الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر0%

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مؤلف:
تصنيف: مكتبة الأسرة والمجتمع
الصفحات: 109

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مركز الرسالة
تصنيف: الصفحات: 109
المشاهدات: 11317
تحميل: 4390

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 109 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 11317 / تحميل: 4390
الحجم الحجم الحجم
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ومن آثاره السياسية الشعور بالمسؤولية من قبل الجميع ، وايصال عدول الفقهاء الى موقعهم الريادي ، وتطبيق حكم اللّه في الارض طبقا لقواعد الشريعة ، وزوال الفوارق بين الحكام والمحكومين ، والتآزر من أجل الاهداف الواحدة ، ومنع المنحرفين من الوصول الى المراكز الحساسة في السلطة السياسية.

ومن آثاره الاقتصادية اقامة التوازن الاقتصادي ، الذي يتحقق عن طريق التكافل والحث على الانفاق الطوعي في وجوه الخير ، والدعوة الى القناعة والكفاف وعدم التبذير ، والنهي عن الغش واكل الاموال بالباطل، وأداء الواجبات المالية كالزكاة والخمس ، اضافة الى قيام الدولة بواجباتها فى اقامة التوازن ، فتتحقق الرفاهية للمجتمع باشباع حاجات الفقراء والمستضعفين.

وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يزداد الوعي في صفوف المجتمع ، وتتفتح آفاق العقول لتنطلق نحو الابداع الخلاّق ، وتتقدم العلوم ، لتكون خادمة للمفاهيم والقيم الإسلامية.

ومن آثاره لطف اللّه تعالى بعباده ورحمته لهم ، ورضوانه عليهم ، قال تعالى : «وَلَو أنَّ أهلَ القُرى آمنُوا واتَّقَوا لَفَتَحنَا عَليهِم بَرَكَاتٍ مِن السَّماءِ وَالأرضِ »(1) .

وقال تعالى : «وألّوِ استَقَامُوا عَلى الطَّرِيقَةِ لأسقَيناهُم مَّاءً غَدَقا »(2) .

__________________

1) الأعراف : 7 / 96.

2) سورة الجن : 72 / 16.

١٠١

وقد وردت آيات عديدة في فلاح الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، وفي رحمة اللّه لهم.

ومن آثاره القضاء على جميع الامراض والاسقام التي تنتج من الانحراف السلوكي ، كما نشاهد عند غير الملتزمين بالاسلام ، كالامراض النفسية ، والامراض الجسدية المتعلقة بالانحراف الجنسي ، والادمان ، والانتحار ، والتشتت الأُسري وغير ذلك كثير.

المبحث الثاني

آثار التخلي عن أداء مسؤولية

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

إنّ ارادة اللّه تعالى قد جعلت للحياة سننا ثابتة ونواميس راسخة لا تختلف ولا تتخلف في جميع مراحل الحياة الانسانية ، وان موافقة هذه السنن والنواميس والسير في ضوئها تثمر ثمارها وتنتج نتائجها الايجابية في حركة المجتمع ، كما ان مخالفتها وعدم السير في دائرة ضوئها تنتج العكس والسلبية ، وحين توجد الاسباب تتبعها النتائج.

ومن هذه السنن : «إنَّ اللّه لا يُغَيّرُ مَا بِقَومٍ حَتَّى يُغَيّرُوا مَا بِأنفُسِهِم »(1) .

وقوله تعالى : «ذَلِكَ بأنَّ اللّه لَم يَكُ مُغَيَّرا نّعِمةً أنعَمَهَا على قَومٍ حَتّى يُغَيّرُوا

__________________

1) سورة الرعد : 13 / 11.

2) سورة الأنفال : 8 / 53.

١٠٢

مَا بِأنفُسِهِم »(2) .

ويرتّب اللّه تعالى في ضوء هذه السنن والنواميس آثارا ونتائج سلبية إن ترك الناس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتخلّوا عن اداء المسؤولية ، ومن هذه الآثار والنتائج :

أولاً : العقاب الالهي :

حين يتخلى الناس عن مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، سيزداد الانحراف لفقدان الموجّه والمرشد والرادع ، فيفقد كل شيء استقامته ، وتفقد الموازين سلامتها ، ولا يكون إلاّ العوج الذي لا يستقيم ، وكل ذلك مدعاة إلى سلب الرحمة منهم ، وانزال العقاب بالجميع ، المنحرفين والمتقاعسين عن الدعوة والاصلاح معا ، والعقاب يمثل الوخزة الموقظة التي تعيد الناس الى الاستقامة.

قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «والذي نفس محمد بيده لتأمرنّ بالمعروف ، ولتنهون عن المنكر ، أو ليوشكنّ اللّه ان يبعث عليكم عقابا من عنده ، ثم لتدعنه فلا يستجاب لكم » (1) .

ويكون العذاب شاملاً لا يختصّ بالمرتكبين للمنكر فقط ، بل يعمّ غيرهم ممّن لم يرتكبه ؛ لأنّهم سكتوا عن تغييره.

قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ اللّه عزَّ وجلَّ لا يعذّب العامة بعمل الخاصة

__________________

1) كنز العمال 3 : 68.

2) مجمع الزوائد 7 : 267.

3) سورة الأنعام : 6 / 65.

١٠٣

حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم ، وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه ، فإذا فعلوا ذلك عذّب اللّه العامّة والخاصة » (2) .

والعقاب الالهي له مظاهر وألوان مختلفة ، فقد يكون بنزع البركات ، أو بالآفات السماوية ، أو اذاقة البعض بأس البعض الآخر.

قال تعالى : «قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلى أن يَبعثَ عَليكُم عَذَابا مِّن فَوقِكُم أو مِن تَحتِ أرجُلِكُم أو يَلبِسَكُم شِيعا وَيُذِيقَ بَعضَكُم بَأس بَعضٍ ... »(3) .

ثانيا : اللعنة الإلهية :

من آثار ونتائج التخلي عن مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، شمول الناس اللعنة الالهية ، قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «وإنّ عندكم الأمثال من بأس اللّه وقوارعه ، وأيّامه ووقائعه ، فلا تستبطئوا وعيده جهلاً بأخذه ، وتهاونا ببطشه ، ويأسا من بأسه ، فإنّ اللّه سبحانه لم يلعن القرن الماضي بين أيديكم إلاّ لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فلعن اللّه السفهاء لركوب المعاصي والحلماء لترك التناهي » (1) .

واللعنة إن نزلت على المجتمع جعلته يعيش بعيدا عن اللطف والرأفة والرحمة ، فلا يؤيدهم اللّه تعالى ، ولا يثبتهم ، ولا يؤنسهم ، ويدعهم لوحدهم دون اسناد ، ليواجهوا مصيرهم بأنفسهم ؛ حيث القلق والاضطراب والازمات النفسية ، بسبب الانحراف والظلم والاعتداء وفقدان الطمأنينة.

__________________

1) نهج البلاغة : 399 ، الخطبة : 192.

2) سورة الأنفال : 8 / 24.

١٠٤

ثالثا : الهلاك :

إنّ تطبيق المنهج الإسلامي في الحياة هو احياء للعقل والقلب والارادة ، قال تعالى : «يَا أيُّها الَّذين آمَنُوا استَجِيبُوا للّه وَلِلرَّسُولِ إذا دَعَاكُم لِما يُحيِيكُم »(2) .

والإحياء هو الفاعلية والنمو والامتداد والبناء ، والازدهار الحضاري ، والتأثر والتأثير في واقع الحياة.

ونقيض الإحياء هو الهلاك المتجسد بالسلبية والخمود وايثار الراحة والبلادة التي تميت عناصر الحيوية في جميع مقومات الإنسان العقلية والروحية والسلوكية ، وخنق الطاقات والقابليات.

ولذا فإنّ التخلي عن المسؤولية الهادفة إلى احياء الإنسان في فكره وعاطفته وسلوكه ، يؤدي إلى الهلاك بالخمود والجمود ثم الاضمحلال ، كما اضمحلت الامم والحضارات في التاريخ.

رابعا : الانقلاب :

إنّ التخلي عن مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤدي إلى الانقلاب والتراجع ، حيث تنقلب المفاهيم والقيم ، وتنقلب مقومات الشخصية الانسانية وينقلب كل شيء في حياة الفرد والمجتمع ، قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «أول ما تغلبون عليه من الجهاد الجهادُ بأيديكم ، ثم بألسنتكم ، ثم بقلوبكم ، فمن لم يعرف بقلبه معروفا ، ولم ينكر منكرا ، قُلِبَ

__________________

1) نهج البلاغة : 542 ، الحكمة : 375.

2) مشكاة الأنوار : 49.

١٠٥

فجعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه » (1) .

فيبدأ الانقلاب بالفكر ثم العاطفة ثم السلوك ، فيعود الإنسان والمجتمع إلى حياة الاوهام والخرافات ، ويعيش أواصر الضلال والظلمات ، ثم تنقلب عاطفته فيوالي من أمره اللّه تعالى بالتبري منهم ، وفي السلوك حيث يعيش الانحراف والانحطاط والرذيلة.

قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «كيف بكم إذا فسدت نساؤكم ، وفسق شبابكم ، ولم يأمروا بمعروفٍ ولم ينهوا عن منكر » ، فقيل له : ويكون ذلك يا رسول اللّه؟ ، فقال : « نعم ، وشرُّ من ذلك ، فكيف بكم إذا آتيتم المنكر ونهيتم عن المعروف؟ » ، فقيل له : يا رسول اللّه ويكون ذلك ، فقال : «نعم ، وشرُّ من ذلك كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا ، والمنكر معروفا (2) ».

فتنقلب المفاهيم والقيم والموازين ، ويكون هذا الانقلاب هو الحاكم على تقييم الاحداث والمواقف والوجودات ، وتقوم الحياة على أساسه ، فلا يبقى مأمن من اضطراب الأهواء واختلاف الامزجة ، وتصادم المصالح والمنافع.

خامسا : سيطرة الأشرار على مقاليد الاُمور :

التخلي عن أداء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، يؤدي إلى ازدياد عدد المنحرفين والأشرار ، وانحسار عدد الصالحين والاخيار ، ويؤدي إلى خلق الظروف الملائمة لتمادي المنحرفين والاشرار في انحرافهم وشرّهم إثر غياب الرادع لهم ، والمتابع عليهم زلاتهم وفسادهم ، حيث يأمنون من

__________________

1) نهج البلاغة : 542 ، الحكمة : 375.

2) مشكاة الأنوار : 49.

١٠٦

عدم الاعتراض وعدم الملاحقة ، فتنطلق إرادتهم الضعيفة أمام الشهوات ، وأنفسهم الشريرة من عقالها ، فيعملون ما يحلو لهم ، ثم يكون الأمر لهم ليسيطروا على مقاليد الاُمور ، ويوجهون الناس حسبما يرون ويشاؤون ، وتكون الكرّة لهم لملاحقة ومطاردة الاخيار والصالحين في جميع ميادين الحياة ، ولا يبقى للاخيار والصالحين أي منفذٍ للنجاة أو النهوض بالأمر من جديد ، فيعيشون الذل والامتهان اضافة إلى الاذى والتعذيب ، وأعظم من ذلك تخلي الرعاية الالهية عنهم ، وعدم استجابة اللّه تعالى لدعائهم.

قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لتأمرنّ بالمعروف وتنهونَّ عن المنكر ، أو ليسلطنَّ اللّه عليكم شراركم فليسومُنّكم سوء العذاب ، ثم ليدعو خياركم فلا يستجاب لهم ، لتأمرن بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر ، أو ليبعثنَّ اللّه عليكم من لا يرحم صغيركم ، ولا يوقّر كبيركم » (1) .

وإذا تسلط الاشرار عمّ الظلم والجور والاعتداء على الأنفس والاعراض والأموال ، والاعتداء على جميع الحرمات والمقدسات ، وعمّ فساد الأخلاق وتحلّلها ، وضعف العلاقات الاجتماعية ، وتفكك كيان الاُسرة التي هي نقطة البدء في اصلاح الجيل الناشئ ، والحفاظ على سلامته الروحية ، وحينئذٍ سيُفتقد الأمان والاستقرار والطمأنينة.

__________________

1) كنز العمال 3 : 687 / 8464.

١٠٧

١٠٨

المحتويات

المقدِّمة..................................................................... 7

الفصل الأول.............................................................. 11

حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..................................... 11

تمهيد في معناهما :......................................................... 11

أدلة الوجوب :........................................................ 15

أولاً : القرآن الكريم :............................................. 15

الفصل الثاني.............................................................. 49

الفصل الثالث............................................................. 79

الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر....................................... 79

الفصل الرابع.............................................................. 99

المحتويات............................................................... 109

١٠٩