كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٦

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 454

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 454
المشاهدات: 78535
تحميل: 5152


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 454 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 78535 / تحميل: 5152
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 6

مؤلف:
العربية

الممازحة حتى أني ألاعب النساء و أغازلهن فعل المترف الفارغ القلب الذي تتقضى أوقاته بملاذ نفسه.و يلحف يلح في السؤال قال تعالى( لا يَسْئَلُونَ اَلنَّاسَ إِلْحافاً ) و منه المثل ليس للملحف مثل الرد.و الإل العهد و لما اختلف اللفظان حسن التقسيم بهما و إن كان المعنى واحدا.و معنى قوله ما لم تأخذ السيوف مآخذها أي ما لم تبلغ الحرب إلى أن تخالط الرءوس أي هو ملي‏ء بالتحريض و الإغراء قبل أن تلتحم الحرب فإذا التحمت و اشتدت فلا يمكث و فعل فعلته التي فعل.و السبة الاست و سبه يسبه طعنه في السبة.و يجوز رفع أكبر و نصبه فإن رفعت فهو الاسم و إن نصبت فهو الخبر.و الأتية العطية و الإيتاء الإعطاء و رضخ له رضخا أعطاه عطاء بالكثير و هي الرضيخة لما يعطى

نسب عمرو بن العاص و طرف من أخباره

و نحن نذكر طرفا من نسب عمرو بن العاص و أخباره إلى حين وفاته إن شاء الله.هو عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر يكنى أبا عبد الله و يقال أبو محمد.

٢٨١

أبوه العاص بن وائل أحد المستهزءين برسول الله ص و المكاشفين له بالعداوة و الأذى و فيه و في أصحابه أنزل قوله تعالى( إِنَّا كَفَيْناكَ اَلْمُسْتَهْزِئِينَ ) .و يلقب العاص بن وائل في الإسلام بالأبتر لأنه قال لقريش سيموت هذا الأبتر غدا فينقطع ذكره يعني رسول الله ص لأنه لم يكن له ص ولد ذكر يعقب منه فأنزل الله سبحانه( إِنَّ شانِئَكَ هُوَ اَلْأَبْتَرُ ) .و كان عمرو أحد من يؤذي رسول الله ص بمكة و يشتمه و يضع في طريقه الحجارة لأنه كان ص يخرج من منزله ليلا فيطوف بالكعبة و كان عمرو يجعل له الحجارة في مسلكه ليعثر بها و هو أحد القوم الذين خرجوا إلى زينب ابنة رسول الله ص لما خرجت مهاجرة من مكة إلى المدينة فروعوها و قرعوا هودجها بكعوب الرماح حتى أجهضت جنينا ميتا من أبي العاص بن الربيع بعلها فلما بلغ ذلك رسول الله ص نال منه و شق عليه مشقة شديدة و لعنهم روى ذلك الواقدي.و روى الواقدي أيضا و غيره من أهل الحديث أن عمرو بن العاص هجا رسول الله ص هجاء كثيرا كان يعلمه صبيان مكة فينشدونه و يصيحون برسول الله إذا مر بهم رافعين أصواتهم بذلك الهجاء

فقال رسول الله ص و هو يصلي بالحجر اللهم إن عمرو بن العاص هجاني و لست بشاعر فالعنه بعدد ما هجاني.و روى أهل الحديث أن النضر بن الحارث و عقبة بن أبي معيط و عمرو بن العاص عهدوا إلى سلي جمل فرفعوه بينهم و وضعوه على رأس رسول الله ص و هو ساجد بفناء الكعبة فسال عليه فصبر و لم يرفع رأسه و بكى في سجوده و دعا عليهم

٢٨٢

فجاءت ابنته فاطمة ع و هي باكية فاحتضنت ذلك السلا فرفعته عنه فألقته و قامت على رأسه تبكي فرفع رأسه ص

و قال اللهم عليك بقريش قالها ثلاثا ثم قال رافعا صوته إني مظلوم فانتصر قالها ثلاثا ثم قام فدخل منزله و ذلك بعد وفاة عمه أبي طالب بشهرين.و لشدة عداوة عمرو بن العاص لرسول الله ص أرسله أهل مكة إلى النجاشي ليزهده في الدين و ليطرد عن بلاده مهاجرة الحبشة و ليقتل جعفر بن أبي طالب عنده إن أمكنه قتله فكان منه في أمر جعفر هناك ما هو مذكور مشهور في السير و سنذكر بعضه.فأما النابغة فقد ذكر الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار قال كانت النابغة أم عمرو بن العاص أمة لرجل من عنزة فسبيت فاشتراها عبد الله بن جدعان التيمي بمكة فكانت بغيا ثم أعتقها فوقع عليها أبو لهب بن عبد المطلب و أمية بن خلف الجمحي و هشام بن المغيرة المخزومي و أبو سفيان بن حرب و العاص بن وائل السهمي في طهر واحد فولدت عمرا فادعاه كلهم فحكمت أمه فيه فقالت هو من العاص بن وائل و ذاك لأن العاص بن وائل كان ينفق عليها كثيرا قالوا و كان أشبه بأبي سفيان و في ذلك يقول أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب في عمرو بن العاص

أبوك أبو سفيان لا شك قد بدت

لنا فيك منه بينات الشمائل

و قال أبو عمر بن عبد البر صاحب كتاب الإستيعاب كان اسمها سلمى و تلقبت بالنابغة بنت حرملة من بني جلان بن عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار

٢٨٣

أصابها سباء فصارت إلى العاص بن وائل بعد جماعة من قريش فأولدها عمرا.قال أبو عمر يقال إنه جعل لرجل ألف درهم على أن يسأل عمرا و هو على المنبر من أمه فسأله فقال أمي سلمى بنت حرملة تلقب بالنابغة من بني عنزة ثم أحد بني جلان و أصابتها راح العرب فبيعت بعكاظ فاشتراها الفاكه بن المغيرة ثم اشتراها منه عبد الله بن جدعان ثم صارت إلى العاص بن وائل فولدت فأنجبت فإن كان جعل لك شي‏ء فخذ.و قال المبرد في كتاب الكامل اسمها ليلى و ذكر هذا الخبر و قال إنها لم تكن في موضع مرضي قال المبرد و قال المنذر بن الجارود مرة لعمرو بن العاص أي رجل أنت لو لا أن أمك أمك فقال إني أحمد الله إليك لقد فكرت البارحة فيها فأقبلت أنقلها في قبائل العرب ممن أحب أن تكون منها فما خطرت لي عبد القيس على بال.و قال المبرد و دخل عمرو بن العاص مكة فرأى قوما من قريش قد جلسوا حلقة فلما رأوه رمقوه بأبصارهم فعدل إليهم فقال أحسبكم كنتم في شي‏ء من ذكري قالوا أجل كنا نمثل بينك و بين أخيك هشام بن العاص أيكما أفضل فقال عمرو إن لهشام علي أربعة أمه بنت هشام بن المغيرة و أمي من قد عرفتم و كان أحب إلى أبيه مني و قد علمتم معرفة الوالد بولده و أسلم قبلي و استشهد و بقيت.و روى أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتاب الأنساب أن عمرا اختصم فيه يوم

٢٨٤

ولادته رجلان أبو سفيان بن حرب و العاص بن وائل فقيل لتحكم أمه فقالت أمه إنه من العاص بن وائل فقال أبو سفيان أما إني لا أشك أني وضعته في رحم أمه فأبت إلا العاص.فقيل لها أبو سفيان أشرف نسبا فقالت إن العاص بن وائل كثير النفقة علي و أبو سفيان شحيح.ففي ذلك يقول حسان بن ثابت لعمرو بن العاص حيث هجاه مكافئا له عن هجاء رسول الله ص

أبوك أبو سفيان لا شك قد بدت

لنا فيك منه بينات الدلائل

ففاخر به إما فخرت و لا تكن

تفاخر بالعاص الهجين بن وائل

و إن التي في ذاك يا عمرو حكمت

فقالت رجاء عند ذاك لنائل

من العاص عمرو تخبر الناس كلما

تجمعت الأقوام عند المحافل

مفاخرة بين الحسن بن علي و رجالات من قريش

و روى الزبير بن بكار في كتاب المفاخرات قال اجتمع عند معاوية عمرو بن العاص و الوليد بن عقبة بن أبي معيط و عتبة بن أبي سفيان بن حرب و المغيرة بن شعبة و قد كان بلغهم عن الحسن بن علي ع قوارص و بلغه عنهم مثل ذلك فقالوا يا أمير المؤمنين إن الحسن قد أحيا أباه و ذكره و قال فصدق و أمر فأطيع و خفقت له النعال و إن ذلك لرافعه إلى ما هو أعظم منه و لا يزال يبلغنا عنه ما يسوءنا.قال معاوية فما تريدون قالوا ابعث عليه فليحضر لنسبه و نسب أباه و نعيره و نوبخه و نخبره أن أباه قتل عثمان و نقرره بذلك و لا يستطيع أن يغير علينا شيئا من ذلك.

٢٨٥

قال معاوية إني لا أرى ذلك و لا أفعله قالوا عزمنا عليك يا أمير المؤمنين لتفعلن فقال ويحكم لا تفعلوا فو الله ما رأيته قط جالسا عندي إلا خفت مقامه و عيبه لي قالوا ابعث إليه على كل حال قال إن بعثت إليه لأنصفنه منكم.فقال عمرو بن العاص أ تخشى أن يأتي باطله على حقنا أو يربي قوله على قولنا قال معاوية أما إني إن بعثت إليه لآمرنه أن يتكلم بلسانه كله قالوا مره بذلك.قال أما إذ عصيتموني و بعثتم إليه و أبيتم إلا ذلك فلا تمرضوا له في القول و اعلموا أنهم أهل بيت لا يعيبهم العائب و لا يلصق بهم العار و لكن اقذفوه بحجره تقولون له إن أباك قتل عثمان و كره خلافة الخلفاء من قبله.فبعث إليه معاوية فجاءه رسوله فقال إن أمير المؤمنين يدعوك.قال من عنده فسماهم له فقال الحسن ع ما لهم خر عليهم السقف من فوقهم و أتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ثم قال يا جارية ابغيني ثيابي اللهم إني أعوذ بك من شرورهم و أدرأ بك في نحورهم و أستعين بك عليهم فاكفنيهم كيف شئت و أنى شئت بحول منك و قوة يا أرحم الراحمين ثم قام فلما دخل على معاوية أعظمه و أكرمه و أجلسه إلى جانبه و قد ارتاد القوم و خطروا خطران الفحول بغيا في أنفسهم و علوا ثم قال يا أبا محمد إن هؤلاء بعثوا إليك و عصوني.

فقال الحسن ع سبحان الله الدار دارك و الإذن فيها إليك و الله إن كنت أجبتهم إلى ما أرادوا و ما في أنفسهم إني لأستحيي لك من الفحش و إن كانوا غلبوك على رأيك إني لأستحيي لك من الضعف فأيهما تقرر و أيهما تنكر أما إني

٢٨٦

لو علمت بمكانهم جئت معي بمثلهم من بني عبد المطلب و ما لي أن أكون مستوحشا منك و لا منهم إن وليي الله و هو يتولى الصالحين.فقال معاوية يا هذا إني كرهت أن أدعوك و لكن هؤلاء حملوني على ذلك مع كراهتي له و إن لك منهم النصف و مني و إنما دعوناك لنقررك أن عثمان قتل مظلوما و أن أباك قتله فاستمع منهم ثم أجبهم و لا تمنعك وحدتك و اجتماعهم أن تتكلم بكل لسانك.فتكلم عمرو بن العاص فحمد الله و صلى على رسوله ثم ذكر عليا ع فلم يترك شيئا يعيبه به إلا قاله و قال إنه شتم أبا بكر و كره خلافته و امتنع من بيعته ثم بايعه مكرها و شرك في دم عمر و قتل عثمان ظلما و ادعى من الخلافة ما ليس له.ثم ذكر الفتنة يعيره بها و أضاف إليه مساوئ و قال إنكم يا بني عبد المطلب لم يكن الله ليعطيكم الملك على قتلكم الخلفاء و استحلالكم ما حرم الله من الدماء و حرصكم على الملك و إتيانكم ما لا يحل ثم إنك يا حسن تحدث نفسك أن الخلافة صائرة إليك و ليس عندك عقل ذلك و لا لبه كيف ترى الله سبحانه سلبك عقلك و تركك أحمق قريش يسخر منك و يهزأ بك و ذلك لسوء عمل أبيك و إنما دعوناك لنسبك و أباك فأما أبوك فقد تفرد الله به و كفانا أمره و أما أنت فإنك في أيدينا نختار فيك الخصال و لو قتلناك ما كان علينا إثم من الله و لا عيب من الناس فهل تستطيع أن ترد علينا و تكذبنا فإن كنت ترى أنا كذبنا في شي‏ء فاردده علينا فيما قلنا و إلا فاعلم أنك و أباك ظالمان ثم تكلم الوليد بن عقبة بن أبي معيط فقال يا بني هاشم إنكم كنتم أخوال عثمان فنعم الولد كان لكن فعرف حقكم و كنتم أصهاره فنعم الصهر كان لكم يكرمكم فكنتم

٢٨٧

أول من حسده فقتله أبوك ظلما لا عذر له و لا حجة فكيف ترون الله طلب بدمه و أنزلكم منزلتكم و الله إن بني أمية خير لبني هاشم من بني هاشم لبني أمية و إن معاوية خير لك من نفسك.ثم تكلم عتبة بن أبي سفيان فقال يا حسن كان أبوك شر قريش لقريش أسفكها لدمائها و أقطعها لأرحامها طويل السيف و اللسان يقتل الحي و يعيب الميت و إنك ممن قتل عثمان و نحن قاتلوك به و أما رجاؤك الخلافة فلست في زندها قادحا و لا في ميزانها راجحا و إنكم يا بني هاشم قتلتم عثمان و إن في الحق أن نقتلك و أخاك به فأما أبوك فقد كفانا الله أمره و أقاد منه و أما أنت فو الله ما علينا لو قتلناك بعثمان إثم و لا عدوان.ثم تكلم المغيرة بن شعبة فشتم عليا و قال و الله ما أعيبه في قضية يخون و لا في حكم يميل و لكنه قتل عثمان ثم سكتوا.

فتكلم الحسن بن علي ع فحمد الله و أثنى عليه و صلى على رسوله ص ثم قال أما بعد يا معاوية فما هؤلاء شتموني و لكنك شتمتني فحشا ألفته و سوء رأي عرفت به و خلقا سيئا ثبت عليه و بغيا علينا عداوة منك لمحمد و أهله و لكن اسمع يا معاوية و اسمعوا فلأقولن فيك و فيهم ما هو دون ما فيكم أنشدكم الله أيها الرهط أ تعلمون أن الذي شتمتموه منذ اليوم صلى القبلتين كلتيهما و أنت يا معاوية بهما كافر تراها ضلالة و تعبد اللات و العزى غواية و أنشدكم الله هل تعلمون أنه بايع البيعتين كلتيهما بيعة الفتح و بيعة الرضوان و أنت يا معاوية بإحداهما كافر و بالأخرى ناكث و أنشدكم الله هل تعلمون أنه أول الناس إيمانا و أنك يا معاوية و أباك

٢٨٨

من المؤلفة قلوبهم تسرون الكفر و تظهرون الإسلام و تستمالون بالأموال و أنشدكم الله أ لستم تعلمون أنه كان صاحب راية رسول الله ص يوم بدر و أن راية المشركين كانت مع معاوية و مع أبيه ثم لقيكم يوم أحد و يوم الأحزاب و معه راية رسول الله ص و معك و مع أبيك راية الشرك و في كل ذلك يفتح الله له و يفلج حجته و ينصر دعوته و يصدق حديثه و رسول الله ص في تلك المواطن كلها عنه راض و عليك و على أبيك ساخط و أنشدك الله يا معاوية أ تذكر يوما جاء أبوك على جمل أحمر و أنت تسوقه و أخوك عتبة هذا يقوده فرآكم رسول الله ص فقال اللهم العن الراكب و القائد و السائق أ تنسى يا معاوية الشعر الذي كتبته إلى أبيك لما هم أن يسلم تنهاه عن ذلك

يا صخر لا تسلمن يوما فتفضحنا

بعد الذين ببدر أصبحوا فرقا

خالي و عمي و عم الأم ثالثهم

و حنظل الخير قد أهدى لنا الأرقا

لا تركنن إلى أمر تكلفنا

و الراقصات به في مكة الخرقا

فالموت أهون من قول العداة لقد

حاد ابن حرب عن العزى إذا فرقا

و الله لما أخفيت من أمرك أكبر مما أبديت و أنشدكم الله أيها الرهط أ تعلمون أن عليا حرم الشهوات على نفسه بين أصحاب رسول الله ص فأنزل فيه( يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اَللَّهُ لَكُمْ ) و أن رسول الله ص بعث أكابر أصحابه إلى بني قريظة فنزلوا من حصنهم فهزموا فبعث عليا بالراية فاستنزلهم على حكم الله و حكم رسوله و فعل في خيبر مثلها

٢٨٩

ثم قال يا معاوية أظنك لا تعلم أني أعلم ما دعا به عليك رسول الله ص لما أراد أن يكتب كتابا إلى بني خزيمة فبعث إليك ابن عباس فوجدك تأكل ثم بعثه إليك مرة أخرى فوجدك تأكل فدعا عليك الرسول بجوعك و نهمك إلى أن تموت و أنتم أيها الرهط نشدتكم الله أ لا تعلمون أن رسول الله ص لعن أبا سفيان في سبعة مواطن لا تستطيعون ردها أولها يوم لقي رسول الله ص خارجا من مكة إلى الطائف يدعو ثقيفا إلى الدين فوقع به و سبه و سفهه و شتمه و كذبه و توعده و هم أن يبطش به فلعنه الله و رسوله و صرف عنه و الثانية يوم العير إذ عرض لها رسول الله ص و هي جائية من الشام فطردها أبو سفيان و ساحل بها فلم يظفر المسلمون بها و لعنه رسول الله ص و دعا عليه فكانت وقعة بدر لأجلها و الثالثة يوم أحد حيث وقف تحت الجبل و رسول الله ص في أعلاه و هو ينادي أعل هبل مرارا فلعنه رسول الله ص عشر مرات و لعنه المسلمون و الرابعة يوم جاء بالأحزاب و غطفان و اليهود فلعنه رسول الله و ابتهل و الخامسة يوم جاء أبو سفيان في قريش فصدوا رسول الله ص عن المسجد الحرام و الهدي معكوفا أن يبلغ محله ذلك يوم الحديبية فلعن رسول الله ص أبا سفيان و لعن القادة و الأتباع و قال ملعونون كلهم و ليس فيهم من يؤمن فقيل يا رسول الله أ فما يرجى الإسلام لأحد منهم فكيف باللعنة فقال لا تصيب اللعنة أحدا من الأتباع و أما القادة فلا يفلح منهم أحد

٢٩٠

و السادسة يوم الجمل الأحمر و السابعة يوم وقفوا لرسول الله ص في العقبة ليستنفروا ناقته و كانوا اثني عشر رجلا منهم أبو سفيان فهذا لك يا معاوية و أما أنت يا ابن العاص فإن أمرك مشترك وضعتك أمك مجهولا من عهر و سفاح فيك أربعة من قريش فغلب عليك جزارها ألأمهم حسبا و أخبثهم منصبا ثم قام أبوك فقال أنا شانئ محمد الأبتر فأنزل الله فيه ما أنزل و قاتلت رسول الله ص في جميع المشاهد و هجوته و آذيته بمكة و كدته كيدك كله و كنت من أشد الناس له تكذيبا و عداوة ثم خرجت تريد النجاشي مع أصحاب السفينة لتأتي بجعفر و أصحابه إلى أهل مكة فلما أخطأك ما رجوت و رجعك الله خائبا و أكذبك واشيا جعلت حدك على صاحبك عمارة بن الوليد فوشيت به إلى النجاشي حسدا لما ارتكب مع حليلتك ففضحك الله و فضح صاحبك فأنت عدو بني هاشم في الجاهلية و الإسلام ثم إنك تعلم و كل هؤلاء الرهط يعلمون أنك هجوت رسول الله ص بسبعين بيتا من الشعر فقال رسول الله ص اللهم إني لا أقول الشعر و لا ينبغي لي اللهم العنه بكل حرف ألف لعنة فعليك إذا من الله ما لا يحصى من اللعن و أما ذكرت من أمر عثمان فأنت سعرت عليه الدنيا نارا ثم حلقت بفلسطين فلما أتاك قتله قلت أنا أبو عبد الله إذا نكأت قرحة أدميتها ثم حبست نفسك إلى معاوية و بعت دينك بدنياه فلسنا نلومك على بغض و لا نعاتبك على ود و بالله

٢٩١

ما نصرت عثمان حيا و لا غضبت له مقتولا ويحك يا ابن العاص أ لست القائل في بني هاشم لما خرجت من مكة إلى النجاشي

تقول ابنتي أين هذا الرحيل

و ما السير مني بمستنكر

فقلت ذريني فإني امرؤ

أريد النجاشي في جعفر

لأكويه عنده كية

أقيم بها نخوة الأصعر

و شانئ أحمد من بينهم

و أقولهم فيه بالمنكر

و أجري إلى عتبة جاهدا

و لو كان كالذهب الأحمر

و لا أنثني عن بني هاشم

و ما اسطعت في الغيب و المحضر

فإن قبل العتب مني له

و إلا لويت له مشفري

فهذا جوابك هل سمعته و أما أنت يا وليد فو الله ما ألومك على بغض علي و قد جلدك ثمانين في الخمر و قتل أباك بين يدي رسول الله صبرا و أنت الذي سماه الله الفاسق و سمى عليا المؤمن حيث تفاخرتما فقلت له اسكت يا علي فأنا أشجع منك جنانا و أطول منك لسانا فقال لك علي اسكت يا وليد فأنا مؤمن و أنت فاسق فأنزل الله تعالى في موافقة قوله( أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ ) ثم أنزل فيك على موافقة قوله أيضا( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) ويحك يا وليد مهما نسيت فلا تنس قول الشاعر فيك و فيه

أنزل الله و الكتاب عزيز

في علي و في الوليد قرآنا

٢٩٢

فتبوأ الوليد إذ ذاك فسقا

و علي مبوأ إيمانا

ليس من كان مؤمنا عمرك الله

كمن كان فاسقا خوانا

سوف يدعى الوليد بعد قليل

و علي إلى الحساب عيانا

فعلي يجزى بذاك جنانا

و وليد يجزى بذاك هوانا

رب جد لعقبة بن أبان

لابس في بلادنا تبانا

و ما أنت و قريش إنما أنت علج من أهل صفورية و أقسم بالله لأنت أكبر في الميلاد و أسن ممن تدعى إليه و أما أنت يا عتبة فو الله ما أنت بحصيف فأجيبك و لا عاقل فأحاورك و أعاتبك و ما عندك خير يرجى و لا شر يتقى و ما عقلك و عقل أمتك إلا سواء و ما يضر عليا لو سببته على رءوس الأشهاد و أما وعيدك إياي بالقتل فهلا قتلت اللحياني إذا وجدته على فراشك أما تستحيي من قول نصر بن حجاج فيك

يا للرجال و حادث الأزمان

و لسبة تخزي أبا سفيان

نبئت عتبة خانه في عرسه

جبس لئيم الأصل من لحيان

و بعد هذا ما أربأ بنفسي عن ذكره لفحشه فكيف يخاف أحد سيفك و لم تقتل فاضحك و كيف ألومك على بغض علي و قد قتل خالك الوليد مبارزة يوم بدر و شرك حمزة في قتل جدك عتبة و أوحدك من أخيك حنظلة في مقام واحد و أما أنت يا مغيرة فلم تكن بخليق أن تقع في هذا و شبهه و إنما مثلك مثل البعوضة إذ قالت للنخلة استمسكي فإني طائرة عنك فقالت النخلة و هل علمت بك واقعة علي فأعلم بك طائرة عني

٢٩٣

و الله ما نشعر بعداوتك إيانا و لا اغتممنا إذ علمنا بها و لا يشق علينا كلامك و إن حد الله في الزنا لثابت عليك و لقد درأ عمر عنك حقا الله سائلة عنه و لقد سألت رسول الله ص هل ينظر الرجل إلى المرأة يريد أن يتزوجها فقال لا بأس بذلك يا مغيرة ما لم ينو الزنا لعلمه بأنك زان و أما فخركم علينا بالإمارة فإن الله تعالى يقول( وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا اَلْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً ) .ثم قام الحسن فنفض ثوبه و انصرف فتعلق عمرو بن العاص بثوبه و قال يا أمير المؤمنين قد شهدت قوله في و قذفه أمي بالزنا و أنا مطالب له بحد القذف فقال معاوية خل عنه لا جزاك الله خيرا فتركه فقال معاوية قد أنبأتكم أنه ممن لا تطاق عارضته و نهيتكم أن تسبوه فعصيتموني و الله ما قام حتى أظلم على البيت قوموا عني فلقد فضحكم الله و أخزاكم بترككم الحزم و عدولكم عن رأي الناصح المشفق و الله المستعان

عمرو بن العاص و معاوية

و روى الشعبي قال دخل عمرو بن العاص على معاوية يسأله حاجة و قد كان بلغ معاوية عنه ما كرهه فكره قضاءها و تشاغل فقال عمرو يا معاوية إن السخاء فطنة و اللؤم تغافل و الجفاء ليس من أخلاق المؤمنين فقال معاوية يا عمرو بما ذا تستحق منا قضاء الحوائج العظام فغضب عمرو و قال بأعظم حق و أوجبه إذ كنت في بحر عجاج فلو لا عمرو لغرقت في أقل مائه و أرقه و لكني دفعتك فيه دفعة فصرت في وسطه ثم دفعتك فيه أخرى فصرت في أعلى المواضع منه فمضى حكمك و نفذ أمرك و انطلق

٢٩٤

لسانك بعد تلجلجه و أضاء وجهك بعد ظلمته و طمست لك الشمس بالعهن المنفوش و أظلمت لك القمر بالليلة المدلهمة.فتناوم معاوية و أطبق جفنيه مليا فخرج عمرو فاستوى معاوية جالسا و قال لجلسائه أ رأيتم ما خرج من فم ذلك الرجل ما عليه لو عرض ففي التعريض ما يكفي و لكنه جبهني بكلامه و رماني بسموم سهامه.فقال بعض جلسائه يا أمير المؤمنين إن الحوائج لتقضى على ثلاث خصال إما أن يكون السائل لقضاء الحاجة مستحقا فتقضى له بحقه و إما أن يكون السائل لئيما فيصون الشريف نفسه عن لسانه فيقضي حاجته و إما أن يكون المسئول كريما فيقضيها لكرمه صغرت أو كبرت.فقال معاوية لله أبوك ما أحسن ما نطقت و بعث إلى عمرو فأخبره و قضى حاجته و وصله بصلة جليلة فلما أخذها ولى منصرفا فقال معاوية( فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَ إِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ ) فسمعها عمرو فالتفت إليه مغضبا و قال و الله يا معاوية لا أزال آخذ منك قهرا و لا أطيع لك أمرا و أحفر لك بئرا عميقا إذا وقعت فيه لم تدرك إلا رميما فضحك معاوية فقال ما أريدك يا أبا عبد الله بالكلمة و إنما كانت آية تلوتها من كتاب الله عرضت بقلبي فاصنع ما شئت

عبد الله بن جعفر و عمرو بن العاص في مجلس معاوية

و روى المدائني قال بينا معاوية يوما جالسا عنده عمرو بن العاص إذ قال الآذن قد جاء عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فقال عمرو و الله لأسوءنه اليوم فقال معاوية لا تفعل يا أبا عبد الله فإنك لا تنصف منه و لعلك أن تظهر لنا من منقبته ما هو خفي عنا و ما لا نحب أن نعلمه منه.

٢٩٥

و غشيهم عبد الله بن جعفر فأدناه معاوية و قربه فمال عمرو إلى بعض جلساء معاوية فنال من علي ع جهارا غير ساتر له و ثلبه ثلبا قبيحا.فالتمع لون عبد الله بن جعفر و اعتراه أفكل حتى أرعدت خصائله ثم نزل عن السرير كالفنيق فقال عمرو مه يا أبا جعفر فقال له عبد الله مه لا أم لك ثم قال

أظن الحلم دل علي قومي

و قد يستجهل الرجل الحليم

ثم حسر عن ذراعيه و قال يا معاوية حتام نتجرع غيظك و إلى كم الصبر على مكروه قولك و سيئ أدبك و ذميم أخلاقك هبلتك الهبول أ ما يزجرك ذمام المجالسة عن القذع لجليسك إذا لم تكن لك حرمة من دينك تنهاك عما لا يجوز لك أما و الله لو عطفتك أواصر الأرحام أو حاميت على سهمك من الإسلام ما أرعيت بني الإماء المتك و العبيد الصك أعراض قومك.و ما يجهل موضع الصفوة إلا أهل الجفوة و إنك لتعرف وشائظ قريش و صبوة غرائزها فلا يدعونك تصويب ما فرط من خطئك في سفك دماء المسلمين و محاربة أمير المؤمنين إلى التمادي فيما قد وضح لك الصواب في خلافه فاقصد لمنهج الحق فقد طال عمهك عن سبيل الرشد و خبطك في بحور ظلمة الغي.

٢٩٦

فإن أبيت إلا تتابعنا في قبح اختيارك لنفسك فأعفنا من سوء القالة فينا إذا ضمنا و إياك الندي و شأنك و ما تريد إذا خلوت و الله حسيبك فو الله لو لا ما جعل الله لنا في يديك لما أتيناك.ثم قال إنك إن كلفتني ما لم أطق ساءك ما سرك مني من خلق.فقال معاوية يا أبا جعفر أقسمت عليك لتجلسن لعن الله من أخرج ضب صدرك من وجاره محمول لك ما قلت و لك عندنا ما أملت فلو لم يكن محمدك و منصبك لكان خلقك و خلقك شافعين لك إلينا و أنت ابن ذي الجناحين و سيد بني هاشم.فقال عبد الله كلا بل سيد بني هاشم حسن و حسين لا ينازعهما في ذلك أحد.فقال أبا جعفر أقسمت عليك لما ذكرت حاجة لك إلا قضيتها كائنة ما كانت و لو ذهبت بجميع ما أملك فقال أما في هذا المجلس فلا ثم انصرف.فأتبعه معاوية بصره و قال و الله لكأنه رسول الله ص مشيه و خلقه و خلقه و إنه لمن مشكاته و لوددت أنه أخي بنفيس ما أملك.ثم التفت إلى عمرو فقال أبا عبد الله ما تراه منعه من الكلام معك قال ما لا خفاء به عنك قال أظنك تقول إنه هاب جوابك لا و الله و لكنه ازدراك و استحقرك و لم يرك للكلام أهلا أ ما رأيت إقباله علي دونك ذاهبا بنفسه عنك.فقال عمرو فهل لك أن تسمع ما أعددته لجوابه قال معاوية اذهب إليك أبا عبد الله فلاة حين جواب سائر اليوم.و نهض معاوية و تفرق الناس

٢٩٧

عبد الله بن العباس و رجالات قريش في مجلس معاوية

و روى المدائني أيضا قال وفد عبد الله بن عباس على معاوية مرة فقال معاوية لابنه يزيد و لزياد ابن سمية و عتبة بن أبي سفيان و مروان بن الحكم و عمرو بن العاص و المغيرة بن شعبة و سعيد بن العاص و عبد الرحمن ابن أم الحكم إنه قد طال العهد بعبد الله بن عباس و ما كان شجر بيننا و بينه و بين ابن عمه و لقد كان نصبه للتحكيم فدفع عنه فحركوه على الكلام لنبلغ حقيقة صفته و نقف على كنه معرفته و نعرف ما صرف عنا من شبا حده و زوي عنا من دهاء رأيه فربما وصف المرء بغير ما هو فيه و أعطي من النعت و الاسم ما لا يستحقه.ثم أرسل إلى عبد الله بن عباس فلما دخل و استقر به المجلس ابتدأه ابن أبي سفيان فقال يا ابن عباس ما منع عليا أن يوجه بك حكما فقال أما و الله لو فعل لقرن عمرا بصعبة من الإبل يوجع كفه مراسها و لأذهلت عقله و أجرضته بريقه و قدحت في سويداء قلبه فلم يبرم أمرا و لم ينفض ترابا إلا كنت منه بمرأى و مسمع فإن أنكأه أدميت قواه و إن أدمه فصمت عراه بغرب مقول لا يقل حده و أصالة رأي كمتاح الأجل لا وزر منه أصدع به أديمه و أفل به شبا حده و أشحذ به عزائم المتقين و أزيح به شبه الشاكين.فقال عمرو بن العاص هذا و الله يا أمير المؤمنين نجوم أول الشر و أفول آخر الخير و في حسمه قطع مادته فبادره بالحملة و انتهز منه الفرصة و اردع بالتنكيل به غيره و شرد به من خلفه.فقال ابن عباس يا ابن النابغة ضل و الله عقلك و سفه حلمك و نطق الشيطان على لسانك هلا توليت ذلك بنفسك يوم صفين حين دعيت نزال و تكافح الأبطال

٢٩٨

و كثرت الجراح و تقصفت الرماح و برزت إلى أمير المؤمنين مصلولا فانكفأ نحوك بالسيف حاملا فلما رأيت الكواشر من الموت أعددت حيلة السلامة قبل لقائه و الانكفاء عنه بعد إجابة دعائه فمنحته رجاء النجاة عورتك و كشفت له خوف بأسه سوأتك حذرا أن يصطلمك بسطوته و يلتهمك بحملته ثم أشرت على معاوية كالناصح له بمبارزته و حسنت له التعرض لمكافحته رجاء أن تكتفي مئونته و تعدم صورته فعلم غل صدرك و ما انحنت عليه من النفاق أضلعك و عرف مقر سهمك في غرضك.فاكفف غرب لسانك و اقمع عوراء لفظك فإنك لمن أسد خادر و بحر زاخر إن تبرزت للأسد افترسك و إن عمت في البحر قمسك.فقال مروان بن الحكم يا ابن عباس إنك لتصرف أنيابك و توري نارك كأنك ترجو الغلبة و تؤمل العافية و لو لا حلم أمير المؤمنين عنكم لتناولكم بأقصر أنامله فأوردكم منهلا بعيدا صدره و لعمري لئن سطا بكم ليأخذن بعض حقه منكم و لئن عفا عن جرائركم فقديما ما نسب إلى ذلك.فقال ابن عباس و إنك لتقول ذلك يا عدو الله و طريد رسول الله و المباح دمه و الداخل بين عثمان و رعيته بما حملهم على قطع أوداجه و ركوب أثباجه أما و الله لو طلب معاوية ثأره لأخذك به و لو نظر في أمر عثمان لوجدك أوله و آخره.و أما قولك لي إنك لتصرف أنيابك و توري نارك فسل معاوية و عمرا يخبراك ليلة الهرير كيف ثباتنا للمثلات و استخفافنا بالمعضلات و صدق جلادنا عند المصاولة و صبرنا

٢٩٩

على اللأواء و المطاولة و مصافحتنا بجباهنا السيوف المرهفة و مباشرتنا بنحورنا حد الأسنة هل خمنا عن كرائم تلك المواقف أم لم نبذل مهجنا للمتالف و ليس لك إذ ذاك فيها مقام محمود و لا يوم مشهود و لا أثر معدود و إنهما شهدا ما لو شهدت لأقلقك فأربع على ظلعك و لا تتعرض لما ليس لك فإنك كالمغروز في صفد لا يهبط برجل و لا يرقى بيد.فقال زياد يا ابن عباس إني لأعلم ما منع حسنا و حسينا من الوفود معك على أمير المؤمنين إلا ما سولت لهما أنفسهما و غرهما به من هو عند البأساء سلمهما و ايم الله لو وليتهما لأدأبا في الرحلة إلى أمير المؤمنين أنفسهما و لقل بمكانهما لبثهما.فقال ابن عباس إذن و الله يقصر دونهما باعك و يضيق بهما ذراعك و لو رمت ذلك لوجدت من دونهما فئة صدقا صبرا على البلاء لا يخيمون عن اللقاء فلعركوك بكلاكلهم و وطئوك بمناسمهم و أوجروك مشق رماحهم و شفار سيوفهم و و خز أسنتهم حتى تشهد بسوء ما أتيت و تتبين ضياع الحزم فيما جنيت فحذار حذار من سوء النية فتكافأ برد الأمنية و تكون سببا لفساد هذين الحيين بعد صلاحهما و سعيا في اختلافهما بعد ائتلافهما حيث لا يضرهما إبساسك و لا يغني عنهما إيناسك.فقال عبد الرحمن ابن أم الحكم لله در ابن ملجم فقد بلغ الأمل و أمن الوجل و أحد الشفرة و الآن المهرة و أدرك الثأر و نفى العار و فاز بالمنزلة العليا و رقي الدرجة القصوى.فقال ابن عباس أما و الله لقد كرع كأس حتفه بيده و عجل الله إلى النار بروحه

٣٠٠