صلح الحسن (عليه السلام)

صلح الحسن (عليه السلام)15%

صلح الحسن (عليه السلام) مؤلف:
الناشر: منشورات الشريف الرضي
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 400

  • البداية
  • السابق
  • 400 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 47195 / تحميل: 8016
الحجم الحجم الحجم
صلح الحسن (عليه السلام)

صلح الحسن (عليه السلام)

مؤلف:
الناشر: منشورات الشريف الرضي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

بشرط مقابلة كلّ صاع منها بدرهم والجمع بين هذين الأمرين عند الزيادة والنقصان محال.

والثاني : يصحّ ؛ لإشارته إلى الصبرة ، ويلغى الوصف ، فإن خرج ناقصاً ، فللمشتري الخيار. فإن أجاز فبجميع الثمن ؛ لمقابلة الصبرة به ، أو [ بالقسط ](١) ؛ لمقابلة كلّ صاع بدرهم؟ وجهان.

وإن خرج زائداً ، ففي مستحقّ الزيادة وجهان :

أظهرهما : أنّها للمشتري ؛ لأنّ جملة الصبرة مبيعة منه ، فلا خيار له.

وفي خيار البائع وجهان ، أصحّهما : العدم ؛ لأنّه رضي ببيع جميعها.

والثاني : أنّ الزيادة للبائع ، فلا خيار له. وفي المشتري وجهان ، أصحّهما : ثبوت الخيار ، إذ لم يسلم له جميع الصبرة(٢) .

ه- لو قال : بعتك هذه الصبرة بهذه الصبرة سواء بسواء ، فإن علما القدر منهما ، صحّ ، وإلّا بطل ، خلافاً للجمهور.

و - إنّما يصحّ بيع الصبرة إذا تساوت أجزاؤها ، فإن اختلفت - كصبرة ممتزجة من جيّدٍ وردي‌ء - لم يصحّ إلّا بعد المشاهدة للجميع. ولو باعه نصفها أو ثلثها ، فكذلك. وبه قال بعض الحنابلة(٣) . وبعضهم سوّغه ؛ لأنّه اشترى جزءاً مشاعاً ، فاستحقّ من جيّدها ورديئها(٤) .

ز - لو اشترى الصبرة جزافاً ، قال مالك : يجوز له بيعها قبل نقلها ؛

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة و الحجريّة : بالبسط. ما أثبتناه من المصادر.

(٢) المجموع ٩ : ٣١٣ - ٣١٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٩.

(٣) المغني ٤ : ٢٤٥ - ٢٤٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٠.

(٤) المغني ٤ : ٤٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٠.

٨١

لأنّه مبيع متعيّن لا يحتاج إلى حقّ يوفّيه ، فأشبه الثوب الحاضر. وهو رواية عن أحمد(١) .

وله اُخرى : المنع ، لقول ابن عمر : كُنّا نشتري الطعام من الركبان جزافاً فنهانا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى ننقله من مكانه(٢) (٣) .

ح - مَنَع المجوّزون الغشَّ بأن يجعلها على دكّة أو حجر ينقصها أو يجعل الردي‌ء أو المبلول في باطنها ؛ لأنّهعليه‌السلام مرَّ على صُبرة من طعام فأدخل يده فنالت أصابعُه بللاً ، فقال : « يا صاحب الطعام ما هذا؟ » فقال : أصابته السماء يا رسول الله ، قال : « أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس؟ » ثمّ قال : « من غشّنا فليس منّا »(٤) .

فإن وجده كذلك ، فللشافعيّة(٥) طريقان :

أحدهما : أنّ فيها قولَيْ بيع الغائب ؛ لأنّ ارتفاع الأرض وانخفاضها يمنع تخمين القدر ، وإذا لم يُفد العيان إحاطة ، فكان كعدم العيان في احتمال الغرر.

والثاني : القطع بالبطلان ؛ لأنّا إذا صحّحنا بيع الغائب أثبتنا خيار الرؤية ، والرؤية حاصلة هنا ، فيبعد إثبات الخيار معها ، ولا سبيل إلى نفيه ؛ للجهالة.

واعترض بأنّ الصفة والقدر مجهولان في بيع الغائب ، ومع ذلك ففيه‌

____________________

(١) بداية المجتهد ٢ : ١٤٦ - ١٤٧ ، المغني ٤ : ٢٤٦.

(٢) سنن البيهقي ٥ : ٣١٤.

(٣) المغني ٤ : ٢٤٧.

(٤) المغني ٤ : ٢٤٦ ، وانظر : صحيح مسلم ١ : ٩٩ / ١٠٢ ، وسنن الترمذي ٣ : ٦٠٦ / ١٣١٥.

(٥) في « ق ، ك » للشافعيّة.

٨٢

قولان ، فكيف يقطع بالبطلان هنا مع علم بعض الصفات بالرؤية!؟

وإذا ثبت الخيار - وهو قول أحمد(١) - فوقت الخيار معرفة مقدار الصبرة أو تخمينه برؤية ما تحتها.

وفيه طريق ثالث للشافعي : القطع بالصحّة ؛ اعتماداً على المعاينة ، وجهالة القدر معها غير ضائرة(٢) .

وأثبت أحمد الخيارَ بين الفسخ وأخذ تفاوت ما بينهما ؛ لأنّه عيب(٣) .

ولو كان تحتها حفرة أو كان باطنها أجود ، فلا خيار للمشتري ، بل للبائع إن لم يعلم ، وإلّا فلا.

ولو ظهر تحتها دكّة ، ففي بطلان البيع للشافعي وجهان :

البطلان ؛ لأنّه ظهر أنّ العيان لم يُفد علماً.

والأظهر : الصحّة ، وللمشتري الخيار ؛ تنزيلاً لما ظهر منزلة العيب والتدليس(٤) .

ط - لو علم قدر الشي‌ء ، لم يجز بيعه صبرة ، عندنا ، وهو ظاهرٌ - وبه قال أحمد(٥) - لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « مَنْ عرف مبلغ شي‌ء فلا يبعه جزافاً حتى يبينه »(٦) .

____________________

(١) المغني ٤ : ٢٤٦.

(٢) الوسيط ٣ : ٣٥ ، الوجيز ١ : ١٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠ ، المجموع ٩ : ٣١٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٤ - ٣٥.

(٣) المغني ٤ : ٢٤٦.

(٤) المجموع ٩ : ٣١٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠.

(٥) المغني ٤ : ٢٤٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٠.

(٦) أورده ابنا قدامة في المغني ٤ : ٢٤٦ ، والشرح الكبير ٤ : ٤٠.

٨٣

وكرهه عطاء وابن سيرين ومجاهد وعكرمة ومالك وإسحاق وطاوس(١) .

وعن أحمد أنّه مكروه غير محرَّم(٢) .

وقال أبو حنيفة والشافعي : لا بأس بذلك ؛ لأنّه إذا جاز مع جهلهما ، فمع علم أحدهما أولى(٣) .

ي - لو باع ما علم كيله صبرة ، قال أبو حنيفة والشافعي : يصحّ - وهو ظاهر قول أحمد - لأنّه لا تغرير فيه ، فأشبه مالو علما كيله أو جهلاه(٤) .

وقال مالك : إنّه تدليس إن علم به المشتري ، فلا خيار له ؛ لأنّه دخل على بصيرة ، وإن جهل مع علم البائع ، تخيّر في الفسخ ؛ لأنّه غشّ(٥) . وهو قول بعض الحنابلة(٦) .

وعند بعضهم أنّه فاسد(٧) ، وهو مذهبنا ؛ لما تقدّم.

يأ - لو أخبره البائع بكيله ثمّ باعه بذلك الكيل ، صحّ عندنا ، فإن قبضه واكتاله ، تمّ البيع ، وإن قبضه بغير كيلٍ ، فإن زاد ، ردّ الزيادة ، وإن نقص ، رجع بالناقص. وإن تلف ، فالقول قول المشتري في قدره مع يمينه ، سواء قلّ النقص أو كثر.

والأقوى : أنّ للمشتري التصرّف فيه قبل كيله - خلافاً لأحمد(٨) - لأنّه سلّطه عليه.

احتجّ بأنّ للبائع فيه علقةً ، فإنّه لو زاد ، كانت له. قال : فلو تصرّف فيما يتحقّق أنّه حقّه أو أقلّ بالكيل ، فوجهان ، أحدهما : الصحّة ؛ لأنّه تصرّف في حقّه بعد قبضه. والمنع ؛ لانّه لا يجوز التصرّف في الجميع فلم يجز في البعض(٩) .

____________________

(١ و ٢) المغني ٤ : ٢٤٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٠.

(٣) المغني ٤ : ٢٤٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٠.

(٤ - ٩) المغني ٤ : ٢٤٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٤١.

٨٤

يب - لو كال طعاماً وآخر ينظر إليه ، فهل لمن شاهد الكيل شراؤه بغير كيلٍ؟ أمّا عندنا فنعم - وهو إحدى روايتي أحمد(١) - لانتفاء الجهالة.

وكذا لو كاله البائع للمشتري ثمّ اشتراه منه أو اشتريا طعاماً فاكتالاه ثمّ باع أحدهما حصّته قبل التفرّق.

واُخرى عنه بالمنع(٢) .

مسألة ٤٧ : لو باع مختلف الأجزاء مع المشاهدة ، صحّ‌ - كالثوب والدار والغنم - بالإجماع. وكذا لو باع جزءاً منه مشاعاً ، كنصفه أو ثُلثه ، أو جزءاً معيّناً ، كهذا البيت ، وهذا الرأس من القطيع.

أمّا لو باع ذراعاً منها أو عشرةً من غير تعيين ، فإن لم يقصد الإشاعة ، بطل إجماعاً. وإن قصد الإشاعة ، فإن لم يعلما عدد الذُّرْعان ، بطل البيع إجماعاً ؛ لأنّ الجملة غير معلومة ، وأجزاء الأرض مختلفة ، فلا يمكن أن تكون معيّنةً ولا مشاعة.

وإن علم الذُّرْاعان ، للشيخ قولان :

البطلان(٣) - وبه قال أبو حنيفة(٤) - لأنّ الذراع عبارة عن بقعة بعينها ، وموضعها مجهول.

والصحّة(٥) - وبه قال الشافعي وأحمد(٦) - إذ لا فرق بين عُشْر الأرض وبين ذراع من عشرة على قصد الإشاعة.

وهو عندي أقرب. وليس الذراع بقعةً معيّنة ، بل هو مكيال.

____________________

(١ و ٢) المغني ٤ : ٢٤٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٤١.

(٣) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٤) المغني ٤ : ٢٥٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣.

(٥) المبسوط - للطوسي - ٢ : ١٥٣ ، الخلاف ٣ : ١٦٤ ، المسألة ٢٦٤.

(٦) راجع المصادر في الهامش (٤).

٨٥

فروع :

أ - لو اتّفقا على أنّهما أرادا قدراً منها غير مشاع ، لم يصحّ البيع ؛ لاتّفاقهما على بطلانه. ولو اختلفا فقال المشتري : أردت الإشاعة فالبيع صحيح ، وقال البائع : بل أردت معيّناً ، فالأقرب تقديم قول المشتري ؛ عملاً بأصالة الصحّة وأصالة عدم التعيين.

ب - لو قال : بعتك من هذه الدار من هاهنا إلى هاهنا ، جاز ؛ لأنّه معلوم.

ج - لو قال : بعتك من هاهنا عشرة أذرع في جميع العرض إلى حيث ينتهي الذرع طولاً ، فالأقرب عندي : البطلان ؛ لاختلاف الذرع(١) ، والجهل بالموضع الذي ينتهي إليه.

وللشيخ قول بالجواز(٢) ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٣) .

د - لو قال : بعتك نصيبي من هذه الدار ، ولا يعلم قدره ، أو : نصيباً أو سهماً أو جزءاً أو حظّاً أو قليلاً أو كثيراً ، لم يصحّ ، وإن علما نصيبه ، صحّ.

ه - لو قال : بعتك نصف داري ممّا يلي دارك ، قال الشافعي وأحمد : لا يصحّ ؛ لجهله بالمنتهى(٤) . وفيه قوّة.

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : الذراع.

(٢) المبسوط - للطوسي - ٢ : ١٥٤ ، الخلاف ٣ : ١٦٤ ، المسألة ٢٦٥.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٢ ، المجموع ٩ : ٣١٦ - ٣١٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣.

(٤) المغني ٤ : ٢٥٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١١ ، وفيها قول أحمد فقط.

٨٦

و - لو قال : بعتك عبداً من عبدين أو أكثر ، أو : شاةً من شاتين أو أكثر ، لم يصحّ على الأشهر - وبه قال الشافعي وأحمد(١) - للجهالة ، وبالقياس على الزائد على الثلاثة ، أو في غير العبيد ، كالثياب والدوابّ ، أو لم يجعل له الاختيارِ أو زاده على الثلاث ، أو على النكاح ، فإنّه لو قال : أنكحتك إحدى ابنتي ، بطل إجماعاً.

وفي روايةٍ لنا : يجوز(٢) ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي في القديم في عبدٍ من عبدين أو من ثلاثة بشرط الخيار. ولأنّ الشرع أثبت التخيير مدّة ثلاثة أيّام بين العوضين ليختار هذا بالفسخ أو هذا بالإمضاء فجاز أن يثبت له الخيار بين عبدين ، وكما تتقدّر نهاية الاختيار بثلاثة تتقدّر نهاية ما يتخيّر فيه من الأعيان بثلاثة لا أزيد ؛ لدعاء الحاجة إليه ، وفي الأكثر يكثر الغرر ، والحاجة لا تنفي الغرر(٣) .

ويندفع بالتعيين. وما ذكروه من التخيير ضعيف.

ولو قال : بعتك شاةً من هذا القطيع ، بطل.

والأقرب : أنّه لو قصد الإشاعة في عبدٍ من عبدين أو في عشرة ، وفي شاةٍ من شاتين أو عشرة ، بطل ، بخلاف قصد الإشاعة في الذراع من الأرض.

ز - حكم الثوب حكم الأرض. ولو قال : بعتك من هاهنا إلى هاهنا ، صحّ إن كان ممّا لا ينقصه القطع ، وإن كان ممّا ينقصه القطع وشرطه ، جاز ،

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٠ ، المجموع ٩ : ٢٨٦ - ٢٨٧ و ٢٨٨ ، حلية العلماء ٤ : ٨٤ ، المغني ٤ : ٢٥٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٣ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٠.

(٢) اُنظر : الكافي ٥ : ٢١٧ ، ١ ، والفقيه ٣ : ٨٨ / ٣٣٠ ، والتهذيب ٧ : ٧٢ / ٣٠٨.

(٣) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٣ ، المجموع ٩ : ٢٨٧ و ٢٨٨ ، حلية العلماء ٤ : ٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤١ - ٤٢ ، المغني ٤ : ٢٥٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٣.

٨٧

وإلّا فالأقوى عندي : الجواز أيضاً ؛ لأنّه سلّطه على قطعه ببيعه إيّاه.

وقال بعض الشافعيّة : لا يجوز ، كما لو اشترى نصفاً معيّناً من الحيوان(١) .

وليس بجيّد ؛ لامتناع التسليم هنا ، بخلاف التسليم في الثوب ، فإنّ النقص لا يمنع التسليم إذا رضيه.

وكذا البحث لو باعه ذراعاً من اُسطوانة من خشب ، والخلاف بين الشافعيّة فيه كما تقدّم. قالوا : ولو كانت الاُسطوانة من آجُرٍّ ، جاز. قالوا : بشرط أن يكون انتهاء الذراع إلى انتهاء الآجُرّة ، فلا يلحق الضرر بذلك(٢) .

ح - الاستثناء كالمبيع يجب أن يكون معلوماً ، فلو استثنى جزءاً مجهولاً ، بطل ، كقوله : بعتك هؤلاء العبيد إلّا واحداً ، ولم يعيّنه ، سواء اتّفقت القِيَم أو لا. ولا فرق بين أن يقول : على أن تختار مَنْ شئت منهم أو لا ، ولا إذا قال ذلك بين أن يقدّر زمان الاختيار أو لا يقدّره.

ولو باع جملة الشي‌ء واستثنى جزءاً شائعاً ، كنصفٍ أو ثُلْثٍ ، جاز.

ولو قال : بعتك هذه الصبرة إلّا صاعاً ، فإن كانت معلومة الصيعان ، صحّ ، وإلّا فلا - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(٣) - لأنّهعليه‌السلام نهى عن الثُّنْيا(٤) في البيع(٥) .

____________________

(١) حلية العلماء ٤ : ١٠٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٢ ، المجموع ٩ : ٣١٧.

(٢) المجموع ٩ : ٣١٧ - ٣١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٧.

(٣) الوجيز ١ : ١٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٢ ، المجموع ٩ : ٣١٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٥.

(٤) هي أن يستثنى في عقد البيع شيء مجهول. النهاية - لابن الأثير - ١ : ٢٢٤ « ثنا ».

(٥) صحيح مسلم ٣ : ١١٧٥ / ٨٥ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٨٥ / ١٢٩٠ ، سنن النسائي ٧ : ٢٩٦ ، مسند أحمد ٤ : ٣٢٦ / ١٤٤٢٧.

٨٨

وقال مالك : يصحّ وإن كانت مجهولة الصيعان(١) . وهو القياس الذي يقتضيه جواز بيع الصبرة مع الجهالة ؛ إذ لا فرق بين بيعها بأسرها وبين استثناء صاعٍ معلوم منها.

أمّا نحن فلمـّا أبطلنا بيعها مع الجهل ، بطل مع الاستثناء المعلوم.

ط - لو باعه صاعاً من هذه الصبرة وهُما يعلمان العدد ، صحّ.

وهل ينزّل على الإشاعة بحيث لو تلف بعض الصبرة تلف بقسطه من المبيع ، أو لا ، بل المبيع صاع من الجملة غير مشاع ؛ لعدم اختلاف المقصود باختلاف أعيان الصيعان ، فيبقى المبيع ما بقي صاع؟ فيه احتمال.

وأظهرهما عند الشافعيّة : الأوّل(٢) .

ولو لم يعلما العدد ، فإن نزّلناه على الإشاعة ، فالأقرب : البطلان ، وهو قول بعض الشافعيّة(٣) .

وإن قلنا : المبيع صاع غير مشاع ، جاز - وهو أظهر وجهي الشافعي(٤) - فالمبيع أيّ صاع كان حتى لو تلفت الصبرة سوى صاعٍ ، تعيّن ، وللبائع أن يسلّم صاعاً من أسفلها وإن لم يكن مرئيّاً ؛ لعدم التفاوت.

وقال القفّال من الشافعيّة : يبطل ؛ لأنّه غير معيّن ولا موصوف ، فصار كما لو فرّقها وباعه واحداً منها(٥) .

ي - لو كان له عبد واحد فحضر في جماعة عبيد ، فقال سيّده : بعتك‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠ ، وانظر بداية المجتهد ٢ : ١٦٤ ، والكافي في فقه أهل المدينة : ٣٣٢.

(٢ و ٣ ) المجموع ٩ : ٣١١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣ و ٤٤ ، المجموع ٩ : ٣١١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٩.

(٥) حلية العلماء ٤ : ١٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٣ ، المجموع ٩ : ٣١١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٩.

٨٩

عبدي من هؤلاء ، والمشتري يراهم ، بطل ؛ للجهالة ، وهو أحد قولي الشافعيّة. والآخر : يكون كبيع الغائب(١) .

يأ - يجب في المستثنى إمكان انفراده للبائع ، فلو باع أمةً واستثنى وطئها مدّةً ، لم يصحّ. ولو استثنى الكافر خدمة العبد - الذي بِيع عليه لإسلامه - مدّةً ، فالأقرب : الجواز ما لم تُثبت الخدمة عليه سلطنة ، كالمتعلّقة بالعين.

مسألة ٤٨ : إبهام السلوك كإبهام المبيع‌ ، فلو باعه أرضاً محفوفة بملكه من جميع الجهات وشرط السلوك من جانبٍ ولم يعيّن ، بطل البيع ؛ لتفاوت الغرض باختلاف الجهات ، وبه قال الشافعي(٢) .

ولو عيّن السلوكَ من جانبٍ ، صحّ إجماعاً ، وكذا لو قال : بعتكها بحقوقها ، ويثبت للمشتري حقّ السلوك من جميع الجوانب.

ولو أطلق ولم يعيّن جانباً ، فوجهان ، أظهرهما : ثبوت السلوك من الجميع ؛ لتوقّف الانتفاع عليه. وعدمه ؛ لسكوته عنه. وحينئذٍ هل هو بمنزلة نفي السلوك؟ احتمال.

وللشافعيّة كالوجهين(٣) .

ولو شرط نفي الممرّ ، فالوجه : الصحّة ؛ لإمكان الانتفاع بالإيجار وتوقّع تحصيل المسلك.

ويحتمل - وهو أظهر وجهي الشافعيّة(٤) - البطلان ؛ لتعذّر الانتفاع في الحال.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢ ، المجموع ٩ : ٢٨٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٨.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٤ ، المجموع ٩ : ٢٤١ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٠.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٥ ، المجموع ٩ : ٢٤١ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٠.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٥ ، المجموع ٩ : ٢٤١ - ٢٤٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٠.

٩٠

ولو كانت الأرض المبيعة الملاصقةَ للشارع ، فليس للمشتري السلوك في ملك البائع ، فإنّ العادة في مثلها الدخول من الشارع. وإن كانت ملاصقةً للمشتري(١) ، فليس له السلوك في ملك البائع ، بل يدخل في ملكه السابق إن جرى البيع مطلقاً. ولو قال : بحقوقها ، فله السلوك في ملك البائع. وهذا كلّه كقول الشافعيّة(٢) .

ولو باع داراً واستثنى لنفسه بيتاً ، فله الممرّ. وإن نفى الممرّ ، فإن أمكن اتّخاذ ممرّ آخر ، صحّ ، وإن لم يمكن ، فالأقرب الصحّة.

وللشافعيّة وجهان(٣) .

مسألة ٤٩ : لو باع الدهن بظرفه وقد شاهده أو وصف له وصفاً يرفع الجهالة ، صحّ‌ إذا عرف المقدار ، عندنا ، ومطلقاً عند مجوّزي بيع الجزاف(٤) . وكذا كلّ ما تتساوى أجزاؤه ، كالعسل والدبس والخلّ.

ولو باعه كلّ رطلٍ بدرهم ، فإن عرف الأرطال ، صحّ ، وإلّا فلا ، وحكمه حكم الصبرة. ولو باعه مع الظرف بعشرة ، صحّ ؛ لأنّه باع عينين يجوز العقد على كلّ واحد منهما منفرداً فجاز مجتمعاً.

فأمّا إن باع السمن مع الظرف كلّ رطل بدرهمٍ وعرفا قدر المجموع ، صحّ وإن جهلا تفصيله.

ومَنَع منه بعضُ الشافعيّة وبعض الحنابلة ؛ لأنّ وزن الظرف يزيد وينقص ولا يعلم كم بدرهمٍ منهما ، فيدخل على غرر(٥) .

____________________

(١) أي : لملك المشتري.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٥ ، المجموع ٩ : ٢٤٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٠.

(٤) المغني ٤ : ٢٥١ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٢.

(٥) حلية العلماء ٤ : ١١٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٢ ، المجموع ٩ : ٣١٩ ، المغني ٤ : ٢٥٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٢.

٩١

والباقون جوّزوه - كما اخترناه - لصحّة بيع كلٍّ منهما منفرداً ، فصحّ مجتمعاً. ولأنّه رضي أن يشتري الظرف كلّ رطل منه بدرهم ويشتري السمن كذلك(١) .

ولا يضرّ اختلاف القيمة فيهما ، كما لو اشترى ثوباً مختلفاً أو أرضاً كلّ ذراع بدرهم ، فإنّ القيمة مختلفة ، ويكون ثمن كلّ ذراع درهماً ، ولا يحتاج أن يجعل بعض الذراع الجيّد وبعض الردي‌ء بدرهم.

وإن باعه كلّ رطل بدرهمٍ على أن يزن الظرف معه فيحسب عليه بوزنه ولا يكون مبيعاً وهُما يعلمان زنة كلّ واحد منهما ، صحّ ؛ لأنّه إذا علم أنّ الدهن عشرة والظرف رطلان ، كان معناه بعتك عشرة أرطال باثني عشر درهماً. ولو لم يعلما زنتهما ولا زنة أحدهما ، بطل ؛ لأدائه إلى جهالة الثمن في الحال في الجملة والتفصيل ، وبه قال الشافعي وأحمد(٢) .

مسألة ٥٠ : يجوز بيع النحل إذا شاهدها وكانت محبوسةً بحيث لا يمكنها الامتناع‌ - وبه قال الشافعي ومحمّد بن الحسن وأحمد(٣) - لأنّها معلومة يقدر على تسليمها ، فصحّ بيعها كغيرها.

وقال أبو حنيفة : لا يجوز بيعها منفردةً ؛ لأنّه لا ينتفع بعينه ، فأشبه الحشرات(٤) .

والجواب : المنع من عدم الانتفاع ؛ لأنّها يخرج من بطونها شراب فيه‌

____________________

(١) حلية العلماء ٤ : ١١٠ ، المغني ٤ : ٢٥١ و ٢٥٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٢.

(٢) المجموع ٩ : ٣٢٠ ، المغني ٤ : ٢٥٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٢.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٢ ، المجموع ٩ : ٣٢١ و ٣٢٢ ، حلية العلماء ٤ : ١١١ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٤٤ ، المغني ٤ : ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٩.

(٤) بدائع الصنائع ٥ : ١٤٤ ، المجموع ٩ : ٣٢٢ ، حلية العلماء ٤ : ١١٢ ، المغني ٤ : ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٩.

٩٢

منافع للناس ، فصارت كبهيمة الأنعام.

إذا عرفت هذا ، فإنّه لا يجوز بيعها في كواراتها(١) - وبه قال بعض الحنابلة(٢) - لجهالتها.

وقال بعضهم : يجوز(٣) .

والضابط : العلم ، فإن تمكّن منه بأن يفتح رأس البيت ويشاهدها ويعرف كثرتها من قلّتها ، جاز ، وإلّا فلا.

مسألة ٥١ : ويجوز بيع دود القزّ - وبه قال الشافعي وأحمد‌(٤) - لأنّه حيوان طاهر معلوم يجوز اقتناؤه لتملّك ما يخرج منه ، فأشبه البهائم.

وقال أبو حنيفة في رواية عنه : إنّه لا يجوز بيعه. وفي رواية اُخرى : إن كان معه قزّ ، جاز بيعه ، وإلّا فلا ؛ لأنّه لا ينتفع بعينه ، فأشبه الحشرات(٥) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ النفع بها ظاهر ، وهو ما يخرج منها ، كالبهائم التي لا ينتفع بها بشي‌ء غير النتاج ، بخلاف الحشرات التي لا نفع فيها البتة ، فإنّ هذه يخرج منها الحرير ، وهو أفخر الملابس.

وكذا يجوز بيع بزره.

ومَنَعه بعض الحنابلة(٦) . وهو خطأ ؛ لما مرّ.

____________________

(١) الكِوارة : شي‌ء يتّخذ للنحل من القُضْبان ، وهو ضيق الرأس. لسان العرب ٥ : ١٥٦ « كور ».

(٢ و ٣ ) المغني ٤ : ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٩.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨ ، حلية العلماء ٤ : ٧٢ ، المجموع ٩ : ٢٢٧ و ٢٥٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩ ، المغني ٤ : ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٩ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٤.

(٥) بدائع الصنائع ٥ : ١٤٤ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ٧٢ ، المجموع ٩ : ٢٢٧ و ٢٥٣ ، المحلّى ٩ : ٣١ ، المغني ٤ : ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٩.

(٦) المغني ٤ : ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٩.

٩٣

مسألة ٥٢ : المسك طاهر يجوز بيعه في الجملة‌ ، وبه قال عامّة الفقهاء(١) .

وحكي عن بعض الناس : المنع من بيعه ؛ لأنّه نجس ، لقولهعليه‌السلام : « ما اُبين من حيّ فهو ميّت »(٢) والميتة نجسة(٣) .

وقد قيل : إنّه دم(٤) .

وهو خطأ ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال للأنصاريّة التي سألته عن غسل الحيض : « خُذي فِرصةً(٥) من مسك فتطهّري بها »(٦) .

ولا دلالة في الخبر ؛ لأنّ الغزال يلقيه كما يلقي الولدَ ، ويلقي الطير البيضَ. والدم المحرَّم هو المسفوح ، فإنّ الكبد حلال وهو دم ، وقد روي جواز بيعه عن الصادقعليه‌السلام (٧) .

إذا ثبت هذا ، فقد جوّز الشيخُ بيعَ المسك في فأرة وإن لم يفتق ، وفتقه أحوط(٨) ، وبه قال بعض الشافعيّة ؛ لأنّ بقاءه في فأرةٍ مصلحة له ، فإنّه يحفظ رطوبته وذكاء رائحته ، فأشبه ما مأكوله في جوفه(٩) .

____________________

(١) المجموع ٩ : ٣٠٦ وكما في الخلاف ٣ : ١٧٠ ، المسألة ٢٧٧

(٢) سنن أبي داوُد ٣ : ١١١ / ٢٨٥٨ ، المستدرك - للحاكم - ٤ : ٢٣٤ نحوه.

(٣ و ٤ ) حلية العلماء ٤ : ١٠٢ ، المجموع ٩ : ٣٠٦ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٣٤ ، وكما في الخلاف ٣ : ١٧٠ ، المسألة ٢٧٧.

(٥) الفِرْصة : قطعة من صوف أو قطن أو خرقة. النهاية - لابن الأثير - ٣ : ٤٣١ « فرص ».

(٦) صحيح البخاري ١ : ٨٥ - ٨٦ ، سنن النسائي ١ : ١٣٥ - ١٣٦ ، سنن البيهقي ١ : ١٨٣ ، معرفة السنن والآثار ١ : ٤٨٨ - ٤٨٩ / ١٤٦١ ، مسند أبي عوانة ١ : ٣١٧.

(٧) اُنظر : الفقيه ٣ : ١٤٣ / ٦٢٨ ، والتهذيب ٧ : ١٣٩ / ٦١٥.

(٨) المبسوط - للطوسي - ٢ : ١٥٨ ، الخلاف ٣ : ١٧٠ ، المسألة ٢٧٨.

(٩) المجموع ٩ : ٣٠٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤ ، المغني ٤ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٢.

٩٤

ومَنَع أكثر أصحاب الشافعي وأصحاب أحمد ؛ لبقائه خارج وعائه من غير ضرورة ، وتبقى رائحته [ فلم يجز ](١) بيعه مستوراً ؛ لجهالة صفته ، كالدرّ في الصدف(٢) .

والوجه : الصحّة ؛ لأنّ صفة المسك معلومة ، فيشتريه بشرط الصحّة ، كالمذوق قبل ذوقه.

مسألة ٥٣ : لا يجوز بيع البيض في بطن الدجاجة ولا النوى في التمر‌ - وهو وفاق - للجهالة.

ولو باع لؤلؤةً في صدفٍ ، لم يجز أيضاً ؛ للجهالة ، وبه قال محمّد(٣) .

وقال أبو يوسف : يجوز ، وله الخيار إذا رآه ؛ لأنّه كالحقّة(٤) .

ونحن نمنع من حكم الأصل ؛ لعدم ضبط اللؤلؤ.

مسألة ٥٤ : قد بيّنّا أنّ جهالة الاستثناء تُبطل البيع‌ ، وكذا المنفصل المعلوم إذا جُهلت نسبته إلى المستثنى منه ، فلو باعه بعشرة إلّا ثوباً وعيّنه ، لم يصحّ. وكذا لو باعه بثوب إلّا درهماً مع جهل النسبة.

ولو استثنى جزءاً معلوماً مشاعاً ، كثُلْثٍ أو ربع من الصبرة أو الحائط ، أو جزءين وأزيد ، كتُسْعين أو ثلاثة أثمان ، صحّ البيع ، عند علمائنا - وبه قال الشافعي وأحمد(٥) - لانتفاء الجهالة.

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : فلم يقع. وما أثبتناه - كما هو الصحيح - من المغني والشرح الكبير.

(٢) الحاوي الكبير ٥ : ٣٣٤ - ٣٣٥ ، المجموع ٩ : ٣٠٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٤ ، المغني ٤ : ٢٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٢.

(٣ و ٤) لم نعثر عليه في مظانّه من المصادر المتوفّرة لدينا.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٢ ، المجموع ٩ : ٣١٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٢ ، المغني ٤ : ٢٣١ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٥.

٩٥

وقال أبو بكر وابن أبي موسى : لا يجوز(١) . وليس بمعتمد.

وكذا يجوز أن يستثني المشاع من الحيوان ، كثُلْثه أو ربعه ؛ لوجود المقتضي وانتفاء المانع.

وقال بعض الحنابلة : لا يجوز ؛ قياساً على استثناء الشحم(٢) .

وهو خطأ ؛ لجهالة الشحم.

ولو قال : بعتك قفيزاً من هذه الصبرة إلّا مكّوكاً(٣) ، صحّ.

فروع :

أ - لو باع قطيعاً واستثنى شاةً معيّنة ، صحّ البيع ، وإن لم تكن معيّنةً ، بطل - وهو قول أكثر العلماء(٤) - لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن الثُّنْيا إلّا أن تعلم(٥) . ونهى عن الغرر(٦) . ولأنّه مبيع مجهول فلم يصحّ ، كما لو قال : إلّا شاة مطلقة.

وقال مالك : يصحّ أن يبيع مائة شاة إلّا شاة يختارها ، أو يبيع ثمرة حائطه ويستثني ثمرة نخلاتٍ يعدّها(٧) .

ب - لو قال : بعتك هذا بأربعة دراهم إلّا بقدر درهم ، أو : إلّا ما يخصّ درهماً ، صحّ ؛ لأنّ قدره معلوم من المبيع وهو الربع ، فكأنّه قال : بعتك ثلاثة أرباعه بأربعة. ولو قال : إلّا ما يساوي درهماً ، صحّ مع العلم‌

____________________

(١ و ٢) المغني ٤ : ٢٣١ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٥.

(٣) المكّوك : ميكال معروف لأهل العراق. لسان العرب ١٠ : ٤٩١ « مكك ».

(٤) المغني ٤ : ٢٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٣.

(٥) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٦٢ / ٣٤٠٥ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٨٥ / ١٢٩٠ ، سنن النسائي ٧ : ٢٩٦.

(٦) تقدّم تخريجه في ص ٤٨ ، الهامش (٢).

(٧) المغني ٤ : ٢٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٣.

٩٦

لا مع الجهالة ؛ إذ ما يساوي الدرهم قد يكون الربع وقد يكون أكثر وأقلّ.

ج - لو باعه سمسما واستثنى الكسب(١) ، لم يجز ، لأنّه قد باعه الشيرج بالحقيقة ، وهو غير معلوم. وكذا لو استثنى الشيرج. وكذا لو باعه قطناً واستثنى الحبّ أو بالعكس ، وبه قال الشافعي(٢) .

مسألة ٥٥ : لو باعه حيواناً مأكولاً واستثنى رأسه وجلده ، فالأقوى بطلان البيع - وبه قال أبو حنيفة والشافعي(٣) - لأنّه لم يجز إفراده بالعقد فلم يجز استثناؤه ، كالحمل ، ولأنّه مجهول.

وفي قولٍ لنا : الشركة بقيمة ثُنْياه(٤) ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « اختصم إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام رجلان اشترى أحدهما من الآخر بعيراً واستثنى البيّعُ الرأسَ والجلد ثمّ بدا للمشتري أن يبيعه ، فقال للمشتري : هو شريكك في البعير على قدر الرأس والجلد »(٥) .

وقال مالك : يكون له ما استثناه ، ويصحّ البيع في السفر دون الحضر ؛ لأنّ المسافر لا يمكنه الانتفاع بالجلد والسواقط. فجوّز له شراء اللحم دونها(٦) .

وليس بجيّد ؛ لتساوي السفر والحضر في الحكم.

وقال أحمد : يصحّ الاستثناء مطلقاً ؛ لأنّ المستثنى والمستثنى منه معلومان ، فصحّ ، كما لو استثنى نخلةً معيّنة(٧) .

____________________

(١) الكُسْب : عصارة الدهن. لسان العرب ١ : ٧١٧ « كسب ».

(٢) المجموع ٩ : ٣٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٨.

(٣) المغني ٤ : ٢٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦.

(٤) من القائلين بذلك : المحقّق في شرائع الإسلام ٢ : ٥٧.

(٥) الكافي ٥ : ٣٠٤ / ١ ، التهذيب ٧ : ٨١ / ٣٥٠.

(٦) المدونّة الكبرى ٤ : ٢٩٣ ، المغني ٤ : ٢٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦.

(٧) المغني ٤ : ٢٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦.

٩٧

وليس بجيّد ؛ للعلم هنا.

فروع :

أ - لو باع الرأس والجلد أو شارك فيهما ، فالوجه عندي : البطلان ؛ للجهالة وتعذّر التسليم.

وفي قولٍ لنا : إنّه يكون للشريك بقدر نصيبه(١) ؛ لقول الصادقعليه‌السلام في رجلٍ شهد بعيراً مريضاً وهو يباع ، فاشتراه رجل بعشرة دراهم وأشرك فيه رجلاً بدرهمين بالرأس والجلد ، فقضي أنّ البعير بري‌ء فبلغ ثمانية دنانير ، قال : فقال : « لصاحب الدرهمين خُمس ما بلغ ، فإن قال : أريد الرأس والجلد فليس له ذلك هذا الضرار وقد اُعطي حقّه إذا اُعطي الخُمس »(٢) .

ب - لو امتنع المشتري من ذبحها ، قال أحمد : لم يجبر عليه ، ويلزمه قيمة ذلك ؛ لما روي عن عليّعليه‌السلام أنّه قضى في رجلٍ اشترى ناقةً وشرط ثُنْياها ، فقال : « اذهبوا إلى السوق فإذا بلغت أقصى ثمنها فأعطوه حساب ثُنْياها من ثمنها »(٣) .

وقد بيّنّا أنّ الأقوى بطلان البيع.

ج - لو استثنى شحم الحيوان ، لم يصحّ البيع - وبه قال أحمد(٤) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن الثُّنْيا إلّا أن تعلم(٥) . ولأنّه لا يصحّ إفراده بالبيع ؛

____________________

(١) قال به المحقّق في شرائع الإسلام ٢ : ٥٧.

(٢) التهذيب ٧ : ٧٩/ ٣٤١ ، وبتفاوت في الكافي ٥ : ٢٩٣ / ٤.

(٣) المغني ٤ : ٢٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٢١ - ٢٢.

(٤) المغني ٤ : ٢٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٢١.

(٥) تقدّم تخريجه في ص ٩٥ ، الهامش (٥).

٩٨

لجهالته.

مسألة ٥٦ : لو استثنى الحملَ ، صحّ عندنا - وبه قال الحسن والنخعي‌ وإسحاق وأبو ثور وأحمد في روايةٍ(١) - لأنّ نافعاً(٢) روى عن ابن عمر أنّه باع جاريةً واستثنى ما في بطنها(٣) .

ولأنّه يصحّ استثناؤه في العتق فصحّ في البيع.

وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في اُخرى ، والثوري : لا يصحّ ، لأنّه مجهول لا يصحّ إفراده بالبيع ، فلا يصحّ استثناؤه. ولأنّهعليه‌السلام نهى عن الثّنيا إلّا أن تعلم(٤) (٥) .

ونحن نقول بالموجب ، فإنّ الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل ، والبيع إنّما تناول الاُمّ دون الحمل ، وإطلاق الاستثناء عليه مجاز ، بل نقول نحن : إنّه لو باع الامّ ولم يستثن الحمل ، لم يدخل في البيع ، وكان للبائع ، والاستثناء هنا مؤكّد لا مخرج.

تذنيب : لو باع أمةً حاملاً بحُرٍّ ، جاز البيع عندنا ؛ للأصل‌ ، خلافاً للشافعي ؛ لأنّ الحمل لا يدخل في البيع ، فصار كأنّه مستثنى ، فلا يصحّ بيعها(٦) .

____________________

(١) المغني ٤ : ٢٣٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦ - ٣٧ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٢١.

(٢) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : « نافع » غير منصوب.

(٣) المغني ٤ : ٢٣٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٧.

(٤) تقدّم تخريجه في ص ٩٥ ، الهامش (٥).

(٥) المبسوط - للسرخسي - ١٣ : ١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٢٥ - ٢٢٦ ، المغني ٤ : ٢٣٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦ - ٣٧ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٢١.

(٦) المجموع ٩ : ٣٢٤ - ٣٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٦ ، المغني ٤ : ٢٣٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٧.

٩٩

ونمنع بطلان الاستثناء.

مسألة ٥٧ : لا يكفي في العلم مشاهدة وجه الدابّة‌ ، بل لابُدّ من النظر إلى مؤخّرها - وبه قال أبو يوسف(١) - لأنّ المؤخّر موضع مقصود منها ، فيشترط رؤيته.

وقال محمّد بن الحسن : لا يشترط ؛ لأنّ الأصل في الحيوان الوجه ، فتكفي رؤيته ، كالعبد والأمة(٢) .

ونحن نمنع المقيس عليه ، ونوجب المشاهدة لجميع الأجزاء الظاهرة في المبيع كلّه ، سواء كان حيواناً أو غيره ، أو نثبت خيار الرؤية لو ظهر البعض على الخلاف.

ولو اشترى دارا فرأى خارجها ، لم يصحّ ، إلّا إذا وصف الباقي وصفاً يرفع الجهالة ، ويثبت خيار الرؤية ، وبه قال زفر(٣) .

وقال أبو حنيفة وصاحباه : إذا رأى خارجها ، كان رؤية لها(٤) . وليس بجيّد.

مسألة ٥٨ : وكما أنّ الجهالة في الموضعين مبطلة فكذا في صفاتهما ولواحق المبيع‌ ، فلو شرطا شرطاً مجهولاً ، بطل البيع. ولو شرطا تأجيل الثمن ، وجب أن يكون معلوماً ، فلو أجّله إلى الحصاد ونحوه ، بطل البيع ؛ للجهالة.

فإن أسقط الأجل ، لم ينقلب جائزاً عندنا - وبه قال الشافعي(٥) - لأنّه‌

____________________

(١) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٣٤ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٩٣.

(٢) بدائع الصنائع ٥ : ٢٩٣.

(٣) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٣٤.

(٤) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٣٤ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٩٤.

(٥) المبسوط - للسرخسي - ١٣ : ٢٧.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

نهاية المطاف

٣٦١

وبقي بين فجوات هذه الاحداث خلاء ملحوظ في التاريخ، لم تملأه المصادر التي بين أيدينا بالعروض التي تناسب تلك الاحداث.

رأينا - الى هنا - مبلغ وفاء معاوية بما أخذه على نفسه من شروط.

وعلمنا - الى هنا - ان المعاهدة بأبوابها الخمس، لم تلق من الرجل أية رعاية تناسب تلك العهود والمواثيق والايمان التي قطعها على نفسه. فلا هو حين تسلم الحكم عمل على كتاب اللّه وسنة نبيه وسيرة الخلفاء الصالحين. ولا ترك الامر من بعده للشورى، أو لصاحب الحق فيه. ولا أقلع عن شتم عليعليه‌السلام . ولكنه زاد حتى ملأ منابر الاسلام سباباً وشتماً. ولا وفى بخراج. ولا سلم من غوائله شيعة علي وأصحابه. ولكنه - وبالرغم من كل هذه الشروط والعهود - طالعهم بالاوليات البكر والافاعيل النكر من بوائقه:

فكان أول رأس يطاف به في الاسلام منهم، وبأمره يطاف به.

وكان أول انسان يدفن حياً في الاسلام منهم، وبأمره يفعل به ذلك.

وكانت اول امرأة تسجن في الاسلام منهم، وهو الآمر بسجنها.

وكان أول شهداء يقتلون صبراً في الاسلام منهم، وهو الذي قتلهم.

واستقصى معاوية بنود المعاهدة كلها بالخلف!!.

فاستقصى أيمانه المغلظة بالحنث، ومواثيقه المؤكدة التي واثق اللّه تعالى عليها بالنقض!!

فأين هي الخلافة الدينية يا ترى؟؟

٣٦٢

وبقيت آخر فقرة من المعاهدة، تحاماها معاوية لانها كانت ادق شروطها حساسية وأروعها وقعاً. وكان عليه اذا اساء الصنيع بهذه الفقرة ان يتحدى القرآن صراحة، ورسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله مباشرة.

فصبر عليها ثماني سنين، ثم ضاق بها ذرعاً، وثارت به أمويته التي كان لا يزال يصارع لصاقتها، بأمثال هذه الافاعيل، ليعود بها أموية صريحة تشهد لهند بالبراءة من قالة الناس وشهادات المؤرخين، وليكون ابن أبي سفيان حقاً!.

فما لابن أبي سفيان ولرسول اللّه؟. وما لابن هند وكتاب اللّه؟.

وكانت مطفئة الرضف التي أنست الناس الرزايا قبلها.

ثم هي أول ذل دخل على العرب - كما قال ابن عباس رضي اللّه تعالى عنه -.

بل أول ذل دخل على الناس - كما قال أبو اسحق السبيعيرحمه‌الله -.

وكانت بطبيعتها، أبعد مواد المعاهدة عن الخيانة، كما كانت بظروفها وملابساتها أجدرها بالرعاية. وكانت بعد نزع السلاح ولف اللواء والالتزام من الخصم بالوفاء، أفظع جريمة في تاريخ معاوية الحافل بالجرائم.

وما في المدينة - موطن الحسنعليه‌السلام - ولا في أهل البيت، ولا في شيعة الحسن، ولا في جميع ما يمت الى الحسن بسبب أو نسب، أي موجب يستدعي الوهم، أو يوقظ الريبة، أو يثير الظنون بأمر يخشاه معاوية على دنياه.

اذاً، فما هذا الغَدر وما هو العُذر؟

وأين تلك العهود والعقود والايمان التي لا تبلغ قواميس اللغة أشد منها الفاظاً غلاظاً وتأكيداً شديداً؟.

ترى، فهل نعتذر عن معاوية بما اعتذر به الاغرار المنسوبون الى الاسلام عن ابنه يزيد في قتله الحسين ابن رسول اللّه عليه وعلى جده أفضل الصلاة والسلام، فقالوا: « شاب مغرور، الهته القرود وغلبت عليه الخمور والفجور؟. ».

٣٦٣

فأين - اذاً - حنكة معاوية ودهاؤه المزعوم؟. وأين سنّه الطاعنة وتجاربه في الامور؟.

ان بائقة الاب هذه، كانت هي السبب الذي بعث روح القدوة في طموح الابن. فليشتركا - متضامنين - في انجاز أعظم جريمة في تاريخ الاسلام، تلك هي قتل سيدي شباب أهل الجنة الاحدين الذين لا ثالث لهما. وليتعاونا معاً، على قطع « الواسطة الوحيدة » التي انحصر بها نسل رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله . والجريمة - بهذا المعنى - قتل مباشر لحياة رسول الله بامتدادها التاريخي!!.

نعم، والقاتلان - مع ذلك - هما الخليفتان في الاسلام!!

فوا ضيعة الاسلام ان كان خلفاؤه من هذه النماذج!!

وكان الدهاء المزعوم لمعاوية هو الذي زين له أسلوباً من القتل قصّر عنه ابنه يزيد. فكان هذا « الشاب المغرور » - وكان ذاك « الداهية المحنك في تصريف الامور »!!

ولو تنفس العمر بأبى سفيان الى عهد ولديه هذين، لايقن انهما قد أجادا اللعبة التي كان يتمناها لبني ابيه.

فاستعمل معاوية مروان بن الحكم(١) ، على اقناع جعدة بنت الاشعث

__________________

١ - وروى المسعودي هامش ابن الاثير ( ج ٥ ص ١٩٨ ) والبيهقي ( ج ١ ص ٦٤ ) سعيى الحسنعليه‌السلام بالامان لمروان يوم الجمل، وكان قد أخذ أسيراً، وقيل كان مختفياً في بيت امرأة في البصرة.

وقال الشريف الرضي في النهج ( ج ١ ص ١٢١ ) قالوا: « أخذ مروان بن الحكم أسيراً يوم الجمل، فاستشفع الحسن والحسينعليهما‌السلام الى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فكلماه فيه فخلى سبيله، فقالا له: يبايعك يا أمير المؤمنين؟ فقالعليه‌السلام : أَوَلم يبايعني بعد قتل عثمان، لا حاجة لي في بيعته، انها كف يهودية، لو بايعني بكفه لغدر بسبته. اما ان له امرة كلعقة الكلب أنفه. وهو أبو الاكبش الاربعة. وستلقى الامة منه ومن ولده يوماً أحمر! ». أقول: وجزى مروان سعي الحسن له بالامان بسعيه الى جعدة بقتله « وكل اناء بالذي فيه ينضح ».

٣٦٤

ابن قيس الكندي - وكانت من زوجات الحسنعليه‌السلام - بأن تسقي الحسن السم [ وكان شربة من العسل بماء رومة ]. فان هو قضى نحبه زوجها بيزيد، وأعطاها مائة الف درهم.

وكانت جعدة هذه بحكم بنوتها للاشعث بن قيس - المنافق المعروف - الذي اسلم مرتين، بينهما ردة منكرة، أقرب الناس روحاً الى قبول هذه المعاملة النكراء.

قال الامام جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام : « ان الاشعث شرك في دم امير المؤمنينعليه‌السلام ، وابنته جعدة سمت الحسن، وابنه محمد شرك في دم الحسين ».

أقول: وهكذا تمَّ لمعاوية ما أراد.

وحكم بفعلته هذه على مصير أمة بكاملها، فأغرقها بالنكبات، وأغرق نفسه وبنيه بالذحول والحروب والانقلابات.

وتم له بذلك نقض المعاهدة الى آخر سطر فيها.

وقال الحسنعليه‌السلام وقد حضرته الوفاة: « لقد حاقت شربته وبلغ أمنيته، واللّه ما وفى بما وعد، ولا صدق فيما قال(١) ».

وورد بريد مروان الى معاوية، بتنفيذ الخطة المسمومة، فقال: « يا عجباً من الحسن شرب شربة من العسل بماء رومة فقضى نحبه(٢) ».

ثم لم يملك نفسه من اظهار السرور بموت الحسنعليه‌السلام .

« وكان بالخضراء، فكبر، وكبر معه أهل الخضراء، ثم كبر اهل المسجد بتكبير أهل الخضراء، فخرجت فاختة بنت قرظة بن عمرو بن نوفل بن عبد مناف [ زوج معاوية ] من خوخة(٣) لها، فقالت: « سرك

__________________

١ - المسعودي هامش ابن الاثير ( ج ٦ ص ٥٥ - ٥٦ ).

٢ - ابن عبد البر.

٣ - هي الكوة التي تؤدي الضوء الى البيت، والباب الصغير في الباب الكبير.

٣٦٥

اللّه يا أمير المؤمنين، ما هذا الذي بلغك فسررت به؟ ». قال: « موت الحسن بن علي »، فقالت: « انا للّه وانا اليه راجعون »، ثم بكت وقالت: « مات سيد المسلمين، وابن بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه ( وآله ) وسلم » فقال معاوية: « نعما واللّه ما فعلت، انه كان كذلك، أهل ان يبكى عليه ».

وزاد ابن قتيبة على هذا بقوله: « فلما أتاه الخبر أظهر فرحاً وسروراً حتى سجد وسجد من كان معه، وبلغ ذلك عبد اللّه بن عباس - وكان بالشام يومئذ - فدخل على معاوية فلما جلس، قال معاوية: يا ابن عباس، هلك الحسن بن علي. فقال ابن عباس: نعم هلك انا للّه وانا اليه راجعون ترجيعاً مكرراً. وقد بلغني الذي أظهرت من الفرح والسرور لوفاته. أما واللّه ما سد جسده حفرتك، ولا زاد نقصان أجله في عمرك. ولقد مات وهو خير منك. ولئن أصبنا به، لقد أصبنا بمن كان خيراً منه، جده رسول اللّه صلى الله عليه وسلم. فجبر اللّه مصيبته وخلف علينا من بعده أحسن الخلافة.

« ثم شهق ابن عباس وبكى من حضر في المجلس، وبكى معاوية. قال الراوي: فما رأيت يوماً أكثر باكياً من ذلك اليوم. فقال معاوية: كم اتى له من العمر؟ فقال ابن عباس: امر الحسن أعظم من ان يجهل أحد مولده. قال: فسكت معاوية يسيراً ثم قال: يا ابن عباس، أصبحت سيد قومك من بعده. فقال ابن عباس: أما ما أبقى اللّه أبا عبد اللّه الحسين فلا(١) ».

وعرض اليعقوبي ( ج ٢ ص ٢٠٣ ) صورة عن الاثر العظيم الذي قوبل به نبأ وفاة الحسنعليه‌السلام في الكوفة، وما اجتمع عليه زعماء الشيعة هناك في دار كبيرهم ( سليمان بن صرد ) وتعزيتهم الحسينعليه‌السلام بكتاب مفتجع بليغ.

__________________

١ - ابن قتيبة المتوفى سنة ٢٧٦ ( ص ١٥٩ - ١٦٠ ) وذكر مثله أو قريباً منه اليعقوبي والمسعودي أيضاً.

٣٦٦

وبلغ نعيه البصرة - وعليها زياد بن سمية - فبكى الناس وعلا الضجيج فسمعه أبو بكرة [ أخو زياد لامه ] - وهو اذ ذاك مريض في بيته - فقال: « أراحه اللّه من شر كثير، وفقد الناس بموته خيراً كثيراً يرحم اللّه حسناً(١) ».

وأبنّه أخوه محمد بن الحنفية، وقد وقف على جثمانه الشريف، واليك نص تأبينه:

« رحمك اللّه أبا محمد، فواللّه لئن عزت حياتك، لقد هدت وفاتك. ونعم الروح روح عمر به بدنك، ونعم البدن بدن ضمه كفنك، ولم لا تكون كذلك، وأنت سليل الهدى، وحلف أهل التقوى، وخامس أصحاب الكساء. غذتك كف الحق، وربيت في حجر الاسلام، وأرضعتك ثدياً الايمان. فطب حياً وميتاً، فعليك السلام ورحمة اللّه، وان كانت أنفسنا غير قالية لحياتك، ولا شاكة في الخيار لك(٢) ».

والنصوص على اغتيال معاوية الحسن بالسم متضافرة كاوضح قضية في التاريخ.

ذكرها صاحب الاستيعاب، والاصابة، والارشاد، وتذكرة الخواص ودلائل الامامة(٣) . ومقاتل الطالبيين، والشعبي، واليعقوبي، وابن سعد في الطبقات، والمدائني، وابن عساكر، والواقدي، وابن الاثير، والمسعودي، وابن أبي الحديد، والمرتضى في تنزيه الانبياء. والطوسي في أماليه، والشريف الرضي في ديوانه، والحاكم في المستدرك، وغيرهم.

وقال في « البدء والختام »: « وتوفي الحسن سنة ٤٩ للهجرة. سمته جعدة بنت الاشعث بما دسه معاوية اليها، ومناها بزواج ولده يزيد، ثم

__________________

١ - ابن أبي الحديد ( ج ٤ ص ٤ ).

٢ - اليعقوبي ( ج ٢ ص ٢٠٠ ) والمسعودي هامش ابن الاثير ( ج ٦ ص ٥٧ ) بتفاوت قليل في بعض الكلمات.

٣ - للطبري.

٣٦٧

نقض عهدها ».

وقال ابن سعد في طبقاته: « سمه معاوية مراراً ».

وقال المدائني: « سقي الحسن السم أربع مرات ».

وقال الحاكم في مستدركه(١) : « ان الحسن بن علي سمَّ مراراً. كل ذلك يسلم حتى كانت المرة الاخيرة التي مات فيها، فانه رمى كبده ».

وقال اليعقوبي: « ولما حضرته الوفاة قال لاخيه الحسين: يا أخي ان هذه آخر ثلاث مرات سقيت فيها السم، ولم أسقه مثل مرّتي هذه، وانا ميت من يومي. فاذا أنا متُّ فادفني مع رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فما أحد أولى بقربه مني، الا أن تمنع من ذلك، فلا تسفك فيه محجمة دم! ».

وقال ابن عبد البر: « دخل الحسين على الحسن، فقال: يا أخي اني سقيت السم ثلاث مرات، ولم اسق مثل هذه المرة. اني لأضع كبدي. فقال الحسين: من سقاك يا أخي؟. قال: ما سؤالك عن هذا؟ أتريد أن تقاتلهم؟ كلهم الى اللّه ».

وقال الطبري في دلائل الامامة(٢) : « وكان سبب وفاته أن معاوية سمه سبعين مرة فلم يعمل فيه السم، فأرسل الى امرأته جعدة بنت محمد ( كذا ) بن الاشعث بن قيس الكندي وبذل لها عشرين الف دينار واقطاع عشر ضياع من شعب السواد، سواد الكوفة، وضمن لها أن يزوجها يزيد ابنه. فسقت الحسن السم في برادة من الذهب في السويق المقنّد ».

وقال اللّه عزّ من قائل: « فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم. اولئك الذين لعنهم اللّه فأصمهم وأعمى ابصارهم ».

__________________

١ - ( ج ٦ ص ٥ ) طبع باريس.

٢ - ص ٦١.

٣٦٨

 

خاتمة

في الموازنة

بين ظروف الحسن وظروف الحسين

٣٦٩

ورأى كثير من الناس، ان الشمم الهاشمي الذي اعتاد ان يكون دائماً في الشواهق، كان اليق بموقف الحسينعليه‌السلام ، منه بموقف الحسنعليه‌السلام .

وهذه هي النظرة البدائية التي تفقد العمق ولا تستوعب الدقة.

فما كان الحسن في سائر مواقفه، الا الهاشمي الشامخ المجد، الذي واكب في مجادته مُثُلَ أبيه وأخيه معاً، فاذا هم جميعاً امثولة المصلحين المبدئيين في التاريخ. ولكل - بعد ذلك - جهاده، ورسالته، ومواقفه التي يستمليها من صميم ظروفه القائمة بين يديه، وكلها الصور البكر في الجهاد، وفي المجد، وفي الانتصار للحق المهتضم المغصوب.

وكان احتساء الموت - قتلاً - في ظرف الحسين، والاحتفاظ بالحياة - صلحاً - في ظرف الحسن، بما مهدا به - عن طريق هاتين الوسيلتين - لضمان حياة المبدأ، وللبرهنة على ادانة الخصوم، هو الحل المنطقي الذي لا معدى عنه، لمشاكل كل من الظرفين، وهو الوسيلة الفضلى الى اللّه تعالى، وان لم يكن الوسيلة الى الدنيا. وهو الظفر الحقيقي المتدرج مع التاريخ وان كان فيه الحرمان حالاً، وخسارة السلطان ظاهراً.

وكانت التضحيتان: تضحية الحسين بالنفس، وتضحية الحسن بالسلطان، هما قصارى ما يسمو اليه الزعماء المبدئيون في مواقفهم الانسانية المجاهدة.

وكانت عوامل الزمن التي صاحبت كلاً من الحسن والحسين في زعامته، هي التي خلقت لكل منهما ظرفاً من أصدقائه، وظرفاً من أعدائه،

٣٧٠

لا يشبه ظرف أخيه منهما، فكان من طبيعة اختلاف الظرفين اختلاف شكل الجهادين، واختلاف النهايتين اخيراً.

١ - ظروفهما من انصارهما

ومثلت خيانة الاصدقاء الكوفيين، بالنسبة الى الحسينعليه‌السلام خطوته الموفقة في سبيل التمهيد لنجاحه المطرد في التاريخ، ولكنها كانت بالنسبة الى أخيه الحسنعليه‌السلام - يوم مسكن والمدائن - عقبته الكؤود التي شلت ميدانه عن تطبيق عملية الجهاد. ذلك لان حوادث نقض بيعة الحسين كانت قد سبقت تعبئته للحرب، فجاء جيشه الصغير يوم وقف به للقتال، منخولاً من كل شائبة تضيره كجيش امام له أهدافه المثلى.

أما الجيش الذي أخذ مواقعه من صفوف الحسن، ثم فر ثلثاه ونفرت به الدسائس المعادية، فاذا هو رهن الفوضى والانتقاض والثورة، فذلك هو الجيش الذي خسر به الحسن كل أمل من نجاح هذه الحرب.

ومن هنا ظهر أن هؤلاء الاصدقاء الذين بايعوا الحسن وصحبوه الى معسكراته كمجاهدين، ثم نكثوا بيعتهم وفروا الى عدوهم أو ثاروا بامامهم، كانوا شراً من اولئك الذين نكثوا بيعة الحسين قبل ان يواجهوه.

وهكذا مهد الحسين لحربه - بعد أن نخلت حوادث الخيانة انصاره - جيشاً من أروع جيوش التاريخ اخلاصاً في غايته وتفاديا في طاعته وان قل عدداً.

أما الحسن فلم يعد بامكانه أن يستبقي حتى من شيعته المخلصين انصاراً يطمئن الى جمعهم وتوجيه حركاتهم، لان الفوضى التى انتشرت عدواها في جنوده كانت قد أفقدت الموقف قابلية الاستمرار على العمل، كما أشير اليه سابقاً.

وأيّ فرق أعظم من هذا الفرق بين ظرفيهما من أنصارهما؟.

٣٧١

٢ - ظروفهما من اعدائهما   

وكان عدو الحسن هو معاوية، وعدو الحسين هو يزيد بن معاوية. وللفرق بين معاوية ويزيد ما طفح به التاريخ، من قصة البلادة السافرة في « الابن ». والنظرة البعيدة العمق التي زعم الناس لها الدهاء في « الاب ».

وما كان لعداوة هذين العدوين ظرفها المرتجل مع الحسن والحسين، ولكنها الخصومة التاريخية التي أكل عليها الدهر وشرب بين بني هاشم وبني أمية.

ولم تكن الاموية يوماً من الايام كفواً للهاشمية(١) . وانما كانت عدوتها التي تخافها على سلطانها، وتناوئها - دون هوادة -. وكان هذا هو سر ذكرها بازائها في أفواه الناس وعلى أسلات اقلام المؤرخين. والا فأين سورة الهوى من مثُل الكمال؟ واين انساب الخنا من المطهرين في الكتاب؟. وأين شهوة الغلب، وحب الاثرة، والوان الفجور، من شتيت المزايا في ملكات العقل، وسمو الاخلاق، وطهارة العنصر، وآفاق العلوم التي تعاونت على تغذية الفكر الانساني في مختلف مناحي الثقافات العالية، فأضافت الى ذخائره ثروة لا تطاول؟. أولئك هم بنو هاشم الطالعون بالنور.

واين هؤلاء من أولئك؟.

ولم يكن من الاحتمال البعيد ما قدره الحسن بن علي احتمالاً قريباً، - فيما لو اشتبك مع عدوه التاريخي معاوية بن أبي سفيان بن حرب في

__________________

١ - قال أمير المؤمنينعليه‌السلام فيما كتبه الى معاوية جواباً: « ولم يمنعنا قديم عزنا ولا عادي طولنا على قومك أن خلطناكم بأنفسنا فنكحنا وانكحنا فعل الاكفاء، ولستم هناك، وأنى يكون ذلك كذلك ومنا النبي ومنكم المكذب، ومنا أسد اللّه ومنكم أسد الاحلاف، ومنا سيدا شباب أهل الجنة ومنكم صبية النار، ومنا سيدة نساء العالمين ومنكم حمالة الحطب، الى كثير مما لنا وعليكم ».

٣٧٢

حرب يائسة مثل هذه الحرب - أن تجر الحرب بذيولها أكبر كارثة على الاسلام، وأن تبيد بمكائدها آخر نسمة تنبض بفكرة التشيع لاهل البيتعليهم‌السلام . ولمعاوية قابلياته الممتازة لتنفيذ هذه الخطة وتصفية الحساب الطويل في التاريخ، وهو هو في عدائه الصريح لعلي ولاولاده ولشيعتهم.

وفيما مرَّ من الكلام على هذا الموضوع كفاية عن الاعادة.

أما الحسين فقد كفي مثل هذا الاحتمال حين كان خصمه الغلام المترف الذي لا يحسن قيادة المشاكل، ولا تعبئة التيارات، ولا حياكة الخطط، ثم هو لا يعنيه من الامر الا ان يكون الملك ذا الخزائن، حتى ولو واجهه الاخطل الشاعر بقوله - على رواية البيهقي -:

« ودينك حقاً كدين الحمار

بل أنت اكفر من هرمز »

وكفى الحسين هذا الاحتمال، بما ضمنه سيف الارهاب الذي طارد الشيعة تحت كل حجر ومدر في الكوفة وما اليها، والذي حفظ في غيابات السجون والمهاجر وكهوف الجبال سيلاً من السادة الذين كانوا يحملون مبادئ أهل البيت، وكانوا يؤتمنون على ايصال هذه المبادئ الى الاجيال بعدهم.

فرأى ان يمضي في تصميمه مطمئناً على خطته وعلى أهدافه وعلى مستقبلهما من أعدائه.

أما الحسن فلم يكن له أن يطمئن على مخلفاته المعنوية طمأنينة اخيه وفي أعدائه معاوية وثالوثه المخيف وخططهم الناصبة الحقود التي لا حد لفظاعتها في العداوة والحقد.

وأخيراً فقد أفاد الحسين من غلطات معاوية في غاراته على بلاد اللّه الآمنة المطمئنة، وفي موقفه من شروط صلح الحسن، وفي قتله الحسن بالسم، وفي بيعته لابنه يزيد وفي أشياء كثيرة أخرى، بما زاد حركته في

٣٧٣

وجه الاموية قوة ومعنوية وانطباقاً صريحاً على وجهة النظر الاسلامي في الرأي العام.

وأفاد - الى ذلك - من مزالق الشاب المأخوذ بالقرود والخمور « خليفة معاوية »، فكانت كلها عوامل تتصرف معه في تنفيذ أهدافه.

وكانت ظروفه من أعدائه وظروفه من أصدقائه تتفقان معاً على تأييد حركته، وانجاز مهمته، والاخذ به الى النصر المجنح الذي فاز به في اللّه وفي التاريخ.

أما الحسن فقد أعيته - كما بينا سابقاً - طروفه من أصدقائه فحالت بينه وبين الشهادة، وظروفه من أعدائه فحالت بينه وبين مناجزتهم الحرب التي كان معناها الحكم على مبادئه « بالاعدام ».

لذلك رأى لزاماً ان يطوّر طريقة جهاده، وان يفتتح ميدانه من طريق الصلح.

وما كانت الالغام التي وضعها الحسن في الشروط التي أخذها على معاوية الا وسائله الدقيقة التي حكمت على معاوية وحزبه بالفشل الذريع في التاريخ.

ومن الصعب حقاً أن نميز - بعد هذا - أي الاخوينعليهما‌السلام كان أكبر أثراً في جهاده، وأشد نفوذاً الى أهدافه، وأبعد امعاناً في النكاية بأعدائه.

ولم يبق مخفياً أن تاريخ نكبات أمية بعد عملية الحسن في الصلح كان متصلاً بالحسن، مرهوناً بخططه، خاضعاً لتوجيهه. وأن حادثاً واحداً من أحداث تلك النكبات لم يكن ليقع كما وقع، لولا هذه العملية الناجحة التي كان من طبيعة ظروفها أن تستأثر بالنجاح، وكان من طبيعة خصومها أن يكونوا أعواناً على نجاحها من حيث يشعرون أو لا يشعرون.

٣٧٤

الفهرس العامة

١ - فهرس الأعلام

٢ - فهرس الأمكنة

٣ - فهرس المراجع والكتب

٤ - فهرس فصول الكتب

٣٧٥

١ - فهرس الأعلام

( أ )

ابراهيم الاصفهاني الثقفي: ٢١.

ابراهيم بن مالك: ٩٤، ١٠٣.

ابراهيم بن محمد الثقفي: ٢١.

ابن أبي بلتعة: ٣٤٥.

ابن ابي الحديد: ٣٩، ٤٤، ١٠٢، ١١٦، ١٢٢، ١٢٤، ٢١٤، ٢٦٦، ٢٨٩، ٣٢٣، ٣٢٤، ٣٢٦، ٣٤٨، ٣٦٧.

ابن أبي شيبة: ٢٦٨.

ابن الأثير:٣٩، ٤٥، ٤٦، ١١٧، ٢١٤، ٢٥٨، ٢٦١، ٣٠٤، ٣٠٩، ٣١٢، ٣١٣، ٣١٧، ٣٣٤، ٣٣٨، ٣٤٢، ٣٤٤،٣٥١، ٣٦٧ .

ابن ارطاة: ١١.

ابن اسماء الحرمازي: ١٥٩.

ابن بابويه: ٢٧٢.

ابن جندب: ١١.

ابن حجر المكي: ٣١٦.

ابن الحكم: ١١.

ابن سعد: ٢٧، ٣٣، ٣٦٧، ٣٦٨.

ابن سعيد: ١١، ٢٦٨.

ابن السمط: ١١.

ابن سنان الاسدي: ١٣٢، ٢١٣.

ابن شهراشوب: ١١٨.

ابن الصباغ: ٣١.

ابن طاووس: ١٣٣.

ابن عبدالبر: ٣٥٩، ٣٦٨.

ابن عبد ربه: ٢٢٦.

ابن عرفة (نفطويه): ٣٢٥.

ابن عساكر: ٣٣٩، ٣٦٧.

ابن عقبة: ١١.

ابن قتيبة الدينوري: ١١٧، ١١٨، ١١٩، ١٨٧، ٢٦١، ٢٦٦، ٢٦٧، ٢٧٢، ٣٠١، ٣٠٤، ٣٠٩، ٣٦٦

ابن كثير: ٢٨، ٦٦، ١١٧، ٢٦٠، ٢٦٦، ٢٧٠، ٣٤٥.

ابن مرجانه: ١١.

ابن ملجم مرادي: ١٣٢.

ابن النديم: ٢١.

ابو اسحق السبيعي: ٢٨٦، ٢٩٣، ٢٩٥، ٣٣٧، ٣٦٣.

ابو أمامة الباهلي: ٤٠.

ابو أيوب الانصاري: ٩٤، ١٠٩.

ابو بردة الاشعري: ٦٨، ٩٦، ٣٣١.

ابو بكر: ٣٢، ٤٠، ٨٤، ١٧٠، ١٧١، ١٧٩، ١٩٧.

ابو بكرة: ٢٦٨، ٣١٦، ٣٦٧.

ابو ثمامة الصائدي: ٩٤.

ابو جعفر الاسكافي: ٣٢٦.

ابو حنيفة: ٢٧٠.

ابو داوود: ٥٣.

ابوذر: ٧.

ابو سعيد: ٢٠٠.

ابوسعيد الخدري: ٤٦، ٢١٩.

ابوسفيان: ٥، ٦، ١١، ٨٤، ١٥٩، ٢٤٢، ٣٣٧.

ابو شريف البدري: ٣٤٣.

ابو العباس السفاح: ١١٥، ١٧٨، ٢٢٥.

٣٧٦

ابو عبيد: ٢٨٨.

ابو عبيدة: ٨٤.

ابو فراس الحمداني: ٩٢.

ابو الفرج الاصفهاني: ٣٣، ٧٦، ٨٠، ٢٨٥، ٢٨٨، ٣٠٤.

ابو الفرج السوادي: ١٠٣.

ابو فضالة الانصاري: ٤٩.

ابو ليلى بن بليل: ٤٩.

ابو مريم الخمار السلولي: ١٥٩.

ابو موسى الاشعري: ٦٨، ٩٦، ٣٣١.

ابو هريرة: ٨، ٣٩، ٢٦٨، ٣٢٦.

ابو الهيثم بن التيهان: ٤٨.

أحمد بن حنبل: ٣٨.

أحمد السبيعي: ٢٠.

الاحنف بن قيس: ٣٤، ٧٢، ٢٨٠، ٣٠٠، ٣٠٦، ٣٠٧، ٣٥٩.

الارقم بن عبدالله الكندي: ٣٣٤.

اسامة بن زيد: ٤٦.

اسحق بن طلحة: ٦٨، ٩٦، ٣٣١.

اسماء بن خارجة: ٩٦.

اسماعيل بن طلحة: ٦٨، ٣٣١.

الاشعث بن قيس: ٧، ٢٥، ٦٩، ٧٠، ٩٥، ٣٦٥.

الاصبغ بن نباته: ٩٤.

ام اسحق بنت طلحة: ٢٥.

ام الحسن بنت الحسن: ٢٦.

ام الحسين بنت الحسن: ٢٦.

ام سلمة بنت الحسن: ٢٦.

ام عبدالله بنت الحسن: ٢٦.

آمنة بنت الشريد: ٣٤٥.

ام هانيء بنت ابي طالب: ٥٥.

امير علي الهندي: ٢٧٦.

أمير المؤمنين: انظر علي بن ابي طالب (ع).

اميمه: ٨.

اوفى بن حصن: ٣٤٩، ٣٥٠، ٣٥١.

(ب)

البحتري: ٩٢.

البخاري: ٥٣.

برير بن خضير الهمداني: ٩٤.

بسر بن ارطاة: ١٠٦، ١١٠، ١٤٤، ٣١٦.

بشير الهمداني: ٩٤، ١٢١.

بكر بن عبيد: ٣٤٥.

بلال الحبشي: ٧.

بولس سلامة: ٤٠.

البيهقي: ٦٩، ١٣٥، ١٥٧، ٣٣٩، ٣٧٣.

(ت)

الترمذي: ٣٨، ٥٣.

(ث)

ثابت بن قيس الانصاري: ٤٩.

ثعلبة بن ابي مالك: ٣٤.

ثور بن معن السلمي: ٣٠٦.

(ج)

جابر بن سمرة: ٥٣.

الجاحظ: ٣١٣.

جارية بن قدامة: ٥٨، ٢٨٠.

جعدة بنت الاشعث: ٢٥، ٣٦٤، ٣٦٥، ٣٦٧، ٣٦٨.

جعفر الصادق (ع): ٣٦٥.

٣٧٧

جعفر الطيار: ٥٥، ٢٠٨.

جندب بن عبدالله الازدي: ٨٨، ٩٤.

جون مولى ابي ذر: ٢٢٢.

جويرة بنت ابي سفيان: ١٥٩.

جويرة بن مشهر: ٩٤، ٣٣٩، ٣٤٨، ٣٤٩.

(ح)

الحارث الهمداني: ١٠٢.

الحارث بن وهب: ٨.

حبة العرني: ٩٤، ٣٤١، ٣٤٩.

حبيب بن أبي ثابت: ٢٨٥.

حبيب بن مسلمة: ٩٦، ٢٨٤.

حبيب بن مظاهر الاسدي: ٧٣، ٩٤.

الحجاج: ٤٦.

حجار بن أبجر: ٦٩، ٩٦، ٣٣١.

حجر بن عدي: ٧٣، ٩٤، ١٠٩، ١٢٦،      ١٢٧، ١٩٠، ٢٦٩، ٢٩٤، ٣٠٢، ٣٠٨، ٣٢٨، ٣٢٩، ٣٣٠، ٣٣١، ٣٣٢، ٣٣٣، ٣٣٤، ٣٣٥، ٣٣٦، ٣٣٧، ٣٣٨، ٣٣٩، ٣٤٠، ٣٤١، ٣٤٥، ٣٤٧، ٣٥٠، ٣٥٥، ٣٦٠.

حجر بن عمرو: ٦٨، ٩٦.

حذيفة بن أسيد: ٩٤.

حذيفة بن اليمان: ٤٨.

حرب: ١٢٩.

حرب بن عبدالله الازدي: ٨١.

الحرث بن سويد: ٨٨، ٩٤.

الحرث بن كلدة: ١٥٩.

حسان بن ثابت: ٤٦، ٢٢٦.

الحسن الاثرم: ٢٦.

الحسن البصري: ٣٤، ٢٢٦، ٢٥٢، ٢٦٩، ٢٩٥، ٣٣٧.

الحسن بن الحسن: ٢٦.

الحسن بن علي (ع): وارد في اغلب صفحات الكتاب.

حسن مراد: ١٣٢.

الحسين بن علي (ع): ٩، ١١، ١٢، ١٣، ١٤، ١٥، ٢٧، ٢٨، ٢٩، ٣٠، ٣٢، ٣٤، ٥٢، ٥٣، ٦١، ٧٠، ٧٢، ٨٥، ١٢٠، ١٧٠، ١٧١، ١٨٤، ١٨٥، ١٨٧، ١٩٨، ٢٠٠، ٢١٨، ٢١٩، ٢٣١، ٢٥٦، ٢٦٠، ٢٦١، ٢٧٢، ٢٨٩، ٢٩٦، ٢٩٧، ٣٠٣، ٣٠٧، ٣٠٨، ٣٠٩، ٣١٠، ٣١٢، ٣١٣، ٣١٥، ٣١٧، ٣٢٤، ٣٣١، ٣٣٢، ٣٣٨، ٣٣٩، ٣٤٠، ٣٤٥، ٣٤٦، ٣٦٣، ٣٦٤، ٣٦٥، ٣٦٦، ٣٦٨، ٣٧٠، ٣٧١، ٣٧٢، ٣٧٣.

الحضرمي: ٣٠٨.

حفصة بنت عبدالرحمن: ٢٥.

حفصة بنت عمر: ٣٢.

حمزة بن عبدالمطلب: ١٣، ٢٠٨.

 (خ)

خالد بن عرفطة: ٣٣١.

خالد بن الوليد: ٧.

خباب بن الارت: ٤٨.

خديجة: ١١، ٥٥، ١٢٩، ٢٨٨.

خزيمة بن ثابت: ٤٨.

الخضر: ٢٠٠.

(د)

داود بن سنان: ٣٤.

٣٧٨

الدميري: ٢٧٠.

الدينوري: ٢٦١، ٢٦٦، ٢٧٢، ٣٠٩.

(ر)

الربيع بن زياد الحارثي: ٢٩٥، ٣٣٨.

رسول الله (ص): انظر محمد (ص) الرشيد: ١٧٩.

رشيد الهجري: ٩٤، ٣٣٩، ٣٤٨.

الرضي (الشريف): ٤٠، ٣٦٤، ٣٦٧.

رفاعة بن شداد: ٣٤٥.

(ز)

الزبير بن العوام: ٨٦

زجر بن قيس: ٣٢٠.

زفر بن الحارث الكلابي: ٣٠٢.

الزهري: ١١٦، ١٢١، ١٢٢.

زياد بن أبيه: ٧١، ٧٢، ١١٨، ١١٩، ١٢٠، ١٤٢، ١٥٩، ١٦٠، ١٩٠، ٢٠٣، ٢٠٥، ٢٢٦، ٢٤٤، ٢٥٣، ٢٦٩، ٣٠٨، ٣١٥، ٣٢٢، ٣٢٩، ٣٣٠، ٣٣١، ٣٣٢، ٣٣٣، ٣٣٤، ٣٣٥، ٣٣٧، ٣٣٨، ٣٤٠، ٣٤١، ٣٤٢، ٣٤٤، ٣٤٨، ٣٤٩، ٣٥٠، ٣٥١، ٣٥٢، ٣٥٥، ٣٦٠، ٣٦٧.

 زياد بن صعصعة: ٧٣، ٩٤، ١٢٧.

زياد بن عبيد: ٥٨، ١٠٤، ١٥٩.

زيد بن انس: ٣٢٠ .

زيد بن ثابت: ٤٦، ٨٥.

زيد بن الحسن: ٢٦.

زينب بنت رسول الله (ص): ٥٥.

(س)

السامري: ٢٨٨.

سبط بن الجوزي: ٣٣.

سعد بن ابي وقاص: ٢٨، ٣٣، ٤٦، ٢٢٥، ٢٦٧، ٢٧٥، ٣٠٤، ٣١٦، ٣١٧.

سعد بن الحارث بن الصمة: ٤٩.

سعد بن مسعود: ٢١٣، ٢٣٥.

سعد بن نمران: ٣٣٤.

سعيد بن حمدان: ٣٤٦.

سعيد بن العاص: ٣٣، ٣٠٥، ٣٠٧.

سعيد بن عبدالله: ٩٤.

سعيد بن قيس: ٧٣، ٩٤، ١٠٥، ١٠٦، ١٠٨، ١١٠.

سفينه (مولى رسول الله): ٢٦٨.

سلمان الباهلي: ٢٨٤.

سلمان الفارسي: ١٠٢، ١٠٣.

سليم بن قيس: ٣٢١، ٣٢٤، ٣٢٧.

سليمان بن صرد: ١١٨، ١١٩، ١٢٠، ١٨٧، ٢٧٩، ٣٠١، ٣٠٢، ٣٦٦.

سمرة بن جندب: ١٦٠، ٢٦٩، ٢٩٥.

سمية: ١٥٩، ٣٣٣، ٣٣٧، ٣٤١، ٣٤٧.

سهل بن حنيف: ٤٩.

سهل بن سعد: ٩٤.

سهيل بن عمرو: ٢٥.

سيف الدولة: ٣٤٦.

               

٣٧٩

(ش)

شبث بن ربعي: ٦٩، ٧٠، ٨٩، ٩٦، ١٥٦، ٣٣١.

شداد بن الهيثم الهلالي: ٣٣٣.

شريح بن هاني: ٣٣٧.

شريك بن شداد: ٣٣٤، ٣٤٠.

الشعبي: ٣٦٧.

شمر بن ذي الجوشن: ٧٠، ٩٦، ٣٣١.

(ص)

صخر: ١١، ١٢٩، ٢٨٨.

صعصعة بن صوحان: ٦٤، ٨٨، ٩٤، ٢٦٩، ٣٣٠، ٣٥٧، ٣٥٨، ٣٥٩، ٣٦٠.

صيفي بن فسيل الشيباني: ٣٣٤، ٣٤٠.

(ض)

الضحاك بن قيس: ٩٣، ٣٠٦، ٣٢٩.

ضرار بن الخطاب: ٩٤.

(ط)

طارف بن عدي: ٣٥٦.

الطبري: ١١٩، ٢١٣، ٢٥٨، ٣١٦، ٣١٧، ٣٢٠، ٣٢٣، ٣٢٤، ٣٣١، ٣٤٢، ٣٤٣، ٣٤٤، ٣٤٥، ٣٦٨.

الطبراني: ٣٨.

طرفة بن عدي: ٣٥٦.

طريف بن عدي: ٣٥٦.

طلحة بن الحسن: ٢٦.

طلحة بن عبيدالله: ٢٥، ٨٦.

الطوسي: ٣٦٧.

(ظ)

ظبيان بن عمارة التيمي: ٢٨٩.

(ع)

عائذ بن حمله التميمي: ٣٣٢، ٣٥٤.

عائشة: ٣٣، ٣٤، ٨٥، ٨٦، ٢٦٨، ٢٧٩، ٢٩٥، ٣٠٩، ٣١٣، ٣٣٦، ٣٣٩.

عائشة بنت ابي بكر: ٣٢.

عابس بن شبيب: ٩٤.

عاصم بن عوف: ٣٣٤.

عامر بن واثلة: ٩٤، ١٥٦.

عباس بن جعدة: ٩٤.

عبدالحسين الازري: ٤٤.

عبدالرحمن بن ابي بكر: ٢٥، ٣١٢.

عبدالرحمن بن ابي بكرة: ٢٦٨.

عبدالرحمن بن ام الحكم: ٢١٢.

عبدالرحمن بن بديل: ٤٨.

عبدالرحمن بن جندب: ٩٤.

عبدالرحمن بن الحارث: ٣٣٧.

عبدالرحمن بن حسان العنزي: ٣٣٤، ٣٤١، ٣٤٢.

عبدالرحمن بن الحسن: ٢٦.

عبدالرحمن بن الحكم: ١٦١.

عبدالرحمن بن سمرة: ٢١٣.

عبدالرحمن بن شريح: ٩٤.

عبدالرحمن بن عثمان: ٣٠٦.

عبدالرحمن بن عبدالله الارحبي: ٩٤.

               

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400