إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق13%

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق مؤلف:
تصنيف: مكتبة الأسرة والمجتمع
الصفحات: 434

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق
  • البداية
  • السابق
  • 434 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 219869 / تحميل: 6910
الحجم الحجم الحجم
إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

٦ - إذا تساويا في عدد الشهود سمعت دعوى من كانت شهوده أقوى عدالة مع يمينه.

أفتى بذلك فقهاء الطائفة بقولهم: (وهكذا، لو تساويا في العدد وتفاضلا في العدالة، رجح بالعدالة، وهو إذا كانت إحداهما أقوى عدالة)(١) .

وقال صاحب كتاب (الخلاف)(٢) إن الطائفة أجمعت على ذلك، وكذلك الروايات الواردة في هذا الصدد تثبت ما قال وقد ذكر هذه الرواية:

عن أبي بصير، قال سألت [الإمام] أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يأتي القوم فيدّعي داراً في أيديهم ويقيم الذي في يده الدار البينة أنّه ورثها عن أبيه لا يدري كيف كان أمرها، فقال: (أكثرهما بينة يستحلف ويدفع إليه) وذكر أن علياًعليه‌السلام أتاه قوم يختصمون في بغلة، فقامت البينة لهؤلاء أنّهم أنتجوها على مذودهم، ولم يبيعوا ولم يهبوا. وأقام هؤلاء البينة أنّهم أنتجوها على مذودهم، لم يبيعوا ولم يهبوا، فقضى بها لأكثرهم بينة واستحلفهم(٣) .

٧ - لا تسمع دعوى المدّعى عليه مع وجود الشاهدين للمدّعي.

أفتى بذلك صاحب كتاب (الخلاف) بقوله: ( مسألة ٦: إذا شهد شاهدان بما يدعيه المدّعي، فقال المشهود عليه احلفوه لي مع شاهديه، لم يحلف)(٤) .

____________________

(١) الخلاف للشيخ الطوسي ٦: ٣٣٣، مختلف الشيعة للعلامة الحلي ٨: ٣٦٧.

(٢) راجع الخلاف للشيخ الطوسي ٦: ٣٣٤.

(٣) الكافي للشيخ الكليني ٧: ٤١٨ ب الرجلين يدعيان فيقيم كل واحد منهما البينة ح١، من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ٣: ٦٤ - ٦٥ ب حكم المدعيين في حق يقيم كل واحد منهما البينة على أنه له ح٣٣٤٤، الإستبصار للشيخ الطوسي ٣: ٤٠ ب ٢١ الشاهدين يشهدان على رجل بطلاق امرأته وهو غائب فيحضر الرجل وينكر الطلاق ح٦، وكذلك تهذيب الأحكام ٦: ٢٣٤ ب ٩٠ البينتين يتقابلان أو يترجح بعضها على بعض وحكم القرعة ح٦، وسائل الشيعة للحر العاملي ٢٧: ٢٤٩ ب ١٢ حكم تعارض البينتين، وما ترجح به أحدهما، وما يحكم به عند فقد الترجيح ح١.

(٤) الخلاف للشيخ الطوسي ٦: ٣٣٥.

٤١

مستدلاً بذلك بأنه لا دليل شرعي يثبت طلب المدّعى عليه والأصل براءة ذمة المدّعي من اليمين.

وكذلك للخبر الوارد عن ابن عباس: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: (البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه) فمن جعل البينة واليمين في جانب واحد من طرفي الدّعوى - إما المدّعي أو المدّعى عليه - فقد ترك الخبر.

٨ - إذا كان المدّعى به في يد المدّعى عليه وأقام المدّعي البينة على أنه له وأقام المدّعى عليه شاهدان فالحكم أن ينتزع الشيء من يد المدّعى عليه ويسلم للمدّعي لأن البينة عليه.

ذكر ذلك فقهاء الطائفة بقولهم: (إذا ادعى رجل على رجل عقاراً أو حيواناً أو غيره، وأقام بذلك البينة، وأقام الذي في يده شاهدين، فإن الحكم فيه أن يخرج الشيء من يد مالكه إلى المدّعي لأن البينة عليه)(١) .

____________________

(١) فقه الرضا لابن بابويه: ٢٦١، المقنع للشيخ الصدوق: ٣٩٩، مختلف الشيعة للعلامة الحلي ٨: ٣٦٩، مستند الشيعة للمحقق النراقي ١٧: ٣٨٥، تكملة العروة الوثقى للسيد اليزدي ٢: ١٤٩، جامع المدارك للسيد الخوانساري ٦: ٨٨، من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ٣: ٦٦. مستدرك الوسائل للميرزا النوري ١٧: ٣٧٢ ح٣، بحار الأنوار للعلامة المجلسي ١٠١: ٢٩١ ح ٥ مع اختلاف يسير.

٤٢

النقطة الثانية: أسباب عدم سماع الدّعوى

١ - لا تسمع دعوى المدّعى عليه عند قيام دعوى عليه حتى تنتهي دعوى المدّعي بصدور الحكم.

جاء ذلك في كتاب (شرائع الإسلام)(١) بما نصه: (السادسة: إذا قطع المدّعى عليه دعوى المدّعي بدعوى لم تسمع حتى يجيب عن الدّعوى وينتهي الحكومة، ثم يستأنف هو).

٢ - لا تسمع الدّعوى إذا فقد أحد أركانها الثلاثة وهم المدّعي والمدّعى عليه والمدّعى به.

أفتى بذلك فقهاء الطائفة حيث اشترط بعضهم بقوله: (أن يكون المدّعى به معلوماً بوجه، فلا تسمع دعوى المجهول المطلق …إلى آخره)، وقال: (أن يكون للمدّعي طرف يدعي عليه، فلو ادعى أمراً من دون أن تكون على شخص ينازعه فلا تسمع، كما لو أراد إصدار حكم من فقيه يكون قاطعاً للدّعوى المحتملة…إلى آخره)(٢) .

٣ - لا تسمع الدّعوى في الحدود بدون بينة لأنه ليس فيها يمين على المنكر.

فأفتى بذلك بعض الفقهاء(٣) بقوله: (الثالثة: لا تسمع الدّعوى في الحدود مجردة عن البينة، ولا يتوجه اليمين على المنكر).

٤ - لا تسمع الدّعوى لو تحقق كذب البينة.

قال ذلك صاحب كتاب شرائع الإسلام)(٤) بقوله: (الأولى: لو شهد للمدّعي أن الدابة ملكه منذ مدة، فدلت سنها على أقل من ذلك قطعاً أو أكثر سقطت البينة لتحقق كذبها).

٥ - إذا شهد للمدّعي شاهدان وطلب المدّعى عليه يمينه لم يُصْغَ له.

أفتى بذلك صاحب كتاب (الخلاف) بقوله: ( مسألة ٦: إذا شهد شاهدان بما يدعيه المدّعي، فقال المشهود عليه احلفوه لي مع شاهديه، لم يحلف)(٥) .

مستدلاً بذلك بأنه لا دليل شرعي يثبت طلب المدّعى عليه والأصل براءة ذمة المدّعي من اليمين.

____________________

(١) شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٤: ٨٧١.

(٢) تحرير الوسيلة للسيد الخميني ٢: ٤١١ - ٤١٢.

(٣) رياض المسائل لسيد علي الطباطبائي٢: ٤٠٥، قواعد الأحكام للعلامة الحلي ٣: ٤٤٥، شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٤: ٨٧٩، كشف الرموز للفاضل الآبي ٢: ٥٠٣، مسالك الإفهام للشهيد الثاني ١٣: ٤٩٦، كفاية الأحكام للمحقق السبزواري: ٢٧١

(٤) جواهر الكلام للشيخ الجواهري ٤٠: ٤٧٤، تحرير الأحكام للعلامة الحلي ٢: ١٩٦، شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٤: ٩٠١ - ٩٠٢، مسالك الإفهام للشهيد الثاني ١٤: ١١٦، كتاب القضاء للسيد الگبايگاني ٢: ٢٢.

(٥) الخلاف للشيخ الطوسي ٦: ٣٣٥.

٤٣

وكذلك للخبر الوارد عن ابن عباس: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: (البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه) فمن جعل البينة واليمين في جانب واحد من طرفي الدّعوى - إما المدّعي أو المدّعى عليه - فقد ترك الخبر.

٦- تسقط الدّعوى إذا رد المدّعى عليه اليمين، ولم يكن للمدّعي شاهدان، ولم يحلف، لعدم ترتب الأثر على دعواه.

دليلنا في ذلك ما ذكره الفقهاء(١) بقولهم: (فإن رد المدّعى عليه اليمين على المدّعي إذا لم يكن للمدّعي شاهدان فلم يحلف فلا حق له).

٧ - إذا رضي المدّعي بيمين المدّعى عليه سقط حقه بذلك وإن أقام البينة بعد ذلك.

ذكر ذلك فقهاء الطائفة بقوله: (إن حلف المنكر (المدّعى عليه) سقطت الدّعوى)(٢) .

والظاهر أنهم استدلوا على هذه الفتوى بهذه الروايات وهي:

أ - عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: (إذا رضي صاحب الحق بيمين المنكر لحقه فاستحلفه فحلف أن لا حق له قبله، ذهبت اليمين بحق المدّعي فلا دعوى له، قلت له: وإن كان عليه بينة عادلة؟ قال: نعم، وإن أقام بعد ما استحلفه بالله خمسين قسامة ما كان له، وكان اليمين قد أبطلت كل ما ادعاه قبله مما قد استحلفه عليه)(٣) .

ب - عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يكون له على الرجل مال فيجحده قال: (إن استحلفه فليس له أن يأخذ منه بعد اليمين شيئاً وإن تركه ولم يستحلفه فهو على حقه)(٤) .

____________________

(١) فقه الرضا لابن بابويه: ٢٦٠، من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ٣: ٦٦، مستدرك الوسائل للميرزا النوري ١٧: ٣٧٠، بحار الأنوار للعلامة المجلسي ١٠١: ٢٦٨ ح٢٥، المقنع للشيخ الصدوق: ٣٩٦، وكذلك الهداية: ٢٨٥، المبسوط للشيخ الطوسي ٨: ٢١٥.

(٢) الخلاف للشيخ الطوسي ٦: ٢٩٤، مختلف الشيعة للعلامة الحلي ٨: ٣٩٦ - ٣٩٧، المهذب البارع لابن فهد الحلي ٤: ٤٧٢، مستمسك العروة للسيد الحكيم ١٢: ١٨٦ - ١٨٧، شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٤: ٨٧٣، جواهر الكلام للشيخ الجواهري ٤٠: ١٧١، الحدائق الناضرة للمحقق البحراني ١٨: ٤١١، مستند الشيعة للمحقق النراقي ١٧: ٢٠٦، كتاب القضاء للشيخ الآشتياني: ١١٢، جامع المدارك للسيد الخوانساري ٦: ٣١ مع اختلاف الألفاظ.

(٣) الكافي للشيخ الكليني ٧: ٤١٧ ب من رضي باليمين فحلف له فلا دعوى له بعد اليمين وإن كانت له بينة ح ١، التهذيب للشيخ الطوسي ٦: ٢٣١ ب ٨٩ كيفية الحكم والقضاء ح١٦، من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ٣: ٦١ ب بطلان حق المدّعي بالتحليف وإن كان له بينة ح ٣٣٤٠.

(٤) الكافي للشيخ الكليني ٥: ١٠١ ب آداب اقتضاء الدين ح ٣، من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ٣: ١٨٥ ح٣٦٩٥ زاد في ذلك بقوله (وإن حبسه فليس له أن يأخذ منه شيئاً وإن تركه … إلى آخر الحديث )، وسائل الشيعة للحر العاملي ٢٣: ٢٨٦ ب ٤٨ ح ١.

٤٤

وقد قيّدت هذه الروايات سقوط الدّعوى في هذا الفرض بشرطين وهما: الأول: طلب المدّعي اليمين من المدّعى عليه، والآخر: حلف المدّعى عليه، وإلاّ فلا تسقط الدّعوى، وله حق المطالبة بما يدّعي به.

وهناك روايات أخرى تدل على المطلوب، ولكن بمضامين أخرى مثل: (إن خانك فلا تخنه، ولا تدخل فيما عبته فيه)(١) ، أو (ليس له أن يطلب منه)(٢) ، أو (إن كان قد ظلمك فلا تظلمه)(٣) تركناها مخافة التطويل.

النقطة الثالثة: أدلّة مشروعية الدعوى

أولاً: الكتاب الكريم

جاءت مشروعية الدّعوى في طريق القرآن الكريم بقوله تعالى في الآيات الكريمة الآتية:

١- قوله تعالى:( وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ ) (٤) . أي يمتنعون عن ذلك ويرفضون، لأنهم يعلمون أن الحق سوف يكون عليهم.

____________________

(١) الكافي للشيخ الكليني ٥: ٩٨ ب قصاص الدين ح ١، من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ٣: ١٨٥ ح٣٦٩٦، الاستبصار للشيخ الطوسي٣: ٥٢ ب ٢٧ ح ٥، وكذلك تهذيب الأحكام ٦: ١٩٧ ح ٦٢ وص٣٤٨ ح ١٠١.

(٢) الكافي للشيخ الكليني ٧: ٤١٨ ب من رضي باليمين فحلف له فلا دعوى له بعد اليمن وإن كان له بينة ح ٣، تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي ٦: ٢٣٢ ح ٥٦٧ و٨: ٢٩٤ ح١٠٨٦.

(٣) الكافي للشيخ الكليني ٧: ٤٣٠ - ٤٣١ ح١٤، الاستبصار للشيخ الطوسي ٣: ٥٣ - ٥٤ ح ١٧٥، وكذلك تهذيب الأحكام ٦: ٢٨٩ ح ٨٠٢، و٨: ٢٩٣ ح ١٠٨٤، وسائل الشيعة للحر العاملي ٢٧: ٢٤٦ - ٢٤٧ ب ١٠ ح ٢.

(٤) سورة النور: آية ٤٨.

٤٥

وهذه صفة المنافقين حيث يقول صاحب كتاب (التبيان) في حقهم: (إذا دعوا إلى رسول الله ليحكم بينهم في شيء اختلفوا فيه وامتنعوا ظلماً لأنفسهم، وكفروا بنبيهم، وأما إذا كان الحكم لصالحهم يأتوا إليه مذعنين أي منقادين من غير إكراه)(١) .

من خلال فهمنا لمنطوق الآية الكريم يظهر أن هناك دعوى قائمة بين من دعتهم هذه الآية إلى حكم الله ورسوله، وهذا يثبت لنا مشروعية الدّعوى فيها من خلال الأمر الصادر الذي مفاده الرجوع عند المخاصمة إلى الله تعالى ورسوله ليحكم بينهم فيما هم فيه مختلفون، والرجوع إلى الله تعالى أي إلى ما جاء في كتابه الكريم من سن القوانين بعد أن يفسره رسوله الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢ - قوله تعالى:( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ) (٢) .

يقول صاحب كتاب (التبيان)، وكذلك صاحب كتاب (مجمع البيان)(٣) أن الحكم الذي دعوا فيه إلى الكتاب يحتمل ثلاثة أشياء:

أحدهما: أن يكون نبوة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

الثاني: أن يكون أمر إبراهيم فإن دينه الإسلام.

الثالث: أن يكون حداً من الحدود (الرجم) لأنهم نازعوا في ذلك.

____________________

(١) التبيان للشيخ الطوسي ٧: ٤٥٠، مجمع البيان للشيخ الطبرسي ٧: ٢٦٣ بتصرف.

(٢) سورة آل عمران: آية ٢٣.

(٣) التبيان للشيخ الطوسي ٢: ٤٢٥، مجمع البيان للشيخ الطبرسي ٢: ٢٦٥.

٤٦

ونحن لا يهمنا هذا التفصيل، لأنه ليس غرضنا التفسير، بل يهمنا ثبوت مشروعية الدّعوى في هذه الآية الكريمة، وقد ثبت بأمر الأفراد المتنازعة بالرجوع إلى كتاب الله تعالى ليكون حكماً بينهم، ومعنى هذا أن هناك دعوى قائمة مشروعة.

٣ - قوله تعالى:( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (١) . أي الفائزون برضا الله لطاعتهم لرسوله وانقيادهم لأوامره ونواهيه وهي مختصة بأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام كما جاء ذلك في تفسير (التبيان)(٢) .

وهذه الآية الثالثة التي تدل على ثبوت مشروعية الدّعوى لما تحمله من تشويق وترغيب على أن من يقبل أن يتحاكم إلى الله تعالى ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما هو إلاّ دليل على صحة إيمانه بالله تعالى وبرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنه سوف يكون من الفائزين في الآخرة.

٤ - قوله تعالى:( وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ) (٣) . أي إصابة الحكم الحق وذلك بالطلب من المدّعي البينة ومن المدّعى عليه اليمين(٤) .

إن الله تعالى أمر نبيه داودعليه‌السلام أن يحكم بين المتخاصمين وأن يثبت على المدّعي البينة واليمين على المدّعى عليه لدليل على صحة مشروعية الدّعوى وثبوتها.

____________________

(١) سورة النور: آية ٥١.

(٢) راجع التبيان للشيخ الطوسي ٧: ٤٥٢، مجمع البيان للشيخ الطبرسي ٧: ٢٦٣.

(٣) سورة ص: آية ٢٠.

(٤) راجع التبيان للشيخ الطوسي ٨: ٥٥٠، مجمع البيان للشيخ الطبرسي ٨: ٣٤٩.

٤٧

ثانياً: السنّة الشريفة

وردت أحاديث كثيرة بصدد مشروعية الدّعوى نقتصر على بعض منها:

١ - ما جاء في الكافي(١) : عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: حكم في دمائكم بغير ما حكم به في أموالكم حكم في أموالكم أن(إن الله البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه، وحكم في دمائكم أن البينة على من ادعي عليه واليمين على من ادعى لكيلا يبطل دم امرئ مسلم).

٢ - وأيضاً في الكافي(٢) : عن بريد بن معاوية عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن القسامة فقال: (الحقوق كلها البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه إلاّ في الدم خاصة، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بينما هو بخيبر إذ فقدت الأنصار رجلاً منهم فوجدوه قتيلاً فقالت الأنصار: إن فلان اليهودي قتل صاحبنا، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للطالبين: أقيموا رجلين عدلين من غيركم أقيدوه برمته فإن لم تجدوا شاهدين فأقيموا قسامة خمسين رجلاً أقيدوه برمته، فقالوا: يا رسول الله ما عندنا شاهدان من غيرنا وإنا لنكره أن نقسم على ما لم نره فوداه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عنده وقال: إنما حقن دماء المسلمين بالقسامة لكي إذ رأى الفاجر الفاسق فرصة من عدوه حجزه مخافة القسامة أن يقتل به فكف عن قتله وإلاّ حلف المدّعى عليه قسام خمسين رجلاً ما قتلنا ولا علمنا قاتلاً وإلاّ أغرموا الدية إذا وجدوا قتيلاً بين أظهرهم إذا لم يقسم المدعون).

٣ - ما جاء في مَنْ لا يحضره الفقيه(٣) : عن أبي خديجة سالم بن مكرم الجمّال قال: قال أبو عبدالله جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام : (إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم، فإنّي قد جعلته قاضياً فتحاكموا إليه).

____________________

(١) الكافي للشيخ الكليني ٧: ٣٦١ - ٣٦٢ ح٦.

(٢) ن. م ٧: ٣٦١ ح ٤.

(٣) من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ٣: ٢ - ٣ ب من يجوز التحاكم إليه ومن لا يجوز ح ٣٢١٦.

٤٨

٤ - وفي مَن لا يحضره الفقيه أيضاً(١) : عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: (أيّما رجل كان بينه وبين أخ له مماراة في حقٍّ فدعاه إلى رجل من إخوانكم ليحكم بينه وبينه فأبى إلاّ أن يرافعه إلى هؤلاء كان بمنزلة الذين :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا قال الله بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ… الآية ) (٢) ).

ثالثاً: الإجماع

لقد انعقد الإجماع منذ بداية الإسلام وإلى يومنا هذا - بل منذ نشأت الاختلافات بين أفراد النوع البشري وإلى أن تنتهي الدنيا - على مشروعية الدّعوى وجوازها، وذلك لضرورتها في الحياة.

حيث من خلالها يتم قطع الخصومات وانتهاء المنازعات بين الأطراف لكي يسود العالم الأمن والأمان والسعادة.

وهذه كتب الفقهاء ومؤلفاتهم تثبت ذلك، فهي لا تخلوا من كتاب يسمى ب- (كتاب القضاء) الذي يثبتون فيه معنى القضاء وما يتعلق به من مسائل لا مجال لذكرها فمن أراد فليراجع الكافي، والوسائل، وكتب العلامة، والمحقق، والجواهري، وغيرهم.

رابعاً: العقل

لقد ثبت عقلاً أن حل النزاعات بين الناس وحسم أمر الدّعوى حسن، وكل أمر حسن مرغوب فيه عند العقل، ويحكم بلزوم فعله. وبهذا نثبت صحة مشروعية الدّعوى.

____________________

(١) ن .م: ٤ ب من يجوز التحاكم إليه ومن لا يجوز ح ٣٢٢٠.

(٢) سورة النساء: آية ٦٠.

٤٩

المطلب الثالث: ترجيح أحد المدّعيين وجعله مدعياً

هناك جملة من المرجحات التي يمكن أن تجعل أحد المدّعيين مدّعياً والآخر مدّعى عليه، وهي كالآتي:

١ - الترجيح بالأسبقية:

إذا قدم الخصمان دعوى على بعضهما البعض، قدمت دعوى الأسبق.

أفتى بذلك فقهاء الطائفة حيث قالوا: (إذا تحاكم خصمان فادعى كل واحد منهما على صاحبه دعوى، فالذي يدعي بالدّعوى أولاً أحق من صاحبه أن يسمع منه)(١) .

٢ - الترجيح بالجلوس على يمين المدّعي الآخر:

إذا تشاح الخصمان في الابتداء سمعت دعوى من كان على يمين خصمه.

ذكر ذلك الفقهاء بقولهم: (أن الخصمين إذا ابتدرا الدّعوى بين يدي الحاكم، وتشاحا في الابتداء بها وجب على الحاكم أن يسمع من الذي عن يمين خصمه)(٢) .

الدليل على ذلك: هو إطباق الطائفة عليه، كما عبّر الشريف المرتضى بذلك(٣) .

ثم قال الشريف الرضي معللاً ذلك بقوله: (لأن مّنْ خالف ما ذكرناه إنما اعتمد على الرأي والاجتهاد دون النص والتوقيف، ومثل ذلك الرجوع فيه إلى التوقيف أولى وأحرى)(٤) .

____________________

(١) فقه الرضا لابن بابويه: ٢٦٠، المقنعة للشيخ المفيد: ٧٢٥، الوسيلة لابن حمزة الطوسي: ٢١١، شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٤: ٨٧١، مستند الشيعة للمحقق النراقي ١٧: ١٢٣ - ١٢٤ مع اختلاف بالألفاظ.

(٢) فقه الرضا لابن بابويه: ٢٦٠، المقنعة للشيخ المفيد: ٧٢٥، الانتصار للشريف المرتضى: ٤٩٥، السرائر لابن إدريس ٢: ١٥٧، مختلف الشيعة للعلامة الحلي ٨: ٣٩٤، مسالك الإفهام للشهيد الثاني ١٣: ٤٣٤، مستند الشيعة للمحقق النراقي ١٧: ١٢٣، الوسيلة لابن حمزة الطوسي: ٢١١، شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٤: ٨٧١ مع اختلاف بالألفاظ.

(٣) الانتصار للشريف الرضي: ٤٩٥.

(٤) الانتصار للشريف المرتضى: ٤٩٥.

٥٠

وبعدها اعترض على ابن الجنيد - عندما فسّر رواية ابن محبوب، التي رواها عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، والتي نصها: (قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يقدّم صاحب اليمين في المجلس بالكلام)(١) - قائلاً: (قال ابن الجنيد: يحتمل أن يكون أراد بذلك المدّعي، لأن اليمين مردودة إليه، قال ابن الجنيد: إلاّ أن ابن محبوب فسّر ذلك في حديث رواه عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام أنه قال: (إذا تقدمت مع خصم إلى والٍ أو قاضٍ فكن عن يمينه - يعني عن يمين الخصم -)(٢) ، وهذا تخليط من ابن الجنيد، لأن التأويلات إنما تدخل بحيث تشكل الأمور، ولا خلاف بين القوم أنه إنما أراد يمين الخصم دون اليمين التي هي القسم)(٣) .

ونحن نرى ما يراه الشريف المرتضى لأنه هو الأرجح والأصح، لما للرواية من وضوح في هذه المسألة.

٣ - تقديم من له بيّنة وإلاّ فالترجيح بالقرعة:

إذا ادعى كلاهما أنه أحضر صاحبه للدّعوى فإن كان لأحدهما بينة سمع منه، وإلاّ أقرع بينهما.

أفتى بذلك صاحب كتاب (الوسيلة) بقوله: (وإذا حضر خصمان للتداعي لم يخل حالهما من أربعة أوجه: … أو ادعى كلاهما أنه قد أحضره للدّعوى، … والثاني: إن كان لأحدهما بينة حكم عليها، وإن لم يكن أقرع بينهما)(٤) .

____________________

(١) من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ٣: ١٤ ب آداب القضاء ح ٣٢٤٠.

(٢) من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ٣: ١٤ ب آداب القضاء ح ٣٢٤١، تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي ٦: ٢٢٧ ب ٨٨ آداب الحكام ح ٨، وسائل الشيعة للحر العاملي ٢٧: ٢١٨ ب ٥ يستحب للإنسان أن يقوم عن يمين خصمه ح ١.

(٣) الانتصار للشريف المرتضى: ٤٩٥ - ٤٩٦.

(٤) الوسيلة لابن حمزة الطوسي: ٢١١.

٥١

٤ - تقديم من له شاهدان على من له شاهد ويمين:

إذا كان لأحد المدّعيين شاهدان وللآخر شاهد وامرأتان تساويا في الدّعوى، وأما إذا كان لأحدهما شاهدان والآخر شاهد ويمينه فلا.

أفتى بذلك الشيخ الطوسي والقمي(١) بقولهما: (إذا كان مع أحدهما شاهدان، ومع الآخر شاهد وامرأتان، تقابلتا بلا خلاف بيننا وبين الشافعي. فأما إن كان مع أحدهما شاهدان، ومع الآخر شاهد واحد، وقال: أحلف مع شاهدي، فإنهما لا يتقابلان).

واستدلا على ذلك بالإجماع على تقابلهما، وبأن التهمة تلحق من حلف لنفسه، ولا تلحق الشاهدين لأنهما يحلفان لغيرهما.

٥ - الترجيح بالقرعة عند تعارض البينتان:

إذا تساوت البينتان ولا مرجّح لأحدهما أقرع بينهما، فمن خرج اسمه حلف وأعطي الحق له، لأن القرعة لكل أمر مشكل، وهذا منه.

ذكر ذلك الفقهاء(٢) بقولهم: ( إذا تعارضت البينتان على وجه لا ترجيح لإحداهما على الأخرى، أقرع بينهما، فمن خرج اسمه حلف وأعطي الحق).

مستدلين عليه بالإجماع على أن القرعة لكل أمر مشكل، وهذا منه، مضافاً إلى ذلك الروايات الكثيرة التي ذكرنا بعضها في بحث القرعة فلا داع للإعادة.

____________________

(١) الخلاف للشيخ الطوسي ٦: ٣٣٤ وكذلك المبسوط ٨: ٢٥٨ - ٢٥٩، جامع الخلاف والوفاق للقمي: ٦١٦.

(٢) الخلاف للشيخ الطوسي ٦: ٣٣٧ وكذلك المبسوط ٨: ٢٤١، الجامع للشرايع ليحيى بن سعيد الحلي: ٥٣٥، جامع الخلاف والوفاق للقمّي: ٦١٣، مختلف الشيعة للعلامة الحلي ٨: ٣٦٨، مسالك الإفهام للشهيد الثاني ١٢: ٥٥٤، تحرير الوسيلة للسيد الخميني ٢: ٢٦١.

٥٢

المبحث الثاني: أنواع الدّعوى

لربما يتساءل البعض عن مورد هذا البحث وما هو ربطه بالبحث ؟

إنا لسنا بصدد ذكر أنواع الدّعوى، بل الهدف من هذا البحث هو ذكر بعض أنواع الدعاوى التي يمكن قبولها من المدّعي لصحتها والفرق بينها وبين التي لا يمكن قبولها لفسادها.

ونحن لو تتبعنا كلمات الفقهاء بما كتبوه في الدعاوى لوجدناهم يقسمون الدّعوى من

ناحية الصحة والفساد إلى قسمين وهما:

القسم الأول: الدّعوى الصحيحة

وهي التي استوفت الشروط بحيث يمكن سماعها.

القسم الثاني: الدّعوى الفاسدة

وهي التي لم تستوف الشروط كلها أو بعضها بحيث لا يمكن سماعها.

ونحن نكتفي بذكر نماذج من الدعوى الصحيحة، ومن خلالها تتضح لنا الدعوى الفاسدة لأنه كل ما ترتب على الدعوى الصحيحة من شروط ترتب عكسه للدعوى الفاسدة.

٥٣

نماذج من الدعوى الصحيحة

أولاً: دعوى البيعان

هناك مسائل خلافية تحدث بين البائع والمشتري حول المبيع وما يرتبط به، ونحن هنا نذكر بعضاً من هذه المسائل وهي:

١ - إذا كان الخلاف بين البائع والمشتري في مقدار ثمن المبيع أو جنسه فهنا فرعان:

أ - إذا كان المثمن تالفاً فالقول قول المشتري مع يمينه.

ب - إذا كان المثمن سالماً فالقول قول البائع مع يمينه.

ذكر ذلك فقهاء الطائفة بقولهم: (إذا اختلف المتبايعان في قدر الثمن أو جنسه، فالقول قول المشتري مع يمينه إن كانت السلعة تالفة، وإن كانت سالمة فالقول قول البائع مع يمينه)(١) .

وقد استدل بعضهم على ذلك بعدة أدلة منها:

أولاً - إجماع الفرقة على ذلك.

ثانياً - هناك عدة روايات في هذا الصدد نذكر منها:

الرواية الأولى: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: (البينة على مّنْ ادّعى واليمين على مّنْ أنكر)(٢) ، وفي غيرها (واليمين على مَنْ ادّعي عليه)(٣) .

____________________

(١) الخلاف للشيخ الطوسي ٣: ١٤٧، جواهر الفقه لابن البراج: ٥٧ - ٥٨، غنية النزوع لابن زهرة الحلبي: ٢٣١، السرائر لابن إدريس الحلي ٢: ٣١٨ - ٣١٩، شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٢: ٢٨٧، المختصر النافع للمحقق الحلي: ١٢٠، الجامع للشرايع ليحيى بن سعيد الحلي: ٢٧١، كشف الرموز للفاضل الآبي ١: ٤٥٢، جامع الخلاف والوفاق للقمي: ٢٧٨، مختلف الشيعة للعلامة الحلي ٥: ٢٩٦، المهذب البارع لابن فهد الحلي ٢: ٣٦٢، كفاية الأحكام للمحقق السبزواري: ٩٧، جواهر الكلام للشيخ الجواهري ٢٣: ١٨٤ بتصرف.

(٢) وسائل الشيعة للحر العاملي ٢٧: ٢٩٣ ب ٢٥ وجوب الحكم بملكية صاحب اليد حتى يثبت خلافه وجواز الشهادة لصاحب اليد بالملك وأنه لا يجب على القاضي تتبع أحكام من قبله وحكم اختلاف الزوجين في متاع البيت ح٣.

(٣) الكافي للشيخ الكليني ٧: ٤١٥ ب أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ح١، دعائم الإسلام للقاضي النعمان المغربي ٢: ٥٢٠ - ٥٢١ ح١٨٥٩، تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي ٦: ٢٢٩ ب ٨٩ كيفية الحكم والقضاء ح٤، وسائل الشيعة للحر العاملي ٢٧: ٢٣٣ ب٣ أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه في المال وحكم دعوى القتل والجرح وأن بينة المدعى عليه لا تقبل مع التعارض وغيره ح١.

٥٤

والمشتري مدّعى عليه وهو المنكر، لأنهما - أي البائع والمشتري - اتفقا على العقد وانتقال الملك، والمشتري معترف بذلك، والبائع يدّعي عليه الزيادة وهو ينكرها، فوجب أن يكون القول قول المشتري، ولا يلزمنا ذلك مع بقاء السلعة أن القول قول البائع، لأنا لو خلينا وظاهر الخبر لقلنا بذلك.

ولكن روي عن أئمتناعليهم‌السلام أنهم قالوا: (القول قول البائع) فحملنا على أنه مع بقاء السلعة(١) .

الرواية الثانية - مضافاً إلى ما ذكره المستدلون على هذه المسألة فهناك رواية لأحمد بن محمد بن أبي نصر، ومع أنها مرسلة لكن منجبرة بعمل الأصحاب بها، كما يذكر ذلك بعض الفقهاء(٢) ، وهي كالآتي:

عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : في رجل يبيع الشيء فيقول المشتري: هو بكذا وكذا، بأقل ما قال البائع ؟ قال: (القول قول البائع مع يمينه إذا كان الشيء قائماً بعينه)(٣) .

وقد ردّ العلامة الحلي هذه الرواية بكتابه ( مختلف الشيعة) قائلاً: (إنه منقطع السند فلا حجة فيه)(٤) ، وهو مردود بانجبارها بعمل الأصحاب كما ذكرنا ذلك.

وتردد في أصل المسألة بكتابه (تحرير الأحكام) قائلاً: (وعندي في ذلك تردد)(٥) .

____________________

(١) راجع الخلاف للشيخ الطوسي ٣: ١٤٨، جواهر الفقه لابن البراج: ٥٧ - ٥٨، غنية النزوع لابن زهرة الحلبي: ٢٣١، رياض المسائل لسيد علي الطباطبائي ٨: ١٥٠ بتصرف.

(٢) راجع كشف الرموز للفاضل الآبي ١: ٤٥٢، جامع المقاصد للمحقق الكركي ٤: ٤٤١، مسالك الإفهام للشهيد الثاني ٣: ٢٥٨، كفاية الأحكام للمحقق السبزواري: ٩٧، رياض المسائل لسيد علي الطباطبائي ٨: ١٥٠، جواهر الكلام للشيخ الجواهري ٢٣: ١٨٤.

(٣) الكافي للشيخ الكليني ٥: ١٧٤ ب إذا اختلف البائع والمشتري ح ١، تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي ٧: ٢٦ ب٢ عقود البيع ح ٢٦ وص ٢٢٩- ٢٣٠ ب ٢١ من الزيادات ح٢١، وسائل الشيعة للحر العاملي ١٨: ٥٩ ب ١١ حكم اختلاف البائع والمشتري في قدر الثمن ح ١.

(٤) راجع مختلف الشيعة للعلامة الحلي ٥: ٢٩٦.

(٥) راجع تحرير الأحكام للعلامة الحلي ٢: ٣٦٢.

٥٥

٢ - إذا اختلف البائع والمشتري في نوع المبيع، وليس هناك بينة، فالقول قول البائع مع يمينه بأنه ما باع المشتري ما يدّعيه، والقول قول المشتري مع يمينه بأنه ما اشترى من البائع ما يدّعيه، ولا يجب عليهما في الحلف النفي والإثبات.

فإن حلف البائع إنه ما باع المشتري ما يدّعيه، بقي هذا المبيع على ملكه يتصرف به كيف يشاء. وإما المشتري، فإن حلف أنه ما اشترى من البائع ما يدّعيه، فإن كان ما يدّعيه البائع في يد المشتري، فلا يجوز للبائع مطالبته به لأنه يدّعيه، وإن كان ما يدّعيه البائع بيده فلا يحق له التصرف به، لأنه معترف بأنه للمشتري وأن ثمنه في ذمته، نعم يجوز له بيعه وأخذ مقدار ثمنه منه.

ذكر ذلك صاحب كتاب (الخلاف) بقوله:

(إذا اختلفا فقال: بعتك هذا العبد بألف درهم، وقال المشتري: بل بعتني هذه الجارية بألف ولم تبعني العبد، وليس هناك بينة، كان القول قول البائع مع يمينه أنه ما باع الجارية، والقول قول المشتري مع يمينه أنه ما اشترى العبد، ولا يجب على واحد منها الجمع بين النفي والإثبات، ولا يكون هذا تحالفاً، وإنما يحلف كل واحد منهما على النفي، فإذا حلف البائع أنه ما باع الجارية بقيت الجارية على ملكه كما كانت، وجاز له التصرف بها.

وأما المشتري، فإنه يحلف أنه ما اشترى العبد، فإذا حلف فإنه ينظر، فإن كان العبد في يد المشتري فإنه لا يجوز للبائع مطالبته به لأنه لا يدّعيه، وإن كان في يد البائع فإنه لا يجوز التصرف به، لأنه معترف بأنه للمشتري وأن ثمنه في ذمته، ويجوز له بيعه بقدر الثمن)(١) .

مستدلاً على ذلك بقوله: (إن ها هنا دعويين، يجب في كل واحد منهما البينة، فإذا عدمت كان في مقابلتها اليمين، فالبائع إذا ادّعى ابتياع العبد كان عليه البينة، فإذا عدمها على المشتري اليمين أنه ما اشتراه، وكذلك إذا ادّعى المشتري أنه اشترى الجارية، كان عليه البينة، فإذا عدمها كان على البائع اليمين)(٢) .

وقد ذكر صاحب كتاب (الجامع للشرايع): أنهما يتحالفان، كل واحد منها لدعوى صاحبه وينفسخ البيع، ولم يذكر التفصيل بأن العبد بيد المشتري أم لا(٣) .

____________________

(١) الخلاف للشيخ الطوسي ٣: ١٥٢.

(٢) م. س: ١٥٣.

(٣) راجع الجامع للشرايع ليحيى بن سعيد الحلي: ٢٧١ - ٢٧٢.

٥٦

٣ - إذا مات المتبايعان، واختلف ورثتهما في الثمن أوالمثمن، فالقول قول ورثة المشتري مع يمينهم في الثمن، لأصالة عدم الزيادة فيه، والقول قول ورثة البائع مع يمينهم في المثمن لأصالة عدم البيع.

أفتى بذلك بعض فقهاء الطائفة بقوله: (إذا مات المتبايعان، واختلف ورثتهما في مقدار الثمن أو المثمن، فالقول قول ورثة المشتري مع يمينهم في مقدار الثمن، وقول ورثة البائع في المثمن مع اليمين)(١) .

وقد استدل صاحب كتاب (الخلاف) على أن القول قول ورثة المشتري في مقدار الثمن، لأن ورثة المتبايعان قد اتفقا على البيع، ولكن ادّعى ورثة البائع أن الثمن أكثر مما يذكره ورثة المشتري، فعلى مدّعي الزيادة البينة، فإذا عدمت فعلى منكرها اليمين لأصالة عدم الزيادة.

واستدل على أن القول قول ورثة البائع في المثمن، لأن الأصل عدم البيع فمن ادّعاه فعليه البينة، وعلى منكره اليمين لأصالة بقاء ملك البائع على ورثته(٢) .

وقد ذكر صاحب كتاب (تحرير الأحكام) الشق الأول من المسألة (مقدار الثمن) قائلاً: (القول قول ورثة المشتري على كل حال، سواء كانت تالفة أو باقية)(٣) .

٤ - إذا اختلف المتبايعان في شرط يفسد البيع، فالقول قول مدّعي الصحة، وعلى مدّعي الفساد البينة، لأصالة الصحة في العقود.

قال بهذا بعض الفقهاء بقولهم: (إذا اختلفا في شرط يفسد البيع، كان القول قول مّنْ يدّعي الصحة، وعلى مّنْ ادّعى الفساد البينة)(٤) .

وقد استدل صاحب كتاب (الخلاف) على ذلك: بأن الأصل في العقد الصحة، فمن ادّعى الفساد فعليه الدلالة(٥) .

____________________

(١) الخلاف للشيخ الطوسي ٣: ١٥٣، شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٢: ٢٨٧.

(٢) الخلاف للشيخ الطوسي ٣: ١٥٣ - ١٥٤ بتصرف.

(٣) راجع تحرير الأحكام للعلامة الحلي ٢: ٣٦٢.

(٤) الخلاف للشيخ الطوسي ٣: ١٥٠، الجامع للشرايع ليحيى بن سعيد الحلي: ٢٧١ بتصرف.

(٥) الخلاف للشيخ الطوسي ٣: ١٥٠ بتصرف.

٥٧

٥ - إذا اختلفا في جودة الثمن وعدمه فالقول قول المشتري مع يمينه، لأن البائع مدّعٍ فعليه البينة والمشتري منكر فعليه اليمين، والأصل أن البائع قد قبضه جيداً.

أفتى بهذا صاحب كتاب (المبسوط) بقوله: (إذا قبض البائع الثمن، ثم ادّعى أن فيما قبضه زيفاً، وأنكر المشتري ذلك، فالقول قول المشتري مع يمينه، لأن البائع يدعي عليه أنه قبضه منه زيفاً فيحتاج إلى بينة، والأصل أنه قبضه جياداً)(١) .

ثانياً: دعوى الزوج والزوجة

يتعرض الزوج والزوجة في بعض الأحيان إلى بعض المشاكل العالقة في بيت الزوجية مثل: النفقة والتمكين وما إلى ذلك، وقد وضعت الشريعة الإسلامية لهذه المشاكل حلولاً وأحكاماً، نذكر ما يخص أمر الدّعوى والإنكار:

١ - إذا اختلفا في قبض المهر وعدمه، أو النفقة وعدمها، فالقول قول الزوج مع يمينه.

أفتى بهذا فقهاء الطائفة بقولهم: (إذا اختلف الزوجان بعد أن سلمت نفسها إليه في قبض المهر أو النفقة، فالذي رواه أصحابنا أن القول قول الزوج، وعليها البينة)(٢) .

مستدلين على ذلك بعدة أدلة منها:

١ - إجماع الفرقة على ذلك.

٢ - الأخبار الواردة في هذا الصدد.

٣ - مضافاً إلى العادة الجارية بين الناس بأن الزوجة لا تمكن الزوج إلاّ بعد استلام المهر، ولا تقيم معه إلاّ إذا أنفق عليها، وخلاف هذا عليها البينة(٣) .

____________________

(١) المبسوط للشيخ الطوسي ٢: ١٥٥، جواهر الفقه لابن البراج: ٥٩.

(٢) الخلاف للشيخ الطوسي ٥: ١١٦.

(٣) ن. م: ١١٦.

٥٨

٢ - إذا اختلعا واختلفا في النقد أو القدر أو الجنس فالقول قول الزوجة مع يمينها، لقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه)، والزوج هنا مدّعٍ، لأنه يدّعي ما تنكره الزوجة، فكانت عليه البينة، فإذا لم تكن، كان القول قول الزوجة(١) .

٣- إذا اختلفا في الإنفاق وعدمه مع اتفاقهما على استحقاق النفقة فالقول قول الزوجة مع يمينها.

أفتى بذلك صاحب كتاب (منهاج الصالحين) بقوله: (إذا اختلف الزوجان في الإنفاق وعدمه مع اتفاقهما على استحقاق النفقة، فالقول قول الزوجة مع يمنيها، إذا لم يكن للزوج بينة)(٢) .

وقد استظهر السيد الخوئي بأن القول قول الزوجة وذلك بقوله: ( فالظاهر أن القول قول الزوجة مع يمينها، بلا فرق بين أن يكون الزوج غائباً أو كانت الزوجة منعزلة عنه وغير ذلك)(٣) ولم يذكر: إذا لم يكن للزوج بينة.

٤ - إذا اختلفا في الإعسار واليسار، وادعى الزوج أنه غير قادر على الإنفاق، وادعت الزوجة القدرة فالقول قول الزوج مع يمينه.

نعم إذا كان موسراً وادعى تلف ماله وقد صار معسراً فالقول قول الزوجة مع يمينها.

ذكر ذلك فقهاء الطائفة بقوله: (إذا اختلفا في الإعسار واليسار، فادعى الزوج الإعسار، وأنه لا يقدر على الإنفاق، وادعت الزوجة يساره، كان القول قول الزوج مع يمينه، نعم إذا كان الزوج موسراً، وادعى تلف أمواله، وأنه صار معسراً، فأنكرته الزوجة، كان القول قولها مع يمينها)(٤) .

____________________

(١) جواهر الفقه للقاضي ابن البراج: ١٧٨ بتصرف.

(٢) منهاج الصالحين للسيد السيستاني ٣: ١٣٠.

(٣) منهاج الصالحين للسيد الخوئي ٢: ٢٩٠.

(٤) منهاج الصالحين للسيد الخوئي ٢: ٢٩١، منهاج الصالحين للسيد السيستاني ٣: ١٣٠.

٥٩

ثالثاً: دعوى الزوجة وورثة الزوج

كثيراً ما تقع مشاكل بين الزوجة وورثة الزوج في مسألة الإرث، وما إلى ذلك من المسائل، وقد جاء ديننا الحنيف بحلول لهذه المشكلات العالقة بينهما، وحل النزاعات، نذكر بعضاً منها:

١- إذا ادّعت الزوجة أن ما في يدها هو ملكها أو في مقابل مهرها أو دين كان عنده وما إلى ذلك، ولم يكن لها بينة، فالقول قول الوارث مع يمينه(١) .

٢- إذا أمر الرجل زوجته بالخروج إلى بعض الأمصار ثم مات، وادّعى الوارث بأن الزوج لم ينقلها، فالقول قولها، لأنها والوارث متساويان في عدم العلم بمراد الزوج، وأن ظاهر قوله موافق لدعواها، لأن قول الزوج: اخرجي إلى المصر الفلاني ظاهره النقل(٢) .

رابعاً: الدّعوى بحق الميت

نذكر بعض المسائل الخلافية بين ورثة الميت والمدّعي عليه ومنها:

١- إذا أوصى الميت لشخص أن له حظ أو نصيب أو شيء من ماله وما إلى ذلك، وادّعى الموصى له أن ورثته يعلمون مقداره، فالقول قول الورثة مع يمينهم بأنهم لا يعلمون.

ذكر ذلك الفقهاء بقولهم: (إذا قال لفلان حظ من مالي أو نصيب أو قليل فإنه يرجع إلى الورثة ويقال لهم أعطوه ما يقع عليه اسم ذلك، كما أنه إذا قال أعطوه شيئاً من مالي إلاّ أن يدّعي الموصى له أكثر من ذلك، وأن الورثة يعلمون ذلك، فإنه يكون القول قول الورثة مع يمينهم أنهم لا يعلمون، وكذلك في جزء وكثير سواء)(٣) .

____________________

(١) رسائل الكركي للمحقق الكركي ٢: ٣١٣، القضاء للسيد الكلبايكاني ٢: ٢٧٠ بتصرف.

(٢) جواهر الفقه للقاضي ابن البرّاج: ١٩٣ بتصرف.

(٣) المبسوط للشيخ الطوسي ٤: ٧ - ٨، تذكرة الفقهاء للعلامة الحلي ٢: ٤٩٩، وكذلك إرشاد الأذهان ١: ٤٦١ ، شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٢: ٤٧٥، إيضاح الفوائد لابن العلامة ٢: ٥٣٣، جامع المقاصد للمحقق الكركي١٠: ٢١٤، الوصايا والمواريث للشيخ الأنصاري: ٩٦، جواهر الكلام للشيخ الجواهري ٢٨: ٣٣٢.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله عز وجل فيقول أنا ربكم.

فيقولون: هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله فيقول: أنا ربكم.

فيقولون: أنت ربنا؟!

فيدعوهم فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته، ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل و كلام الرسل يومئذ اللهم سلم سلم. وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان، هل رأيتم شوك السعدان؟

قالوا: نعم.

قال فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله، تخطف الناس بأعمالهم فمنهم من يوبق بعمله ومنهم من يخردل ثم ينجو، حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السجود، وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار، فكل ابن آدم تأكله النار إلا أثر السجود، فيخرجون من النار قد امتحشوا فيصب عليهم ماء الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل!

ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد، ويبقى رجل بين الجنة والنار وهو آخر أهل النار دخولاً الجنة مقبلاً بوجهه قبل النار، فيقول: يا رب إصرف وجهي عن النار قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها.

فيقول: هل عسيت إن فعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك؟

فيقول: لا وعزتك، فيعطي الله ما يشاء من عهد و ميثاق فيصرف الله وجهه عن النار، فإذا أقبل به على الجنة رأى بهجتها سكت ما شاء الله أن يسكت ثم قال: يا رب قدمني عند باب الجنة.

فيقول الله له: أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي كنت سألت:

فيقول: يا رب لا أكون أشقى خلقك.

١٠١

فيقول: فما عسيت أن أعطيت ذلك أن لا تسأل غيره.

فيقول: لا وعزتك لا أسأل غير ذلك، فيعطي ربه ما شاء من عهد و ميثاق فيقدمه إلى باب الجنة، فإذا بلغ بابها فرأى زهرتها وما فيها من النضرة والسرور فيسكت ما شاء الله أن يسكت فيقول:

يا رب أدخلني الجنة.

فيقول الله تعالى: ويحك يا ابن آدم ما أغدرك، أليس قد أعطيت العهد والميثاق أن لا تسأل غير الذي أعطيت؟

فيقول: يا رب لا تجعلني أشقى خلقك، فيضحك الله عز وجل منه ثم يأذن له في دخول الجنة فيقول له: تمنَّ، فيتمنى، حتى إذا انقطع أمنيته قال الله عز وجل: زد من كذا وكذا، وأقبل يذكره ربه عز وجل، حتى إذا انتهت به الأماني، قال الله تعالى: لك ذلك ومثله معه.

قال أبو سعيد الخدري لأبي هريرةرضي‌الله‌عنهما : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل لك ذلك و عشرة أمثاله.

قال أبو هريرة: لم أحفظ من رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا قوله لك ذلك ومثله معه.

قال أبو سعيد الخدري: إني سمعته يقول ذلك لك وعشرة أمثاله.

وروى نحوه في ج ٧ ص ٢٠٥ وفيه (فلا يزال يدعو حتى يضحك، فإذا ضحك منه أذن له بالدخول فيها فإذا دخل فيها، قيل تمن من كذا فيتمنى، ثم يقال له تمن من كذا فيتمنى، حتى تنقطع به الأماني فيقول: هذا لك ومثله معه.

قال أبو هريرة: وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولاً. قال عطاء وأبو سعيد الخدري جالس مع أبي هريرة لا يغير عليه شيئاً من حديثه حتى انتهى إلى قوله هذا لك ومثله معه، قال أبو سعيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هذا لك وعشرة أمثاله، قال أبو هريرة: حفظت مثله معه.

١٠٢

وروى البخاري نحوه أيضاً في عدة مواضع من صحيحه كما في ج ١ جزء ١ ص ١٣٨ و ١٤٣ و ١٩٥ وجزء ٢ ص ١١٣ - ١١٤ وج ٣ جزء ٦ ص ٤٨، ٥٦ و ٧٢ وج ٤ جزء ٧ ص ١٩٨، ٢٠٣، ٢٠٤، ٢٠٥ و ٢٠٦ وج ٤ جزء ٨ ص ١٧٩، ١٨١، ١٨٤، ٢٠٣ وج ٥ ص ١٧٩ وج ٦ ص٤٨ وج ٨، ص ١٦٧، ١٧٩ و ١٨٦!!

وقالوا يكشف عن ساقه بل عن ساقيه ويعفو عن المنافقين

زاد مسلم على البخاري إضافات وتفصيلات عن تجسد الله تعالى وعن شمول شفاعة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للمنافقين والمشركين حتى لا يكاد يبقى في النار أحد! فقال في ج١ ص ١١٢:

عن أبي سعيد الخدري أن ناساً في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم.

قال هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحواً ليس معها سحاب؟ وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحواً ليس فيها سحاب؟

قالوا: لا يا رسول الله.

قال: ما تضارون في رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما.

إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن ليتبع كل أمة ما كانت تعبد، فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله سبحانه من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر، وغير أهل الكتاب فيدعى اليهود فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزيراً بن الله، فيقال كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فماذا تبغون؟ قالوا عطشنا يا ربنا فاسقنا، فيشار إليهم ألا تردون، فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً فيتساقطون في النار.

١٠٣

ثم يدعى النصارى فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال لهم كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فيقال لهم ماذا تبغون؟ فيقولون عطشنا يا ربنا فاسقنا، قال فيشار إليهم ألا تردون، فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً فيتساقطون في النار.

حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى من بر وفاجر أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها.

قال فما تنتظرون، تتبع كل أمة ما كانت تعبد!

قالوا يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم.

فيقول أنا ربكم.

فيقولون نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئاً، مرتين أو ثلاثاً!

حتى أن بعضهم ليكاد أن ينقلب فيقول هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟

فيقولون نعم، فيكشف عن ساق، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء، إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه، ثم يرفعون رؤسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة فقال: أنا ربكم.

فيقولون أنت ربنا.

ثم يضرب الجسر على جهنم، وتحل الشفاعة، ويقولون اللهم سلم سلم.

قيل يا رسول الله وما الجسر؟ قال دحض مزلة فيه خطاطيف وكلاليب وحسك تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان، فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم ومخدوش مرسل، ومكدوس في نار جهنم، حتى إذا خلص المؤمنون من النار فوالذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشد منا شدة لله في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار، يقولون ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون، فيقال

١٠٤

لهم أخرجوا من عرفتم، فتحرم صورهم على النار فيخرجون خلقاً كثيراً قد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه، ثم يقولون ربنا ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به، فيقول إرجعوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون ربنا لم نذر فيها أحداً ممن أمرتنا، ثم يقول إرجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا أحداً، ثم يقول إرجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون ربنا لم نذر فيها خيراً.

وكان أبو سعيد الخدري يقول: إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرؤوا إن شئتم: إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً، فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لن يعملوا خيراً قط، قد عادوا حمماً فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة، فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل، ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر ما يكون إلى الشمس أصيفر وأخيضر وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض، فقالوا يا رسول الله كأنك كنت ترعى بالبادية، قال فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم يعرفهم أهل الجنة هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه، ثم يقول أدخلوا الجنة فما رأيتموه فهو لكم، فيقولون ربنا أعطيتنا مالم تعط أحداً من العالمين، فيقول لكم عندي أفضل من هذا فيقولون يا ربنا أي شيء أفضل من هذا؟ فيقول رضاي فلا أسخط عليكم بعده أبداً.

- وروى مسلم عدداً من أحاديث الرؤية أيضاً في ج ٢ ص ١١٣

- وروى أبو داود في سننه نحو حديث البخاري المتقدم في ج ٢ ص ٤١٩

- وروى أحمد في مسنده ج ٣ ص ٣٨٣:

... أخبرني أبوالزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الورود قال: نحن يوم

١٠٥

القيامة على كذا وكذا أنظر أي ذلك فوق البأس، قال فتدعي الأمم بأوثانها وما كانت تعبد الأول فالأول، ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول من تنظرون؟ فيقولون ننتظر ربنا عز وجل، فيقول أنا ربكم، يقولون حتى ننظر إليك، فيتجلى لهم يضحك، قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال: فينطلق بهم ويتبعونه ويعطي كل إنسان منافق أو مؤمن نوراً، ثم يتبعونه وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله، ثم يطفأ نور المنافق ثم ينجو المؤمنون فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر سبعون ألفاً لا يحاسبون، ثم الذين يلونهم كأضوأ أنجم في السماء، ثم كذلك، ثم تحل الشفاعة حتى يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، فيجعلون بفناء أهل الجنة، ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتى ينبتون نبات الشيء في السيل، ثم يسأل حتى يجعل له الدنيا وعشرة أمثالها معها.

- ورواه ابن ماجه في سننه ج ١ ص ٦٣، ٦٦، ٥٩٠ وج ٢ ص ٧٣١ و ١٤٥٠ وفيه (ويتبدي لهم في روضة من رياض الجنة... ويجلس أدناهم).

- وأبو داود في سننه ج ٢ ص ٤٢٠ وج ٤ ص ٢٣٣ - والترمذي ج ٤ ص ٩٠ وج ٤ ص ٩٢، ٩٣، ٩٥ - والبغوي في المصابيح ج ٣ ص ٥٣٣ وص ٥٤٢ وص ٥٦٩ - وروى من أحاديث الرؤية في الآخرة ابن أبي شيبة في المصنف ج ٢ ص ٥٨ - والهيثمي في مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٣٤٣ - وابن الأثير في أُسد الغابة ج ١ ص ٣٣٤ - والهندي في كنز العمّال ج ١٤ ص ٤٣٦ و٤٤٦ و٤٩٣ - والبيهقي في سننه ج ١٠ ص ٤١ وفي البعث والنشور ص ٢٦٢ وفي شعب الإيمان ج ٣ ص ٢٠٢ ، - وقال في شعب الإيمان ج ٣ ص ٩٩:

عن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله أن الناس يجلسون يوم القيامة من الله على قدر رواحهم إلى الجمعة، الأول ثم الثاني ثم الثالث. انتهى. ورواه الحاكم في المستدرك ج ٤ ص ٥٦٠ و ص ٥٨٢ مع تفاوت في التفاصيل. ورواه الطبري في تفسيره ج ٢٥ ص ٩٤ وفي ج ٢٩ ص ٢٦ وج ٣٠ ص ١١٩، - وقال في ج ٢٩ ص ٢٤

- قال أبو الزهراء عن عبد الله يتمثل الله للخلق يوم القيامة..

١٠٦

-وأورد السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٢٩٠ عدداً وفيراً من أحاديث الرؤية قال:

وأخرج عبدالرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي والدارقطني في الرؤية والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال قال الناس يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال هل تضارون الشمس... الخ.

وأخرج الدار قطني في الرؤية عن أبي هريرة قال: سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال هل تضارون... الخ. وفيه تفصيلات لا توجد في غيره.

وأخرج الدارقطني في الرؤية عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة جاء الرب عز وجل إلى المؤمنين فوقف عليهم والمؤمنون على كوم فيقول هل تعرفون ربكم عز وجل فيقولون إن عرفنا نفسه عرفناه فيقول لهم الثانية هل تعرفون ربكم فيقولون إن عرفنا نفسه عرفناه فيتجلى لهم عز وجل فيضحك في وجوههم فيخرون له سجداً.

وأخرج النسائي والدار قطني وصححه عن أبي هريرة قال قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا... الخ.

وأخرج الدار قطني عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ترون الله عز وجل يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر... الخ.

وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والدار قطني والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة... الخ.

- وقال البخاري في ج ٦ ص ٧٢

عن أبي سعيدرضي‌الله‌عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً. انتهى. ورواه في ج ٨ ص ١٨١ وهو يشبه ما تقدم عن رؤية الله تعالى وفيه:

١٠٧

(فيقال لهم ما يحبسكم وقد ذهب الناس... وإنما ننتظر ربنا قال فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فلا يكلمه إلا الأنبياء فيقول هل بينكم وبينه آية تعرفونه فيقولون الساق فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً). وروى نحوه في ج ٣ جزء ٦ ص ٧٢ وروى نحوه الدارمي في سننه ج ٢ ص ٣٢٦ والحاكم في المستدرك ج ٤ ص ٥٩٠ وج ٤ ص ٥٩٩ وأحمد في ج ٣ ص١٧ والهيثمي في مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٣٢٩ وج ١٠ ص ٣٤٠ والهندي في كنز العمّال ج١٤ ص ٢٩٨ وص ٤٤١ والسيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٢٩٢ - وقال الصنعاني في تفسيره ج ٢ ص ٢٤٨ - عن ابن مسعود في قوله تعالى: يوم يكشف عن ساق قال: يعني ساقيه تبارك وتعالى! وقال المنذري في الترغيب والترهيب ج ٤ ص ٣٩١:عن عبد الله ابن مسعود قال النبي (ص)... أن أمة محمد تبقى يوم القيامة تنتظر خروج ربها فلا يعرفونه إلا بكشف ساقه. انتهى. وقال في ج ٥ ص ٣٦٩: ابن مسعود: يكشف ربنا عز وجل عن ساقه يوم القيامة.

- وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٣٤٠

وعن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يجمع الله الأولين الآخرين لميقات يوم معلوم قياماً أربعين سنة شاخصة أبصارهم ينتظرون فصل القضاء، قال وينزل الله عز وجل في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي، ثم ينادي مناد أيها الناس ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم ورزقكم وأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً أن يولي كل أناس منكم ما كانوا يعبدون في الدنيا، أليس ذلك عدلاً من ربكم؟ قالوا بلى، قال فينطلق كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ويقولون في الدنيا قال فينطلقون ويمثل لهم أشباه ما كانوا يعبدون فمنهم من ينطلق إلى الشمس ومنهم من ينطلق إلى القمر والأوثان من الحجارة وأشباه ما كانوا يعبدون، قال ويمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى ويمثل لمن كان يعبد عزيراً شيطان عزير.

١٠٨

ويبقى محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، قال فيتمثل الرب تبارك وتعالى فيأتيهم فيقول: ما لكم لا تنطلقون كانطلاق الناس؟ فيقولون إن لنا لإلهاً ما رأيناه، فيقول هل تعرفونه إن رأيتموه؟ فيقولون إن بيننا وبينه علامة إذا رأيناها عرفناها، قال فيقول ما هي؟ فنقول يكشف عن ساقه، قال فعند ذلك يكشف عن ساقه فيخر كل من كان نظره، ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر يريدون السجود فلا يستطيعون، وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون، ثم يقول ارفعوا رؤوسكم فيرفعون رؤسهم فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم يسعى بين يديه، ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك، ومنهم من يعطى مثل النخلة بيده، ومنهم من يعطى أصغر من ذلك، حتى يكون آخرهم رجلاً يعطى نوره على إبهام قدميه يضىء مرة ويطفأ مرة، فإذا أضاء قدم قدمه وإذا طفىء قام، قال والرب تبارك وتعالى أمامهم حتى يمر في النار فيبقى أثره كحد السيف، قال فيقول مروا فيمرون على قدر نورهم، منهم من يمر كطرفة العين، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالسحاب، ومنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشد الفرس، ومنهم من يمر كشد الرحل، حتى يمر الذي يعطى نوره على ظهر قدميه يجثو على وجهه ويديه ورجليه تخرُّ يدٌ وتعلق يد، وتخر رجل وتعلق رجل، وتصيب جوانبه النار، فلا يزال كذلك حتى يخلص فإذا خلص وقف عليها فقال الحمد لله فقد أعطاني الله ما لم يعط أحداً إذ نجاني منها بعد إذ رأيتها، قال فينطلق به إلى غدير عند باب الجنة فيغتسل فيعود إليه ريح أهل الجنة وألوانهم، فيرى ما في الجنة من خلل الباب فيقول رب أدخلني الجنة فيقول الله أتسأل الجنة وقد نجيتك من النار، فيقول رب اجعل بيني وبينها حجاباً لا أسمع حسيسها، قال فيدخل الجنة ويرى أو يرفع له منزل أمام ذلك كأن ما هو فيه إليه حلم، فيقول رب أعطني ذلك المنزل فيقول له لعلك إن أعطيتكه تسأل غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره، وأنى منزل أحسن منه، فيعطي فينزله ويرى أمام ذلك منزلاً كأن ما هو فيه إليه حلم، قال رب أعطني ذلك المنزل، فيقول الله تبارك وتعالى له فلعلك إن

١٠٩

أعطيتكه تسأل غيره، فيقول وعزتك يا رب وأنى منزل يكون أحسن منه فيعطاه وينزله ثم يسكت، فيقول الله جل ذكره مالك لا تسأل، فيقول رب قد سألتك حتى قد استحييتك وأقسمت حتى استحييتك، فيقول الله جل ذكره ألم ترض أن أعطيك مثل الدنيا منذ خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافه، فيقول أتهزأ بي وأنت رب العزة؟ فيضحك الرب تبارك وتعالى من قوله!

قال فرأيت عبد الله بن مسعود إذا بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك، فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن قد سمعتك تحدث هذا الحديث مراراً كلما بلغت هذا المكان ضحكت، قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث هذا الحديث مراراً كلما بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك حتى تبدو أضراسه، قال فيقول الرب جل ذكره لا ولكني على ذلك قادر، سل فيقول ألحقني بالناس، فيقول الحق بالناس، قال فينطلق يرمل في الجنة حتى إذا دنا من الناس رفع له قصر من درة فيخر ساجداً، فيقال له إرفع رأسك مالك، فيقول رأيت ربي أو تراءى لي ربي، فيقال له إنما هو منزل من منازلك، قال ثم يلقى رجلاً فيتهيأ للسجود له فيقال له مه، فيقول رأيت أنك ملك من الملائكة، فيقول إنما أنا خازن من خزانك وعبد من عبيدك تحت يدي ألف قهرمان على مثل ما أنا عليه، قال فينطلق أمامه حتى يفتح له القصر قال وهو من درة مجوفة سقائفها وأبوابها وأغلاقها ومفاتيحها منها تستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء فيها سبعون باباً كل باب يفضى إلى جوهرة خضراء مبطنة كل جوهرة تفضى إلى جوهرة على غير لون الأخرى في كل جوهرة سرر وأزواج ووصائف، أدناهن حوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها، كبدها مرآته وكبده مرآتها، إذا أعرض عنها إعراضة ازدادت في عينه سبعين ضعفاً عما كانت قبل ذلك، فيقول لها والله لقد أزددت في عيني سبعين ضعفاً، وتقول له وأنت ازددت في عيني سبعين ضعفاً، يقال له أشرف فيشرف فيقال له ملكك مسيرة مائة عام ينفذه بصرك.

١١٠

قال فقال عمر ألا تسمع ما يحدثنا ابن أم عبد يا كعب عن أدنى أهل الجنة منزلاً فكيف أعلاهم؟ قال يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، إن الله جل ذكره خلق داراً جعل فيها ما شاء من الأزواج والثمرات والأشربة ثم أطبقها فلم يرها أحد من خلقه لا جبريل ولا غيره من الملائكة، ثم قال كعب: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءاً بما كانوا يعملون، قال وخلق دون ذلك جنتين وزينهما بما شاء وأراهما من شاء من خلقه، ثم قال من كان كتابه في عليين نزل في تلك الدار التي لم يرها أحد، حتى أن الرجل من أهل عليين ليخرج فيسير في ملكه فلا تبقى خيمة من خيم الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه، فيستبشرون لريحه فيقولون واهاً لهذا الريح هذا ريح رجل من أهل عليين قد خرج يسير في ملكه.

قال ويحك يا كعب إن هذه القلوب قد استرسلت فاقبضها، فقال كعب إن لجهنم يوم القيامة لزفرة ما من ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خرَّ لركبتيه، حتى أن إبراهيم خليل الله ليقول: رب نفسي نفسي حتى لو كان لك عمل سبعين نبياً إلى عملك لظننت أن لا تنجو... رواه كله الطبراني من طرق ورجال أحدها رجال الصحيح غير أبي خالد الدالاني وهو ثقة). انتهى.

ويدل هذا الحديث الذي وثقه الطبراني على أن دار الخلافة بحضور الخليفة عمر كانت عامرة بمثل هذه الأحاديث، وأن كعب الأحبار كان المرجع الذي يؤخذ برأيه! وتفصيل ذلك في الفصل الخامس.

- وقال البغوي في مصابيحه ج ٣ ص ٥٢٩

وقال (ص): يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنه. انتهى. ورواه الديلمي في فردوس الأخبار ج ٥ ص ٣٦٩ ورواه السهمي في تاريخ جرجان ص ٣٩١

- وقال السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٢٥٤

قوله تعالى(يوم يكشف عن ساق) الآية.. أخرج البخاري وابن المنذر وابن مردويه عن أبي سعيد....

١١١

وأخرج ابن مندة في الرد على الجهمية عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:يوم يكشف عن ساق ، قال يكشف الله عز وجل عن ساقه.

وأخرج عبدالرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مندة عن ابن مسعود في قوله:يوم يكشف عن ساق ، قال عن ساقيه تبارك وتعالى، قال ابن مندة: لعله في قراءة ابن مسعودي كشف بفتح الياء وكسر الشين.

وأخرج ابن مردويه عن كعب الحبر قال: والذي أنزل التوراة على موسى والإنجيل على عيسى والزبور على داود والفرقان على محمد أنزلت هذه الآيات في الصلوات المكتوبات حيث ينادى بهن يوم يكشف عن ساق إلى قوله وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون الصلوات الخمس إذا نودي بها.

وأخرج إسحق بن راهويه في مسنده وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا والطبراني والآجري في الشريعة والدارقطني في الرؤية والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال... الخ. ونحوه في الدر المنثور ج ٥ ص ٣٤١

وحاول الصنعاني والنووي تخليص الله تعالى من كشف ساقه

- تفسير الصنعاني ج ٢ ص ٢٤٧

عن إبراهيم في قوله تعالى:يوم يكشف عن ساق قال: عن أمر عظيم وقال: قد قامت الحرب على ساق. وقال إبراهيم... قال ابن عباس: يكشف عن ساق فيسجد كل مؤمن ويقسو ظهر الكافر فيكون عظماً واحداً.

- وقال النووي في شرح مسلم ج ٢ جزء ٣ ص ٢٧:

قوله (ص) فيكشف عن ساق... أي يكشف عن شدة وأمر مهول... وكشف عن ساقه للإهتمام به. قال القاضي: وقيل المراد بالساق هنا نور عظيم.. وقيل قد يكون الساق علامة بينه وبين المؤمنين. انتهى.

١١٢

وسوف نورد في تفسير آية: يوم يكشف عن ساق، أن كشفت الحرب عن ساقها، أو كشف الأمر عن ساقه، في اللغة العربية تعبير عن حلول الأمر الشديد، وسنورد عدداً من الأحاديث التي فسرت الآية بذلك.

وقالوا إنّه يجلس على الجسر ويضع رجله على الأخرى

- روى ابن أبي شيبة في المصنف ج ٦ ص ١١٢

عن الحكم قال: سألت أبا مجلز عن الرجل يجلس ويضع إحدى رجليه على الأخرى فقال: لا بأس به إنما هو شيء كرهته اليهود، قالوا إنه خلق السموات والأرض في ستة أيام، ثم استوى يوم السبت فجلس تلك الجلسة.

- روى الديلمي في فردوس الأخبار ج ٥ ص ٣٦٩

عن ثوبان مولى النبي (ص): يقبل الجبار عز وجل يوم القيامة فيثني رجله على الجسر!

- وروى الذهبي في تاريخ الإسلام ج ٩ ص ٥٢٠

عثمان بن أبي عاتكة... روى عن أبي أمامة عن رسول الله (ص): إن الله يجلس يوم القيامة على القنطرة الوسطى بين الجنة والنار.

الإمام الصادق يقول إنّها رواية يهودية

- تفسير العياشي ج ١ ص ١٣٧

... عن حماد عنه (الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام ) قال: رأيته جالساً متوركاً برجله على فخذه فقال له رجل عنده: جعلت فداك هذه جلسة مكروهة، فقال: لا، إن اليهود قالت: إن الرب لما فرغ من خلق السموات والأرض جلس على الكرسي هذه الجلسة ليستريح، فأنزل الله:الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم .

١١٣

وقالوا لا تمتليء النار حتى يضع رجله فيها

- صحيح البخاري ج ٣ جزء ٦ ص ٤٧

... عن أنسرضي‌الله‌عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يلقى في النار وتقول هل من مزيد حتى يضع قدمه فتقول قط قط.

... عن أبي هريرة... يقال لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد، فيضع الرب تبارك وتعالى قدمه عليها فتقول قط قط.. إلى آخر الرواية وفيها من مناظرة بين الجنة والنار.

... عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم تحاجت الجنة والنار فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة مالي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم، قال الله تبارك وتعالى للجنة أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار إنما أنت عذاب أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منهما ملؤها، فأما النار فلا تمتليء حتى يضع رجله فتقول قط قط، فهنالك تمتليء ويزوى بعضها إلى بعض.

- صحيح البخاري ج ٤ جزء ٧ ص ٢٢٤

عن أنس بن مالك: قال النبي (ص) لا تزال جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فتقول قط قط.

- صحيح البخاري ج ٤ جزء ٨ ص ١٦٦

وقال أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم تقول جهنم قط قط وعزتك.

- صحيح البخاري ج ٤ جزء ٨ ص ١٦٧

عن أنس عن النبي (ص) قال: لا يزال يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع فيها رب العزة قدمه فينزوي بعضها إلى بعض ثم تقول قد قد بعزتك.

١١٤

صحيح البخاري ج ٤ جزء ٨ ص ١٨٦

عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال.. وإنه ينشأ للنار من يشاء فيلقون فيها، فتقول هل من مزيد ثلاثاً، حتى يضع قومه فتمتليء ويرد بعضها إلى بعض وتقول قط قط قط.

- صحيح مسلم ج ٨ ص ١٥١

فأما النار فلا تمتليء فيضع قدمه عليها فتقول قط قط فهنالك تمتليء ويزوى بعضها إلى بعض... فأما النار فلا تمتليء حتى يضع الله تبارك وتعالى رجله تقول قط قط قط، فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله من خلقه أحداً. وأما الجنة فإن الله ينشىء لها خلقاً.

- صحيح مسلم ج ٨ ص ١٥٢

... جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع فيها رب العزة تبارك وتعالى قدمه فتقول قط قط وعزتك، ويزوى بعضها إلى بعض...

... عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوى بعضها إلى بعض وتقول قط قط بعزتك وكرمك. ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشىء الله لها خلقاً فيسكنهم فضل الجنة.

- سنن الترمذي ج ٤ ص ٩٥

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد ثم يطلع عليهم رب العالمين فيقول: ألا يتبع كل إنسان ما كانوا يعبدون فيمثل لصاحب الصليب صليبه ولصاحب التصاوير تصاويره ولصاحب النار ناره، فيتبعون ما كانوا يعبدون، ويبقى المسلمون فيطلع عليهم رب العالمين فيقول: ألا تتبعون الناس؟ فيقولون: نعوذ بالله منك نعوذ بالله منك، الله ربنا وهذا مكاننا حتى نرى ربنا، وهو يأمرهم ويثبتهم! قالوا: وهل نراه يا رسول الله قال: وهل

١١٥

تضارون في رؤية القمر ليلة البدر قالوا: لا يا رسول الله قال: فإنكم لا تضارون في رؤيته تلك الساعة ثم يتوارى، ثم يطلع فيعرفهم نفسه ثم يقول: أنا ربكم فاتبعوني، فيقوم المسلمون ويوضع الصراط فيمر عليه مثل جياد الخيل والركاب وقولهم عليه سلم سلم، ويبقى أهل النار فيطرح منهم فيها فوج فيقال هل امتلأت، فتقول هل من مزيد، ثم يطرح فيها فوج فيقال هل امتلأت، فتقول هل من مزيد، حتى إذا أوعبوا فيها وضع الرحمن قدمه فيها وأزوى بعضها إلى بعض، ثم قال: قط. قالت: قط قط... هذا حديث حسن صحيح.

- الطبري في تفسيره ج ٢٦ ص ١٠٥

إن الله الملك قد سبقت منه كلمة لأملأن جهنم، لا يلقى فيها شيء إلا ذهب فيها لا يملؤها شيء حتى إذا لم يبق من أهلها أحد إلا دخلها، وهي لا يملؤها شيء، أتاها الرب فوضع قدمه عليها ثم قال لها: هل امتلأت يا جهنم؟ فتقول قط قط قد امتلأت، ملأتني من الجن والإنس، فليس فيَّ مزيد! قال ابن عباس ولم يكن يملؤها شيء حتى وجدت مس قدم الله تعالى ذكره. فتضايقت فما فيها موضع إبرة!!. انتهى. وروى نحوه الدارمي في سننه ج ٢ ص ٣٤١ والبيهقي في سننه ج ص ٤٢ وروى نحوه أحمد في ج ٢ ص ٢٧٦ بأربع قطات وفي ص ٣١٤ وص ٣٦٩ بثلاث قطات.

وفي ص ٥٠٧ وفي ج ٣ ص ١٣٤ وص ١٤١ وص ٢٣٠ وص ٢٣٤ وص ٢٧٩ بقطين ورواه الصنعاني في المصنف ج ١١ ص ٤٢٢ بثلاث قطات، والديلمي في فردوس الأخبار ج ٥ ص٢٣٧ بقطين، والبغوي في معالم التنزيل ج ٤ ص ٢٢٤ بقطين، وفي مصابيح السنة ج ٤ ص ١٤ و ص ١٥ بدون قط، والبيهقي في البعث والنشور ص ١٣٦ بقطين، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين بإصبهان ج ١ ص ٢٣٨ بقطين، وابن القيم في زاد المعاد ج ١ ص ٣٣٧، ورواه الهندي في كنز العمّال ج ١ ص ٢٣٤ وج ١٤ ص ٤٢٨ وص ٥٢١ وص ٤٣٦ وص ٥٤٤ وج ١٦ ص ٢٠٨ بروايات كثيرة عن مصادر متعددة.

١١٦

وادّعوا أنّ رؤيته بالعين من أكبر اللذّات

- قال القسطلاني في إرشاد الساري ج ١٠ ص ٤١٠

... الأشعري في كتابه الإبانة فقال أفضل لذات الجنة رؤية الله تعالى ثم رؤية نبيه (ص) فلذلك لم يحرم الله أنبياءه المرسلين وملائكته المقربين وجماعة المؤمنين (...) النظر إلى وجهه الكريم ووافقه البيهقي وابن القيم والجلال البلقيني.

- فتاوى الألباني ص ١٤٢

... المعتزلة وغيرهم ينكرون هذه النعمة ويضللون من يؤمن بها وينسبونهم إلى التشبيه والتجسيم... ونحن أهل السنة نؤمن بأن من نعم الله على عباده أن يتجلى لهم يوم القيامة ويرونه كما نرى القمر ليلة البدر. انتهى.

وستأتي بقية الروايات المشابهة لعقائد اليهود في تفسير الآيات المتشابهة.

لكن اختلفوا هل تراه النساء في الجنّة!

- إرشاد الساري ج ١٠ ص ٤٠٩

(قوله (ص) قال جنتان من فضة... وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم رداء الكبر) والحاصل أن رؤية الله تعالى واقعة يوم القيامة في الموقف لكل أحد من الرجال والنساء وقال قوم من أهل السنة تقع أيضاً للمنافقين... وأما الرؤية في الجنة فأجمع أهل السنة على أنها حاصلة للأنبياء والرسل والصديقين من كل أمة ورجال المؤمنين من البشر، واختلف في نساء هذه الأمة.

- السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٢٩٣

وأخرج الدار قطني عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة رأى المؤمنون ربهم عز وجل فأحدثهم عهداً بالنظر إليه في كل جمعة، ويراه المؤمنات يوم الفطر ويوم النحر. انتهى. وكأن فى الجنة صوم وحج!

١١٧

- زاد المعاد ج ١ ص ٣١١

عن أنس ابن مالك: قال: رسول الله (ص): إذا كان يوم القيامة رأى المؤمنون ربهم فأحدثهم عهداً بالنظر إليه... من بكر في كل جمعة، وتراه المؤمنات يوم الفطر ويوم النحر...

- إرشاد الساري ج ١٠ ص ٤١٠:

.. الأشعري في كتابه الإبانة فقال: أفضل لذات الجنة رؤية الله تعالى ثم رؤية نبيه (ص) فلذلك لم يحرم الله أنبياءه المرسلين وملائكته المقربين وجماعة المؤمنين (...) النظر إلى وجهه الكريم، ووافقه البيهقي وابن القيم والجلال البلقيني.

بازار أحاديث النزولات

قالوا: إنّ الله تعالى جسم ينزل إلى الأرض كل ليلة

- روى البخاري في صحيحه ج ١ جزء ٢ ص ٤٧

... عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له. انتهى. ونحوه في ج٤ جزء ٧ ص ١٤٩ - ١٥٠ وج ٤ جزء ٨ ص ١٩٧ ورواه في الأدب المفرد ص ٢٠٧ ورواه مسلم في صحيحه ج ٢ ص ١٧٥ وأبو داود في سننه ج ٢ جزء ٣ ص ٣٤ وج ٤ ص ٢٣٤ وابن ماجة في سننه ج ١ ص ٤٣٥ ومالك في كليات الموطأ ج ١ ص ١٤٢ وأحمد في مسنده ج ١ ص ١٢٠ و ٤٠٣ و ٤٤٦ والصنعاني في تفسيره ج ١ ص ٢٥٩ وفي مصنفه ج ٢ ص ١٦٠ وج ١٠ ص٤٤٤ ورواه في عارضةالأحوذي ج١ جزء١ ص٢ وص٢٣٢ والبغوي في معالم التنزيل ج١ ص٤٣١ ج٣ ص٢٢ ومصابيح السنة ج ١ ص ٤٣١ وابن الأثير في أسد الغابة ج٢ ص٢٣١ وج ٦ ص ٩١ والديلمي في فردوس الأخبار ج ١ ص ٣٢١ وج ٥ ص ٣٥٨ - ٣٦٥ والأبشيهي في المستطرف ج ٢ ص ٢٥٠ والمنذري في الترغيب والترهيب ج ٢ ص ٤٨٩ والشوكاني في نيل الأوطار ج٣

١١٨

ص ٥٧ والنويري في نهاية الإرب ج ٣ جزء ٥ ص ٢٩٠ وابو الشيخ في طبقات المحدثين ج ٢ ص ٥٤٠ وجامع الأحاديث القدسية من الصحاح ج ١ ص ٧٢ و ٧٥ والثعالبي في الجواهر الحسان ج ١ ص ٢٨٦ والنويري في نهاية الإرب ج ٣ جزء ٥ ص٢٩٠ والخطيب في تاريخ بغداد ١٧ ص ٢٤٢ والمزي في تهذيب الكمال ج ٩ ص ٢٠٧ والهيثمي في مجمع الزوائد ج ٨ ص ١٢٥ وج ١٠ ص ٢٣٦ وص ٦٢١ وص ٧٦٠ وص ٩.. وروته مصادر كثيرة أخرى.

- وروى الطبري في تفسيره ج ١٣ ص ١١٤:

عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله (ص) إن الله ينزل في ثلاث ساعات يبقين من الليل.. وروى في ج ١٥ ص ٩٤

عن أبي الدرداء قال قال رسول الله (ص): إن الله يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل، في الساعة الأولى منهن ينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره فيمحو ما يشاء ويثبت، ثم ينزل في الساعة الثانية إلى جنة عدن وهو داره التي لم ترها عين.. وهي مسكنه ولا يسكن معه من بني آدم غير ثلاثة النبيين والصديقين والشهداء.. ثم ينزل في الساعة الثالثة إلى السماء الدنيا بروحه وملائكته..

- وقال ابن خزيمة في كتاب التوحيد ص ١٢٥

باب ذكر أخبار ثابتة السند صحيحة القوام رواها علماء الحجاز والعراق عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول الرب جل وعلا إلى سماء الدنيا كل ليلة. نشهد شهادة مقر بلسانه مصدق بقلبه مستيقن بما في هذه الأخبار من ذكر نزول الرب من غير أن نصف الكيفية، لأن نبينا المصطفى لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى سماء الدنيا وأعلمنا أنه ينزل والله جل وعلا لم يترك ولا نبيهعليه‌السلام بيان ما بالمسلمين إليه الحاجة من أمر دينهم، فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الأخبار من ذاك النزول غير متكلفين القول بصفته أو بصفة الكيفية، إذ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصف لنا كيفية النزول، وفي هذه الأخبار مابان وثبت وصح أن الله جل وعلا فوق سماء الدنيا

١١٩

الذي أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أنه ينزل إليه، إذ محال في لغة العرب أن يقول ينزل من أسفل إلى أعلا ومفهوم في الخطاب أن النزول من أعلا إلى أسفل...

- وقال الذهبي في سيره ج ١٧ ص ٦٥٦

قال أبونصر السجزي في كتاب الإبانة: وأئمتنا كسفيان ومالك والحمادين وابن عيينة والفضيل وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق، متفقون على أن الله سبحانه فوق العرش، وعلمه بكل مكان، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا وأنه يغضب ويرضى ويتكلم بما شاء.

- وقال الديلمي في فردوس الأخبار ج ٥ ص ٣٦١

ينزل ربنا عز وجل في ظلل من الغمام والملائكة ويضع عرشه حيث يشاء من الأرض.!

- نقل ابن بطوطة في رحلته ص ٩٠ تمثيل ابن تيمية لنزول اللّه تعالى، فقال:

وكان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة تقي الدين بن تيميه كبير الشام يتكلم في الفنون إلا أن في عقله شيئاً.. وكنت إذ ذاك بدمشق فحضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم، فكان من جملة كلامه أن قال: إن الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا ونزل ربعة من ربع المنبر، فعارضه فقيه مالكي يعرف بابن الزهراء وأنكر ما تكلم به، فقامت العامة إلى هذا الفقيه وضربوه بالأيدي والنعال ضرباً كثيراً حتى سقطت عمامته!

وقالوا لو دلّى رجل حبلاً لهبط على الله

- تفسير الصنعاني ج ٢ ص ١٣٩

- عن قتادة قال: بينما النبي (ص) جالس مع أصحابه إذ مر سحاب فقال النبي (ص) أتدرون ما هذه العنان؟ هذه روايا أهل الأرض، يسوقها الله إلى قوم لا يعبدونه. ثم قال: أتدرون ما هذه السماء؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فوق ذلك سماء أخرى... ثم

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434