد بن عليٍّ الرِّضاعليهم‌السلام يقول: إنَّ الامام بعدي الحسن ابني، وبعد الحسن ابنه القائم الّذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.

__________________

(١) أي أشار إليهم أن يبعدوا عنه، أو على بناء التفعيل أي أعجلهم في الذهاب. وفي المعاني « فأوجئ النّاس عنه » بصيغة المجهول وأوجأ فلاناً عنه أي دفعه ونحاه.

(٢) في الخصال في ذيل الخبر بيان للمصنف وقال: الأيّام ليست بالائمة ولكن كنيعليه‌السلام بها عن الائمّة لئلّا يدرك معناه غير اهل الحق ثمّ ذكر لكلامه شاهدا من آيات القرآن.

٣٨٣

٣٨

( باب )

* (ما روى عن أبي محمّد الحسن بن على العسكريعليهما‌السلام ) *

* (من وقوع الغيبة بابنه القائمعليه‌السلام وإنّه الثاني) *

* (عشر من الائمّةعليهم‌السلام ) *

١ - حدّثنا عليّ بن عبد الله الورّاق قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد ابن إسحاق بن سعد الاشعريّ قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليٍّعليهما‌السلام وأنا أريد أن أسأله عن الخلف [ من ] بعده، فقال لي مبتدئاً: يا أحمد بن إسحاق إنَّ الله تبارك وتعالى لم يخلِّ الأرض منذ خلق آدمعليه‌السلام ولا يخلّيها إلى أن تقوم الساعة من حجّة لله على خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض، وبه ينزِّل الغيث، وبه يخرج بركات الارض.

قال: فقلت له: يا ابن رسول الله فمن الامام والخليفة بعدك؟ فنهضعليه‌السلام مسرعاً فدخل البيت، ثمّ خرج وعلى عاتقه غلامٌ كان وجهه القمر ليلة البدر من أبناء الثلاث سنين، فقال: يا أحمد بن إسحاق لو لا كرامتك على الله عزَّ وجلَّ وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا، إنَّه سُمّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكنّيه، الّذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.

يا أحمد بن إسحاق مثله في هذه الاُمّة مثل الخضرعليه‌السلام ، ومثلَه مثل ذي القرنين، والله ليغيبنَّ غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلّا من ثبته الله عزَّ وجلَّ على القول بإمامته وفّقه [ فيها ] للدُّعاء بتعجيل فرجه.

فقال أحمد بن إسحاق: فقلت له: يا مولاي فهل من علامة يطمئنُّ إليها قلبي؟ فنطق الغلامعليه‌السلام بلسان عربيٍّ فصيح فقال: أنا بقيّة الله في أرضه، والمنتقم من أعدائه، فلا تطلب أثراً بعد عين يا أحمد بن إسحاق.

فقال أحمد بن إسحاق: فخرجت مسروراً فرحاً، فلمّا كان من الغد عدت إليه

٣٨٤

فقلت له: يا ابن رسول الله لقد عظم سروري بما مننت [ به ] عليَّ فما السنّة الجارية فيه من الخضر وذي القرنين؟ فقال: طول الغيبة يا أحمد، قلت: يا ابن رسول الله وإنَّ غيبته لتطول؟ قال: إي وربّي حتّى يرجع عن هذا الامر أكثر القائلين به ولا يبقى إلّا من أخذ الله عزَّ وجلَّ عهده لولايتنا، وكتب في قلبه الايمان وأيّده بروح منه.

يا أحمد بن إسحاق: هذا أمر من أمر الله، وسرٌّ من سرِّ الله، وغيب من غيب الله، فخذ ما آتيتك واكتمه وكن من الشاكرين تكن معنا غداً في علّييّن.

قال مصنف هذا الكتابرضي‌الله‌عنه : لم أسمع بهذا الحديث إلّا من عليِّ بن عبد الله الورَّاق وجدت بخطّه مثبتاً فسألته عنه فرواه لي عن سعد بن عبد الله، عن أحمد ابن إسحاقرضي‌الله‌عنه كما ذكرته(١) .

* (ما روى من حديث الخضرعليه‌السلام (٢) ) *

١ - حدّثني محمّد بن إبراهيم بن إسحاقرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى البصريُّ قال: حدّثنا محمّد بن عطية قال: حدّثنا هشام ابن جعفر، عن حمّاد، عن عبد الله بن سليمان(٣) قال: قرأت في بعض كتب الله عزَّ وجلَّ أنَّ ذا القرنين كان عبداً صالحاً جعله الله حجّة على عباده ولم يجعله نبيّاً، فمكّن الله له في الأرض وآتاه من كلِّ شيء سبباً، فوصفت له عين الحياة وقيل له: من شرب منها لم يمت حتّى يسمع الصيحة وإنّه خرج في طلبها حتّى انتهى إلى موضع فيه ثلاثمائة وستّون عيناً و

__________________

(١) راجع تتمة احاديث هذا الباب فيما سيأتي ص ٤٠٧ عند قول المصنف: « رجعنا إلى ذكر ما روى عن أبي الحسن بن عليّ العسكري (ع).

(٢) ذكر المصنف هذا الفصل والّذي بعده استطرداداً بين باب أخبار أبي محمّد العسكريعليه‌السلام ولذا جعلناه ممتازاً عن أخبار الباب.

(٣) عبد الله بن سليمان مشترك بين خمسة ولم يوثق أحد منهم والخبر - كما ترى - مقطوع أي غير مروي عن المعصومعليه‌السلام .

٣٨٥

كان الخضر على مقدَّمته(١) ، وكان من أحبّ النّاس إليه فأعطاه حوتاً مالحاً، وأعطى كلّ واحد من أصحابه حوتاً مالحاً، وقال لهم: ليغسل كلُّ رجل منكم حوته عند كلِّ عين، فانطلق الخضرعليه‌السلام إلى عين من تلك العيون فلمّا غمس الحوت في الماء حيي وانساب في الماء، فلمّا رأى الخضرعليه‌السلام ذلك علم أنَّه قد ظفر بماء الحياة فرمى بثيابه وسقط في الماء فجعل يرتمس فيه ويشرب منه فرجع كلُّ واحد منهم إلى ذي القرنين ومعه حوته، ورجع الخضر وليس معه الحوت فسأله عن قصّته فأخبره فقال له: أشربت من ذلك الماء؟ قال: نعم، قال: أنت صاحبها وأنت الّذي خلقت لهذا العين فأبشر بطول البقاء في هذه الدُّنيا مع الغيبة عن الابصار إلى النفخ في الصور.

٢ - حدَّثنا عليّ بن أحمد بن عبد الله بن أبي عبد الله البرقيِّ قال: حدّثنا أبي، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمزة بن حمران وغيره، عن الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: خرج أبو جعفر محمّد بن عليٍّ الباقرعليهما‌السلام (٢) بالمدينة فتضجّر واتّكأ على جدار

__________________

(١) يعنى على مقدمة عسكر ذي القرنين وهو غريب لأنّ الخضر إذا كان معاصراً لموسىعليه‌السلام فكان على التقريب ١٥٠٠ عام قبل الميلاد، وذو القرنين سواء كان اسكندر أو كورش كان بعد موسىعليه‌السلام بقرون كثيرة، فإنَّ اسكندر في عام ٣٣٠ قبل الميلاد وكورش ٥٥٠ قبل الميلاد فلعل المراد بذى القرنين رجل آخر غيرهما هذا، وقد نقل ابن قتيبة في معارفه عن وهب بن منبه قال: « ذو القرنين هو رجل من الاسكندرية اسمه الاسكندروس وكان حلم حلماً رأى فيه أنَّه دنا من الشمس حتّى أخذ بقرنيها في شرقها وغربها، فقص رؤياه على قومه، فسموه ذا القرنين وكان في الفترة بعد عيسىعليه‌السلام ». انتهى. وعلى أي حال تاريخ ذى القرنين والخضر في غاية تشويه والوهم والاضطراب ونحن لا نقول في حقهما إلّا ما قاله القرآن أو ما وافقه من الأخبار ونترك الزوائد لاهلها.

(٢) وهم الراوي، وإنّما هو عليّ بن الحسينعليهما‌السلام فاشتبه عليه كما قال

٣٨٦

من جدرانها متفكّراً إذ أقبل إليه رجل فقال له، يا أبا جعفر على م حزنك؟ على الدُّنيا فرزق [ الله عزَّ وجلَّ ] حاضر يشترك فيه البرُّ والفاجر: أم على الاخرة فوعد صادق يحكم فيه ملك قادر، قال، أبو جعفرعليه‌السلام : ما على هذا حزني إنّما حزني على فتنة ابن الزُّبير، فقال له الرَّجل: فهل رأيت أحداً خاف الله فلم ينجه، أم هل رأيت أحداً توكل على الله فلم يكفه؟ وهل رأيت أحداً استجار الله فلم يجره(١) ؟ فقال أبو جعفرعليه‌السلام : لا، فولّى الرَّجل، فقيل: من هو ذاك؟ فقال أبو جعفر: هذا هو الخضرعليه‌السلام .

قال مصنّف هذا الكتابرضي‌الله‌عنه : جاء هذا الحديث هكذا، وقد روى في خبر آخر أنَّ ذلك كان مع عليِّ بن الحسينعليهما‌السلام .

٣ - حدّثنا أبيرضي‌الله‌عنه قال: حدّثني سعد بن عبد الله؛ و

__________________

المصنفرحمه‌الله . وذلك لأنّه كانت فتنة ابن الزبير في سنّة ثلاث وستين وهو بمكة وأخرج أهل المدينة عامل يزيد « عثمان بن محمّد بن أبي سفيان » ومروان بن الحكم وسائر بني أمية من المدينة باشارة ابن الزبير وهو بمكة فوجه يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة في جيش عظيم لقتال ابن الزبير، فسار بهم حتّى نزل المدينة فقاتل أهلها وهزمهم وأباحها ثلاثة أيّام - وهي وقعة الحرة المعروفة - ثمّ سار مسلم بن عقبة إلى مكة قاصداً قتال عبد الله بن الزبير فتوفى بالطريق ولم يصل، فدفن بقديد وولى الجيش الحصين بن نمير السكوني، فمضى بالجيش وحاصروا عبد الله بن الزبير وأحرقت الكعبة حتّى انهدم جدارها وسقط سقفها وأتاهم الخبر بموت يزيد فانكفئوا راجعين إلى الشام. وبويع ابن الزبير على الخلافة سنّة خمس وستين وبني الكعبة وبايعة أهل البصرة والكوفة وقتل في أيّام الحجاج سنّة ٧٣.

هذا، ثمّ اعلم أنَّ أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام في أيّام ابن الزبير ابن ست عشرة سنّة، وفي وقعة الحرة ابن سبع أو ثمان سنين. فكيف يلائم هذا مع ما في المتن. بل كان ذلك مع عليّ بن الحسين عليهما السلام لأنّ فتنة ابن الزبير وخروجه وهدم البيت وبناءه الكعبة وقتله كلّها في أيّام السجاد عليه السلام.

(١) في بعض النسخ « استخار الله فلم يخره ».

٣٨٧

عبد الله بن جعفر الحميريّ قالا: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد ابن خالد البرقيُّ، عن أحمد بن زيد النيسابوريِّ قال: حدّثني عمر بن - إبراهيم الهاشمي، عن عبد الملك بن عمير، عن أسيد بن صفوان صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: لمّا كان اليوم الّذي قبض فيه أمير المؤمنينعليه‌السلام إرتجَّ الموضع بالبكاء(١) ، ودهش النّاس كيوم قبض النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجاء رجل باك وهو مسرع(٢) مسترجعٌ، وهو يقول: اليوم انقطعت خلافة النبوَّة، حتّى وقف على باب البيت الّذي فيه أمير المؤمنين فقال: رحمك الله يا أبا الحسن كنت أول القوم إسلاماً، وأخلصهم إيمانا، وأشدَّهم يقيناً، وأخوفهم من الله عزَّ وجلَّ، وأعظمهم عناء(٣) ، وأحوطهم على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآمنهم على أصحابه، وأفضلهم مناقب، وأكرمهم سوابق، وأرفعهم درجة، وأقربهم من رسول الله، وأشبههم به هدياً ونطقاً وسمتاً وفعلاً(٤) ، وأشرفهم منزلة، وأكرمهم عليه، فجزاك الله عن الاسلام وعن رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن المسلمين خيراً، قويت حين ضعف أصحابه، وبرزت حين استكانوا، ونهضت حين وهنوا، ولزمت منهاج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ همَّ أصحابه، كنت خليفته حقّاً لم تنازع ولم تضرع(٥) برغم المنافقين، وغيظ الكافرين، وكره الحاسدين، وضغن الفاسقين.

فقمت بالأمر حين فشلوا، ونطقت حين تتعتّعوا(٦) ، ومضيت بنور الله إذ وقفوا، ولو اتّبعوك لهدوا، وكنت أخفضهم صوتاً، وأعلاهم

__________________

(١) ارتج أي اضطرب.

(٢) في بعض النسخ « متضرع ».

(٣) في بعض النسخ « أعظمهم غنى ». و « أحوطهم » أي أشدهم حياطة وحفظا وصيانة وتعهدا.

(٤) الهدى: الطريقة والسيرة. والسمت: هيئة أهل الخير. وفي نسخة « خلفا » مكان « نطقا »

(٥) أي تذل في بعض النسخ « تصرع » بالصاد المهملة.

(٦) التعتعة: التردد في الكلام من حصر أوعى.

٣٨٨

قوّتاً(١) وأقلهم كلاماً، وأصوبهم منطقاً، وأكبرهم رأياً، وأشجعهم قلباً، وأشدَّهم يقيناً، وأحسنهم عملاً، وأعرفهم بالامور.

كنت والله للدِّين يعسوباً [ أوّلا حين تفرَّق النّاس وآخراً حين فشلوا ] وكنت بالمؤمنين أبا رحيماً، إذ صاروا عليك عيالاً، فحملت أثقال ما عنه ضعفوا، وحفظت ما أضاعوا، ورعيت ما أهملوا، وشمّرت إذ خنعوا، وعلوت إذ هلعوا، وصبرت إذ جزعوا، وأدركت إذ تخلّفوا، ونالوا بك ما لم يحتسبوا.

كنت على الكافرين عذاباً صباً، وللمؤمنين غيثاً وخصباً، فطرت والله بنعمائها، وفزت بحبائها، وأحرزت سوابقها(٢) وذهبت بفضائلها، لم تفلل حجّتك(٣) ، ولم يزغ قلبك، ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك [ ولم تخن(٤) ].

كنت كالجبل [ الّذي ] لا تحرِّكه العواصف، ولا تزيله القواصف. وكنت كما قال النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ضعيفاً في بدنك، قويّاً في أمر الله عزَّ وجلَّ متواضعاً في نفسك، عظيماً عند الله عزَّ وجلَّ، كبيراً في الأرض، جليلاً عند المؤمنين، لم يكن لأحد فيك مهمز، ولا لقائل فيك مغمز، ولا لأحد فيك مطمع، ولا لأحد عندك هوادة(٥) ، الضعيف الذَّليل عندك قويٌّ عزيز

__________________

(١) في الكافي « أعلاهم قنوتا » وفي بعض نسخه « قدما ».

(٢) في هامش بعض النسخ الجديدة « سوابغها ». والظاهر هو الصواب بقرينة النعماء والحباء. ولكن « بنعمائها » في بعض النسخ « بعنانها » و « حبائها » في بعض النسخ « بجنانها ».

(٣) في بعض النسخ « لم يفلل حدك ».

(٤) في بعض نسخ الكافي « لم تخر » من الخرور وهو السقوط.

(٥) المهمز: العيب والوقيعة والمغمز: المطعن والعيب أيضاً والهوادة: اللين والرفق والرخصة والمحاباة أي لا تأخذك عند وجوب حد الله على أحد محاباة ورفق.

٣٨٩

حتى تأخذ له بحقّة، والقويُّ العزيز عندك ضعيف ذليل حتّى تأخذ منه الحق، والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء، شأنك الحقُّ والصدق والرفق وقولك حكم وحتم، وأمرك حلم وحزم، ورأيك علم وعزم فيما فعلت(١) ، وقد نهج السبيل، وسهل العسير، وأطفئت النيران(٢) واعتدل بك الدِّين، وظهر أمر الله ولو كره الكافرون، وقوي بك الايمان، وثبت بك الاسلام والمؤمنون، وسبقت سبقاً بعيداً، وأتعبت من بعدك تعباً شديداً فجللت عن البكاء، وعظمت رزيّتك في السّماء، وهدَّت مصيبتك الانام فإنّا لله وإنّا إليه راجعون. رضينا من الله عزَّ وجلَّ قضاه، وسلّمنا لله أمره، فو الله لن يصاب المسلمون بمثلك أبداً.

كنت للمؤمنين كهفاً وحصناً [ وقنة راسياً ] وعلى الكافرين غلظة وغيظاً، فألحقك الله بنبيّه ولا حرمنا أجرك ولا أضلّنا بعدك. وسكت القوم حتّى انقضى كلامه وبكى وأبكى أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمَّ طلبوه فلم يصادفوه.

٤ - حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلويُّ العمريُّ السمرقنديُّرضي‌الله‌عنه قال: حدَّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه محمّد بن مسعود، عن جعفر بن أحمد، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال قال: سمعت؟ أبا الحسن عليّ بن موسى الرِّضاعليهما‌السلام يقول: أنَّ الخضرعليه‌السلام شرب من ماء الحياة فهو حىٌّ لا يموت حتّى ينفخ في الصور، وأنّه ليأتينا(٣) فيسلّم فنسمع صوته ولا نرى شخصه، وإنّه ليحضر حيث ما ذكر، فمن ذكره منكم فليسلّم عليه، وإنّه ليحضر الموسم كلَّ سنّة فيقضي جميع

__________________

(١) كذا في بعض النسخ وفي الكافي أيضاً لكن في أكثر النسخ « وعزم فأقلعت ».

(٢) في بعض النسخ « وأطفئت بك النّار ».

(٣) في بعض النسخ « ليلقانا ».

٣٩٠

المناسك، ويقف بعرفة فيؤمن على دعاء المؤمنين، وسيؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته ويصل به وحدته.

٥ - وبهذا الاسناد قال: قال أبو الحسن عليُّ بن موسى الرِّضاعليهما‌السلام لمّا قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاء الخضرعليه‌السلام فوقف على باب البيت وفيه عليٌّ وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد سجيّ بثوبه فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد « كلُّ نفس ذائقة الموت وإنّما توفون أجوركم يوم القيمة »، إنَّ في الله خلفاً من كلِّ هالك، وعزاءً من كلِّ مصيبة، ودركاً من كلّ فائت، فتوكّلوا عليه، وثقوا به، واستغفر الله لي ولكم فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : هذا أخي الخضرعليه‌السلام جاء يعزِّيكم بنبيكمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٦ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاقرضي‌الله‌عنه قال: أخبرنا أحمد بن محمّد الهمدانيُّ قال: حدّثنا عليُّ بن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن أبيه، عن أبي الحسن عليِّ بن موسى الرِّضاعليهما‌السلام قال: لمّا قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتاهم آت فوقف على باب البيت فعزّاهم به، وأهل البيت يسمعون كلامه ولا يرونه فقال عليُّ بن أبي طالبعليه‌السلام : هذا هو الخضرعليه‌السلام أتاكم يعزِّيكم بنبيّكمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وكان اسم الخضر(١) خضرويه بن قابيل بن آدمعليه‌السلام ، ويقال له: خضرون أيضاً ويقال له: جعدا، وإنّه إنّما سمّي الخضر لأنّه جلس على أرض بيضاء فاهتزَّت خضراء فسمي الخضر لذلك وهو أطول الادمييّن عمراً، والصحيح أنَّ اسمه بليا(٢) بن ملكان بن عامر بن أرفخشذ بن سام بن

__________________

(١) من كلام المصنف (ره).

(٢) في معافي الأخبار « تاليا ».

٣٩١

نوح(١) . وقد أخرجت الخبر في ذلك مسنداً في كتاب « علل الشرائع والاحكام والاسباب ».

٧ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاقرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا أبو أحمد عبد الله بن أحمد بن محمّد بن عيسى قال: حدّثنا عليُّ بن سعيد بن بشير قال: حدّثنا ابن كاسب قال: حدّثنا عبد الله بن ميمون المكّي قال: حدّثنا جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليِّ بن الحسينعليهم‌السلام - في حديث طويل - يقول في آخره: لمّا توفّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجاءت التعزية جاءهم آت يسمعون حسِّه(٢) ولا يرون شخصه، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته « كلُّ نفس ذائقة الموت وإنّما توفّون اجوركم يوم القيمة » إنَّ في الله عزاء من كلِّ مصيبة، وخلفاً من كلِّ هالك، ودركاً من كلِّ فائت فبالله فثقوا، وإيّاه فارجوا، فإنَّ المصاب من حرم الثواب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فقال عليُّ بن أبي طالبعليه‌السلام : هل تدرون من هذا؟ [ قالوا: لا، قال: ] هذا هو الخضرعليه‌السلام .

قال مصنف هذا الكتابرضي‌الله‌عنه : إنَّ أكثر المخالفين يسلمون لنا حديث الخضرعليه‌السلام ويعتقدون فيه أنَّه حي غائب عن الابصار، وأنّه حيث ذكر حضر، ولا ينكرون طول حياته، ولا يحملون حديثه على عقولهم ويدفعون كون القائمعليه‌السلام وطول حياته في غيبته، وعندهم أنَّ قدرة الله عزَّ وجلَّ تتناول إبقاءه إلى يوم النفخ في الصور، وإبقاء إبليس مع لعنته إلى يوم الوقت المعلوم في غيبته، وأنّها لا تتناول إبقاء حجّة الله على عباده مدَّة طويلة في غيبته مع ورود الأخبار الصحيحة بالنص عليه بعينه

__________________

(١) كذا، وفي المعارف لابن قتيبة « بليا بن ملكان بن فالغ بن عامر بن شالخ بن ارفخشذ بن سام بن نوح ».

(٢) يعني صوته وفي بعض النسخ « صوته ».

(٣) في بعض النسخ « بغيبته »

٣٩٢

واسمه ونسبه عن الله تبارك وتعالى وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن الائمّةعليهم‌السلام .

* (ما روى من حديث ذى القرنين) *

١ - حدّثنا أبيرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن النعمان، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنَّ ذا القرنين لم يكن نبيّاً ولكنه كان عبداً صالحاً أحبَّ الله فأحبّه الله وناصح لله فنا صحه الله، أمر قومه بتقوي الله فضربوه على قرنه فغاب عنهم زماناً، ثمّ رجع إليهم فضربوه على قرنه الاخر، وفيكم من هو على سنّته.

٢ - حدّثنا أحمد بن محمّد بن الحسن البزاز قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب بن يوسف قال: حدّثنا أحمد بن عبد الجبّار العطارديُّ قال: حدّثنا يونس بن بكير، عن محمّد بن إسحاق بن يسار المدنيِّ(١) ، عن عمرو ابن ثابت، عن سماك بن حارث، عن رجل من بني أسد قال: سأل رجل عليّاًعليه‌السلام : أرأيت ذا القرنين كيف استطاع أن يبلغ المشرق والمغرب؟ قال: سخر الله له السحاب، ومدَّ له في الاسباب، وبسط له النور، فكان اللّيل والنّهار عليه سواء.

٣ - حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّاررضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا أبي، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمّد بن اورمة قال: حدّثني القاسم بن عروة، عن يزيد الارجنيِّ(٢) ، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ ابن نباتة قال: قام ابن الكوَّا إلي أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالبعليه‌السلام وهو على المنبر فقال له: يا أمير المؤمنين أخبرني عن ذي القرنين أنبيٌّ كان أو ملك؟ وأخبرني عن قرنيه أذهب كان أو فضّة؟ فقال لهعليه‌السلام : لم

__________________

(١) محمّد بن اسحاق هو صاحب السيرة وجدّه كما في تهذيب التهذيب « يسار » ولكن ضبط في هامش السيرة لابن هشام « بشار »

(٢) يزيد بن قيس كان عامله على الري وهمدان.

٣٩٣

يكن نبيّاً ولا ملكاً ولا كان قرناه من ذهب ولا فضّة ولكنّه كان عبداً أحبّ الله فأحبّه الله، ونصح لله فنصحه الله، وإنّما سمّي ذا القرنين لأنّه دعا قومه فضربوه على قرنه فغاب عنهم حيناً، ثمَّ عاد إليهم فضرب على قرنه الاخر وفيكم مثله.

٤ - حدّثنا أبو طالب المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلويُّ السمرقنديُّرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه قال: حدّثني محمّد بن نصير قال: حدّثنا محمّد بن عيسى [ عن حمّاد بن عيسى ] عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفيِّ، عن جابر بن عبد الله الانصاريِّ قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنَّ ذا القرنين كان عبدا صالحا جعله الله عزَّ وجلَّ حجّة على عباده فدعا قومه إلى الله وأمرهم بتقواه، فضربوه على قرنه فغاب عنهم زماناً حتّى قيل: مات أو هلك بأيِّ وادسلك، ثمّ ظهر ورجع إلي قومه فضربوه على قرنه الاخر، وفيكم من هو على سنّته، وانَّ الله عزَّ وجلَّ مكن لذي القرنين في الأرض، وجعل له من كلِّ شيء(١) سبباً، وبلغ المغرب والمشرق، وإنَّ الله تبارك وتعالى سيجري سنّته في القائم من ولدي فيبلّغه شرق الأرض وغربها حتي لا يبقى منهلاً ولا موضعاً من سهل ولا جبل وطئه ذو القرنين إلّا وطئه، ويظهر الله عزَّ وجلَّ له كنوز الأرض ومعادنها، وينصره بالرُّعب، فيملأ الأرض به عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً.

وممّا روي من سياق حديث ذي القرنين.

٥ - حدّثنا به محمّد بن إبراهيم بن إسحاقرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى بن سعيد البصريّ قال: حدّثنا محمّد بن عطيّة قال: حدّثنا عبد الله بن عمر [ و ] بن سعيد البصريُّ قال: حدّثنا هشام بن جعفر

__________________

(١) في بعض النسخ « وآتاه من كلّ شيء ».

٣٩٤

ابن حمّاد، عن عبد الله بن سليمان وكان قارئاً للكتب قال: قرأت في بعض كتب الله عزَّ وجلَّ إنَّ ذا القرنين كان رجلاً من أهل الاسكندريّة وأمه عجوز من عجائزهم وليس لها ولدٌ غيره يقال له: إسكندروس، وكان له أدب وخلق وعفّة من وقت ما كان غلاماً إلى أن بلغ رجلاً، وكان [ قد ] رأى في المنام كأنّه دنا من الشمس حتّى أخذ بقرنيها في شرقها وغربها فلمّا قصَّ رؤياه على قومه سمّوه ذا القرنين، فلمّا رأى هذه الرُّؤيا بعدت همّته وعلا صوته وعزَّ في قومه.

وكان أول ما اجتمع عليه أمره أن قال: أسلمت لله عزَّ وجلَّ، ثمّ دعا قومه إلى الاسلام فأسلموا هيبة له، ثمّ أمرهم أن يبنوا له مسجداً فأجابوه إلى ذلك فأمر أن يجعلوا طوله أربعمائة ذراع، وعرضه مائتي ذراع، وعرض حائطه اثنين وعشرين ذراعاً، وعلوَّه إلى السّماء مائة ذراع، فقالوا له: يا ذا القرنين كيف لك بخشب يبلغ ما بين الحائطين؟ فقال لهم: إذا فرغتم من بنيان الحائطين فاكبسوه بالتراب حتّى يستوي الكبس مع حيطان المسجد فإذا فرغتم من ذلك فرضتم على كلِّ رجل من المؤمنين على قدره(١) من الذهب والفضّة، ثمَّ قطعتموه مثل قلامة الظفر وخلطتموه مع ذلك الكبس وعملتم له خشباً من نحاس وصفائح من نحاس تذيبون ذلك وأنتم متمكّنون من العمل كيف شئتم على أرض مستوية، فإذا فرغتم من ذلك دعوتم المساكين لنقل ذلك التراب، فيسارعون فيه من أجل ما فيه من الذَّهب والفضّة.

فبنوا المسجد وأخرج المساكين ذلك التراب وقد استقلَّ السقف بما فيه واستغنى، فجندهم أربعة أجناد في كلِّ جند عشرة آلاف، ثمّ نشرهم في البلاد، وحدث نفسه بالمسير، واجتمع إليه قومه فقالوا له: يا ذا القرنين ننشدك بالله ألّا تؤثر علينا بنفسك غيرنا، فنحن أحق برؤيتك وفينا كان

__________________

(١) أي على قدر حاله.

٣٩٥

مسقط رأسك، وبيننا نشأت وربيت، وهذه أموالنا وأنفسنا فأنت الحاكم فيها، وهذه أمّك عجوز كبيرة وهي أعظم خلق الله عليك حقّاً، فليس ينبغي لك أن تعصيها وتخالفها، فقال لهم: والله إنَّ القول لقولكم وإن الرأي لرأيكم ولكنني بمنزلة المأخوذ بقلبه وسمعه وبصره، يقاد ويدفع من خلفه، لا يدري اين يؤخذ به وما يراد به ولكن هلمّوا يا معشر قومي فادخلوا هذا المسجد وأسلموا عن آخركم ولا تخالفوا عليَّ فتهلكوا.

ثمَّ دعا دهقان(١) الاسكندريّة فقال له: اعمر مسجدي وعزَّ عنّي أمّي، فلمّا رأى الدِّهقان جزع أمّه وطول بكائها احتال لها ليعزِّيها بما أصاب النّاس قبلها وبعدها من المصائب والبلاء، فصنع عيداً عظيماً ثمّ أذَّن مؤذِّنه يا أيّها النّاس إنَّ الدِّهقان يؤذنكم لتحضروا يوم كذا وكذا، فلمّا كان ذلك اليوم أذن مؤذنه اسرعوا واحذروا أن يحضر هذا العيد إلّا رجل قد عرىٌّ من البلايا والمصائب، فاحتبس النّاس كلّهم وقالوا: ليس فينا أحد عري من البلاء ما منّا أحد إلّا وقد أصيب ببلاء أو بموت حميم، فسمعت أمُّ ذي القرنين هذا فأعجبها ولم تدر ما يريد الدِّهقان، ثمّ أنَّ الدهقان بعث مناديا ينادي فقال: يا أيّها النّاس إنَّ الدهقان قد أمركم أن تحضروه يوم كذا وكذا ولا يحضره إلّا رجل قد ابتلي وأصيب وفجع ولا يحضره أحد عرى من البلاء فإنّه لا خير فيمن لا يصيبه البلاء، فلمّا فعل ذلك، قال النّاس: هذا رجل قد كان بخل ثمَّ ندم فاستحيا فتدارك أمره ومحا عيبه، فلمّا اجتمع النّاس خطبهم:

فقال: يا أيّها النّاس إنّي لم أجمعكم لمّا دعوتكم له ولكنّي جمعتكم لاكلّمكم في ذي القرنين وفيما فجعنا به من فقده وفراقه فاذكروا آدم

__________________

(١) الدهقان: رئيس القرية ومقدم أصحاب الزراعة.

٣٩٦

عليه‌السلام فإنَّ الله عزَّ وجلَّ خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وأسكنه جنته، وأكرمه بكرامة لم يكرم بها أحداً ثمَّ ابتلاه بأعظم بليّة كانت في الدُّنيا وذلك الخروج من الجنّة وهي المصيبة الّتي لا جبر لها، ثمّ ابتلى إبراهيمعليه‌السلام من بعده بالحريق وابتلى ابنه بالذبح، ويعقوب بالحزن والبكاء، ويوسف بالرق، وأيوب بالسقم، ويحيى بالذِّبح، وزكريا بالقتل، وعيسى بالاسر(١) وخلقاً من خلق الله كثيراً لا يحصيهم إلّا الله عزوجل.

فلمّا فرغ من هذا الكلام قال لهم: انطلقوا فعزّوا أمَّ الاسكندروس لننظر كيف صبرها فإنّها أعظم مصيبة في ابنها، فلمّا دخلوا عليها قالوا لها: هل حضرت الجمع اليوم وسمعت الكلام؟ قالت لهم: ما خفي عنّي من أمركم شيء ولا سقط عنّي من كلامكم شيء، وما كان فيكم أحدٌ أعظم مصيبة باسكندروس منّي، ولقد صبرني الله تعالى وأرضاني وربط على قلبي، وإنّي لارجو أن يكون أجري على قدر ذلك، وأرجو لكم من الاجر بقدر ما رزيتم من فقد أخيكم وأن تؤجروا على قدر ما نويتم في أمّه وأرجو أن يغفر الله لي ولكم ويرحمني وإياكم، فلمّا رأوا حسن عزائها وصبرها انصرفوا عنها وتركوها، وانطلق ذو القرنين يسير على وجهه

__________________

(١) إن قلت: أنَّ ذا القرنين كان قبل ميلاد عيسىعليه‌السلام بقرون فكيف يصح ذلك القول؟ وقلت أن قلنا أنَّه بعد الميلاد فكيف يلائم قوله في آخر الخبر « وكان عدة ما سار في البلاد من يوم بعثه الله عزَّ وجلَّ إلى يوم قبضه الله خمسمائة عام ».

قلنا: الامر في أمثال هذه القصص الغير المنقولة عن المعصوم سهل. وأوردها المصنف رحمه‌الله طرداً للباب نظير الذيول الّتي تداول في عصرنا في جميع المؤلفات من المؤلفين ولعل المصنف رحمه‌الله أوردها لاجل المواعظ البالغة الّتى ذكر في آخرها ولكن اعلم أنَّه (ره) لم يحتج بامثال هذه القصص وجلت ساحته عن الاحتجاج بها، ثمّ راجع في تحقيق ذي القرنين بحار الانوار ج ١٢ ص ٢٠٨ إلى ٢١٥ من الطبع الحروفي.

٣٩٧

حتى أمعن في البلاد يؤمُّ في المغرب، وجنوده يومئذ المساكين، فأوحى الله جلَّ جلاله إليه يا ذا القرنين أنت حجّتي على جميع الخلائق ما بين الخافقين من مطلع الشمس إلى مغربها، وحجّتي عليهم، وهذا تأويل رؤياك.

فقال ذو القرنين: يا إلهي إنّك قد ندبتني لامر عظيم لا يقدر قدره غيرك، فأخبرني عن هذه الاُمّة بأي قوَّة اكابرهم(١) ؟ وبأيِّ عدد أغلبهم، وبأية حيلة أكيدهم، وبأي صبر اقاسيهم، وبأي لسان اكلّمهم، وكيف لي بأن أعرف لغاتهم، وبأيِّ سمع أعي كلامهم، وبأيِّ بصر أنفذهم وبأيِّ حجّة اخاصمهم، وبأيِّ قلب أعقل عنهم، وبأيِّ حكمة ادبّر امورهم وبأيِّ حلم اصابرهم، وبأيِّ قسط أعدل فيهم، وبأيِّ معرفة أفضل بينهم، وبأيِّ علم أتقن امورهم، وبأيِّ عقل احصيهم، وبأي جند اقاتلهم؟ فإنّه ليس عندي ممّا ذكرت شيء يا ربّ، فقوني عليهم فانّك الرَّبُّ الرحيم الّذي لا تكلّف نفساً إلّا وسعها، ولا تحملها إلّا طاقتها.

فأوحى الله جلّ جلاله إليه أنّي سأطوقك ما حمّلتك، وأشرح لك فهمك فتفقه كلَّ شيء، وأشرح لك صدرك فتسمع كلَّ شيء، وأطلق لسانك بكلِّ شيء، وأفتح لك سمعك فتعي كلَّ شيء، وأكشف لك عن بصرك فتنفذ كلَّ شيء واحصي لك(٢) فلا يفوتك شيء، وأحفظ عليك فلا يعزب عنك شيء، وأشدُّ [ لك ] ظهرك فلا يهولك شيء وألبسك الهيبة فلا يروِّعك شيء، وأسدَّدلك رأيك فتصيب كلَّ شيء، وأسخّرلك جسدك فتحسن كلَّ شيء، وأسخرلك النور والظلمة وأجعلها جندين من جنودك النور يهديك، والظلمة تحوطك، وتُحوشُ عليك الامم(٣) من ورائك.

__________________

(١) في بعض النسخ « اكاثرهم ».

(٢) في بعض النسخ « وأحضر لك ».

(٣) حاش الصيد: جاءه من حواليه لبصرفه إلى الحبالة (القاموس).

٣٩٨

فانطلق ذو القرنين برسالة ربّه عزَّ وجلَّ، وأيده الله تعالى بما وعده فمرَّ بمغرب الشمس فلا يمرُّ بامّة من الامم إلّا دعاهم إلى الله عزَّ وجلَّ فإنَّ أجابوه قبل منهم وإن لم يجيبوه أغشاهم الظلمة، فأظلمت مداينهم وقراهم وحصونهم وبيوتهم ومنازلهم، واغشيت أبصارهم، ودخلت في أفواههم وآنافهم وآذانهم وأجوافهم، فلا يزالون فيها متحيّرين حتّى يستجيبوا لله عزَّ وجلَّ ويعجّوا إليه حتّى إذا بلغ مغرب الشمس وجد عندها الاُمّة الّتي ذكرها الله تعالى في كتابه ففعل بهم ما فعل بمن مرَّ به [ من ] قبلهم حتّى فرغ ممّا بينه وبين المغرب ووجد جمعاً وعدداً لا يحصيهم إلّا الله وبأساً وقوَّة لا يطيقه إلّا الله عزَّ وجلَّ، والسنّة ومختلفة وأهواء متشتّتة وقلوباً متفرّقة، ثمّ مشى على الظلمة ثمانية أيّام وثمان ليال وأصحابه ينظرونه حتّى انتهى إلى الجبل الّذي هو محيط بالارض كلّها فإذا هو بملك من الملائكة قابض على الجبل وهو يقول: سبحان ربي من الان إلى منتهى الدَّهر، سبحان ربّي من أول الدُّنيا إلى آخرها، سبحان ربّي من موضع كفي إلى عرش ربي، سبحان ربي من منتهى الظلمة إلى النور، فلمّا سمع ذاك ذو القرنين خرّ ساجداً، فلم يرفع رأسه حتّى قواه الله تعالى وأعانه على النظر إلى ذلك الملك، فقال له الملك: كيف قويت يا ابن آدم على أن تبلغ إلى هذا الموضع ولم يبلغه أحدٌ من ولد آدم قبلك؟ قال ذو القرنين: قوّاني على ذلك الّذي قوَّاك على قبض هذا الجبل وهو محيط بالارض، قال له الملك: صدقت قال له ذو القرنين: فأخبرني عنك أيّها الملك؟ قال: إنّي موكّل بهذا الجبل وهو محيط بالارض كلّها، ولولا هذا الجبل لانكفأت الأرض بأهلها، وليس على وجه الأرض جبل أعظم منه، وهو أوّل جبل أثبته الله عزَّ وجلَّ(١) ، فرأسه ملصق بسماء الدُّنيا وأسفله في الأرض السابعة السفلى وهو محيط بها كالحلقة، وليس على وجه الأرض مدينة إلّا ولها عرق ألى

__________________

(١) في بعض النسخ « أسسه الله عزَّ وجلَّ ».

٣٩٩

هذا الجبل، فإذا أراد الله عزَّ وجلَّ أن يزلزل مدينة أوحى إلىَّ فحرَّكت العرق الّذي [ متّصل ] إليها فزلزلها.

فلمّا أراد ذو القرنين الرُّجوع قال للملك: أوصني، قال الملك: لا يهمنّك رزق غد، ولا تؤخّر عمل اليوم لغد، ولا تحزن على ما فاتك، وعليك بالرِّفق، ولا تكن جبّاراً متكبراً.

ثمَّ إن ذا القرنين رجع إلى أصحابه، ثمّ عطف بهم نحو المشرق يستقريء ما بينه وبين المشرق من الامم فيفعل بهم مثل ما فعل بأمم المغرب قبلهم حتّى إذا فرغ [ مـ ] ما بين المشرق والمغرب عطف نحو الرَّدم الّذي ذكره الله عزَّ وجلَّ في كتابه فإذا هو باُمّة « لا يكادون يفقهون قولاً » وإذا [ ما ] بينه وبين الردَّم مشحون من امة يقال لها: يأجوج ومأجوج أشباه البهائم يأكلون ويشربون ويتوالدون وهم ذكور وإناث، وفيهم مشابه من النّاس الوجوه والاجساد والخلقة، ولكنّهم قد نقصوا في الابدان نقصاً شديداً وهم في طول الغلمان، ليس منهم انثى ولا ذكر يجاوز طوله خمسة أشبار، وهم على مقدار واحد في الخلق والصورة، عراة حفاة لا يغزلون ولا يلبسون ولا يحتذون، عليهم وبرٌ كوبر الابل يواريهم ويسترهم من الحرّ والبرد(١) ، ولكلِّ واحد منهم اذنان أحدهما ذات شعر والاخرى ذات وبر، ظاهرهما وباطنهما، ولهم مخالب في موضع الاظفار، وأضراس وانياب كأضراس السباع وأنيابها. وإذا نام أحدهم افترش إحدى اذنيه والتحف بالاُخرى فتسعه لحافاً، وهم يرزقون تنّين البحر(٢) في كلِّ عام

__________________

(١) المروي عن أئمتنا: أنّهم اقوام وحشية غير متمدنين، بل يعيشون كالبهائم كما جاء في تفسير العياشيّ عن أبي بصير عن الباقرعليه‌السلام قال: « لم يعلموا صنعة البيوت » وفي تفسير القمي « لم يعلموا صنعة الثياب ». وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام « ورد على قوم قدأ حرقهم الشمس وغيرت اجسادهم وألوانهم حتّى صيرتهم كالظلمة ».

(٢) التنين نوع من الحيات

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686