إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء ١

إعلام الورى بأعلام الهدى0%

إعلام الورى بأعلام الهدى مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
ISBN: 964-319-010-2
الصفحات: 555

إعلام الورى بأعلام الهدى

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (أمين الإسلام)
تصنيف: ISBN: 964-319-010-2
الصفحات: 555
المشاهدات: 119953
تحميل: 8492


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 555 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 119953 / تحميل: 8492
الحجم الحجم الحجم
إعلام الورى بأعلام الهدى

إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء 1

مؤلف:
ISBN: 964-319-010-2
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وعن أنس بن مالك قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «صلّت الملائكة عليّ وعلى علي سبع سنين ، وذلك أنّه لم يرفع إلى السماء شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله إلاّ منّي ومن علي»(1) .

وعن أبي أيّوب الأنصاري قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لقد صلّت الملائكة عليّ وعلى علي سبع سنين ، وذلك أنّه لم يصلّ معي رجل غيره»(2) .

وعن أبي رافع قال : صلّى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله غداة الاثنين ، وصلّت خديجة يوم الاثنين اخر النهار ، وصلى علي يوم الثلاثاء صلاة الغداة(3) .

وقال عليّعليه‌السلام : «فكنت اُصلّي سبع سنين قبل الناس(4) .

وفي ذلك يقول خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين :

إذا نحن بايعنا عليّاً فحسبنا

أبوحسن ممّا نخاف من الفتن

وجدناه أولى الناس بالناس أنّه

أطبّ قريش بالكتاب وبالسنن

_________

=

(ع) - 1 : 87 | 119 ونقله المجلسي في بحار الأنوار38 : 227 | 33.

(1) الفصول المختارة : 215 ، ارشاد المفيد ا : 31 ، العمدة لابن بطريق : 65 | 79 ، طرائف ابن طاووس : 19 | 8 ، شواهد التنزيل للحسكاني 2 : 125 | 819 ، مناقب ابن المغازلي : 14 | 19 ، مناقب الخوارزمي : 19 ، تاريخ ابن عساكر ـ ترجمة الامام علي (ع) ـ 1 : 14 | 19 نقله المجلسي في بحار الأنوار 38 : 226 | 31

(2) الفصول المختارة : 211 مناقب ابن شهرآشوب : 2 | 16 ، العمدة لابن بطريق : 65 | 78 ، طرائف ابن طاووس : 19 | 7 ، مناقب ابن المغازلي : 13 | 17 ، تاريخ ابنعساكر ـ ترجمة الإمام علي (ع ) ـ 1 : 80 | 113 ، اُسد الغابة 4 : 18 ، ذخائر العقبى : 64.

(3) مناقب ابن شهرآشوب 2 : 15 ، وباختلاف يسير في تاريخ ابن عساكرـ ترجمة الامام علي (ع) ـ1 : 48 | 70 و 71 ، مناقب الخوارزمي : 21 ، ذخائر العقبى : 59.

(4) مناقب ابن شهرآشوب2 : 7 و 16 و 17 ، مسند الإمام علي (ع) للسيوطي : 18 /58 ، وفيهما نحوه.

٣٦١

ففيه الذي فيهم من الخير كلّه

وما فيه مثل الذي فيهم من حسن

وصيّ رسول الله من دون أهله

وفارسه قد كان في سالف الزمن

وأول من صلّى من الناس كلّهم

سوى خيرة النسوان والله ذو منن(1)

وفيه يقول ربيعة بن الحارث بن عبدالمطّلب :

ما كنتُ أحسبُ أن الأمر (منصرف )(2)

من هاشم ثمّ منها عن أبي حسن

أليس أوّل من صلّى بقبلتهم

وأعرف الناس بالأثار والسنن

وآخر الناس عهداً بالنبيّ ومن

جبرئيلُ عونٌ له في الغسلِ والكَفنِ(3)

ومنها : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حمله حتى طرح الأصنام من الكعبة.

فروى عبد الله بن داود ، عن نعيم بن أبي هند ، عن أبي مريم ، عن عليّعليه‌السلام قال : «قال لي رسول الله : احملني لنطرح الأصنام من الكعبة ، فلم أطق حمله ، فحملني ، فلو شئت ان أتناول السماء فعلت»(4) .

_________

(1) مستدرك الحاكم 3 : 114 ، وأورد الكنجي الشافعي في كفاية الطالب : 127 البيت الأول ولأخير.

(2) في نسخة«ط» : منتقل.

(3) الفصول المختارة : 216 ، وسليم بن قيس في كتابه : 78 عن العباس ، وارشاد المفيد ا : 32 عن خزيمة بن ثابت الأنصاريَ ، والجمل : 58عن عبدالله بن أبي سفيان بن الحارث ابن عبدالمطلب ، وفي تاريخ اليعقوبي 2 : 124 عن عتبة بن أبي لهب ، ومناقب الخوارزمي : 8 عن العباس بن عبدالمطلب.

(4) تاريخ ابن أبي شيبة : 79 ل ، مسند أحمد ا : 4 8 و 151 ، خصائص النسائي : 134 | 122 ، المقصد العلي لأبي يعلى الموصلي : ق 121 | 2 ، تهذيب الأثار لابن جرير : 405 و 406 ، مستدرك الحاكم 2 : 366 و 3 : 5 ، تاريخ بغداد 13 : 302 ، مناقب ابن المغازلي : 202 | 240 ، مناقب الخوارزمي : 71 ، كفاية الطالب : 257 ، ذخائر العقبى : 85 ، الرياض النضرة 3 : 170 ، فرائد السمطين 1 : 249 ونقله المجلسي في بحار الأنوار

=

٣٦٢

وفي حديث آخر طويل قال عليّ : «فحملني النبيّعليه‌السلام فعالجت ذلك حتّى قذفت به ونزلت - أو قال : نزوت - » الشكّ من الراوي(1).

ومنها : حديث المؤاخاة.

فقد اشتهرفي الرواية : انهصلى‌الله‌عليه‌وآله آخى بين أبي بكر وعمر ، وبين طلحة والزبير ، وبين عثمان وعبدالرحمن بن عوف ، وبين ابن مسعود وأبي ذرّ ، وبين سلمان وحذيفة ، وبين المقداد وعمّار بن ياسر ، وبين حمزة بن عبدالمطّلب وزيد بن حارثة ، وضرب بيده على علي فقال : «أنا أخوك وأنت أخي»(2).

فكان عليّ إذا أعجبه الشيء قال : «أنا عبدالله وأخو رسوله ، لا يقولها بعدي إلاّ كذّاب»(3) .

وعن أبي هريرة - في حديث طويل - : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله آخى بين أصحابه وبين الأنصار والمهاجرين ، فبدأ بعلي بن أبي طالبعليه‌السلام فاخذ بيده وقال : «هذا أخي(4) ـ وفي خبر آخر : أنت أخي(5) ـ في الدنيا والأخرة» فكان رسول الله وعلي أخوين.

_________

=

-38 : 84 / 3.

(1) نقله المجلسي في بحار الأنوار 38 : 84 / 3.

(2 ) فضائل احمد : 94 | 141 و 120 | 117 ، تاريخ ابن عساكر- ترجمة الامام علي (ع) ـ 1 : 135 | 167 ، كفاية الطالب ، الرياض النضرة 3 : 125 ، فرائد السمطين 1 : 117 | 82.

(3) المصنف لابن أبي شيبة 12 : 62 | 12128 ، خصائص النسائي : 85 | 67 ، الاستيعاب لابن عبدالبر 3 : 35 ، تاريخ ابن عساكر ـ ترجمة الامام علي (ع) ـ 1 : 136 | 168.

(4) سيرة ابن هشام 2 : 150 ، مناقب ابن المغازلي : 38 | 60 ، اسد الغابة 317 ، : الاصابة 2 : 501 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 38 : 341 | 16.

(5) صحيح الترمذي 5 : 636 | 3720 ، مستدرك الحاكم 3 : 14 ، الاستيعاب لابن عبدالبر

=

٣٦٣

ومنها : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تفل في عينيه يوم خيبر ودعا له بأن لا يصيبه حرّ ولا قرّ ، فكانعليه‌السلام بعد ذلك لا يجد حرّاً ولا قرّاً ، ولا ترمد عينه ، ولا يصدع ، فكفى بهذه الخصلة شرفاً وفضلاً.

فروي عن عبدالرحمن بن أبي ليلى : أنّ الناس قالوا له : قد أنكرنا من أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه يخرج في البرد في الثوبين الخفيفين وفي الصيف في الثوب الثقيل والمحشوّ ، فهل سمعت أباك يذكر أنّه سمع من أمير المؤمنينعليه‌السلام في ذلك شيئاً؟ قال : لا ، قال : وكان أبي يسمر مع علي بالليل ، فسألته قال : فسأله عن ذلك فقال : يا أميرالمؤمنين إنّ الناس قد أنكروا ، وأخبره بالذي قالوا.

فقال : «أوما كنت معنا بخيبر؟» قال : بلى.

قال : «فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث أبا بكر وعقد له لواء ، فرجع وقد انهزم هو وأصحابه. ثمّ عقد لعمر فرجع منهزماً بالناس.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي نفسي بيده لاُعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، ليس بفرّار ، يفتح الله على يده ، فارسل إليّ وأنا أرمد فتفل في عيني ، وقال : اللهمّ اكفه أذى الحرّ والبرد ، فما وجدتُ حرّاً بعد ُولا برداً»(1).

_________

=

3 : 35 ، مناقب ابن المغازلي : 57 | 37 و 38 | 59 ، مصابيح البغوي 4 : 173 | 4769 ، مقتل الخوارزمي : 48 ، اُسد الغابة 4 : 29 ، الاصابة 2 : 507 | 5688 ، لسان الميزان 3 : 9.

(1) المصنف لابن أبي شيبة 12 : 62 | 12129 ، خصائص النسائي : 39 | 14 و 159 | 151 ، تاريخ ابن عساكرـ ترجمة الامام علي (ع ) ـ1 : 217 | 261 و 262 ، دلائل النبوة للبيهقي4 : 213 ، مجمع الزوائد 9 : 122 ، ومختصراً في سنن ابن ماجة 1 : 43 ، ومسند أحمد1 : 99 و 133 ، ومسند البزاز : ق 105 | 1 ، وزوائد الفضائل للقطيعي : 1084 ، ومستدرك الحاكم 3 : 37 ، ووافقه الذهبي في ذيل المستدرك ، ودلائل النبوة لأبي نعيم الاصبهاني

=

٣٦٤

وفي رواية اُخرى : «فنفث في عيني فما اشتكيتها بعد ، وهزّ لي الراية فدفعها إليّ ، فانطلقت ، ففتح لي ، ودعا لي أن لا يضرّني حرّ ولا قر»(1).

وفي ذلك يقول حسّان بن ثابت :

وَكانَ عليّ أرمدَ العينِ يَبتغي

دواءً فَلَمّالم يحسن مُداويا

شفاهُ رسولُ اللهِ منهُ بتفلةٍ

فبوركَ مَرقيّاً ويُورك راقيا

وقال ساُعطي الراية اليومَ صارماً

كميّا مُحبّاً للرّسولِ مُواليا

يُحبّ إلهي والإلهُ يُحبّهُ

بهِ يفتحُ الله الحصونَ الأوابيا

فَاصفى بها دونَ البريّةِ كلّها

عليّاً وسمّاه الوزيرَ المؤاخيا(2)

وروى حبيب بن أبي ثابت ، عن الجعد مولى سويد بن غفلة ، عن سويد بن غفلة قال : لقينا عليّاً في ثوبين في شدّة الشتاء ، فقلنا له : لا تغترب ارضنا هذه ، فإنّها أرض مقرّة ليست مثل أرضك.

قال : «أما إنّي قد كنت مقروراً ، فلمّا بعثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى خيبر قلت له : إنّي أرمد ، فتفل في عيني ودعا لي ، فما وجدت برداً ولا حرّاً بعد ، ولا رمدت عيناي »(3).

ومنها : ما قاله فيه يوم خيبر ، ممّا لم يقله في أحد غيره ، ولا يوازيه إنسان ، ولا يقارنه فيه ، فقد ذكر أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الثقفيّ في كتاب المعرفة : حدّثني الحسن بن الحسين العرفي -وكان صالحاً- قال : حدّثنا

_________

=

2 : 956 | 391 ، وحلية الأولياء 4 : 356 ، ومناقب أبن المغازلي : 74 | 110.

(1) نقله المجلسي في بحار الأنوار41 : 282 | ذيل ح 5.

(2) ارشاد المفيد 1 : 128 ، العمدة لابن بطريق : 155 | 238 ، مناقب ابن المغازلي : 185كفاية الطالب : 104 ، الفصول المهمة : 37.

(3) فرائد السمطين 1 : 264 | 206 ، مجمع الزوائد9 : 122.

٣٦٥

كادح بن جعفر البجلي ـ وكان من الأبدال(1) ـ عن ابن لهيعة ، عن عبدالرحمن بن زياد ، عن مسلم بن يسار ، عن جابر بن عبد الله الأنصار يقال : لمّا قدم عليّعليه‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بفتح خيبر قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لولا أن يقول فيك طوائف من اُمّتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك اليوم قولاً لا تمرّ بملأ إلاّ أخذوا من تراب رجليك ومن فضل طهورك فيستشفون به ، ولكن حسبك أن تكون منّي وأنا منك ، ترثني وأرثك ، وأنك منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ، وأنّك تؤدّي ذمتي ، وتقاتل على سنّتي ، وأنّك في الآخرة غداً أقرب الناس منّي ، وأنّك غداً على الحوض خليفتي ، وأنّك أوّل من يرد عليّ الحوض غداً ، وأنك أول من يكسى معي ، وأنّك أوّل من يدخل الجنّة من اُمّتي ، وأنّ شيعتك على منابر من نور ، مبيضّة وجوههم حولي ، أشفع لهم ، ويكونون في الجنّة جيراني ، وأنّ حربك حربي ، وأنّ سلمك سلمي ، وأنّ سرّك سرّي ، وأنّ علانيتك علانيتي ، وأنّ سريرة صدر ككسريرة صدري ، وأنّ ولدك ولدي ، وأنّك منجز عدتي ، وأنّ الحقّ معك ، وأنّ الحقّ على لسانك وفي قلبك وبين عينيك ، وأنّ الإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي ، وأنّه لا يرد على الحوض مبغض لك ، ولن يغيب عنه محبّ لك غداً حتّى يردوا الحوض معك ».

فخرّ عليّعليه‌السلام لله ساجداً ، ثمّ قال : «الحمد لله الذي منّ عليّ بالإسلام ، وعلّمني القرآن ، وحبّبني إلى خير البريّة خاتم النبيّين وسيّد المرسلين ، إحساناً منه إليّ ، وفضلاً منه عليّ».

_________

(1) الابدال : المبرّزون في الصلاح ، وسموا أبدالاً لأنّهم كلما مات منهم واحد اُبدل بآخر.«انظر : لسان العرب 11 : 49».

٣٦٦

فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عند ذلك : «لولا أنت يا عليّ لم يعرف المؤمنون بعدي»(1).

وهذا الخبر بما تضمنه من مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام لو قسّم على الخلائق كلّهم من أوّل الدهر إلى آخره لاكتفوا به شرفاً ومكرمة وفخراً.

ومنها : أن شرّفه الله تعالى بطاعة النار لهعليه‌السلام .

روى الأعمش ، عن خيثمة ، عن عبد الله بن عمر قال : سمعت عليّاًعليه‌السلام يقول : «أنا قسيم النار ، أقول : هذا لي وهذا لك »(2) .

قال : وحدّثني موسى بن طريف ، عن عباية بن ربعي قال : سمعت عليّاًعليه‌السلام يقول : « والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة إنّي لقسيم النار ، أقول : هذا لي وهذا لك ».

قال : فذكرته لمحمّد بن أبي ليلى فقال : يعني : أنّ وليّي في الجنّة

_________

(1) أمالي الصدوق : 86 ، كنز الفوائد 2 : 179 ، مناقب ابن المغازلي : 237 | 285 ، كفاية الطالب : 264 ، وقطعه منه في مناقب الخوارزمي : 220 ، مجمع الزوائد 9 : 131.

(2) لم يعد بمستغرب ان تجد. جملة كبيرة من الاحاديث الصحيحة والمشهورة تتعرض للتكذيب والطعن من قبل الامويين أو ممّن تشبع بروحهم المناصبة العداء لاهل البيتعليهم‌السلام . ، فهذا هو ديدنهم ، وتلك هي شمائلهم ، منذ بدء الدعوة الاسلامية المباركة والى يومنا هذا ، والامر لا يحتاج الى سرد وتوضيح ، فهو اجلى من الشمس فيرابعة النهار ، ولنا على صحة قولنا الف شاهد والف دليل.

ولعل من الاحاديث التي نالها بغض الامويين لاهل البيتعليهم‌السلام ، ولا سيماأمير المؤمنينعليه‌السلام حديث (قسيم النار) المشهور الذي حدث به الاعمش وغيره ، وحيث تجد إلى جانب ذلك الحديث كلام ممجوج يحاول الطعن بهذا الحديث دون حجة أو دليل.

نعم ، بل وتجد اشارات واضحة إلى محاولة ذلك البعض المنحرف لثني الاعمش عن رواية هذا الحديث أو تكذيبه ، على ما ذكر ذلك الذهبي في لسان الميزان (3 : 347) حيث ذكر عن عيسى بن يونس انه قال : ما رأيت الاعمش خضع إلآ مرة واحدة ، فأنّه

=

٣٦٧

وعدوّي في النار. قلت : سمعته؟ قال : نعم(1) .

وروى جابر الجعفي قال : أخبرني وصيّ الأوصياء قال : «قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعائشة : لا تؤذيني في عليّ ، فإنه أمير المؤمنين ، وسيّد المسلمين ، يقعده الله غداً يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنّة وأعداءه النار»(2) .

ومنها : ما رواه عباد بن يعقوب ، ويحيى بن عبدالحميد الحماني قالا : حدّثنا عليّ بن هاشم ، عن محمّد بن عبيدالله ، عن أبيه عبيداللهّ بن أبيرافع ، عن جدّه ابي رافع قال : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا جلس ثمّ أراد أن يقوم لا يأخذ بيده غير عليّعليه‌السلام ، وإنّ أصحاب

_________

=

حدثنا بهذا الحديث ـ أنا قسيم النارـ فبلغ ذلك أهل السنة فجاءوا فقالوا : التحديث بهذا يقوي الرافضية والزيدية والشيعة ، فقال [ اي الاعمش ] : سمعته فحدًثت به.

قال : فرأيته خضع ذلك اليوم.

بل وروى القاضي ابن ابي يعلى في طبقات الحنابلة ما هذا لفظه : سمعت محمّد بن منصور يقول : كنّا عند احمد بن حنبل فقال رجل : يا أبا عبدالله ، ما تقول في هذا الحديث الذي يروى ان علياً قال : «انا قسيم النار».

فقال : وما تنكرون من ذا؟ أليس قد روينا ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعلي : «لايحبك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلا منافق؟» قلنا : بلى.

قال : فاين المؤمن؟ قلنا : في الجنة.

قال : واين المنافق؟ قلنا : في النار.

قال : فعلي قسيم النار.

(1) أمالي الطوسي 2 : 241 ، مناقب ابن شهراشوب 2 : 157 ، تاريخ ابن عساكر ـ ترجمة الامام علي (ع) ـ 2 : 244 | 754 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 : 260 ، فرائد السمطين 1 : 254 | 325 ، ولم يرد فيها ذيل الرواية.

(2) كتاب سليم بن قيس : 141 | ذيل حديث 30 ، أمالي الطوسي 1 : 296 ، بشارة المصطفى : 148 ، اليقين : 541.

٣٦٨

النبيّ كانوا يعرفون ذلك له فلا يأخذ بيد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحد غيره.

وقال الحماني في حديثه : كان إذا جلس اتّكأ على عليّ ، وإذا قام وضع يده على عليّعليه‌السلام (1).

ومنها : أنّه صاحب حوض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة.

روى محمّد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «كأنّي أنظر إلى تدافع مناكب اُمّتي على الحوض ، فيقول الوارد للصادر : هل شربت؟ فيقول : نعم واللهّ لقد شربت ، ويقول بعضهم : لا واللهّ ما شربت فيا طول عطشاه »(2) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلّيعليه‌السلام : «والذي نبّأ محمّداً وأكرمه ، إنّك لذائد عن حوضي ، تذود عنه رجالاً كما يذاد البعير الصادي عن الماء ، بيدك عصا من عوسج ، كأنّي أنظر إلى مقامك من حوضي»(3) .

وعن طارق عن عليّعليه‌السلام قال : «ربّ العباد والبلاد ، والسبع الشداد ، لأذودنّ يوم القيامة عن الحوض بيديّ هاتين القصيرتين» قال : وبسط يديه(4).

_________

(1) مناقب ابن شهراشوب 2 : 219 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 38 : 306 | 8.(2) نقله المجلسي في بحار الأنوار39 : 216 | 6.

(3) مناقب الخوارزمي : 60 ، ونحوه في مناقب ابن شهر آشوب 2 : 162 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 39 : 216 | 6.

(4) أمالي الطوسي 1 : 175 ، فضائل أحمد : 200 | 279 الرياض النضرة 3 : 186 ، مجمع الزوائد 9 : 135 ، وفيها نحوه.

٣٦٩

وفي رواية اُخرى : «والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، لاقمعنّ بيديّ هاتين عن الحوض أعداءنا ، ولا وردنّ أحبّاءنا»(1) .

ومنها : اختصاصهعليه‌السلام بالمناجاة يوم الطائف.

فروي عن جابر بن عبدالله : أن النبي عليه وآله السلام لما خلا بعلي يوم الطائف وناجاه طويلاً قال أحد الرجلين لصاحبه : لقد طالت مناجاته لابن عمّه ، فبلغ ذلك النبيّ فقال : «ما أنا ناجيته ، بل الله انتجاه »(2).

ومنها : تفرّدهعليه‌السلام بآية النجوى والعمل بها.

فروي عن مجاهد قال : قال عليّعليه‌السلام : «آية من القران لم يعمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي ، آية النجوى ، كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم ، فكلّما أردت أن اُناجي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تصدّقت بدرهم ثمّ نسخت بقوله :( فَاِن لَم تَجدوا فَاِنّ اللهَ غَفُور رَحيم ) (3) (4).

_________

(1) مناقب ابن شهرآشوب 2 : 162 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار39 : 216 | 6.

(2) بصائر الدرجات : 81 | 43 ، الأختصاص : 200 ، أمالي الطوسي 1 : 266 و 340 ، العمدة لابن بطريق : 362 | 703 ، مناقب ابن المغازلي : 125 | 164 ، ورواه الترمذي في صحيحه 5 : 639 | 3726 ، الكنجي الشافعي في كفاية الطالب : 327 و 328 ، ومحب الدين الطبري في ذخائر العقبى : 85 ، والرياض النضرة 3 : 170 ، إلا أن فيها «فقال الناس» بدل «فقال أحد الرجلين» ، وكذا رواه الخطيب في تاريخ بغداد 7 : 402 وفيه : «فقالوا» ، وابن الأثيرفي اُسد الغابة 4 : 27 وفيه «فقال بعض الصحابة».

(3) المجادلة 58 : 13.

(4) تفسير القمي 2 : 357 ، المصنف لابن أبي شيبة 12 : 81 | 12174 ، تفسير الطبري 28 : 14 ، أحكام القرآن للجصاص3 : 428 ، مستدرك الحاكم 2 : 481 ، المناقب لابن ألمغازلي : 326 | 373 ، شواهد التنزيل للحسكاني 2 : 231 | 951 و 237 | 960 و 961 ، الرياض النضرة 3 : 170 ، تفسير ابن كثير 4 : 349.

٣٧٠

وفي رواية اُخرى : «بي خفّف الله عن هذه الاُمّة ، فلم تنزل في أحد قبلي ولا تنزل في أحد بعدي»(1).

وروى السندي ، عن ابن عبّاس قال : كان الناس يناجون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الخلاء إذا كانت لأحدهم حاجة ، فشقّ ذلك على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ففرض الله على من ناجاه سرّاً أن يتصدّق بصدقة ، فكفّوا عنه وشقّ ذلك عليهم(2) .

ومنها : أنّ حبّه إيمان وبغضه نفاق ..

فقد اشتهر عنهعليه‌السلام أنّه قال : «لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني ، ولو صببت الدنيا بجملتها على المنافق أن يحبّني ما أحبّني ، وذلك أنّه قضي فانقض على لسان النبيّ الاُمّيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّه لا يبغضك مؤمن ولا يحبّك منافق »(3).

ومنها : ما قاله فيه يوم الحديبية لمّا كتبعليه‌السلام كتاب الصلح بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل مكّة فكتب : «بسم الله الرحمن الرحيم».

فقال سهيل بن عمرو : هذا كتاب بيننا وبينك يا محمّد ، فافتتحه بما

_________

(1) العمدة لابن بطربق : 185| 283 ، صحيح الترمذي 5 : 406| ذيل حديث 3300 ، خصائص النسائي : 161| ذيل حديث 152 ، مسند أبي يعلى الموصلي 1 : 322 | ذيل حديث 400 ، تفسير الطبري 28 : 15 ، مناقب ابن المغازلي : 325| ذيل الحديث372 ، شواهد التنزيل للحسكاني 2 : 232 | ذيل حديث 953 و 234| ذيل حديث 954 و 955 ، كفاية الطالب : 136 ، ميزان الاعتدال 3 : 146.

(2) أحكام القران للجصاص 3 : 428 ، تفسير ابن كثير 4 : 350 ، وفيهما عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.

(3) نهج البلاغة 3 : 163 | 45 ، أمالي الطوسي : 209 ، ربيع الأبرار للزمخشري 1 : 488.

٣٧١

نعرفه واكتب باسمك اللهم.

فقال : «اُكتب باسمك اللهم وامح ما كتبت».

فقالعليه‌السلام : «لولا طاعتك يا رسول اللهّ لما محوت».

فقال النبيّ عليه واله السلام : «اكتب : هذا ما قاضى عليه محمّد رسول اللهّ سهيل بن عمرو».

فقال سهيل : لو أجبتك في الكتاب إلى هذا لأقررت لك بالنبوّة ، فامح هذا الاسم واكتب محمّد بن عبدالله.

فقال له عليّعليه‌السلام : «إنّه واللهّ لرسول اللهّ على رغم أنفك».

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «امحها يا عليّ».

فقال له : «يا رسول الله ، إنّ يدي لا تنطلق تمحو اسمك من النبوّة».

قال : فضع يدي عليها. فمحاها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيده وقال لعليّ : « ستدعى إلى مثلها فتجيب وأنت على مضض(1) »(2).

ومنها : ما رواه ربعي بن خراش عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال :

«أقبل سهيل بن عمر ورجلان - أوثلاثة - معه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الحديبية فقالوا له : إنّه ياتيك قوم من سفلنا وعبداننا فارددهم علينا ، فغضب حتّى احمارّ وجهه ، وكان إذا غضبعليه‌السلام يحمارّ وجهه ثمّ قال : لتنتهن يا معشر قريش أو ليبعثنّ الله عليكم رجلاً امتحن الله قلبه للايمان ، يضرب رقابكم وأنتم مجفلون عن الدين. فقال أبو بكر : أنا هو يا رسول الله؟ قال : «لا». قال عمر : أنا هو يا رسول الله؟ قال : لا ، ولكنّه ذلكم خاصف النعل في الحجرة. وأنا أخصف نعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

_________

(1) المضض : وجع المصيبة. «لسان العرب 7 : 233».

(2) تفسير القمي 2 : 312 ارشاد المفيد1 : 119 ونحوه في : صحيح مسلم 3 : 1409 | 90 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 20 : 362 | 10.

٣٧٢

وسلّم في الحجرة».

ثمّ قام وقال عليعليه‌السلام : "اما انه قد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من كذّب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار»(1).

_________

(1) ارشاد المفيد 1 : 122 ، مناقب ابن شهرآشوب 3 : 44 ، العمدة : 224 | 353 ، الترمذي5 : 634 | 3715 ، مناقب ابن المغازلي : 439 | 24 ، كفاية الطالب : 97 ، ذخائر العقبى : 76 ، وفيها باختلاف يسير ، ونحوه في : مستدرك الحاكم 4 : 298 ، ودون ذيله في : تاريخ بغداد 1 : 133 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 20 : 364 | 11.

٣٧٣

(الفصل الثاني)

في ذكر مقاماته في الجهاد مع النبي

صلى الله عليه وآله وسلّم ومواقفه ومشاهده

على سبيل الجملة والاختصار

الحكم بن عتيبة ، عن مقسم ، عن ابن عبّاس قال : كانت راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع عليّعليه‌السلام في المواقف كلّها : يوم بدر ، ويوم اُحد ، ويوم حنين ، ويوم الأحزاب ، ويوم فتح مكّة وكانت راية الأنصار مع سعد بن عبادة في المواطن كلّها ويوم فتح مكّة ، وراية المهاجرين مع عليّعليه‌السلام (1) .

ومن مقاماته الجليلة : مواساته رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة الفراش وبذله مهجته دونه ، قال ابن عبّاس : لمّا انطلق النبيّ إلى الغار أنام عليّاًعليه‌السلام في مكانه وألبسه برده ، فجاءت قريش تريد أن تقتل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فجعلوا يرمون عليّاً وهم يرون أنّه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فجعل يتضوّر(2) فلمّا نظروا إذا هو عليّعليه‌السلام (3) .

وروى علي بن هاشم ، عن محمّد بن عبدالله بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن جدّه أبي رافع قال : كان عليّ يجهّز النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حين كان في الغار ياتيه بالطعام والشراب ، واستاجر له ثلاث رواحل ، للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ولأبي بكر ولدليلهم ، وقيل : وخلّفه النبيّ صلّى الله عليه

_________

(1) انظر : كفاية الطالب : 335 ، وذخائر العقبى : 75.

(2) التضوّر : التلوي من وجع الضرب. «القاموس المحيط 2 : 77».

(3) تفسير فرات الكوفي : 10 ، مستدرك الحاكم 3 : 4 ، وفيهما نحوه ، ونقله المجلسي في

=

٣٧٤

وآله وسلّم يخرج إليه أهله فاخرجهم ، وأمره أن يؤدّي عنه أمانته ووصاياه وماكان يؤتمن عليه من مال ، فادّى عليّعليه‌السلام أماناته كلّها.

وقال له النبيّ عليه واله السلام : «إنّ قريشاً لن يفتقدوني ما رأوك» فاضْطَجع على فراش رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكانت قريش ترى رجلاً على فراش النبيّ فيقولون : هو محمّد ، فحبسهم الله عن طلبه ، وخرج عليّ إلى المدينة ماشياً على رجليه فتورمت قدماه ، فلمّا قدم المدينة رآه النبيّ فاعتنقه وبكى رحمة له ممّا رأى بقدميه من الورم ، وأنّهما يقطران دماً ، فدعا له بالعافية ومسح رجليه ، فلم يشكهما بعد ذلك(1) .

ومن مقاماته في غزوة بدر : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بعثه ليلة بدر أن يأتيه بالماء حين قال لأصحابه : «من يلتمس لنا الماء» فسكتوا عنه فقال عليّعليه‌السلام : «أنا يا رسول الله ».

فاخذ القربة وأتى القليب فملأها ، فلما أخرجها جاءت ريح فاهرقته ثمّ عاد إلى القليب فملأها فجاءت ريح فاهرقته ، فلمّا كانت الرابعة ملأها فاتى بها إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فاخبره بخبره ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أمّا الريح الأولى فجبرئيل في ألف من الملائكة سلّموا عليك ، وأمّا الريح الثانية فميكائيل في ألف من الملائكة سلّموا عليك ، وأمّا الريح الثالثة فإسرافيل في ألف من الملائكة سلّموا عليك ».

رواه محمّد بن عبيدالله بن أبي رافع عن أبيه عن جدّه أبي رافع(2) .

ومنها : أنّهعليه‌السلام بارز الوليد بن عتبة فقتله ، وبارز عتبة حمزة بن

_________

=

بحار الأنوار 19 : 84 | 35.

(1) تاريخ ابن عساكر- ترجمة الإمام علي (ع ) - 1 : 154 ، ودون صدره في : اُسد الغابة 4 : 19 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 19 : 84 | 35.

(2) نحوه في : قرب الاسناد : 111 | 387 ، تفسير العياشي 2 : 65 | 70 ، ونقله المجلسي في

=

٣٧٥

عبدالمطّلب فقتله حمزة ، وبارز شيبة عبيدة بن الحارث فاختلفت بينهما ضربتان قطعت إحداهما فخذ عبيدة فاستنقذه عليّعليه‌السلام بضربة بدربها شيبة فقتله ، وشركه في ذلك حمزة ، وكان قتل هؤلاء أوّل وهن لحق المشركين وذل دخل عليهم ، ونصرة وعزّ للمؤمنين.

وقتل أيضاً بعده العاص بن سعيد بن العاص.

وقتل حنظلة بن أبي سفيان ، وطعيمة بن عدي ، ونوفل بن خويلد وكان من شياطين قريش ، ولمّا عرف النبيّعليه‌السلام حضوره يوم بدر قال :

«اللهم اكفني نوفل بن خويلد».

ولم يزل عليه‌السلام يقتل منهم واحداً بعد واحد حتّى أتى على شطر المقتولين منهم ، وكانوا سبعين قتيلاً ، وختم الأمر بمناولته النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كفّاً من الحصى ، فرمى بها في وجوههم وقال لهم : «شاهت الوجوه» فولّوا على أدبارهم منهزمينوكفى الله المؤمنين شرّهم (1) . ومن مقاماته عليه‌السلام في غزوة اُحد : أنّ الفتح كان له في هذه الغزاة كما كان بيده يوم بدر ، واختصّ بحسن البلاء فيها والصبر.

قال أبو البختري القرشيّ : كانت راية قريش ولواؤها جميعاً بيد قصيّ ابن كلاب ، ثمّ لم تزل الراية في يد ولد عبدالمطّلب يحملها منهم من حضر الحرب حتى بعث الله رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله فصارت راية قريش وغير ذلك إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاقرّها في بني هاشم ، وأعطاها علي بن أبي طالب في غزوة ودّان ، وهي أوّل غزوة حمل فيها راية في الإسلام مع النبيّ ، ثمّ لم تزل معه في المشاهد : ببدر وهي البطشة الكبرى ، وفي يوم اُحد وكان اللواء يومئذ في بني عبدالدار فاعطاها رسول الله صلّى الله عليه

ــــــــــــــــــ

=

بحار الأنوار 19 : 293 | 36.

(1) انظر : ارشاد المفيد 1 : 70.

٣٧٦

وآله وسلّم مصعب بن عمير فاستشهد ووقع اللواء من يده ، فتشوّفته القبائل ، فاخذه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ودفعه إلى عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ؛ فجمع له الراية واللواء ، فهما إلى اليوم في بني هاشم.

وكان لواء المشركين مع طلحة بن أبي طلحة - وكان يدعى كبش الكتيبة - فتقدّم وتقدّم عليّعليه‌السلام ، وتقاربا فضربه عليّ ضربة على مقدّم رأسه فبدرت عيناه وصاح صيحة لم يسمع مثلها وسقط اللواء من يده ، فاخذه أخ له يقال له : مصعب ، فرماه عاصم بن ثابت فقتله ، ثمّ أخذ اللواء أخٌ له يقال له : عثمان ، فرماه عاصم أيضاً بسهم فقتله ، فاخذه عبدٌ لهم يقال له : صواب ، وكان من أشدّ الناس فضربه عليّعليه‌السلام فقطع يمينه ، فاخذ اللواء بيده اليسرى فضرب عليّ يده فقطعها ، فأخذ اللواء على صدره وجمع يديه المقطوعتين عليه فضربه عليّعليه‌السلام على اُمّ رأسه فسقط صريعاً وانهزم القوم.

وأكبّ المسلمون على الغنائم ، وقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أقام على الشعب خمسين رجلاً من الأنصار وأمّر عليهم رجلاً منهم ، وقال لهم : «لا تبرحوا مكانكم وإن قتلنا عن آخرنا» فلمّا رأى أصحاب الشعب الناس يغتنمون قالوا لأميرهم : نريد أن نغتنم كما غنم الناس ، فقال : إنّ رسول الله قد أمرني أن لا أبرح من موضعي هذا ، فقالوا له : إنّه أمرك بهذا وهو لا يدري أنّ الأمر ، يبلغ إلى ما نرى ، ومالوا إلى الغنائم وتركوه.

فحمل عليه خالد بن الوليد فقتله ، وجاء من ظهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يريده ، وقُتل من ، أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سبعون رجلاً وانهزموا هزيمة عظيمة ، وأقبلوا يصعدون الجبال وفي كلّ وجه ، ولم يبق معه إلاّ أبو دجانة سماك بن خرشة ، وسهل بن حنيف ، وأمير المؤمنينعليه‌السلام ، فكلّما حملت طائفة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

٣٧٧

استقبلهم أمير المؤمنينعليه‌السلام فدفعهم عنه حتّى انقطع سيفه ، فلمّا رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الهزيمة كشف البيضة عن رأسه وقال : «إليّ أنا رسول الله ، إلى أين تفرّون عن الله وعن رسوله»؟!!

وثاب إليه من أصحابه المنهزمين أربعة عشر رجلاً ، منهم : طلحة بن عبيدالله وعاصم بن ثابت ، وصد الباقون الجبل ، وصاح صائح بالمدينة : قُتل رسول الله ، فانخلعت القلوب لذلك ، وتحيّر المنهزمون فاخذوا يميناً وشمالاً.

وروى عكرمة قال : سمعت عليّاًعليه‌السلام يقول : «لمّا انهزم الناس يوم أحد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لحقني من الجزع عليه مالم أملك نفسي ، وكنت أمامه أضرب بسيفي بين يديه ، فرجعت أطلبه فلم أره فقلت : ما كان رسول الله ليفرّ وما رأيته في القتلى فاظنّه رُفع من بيننا ، فكسّرت جفن سيفي وقلت في نفسي : لاُقاتلنّ به عنه حتّى أقتل ، وحملت على القوم فأفرجوا فإذا أنا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد وقع على الأرض مغشيّاً عليه ، فقمت على رأسه فنظر إليّ فقال : ما صنع الناسيا عليّ؟ فقلت : كفروا يا رسول الله وولّوا الدبر واسلموك ، فنظر إلى كتيبة قد أقبلت فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ردّ عني يا عليّ هذه الكتيبة ، فحملتعليها بسيفي أضربها يميناً وشمالاً حتّى ولّوا الأدبار فقال لي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أما تسمع مديحك في السماء ، أنّ ملكاً يقال له : رضوان ينادي : «لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى إلاّ عليّ» فبكيت سروراً وحمدت الله على نعمه ».

وتراجع المنهزمون من المسلمين إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وانصرف المشركون إلى مكّة ، وانصرف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة فاستقبلته فاطمةعليها‌السلام ومعها إِناء فيه ماء فغسلت به وجهه

٣٧٨

ولحقه أمير المؤمنينعليه‌السلام ومعه ذو الفقار وقد خضب الدم يده إلى كتفه فقال لفاطمةعليها‌السلام : «خذي هذا السيف فقد صدقني اليوم ، وقال :

أفاطم هاك السيف غير ذميم

فلست برعديد ولا بمليم

لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد

وطاعة ربٍّ بالعباد عليم »

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « خذيه يا فاطمة ، فقد أدّى بعلك ما عليه ، وقد قتل الله بسيفه صناديد قريش»(1) .

ومن مقاماته المشهورة في غزوة الأحزاب : قتله عمرو بن عبد ود ، فروى ربيعة السعدي قال : أتيت حذيفة بن اليمان فقلت : يا أبا عبدالله ، إنّا لنتحدّث عن عليّعليه‌السلام ومناقبه فيقول لنا أهل البصرة : إنّكم تفرطون في عليّعليه‌السلام ، فهل أنت محدّثي بحديث فيه؟

فقال حذيفة : يا ربيعة ، والذي نفسي بيده ، لو وضع جميع أعمال أصحاب محمد في كفّة الميزان منذ بعث الله محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى يوم الناس هذا ، ووضع عمل عليّ في الكفّة الاُخرى لرجّح عمل عليّعليه‌السلام على جميع أعمالهم.

فقال ربيعة : هذا الذي لا يُقام له ولا يُقعد!

فقال حذيفة : يا لكع(2) وكيف لا يحمل ، وأين كان أبو بكر وعمر وحذيفة وجميع أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم عمرو بن عبد ود وقد دعا إلى المبارزة فاحجم الناس كلّهم ما خلا علياً فإنّه برز إليه فقتله الله على يده ، والذي نفس حذيفة بيده لعمله ذلك اليوم أعظم أجراً من عمل

_________

(1) ارشاد المفيد 1 : 79 ، وأورد منه القمي في تفسيره 1 : 112قطعاً متفرقة ، وكذا في : مناقب ابن شهرآشوب 3 : 123 و 125 و 299.

(2) اللكع : اللئيم والعبد الذليل النفس : «الصحاح - لكع - 3 : 1280»

٣٧٩

جميع أصحاب محمد إلى يوم القيامة(1) .

وروى الواقدي قال : حدّثنا عبد اللهّ بن جعفر ، عن (ابن أبي عون )(2) عن الزهري قال : جاء عمرو بن عبد ود وعكرمة بن أبي جهل وهبيرة بن أبي وهب ونوفل بن عبدالله بن المغيرة وضرار بن الخطّاب الفهري في يوم الأحزاب إلى الخندق فجعلوا يطيفون به يطلبون مضيقاً منه ليعبروا ، فانتهوا إلى مكان أكرهوا خيولهم فيه فعبرت ، وجعلوا يجولون بخيلهم فيما بين الخندق وسلع ، والمسلمون وقوف لا يقدم أحدٌ منهم عليهم ، وجعل عمرو بن عبد ود يدعوإلى البراز ويقول :

ولقد بَحِحت من النداء بجمـ

ـعهم : هل مِن مبارز؟

ـ الأبيات ـ.

في كلّ ذلك يقوم عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام من بينهم ليبارزه فيامره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالجلوس انتظاراً منه ليتحرّك غيره ، والمسلمون كأن على رؤوسهم الطير لمكان عمرو بن عبد ود وممّن معه ووراءه ، وكان عمرو فارس قريش وكان يعدّ بالف فارس ، فلما طال نداء عمرو بالبراز وتتابع قيام عليّعليه‌السلام قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «ادن منّي» فدنا منه ، فنزع عمامته عن رأسه وعمّمه بها وأعطاه

_________

(1) ارشاد المفيد ا : 153 ، ارشاد القلوب : 245 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 19 : 60.

(2) في نسختي «ط» و«ق» : ابن عون ، وفي نسخة «م» : ابي ، واثبتنا الصواب ، وهو عبدالرحمن ابن ابي عون ، ويعرف بابن ابي عون ، وهو موافق لما في مغازي الواقدي وارشاد المفيد.

ذكره ابن حجر في تهذيبه (6 : 388 | 820) وقال : عبدالواحد بن ابي عون الدوسي ، ويقال الأويسي المدني ، روى عن سعد بن إبراهيم ، والقاسم بن محمد ، وسعيد المقبري ، وابن المنكدر ، والزهري...

توفي سنة (144هـ ).

٣٨٠