كمال الدين وتمام النعمة

كمال الدين وتمام النعمة8%

كمال الدين وتمام النعمة مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 686

كمال الدين وتمام النعمة المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 686 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 143095 / تحميل: 8003
الحجم الحجم الحجم
كمال الدين وتمام النعمة

كمال الدين وتمام النعمة

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

حجبا الأم عن الثلث وإن كان واحدا لم يحجب الأم وقال إذا كن أربع أخوات حجبن الأم عن الثلث لأنهن بمنزلة الأخوين وإن كن ثلاثا لم يحجبن.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محسن بن أحمد ، عن أبان بن عثمان ، عن فضل أبي العباس البقباق قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن أبوين وأختين لأب وأم هل يحجبان الأم عن الثلث قال لا قال قلت فثلاث قال لا قلت فأربع قال نعم.

٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا تحجب الأم من الثلث إذا لم يكن ولد إلا أخوان أو أربع أخوات.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن عبد الله بن بكير ، عن فضل أبي العباس البقباق ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا تحجب الأم عن الثلث إلا أخوان أو أربع أخوات لأب وأم أو لأب.

٦ ـ وبإسناده ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن عبيد بن زرارة قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن الإخوة من الأم لا يحجبون الأم عن الثلث.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن عبد الله بن بحر ، عن حريز ، عن زرارة قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام يا زرارة ما تقول في رجل ترك أبويه وإخوته من أمه قال قلت السدس لأمه وما بقي فللأب فقال من أين قلت هذا قلت سمعت الله عز وجل يقول في كتابه «فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ »

قوله عليه‌السلام : « فهم إخوة مع الميت » ليس المراد تصحيح صيغة الجمع كما يوهم ظاهره بل المعنى أن الأخوة الذين ذكرهم الله في الآية يشمل الاثنين أيضا.

الحديث الثالث : مجهول.

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس : موثق.

الحديث السادس : موثق.

الحديث السابع : ضعيف.

١٤١

فقال ويحك يا زرارة أولئك الإخوة من الأب فإذا كان الإخوة من الأم لم يحجبوا الأم عن الثلث.

( باب )

( ميراث الولد مع الأبوين )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن جميعا ، عن صفوان أو قال ، عن عمر بن أذينة ، عن محمد بن مسلم قال أقرأني أبو جعفرعليه‌السلام صحيفة كتاب الفرائض التي هي إملاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وخط عليعليه‌السلام بيده فوجدت فيها رجل ترك ابنته وأمه للابنة النصف ثلاثة أسهم وللأم السدس سهم يقسم المال على أربعة أسهم فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة وما أصاب سهما فهو للأم.

قال وقرأت فيها رجل ترك ابنته وأباه فللابنة النصف ثلاثة أسهم وللأب السدس سهم يقسم المال على أربعة أسهم فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة وما أصاب سهما فللأم.

قال محمد ووجدت فيها رجل ترك أبويه وابنته فللابنة النصف ثلاثة أسهم وللأبوين «لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ » [ لكل واحد منهما سهم ] يقسم المال على خمسة أسهم فما أصاب ثلاثة فللابنة وما أصاب سهمين فللأبوين.

باب ميراث الولد مع الأبوين

الحديث الأول : صحيح.

وما تضمنه من الرد على البنت وأحد الأبوين أرباعا هو المشهور بين الأصحاب ، والمقطوع به في كلامهم ، كذا الرد على البنتين وأحد الأبوين أخماسا ولم يخالف فيه إلا ابن الجنيد ، فإنه خص الفاضل في الصورة الأخيرة بالبنتين.

قوله : « وما أصاب سهمين » فللأبوين هذا مع عدم الحاجب ، وأما معه فيرد على الأب والبنت أرباعا على المشهور ، وذهب الشيخ معين الدين المصري إلى أن الرد أيضا خماسي ، لكن للأب منها سهمان سهم الأم وسهمه ، لأن حجب الأم للتوفير

١٤٢

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة قال وجدت في صحيفة الفرائض رجل مات وترك ابنته وأبويه فللابنة ثلاثة أسهم وللأبوين لكل واحد منهما سهم يقسم المال على خمسة أجزاء فما أصاب ثلاثة أجزاء فللابنة وما أصاب جزءين فللأبوين.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس جميعا ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الجد فقال ما أجد أحدا قال فيه إلا برأيه إلا أمير المؤمنينعليه‌السلام قلت أصلحك الله فما قال فيه أمير المؤمنينعليه‌السلام قال إذا كان غدا فالقني حتى أقرئكه في كتاب قلت أصلحك الله حدثني فإن حديثك أحب إلي من أن تقرئنيه في كتاب فقال لي الثانية اسمع ما أقول لك إذا كان غدا فالقني حتى أقرئكه في كتاب فأتيته من الغد بعد الظهر وكانت ساعتي التي كنت أخلو به فيها بين الظهر والعصر وكنت أكره أن أسأله إلا خاليا خشية أن يفتيني من أجل من يحضره بالتقية فلما دخلت عليه أقبل على ابنه جعفرعليه‌السلام فقال له أقرئ زرارة صحيفة الفرائض ثم قام لينام فبقيت أنا وجعفرعليه‌السلام في البيت فقام فأخرج إلي صحيفة مثل فخذ البعير فقال لست أقرئكها حتى تجعل لي عليك الله أن لا تحدث بما تقرأ فيها أحدا أبدا حتى آذن لك ولم يقل حتى يأذن لك أبي فقلت أصلحك الله ولم تضيق علي ولم يأمرك أبوك بذلك فقال لي ما أنت بناظر فيها إلا على ما قلت لك فقلت فذاك لك وكنت رجلا عالما بالفرائض والوصايا بصيرا بها حاسبا لها ألبث الزمان أطلب شيئا يلقى علي من الفرائض والوصايا لا أعلمه فلا أقدر عليه فلما ألقى إلي طرف الصحيفة إذا كتاب غليظ يعرف أنه من كتب الأولين فنظرت فيها فإذا فيها خلاف ما بأيدي الناس من الصلة و

على الأب.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : صحيح.

قوله : « ثم قام لينام » يدل على عدم كراهة النوم بين الظهرين ، بل على استحبابه ، والظاهر أنه داخل في القيلولة كما يظهر من كلام بعض اللغويين ،قوله : « من الصلة »

١٤٣

الأمر بالمعروف الذي ليس فيه اختلاف وإذا عامته كذلك فقرأته حتى أتيت على آخره بخبث نفس وقلة تحفظ وسقام رأي وقلت وأنا أقرؤه باطل حتى أتيت على آخره ثم أدرجتها ودفعتها إليه فلما أصبحت لقيت أبا جعفرعليه‌السلام فقال لي أقرأت صحيفة الفرائض فقلت نعم فقال كيف رأيت ما قرأت قال قلت باطل ليس بشيء هو خلاف ما الناس عليه قال فإن الذي رأيت والله يا زرارة هو الحق الذي رأيت إملاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وخط عليعليه‌السلام بيده فأتاني الشيطان فوسوس في صدري فقال وما يدريه أنه إملاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وخط عليعليه‌السلام بيده فقال لي قبل أن أنطق يا زرارة لا تشكن ود الشيطان والله إنك شككت وكيف لا أدري أنه إملاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وخط عليعليه‌السلام بيده وقد حدثني أبي عن جدي أن أمير المؤمنينعليه‌السلام حدثه ذلك قال قلت لا كيف جعلني الله فداك وندمت على ما فاتني من الكتاب ولو كنت قرأته وأنا أعرفه لرجوت أن لا يفوتني منه حرف : قال عمر بن أذينة قلت لزرارة فإن أناسا حدثوني عنه وعن أبيهعليه‌السلام بأشياء في الفرائض فأعرضها عليك فما كان منها باطلا فقل هذا باطل وما كان منها حقا فقل هذا حق ولا تروه واسكت فحدثته بما حدثني به محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام في الابنة والأب والابنة والأم والابنة والأبوين فقال هو والله الحق.

وقال الفضل بن شاذان في ابنة وأب للابنة النصف وللأب السدس وما بقي رد عليهما على قدر أنصبائهما.

وكذلك إن ترك ابنة وأما فللابنة النصف وللأم السدس وما بقي رد عليهما على قدر أنصبائهما وقد قال بعض الناس وما بقي فللابنة لأنها أقرب من الوالدين وغلط في ذلك كله لأن الأبوين يتقربان بأنفسهما كما يتقرب الولد وليسوا بأقرب من الأبوين والصواب أن يرد عليهم ما بقي على قدر أنصبائهم لأنهم استكملوا سهامهم فكانوا أقرب الأرحام فكان ما بقي من المال لهم بقرابة الأرحام فيقسم ذلك بينهم على قدر منازلهم فيكون

أي صلة القرابة بالتعصيب ، ويحتمل أن يكون بيانا للخلاف أي كان فيه صلة الأقربين والرد عليهم خلافا لما يفعله الناس ، فيكون بيانا لما يعتقده وقت الرواية لا وقت

١٤٤

حكم ما بقي من المال حكم ما قسمه الله عز وجل بينهم لا يخالف الله في حكمه ولا يتغير قسمته.

وإن ترك بنتا وأبوين فللابنة النصف وللأبوين السدسان وما بقي رد عليهم على قدر أنصبائهم لأن الله جل وعز لم يرد على أحد دون الآخر وجعل للنساء نصيبا كما جعل للرجال نصيبا وسوى في هذه الفريضة بين الأب والأم.

وإن ترك ابنتين وأبوين فللابنتين الثلثان وللأبوين السدسان.

وإن ترك ثلاث بنات أو أكثر فللأبوين السدسان وللبنات الثلثان.

وإن ترك أبوين وابنا وبنتا فللأبوين السدسان وما بقي فبين الابن والابنة «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ».

( باب )

( ميراث الولد مع الزوج والمرأة والأبوين )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن جميعا ، عن عمر بن أذينة قال قلت لزرارة إني سمعت محمد بن مسلم وبكيرا يرويان ـ عن أبي جعفرعليه‌السلام في زوج وأبوين وابنة فللزوج الربع ثلاثة أسهم من اثني عشر سهما وللأبوين السدسان أربعة أسهم من اثني عشر سهما وبقي خمسة أسهم فهو للابنة لأنها لو كانت ذكرا لم يكن لها غير خمسة من اثني عشر سهما وإن كانتا اثنتين فلهما خمسة من اثني عشر سهما لأنهما لو كانا ذكرين لم يكن لهما غير ما بقي خمسة من اثني عشر قال زرارة هذا هو الحق إذا أردت أن تلقي العول فتجعل الفريضة لا تعول فإنما يدخل النقصان

القراءة ، وهذه الأشياء كانت في بدو أمر زرارة قبل رسوخه في الدين ، فلا ينافي جلالته وعلو شأنه.

باب ميراث الولد مع الزوج والمرأة والأبوين

الحديث الأول : صحيح.

١٤٥

على الذين لهم الزيادة من الولد والأخوات من الأب والأم فأما الزوج والإخوة للأم فإنهم لا ينقصون مما سمى الله لهم شيئا.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب وعلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في امرأة ماتت وتركت زوجها وأبويها وابنتها قال للزوج الربع ثلاثة أسهم من اثني عشر سهما وللأبوين لكل واحد منهما السدس سهمان من اثني عشر سهما وبقي خمسة أسهم فهي للابنة لأنه لو كان ذكرا لم يكن له أكثر من خمسة أسهم من اثني عشر سهما لأن الأبوين لا ينقصان لكل واحد منهما من السدس شيئا وأن الزوج لا ينقص من الربع شيئا.

٣ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة قال دفع إلي صفوان كتابا لموسى بن بكر فقال لي هذا سماعي من موسى بن بكر وقرأته عليه فإذا فيه موسى بن بكر ، عن علي بن سعيد ، عن زرارة قال هذا مما ليس فيه اختلاف عند أصحابنا ، عن أبي عبد الله وعن أبي جعفرعليه‌السلام أنهما سئلا عن امرأة تركت زوجها وأمها وابنتيها فقال للزوج الربع وللأم السدس وللابنتين ما بقي لأنهما لو كانا رجلين لم يكن لهما شيء إلا ما بقي ولا تزاد المرأة أبدا على نصيب الرجل لو كان مكانها.

وإن ترك الميت أما وأبا وامرأة وابنة فإن الفريضة من أربعة وعشرين سهما للمرأة الثمن ثلاثة أسهم من أربعة وعشرين ولأحد الأبوين السدس أربعة أسهم وللابنة النصف اثنا عشر سهما وبقي خمسة أسهم هي مردودة على سهام الابنة وأحد الأبوين على

الحديث الثاني : صحيح.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : ولا تزاد المرأة" لا ينتقض هذا بما إذا اجتمع الزوج مع الأبوين ، ولم يكن حاجب فإنه حينئذ يكون نصيب الأم أكثر ، لأنهعليه‌السلام قال :" لو كان مكانها" وهذا لا ينافي كون نصيب الأنثى مع الاجتماع أكثر على أنه يمكن أن يكون المراد خصوص الأولاد.

١٤٦

قدر سهامهما ولا يرد على المرأة شيء.

وإن ترك أبوين وامرأة وبنتا فهي أيضا من أربعة وعشرين سهما للأبوين السدسان ثمانية أسهم لكل واحد منهما أربعة أسهم وللمرأة الثمن ثلاثة أسهم وللابنة النصف اثنا عشر سهما وبقي سهم واحد مردود على الابنة والأبوين على قدر سهامهم ولا يرد على المرأة شيء.

وإن ترك أبا وزوجا وابنة فللأب سهمان من اثني عشر وهو السدس وللزوج الربع ثلاثة أسهم من اثني عشر وللابنة النصف ستة أسهم من اثني عشر وبقي سهم واحد مردود على الابنة والأب على قدر سهامهما ولا يرد على الزوج شيء ولا يرث أحد من خلق الله مع الولد إلا الأبوان والزوج والزوجة فإن لم يكن ولد وكان ولد الولد ذكورا كانوا أو إناثا فإنهم بمنزلة الولد وولد البنين بمنزلة البنين يرثون ميراث البنين وولد البنات بمنزلة البنات يرثون ميراث البنات ويحجبون الأبوين والزوج والزوجة عن سهامهم الأكثر وإن سفلوا ببطنين وثلاثة وأكثر يرثون ما يرث ولد الصلب ويحجبون ما يحجب ولد الصلب.

( باب )

( ميراث الأبوين مع الزوج والزوجة )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محسن بن أحمد ، عن أبان بن عثمان ، عن إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في زوج وأبوين قال للزوج النصف وللأم الثلث

قوله عليه‌السلام : « وولد البنين » يرد ما مر من مذهب السيد وابن إدريس أن أولاد الأولاد يقتسمون تقاسم الأولاد من غير اعتبار من تقربوا به.

قوله عليه‌السلام : « ويحجبون » يدل على حجب أولاد الأولاد الأبوين عن الأكثر من السدس كما هو المشهور خلافا للصدوق حيث قال : مع الأبوين لا يرث أولاد الأولاد كما مر ، وأما منعهم الزوجين عن نصيبهما الأعلى فلا خلاف فيه.

باب ميراث الأبوين مع الزوج والزوجة

الحديث الأول : مجهول.

١٤٧

وللأب ما بقي وقال في امرأة مع أبوين قال للمرأة الربع وللأم الثلث وما بقي فللأب.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في زوج وأبوين قال للزوج النصف وللأم الثلث وما بقي فللأب.

٣ ـ وعنه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن عيسى ، عن يونس جميعا ، عن عمر بن أذينة ، عن محمد بن مسلم أن أبا جعفرعليه‌السلام أقرأه صحيفة الفرائض التي أملاها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وخط عليعليه‌السلام بيده فقرأت فيها امرأة تركت زوجها وأبويها فللزوج النصف ثلاثة أسهم وللأم سهمان الثلث تاما وللأب السدس سهم.

٤ ـ وعنه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة قال قلت لزرارة إن أناسا قد حدثوني عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليه‌السلام بأشياء في الفرائض فأعرضها عليك فما كان منها باطلا فقل هذا باطل وما كان منها حقا فقل هذا حق ولا ترويه واسكت فحدثته بما حدثني به محمد بن مسلم في الزوج والأبوين قال والله هو الحق.

٥ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن علي بن الحسن بن رباط ، عن عبد الله بن وضاح ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في امرأة توفيت وتركت زوجها وأمها وأباها قال هي من ستة أسهم للزوج النصف ثلاثة أسهم وللأم الثلث سهمان وللأب السدس سهم.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : صحيح.

الحديث الرابع : حسن.

الحديث الخامس : موثق.

قوله عليه‌السلام : « فلأمه الثلث » قال الفاضل الأسترآبادي في تفسير آيات الأحكام : أي مما ترك ، حذف بقرينة ما تقدم ، فلها ثلث جميع ما ترك دائما ، لا ثلث ما بقي بعد حصة الزوجية ، كما هو رأي الجمهور ، وكان ما ذكرناه لا خلاف فيه بين

١٤٨

قال الفضل بن شاذان في هذه المسألة ومن الدليل على أن للأم الثلث من جميع المال أن جميع من خالفنا لم يقولوا في هذه الفريضة للأم السدس وإنما قالوا للأم ثلث ما بقي وثلث ما بقي هو السدس ولكنهم لم يستجيزوا أن يخالفوا لفظ الكتاب فأثبتوا لفظ الكتاب وخالفوا حكمه وذلك خلاف على الله وعلى كتابه وكذلك ميراث المرأة مع الأبوين للمرأة الربع وللأم الثلث كاملا وما بقي فللأب لأن الله جل ذكره قد سمى في هذه الفريضة وفي التي قبلها للمرأة الربع وللزوج النصف وللأم الثلث ولم يسم للأب شيئا وإنما قال «وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ » وكان ما بقي بعد ذهاب السهام للأب فإنما يرث الأب ما بقي.

( باب الكلالة )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعلي

أصحابنا.

وقال في مجمع البيان(١) هو مذهب ابن عباس وأئمتناعليهم‌السلام ، وهو الظاهر من الآية وقيد الجمهور« وورثه أبواه » فبحسب فقالوا : حينئذ يكون لها الثلث من جميع ما ترك ، وأما إذا كان معها وارث آخر مثل الزوج فلها حينئذ ثلث ما بقي بعد حصته ، كما قال في الكشاف والبيضاوي : وذلك بعيد أما أولا فلأن التقدير خلاف الظاهر.

وأما ثانيا فلأنه ما كان يحتاج حينئذ إلى قوله فإن لم يكن له ولد.

وأما ثالثا فلأنه لم يفهم حينئذ ثبوت فريضة للأم مع وجود وارث غير الولد فكيف يكون لها ثلث ما بقي مع كونه سدس الأصل.

باب الكلالة

الحديث الأول : صحيح.

__________________

(١) المجمع ج ٢ ص ١٥.

١٤٩

بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب وعبد الله بن بكير ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إذا ترك الرجل أباه أو أمه أو ابنه أو ابنته إذا ترك واحدا من هؤلاء الأربعة فليس هم الذين عنى الله عز وجل «قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ».

٢ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن علي بن رباط ، عن حمزة بن حمران قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الكلالة فقال ما لم يكن ولد ولا والد.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الكلالة ما لم يكن ولد ولا والد.

( باب )

( ميراث الإخوة والأخوات مع الولد )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن الحسن الأشعري قال وقع بين رجلين من بني عمي منازعة في ميراث فأشرت عليهما بالكتاب إليه في ذلك ليصدرا عن رأيه فكتبا إليه جميعا جعلنا الله فداك ما تقول في امرأة تركت زوجها وابنتها لأبيها وأمها وقلت جعلت فداك إن رأيت أن تجيبنا بمر الحق فخرج إليهما كتاب «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » عافانا الله وإياكما أحسن عافية فهمت كتابكما ذكرتما أن امرأة ماتت وتركت زوجها وابنتها وأختها لأبيها وأمها فالفريضة للزوج الربع وما بقي فللابنة.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن عبد الله

الحديث الثاني : مجهول.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

باب ميراث الأخوة والأخوات مع الولد

الحديث الأول : مجهول.

الحديث الثاني : مجهول.

١٥٠

بن محرز قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام رجل ترك ابنته وأخته لأبيه وأمه فقال المال كله للابنة وليس للأخت من الأب والأم شيء فقلت فإنا قد احتجنا إلى هذا والميت رجل من هؤلاء الناس وأخته مؤمنة عارفة قال فخذ النصف لها خذوا منهم كما يأخذون منكم في سنتهم وقضاياهم قال ابن أذينة فذكرت ذلك لزرارة فقال إن على ما جاء به ابن محرز لنورا.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة قال قال زرارة الناس والعامة في أحكامهم وفرائضهم يقولون قولا قد أجمعوا عليه وهو الحجة عليهم يقولون في رجل توفي وترك ابنته أو ابنتيه وترك أخاه لأبيه وأمه أو أخته لأبيه وأمه أو أخته لأبيه أو أخاه لأبيه إنهم يعطون الابنة النصف أو ابنتيه الثلثين ويعطون بقية المال أخاه لأبيه وأمه أو أخته لأبيه أو أخته لأبيه وأمه دون عصبة بني عمه وبني أخيه ولا يعطون الإخوة للأم شيئا قال فقلت لهم فهذه الحجة عليكم إنما سمى الله للإخوة للأم أنه يورث كلالة فلم تعطوهم مع الابنة شيئا وأعطيتم الأخت للأب والأم والأخت للأب بقية المال دون العم والعصبة وإنما سماهم الله عز وجل كلالة كما سمى الإخوة للأم كلالة فقال عز وجل من قائل «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ » فلم فرقتم بينهما فقالوا السنة وإجماع الجماعة قلنا سنة الله وسنة رسوله أو سنة الشيطان وأوليائه فقالوا سنة فلان وفلان قلنا قد تابعتمونا في خصلتين وخالفتمونا في خصلتين قلنا إذا ترك واحدا من أربعة فليس الميت يورث كلالة إذا ترك أبا أو ابنا قلتم صدقتم فقلنا أو أما أو ابنة فأبيتم علينا ثم تابعتمونا في الابنة فلم تعطوا الإخوة من الأم معها شيئا وخالفتمونا في الأم فكيف تعطون الإخوة للأم الثلث مع الأم وهي حية وإنما يرثون بحقها ورحمها وكما أن الإخوة والأخوات للأب والأم والإخوة والأخوات للأب لا يرثون مع الأب شيئا لأنهم يرثون بحق الأب كذلك الإخوة والأخوات للأم لا يرثون معها شيئا وأعجب

قوله عليه‌السلام : « خذوا منهم » قال به الشيخ ، وذكر الشهيد في الدروس ولم ينكره.

الحديث الثالث : حسن.

١٥١

من ذلك أنكم تقولون إن الإخوة من الأم لا يرثون الثلث ويحجبون الأم عن الثلث فلا يكون لها إلا السدس كذبا وجهلا وباطلا قد أجمعتم عليه فقلت لزرارة تقول هذا برأيك فقال أنا أقول هذا برأيي إني إذا لفاجر أشهد أنه الحق من الله ومن رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن عيسى ، عن يونس جميعا ، عن عمر بن أذينة ، عن بكير بن أعين قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام امرأة تركت زوجها وإخوتها لأمها وإخوتها وأخواتها لأبيها فقال للزوج النصف ثلاثة أسهم وللإخوة من الأم الثلث الذكر والأنثى فيه سواء وبقي سهم فهو للإخوة والأخوات من الأب «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ » لأن السهام لا تعول ولا ينقص الزوج من النصف ولا الإخوة من الأم من ثلثهم لأن الله عز وجل يقول : «فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ » وإن كانت واحدة فلها السدس والذي عنى الله تبارك وتعالى في قوله : «وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ » إنما عنى بذلك الإخوة والأخوات من الأم خاصة وقال في آخر سورة النساء «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ » يعني أختا لأم وأب أو أختا لأب «فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ » «وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ » فهم الذين يزادون وينقصون وكذلك أولادهم الذين يزادون وينقصون ولو أن امرأة تركت زوجها وإخوتها لأمها وأختيها لأبيها كان للزوج النصف ثلاثة أسهم وللإخوة من الأم سهمان وبقي سهم فهو للأختين للأب وإن كانت واحدة فهو لها لأن الأختين لأب لو كانتا أخوين لأب لم يزادا على ما بقي ولو كانت واحدة أو كان مكان الواحدة أخ لم يزد على ما بقي ولا يزاد أنثى من الأخوات ولا من الولد على ما لو كان ذكرا لم يزد عليه.

قوله « لا يرثون الثلث » أي مع الابنة والابنتين كما مر ، والأظهر أن كلمة « لا » زيدت من النساخ.

الحديث الرابع : حسن.

١٥٢

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عمر بن أذينة ، عن بكير قال جاء رجل إلى أبي جعفرعليه‌السلام فسأله عن امرأة تركت زوجها وإخوتها لأمها وأختها لأبيها فقال للزوج النصف ثلاثة أسهم وللإخوة من الأم الثلث سهمان وللأخت من الأب السدس سهم فقال له الرجل فإن فرائض زيد وفرائض العامة والقضاة على غير ذلك يا أبا جعفر يقولون للأخت من الأب ثلاثة أسهم تصير من ستة تعول إلى ثمانية فقال أبو جعفرعليه‌السلام ولم قالوا ذلك قال لأن الله عز وجل يقول : «وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ » فقال أبو جعفرعليه‌السلام فإن كانت الأخت أخا قال فليس له إلا السدس فقال له أبو جعفرعليه‌السلام فما لكم نقصتم الأخ إن كنتم تحتجون للأخت النصف بأن الله سمى لها النصف فإن الله قد سمى للأخ الكل والكل أكثر من النصف لأنه قال عز وجل فلها النصف وقال للأخ «وَهُوَ يَرِثُها » يعني جميع مالها إن لم يكن لها ولد فلا تعطون الذي جعل الله له الجميع في بعض فرائضكم شيئا وتعطون الذي جعل الله له النصف تاما فقال له الرجل أصلحك الله فكيف نعطي الأخت النصف ولا نعطي الذكر لو كانت هي ذكرا شيئا قال تقولون في أم وزوج وإخوة لأم وأخت لأب يعطون الزوج النصف والأم السدس والإخوة من الأم الثلث والأخت من الأب النصف ثلاثة فيجعلونها من تسعة وهي من ستة فترتفع إلى تسعة قال وكذلك تقولون قال فإن كانت الأخت ذكرا أخا لأب قال ليس له شيء فقال الرجل لأبي جعفرعليه‌السلام جعلني الله فداك فما تقول أنت فقال ليس للإخوة من الأب والأم ولا الإخوة من الأم ولا الإخوة من الأب مع الأم شيء. قال عمر بن أذينة وسمعته من محمد بن مسلم يرويه مثل ما ذكر بكير المعنى سواء ولست أحفظه بحروفه وتفصيله إلا معناه قال فذكرت ذلك لزرارة فقال صدقا هو والله الحق.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين وأبي أيوب وعبد الله بن بكير ، عن محمد بن مسلم

الحديث الخامس : صحيح.

الحديث السادس : صحيح.

١٥٣

عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قلت له ما تقول في امرأة ماتت وتركت زوجها وإخوتها لأمها وإخوة وأخوات لأبيها فقال للزوج النصف ثلاثة أسهم ولإخوتها لأمها الثلث سهمان الذكر والأنثى فيه سواء وبقي سهم فهو للإخوة والأخوات من الأب «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ » لأن السهام لا تعول وإن الزوج لا ينقص من النصف ولا الإخوة من الأم من ثلثهم لأن الله عز وجل يقول : «فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ » وإن كان واحدا فله السدس وإنما عنى الله في قوله تعالى «وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ » إنما عنى بذلك الإخوة والأخوات من الأم خاصة وقال في آخر سورة النساء «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ » يعني بذلك أختا لأب وأم أو أختا لأب «فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ » وهم الذين يزادون وينقصون قال ولو أن امرأة تركت زوجها وأختيها لأمها وأختيها لأبيها كان للزوج النصف ثلاثة أسهم ولأختيها لأمها الثلث سهمان ولأختيها لأبيها السدس سهم وإن كانت واحدة فهو لها لأن الأختين من الأب لا يزادون على ما بقي ولو كان أخ لأب لم يزد على ما بقي.

٧ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن بكير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سأله رجل عن أختين وزوج فقال النصف والنصف فقال الرجل أصلحك الله قد سمى الله لهما أكثر من هذا لهما الثلثان فقال ما تقول في أخ وزوج فقال النصف والنصف فقال أليس قد سمى الله المال فقال «وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ ».

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن موسى بن بكر ، عن علي بن سعيد قال قال لي زرارة ما تقول في رجل ترك أبويه وإخوته لأمه فقلت لأمه السدس وللأب ما بقي «فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ».

الحديث السابع : مجهول كالحسن.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

١٥٤

وقال إنما أولئك الإخوة للأب والإخوة للأب والأم وهو أكثر لنصيبها إن أعطوا الإخوة للأم الثلث وأعطوها السدس وإنما صار لها السدس وحجبها الإخوة للأب والإخوة من الأب والأم لأن الأب ينفق عليهم فوفر نصيبه وانتقصت الأم من أجل ذلك فأما الإخوة من الأم فليسوا من هذه في شيء لا يحجبون أمهم من الثلث قلت فهل ترث الإخوة من الأم شيئا قال ليس في هذا شك إنه كما أقول لك.

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن موسى بن بكر قال قلت لزرارة إن بكيرا حدثني ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ـ أن الإخوة للأب والأخوات للأب والأم يزادون وينقصون لأنهن لا يكن أكثر نصيبا من الإخوة والأخوات للأب والأم لو كانوا مكانهن لأن الله عز وجل يقول : «إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ » يقول يرث جميع مالها إن لم يكن لها ولد فأعطوا من سمى الله له النصف كملا وعمدوا فأعطوا الذي سمى الله له المال كله أقل من النصف والمرأة لا تكون أبدا أكثر نصيبا من رجل لو كان مكانها قال فقال زرارة وهذا قائم عند أصحابنا لا يختلفون فيه.

قوله « وهو أكثر لنصيبها » قال الفاضل الأسترآبادي : في العبارة نوع حزازة وكأنه سقط من القلم شيء ، وكان المراد منها أن العامة زعموا أن الأخوة من الأم يحجبون الأم عن الثلث إلى السدس ، وهم يرثون معها الثلث.

وعلى التحقيق الحجب بهذا المعنى إكثار في نصيبها ، لأنها أخذت السدس وأولادها أخذوا الثلث.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور.

قوله : « أن الأخوة » الظاهر الأخوات.

قوله : « والأخوات للأب » الظاهر زيادة الأخوات ، من النساخ.

وقال الفاضل الأسترآبادي : في العبارة قصور واضح ، وهو من سهو القلم ، والمراد منها أن الأخت والأخوات للأب والأم يزادون وينقصون لأنهن لا يكن أكثر نصيبا من الأخ والأخوة للأب والأم.

١٥٥

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن جميل ، عن عبد الله بن محمد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له رجل ترك ابنته وأخته لأبيه وأمه فقال المال كله لابنته.

قال الفضل إن الله عز وجل إنما جعل للأخت فريضة إذا لم يكن لها ولد فقال : «إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ » فإذا كان له ولد فليس لها شيء فمن أعطاها فقد خالف الله ورسوله وكذلك ولد الولد ذكورا كانوا أو إناثا وإن سفلوا فإن الإخوة والأخوات لا يرثون مع الولد وكذلك الإخوة والأخوات لا يرثون مع الوالدين ولا مع أحدهما.

قال الفضل والعجب للقوم أنهم جعلوا للأخت مع الابنة النصف وهي أقرب من الأخت وأحرى أن تكون على مخالفة الكتاب ولم يجعلوا لابنة الابن مع الابنة نصفا وهي أقرب من الأخت وأحرى أن تكون عصبة من الأخت كما أن ابن الابن مع الأخ هو العصبة دون الأخ ولا يجعلون أيضا لها الثلث حتى كأنها ابنة مع ابنة ابن كما جعلوا للأخت النصف كأنها أخ مع الابنة فليس لهم في أمر الأخت كتاب ولا سنة جامعة ولا قياس وابنة الابن كانت أحق أن تفضل على الأخت من الأخت [ أن تفضل على ابنة الابن ] إذا كانت ابنة الابن ابنة الميت والأخت ابنة الأم «وَاللهُ الْمُسْتَعانُ ».

قال والإخوة والأخوات من الأب يقومون مقام الإخوة والأخوات من الأب والأم إذا لم يكن إخوة وأخوات لأب وأم ويرثون كما يرثون ويحجبون كما يحجبون وهذا مجمع عليه إن مات رجل وترك أخا لأب [ و ] أم فالمال كله له وكذلك إن كانا أخوين أو أكثر من ذلك فالمال بينهم بالسوية.

الحديث العاشر : ضعيف على المشهورقوله « وأحرى » أي قولهم.

قوله : « ولا يجعلون أيضا لها الثلث » لا يخفى أن هذا لا يستقيم على ما رأينا من مذاهبهم إلا أن يكون النسخة في الأول ، « ولم يجعلوا لابنة الابنة » وفي هذا الموضع « السدس » مكان الثلث ، فإنهم لا يعطون ابنة الابنة مع البنت شيئا ، ويعطون ابنة الابن السدس بقية نصيب البنتين والبنات ، وفي بعض النسخ هنا « مع ابن بنت » وهو لا يستقيم

١٥٦

وإن ترك أختا لأب وأم فلها النصف بالتسمية والباقي مردود عليها لأنها أقرب الأرحام وهي ذات سهم وكذلك إن ترك أختين أو أكثر من ذلك فلهن الثلثان بالتسمية والباقي يرد عليهن بسهام ذوي الأرحام.

وإن كانوا إخوة وأخوات لأب وأم فالمال بينهم «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ » وكذلك إخوة وأخوات من الأب يقومون مقام الإخوة والأخوات من الأب والأم إذا لم يكن إخوة وأخوات لأب وأم.

وإن ترك أخا لأب وأم وأخا لأب فالمال كله للأخ للأب والأم وسقط الأخ للأب ولا ترث الإخوة من الأب ذكورا كانوا أو إناثا مع الإخوة للأب والأم ذكورا كانوا أو إناثا فإن ترك أختا لأب وأم وأختا لأب فالمال كله للأخت للأب والأم وإن ترك أختا لأب وأم وأخا لأب فالمال كله للأخت للأب والأم يكون لها النصف بالتسمية ويكون ما بقي لها وهي أقرب أولي الأرحام لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال أعيان بني الأب أحق بالميراث من ولد العلات وهذا مجمع عليه من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وإن ترك أخا لأب وأم وأخا لأم فللأخ للأم السدس وما بقي فللأخ للأب والأم وإنما تسقط الإخوة من الأب لأنهم لا يقومون مقام الإخوة من الأب والأم إذا لم يكن إخوة لأب وأم كما يقوم الإخوة من الأب مقام الإخوة من الأب والأم إذا لم يكن إخوة لأب وأم.

وإن ترك إخوة وأخوات لأب وأم وأخا وأختا لأم فللأخ والأخت من الأم

لأنهم لا يعطون أولاد البنات شيئا ، وظاهر التشبيه والتعليل أن يكون مع ابن الابن لكن لا يستقيم الثلث ، فإنهم يعطون ابن الابن بقية المال عن فرض البنت والبنتين ، ويمكن أن يكون مع تخصيصه الثلث ، لأنه جعلها بمنزلة البنت للصلب ، وهي مع بنت أخرى لها الثلث ، فالتشبيه في أصل إعطاء النصيب لا قدره ، وعلى أي وجه لا يخلو من تكلف.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أعيان بني الأم » قال في النهاية(١) : في حديث عليعليه‌السلام : « إن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات » الأعيان : الإخوة لأب واحد وأم واحدة ، مأخوذ من

__________________

(١) النهاية ج ٣ ص ٣٣٣.

١٥٧

الثلث بينهما بالسوية وما بقي فبين الإخوة والأخوات للأب والأم «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ».

وإن ترك أختا لأب وأم وأخا وأختا لأم فللأخ والأخت للأم الثلث وللأخت للأب والأم النصف وما بقي رد عليهما على قدر أنصبائهما.

وإن ترك إخوة لأم وأخا لأب فللإخوة من الأم الثلث الذكر والأنثى فيه سواء وما بقي فللأخ للأب.

وإن ترك أختين لأب وأم وأخا لأم أو أختا لأم فللأختين للأب والأم الثلثان وللأخ أو الأخت من الأم السدس وما بقي رد عليهم على قدر أنصبائهم وإن ترك أختا لأب وأم وإخوة لأم وابن أخ لأب وأم فللإخوة من الأم الثلث وللأخت للأب والأم النصف وما بقي رد عليهن على قدر أنصبائهن ويسقط ابن الأخ للأب والأم وإن ترك أخا لأب وابن أخ لأب وأم فالمال كله للأخ للأب لأنه أقرب ببطن

عين الشيء وهو النفيس منه ، وبنو العلات الإخوة لأب واحد وأمهات شتى.

وقال في القاموس : العلة الضرة ، وبنو العلات بنو أمهات شتى من رجل.

وقال في الصحاح : بنو العلات هم أولاد الرجل من نسوة شتى ، سميت بذلك لأن الذي يتزوجهن على أولى قد كانت قبلها ناهل ، ثم على من هذه ، والعلل : الشرب الثاني يقال : علل بعد نهل.

قوله : « وما بقي رد عليهما » اختلف الأصحاب فيما إذا اجتمعت كلالة الأم مع كلالة الأبوين ، وزادت التركة عن نصيبهما هل تختص الزيادة بالمتقرب بالأبوين ، أو يرد عليهما بنسبة سهامهما؟ فالمشهور بين الأصحاب اختصاص المتقرب بالأبوين بالفاضل ، بل ادعى عليه جماعة الإجماع ، وقال ابن أبي عقيل والفضل : الفاضل يرد عليهما على نسبة السهام ، ولو كان مكان المتقرب بالأبوين المتقرب بالأب فقط فاختلفوا فيه ، فذهب الصدوق والشيخ في النهاية والاستبصار وابن البراج وأبو الصلاح ، وأكثر المتأخرين إلى الاختصاص هنا أيضا ، لرواية محمد بن مسلم ، وذهب الشيخ في المبسوط وابن الجنيد وابن إدريس والمحقق إلى أنه يرد عليهما ، والأول أقوى.

١٥٨

وقرابتهما من جهة واحدة ولا يشبه هذا أخا لأم وابن أخ لأب لأن قرابتهما من جهتين فيأخذ كل واحد منهما من جهة قرابته.

وإن ترك ثلاثة بني إخوة متفرقين فلابن الأخ للأم السدس وما بقي فلابن الأخ للأب والأم وسقط الباقون وبنو الإخوة من الأب وبنات الإخوة من الأب يقومون مقام بني الإخوة وبنات الإخوة من الأب والأم إذا لم يكن بنو إخوة وأخوات لأب وأم.

فإن ترك ابن أخ لأب وأم وابن أخ لأم فلابن الأخ للأم السدس نصيب أمه وما بقي فلابن الأخ للأب والأم نصيب أبيه وكذلك ابنة أخت من الأم وبنت الأخت من الأب والأم يقمن كل واحدة منهما مقام أمها وترث ميراثها.

وإن ترك أخا لأم وابن أخ لأب وأم فللأخ للأم السدس وما بقي فلابن الأخ للأب والأم لأنه يقوم مقام أبيه

قوله « لأن قرابتهما من جهتين » لم نعثر على هذا القول لأحد غيرهقوله « فللأخ من الأم السدس ».

قال الصدوق (ره) في الفقيه(١) : فإن ترك أخا لأم وابن أخ لأب وأم فالمال كله للأخ من الأم ، وسقط ابن الأخ للأب والأم ، وغلط الفضل بن شاذان في هذه المسألة فقال : للأخ من الأم السدس سهمه المسمى له ، وما بقي فلا بن الأخ للأب والأم ، واحتج في ذلك بحجة ضعيفة ، فقال : لأن ابن الأخ للأب والأم يقوم مقام الأخ الذي لا يستحق المال كله بالكتاب ، فهو بمنزلة الأخ للأب والأم ، وله فضل قرابة بسبب الأم.

قال مصنف هذا الكتاب (ره) : وإنما يكون ابن الأخ بمنزلة الأخ إذا لم يكن أخ ، فإذا كان له أخ لم يكن بمنزلة الأخ كولد الولد ، إنما هو ولد إذا لم يكن للميت ولد ولا أبوان.

وقال في الدروس : لا ميراث لابن الأخ من الأبوين مع الأخ للأم ، ولا لابن

__________________

(١) الفقيه ج ٤ ص ٢٠٠.

١٥٩

فإن ترك أخا لأم وابنة أخ لأب وأم فللأخ للأم السدس ولابنة الأخ من الأب والأم النصف وما بقي رد عليها لأنها ترث ميراث أبيها.

وإن ترك ابن أخ لأب وأم وابنة أخ لأب وأم فالمال بينهما «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ».

فإن ترك ابن أخ لأم وابن [ ابن ] أخ لأب فلابن الأخ للأم السدس وما بقي فلابن ابن الأخ للأب يأخذ كل واحد منهما حصة من يتقرب به.

وكذلك إن ترك ابن أخ لأم وابن ابن [ ابن ] أخ لأب فلابن الأخ للأم السدس وما بقي فلابن ابن [ ابن ] الأخ للأب.

وإن ترك ابنة أخيه وابن أخته فلابنة أخيه الثلثان نصيب الأخ ولابن أخته الثلث نصيب الأخت.

وإن ترك أختا لأم وابن أخت لأب وأم فللأخت للأم السدس ولابن الأخت للأب والأم النصف وما بقي رد عليهما على قدر سهامهما.

فإن ترك أختين لأم وابن أخت لأب وأم فللأختين للأم الثلث ولابن الأخت الثلثان بينهما

ابن الأخ من الأبوين مع ابن أخ لأم ، خلافا للفضل في المسألتين ، لاجتماع السببين ويضعف بتفاوت الدرجتين.

قوله : « وما بقي رد عليها » الظاهر أن هذا سهو منه ، لأن الأخ للأب والأم ليس بذي سهم ، وابنته تقوم مقامه ، فلها ما بقي من المال ، ولا سهم لها حتى يرد عليها ما بقي ، ولو كانت ذات سهم لكان يجب على قاعدة الفضل أن يرد عليها وعلى الأخ على نسبة سهامها.

قوله : « فالمال بينهما » هذا إنما يستقيم إذا كان أبوهما واحدا ، وإلا فالمال بينهما نصفان.

قوله : « فلابنة أخيه الثلثان » هذا إذا كان الأخ والأخت للأب أو للأبوين ،

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

وعاش مستوغر بن ربيعة بن كعب بن زيد مناة بن تميم ثلاثمائة وثلاثين سنّة، ثمَّ أدرك الاسلام فلم يسلم وله شعر معروف(١) .

وعاش دويد بن زيد بن نهد أربعمائة سنّة وخمسين سنّة فقال في ذلك:

ألقى عليَّ الدَّهر رجلاً ويداً

والدَّهر ما أصلح يوماً أفسدا

يُفسد ما أصلحه اليوم غدا

وجمع بنيه حين حضرته الوفاة فقال: « يا بَنيَّ أوصيكم بالنّاس شرّاً لاتقبلوا لهم معذرة، ولا تقيلوا لهم عثرة »(٢) .

وعاشَ تيم الله بن ثعلبة بن عُكاية مائتي سنّة(٣) .

وعاش ربيع بن ضبع بن وهب بن بَغيض بن مالك بن سعد بن عدِّي بن فزارة مائتين وأربعين سنّة(٤) وأدرك الاسلام فلم يسلم.

____________

(١) أولها « ولقد سئمت من الحياة وطولها * وعمرت من عدد الستين مئينا ».

(٢) بقية وصيته: « أوصيكم بالناس شراً، طعناً وضرباً، قصروا الاعنة، واشرعوا الاسنة، وارعوا الكلاء وان كان على الصفا، وما احتجتم إليه فصونوه، وما استغنيتم عنه فأفسدوه على من سواكم، فإنَّ غش النّاس يدعو إلى سوء الظن، وسوء الظن يدعوا إلى الاحتراس » انتهى. راجع نسخة اخرى من وصية « دويد » امالي السيّدرحمه‌الله ج ١ ص ١٧١.

ونظير ذلك الكلام وصية جده نهد بن زيد. وكأن معاوية بن أبى سفيان قرأ هذه الوصية وعمل بها حين بعث سفيان بن عوف الغامدي إلى غارة الانبار حيث أوصاه - كما في شرح الحديدي - بان اقتل من لقيت ممّن ليس على مثل رأيك، وأخرب كلّ ما مررت به من القرى وانتهب الأموال - الخ. وكذا في وصية يزيد ابنه حين بعث مسلم بن عقبة إلى المدينة في فتنة ابن الزبير.

(٣) في « المعمرون » خمسمائة سنّة وقال: كان من دهاة العرب في زمانه.

(٤) في « المعمرون » « عاش اربعين وثلاثمائة سنّة ».

٥٦١

وعاش معدي كرب الحميريُّ من آل ذي يزن مائتين وخمسين سنة.

وعاش شرية بن عبد الله الجعفي ثلاثمائة سنّة فقدم على عمر بن الخطّاب بالمدينة فقال: لقد رأيت هذا الوادي الّذي أنتم فيه وما به قطرة ولا هضبة(١) ولا شجرة، ولقد أدركت اخريات قومي يشهدون شهادتكم هذه - يعني لا إله إلّا الله - ومعه ابن له يهادى(٢) قد خرف، فقيل له: يا شرية هذا ابنك قد خرف وبك بقيّة؟ فقال: والله ما تزوَّجت امّه حتّى أتت علىَّ سبعون سنّة ولكنّي تزوَّجتها عنيفة سَتيرةً إن رضيت رأيت ما تقرُّبه عيني وإن سخطت تأتّت لي حتّى أرضى، وإنَّ ابني هذا تزوَّج امرأة بذيّة فاحشة أن رأى ما تقرُّبه عينه تعرَّضت له حتّى يسخط وإن سخط تلغّبته حتّى يهلك(٣) .

حدَّثنا أبو سعيد عبد الله بن محمّد بن عبد الوهّاب بن نصر السّجزيُّ(٤) قال: سمعت أبا الحسن(٥) أحمد بن محمّد بن عبد الله بن حمزة بن زيد الشعرانيّ من ولد عمّار ابن ياسررضي‌الله‌عنه يقول: حكي لي أبو القاسم محمّد بن القاسم المصريُّ: أنَّ أبا - الجيش(٦) حمادويه بن أحمد بن طولون كان قد فتح الله عليه من كنوز مصر ما لم يرزق أحد قبله، فغزى بالهرمين(٧) فأشار إليه جلساؤه وحاشيته وبطانته بأن لا يتعرَّض لهدم الاهرام فإنّه ما تعرَّض لهذه أحد فطال عمره، فألحَّ في ذلك وأمر ألفاً من الفعلة أن

__________________

(١) الهضبة: المطرة. وفي رواية « قصبة ».

(٢) أي يميل في المشي.

(٣) اللغب: التعب والاعياء.

(٤) في بعض النسخ « نصير الشجري »

(٥) في بعض النسخ « سمعت أبا الحسين ».

(٦) في بعض النسخ « أبا الحسن » وكذا فيما يأتي.

(٧) الهرمان - بالتحريك -: بناعان اوليان بمصر بناهما ادريس لحفظ العلوم فيهما عن الطومان. أو بناء سنان بن المشلشل، أو بناء الاوائل لمّا علموا بالطوفان من جهة النجوم وفيها كلّ طب وسحر وطلسم. وهناك أهرام صغار كثيرة (القاموس).

٥٦٢

يطلبوا الباب، فكانوا يعملون سنّة حواليه حتّى ضجروا وكلّوا، فلمّا همّوا بالانصراف بعد الاياس منه وترك العمل وجدوا سَرَباً فقدروا أنَّه الباب الّذي يطلبونه، فلمّا بلغوا آخره وجدوا بلاطة قائمة(١) من مرمر فقدروا أنّها الباب فاحتالوا فيها إلى أن قلعوها وأخرجوها [ قال محمّد بن المظفّر وجدوا من ورائها بناء منضمّاً لا يقدروا عليه فأخرجوها ثمّ نظّفوها ] فإذا عليها كتابة باليونانيّة، فجمعوا حكماء مصر وعلماءها من سائر الأديان، فلم يهتدوا لها.

وكان [ في القوم ] رجل يعرف بأبي عبد الله المدينيِّ أحد حفّاظ الدُّنيا وعلمائها فقال لابي الجيش حمادويه بن أحمد: أعرف في بلد الحبشة اُسقُفاً قد عمر وأتى عليه ثلاثمائة وستّون سنة يعرف هذا الخطَّ، وقد كان عزم على أن يعلّمنيه فلحرصي على علم العرب لم أقم عنده وهو باق، فكتب أبو الجيش إلى ملك الحبشة يسأله أن يحمل هذا الاسقف إليه، فأجابه أنَّ هذا شيخ قد طعن في السنِّ وقد حطمه الزَّمان وإنّما يحفظه هذا الهواء وهذا الإقليم، ويخاف عليه أن نقل إلى هواء آخر وإقليم آخر ولحقته حركة وتعب ومشقّة السفر أن يتلف، وفي بقائه لنا شرف وفرح وسكينة، فإن كان لكم شيء يقرؤه أو يفسره أو مسألة تسألونه فاكتب لى بذلك، فحملت البلاطة في قارب(٢) إلى بلد اُسوان من الصعيد الاعلى، وحملت من اسوان على العجلة إلى بلد الحبشة وهي قريبة من الاسوان، فلمّا وصلت قرأها الاسقف وفسّر ما كان فيها بالحبشيّة، ثمَّ نقلت إلى العربيّة فإذا فيها مكتوب:

أنا الرَّيّان بن دومغ، فسئل أبو عبد الله المدينيُّ عن الريّان من كان؟ فقال: هو والد العزيز الملك الّذي كان في زمان يوسف النبيّعليه‌السلام واسمه الوليد بن الريان ابن دومغ. وكان عمر العزيز سبعمائة سنّة، وعمر الرَّيّان والده ألف وسبعمائة سنّة وعمر دومغ ثلاثة آلاف سنة.

فإذا فيها: أنا الرَّيّان بن دومغ خرجتُ في طلب علم النيل الأعظم لاعلم

__________________

(١) البلاط: الحجارة المفروشة في الدار.

(٢) أي سفينة صغيرة.

٥٦٣

فيضه ومنبعه إذ كنت أرى مفيضه فخرجت ومعي من صحبني أربعة آلاف رجل فسرت ثمانين سنّة إلى أن انتهيت إلى الظلمات والبحر المحيط بالدُّنيا فرأيت النيل يقطع البحر المحيط ويعبر فيه ولم يكن لي منفذ، وتماوت أصحابي(١) وبقيت في أربعة آلاف رجل فخشيت على ملكي، فرجعت إلى مصر وبنيت الاهرام والبرانيَّ وبنيت الهرمين وأودعتهما كنوزي وذخائري، وقلت في ذلك:

وأدرك علمي بعض ما هو كائن

ولا علم لي بالغيب والله أعلم

وأتقنت ما حاولت إتقان صنعه

وأحكمته والله أقوى وأحكم

وحاولت علم النيل من بدء فيضه

فأعجزني والمرء بالعجز ملجم

ثمانين شاهورا قطعت مسايحاً

وحولي بني حجر وجيش عرموم(٢)

إلى أن قطعت الانس والجنَّ كلّهم

وعارضني لجٌّ من البحر مظلم

فأيقنت أنَّ لا منفذ بعد منزلي

لذي همّة(٣) بعدي ولا متقدم

فابت إلى ملكي وأرسيت ثاوياً

بمصر وللايام بؤس وأنعم

أنا صاحب الاهرام في مصر كلها

وباني برانيها بها والمقدَّم

تركت بها آثار كفّي وحكمتي

على الدَّهر لا تبلي ولا تتهدَّم(٤)

وفيها كنوز جمّة وعجائب

وللدّهر أمر مرَّة وتجهّم(٥)

سيفتح أقفالي ويبدي عجائبي

وليٌّ لربّي آخر الدّهر ينجم

بأكناف بيت الله تبدو اموره

فلابدَّ أن يعلو ويسمو به السم

ثمان وتسع واثنتان وأربع

وتسعون اخرى من قتيل وملجم

ومن بعد هذا كرّ تسعون تسعة

وتلك البراني تستخرّ وتهدم

__________________

(١) تماوت. تظاهر أنَّه مات وأظهر التخافت والتضاعف.

(٢) العرمرم: الجيش الكثير.

(٣) في بعض النسخ « لذي نهبة » وفي بعضها « لذى هيبة ».

(٤) في بعض النسخ « تتثلم »

(٥) في نسخة « تهجم ».

٥٦٤

وتبدى كنوزي كلّها غير أنّني

أرى كلَّ هذا أن يفرّقها الدَّم

زبرت مقالي في صخور قطعتها

ستبقي وأفنى بعدها ثمَّ اُعدم

فحينئذ قال أبو الجيش حمادويه بن أحمد: هذا شيء ليس لأحد فيه حيلة إلّا القائم من آل محمّدعليه‌السلام وردت البلاطة كما كانت مكانها.

ثم إنَّ أبا الجيش بعد ذلك بسنة قَتَله طاهر الخادم [ ذبحه ] على فراشه وهو سكران، ومن ذلك الوقت عرف خبر الهرمين ومَن بناهما، فهذا أصحُّ ما يقال من خبر النيل والهرمين.

و عاش ضُبيرة بن [ سعيد بن ] سعد بن سهم القرشيُّ مائة وثمانين سنّة، وأدرك الاسلام فهلك فجأة.

وعاش لبيد بن ربيعة الجعفري مائة وأربعين سنّة وأدرك الاسلام فأسلم، فلمّا بلغ سبعون سنّة من عمره أنشأ يقول في ذلك:

كأنّي وقد جاوزت سبعين حجّة

خلعت بها عن منكبي ردائيا

فلما بلغ سبعا وسبعين سنّة أنشأ يقول:

باتت تشكي إلي النفس مجهشة

وقد حملتك سبعاً بعد سبعينا

فان تزيدي ثلاثاً تبلغي أملا

وفي الثلاث وفاء للثمانينا

 فلمّا بلغ تسعين سنّة أنشأ يقول:

كأني وقد جاوزت تسعين حجّة

خلعت بها عنّي عذار لثامي

رمتني بنات الدَّهر من حيث لا أرى

وكيف بمن يرمى وليس برام

فلو أنّني ارمى بنبل رأيتها

ولكنّني اُرمي بغير سهام

فلمّا بلغ مائة وعشر سنين أنشأ يقول:

أليس في مائة قد عاشها رجلٌ

وفي تكامل عشر بعدها عمر

فلمّا بلغ مائة وعشرين سنّة أنشأ يقول:

قد عشت دهراً قبل مجرى داحس

لو كان للنفس اللّجوج خلود

فلما بلغ مائة وأربعين سنّة أنشأ يقول:

٥٦٥

ولقد سئمت من الحياة وطولها

وسؤال هذا النّاس كيف لبيد

غلب الرِّجال وكان غير مغلب

دهر طويل دائم ممدود

يوما إذا يأتي عليَّ وليلة

وكلاهما بعد المضيِّ يعود

فلمّا حضرته الوفاة قال لابنه: يا بنيَّ أنَّ أباك لم يمت ولكنّه فني فإذا قبض أبوك فأغمضه وأقبل به القبلة وسجّه بثوبه، ولا أعلمنَّ ما صرخت عليه صارخة أو بكت عليه باكية، وانظر جفنتي الّتي كنت اُضيف بها فأجد صنعتها، ثمّ احملها إلى مسجدك وإلى من كان يغشاني عليها فإذا قال الامام: « سلام عليكم » فقدّمها إليهم يأكلون منها فإذا فرغوا فقل: احضروا جنازة أخيكم لبيد بن ربيعة فقد قبضه الله عزَّ وجلَّ ثمّ أنشأ يقول:

وإذا دفنت أباك فاجعل

فوقه خشباً وطيناً

وصفائح صمّاً روا

شنها تسدّدن الغصونا

ليقين حرَّ الوجه سفساف

التراب ولن يقينا

وقد ورد في الخبر في حديث لبيد بن ربيعة في أمر الجفنة غير هذا، وذكروا أنَّ لبيد بن ربيعة جعل على نفسه أنَّ كلّما هبت الشمال أن ينحر جزوراً فيملأ الجفنة الّتي حكوا عنها في أوّل حديثه.

فلمّا ولي الوليد بن عقبة بن أبي معيط الكوفة خطب النّاس فحمد الله عزَّ وجلَّ وأثنى عليه وصلى على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ قال: أيّها النّاس قد علمتم حال لبيد بن ربيعة الجعفريّ وشرفه ومروءته، وما جعل على نفسه كلّما هبت الشمال أن ينحر جزوراً فأعينوا أبا عقيل على مروءته، ثمّ نزل وبعث إليه بخمسة من الجزر، ثمّ أنشأ يقول فيها:

أرى الجزَّار يشحذ شفرتيه

إذا هبّت رياح أبي عقيل

طويل الباع أبلج جعفريّ

كريم الجدِّ كالسيف الصيقل

وفي ابن الجفعريِّ بما لديه

على العلّات والمال القليل

__________________

(١) على العلات أي على كلّ حال.

٥٦٦

وقد ذكروا أنَّ الجزر كانت عشرين، فلمّا أتته قال: جزي الله الأمير خيراً قد عرف أنّي لا أقول الشعر ولكن أخرجي يا بنيّة، فخرجت إليه بنية له خماسيّة، فقال لها: أجيبي الأمير، فأقبلت وأدبرت، ثمَّ قالت: نعم وأنشأت تقول:

إذا هبّت رياح أبي عقيل

دعونا عند هبّتها الوليدا

طويل الباع أبلج عبشميّاً(١)

أعان على مروءته لبيدا

بأمثال الهضاب(٢) كأنّ ركباً

عليها من بني حام قعودا

أبا وهب جزاك الله خيراً

نحرناها وأطعمنا التريدا

فعد أنَّ الكريم له معاد

وعهدي بابن أروى أن تعودا

فقال: لها: أحسنت يا بنية لولا إنّك سألت، قالت: إنَّ الملوك لا يستحيى من مسألتهم، قال: وأنت يا بنيّة أشعر.

وعاش ذو الاصبع العدوانيُّ واسمه حرثان بن الحارث بن محرَّث بن ربيعة بن هبيرة بن ثعلبة بن الظرب بن عثمان ثلاثمائة سنة.

وعاش جعفر بن قبط(٣) ثلاثمائة سنّة وأدرك الاسلام.

وعاش عامر بن الظرب العدوانيّ ثلاثمائة سنّة(٤) .

وعاش محصِّن بن عتبان بن ظالم بن عمرو بن قطيعة بن الحارث بن سلمة بن مازن الزُّبيديُّ مائتين وخمسين سنّة، وقال في ذلك:

ألا يا سلم إنّي لست منكم

ولكنّي امرءٌ قوتي سغوب(٥)

دعاني الدّاعيان فقلت: هيّا(٦)

فقالا: كلُّ من يدعى يُجيب

__________________

(١) منسوب إلى عبد شمس بجوار أو ولاء أو حلف.

(٢) شبه الجزور بالهضاب وهو الحبل المنبسط.

(٣) كذا ولعل الصواب « جعفر بن قرط » بضم القاف وسكون الراء وهو جعفر بن قرط بن كعب بن قيس بن سعد. وذكر ابن الكلبي أنَّه جعفر بن قرط بن عبد يغوث بن كعب ابن ردة الشاعر.

(٤) في « المعمرون » مائتي سنة.

(٥) السغب: الجوع وفي رواية « ولكني امرء قومي شعوب ».

(٦) في رواية « أيّهاً » وكلاهما كلمة زجر.

٥٦٧

ألا يا سلم أعياني قيامي

وأعيتني المكاسب والذُّهوب(١)

وصرت رذية(٢) في البيت كلّا

تأذَّى بي إلّا باعد والقريب

كذاك الدَّهر والأيّام خون(٣)

لها في كلِّ سائمة نصيب

وعاش عوف بن كنانة الكلبيُّ ثلاثمائة سنّة فلمّا حضرته الوفاة جمع بنيه فأوصاهم وهو عوف بن كنانة بن عوف بن عذرة بن زيد بن ثور بن كلب فقال: يا بنيَّ احفظوا وصيّتي فإنّكم أن حفظتموها سدتم قومكم من بعدي:

إلهكم فاتقوه، ولا تحزنوا ولا تخونوا، ولا تثيروا السباع(٤) من مرابضها فتندموا وجاوزوا النّاس بالكف عن مساويهم فتسلموا وتصلحوا، وعفّوا عن الطلب إليهم ولا تستقلوا(٥) ، وألزموا الصمت إلّا من حقٍّ تحمدوا، وابذلوا لهم المحبّة تسلم لكم الصدور، ولا تحرموهم المنافع فيظهروا الشكاة، وتكونوا منهم في ستر ينعم بالكم، ولا تكثروا مجالستهم فيُستخفّ بكم، وإذا نزلت بكم معضلة فاصبروا لها، وألبسوا للدَّهر أثوابه فإنَّ لسان الصدق مع المسكنة خيرٌ من سوء الذِّكر مع الميسرة، ووطّنوا أنفسكم على المذلة لمن تذلّل لكم فإنَّ أقرب الوسائل المودَّة، وإنَّ أتعبت النشب البغضة، وعليكم بالوفاء، وتنكّبوا العذر يأمن سربكم، [ وأصيخوا للعدل ] وأحيوا الحسب بترك الكذب فإنَّ آفة المروءة الكذب والخلف، ولا تعلموا النّاس أقتاركم فتهونوا عليهم وتخملوا، وإياكم والغربة فإنّها ذلّة، ولا تضعوا الكرائم إلّا عند الأكفاء وابتغوا لانفسكم المعالي، ولا يختلجنّكم جمال النساء عن الصحة(٦) فإنَّ نكاح

__________________

(١) في بعض النسخ « الرهوب » وفي بعضها « الركوب ».

(٢) الرذى من أثقله المرض والضعف من كلّ شيء (القاموس).

(٣) جمع الخوان: ما يؤكل عليه الطعام.

(٤) في بعض النسخ « تستثيروا السباع ».

(٥) في بعض النسخ « لئلّا تستثقلوا ».

(٦) في رواية « عن صراحة النسب ». وفي بعض النسخ « عن النصيحة ». وفي وصية أكثم بن صيفي « يا بني لا يغلبنكم جمال النساء عن صراحة النسب.

٥٦٨

الكرائم مدارج الشرف، واخضعوا لقومكم، ولا تبغوا عليهم لتنالوا المنافس، ولا تخالفوهم فيما اجتمعوا عليه فإنَّ الخلاف يزري بالرئيس المطاع، وليكن معروفكم لغير قومكم من بعدهم، ولا توحشوا أفنيتكم من أهلها فإنَّ إيحاشها إخماد النّار ودفع الحقوق، وارفضوا النائم بينكم [ تسلموا ]، وكونوا أعواناً عند الملمات(١) تغلبوا، واحذروا النجعة(٢) إلّا في منفعة لا تصابوا، وأكرموا الجار يخصب جنابكم، وآثروا حقَّ الضعيف على أنفسكم، وألزموا مع السفهاء الحلم تقلّ همومكم، وإيّاكم والفرقة فإنها ذلة، ولا تكلّفوا أنفسكم فوق طاقتها إلّا المضطر فإنكم لن تلاموا عند اتّضاح العذر وبكم قوَّة خيرٌ من أن تعاونوا في الاضطرار منكم إليهم بالمعذرة(٣) ، وجدُّوا ولا تفرطوا فإنَّ الجدَّ مانع الضيم، ولتكن كلمتكم واحدة تعزُّوا ويرهف حدّكم ولا تبذلوا الوجوه لغير مكرميها فتكلحوها ولا تجشّموها أهل الدَّناءة فتقصروا بها(٤) ولا تحاسدوا فتبوروا، واجتنبوا البخل فإنّه داء، وابنوا المعالي بالجود والأدب ومصافاة أهل الفضل والحباء(٥) وابتاعوا المحبّة بالبذل، ووقّروا أهل الفضل، وخذوا عن أهل التجارب، ولا يمنعكم من معروف صغره فإنَّ له ثواباً، ولا تحقروا الرِّجال فتزدروا، فإنّما المرء بأصغريه ذكاء قبله ولسان يعبّر عنه، وإذا خوفتم داهيةً فعليكم بالتثبت قبل العجلة، والتمسوا بالتودد المنزلة عند الملوك، فإنهم من وضعوه اتّضع، ومن رفعوه ارتفع، وتنبّلوا تسم إليكم الأبصار، وتواضعوا بالوقار ليحبّكم ربّكم، ثمّ قال:

__________________

(١) في رواية « وكونوا أنجادا عند الملمات تغلبوا ».

(٢) النجعة وزان الرقعة طلب الكلاء في موضعه وفي رواية « واحذروا النجعة الّتي في المنعة ».

(٣) في رواية « فلئن تلاموا وبكم قوه خير من أن تعاونوا بالعجز ».

(٤) في بعض النسخ « لغير مكرمة فتخلقوها ولا تحتشموا أهل الدناءة فتقصروا بها » وفي بعض النسخ « ولا تحتشموها ». والتجشم: التكلف.

(٥) في رواية « وابتنوا المباني بالادب ومصافاة أهل الحباء ». والحباء: العطاء بلا جزاء.

٥٦٩

 

وما كلُّ ذي لبٍّ بموتيك نصحه

ولا كلُّ مؤت نضحه بلبيب

ولكن إذا ما استجمعا عند واحد

فحقٌّ له من طاعة بنصيب

وعاش صيفيُّ بن رياح بن أكثم أحد بني أسد بن عمر بن تميم مائتين وسبعين سنّة وكان يقول: لك على أخيك سلطان في كلِّ حال إلّا في القتال، فإذا أخذ الرَّجل السلاح فلا سلطان لك عليه، وكفى بالمشرفيّة واعظاً(١) ، وترك الفخر أبقى للثناء، وأسرع الجرم عقوبة البغي، وشرُّ النصرة التعدِّي، وألام الاخلاق أضيقها، ومن سوء الادب كثرة العتاب(٢) ، وأقرع الأرض بالعصاء. - فذهبت مثلاً -(٣) .

لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا

وما علم الانسان إلّا ليعلما

وعاش عبّاد بن شداد اليربوعيُّ: مائة وخمسين سنّة(٤) .

وعاش أكثم بن صيفي أحد بني أسد بن عمرو بن تميم ثلاثمائة وستّين سنّة وقال بعضهم مائة وتسعين سنّة وأدرك الاسلام فاختلف في إسلامه إلّا أنَّ أكثرهم لا يشكُّ في أنَّه لم يسلم فقال في ذلك:

وإنّ امرءاً قد عاش تسعين حجّة

إلى مائة لم يسأم العيش جاهل

خلت مائتان غير ستّ وأربع

وذلك من عدِّ الليالي قلائل

وقال محمّد بن سلمة: أقبل أكثم بن صيفي يريد الاسلام فقتله ابنه عطشا فسمعت أنَّ هذه الآية نزلت فيه «ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثمّ يدركه الموت فقد وقع أجره على الله »(٥) ولم تكن العرب تقدَّم عليه أحداً في الحكمة، وإنّه

__________________

(١) المشرفية سيوف جيدة تنسب إلى مشارف الشام.

(٢) في بعض « النسخ » ومن الاذى كثرة العتاب ».

(٣) القرع - بالفتح -: الضرب، والمراد أن ينبه الانسان صاحبه عند خطئه. وأصل المثل أنَّ عامر بن الظرب طعن في السن وأنكر قومه من عقله شيئاً، فقال لبنيه: اذا رأيتمونى خرجت من كلامي وأخذت في غيره فاقرعوا إلى المحجن بالعصا فكانوا يقرعونه والارض.

(٤) في « المعمرون » مائة وثمانين سنّة وفي بعض النسخ « عاد بن شداد ».

(٥) النساء: ٩٩.

٥٧٠

لمّا سمع برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث ابنه حليساً(١) فقال: يا بنيَّ إنّي أعظك بكلمات فخذ بهنَّ من حين تخرج من عندي إليَّ أن ترجع إلي، ائت نصيبك في شهر رجب فلا تستحله فيستحلُّ منك، فإنَّ الحرام ليس يُحرّم نفسه وإنّما يحرمه أهله، ولا تمرنَّ بقوم إلّا نزلت عند أعزِّهم وأحدث(٢) عقداً مع شريفهم، وإيّاك والذليل فإنّه أذلَّ نفسه ولو أعزَّها لاعزَّه قومه فإذا قدمت على هذا الرَّجل فاني قد عرفته وعرفت نسبه وهو في بيت قريش واعز العرب وهو أحد رجلين إمّا ذو نفس أراد ملكاً، فخرج للملك بعزِّه فوقّره وشرِّفه وقم بين يديه ولا تجلس إلّا باذنه حيث يأمرك ويشير إليك فإنّه إن كان ذلك(٣) كان أدفع لشرِّه عنك وأقرب لخيره منك، فإن كان نبيّاً فإنَّ الله لا يُحَسُّ فيتوهّم ولا ينظر فيتجسّم، وإنّما يأخذ الخيرة حيث يعلم(٤) لا يخطيء فيستعتب إنّما أمره على ما يحبُّ وإن كان نبيّاً فستجد أمره كلّه صالحاً وخبره كلّه صادقاً، وستجده متواضعاً في نفسه متذلّلاً لربّه، فذلّ له فلا تحدثنَّ أمراً دوني، فإنَّ الرَّسول إذا أحدث الامر من عنده خرج من يدي الّذي أرسله، واحفظ ما يقول لك إذا ردَّك إلي فانّك لو توهّمت أو نسيت جشمتني(٥) رسولاً غيرك.

وكتب معه باسمك اللّهمَّ من العبد إلى العبد؛ أما بعد: فأبلغنا ما بلغك فقد أتانا عنك خبر لا ندري ما أصله، فإنَّ كنت اريت فأرنا، وإن كنت عُلّمت فعلّمنا وأشركنا في كنزك والسلام.

فكتب إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيما ذكروا: « من محمّد رسول الله إلى أكثم ابن صيفي: أحمد الله إليك أنَّ الله تعالى أمرني أن أقول: لا إله إلّا الله، وآمر النّاس بقولها، والخلق خلق الله عزَّ وجلَّ والأمر كلّه لله خلقهم وأماتهم وهو ينشرهم وإليه المصير، أدَّبتكم بآداب المرسلين ولتسألن عن النبأ العظيم ولتعلّمنَّ نبأه بعد حين ».

فلمّا جاءه كتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لابنه: يا بنيَّ ماذا رأيت؟ قال: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها، تجمع أكثم بن صيفي إليه بني تميم ثمّ قال:

__________________

(١) في بعض النسخ (حبيشاً).

(٢) في بعض النسخ (وأخذت).

(٣) أي أن كان ملكاً.

(٤) لعل المعنى الله يعلم حيث يجعل رسالاته.

(٥) أي كلفتني.

٥٧١

يا بني تميم لا تحضروني سفيهاً فإنَّ من يسمع بخل، ولكلِّ انسان رأى في نفسه، وانَّ السفيه واهن الراى وان كان قوِّى البدن ولاخير فيمن لا عقل له.

يا بني تميم كبرت سنّي ودخلتني ذلّة الكبر فإذا رأيتم منّى حسناً فاتوه، واذا انكرتم منّى شيئاً فقوِّموني بالحقِّ أستقم له، إنَّ ابني قد جاءني وقد شافه هذا الرَّجل فرآه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويأخذ بمحاسن الأخلاق، وينهى عن ملائمها، ويدعوا إلى أن يعبد الله وحده، وتخلع الأوثان ويترك الحلف بالنيران. ويذكر أنَّه رسول الله، وأنَّ قبله رسلاً لهم كتب، وقد علمت رسولاً قبله كان يأمر بعبادة الله عزَّ وجلَّ وحده، إنَّ أحق النّاس بمعاونة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومساعدته على أمره أنتم، فإن يكن الّذي يدعو إليه حقّاً فهو لكم، وإن يك باطلاً كنتم أحقُّ من كفَّ عنه وستر عليه.

وقد كان اسقف نجران يحدِّث بصفته، ولقد كان سفيان بن مجاشع قبله يحدِّث به وسمى ابنه محمداً، وقد علم ذوو الرأي منكم أنَّ الفضل فيما يدعو إليه ويأمر به، فكونوا في أمره أوّلاً ولا تكونوا أخيراً، اتّبعوه تشرَّفوا، وتكونوا سنام العرب، واتوه طائعين من قبل أن تأتوه كارهين، فإنّي أرى أمراً ما هو بالهوينا لا يترك مصعداً إلّا صعّده ولا منصوباً إلّا بلّغه، إنَّ هذا الّذي يدعوا إليه لو لم يكن دينا لكان في الاخلاق حسناً، أطيعوني واتّبعوا أمري أسأل لكم ما لا ينزع منكم أبداً، إنّكم أصبحتم أكثر العرب عدداً، وأوسعهم بلداً، وإني لارى أمراً لا يتّبعه ذليل إلّا عزّ، ولا يتركه عزيز إلّا ذلَّ، اتبعوه مع عزِّكم تزدادوا عزّاً، ولا يكن أحد مثلكم، إنَّ الاوَّل لم يدع للاخر شيئاً، وإن هذا أمر لمّا هو بعده من سبق إليه فهو الباقي، واقتدى به الثاني، فأصرموا أمركم فإنَّ الصريمة قوَّة، والاحتياط عجز(١) .

فقال مالك بن نويرة: خرف شيخكم. فقال أكثم: ويل للشجيِّ من الخليِّ(٢)

__________________

(١) في بعض النسخ « فالاختلاط عجز » والصريمة: العزيمة في الشيء. والصرم القطع.

(٢) الخلى: الخالي من الهم والحزن خلاف الشجي والمثل معروف والمعنى إنّي في هم عظيم لهذا الامر الّذي أدعوكم إليه وأنتم فارغون غافلون فويل لي منكم. (البحار)

٥٧٢

أراكم سكوتاً وإنَّ آفة الموعظة الاعراض عنها.

ويلك يا مالك إنّك هالك، إنَّ الحقَّ إذا قام وقع القائم معه وجعل الصرعى قياماً فإياّك أن تكون منهم، أما إذا سبقتموني بأمركم فقرِّبوا بعيري أركبه، فدعا براحلته فركبها فتبعوه بنوه وبنو أخيه، فقال: لهفى على أمر لن ادركه ولم يسبقني.

وكتبت طيء إلى أكثم فكانوا أخواله، وقال آخرون: كتبت بنو مرَّة وهم أخواله أن أحدث إلينا ما نعيش به فكتب:

أمّا بعد: فإني اُوصيكم بتقوى الله وصلة الرَّحم فإنّها تثبت أصلها وتنبت فرعها وأنهاكم عن معصية الله وقطيعة الرَّحم فإنّها لا يثبت لها أصل ولا ينبت لها فرع واياكم ونكاح الحمقاء فإنَّ مباضعتها قذر، وولدها ضياع، وعليكم بالابل فأكرموها فانّها حصون العرب ولا تضعوا رقابها إلّا في حقّها فإنَّ فيها مهر الكريمة ورقوء الدَّم(١) وبألبانها يتحف الكبير، ويغذى الصغير، ولو كلّفت الابل الطحن لطحنت، ولن يهلك امرءٌ عرف قدره، والعدم عدم العقل(٢) والمرء الصالح لا يعدم [ من ] المال، ورب رجل خير من مائة، ورب فئة أحب إلي من قبيلتين(٣) ومن عتب على الزَّمان طالت معتبته، ومن رضي بالقسم طابت معيشته، آفة الرَّأي الهوى، والعادة أملك بالأدب، والحاجة مع المحبّة خير من الغنى مع البغضة، والدُّنيا دُوَل فما كان لك منها أتاك على ضعفك وإن قصرت في طلبه، وما كان منها عليك لم تدفعه بقوَّتك، وسوء حمل الفاقة(٤) تضع الشرف، والحسد داء ليس له دواء، والشماتة تَعقِب، و

__________________

(١) رقأ الدم: جف وسكن، والرقوء - كصبور -: ما يوضع على الدم ليرقئه والمعنى أنّها تعطى في الديات فتحقن بها الدماء.

(٢) العدم - بالضم وبضمتين وبالتحريك الفقدان وغلب على فقدان المال.

(٣) في بعض النسخ « من فئتين ».

(٤) في بعض النسخ « الريبة ».

٥٧٣

من برَّ يوماً بُرَّ به، واللّومة مع السفاهة، ودعامة العقل الحلم، وجماع الامر الصبر وخير الأُمور مغبّةً العفو، وأبقى المودَّة حسن التعاهد، ومن يَز رغبّاً يزدد حبّاً(١) .

وصية أكثم بن صيفي عند موته: جمع أكثم بنيه عند موته فقال: يا بنيَّ إنَّه قد أتى عليَّ دهر طويل وأنا مزوِّدكم من نفسي قبل الممات:

اوصيكم بتقوى الله وصلة الرَّحم، وعليكم بالبرِّ فإنّه ينمي عليه العدد ولا يبيد عليه أصل ولا يهتصر فرع، فأنها كم عن معصية الله وقطيعة الرَّحم فإنّه لا يثبت عليها أصل ولا ينبت عليها فرع، كفّوا ألسنتكم فإنَّ مقتل الرَّجل بين فكيه، إنَّ قول الحقِّ لم يدع لي صديقاً، انظروا أعناق الابل ولا تضعوها إلّا في حقّها فإنَّ فيها مهر الكريمة ورقوء الدَّم، وإيّاكم ونكاح الحمقاء فإنَّ نكاحها قذر وولدها ضياع، الاقتصاد في السفر أبقى للجمام(٢) ، من لم يأس على ما فاته ودع بدنه(٣) ، من قنع بما هو فيه قرَّت عينه، التقدُّم قبل التندُّم، أن أصبح عند رأس الامر أحبُّ إليَّ من أن اصبح عند ذنبه، لم يهلك امرء عرف قدره، العجز عند البلاء آفة التجمّل(٤) لم يهلك من مالك ما وعظك، ويل لعالم أمن من جهله(٥) ، الوحشة ذهاب الأعلام، يتشابه الامر إذا أقبل، فإذا أدبر عرفه الكيّس وإلّا حمق، البطر عند الرَّخاء حمق، وفي طلب المعالي يكون العزّ، ولا تغضبوا من اليسير فإنّه يجنى الكثير، لا تجيبوا فيما لم تسئلوا(٦) عنه، ولا تضحكوا ممّا لا يضحك منه، تبارّوا في الدُّنيا ولا تباغضوا، الحسد

__________________

(١) يعني الزيارة يوماً ويوماً لا موجبة للحب.

(٢) كذا والظاهر « الاقتصاد في السعي أبقى للجمال » كما في رواية السجستاني، وأمّا الجمام كما في الصلب: الراحة، والقوة.

(٣) أي سكن. وفى بعض القراءات « ودّع » أي راح نفسه.

(٤) في بعض النسخ الحديث « الجزع عند النازلة آفة التجمل ».

(٥) كذا. وفى جمهرة الامثال ج ١ ص ٣٢٠ ومجمع الامثال ص ٦٩٨ « ويل لعالم أمر من جاهله ».

(٦) في بعض النسخ « عمّا لا تسألوا ».

٥٧٤

في القرب فإنّه من يجتمع يتقعقع عمده(١) يتقرَّب بعضكم من بعض في المودَّة، لا تتّكلوا على القرابة فتقاطعوا، فإنَّ القريب من قرب نفسه، وعليكم بالمال فأصلحوه فإنّه لا يصلح الأموال إلّا باصلاحكم، ولا يتّكلنَّ أحدكم على مال أخيه يرى فيه قضاء حاجته فإنّه من فعل ذلك كالقابض على الماء، ومن استغنى كرم على أهله، وأكرموا الخيل، نعم لهو الحُرَّة المغزل، وحيلة من لا حيلة له الصبر. وعاش قردة بن ثعلبة بن نفاثة(٢) السلوليُّ مائة وثلاثين سنّة في الجاهليّة، ثمّ أدرك الاسلام فأسلم.

وعاش مصاد بن جناب بن مرارة من بني عمرو بن يربوع بن حنظلة بن زيد بن مناة أربعين ومائة سنّة(٣) .

و عاشُ قس بن ساعدة الاياديَّ ستمائة سنّة وهو الّذي يقول:

هل الغيث مُعطي الامن عند نزوله

بحال مسيء في الأُمور ومحسن

وما قد تولّى وهو قد فات ذاهباً

فهل ينفعنّي ليتني ولو أننّي

وكذلك يقول لبيد:

وأخلف قُسّاً ليتني ولو أنّني

وأعيا على لقمان حكم التدبّر

وعاش الحارث بن كعب المذحجي ستين ومائة سنة.

قال مصنّف هذا الكتابرضي‌الله‌عنه : هذه الأخبار الّتي ذكرتها في المعمرين

__________________

(١) القعقعة: حكاية صوت السلاح، وقعقعت عمدهم تقعقعت: وارتحلوا يعني إذا اجتمعوا وتقاربوا وقع بينهم الشر فتفرقوا. أو معناه لابدّ من الافتراق بعد الاجتماع. أو من غبط بكثرة العدد واتساق الامر فهو بمعرض الزوال والانتشار.

(٢) في اكثر النسخ « فروة بن ثعلبة بن نفاية » والظاهر تصحيف.

(٣) وقال شعراً منها:

ان مصاد بن جناب قد ذهب

أدرك من طول الحياة ما طلب

والموت قدر يدرك يوماً من هرب

٥٧٥

قد رواها مخالفونا أيضاً من طريق محمّد بن السائب الكلبيِّ، ومحمّد بن إسحاق بن بشّار(١) وعوانة بن الحكم وعيسى بن زيد بن آب(٢) ، والهيثم بن عديٍّ الطائيُّ، وقد روى عن النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنَّه قال: كلّما كان في الامم السالفة تكون في هذه الاُمّة مثله حذو النعل بالنعل والقذَّة بالقذَّة.

وقد صحَّ هذا التعمير فيمن تقدَّم وصحّت الغيبات الواقعة بحجج اللهعليهم‌السلام فيما مضى من القرون.

فكيف السبيل إلى إنكار القائمعليه‌السلام لغيبته وطول عمره مع الأخبار الواردة فيه عن النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن الائمّةعليهم‌السلام ، وهي الّتي قد ذكرناها في هذا الكتاب بأسانيدها.

حدَّثنا عليّ بن أحمد الدَّقّاقرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفيُّ، عن موسى بن عمران النخعيِّ، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفليِّ، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كلّما كان في الامم السالفة فإنّه يكون في هذه الاُمّة مثله حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذِّة.

حدَّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال: حدَّثنا الحسن بن عليّ السكري قال: حدَّثنا محمّد بن زكريّا، عن جعفر بن محمّد بن عمارة، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والّذي بعثني بالحق نبيّاً وبشيراً لتركبنَّ اُمّتي سنن من كان قبلها حذو النعل بالنعل حتّى لو أنَّ حيّة من بني إسرائيل دخلت في جحر لدخلت في هذه الاُمّة حيّة مثلها.

حدَّثنا الشريف أبو الحسن عليُّ بن موسى بن أحمد بن إبراهيم بن محمّد بن عبيد الله(٣) رضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا أبو عليٍّ الحسن بن ركام(٤) قال: حدّثنا احمد

__________________

(١) تقدَّم الاختلاف في جده أهو يسار أو بشار.

(٢) في البحار « عيسى بن يزيد بن رئاب ».

(٣) في بعض النسخ « عبد الله ».

(٤) في بعض النسخ « أبو عليّ بن همام ».

٥٧٦

ابن محمّد النوفليِّ قال: حدَّثني أحمد بن هلال، عن عثمان بن عيسى الكلابيِّ، عن خالد بن نجيح، عن حمزة بن حمران، عن أبيه، عن سعيد بن جبير قال: سمعت سيّد العابدين على بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام يقول: في القائم منّا سنن من الأنبياءعليهم‌السلام ، سنّة من نوح، وسنّة من إبراهيم، وسنّة من موسى، وسنّة من عيسى، وسنّة من أيّوب، وسنّة من محمّد صلوات الله عليهم.

و أمّا من نوحعليه‌السلام فطول العمر، وأمّا من إبراهيم فخفاء الولادة واعتزال النّاس، وأمّا من موسى فالخوف والغيبة، وأمّا من عيسى فاختلاف النّاس فيه، وأمّا من أيّوبعليه‌السلام فالفرج بعد البلوى، وأمّا من محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فالخروج بالسيف.

فمتى صحَّ التعمير لمن تقدَّم عصرنا وصحَّ الخبر بأنَّ السنة بذلك جارية في القائمعليه‌السلام الثاني عشر من الائمّةعليهم‌السلام لم يجز إلّا أن يعتقد أنَّه لو بقي في غيبته ما بقي لم يكن القائم غيره، وإنّه لو لم يبق من الدُّنيا إلّا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتّى يخرج فيملاها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً كما روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن الائمّةعليهما‌السلام بعده.

ولا يحصل لنا الاسلام إلّا بالتسليم لهم فيما يرد ويصحُّ عنهم، ولا حول ولا قوَّة إلّا بالله العلي العظيم.

وما في الازمنة المتقدِّمة من أهل الدِّين والزهد والورع إلّا مغيّبين لاشخاصهم مستترين لامرهم، يظهرون عند الامكان والامن ويغيبون عند العجز والخوف وهذا سبيل الدُّنيا من إبتدائها إلى وقتنا هذا، فكيف صار أمر القائمعليه‌السلام في غيبته من دون جميع الأُمور منكراً إلّا لمّا في نفوس الجاحدين من الكفر والضلال وعداوة الدِّين وأهله وبغض النبيِّ والائمّة بعدهعليهم‌السلام .

[ حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدَّثنا الحسن بن عليِّ السكري(١) قال: حدّثنا محمّد بن زكريّا قال: ] فقد بلغني أنَّ ملكا من ملوك الهند كان كثير الجند واسع المملكة

__________________

(١) في بعض النسخ « العسكري » وفي بعضها السكوني.

٥٧٧

مهيباً في أنفس النّاس، مظفرّاً على الأعداء، وكان مع ذلك عظيم النهمة(١) في شهوات الدُّنيا ولذّاتها وملاهيها، مؤثراً لهواه، مطيعا له، وكان أحب النّاس إليه وانصحهم له في نفسه من زين له حاله وحسّن رأيه، وابغض النّاس واعشّهم له في نفسه من امره بغيرها وترك امره فيها،، وكان قد أصاب الملك فيها في حداثة سنّة وعنفوان شبابه وكان له رأي أصيل ولسان بليغ ومعرفة بتدبير النّاس، وضبطهم، فعرف النّاس ذلك منه فانقادوا له، وخضع له كلُّ صعب وذلول، واجتمع له سكر الشباب وسكر السّلطان، والشّهوة والعجب، ثمَّ قوَّى ذلك ما أصاب من الظّفر على من ناصبه والقهر لاهل مملكته، وانقياد النّاس له، فاستطال على النّاس واحتقرهم، ثمّ ازداد عجباً برأيه ونفسه لمّا مدحه النّاس وزيّنوا أمره عنده، فكان لاهمّة له إلّا الدُّنيا وكانت الدُّنيا له مؤاتية، لا يريد منها شيئاً إلّا ناله، غير أنَّه كان مئناثاً(٢) لا يولد له ذكر، وقد كان الدِّين فشا في أرضه قبل ملكه، وكثر أهله، فزين له الشيطان عداوة الدِّين وأهله وأضر بأهل الدِّين فأقصاهم مخافة على ملكه، وقرَّب أهل الاوثان، وصنع لهم أصناماً من ذهب وفضة، وفضّلهم وشرَّفهم، وسجد لأصنامهم.

فلمّا رأى النّاس ذلك منه سارعوا إلى عبادة الاوثان والاستخفاف بأهل الدِّين، ثمّ إنَّ الملك سأل يوماً عن رجل من أهل بلاده كانت له منه منزلة حسنة ومكانة رفيعة وكان أراد ليستعين به على بعض اموره ويحبّه ويكرمه، فقيل له: أيّها الملك أنَّه قد خلع الدُّنيا وخلا منها ولحق بالنّساك فثقل ذلك على الملك، وشقَّ عليه، ثمَّ إنَّه أرسل إليه فأتي به، فلمّا نظر إليه في زيِّ النسّاك وتخشّعهم زبره وشتمه(٣)

__________________

(١) النهمة - بفتح النون - بلوغ الهمة والشهوة في الشيء ويقال: له في هذا الامر نهمة أي شهوة.

(٢) المئناث: الّتي اعتادت أن تلد الاناث وكذلك الرَّجل لانهما يستويان في مفعال. ويقابله المذكار وهى الّتى تلد الذكور كثيراً.

(٣) النساك: العباد. وزبره أي زجره.

٥٧٨

وقال له: بينا أنت من عبيدي وعيون أهل مملكتي ووجهم وأشرافهم إذ فضحت نفسك وضيّعت أهلك ومالك واتّبعت أهل البطالة والخسارة حتّى صرت ضحكه ومثلاً، وقد كنت أعددتك لمهمِّ اموري، والاستعانة بك على ما ينوبني، فقال له: أيّها الملك أنَّه أن لم يكن لي عليك حقٌّ فلعقلك عليك حق، فاستمع قولي بغير غضب، ثمَّ ائمر بما بدالك بعد الفهم والتثبيت، فإنَّ الغضب عدوُّ العقل، ولذلك يحول بين صاحبه وبين الفهم، قال الملك: قل ما بدالك.

قال النّاسك: فإنّي أسألك أيّها الملك أفي ذنبي على نفسي عتبت علىَّ أم في ذنب منّي إليك سالف؟.

قال الملك: إنَّ ذنبك إلى نفسك أعظم الذُّنوب عندي، وليس كلّما أراد رجل من رعيّتي أن يهلك نفسه اخلي بينه وبين ذلك، ولكنّي أعد إهلاكه نفسه كإهلاكه لغيره ممّن أنا وليّه والحاكم عليه وله، فأنا أحكم عليك لنفسك وآخذ لها منك إذ ضيّعت أنت ذلك، فقال له النّاسك: أراك أيّها الملك لا تأخذني إلّا بحجّة ولانفاذ لحجّة إلّا عند قاض، وليس عليك من النّاس قاض، لكن عندك قضاة وأنت لأحكامهم منفذ، وأنا ببعضهم راض، ومن بعضهم مشفق.

قال الملك: وما أولئك القضاة؟ قال: أمّا الّذي أرضى قضاءه فعقلك، وأمّا الّذي أنا مشفق منه فهواك، قال الملك: قل ما بدالك وأصدقني خبرك ومتى كان هذا رأيك؟ ومن أغواك؟ قال: أمّا خبري فإني كنت سمعت كلمة في حداثة سنّي وقعت في قلبي فصارت كالحبّة المزروعة، ثمَّ لم تزل تنمي حتّى صارت شجرة إلى ما ترى، وذلك؟ أنّي [ كنت ] قد سمعت قائلاً يقول: يحسب الجاهل الامر الّذي هو لا شيء شيئاً والأمر الّذي هو الشيء لا شيء، ومن لم يرفض الامر الّذي هو لا شيء لم ينل الامر الّذي هو الشيء، ومن لم يبصر الامر الّذي هو الشيء لم تطب نفسه برفض الامر الّذي هو لا شيء، والشيء هو الاخرة، واللّاشيء هو الدُّنيا، فكان لهذه الكلمة عندي قرار لأنّي وجدت الدُّنيا حياتها موتاً وغناها فقراً، وفرحها ترحاً، وصحّتها سقماً، وقوَّتها ضعفاً، وعزَّها ذلّاً، وكيف لا تكون حياتها موتاً، وإنّما يحيى فيما صاحبها ليموت،

٥٧٩

وهو من الموت على يقين، ومن الحياة عليّ قلعة، وكيف لا يكون غناؤها فقرا وليس يصيب أحد منها شيئاً إلّا احتاج لذلك الشيء إلى شيء آخر يصلحه وإلى أشياء لابدَّ له منها.

ومثل ذلك أنَّ الرَّجل ربما يحتاج إلى دابّة فإذا أصابها احتاج إلى علفها وقيّمها ومربطها(١) وأدواتها، ثمَّ احتاج لكلِّ شيء من ذلك إلى شيء آخر يصلحه وإلى أشياء لابدَّ له منها، فمتى تنقضي حاجة من هو كذلك وفاقته؟ وكيف لا يكون فرحها ترحاً وهي مرصدة لكلِّ من أصاب منها قرة عين أن يرى من ذلك الامر بعينه أضعافه من الحزن، أن رأى سروراً في ولده فما ينتظر من الاحزان في موته وسقمه وجايحة أن أصابته أعظم من سروره به، وإن رأى السّرور في مال فما يتخوَّف من التلف أن يدخل عليه أعظم من سروره بالمال، فإذا كان الأمر كذلك فأحق النّاس بأن لا يتلبّس بشيء منها لمن عرف هذا منها. وكيف لا يكون صحّتها سقماً وإنّما صحّتها من أخلاطها وأصحُّ أخلاطها وأقربها من الحياة الدَّم، وأظهر ما يكون الانسان دماً أخلق ما يكون صاحبه بموت الفجأة، والذُّبحة والطّاعون(٢) والآكلة والبرسام، وكيف لا يكون قوَّتها ضعفاً وإنّما تجمع القوى فيها ما يضرُّه ويوبقه، وكيف لا يكون عزُّها ذلّاً ولم ير فيها عزٌّ قطُّ إلّا أورث أهله ذلّاً طويلاً، غير أنَّ أيّام العز قصيرة، وأيام الذُلِّ طويلة، فأحقُّ النّاس بذمِّ الدُّنيا لمن بسطت له الدُّنيا فأصاب حاجته منها فهو يتوقَّع كلَّ يوم وليلة وساعة وطرفة عين أن يعدي على ماله فيجتاح، وعلى حميمه فيختطف وعلى جمعه فينهب، وأن يؤتى بنيانه من القواعد فيهدم، وأن يدبَّ الموت إلى حشده فيستأصل، ويفجع بكلِّ ما هو به ضنين.

فأذمُّ إليك أيّها الملك الدُّنيا الاخذة ما تعطي، والمورثة بعد ذلك التبعة، السلابة

__________________

(١) المربط - بفتح الباء وكسرها - موضع ربط الدواب.

(٢) الذبحة - بضم الذال وفتح الباء، والعامة تسكن الباء -: ورم حارّ في العضلات من جانب الحلقوم الّتى بها يكون البلع. وقال العلامة: وقد يطلع الذبحة على الاختناق. والشيخ لا يفرق بينهما، وقيل هي ورم اللوزتين (بحر الجواهر).

٥٨٠

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686